ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
عواصف التغيير
الديمقراطي: أي خريطة طريق؟
آخر تحديث:الأربعاء ,23/02/2011 عبدالحسين شعبان الخليج ما حصل في تونس ومصر وربما سيحصل في بلدان
أخرى، يمكن إدراجه في إطار الموجة
السادسة للديمقراطية، فقد مرّت
الديمقراطية كفكرة وتطبيقات بمراحل
مختلفة، وإذا جاز لنا أن نعتبر مرحلة
التأسيس ابتدأت في أثينا القديمة
ومدنها، التي عرفت الديمقراطية
المباشرة، حيث كانت الإرهاص الأول
لتعبير الناس وخياراتهم الحرة عن
إرادتهم، فإن المرحلة الثانية جاءت مع
الثورة الفرنسية العام 1789 التي نادت
بمبادئ الحرية والإخاء والمساواة،
خصوصاً وقد هيأت حاضنتها الثقافية في
نشر الوعي والثقافة الديمقراطية،
لاسيما بمساهمة مفكرين كبار من أمثال
مونتسكيو وكتابه “روح الشرائع”،
وفولتير وكتاباته عن التسامح، وجان
جاك روسو وكتابه عن “العقد الاجتماعي”
. وعلى الرغم من العنف الذي صاحب هذه
المرحلة وما شهدته أوروبا لاحقاً من
حروب ونزاعات، إلاّ أن إعلان حقوق
المواطن الذي صدر في العام 1791 كان
مدماكاً أساسياً في قضية حقوق الإنسان
والفكرة الديمقراطية بشكل عام . تعتبر المساهمة الفرنسية والإضافة
الأمريكية المهمة، لاسيما بصدور
الدستور الأمريكي 1776 الذي جاء تتويجاً
لوحدة الشمال والجنوب بعد حروب دامت
سنوات طويلة من مراحل تطور
الديمقراطية، خصوصاً أنها ظهرت مع
نشوء الدولة القومية في أوروبا . وشهد القرن العشرون المرحلة الثالثة
الواسعة للديمقراطية بحيث شكّل
انعطافاً كبيراً نحو الحكم
الديمقراطي، مهّد لذلك مرحلة انتقالية
اتسمت بانتشار الأفكار الديمقراطية
وحق تقرير المصير، أسهمت فيها الحركة
الاشتراكية اليسارية من جهة ولاسيما
لينين بعد ثورة أكتوبر العام 1917
والأفكار الليبرالية، خصوصاً ما عُرف
بمبادئ الرئيس الأمريكي ويلسون من جهة
أخرى، ووجدت بعض تطبيقاتها في نهاية
الحرب العالمية الأولى، على الرغم من
عدم تمكّن الرئيس ويلسون من إدراج حق
تقرير المصير في عهد عصبة الأمم العام
،1919 الأمر الذي أصبح ممكناً بعد الحرب
العالمية الثانية، سواءً ما تضمنه
ميثاق الأمم المتحدة الصادر في 24
حزيران (يونيو) 1945 أو بعد ذلك في العديد
من الوثائق الدولية، لدرجة أن إرهاصات
الديمقراطية اتسعت وأخذت بُعداً
كونياً، على الرغم من الكوابح
والمعوّقات التي وقفت بوجهها أو
اعترضت طريقها، لاسيما بصعود النازية
في ألمانيا في العام ،1933 وسيادة الفكر
الشمولي الفاشي والاشتراكي ومواجهة
وازدراء الفكرة الديمقراطية وآلياتها
. احتوى ميثاق الأمم المتحدة مسحة
ديمقراطية وبُعداً تنويرياً أسهم
فيهما توازن القوى السائد آنذاك،
لاسيما بعد الحرب العالمية الثانية،
واكتسب عمقاً إيجابياً بصدور الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948
والعهدين الدوليين، الأول العهد
الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية، والثاني العهد الدولي
الخاص بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية الصادران عن
الجمعية العامة للأمم المتحدة، العام
1966 والداخلان حيّز التنفيذ في مارس/
آذار 1976 . وفي السبعينات من القرن الماضي يمكننا
القول إن الموجة الرابعة للديمقراطية
بدأت حين استكملت أوروبا الغربية
أنظمتها الديمقراطية، لاسيما في
البرتغال وإسبانيا واليونان، حيث
انهارت الأنظمة العسكرية
الدكتاتورية، التي كانت من مخلّفات
الحرب العالمية الثانية، لتبدأ موجة
جديدة للتحوّل الديمقراطي، خصوصاً في
ظل سياسة الوفاق الدولي بين الشرق
والغرب، الذي تكرّس في مؤتمر هلسنكي
للأمن والتعاون الأوروبي في العام 1975 . وإذا كانت الانقلابات العسكرية تتعارض مع
الفكرة الديمقراطية، لكنها في حال
أوروبا الغربية، وخاصة في البرتغال
واليونان، كانت مقدّمة أولى للتحوّل
الديمقراطي، خصوصاً بما وفرته من بيئة
ثقافية ومن حرية التعبير وحق ممارسة
العمل السياسي والمهني والنقابي، على
نحو قانوني وشرعي، في ظل دساتير
ديمقراطية تؤكد تداولية السلطة وإجراء
انتخابات حرّة ونزيهة . ولعل واحداً من أسباب التحول الديمقراطي
تآكل النظم الشمولية ووصول التنمية
إلى طريق مسدود، والموقف المتغيّر
إزاء قضية حقوق الإنسان، وتطوّر وسائل
الاتصال والمعلومات والثورة العلمية-
التقنية . أما الموجة الخامسة من الديمقراطية فقد
شملت دول أوروبا الشرقية بالدرجة
الأساسية التي بدأت فيها عملية
التحوّل على المستوى العالمي منذ
أواخر ثمانينات القرن العشرين، لكن
هذه الموجة اتّسمت بتفتيت العديد من
البلدان وانقسامها، حيث انقسم الاتحاد
السوفييتي السابق إلى دول عدة، ونشبت
حروب ونزاعات دولية وإقليمية وعالمية
بين الكيانات القائمة، كما انقسمت
يوغسلافيا إلى خمس دول انضمّت جميعها
إلى الأمم المتحدة، وكان آخرها
استقلال إقليم كوسوفو عن صربيا،
واعتراف محكمة العدل الدولية بتاريخ 24
يوليو/ تموز 2010 بأن هذا الانفصال لا
ينتهك مؤتمر القانون الدولي، وانقسمت
تشيكوسلوفاكيا إلى بلدين هما تشيكيا
وسلوفاكيا بعد فيدرالية دامت عقوداً
من الزمان . لكن موجة الديمقراطية الخامسة انكسرت عند
شواطئ البحر المتوسط، فلم ينعم العالم
العربي بالموجة الديمقراطية التي سادت
في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية،
بسبب المصالح والمساومات الدولية
لحماية الأنظمة الصديقة للولايات
المتحدة، لكن البيئة الدولية اليوم
صالحة لإجراء التغييرات، لاسيما في ظل
المناخ الجيو سياسي الفكري والحقوقي
على المستوى الدولي، خصوصاً، بوصول
النظم القديمة، ذات الطابع الشمولي
والتسلطي إلى طريق مسدود، واستنفاد
الرصيد المادي والمعنوي الذي يمكن أن
تقدّمه لقضية التنمية، وكذلك لظهور
حركات اجتماعية جديدة يلعب فيها
الشباب الدور المتميّز والحاسم،
خصوصاً في ظل بروز دور المجتمع المدني
وانحسار دور الأحزاب الكلاسيكية
والتقليدية وفشل المشاريع الجاهزة ذات
التوجه الراديكالي الاشتراكي أو
القومي والإسلامي . وليس بعيداً عن ذلك تبدّد الآمال التي
بناها بعضهم حول دور العامل الدولي
والأمريكي تحديداً في دعم التحوّل
الديمقراطي، هذا العامل الذي ظلّ
يراهن على الأنظمة بسبب التزامات
دولية، فضلاً عن مقتضيات الصراع
العربي “الإسرائيلي”، المنحاز إلى “إسرائيل”
الأمر الذي أدّى إلى نوع من التيه
السياسي سبّب حيرة لدى الكثير من
المنشغلين بقضايا الفكر السياسي
والاجتماعي والقانوني، لاسيما أن
مشروع التحوّل الذي روّجت له الإدارة
الأمريكية وأرادت فرضه كان نموذجاً
مشوّهاً، سواءً في أفغانستان أو
العراق أو غيره . وإذا كانت الديمقراطية تعني باختصار
سيادة الشعب عبر ممثليه وحق تقرير
مصيره بإرادته الحرّة، فكيف يمكن
للديمقراطية أن تشرق في ظل الاحتلال
وبإشرافه، وإذا كان قد حصل ذات مرّة،
فهي مسألة استثنائية أو خارج السياق،
فالصراع في هذا الحال يتأسس على الشعب
وقواه لا من أجل الفوز بالسلطة، بل
بالضد من الاحتلال . لذلك كانت واشنطن أول من رفض “ديمقراطية”
فلسطين التي جاءت بحماس . أما “ديمقراطية”
أفغانستان، فقد كانت للقبائل والفساد
والرشا، و”ديمقراطية” العراق كرّست
معها الطائفية والإثنية والانقسام
المجتمعي والعنف المنفلت من عقاله،
فضلاً عن التدخل الخارجي . ولعل ضعف
الثقافة الديمقراطية لدى مجموع
الأحزاب والقوى السياسية جعلها عرضة
للتنازع الطائفي والمذهبي والإثني
والعشائري . الديمقراطية في الغرب سعت لتمثيل الشعب،
في حين أن النخب في العالم العربي كانت
توظّف الشعب لمصلحتها . ومن المفارقات
الأخرى أن الهامش الديمقراطي أحيا
الطائفية والإثنية والمذهبية
والعشائرية، أي انتماءات ما قبل
الدولة، مثلما أضعف فكرة المواطنة .
وإذا كانت الديمقراطية جزءاً من
منظومة الحداثة التي تعني العقلانية
والمدنية والعلمانية، فإنها في الكثير
من التجارب المشوّهة عادت إلى ثقافة
الجهل مقابل ثقافة “الفيس بوك”
وثقافة الأزياء الرجالية والنسائية
مقابل ثقافة العلم والتكنولوجيا،
وهكذا لم تعد الديمقراطية خشبة نجاة أو
مخلّصاً من الفقر أو دليلاً على تمثيل
شعبي حقيقي . الموجة السادسة للديمقراطية كانت
مفاجئة، وهذه المرّة ابتدأت من العالم
العربي على عكس ما هو متصوّر، وإذا كان
بعضهم قد وصل إلى قناعات وأخذ يروّج
لما مفاده أن الحديث عن الجماهير أصبح
“مجرد خرافة”، وأن عصرها قد انتهى ولا
مجال لاستعادة الثورة الإيرانية أو
ثورة بلدان أوروبا الشرقية، وأن دورها
السياسي غير موجود، ولا ينبغي أن يكون،
وكل ما تحتاجه تجارب التحوّل
الديمقراطي هو كفالة آلية انتخابية
فعّالة، لكن التجربة التونسية
والتجربة المصرية كانتا نموذجين
جديدين، على فرض إرادة الجماهير
باللاعنف، أي الحصول على الحق عبر
الاحتجاج السلمي، للكتل البشرية، من
دون قيادة تقليدية، بل بحركات شعبية
لعب فيها الانترنت والتويتر والفيس
بوك والهاتف النقال والإعلام دوراً
كبيراً، بل لا غنى عنه لا في نجاح
التجربتين فحسب، بل على قدرتهما على
فضّ النزاعات بين الحكم والشعب من جهة
وبين النخب ذاتها من جهة أخرى، بطريقة
مدنية حضارية سلمية راقية، الأمر الذي
جعل “العدوى” تشمل عدداً من البلدان
التي تنتظر التغيير الديمقراطي . ================== كوريا الشمالية وشح
المساعدات الغذائية تشيكو هارلان طوكيو الاتحاد تاريخ النشر: الأربعاء 23 فبراير
2011 أقدمت كوريا الشمالية مؤخراً على خطوة
غير مألوفة تتمثل في استجداء
المساعدات الغذائية من الحكومات
الغربية، التي كانت تهددها عادة؛ حيث
وجهت الحكومةُ، المبتلية بالفيضانات
وانتشار مرض يصيب قطعان الماشية وشتاء
قارس، لسفاراتها ومكاتبها
الدبلوماسية عبر العالم أمراً بطلب
المساعدة. غير أن الطلب وضع الولايات المتحدة
وبلداناً غربية أخرى في موقف غير مريح،
إذ سيتعين عليها أن تقرر ما إن كان
عليها أن تتجاهل نداءات الاستغاثة
الصادرة عن بلد يعاني من الجوع أو أن
تهب لتلبي النداء، وتضخ مساعدات
غذائية في نظام توزيع فاسد كثيراً ما
كان يمنح المساعدات الغذائية لأشخاص
هم أقل احتياجاً إليها. وفي هذا
الإطار، يقول "كرت كامبل"، مسؤول
شؤون شرق آسيا في وزارة الخارجية
الأميركية، إن الولايات المتحدة، التي
علقت مساعداتها الغذائية لكوريا
الشمالية قبل عامين بسبب بواعث قلق
تتعلق بالشفافية، "ليس لديها مخططات
بشأن أي مساهمات في الوقت الراهن". وفي الأثناء، قال "برنامج الغذاء
العالمي" التابع للأمم المتحدة، وهو
المسؤول عن معظم المساعدات الغذائية
في كوريا الشمالية، إن إمداداته
الغذائية الحالية تكفي لدعم عملياته
في هذا البلد الشيوعي لشهر آخر فقط؛
حيث قال المتحدث باسم "برنامج
الغذاء العالمي" في آسيا ماركوس
بريور: "إننا نأمل أن تأتي التبرعات
الجديدة خلال الأسابيع القادمة". ويذكر هنا أن برنامج الغذاء العالمي من
المرتقب أن يستكمل الشهر المقبل تقييم
الوضع الغذائي في كوريا الشمالية - وهو
تقرير يمكن أن يؤثر في الطريقة التي
سترد بها الحكومات الأجنبية على طلب
المساعدة الذي أطلقته بيونج يانج، وإن
كان لا أحد تقريباً يشكك في أن سكان
كوريا الشمالية البالغ تعدادهم 24
مليون نسمة يحتاجون فعلًا للغذاء. ذلك
أنه منذ انهيار نظام توزيع عام للحصص
الغذائية، أهملت حكومة "كيم جونج
إيل الاعتناء بشعبها على مدى عقدين من
الزمن حيث توفي في مطلع ومنتصف
التسعينيات ما يقدر بمليون شخص بسبب
المجاعة. ومنذ ذلك الوقت طورت كوريا الشمالية شبكة
من الأسواق الخاصة على مستوى القاعدة-
كبديل لإخفاقات الحكومة، وإن شكلت
أيضاً هدفاً لحملات قمع من قيادة تنظر
إلى نشاط السوق الحرة باعتباره
تهديداً. غير أنه وسط استمرار نقص
المواد الغذائية، أخذ الخبراء
الإنسانيون يتحدثون عن فشل آخر: جهود
المساعدات الدولية؛ ذلك أن الأجانب لم
يطوروا حتى الآن صيغة تستوفي المعايير
الأساسية للمراقبة والفعالية. فبعد 15
عاماً وحوالي ملياري دولار من جهود
المساعدات، مازالت واحدة من بين أربع
نساء حوامل تعاني سوء التغذية، وواحد
من بين ثلاثة أطفال يعاني مشاكل تتعلق
بالنمو بسبب سوء التغذية. وعلاوة على
ذلك، فإن الحكومة تضع عراقيل في كل
خطوة من عملية التوزيع – وهي الشكوى
الرئيسية للمسؤولين الأميركيين،
الذين يطالبون بقدر أكبر من الشفافية
قبل استئناف المساعدات. وفي هذا الإطار، أفرج "ريتشارد لوجر"،
العضو "الجمهوري" الأبرز في لجنة
العلاقات الخارجية التابعة لمجلس
الشيوخ، بياناً هذا الأسبوع يعتبر فيه
أنه من "المهم والضروري أن تصل
المساعدات الأميركية بالفعل إلى
الأطفال الكوريين الشماليين
وعائلاتهم، بدلًا من تقوية الجيش
الكوري الشمالي الذي يُعد الاهتمام به
أولوية على بقية السكان". غير أن الباحثين والمنظمات غير الحكومية
يختلفون حول حجم المساعدات الغذائية،
الذي تحوله الحكومة الكورية الشمالية،
بتقديرات تتراوح ما بين 10 و50 في المئة؛
حيث يشير عدد من الخبراء إلى أن
المساعدات الغذائية التي يتم تحويلها
تُعطى للجيش، أو يعاد توزيعها كهدايا
للنخبة، أو يعاد بيعها. وفي هذا
الإطار، يقول "جون إيفارارد"،
السفير البريطاني في بيونج يانج من 2006
إلى 2008، إنه كان يرى أحياناً أكياساً
من الأرز مكتوباً عليها "برنامج
الغذاء العالمي" معروضة للبيع في
الأسواق. والجدير بالذكر هنا أن كوريا الشمالية
كثيراً ما كانت تمنع مراقبي المساعدات
الغذائية خلال السنوات الأخيرة من
السفر إلى الأقاليم الأكثر معاناة
وتشترط عدم معرفتهم باللغة الكورية.
