ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
مجلس
الامن يخرج من العباءة الامريكية 2011-02-28 د.
حيدر رشيد العرب
اليوم استطاع
مجلس الامن وباصرار صيني كما يبدو ان
يخرج من تحت العباءة الامريكية التي
حاولت ان تكرر التجربة العراقية وتقوم
باحتلال ليبيا والوصول بها الى
التقسيم او الاقتتال العشائري. مثل
هذا التطور الخطير كان من الممكن ان
تصل اليه الامور, ولو حصل ذلك فان من
يتحمل المسؤولية هو نفسه الذي اوصل
الامور الى ما هي عليه الان من قصف
بالطائرات والمدفعية من تمسك بالسلطة
ولو كانت على مجرد (باب العزيزية) الذي
يتحصن به مع قواته الامنية. الشعب
الليبي اثبت انه ليس كما يدعي المدعون
بانه غير مؤهل لحكم نفسه او ان فراغا
سياسيا سيتحقق اذا ما سقط القذافي
الاجماع على الوحدة والتمسك بنبذ
العشائرية والايمان بطرابلس مدينة
وعاصمة تاريخية ومستقبلية لليبيا كله
كلام قيل على لسان كل من كان له رأي
واعلن عنه بوضوح تام كما اعلن الليبيون
عن اجماعهم على التخلص من القذافي
وابنائه ونظامه الغريب العجيب الذي لا
مثيل له في جميع انحاء العالم على مر
العصور. مجلس
الامن أقر تماما ما هو مطلوب للمساهمة
في حماية الشعب الليبي وإسقاط الطاغية
وهو تقديم المساعدات الانسانية للشعب
وضع المسؤولين عن المجازر والفساد من
السفر وتجميد اموالهم في الخارج التي
ربما تزيد على مليارات مبارك وخزانات
زين العابدين وزوجته, وعمليا فانه لم
تظهر حتى الآن الادوار الحقيقية
لافراد عائلة القذافي فكل ما ينشر في
الصحف والمواقع ويقال في الفضائيات ما
هو وإلا جزء يسير في واقع الحال الذي
سيكشف عنه المستقبل, فقاصات المبالغ
النقدية والمجوهرات التي اكتشفت من
تونس لم تكن معروفة لأحد من قبل. امريكا
فشلت في استصدار قرار من مجلس الامن
بالتدخل العسكري, في ليبيا تحت البند
السابع, والشعب الليبي ليس بحاجة الى
من يحرره من العقيد وهو قادر على ذلك,
وكل ما يحتاجه هو الدعم المعنوي اولا
وحماية المدنيين من القصف الجوي
ووحشية المرتزقة, وهذا الشعب يتطلع
لتحقيق طموحاته واهدافه من دون ان
يستبدل العقيد باستعمار آخر أشد فتكا
ووحشية واستغلالا لمقدراته وخيراته. مجلس
الامن الذي جاء قراره متوازنا, وان كان
متأخرا استطاع ان يتخلص من الهيمنة
الامريكية التي حاولت دفعه لمغامرة
جديدة لن يستفيد منها احد إلا امريكا
والشركات النفطية متعددة الجنسية. ======================= آخر
تحديث:الاثنين ,28/02/2011 عبدالله
السويجي الخليج منذ
العام 1991 والإعلام يلعب دوراً يوازي
دور الجيوش وأحياناً يفوقه، والإعلام
الأمريكي من خلال ال (سي .إن .إن)
تحديداً، (وهي المحطة التي مهدت لعصر
الفضائيات العربية)، أسقط بغداد قبل أن
تصلها المدرعات والدبابات والجنود
الأمريكيون، والإعلام أيضاً أسهم في
رحيل الرئيس التونسي السابق والرئيس
المصري السابق أيضاً، والإعلام يلعب
حالياً دوراً مؤثراً في الأزمة
الليبية . ومَن
يراقب بعض وسائل الإعلام، سيكتشف أنها
كانت تتعامل مع الانتفاضة الليبية
تعاملاً عادياً في بداياتها، ولكنها
فجأة كثفت من ساعات بثها ومساحات
تغطيتها، واتخذت موقفاً عدائياً من
النظام ومسانداً للانتفاضة، وفي غياب
المصادر الحقيقية المسؤولة، يتحول رجل
الشارع في ليبيا والمعارض في خارجها
إلى مصدر، ويتحول كلام الاثنين إلى (مانشيت)
يتصدر الأخبار، وهذا ما أدى إلى ارتباك
إعلامي مخيف، واضطراب في نقل المعلومة
. فالإشاعة تتحول إلى خبر تتناقله
وسائل الإعلام، والظنون تتحول إلى
حقائق أيضاً، والاحتمالات تتحول إلى
وقائع على الأرض . أذكر
أنني قرأت قصة مهمة قبل سنوات طويلة،
عن صحافية أمريكية كانت تتابع
البيانات الأمريكية بشأن غزو الولايات
المتحدة لفيتنام، وكانت ترصد عدد
القتلى والجرحى والأسرى الفيتناميين،
وبعد فترة كتبت مقالاً تسأل فيه
الحكومة الأمريكية: “ترى، مع من
تتحاربون، فبناء على بياناتكم، تحول
الشعب الفيتنامي كله إما إلى قتيل أو
جريح أو أسير” . وهذا ما حدث أيام نكسة
،1967 تلك الحرب التي انهزم فيها العرب،
وكانت نتيجتها ضياع ما تبقى من فلسطين،
حين احتل جيش العدو الصهيوني الضفة
الغربية التي كانت تحت السيطرة
الأردنية، واحتل قطاع غزة الذي كان تحت
السيطرة المصرية، إضافة إلى سيناء،
كما احتل هضبة الجولان الاستراتيجية
السورية، بينما كانت الإذاعات تفيد أن
الجيوش العربية تواصل تقدمها، وتقتل
وتأسر وتحرر، وفجأة عمت الفجيعة،
وتبيّن أن كل البيانات كانت كاذبة
ومضللة . الإعلام
الآن يلعب دوراً مشابهاً، الإعلام
الغربي والعربي، وفي ظل عدم الوضوح
والمصادر الموثوقة في ليبيا، تضطرب
وسائل الإعلام التي تلهث وراء الخبر،
والخبر بالنسبة للعديد من وسائل
الإعلام يتمثل في عدد الضحايا والقتلى
والجرحى، وبالنسبة للبعض يتمثل الخبر
في تراجع سلطة القذافي وسيطرة الثوار،
وكل وسيلة إعلامية تكتب عنوانها الخاص
بشأن عدد القتلى . ومن
جانب آخر، تتناقض وسائل الإعلام بشأن
عمليات خطرة، فحتى الآن، لم يعرف أحد
على سبيل المثال، إن كان الطيران
الحربي الليبي قد قصف المتظاهرين .
وقبل ثلاثة أيام، تحدى سيف الإسلام
القذافي (الذي لا نعرف حتى اللحظة
منصباً له في الدولة)، العالم أن يثبت
أن الطائرات الليبية قصفت أي مكان في
ليبيا، وحدد بعض المناطق أيضاً . ونحن
هنا لا نؤكد ولا ننفي، لأن الأمر ليس
سوى اجتهادات لمتصلين من هنا وهناك،
يتحدثون عن أخبار متناقضة، فمدينة
الزاوية مثلاً، مدينة سوقها الإعلام
بأنها تحت سيطرة الثوار، وبعد أيام،
نقرأ خبراً عن ظهور الجيش الليبي في
ساحاتها، وأنه استعاد السيطرة عليها،
وكذلك الأمر بالنسبة للعديد من
الأخبار، خبر يقول أن العاصمة الليبية
تشتعل بعشرات آلاف المتظاهرين، وخبر
بعد ساعات يقول من قلب طرابلس الغرب،
إن المدينة هادئة، وكلا الخبرين من
مصادر لا توالي القذافي . نحن لا
ندري الوضع الذي ستكون عليه ليبيا،
فالأيام حبلى بالشياطين والملائكة،
بالدمار والبناء، بأنظمة ترحل وأنظمة
أخرى تحل، وموضوعنا لا يتحدث عن مصير
القذافي أو الانتفاضة، ولكن عن
الاضطراب الذي تصنعه وسائل الإعلام في
عقول المتابعين، إلى درجة أن كثيرين
باتوا غير متابعين لما يجري من أحداث
على الساحة، فهم في ضباب وسراب، يأخذهم
خبر إلى الجهة السالبة وخبر آخر إلى
الجهة الموجبة، وبات الأمر مضحكاً
جداً حد البكاء . وهناك
أمر آخر تلجأ إليه وسائل الإعلام في
غياب المتحدثين من المفكرين من الوزن
الثقيل، فهي تلجأ إلى الشباب الصغار
الذين لا يمتلكون رؤية سياسية ناضجة
بعد، وتقيم لهم ندوات يحللون فيها
الأوضاع ويطلقون أحكاماً وأمنيات
وطموحات، وتتحول أحاديثهم بعد ذلك إلى
تصريحات . ومَن يراقب المحطات
التلفزيونية الفضائية سيلاحظ غياب
المعلقين المفكرين السياسيين بشأن
الوضع في ليبيا، ويحتل الفضائيات واحد
أو اثنان . خلال
الأزمة المصرية، كنا نشاهد كبار
المثقفين يقومون بالتحليل وتفصيل ما
يحدث، وكانت الصورة أوضح بكثير مما
عليه الآن . التريث
في قراءة المشهد موقف حكيم، ليس شكاً
بمطالب الشباب، وليس ضداً في التغيير،
ولكن بسبب الصمت الشنيع والمريب من قبل
العالم، الذي لم يقل أحد، ومن أي موقع
مسؤولية، كلمة واضحة حتى الآن،
فالمواقف الأمريكية والأوروبية
والغربية والشرقية غير واضحة، والموقف
العربي أيضاً لم يكن واضحاً، على الرغم
من اجتماع الجامعة العربية على مستوى
السفراء، لا أحد يطالب بنقل السلطة (الآن)،
كما كانت تلح هيلاري كلينتون كل ساعة
تقريباً خلال الأزمة المصرية،
ويتحدثون فقط عن عقوبات، ومصادرة
أموال وحسابات، والسماح بلجان تحقيق
دولية، وإسقاط عضوية ليبيا من منظمة
حقوق الإنسان، وغيرها من الإجراءات
التي تشي بمدلولات كثيرة، والإعلام
ينقل هذه الأمور نقلاً حرفياً، ولم
يتطرقص إلى الموقف الأمريكي والأوروبي
حتى الآن، وعن تردده في إعلان موقف حاد
وصريح . الإعلام
سيف بتار في عصرنا، بمقدوره إسقاط
حكومات وإعلاء أخرى، والموضوعية غائبة
فهناك إعلام غير موضوعي، ومنحاز حتى
النخاع، والضحية هو المتابع، الذي
تأخذه موجة أخبار وتعيده أخرى، حتى بات
رأسه مثل رادار . ======================= آخر
تحديث:الاثنين ,28/02/2011 عبد
الاله بلقزيز الخليج ينبهنا
الموقف الإيجابي للمؤسسة العسكرية من
عملية التغيير الثوري في تونس ومصر إلى
نظرة جديدة لهذه المؤسسة إلى نفسها
وإلى دورها في النظام الاجتماعي وفي
كيان الدولة . إذا كان من تحصيل الحاصل
أنها تدرك هذا الدور جيداً في مستواه
السيادي والأمني العام لكيان الدولة
بما هي المؤسسة الحارسة للسيادة
والاستقلال والأمن الوطني، فإن ما
يقبل أن يُحْسَبَ جديداً هو أثر ذلك
الإدراك في نظرتها إلى المجتمع الوطني
وإلى علاقة المجتمع بالدولة، وموقع
السلطة السياسية في هذه العلاقة، هنا
نحسب أن جديداً طرأ في مفاهيم العسكرية
العربية لعلاقة كانت ملتبسة، أو كانت
المصالح تجعلها تبدو كذلك في ما مضى،
وهو طرأ على النحو الإيجابي الذي يحفظ
للمؤسسة العسكرية معناها وموقعها
الصحيحين . والحق
أن ما نعده جديداً في موقف هذه
المؤسسة، خاصة في مصر وتونس ولبنان،
إنما هو في حقيقة أمره ليس أكثر من
التزامها تكليفها الدستوري كمؤسسة من
مؤسسات السيادة، وقد يكون حصل التباس
مقصود في معنى السيادة كان الجيش، مثل
الشعب، من ضحاياه خلال فترة الاستبداد
الطويلة التي تعرضت فيها السياسة
للتحريف والحقوق والحريات للهدر
والانتهاك . فلقد
قصد دائماً أن تقرن السيادة برئيس
الدولة وتختزل فيه، والحال إن مؤسسة
رئاسة الدولة ليست أكثر من واحدة من
مؤسسات السيادة، حتى ولو كان هو- في
التعيين الدستوري - القائد الأعلى
للقوات المسلحة والممثل الرسمي للدولة
في نظر القانون الدولي . السيادة كما
يقول جان جاك روسو، وكما هي في الفلسفة
السياسية الحديثة وفي الفقه الدستوري
المعاصر، لا تقبل التجزئة وإن كانت
تقبل التوزيع على مؤسسات تمثلها بحصص
متفاوتة ومختلفة الحجوم من نظام الى
آخر . فلا معنى، إذاً، لمثل ذلك
الاختزال الذي ظل يغمط الجيش، كما
الشعب، حقوقه . من
النافل القول إن صاحب السيادة، في نظام
الدولة الحديثة، هو الشعب على ما تنص
على ذلك دساتيرها التي تردد المادة
المفتاحية التي تقول إن “الشعب مصدر
السلطة”، وليس لموقع أو منصب في
الدولة أن يصادر من الشعب هذه السيادة
التي له، والتي هي مبدأ قيام الدولة
كتعبير مؤسسي عنها . على أن الشعب
السيد، أو المالك الأول للسيادة، لا
يمارس السلطة مباشرة (* ماخلا في الوهم
“الجماهيروي” الليبي)، وإنما يختار
من يمارسها باسمه ممن ينوبون منابه في
التشريع والرقابة على السلطة السياسية
التنفيذية، ويمثل هذا التفويض منه
لذلك الجسم السياسي التمثيلي جزءاً من
ممارسته السيادة، وهو بهذا المقتضى،
يملك أن يمنح السلطة إلى من شاء وأن
ينزعها ممن شاء لأنه - ببساطة - مصدر
السلطة . ما
موقع الجيش في هذه الهندسة الكيانية
للدولة الحديثة؟ الجيش
نظرياً هو الشعب، تماماً مثلما نقول إن
البرلمان هو الشعب، لأن من مقتضيات
سيادة الشعب وممارسة هذه السيادة أن
يحافظ الشعب على سيادته وأمنه الذي قد
تتهدده أخطار من الخارج . على أن الشعب
الذي لا يستطيع كله أن يمارس السلطة
مباشرة فيكل أمرها إلى جسم سياسي نائب،
كذلك لا يستطيع كله أن يتفرغ ليحفظ
السيادة وحماية الأمن القومي فيكل أمر
القيام بذلك - نيابة عنه - إلى جسم مؤسسي
هو الجيش . على أن
بعض الالتباس يبدأ من هنا، أن يحمي
الجيش سيادة الدولة وأمنها الخارجي
أمر في غاية الوضوح، وقد يختصره القول
إنه مؤتمن على صون استقلال الدولة
والوطن وترابهما، وأن يحمي أمن الدولة
القومي يعني، في جزء آخر منه أيضاً،
حماية استقرارها بما هي الكيان
المؤسسي المعبر عن سيادة الشعب
والإرادة العامة . غير أن عبارة “حماية
الاستقرار” تحمل على أكثر من وجه في
صراعات السياسة . فالنخب الحاكمة، خاصة
في المجتمعات غير الديمقراطية، لا
تفهم منها سوى أن على الجيش أن يتدخل
لحماية استقرار نظام سياسي تهددته
ثورة اجتماعية، أي تهددته حركة
اجتماعية من خارج المؤسسات “الشرعية”
. أما عند الشعب والمعارضة، فالعبارة
تعني أن على الجيش أن يحمي استقرار
الدولة لا النظام، وأن يتدخل حين تصادر
السلطة من الشعب أو حين يقع الانقضاض
الأوتوقراطي أو الأوليغارشي على
النظام الديمقراطي . لا
يمكن إدراك وجاهة رواية الشعب
والمعارضة لمعنى حماية الجيش للدولة
والشرعية إلا متى أخذنا في الحسبان أن
مؤسسة الجيش، كمؤسسة من مؤسسات
السيادة، نصاب في الدولة مستقل عن حركة
الصراع الاجتماعي الداخلي ومحايد
إزاءها . إنها ليست جهازاً في يد السلطة
الحاكمة إلا في الحالة التي يتعرض فيها
الوطن وكيان الدولة إلى تهديد أو خطر
خارجي يمس الأمن القومي والسيادة
والاستقلال . وهي في هذه الحال جهاز في
يد الشعب أيضاً، بل أساساً . أما في ما
غير تلك من الحالات، في حال الصراع بين
الشعب والسلطة، بين النخب المعارضة
والنخب الحاكمة، مثلاً، فلا مجال
لانحياز الجيش إلى فريق لأن في مثل ذلك
الانحياز مساً بوظيفة المؤسسة
العسكرية . وقد تكون الحال الوحيدة
لتدخله في الصراع الداخلي هي التي يقع
فيها اعتداء على الدستور كتعبير عن
الإرادة العامة أو على الشرعية
الشعبية باسم الشرعية الدستورية . وقد
يكون التدخل هنا مباشراً بإزاحة
النخبة الحاكمة المنتهكة للشرعية
وتسليم السلطة للمدنيين من طريق تنظيم
انتخابات حرة، على مثال ما حصل في
سودان الانتفاضة على نظام جعفر نميري،
كما قد يكون تدخلاً غير مباشر من طريق
حماية الثورة، أو عدم الصدام معها على
الأقل، على مثال ما حصل في الثورتين
التونسية والمصرية . على أن
الذي يدعو إلى الارتياح الكبير، ونحن
في غمرة هذا الشتاء الثوري العربي الذي
يوشك أن يمتد زمناً فيصير ربيعاً
ثورياً، أن الوعي الحاد بالفارق بين
الدولة والنظام السياسي لدى العسكرية
العربية - وهو تحول استراتيجي في
تاريخها المعاصر - لا يضارعه في القيمة
سوى الوعي النظير بالفارق بينهما لدى
الشعب . هكذا شهدنا عزوفاً شعبياً، في
ثورتي تونس ومصر، عن الصدام مع الجيش
أو الاحتكاك به ليس في حقيقته أكثر من
إدراك لديه بأن الثورة لا تقارع الدولة
وإنما تقارع النظام الحاكم . ======================= المصدر:
صحيفة «ريا نوفوستي» الروسية التاريخ:
28 فبراير 2011 البيان بعد
الهجمات التي هزت أميركا في 11 سبتمبر 2001،
حاولت الولايات المتحدة جعل مكافحة «الإرهاب
الدولي» محور السياسة العالمية. وكان
من شأن هذا الخطر أن يحل محل التهديد
السوفييتي المتلاشي، ويعيد هيكلة
المنظومة العالمية بأكملها. بدا في
البداية أن الأمور تسير على ما يرام،
إذ ضم التحالف «المناهض للإرهاب» الذي
تم تشكيله لإسقاط نظام «طالبان» في
أفغانستان، نصف العالم تقريباً. ولكن
الأمر شهد تباطؤاً فيما بعد. كان
التناقض يتمثل في أنه كان من المقرر
أصلاً أن تقوم الحملة كاملة على أساس
الأعمال المشتركة، ولكن الولايات
المتحدة استخدمتها أيضاً كوسيلة لضمان
هيمنتها العالمية، أي إرغام القوى
الأخرى على السير في مجرى التحركات
الأميركية. إلا أن
الأمر لا يقتصر على رد الفعل على سياسة
واشنطن، حيث سرعان ما ظهرت شكوك في
وجود ظاهرة «الإرهاب الدولي» من حيث
المبدأ. إن
الإرهاب الحديث يجمع بين أسباب محلية
بحتة لظهوره وتفاعلاته وتأثيراته
الدولية، وهو في الواقع عبارة عن مجموع
القوى والحركات، التي أغلبها انفصالية
أو قومية متعصبة. وتعد كل قوة منها،
سواء في روسيا أو إندونيسيا أو السودان
أو فلسطين أو أفغانستان أو الصين أو
الهند أو تركيا أو اليمن، في مواجهة مع
حكومة معينة من أجل تقرير المصير أو
تغيير النظام الاجتماعي والسياسي. وفي
مثل هذه الظروف تعتبر محاولة جعل
مكافحة الإرهاب الدولي محور السياسة
العالمية، مشروعاً محكوماً عليه
بالفشل. أولاً، لأن التعريف العام
ينقصه مضمون واضح، ويبقى تفسيره من
اختصاص الساسة. ولا يثير الدهشة أن
السلطات في دول مختلفة حاولت استغلال
الوضع لتحقيق مصالحها الخاصة، لنتذكر
هنا إجراءات منح المزيد من الصلاحيات
للأجهزة الخاصة الأميركية، أو قرار
إلغاء انتخابات المحافظين في روسيا
بذريعة مكافحة الإرهاب. ثانياً،
لا يتم توحيد الجهود على أرض الواقع،
حيث تحلف كل دولة بولائها للتحالف
المناهض للإرهاب، وتعد بدعمه والتعاون
معه، ولكن في حقيقة الأمر فإن كل دولة
تقصد بذلك شيئاً مختلفاً. فالإرهاب
الذي تتحدث عنه واشنطن ليس هو الإرهاب
الذي تعنيه موسكو أو بكين، بل أحياناً
يكون ما تعتبره موسكو إرهاباً، هو في
نظر واشنطن نضال وحركات تحرر واستقلال.
ونتيجة لذلك تتحول مكافحة الإرهاب إلى
شعار فارغ أو حتى مصدر للاستياء
المتبادل، حيث يصعب تفادي انتهاج
سياسة المعايير المزدوجة. ثالثاً، تعد
الوصفات العامة أمراً مستحيلاً، حيث
يجب التعامل مع كل حالة على حدة، وفق
الظروف الخاصة لكل مكان وزمان، ويجب
استئصال الجذور المحلية الشائعة
والمعروفة لكل حالة. ولكن
يبقى سؤال مهم ومحير، وهو؛ ماذا نفعل
بعد، عندما يتحول العدو إلى شبح غير
مرئي، مما يزيده خطورة؟ لا يوجد لدى
الحكومات رد على هذا السؤال. يتلاشى
وهم التسوية بسرعة بعد استخدام القوة،
حيث يتجلى أن الحرب «غير المنتظمة» قد
تستمر بلا نهاية، فيما ستزيد رغبة «الانتقام»
أعداد صفوف جيوش العدو. إن
إزالة الأسباب المولدة للإرهاب تقتضي
عملاً شاملاً على مدى طويل، دون ضمان
نجاح ودون الإسراع في طلب الإنجاز.
ولقد أدركت الولايات المتحدة ذلك في
العراق وأفغانستان، وأدركته روسيا في
القوقاز. ويعد الأمر أسهل بالنسبة
للولايات المتحدة التي قد تنسحب
ببساطة من البلدين في أسوأ الأحوال.
ولكن روسيا لن تتخلص من القوقاز،
وستضطر مجدداً للبحث عن التوازن بين
القمع والتنمية. ======================= د.
بثينة شعبان الرأي
العام 28-2-2011 لقد
لفت نظري الاختلاف الشاسع بين ردود بعض
القراء من المنطقة العربية على مقالتي
السابقة «الشعب يريد اسقاط الدعم
الأميركي للاستيطان» وبين ردود
القرّاء الغربيّين على المقالة نفسها
المنشورة بالإنكليزيّة في جريدة «Gulf
News». ففي الوقت الذي
اتسمت بعض تلك الردود العربيّة
بالانفعاليّة المفرطة، أو انفلات
مشاعر الكراهيّة، أو الانغلاق
الطائفيّ، أو المواقف المسبقة الصنع،
وتأزمت في إلقاء التهم جزافاً، أثنى
القرّاء الغربيّون على كشفي النقاب عن
النفاق الرسميّ الغربيّ، وتعاطفوا مع
كفاح الشعب الفلسطينيّ المحروم منذ
أكثر من ستة عقود من الحريّة والكرامة
والعدالة التي تطالب بها الجماهير
العربيّة من حكامها في وثبتها اليوم،
وأعتَذَرَ بعضهم عن جهل حكامهم
بالوقائع على الأرض، وانحياز البعض
الآخر للوبي الصهيوني الذي يضبط إيقاع
المواقف الغربيّة الرسميّة من
الاستبداد الرسميّ العربيّ وفق
المصالح الصهيونيّة، ونفوذها في
الولايات المتحدة. إنّ ما
يجري في عالمنا العربيّ اليوم هو بداية
تاريخ عربيّ جديد تكتبه، ولله الحمد،
الملايين من جماهيرنا بمداد دمائها
وكفاحها السلميّ، وليس بالدبابات
الأميركيّة والانقلابات التآمريّة،
وتقوم الجماهير بانتفاضاتها العفويّة
المسالمة بدفن أنظمة المومياءات إلى
غير رجعة إن شاء الله، فكفانا زمن
الإحباط والترهّل واليأس الممتدّ منذ
استيلاء الطغاة انظمة الاستبداد
العربيّة، قديمها وحديثها، من نظام
نيرون روما أو من نظام ستالين وأمثالهم.
وقد راهنتُ، كغيري من المثقفين
والكتّاب العرب، قديمنا وحديثنا، في
كل ما كتبناه على أصالة قيم الحريّة
والكرامة والعدالة لدى شعبنا العربيّ،
وعلى حيويّة هذا الشعب، وحتميّة رفضه
لأساليب الذلّ والهوان التي تفرضها
أجهزة قمعيّة يُنفَق على تجهيزها
بأحدث معدات القمع المستوردة من
الغرب، وبأكثر مما يُنفَق على التعليم
والجامعات، ولذلك أرفض إيحاء البعض من
كتّاب هذه الردود وكأنني لم أكتب عن
أنظمة لا تمثّل تطلعات وإرادة شعوبها،
وتتصرّف بمواردها ومقدراتها كأنها
ملكيّة خاصّة لهؤلاء، كما نرى اليوم من
تبديد الثروات العربية بالمليارات في
البنوك الأجنبيّة من قِبَل الطغاة
وأولادهم وزوجاتهم وأقاربهم فيما
يُذلّ الشباب العربيّ بالفقر،
وبالبطالة في بلادهم أو يموتون غرقاً
في البحار البعيدة وهم يهاجرون طلباً
للرزق! بالتأكيد إن الأمور في غاية
التعقيد والالتباس على البعض، وإذا
كنّا نريد أن نكون مساهمين في صناعة
مستقبل عربيّ زاهر بالحرية والكرامة
نتطلع إليه منذ قرون، ونعمل من أجله
منذ عقود جيلاً بعد جيل، فلا بدّ أن
نتبنّى أسلوباً حضارياً في الحوار
بعيداً عن القوالب الجامدة، ولابدّ أن
يكون الحوار شفّافاً حول اولويات
شعوبنا، والسبل الحقيقيّة الكفيلة
بتحقيق هذه الأولويات بأقلّ الخسائر
الممكنة، وبأنجع السبل المتاحة. لذلك
لا يجوز خلط الغث بالسمين، ومساواة
المجرم بالضحيّة، والسارق بالغانم،
والمتمسّك بجذوره بالبائع لها. لا شكّ
أنّ هناك عوامل مشتركة بين أبناء الشعب
العربيّ في مختلف بلدانه ولكنها لا تصل
إلى حدّ التطابق، ولذلك لابدّ من
الاحتفاء بالعناصر المشتركة بين ابناء
لغة الضاد اليوم، وثوراتهم الحاليّة،
وانتقالها من بلد إلى آخر، والتي تؤكد
على وحدة الأمّة العربيّة وقضاياها.
فالكفاح من أجل حياة حرّة وعزيزة
ومستقلّة من الاضطهاد الأجنبي يترجمه
اليوم ملايين الشباب بالكفاح ضدّ
الفساد والبطالة، والفقر والاستبداد،
ولا يجب مساواة من دافع دائماً عن
عروبة قضايانا، ودَفَعَ ثمناً باهظاً
من أجل مواقفه بمن تلقى المكافآت
والمعونات من أعداء أمته على مواقفه
التي فرّطت بالحقّ العربيّ، وأعلنت
اصطفافها مع أعداء الأمّة خوفاً أو
طمعاً أو ضيق أفق! ومن يستطيع أن يدعي
بأن الملايين الثائرة اليوم قد نست
الكفاح العربيّ لتحرير شعب فلسطين في
خضمّ كفاحها من أجل تحرير أنظمتها من
الجمود والفساد والاستبداد. ربما
الطغاة في إسرائيل وحلفاءهم الغربيون
يتمنون ذلك، فدعهم في أمنياتهم يعمهون! لا
خلاف أنّ للشعوب العربيّة كافّة
طموحات، وآمال، ومآخذ، وانتقادات،
وتطلعات مشتركة، ومتماثلة، ومتداخلة
يسعى الجميع إلى تحقيقها كلٍّ بطريقته
الخاصة... ولا شكّ أنّ هناك قنوات
متنوعة تزداد عدداً واتساعاً كي
يتواصل الجميع، ويتوصل إلى وحدة
الرؤية حول المطالب والطموحات العاجلة
وكيفيّة تحقيقها بأكفأ وأسرع الطرق
والوسائل الممكنة. لا أحد يتحدث هنا عن
جمهورية أفلاطون أو عن الكمال في أي
شيء، فالكمال لله وحده عزّوجلّ ولكن
المهم اليوم هو مشاركة الجميع في
التعبير عن الرأيّ، والمساهمة في
الحكم، وفي إدارة شؤون البلاد، وتحقيق
مصالح الجماهير. وهناك العديد من الطرق
لفعل ذلك، وليس الحديث عنها في وسائل
الإعلام هو الطريق الأوحد، وآليات
العمل متاحة أو يجب أن تُتاح إن لم تكن
كذلك. كان
يمكن للأنظمة البائدة أن تصلح ذاتها من
داخلها وتدريجيّاً، كما حدث الاصلاح
والتطور السياسي في الدول
الديموقراطيّة نفسها، ولكن بعض
الحكّام أخذتهم العزة بالاستبداد كما
رأينا، فتعالوا على إرادة جماهيرهم،
وابتعدوا عن طموحات شعوبهم، واصطنعوا
لأنفسهم موقع الآلهة اليونانيّة،
فكانوا أنفسهم وشعوبهم يظلمون، وبسبب
تعنّت الطغاة وإغلاقهم منافذ الإصلاح
علت أصوات الجماهير في شوارع تونس
ومصر، وغيرها من مدن العرب الأخرى،
ليصبح اليوم التظاهر الأسلوب السائد
لدفع النظام السياسيّ إلى التغيير
ونقله إلى القرن الواحد والعشرين،
ولكن ذلك يجب الا يعني هدم المؤسسات،
أو تدمير المنجزات، أو سفك الدماء، أو
العودة للاقصاء والعزل والقمع، ولذلك
نرى أنّ من يكمل عن الجماهير التونسيّة
والمصريّة طريق التغيير هي الكوادر
الوطنية التي تعمل في مؤسسات الدولة
العسكريّة والمدنيّة فهم أيضاً لهم
المصلحة، والإرادة، والرؤى نفسها على
استكمال التغير المطلوب تلبية لمصلحة
بلدهم وشعبهم. نشهد
اليوم إذاً البداية الحقيقيّة لانتقال
العرب إلى العالم المعاصر. وكي يحترم
الجميع دماء الشهداء، وعطاءات
المناضلين علينا جميعاً الإقرار أنّ
أساليب تبادل التخوين، والمزايدات،
والانغلاق داخل أقبيّة الفتنة،
النقمة، والانتقام، أو اتّباع الأسلوب
الشموليّ الذي أطلقه جورج بوش الابن في
التعامل السياسيّ: «من ليس معنا فهو
ضدّنا» هذه أساليب غير صالحة للتعامل
مع وقائع التغيير الجارية اليوم،
فالجماهير الثائرة نراها تبحث عن
الأرضيّة المشتركة مع إدارتها، وهي
ليست في وارد سياسات وأساليب الإقصاء
والتخوين والعزل والمنع، وتباشير
الغدّ المزدهر تبدو من تبنّي الثوّار
ثقافة الجماعة التي تستطيع أن تختلف
وتتفاهم وتعمل في آن واحد على تحقيق
الإنجاز الأكبر في نشر الحرية وسيادة
القانون، وهي التي تتخذ من أنّ «الاختلاف
من طبيعة الأمور» أسلوباً للحكم. إننا
أبناء شعب طيّب وضع نفسه دائماً في قلب
العروبة التي خصّها الله سبحانه
وتعالى في القرآن الكريم بموقع خير
الأمم بالقيم والأخلاق والوسطيّة،
وإنّ الاعتزاز بهذه العروبة وبدينها،
وتاريخها، وثقافتها، وحضارتها،
ولغتها، ووحدة مصير ودماء أبنائها
يتعزّز اليوم. ولا أعتقد أنّ جماهير
منتفضة من أجلّ الحريّة ستخلط بين
مواقف مشرّفة مقاومة للاحتلال
الأجنبيّ والظلم الإسرائيليّ مع مواقف
حكّام أضعفوا شوكة العرب بالانقسام،
وأودوا بقوة أمتهم بالتناحر، وشقّوا
كلمة العرب بالاصطفاف مع العدوّ. الحديث
في القضايا الكبرى يتناولها الكتّاب
في مقالاتهم وفق الأولويات التي
يرونها في لحظة الكتابة، وهو لا يمكن
أن يكون تهمة، فكل قضايا العرب هامّة
وملحّة لا يستقيم الحقّ من دونها. إن
الذين يساوون بين مقاومة للهيمنة
الإسرائيليّة مع من عمل على الإجهاز
على المقاومة عليهم أن يتوقفوا
ويتساءلوا إلى أين هم ماضون قبل أن
يستسهلّوا توزيع التهم يميناً وشمالاً
بما لا علم لهم به. وإذا كانوا يعتبرون
أنفسهم من دعاة الزمن المقبل،
والمستقبل الحرّ، فعليهم أن يغيّروا
ما بأنفسهم أولاً، وأن ينظروا إلى ما
يحدث ويعوا ما يرون وينظرون، وأن
يسمعوا صوت الجماهير ويدركوا ما
يسمعون، والا يستسهلوا إعطاء أنفسهم
الحقّ بالطغيان على الآخر، أو
الاستبداد بالرأي، أو بإطلاق الأحكام
المسبقة الصنع على من يدافع عن أيّ من
قضايا أمته، فالزمن المقبل هو زمن
ديموقراطي ترفرف عليه رايات الحريّة
والكرامة للجميع، ولكننا سوف لن ننسى
أن لنا شعباً يرزح تحت الاحتلال
الأجنبيّ في فلسطين، وأنّ داعميّ
الاحتلال والاستيطان والقمع
الإسرائيليّ هم أنظمة «ديموقراطيّة»
غربيّة ستظلّ متوجسّة من
الديموقراطيّة العربيّة، وستحاول بكل
جهودها حرفها عن دعم الكفاح
الفلسطينيّ من أجل الحريّة
والديموقراطيّة والاستقلال. ======================= سوريا..
رياح التغيير تهب حتى من الشمال إسماعيل
ياشا 27/2/2011 المصدر:
المصريون المختصر
- كانت الأنظار متجهة إلى شوارع سوريا
يوم الخامس من الشهر الجاري، تترقب
نزول الشباب الغاضبين إلى شوارع دمشق
وحلب وحماة وحمص وغيرها من المدن
السورية كما فعل قبلهم شباب تونس ومصر
لإسقاط النظام الديكتاتوري في بلادهم،
وخاصة بعد الحملة الإلكترونية التي
دعت السوريين للمشاركة في يوم الغضب
السوري. ولكن
لم يحدث شيء من هذا القبيل.. ولا أدري ما
إذا كان ضعف المعارضة السورية في
الداخل وصلابة قبضة النظام وأجهزته
الأمنية وراء هذا الفشل أو أن هناك
أحدا أوعز للمعارضة بإلغاء المظاهرات
أو تأجيلها حتى لا تعكر فرحة زيارة
رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان
لسوريا لتدشين سد الصداقة على نهر
العاصي بين البلدين؟ المؤكد
في الأمر أن رسالة أردوغان لمبارك
بالاستجابة لمطالب شعبه وطموحاته كانت
موجهة أيضا إلى رئيس الجارة وأن
أردوغان سبق وأن طالب الأسد بالمصالحة
مع الإخوان المسلمين، وأن تركيا سمحت
للجماعة بعقد مؤتمر مجلس الشورى لها في
إسطنبول وأن منظمات المجمع المدني
التركية متعاطفة مع الشعب السوري
المغلوب على أمره. وعلى
سبيل المثال، تناشد جمعية "مظلوم-در"
لحقوق الإنسان، في تقريرها عن
انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا للعام
الماضي، المسئولين السوريين إلغاء
القوانين التي تتناقض مع حقوق
الإنسان، بما في ذلك القانون رقم 49
لعام 1980، الذي يحكم بالإعدام على مجرد
الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين،
وفتح أبواب السجون والمعتقلات أمام
مراقبي منظمات حقوق الإنسان، والكشف
للرأي العام عن مصير آلاف المفقودين في
السجون السورية، وضمان الحقوق
الأساسية للأكراد وحل مشكلة المواطَنة
لهم، ووقف كل أشكال التمييز العرقي
والمذهبي. وهذه الجمعية المؤثرة في
الساحة التركية نظمت مظاهرة أمام
القنصلية السورية بإسطنبول في ذكرى
مجزرة حماة وجددت مناشدتها للنظام
السوري. القضية
الكردية هي الأخرى تدفع الحكومة
التركية للضغط على النظام السوري
للانفتاح على الأكراد والإصلاحات في
مجال حقوق الإنسان والمواطنة، لتحل
مشكلة حزب العمال الكردستاني الذي
يحارب الجيش التركي منذ ثمانينات
القرن الماضي، لأن تقريبا نصف عناصر
حزب العمال الكردستاني هم من أكراد
سوريا. فأي برنامج لحل هذه المشكلة
سلميا في إطار الانفتاح على الأكراد
لابد وأن يشمل عودة هؤلاء إلى بلادهم
مع انفتاح مماثل في الجانب السوري. رئيس
الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أكد
للصحفيين في طريق عودته من سوريا أن
القيادة السورية تدرس حاليا النموذج
التركي وأن الرئيس السوري بشار الأسد
طلب منه برنامج عمل حزب العدالة
والتنمية كما طلب أن يتدرب عناصر حزب
البعث في صفوف الحزب الحاكم في تركيا.
وفي رأي أردوغان، كل هذه مؤشرات تشير
إلى أن القيادة السورية تحمل نوايا
حسنة للتقدم نحو الديمقراطية وتغيير
النظام. الكاتب
حاكان آلبايراك كان أحد هؤلاء
الصحفيين الذين شاركوا في زيارة
أردوغان لسوريا. وناشد آلبيراك في
مقاله المنشور بصحيفة "يني شفق"
المقربة من الحكومة التركية، الرئيس
السوري بشار الأسد أن يقوم بتحويل هذه
النوايا الحسنة إلى الأفعال وتسريع
الخطوات نحو الإصلاح دون أن يتستر وراء
معارضة البيروقراطية، وأن يحيل قادة
المخابرات وحزب البعث المعارضين
للإصلاحات إلى التقاعد. ودعا الرئيس
السوري إلى تقديم الاعتذار الرسمي
للشعب السوري عن الضحايا الأبرياء
الذين سقطوا خلال أحداث حماة، وإلى أن
يتصالح مع الإخوان المسلمين. رياح
التغيير تهب على سوريا كما هبت على
تونس ومصر.. ولكن هناك رياح أخرى تهب
على سوريا من الشمال حيث الجارة
التركية، لأن الأتراك لن يرضوا أن يصب
تعزيز العلاقات التركية – السورية في
مصلحة النظام القمعي على حساب الشعب
السوري. ================== عولمات
القوة العسكرية.. وعولمات الشرعية
الدولية المستقبل
- الاثنين 28 شباط 2011 العدد
3925 - رأي و فكر - صفحة 19 مراجعة:
عبد الزهرة الركابي [
الكتاب: الهوية الثقافية بين العالمية
والعولمة [
الكاتب: د. عفيف بهنسي [
الناشر: دار التوزيع السورية، دمشق 2010 في
كتابه (الهوية الثقافية بين العالمية
والعولمة) خاض المؤلف د. عفيف بهنسي في
بحر من التساؤلات التي طرحها وأجاب
عليها في الوقت نفسه وهو يرى ان
العالمية هي التي يجب أن تسود بين شعوب
العالم، كمقياس عادل للتكافؤ بين دول
ومناطق العالم، وهو بطرحه هذا يدعو الى
اتباع القانون الدولي الذي هو قانون
الحوار بين الذاتيات المتفاعلة في
العالم وليس هو قانون الصراع، ولا يخفي
المؤلف انتقاداته للغرب وأميركا عن
نظرية الصراعات وعن العولمة التي يطرح
العالمية بديلاً لها حيث يقول، وعندما
نتحدث عن حوار الجهات تحت عنوان صراع
الحضارات فإن هذا الحديث يقع خارج
القانون العالمي الذي يحاول النظام
العالمي الجديد أن يؤوله تأويلاً
استعمارياً عندما يتحدث عن العولمة،
وعن نظام التجارة الحرة، وعن نهاية
التاريخ وصراع الحضارات، وهي مقولات
خبيثة تصل بنا الى القناعة الكارهة من
أن الحركة الجدلية بين القوي والضعيف،
بين المركز والمحيط انتهت الى هيمنة
قطبية واحدة على المحيط الذي فقد جميع
مقومات وجوده. والكتاب
يتبنى أسلوب ومنهج الحوار لتأسيس نظام
عالمي متوازن وعادل في شتى الجوانب
الحياتية، ويؤكد المؤلف في أكثر من فصل
ومحور على أن الموضوع الأساس الذي تقوم
عليه محاور الكتاب هو حوار الجهات. وقد
توزع الكتاب على تسعة فصول وكل فصل
تكوّن من محاور عدة، وفي القسم الأول
من محور (إشكالية العالمية والعولمة)
يعمد الكتاب الى التمهيد والتوضيح
للإجابة التي يطرحها سلفاً على تساؤله
اللاحق من خلال القول: ولذلك فإننا
عندما نتحدث عن الحوار فلأننا نريد أن
نتناسى جميع حالات الصراع التي تمت عبر
التاريخ، وليس من الحق القول، إن حوار
الثقافات هو حوار شكلي القصد منه
التخفيف من حدة الواقع القائم على
الصراع، بل ان الحوار الثقافي مبدأي،
يعيد العلاقات البشرية الى إنسانيتها،
ويعيد الحضارات الى أهدافها، ويكون
مؤشراً ودليلاً لأي حوار سياسي
واقتصادي ولا يبدو هذا الحوار
طوبائياً إلا إذا كان جوهر الحضارة
الحديثة هو الشر وليس الخير. ومن
المؤسف أن الغرب الذي اعتز دائماً
بمفكريه وأديانه ومبدعيه، وصل اليوم
الى حافة الاعتراف بنهاية الحضارة
الغربية على حد قول اشبنغلر، ونهاية
الإله عند نيتشه، ونهاية التاريخ عند
فوكوياما، وصراع الحضارات عند
هنتنغتون. ترى هل
يبحث الغرب عن وسيلة للقضاء على أية
فرصة للحوار بين حضارة الآخر وحضارته
التي لم يعد يملكها... على حد اعترافه؟ وفي
الفصل الثاني من محور (مقاومة الهيمنة
الأميركية) لا ينفك الكتاب عن توجيه
النقد الى العولمة بشقيها الأميركي
والأوروبي، بيد أن المؤلف في نقده هذا
استنبط فوارق بين العولمتين (الأميركية
والأوروبية)، وهو يستطرد في طرح عولمات
أخرى وفقاً لما ابتكره من تسميات: على
أن العولمة ليست هدفاً أميركياً فقط بل
هي هدف وشعار أوروبي ايضاً، ولكن
العولمة الأمركة، تختلف عن العولمة
الأوربة، فمع انهما كلاهما يهدفان الى
هيمنة اقتصادية عالمية، فإن الأمركة
بوصفها الأقوى عسكرياً تهدف الى هيمنة
عسكرية سياسية تختفي اليوم تحت غطاء
القضاء على الإرهاب، لكي تمارس سيطرة
كاملة بدءاً بما تم مؤخراً على الأرض
الأفغانية والأرض العراقية الى
السيطرة على العولمة الأوربة المزاحم
الأقوى. وإذا
استطاع (حلف أسيان) بين دول جنوب شرقي
آسيا أن يحقق عولمة آسيوية شرقية، فإن
ثمة عولمات أخرى وبخاصة العولمة
العربية، سيكون لها دور في بناء نظام
عالمي حر، لا تتحكم فيه عولمات القوة
العسكرية، بل الشرعية الدولية التي
يجب أن تعزز موقعها لكي تصبح الدولة
العليا التي تنظم علاقة الدول، وتدافع
عن حقوقها الوطنية والاقتصادية
المشروعة. ونستطيع
القول ان المؤلف اختزل فكرة كتابه في
القسم الثالث ومن خلال محور (الشخصية
والعالمية) عندما يقول إن محور (الشخصية
والعالمية) يوحي أننا أمام كيانين
مستقلين ومتناقضين، كيان الشخصية
الذاتية، والكيان العالمي، وأن ثمة
حواراً يجب أن نبحث في طبيعته وأبعاده
ونتائجه. ولكن
ما أن تمعن في معنى ومضمون كل من
الكيانين، حتى ينكشف لنا عدم
انفصالهما وبالتالي استحالة الحديث عن
تعارض وتقابل بينهما، فالشخصية هي
كيان تاريخي حضاري قومي، انشأه الفعل
الخلاق معتمداً على العقل من حيث هو
آلة الإدراك والمحاكمة والعلم، وعلى
العاطفة من حيث هي آلة الخيال والحلم
والفن، وتنمو الشخصية متفردة أو
جماعية وتتطور بمقابلة ذات أخرى، ضمن
بيئة زمانية مكانية نسميها العالم. أي أن
العالم هو فضاء جميع الذاتيات
المتنامية والمتفاعلة مع بعضها، وهذا
الفضاء الزماني المكاني انما ينمو
ويتطور بنتيجة نمو وتطور علاقات
الشخصيات أو الذاتيات التي لا يمكن أن
تعيش خارجه ولا يمكن أن تكون متضادة
معه مخالفة أو محاورة. ======================= حلمي
الاسمر الدستور 28-2-2011
حياة
الراحل نجم الدين أربكان ، أمثولة لكل
من يريد أن يعمل في المجال الإصلاحي ،
خاصة من أصحاب الرؤية الإسلامية ، فهو
بحق قائد الصحوة الإسلامية التركية ،
وابوها الروحي.. يلقب
أربكان الذي رحل عن هذه الفانية بالأمس
، بأنه قائد الصحوة الإسلامية
المعاصرة في تركيا ، وإليه بعد الله
جلت قدرته ، يعود الفضل فيما تعيشه
تركيا الآن من رفاه وازدهار ، بعد أن
أجهزت رؤيته الإسلامية الفذة على
جبروت العسكر.. ينحدر
البروفيسور نجم الدين أربكان من نسل
الأمراء السلاجقة الذين عرفوا في
تاريخ تركيا باسم "بني أغوللري"،
وكان جدُّه آخر وزراء ماليتهم ، وكانت
أسرة أربكان تلقَّب بناظر زاده أي ابن
الوزير.حصل الراحل على الدكتوراه من
جامعة أخن الألمانية في هندسة
المحركات عام م1956 ، أنشأ عام 1970 بدعمْ
من تحالف طريقته مع الحركة النورسية
حزب النظام الوطني الذي كان أول تنظيم
سياسي ذي هوية إسلامية تعرفه الدولة
التركية الحديثة منذ زوال الخلافة عام
1924م. وكان تأسيس حزبه أول اختراق جدي
لرفض القوى العلمانية المهيمنة له.ولم
يصمد حزبه سوى تسعة أشهر حتى تم حله
بقرارْ قضائي من المحكمة الدستورية
بعد إنذارْ من قائد الجيش محسن باتور ،
فقام أربكان بدعمْ من التحالف ذاته
بتأسيس حزب السلامة الوطني عام م1972 ،
وأفلت هذه المرة من غضب الجيش ليشارك
بالانتخابات العامة ويفوز بخمسين
مقعدًا كانت كافيةً له ليشارك في مطلع
عام 1974 في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب
الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ليرعى
المبادئ العلمانية.وقد تولى أربكان
منصب نائب رئيس الوزراء وشارك رئيس
الحكومة بولند أجاويد في اتخاذ قرار
التدخل في قبرص في نفس العام ، وحتى بعد
خروجه من الحكومة فقد قدَّم حزب أربكان
مشروع قانون إلى مجلس النواب في صيف
عام 1980 يدعو الحكومة التركية إلى قطع
علاقاتها مع الكيان الصهيوني ، وأتبع
ذلك مباشرةً بتنظيم مظاهرة ضخمة ضد
القرار الصهيوني بضم مدينة القدس ،
كانت المظاهرة من أضخم ما شهدته تركيا
في تاريخها المعاصر: الأمر الذي اعتبر
استفتاءً على شعبية الإسلام السياسي
بزعامة أربكان ، وبعد بضعة أيام تزعَّم
قائد الجيش كنعان إيفرين انقلابًا
عسكريًّا أطاح بالائتلاف الحاكم ،
وبدأ سلسلة إجراءات كان من بينها إعادة
القوة للتيار العلماني ، ومن ذلك تشكيل
مجلس الأمن القومي وتعطيل الدستور وحل
الأحزاب واعتقال الناشطين الإسلاميين
إلى جانب اليساريين. كان أربكان من بين
مَن دخلوا السجن آنذاك ، وبعد ثلاث
سنوات خرج في إطار موجة انفتاح على
الحريات في عهد حكومة أوزال ، فأسس في
العام 1983 حزب الرفاه الوطني ، الذي
شارك في انتخابات نفس العام لكنه لم
يحصل سوى على 1,5% من الأصوات ، لكنه لم
ييأس إذ واصل جهوده السياسية حتى أفلح
في الفوز بالأغلبية في انتخابات عام 1996
ليترأس أربكان حكومة ائتلافية مع حزب
الطريق القويم برئاسة تانسو تشيللر. في عام
م1998 تم حظر حزب الرفاه وأحيل أربكان
إلى القضاء بتهم مختلفة منها انتهاك
مواثيق علمانية الدولة ، ومُنع من
مزاولة النشاط السياسي لخمس سنوات ،
لكن أربكان لم يغادر الساحة السياسية
فلجأ إلى المخرج التركي التقليدي
ليؤسس حزبًا جديدًا باسم الفضيلة
بزعامة أحد معاونيه وبدأ يديره من خلف
الكواليس ، لكن هذا الحزب تعرَّض للحظر
أيضًا في عام 2000م. ومن جديد يعود أربكان
ليؤسس بعد انتهاء مدة الحظر في عام 2003
حزب السعادة ، لكن خصومه من العلمانيين
، تربصوا به ليجري اعتقاله ومحاكمته في
نفس العام بتهمة اختلاس أموال من حزب
الرفاه المنحل ، وحُكًمَ على الرجل
بسنتين سجنًا وكان يبلغ من العمر وقتها
77 عامًا. أصدر الرئيس التركي عبد الله
جول عفوًا رئاسيًّا عنه في 18 أغسطس 2008م:
بسبب تدهور حالته الصحية. نجم
الدين أربكان أحد أبرز رجالات الحركة
الإسلامية الحديثة في تركيا.وفي وسائل
الإعلام التركية ، وفي الأوساط
والمحافل السياسية التركية ، وعلى
امتداد الشارع التركي المسيَّس يطلقون
عليه لقب "أبو السبعة أرواح" ، وهو
لقب يبدو أن أربكان يستحقه بجدارة من
كثرة ما دخل وخرج من محاكم ومن سجون ،
ومن كثرة ما أسس أحزاباً بلغ عددها في
فترة زمنية قصيرة قياساً بعمر الدول
خمسة أحزاب ، فلا يكاد يؤسس حزباً حتى
يحاصره حماة العلمانية في تركيا وخاصة
جنرالات المؤسسة العسكرية ، فيحظروه
ويختموا أبوابه بالشمع الأحمر ، ليعود
أربكان ليؤسس حزباً جديداً فيغلقه
العلمانيون ويختمون أبوابه بالشمع
الأحمر ، ليعود أربكان ليؤسس حزباً
جديداً باسم جديد بنفس نكهة الحزب
المحظور الوطنية الإسلامية.. وهكذا
حزباً بعد حزب و محاكمة بعد محاكمة ،
وسجناً بعد سجن،. نجم
الدين أربكان افل فيزيائيا ، لكن نجمه
لم يزل يضيء حياة تركيا الحديثة ،
وسيرة حياته قدوة حسنة لمن يريد أن
يعمل ، ولو في أكثر الظروف حلكة ، فلا
عذر لأحد في ترك العمل ، والركون إلى
الدعة ، بحجة منع السلاطين ، وعسف
السلطات،. ======================= ديمقراطية
الولايات المتحدة في العراق عبدالله
محمد القاق الدستور 28-2-2011
اذا
كانت الولايات المتحدة تؤيد حق الشعوب
في منحها المزيد من الحريات
والديمقراطية والاصلاح لانتهاج سياسة
سليمة لصالح الشعوب العربية على وجه
الخصوص وتوفير المتطلبات السليمة في
اعلانها حق التعبير والرأي في ظل اعلام
منفتح بعيدا عن التطرف او التشنج فاننا
نلاحظ ان هذه الاستراتيجية لم تحقق
اهدافها في العراق خاصة وان امريكا
احتلت العراق في عام 2003 بغية تحقيق هذه
الديمقراطية وانهاء حكم الفرد وهو
الرئيس الراحل صدام حسين وعدم السماح
له في بناء قاعدة نووية تهدد السلم
العالمي والذي اثبت الخبراء النوويون
وفي مقدمتهم السيد محمد البرادعي من
الوكالة الدولية للطاقة بانه لا توجد
اسلحة دمار شامل في العراق وان امريكا
اتخذت هذه الخطة لانهاء حكم صدام حسين
فقط بغية استحضار قوى المعارضة من
الخارج ورسم سياسة جديدة في هذا البلد
الغني بموارده وثرواته النفطية . ففي
الوقت الذي انتفض فيه مواطنون في بضع
دول عربية بينها تونس ومصر ونواكشوط
واليمن بالاضافة الى ليبيا التي تشهد
انقسامات كبيرة لاسقاط انظمتهم نجد ان
العراقيين يتظاهرون ضد حكومتهم برئاسة
نوري المالكي للمطالبة بتحسين الخدمات
التربوية والصحية والاقتصادية
ومكافحة الفساد وهذا يؤكد ان اتساع
بقعة الاحتجاجات المطالبة
بالديمقراطية في البلدان يشمل ايضا
العراق بالاضافة الى غياب الخدمات
الاساسية كالمياه والكهرباء في انحاء
متفرقة من العراق والذي راح ضحية هذه
الاحتجاجات اكثر من عشرة قتلى ومئات
الجرحى في يوم واحد، وهذه
المجموعات المنتفضة في العراق بدأت
احتاجاجاتها في يوم "عيد الحب"
الذي يقدسه الامريكيون وبعناوين بارزة
ولافتات متعددة نذكر منها "لن نصمت
على الوضع الحالي" ، "بغداد ليست
قندهار" ، "الثورة الزرقاء" ،
"اين الديمقراطية وحرية التعبير"
، في حين كتب متظاهرون امس الاول في
الفلوجة غرب بغداد لافتة كتب عليها "لا
حياة دون كهرباء" وذلك بعد ان خرج
آلاف العراقيين الغاضبين بتظاهرات في
العديد من المدن الجنوبية احتجاجا على
نقص الكهرباء والمواد الاساسية الاخرى
في الوقت الذي بلغت فيه درجة الحرارة
في الصيف "54" درجة مئوية.. وهذا
التذمر من الاوضاع المعيشية وحريات
الرأي في العراق اظهره مسح اجراه معهد
واشنطن الدولي مؤكدا ان غياب الحرية
والديمقراطية والكهرباء والخدمات
الاخرى عن العراقيين هي السبب وراء هذه
الانتفاضة الشعبية التي شملت عددا من
المدن العراقية وهذه التظاهرات
العارمة تخالف ما اعلنه بول بريمر
الحاكم المدني في العراق الذي تولى
قيادة سلطة الائتلاف المؤقتة بعد
الغزو الامريكي للعراق بانه "بعد
نحو عام من الآن اي في آب 2003 وللمرة
الاولى في التاريخ سيحصل كل عراقي في
كل مدينة وبلدة وقرية على القدر الذي
يرغب به من الكهرباء والماء والصحة
خلال الاربع والعشرين ساعة في اليوم"
فضلا عن تحقيق الديمقراطية وحرية
الرأي في جميع انحاء العراق. لقد
اثبتت الدراسات الامريكية والاوروبية
ان امريكا فشلت في تحقيق الديمقراطية
في العراق منذ سبع سنوات حتى ان صحيفة
الواشنطن بوست قالت في تعليق لها مؤخرا
"ان الكثير من المواطنين العراقيين
يبحثون عن علاج نفسي وطبي لحالات
الاضطرابات التي تسببت بها صدمات
الحرب على نفسياتهم وذلك مع النقص
الواضح في الادوية والاسرة والكوادر
الطبية ناهيك عن عدم تحقيق النزاهة
والحيادية وحرية التعبير في العراق
بأشكال وانواع متعددة من الوسائل
الحياتية في العراق ومنها مظاهر العنف
وعدم الاستقرار والعدوان والاضطرابات
التي تشهدها مختلف محافظات هذا القطر
وبشكل ملحوظ ما اسهم بتزايد عدد
المصابين بالامراض النفسية خاصة وان
العراقيين يعيشون تحت تأثير تهديدات
استثنائية يصعب فهمها من قبل مجتمعات
اخرى.. وهذا يعني ان سياسة الولايات
المتحدة لتحقيق الديمقراطية
والتعددية والرفاه الصحي والاجتماعي
والمعيشي الذي وعد به بريمر لم يتم
تحقيقه بل زادت الخدمات سوءا.. وتفاقم
الفساد في مختلف المدن العراقية بصورة
فاقت عام 2003 وبشكل ملموس. والواقع
ان الاحتلال الامريكي للعراق والذي
اسفر عن تشكيل حكومة الطوائف لم يحصل
لشعب اخر من شعوب الارض من اضطهاد
واستبداد بعد ان تعرض للتضليل
والتشويه الاعلامي وقلب الحقائق منذ
بداية العدوان على العراق لأن
الاحتلال ما زال يتربع على صدر الشعب
في حين ان الحكومة العراقية لم تحقق اي
انجازات تذكر لصالح الشعب العراقي
بالرغم من مرور سبع سنوات على هذا
الاحتلال الا ان الديمقراطية تدهورت
وحياة العراقيين في ضنك وشظف ومعاناة
لا تُطاق.. فضلا عن زيادة الهجرة
للكفاءات العراقية وغيرها حيث زاد عدد
الهاربين والمهجرين حوالي اربع ملايين
شخص بين مسلم ومسيحي. لقد
كان واضحا للعيان ان الامريكيين لم
ينجحوا في توفير الحياة المعيشية
للمواطنين بعد الاحتلال الامريكي
لانهم اتبعوا سياسة عسكرية شرسة
وهمجية وقمعية اسفرت عن قتل مئات
الالوف من العراقيين بدعم من الطوائف
والقيادات العراقية وفق السياسة
الامريكية التي اكدت انها حريصة على
توفير الديمقراطية وحرية الرأي
والتعبير لكل العراقيين.. غير ان هذا
الاحتلال الذي فشل في تحقيق هذه
الاهداف كان ينظر وبكل وضوح الى انه
يسعى لأن يكون احتلاله للعراق بداية
ومنطلقا للعدوان على الاقطار العربية
الاخرى يتناولها الواحدة تلو الاخرى
وفق جدول زمني بغية السعي لالغاء
الخريطة السياسية للعالم العربي
واحلال سايكس بيكو جديدة محل سايكس
بيكو القديمة التي افرزت كياناته
القائمة التي كانت قد تقاسمتها كل من
فرنسا وبريطانيا لاقامة كيانات بديلة
على اسس طائفية وعنصرية اكثر عددا
واضعف شأنا واكثر استجابة وحراسة
لأهدافها وأمنها كما فعلت في انفصال
جنوب السودان عن شماله وسعيها لتقسيم
العراق في ثلاثة كيانات وكذلك رغبتها
في خلق شرق اوسط جديد يأتمر بالغايات
والاهداف الامريكية التي تكرس مبدأ
السيطرة والهيمنة على مختلف دول
المنطقة لتكون حامية وداعمة بصورة
اكثر انحيازا لاسرائيل بغية لتحقيق
يهودية الدولة ولتوفير الامن لهذا
الكيان الغاصب للاراضي العربية
المحتلة. لقد
كان واضحا منذ البداية ان اهداف الحرب
الفعلية الامريكية للعراق ليست توفير
الديمقراطية وحرية الرأي بل الاسهام
في تقسيمه الى دويلات صغيرة كخطوات
اولى لرسم الخريطة الجديدة للمنطقة
والتي تحدث عنها الرئيس الامريكي
الاسبق بوش الابن وديك تشيني
ورامسفيلد وولفويتز صقور الولايات
المتحدة الامريكية في اكثر من مناسبة
لان ذلك من شأنه حماية الكيان
الاسرائيلي وكذلك الاستيلاء على النفط
العراقي لان احتياطيات العراق النفطية
تعتبر الاكثر في العالم حيث تشير
الاحصاءات الى ان 150 - 200 مليار برميل هو
الاحتياطي العراقي الكبير وكذلك
التحكم بمسيرة القضية الفلسطينية نظرا
لكون الحكم السابق في العراق يقف الى
جانب الشعب الفلسطيني في تحقيق اهدافه
باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها
القدس الشريف. لقد
فشلت امريكا في تحقيق اهدافها بايجاد
الديمقراطية في العراق بعد نجاحها في
تغيير النظام العراقي السابق بل انها
لم تستطع توفير الاحتياجات الضرورية
للسكان وان هدفها من هذا العدوان كان
هو السيطرة على منابع النفط الرئيسة في
منطقة الخليج باعتبار ان العراق يقع
وسط منطقة تحتوي على اكثر من ستين
بالمائة من احتياطي النفط العالمي
وهذا ما يتفق عليه الخبراء النفطيون
العالميون من ان المعارضة العالمية
للاحتلال العراقي كانت تؤكد ان الهدف
الامريكي للاحتلال هو للسيطرة على
النفط بعيدا عن تحقيق الديمقراطية
الامريكية المزعومة او توفير
الاحتياجات الرئيسة للمواطنين في هذه
المرحلة الراهنة والحساسة. ======================= كيرت
فولكر (السفير الأميركي الأسبق لدى «الناتو»،
والمدير الحالي ل «مركز العلاقات عبر
الأطلسية» بجامعة جونز هوبكنز) الرأي
الاردنية 28-2-2011 من
أصعب التحديات في العمل الاستخباري،
التنبؤ بالتغييرات الكبرى. وأسهل شيء
في هذا النوع من العمل الاستخباري، هو
التنبؤ بأن كل شيء سوف يظل كما كان
دائماً، طالما أن القوى التي تشكل
الأشياء وتتحكم فيها لا زالت كما هي. وهذه
الحقيقة تدفع صناع السياسة للحذر
عندما يحدث تغيير ما، مثل المظاهرات،
أو الأزمات الاقتصادية، أو حتى
الحروب، في انتظار معرفة كيف ستتطور
الأمور، ومن سيسود في النهاية، ومن
الذي سيمسك بدفة الأمور، حتى لا
يتورطون في مساندة طرف قد يتبين في
النهاية أنه ليس الفائز. ففي هذه
الحالة يكون الثمن الذي يدفعه البلد
الذي يقع محللوه وصناع سياسته في خطأ
كهذا، يكون ثمناً فادحاً. لكن
الحذر أكثر من اللازم، عندما يأتي
التغيير الحتمي، يمكن من ناحية أخرى أن
يطيل أمد الأزمة... في الوقت الذي يكون
فيه رد الفعل السريع سبباً في الوصول
إلى نتيجة أسرع، وأسلم، وأنفع. والذكاء
هنا يتمثل في القدرة على القراءة
الدقيقة للواقع، واستشراف المستقبل،
ومعرفة ما إذا كان هناك تغيير سيحدث أم
لا. وهذه
النقطة تحديداً هي النقطة التي أخطأ
الغرب بأكمله عندها، فيما يتعلق
بالتنبؤ بالثورات التي تكتسح الشرق
الأوسط. لقد
قامت الثورة أولاً في تونس، واعتقد
المراقبون في الغرب أنها لا يمكن أن
تطيح ببن علي، كما اعتقدوا أن ما حدث في
تونس من تغيير للنظام يمثل حالة خاصة،
غير قابلة للانتقال نحو مكان آخر. كذلك،
لم يتوقع هؤلاء المراقبون أن
المظاهرات في مصر يمكن أن تُسقط نظام
حكم مبارك، كما لم يعتقدوا أن ذلك يمكن
أن يحدث في ليبيا التي يحكمها رئيس قوي
لا يتردد في استخدام القوة الباطشة من
أجل قمع المظاهرات. في كل
مرة إذن كنا نحن الغربيين نرتكب أخطاء
فادحة في التحليل، وكنا بطيئين في
التعبير عن موقفنا، وبطيئين في دعم قوى
التغيير، وبطيئين أيضاً في القيام
بالفعل. لذلك
فإن هؤلاء الذين كانوا على استعداد
للتضحية بحياتهم من أجل حرية أوطانهم
في الشرق الأوسط، لهم كل الحق إذا ما
اعتقدوا أن الولايات المتحدة والغرب
برمته، كان يقف ضدهم أثناء ثوراتهم. لكن
لماذا أخطأنا في فهم ما يحدث؟ حدث ذلك
لعدة أسباب هي: أولا،
الاعتقاد بأن الأنظمة الأتوقراطية هي
التي ستسود في النهاية. ثانياً،
الخوف (لاسيما في أوروبا) من حدوث حالة
هجرة جماعية، وتدفق لموجات بشرية على
القارة. ثالثاً،
الخوف من اختطاف الإسلاميين للثورة
وفرض أنظمة أسوأ من أنظمة الحكم التي
كانت قائمة. رابعاً،
الخوف من ألا تلتزم الحكومات الجديدة (لاسيما
في مصر) بالمعاهدات والترتيبات
الموقعة مع إسرائيل. خامساً:
الفكرة الخطأ القائلة بأن العرب غير
جاهزين للديمقراطية. سادساً،
وهذا هو الشيء الأهم، أن الغرب لم يدرك
بأن وقود هذه الثورة كان هو القيم
الإنسانية والأفكار التحديثية. ولعدة
سنوات، كان القادة الأتوقراطيون
يخبروننا بأن الإسلام الراديكالي هو
البديل الوحيد لحكمهم. واستخدم
هؤلاء القادة الصراع العربي
الإسرائيلي كقناع يغطون به عيوب
أنظمتهم، كما قاموا بمنع الدخول إلى
منافذ المعلومات والحصول على وسائل
التعبير. وكنتيجة
لذلك كله خضعنا نحن في الغرب لوهم
مؤداه أن التغيير الديمقراطي أمر
مستحيل، وصرفنا النظر تماماً عن
مبادئنا وقيمنا. ولم
نحاول خلال تلك السنوات أن نقرأ آراء
المدونين ومستخدمي «تويتر» و»فيسبوك «
حول ما يحدث في بلادهم، وحول تطلعاتهم
للتغيير... واكتفينا بالبيانات الرسمية
للأنظمة القائمة وبالتركيز على
تصرفاتها. ويكفينا
الإطلاع على تدوينات الفيسبوك وتويتر
الآن، بعد أن تأخرنا كثيراً عن ذلك، كي
نفهم أن ما يحدث حالياً في بلدان الشرق
الأوسط شيء مختلف جد الاختلاف عما كانت
تقوله لنا بيانات وسياسات الأنظمة
الحاكمة، وأن الناس يبددون كافة
الأوهام التي حاولت تلك الأنظمة
إقناعنا بها لسنوات طويلة. وهذه
الموجة العاتية من الثورات لا تتعلق
بالإسلام ولا بإسرائيل ولا بالغرب،
وإنما هي مدفوعة بدوافع محلية وتطالب
بالحرية لجيل جديد من العرب الذين يرون
أن بلدانهم قد تعرضت للسرقة والامتهان. ربما
تكون المؤسسات الديمقراطية قد منعت من
العمل طيلة العقود الماضية، وربما لم
تكن موجودة أصلاً... لكن أشواق التغيير
والرغبة في الحرية لم تخمد أبداً في
قلوب الشعوب في أي لحظة. تلك هي
الحقائق التي لا مراء فيها اليوم...
والتي فشل محللونا وأجهزتنا
الاستخبارية في فهمها، وإدراك مغزاها
الحقيقي. ويجب
أن نعرف أن المطالبة بالتغيير لن تخمد
في المنطقة في أي وقت قريب، وأننا يجب
أن نتفاعل معها إيجابياً، بعد أن
تأخرنا كثيراً في ذلك، طالما أنها تتفق
مع مبادئنا وقيمنا الراسخة. ورغم
صعوبة التنبؤ بمثل تلك الثورات، فإننا
يجب أن ندرك أن الأمور لم تعد على ما
كانت عليه، وأن هناك تغييراً كبيراً
يحدث في المنطقة، وأن جميع المخاوف
التي تنتابنا تجاه الاستقرار، والأمن
الأقليمي، والإصولية الإسلامية... يمكن
أن تتحقق بالفعل إذا ما قاومنا تلك
التغييرات بدلاً من دعمها. ويجب
علينا الإدراك بأن فرص نجاحنا في
مواجهة التحديات التي تهدد الاستقرار،
والسلام الإقليمي، والأمن العالمي...
سوف تكون أفضل بكثير في الشرق الأوسط
الديمقراطي، كما يجب أن ندرك أن
التداعيات التي ستنتج عن ذلك سوف
تتضاءل إلى جانبها تداعيات الحربين
اللتين نخوضهما حاليا في أفغانستان
والعراق. ======================= مطاع
صفدي 2011-02-27 القدس
العربي ليس
من العدل القول إن النهضة العربية
الثانية لم ترفع للديمقراطية شعاراً
ثورياً حقيقياً. بمعنى أن
الأيديولوجيات وأحزابها وتياراتها
المتداولة في الساحة السياسية لم تطرح
مسألة الحريات الفردية لإنسانها، بقدر
ما كانت تشغلها قضايا الاستقلال
الوطني الوليد وحمايته من أعدائه
المزمنين. كان التفكير في الحرية
جماعياً. هنالك مسلمة لا ينافس فيها
أحد، وهي أن مصلحة الجماعة في اكتسابها
لشروط سيادتها الكاملة، تسبق منطقياً
وواقعياً، هموم الفرد ومصالحه
المباشرة. فالجماعة الحرة تُنتج
إنسانها الحر، وليس العكس. ولقد انخرط
العرب جميعاً في معارك الاستقلال
وحمايته، ولا يزالون يتابعون هذا
الصراع الملتحم بمعنى الوجود الحق
للفرد والجماعة معاً. هذا
العصر الثوري الجديد والمفاجئ لا يمكن
فهمه إلا باعتباره ذروة عليا لحقبة
الاستقلال الوطني والقومي، هذه الحقبة
الناقصة منذ بدايتها، كانت هي
المفتقرة دائماً، من (ثورة) إلى أخرى،
إلى أهم شروط الاستقلال، وهو توفر
عوامل السيادة الفعلية لدولته. فقد
كانت هذه الدولة معرضة لاستلاب
سيادتها من قبل العدو الخارجي الرافض
أصلاً لاستقلالها، والمحيط لفعاليته
وتطوره، كما كان حكام الدولة في
معظمهم، من أخطر سالبيها لأبسط وأخطر
أسباب وجودها، وهي كونها السلطة
الشرعية الوحيدة، المخولة بتنظيم
وإدارة أفضل وأعدل سبل العيش المشترك
لمجتمعها، دونما تمييز بين فئاته
وطبقاته وانتماءاته الفرعية. لنتذكر
أن دولة الاستقلال العربي الأول في هذا
العصر، استعبدها منذ نشأتها نموذجان
من السلطة هما: حكم الحزب الواحد،
والمشيخة أو الإمارة العشائرية.
والنموذجان ترعرعا في ظل الحرب
الباردة بين قطبيْ الرأسمالية
الغربية، والإشتراكية السوفييتية. بل
ينبغي التأشير على الأول، الذي هو
نموذج الحزب الواحد؛ فقد كان منسوخاً
كلياً برداءة مطلقة، عن الأصل
الستاليني في موسكو. وأما النموذج
الأسروي العشائري فهو قديم الجذور في
أرضه، لكنه اصطبغ بأساليب وجاهزيات
جيرانه من سلاطين الأحزاب الأحادية.
لكن الرياح عصفت بالعصر الستاليني
وأتباعه من دول أوروبا الشرقية منذ
عقدين، وأما النُسخ العربية فما تزال
صامدة بانتظار سقوطها مع الثورة
الشبابية العربية الراهنة. فالاستقلال
الوطني لم يتح له أن ينتج نظامه
السياسي من رحم أمته، بل لم يكن هذا
النظام الموعود محلَّ تنبّهٍ وتفكير
جديّ لدى النخب الصاعدة إلا بصورة
مجتزأة، وخلال فترات متقطعة. كان الهم
المركزي ينصبّ على كيفية النقلة
الموضوعية من مرحلة الاحتلالات
الأجنبية إلى طور البناء السليم لدولة
النهضة؛ فمن هم مهندسو هذا البناء، ومن
هم بُناته القديرون، وكيف يمكن للنهضة
المأمولة أن تأتي تعبيراً عصرياً عن
مشروع المدنية العربية المتأصلة منذ
عهود الجاهلية إلى أوج الحضارة
الإسلامية الكونية؟ تلك هي
مؤونةٌ أولية للحظةِ ما بعد التحرير
كانت تغذي مخيالاً شعبوياً قلقاً. فلا
تأتي أسئلة السياسة والسلطة إلا
متأخرة عن الأمور العاجلة، وأخطرها
كان هو التخطيط الغربي لإعادة احتواء
العالم الثالث، وفي مركزه العرب
والإسلام معاً. فكان على النهضة أن
تؤسس مجدداً لمسيرة تحرير مستمرة.
والتحرير يفترض 'سياسة' تابعة
لأيديولوجيا التحشيد والتعبئة. ما كان
يعنيه نسق الحزب الواحد، هو تجييش
الشعب أو عَسْكَرَته تنظيمياً ثقافياً
وإعلامياً. من هنا كانت تكتسب العسكرة
نوعاً من مشروعية مدنية، كخيار جماعي
وطوعي، ما دام 'العدو' لا يكفّ عن
المداهمة خارجياً وداخلياً معاً.
فالأصل في تسويغ الحزب الواحد، هو أنه
صيغة اصطلاحية مرادفة لمفهوم متداول.
هو أنه ينبغي للمجتمع أن يتحول إلى جيش
آخر. هذا لا يعني أن يحل العسكري محل
المدني، لكن كل مدني هو مناضل عقائدي
مرشح دائماً ليكون عسكرياً مقاتلاً.
فلا حياديةَ في مفهوم تلك المواطنية؛
إذ أنها لا تكتفي بكونها تستمد
مشروعيتها من عمومية مكوناتها
الحقوقية، بل لا بد من إضفاء خاصية
النضال عليها لكي تفوز بمعيار جدارتها
في عين الجماعة. بكلمة
واحدة، فقد فُرض على مجتمع الاستقلال
أن ينتقل فورياً إلى مجتمع الحرب، قبل
أن يتعرف إلى ثقافة السلم جماعياً أو
فردياً. قلما أُتيح لمجتمع عربي أن
يعيش الحياة السوية المستقرة؛ فكانت
مسألة الحريات الفردية تبدو ترفاً
برجوازياً يخجل منه مجتمع المناضلين.
سُلّم القيم جماعي خالص. فالحرية هي
للكلّ. وما دام الكلّ مهدداً بوجوده
المادي قبل الإنساني، كيف يجرؤ الفرد
أن يطالب بحد أدنى من حقوقٍ لذاته، وهي
مسلوبة من الجميع حوله ومعه، فالعيش،
فردياً جماعياً بين مخلبيْ الحرب
الباردة، وبأضعف إمكانيات الدفاع عن
مجرد الوجود الخام للإنسان والحقيقة
معاً، كان يفترض التأسيس المضطرد
لأخلاقية مستثناة من مفاهيمها
المعتادة. إنها الأخلاقية الباعثة على
شيوع نوع المواطنة المكافحة. فالآمرية
السائدة، في هكذا اجتماع إنساني مهدد
حتى في أسباب بقائه وخلاصه، لن تكون
إلا آمرية الحرية البدئية، المطلقة في
ذاتها، السابقة على تصنيفها في مدارج
حقوقٍ مقابلَ واجبات، للأفراد قبل
الجماعات. وفي
الاعتبار الفلسفي، فإن كل الثورات
العظمى كانت مقودة بآمرية هذه الحرية
البدئية. والثوار الذين مارسوا
أفعالها، حتى وإن كانوا من المظلومين
والمضطهدين والجائعين، فإنهم
يمارسونها وهم رجال أحرار حقاً،
ملتزمون بخلاصٍ للكل كما للواحد. ولو
لم يكونوا كذلك، فإنهم لن يمنحوا
شرارات من نارها إلى سواهم من الراسخين
في قيود الضعف والعجز، أو الجهل بأسباب
عبوديتهم. لن تبقى الحرية مجرد كلمة،
مع الثورة يغدو الفعل الحر سيدَ أفعال
الناس. أقدم وأحدث تعريف للثورة، هو
الحرية في حال الممارسة الجماعية. كل
الإشكالات النظرية والعملية تبدأ ما
أن يُصار إلى اعتقال هذه الثورة/الحرية
في منظومة أيديولوجية، أو تجسيدها في
مؤسسة سياسية، أهلية أو دولاتية. غير
أنه لا مناص من أن تكون السياسة هي منبر
الحرية في أرض الواقع، وهي الناصبة
لأفخاخها كذلك. ولقد تعرّف العرب إلى
الحرية من باب السياسة قبل أن تطرح
دلالاتها ومعاييرها على المستويين
المدني والاجتماعي، وحتى قبل أن تمسّ
ثوابت الأخلاق، أو تتعرض بالنقد
والتحليل لطرق العيش وسلوكيات الأفراد
بين ذواتهم وأقرانهم. إذ
يمكن التلفّظ بحكم جازم تقريباً أن
النهضة الثانية لم تأبه للحرية
الإنسانية المجردة عن السياسة اليومية.
لم تكد تُقر مبدئية الحرية وأسبقيتها
الأنطولوجية على مجمل الأوامر
الإصلاحية الأخرى حتى استهلكتها
صراعات السلطة المسروقة، الآيلة
أخيراً إلى ديكتاتوريات الفساد،
وخيانة الأخلاق والأمة والإنسانية في
وقت واحد، بكل وقاحة الإجرام السافر. وكانت
قمة الرمز التراكمية في هذه المقولة،
وزمرتها الفاحشة، تتمثل في شخصية
كاريكاتور الديكتاتوريات العربية،
والدولية كلها. فالثورة الليبية أثارت
غضباً عالمياً، منقطع النظير إصطفّ
معها، وكان ضد عدوها، الموغل في جنون
وحشيته الفالتة، وفي دماء شعبه الأعزل
إلا من قوة الحرية وإرادة الثأر من
لصوص وعودها الحضارية. الشعوب
العربية تكتشف حريتها تحت وطأة
الاضطهاد العبثي لكرامتها. فالحاكم
الديكتاتور يسرق يقتل يكذب يخون يتحدى
المجتمع، أن يعارضه أن ينقده أن
يقاومه، ولكن دون جدوى.. يجعل الناس
يمارسون سطوة المهانة والإذلال على
ذواتهم. لم يترك لهم سوى خيار
الاستسلام ومعاقرة الخوف أو
اللامبالاة والسخرية المكبوتة،
الديكتاتورية العربية هي أكبر إهانة
كيانية ابتليت بها ثقافة النهضة
العربية المعاصرة، في حرمانها من
تربية إنسانيتها وفق حقائق العصر
وفضائله، بل على العكس، كادت تغرقها في
أسوأ مصائر العصر. هذه
الديكتاتورية تطوعت في منافسة أعدى
أعداء العرب في إحباط مشروع النهضة،
واجتثاثه من جذوره الذاتية. شوهت
تماثيل الحق والخير والجمال في ساحات
مدنه، وفي قمم حضارته.. أطفأت شموع
التنوير في معابده وجامعاته. جذَّرت
اليأس المرضي من ثقافة التحرير حتى
كادت القروسطية تصادر مستقبله قبل أن
تولد بشائره. فالارتداد نحو الغيبيات
كان الملاذ الأخير لجماهير فقدت كل
قدرة واقعية على تغيير ظروفها الظالمة.
لكن عنف الاستبداد وإيغاله في صنوف
الاستهتار وعربدة الصلف الفوقي الأعمى
لا بد أن يفجرا حتى الصخر الأصم تحت
أقدامه. وهكذا كان أخيراً. هذه
الثورة العربية الجديدة المتنوعة
الساحات، تفرض جدليتها الخاصة بمنأى
عن أية مخططات قبلية، حتى سادة
المؤامرات الدولية تتهاوى نظرياتهم؛
المفاجآت الشعبية أحبطت تنبؤاتهم؛ كما
لو أن الوطن العربي ينطلق من الدرجة
صفر. والأسئلة
حول الثورة وما بعدها تقلق العدو
والصديق معاً، لكن شبيبة الثورة
يربحون رهان الحرية. ذلك هو الكسب
الأكبر. فالأمة لم تذق طعم الحرية منذ
قرون. فإذا ما انبعثت بعض واحات الحرية
في صحاريها اللامتناهية، ذلك يعني أن
العرب دخلوا عصر الاستقلال الحقيقي،
بانتظار أن تخرج مجتمعات الأمة
تباعاً، من سجون البطالة الحضارية. هذا
مع الحذر من دروس الماضي القريب حيثما
كان كل نصر عربي سياسي أو تقدمي سريعاً
ما يمكن قلبه إلى نقيضه.. دوائر
الرقابة الغربية لن تترك النصر الثوري
يصير ربيعاً يزهر ثم يثمر، ثم يأتي
بهذا الاستقلال العصري لشعوب الأمة،
أو لبعضها المتطور والقيادي. إنها
الخشية من عنكبوتيات الغرب وصهيون،
الممتدة بشبكياتها ما وراء، وفي العمق
من خلايا بعض النخب الزائفة، لكنها
الممسكة حتى اليوم بسلطات السياسة
والاقتصاد والإعلام. فهذه
الزمر أشبه بالأورام السرطانية، لم
ينتجها الجسم الاجتماعي العليل إلا
كظواهر رمزية كبرى عن علله هو المستورة.
لكن الأمل في الثورة الجماهيرية قد
يطيح بالعقبة السلطوية الكأداء، وهذا
إنجاز تاريخي خارق. لكنها بداية الطريق
الطويل الحافل بالعقبات الأخفى وربما
الأدهى.. في
اللحظة الراهنة لم تعد الحريةُ كلمةً،
صارت هي الفعل وينبغي لها أن تبقى سيدة
أفعال المستقبل كلها... '
مفكر عربي مقيم في باريس ======================= كيف
نحطم اسوار السجن السياسي الذي نعيش
فيه اليوم؟ د.
كرمة النابلسي 2011-02-27 القدس
العربي لقد
حانت اللحظة، فبعد أكثر من عشر سنوات
من التنظيم والعمل الدؤوب، وبقدرة
خلاقة وجمال يسلب الأنفاس، أمسك
الشباب العرب بزمام مصائرهم. كل منهم
سعى وراء الحق الإنساني، الذي طالما
سعى إليه الأحرار في كل أرجاء الأرض،
أن يُعتبر صوتهم الفردي جزءاً لا يتجزأ
من الصوت الجمعي، وأن يصنعوا مصيرهم،
وقبل كل شيء، أن يمثلوا أنفسهم. وكل هذا
لا يتم إلا تحت مبدأ سيادة الشعب، ذلك
المبدأ الموحد الإعجازي الذي لا يهزم.
ولا شك أن خوض غمار العمل العام في
الساحة الوطنية واستعادة المؤسسات كان
السبيل الوحيد أمام الشجعان في مختلف
أقطار عالمنا العربي لتحرير أنفسهم من
سجون الطغيان. واليوم،
في كل التجمعات الفلسطينية في الشتات
أو تحت الاحتلال، يُطرح السؤال نفسه:
ألم يحن موعدنا بعد؟ وكيف لنا أن نتخطى
السيطرة والتبعية، المفروضة علينا من
الاستعمار الخارجي، والكبت والانقسام
الداخلي والتفتيت الجغرافي، وكل
العوامل التي أبقتنا منقسمين وغير
قادرين على توحيد الصفوف؟ الوضع
الفلسطيني يبدو أعقد ألف مرة من أوضاع
البحرين أو مصر أو ليبيا أو الأردن. لا
يوجد إلا وسيلة ومطلب واحد فقط لتخطي
كل العقبات، وقد بدأ الفلسطينيون فعلا
بالتجمع حوله. انه نفس المطلب الذي
تتمسك به كل الثورات العربية وهو
المبدأ الديمقراطي الأساسي، سيادة
الشعب. لا صوت يعلو فوق صوت الشعب، هذه
هي القاعدة الوحيدة التي يرتكز عليها
البنيان الديمقراطي. لا حاجة لشيء آخر
عدا الشجاعة والالتزام، وهما صفتان
يملك منهما شبابنا الفلسطيني فائضاً
كبيراً. إن الدعوة إلى انتخابات مباشرة
للمجلس الوطني الفلسطيني هي المطلب
الوحيد الذي يجتمع حوله كل
الفلسطينيين، لأنه يرقى فوق الفصيل
والايديولوجيا والتوجه السياسي. انه
المطلب الثوري الوحيد الذي نستطيع
باجتماعنا حوله تحطيم أسوار السجن
السياسي الذي نعيش فيه اليوم، لأنه
مبني على المبدأ السيادي الذي ينص على
أن كل الفلسطينيين في الوطن أو المنفى
لهم نفس الحقوق الإنسانية، وهم
متساوون في حقهم بتقرير سياسات وأسس
ومؤسسات واستراتيجيات الشعب
الفلسطيني. إن التجمع حول هذا المبدأ
يمكننا من اخراج عملية اتخاذ القرارات
من أيدي القلة وإعادتها الى أيدي الشعب
بكل أطيافه، إسلاميين أو علمانيين،
الذين يؤمنون بحل الدولة أو الدولتين،
محافظين أو راديكاليين. إننا بحاجة لكل
القطاعات في هذه اللحظة، والشعب وحده
هو القادر على القيادة. ان
التمثيل الديمقراطي الحقيقي الذي
يناضل اليوم من أجله المواطنون في قرى
سيدي بوزيد وشوارع القاهرة هو أثمن
الحريات. هذا التمثيل الديمقراطي لا
يمكن تحقيقه من خلال انتخابات رئاسية
جديدة، ولا يمكن الوصول إليه عن طريق
انتخابات للمجلس التشريعي. لن يأتي هذا
التمثيل من خلال استقالة القيادة أو
نقل صلاحياتها إلى جبهة إنقاذ وطني أو
حكومة انتقالية. حتى المصالحة
المنشودة بين فتح وحماس ووصولهما الى
اتفاق حول إعادة تفعيل منظمة التحرير،
على أساس تقاسم مقاعد المجلس الوطني
بين الحركتين، لن يؤدي إلى التمثيل
الديمقراطي. كثير من الخطوات على هذا
النمط مصممة خصيصاً لابقاء السلطة
بعيدة عن أيدي الشعب الفلسطيني. مثل
هذه الخطوات تكرس نهج تهميش الملايين
من الفلسطينيين الذين لم يمارسوا قط حق
التصويت، وعاشوا حياة مليئة بالنضال
في سجون الأنظمة العربية ومخيمات
اللاجئين المريعة. أصوات هؤلاء لها
أهمية وكرامة مساوية لكل صوت فلسطيني
آخر. ان
ارادة الشعب الفلسطيني بأجمعه لا يمكن
أن تمثل الا من خلال مجلس وطني جديد
منتخب، وهذا هو السبيل الوحيد لحفظ حق
الانتخاب لكل فلسطيني. لا يملك حق سن
التشريعات واقرارها سوى جسد شرعي
وديمقراطي يمثل شعبنا ككل. فعلى سبيل
المثال، هذا الجسد هو الوحيد القادر
على تعديل ميثاقنا الوطني، لكي يعكس،
كما كان في السابق، الارادة الحقيقية
لشعبنا الفلسطيني. ان الجسد التمثيلي
هو وحده القادر على اعادة رسم
استراتيجياتنا وسياساتنا التحريرية،
وهو وحده القادر على تثبيت المبادئ
التي توحدنا في نضالنا: تحرير الوطن،
العودة، وتقرير المصير. ان انتخاب هذا
الجسد هو المطلب الوحيد الذي يعبئ كل
أبناء شعبنا بغض النظر عن مكان سكنهم،
فهو المطلب الوحيد الذي يضم الجميع،
ولا يفرق أو يشتت، ولا يقرر من له الحق
في التكلم بالنيابة عن الشعب وباسمه.
ولذلك، ان استعادة المجلس الوطني أكثر
من ضرورة طارئة، بل انه الوسيلة
الوحيدة للتغيير الثوري الحقيقي
والأسلوب الوحيد لقلب واقعنا القائم. التغيير
الحقيقي لن يأتي الا عن طريق المبادئ
التي توحدنا وتحررنا وتدفعنا للنضال
دفاعا عنها. فكرة الانتخابات المباشرة
للمجلس الوطني تحظى بإجماع فلسطيني،
فهي متفق عليها ضمن صفوف الناشطين
الفلسطينيين منذ عقد من الزمن تقريبا،
ويعترف بها كل فصيل أو تجمع فلسطيني
مهم. كما أن فتح وحماس وأحزاب سياسية
اخرى وافقت على هذا المبدأ في البند
الثاني لوثيقة الأسرى. ولسنوات طويلة،
توحدت جمعيات ومؤسسات اللاجئين في
حملة تدعو الى ثلاثة مطالب، حظيت
بإجماع وطني تام ويطالب بها شبابنا
اليوم: عقد
انتخابات مباشرة للمجلس الوطني
الفلسطيني، الهيئة البرلمانية التي
تمنح السلطة وترسم البرنامج السياسي،
والاستراتيجيات والسياسات لمنظمة
التحرير الفلسطينية في كانون الثاني (يناير)
2012. إدراج
جميع أبناء شعبنا'في تلك الانتخابات
أينما وجدوا، في الوطن، وفي الشتات،
وفي السجون وفي مخيمات اللاجئين. أن
تكون هذه الهيئة التمثيلية الجديدة
انعكاسا لجميع قطاعات شعبنا، بموجبها
يتم إصلاح وإعادة تفعيل مؤسسات منظمة
التحرير الفلسطينية، بحيث تجسد إرادة
الشعب الفلسطيني كله، وفقاً لمبدأ
الانتخابات المباشرة. في أية
عملية إصلاح ديمقراطي حقيقية، تكمن
الخطوة الأولى في استعادة الصرح
الوطني لكي يمثل فعلاً كل الشعب
وفعالياته وليصبح هذا الصرح بالتالي
حراً. هذا الجسد الجديد له الحق الحصري
في إقرار المبادئ الجماعية والسياسات
والخطوات لأي شعب على وجه الأرض. لا شيء
غير مجلس وطني فلسطيني منتخب بواسطة
الاقتراع المباشر، يملك الشرعية
الديمقراطية للقيام بأية قرارات مهمة.
إن إعادة إحياء هذا الجسد تأتي قبل أية
خطوة إصلاحية أخرى. وإذا لم تتخذ هذه
الخطوة الأولى ستبقى القرارات بيد
أقلية منتفعة تسيطر علينا بقوة السلاح
وبتواطئها مع الأنظمة العربية. على مر
القرون، أثبتت كل الثورات، وآخرها
ثورتا تونس ومصر، أن الحملات التعبوية
الفعالة تبنى دوماً على مفاهيم بسيطة،
مباشرة، موحدة، عليها إجماع شعبي عريض.
حملة الانتخابات المباشرة للمجلس
الوطني تعطي وضوحاً ومضموناً للدعوة
إلى الوحدة الوطنية، وهي توفر الأرضية
الثابتة الوحيدة لانهاء الانقسام بين
الحركات الفلسطينية، وبين غزة والضفة
الغربية، وبين فلسطين والغالبية
الفلسطينية التي تعيش خارجها، فالكل
له الحق بالمشاركة. ان
التحدي الماثل امام شعبنا اليوم هو
التمسك بهذه المطالب في وجه كل
الطروحات التي ستحشد، وكل العوائق
اللوجستية التي ستذكر من قبل الذين
يريدون ابقاء النظام القديم او الذين
يريدون أن يصبحوا قادة نظام جديد. اذا
نظمنا وعبأنا على أساس واضح ينص على أن
لكل فلسطيني حقا متساويا للمشاركة في
صياغة مستقبلنا السياسي، وأن كلا منا
متساو في حمل مسؤولية انتخاب تمثيلنا
الديمقراطي، عندئذ فقط سنصبح موحدين
فعلا وسنكون حقا أحرارا. ======================= هل
يفرغ القذافي طرابلس قبل رحيله؟ الإثنين,
28 فبراير 2011 جورج
سمعان الحياة عندما
كان العقيد معمر القذافي يعنف
التونسيين على ثورتهم على زين
العابدين بن علي كان يشعر بأن الإعصار
الذي سرعان ما انتقل من الجبهة الغربية
للجماهيرية إلى الجبهة الشرقية، لن
يوفر ليبيا ونظامها الذي كان يجب أن
يرحل من سنوات. منذ خضوعه لعقوبات
دولية إثر تفجير طائرة «بان أميركان»
فوق لوكربي قبل عقدين. لكنه بخلاف ذلك
عاد العقيد إلى المجتمع الدولي عودة
مظفرة. لم يتأخر في تكليف نجله سيف
الإسلام حل مشكلة لوكربي وطائرة
النيجر. جاء فك الحصار عن الجماهيرية
بمثابة هدية وتجديد لشباب النظام.
وواصل تقربه من الغرب إثر الحرب على
العراق عام 2003، عندما أعلن استعداده
التخلي عن تطوير أسلحة دمار شامل. وتوج
هذه العودة بتطبيع العلاقات مع
الولايات المتحدة في 2008. وفتح خزائن
أسراره عن كل حركات «التحرر» التي كان
يدعمها بالمال والسلاح، من أوروبا إلى
أميركا اللاتينية وآسيا. وقدم القذافي
نفسه بعد هذه الانعطافة، شريكاً يعتمد
عليه في محاربة الهجرة غير الشرعية من
أفريقيا إلى أوروبا. وعوناً في محاربة
الحركات الأصولية. وعلى رغم أنه يستميت
هذه الأيام في التحذير من قيام «إمارات
للقاعدة» في الجماهيرية، فإنه كان من
أكبر المشجعين لإرسال مقاتلين
إسلاميين إلى العراق لمقاتلة
الأميركيين. المجتمع
الدولي الذي يحاول اليوم المساعدة على
التخلص من القذافي ونظامه، لم يبادر
بوضع شروط على إعادة تطبيع العلاقات مع
ليبيا. كان يمكن أن تلزمه الولايات
المتحدة ودول أوروبية أخرى إجراء جملة
من الإصلاحات تراعي حقوق الإنسان، وأن
تدفعه إلى مشاريع تطوير لبنى تحتية
تجعل البلاد تماشي العصر ومتطلباته.
فالمعروف أن ليبيا تمتلك ثروة هائلة من
النفط، وهي سابع أكبر احتياطي في
العالم. لم يهتم الغرب بالإنسان الليبي.
أهتم بتبديل طرابلس سياستها الخارجية
في اتجاه الانخراط في المساعدة على
الحرب ضد الإرهاب. وفتح أبوابها أمام
استثمارات في مشاريع نفطية وإنشاءات. عندما
كان القذافي يعنف التونسيين على
تخليهم عن بن علي، كان يهجس ربما بما
ينتظره. فهو أيضاً جالس على كرسيه منذ
أربعة عقود، بعيداً كل البعد عما يجري
في المجتمع الليبي، فضلاً عما يجري في
الخارج من تغيرات وتبدلات. بل إن بلداً
مثل ليبيا لم يعد ممكناً عزله عما يجري
في العالم، وإن أقفل زعيمه أبوابه في
وجه العالم الخارجي، ولم يرَ في
مواطنيه سوى «جرذان» أو «كلاب ضالة»
إلى آخر هذه الأوصاف التي تدل إلى مدى
الاحتقار الذي يعامل به شعبه. القذافي
يتصرف إلى هذه اللحظة أنه لا يملك
البلاد وثرواتها فحسب، بل يملك ناسها
أيضاً. إذا عصاه هذا الشعب فلا بأس بأن
يأتي بمرتزقة من دول مجاورة في أفريقيا
ليؤدب شعبه. لقد
حاول سيف الإسلام القذافي، بعد نجاحه
في تطبيع العلاقات مع أميركا وأوروبا،
إدخال بعض الإصلاحات على النظام بما
يضمن وراثته السلطة واستمرار النظام.
لكنه لم يفلح على رغم كثرة المحاولات
في مواجهة التيار المتشدد حول والده.
لذلك غادر طرابلس أكثر من مرة محتجاً
ومعترضاً. لكنه كان يعود مرة أخرى
ليحاول المسعى نفسه بلا جدوى. سأل مرة
كيف يختلف مع والده ويغادر البلاد ثم
يعود؟ ألا يستطيع العقيد مساعدته على
الإصلاح إذا كان مقتنعاً بوجوبه
مثلاً؟ كان يجيب أن العلاقات بين أعضاء
أسرة القذافي معقدة. إنهم أشبه بحلقة
ماسونية يستعصي على الخارج أن يدرك ما
يدور داخلها... لكن الابن بدا عند أول
امتحان أنه من قماشة أبيه. بل سبقه إلى
التلويح بحمامات دم وبحرب أهلية لا
تبقي ولا تذر. لذلك لم يكن مفاجئاً أن
يعرج الإعصار على ليبيا. فالواضح
تماماً أن غياب أي أطر أو مؤسسات
دستورية تكون حاضناً للتعبير
الديموقراطي، ومكاناً لمناقشة مشاريع
الإصلاح السياسي، ومنبراً يحتكم إليه
المواطن. فضلاً عن وضع اقتصادي مترد
وغياب تام لمشاريع تنموية تمتص فئات
الشباب العاطلين من العمل... كلاهما
عاملان أساسيان في تفجير الغضب الشعبي.
فكيف إذا أضيف إليهما هذا الشعور
بالمهانة والاحتقار لكرامة الناس من
قبل الحاكم الذي يعاملهم على أنهم
ليسوا موجودين. فكيف يجرأون على الوقوف
بوجهه. ألم يتوجه القذافي إلى جموع
الغاضبين متسائلاً «من انتم»؟! المرحلة
الانتقالية في ليبيا إذاً قد تطول.
وستكون صعبة وأكثر دموية ومختلفة
تماماً عما هي الحال في تونس ومصر. ففي
البلدين مؤسسات عسكرية وأمنية وهياكل
دستورية ومجالس، وإن كانت تحت سطوة
نظام ديكتاتوري. وكذلك هناك مؤسسات
وأحزاب وهيئات ومجتمع مدني. ويمكن هذه
كلها أن تفرز طبقة جديدة تأخذ بيدها
خطوات التغيير والإشراف عليها. أما في
الجماهيرية فلا مؤسسات ولا مجالس ولا
دستور ولا مجتمع مدني ولا أحزاب ولا
هيئات يمكن أن تمد أبناء الثورة
بالخبرات التي تحتاج إليها... هذا النقص
يمكن أن تسد بعضه عودة الليبيين
المنفيين من ديار الاغتراب. في أي حال
إن المرحلة الانتقالية في ليبيا قد
تستغرق وقتاً لإزالة مخلفات الهياكل
التي أقامها القذافي حول شخصه، ثم
التقدم نحو بناء مؤسسات ديموقراطية من
عدم. بالطبع
إن الولايات المتحدة ومعها بعض الدول
الأوروبية يهمها ألا يعرقل دفن نظام
القذافي استمرار تدفق النفط الليبي
إلى الأسواق. سكتت هذه الدول طويلاً
على جرائم القذافي في الداخل والخارج.
بل بدت في الفترة الأخيرة تتسابق لخطب
وده على حساب كل الشعارات التي تنادي
بها، من الإصلاح إلى حقوق الإنسان... لم
تضع عليه أي شرط في مقابل عودته إلى
المجتمع الدولي بعد كل ما فعل في
العالم. وهي تحاول اليوم بالتأكيد ضمان
أن تكون لها كلمة مسموعة أو يد طولى في
النظام الجديد ورسم سياسته. فالواضح أن
هذه الثورات الثلاث التي خرجت من قلب
الشارع لم تبلور قيادات جاهزة. بمعنى
أنها منظمة ولديها برنامج واضح لإعادة
بناء المؤسسات وإدارتها، باستثناء
القوى الإسلامية التي ليست بالتأكيد «القاعدة»
لكنها أيضاً لن تكون قريبة من السياسة
الغربية كما كانت الحال مع مبارك وبن
علي... والقذافي! وإذا
كان الليبيون يعارضون اليوم بوضوح أي
تدخل عسكري أجنبي، أميركي أو أوروبي
للمساعدة في إطاحة النظام ووقف حمام
الدم، فإن هذا الموقف لا يعفي المجتمع
الدولي من مسؤولياته. وإذا كانت
العقوبات لا تكفي، وهي لن تكفي، وهناك
تجربة نحو عقد من العقوبات مع النظام
لم تترك أي أثر. المطلوب استعجال قيام
منطقة حظر طيران فوق طرابلس، آخر معاقل
العقيد. والضغط على بعض دول الجوار
لمنع وصول المرتزقة الذين يمكن أن
يطيلوا عمر النظام، ويدخلوا البلاد في
تجربة تهدد وحدتها... الجماهيرية إلى
أفول والمهم ألا يطول الانتظار. أحد
أبطال الروايات التاريخية لابراهيم
الكوني، الكاتب الطوارقي الليبي، كان
حاكماً على طرابلس في القرن الثامن عشر
يخرج في جولة على شوارع المدينة،
فيجدها خالية من الناس. يتساءل بأسف ما
معنى أن يكون حاكماً ذا سلطان وجاه في
مدينة بلا شعب!؟ هل يحول القذافي
طرابلس مدينة بلا شعب قبل أن يرحل؟ ====================== تساؤلات
حول ما يحدث في المنطقة العربية باسم
الجسر الشرق
الاوسط 28-2-2011 كُتب
وقيل الكثير عن «هذا» الذي حدث، ولا
يزال يحدث، في العالم العربي. في تونس،
أولا، ثم في مصر، وامتد، وإن بدرجات
وأشكال مختلفة، إلى ليبيا والبحرين
واليمن والأردن. وربما غدا إلى بلدان
مغربية أو مشرقية أخرى. البعض سماه
ثورة تاريخية، والبعض الآخر انتفاضة
شعبية. لكن أيا كان الوصف أو كانت
النتائج الآنية أو المنتظرة، فإن
المراقب لا يستطيع سوى التوقف عند بعض
مظاهر وظواهر ما حدث، ومواقف الدول
الكبرى والإقليمية والعربية منه، وأن
يطرح أسئلة لا بد من طرحها: 1)
السؤال الأول: لماذا حدثت هذه
الانتفاضات، اليوم، ولم تحدث من قبل؟
لماذا بعد ثلاثين أو أربعين سنة من
الحكم السلطوي والحزبي الأوحدي، وليس
بعد عشر أو عشرين؟ هل لأن عوامل وأسباب
تفجير الانتفاضة الشعبية، الداخلية
والدولية، لم تتوافر من قبل؟ أم لأن
العوامل الدولية والإقليمية الراهنة
تفاعلت مع العوامل الداخلية، فكان
الانفجار؟ وهل ما حدث كان لأسباب
داخلية فقط، أم أن هناك مصالح ودوافع
دولية وإقليمية سهلت حدوثه ونجاحه؟ 2)
السؤال الثاني هو حول موقف أو دور
الولايات المتحدة الأميركية - وبعض
الدول الأوروبية الكبرى - التي تخلت عن
أنظمة حليفة أو صديقة، أو قامت بالضغط
عليها للتسليم بمطالب الشعب المنتفض.
فقد يكون مرد هذا الموقف الانسجام مع
ما لا تكف واشنطن ولندن وباريس عن
تكراره حول دعمها للديمقراطية والدفاع
عن الحرية وحقوق الإنسان. كما قد تكون
له أسباب استراتيجية أخرى، سوف تكشفها
الأشهر أو السنوات المقبلة، وفي
مقدمتها المراهنة على قيام أنظمة
ديمقراطية عربية تقطع الطريق على
الدعوات الإسلامية الأصولية
المتطرفة، التي نبع الإرهاب الدولي من
رحمها. 3)
السؤال الثالث هو حول دور وسائل
الإعلام والتواصل الحديثة في اندلاع
ومساندة الانتفاضات الشعبية، وربما في
انتصارها. فبفضل هذه الوسائل تمكن دعاة
الانتفاضات من تحريك الشعب، كما تمكنت
قنوات التلفزيون (لا سيما «الجزيرة»
التي تؤيد الشعوب العربية على الحكام
في أكثر من برنامج) من إيصال أصوات وصور
الجماهير الثائرة إلى كل أنحاء
العالم، وبالتالي الضغط على الحكم
والحكام المنتفض عليهم. فمن الآن
فصاعدا بات على كل حكم في العالم أن
يدخل في حساباته دور وسائل الإعلام
والتواصل الحديثة (من إنترنت وهاتف
جوال ومحطات تلفزيونية). فزمن
الاستيلاء على الإذاعة كأول خطوة
للقيام بانقلاب عسكري، قد ولى إلى غير
رجعة، وباتت محطة تلفزيونية، في دولة
صغيرة، تؤثر على نفوس وعقول عشرات
الملايين من الناس في العالم. 4) بعد
انتقال الانتفاضات الشعبية من تونس
إلى مصر فليبيا والبحرين، وربما إلى
اليمن والأردن وغيرهما من الدول
العربية، يحلو لبعض المراقبين
الغربيين أن يشملوا كل الانتفاضات في
ظاهرة واحدة سموها «انتفاضة الشعوب
العربية». والتسمية جائزة. لكن ما يجب
تجنبه هو وضع كل الشعوب العربية
والإسلامية «في سلة واحدة». أي اعتبار
أوضاعها واحدة أو متشابهة، وكل أنظمة
الحكم فيها فاشلة. فنجاح انتفاضة في
إقامة نظام ديمقراطي برلماني في هذا
البلد، قد يؤدي، في بلد عربي آخر، إلى
حرب أهلية أو تقسيم. والإصلاح هنا هو
غير الإصلاح هناك، نظرا لتفاوت
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بين
الدول العربية. 5)
ملاحظة أخرى، لا أخيرة، ألا وهي غياب
مؤسسة جامعة الدول العربية التام عن
المشهد. صحيح أن الأمين العام قد انتهت
مدة ولايته، وبات يرنو إلى رئاسة
الدولة المصرية الجديدة، وأن مصر كانت
مشغولة بنفسها، لكن أين هو عقد التضامن
والأخوة ووحدة المصير القومي العربي،
المكرس في المواثيق والمؤسسات
المشتركة؟.. هل تراه انفرط؟ 6) لقد
تبين من الانتفاضات وشعاراتها أن
قياداتها لم تكن «إسلاموية»، رغم
تصريحات مرشد الثورة الإيرانية وفتاوى
الشيخ القرضاوي. بل إن الشباب التونسي
والمصري والليبي الثائر هو مدني
النزعة وعلماني التفكير وديمقراطي
الهوى. وقد كتب الخبير الفرنسي
بالحركات الأصولية الإسلامية «أوليفييه
لوروا» يقول: «إن ما حدث في تونس ومصر،
يؤكد تراجع المد الإسلاموي الأصولي
سياسيا في العالم العربي». غير أن ذلك
لا يحول دون محاولة الإخوان المسلمين
والقوى السياسية الأصولية في المنطقة،
ركوب موجة الانتفاضة، للقفز إلى الحكم..
ولا دون محاولة إيران استغلال هذه
الفرصة لمد نفوذها في الدول العربية. 7 دلت
هذه الانتفاضات على أن الشعوب العربية
ليست ميتة، لكنها كانت نائمة.. وعلى أن
الاستقرار على حساب الحرية، لا يدوم..
وأن الإنسان في بداية القرن الحادي
والعشرين لا يقبل بأن تنتزع منه حريته
وحقوقه وكرامته. 8) لقد
دخل العالم العربي بأسره، والشرق
الأوسط، على الأخص، في مرحلة تاريخية
جديدة، قد تكون حافلة بالاضطرابات
والقلاقل والتحولات، لكنها لن تكون
أسوأ من المرحلة التي سبقت الانتفاضات
والثورات الشعبية. والعالم والعرب
بأسرهم يتطلعون إلى «مصر الجديدة»
لتعود فتلعب دورها الرائد في العالم
العربي بالتعاون مع الأنظمة العربية
الديمقراطية ومع المملكة العربية
السعودية التي تشكل الركن الآخر في
العالم العربي. 9) لقد
«تلاقت» الولايات المتحدة وإيران، في
تأييدهما لانتفاضة الشعب في تونس ومصر
وليبيا، رغم الحرب الباردة الناشبة
بينهما. فإيران تريد محاربة الولايات
المتحدة بالإسلام، وهذه الأخيرة تريد
أن توقف المد الثوري الإيراني
بالديمقراطية. والمهم هو ألا يدفع
العرب ثمن صراع هاتين الدولتين حول
الهيمنة على الشرق الأوسط، ولا ثمن
توافقهما على تغيير الأنظمة العربية
الحاكمة، وألا ينتهي الأمر بقطف
إسرائيل ثمار هذه الزلازل العربية
المتمادية. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |