ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 02/03/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

مخاوف مشروعة وضمانات حقيقية

د. عصام العريان

اخوان اون لاين

1-3-2011

سقط رأس النظام وبعض أتباعه لكن النظام المصري ما زال يحاول جاهدًا البقاء لاعتبارات عديدة.

هناك الجيش الذي تولى السلطة على غير قواعد دستورية بناء على الشرعية الثورية التي يتعامل معها على أنها لم تكتمل، وما زال يعمل وفق الدستور القائم قدر الإمكان، ولذلك عطَّله مؤقتًا ليستطيع تولي السلطة، وإجراء انتخابات نزيهة لبرلمان جديد ورئاسة جديدة، على وعد بالعودة إلى الثكنات بعد أن كرّّس للمؤسسة الحق في حماية إرادة الشعب لأول مرة في التاريخ المصري.

وهناك أجهزة الدولة ومؤسساتها التي سخّرها النظام السابق لصالح شخص رئيس الدولة وعائلته وحاشيته، فمارست قمعًا لا نظير له، وفسادًا لم يعد يكفي القول بأنه يزكم الأنوف، بل تسبب في اختناق المصريين الذين فوجئوا بحجمه وانتشاره واتساعه وعمقه وتغلغله في أوساط عديدة، والشعب ينادي بتطهير تلك الأجهزة والمؤسسات التي هي ملك للشعب، ويريد استعادتها مع المليارات التي سرقها لصوص العصابة التي أمسكت بمقاليد الأمور خلال العقود الثلاثة الماضية.

وهناك فلول الحزب الحاكم سابقًا وحواشيهم ورجال أمن الدولة والمباحث والأمن العام (خاصة القيادات) التي تورطت في الفساد، والأخطر من ذلك أنها تورطت في سفك دماء الثوار، واعتقال المئات وتعذيبهم ببشاعة؛ لإجهاض الثورة، واستمروا في ذلك ولا يزالون في محاولاتهم مستمرون، ويستخدمون في ذلك إثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وإثارة العمال والموظفين للمطالبة بحقوق مشروعة في جوهرها إلا أن توقيت المطالبة وكيفيتها يربك المرحلة الانتقالية، في غياب تنظيمات نقابية منتخبة بحرية تتولى عملية التفاوض لنيل الحقوق والمطالب، والمحاسبة لم تتم على الجرائم الحقيقية بينما بدأت بالحواشي ولم تصل بعد إلى النخاع.

وهناك القوى السياسية، سواء تلك الحزبية التي عاشت في ظلِّ النظام السابق راضية بقدرها ونصيبها أو تلك الاحتجاجية التي كانت في قلب الثورة، أو الأغلبية التي كانت صامتة وتحركت أخيرًا بعنفوان الثورة، وتريد كل تلك القوى جميعًا التقاط الأنفاس؛ لإعادة ترتيب أوضاعها، وقد انت بصورة أو أخرى جزءًا من أوضاع قديمة تغيرت الآن.

وهناك الإخوان المسلمون الذين صبروا طويلاً، وصابروا كثيرًا، ورابطوا أمام مطالب الشعب، ونجحوا في المشاركة الفعّالة، وتنظيم الصفوف وحماية الشعب، وضحوا بآلاف المعتقلين، ومئات المسجونين بعد محاكم عسكرية استثنائية، ومات منهم تحت التعذيب شهداء، ويمتلكون تنظيمًا جيدًا، وشعبية معقولة، وإرادة صلبة، وغاية واضحة محددة لنيل رضا الله ورضوانه، وكانوا على قدر المسئولية؛ حيث قدَّموا المقاصد العليا للشريعة الإسلامية، كالحرية والعدل والمساواة والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية على الفروع الجزئية والطقوس الشكلية، وأنكروا ذواتهم أثناء الثورة، ورغم كل ذلك أثار المتطرفون من العلمانيين من رعايا النظام السابق وبعض المخلصين المشفقين على مستقبل الوطن قدرًا من المخاوف بعد جمعة النصر التي خطب فيها الشيخ القرضاوي في المصريين جميعًا، بالرغم من نصيحة الإخوان له بعدم الحضور، ورغم عودته سريعًا إلى وطنه الثاني في قطر، فما زال هؤلاء يثيرون المخاوف ويشبهونه بالخميني، رغم التباين الكبير بين المذهبين السني والشيعي، وبين الرجلين، وبين البلدين، وبين السلوكين.

ورغم إشادة الجميع بخطاب الشيخ ودوره في الثورة، فقد مارسوا ضدَّه حملة كراهية، وأدَّعو أنه منع الشاب وائل غنيم الذي يشاركه- أحد لإخوان في صفحة كلنا خالد سعيد- عبد الرحمن منصور، بينما الذي منعه كان شابًّا يساريًّا لسبب مختلف تمامًا، وهو أن شباب ائتلاف الثورة اعتبره من الثورة المضادة؛ بسبب دعوته لعدم الحضور إلى يوم جمعة النصر، ولأنه كان يعد مع آخرين لاحتفال آخر حاشد في الصالة المغطاة مع د. حسام بدراوي كما يتردد، بينما قال الشيخ إنه لا يعرف وائل شخصيًّا، وقد لا يطابق شخصه على صورته، وأنه لم يكن بين المنظمين، كما أن الإخوان لم يحتكروا التنظيم للصلاة، وقد سبق صلاة الجمعة قدّاس للأخوة المسيحيين.

هل يعني ذلك أنه ليست هناك مخاوف أثناء المرحلة الانتقالية التي لن تنتهي بمجرد إجراء الانتخابات بل ستستمر إلى فترة أخرى لعلها تستمر 5 سنوات، وهي فترة البرلمان القادم، وستكون المهام الرئيسية فيها هي:

1- إرساء قواعد واضحة لحياة سياسية وحزبية جديدة.

2- بناء نظام ديمقراطي حقيقي يمتلك الشعب فيه السلطة، ويمارسها وفق الدستور والقانون.

3- استرداد ثروات الأمة المنهوبة خلال النظام السابق، وإعادة تدويرها لتنمية حقيقية.

4- الاتفاق الوطني العام على دور الجيش في الحياة العامة، وحماية إرادة الشعب، والدفاع عن الوطن.

5- الاتفاق الوطني العام على دور مصر العربي والإقليمي والإسلامي والإفريقي والدولي.

في هذه المرحلة سنحتاج إلى إجراءات عديدة من أهمها:

1- تعديلات جوهرية على الدستور، خاصة توزيع السلطات، وتقليص صلاحيات الرئيس، أو إعداد دستور جديد بانتخاب جمعية تأسيسية يشرف عليها البرلمان، ويتم التصويت على مواده في البرلمان ثم الاستفتاء الشعبي عليه.

2- مراجعة شاملة لترسانة القوانين المكملة للدستور، والتي تنظِّم الحياة العامة بالذات، وهذا دور البرلمان والمشرعين الجدد الذين يجب انتخابهم وفق هذا الدور، وتعاونهم في لجان متخصصة من فقهاء القانون والدستور وكبار القضاة.

3- إعادة النظر في أحوال العاملين بالدولة من المدنيين، وجهاز الشرطة، والقضاة، والقوات المسلحة، ليتمكنوا من حياة كريمة.

4- بناء جهاز الشرطة من جديد لمهمة جديدة، وهي خدمة الشعب، وليس خدمة النظام.

5- إعادة النظر في نظام الإدارة المحلية، وإجراء حوار وطني شامل حول الانتقال إلى الحكم المحلي.

اليوم تنتاب الكثيرين من المصريين مخاوف مشروعة حول هذه المرحلة الانتقالية.

أهم تلك المخاوف في تقديري هي:

أولاً: عدم القدرة على تحمل المسئولية.

فالحرية لا تعني الفوضى، ولكنها تعني المسئولية.

والمصريون اليوم أمام تحدٍّ خطير، وهي أن يتحولوا من رعايا إلى مواطنين.

والنواب الجدد لن يكونوا موافقين على طول الخط، ولن يبصموا على مشروعات القوانين التي تأتي من الحكومة، بل يمكن أن تكون لهم الأسبقية في التشريع، كما في الدول المتقدمة، أو على الأقل شركاء للحكومة في اقتراح القوانين.

والمجالس المحلية في حالة تحولها إلى حكم محلي ستكون لها سلطات كبيرة في الإدارة المحلية، وليست مجرد هياكل صورية يشملها فساد رهيب.

والشعب سيحترم القانون ويقوم بدوره في الرقابة على الجميع.

والإعلام سيكون مختلفًا جدًّا، إعلام حرٌّ مسئول.

والأحزاب لن تكون مجرد معارضة صورية على طول الخط، بل ستكون أحزابًا حقيقيةً تستعد حال معارضتها لتتحول إلى الحكم إذا فازت بثقة الشعب، وبلك لن تصرخ كما في الماضي، بل تقدم البدائل الجادة إذا عارضت أو توافق عن بينة.

الخوف من المسئولية يشمل الجميع، والسؤال هل ننجح كمصريين في تحمل المسئولية والقيام بالأمانة كما نجحنا في الثورة العظيمة التي غيّرت النظام، أو في طريقها لاكتمال تغييره.

يقول الله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢)﴾(الأحزاب).

الخوف هنا مبرر، فلم نتعود على ذلك ليس في تاريخنا الحديث، بل في معظم فترات تاريخنا على مدار العصور.

نحن أمام تحدٍّ تاريخي، وأنا متفائل بالمستقبل؛ لأن الشباب المصري حاليًّا من كلِّ الأطياف أثبت أنه قادر على اجتياز الصعوبات، وتخطى العقبات، وصنع الأحلام، وهذا حلم للمستقبل.

ثانيًا: الخوف من التدخل الأجنبي وعورة الوصاية الخارجية:

يرتبط خوفنا من تحمل المسئولية والنجاح في الاختيار التاريخي بالخوف من التدخل الأجنبي في حال الفشل.

هذه الثورة المصرية تحقق في الجوهر الاستقلال الحقيقي لمصر، بعد أن كان استقلالنا ناقصًا؛ لأنه لا يتحقق للأمة استقلال تامًّا إلا بأن تتحرر من أي هيمنة أجنبية، عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو روحية أو ثقافية.

ولذلك وضع الإمام الشهيد حسن البنا تحقيق هذا الهدف في المرتبة الرابعة بعد إصلاح النفس، وتكوين البيت، وإرشاد المجتمع.

لقد نجح الأوروبيون في إجهاض محاولة الاستقلال التي قادها محمد علي، وحاول فيها بناء مصر حديثة ذات استقلال عن الخلافة العثمانية، وفي عام 1940م تمَّ تحجيم تلك المحاولة بمعاهدة لندن، وما زلنا حتى يومنا هذا نعيش في ظلِّ تلك المعاهدة بصورة أو بأخرى.

اليوم نحن أمام تحدٍّ حقيقي أن نستكمل استقلالنا في كلِّ الجوانب التي ذكرتها، ونحن أهل لذلك؛ لأن ثورتنا لم تستند إلا إلى إرادة الله وحده، وصنعناها بأيدينا دون مساعدة أحد، وفاجأتنا كما فاجأت الجميع بما فيهم أمريكا، وبثَّت الخوف في نفوس أعدائنا الذين يتسابقون اليوم للتدخل في أمورنا، فهل نسمح لهم من جديد بالتدخل في أمورنا وشئوننا، أم نتحمل المسئولية كرجال دولة بعد أن كنا ثوارًا يشيد بنا الجميع.

بقية المخاوف المشروعة هي:

1- بقاء الجيش في الحكم، وإطالة الفترة الانتقالية، وعدم نقل السلطة إلى الشعب أو نقلها صوريًّا أي بقاء عسكرة الحياة السياسية.

2- الثورة المضادة ومحاولة فلول الحزب الوطني إجهاض الثورة.

3- صناعة فرعون جديد بصلاحيات مطلقة أو شبه مطلقة، وعدم التحول إلى نظام رئاسي برلماني يتم فيه توزيع السلطات والفصل بينها.

4- سيطرة اتجاه واحد وحزب واحد على الحياة السياسية، وهنا بالذات الخوف من الإخوان المسلمين، ويرتبط بذلك الخوف غير المبرر من ما يُسمى بالدولة الدينية، وهي وهم لا يعرفه الإسلام خاصة أهل السنة.

ولنا عودة إلى مناقشة تلك المخاوف إن شاء الله.

ما هي الضمانات الحقيقية لتبديد تلك المخاوف جميعًا؟

الضمان الأصلي هو رعاية الله تعالى لتلك الثورة وهذا الشعب الصابر، والتي تجلَّت في عنوان ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾(الأنفال: من الآية 17).

والضمان الثاني هو صحوة الشعب المصري التي علينا أن نمدها بالماء والغذاء والهواء حتى تستمر وتتحول إلى طاقة عمل لبناء مصر من جديد.

والضمان الثالث هو الفرز الجاد للنخبة المصرية (سياسية وفكرية واقتصادية واجتماعية) حول مهام المرحلة المقبلة، والذي سيؤدي بالتالي إلى وضوح المواقف أمام الشعب المصري ليختار عن بينة.

والضمان الرابع هو التحول الضخم الذي يجري في المنطقة كلها نحو الحريات العامة.

ولن يستطيع أحد أن يعيد عجلة التاريخ إلى الوراء.

===================

من يحدد استخدام السلاح؟

آخر تحديث:الثلاثاء ,01/03/2011

عبدالجليل المرهون

الخليج

ما الجهة التي تحدد استخدام السلاح؟ تحت أي ظروف حصرية يستخدم، ومتى يغدو محظوراً ومحرماً؟ هل الدول المصدرة هي من يحدد هذا الأمر، أم الدول المستوردة؟ وأين يقف القانون الدولي من ذلك؟ وما الخطوات التي اتخذتها الأسرة الدولية حتى اليوم على طريق بلورة القواعد والإجراءات الملزمة لكل من المصدرين والمستوردين؟

أجل، ثمة أصوات عديدة قد ارتفعت اليوم، في مختلف أرجاء المعمورة، تطالب بوضع قوانين وإجراءات إلزامية تحرّم، على نحو لا لبس فيه، اللجوء إلى السلاح في الحالات غير الحربية .

وكانت قد اختتمت في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، في الثالث والعشرين من يوليو/تموز الماضي، الجولة الأولى من المحادثات الهادفة إلى صياغة معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة التقليدية .

ومن المقرر أن يُعقد اجتماع موسعّ، في العام المقبل، على مدى أربعة أسابيع، للتفاوض على المعاهدة المقترحة .

وقد تقدمت بمشروع القرار، المتعلق بصياغة هذه المعاهدة، كل من الأرجنتين وأستراليا وكوستاريكا وفنلندا واليابان وكينيا وبريطانيا .

وتهدف هذه المعاهدة إلى تحديد قواعد موحدة لمبيعات الأسلحة على نطاق دولي، من البنادق الخفيفة إلى الدبابات والطائرات الحربية، لتكون بديلاً عن القوانين القومية المختلفة، المتفاوتة في ما بينها، والمليئة بالثغرات .

ومن المنتظر أن تكون المعاهدة المرتقبة ملزمة من الناحية القانونية . وأن تشدد الضوابط، وتضع معايير دولية لاستيراد الأسلحة التقليدية وتصديرها ونقلها . وستبقى الدول مسؤولة عن السيطرة على تنظيم صادرات سلاحها، ولكنها ستكون ملزمة بتقييم كل صفقة تبرمها وفق معايير المعاهدة، كما ستجري عمليات نقل السلاح كتابة وبشكل مسبق .

وقد بات مبدأ إبرام المعاهدة متفق عليه من قبل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والبالغ عددها 192 دولة .وتحقق هذا الإجماع بعد أن جرى التعهد بأن تدار المفاوضات التمهيدية على أساس توافق الآراء، مع منح كل دولة حق الفيتو ضد أي بند في مشروع المعاهدة، ترى فيه تصادماً مع مصالحها الوطنية . وقد وصف أحد الدبلوماسيين مستوى التوافق الدولي على هذه المعاهدة بأنه “رمز جديد للعولمة” .

ومنذ ديسمبر/ كانون الأول ،2006 صوتت 153 دولة إلى جانب بدء العمل من أجل وضع معاهدة عالمية لتجارة الأسلحة . وفي السنة التالية، قدمت الدول المختلفة ردودها إلى الأمين العام للأمم المتحدة . وفي عام ،2008 بدأ العمل الفعلي من أجل بلورة الأفكار المختلفة، مع عقد مجموعة من الخبراء الحكوميين سلسلة اجتماعات تحضيرية . وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2009 أجازت الجمعية العامة للأمم المتحدة إجراء محادثات رسمية بين الدول لصياغة المعاهدة المنشودة .

وكانت فكرة المعاهدة قد ولدت في الأصل من مبادرة أطلقتها أربع شخصيات عالمية حاصلة على جائزة نوبل للسلام . وتبنى الفكرة بعد ذلك وطورها عدد من المنظمات الدولية غير الحكومية . كما تحظى الحملة من أجل المعاهدة بدعم أكثر من 800 منظمة من منظمات المجتمع المدني في مختلف دول العالم . وقد حشدت منذ انطلاقتها، في أكتوبر/ تشرين الأول ،2003 ما يربو على مليون شخص .

ويشير دعاة إبرام المعاهدة الدولية لتنظيم تجارة السلاح، إلى حقيقة الخسائر البشرية الفادحة، التي يتسبب فيها الانتشار الكبير والمنفلت للأسلحة، على اختلاف أنواعها .

ووفقاً لإحصاءات الهيئات الدولية الإنسانية، فإن هناك أكثر من ألفي شخص يموتون كل يوم حول العالم، بسبب استخدام السلاح الناري .وأكثر من شخص يموت كل دقيقة .

وهناك أكثر من مليون شخص، أغلبهم من المدنيين، ماتوا بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، نتيجة اللجوء للأسلحة النارية، منذ عام 2006 . وذهب أكثر من سبعمئة ألف من هؤلاء القتلى ضحية نزاعات سياسية . وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها، أدى اللجوء إلى السلاح في النزاع السياسي المحلي إلى مصرع ما يقدر بنحو ثلاثة ملايين شخص منذ عام 1998 .

ومن وجهة نظر الهيئات الدولية الإنسانية، تعتبر الدول التي تنتج أو تصدّر الأسلحة، ذات دور مؤثر في ضمان احترام القانون الدولي الإنساني، وذلك نظراً لقدرتها على توفير أو حجب الوسائل التي قد ترتكب بواسطتها الانتهاكات .

وقد تعهدت الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف في عام ،2003 “بجعل احترام القانون الدولي الإنساني أحد المعايير الأساسية التي يقوم عليها تقييم قرارات نقل الأسلحة” . وشُجعت على إدراج هذه القواعد في القوانين والسياسات الوطنية, وفي المعايير الإقليمية والعالمية .

وفي المجمل، تعد تجارة السلاح من أكثر أنواع التجارة رواجاً وانتشاراً على صعيد كوني . وحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI)، فقد استوردت دول العالم، خلال الفترة بين 1999/ ،2009 أسلحة ومعدات حربية بقيمة 235038 مليون دولار .

وأياً يكن الأمر، فنحن بصدد عالم على قدر غير مسبوق من العسكرة، إذ لم يشهد التاريخ البشري مثل هذا المستوى من الانتشار والتكدس للسلاح والعتاد الحربي .

والمطلوب من معاهدة تنظيم تجارة الأسلحة، التي يجري التداول بشأنها، أن تضع ضوابط ذات مصداقية، لسياسات إنتاج وتصدير واستخدام السلاح، بأنواعه المختلفة . وأن تمتلك هذه المعاهدة من آليات المراقبة ما يؤهلها لتجسيد ضوابطها ومعاييرها على أرض الواقع . وأن تكون للمجتمع الدولي، في الوقت ذاته، أدوات ردع سياسية وتجارية فاعلة، ضد كل من يتجاوز معايير المعاهدة .

===================

مصر... رؤية أميركية لدعم الديمقراطية

توماس كاروثرز

نائب رئيس قسم الدراسات بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

الاتحاد

تاريخ النشر: الثلاثاء 01 مارس 2011

في الوقت الذي تنشغل فيه الولايات المتحدة بتقييم الانتفاضات المشتعلة في عدد من بلدان الشرق الأوسط، وتهرع لدعم عملية الانتقال الديمقراطي الوليدة في مصر، تجد أمامها العديد من الأفكار الموضوعة على الطاولة. من بين تلك الأفكار فكرة - سيئة للغاية - تتردد الآن على نحو شبه دائم في واشنطن، مفادها أن الولايات المتحدة إذا أرادت مساعدة مصر في الاستعداد للانتخابات، فإن الواجب عليها ليس فقط دعم عملية تطوير الأحزاب السياسية - وهي عملية معقولة على الرغم مما تنطوي عليه من حساسية - وإنما تأييد جانب واحد من الطيف الحزبي، وهو بالطبع الجانب العلماني الليبرالي الذي تشعر بالراحة معه. وهذه في الحقيقة وصفة مؤكدة للمتاعب.

وهناك اقتراحات أخرى أكثر معقولية منها على سبيل المثال الاقتراح الذي قدمه السفير السابق "مارتن إنديك" مؤخراً ودعا بموجبه الحكومة الأميركية لضخ المزيد من الأموال في ماكينة ترويج الديمقراطية الهائلة التابعة لها، من أجل مساعدة القوى العلمانية المصرية الشابة على تنظيم نفسها، والاستعداد للانتخابات المقبلة. وفي هذا السياق أيضا قال النائب" إيلينا روس ليهتينين"(جمهوري من فلوريدا) إن "التعاطي مع الأخوان المسلمين يجب ألا يكون من بين المقترحات المطروحة على الطاولة"، كما قال النائب"هاورد برمان"(ديمقراطي من كاليفورنيا) إنه لا يجب على الولايات المتحدة بحال تلقين المصريين بشأن من يسمحون له بالمشاركة في حياتهم السياسية، ومن يمنعون، وأن تقتصر وظيفتها بدلا من ذلك"على المساعدة على إيجاد بديل للإخوان المسلمين".

من ضمن المشكلات الدائمة التي كانت تواجهها الولايات المتحدة في سياق جهودها لدعم الديمقراطية في الخارج، تلك المتعلقة بالحفاظ على ذلك الخط الدقيق بين دعم المبادئ الديمقراطية الأساسية مثل الانفتاح السياسي، والمنافسة الحرة، وبين محاولة صياغة نتائج انتخابية معينة تصب في مصلحتها بطبيعة الحال.

فما كان يحدث في الكثير من الحالات أننا عندما كنا نبدأ في اختيار مرشحينا المفضلين من بين طائفة من المتنافسين السياسيين، ثم نسعى إلى منحهم دفعة للأمام، فإننا كنا ندوس على ذلك الخط غالباً. فتلك الجهود الرامية إلى صياغة شكل النتائج الانتخابية، لم تكن تؤدي فقط لتقويض مصداقيتنا وإنما كانت ترتد بالسلب على نفس الأشخاص الذي كنا نسعى إلى مساعدتهم. ولعلنا نتذكر هناك مدى عدم جدوى الجهود التي بذلها الدبلوماسيون الأميركيون في العراق لوضعهم ثقلهم وراء مرشحين معينين أو أحزاب معينة خلال الانتخابات، التي جرت في هذا البلد منذ 2005.

وإذا قرر المصريون السماح للإخوان المسلمين بالمشاركة في انتخاباتهم الرئاسية والبرلمانية القادمة، وهو قرار سيتخذوه من خلال عملية الإصلاح الدستوري التي يقومون بها في الوقت الراهن فإن الواجب علينا في مثل هذه الحالة، وإذا كنا نرغب حقاً في تقديم المساعدة لعملية تطوير الأحزاب السياسية المصرية. المفاضلة بين شيئين لا ثالث لهما: فتح برامجنا أمام جميع الأحزاب المسجلة رسمياً، والتي لا تمارس العنف، أو البعد تماماً عن دعم حزب أو أحزاب معينة.

هناك احتمال أن يختار "الإخوان المسلمين" عدم المشاركة في أي برنامج لتدريب الأحزاب تقدمه الولايات المتحدة، (تركز هذه البرامج عادة على تنظيم الأحزاب، وكيفية إدارة الحملات الانتخابية، وغيرها من الأنشطة الأساسية الحزبية)، ولكن هناك احتمالاً أيضاً أن يقرروا المشاركة فيها، وهو احتمال لن يكون سيئاً للدرجة التي يعتقدها البعض.

ويُشار هنا إلى أن "المعهد الديمقراطي الوطني"، الذي يعمل مع الصناديق الحكومية الأميركية الرسمية، كان داعماً نشطاً وفعالًا لعمليات تطوير الأحزاب السياسية في عدد من الدول العربية خلال السنوات العشر الأخيرة. وكان هذا المعهد يقوم بشكل متكرر، بإدراج الأحزاب الإسلامية ضمن قائمة الأحزاب التي كان يقدم لها خدماته. ومن بين تلك الأحزاب على سبيل المثال"جبهة العمل الوطني" في الأردن، و"حزب العدالة والتنمية" في المغرب، وحزب" الإصلاح" في اليمن. وهذه العملية لم تضر بالجهود الأميركية في هذا الشأن بل أدت، على العكس من ذلك، إلى العديد من الحوارات المثمرة بين الأحزاب الإسلامية العربية وبين الأميركيين.

إنه لأمر جيد في الحقيقة أن تستيقظ الولايات المتحدة في نهاية المطاف، بعد عقود طويلة من تقديم الدعم للأنظمة في عدد من الدول العربية، وأن تبدي استعدادا للوقوف إلى جانب الديمقراطية. بيد أنه من الواجب علينا مع ذلك إدراك أن اللاعبين السياسيين المحليين في العالم العربي - وعلى النقيض من نظرائهم في أوروبا الوسطى والشرقية عام 1989 - ينطوون على شك هائل ومرير في أحيان كثيرة في صدق نوايا الديمقراطية.

فتاريخنا في الوقوف إلى جانب الأنظمة الاستبدادية معروف جيداً، في الوقت الذي لم يزل موقفنا الجديد في الوقوف إلى جانب الديمقراطية والتحرر في طور التبلور. وهناك من الظواهر ما يزيد من احتمالات الشك، منها على سبيل المثال إنه عقب إعلان أوباما استعداد حكومته لمساعدة مصر في سعيها نحو الديمقراطية، قام رئيس الأركان المشتركة الجنرال "مايك مولين" بزيارة دول عربية لطمأنة حكامها بشأن استمرار الصداقة والدعم الأميركي.

إذا أردنا مساعدة الديمقراطية على التجذر في مصر فإن مهمتنا، حسب نص عبارات النائب"برمان" تتمثل في البدء أولاً ببناء مصداقيتنا، ثم المضي قدماً بعد ذلك على أساس من مبادئنا الديمقراطية مثل الانفتاح والإدماج، لا المحسوبية السياسية والإقصاء. فتلك في نظري ستكون طريقة جيدة للبدء في جهودنا من أجل مساعدة قضية التحول الديمقراطي الحقيقي في مصر.

===================

ازدواجية السياسة الخارجية البريطانية

المصدر: صحيفة «إندبندنت» البريطانية

التاريخ: 01 مارس 2011

البيان

ألقى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مؤخراً، كلمة أمام البرلمان الكويتي، دعا فيها الحكومات على امتداد العالم العربي إلى تلبية تطلعات شعوبها المشروعة من أجل الحرية. واعترف كاميرون بأن بريطانيا كانت مخطئة في الماضي، عندما دعمت الأنظمة القمعية بحجة الاستقرار. لكن الأفعال أجدى من الكلمات. فلا يمكن لخطاب كاميرون، أن يخفي حقيقة أنه يسعى للتعاون مع بعض القادة الذين ينكرون على شعوب المنطقة حريتهم. ولقد رافق كبار المديرين التنفيذيين في القطاع الدفاعي البريطاني رئيس الوزراء البريطاني في هذه الجولة الإقليمية. وبينما كان يشيد بالحرية في الكويت، كان عدد من المسؤولين البريطانيين يقومون على الصعيد العملي بما هو نقيض لذلك تماماً. ينفي كاميرون علاقته بمجال تسليح الطغاة على امتداد العالم، بحجة أن بريطانيا لديها أشد القواعد صرامة في ما يتعلق بصادرات الأسلحة. ولكن في العام الماضي، سمحت هذه القواعد ببيع الغاز المسيل للدموع والمعدات العسكرية إلى عدد من الدول العربية، وفي مقدمتها ليبيا التي هاجم رئيسها المتظاهرين العزل بوحشية في الأيام الأخيرة!

أشار كاميرون أيضاً في كلمته إلى حرب الخليج الأولى لتبرير مبيعات الأسلحة، موضحاً أن بريطانيا جاءت للدفاع عن الكويت في عام 1990، عندما تعرضت للغزو العراقي في عهد الرئيس السابق صدام حسين. قد يكون هذا الأمر صحيحاً، لكن الممارسات البريطانية في العديد من أرجاء العالم تكشف عن الازدواجية القائمة بين تصريحات مسؤوليها وأفعالهم. وسوف ينخدع كاميرون إذا تصور أنه يمكنه التبشير بمصداقية بالديمقراطية، بينما يدعم الأنظمة المستبدة. كان بإمكان رئيس الوزراء البريطاني بكل سهولة، إلغاء هذه الرحلة نظرا لحساسية الموقف في المنطقة، أو أن يطلب من التنفيذيين الذين رافقوه في رحلته البقاء في بريطانيا. عدم قيامه بذلك يوحي إما بالغطرسة المفرطة، أو بالجهل حول الكيفية التي سيتم بها تقييم سلوكه. وفي كلتا الحالتين، فإن هذه الازدواجية البريطانية تعد بمثابة خطأ فظيع في تقدير الأمور.

تكمن جذور هذا الخطأ البريطاني، في المنعطف الخاطئ الأساسي في نهج الحكومة البريطانية حيال العلاقات الخارجية. في الأيام الأولى من الائتلاف البريطاني، كان هناك نهج متوازن لافت في السياسة الخارجية. وفي يوليو الماضي، ألقى وزير الخارجية البريطاني «ويليام هيغ» كلمة فصل خلالها بين دور الحكومة في التدخل الحماسي خلال حكم رئيس الوزراء السابق توني بلير، وبين العداء الأوروبي لكثير من الناشطين المحافظين. لكن هذه البراغماتية سرعان ما أفسحت الطريق للروح التجارية الحماسية، وصدرت التعليمات للدبلوماسيين البريطانيين بتعزيز التجارة البريطانية في صميم عملهم. وتوجه كاميرون إلى الصين والهند في العام الماضي، في رحلات يرافقه خلالها كبار رجال الأعمال. ورفضت الحكومة فكرة أن انخراط بريطانيا مع العالم ينبغي أن يكون له محتوى أخلاقي. يمكن أن يتم تلخيص الهدف في ثلاثة عوالم، وهي التجارة ثم التجارة ثم التجارة. كان هذا على الدوام مبدأ فجاً على نحو خطير، وهو يكشف الآن عن عيوبه. عندما احتوى رئيس الوزراء السابق توني بلير الرئيس الليبي العقيد القذافي بحماس بعد عام 2003، كان ذلك مدفوعاً بالاعتبارات التجارية. ونتيجة لهذا الاحتواء، فإن بريطانيا تغامر بارتباطها بالعنف الوحشي الذي يمارسه القذافي الآن. ويبقى أن نرى ما إذا كانت الجزائر وغيرها من الدول العربية سوف يكون لديها المبرر لاستخدام المعدات العسكرية بريطانية الصنع، ضد شعوبها. هذه ليست كارثة فقط على سمعة بريطانيا في المنطقة، فمن المحتمل أن تشكل ضرراً على آفاق التجارة البريطانية في نهاية المطاف، إذا تمت الإطاحة بالأنظمة المستبدة.

لقد شهد العالم العربي تحولاً خلال الأسابيع الماضية، وقلما شهد العالم نموذجاً مماثلاً لذلك منذ سقوط جدار برلين. وإذا لم يفق كاميرون على الواقع الجديد، فإن نفاقه سيشكل خطراً بإلحاق ضرر دائم بالمصلحة الوطنية البريطانية.

===================

أزمة الشارع العربي

د. خالد الخاجة

التاريخ: 01 مارس 2011

البيان

شهد الشارع العربي وما زال العديد من الأزمات بأشكال ومستويات مختلفة ولدوافع عديدة، إلا أن المحصلة في النهاية واحدة، وهي مشهد مرتبك ومتسارع تسبق فيه الأحداث على أرض الواقع كل ملاحقة لها، سواء بالمتابعة أو التحليل أو القدرة على اتخاذ القرار من السلطات المعنية. ولا شك أن تكنولوجيا الاتصال والقنوات الفضائية، مثلت شكلا من أشكال الضغط على المسؤولين لاتخاذ قرارات سريعة، لمعالجة هذه الأحداث التي هي في أبسط توصيف لها أزمات، بما تمثله من توقف في الأحداث المنظمة واضطراب العادات والنظم، مما يستلزم التغيير السريع لإعادة التوازن، وتكوين أوضاع جديدة أكثر ملاءمة، كما أنها من الناحية السياسة في تقديري تعني موقفا شديد التعقيد، أكثر من كونه مشكلة أو صراعا، بل هي مقدمات لحدوث الأزمة التي تنال من مقومات النظام القائم، وتتطلب اتخاذ قرارات أقرب إلى العمليات الجراحية التي لا تكتفي بالتسكين دون إزالة العطب، لضمان صحة باقي الجسد.

ولا شك أن هذه السيولة في المشهد الذي نراه ونتابعه كل يوم على شاشات الفضائيات، ليست وليدة اللحظة، ولكنها نتجت عن تراكمات عانت منها الشعوب العربية، في ظل حالة من البعد الذي يصل إلى حد الخصام بين القيادة وبين الشارع العربي، وإن ادعت أنها تعيش معه وتحس بنبضه، إلا أنها لم تكن لديها الرغبة الصادقة في أن تراه، بل تمادت فأحاطت نفسها بسياج يحول بينها وبين الاستماع إلى صوت الناس، متوهمين أن شعوبهم قد استكانت بما لقنوها إياه من حجج ظلت تتردد في خطاباتهم السياسية، تارة بالتعلل بالزيادة السكانية التي تمثل عبئا تنوء البلاد بحمله، ولا أدري كيف هو حال نظام ينظر إلى أفراد شعبه على أنهم عبء، لا طاقة أو قوة بشرية يمكن الاستفادة منها واستثمارها! وتارة أخرى بفقر الموارد، والحق أنه فقر الإدارة وضعف إرادة الإصلاح وفقر العقول، لأن النظم الضعيفة لا تقرب من دائرتها إلا من هم على شاكلتها.

هذه البطانة السيئة هي أكبر المعوقات التي حالت دون إدراك القيادة وضعف قدرتها على استكشاف المشكلات الحقيقية التي يعاني منها الشارع، إضافة إلى منظومة إعلامية فاسدة عمدت إلى تجميل واقع سيئ، للدرجة التي تجعلك حين تراقب أحوال الناس وتتتابع ما تنشره صحفهم، تستشعر أنها صحف دول أخرى تتحدث عن مجتمعات ليس لها وجود بلغة «كل شيء تمام».

وأدهشني ذات مرة مقدم برامج في التليفزيون المصري قبل الثورة حين قال إن مشكلة المواطن المصري ليست الرغبة في العيش الكريم، ولكن مشكلة طمع الشعب والرغبة في الحصول على المزيد! وظلت مشكلاته تتم معالجتها في هذا السياق، للدرجة التي حولت مطالبات للإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية كان يمكن احتواؤها، ولكن بطء القرار والاستهانة بحركة الشعوب وعدم استيعابها، حولتها إلى صراع وهي مرحلة أكبر، ثم إلى أزمة كان من الطبيعي انفجارها هذا الانفجار المدوي، لأن الشعوب حين تصل بطموحاتها إلى حائط سد، فليس هناك بد من هدم هذا الحائط واختراقه، مهما كانت مناعته وقوته ومها بدت وداعتها واستكانتها.

إذا ما فشل صانع القرار في توقع الأزمة على الرغم من أن علاماتها تحيط به أينما ولى وجهه، من أحياء صاحبوا الأموات في سكناهم، وبطالة جعلت من الشباب قوى معطلة بفعل فاعل، وبؤر عشوائيات من سكان الصفيح والعشش، وانقسام المجتمع إلى فئتين لا ثالث لهما؛ فئة تعيش تحت خط الفقر، ونادي أصحاب المليارات الذين ظهروا على سطح المجتمع فجأة، من دون مقومات أو أسباب مقنعة أو قدرات اكتسبوها أو عمل حقيقي قاموا به، فضلا عن تآكل الطبقة الوسطى التي هي عماد أي مجتمع ومصنع تفريخ الكفاءات من الأدباء والمفكرين والعقلاء في كل المجالات.. أؤكد أنه إذا ما فشل صانع القرار في قراءة مجريات الأحداث من حوله، فإن متغيراتها قد تنمو وتتسع، وهذا يتوقف على حجم المعلومات المتوافرة لديه، فضلا عن بعده عن الشارع والاحتكاك بالناس ليستشعر أوجاعهم ويسد حاجتهم، دون الاكتفاء بتقارير مكتبية كذبها يعلو ما فيها من حق، عندئذ تفشل كل محاولات الاحتواء، وتصل بانفجارها إلى ثورات لا يستطيع صانع القرار السيطرة عليها وعلى متغيراتها المتسارعة، وتسير في طريق اللاعودة.

الحق أن من أكبر العوامل التي تفاقم الأزمات وتحولها إلى ثورات لا تبقي ولاتذر وتجرف كل الثوابت في طريقها، هو تعامل القيادات السياسية معها بمنطق اللاوعي والتعالي الذي يؤجج من سعارها، والتعامل معها بنفس اللغة الخشبية التي لا تختلف في فحواها عن اللغة المستخدمة في المناسبات الرسمية المعتادة، ومعاملة الشعوب كما نعامل من لم يبلغ سن الرشد، في حين أن الموقف يتطلب أنماطا غير تقليدية ومواجهة الظرف بوعي وصدق مهما كانت كلفته.

في تقديري أن ما حدث في تونس ومصر وليبيا أو اليمن، كلها عوارض لمرض واحد، وهو انفصال القيادة عن شعبها وعدم إدراكها أو إلقاء أهمية لحركة الشارع التي ليس لها قانون يحكمها، مهما نظر المنظرون وتحدث العالمون، فهي حركة سريعة خاطفة قاصمة، تبدو متهورة لكنها في غاية الدقة والانضباط الجمعي.

ومن فضل الله علينا أن قيض لدولتنا قيادة أسست الدولة على ذاك التلاحم الطبيعي بين القيادة والشعب، لأنها خرجت من رحم معاناة الشعب يوم عبرت مع شعبها كل الصعاب واعتمدت سياسة فتح الأبواب، عهدنا ذلك منهاج حكم لدى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وإخوانه الذين وضعوا البذرة وملامح مرحلة، فكان مؤسس نظام في السياسة جديد، وهو حكم الشعب بالحب لا بالترويع والتخويف، فبادله شعبه حبا بحب وظل خالدا في نفوسهم، وسارت على دربه قيادة تربت في مدرسته، أخذت شرعيتها من محبة الشعب لها، فأضحت الإمارات نموذجا فريدا ودرسا قائما يجب أن يكون ماثلا في الأذهان للحكام، بغض النظر عن عناوين النظم والمسميات، فالواقع أصدق من كل النظريات والفلسفات.

عميد كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية

جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا

===================

ربيع العرب

زين الشامي

الرأي العام

1-3-2011

بعد أعوام طويلة من الشعور بالإحباط واليأس، لدرجة اعتقد فيها بعضنا أن هناك مشكلة بنيوية وثقافية وربما جينية عند العرب، أتت موجة الاحتجاجات في كل من تونس ومصر، والتي أسفرت لاحقاً عن ثورات شعبية عظيمة أطاحت بالنظامين السابقين، لتؤكد أننا أمة عربية ما زالت حية ولا تختلف عن أي أمة وشعب آخر يتطلع للحرية والعدل والمساواة والتقدم.

للمرة الأولى في العصر الحديث نشعر بفخر الانتماء إلى أننا عرب، وللمرة الأولى نجلس مع الآخر من الأمم الأخرى، الأوروبي، الأميركي، الصيني، الياباني، الإيراني، التركي، وغيرهم، مرفوعي الرأس معتزين بما صنعناه وحققناه، فخورين بشبابنا وبراعتهم في استخدام وسائل الاتصال الحديثة، بتنظيمهم وثقافتهم ولغتهم ووعيهم السياسي، بالنهج السلمي اللا عنفي الذي اختاروه لتحقيق أهدافهم، أهدافنا، أهداف شعبنا العربي في التطلع لحياة كريمة.

صرنا نتباهى بين الأمم بأن شبابنا في تونس ومصر لم يستخدموا العنف، لم يحرقوا المنشآت والممتلكات التابعة للشعب، لا بل على العكس، عمل الشبان في ميدان التحرير في القاهرة، وبعد أن فرغوا من مظاهراتهم ونجحوا في إسقاط النظام المصري، عملوا على تنظيف الساحات والشوارع التي هتفوا ومشوا وناموا...

واستشهدوا فيها أيضاً.

ربيع العرب يزهر في كل مكان. بعد تونس ومصر وما يحدث الآن في ليبيا وغيرها، ثمة ملامح وارهاصات لثورة هنا وهناك، ربما ينجح البعض وربما يخفق، لكن حتى لو لم يزهر الربيع في كل بلاد العرب، يكفي أنه أزهر في دول معينة، وهذا وحده كفيل بخلق بذور لربيع جديد، مقبل بعد حين، بعد عام أو عامين أو أكثر، لكن لا بد أنه مقبل.

مثلما هي مساحة الأحلام عريضة وتمتد إلى كل بقاع بلاد العرب، لكن للأسف، ما زالت هناك بقع سوداء هنا وهناك، وما زال هناك من هو مصاب بعمى الألوان، ويعتقد أن «الزعيم» فوق النقد، أو خارج الزمن، رغم أننا جميعاً كمواطنين عرب نشترك في الألم، ونخضع لنفس شروط الحياة غير الآدمية، من قمع وسجن وتكميم لأفواهنا. وما يزيد المشهد سوءا، أن «الزعيم والقائد المفدى وحبيب الشعب، والأمين العام للحزب» عمل على خلق أتباع و«بلطجية» مهمتهم ضرب المحتجين والثائرين والمقهورين منا، بعد أن غسل أدمغتهم وأفهمهم أن المحتجين مجرد «عملاء للغرب وأميركا واسرائيل»، للاسف، يريد «القائد» أن نقتتل ببعضنا ويسيل دمنا من أجل أن يبقى صامداً على كرسيه «للأبد».

لأولئك «البلطجية» نقول إنكم مجرد أدوات، مجرد سياط، مجرد حجارة، لقتل وضرب أهلكم وناسكم، أهلكم الذين خرجوا واحتجوا على الظلم والقهر ليس إلا، أهلكم الذين خرجوا من أجل حلم، من أجل وطن أجمل وأبهى، أهلكم الذين خرجوا من أجل التأسيس لوطن قوي جميل ومعافى، وطن لأجل كل ابنائه.

محاولات الأنظمة القمعية في استخدام «البلطجية» تذكرنا بفيلم «البريء» الذي لعب بطولته الممثل الراحل أحمد زكي، الذي مثل في الفيلم دور شرطي وتم حشو دماغه بأفكار عن المعارضة مثل تلك التي تستخدمها الأنظمة اليوم ضد المتظاهرين، مثل أنهم عملاء وخونة، ويعملون لصالح مخططات كبيرة تستهدف وحدة الوطن والنيل من الاستقرار الداخلي، لكن هذا الشرطي وحين بدأ في الهجوم على المعارضين وجد بينهم جاره المواطن المصري البسيط الشريف، ليكتشف لاحقاً أنه تعرض لكذبة كبيرة من قبل رؤسائه، وأن ما قيل له عن «مؤامرة وعملاء وخونة» ما هو إلا محض افتراء على الناس البسيطين، ليقرر لاحقاً عدم إطاعة الأوامر ثم ليدفع الثمن ويسجن، وخلال السجن يتطور وعيه السياسي وينضج، إلى أن يقرر الانتقال إلى الضفة الأخرى المعارضة للنظام.

الربيع في البلاد العربية، أزهر، إننا نراه، إننا نعيشه، إننا نتنشق عبير أزهاره، وغداً ستحمل النسمات عبقه الى كل بلاد العرب، لكن حتى لو لم تزهر كل أشجارنا، فيكفي أن شمس الحرية سطعت في بلاد العرب للمرة الأولى منذ مئات الأعوام.

كاتب سوري

=================

هل لبنان معرّض للتقسيم طائفياً وعرقيا?!

د. مهند العزاوي

المصدر جريدة العرب

1-2-2011

العالم العربي بأجمعه يدخل قرن التقسيم المقبل وفق فلسفة صراع الهويات الفرعية الدينية والطائفية والعرقية في ظل الغيبوبة التي دخل فيها النظام الرسمي العربي .

زاهر العريضي: الطائفية مستمرة للاسف وهي نوع من انواع التقسيم غير المباشر .

طرح موقع "العرب اليوم" في شبكة الانترنت عبر زاوية حارات الكترونية سؤالا فحواه هل لبنان معرّض للتقسيم طائفياً وعرقيا?! ساهم في هذا الحوار عدد ممن ينتمون الى شرائح اجتماعية متنوعة في العالمين العربي والاسلامي. وتاليا بعض المشاركات:

 من جانبه قال اللواء د. مهند العزاوي رئيس مركز صقر للدراسات الامنية والعسكرية ليس لبنان فقط معرض للحرب الاهلية والكوارث. فالعالم العربي باجمعه يدخل قرن التقسيم المقبل وفق فلسفة صراع الهويات الفرعية الدينية والطائفية والعرقية في ظل الغيبوبة التي دخل فيها النظام الرسمي العربي وقد فقد كل مقومات البقاء.

السودان اليوم تقطعت اوصاله علنا بموافقة عربية وحكومية سودانية واليمن كذلك بين حراك حوثيين وقاعدة والعراق بين اكراد وعرب وتركمان وسنة وشيعة ومسيحيين ولبنان بين طوائف القوة وصراع الهويات الفرعية ان تمزيق لبنان اليوم هو جزء من مخطط الفوضى الهدامة الساعية لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ ولعل النموذج الذي طبق على لبنان نجح بامتياز في احتراب دائم واضطراب سياسي وامني وحرب مركبة طائفية دينية اقليمية اجنبية وهذا البلد الضغير جغرافيا لا يحتمل التقسيم لاسباب جيوبلوتيكية ويجري تقسيمه بشريا وفق فلسفة الحرب الديموغرافية وجرثومة الاحتراب الطائفي الموجودة اليوم في لبنان والعراق ومصر والسودان واليمن والكويت والبحرين والقائمة المستهدفة تطول للاسف تسير لبنان الى فخ الحرب الاهلية كما اعد لها لتمزيق اوصال هذا البلد والشعب وعبر تجار المذاهب والمتعهدين السياسيين حمى الله العرب ولبنان والعراق والسودان واليمن من فايروس التقسيم.

قال رئيس تحرير المحرر فؤاد الحاج: ليس لبنان فحسب معرض للتقسيم بل كل بلاد العرب من المحيط إلى الخليج معرضة للتقسيم كذلك لأن مخطط أعداء الانسانية وهذا المخطط ليس بجديد بل كان هدف الصهاينة لمرحلة ثمانينيات القرن الماضي وقد أكد ذلك بوش الصغير بعد غزو العراق واحتلاله.

وأود أن أطرح هنا سؤالا لم يتطرق له الاعلام والذين قامت قيامتهم على تلك التسجيلات الصوتية لعدد من الذين تم التحقيق معهم ومنهم رئيس وزراء لبنان سعد الحريري الذي بث عبر محطة تلفزيون الجديد مؤخرا وهو من أين حصلت فضائية الجديد على تلك التسجيلات هل هناك مسربون من المحكمة الدولية الخاصة برئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري أو هناك تجسس على المكالمات وتسجيلها في لبنان بمعنى هل هناك دولة داخل دولة في لبنان تابعة لإيران أو لسورية.

من جانبه قال الاعلامي المقيم في باريس عيسى السعيد في لبنان موضوع الاستقصاء, على خلفية الخسائر الفادحة التي تعرض له المخطط الامريكي خاصة وحلفاؤه الاوروبيون في المنطقة بدءا بالانسحاب الامريكي والاوروبي من العراق الذي سينتهي اواخر هذا العام, والمتغيرات الاقليمية التي سيتمخض عن هذا الخلل الاستراتيجي في المنطقة ومدى خطورته على المصالح الامريكية والاوروبية بالشرق الاوسط ولعل ذلك ما يفسر الارتباك والتوتر والتحركات والصراعات الطائفية والحروب الاقليمية والمحلية وتصاعد وتيرته بشكل لا سابق له خاصة في لبنان واليمن والسودان والعراق وفلسطين ومصر والاكثر بروزا وتأثيرا الثورة في تونس ولعل هذه الفترة ستستمر عشر سنوات مقبلة ضمن المعايير والمصالح والتقلبات الاستراتيجية التي تحتكم اليها مصالح كل الاطراف المتصارعة في المنطقة, والذي ستنعكس كل نتائجها على الساحة الاضعف وهي لبنان, وهذا ما يفسر التكالب الامريكي - الاوروبي - الاسرائيلي على ضرورة تفجير الاوضاع السياسية في لبنان للتهرب من الاستحقاقات السياسية المطلوبة فيما يتعلق بالمشكلة الفلسطينية بعد افشال كل المبادرات لحلها من الطرف الاسرائيلي والامريكي.

من جانبه قال الشاعر الفلسطيني د. لطفي زغلول مما لا شك فيه أن الوضع العام في لبنان شاذ, كونه أصلا مقسما, أو لنقل منقسما على نفسه منذ تأسيسه في أربعينيات القرن الماضي. إن لبنان الدولة الاكثر حساسية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا, كونه يتبع مناهج ثقافية لا تتقاطع مع بعضها بعضا.

في المرحلة الحالية إنني أشك أن يتشظى لبنان إلى دويلات, كون مساحته العشرة الاف وخمسمئة واثنين وأربعين كيلو مترا لا تسمح بذلك, وإذا كان لا بد من الانقسام فإن الاتحاد الكونفدرالي هو الحل الامثل. اعتقد أن في لبنان رجالات عقلاء لا يسمحون بانفراط عقد لبنان القائم على هذا الشكل من الاتحاد الشكلي.

من جانبه قال الخبير السوري محمد الحاج ابراهيم كما قال العماد ميشيل عون: لبنان أصغر من أن يُقسّم وأكبر من أن يُبتلع لأن الاقوى في لبنان يرفضون مثل هذه المشاريع والاضعف لا حول لهم ولا قوه.

لبنان في تاريخه تعرض لمثل هذه المشاريع قديما وحديثا وخاصة بعد تشكل الدولة السياسية فكان من القوى الوطنية التي رفضت التحالفات والانخراط في المؤامرات على المنطقة وكانت النتيجة فشل كل هذه المشاريع إضافة للتداخل بين سكانه وطنيا وإذ لاحظنا اليوم الصراع بين مجموعة مرتبطة دائما بالخارج الغربي الذي يُشكل حساسية للوجدان العربي اللبناني وبين القوى الوطنية الرافضة لأمريكا واسرائيل بما تمثله من حساسية لهذا الفريق وكلها من الطيف اللبناني بأكمله والتي تؤمن بلبنان العربي من جانبه قال الاعلامي الاردني عادل بني عيسى لبنان لن يصيبه مكروه باذن الله تعالى فهو رغم تعدد طوائفه واتجاهاتها وتوجهاتها الا أنه يتمتع بمساحة كبيرة من الديمقراطية العصرية المبنية على التعددية. لبنان بلد ديمقراطي وهو البلد الوحيد في الشرق الاوسط الذي تمتع بمثل هذه الديمقراطية وغير ذلك من ديمقراطيات فهي شكلية.

التعددية في لبنان والوعي الشعبي والنضوج السياسي جعل هذا البلد مفتوحا لكل التوجهات ويمكن لأي مواطن أن ينتقد الحكومة من رأس هرمها الى أدنى مستوى فيها ولذلك تظهر الاراء والافكار والطروحات في العلن ولا يوجد ما يخفيه الشعب أو الاحزاب اللبنانية لأن النقد مقبول والمثال المطروح الان على الساحة اللبنانية وهو عزل رئيس الوزراء المتمسك بالسلطة بينما الفرقاء سيقومون باقصائه قسرا وبالدستور اللبناني. من جانبه قال الاعلامي اليمني فريد باعباد انا شخصيا لا أعتقد ان لبنان قد يصل الى مرحلة التقسيم الطائفي والمناطقي فقد مر لبنان على قضايا كثيره طوال السنين الماضية وكان يخرج منها بسلام رغم انها من صنع اطراف خارجيه وليست لبنانيه ايضا الاشارة الى ان لبنان قد يصل الى هذه المرحله من التأزم قد يكون نوعا من التهديد والضغط على طرف من الاطراف اللبنانيه لتحقيق غايات والتنازل عن مواقف.

من جانبه قال الكاتب المقيم في باريس د. يحيى الزباري لبنان مقسم طائفيا من حيث الواقع ولا ينقصة سوى ترسيم حدود الكانتونات على الارض وتوصيفها سياسيا. وقد بدأ حزب الله منذ منذ سنين بعملية الترسيم عندما اغلق الضاحية الجنوبية بوجه الدولة اللبنانية وانشأ ادارة ذاتية متكاملة امنيا وسياسيا واجتماعيا, وكذلك عندما عسكر الجنوب واتخذ قرار الحرب منفردا مع اسرائيل.

وهو يعمل على تكريس قوته العسكرية ونفوذه السياسي بكل الوسائل ويقوم بين الحين والاخر باستعراض عضلاته حتى في داخل العاصمة بيروت في اشارة الى ان الحزب مستعد لفرض سلطتة عليها عندما تحين الساعة. وكذلك بالنسبة لبقية الطوائف فهي تحاول قدر ما تستطيع من جانبها ان تحذو حذو حزب الله وتكريس واقع التقسيم كل بطريقته وفي مناطق نفوذه. يبقى السؤال هو متى سيتم تقسيم لبنان على الارض الى دويلات? نتمنى ان يخيب ظننا ويبقى لبنان الجميل موحدا وان فقد بريقه كنموذج للتنوع والتعايش الثقافي والديني. من جانبه قال الاعلامي اللبناني زاهر العريضي كما الجميع يعلم ان هناك انقساما سياسيا حادا في لبنان, وهذا الانقسام في اكثر الاحيان ياخذ الطابع الطائفي وخصوصا ان الواقع في لبنان هو واقع طائفي ومناطقي بامتياز, وتمت المحاولة تاريخيا لعملية التقسيم والمناطقية عبر حروب اهلية ولم تأت بنتيجة التقسيم, وللاسف ما نشهده اليوم ياخذ هذا الطابع بسبب غياب الدولة الحاضنة والقوية والمتمكنة حتى اصبحت القوى والطوائف اقوى من الدولة بحد ذاتها, وهذا مما يجعلنا دائما امام مخاوف لعدم التمكن من التغيير الحقيقي والعمل السياسي بابعاد سياسية فقط لان كل تحرك لو كان مطلبيا او نقابيا او اجتماعيا سياسيا يتم التعاطي معه انطلاقا من خلفية طائفية, اظن ان التقسيم بعيد انما الطائفية مستمر للاسف وهي نوع من انواع التقسيم غير المباشر

===================

الشرق الأوسط يجتاز تحولاً تاريخياً وزعماؤنا صامتون

يارون ديكل

("معاريف" -27/2/2011)

ترجمة: عباس إسماعيل

المستقبل - الثلاثاء 1 آذار 2011

العدد 3926 - رأي و فكر - صفحة 19

خرق وزير الدفاع ايهود باراك، جدار الصمت هذا الاسبوع وتحدث للمرة الاولى عن الهزة التي تضرب الشرق الاوسط. وهو كال المديح لزعيم مصر المخلوع مبارك، وأعرب عن تعاطفه معه وعن أمله الا تنتهي الثورات في الدول العربية بأنظمة متطرفة. ولسبب ما، اختار باراك الحديث عن ذلك إلى مشاهدي قناة (سي.ان.ان.) هذا الأمر يطرح السؤال التالي: لماذا في مثل هذا الوضع الشديد التعقيد والتفجر، يوزع وزير الدفاع تقديراته وتحليلاته بالانجليزية وليس بالعبرية؟ فهل يخطر في باله تقديم جردة حساب لشعبه عن الوضع؟ للاسف الشديد، يتبين حاليا أن الجواب سلبي. وماذا عن تقديم تقرير إلى ناخبيه؟ تشير الاستطلاعات إلى انه لم يتبقَ له الكثير من الناخبين. وعلى ما يبدو، يعتقد باراك انه معفى من ذلك.

بات واضحا الآن بان الشرق الاوسط يمر في ثورة تاريخية. وهي لا تقل في اهميتها عن سقوط الشيوعية في شرقي اوروبا قبل عشرين سنة. ما يجري حولنا لم يعد منذ زمن يحمل خصائص الهزة الارضية. هذا حراك لصفائح تكتونية. عيون العالم كلها تتطلع الى المنطقة.

للاسف الشديد، اكتفت القيادة السياسية والامنية في اسرائيل، في الاسابيع الاخيرة، بردود فعل ضعيفة على هذا التسونامي. ربما يتحدثون، ولكن ليس في العمق ولا في المواضيع الهامة فعلا. لم يسمع أحد منهم هنا، بالطبع، عن حق الجمهور في المعرفة وفي طرح الاسئلة.

لقد سقط نظامان عربيان. الثالث، وعلى ما يبدو الرابع، على الطريق. ولكن يتبين أنه في مثل هذه الفترة المصيرية، ليس هناك من يفكر بان يشرك في رأيه الجمهور ويمنح المقابلات الصحفية. وسائل الاعلام، للاسف الشديد، تسمح بحصول هذا الأمر.

ما من أحد يتوقع من الزعماء أن يشركوا شعبهم في المخططات العملياتية والمعلومات الاستخبارية التي على طاولاتهم، ولكن من واجب القيادة ان تشرك مواطنيها في قراءتها للواقع، في تشخيصها للوضع وفي الرد الذي تنتجه. ومن المناسب في هذه المناسبة الاشارة الى المبادرات التي من الصحيح اتخاذها او التي يجدر منعها.

يبدو مرة اخرى أننا نعيش في مجتمع ديمقراطي مع وقف التنفيذ. يتضح انه على رغم من أن وسائل الاعلام لا تمُنح الحق في طرح الاسئلة، الا أنها تسمح لذلك بالاستمرار. فالنسبة إليها، يستطيع قادة الدولة مواصلة الاعتصام بالصمت.

فيما يلي بضعة اسئلة ممكنة: كيف تستعد اسرائيل، هذا اذا كانت تستعد أساسا، للشرق الاوسط الجديد؟ هل ثمة أحد من بين اصحاب القرار يفعل شيئا غير مشاهدة التلفزيون والدراما التي تظهر منها؟ هل هناك خوف على استمرار وجود اتفاقات السلام مع مصر والاردن، وكيف يتم الاستعداد لذلك؟ هل يوجد سبب لتجربة المسار الفلسطيني او السوري، رغم ما يحصل؟ وربما هذا بالذات يمثل سببا جيدا للانتظار اسابيع او أشهر اخرى وذلك لان "العاقل يصمت في هذا الوقت"؟.

ماذا سيحصل في النهاية؟ الزعماء سيواصلون الصمت ، لأنه ليس لديهم ما يقولوه. وسائل الاعلام، كما جرت العادة، ستندم على ذنبها بسبب دورها وعلى عدم ممارستها الضغ وعدم مطالبتها بأجوبة واضحة. القيادة تسيء إلى قواعد الحكم الديمقراطي، ووسائل الاعلام تسمح بحصول ذلك .

===================

أسباب التحولات السياسية في الوطن العربي

أ. د. أمين المشاقبة

الدستور

1-3-2011

تعيش المنطقة العربية بجناحيها العربي والشرقي حالة من التحولات السياسية والاجتماعية التي أدت الى سقوط أنظمة سياسية حكمت منذ عدة عقود ، وكما هي سلسلة الدمينو دولة بعد أخرى ويبدوا أن معظم الأنظمة السياسية العربية قادم عليها الدور أمام حالة النهوض الشعبي لمفهوم الإدارة الشعبية المستند الى الكرامة ، والحرية ، والحقوق ويقود هذه الحالة الجيل الجديد الذي يشكل في اغلب الدول مابين %50 - %70 من مجموع السكان فكيف لنا أن نفسر الحالة بل الظاهرة المتسارعة في إحداث التغيير السياسي للنظم السلطوية ، والديكتاتورية ، وغير القابلة للتكيف مع المتغيرات التي تجري في عروق العالم؟ أول ما تبادر للذهن حالة الوعي السياسي والإدراك والتوق الى التحرير ، فإن الوطن العربي يشهد حالة من الوعي بكل مضامينها تؤثر على السلوك السياسي للأجيال الصاعدة وقدرتها على التضحية والإصرار على الصمود والتحدي لنظم استطاعت عبر عدة عقود ومن الزمن من بناء مؤسسات عسكرية وأجهزة أمنية خاصة لحمايتها ولم تصمد هذه المؤسسات على الرغم من قوتها أمام الإدارة الشعبية للجماهير وأضحت كرتونية تمزقت أمام الإصرار نحو التغيير.

فقبل عقدين من نهاية القرن الماضي جاءت ثورة التكنولوجيا في عالم الاتصالات التي أثرت في الأجيال تأثيراً مباشراً في بناء الوعي بالحاضر ، والعالم ، وبالمستقبل ، فزيادة انتشار وسائل الاتصال من الفضائيات الى الإنترنت ، والفيس بوك وغيرها جعلت هذا الجيل في اتصال مباشر بالعالم ومع ما يجري به من إحداث أسهمت جميعها في بناء حالة من الوعي المستنير وكسر حالة الخوف الكامنة في النفوس من تلك النظم السلطوية ، ويضاف لذلك انتشار البطالة ، والفقر ، وتدني المستوى المعيشي والقهر ، والظلم ، وفقدان الآمل بالمستقبل ، والسعي الدؤوب للهجرة والخروج من حالة القهر المزمنة ، أما واقع الأنظمة فقد فشل في حل المشكلات وفتح آفاق جديدة للأجيال القادمة ، واستشراء الفساد والمحسوبية ، والواسطة واتساع الفجوة بين من يملك ، وبروز حالة من الطبقية القاتلة نسبة ضئيلة من السكان لا تزيد 5% تلك أغلبية مقدرات الدولة ، وانتشار رجال الإعمال والأصهار والانسباء وتسلمهم مفاصل الدولة الذي قاد للثراء غير المشروع ، ناهيك عن إظهار مؤسسات ديمقراطية شكلية لا وزن لها في الشارع استنبد فيها التزوير في الانتخابات للحزب الحاكم أو المجموعات المحيطة به والمتحالفة معه ولم تكن الأنظمة مقتنعة بإحداث التغيرات الجادة في إطار مؤسساتها ، وسلوكها السياسي ، وتعاملها مع غالبية مكونات المجتمع ، ناهيك عن النظرة الفوقية المتعالية على الشعب ومنهم من وصفهم"بالجرذان" و" المقملين" وغير ذلك من ألفاظ وأعطي الحكم أو المشاركة به لمن ليس له حق دستوري به مثلما حصل في حالة"ليلى الطرابلسي" ، ناهيك عن إقصاء المعارضة والتنكيل بها وزجها في السجون ، وإلغاء كل قنوات الاتصال ، هذا كله في الواقع الداخلي لتلك النظم المستبدة في حياة شعوبها ، أما المؤثرات الخارجية والدولية فهي كثيرة إذ تتعرض نظم العالم العربي لضغط من اجل الإصلاح السياسي وإعطاء الحقوق والحريات العامة ، ونشر الديمقراطية ، وهناك منظمات دولية لعبت دوراً في أهمية احترام كرامة الإنسان وتحريره من قيود تلك النظم.

إن التقاء العاملين الداخلي والخارجي كان لهما الأثر الأكبر في إحداث حالة التغيير آخذين بعين الاعتبار أهمية العامل الداخلي والإدراك الكامل للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي من قبل الأجيال الصاعدة التي قادت مسيرات التحرر في الساحات العامة والشوارع والعامل المساعد هو انضمام مؤسسات الضبط الاجتماعي"الجيش" لقوى التغيير ما سارع في إحداثه وإسقاط الأنظمة السلطوية القائمة.

إن أغلبية النظم السياسية في الوطن العربي ليست في منأى عن عمليات التغيير ولكن كل نظام سياسي قائم ، له مقومات من القوة والمناعة تساعده في الصمود لإحداث الإصلاح الذاتي ومن هذه العوامل القوة الاقتصادية ، أو درجة الارتباط في القضايا المركزية الإقليمية ، لكن ذلك ربما يؤخر أو يؤجل حالة التسارع التي يشهدها الإقليم ، وعليه فأن المطلوب إصلاح جذري للواقع السياسي يلمسه المواطن ، وإجراءات عملية لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ، واحترام كرامة الإنسان وحرياته وحقوقه والابتعاد عن الإقصاء والتهميش ، والقضاء على الفساد ، وايلاء القيم الديمقراطية الأهمية بالممارسة ، ومشاركة كل المكونات الاجتماعية بالأدوار السياسية وعمليات اتخاذ القرار ، من دون ذلك تبقى أبواب التغيير الشعبي مفتوحة في كل المجتمعات العربية.

===================

هل صنعت أمريكا ثورات الشباب؟

حلمي الاسمر

الدستور

1-3-2011

أكثر ما يغيظني من تحليلات لما جرى ويجري في بلادنا العربية ، هو ربطها بإرادة أمريكية ، باعتبار أن الثورة والثوار محض عملاء عند الإدارة الأمريكية ، وأن حركتهم كانت بتدبير من هؤلاء "الأغبياء" في بيوتات الخبرة الأمنية في واشنطن،.

لقد فوجئت أن بعض المراقبين يتبنون وجهة النظر هذه ، وهالني أن بعضهم منزعج مما يجري ، وبمحض الصدفة ، وقعت على حديث طريف ومعمق لمفكر عربي أمريكي ، هرع من فوره لزيارة المنطقة لفهم ما يجري ، وفي حديث لافت معه ، أجاب عن كثير من الأسئلة التي تدور في أذهاننا حول موقف الإدارة الأمريكية ، وما يجري في أذهان النخب السياسية والفكرية والإعلامية في واشنطن،.

المفكر هو الدكتور شبلي تلحمي ، الأستاذ الزائر للجامعة الأمريكية بالقاهرة ، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة ميريلاند الأمريكية ، وهو واحد من الأساتذة الذين يستمع إليهم أعضاء الكونجرس الأمريكي ، والنخب الحاكمة ، ومن حسن حظي أن موقعا إلكترونيا هو "واحة العرب" أجرى حديثا معه طرح أسئلة نتوق كثيرا لسماع أجوبتها من خبير بالسياسة الأمريكية ، كشبلي التلحمي ، ومن هذه الأسئلة سؤال عن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في مساندة الثورة التونسية أو المصرية وعما إذا اسهمت في نجاحهما ، يقول الدكتور تلحمي في جوابه عن هذا السؤال إن "الأحداث في مصر في الأغلب هي خارج سيطرتنا ، ولا يرجع الأمر للولايات المتحدة لتحديد هوية الرئيس المقبل لمصر ومن سيكون ، وفي جميع الأحوال فإن عجز أمريكا عن هندسة النتائج السياسية بالمنطقة - أو حتى التنبؤ بها - قد بدا واضحاً بدءا من نتائج الحرب على العراق نفسها وصولا إلى المسابقات على السلطة في لبنان والاراضي الفلسطينية. وإذا كان هناك أي درس يمكن تعلمه من ثورة تونس ، ومن سياسات الولايات المتحدة في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية ، فهو أن هذه الأحداث التاريخية والعفوية في مصر لا يجب أن تُنسب إلى الولايات المتحدة ، ويقول أيضا ، إنه عندما بدأت التظاهرات المصرية وتحولت إلى ثورة شاملة بدأت تجتذب تركيز واهتمام واشنطن ، لأن مصر ليست مجرد دولة عربية أخرى ، وواشنطن لا تراها كذلك ، مصر هي محور ارتكاز للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط منذ السبعينات ، والدور الذي لعبته مصر في الفكر السياسي الأمريكي ارتكزت عليه حزمة السياسات في ملفات عملية السلام ، والأمن الإقليمي ، والدبلوماسية العامة ، وشكلت مصر نقطة محورية للسياسة الخارجية الأمريكية ، لذلك عندما بدأت الأمور تشكل تحديا لنظام مبارك ، كان هناك بالتأكيد جدل ضخم دائر داخل تيارين رئيسيين ولم يكن بالأساس ينتمي أيا منهما للديمقراطيين أو الجمهوريين ولكن بين بعض العناصر المؤثرة التي ترى أن الولايات المتحدة استثمرت بشكل كبير في النظام القائم وعلينا الالتزام به إلى أقصى مدى والقلق بشأنه ، وبين الغريزة الأساسية لدى المسؤولين في الحكومة وهي دعم تطلع الشعوب للديمقراطية وحقوق الإنسان .. ان الغريزة الأساسية لأغلب السياسيين الأمريكيين هي دعم حقوق الإنسان والديمقراطية ، لكن عندما يتعلق الأمر باتخاذهم قرارات تتعلق بالمصالح السياسية ، فإن الاعتبارات الإستراتيجية تأتي في المقدمة،.

أرجو أن يكون فيما يراه تلحمي ، كخبير في السياسة الأمريكية ، جوابا على تلك الأصوات الغريبة التي تنسب كل ما يجري في بلادنا لإرادات خارجية.

===================

هل نحن مقبلون على شرق أوسط جديد..؟

د. صالح لافي المعايطة

الرأي الاردنية

1-3-2011

ان الشرق الاوسط الذي يعاني من عوامل ضغط كبيرة وكثيرة واهمها نفوذ السلطة « السلطوية « الفساد والانفجار الديمغرافي «زيادة السكان» وظهور ظاهرة الولاء للمذهبيات، والاثنيات يبدو انه قطع شوطا في التحول الى شرق اوسط جديد بالمسميات التي كان يروج لها صناع السياسة الامريكية والاسرائيلية ولكن ليس كما خطط الامريكيون والاسرائيليون له بل كما تريد الشعوب حيث بدأت الاوراق تختلط، والاطراف كافة في الداخل والخارج تعيد حساباتها.

ما يثير الانتباه ان الموقف الغربي بقيادة الولايات المتحدة لا يهمه في ما يحدث من تغيرات في المنطقة سوى المحافظة على المصالح الاستراتيجية لواشنطن في المنطقة والمحصورة الى حد كبير في الحفاظ على امن وبقاء اسرائيل في المنطقة والحفاظ على الاتفاقيات التي وقعتها مع بعض دول الجوار.

لقد اصبحت اسرائيل في موقف لا تحسد عليه حيث بدأت الامور تتبدل من حولها بعد ان اعدت سيناريوهات وحاكوا مؤامرات شرعت في تنفيذها الا ان خلط الاوراق الذي حدث اخيرا نتيجة تطور الاحداث في بعض دول المنطقة مثل تونس، مصر، اليمن, السودان جعل اسرائيل تعيش في حالة من القلق والضغط على واشنطن والحلفاء الاوروبين لتأمين الاوضاع لصالح اسرائيل.

ما يقلق اسرائيل ليست الاحداث الاخيرة في حد ذاتها بل دلالاتها الرمزية بعد ان تجرأت بعض شعوب المنطقة ومعها النخب حيث كسرت الشعوب حاجز الصمت وهو ما ادى بدوره الى حصار وتراجع نفوذ بعض الانظمة في المنطقة وهو ما سينعكس على قضايها كافة.

هذا التراجع سبقه تراجع غربي ايضا حيث بدأت بعض الدول الاوروبية تتهاوى بفعل الازمه الاقتصادية العالمية، كما بدأ نفوذ واشنطن في التراجع ايضا بعد ان عصفت باقتصادها هذه الازمة مقابل ذلك هناك صعود قوى عالميه جديدة تسعى للنفوذ والسيطرة مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا قد بات واضحا ونتيجة لذلك تحول موقف واشنطن من استخدام التهديدات العسكرية وتنفيذها الى الاخذ بسياسة « النصائح الملزمة « لبعض دول المنطقة وارسال المبعوثين وعقد المؤتمرات الصحافية.

ما يزيد قلق اسرائيل ازاء الاوضاع الجديدة في المنطقة هو ازدياد الوعي العربي وسقوط بعض الحساسيات بين شعوب المنطقة بعد ان وجدتها الاحداث الاخيرة وهذا يعني ان اسرائيل اصبحت قلقه على وجودها ولم يعد هناك المناخ المناسب لشن عدوان او محارق جديدة فالشعوب العربية التي تتحرك سلميا ستجعل من قيام اسرائيل بعمل عسكري او مغامرة غير مأمونة « العواقب « فالشرق الاوسط لن يبقى كما كان.

===================

ما جدوى سياسة المنع والحظر في زمن الانفتاح ؟!

الثلاثاء, 01 آذار 2011 05:24  

بسام ناصر

السبيل

ما زالت بعض الدول في العالم العربي، تتبع سياسة المنع والحظر، تجاه كتب لا ترغب بنشرها وتداولها، فلذلك تلجأ إلى عدم فسحها، وتقوم بمصادرتها وعدم السماح بتوافرها في المكتبات العامة، كما أنها لا تسمح لدور النشر والتوزيع، بعرضها في المعارض العامة التي تقام بين الفترة والأخرى في عواصم عربية وإسلامية مختلفة.

مشكلة أصحاب القرار في كثير من الدول، أنهم لا يدركون حركة التاريخ، ويفتقرون إلى تمثل حالة الوعي التاريخي، ويغلب عليهم رسم السياسات العامة، وإدارة شؤون البلاد بعقلية أمنية محضة، تغيب معها معطيات الواقع وعوامله المؤثرة، وتزدري رغبة الناس المشروعة في معرفة الحقائق، والوقوف على المعلومات بشكلها الصحيح.

هل تستطيع الدولة (أية دولة) أن تمنع الناس من تداول كتب معينة، في زمن الانفتاح وثورة الاتصالات؟ هل بات من المجدي أن تصر كثير من الدول على ممارسة سياسة الحظر والمنع عبر نوافذها وطرقها القانونية؟ أليس تبني تلك السياسات يدفع الناس دفعا إلى الحصول على كل ما هو محظور بكل الطرق الممكنة والسبل المتاحة؟.

الكتاب الالكتروني بات يشكل بديلا سهلا للكتاب المطبوع ورقيا، فما كان ممنوعا ومحظورا بصيغته الورقية، قد غدا متاحا وميسورا بصيغته الالكترونية، فما على من يريد أن ينشر كتابا قد حظر نشره وتوزيعه في بلد ما، إلا أن يرفعه على رابط عبر مواقع معينة، تتيح رفع المواد للجميع بلا مقابل وبدون أية كلفة تُذكر.

حينما يتأمل المراقب ما تقدمه محطات التلفزة الرسمية، في تغطياتها للأخبار المتنوعة، وعبر برامجها التحليلية والحوارية، يجد أنها ما زالت تعيش في كهوف العقود الخالية، وأنها لم ترتقِ إلى مستوى النقلات النوعية التي حققتها الفضائيات المستقلة، فما الذي يجبر المواطنين حينها على متابعة قنواتهم المحلية الوطنية، وهم يرونها تقدم لهم ما يحدث محليا وإقليميا وعالميا، بصورة فجة ومختزلة وموجهة، بعيدا عن كل معاني الجدية والحرفية والموضوعية.

من المفارقات العجيبة أن ابن أبيه (سيف.. القذافي) في مقابلة له مع "العربية" انتقد بشكل قاس وشديد، أداء الفضائيات الليبية، ونعتها بالقصور والتقصير، وأنها بأدائها المتراخي عن متابعة الأحداث، قد دفعت الشعب الليبي للهروب إلى الفضائيات الأخرى، لمتابعة ما يجري في ليبيا، ماذا كان بوسع الفضائيات الليبية أن تقدم للجمهور الليبي غير تقديس الزعيم (عنوان المجد والعزة والكرامة!)؟.

لقد استطاعت قناة إخبارية كالجزيرة أن تصنع لنفسها مكانة مرموقة عند الشعوب العربية، وباتت هي المحطة المفضلة رقم واحد عند قطاعات واسعة منها، ألا يتساءل صانعو السياسات العامة لماذا استطاعت الجزيرة أن تحقق تلك النجاحات الواسعة؟ وكيف تمكنت من خطف الجماهير من أمام كل الشاشات الأخرى؟ إنها المصداقية والموضوعية وتقديم الصورة ونقلها كما هي في أرض الواقع، وملاحقة الأخبار بحسب أهميتها وتقديمها للمشاهدين، مع إلقاء الأضواء التحليلية الكاشفة لخلفياتها وتداعياتها ومآلاتها.

إن دولة قطر صغيرة في حجمها السياسي والديمغرافي والجغرافي، إلا أنها استطاعت من خلال مشروع "الجزيرة" أن تكون كبيرة في دورها الإقليمي والعالمي، فهي "بالجزيرة" تمتلك أقوى "جيش" في المنطقة، وبها امتلكت ورقة مؤثرة وفاعلة وقوية استطاعت أن تصنع لنفسها من خلالها دورا وحضورا كبيرين في المنطقة والعالم، الجزيرة اليوم هي الفضائية المشاهدة عربيا، وكلما جوبهت بالتضييق والتشويه، ارتفعت أسهمها في الشارع واكتسبت زخما أكبر، وحضورا أقوى وأشد فاعلية وتأثيرا.

لم تعد طرائق التواصل، ووسائل الاتصال، هي تلك التي ألفها خبراء المعالجات الأمنية للوقائع والأحداث، لقد دخلت إلى الساحة وسائل أخرى، أوسع انتشارا، وأسرع تواصلا واتصالا، كمواقع التواصل الاجتماعي، الفيس بوك، التوتير، تلك الثورات الهائلة ذات المساحات الواسعة للتعبير والتواصل، خارجة عن حدود السيطرة والمراقبة، سئل أحد المسؤولين عن عجز الأجهزة الأمنية عن التنبؤ بأحداث تونس ومصر، فقال: من كان يتوقع أن يقوم شبان وفتيات الفيس بوك بما قاموا به؟.

ماذا سيفعل النظام الرسمي العربي، وهو يرى خيوط اللعبة ومفاتيحها تتفلت من بين يديه؟ أما زال صانعو سياساته يصرون على سياسة المنع والحظر وهم يرون الحواجز تتحطم، والموانع ترفع في زمن الانفتاح الواسع وثورة الاتصالات العارمة؟ هل بات بمقدوره أن يمارس ما كان يمارسه سابقا غير مكترث ولا آبه بحاجات الشعوب وأشواقها؟ كل ذلك لم يعد مجديا فحجم التحولات والتغيرات كبير وضخم، ولم يعد من خيار متاح إلا الاستجابة الطبيعية لتطلعات الشعوب وخياراتها، وتجاوز العقلية الأمنية في التعاطي مع السياسات العامة، لأنها غدت في عالم متحول ومتطور عاجزة وقاصرة عن معالجة شؤون الحياة، وضبط إيقاع الجماهير الهادرة.

===================

بين الداخلي والخارجي!

ميشيل كيلو

2011-02-28

القدس العربي

 في رد على موقف اتخذه في سبعينيات القرن الماضي من كانوا يسمون في حينه 'العلماء السوفييت'، تساءل أستاذنا الراحل إلياس مرقص بدهشة : ما هو الداخلي في المجال القومي العربي وما هو الخارجي؟. هل الوضع في بلد عربي كمصر خارجي بالنسبة إلى بلد عربي آخر كسورية، على سبيل المثال ، أم هو وضع داخلي أيضا؟. وهل علاقات العراق مع إيران مثلا شأن داخلي يخصه وحده أم هي شأن عربي، قومي، بامتياز أيضا؟

كان ' العلماء السوفييت ' يتحدثون آنذاك عن الوحدة مع مصر باعتبارها شأنا خارجيا بالنسبة إلى سورية، فرد عليهم المفكر العربي الكبير بأسئلة ذكرت باثنين منها، وبين لهم، عام 1971، أن المجال العربي واحد ومتشابك، وأن انقسامه إلى داخلي وخارجي لا يعني أن لديه مجالين منفصلين لا تربطهما رابطة عضوية، كما هو الحال مثلا بين الداخل والخارج الياباني تجاه الصين أو منغوليا مثلا .

وأكد أن ما بين العرب من أواصر تاريخية وآنية رسمية وشعبية، يختلف في طبيعته وبنيته عن تلك التي تشدهم إلى أي مجال غير عربي، وأن علاقات مجالهم القومي ليست سياسة خارجية بمعنى الكلمة التقليدي، ليس فقط لأن حامل هذه العلاقات هو في حالات وأحداث كثيرة المواطن العربي في سائر أقطار العرب، كما يظهر بجلاء حين يقع حدث داخلي أو خارجي خطير يمس الأمة فيصل الشعور بالخطر عليها إلى جميع فئات وطبقات المجتمعات العربية، ويثير رد فعل مواطنيها في كل مكان ويجعلهم يتفاعلون بطريقة متشابهة معه أو ضده، مثلما وقع مرات متكررة خلال الاعتداءات الإسرائيلية على فلسطين، والعدوان الإجرامي الراهن، الذي يشنه نظام معمر القذافي على الشعب الليبي .

ليس المجال القومي خارجيا بالنسبة لأي شعب عربي، وإن كان كذلك بالنسبة للنظم غير القومية الراهنة، التي تعاني الأمرين من موقفها ' الخارجي '، الديبلوماسي، تجاهه، وتتسبب بمعاناة غير قليلة للشعوب العربية، حين تشعر عند وقوع أزمات تعصف به أن حكامها يخونونها، وأنهم معادون لأمتهم، كان من المفترض أن يحملهم انتسابهم إليها مسؤوليات جدية تجاهها، لكنهم يتنكرون لها ويقصرون في القيام بواجبهم تجاهها، فيظهرون على حقيقتهم كأعداء لها.

واليوم، ونحن على مشارف عصر عربي جديد، بدأ من بلد عربي هامشي هو تونس، يتجدد إشكال العلاقة بين الداخلي والخارجي في وطن العرب، ويستعيد راهنيته، ويظهر في صورة جلية مدى التداخل والتشابك بين مشكلات المجال القومي، وكم هي مشتركاتها متماثلة، والحلول المطلوبة شعبيا لها موحدة أو متقاربة، وردود أفعال ومشاعر المواطنين حيالها متطابقة، وكم تتقاطع مخترقة حدود البلدان العربية و'سيادتها'، ويغلب القومي فيها على المحلي، وبالأحرى كم يكتسب المحلي في أيامنا طابعا قوميا وسحنة أموية ما بعد قطرية، وكم 'قومن' ظلم وقمع واستبداد الأنظمة مجتمعات ومشكلات أرادت لها أن تكون مصدر حصانتها ضد أمتها، ومنبع قطرية جديدة، بنيوية ومحدثة، محمية بالقهر والعزلة والتمييز، فإذا بها تستدعي موقفا عربيا جامعا، يخترق الكيانات القطرية من شتى الأصناف والألوان، ويتجسد في نداء قومي تطلقه حناجر عشرات ملايين العرب كل يوم في كل قطر ومصر، يقول باختصار سهل وممتنع: 'الشعب يريد إسقاط النظام'، بينما يتوجه إلى حاكمه بكلمة واحدة آمرة هي 'ارحل'.

هل تعبر ثورة العرب الراهنة عن وحدة الأمة؟. نعم، وذلك من جانبين: عند القاع المجتمعي وفوق في القمة: عند القاع المجتمعي من خلال مطلب التغيير الديمقراطي والحريات، الذي لا تكاد تخلو منه اليوم نفس عربية، في أي مكان.

وفوق من خلال الخوف من هذا المطلب والمسارعة إلى التعامل معه بشتى الوسائل: من رشوة الشعب بتلبية بعض مطالبه المعيشية والمادية - كأنه لا يتمرد إلا من أجل الطعام!- إلى العمل على شق صفوفه ووضعه بعضه في مواجهة بعض الآخر، إلى استنفار طاقات النظم الأمنية وإعدادها لحرب أهلية ضروس كالتي يحمل لواءها اليوم معمر القذافي: قاتل شعبه وعدو أمته، الذي ظل يرفع لواء الجماهير إلى أن تحركت، فواجهها بلواء حكامها ووبخها لأنها لم تجعل بن علي التونسي رئيسا مدى الحياة، ولأنها 'ظلمت ' حسني مبارك، الفقير المسكين الذي لم يكن قادرا على أمين لقمة عيش لسوزان وعلاء وجمال، دون مساعدات القذافي الشهرية له!.

اندمج الداخلي بالخارجي وبالعكس، مع حركة الشعب العربي الواحدة الموحدة ضد نظمه، ووحدت القاعدة وطنها الكبير، وقربته بعضه من بعض في المشاعر والتطلعات والوسائل والأهداف، وشحنته من جديد بالقوة والأمل، ونقلته إلى ما بعد حقبة الاستبداد، التي خال بناتها من الحكام أنها عصية على التحدي، فانهارت قلاعها الأقوى خلال أيام، وها هو نظام القذافي ينهار بدوره تحت ضربات مكونها الليبي، بينما ينتظر الآخرون دورهم في يوم غير بعيد . أليس هذا الحدث التوحيدي حجر الزاوية في بناء أمة جديدة هي أمة المجتمعات والشعوب الديمقراطية والمواطنين الأحرار، التي ستقوم على أنقاض 'أمة 'نظم استبدادية ركبت على طموح شعوبها القومي، فأحبطت نموها كأمة حديثة، مبدعة ومنتجة، بافتعال تناقض وجودي بين القومية والديمقراطية، وبين السياسة وحقوق الإنسان والمواطن، وبالإمساك بخناق شعوبها ولعب أخطر الأدوار في إطفاء جذوة القومية في صدور بناتها وأبنائها.

ها هي الأمة تعيد تأسيس نفسها سياسيا على أرضية الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية، وبالمصالحة معها باعتبارها رافعة الاختراق الإستراتيجي / التاريخي الجديد، الذي يعصف الآن بنظم لم يبق لها من وظيفة غير كبح الجديد لإدامة الاستبداد، رغم أنها تشهد هدم بيتها الكرتوني في بلد تلو الآخر، وكنس وسخها من الحياة العربية العامة والخاصة، وإزالة ما أفسدته من وجود المواطنين المادي والروحي طيلة نصف قرن طويل. وإنه لأمر يسعد نفس العربي ويبهج قلبه أن يرى انهيار واختفاء نظم لم تنجح في شيء غير قمع شعوبها وتخريب هياكل وأبنية الأمة، أكثرها تعبيرا عن هذه الحقبة السوداء نظام سفاح ليبيا، الذي سيكون لانهياره من النتائج الإيجابية ما لا يمكن وصفه بالكلمات، وما ستظهر بركاته في كل واحد من أبناء الأمة، وستنعكس على حياة بناتها وأبنائها، لأن انهياره سيعتبر واحدا من الفصول الأخيرة لاختفاء كل المجرمين والفاسدين والسفاحين، الذين صعدوا إلى سدة الحكم وحكموا وتحكموا، مع أن مكانهم الحقيقي هو سجون عتاة القتلة والجنائيين.

ينبلج صباح الأمة العربية، التي ستنتج قوميتها على صورتها ومثالها، بعد أن أنتجت نظم الاستبداد مجتمعاتها ضد المجتمع العربي وأمتها ضد الأمة، فجاءت هزيلة، مهزومة، غائبة عن الوعي، يتلاعب أعداؤها الداخليون والخارجيون بمصائرها كما يحلو لهم، فهي مفككة ومتعادية، تعيش خارج عصر يتعاون جبابرته وعتاته على طحن عظامها، والإمعان في نهبها وإضعافها، فلا عجب أن تكون قد آلت إلى وضع فقدت معه السيطرة على مقدراتها، وغدت ككرة تتقاذفها أرجل كل من هب ودب وطمع فيها أو تطلع إلى إذلالها. واليوم، وقبل أن يبلغ التطور الثوري غاياته جميعها، تبدو الأمور وكأنها انقلبت رأسا على عقب، فالمواطن العربي العادي يصرخ في كل مكان معلنا انتماءه إلى هويته، مع أنه كان يتنكر لها البارحة، ويفيض في صدورنا جميعا الاعتزاز بالنفس وينبعث قدر من الشجاعة في أرواح نسائنا ورجالنا وأطفالنا وشيوخنا كان يظن أنه ضاع إلى الأبد، بينما تقف النظم مربكة لا تعرف كيف تواجه شعوبها ومجتمعاتها أو كيف تتفادى الهلاك على يديها، بعد أن بدأ غضب كاسح يخترق حدودها الجغرافية وحصاناتها الأمنية، وانكشف المستور وذاب الثلج وبان المرج، وشرعت رياح التغيير تعصف بكراسيها وعروشها.

إذا كان القومي ليس داخليا بامتياز، وكان برانيا وخارجيا، كيف نفسر ما نعيشه منذ قرابة ثلاثة أشهر، ويتجلى في أنه لم يعد هناك في أي مكان نظام عربي لا يرى نفسه اليوم بدلالة ما حدث في تونس ومصر، ويحدث في ليبيا؟ أي نظام عربي يستطيع اليوم تجاهل الإرادة الشعبية والمجتمعية، التي كان يعلن بمناسبة وبلا مناسبة تحديه لها واحتقارها، بالنسبة إلى وجوده؟ وأي نظام لا يدرك أن ما وقع في البلدان الثلاثة يجبّ ما قبله من أوضاع، أو يدخل إليها لحظة حاسمة هي التي ستقرر مصيره، وأن من يتمسك بالحسابات التي أنتج انطلاقا منها في حقبة سابقة، سيحكم على نفسه بالإعدام، إن هو تجاهل المستجد الشعبي والمجتمعي، وواصل رسم سياساته انطلاقا منها، لأنه سيكون عندئذ كمن يخوض معاركه خارج أي زمان ومكان، بعقلية لا تنتمي إلى الواقع، وأشخاص غير مؤهلين للقتال، وأسلحة فات زمانها . ألا يفسر هذا، بالمناسبة، سرعة انهيار نظم رفضت الإصلاح والتغيير، واستكانت إلى قوة أجهزتها القمعية، التي ما لبثت أن انهارت في أيام قليلة ( خمسة أيام في تونس (140000عنصر أمن )، وأسبوع في مصر (1300000 عنصر أمن وأمن مركزي) !. لقد دخلنا إلى وضع جديد، لا يستطيع فيه أي نظام مد يد العون إلى غيره، فالجميع بحاجة إلى قواهم جاهزة وتحت التصرف، والجميع يشعرون بالغرق، في ظروف محلية وعربية ودولية مفعمة بالمخاطر، بلغت في ليبيا حد التلويح بالتدخل العسكري ضد النظام!.

أخيرا، نصيحة لوجه الله: إذا كان هناك من يرى نفسه بدلالة الجديد الذي يجري، ومن يريد التخلي عن الأوهام التي كان قد أقام عليها وجوده وأدواره، فليستخلص العبر اللازمة مما يحدث وليفهم بإخلاص معنى العاصفة الجوالة في أرض العرب، وليربح معركته بالإصلاح والتغيير والحوار مع مجتمعه وشعبه، بدل أن يخسرها ويخسر نظامه، ثم يعيش بقية أيامه، أن عاش، على الندم!.

إن التكوين البنيوي للأمة يجعل داخل أي قطر قوميا، يتفاعل، شاء نظامه ام أبى، مع ما يجري في مجال الأمة، وينعكس عليه. ذلك يعني أن لا نجاة لأي بلد عربي من مصير تونس ومصر وليبيا، ما لم يبادر حكامه إلى إنقاذ أنفسهم: بإصلاح يلبي مطالب شعبه، كي لا ينتزعها منهم بالتمرد!.

===================

الشرخ بين إسرائيل والمملكة المتحدة

الثلاثاء, 01 مارس 2011

سيريل تاونسند *

الحياة

منذ سنوات عدة وحتى اليوم، تبذل الحكومة البريطانية جهداً كبيراً لتكون لها علاقة جيّدة وطيّبة مع إسرائيل. وفي كل مرّة يشعر الديبلوماسيون البريطانيون أنّهم مرغمون على تكرار مقولة مفادها أنه إذا أرادت المملكة المتحدة الاضطلاع بدور في عملية السلام، ينبغي أن تجمعها علاقات ودّية مع طرفي النزاع. أمّا بالنسبة الى أمثالي، ممن يشعرون منذ عقود أن الحكومة الإسرائيلية تُعامل الفلسطينيين معاملةً قاسية وغير عادلة، فقد تكون هذه الفكرة مثيرة للغضب.

لا شكّ في أن أهميّة إسرائيل اليوم كبيرة بالنسبة إلى المملكة المتحدة، فاقتصادها متين بشكل لافت، وقطاع تكنولوجيا المعلومات فيها يحقق نجاحاً باهراً، وينظر العديد من رجال السياسة إلى إسرائيل على أنها دولة صديقة في مكافحة الإرهاب العالمي، فالجالية اليهودية في بريطانيا ناشطة وسخيّة في آنٍ معاً ضمن الحزبين السياسيين البارزين، حتى أنّ عدداً من المقاعد البرلمانيّة، خصوصاً في لندن، يعتمد الفوز بها أو خسارتها على التصويت اليهودي، فوزير الخارجيّة في حكومة الائتلاف وليام هيغ، الذي يُعتبر أداؤه جيّداً نوعاً ما، قام بزيارة خمس دول في الشرق الأوسط خلال ثلاثة أيّام، وذلك قُبيل سقوط الرئيس مبارك نتيجةَ الحملة التي شنها المعارضون المطالبون بالديموقراطية. خلال تلك الزيارة، تحدث الى صحيفة «التايمز» البريطانية وعبّر عن قلقه حيال فشل إسرائيل في التوصل إلى تسوية في هذه الأوقات العصيبة. وأضاف: «وسط الفرص المتاحة لبلاد كتونس ومصر، ثمة تخوف مشروع من أن تفقد عمليّة السلام في الشرق الأوسط زخمها، وأن توضع جانباً وتقع ضحيّة عدم الاستقرار في المنطقة».

وقال مستخدماً اللغة الديبلوماسية، التي لمّح من خلالها إلى مزيدٍ من الشرخ بين اسرائيل والمملكة المتحدة: «يعود جزء من الخوف إلى أن عدم الاستقرار والتغيير سيعقِّدان العمليّة أكثر، ممّا يعني أن هناك ضرورة قصوى لاهتمام الإسرائيليين والولايات المتحدة، فالأحداث الأخيرة تشير إلى أولويّة لهذه القضية، وهو ما نطرحه أمام الحكومة الاسرائيليّة وفي واشنطن».

وفوجئت لندن بنبرة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو السلبية، التي حث بها الإسرائيليين على الاستعداد ل «أيِّ نتيجة»، وقد وعد ب «تعزيز قوة الدولة الاسرائيلية».

وأفاد وليام هيغ، الذي بات واضحاً تخوُّفُه من هذه القوة، عن قناعته الصحيحة قائلاً: «الوقت ليس للغة الحرب، إنّه وقت الإلحاح بشكل أكبر على عمليّة السلام في الشرق الأوسط».

وبعد هذه المقابلة، عبّر رون بروزور، السفير الإسرائيلي في لندن، الذي كان يحضر مؤتمراً في القدس، عن انزعاجه من الجهود المبذولة في بريطانيا، والهادفة إلى «نزع شرعيّة» بلده عبر العلاقات العامّة والطرق القانونية. وأعلن السفير: «الجملة التي تسمعونها اليوم، ليس في المملكة المتحدة فحسب بل في كل أنحاء العالم أيضاً، هي: في الماضي كنت أقف معجباً أمام اليهود، لكنهم الآن أصبحوا النازيين الجدد».

في الواقع، كان ثمة عدد من المشاكل بين المملكة المتحدة وإسرائيل، وهي لا تزال قائمة. أنا بكل صراحة ألقي باللوم كاملاً على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والحكومة اليمينية الداعمة للاستيطان، كما أنّ العديد من حكومات الاتحاد الأوروبي لديها مشاكل مماثلة مع إسرائيل.

اختبر وليام هيغ زيارة رسمية محبِطة قام بها في شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، فعندما وصل ليجتمع مع وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، الذي لا تهمه محادثات السلام، تمّ إعلامه أنّ إسرائيل تقوم بقطع إمكانية «الحوار الإستراتيجي» مع المملكة المتحدة.

وفي تموز (يوليو)، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال زيارته المهمّة إلى تركيا: «لا يمكن لغزة أن تبقى معتقلاً، ولا يجب أن يُسمح بذلك». هذا التصريح أثار استياء الكثير من الاسرائيليين، وللأسف لا تزال غزة معتقلاً مخزياً.

وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد انتقد بشدّة الهجوم الاسرائيلي على السفينة التركية مرمرة، وجزء من أسطول المعونات الى غزة.

وصف تقرير غولدستون حول قضية غزة الذي نُشر في أواخر العام 2009، أنّ تلك العمليّات في غزة «مخطَّطٌ لها بدقة بكل مراحلها، وهي بمثابة هجوم متعمَّد وغير متكافئ القوة، يهدف إلى معاقبة السكان المدنيين وإذلالهم وترهيبهم». أنا على يقين أنّ هذا يتماشى أكثر مع طريقة التفكير في قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية.

وثمة أيضاً تخوّف جدي من إمكانية أن تقبض الشرطة على سياسيين إسرائيليين وضباط في الجيش الإسرائيلي وهم في زيارة إلى بريطانيا بسبب ارتكابهم جرائم حرب. أمّا وزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبي ليفني، فلم تلبِّ الدعوة للحديث امام ندوة في مناسبة عربية - يهودية كانت ستقام في لندن عام 2009، فقد تمّ الحصول على أمر بإلقاء القبض عليها من قبل مجموعة موالية للفلسطينيين.

* سياسي بريطاني ونائب سابق

=======================

بعد هيمنة ايران على الحكم في العراق ...هل تُحكم بيروت من طهران؟

خلدون عريمط*

المصدر الحياة

1-2-2011

منذ سقوط بغداد الرشيد أمام الغزو الصهيو/ اميركي بحجة نشر الحرية والديموقراطية والقضاء على الديكتاتورية ومنع العراق من امتلاك اسلحة الدمار الشامل، بدأ النفوذ الإيراني تمدده المنظم والمدروس داخل الوطن العربي، متستراً بدعم القضية الفلسطينية، ومستغلاً عواطف الجماهير وأحلامها بتحرير القدس وكل فلسطين وإزالة الكيان الصهيوني. ومن الملاحظ ان هناك توافقاً في كثير من الوجوه بين الاحتلال الأميركي والتمدد الإيراني في العديد من الأقطار العربية على رغم التباين بينهما في أكثر من ملف متحرك على الساحة العربية، وفي الحقيقة انه تباين مصالح ومحاصصة لخيرات هذا الوطن، والتحكم في خياراته السياسية، بعد استغلال بعض شرائح المجتمع العربي، التي انجذبت نحو شعارات الثورة الإيرانية، ونظرية بدعة ولاية الفقيه، المرفوضة من المراجع الإسلامية بصورة عامة، ومن العديد من أئمة مذهب الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه.

وبمراجعة بسيطة ومتأنية للمراحل التي أعقبت الدخول الأميركي الى العراق، يلاحظ ان الاحتلال الأميركي، استبدل التسلّط السياسي لنهج حكم مركزي، اصاب وأخطأ في ممارساته، بحكمٍ مذهبي طائفي عرقي، يحمل في طياته عوامل تفجيره في كل حين، وها هو الاحتلال ينكفئ تدريجاً، ممهداً الطريق لتمدد النفوذ الإيراني، سياسياً وعسكرياً وميليشيوياً، حتى بدت بغداد الرشيد، امتداداً طبيعياً، ومجالاً حيوياً لتمدد ثقافة ولاية الفقيه من طهران، ودورها في اختيار اركان الحكم في العراق. ومن اجل ذلك فإن التوافق الأميركي/ الإيراني، أنتج حكومة، رأسها في طهران وبعض أطرافها عند العم سام في واشنطن، ومخاض هذه العملية الجراحية حصد الى الآن عشرات الألوف من الضحايا والجراحات والآلام النازفة.

وفي سياق هذا الانكفاء وذاك التمدد، ما حصل ويحصل في لبنان، خصوصاً بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وبروز النفوذ الإيراني، ودوره الفاعل في تفريخ مجموعات وأحزاب وشخصيات سياسية ودينية ودعمها مادياً وعسكرياً للإمساك بملفات الطوائف اللبنانية، لإنتاج الحكم والحكومات من خلال امتلاك حزب الله فائض قوة تجاوزت بكثير قوة مؤسسات لبنان العسكرية والأمنية، والحجّة جاهزة ومطلوبة من الجمهور، وهي التصدي للعدو الإسرائيلي، ودعم فلسطين وتحرير مقدساتها، لكنها أخفت وتخفي في طياتها نفوذاً إيرانياً وتمدداً ثقافياً وفكرياً بدعوى حماية المقاومة وظهرها وأطرافها، ومجالها الحيوي وحتى هوائها وبحرها، وشمالها وجنوبها، ومن هنا كانت دعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في زيارته الأخيرة الى لبنان، لإقامة جبهة من الشعوب الفلسطينية واللبنانية والسورية والعراقية متحالفة مع نظام الثورة في طهران، واستكملت هذه الدعوة بتأكيد السيد حسن نصرالله في غير مناسبة، بأنه يعتزّ ويفتخر بكونه جندياً في ولاية الفقيه، وعندما يستطيع جندي ولاية الفقيه في لبنان، ان يستدعي رؤساء الحكومات والوزراء والنواب، ويسقط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة زعيم الأكثرية النيابية والشعبية سعد الحريري، ويختار مرشحي رئاسة الحكومة، ويضع الفيتو على الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، كما فعل اخيراً بمصادرته الصفة التمثيلية والنيابية والشعبية، وإلزام حلفائه والعديد من نواب الشعب بالرئيس نجيب ميقاتي الذي اختاره في ليلة من ليالي استدعاء مرشحي رئاسة الحكومة، وألزمه دفتر شروطه غير القابل للتعديل أو النقاش، ليكون رئيساً لحكومة لبنان، فهذا يعني بكل بساطة ان فائض القوة لدى حزب الله، والتزام الحزب ولاية الفقيه، يؤكد ان مقولة المراقبين والمتابعين بأن سيدة العواصم العربية بيروت، تحكم من طهران، بعدما كانت مرآة صادقة لكل طموحات وآمال وآلام العرب من المحيط المستريح، الى الخليج المصادرة عروبته، في زمن التيه العربي، في صحراء الخلافات والنزاعات بين الحكّام والشعوب في هذا الشرق العربي المكلوم.

* المدير العام للعلاقات والإعلام في دار الفتوى لبنان

======================

حرب باردة في خليج ساخن

عبد الحسين شعبان

باحث ومفكر عربي

صحيفة الاقتصادية السعودية العدد 6297 - 8/1/2011

تحتل منطقة الخليج مكانة جيوسياسية- إستراتيجية رفيعة، وقد ازدادت أهميتها خلال العقود الخمسة الماضية، لاسيما بعد استكمال استقلالها في السبعينيات من القرن الماضي، لما تمتلكه من طاقات وإمكانات كبيرة، الأمر الذي عرّضها إلى تحديات خطيرة نظراً لتصارع القوى الدولية وتقاطع مصالحها، سواءً خلال الحرب العالمية الباردة أو بعد انتهائها.

وقد كانت المنطقة خلال السنوات الثلاثين ونيّف الماضية مسرحاً للكثير من الأحداث الدولية والإقليمية التي أثّرت على قضايا السلم والأمن الدوليين، حيث شهدت اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية، التي دامت ثماني سنوات بالكمال والتمام 1980-8198، وأعقبها إقدام النظام السابق في العراق على غزو الكويت في 2 آب (أغسطس) العام 1990 وما تلاها من حرب قوات التحالف لتحرير الكويت في العام 1991، ومن ثم فرض حصار دولي على العراق دام ثلاثة عشر عاماً، ثم الحرب على العراق واحتلاله في العام 2003، التي فتحت الباب على مصراعيه للإرهاب الدولي الذي انفلت من عقاله على نحو لم يسبق له مثيل، فضلاً عن سيادة موجة تكفيرية ضربت المنطقة كلها، مع استقطابات طائفية ومذهبية، ليست بعيدة عن تداخلات إقليمية ودولية.

كما شهدت منطقة الخليج أزمة دولية حادة ما تزال مستمرة، ونعني بها الملف النووي الإيراني، الذي ترتاب منه القوى الدولية المتنفذة، ولاسيما الولايات المتحدة، خصوصاً محاولة توظيفه للأغراض العسكرية، في حين تتشبث إيران بكونه حقاً من حقوقها، مؤكدة أن بناء مفاعلات نووية هو للأغراض السلمية، في حين تُبدي العديد من دول الخليج مخاوفاً شديدة بشأن تفاقم الأزمة الأمريكية – الإيرانية، بخصوص الملف النووي، ناهيكم عن إحتمال تحوّلها الى ساحة للصدام، دون أن تخفي قلقها من التمدّد الإيراني وعلاقة إيران مع بعض القوى الراديكالية في المنطقة سواءً حزب الله اللبناني أو حماس الفلسطينية أو القوى الإسلامية الشيعية في العراق، أو بعض دول الخليج، لاسيما في البحرين والكويت وحركة الحوثيين في اليمن أو بعض المناطق الشرقية من المملكة العربية السعودية، الأمر الذي يؤثر في طبيعة العلاقة مع إيران وآفاقها ومستقبلها.

ويمكن القول أن ثمت مخاوف قديمة وتاريخية وأبعد من حدود الملف النووي، لكن بعض المخاوف الجديدة تعززت من خلال الأطروحات ذات الطبيعة الأيديولوجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد الثورة، العام 1979، والدعوات التي رافقتها للتصدير والانتشار.

ولعّل الحديث عن أمن الخليج لا يستقيم دون التوقف طويلاً عند الصراع العربي- الإسرائيلي، منذ قيام "إسرائيل" في العام 1948 وحتى اليوم، لاسيما عدوانها المتكرر على الشعوب العربية، الأمر الذي ساهم في تعطيل التنمية وتعليق الإصلاح والتحوّل الديمقراطي، لاسيما في أواخر الثمانينيات حين انهارت الكثير من الأنظمة الشمولية وهبّت رياح التغيير على المنطقة، لكن أمواجها انكسرت عند شواطئ البحر المتوسط، بسبب مصالح القوى الدولية الكبرى، وخصوصاً المناصرة لإسرائيل. وقد ساهم الصراع العربي- الإسرائيلي في إهدار عائدات النفط، واستنزاف دول المنطقة باللجوء الى التسلّح، بمبررات التحدي الخارجي، وسواءً كان الأمر حقيقياً أو شمّاعة يتمّ تعليق الأمور عليها، لكن ذلك كان عاملاً كابحاً للتطور والتنمية وكتب الحريات وهدر حقوق الإنسان.

وبالطبع فإن ذلك إنعكس وينعكس على ساحة النفط الذي كان وما يزال أحد أهم عناصر الصراع في المنطقة، وخصوصاً في السبعينيات عندما استخدمه العرب كأحد الأسلحة الاقتصادية في " المعركة"، ولاسيما بعد حرب تشرين (اكتوبر) العام 1973.

لقد شغل أمن الخليج خلال الأسابيع القليلة الماضية عدداً من الفعاليات السياسية والأكاديمية الرفيعة المستوى، ففي فترة متزامنة، انعقدت قمة مجلس التعاون الخليجي(الذي يضم ست دول وهي: المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعُمان) والذي تأسس في العام 1981، أي بُعيد الحرب العراقية- الإيرانية، وناقش موضوع أمن الخليج باستفاضة كبيرة مبدياً مخاوف شديدة إزاء تطورات الأحداث، لاسيما بخصوص الملف النووي الإيراني، والعلاقات الإيرانية- الأمريكية التي قد تتطور إلى شكل من أشكال المجابهة العسكرية، بعد الحصار الاقتصادي والضغط السياسي الدولي.

كما إلتأم اجتماع جنيف بين ممثلين عن الدول الخمس الدائمة العضوية وألمانيا مع ممثلي الجمهورية الإسلامية الإيرانية لبحث تطورات موضوع الملف النووي الإيراني، بما له العلاقة بأمن الخليج ومسألة العقوبات.

واختتم قبل فترة قصيرة " منتدى حوار المنامة" الذي انعقد في العاصمة البحرينية والذي تناول موضوع أمن الخليج والملف النووي الإيراني، وقد استمع العالم كلّه إلى تحذيرات وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون التي لم تكن تخفي خطط واشنطن إزاء طهران.

وانعقد أواخر شهر تشرين الأول (اكتوبر) مؤتمراً أكاديمياً في نيودلهيبحضور نخبة أكاديمية ودبلوماسية متميّزة وكان بعنوان" الهند ودول مجلس التعاون الخليجي- إيران والعراق: مستجدات الأمن وآفاقه".

كما شغل ما نشر في موقع ويكيليكس الالكتروني، لاسيما المراسلات السرية بخصوص إيران والملف النووي وأمن الخليج، حيّزاً كبيراً من التعليقات وردود الفعل المختلفة، ولعّل ذلك هو أول الغيث، ارتباطاً مع غيره من الأحداث المهمة.

إن مناسبة الحديث هذا هو انعقاد مؤتمر " حوار باريس" حول أمن الخليج، الذي أكّد أنه جزء من الجدل والنقاش الفكري والدبلوماسي والعسكري والسياسي والمدني بأبعاده المختلفة، خصوصاً وأنه تلمّس خطورة ذلك بحكم موقعه الدولي وبحكم سياقاته الأكاديمية والعملية وتجربته الغنية، التي تمتد إلى عقدين من الزمان، وهو ما لفت اليه الانتباه الدكتور صالح بكر الطيار رئيس مركز الدراسات العربي- الاوروبي، وما نوّه إليه في جلسة الافتتاح هيرفي دي شاريت وزير خارجية فرنسا الأسبق ورئيس المعهد اليورومتوسطي، وهما يخاطبان النخبة الفكرية والسياسية والاكاديمية العربية والغربية.

يمكن القول إن الخليج يعيش منذ سنوات حروباً مختلفة، أكثرها عمقاً واستمرارية واستنزافاً، هي الحرب الباردة، بين قوى دولية وإقليمية، وبين القوى الإقليمية ذاتها، وبين مكوّنات قائمة سياسية واجتماعية داخلية واقليمية، وأخرى يُراد لها أن تقوم، دون أن يعني ذلك تجاوزاً على هوّيات وجدل وصراع واصطفافات طائفية ومذهبية وسياسية ودينية، وتقاطع مصالح واتفاقها أحياناً، في إطار سسيوثقافي سياسي وعسكري، حاضر ومستقبلي.

وإذا كانت الحروب العسكرية معروفة، فإن قضايا الإرهاب الدولي ما تزال تتفاعل وتتداخل، لاسيما تفريخ تنظيمات القاعدة وانتقالها من بلد إلى آخر، بدءًا من أفغانستان ومروراً بالباكستان وانتشارها من وإلى العراق، وصولاً إلى دول المنطقة، بل وإلى العالم أجمع. ليس هذا فحسب، بل أن ظاهرة القرصنة تفاقمت في السنوات الأربعة الماضية أيضاً، ولاسيما في القرن الإفريقي التي تهدد حرية الملاحة في الممرات النفطية، خصوصاً في بحر العرب وصولاً إلى باب المندب، مع استمرار الوضع المضطرب في الصومال دون إغفال ما يجري في جنوب السودان، والذي قد يشهد احتراباً بعد إجراء الاستفتاء بشأن الوحدة أو الانفصال في 9 كانون الثاني (يناير) 2011. وليس بعيداً عن ذلك الحرب المستمرة بين القاعدة والسلطات اليمنية، فضلاً عن حركة الحوثيين، وهو ما يزيد صورة الإرهاب الدولي إلتباساً وغموضاً منذ أن استفحلت في التسعينيات.

لكن الحروب العسكرية المعروفة رافقتها على نحو أشد وأعمق تأثيراً وربما ستكون مخاطرها أكثر عمقاً هي الحرب الباردة في الخليج، وهو ما يمكن أن نطلق عليه اسم " قوس الأزمات" الذي يطوّق دول مجلس التعاون الخليجي، ويؤثر مباشرة على إيران والعراق، وعلى الأمن والسلم الإقليميين، حيث لا يمكن استبعاد تركيا عنهما مثلما لا يمكن استبعاد الباكستان وأفغانستان وصولاً إلى الهند والصين. ولعل هذا التأثير يمتد ليشمل طرق النفط شريان الحياة، لاسيما لأوروبا والولايات المتحدة، وهذا يعني أن العالم كلّه سيكون مهدداً بسبب احتدامات الوضع في الخليج.

يعاني الخليج منذ سنوات طائفة من اختلالات وتحديات في الأمن الاقليمي، وإنْ لم تتوفر بيئة صالحة لتسويتها وتعظيم ما هو مشترك، فإن سلم وأمن المنطقة سيكون مهدداً بأخطار جسيمة، وسيكون مستقبلها محفوفاً بالمخاطر. لعل صورة الخليج خلال العقد المنصرم وربما ستبقى ملامحها الأساسية قائمة خلال العقد القادم تتحدد ب:غياب التوازن الإستراتيجي بعد احتلال العراق، واستمرار الوجود العسكري الأمريكي في الخليج، اتّسع بعد عملية غزو الكويت العام 1990 وما بعدها. ولعل استمرار الاحتدام بشأن المفاعل النووي الإيراني والمخاوف الخليجية، سيدفع دول مجلس التعاون الخليجي الى الاعتماد أكثر على الحماية الغربية على ما فيها من إشكاليات.

ومنذ مطلع الألفية الثالثة كانت منطقة الخليج أكثر المناطق تسلّحاً في العالم وأكثرها حماسة في شراء ما تنتجه مصانع الأسلحة، تلك التي صرفت فيها أموالاً هائلة كان يمكن تخصيصها لقضايا التنمية، بدلاً من سباق التسلّح المحموم.

كما تعاني منطقة الخليج من استشراء ظاهرة الإرهاب الدولي العابرة للحدود، سواءً من قبل تنظيمات القاعدة أو من بعض قوى "الإسلام السياسي" التي أخذت تقلق حكومات دول الخليج، لاسيما استمراره كظاهرة خطيرة، واستمرار النزاعات الحدودية، وإن كان بدرجات متفاوتة في الحدّة، إضافة الى مشكلة الجزر الثلاث أبو موسى والطنبين (طنب الصغرى وطنب الكبرى) منذ العام 1971 والتي ما تزال إيران تتمسك بها رغم المناشدات الإماراتية والعربية والدولية .

وتعاني منطقة الخليج من استمرار مشاكل المياه بخصوص شط العرب، واتفاقية 6 آذار (مارس) 1975، إضافة الى نهر كارون وغيرها بين العراق وإيران، مثلما هو استمرار مشاكل الحدود، وتداخل بعض آبار النفط التي تثير مشاكل حول أحقية امتلاكها، كما حصل مؤخراً في بئر فكّة جنوب العراق.

ولعل من يضغط على منطقة الخليج أيضاً هو استمرار تنكّر " إسرائيل لحقوق الشعب العربي الفلسطيني، لاسيما حقه في تقرير المصير وبناء الدولة الوطنية المستقلة وحق عودة اللاجئين، الأمر الذي ينعكس سلباً على منطقة الشرق الأوسط وأمن الخليج معاً، فضلاً عن قضايا التنمية ككل في المنطقة.

ومع استمرار هذه التحديات وتوتّر الأوضاع، لاسيما بخصوص الملف النووي تتصاعد وتيرة الحرب الباردة لدرجة تبدو الحرب الوشيكة الوقوع أو المحتملة قائمة، أو تكاد تقترب، بالوسائل العسكرية بضربة ضد إيران من جانب واشنطن أو تل أبيب أو بالوسائل الاقتصادية والسياسية، لاسيما استمرار الحصار الاقتصادي الدولي، الأمر الذي يجعل الخليج الساخن يعيش حرباً باردة مستمرة وقد تتحول بطرفة عين الى حرب ساخنة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