وفي هذا الإطار، يقول "بريور" إنه
على الرغم من بعض الاستثناءات، يتطلب
الأمر عادة إشعاراً بسبعة أيام قبل أن
يستطيع المراقبون زيارة منطقة ما. ومن
جانبه، يقول كيم سيونج مين، وهو ضابط
سابق كان مكلفاً بالبروباجندا في
الجيش الكوري الشمالي، إنه رأى ذات مرة
طناً من مساعدات الأرز يصل إلى أحد
مراكز التوزيع، حيث قام الجيش فعلاً
بتوزيع المساعدات الغذائية على السكان
في إحدى القرى بطلب من مراقب دولي،
ولكنه عاد لاحقاً ليستردها بعد ذهاب
ذلك المراقب. وبعد تأثره جزئياً بتحديات تتعلق بعمليات
التوزيع السابقة، طور برنامج الغذاء
العالمي في يوليو الماضي عمليات في
كوريا الشمالية خاصة بالنساء والأطفال
حصرياً، مستهدفاً المستشفيات ودور
الأيتام والمدارس بالخصوص؛ حيث قدم
البرنامج خلائط من الحليب والأرز أو
الحليب والحبوب - وهو اختراع من
المستبعد أن يقدَّم كهدايا للكوادر
الأكثر ولاء للنظام. لكن مشاكل الجوع تهدد بأن تتفاقم أكثر هذا
العام، كما يقول الخبراء؛ حيث عرفت
كوريا الشمالية أقسى شتاء منذ ستة
عقود، ويخشى المزارعون محصولاً
زراعياً دون المتوسط. وعلاوة على ذلك،
فقد أكدت كوريا الشمالية الأسبوع
الماضي انتشار مرض الحمى القلاعية
الذي يصيب الماشية، حيث أعلنت وكالة
الأنباء الرسمية التابعة للدولة أن
"أكثر من 10 آلاف رأس من الثيران
والأبقار والخنازير أصيبت حتى الآن
بالمرض والآلاف منها قد نفقت". ================== آخر تحديث:الأربعاء ,23/02/2011 يوسف الحسن
الخليج * أياً كانت المرحلة الانتقالية في مصر،
فإن الحقيقة الكبرى هي أن مصر تغيرت،
وأن النظام الإقليمي القديم، سيتعرض
إلى عواصف جارفة وتغيرات حيوية، وعلى
رأسها ملف الإصلاحات الحقيقية، بعيداً
عن التغييرات التجميلية . * تغير مصر، سيؤدي إلى تغير الإقليم
العربي، كان الأمر كذلك دوماً، واليوم
هو أكثر تأكيداً، وأكثر فعالية
وتأثيراً، بفضل دور مصر التاريخي،
والطابع الإنساني السلمي العميق لهذا
التغيير الذي جعل من ثورة الشباب
كرنفالاً يهز العالم، ويستعجل
التاريخ، ويبتعد عن الخطابات المملة،
والشعارات المكرورة، والثرثرة
الأيدلوجية البائسة . كان المشهد أسطورياً لا يصدق، فها هو شعب
عربي يصنع تاريخاً، ويستعيد القدرة
على الفعل والحلم والأمل، وسنحكي
لأحفادنا ذات يوم، أننا عشنا هذا
المشهد الذي اختفت فيه نزاعات
المؤامرة الخارجية، والفتنة الطائفية
والجريمة والتحرش والفوضى، وحضرت
المواطنة الصالحة، والعقل والفعل فيه
للشباب، وهو يعيش عصره وأدواته، ويحشد
كتلاً من “التشبيك الاجتماعي”
الإلكتروني، ويسخّرها للفعل السياسي
الواقعي، ويستثمر التراكمات الوطنية،
ويفعّل المشاركة الجماهيرية
الاحتجاجية الواسعة، ويحضر كل فئات
الشعب إلى السياسة . تطور المشهد، بشكل عفوي وسلس وسلمي
ومتزن، إلى ما يشبه الفعل السياسي
المعني بتقديم إجابات عن أسئلة
الشرعية والمشروعية والفساد والقمع
والظلم والتنمية المعاقة والدستور
القاصر والنظام المغلق . * نجحت ثورة الشباب، في بناء أدواتها
ومنهجها بشكل هادئ ومتدرج، وفرضت
نفسها وشرعية مطالبها عند الشعب، وعند
مؤسسات النظام نفسه، وأمام العالم كله
. ولعل من أكبر إنجازاتها، أنها أحضرت
الشعب إلى السياسة، بعد أن تم تأميمها،
وتجريف الحياة السياسية من خلال العنف
والإفساد والإقصاء . وكلما كان النظام
يوغل في المراوغة والعناد، كانت تتعمق
مشروعية ثورة الشباب ومطالبهم، وتحضر
جماهير وفئات جديدة، وتتوسع أفقياً
وعمودياً في اكتساب أطياف متنوعة من
الشعب، ومن دون أن تبدي أية ردود فعل
عنيفة على عنف النظام وأتباعه . ومن أبرز سماتها، أنها ثورة شباب جاءت من
خارج إطار النظام السياسي المصري
الحكم والمعارضة فالحكم كان قد افتقد
القوة السياسية الراجحة تنظيماً
ومؤسساتياً، أما المعارضة، فكانت
تعاني من أزمات بنيوية وقصور ذاتي
وضمور في أنشطتها وفعاليتها، في حين
وصلت فيه مؤسسات المجتمع المدني إلى
حالة بائسة من الهشاشة والضعف . وفي ظل هذه الأوضاع، التحقت المعارضة
بهذه الثورة الشبابية، وحاولت التعبير
عنها وتبني مطالبها، بعد أن تراكم
الغضب والحنق الشعبي لسنين طويلة . * لا أحد في العالم العربي، سأل عن سبب
غياب الشعارات الأيديولوجية عن لافتات
شباب الثورة المصرية، ولا عن غياب
قضايا العراق وفلسطين والسودان،
والاستعمار وما شابه ذلك من شعارات . ولا أحد استغرب، غياب شعارات التنديد
بالسياسة الخارجية المصرية المعاقة
عربياً وإفريقياً ودولياً . هل كان المواطن العربي يدرك، أن مصر
المستقبل، ستتولى الإجابة عن هذه
التساؤلات؟ وأن دوراً جديداً فاعلاً
لمصلحة العرب ومستقبلهم ينتظر مصر
الجديدة؟ * نسي المواطن العربي أثناء المشهد المصري
التغييري، السودان وهو يعيش لحظة تحلل
بطيء، ونسي ما تسمى بعملية السلام في
الشرق الأوسط، وهي تكشف عن سوءاتها وما
تبقى من أوراق توت تستر عوراتها، ونسي
معاناته اليومية، ورأى في ما يجري في
مصر، ولادة جديدة لأحلام تلاشت، وعودة
روح، لأجيال شابة، ظننا يوماً أنها
استنقعت وضاعت، وفقدت مشيتها وهويتها . * التغير في مصر، سيتجاوز في فعاليته
الميدان السياسي، إلى ميادين الثقافة
والفكر والمفاهيم والأخلاق وغيرها،
أما أعداء هذا التغيير، فإنهم
سيراهنون على بقائه في حدود المطالب
المعيشية، في وقت يدرك فيه الشعب
المصري، في ولادته الجديدة، أن الذين
أفقروه وأهانوه وقزموا دوره، وشوهوا
صورته في عيون الأشقاء والأصدقاء
والعالم، وهدروا موارده، وانتهكوا
كرامته، وأعاقوا تنميته وتعليمه
وإعلامه وفنونه، هم الذين نحروا معنى
مصر، وغيبوا عبقرية المكان والناس،
واستغلوا معاهدة كامب ديفيد، ليؤسسوا
نظاماً مرتبطاً بمصالح خارجية،
وأعادوا هيكلة الاقتصاد، لمصلحة
الانفلات والفساد، حيث تضاءلت الدولة
في المجتمع وفي الاقتصاد، وتغوّلت في
القمع وتأميم السياسة، وغيّبت منطق “الدولة
وطن يظل الجميع”، فهرمت مصر، وعاثت
ثعالبها فساداً . ما المطلوب منا نحن العرب تجاه مصر
الجديدة؟ مطلوب أولاً، احترام خيارات الشعب العربي
في مصر، في ظل نظام ديمقراطي ومستقر
منتظر، وتمكينه من انتقال آمن وسلس،
بعيداً عن الفوضى والارتباك أو سرقة
الثورة . * لقد انتهت أو قاربت على الانتهاء لحظة
التغيير، وثورة الحرية، لتبدأ ثورة
توطيد الديمقراطية والعدالة، وبناء
التنمية الحقيقية، وهي التنمية التي
تعثرت في ظل انفتاح، سماه المرحوم أحمد
بهاء الدين “السداح المداح”، حيث تم
تكييف الاقتصاد المصري مع حاجات أسواق
الغرب، على حساب التصنيع والتصدير،
فازداد الفقراء فقراً، وتخلخلت بنية
الاقتصاد المصري، وعاث الفاسدون فيه
نهباً وتخريباً . * إن أمام مصر الجديدة، تحديات هائلة، في
إعادة بناء المؤسسات السياسية
والاقتصادية والاجتماعية المستدامة،
فضلاً عن المفاهيم والسلوكيات
الديمقراطية القادرة على إحداث تحول
أسرع وأكثر ثباتاً، وأعمق تأثيراً
لمصلحة أغلبية الشعب، ولمصلحة
المستقبل، بما يلبي طموحات الأجيال
الشابة وتوقعاتها . * كما يتعين علينا نحن العرب، وبخاصة
النخب، مراجعة جدلية خياري الاستقرار
والاستبداد، في إطار الإنصات لنبض
الشارع، قبل أن يعلو صوته بالشكوى أو
بالغضب، طلباً للحرية والكرامة والعمل
والعدالة، كما يتعين أيضاً على العرب،
تقديم المساعدة المادية والفنية
والمعنوية لمصر الجديدة، وبخاصة أنه
من المتوقع أن يتردد الغرب في تقديم
المساعدة غير المشروطة والمكبلة لحرية
أهل الكنانة، قبل أن تظهر سياسات مصر
الجديدة تجاه التزامات العهد السابق
وأدواره البائسة التي قام بها لخدمة
المصالح الخارجية وبخاصة تحريضه للدول
العربية على قبول شرعية الدولة
العبرية وسياستها . إن كثيراً من عقلاء العرب، يراهنون على
مصر الجديدة، لتصحيح المسار في
العلاقات العربية العربية، وفي
العلاقات العربية مع الإقليم والعالم،
بما يوفر سلماً أهلياً عربياً مستقراً
وفاعلاً ودائماً، لا مكان فيه لعنف
مادي أو فكري، ولا مكان فيه لإرهاب أو
تكفير أو فتنة مذهبية أو طائفية، ولا
استدعاء لأجنبي لتحرير أرض أو “رقبة”
. علمتنا تجارب الماضي والراهن، أن البيئة
السلطوية والقاصرة، هي حاضنة مثالية
لبذور الغلوّ والتطرف والعنف العبثي
والفساد الكريه، وفيها تتأجج الفتن
المذهبية والطائفية والعرقية، وترتكب
الكبائر وتنتحر الأوطان، في حين توفر
البيئة الديمقراطية والنظام العادل،
مناخات صحية، يخسر فيها العنف الدموي
والتطرف قواعده الشعبية، وركائزه
الفكرية، وتجفف ينابيعه . إن ثورة التوقعات في مصر، تحتاج إلى تعبئة
الطاقات وحشد الجهود الوطنية
والقومية، للخروج من تحت سقف النظام
القديم، ومؤسساته ومفاهيمه وسياساته،
التي أدت إلى انهياره، وتعطيل إنتاجية
المصريين، وهدر مواردهم وإعادتهم إلى
الوراء في شتى الحقول . لقد تآكل النظام، من دون أن يشعر أنه سار
نحو لحظة الانهيار . . لقد كانت خياراته
في الداخل خطأ بامتياز . * حتى الآن . . تبدو المرحلة الانتقالية
سلسة ومنظمة، والأهم أن لا تنطفئ جذوة
الأمل والروح الجديدة، بل أن تظل حاضرة
ومستنفرة حتى ترسم حال مصر المستقبل . .
وإلا تعرضت إلى الانكسار . اضبطوا ساعاتكم على عقارب هموم الشارع
العربي . . ونبض الشباب . ================== غياب الرئيس لا يعني
سقوط النظام عمر العمر التاريخ: 23 فبراير 2011 البيان ثمة معيار فاصل بين الثورة والإصلاح.
الثورة لا تقبل أنصاف الحلول. الثورة
فعل متكامل يستهدف إزالة واقع متحسر
بغية واقع جديد هو بالضرورة أفضل.
الإصلاح محاولات غايتها تجميل الواقع
دون المساس بركائزه الأساسية. مادام
توصيف الثورة هو الغالب
حد الإجماع على
ما حدث في مصر فإنه لا مجال للتوقف عند
منتصف المشوار. إزالة الواقع المتخسر
عملية سياسية متكاملة ربما تتطلب
الأناة غير أنها تستوجب الديناميكية.
الثورة تتطلب الاحتفاظ بجذوة الفعل
وعنفوانه. من الممكن الاتفاق مع مقولة مجلس قيادة
الجيش «هذا ليس وقت تصفية الحسابات».
لكن يصح في الوقت نفسه القول «هذا ليس
أوان النوايا الطيبة. المقولة
العسكرية تتضمن قدراً غير قليل من
التثبيط بقدر ما تنطوي على الكثير من
التعمية». العملية الثورية لا تقبل الشخصنة. هي فعل
جماعي يستهدف إزالة ركام من طبقات
الاستبداد والفساد. في الخارطة
المصرية تشكل جيوب الاستبداد والفساد
تضاريس لا تخفى عن العيون. هذه طبقات لا
تقبل الثورة التعايش معها. تلك جيوب لا
تحتمل الثورة بقاءها. عملية إزالة
الواقع البائد تستهدف ظواهر محددة
أكثر من أشخاص بعينهم. الوعي كما
الانضباط هما الضمانتان لتجاوز ما
أسماه قادة الجيش «تصفية الحسابات».
حتى الشخوص المتواجدين أمام رياح
التغيير معروفون لدى الجميع بل هم
يدركون ضرورة ابتعادهم غير أنهم لن
يتطوعوا ما لم تهزهم رياح التغيير أو
تزحزحهم. في الحالة المصرية يتضح أكثر
من التجربة التونسية خلاصة مفادها أن
رحيل الرئيس لا يعني سقوط النظام. كل
مؤسسات الدولة محط غضب الجماهير
لاتزال فاعلة. الثورة لا تستهدف فقط
إزاحة الرئيس. الشعب أراد تغيير النظام.
تلك عملية تعني هدم مؤسسات النظام
ودستوره. الذهاب على طريق التعديل يعني
إخماد جذوة الثورة وتحويرها إلى عملية
إصلاح. إبطاء عملية التغيير تفسح مجالاً أمام
حرس النظام القديم لاحتواء الثورة إن
لم يكن الانقضاض عليها. الحديث عن
الثورة المضادة ليس وهماً في السياسة
كما في الفيزياء لكل فعل رد فعل مضاد
ومواز له في الاتجاه. بالإضافة للحفاظ على امتيازاتهم
ومصالحهم يحاول هؤلاء المنغمسون في
الاستبداد والفساد تفادي مواجهة
العدالة. سبل إجهاض الثورة تشكل في
خيارات واسعة أدناها إبطاء الفعل
الثوري وتخذيل الجماهير صاحبة المصلحة
الجوهرية. في كلتا الحالتين يتم تلبيس
الخيارات الخادعة بحجج تبدو عقلانية
فتنطوي على البعض. هناك مؤسسات لم يعد بقاؤها مبرراً. ثمة
رموز يصبح استمرارها غير محتمل. على
النقيض فإن بقاء تلك المؤسسات والرموز
يجسد انتصار النظام القديم وهزيمة
الثورة. الخوف على إجهاض الثورة قبل بلوغ غاياتها
لا يصدر فقط عن المعسكر المضاد. ثمة قوى
سياسية داخل معسكر الثوار تتربص
للانقضاض على الثورة. هؤلاء يستهدفون
اختطاف المكاسب أو احتكار السلطة. من غير المستبعد ان يتحول التربص إلى صراع
يذهب على طريق تصفية الثوار عوضاً عن
تصفية طغيان الاستبداد والفساد
القديمة. الثورة تأكل بنيها منذ عرف
الإنسان الثورة والثورة المضادة.
الثورة الإيرانية مثال صارخ للصراع
داخل القوى المتحالفة لإنجاز عملية
الإطاحة بنظام الشاه. في الحالة
المصرية تبدو فرص محاولات الانقضاض
على الثورة من الداخل والخارج متساوية.
هذا واقع فرضته الحالة الثورية
المباغتة إذ أربكت المتحالفين داخل
الثورة كما أربكت خصومهم. في ظل
الارتباك ارتضى الجميع واقعاً آل
الأمر فيه لمن لا يستحق بمنطق الثورة
وربما بمنطق الثورة المضادة كذلك. من
المفارقة ان الوسطاء بين المعسكرين
قبضوا على زمام الثورة. هي مفارقة مبررة إذ أثر أكثر المتربصين
بالثورة من داخلها وخارجها التراجع عن
الواجهة. كلاهما يترقب الفرصة
المواتية للانقضاض. المخاض المباغت
أضر بالثورة إذ بلغ ذروته قبل ان تخرج
الثورة قيادتها الشرعية من رحمها. كل
القيادات جاءت من خارج رحم الثورة. ================== الفيتو الأميركي إشارة
تحذير لإسرائيل! المستقبل - الاربعاء 23 شباط 2011 العدد 3920 - رأي و فكر - صفحة 19 بعد تردد استمر حتى اللحظة الأخيرة، قرر
الرئيس الأميركي باراك اوباما،
استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع
قرار لإدانة المستوطنات. ويرمي
المشروع الذي بادر اليه الفلسطينيون،
إلى الإقرار أن المستوطنات
الإسرائيلية في مناطق الضفة غير شرعية.
وقد حظي المشروع بتأييد 14 عضواً في
المجلس، لكن التصويت الأميركي ضد
مشروع القرار هو الذي منع إقراره. لقد خسر الفلسطينيون في التصويت، ولكنهم
حققوا مرماهم: كشفوا أمام الجميع
العزلة الدولية التي تعيشها حكومة
بنيامين نتنياهو، وأحرجوا الإدارة
الأميركية التي انكشفت ازدواجيتها.
وفي تعليلها لاستخدام الفيتو، هاجمت
السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة
المستوطنات ووصفتها بأنها "غير
شرعية"، فأوضحت بذلك بأن أوباما
يشارك مبادري المشروع موقفهم، ولكنه
مكبل باضطرارات داخلية تلزمه بمعارضته.
يبدو مرة أخرى أن القوة العظمى
الأميركية تفقد من هيبتها ومكانتها
الدولية كي تدافع عن مشروع الاستيطان
الإسرائيلي، الذي يتمتع برعاية شديدة
القوة في الكونغرس. لقد احتفل نتنياهو بانتصاره على الرئيس
الفلسطيني محمود عباس، ولكن عليه أن
يرى في الفيتو الأميركي إشارة تحذير.
صبر العالم ينفد أمام مشهد البناء
المتواصل في المستوطنات. الفلسطينيون
يطالبون بتجميد البناء كشرط
للمفاوضات، وموقفهم يحظى بغطاء دولي.
محاولات نتنياهو إلقاء المسؤولية عن
الجمود على عباس تلقى عدم الثقة، حين
تتسع المستوطنات. يدعو نتنياهو الآن إلى سباق تسلح جديد،
رداً على الثورة في مصر ("ميزانيات
الدفاع ستزداد"، حسب قوله في جلسة
الحكومة الأحد). وبدلاً من تهييج
الخواطر في المنطقة، وزيادة عزلة
إسرائيل أكثر فأكثر، عليه أن يعمل على
تبديد التوترات، أن يُصغي إلى الأسرة
الدولية فيعرض مبادرة عملية لإنهاء
الاحتلال وحل النزاع. وبدلاً من أن
يستجيب لمطالب وزراء الليكود، ويُقر
مخططات بناء واسعة خلف الخط الأخضر،
عليه أن يعترف بالضرر السياسي الذي
تلحقه المستوطنات بإسرائيل وأن يستأنف
التجميد. هذه ستكون المساهمة
الايجابية من إسرائيل في بلورة الواقع
الجديد في المنطقة، والحفاظ على مكانة
الولايات المتحدة التي تضررت جراء
استخدام الفيتو. ================== كيف نجح شباب الثورة
فيما عجز عنه الآخرون؟ قاسم عز الدين السفير 23-2-2011 القراءة المتعمّقة في تجربة شباب الثورة
المصرية ما زالت مبكِرَة. فالشباب
أبدعوا ما يدهش العقول في التنظيم وسعة
الأفق، ومن المؤكد أن إبداعهم سيلهب
بنات جنّ الكثير من الروائيين
والفنانين والسينمائيين، ويعقلن
الكثير من ادعاءات الباحثين في العلوم
السياسية والاجتماعية. لكن شباب
الثورة يتعرّضون اليوم إلى جملة من
الإسقاطات تهبط على رؤوسهم من
التيارات السياسية والفكرية
والثقافية الخائفة من الثورة
والمتعاطفة معها على حدّ سواء. فالحدث
الذي وجد شباب الثورة أنفسهم على رأسه
هو زلزال تاريخي بمقياس الثورات
التاريخية الكبرى التي هزّت العالم.
والحالة هذه من الطبيعي أن تشغل الثورة
هموم الخائفين من الارتدادات المقبلة
والمتعاطفين معها، طالما أن الثورة في
مصر تهزّ الإستراتيجيات الدولية
والإقليمية وتعيد النظر في الستاتيكو
المصري الإقليمي
عاجلاً أم آجلاً. إنما من الطبيعي أن
تهزّ أيضاً تصورات ورؤى التيارات
السياسية والفكرية والثقافية العربية
الخائفة والمتعاطفة سواء بسواء. فما من
تيار سياسي أو فكري وثقافي عربي يستطيع
القول، بقليل من الجدّية والمسؤولية،
«جاءت الأحداث تؤكد صحة توجهاتنا».
فالأحداث جاءت تؤكد هراء الكثير من رؤى
وتصورات هذه التيارات، بل تؤكد صدأ
الكثير من مفاتيحها الأساس. لكن يبدو
أن الثورة التي تهزّ العالم لا تستطيع
في وقت قريب أن تهزّ حسّ المسؤولية
الذاتية في هذه التيارات على اختلاف
مشاربها. والأدهى أنها على اختلاف
مشاربها تحاول الإيحاء أن الثورة تصبّ
في طاحونها محذّرة سلطات الحكم في
العالم العربي والإسلامي من المصير
نفسه إذا لم تتعظ. ويدلّ هذا الإيحاء
الموارب على أن هذه التيارات لا تريد
أن تتعلم الدرس الأول من تجربة شباب
الثورة كيف تتعظ سلطات الحكم. ويدلّ
كذلك على أنها لا تريد أن تتعظ من
التجربة في مساءلة نفسها لماذا وكيف
نجحت حفنة من الشباب «العفويين» فيما
عجزت عنه نخب التيارات السياسية
والفكرية والثقافية في ادعاءاتها. هي حفنة من الشباب لا يتعدّى عدد أفرادها
بضع عشرات في بلد يتجاوز عدد سكانه 83
مليون نسمة. وهؤلاء الشباب هم في مقتبل
العمر مثل حوالى 50% من مجمل السكان. وهم
في معظمهم «غير مسيّسين» بمعنى مقولات
التيارات السياسية والفكرية
والثقافية العربية في مقاربة التغيير
عبر التعايش مع قواعد السلطة
والمراهنة على إقامة سلطة محل سلطة.
لكنهم مسيّسون بمعنى ثقافة سياسية
تقارب التغيير في المجتمع المدني
بديلاً عن قواعد السلطة، من أجل إنشاء
قواعد جديدة في دولة مستقلة عن سلطة
الحكم. ولم ينشغل شباب الثورة مطلقاً
في تحليل أقوال الصحف ولا في مدد
الأطروحات التي تعيد وتزيد شرح واقع
مقفل بالاستبداد والفساد والتبعية.
لكنهم انشغلوا في البحث عن تفكيك واقع
مأزوم لا يمكن أن يكون مقفلاً إلاّ إذا
تعايشت معه نُخب التيارات السياسية
والثقافية وساهمت في إقفاله. ولم
يتسنَّ لهم، لحسن الحظ، التبحّر في
مقولات تأسيس «العقل العربي» على
الاستبداد الشرقي وخطيئة جهل أصلي في «المؤسسات
والقانون». فقد اقتنعوا أن «عقل الناس»
خلافاً لعقل سلطات الحكم والنُخب
المتعايشة معها، مثل عقل أرقى بقية خلق
الله في المدنيّة والحضارة وأن على
النُخب أن ترتقي في تجاربها ومعارفها
كي تكتشف «ميكانيزمات» هذه المدنيّة
الحضارية في مسار مجتمعي. ولم يطّلع
شباب الثورة على ادعاءات جهابذة
التيارات السياسية والفكرية في تخلّف
بسطاء الناس وانقسامهم إلى طوائف
وجماعات عصبيّة غريزيّة. ولم يخطر في
بالهم المراهنة على إعادة الناس إلى
مقاعد الدراسة الابتدائية ينهلوا من
علم الجهابذة معرفة في طقوس المواطنَة
وحريّة الفرد والشأن العام، أو أي
معرفة أخرى في تهذيب السلوك. فقد
أدركوا أن الناس على ما هم عليه في
واقعهم المخزون والمُعاش مارد يصنع
الأعاجيب المذهلة إذا تحمّلت النُخب
السياسية والثقافية مسؤوليتها وأثبتت
صدقيتها. وقد أثبت شباب الثورة قبل «25
يناير» في كل مبادراتهم صدقية عظيمة
الرقي والتفاني في أنهم لا يستغلّون
عذابات الناس طمعاً بالانتفاع في
النفوذ وفتات امتيازات السلطة أو من
أجل الوصول إلى السلطة. ولم يُثنهم
القمع منذ أن نشط معظمهم في الحركة
الطلابية والروابط المهنية عن
الاستمرار في تحمّل المسؤولية خاصة
بعد جريمة قتل شهيدهم الأول خالد سعيد
في يونيو تموز الماضي على عتبة منزله
إثر تصوير عملية ارتشاء أمن السلطة في
الإسكندرية. والحقيقة أن ثقافة عدم استغلال عذابات
الناس من أجل الانتفاع أو المكانة
والنفوذ، في مشاركة السلطة والطمع
بالسلطة على أي مستوى من المستويات، هي
النقطة والفاصلة بين «عفوية» شباب
الثورة و«عقلانية» التيارات السياسية
والثقافية العربية. فالشباب شديدو
الحساسية المفرطة تجاه أي شكل من أشكال
السلطة سواء أكانت سلطة الحكم أم قيادة
التيارات السياسية والثقافية العربية
أم بين بعضهم البعض. وليست هذه
الحساسية المفرطة هي نتيجة التحوّط
وفقدان الثقة فحسب، بل هي ثقافة أسلوب
عمل تحكمه قاعدتان: 1
الانتماء إلى وظيفة المجتمع
المدني في المراقبة والضغط واقتراح
الحلول مقابل سياسات السلطة. وهذه
الوظيفة هي سلطة معنوية تتنامى بمقدار
ابتعادها عن سلطة الحكم وعن أي إغراءات
أو نُتف امتيازات المكانة وشتى أنواع
النفوذ والمصالح الخاصة. وهي بطبيعة
دورها ليست «عقلانية» في التعايش مع
السلطة ولا تطمح إلى المشاركة في
السلطة أو الوصول إلى الحكم، خلافاً
لوظيفة الأحزاب والتيارات السياسية
والثقافية. 2 المساهمة
من موقعها في السلطة المعنوية
المقابلة لسلطة الحكم، في الطموح إلى
إرساء قواعد دولة منفصلة عن سلطة الحكم.
وفي هذا المعنى تميل ثقافة شباب الثورة
إلى أسلوب عمل الديموقراطية التشاركية
في الاحتكام إلى القاعدة العريضة في كل
قرار، لا الديموقراطية التمثيلية في
تفويض قيادة مُنتخبَة تقرر وتقود. وقد
حكمت هاتان القاعدتان أسلوب عمل شباب
الثورة منذ بداية حراكهم قبل خمس سنوات
وأثناء قيادة الثورة وما زالتا تحكمه
بعد رحيل مبارك. ف«الفايسبوك» الذي
أخذته إسقاطات التيارات السياسية
والثقافية العربية على محمل عجائب
التقانة الحديثة في توعية الناس
وتفجير الثورة ما أن يطلّ شباب الوعي
الحديث على حصان أبيض، لم يكن غير أداة
تنظيم أسلوب العمل بين الشباب أنفسهم
الذي تحكمه قاعدتان في وظيفة المجتمع
المدني والديموقراطية التشاركية.
وقبلها كانت «حملة طرق الأبواب»
وحملات شعبية كثيرة وكان يحق لكل شاب
وشابة أن يطلق مبادرة للحوار في لقاءات
مجموعة صغيرة أو في لقاءات الجماعة
الأوسع على «الفايسبوك». وما أن تتبنى
جماعة ما المبادرة كاملة أو بعد
تعديلها حتى تصبح ملكاً مشتركاً لا يحق
لأحد حرية التصرّف فيها أو تمثيل
الجماعة في شؤونها. ولا يحق لأحد
القيادة فالجماعة تقرر وكل فرد فيها
يقود. وقد ظلّ أسلوب العمل هذا محصوراً
بين الشباب أنفسهم يحكم قواعد نشاطهم
ولم ينتقل إلى الشعب في تفجير ثورة «25
يناير»، لكنه حمى الثورة من الإجهاض
أثناء محاولة السلطة والأحزاب و«لجان
الحكماء» الإلتفاف على الثورة في أحلك
اللحظات الحاسمة. والشرارة التي فجّرت الثورة يوم 25 يناير
هي من أثر نجاح الثورة في تونس ورحيل
ابن علي، وهو أثر انتقال نموذج ثوري من
شعب إلى شعب دون وسيط. والمفارقة أن
أحزاب المعارضة لم تشعر بحمى انتقال
الشرارة لكن المنظمات الشبابية التي
دعت إلى التظاهر مجتمعة مع حركة كفاية
والجمعية الوطنية للتغيير شعرت أثناء
التحضير للتظاهر أن الإقبال الشعبي
يختلف جذرياً عن المرّات السابقة، حين
كان الحشد لا يتجاوز بضع مئات.
والمفارقة الأخرى أن شباب الثورة
كانوا، نتيجة أسلوب عملهم في ثقافة
القطيعة مع السلطة، جاهزين إلى جانب
الناس للذهاب إلى أبعد مدى ممكن في
تغيير قواعد الحكم والدولة. وعلى عكسهم
لم تكن التيارات السياسية والثقافية
المعارِضة (عدا بعض الشخصيات) جاهزة
بسبب الإرث التاريخي في المراهنة على
بعض الإصلاحات في الدستور التي تتيح
لها المشاركة بالسلطة في إطار نظام
الحكم. وهذه المفارقة كادت أن تطيح
بالثورة في أصعب اللحظات الحرجة لولا
أن أثبت أسلوب عمل الشباب في هذه
اللحظات مناعة خارقة في الاحتكام إلى
جمهور الناس لحماية استمرار الثورة
والوصول بها إلى عتبة الأمان. ففي
الأيام الثلاثة الأولى لم يكن شباب
الثورة قادرين على مجابهة قوى الثورة
المضادة التي أطلقها حسني مبارك في
خطاب «أموت على أرضها». فجمهور الناس
هو الذي تصدّى بالأيادي العارية
لعصابات الشرطة والأمن المركزي
والمخابرات العامة، وهو الذي تصدى
بعدها إلى عصابات «البلطجية» وردّ على
الفوضى الدموية بتنظيم اللجان الشعبية
لحماية الأرواح والأحياء والممتلكات
العامة على غرار نموذج ثورة تونس. ثم
دافع الناس عن استمرار الثورة في «واقعة
الجمل» وكانت لم تزل التيارات
السياسية والثقافية في الميدان إلى
جانب شباب الثورة. لكن الشباب انتزعوا
شرعية القيادة بعد تنصيب عمر سليمان
وهرولة الأحزاب و«لجان الحكماء» إلى
الحوار مع النظام. فقد التقت جميعها
على إجهاض الثورة إلى جانب النظام في
أحلك اللحظات طمعاً بمصالح ضيّقة خاصة.
والأحزاب التي لم تجلس إلى طاولة
الحوار وضعت رجلاً في البور ورجلاً في
الفلاحة، ناهيك أن أحد أحزاب الجالسين
أعلن وقف الحوار عشية رحيل مبارك. وفي
هذه الظروف المأساوية التي كادت أن
تطيح بالثورة لم تستطع السلطة ولا
الأحزاب و«لجان الحكماء» تركيب قيادة
تمثّل الشباب في الحوار والتفاوض،
فأسلوب عملهم لا يتيح اختيار قيادة ولا
يتيح التمثيل. كما أن أسلوب عملهم
يحتّم عليهم العودة إلى جمهور الناس في
اتخاذ القرار وكان رد الناس في تصعيد
الثورة على ما هو معروف حتى رحيل مبارك.
والحال، رحل مبارك وسقطت السلطة لكن
النظام لم يسقط بعد. فما زالت قوى
الثورة المضادة تّمسك بمفاتيح النظام
في بقايا السلطة الأمنية ومؤسسات
وإدارات الدولة، وفي اقتصاد الفساد
والنهب، وفي إرث التبعية إلى مصالح
إسرائيل وأميركا وأوروبا، وفي الخراب
العظيم الذي تركه مبارك في كل «حتّة».
وعظمة شباب الثورة هي في إبداع أسلوب
عمل اكتسب شرعية ثورية وصلت بالثورة
إلى عتبة الأمان. لكن الأهم أنهم فتحوا
أمام الثورة مسارين جنباً إلى جنب في
إسقاط النظام القديم وبناء نظام آخر:
المسار الأول هو مسار شكل الحكم وإعادة
بناء السلطة والتحوّل الديموقراطي في
إعادة بناء مؤسسات دولة الحقوق
المستقلة عن براثن السلطة. والمسار
الآخر هو مسار انطلاق مارد المجتمع
المدني في كل موقع وقطاع ومهنة وحيّ
ومنزل.... من أجل استعادة الحقوق وتشكيل
قوة ضغط ومراقبة وسلطة اقتراح في
الحلول. ولا يتنفس هذا المارد هواء
نظيفاً دون استقلاله عن السلطة
الجديدة والعمل على تفكيك تبعية سبل
العمران وأسباب المعاش إلى مصالح دول «المجتمع
الدولي» وإسرائيل، وإعادة بنائها في
محيطها الإقليمي محل الفراغ العربي
الذي تحتله إسرائيل وأميركا وأوروبا. لقد هزّت الثورة ستاتيكو مصري
إقليمي آسناً في تبعيته إلى
إسرائيل ودول «المجتمع الدولي». وهزّت
كذلك تصورات ومقولات التيارات
السياسية والثقافية العربية في تشقيف
حقوق الناس إلى شقفة وطنية ضد التبعية
وشقفة اجتماعية وشقفة حريات سياسية
وديموقراطية. هي ثورة «عيش وحرية
وكرامة إنسانية» وقد فتحت باب عصر جديد
في مسار دولة الحقوق المستقلة عن
السلطة الحاكمة، وفي مسار سلطة
المجتمع المدني مقابل سلطة الحكم. ================== د. عايدة النجار الدستور 23-2-2011 أجمل ما قرأت حول فيتو أمريكا في مجلس
الأمن الأخير ، ما جاء فيما كتبه
الكاتب الاسرائيلي جدعون ليفي في
جريدة"هارتس" ، قائلا عن أوباما
:"في نهاية الاسبوع انتسب عضو جديد
الى الليكود ، لا لمجرد الحزب الحاكم
بل لأشد أجنحة صقرية". ولا شك أن هذا
القول يلخص السياسة التي تتبعها
أمريكا بالنسبة لاسرائيل و لما يجري في
فلسطين ، و لعلها أهمها في هذه المرحلة
لانها العقبة الكبيرة وهي تواصل بناء
المستوطنات بادارة نتنياهو وليبرمان
وجماعتهم متحجري العقول . وبقوله
العميق يعيد الكاتب الى الاذهان وينبه
للسياسة العنصرية اليمينية المتطرفة
التي تتبعها إسرائيل و تصر على فعل
الخطأ وبشكل مقصود ضد الفلسطينيين
لاقامة دولتهم المستقلة . لا تسمع حكومة اسرائيل هذه الايام لأي كان
من الذين تعتبرهم أصدقاءها من الدول في
أوروبا أو أمكنة أخرى من العالم . ولذلك
تعتمد اليوم كل الاعتماد على شريكتها"
الدولة العظمى"أمريكا وكما كانت في
أدارات أمريكية سابقة تدللها حتى باتت
إسرائيل معروفة ، أنها"الولد المدلل
لأمريكا". وكما هو معروف في علم
النفس والعلوم الانسانية أن كثرة
الدلال والتحيز الى جانب او انسان معين
عادة ما تعود على المعني بالسلبية
والافساد كونه ضامن لمن يحميه ويعتمد
علية لإسناده في كل الظروف . وهكذا فعلت
أمريكا وهي تتحيز لاسرائيل في سياستها
المدعومة من الجمهوريين الذين يحبون
اسرائيل كل الحب وكما كان ذلك واضحا في
دلالهم لها ، سواء أكان التصويت في
مجلس الشيوخ أو البرلمان في كثير من
الامثلة الموثقة لحمايتها من الخطر
الاكبر وهو مطالبة الفلسطينيون بحقهم
العادل. هذا الدلال غير الصحيح وغير المبرر ، وكما
يبدو يعود على اسرائيل بالسلبية ، فهي
بذلك تبعدها عن"الاصدقاء" في
أوروبا الذين يرون المستوطنات غير
شرعية وبهذا فهم لا يخفون مواقفهم و
أيضا يبدون أكثر وضوحا وشجاعة في
مواقفهم في الامم المتحدة . ومن يطلع
على الاراء المتصاعدة بين الرأي العام
الاوروبي والعالمي ليرى أن إسرائيل
التي كانت أيضا مدللة في أوروبا أخذت
تشعر بالعزلة لعنادها وتصرفاتها
المتمردة وكأنها لا زالت الولد المدلل
لأوروبا التي تبتعد عنها .. أما لماذا
تبدو أمريكا مستمرة في افساد الولد
الملل ، فهذا أيضا يعود الى محاولة
أوباما خدمة مصالحه ولاسترضاء
الجمهوريين والديمقراطيين ، علهم
يرضون على سياسته التي باتت منتقدة من
الطرفين . بالاضافة للسياسة الامريكية
الخارجية التي لا زالت تحلم أن تفرض
سياسته في العالم اجمع . إسرائيل كما يبدو من تعليق كثير أصبحت
الولد المدلل الذي يبحث عن أب أو أخ أو
جار يتكلم معه . كانت تشعر بالقوة
والغطرسة رغم أعمالها الاستعمارية
المستمرة ، ورغم عزلها الفلسطينيين في
الضفة الغربية وقطاع غزة عن الحياة
الطبيعية . لقد ضربت العزلة والحصار
والحرمان وقطعت عنهم التواصل
الاقتصادي والاجتماعي والحياة
المعيشية الكريمة . أرادت ان تعزلهم عن
العالم الذي أصبح أكثر تعاطفا معهم .
ولم ترتدع اسرائيل وأمريكا ، بل تحاول
انتهاز الفرص في هذا الوقت الذي يمر
فيه العالم العربي بتغييرات . هذه
الثورات والتغيرات التي ترعبها ،
تجعلها أكثر انعزالا ، وقد رحل النظام
المصري الذي اعتبرته اسرائيل"صديقا"خاصة
وبين البلدين اتفاقات ومعاهدات .
ولكنها أيضا بدأت تخاف من المستقبل .
ولعلها على صواب من هذا الخوف لأن
سياستها اليمينية والعنصرية المتطرفة
لن تسمح لأوروبا أو أمريكا أن تستمر في
دلالها بعد أن عرف العالم أن اسرائيل
دولة مارقة وقد شاخت بسياستها
الاستعمارية ولم تعد الولد المدلل .
ولعل أمريكا تصحو لهذه الحقيقة
وتوبخها على أفعالها وليس مكافأتها
بالدعم المالي والمعنوي الذي يساندها
في التغول بسياتها الليكودية المكروهة
والتي تعود على أمريكا مزيد من الضعف
كما على إسرائيل . . ================== أسامة الرنتيسي صحيفة الغد الأردنية 24/2/2011 في زمن فضاءات ميدان التحرير، وفي أحلام
ميدان اللؤلؤة، وصرخات الليبيين في
بنغازي، ونداءات اليمنيين في الشمال
والجنوب، تجلس المدونة السورية طل
الملوحي في سجن دوما بتهمة التجسس، إذ
حكم عليها بالسجن خمس سنوات، بعد أن
كانت قد انضمت إلى شبكات التجسس عندما
كانت في الخامسة عشرة من عمرها، وكادت
تتسبب في مقتل دبلوماسي سوري رفيع.. هذه
هي الرواية الرسمية السورية. وقبل الطل كان العجوز العنيد هيثم المالح
يقف في 13 أيار (مايو) الماضي في محكمة
الجنايات العسكرية التي طالبت بتجريمه
بجناية نشر أنباء كاذبة من شأنها بث
الوهن في نفسية الأمة بموجب المادة 286
من قانون العقوبات السوري. المالح حاصل على إجازة في القانون، وعلى
دبلوم القانون الدولي العام، وقد بدأ
العمل محامياً العام 1957، وانتقل العام
1958 إلى سلك القضاء، إلى أن أصدرت
السلطات في العام 1966 قانوناً خاصاً
سرّحته بموجبه من عمله قاضياً، فعاد
إلى سلك المحاماة ومايزال. اعتقل في الرابع عشر من تشرين الأول (أكتوبر)
العام 2009 على خلفية حوار هاتفي أجرته
معه فضائية بردى السورية المعارضة،
كان دعا فيه إلى محاربة الفساد. والآن.. ماذا تفعل يا هيثم، عفواً يا عم
هيثم؟ فرغم أن اسمك عصري جداً، لكنك في
عمر جدّي، فاسمح لي أن أناديك: "يا عم".
ماذا تفعل؟ هل صحوت باكراً بعد أن سمعت
"المساعد أول" يصرخ: "شو نايمين
ولا.. نحنا فاتحينلكن أوتيل هون؟"،
لكنني أكاد أجزم بأنك لا تعرف طعم
النوم منذ مدة. هل أتقنت ترتيب البطانية؟ صحيح أنها من
بقايا عهد الاستعمار، لكن لا عليك، فقد
تكون دخلت "دراي كلين" قبل شهر..
سنة، لا يهم، المهم أن تشعر بدفئها
مثلما تشعر بدفء عيون النساء في باب
توما. يا عم هيثم.. هل تناولت ما ألقي إليك
باكراً على الصينية من تحت الباب؟ يقال
إنه إفطار المساجين، حبتان من الزيتون
وقطعة جبن غير معروفة بقرتها وربع رغيف
يابس.. آه يا عم في أوطاننا الرغيف لا
يبقى سليماً، فيقسم إلى أنصاف وأرباع
مثل حقوقنا.. ثم يقولون لك: "كول لحتى
تشبع"! تنشّط يا عم ومارس الرياضة داخل
الزنزانة، لا عليك، فعظمك جفّ من كثرة
ما وضعت رأسك على كتف قاسيون لكي
تستريح، ولكن يا عم هيثم عندما يتعب
قاسيون على كتف مَن سيضع رأسه؟! يا عم هيثم لم تغفر لك سنوات عمرك التي
قاربت من الثمانين، لكن ألا تتفق معي
أنك "زوّدتها شوي.."؟ فبعد كل هذه
السنوات التي تجاوزت نصف قرن من العمل
المدني ماتزال تنشط في مجال حقوق
الإنسان، وتطالب بإصلاحات دستورية،
وتساهم مع آخرين بتأسيس جمعيات لحقوق
الإنسان. جماعتك يا سيدي "كبّروها حبتين"،
فبعد أن تم استدعاؤك، ولم يُخلَ سبيلك،
بدؤوا كعادتهم في إصدار البيانات التي
تطالب بالإفراج عنك، أتدري أنهم
يطالبون أيضاً بمعرفة مكان احتجازك،
ويقولون إنه ما يزال مجهولاً، هم لا
يريدون شيئاً سوى إعلام عائلتك
ومحاميك لاتخاذ الإجراءات المناسبة في
مثل هذه الحالات، وتوصيل فرشاة
الأسنان والمعجون والملابس الداخلية
وحبات الأدوية، لأن السكر والضغط
يخونان العزائم؟ هيثم المالح بدأ العمل والنشاط السياسي
منذ العام 1951 إبان الحكم العسكري
للرئيس أديب الشيشكلي، واعتقل في
الفترة 1980-1986 في عهد الرئيس الراحل
حافظ الأسد مع أعداد كبيرة من
النقابيين والناشطين السياسيين
والمعارضين، بسبب مطالبته بإصلاحات
دستورية. ومنذ العام 1989 يعمل مع منظمة
العفو الدولية، وقد ساهم مع آخرين
بتأسيس الجمعية السورية لحقوق الإنسان. أيها المالح.. ربما تعاقب على أنك السبب في
إضعاف نفسية الأمة، لكن لا يهمك.. فأنت
لست مالحاً بل سكر زيادة، ونفسية الأمة
الآن في أحلى تجلياتها، ولك ان تسأل طل
الملوحي عن ذلك. =============== زياد أبو غنيمة الدستور 23-2-2011 لكأن هذه الأنهار من الدم التي يسفكها
نيرون ليبيا عبر بلطجيته ومرتزقته
وطائراته ومدفعيته في شوارع طرابلس
وبنغازي وسرت وغيرها من مدن ليبيا لم
تكن كافية لتثير قلق الإدارة
الأمريكية ورئيس وزراء بريطانيا
كاميرون ورئيس وزراء إيطاليا برلسكوني
والرئاسة العامة للإتحاد الأوروبي ،
وحده هاجس الخوف من وصول الإسلاميين
إلى حكم ليبيا هو الذي يقلقهم ويرعبهم
، إنه نفس القلق والرعب الذي قابل به
الغرب المنافق المتصهين ثورة الشعب
التونسي وثورة الشعب المصري المجيدتين
، وهو قلق ورعب قديم يتجدًّد كلما برقت
بارقة أمل بصعود المد الإسلامي ، في
كتابه"لعبة الأمم"يعترف مايلز
كوبلاند أن أول خلية للمخابرات
الأمريكية التي عمل بها في السفارة
الأمريكية في القاهرة في أواخر
الأربعينيات كان هدفها الأهم منع أو
تأخير وصول الإخوان المسلمين إلى حكم
مصر ، وتزامن ذلك مع صدور كتاب للكاتب
الأمريكي جيمس هيوارث دوين يحمل عنوان
( الاتجاهات والتيارات الدينية
والسياسية في مصر ) ، يحتوي على فصل
يحمل عنواناً يقول :"كيف ستكون
الحياة في مصر في ظل حكومة يترأسها حسن
البنا..؟" ، ويكاد جواب الكاتب
الأمريكي على سؤاله هو نفس الكلام الذي
ما فتىء أعداء الإسلام يجترُّونه
للتخويف من وصول الإسلاميين إلى الحكم
، يقول جيمس هيوارث دوين في جوابه على
تساؤله :"لو حكم حسن البنا مصر فإننا
بالتأكيد لن نجد لنا كأجانب مكاناً في
مصر ، ولن تنعم الطبقات الراقية
بحياتها كما تنعم في ظل الحكومات
العادية ، وتنقلب الحياة الاجتماعية
رأساً على عقب ، حيث ستغلق حانات
الخمور ، والكباريهات (الملاهي
الماجنة) ، وسيحرم تداول الكحول وشربها
، وسيقام الحد على كل من يقبض عليه
مخموراً ، أما ميدان التعليم فسوف يشهد
انقلاباً عظيماً ، فالمداراس الأجنبية
سوف تغلق ، وتحول إلى مدارس إسلامية ،
أما في مجال الصناعة فسوف تمنع البضائع
الأجنبية من الدخول إلى مصر ، ولن يجد
المصريون أمامهم إلا البضائع المصرية
لشرائها ، وربما كانت هذه البضائع من
صنع الشركات التي أسسَّها الإخوان (انتهى
كلام هيوارث) . لماذا كل هذا الخوف من وصول الإسلاميين
إلى الحكم .؟ ، يجيبنا على هذا السؤال
الشهيد بإذن الله سيد قطب في مقالته
الشهيرة المعنونة (الإسلام الأمريكاني
) المنشورة في كانون أول من عام 1952 م ،
يقول سيد قطب رحمه الله :" الإسلام
الذي يريده الأمريكان وحلفاؤهم في
الشرق الأوسط ليس هو الإسلام الذي
يقاوم الاستعمار ، وليس هو الإسلام
الذي يقاوم الطغيان ، إنهم لا يريدون
للإسلام أن يحكم ، ولا يطيقون من
الإسلام أن يحكم ، لأن الإسلام حين
يحكم سينشئ الشعوب نشأة أخرى ،
وسيُعلًّم الشعوب أن إعداد القوة
فريضة ، وأن طرد المستعمر فريضة ،
فالأمريكان وحلفاؤهم يريدون للشرق
الأوسط إسلاماً أمريكياً ، أما
الإسلام الذي يكافح الاستعمار ، وأما
الإسلام الذي يحكم الحياة ويصرًّفها ،
فلا تريده أمريكا" ، ويحدًّد سيد قطب
رحمه الله قبل ستين عاماً ساحات
المعركة التي سيشنها الغرب على أمتنا
وكأنه يعيش بيننا اليوم ، يقول رحمه
الله :"إن المعركة ستدور في تركيا
وإيران والعراق وسورية ومصر والشمال
الإفريقي وفي باكستان وأفغانستان وفي
منابع البترول الإيرانية والعربية في
عبادان والظهران ، إنها معركة ستدمر
مواردنا نحن ، وتحطم حياتنا نحن ، وتدع
أرضنا بقعاً خراباً يباباً ، وسنخرج
نحن من المعركة فتاتاً وحطاماً كما لم
تخرج أمة من حرب قط" ، ويقدم سيد قطب
رحمه الله قبل ستين عاما طوق النجاة
فلا يراه في غير الإسلام ، وصحوة
الإسلام ، وشباب صحوة الإسلام ، يقول
رحمه الله :"إن طريق الخلاص هو أن
تبرز إلى الوجود من أرض المعركة
المنتظرة كتلة جديدة تقول لهؤلاء
الغربيين : لا ، إننا لن نسمح لكم بأن
تديروا المعركة على أشلائنا وحطامنا ،
إننا لن ندع مواردنا تخدم مطامعكم ،
ولن ندع أجسادنا تُطهر حقول ألغامكم ،
ولن نسلمكم رقابنا كالخراف والجداء ،
إننا نعرف أن الاستعمار لا يغلبنا
اليوم بالحديد والنار ، ولكنه يغلبنا
قبل كل شيء بالرجال الذين استعمر
أرواحهم وأفكارهم ، يغلبنا بهذا السوس
الذي تركه الاستعمار في مناهجنا
المدرسية ، يغلبنا بهذه الأقلام التي
تغمس كرامتها قبل أقلامها في مدار الذل
والهوان الروحي لتدافع عن الغرب ، ونحن
نعرف أيضا أننا لن نستطيع التغلب على
هذا الاستعمار إلا إذا حطمناه في
مشاعرنا وحطمنا معه الأجهزة التي تسحق
إيمانناً بأنفسنا والأقلام الخائنة
الممسوخة التي تسبًّح بحمد أمريكا
والأمريكان ، إننا يوم ننفض الاستعمار
من أرواحنا وعقولنا ، ويوم تغلي دماؤنا
بالحقد المقدس على كل ما يمت إلى
الإستعمار ، ويوم نسحق تحت أقدامنا كل
من يربطنا بعجلة الاستعمار ، عندئذ فقط
سننال استقلالنا كاملاً : لأننا نلنا
الاستقلال داخلنا :"إن الله لا يغير
ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ،
"سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً
". رحم الله شهيدنا بإذن الله سيد قطب لكأنه
كان يستشرف ببصيرة المؤمن وفراسة
المؤمن قبل ستين عاما ما يحدث اليوم في
تونس ومصر وليبيا وغيرها من بلدان
العرب والمسلمين من ثورات شعبية عارمة
تنفض الاستعمار من أرواحها وعقولها ،
وتغلي دماؤها بالحقد المقدس على كل ما
يمت إلى الإستعمار ، وتسحق تحت أقدامها
كل من إريبط بعجلة الاستعمار ، وتكنس
أنظمة العمالة للغرب المتصهين وتعلن
ولادة القوة الجديدة التي تقول
للطاغوت الأمريكي الأوروبي المتصهين
قف عند حدك . وبعد ، إن وصول الإسلاميون إلى الحكم لم
يعد بعيدا بإذن الله ثمَّ بثقة الشعوب
وأصواتهم في أية إنتخابات نزيهة حرة ،
ولماذا لا يصل الإسلاميون إلى الحكم ،
أحلال لكل الناس أن يصلوا إلى الحكم
وحرام على الإسلاميين أن يحكموا .؟ ،
وليقلق الغرب المنافق المتصهين
وليرتعب من وصول الإسلاميين إلى الحكم
، أما أن يشاركهم عرب ومسلمون في الخوف
من وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر ،
وفي أي بلد آخر ، فذلك موقف مشين ومريب
ومعيب ، لأن كل من يعرقل وصول
الإسلاميين إلى الحكم إنما يخدم عدونا
اللدود الغرب المتصهين الذين يخيفهم
أن يعود الإسلام ليحكم من جديد ليضع
حداً لاحتلالهم لبلاد العرب والمسلمين
، وليوقف نهبهم لثروات ونفط العرب
والمسلمين ، ولينهي سفكهم لدماء العرب
والمسلمين..؟ . ================== الرأي الاردنية 23-2-2011 يتلهى اركان السلطة الفلسطينية, حدود
المماحكة, بمسألة الفيتو الاميركي على
مشروع القرار الذي تقدمت به المجموعة
العربية, لادانة الاستيطان الاسرائيلي
في الاراضي الفلسطينية المحتلة, بل ان
رئيس حكومة تصريف الاعمال سلام فياض
وصف تهديد الرئيس اوباما لمحمود عباس
عشية التصويت في مجلس الأمن, بايقاف
الدعم المالي الاميركي للسلطة بأنه «ابتزاز».. ثمة اذاً جرأة ملحوظة (اقرأ موسمية وعابرة)
يبديها اطراف السلطة, بعد أن باتوا في
عزلة ويأس اقرب الى الاكتئاب، اثر
فقدان راعيهم المصري, الذي شكّل درعاً
واقية أمام محاولات تصويب مسارات
واستراتيجية السلطة العبثية, المتمثلة
بالانخراط المهين وغير المجدي في
مفاوضات لم تحقق أي نتيجة, باستثناء
بناء المزيد من المستوطنات وارتفاع
عدد المستوطنين الى ما يقترب من نصف
مليون مستوطن. اللافت في كل ما يجري, هو اصرار اركان
السلطة على البقاء في مربع الاستجداء,
الذي كان عباس قد ضخّمه ووصفه بأنه
خيار الفلسطينيين الأقوى, اذا لم
يتجاوب نتنياهو مع «مطالب» المجتمع
الدولي بوقف الاستيطان. ما تقوم به
السلطة على ساحة مجلس الامن والجمعية
العامة للامم المتحدة، ليس سوى مناورة
للتغطية على العجز والتهرب من استحقاق
المرحلة الراهنة التي لم يعد امام
السلطة سوى التجاوب مع استحقاقاتها او
النزول عن المسرح بعد ان فشل اركانها
في انجاز اي شيء ملموس لصالح المشروع
الوطني الفلسطيني. واذ تحتل تصريحات وقراءات المسؤولين
الاسرائيليين ومقالات وتحليلات وسائل
الاعلام العبرية، كثيراً من المواقف
المتباينة ازاء التغييرات المتسارعة
في المشهد العربي، فانها تتفق على شيء
واحد يقول: إن ما يجري في الشرق الاوسط
من احداث وثورات وغليان، يعكس حقيقة
أساسية وهي ان الصراع الفلسطيني
الاسرائيلي ليس هو سبب عدم الاستقرار
في المنطقة. فهل لدى السلطة من الوسائل والمقاربات
والقدرات ما يطيح المزاعم الاسرائيلية
هذه، التي تسعى حكومة نتنياهو الى
تكريسها في الاوساط الدولية وبالتالي
ابعاد الانظار عما يجري من استيطان
وتهويد في الاراضي الفلسطينية
المحتلة؟. اذا ما احسنّا النية وقرأنا بحياد (ليس
ثمة حياد ازاء استراتيجية عبثية كهذه؟)
مواقف السلطة منذ ان ذهب نظاما زين
العابدين بن علي وحسني مبارك الى مزبلة
التاريخ، فان السلطة بكل «أبواتها»
والاعزاء على قلوبهم وبعض حافظي
الاسرار, الذين باتوا يقفزون من سفينة
عباس الجانحة, ولم يكن الاشتباك «الاعلامي»
المدوّي مع محمد دحلان سوى بعض تجلياته,
إذ أن الاخير يتحدى في مجالسه الخاصة
اذا كان لدى عباس من الأدلة ما يدينه,
بل انه (دحلان) قادر على كشف حقيقة
الخلاف الذي افتعله معه رئيس السلطة,
ولهذا لم يعد ثمة «تحقيق» مع دحلان ولا
أحسب أن الفلسطينيين سيرون شيئاً من
هذا القبيل (فقد اغلق الملف او جُمّد),
فقد خسر الرئيس معركته مع حليفه السابق
(وربما ما يزال) في حربهما التي شنّاها
«بالوكالة» على ياسر عرفات.. هل قلنا ياسر عرفات؟ نعم, ولكن قبل ذلك لنكمل الفقرة السابقة,
فليس لدى سلطة رام الله الرغبة ولا
القدرة في التخلي عن استراتيجية
الخيار الأوحد المسمّى بالمفاوضات,
وإلا فإن الظروف الراهنة ملائمة اكثر
من أي وقت مضى لترجمة الشعار أو الدعوة
التي كان ياسر عرفات أطلقها خلال فترة
الحصار (السجن), التي كان فرضها عليه
ارئيل شارون في مثل هذه الايام قبل تسع
سنوات, تحت عنوان المذبحة التي حملت
الاسم الكودي (السور الواقي).. «على القدس رايحين.. زاحفين بالملايين» يستطيع أهل السلطة أن يتبنوا أو يشجعوا أو
على الاقل أن لا يقمعوا من يترجم هذه
الدعوة على ارض الواقع الفلسطيني..
وخصوصاً بوجود لجنة وطنية شبابية تعمل
لانهاء الانقسام وهي تواصل دعواتها
لاعتصام يتم يوم غد الخميس, في وقت
متزامن في مدينتي رام الله وغزة تحت
شعار «الشعب يريد إنهاء الانقسام..
الشعب يريد إنهاء الاحتلال». ولأن بقاء الانقسام يخدم مصالح جهات
وتيارات وأناساً في الفصيلين
الرئيسيين، فتح وحماس, فإنه غير مرشح
للانتهاء، لكن استنهاض جموع الشعب
الفلسطيني للزحف باتجاه القدس، كعنوان
ابرز واكثر دلالة من «عنوان» استصدار
قرارات اممية حول الاستيطان
والمستوطنات, الذي يتمسك به عباس ومَنْ
حوله، يشكل الضمانة ليس فقط في الاضاءة
على أولوية الصراع الفلسطيني
الاسرائيلي وفرضه على جدول الاعمال
الدولي والاقليمي وخصوصاً العربي بعد
هذه الثورات الشعبية العارمة التي
تُطيح انظمة الاستبداد ورموز الاعتدال
المزعوم, وإنما أيضاً في توحيد قوى
الشعب الفلسطيني واستعادة روح
المقاومة وفضح مجرمي الحرب في اسرائيل
وتعرية آلة القتل التي يتوفرون عليها,
وايضاً في تقصير عمر الاحتلال وتقريب
ساعة الحرية والاستقلال للشعب
الفلسطيني. فهل يفعلها.. عباس؟ لست أعيش في أوهام ولهذا سأجيب سلفاً: لا..
لن يفعلها.. لكني أُضيء على ما يحاول أهل السلطة
إخفاءه والطمس عليه، بتشبثهم بأوهام
المفاوضات واسترضاء «المحسن»
الأميركي. ================= الثورات العربية و «الديمقراطية»
الأميركية نعوم تشومسكي (أستاذ اللغويات في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا ومفكر أميركي بارز) «نيويورك تايمز الاميركية» الرأي الاردنية 23-2-2011 العالم العربي يشتعل، فيما يفقد الحلفاء
الغربيون نفوذهم سريعاً في المنطقة
بأسرها. هذا ما أوردته إحدى الفضائيات
العربية يوم 27 يناير الماضي. انطلقت
الموجة الصدامية بفعل الانتفاضة
الشعبية المفاجئة في تونس التي أطاحت
برئيس مدعوم من الغرب، وظهرت
ارتداداتها في مصر بشكل خاص حيث اكتسح
المتظاهرون شرطة وحشية تدعم النظام. وقد قارن المراقبون هذه الأحداث بإسقاط
الاتحاد السوفييتي، ولكن بفوارق مهمة. حتماً، ليس من ميخائيل جورباتشوف بين
القوى العظمى الداعمة للديكتاتوريين
العرب. وبدلاً من ذلك، تلتزم واشنطن
وحلفاؤها بالمبدأ الراسخ الذي يستند
إلى أن الديمقراطية مقبولة بقَدْر ما
تتطابق فقط مع الأهداف الاستراتيجية
والاقتصادية: لا بأس بها في أراضي
العدو (إلى حدٍ معين)، ولكن ليس في
فنائنا الخلفي، رجاءً، إلا إذا كانت
مروضة كما ينبغي. ولكن ثمة مقارنة
صالحة إلى حدٍ ما مع ما جرى عام 1989:
رومانيا، حيث حافظت واشنطن على دعمها
لتشاوتشيسكو، الديكتاتور الأكثر
فساداً بين طغاة أوروبا الشرقية، إلى
حين أصبح الدفاع عن الولاء متعذراً،
عندها أشادت واشنطن بإسقاطه فيما طُمس
الماضي برمته. إنه نمط اعتيادي ومتكرر: فرديناند
ماركوس، وجان-كلود دوفالييه، وتشون دو
هوان، وسوهارتو، وغيرهم العديد من
رجال العصابات النافعين والمجديين.
وقد يكون الأمر سائراً في الاتجاه ذاته
في الحالة المصرية، إلى جانب الجهود
الروتينية المبذولة سعياً إلى ضمان
عدم انحراف النظام الذي سيخلفه بعيداً
عن المسار المقبول. ويبدو أن الأمل منعقد حالياً على اللواء
عمر سليمان، بعد تسميته نائباً لرئيس
مصر، علماً بأن سليمان الذي استمر
رئيساً لجهاز الاستخبارات المصري
لفترة طويلة يكاد يوازي مبارك في
استقطاب استياء الشعب المنتفض. لكن
الأمور قد تغيرت بعد تنحي مبارك عن
السلطة. أما الإجماع الذي يتمسك به العلماء
والمثقفون، فهو أن الخوف من الإسلام
المتطرِّف يتطلب معارضة (ممانِعة)
للديمقراطية على أسس براجماتية عملية.
وإن كانت هذه الصيغة تتميز ببعض
الصلاحية، فهي مضلِّلة. لطالما كان
التهديد العام يتمثَّل بالاستقلال.
ففي العالم العربي، دأبت الولايات
المتحدة وحلفاؤها على دعم المتطرفين،
أحياناً في سبيل ردع القومية المدنية. ومن بين الأمثلة المألوفة نذكر السعودية
التي تشكل المركز الإيديولوجي
للإسلام، والتي تعاني من الإرهاب. أما
الاسم الآخر في قائمة طويلة من
الديكتاتوريين فهو ضياء الحق، الأكثر
ظلماً من بين طغاة باكستان والمفضل لدى
ريجان، الذي أطلق برنامج أسلمة
راديكالية. وبالتالي، يمكن صرف النظر عن الرأي العام.
كما تمتد هذه العقيدة بعيداً في
التاريخ وتُعمَّم في كل أنحاء العالم،
وصولاً إلى الديار الأميركية أيضاً. في
حال حصول اضطرابات، لا بد من فرض
تعديلات تكتيكية، إنما ترمي دائماً
إلى إعادة تعزيز السيطرة. إن الحركة الديمقراطية النابضة بالحياة
في تونس كانت موجهة ضد «دولة بوليسية
تعاني من حرية تعبير أو تجمّع محدودة،
ومن مشاكل خطيرة على صعيد حقوق الإنسان»،
يحكمها ديكتاتور. هذا كان تقييم السفير
الأميركي في تونس روبرت جوديك في برقية
تعود إلى شهر يوليو عام 2009 كشفها موقع «ويكيليكس». إذاً، يرى بعض المراقبين أن «الوثائق
التي نشرها ويكيليكس ستخلق شعوراً
مطمئناً بين الرأي العام الأميركي بأن
المسؤولين غير غافلين»، وبالفعل أن
البرقيات تدعم للغاية السياسات
الأميركية إلى درجة يبدو فيها أن
أوباما يسرِّبها بنفسه (أو أقله هذا ما
يكتبه جاكوب هايلبرون في مجلة «ذا
ناشونال إنترست»). «الولايات المتحدة مَدينة بميدالية
لجوليان أسانج»، هذا ما تعنونه إحدى
مقالات صحيفة «فاينانشيال تايمز».
ويكتب «جيديون راتشمان»كبير المحللين
في شؤون السياسة الخارجية أن «سياسة
أميركا الخارجية تبدو كأنها ذات مبادئ
وذكية وبراجماتية... إن الموقف العام
الذي تتخذه الولايات المتحدة بشأن أي
مسألة عادة ما يكون الموقف الخاص ذاته
أيضاً». ومن هذا المنظور، ينسف موقع ويكيليكس «أصحاب
نظريات المؤامرة» الذين يعيدون النظر
في الدوافع النبيلة التي تنادي بها
واشنطن بانتظام. وتدعم برقية السفير «جوديك» هذه الأحكام
والآراء، أقله إن توقفنا عند هذا الحد.
وإن تابعنا البحث، كما يفيد المحلل في
شؤون السياسة الخارجية، «ستيفن زونس»،
في مركز «فورين بوليسي إن فوكس»، نجد
أنه إلى جانب معلومات «جوديك»، منحت
واشنطن مساعدات عسكرية لتونس بقيمة 12
مليون دولار. وفي الواقع، كانت تونس واحدة من خمس دول
أجنبية مستفيدة فحسب، وهي: إسرائيل (بصورة
روتينية)؛ مصر وكولومبيا التي لطالما
شهدت أسوأ سجل لحقوق الإنسان وكانت
المستفيدة الأكبر من المساعدات
العسكرية الأميركية. يشدد المحلل «هايلبرون»، في ما يشكل
دليله الأبرز، على الدعم العربي
للسياسات الأميركية، التي تكشفها
البرقيات المسرَّبة. كما يقتنص
راتشمان هذه الحقيقة، على غرار ما فعله
الإعلام عموماً، مرحباً بهذه
المعلومات المشجعة. وتعكس ردود الفعل
مدى احتقار الديمقراطية في العالم
المثقف. أما غير المعلن، فهو آراء السكان التي
يسهل اكتشافها. فبحسب استطلاعات
نشرتها «مؤسسة بروكينجز» في أغسطس،
يرى بعض العرب أن الولايات المتحدة
وإسرائيل التهديد الأكبر، وذلك بنسبة
(77 في المئة و88 في المئة على التوالي). الديكتاتوريون يدعموننا، ويمكن تجاهل
رعاياهم ، إلا إذا تحرروا من قيودهم،
فلا بد من تصحيح السياسة عندئذٍ. كما يبدو أن تسريبات أخرى تدعم الأحكام
الحماسية إزاء نُبل واشنطن وشهامتها.
في شهر يوليو 2009، أبلغ هوجو لورنس،
سفير الولايات المتحدة لدى هندوراس،
واشنطن بشأن تحقيق تجريه السفارة حول «مسائل
قانونية ودستورية تحيط بخلع الرئيس
الهندوراسي مانويل زيلايا في 28 يونيو». واستنتجت السفارة أنه «من دون أي شك، تآمر
الجيش والمحكمة العليا والكونجرس
الوطني في 28 يونيو في ما شكل انقلاباً
غير قانوني وغير دستوري ضد السلطة
التنفيذية». بلاغ رائع، باستثناء أن
أوباما كاد يتخاصم مع كل أميركا
اللاتينية وأوروبا من خلال دعمه
النظام الانقلابي صارفاً النظر عن
الفظائع المرتبكة لاحقاً. ولعل أبرز ما
كشفه موقع «ويكيليكس» يتعلق بباكستان،
وهي تسريبات استعرضها محلل السياسة
الخارجية فراد برانفمان في موقع «تروثديج». تكشف البرقيات أن السفارة الأميركية تدرك
تمام الإدراك أن حرب واشنطن في
أفغانستان وباكستان لا تفاقم العداء
المستفحل للولايات المتحدة فحسب، إنما
«قد تؤدي إلى زعزعة الدولة
الباكستانية»، لا بل تهدِّد بأسوأ
كابوس: إمكان وقوع السلاح النووي في
أيادي الإرهابيين. ومرة جديدة، لا بد أن تخلق هذه التسريبات
«شعوراً مطمئناً... بأن المسؤولين غير
غافلين» (عبارة هايلبرون) – فيما تسير
واشنطن بإيمان راسخ نحو الكارثة. ================== الأربعاء, 23 شباط 2011 08:28
فهمي هويدي السبيل هذا الذي يحدث في ليبيا لا يمكن أن يصدقه
عقل، إذ فاض الكيل بالجماهير فخرجت
مسلحة بكرامتها العارية، معلنة عن
رفضها للنظام الجاثم على صدورها منذ
أكثر من أربعين عاما، فإذا بزعيم "الجماهيرية"
يعلن الحرب عليهم، ويقرر إبادتهم
جميعا. في حين يعلن ابنه أنه -وقبيلة القذاذفة
التي ينتمون إليها- سيقاتلون حتى آخر
رجل وآخر امرأة وآخر رصاصة! المدهش في الأمر أنه في حين لا تزال
الدماء تسيل أنهارا في ليبيا، ويستمر
القصف الوحشي للجماهير الغاضبة الذي
لم يستثن حتى الجنازات، وفي حين تتواصل
الانتقادات والتحذيرات من العواصم
الغربية، فإن العالم العربي يقف
متفرجا وصامتا. وباستثناء بيان الأمين العام لجامعة
الدول العربية الذي أدان استخدام
العنف ضد المتظاهرين، لم يصدر تصريح
واحد من أي حكومة عربية يعبر عن
التعاطف مع الشعب الليبي المعرض
للإبادة. إن الأخ العقيد الذي ما انفك يزهو بأنه
عميد الحكام العرب وملك ملوك إفريقية
اعتبر أن معارضيه يهددون أمن ليبيا
ويسعون إلى تخريبها، بعدما اختزل
الوطن في شخصه، وأقنعه المنافقون بأنه
من "ثوابت" المجتمع الليبي التي
لا غنى عنها إلى أبد الآبدين. ومن المفارقات أنه في حين ادعى إعلامه
الرسمي بأن الثائرين ليسوا سوى
مجموعات من الأجانب الذين اندسوا في
أوساط الشعب وأرادوا ضرب استقرار
البلاد، فإن طائراته لم ترحم الجموع
الليبية الحاشدة التي خرجت في بنغازي
وطبرق والبيضا ودرنة، وظلت تلاحقها
بوابل نيرانها المجنونة. السيناريو نعرفه جيدا، في الخلفية يستمر
قمع الجماهير وتكميمها لسنوات طويلة،
الأمر الذي يشيع بين الناس درجات عالية
من الشعور بالمهانة والغضب، وإذ تستمر
الضغوط ويتراكم الغضب، يصبح الانفجار
هو الحل. وحين يحدث ذلك تطلق الدعاوى التي تتهم
الغاضبين بكل نقيصة، ويبدأ الحديث عن
المندسين والتآمر الذي تعده الجهات
الأجنبية، ويتخذ القمع أشكالا عدة
تتراوح بين الاعتقال والإبادة. وفي الوقت ذاته، يعزل المجتمع عن العالم
الخارجي، وتقطع الاتصالات حتى بين
المواطنين بعضهم وبعض، ويجرى التشويش
على الفضائيات التي تتابع ما يجري (خصوصا
قناة الجزيرة)، غير أنه كلما سال الدم
ارتفعت وتيرة الغضب واتسعت رقعة
الثورة، الأمر الذي يعني أن النظام فقد
أعصابه وشرعيته، وصار على وشك السقوط. علامات النهاية تلوح في الأفق، فإصرار
الجماهير على مواجهة التحدي واضح،
وانحياز بعض وحدات القوات المسلحة إلى
جانب الغاضبين، وكذلك استقالة بعض
المسئولين في الحكومة سواء كانوا
وزراء أو سفراء، ذلك يعني أن النظام
بدأ في التفكك الذي يسبق الانهيار، لكن
من الواضح أن الأخ العقيد لم تتناه إلى
سمعه أصوات الغاضبين، ولم يقرأ واقع
بلاده، بالتالي فإنه بدوره "لم يفهم"
ما يجري، ولم يستوعب شيئا مما جرى حوله
في تونس ومصر، وكانت النتيجة أنه لم
يتردد في إحراق البلد كله تعلقا بأمل
استمراره في المنصب الذي يحتكره منذ
أكثر من أربعة عقود. إن مشكلة العقيد وأمثاله في العالم
العربي أنهم يرفضون فهم الواقع أو
الإنصات لصوت الجماهير أو صوت
التاريخ، إنهم يرفضون إدراك حقيقة أن
الدنيا تغيرت، وأن المجتمعات التي
يحكمونها منذ عدة عقود لم تعد كما كانت.
فثمة أجيال تعلمت ووعت وتمكنت من
الاتصال بالعالم وإدراك ما يجري فيه،
وهذه الأجيال لها تطلعاتها وأشواقها
التي ترفض التنازل عنها، لا فرق في ذلك
بين دول نفطية وغير نفطية، أو دول غنية
وأخرى فقيرة. لقد كان يقال في الماضي إن الثورة مستبعدة
في ليبيا، لأنها دولة نفطية يسهل على
حاكمها أن يرشو شعبها صغير العدد،
وترددت هذه الفكرة بعد الثورة
التونسية، حيث كان يقال إن ثورة
الفقراء في تونس لا شبيه لها في ليبيا.
ونسي هؤلاء أن الشعوب لها كرامة تريد
أن تحس بها وأن تمارسها، وأن الرخاء
حتى إذا توافر فإنه لا يمكن أن يدفعها
إلى التنازل عن كرامتها، وما يجرى في
ليبيا ينسحب على بقية الدول النفطية
بطبيعة الحال، ولذلك لن نستغرب إذا
شجعت الأجواء الراهنة شعوبا أخرى في
العالم العربي، لكي تنتفض وتطالب
بحقها في إدارة شؤونها وتقرير مصيرها. إن الحاصل في ليبيا يبعث بإنذار إلى
الجميع، منبها إلى أنه ما لم تشهد
الأقطار العربية بما فيها الخليجية
والنفطية إصلاحا سياسيا حقيقيا يرد
إلى المجتمعات اعتبارها، فإن انفجار
الجماهير قادم لا ريب، كما أن أساليب
القمع لم تعد تجدي، وإذا كانت قد صلحت
لبعض الوقت فإنها يقينا لا تصلح لكل
الوقت. صحيح أن ما يحدث في ليبيا جريمة كبرى، لكن
ما يحدث في أقطار عربية أخرى ليس
مطمئنا ولا هو مبرأ من الاتهام، وإذا
قيل إنه من قبيل الجرائم الصغرى، فإن
ذلك يعني أنه يختلف عنه في الدرجة فقط
وليس في النوع. ================== وفاء زيدان الجزيرة توك - الإثنين، 21 شباط/فبراير
2011 لم تتغير اساليب قمع معارضي الانظمة
العربية في اي من البلدان العربية
لكنها تفاوتت في درجة القسوة حتى بتنا
نشعر ان الرؤساء العرب يتنافسون حول
احداث المجازر الاكثر دماء! في سوريا
والتي نعت رئيسها بشار شعبها في صحيفة
وول سترييت جورنال بأنه شعب غير مستعد
لاصلاحات سياسية على عكس الشعبين
التونسي والمصري، مما أثار غضب
السوريين فضج موقع الفيسبوك بردود كان
اغلبها يدور حول أن السوريين ليسو
خرافا او ناقصين عن غيرهم بل هم بحاجة
الى اصلاحات سياسية اكثر من تونس ومصر! هنا يستحضر النظام السوري سياسة القمع
والترهيب المعتادين قبل اندلاع اي
ثورة في البلاد ولكن بكثافة اكبر من ذي
قبل والتي كان اعتقال المدون احمد ابو
الخير البارحة اخر ملامح تلك السياسة
التي كممت افواه المواطنين منذ اربعين
سنة. لكن القضية ليست قضية اعتقال ابو الخير
فقط فهاهي طل الملوحي التي اصدر خبر
سجنها لمدة 5 سنين منذ يومين دون تقديم
اي دلائل ضدها ثم ضجت صفحات الانترنت
باخبار تقول بانها عميلة منذ ان كان
عمرها 15 عاما وانها اقامت علاقات مع
عشرات الرجال من اجل الحصول على مآربها
التي تخون فيها بلادها. اخبار يشيب لها الرأس فمن يصدق ان فتاة في
الخامسة عشر من عمرها تقترف كل هذه
الافعال البشعة في هذا السن ،لكن
الحقيقة ان من يعيش في مجتمع يملؤه
الفساد من هذا النوع يسهل عليه قذف
البريء والمذنب بما يحب.. هنا يعترض كل
هذا ما قاله بشار اسد لقناة الجزيرة
عام 2008 بانه لا يوجد معتقلي راي في
سوريا فللشعب كامل الحرية باعطاء رأيه
بحرية وامان.. فأين هذه الحرية التي
يتحدث عنها وسياسة اعتقال اصحاب الرأي
تجري منذ اربعين عاما؟ ام ان عليّ
ارجاع ذلك الى سياسة التعتيم الاعلامي
التي تفنن بها الرؤساء العرب؟؟ أما عن السابع عشر من شباط شهدت سوريا
حادثة غير متوقعة في الحريقة في دمشق
حين تعرض شرطي لاحد المواطنين بالضرب
العنيف فتجمع حوالي الف وخمسمئة الى
اربعة الف مواطن لنجدته وتشكيل مظاهرة
يردد المتظاهرون فيها مقولات تؤكد على
ان الشعب السوري يأبى الذل والمهانة..
مظاهرة كانت عفوية دون تخطيط مسبق
والتي دخل وسطها وزير الداخلية
السورية لتهدئة الوضع فبدأ اتباع
النظام بترديد "نحن رجالك يا بشار"
والتي لم يرددها الا القليل من
المتظاهرين على غير العادة! في اليوم التالي انتشرت على صفحات
الانترنت صور حوائط في سوريا كتب عليها
معارضو النظام كلمات تهدد النظام
والرئيس والتي تعد جرأة لم يسبق لها
مثيل في سوريا منذ اربعين سنة! مؤشرات
كثيرة تدل على ان الشعب السوري يندرج
مع الشعوب التي ملت الخوف والتكتم على
حقها وانها تريد حقها تماما كتونس ومصر
وانها ليست مختلفة عنهما بشيء وان
الصمت الذي يكلل واقعها ليس الا الصمت
الذي يسبق العاصفة! ========================= معن عاقل الصحفي السوري
يحاور رئيسه الاسد معن عاقل كلنا شركاء الاثنين 21/ 02/ 2011 قرأت حديث السيد الرئيس بشار الأسد
لصحيفة وول ستربت جورنال أكتر من ثلاث
مرات وبتأن فائق وانتظرت أكثر من أسبوع
لأتخذ قراراً بالكتابة والتعليق عليه
وبصراحة: أولاً: خوفاً .... لكن ليس من سيادته ...
وإنما من أجهزة أمنه.. وأنا هنا أحرص
على التفريق بينها. وثانياً : بسبب الفرق بين مصادر معلوماته
المستندة إلى مؤسسات حكومية وأمنية
وإعلامية وبين مصادر معلوماتي من خلال
معايشة الناس البسطاء . ثالثاً : بسبب تصريحات وزيرة الخارجية
الأمريكية الأخيرة هيلاري كلينتون
التي عادت للتبشير برياح الديمقراطية
على المنطقة في صيغة تهديد كامنة لبعض
دول الشرق الأوسط. لكن بعض عباراته شجعتني: فاليأس بحسب
سيادته مرتبط بعاملين داخلي وخارجي،
الداخلي هو ما نلام عليه كدول ومسؤولين...
وإذا كنت تريد المضي في الديمقراطية
فيجب إشراك الشعب في صنع القرار وتبدأ
بخلق حوار... والحوار ممارسة عليك أن
تدرب نفسك على كيفية إجرائه... وعندما
يكون لديك إصلاح لابد أن يكون إصلاحاً
وطنياً. عباراته تلك شجعتني لأن فيها أولاً
اعتراف بأن هناك ما يلام عليه
المسؤولون لا يصدر إلا عن رئيس مسؤول،
ثانياً لأنني قررت أن أبدأ حواراً
وأتعلم الحوار مستنداً إلى تاريخنا
الوطني الذي هو تاريخ الحضارات
وحوارها رغم مرور عقود من التباهي بهذه
الميزة بالتزامن مع الانقطاع والتوقف
عن ممارستها، ثالثاً، لأنه أكد على
رابط الإصلاح بإشراك الشعب في صنع
القرار. بداية سأتناول شعور اليأس لدى الموطن
السوري، وهو شعور لا ينبع جوهرياً من
فشل عملية السلام ولا من الموقف الوطني
المقاوم للسياسة السورية، وإنما هو
ينبع أساساً من التناقض بين المواقف
الخارجية المنسجمة مع الوجدان الشعبي،
والسياسات الداخلية الاقتصادية
والاجتماعية، ما جعل المواقف الخارجية
في لحظات الأزمات تبدو معلقة في فراغ . وسأروي هنا أربع وقائع توضح الصورة: قبيل سقوط بغداد، دخلت إلى مقصف جريدة
الثورة، فوجدت أحد الزملاء يفرك يديه
ويتأفف ويتأوه، وعندما سألته عن السبب
أوضح أنه قد يستدعى الى الخدمة
الاحتياطية، فقلت له مستغرباً: وماذا
في ذلك؟ إذا واجهت سورية محنة الاحتلال
الأمريكي سنكون جميعاً في المواجهة
داخل الجيش وخارجه، فرد علي بعصبية
مفرطة وحرفياً: وإذا جرحت إصبعي فعلى
حساب من؟ على حساب عبد الله الأحمر أم
رامي مخلوف؟!! ويوم سقوط بغداد دخلت الى معاون المدير
العام وقال لي في نهاية الحوار : آخ آخ
يا أستاذ أتمنى لو أستطيع العودة إلى
قريتي لأربي عنزتين وبقرة!! رددت عليه
عندئذ: جئت إلى دمشق، وعشت فيها كل هذا
الزمن، ووصلت الى مرتبة معاون مدير
عام، وفي لحظة، لحظة واحدة صارت أمنيتك
أن تعود راعياً في قريتك !! سبحان الله
مغير الأحوال. أيضاً في أوج الضغوط الأمريكية على
سورية، كنت في فرع هيئة مكافحة البطالة
بحلب، جاء بدوي يحمل أوراقاً وطلب مني
أن أساعده في الحصول على قرض، تفحصت
أوراقه وسألته: كيف ستسدد القرض يا عم؟
أجابني: يا خوي أنا ماراح سدد القرض؟
قلت له: وهل هناك من يعطيك قرضاً دون أن
يضمن سداده ؟ فرد علي ضاحكاً: يا خوي،
بكرة تجي أمريكا ويروح القرض معها. ومؤخراً، بعد بداية الثورة المصرية، جلست
مع مسؤول حكومي رفيع سابق، وهو صديق
لبعض قادة الأجهزة الأمنية، قال لي
حرفياً: أعطانا الشعب السوري الكثير من
الفرص وتحملنا كثيراً، وأضاف في معرض
الحديث عن إحدى المشكلات: لا يوجد
إدارة حكومية في العالم تحتقر
مواطنيها مثل الإدارة الحكومية
السورية. بالتأكيد هذه ليست كل الوقائع التي يمكن
سردها، لكنها الأكثر دلالة وقد
اخترتها من سويات مختلفة متنوعة بحيث
لا يمكن لأحد ردها إلى خصوصية ما،
ولذلك يمكن القول إن المواقف السياسية
الخارجية الوطنية والمقاومة لا تكفي،
وتحتاج فعلاً إلى مشاركة في صنع
القرار، والاهم إلى إصلاح وطني، حتى لا
يأتي يوم نكتشف فيه أن الأثقال التي
نرزح تحتها في الداخل من فساد وفقر
وغياب للعدالة قد أزهقت في مواطنينا كل
روح وطنية ومقاومة. في حديث سيادة الرئيس تطرق إلى ما يمكن
تسميته شروط التغيير والإصلاح، ومنها
الركود وما يرافقه من تلوث وميكروبات،
وانغلاق العقول وما يقود إليه من تطرف،
والارتباط بمعتقدات الناس وثقافتهم
ومصالحهم وبناء عليه، استنتج سيادته
أن من الواقعية انتظار الجيل المقبل
لجلب الإصلاح الذي نطمح اليه. وبما أنني اليوم بدأت أتعلم الحوار
أولاً، مع سيادته بوصفه رئيساً
للجمهورية، وثانياً، بوصفه موطناً
سورياً من الشعب كما قال في خطاب القسم
. فإنني أسمح لنفسي بالتعبير عن رأيي
والقول إن الشعب السوري فعلاً عاش فترة
من ركود طويلة وأن مستوى التلوث
والميكروبات ارتفع، لكن لماذا الخشية
من الفيضان؟ ولماذا لا يقود سيادته هذا
الفيضان؟ ألم يكن من فيضان النيل
والفرات هو الذي يزيد خصوبة الأرض؟
أليست مكاسب الفيضان أكبر بكثير من
المستنقعات؟ أليس الركود وانقطاع
الفيضانات هو سر انغلاق العقول؟ أليسا
هما سر الفساد المستشري؟ والمؤسف أن حياتنا اليومية والسنوية
والعقدية مترعة بالأمثلة أفراداً
وجماعات ومؤسسات فمثلاً: يدخل صحفي إلى
مكتب رئيس التحرير ويقول له أريد أن
أصبح أميناً للتحرير فيسأله لماذا؟
يجيب ببرود وثقة بصراحة لأنني أريد
استلام سيارة، وبالفعل يصبح هذا
الصحفي أميناً للتحرير في شأن لاعلاقة
له به من قريب أو بعيد، فقط لكي يحصل
على سيارة. مثال آخر : مولت هيئة مكافحة البطالة نحو 20
ألف مشروع، وجرى القضاء عليها في منتصف
عمرها دون سبب وجيه وبعد أن أبدى
المسؤولون الحكوميون إعجابهم بها على
صفحات جرائدهم مؤكدين دعمهم لها،
وأقول دون سبب وجيه لان ثمة باحث محايد
من حماه قدم دراسة أكد فيها أن نسبة
المشروعات التي استمرت دون احتساب
المشروعات المنقولة من مكانها بلغت 65%
أي نحو 13 الف مشروع، ودون استمرار
رقابة الهيئة على المشروعات الممولة،
لتتحول هذه الهيئة إلى هيئة للتدريب
والتشغيل بكادر إداري لا عمل له،
ولتتحول إلى مجموعة فرص عمل تستوعب
بطالة مقنعة، علماً أن مخصصاتها لخمس
سنوات كانت فقط 50 مليار ليرة سورية، أي
نحو مليار دولار، والمصيبة أن وزيرة
الشؤون الاجتماعية والعمل كانت أول من
امتدحت التجربة، وأول من انقضت عليها،
وأول من ابتكرت هيئة بديلة للتدريب
والتشغيل عملها، بحسب تعبير أحد مدراء
فروعها، كش ذباب بعد أن كانت خلية نحل . مثال آخر: منذ سنوات، جاءت هيئات أوربية
مانحة لدعم الاطفال الذين يتعرضون
للعنف وإنشاء مراكز لهم، فرفضت وزيرة
الشؤون الاجتماعية والعمل بحجة عدم
وجود عنف ضد الأطفال في سورية في حين أن
بعض الجمعيات الأهلية في سورية تؤكد أن
أطفال الفقراء يجبرون على العمل في
الشوارع وأماكن أخرى، وهذا أول عنف
ضدهم، تلتقطهم الشرطة وتضعهم في مراكز
لإعادة التأهيل، وهذا ثاني عنف، يأتي
ذووهم ويأخذونهم ويعيدونهم إلى الشارع
وهذا ثالث عنف، لكن الوزيرة التي يبدو
أن خط سيرها اليومي لا يمر في أحياء
فقيرة أو أن زجاج سيارتها مغطى
بالستائر، لم تكلف نفسها حتى عناء
البحث لدى دائرة الإحصاء في وزارتها أو
وزارة الداخلية، ولم تكلف خاطرها
زيارة حتى أحياء الفئات المتوسطة، فما
بالنا بالفقيرة!! بالتأكيد، الأمثلة لا حصر لها في جميع
الوزارات والمؤسسات بلا استثناء، ووصل
الأمر بأحدهم أن طلب مني متابعة ما
يجري في منفذ السبينة الجمركي، حيث
يأتي كل يوم قطار مؤلف من نحو ثلاثين
قاطرة، يجري تخليصها من قبل أربعة
موظفين فقط، ولمخلص جمركي بعينه، أي
يجري تخليص نحو 15 بيان جمركي على الأقل
في حين أن مراكز أخرى لا تخلص في الشهر
الواحد أكثر من بيانين، مضيفاً أن هناك
مبلغاً كبيراً يدفع على كل بيان جمركي،
ومحذراً في الوقت نفسه من أن القائمين
والمستفيدين من هذا المركز لن يتورعوا
عن قتلي إن حاولت فضح الأمر لأنهم على
علاقة بمراكز نفوذ كبرى!!. إذاً اليأس وانغلاق الذهن يتغذى بشكل
رئيسي من حياتنا اليومية، أو الأصح من
الأنابيب الشعرية لحياتنا اليومية، من
الفساد ونقص الحرية، وليسمح لي السيد
الرئيس بالقول إن انغلاق الذهن وفزاعة
التطرف هما النتاج الطبيعي للفساد
ونقص الحرية، أما منة الأمن والأمان
التي يلوح بها الكثيرون في وجوهنا،
فهما مفهومان يحتاجان إلى شرح مستفيض،
لأنه يجري على الدوام تقزيمهما إلى
مظهر واحد من مظاهرهما دون الرجوع إلى
جوهرهما، سيما حين نسمع البعض يقولون
أننا نستطيع المشي في الشوارع والتنقل
رجالاً ونساءً وأطفالاً بأمان،
متناسين تماماً أن الأمن والأمان
الحقيقيان هما تامين المأكل والملبس
والمأوى بكرامة تليق بالمواطن وتامين
الدواء المراقب والخدمات الصحية،
والأهم تأمين الحرية في التعبير
والرأي، وبهذه الطريقة لن نخشى على
مستقبل أطفالنا ووطننا، ولن نخشى
تحديات الخارج مهما عظمت، ولن نخشى على
حقوقنا الوطنية من الضياع، ليبقى
المشي في الشارع بأمان وفي كل الأوقات
هو تحصيل حاصل، وليس نتاج خوف من أجهزة
الأمن، وليس نتاج ثقافة خوف تتغلغل
فينا أفرادا ومؤسسات، والدليل أن
سيادته نفسه أفصح عن هذه المخاوف عندما
تحدث عن الفيضان إن أجرينا تحولات
سريعة. على أية حال يعتقد السيد الرئيس بشار
الأسد أن الأمر لا يتعلق بالوقت، إنما
بالأمل وأن الناس صبورون في منطقتنا،
وبالفعل أثبتت الوقائع أن الشعب غفور
وأنه مستعد للتحمل، لكنه أثبت أيضاً
أنه غفير، كما أثبتت التجربة ان اول
شيء ينهار تحت ضرباته هي الأجهزة
الأمنية، تلك التي تحصل غالباً على
الحصة الأكبر من الميزانية ومن صفقات
الفساد، بل وأكثر من ذالك . في سورية، هي واحدة من الأدمات المولدة
للفساد، لأن معظم المفاصل الإدارية
الحكومية، كبيرها وصغيرها، تخضع
لموافقتها في ظل تغييب شبه مطلق للجهات
الرقابية القانونية والقضائية
والتشريعية الخاضعة بدورها تعيناً
ونظاماً ومصالح لتلك الأجهزة، وسأحرص
هنا على إيراد من أمثلة معروفة جيداً
للجميع، فذات يوم اقر السيد الرئيس
بشار الأسد بوجود أخطاء في لبنان، ومع
ذالك لم يحاسب أحد وأيضاً، في برنامج
حقيقة ليكس على قناة الجديد وردت
شهادات حول تورط ضباط استخبارات
سوريين بصفقات فساد، ومع ذالك لم
يحاسبهم أحد، ولم يكلف أحد نفسه عناء
عناء إصدار بيان رسمي يوضح أن ما جاء في
تلك الاتهامات غير صحيح، ومازالوا
مؤتمنين على أمننا، والمشكلة الأكبر
أن معظم السوريين حتى أكثرهم تأييداً
وأكثرهم مصلحة في استمرار الوضع
القائم والأكثر هم فساداً، يطرحون
آراءهم وتذمرهم في الأورقة الخاصة،
تلك التي لا يعبأ بها الإعلام، لأنه
مشغول بترويج رأي عام زائف، قلة هم من
يقرؤونه ويشاهدونه ويستمعون إليه
لدرجة أن بعض العاملين في الصحف
الحكومية والخاصة لا يقرؤون إلا ما
يكتبون، وأحياناً حتى ما يكتبون. في برنامج البلد بارك على قناة المشرق،
وبعد أن قدمت إحدى الفنانات
التشكيليات برتوكول الطاعة، اعترفت
بالفساد المستشري ونوهت إلى أنه من حسن
النظام السوري أن معارضته هي عبد
الحليم خدام وجمال خدام، ولم تتجرأ على
ذكر رفعت الأسد، فرد عليها مقدم
البرنامج ان ذلك من سوء الحظ، وفعلاً
من سوء حظنا أن المعارضة، إن صحت
تسميتها، هي عبد حليم خدام وأبناؤه
ورفعت الأسد وبعض أبنائه، لان هؤلاء لا
يقنعون أطفالاً في سورية، لكن سوء الحظ
يتحول إلى شبه كارثة في الداخل السوري،
ففي أية انتخابات صغيرة أو كبيرة،
نقابية أو تشريعية أو محلية أو حزبية،
الفوز مضمون لرموز الفساد، لأنه جرى
وعبر عقود تفريغ كل شيء من محتواه فلا
قوى اجتماعية أو اقتصادية أو مدنية أو
نقابية أو سياسية تواجه هؤلاء الرموز،
ليس أمامهم أية تحديات في ظل ثقافة "من
يتزوج أمنا نسميه عمنا". لا تحديات إمامهم إزاء أفراد لم يعودوا
يشعرون بأنفسهم كمواطنين، إنما مجرد
أفراد لا يحق لهم التفكير والحوار، لا
يحق لهم تعلم الحوار لأنهم إن أصابوا
أو أخطأوا سيطحنون فلا قضاء ينصفهم،
ولا إعلام يتجرأ على تبني قضيتهم
وسيتندر من يعرفهم بسيرتهم لأنهم
تدخلوا فيما لا يعنيهم، وخرقوا قاعدة
وضع الرأس بين الرؤوس، كأن الوطن مجرد
قطيع رؤوسه متشابهة ومرعاه واحد،
وثغاؤه واحد في كل القضايا وجميع
الأمور، لدرجة أن إحدى السيدات عَلقت
على أحداث مصر وسورية بأن لها مطلب
واحد في سورية مطلب واحد وبسيط، أن
تستطيع مقاضاة أي موظف يخل بوظيفته،
فتصور يا سيادة الرئيس أي نفق نعيش
فيه، وتصور أي ضوء ننتظره في نهاية
النفق، وتصور كم دعوى قضائية قد ترفع
هذه السيدة إن اكتسبت هذا الحق البسيط
جداً وهل يحتاج هذا الأمل فعلاً إلى
الوقت وإلى انتظار جيل قادم ؟!! وبالفعل كما قال سيادته، النقطة الأكثر
أهمية في أي إصلاح هي المؤسسات، فلا
ديمقراطية دون مؤسسات، وحقاً إذا كنا
نريد التحدث عن الديمقراطية والمشاركة
ينبغي أن يكون من خلال المؤسسات لذلك
لابد من تحسين وتطوير هذه المؤسسات. لكن السؤال الجوهري هو كيف؟ فلدينا
مؤسسات، والأصح تخمة مؤسسات، لكن ما
مدى فعاليتها؟ ما مدى فعالية المؤسسات
الإعلامية؟ ما مدى فعالية مجلس الشعب
وما مدى قدرته على المحاسبة؟ وما مدى
فعالية القضاء والسلطة القضائية
واستقلاليتها؟ وما مدى فعالية
النقابات والاتحادات؟ والحقيقة إن
فعالية هؤلاء لا تساوي الحبر الذي يمكن
أن نضع به صفراً على شمال أي عدد أو رقم
مقارنة بفاعلية الأجهزة الأمنية
وقوانين الطوارئ والأحكام العرفية،
والأهم فاعلية مؤسسة الفساد التي
أسميها مؤسسة الظل. ما مدى فاعلية مشاريع التطوير والتحديث
خلال السنوات العشر المنصرمة ؟ وهل
يمكن لأي مواطن أن يستفيد من مشروع
أتمتة الجمارك مثلا؟ أو الإدارة
المحلية أو المصالح العقارية أو غيرها
؟ ألا يحتاج إلى معاملة وتعقيدات ربما
تفوق أحياناً تعقيدات ماقبل الأتمتة؟
وهنا لن أسرد أمثلة لأنها أكثر من أن
تعد وتحصى ولأن لدى كل مواطن يتعامل مع
المؤسسات مثل هذه الأمثلة. المشكلة إذاً، ليست في نقص المؤسسات، ولا
في ضيقها أو سعتها، المشكلة هي أن هذه
المؤسسات قامت على أسس عفا عنها الزمن،
قامت على تجفيف منابع القوى
الاجتماعية وتغييب المجتمع المدني،
قامت على مفهوم الشعب القطيع وهتافات
بالروح والدم نفديك قامت على تعليق كل
مشاكلنا وهمومنا اليومية على شماعة
الوطن والوطنية والتحديات الخارجية،
قامت على صناعة ثقافتين، ثقافة ثقافية
ملتصقة بالسلطة لا وجود لها هذه
الأخيرة منذ المرحوم أحمد اسكندر أحمد
وحتى الآن، وأخرى، اجتماعية اقتصادية
تتمثل بإعادة إنتاج الثروة وتوزيعها
بطريقة غير قانونية وغير شرعية، لكنها
اكتسبت قوة العرف لدرجة أنها أصبحت
أقوى من القانون والشرعية، وأضيفت
إليها مؤخراً بالتزامن مع الانفتاح
ثقافة الفهلوة والشطارة التي تجمع بين
الثقافتين وختام المشهد فقر وإفقار
واستبداد وانغلاق وتطرف، وفوق ذالك
خوف من الفيضان، في حين أن ما يهددنا هو
الطوفان.... لذلك أقول لكم يا سيادة
الرئيس: أنت اليوم ربان السفينة، والفيضان هو
الحالة الوسط بين الطوفان والركود،
فلتقد السفينة في الطوفان، ولتكن ربان
الحركة التصحيحية الجديدة، ربان
الحرية والخبز، فسوريا من أغنى
البلدان العربية وهي تكفي الجميع،
فيها ما يكفي لتبييض صفحة الماضي
والحاضر وصناعة المستقبل، فيها مقومات
الحوار والسلام والأمن، أما هتافات
بالروح والدم نفديك فقد أثبتت الايام
والوقائع انها مجرد ثغاء قطيع في لحظات
الخوف، أما أجهزة الأمن المتضخمة
والمتورمة فأثبتت أنها مجرد هياكل لا
تحتاج إلى أكثر من أسبوعين او ثلاثة
لتنهار، وأما الجيوش فهي لحماية
الأوطان والشعوب، وأما الإعلام المطبل
والمزمر فإنه في الأزمات ليس إلا ثرثرة
وهذر أمام قناة الجزيرة وأما سقف الوطن
فهو أعلى بكثير من تقارير مؤسساتنا
وتصريحات مسؤولينا، بينما مشجب
المقاومة والصمود والتصدي يدفع حتى
بسطاء الناس للتساؤل عن سبب ازدياد
ثروة القلة مع كل جولة مواجهة في حين
يزداد فقر الأغلبية. لتقد السفينة ولتكن الربان يا سيادة
الرئيس فكل أموال الأرض لا تعادل
الأيام الأخيرة التي عاشها مبارك وزين
العابدين بن علي، ولا ندري من سيعيشها
أيضاً، وصدقني يا سيادة الرئيس أن
صديقك من صدقك القول وليس من صدقك،
فسيادتكم حتى الآن رمز كرامتنا
وبطانتكم رمز فسادنا، وحتى الآن الشعب
والجيش معكم، فلا داعي للخوف من
المستقبل، لا داعي لتضييع فرصة
تاريخية لإجراء تحولات حقيقية تضمن
أمننا وأماننا، تضمن أمن وأمان حتى
أولئك الذين أفسدوا على نطاق ضيق، لأن
التجربة أكدت أنه لا أمان لمال مسلوب
خارج أو داخل حدود الوطن، ولا أمن
لأولئك الذين اضطهدوا شعوبهم، وميثاق
الشعوب والثقافات الخاصة لا يتناقض مع
ميثاق الإنسانية وميثاق الأمم
المتحدة، وجميع الشعوب لها معتقدات
وثقافات خاصة، لكنها بالتأكيد تغتني
وترتقي كلما تفاعلت مع عصارة الثقافة
الإنسانية الشاملة. لتقد يا سيادة الرئيس السفينة في
الفيضان، فشعبك أذكى بكثير مما تصوره
وسائل الإعلام الحكومية والخاصة،
وأذكى مما يعتقده الفريق الحكومي
والأجهزة الأمنية، وأذكى من صفقات
رجال الأعمال ومراكز النفوذ، لذلك
يمكن أن تثق به كما يثق بكم. أعلمُ يا سيادة الرئيس أن الأجهزة
الأمنية ستعمل على اعتقالي بعد نشر هذه
المادة، لأنها سبق أن فعلت، فقط بسبب
سؤال صحفي، فتصور يا سيادة الرئيس هذا
الوطن الذي يضيق بسؤال، تصور أن يبقى
هذا السؤال يلاحق صاحبه طيلة حياته،
أهذا هو الوطن الذي سنبنيه؟ أهذا هو
ميثاق ثقافتنا؟ وبالمناسبة أتمنى على
سيادتكم أن توافقوا على طلبي إجراء
حوار صحفي معكم ولصحيفة الثورة حتى
نعيد الاعتبار والثقة لإعلامنا فهناك
الكثير من الأسئلة التي تمثل نبض الناس
والشارع وتحتاج إلى إجاباتكم، هناك
الكثير من التفاصيل التي تحتاج إلى
حوار. سيادة الرئيس، صندوق المعونة الاجتماعية
ليس إصلاحاً ولا يقنع أحداً، لأنه لا
يعادل إلا أكثر قليلاً من ربع اشتراكات
شركة الخليوي خلال عام واحد، وتخفيض
أسعار بعض المواد الغذائية دفعت الناس
للتساؤل عن سر غلائها أصلاً إن كان
هناك إمكانية لخفضها، والإصلاح
المطلوب هو بالفعل الفيضان، فاختر
السفينة ولتكن الربان المسؤول، لأن
البطانة دوماً تحدثنا عن المواطن
المسؤول والكلمة المسؤولة والإصلاح
المسؤول، في حين لا يتطرق أحد إلى
القائد المسؤول. سيادتكم مسؤول أمام الشعب والتاريخ،
ولهذا سمحت لنفسي كمواطن مسؤول أيضاً
أن أصارحكم ربما بالوجه الآخر
للحقيقة، حتى لا يأتي يوم نكتشف فيه
أننا استثناء تاريخي مبكي ومثير
للسخرية. وبما أنكم تحدثتم عن ضرورة تعلم الحوار
والبدء بالحوار، فها أنذا قد فعلت
والله يستر. ================ ماذا لو انتصر
الاستبداد العربي على هدير الشعب
وثورته؟ د. محمد رضوان 2011-02-22 القدس العربي ليس هناك أقوى من
صوت الشعب عندما يخرج عن بكرة أبيه إلى
الشارع ليهتف بسقوط النظام ومن على
رأسه، فحتى الانتخابات والاستفتاءات،
على فرض أنها شفافة ونزيهة، وهي لم تكن
كذلك أبدا في أي بلد عربي مهما ادعى ذلك
بالحجج والبيانات الرسمية، تبدو
متجاوزة ولاغية نتائجها أمام دوي
الشارع وهدير الشعب. في تونس كما في مصر، ولربما في بلد عربي
آخر في ما يقبل من الأيام والأسابيع،
كان الشارع يتكلم بلسان واحد، وينبض
بإحساس ووعي مشترك بأهمية المرحلة
التاريخية وضرورة الحسم مع ما مضى من
الاستبداد السياسي واحتكار الحكم
وتغييب صوت الشعب وإعدام عناصره الحية
والمخلصة، وتعطيل المؤسسات السياسية
والقانونية وتسخيرها عند الحاجة
لمصلحة النظام وعناصره النافذة
والفاسدة، ورهن البلاد ومصالحها
العليا بالقوى السياسية والاقتصادية
الخارجية وأجندتها على حساب المصلحة
العليا للوطن والمواطن بصيغة الفرد
والجماعة. كان للحراك الشعبي التونسي ضد أركان
الاستبداد في عهد نظام بن علي البائد
وقع هائل في وجدان الأمة العربية
والإسلامية، وحرك فيها شعورها الجماعي
بمرارة الظلم والحيف، والإحساس
بالإحباط تجاه بعض الأنظمة التي تمادت
في طغيانها وتسلطها وكبت أنفاس
مواطنيها وإهدار كرامتهم. جميع الشعوب العربية صفقت للمواطن
التونسي وأكبرت فيه جرأته وشجاعته
وانتفاضته، على واحد من أعتى الأنظمة
الاستبدادية التي ابتلي بها العالم
العربي في العقود الأخيرة، كما تابعت
الشعوب ذاتها، بنفس الإعجاب والذهول
إصرار فئات المواطنين المصريين
باختلاف انتماءاتهم وطبقاتهم على
إسقاط رأس النظام المصري، وإعطاء درس
للعبرة في الصمود في وجه الأنظمة
العربية العنيدة أمام مطالب الشعب
المشروعة. وسواء تعلق الأمر بتونس أو مصر، فإنه مما
لا شك فيه أن ما جرى بالبلدين يمثل
تجربة جديدة في تاريخ المنطقة
العربية، تجربة جديدة وخلاقة بكل ما في
إرادة الشعوب من معاني المقاومة
والصمود والنضال من أجل الكرامة
المهدورة، تجربة لا مثيل لها في تاريخ
الشعوب العربية الحديثة، باعتبار أن
ما سمي من ثورات عربية ضد أنظمة عربية
فاسدة لم تكن، في ما مضى، تحركها
الشعوب وإنما حركات وعساكر تمثلوا في
ما بعد نفس أساليب وروح الاستبداد الذي
نهضت ضده هذه الحركات. ولعل ما جرى في تونس ومصر من شأنه أن يعيد
للشعوب العربية ثقتها في ذاتها
وقدرتها على الإمساك بزمام المبادرة
بيدها، في حركة عفوية جماعية بعيدا عن
حسابات النخب السياسية أو الحزبية أو
العسكرية التي باتت أمام التجربة
الجديدة كيانات سياسية تحتاج لإعادة
تأطيرها بسقف أعلى من المطالب
السياسية والاقتصادية والاجتماعية
وتقويتها وشحنها بزخم شعبي أكثر وعيا
وتوثبا. لقد أبانت الأوضاع التي نجمت عن الثورتين
التونسية والمصرية، أن الصراع المحتدم
بالبلدين، الذي انتهى بانتصار الشعب
على النظام، كان في حقيقة الأمر يضع
وجها لوجه بين طرفين غير متكافئين،
أقلية متسلطة تستبد بنظام الحكم وثروة
البلاد، وهي أقلية تتكون من بعض النخب
والانتهازيين شبيهة بنبلاء الإقطاع في
القرون الوسطى استولت على مقدرات
البلاد واحتلت مواقع السياسة والإدارة
والاقتصاد بطرق معظمها غير مشروع،
وأغلبية مقهورة ومغلوبة من أبناء
الشعب العربي تنظر في حسرة إلى حالها،
من دون أن تجد من ينافح عن مطالبها
ومصالحها المشروعة على قلتها. ولربما من حسن الطالع في هذه الهبة
الشعبية العربية أنها انطلقت من تونس
ومصر، أولا، لأن تونس كانت تمثل نموذجا
لوهم الاستقرار السياسي والاجتماعي
والاقتصادي العربي الذي كان يجد غطاء
ومساندة قوية من قبل بعض القوى الغربية
في محاولة لتعميمه، ولو بمنطقة شمال
افريقيا على الأقل، وهو ما جعل هذه
القوى تتغاضى عن تجاوزات نظام بن علي
وتنكيله بالمخلصين من أبناء تونس تحت
مزاعم وادعاءات عديدة. وثانيا، لأن مصر تمثل مركز الثقل في
العالم العربي على كافة الصعد، ولا بد
لكل تجربة يمر بها هذا البلد الكبير
بتاريخه وثقافته ورموزه أن يكون لها
وقع الصدى، إن لم يكن وقع الصدمة
المدوية، في بقية أرجاء الوطن العربي. ولذلك كان بعض المتتبعين لانتفاضة الشعب
المصري يتملكهم خوف على مصير هذه
الانتفاضة التي تواجه نظاما استبعد
الكثيرون سقوطه على غرار سقوط رأس
النظام التونسي، فلو قدر لمبارك
البقاء والصمود أمام ثورة المصريين
ونجح في الخروج منها سالما، بعدما
استخدم في ذلك كل الأساليب والطرق من
ترغيب وترهيب وتذلل ودروشة، لكان ذلك
كارثة، ليس في مستوى خطورتها كارثة
أخرى، على الشعب المصري ومعه الشعوب
العربية الأخرى، لأن ذلك سيعطي درسا
بليغا في صمود أنظمة الاستبداد العربي
أمام مطالب الشعوب ووأد ثوراتها بذات
الطرق والأساليب التي تم تجريبها في
مصر. ولذلك أيضا، كان انتصار الشعبين البطلين
التونسي والمصري انتصارا للشعوب
العربية، لأنهما قلبا المعادلة
وجعلاها في مصلحة هذه الشعوب عندما
تقرر أخذ زمام الأمور بيدها وتصرخ في
وجه النظام الفاسد ومؤسساته ورموزه. ================== تحرير مصر من «رق
اقتصادي» اداري وقانوني الاربعاء, 23 فبراير 2011 هيرناندو دي سوتو * الحياة حمل الوضع الاقتصادي المتردي السلطات
المصرية منذ 1997 على اللجوء الى مشورة
معهد «الحرية والديموقراطية» للحصول
على ارقام دقيقة عن وضع الاقتصاد
المصري، وخصوصاً القطاع غير الشرعي
منه. وطلب من المعهد هذا، وأنا أتولى
رئاسته والاشراف عليه، تحديد أعداد
المصريين العاملين خارج اطار الاقتصاد
الرسمي من غير أن يحوزوا حق الملكية.
ولا يسع هؤلاء الاستدانة من المصارف.
وليست الادوات المالية التقليدية في
متناولهم. ورمت الدراسة هذه الى اعادة
تقويم الاطار القانوني لتذليل العثرات
التي تعوق المبادرة الاقتصادية. وخلصت هذه الدراسة الميدانية
والتحليلية، وأعدّها 120 خبيراً مصرياً
وبيروفياً بالتعاون مع 300 مسؤول محلي
واستندت الى عدد كبير من المقابلات،
الى تقرير من ألف صفحة أنجز في 2004، وخطّ
التقرير خطة عمل من عشرين نقطة اقتُرحت
على وزير المال المصري يومها. ولكن
أحداً لم يأخذ بهذه النقاط، وبقيت
الامور على حالها، وتوقفت عجلة
الاصلاحات. واليوم، في وقت ينادي الشعب المصري
بالتغيير، ثمة فائدة تُرتجى من تسليط
الضوء على عناصر الدراسة هذه المنجزة
في 2004. فالاقتصاد السُفلي المصري هو
أكبر «صاحب عمل» في مصر. فالقطاع الخاص
يوفر 6.8 مليون فرصة عمل، ويوّظف القطاع
العام 5.9 مليون شخص، بينما يعمل 9.6
مليون شخص خارج الاطار القانوني. ولا
يملك 92 في المئة من المصريين مستندات
ملكية رسمية. وقدرت الدراسة قيمة
التبادلات والملكيات غير الشرعية في
مصر كلها، في الارياف والمدن، ب248
بليون دولار، أي 30 مرة أكثر من قيمة سوق
الشركات المسجلة في بورصة القاهرة، و55
مرة أكثر من قيمة الاستثمارات
الاجنبية المباشرة في مصر منذ حملة
نابوليون. واليوم، تبلغ قيمة هذه
الاصول المالية الخارجة على اطار
الاقتصاد الرسمي نحو 400 بليون دولار. ولكن العاملين خارج الاطار الاقتصادي
القانوني يواجهون عقبات كثيرة. فهم لا
يمكنهم توفير بنية قانونية لشركاتهم
والاستفادة مما تجيزه مثل هذه البنية.
والشركات هذه لا ترتبط بمعايير
تعاقدية وقوانين التحوط والحذر، ولا
يسعها، تالياً، ضمان التزاماتها مع
شركاء خارجيين. وهؤلاء يستسيغون
التعامل مع شركات آمنة. والشركات غير
الشرعية لا تستيطع الاستفادة من
اقتصاد القطاعات الكبيرة، على خلاف
منافسيها في السوق الحرة. ومحكوم على
الشركات هذه قصر انتاجها على دائرة
ضيّقة من الزبائن. ولكن لماذا يختار معظم المصريين البقاء
خارج الاقتصاد القانوني؟ وجواب السؤال
هذا بسيط. فمصر لا تغرد خارج سرب الدول
النامية الاخرى. ففي مثل هذه الدول،
يحول النظام القضائي الثقيل والمعقد
والمنحاز من دون لجوء الفاعلين
الاقتصاديين اليه لتنظيم أعمالهم
وادارجها في سياق قانوني. والامثلة كثيرة على ذلك. فالإجراءات
الادارية الرسمية لفتح مَخبز صغير
تأخذ أكثر من 500 يوم. ويحتاج اصدار صك
ملكية قطعة أرض خاوية 10 أعوام. ويضطر
المقاول الشجاع الذي يسعى في التزام
شركته القوانين الى التعامل مع 56 وكالة
حكومية، والى الخضوع لعمليات تفتيش
يفوق عددها عدد الوكالات هذه. ويفترض التحرر من ال «أبرتايد» (التمييز)
الاقتصادي هذا إرساء اطار قانوي حرّ
جديد وفعّال. وقد تتغير الحكومات، وتهب
رياح الديموقراطية على مصر. ولكن رغبة
الشارع المصري في تحسين مستوى عيشه لن
تُبلغ ما لم يصلّح الاطار القانوني
والاداري، وما لم يقوَّم الاطار هذا
لرفع القيود عن قوى النمو واطلاق
المبادرة الفردية. * مدير ومؤسس مركز الحرية
والديموقراطية في البيرو وصاحب «لغز
الرأسمال: لماذا تُثمر الرأسمالية في
الغرب، وتفشل خارجه»، عن «لوفيغارو»
الفرنسية، 17/2/2011، اعداد منال نحاس ================== الاربعاء, 23 فبراير 2011 فيودور لوكيانوف * الحياة انتهى الانقلاب العسكري التقليدي في مصر
إلى إطاحة رئيس الدولة الشرعي من
السلطة. ورحّب المجتمع الدولي كله بهذا
الانقلاب ترحيباً لا نظير له، ورأى انه
انتصار للحرية وثغرة في جدار
الديكتاتورية تفضي الى الديموقراطية.
وانتقال الإدارة السياسية الى القيادة
العسكرية العليا (وليس لنائب الرئيس
المعين، وهو جنرال)، وتعليق العمل
بالدستور، وحلّ البرلمان وإرجاء إجراء
انتخابات أن تنضج الظروف، كلها
سيناريوات سبق اختبارها عشرات المرات.
وعلى خلاف التجارب السابقة وإدانة
العالم الخارجي الخطوات هذه أو دعوته
الى احترام الحكم الدستوري، تعلو
اصوات متحمسة تشبّه الحادثة المصرية
بانهيار جدار برلين. ولكن ما السبيل الى إرضاء شعب تعب من «الرئيس
الذي لا يستبدل» من دون تسليم مقاليد
السلطة اليه (الى الشعب)؟ ويبدو أن عصر
قمع المحتجين قمعاً مكشوفاً ولّى. ولا
يستطيع النظام الذي يهمه الاعتراف
الدولي به تكرار تجربة ساحة تيان ان
مين في الصين. ولم يعد يسيراً التستر
على القمع والقتل. وتبدد بعض سحر الديموقراطية في العالم
وفي الولايات المتحدة. وأصبح مفهوماً
ان الانتخابات الحرة التعددية في غياب
المؤسسات والتقاليد الديموقراطية
يسبب مشكلات عويصة. والحق أن المواطنين المصريين لم يعترضوا
على سيطرة القوى المسلحة على مقاليد
السلطة كلها. ولكن نفوذ الجيوش العربية
لا يضاهي نفوذ وهيبة الجيش المصري.
وهيبته هي ثمرة ظروف تاريخية خاصة. والانتخابات هي أخطر الامتحانات، ولا
يمكن تجاهلها إذا كان الشعب ينتظرها.
واحترام قواعد الديموقراطية ضروري.
ولو أجريت انتخابات نزيهة وعادلة، قد
يعلن الخاسرون أنها أخلت بشروط
النزاهة، ويطالبون بإعادة النظر في
نتائجها واحتسابها من جديد على أمل
تغيير النتائج، على ما يحصل اليوم في
جميع الأنظمة الانتقالية. والمعضلة في
مثل هذه الحالات هي قرار اللجوء الى
القمع أو الإحجام عنه. وثمة جانب آخر من مترتبات حوادث تونس ومصر.
فواشنطن تخلّت عن دعم أكثر حلفائها
وفاء في العالم العربي، وصدمت شركاءها
العرب واسرائيل. والدولة العبرية
تتساءل عن احتمال عزوف الولايات
المتحدة في لحظة ما عن دعمها، على رغم
أن اسرائيل تملك وسائل تخفيف المخاطر
المترتبة على تخلي واشنطن عنها. وبعض
الأنظمة الملكية والجمهورية في
المنطقة أصيب بالفزع والهلع. وتبدو الولايات المتحدة وكأنها تكرر
أخطاء روسيا. وهذه قررت، بعد انهيار
الاتحاد السوفياتي، تغيير سياساتها
ومد جسور الصداقة مع العالم المتحضر.
فتخلت عن غالبية الذين ربطتهم
بالاتحاد السوفياتي علاقات
أيديولوجية وثيقة. ولم يثمر الخيار
هذا، ولم ينجم عنه نتائج جيدة. ولم
تُبعث الصلات هذه ولم ترمم الثقة
المفقودة الا بعد بذل جهود كبيرة. وفي
بعض الحالات، تبين أن استخفاف موسكو
بمترتبات سياسة ما بعد الاتحاد
السوفياتي شائك، وأن بعض عواقبها وخيم.
فعلى سبيل المثال، لو واصلت موسكو دعم
الحكومة الأفغانية في عهد نجيب الله،
لأمكن تجنب المشكلات الحالية في
أفغانستان. ويبدو أن موازين القوى اختلت في الشرق
الأوسط اختلالاً لا يستهان به. فحلفاء
الولايات المتحدة فقدوا الثقة
بأنظمتهم وبال «ستاتو كو». وثمة مؤشرات
كثيرة الى أن النفوذ الأميركي في
المنطقة الاستراتيجية المهمة هذه بدأ
ينحسر، على ما حصل في منتصف خمسينات
القرن الماضي حين طردت الثورات
العربية الدول الأوروبية الكبرى،
واستقلت عنها. ولكن الفراغ الذي خلفته
قوى الاستعمار الأوروبية ملأه، يومها،
«قطبان عالميان» بارزان هما أميركا
والاتحاد السوفياتي. والتنبؤ اليوم
بمن سيملأ الفراغ في الشرق الأوسط عسير
ويكاد يكون مستحيلاً. * محلل
سياسي، عن «غازيتا رو» الروسية، 17/2/2011،
إعداد علي ماجد ================== عادل الطريفي الشرق الاوسط 23-2-2011 هي مرحلة فوضوية ولا شك، حيث تنتشر عشرات
الاحتجاجات والمظاهرات الصاخبة التي
تطالب بإسقاط النظام في عدد من الدول
في الشرق الأوسط. بعض هذه المظاهرات
كان متفهما ضد قادة أمضوا عقودا سوداء
في الحكم. أما البعض الآخر من تلك
المظاهرات فهو يتحرك بدوافع مختلفة -
ومختلطة - بعضها آيديولوجي، أو طائفي،
أو فئوي، والنتيجة أن حمى «الثورة» قد
اجتاحت الكل بحيث بات صعبا التمييز
بينها، وبحيث باتت جميعها ترفع شعارا
واحدا ألا وهو «تغيير النظام» عبر
المظاهرات، والعصيان المدني. ليست هناك حاجة إلى التدليل على سلبيات
النظم العربية، والأزمات الاجتماعية
والاقتصادية التي تعاني منها تلك
الدول، وأبرزها الاستئثار بالسلطة مدى
الحياة، ولكن ما نشهده اليوم هو حالة
من الفوضى التي لا ضابط ولا ضامن لها.
البعض يجادل بأن ما يحدث هو «ثورة
ديمقراطية» تمت عبر الاحتجاجات
السلمية، وأنها معنية بقيم ومبادئ مثل
«الحرية»، و«الديمقراطية»، و«حقوق
الإنسان». بيد أن ثمة إشكالات حقيقية
تتعلق بما حدث؛ أبرزها أن
الديمقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان..
هي مفاهيم، وتطبيقات ليبرالية غربية،
وما نعرفه أن ثمة جدلا كبيرا في تفسير
أو تعريف هذه المفاهيم وتطبيقاتها في
المنطقة العربية. فهل تم تجاوز تلك
الاختلافات بعد ثورة الشباب؟ أو هل
سيتم تجاوز ذلك مستقبلا؟ هذا سؤال قد
لا نعرف الإجابة عنه إلا بعد مرور
سنوات. اللافت في ما يحدث هو موقف الإدارة
الأميركية المضطرب أمام زلزال الثورات
في المنطقة، فبعد موقف متردد قبيل هروب
الرئيس بن علي اتخذ الرئيس أوباما لهجة
صارمة بتوجيه الأمر إلى نظام الرئيس
السابق حسني مبارك بأن يرحل الآن، حيث
قال المتحدث باسم البيت الأبيض: «الآن
تعني الآن.. وليست سبتمبر (أيلول)».
الإدارة الأميركية كررت موقفا متحفظا
في ما يخص ليبيا، واليمن، والبحرين
محاولة الإمساك بالعصا من الوسط، فهي
تطلق تصريحات متشددة ضد تلك الأنظمة،
وفي الوقت ذاته تتحدث إليها عبر الهاتف
معبرة عن حرص الولايات المتحدة على
المصالح المشتركة. هناك تناقض تام في تصرفات هذه الإدارة،
ففي الوقت الذي تطالب فيه الرئيس مبارك
بالتنحي الفوري تراها تقوم بالضغط على
الرئيس محمود عباس لسحب مشروع إدانة
لاستمرار الاستيطان الإسرائيلي أيدته
قرابة 130 دولة، ولقد كان رد عباس صريحا
حين قال لوزيرة الخارجية الأميركية،
هيلاري كلينتون، بأنه غير مستعد لقرار
قد «يثير الشارع الفلسطيني» مهما بلغ
غضب الإدارة الأميركية لأن الشارع
أكثر خطورة. هذا ما لم تدركه الإدارة
الأميركية بعد! حين بدأت هذه الاحتجاجات كان أمام
الإدارة ثلاثة خيارات: إما إعلان
الحياد والقبول بالنتائج - كما دعا
لذلك كيسنجر - أو الوقوف إلى جانب هذا
النظام دون ذاك، أو محاولة الإمساك
بالعصا من الوسط عبر التلويح بالوقوف
إلى جانب المظاهرات مع الإبقاء على
قناة الاتصال مفتوحة مع النظام المهدد.
لقد قيل لأوباما بأنه لا يسعه الوقوف
إلى الجانب الخاسر في التاريخ، ولكن ما
لا تدركه الإدارة هو أنه ليس لها أي
جانب في هذا التاريخ. الحقيقة التي يجب أن تعيها الإدارة
الأميركية هي أن أميركا لا تستطيع
القيام بأي شيء بعد الآن، قوتها قد
انكشفت بشكل مفضوح حين سقط أحد أبرز
حلفائها دون أن تتمكن من فعل شيء، بل
لقد شاركت في رجمه. البعض في الإدارة
يجادل بأن ما يحدث هو عبارة عن صيرورة
تاريخية من «التدمير الخلاق»، وأن
الإدارة يجب أن تقبل بنتائج ما حدث.
حسنا، هذا الموقف بعينه كان موقف «المحافظين
الجدد» الذين كانوا يجادلون بأن
الطريقة الوحيدة للتغيير هي «تغيير
النظام» بالكامل (regime
change)، وهذا ما أشارت إليه
كوندوليزا رايس في مقالتها الأخيرة؛
حيث زايدت على إدارة الرئيس أوباما،
مدعية أن تلك السياسة هي بالضبط ما
كانت تسعى إليه إدارة الرئيس بوش الابن:
«تعلم الولايات المتحدة أن
الديمقراطية ستكون عملية طويلة، غير
مرتبة، ويسودها الاضطراب، وحتى الفوضى»
(ال«واشنطن بوست»، 16 فبراير/ شباط). إن محاولة رايس تصوير ما تقوم به الإدارة
الأميركية بوصفه وقوفا إلى جانب «الحرية»
فيه تسطيح لأبسط آليات التفكير. رايس،
وغيرها من المعلقين الأميركيين - بما
في ذلك الإدارة - متحمسون لما يجري
بوصفه مرحلة «ثورية» ترفع شعار «الحرية»،
ولكن أليسوا يدركون بأن جل «الثورات»
في التاريخ إنما خرج تحت شعار «الحرية»
ضد النظام القائم، ولكن السؤال الحيوي:
الحرية بأي معنى؟ وبأي ثمن؟ مشكلة الرئيس أوباما أنه طرح نفسه كرئيس «واقعي»
حين قال في خطاب تنصيبه إن أميركا لا
تريد أن تفرض أي نوع من أنواع الحكم،
وإن لكل شعب طريقته. بيد أن سياسته
اليوم تتفوق على كل جهد بذله «المحافظون
الجدد» لتحقيق مبدأ «التدمير الخلاق»،
وهو - للمفارقة - مبدأ ظهر لأول مرة في
كتابات ماركس وإنجلز عن الآثار السيئة
لليبرالية الرأسمالية في «المانيفستو
الشيوعي» (1848). حين تصاعدت المظاهرات والاضرابات
المناهضة للشاه، حاولت إدارة الرئيس
كارتر أن تغري الجيش الإيراني
بالانقلاب - في رحلة الجنرال هايزر
المعروفة - ولكنها فشلت، ثم رحبت بعد
ذلك بثورة «الحرية»، وواصلت البقاء ضد
نصيحة سفيرها الذي حذر من تمادى نفوذ
الخميني وتياره على مفاصل الدولة،
وبعدها بأشهر تم احتلال السفارة
الأميركية لمدة 444 يوما كانت مصدر
إذلال للرئيس الأميركي. لقد تكرر
السيناريو اليوم في الشرق الأوسط،
وسيذهب عشرات المثقفين والصحافيين
الأميركيين والغربيين والعرب - تماما
كما في 1979- للاحتفال بالثورة في الشرق
الأوسط التي حررت الناس من
الديكتاتورية، ولكن أمراض المنطقة لن
تزول بالضرورة بزوال بعض الأنظمة، «فخلف
كل قيصر (يهرب).. قيصر جديد»! الإدارة الأميركية تخلت عن واقعيتها،
وباتت تتغنى بالمثاليات السامية، هذا
أمر مشروع، فلا يعقل أن تساند أميركا
رجلا مثل العقيد معمر القذافي، ولكن
على الإدارة - أيضا - أن تكون مستعدة
لمواجهة فسيفساء الواقع الطائفي،
والديني، والاجتماعي، والاقتصادي،
الذي أضافت إليه القلاقل الأخيرة
المزيد من التعقيد باحتمال ظهور
حكومات شعبوية، ومهددة بحروب طائفية
وأهلية. أوباما يظن بأن «التدمير
الخلاق» بوسعه أن يتم دون أن يدفع
ثمنه، ولكن عاجلا أم آجلا سنرى النتيجة.
الإدارة أمام خيار شمشون، فهي حين تقف
مع الثورات يجب أن تدرك بأن مصالحها هي
الأخرى معرضة للانهيار. لقد هلل كارتر لثورات الحرية، ولكن
أسقطته أسعار النفط، وسيدرك أوباما أن
الأمن والاستقرار والتنمية في هذا
الجزء من العالم ليست بأقل أهمية من
حرية التعبير، وأن شعوب المنطقة ليست
بالضرورة ملزمة بمراعاة المصالح
الأميركية مكافأة على أسبوعين من دعم «الحرية»! يقول كينيث والتز، عالم السياسة الأميركي
الشهير: «الكثير من الناس لا يحبون
الواقعيين.. ولكنهم - أي الواقعيين -
يواجهون العالم كما هو. أما بقية الناس
فيريدون أن يكون العالم أجمل، والبشر
أفضل». ================== عثمان ميرغني الشرق الاوسط 23-2-2011 في كتابه الأخضر الذي يفلسف لنظريته
العالمية الثالثة، يقول العقيد معمر
القذافي: «إن الشخص الطبيعي حر في
التعبير عن نفسه حتى ولو تصرف بجنون
ليعبر عن أنه مجنون». لكن عندما خرج
الليبيون في كامل قواهم العقلية
يتظاهرون، ويقولون رأيهم في النظام،
مطالبين بالتغيير مثلما فعل جيرانهم
من الشرق ومن الغرب، لم يتذكر العقيد
القذافي نظريته، ولم يرد أن يقول لهم «لقد
سمعتكم»، ناهيك عن أن يقول لهم ما قاله
زين العابدين بن علي «لقد فهمتكم». لجأ
نظام القذافي إلى سلاح القمع الذي
استخدمه من قبل مرات ومرات بنجاح كبير،
ورد على شعبه بكتاب أحمر مكتوب بمداد
من دماء الليبيين، وبتهديدات ببحر من
الدماء. فالنظام المتآكل يستخدم عنفا
غير مسبوق لقمع احتجاجات الشعب متصديا
للمتظاهرين بالرشاشات والقذائف
المدفعية والقصف الجوي ليسقط مئات
القتلى وآلاف الجرحى خلال أيام قليلة.
بل إنه هدد بالمزيد من القتل على لسان
العقيد القذافي الذي خرج أمس في خطاب
متوتر بمونتاج سيئ بدت فيه بعض المقاطع
مبتورة، ليتوعد الليبيين بفلوجة داعيا
إلى قتل المحتجين الذين وصفهم
بالجرذان والمرتزقة، مشيرا إلى أن
الأميركيين لا يستطيعون الاحتجاج
لأنهم مسحوا بالفلوجة الأرض عندما
كانوا يلاحقون الزرقاوي. كما أشار إلى
ما فعلته الصين بالمتظاهرين، وإلى ما
وصفه بقصف روسيا لبرلمانها عندما
اعتصم فيه نواب. واعتبر العقيد أن ما
يحدث في بلاده هو من قبل مجموعات من
الشباب الذين قدم لهم البعض المخدرات
والنقود وأسكروهم ودفعوهم لمهاجمة
مقار الجيش والشرطة. وهيأ في خطابه
للمزيد من المذابح وخص بنغازي بهجوم
عنيف قائلا لأهلها «من أنتم»، بل إنه
بدا وكأنه يدعو إلى تقسيم البلاد
مخاطبا القبائل للتحرك وداعيا كل
منطقة إلى أخذ حصتها من النفط، قائلا
إنه لن يغادر ليبيا ولن يتنحى لأنه ليس
لديه منصب يتنحى منه. العقيد الذي طنطن كثيرا بنظرية ثورة
الشعوب وعصر الجماهير، سقط أمام
الأنظار وسقطت معه مجددا كل نظرياته
عندما وبخ التونسيين بغضب، لأنهم
ثاروا ضد نظام بن علي وقال إنه لو كان
تونسيا لاختار التمديد لابن علي رئيسا
مدى الحياة. وعندما انتقلت الثورة إلى
مصر أبدى انزعاجه منها ووقف ضدها. ومن
وقتها تأهب كما يبدو للانقضاض على أي
انتفاضة من شعبه، وجهز كما اتضح اليوم
مرتزقة أفارقة للتدخل ضد المتظاهرين
بالرصاص الحي. لذلك لم نر الشرطة
الليبية تتصدى للمتظاهرين بخراطيم
المياه، بل بوابل من الرصاص منذ الوهلة
الأولى، في سياسة واضحة لترويع الناس.
وكانت النتيجة هي ما سمعناه في شهادات
الليبيين الذين تحدثوا من الداخل عبر
الهاتف مع القنوات الفضائية في
الخارج، ونقلوا صورا مروعة وقصصا
مرعبة عن استخدام النظام لأقصى درجات
العنف في مواجهة المتظاهرين الثائرين،
وعن سقوط الشباب برصاص القناصين
والقذائف المدفعية من الموالين للنظام.
حتى مواكب المشيعين لضحايا القمع لم
تسلم من رصاص القناصة والمرتزقة الذين
جندهم النظام ضد شعبه. المجازر التي تحدث في ليبيا بحق الشعب
مروعة بكل المقاييس، والنظام الذي هرم
بعدما بقي جاثما على صدور الليبيين
أزيد من 41 عاما، استخدم خلالها كل
الأساليب للبقاء في السلطة، من اغتيال
المعارضين في الخارج إلى سحل
المتمردين في الداخل، وإعدام من سولت
لهم أنفسهم المجاهرة بمعارضتهم لنظام
العقيد أو مطالبته بالرحيل، يبدو
عازما على التشبث بالسلطة حتى آخر رمق
أو حتى آخر رجل وآخر امرأة على حد قول
سيف الإسلام القذافي. استغاثات
الليبيين الذين يواجهون المجازر التي
يقوم بها النظام، تواجه بصمت رسمي شبه
مطبق في العالم العربي، وبتذبدب وتردد
في عدد من المواقف الغربية وبالأخص من
واشنطن. هناك خلل في النظام العربي،
عندما تقف حكوماتنا متفرجة بينما يذبح
شعب بهذه الوحشية، علما بأن مثل هذه
المشاهد ترفع درجة حرارة الشعوب،
وتزيد من مشاعر الغضب الكامنة تحت
السطح. كما أن الأحداث المتتالية عرت
المجتمع الدولي ومعاييره المزدوجة.
فبعد أن ظل الغرب لسنوات يحاضرنا عن
نشر الديمقراطية في العالم العربي
واستخدمها ضمن التبريرات لحروبه، فإنه
عندما انطلقت شرارة الثورات الداعية
للتغيير، وارتفعت أصوات الشباب مطالبة
بالحرية والديمقراطية، بدت المواقف
الغربية مترددة ومضطربة في تأييد
ثورات الشباب وانتفاضات الشعوب. ملاحظة أخرى شدت انتباه الكثيرين في هذه
الأحداث، وهي أن كل نظام واجه انتفاضة
شعبية لجأ إلى ترديد الأسطوانة
المشروخة ذاتها وكأن أجهزة السلطة
تقرأ من كتاب واحد. فالنظام الليبي لجأ
إلى قطع خدمة الإنترنت والهواتف
الجوالة وهاجم القنوات الفضائية وتحدث
عن شبكة أجنبية مدربة لضرب استقرار
ليبيا، وهو ما سمعناه إبان ثورتي تونس
ومصر، وكأن الشعوب دمى لا تتحرك أو
تثور على تردي أحوالها، إلا إذا حركتها
أجندة أجنبية. وللمفارقة، فإن النظام
الليبي كان يقول هذا الكلام بينما
يستعين بمرتزقة أفارقة وينشر
الإعلانات لتجنيد المزيد منهم لقمع
شعبه. إنه مشهد الاستعانة بالبلطجية
لترويع الناس، يتكرر مجددا بشكل أكثر
شراسة بعدما شاهدناه بنسخ أخرى في
أحداث تونس ومصر واليمن. القمع في ليبيا تجاوز كل ما رأيناه حتى
الآن في الدول الأخرى التي طالها
الإعصار، والعارفون بأوضاع ليبيا
وتركيبتها يحذرون من حمام دم حقيقي قبل
أن ينحني النظام للعاصفة بشكل أو بآخر،
عاجلا أم آجلا. فالسلطة لا تدوم ولو
استمر الحاكم 41 عاما، والقمع لا يضمن
بقاء حكم حتى ولو نجح لبعض الوقت في
إسكات الناس. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |