ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
بعد شهر من الثورة.. هل
نال الشعب ما يريد؟ د. عبد المنعم أبو الفتوح اخوان اون لاين 2-3-2011 مضى ما يزيد على شهر منذ بَدَأَت أشرف
وأنبل ثورة في العصر الحديث، لم تتم
فيها حتى الآن ما يجب من إصلاح وتحقيقٍ
للحريات كواقعٍ حقيقي. وهناك ثلاثة مجالات على درجة كبيرة من
الأهمية، يجب أن يتم التحرك فيهم على
وجه السرعة، إذ لا مجالَ ولا مبررَ
للتأخر أو التباطؤ في تحقيقها: الأول: التحفظ على أشخاص وأموال كل رموز
النظام السابق من فسدة ومفسدين وكل مَن
اقترب منهم بغرض التربح والمنفعة إلى
حين الانتهاء من التحقيقات، ولا يكفي
من تمَّ التحفظ عليهم فقط.. بل يجب
البدء فورًا بالحاكم السابق وأسرته
وكل أعمدة النظام، ما ارتكبه هؤلاء
الناس في حقِّ الشعب والوطن جرائم
حقيقية.. الأموال والثروات التي بين
أيديهم ليست ملكًا لهم.. إنها أموالنا
المنهوبة، ولا بد أن تعود إلينا كلها..
السنوات الطويلة التي أهدروها
وأضاعوها من عمرنا في المفاسد
والمظالم والفجور، وغلق أبواب التنمية
والنهوض لا بد أن يحاسبوا عليه،
ويدفعوا ثمن إهدارها. الثاني: إصدار مرسوم بقانون بتشكيل لجان
بعددٍ كافٍ برئاسة نواب رئيس محكمة
النقض للقيام بإجراء التحقيقات
المطلوب استيفاؤها لكلِّ جوانب
التحقيق وموضوعاته، فلا يتم التعجل
فيها بما يهدر حق الوطن والشعب
باستصدار أحكام سريعة ينتظرها الناس،
ولا تتناسب مع حجم الجرائم التي
ارتكبوها، فحجم الفساد الذي تراكم على
مدى ثلاثين عامًا أهول من أن يتتبعه
ويحقق فيه النائب العام وحده؛ حيث إن
جهاز النائب العام لن يتمكن وحده
بالتحقيق في جرائم الفساد بسبب كثرة
البلاغات المتراكمة عنده؛ مما يعطي
الفرصة نتيجة التأخير لتهريب الأموال،
وحرق المستندات الدالة على الفساد. الثالث: لا مبررَ على الإطلاق للتأخُّر في
تحقيق الحريات على مداها الكامل، وفي
الواقع الذي يعيشه الناس، فحق الناس في
الحرية ليس في التظاهر والهتاف فقط،
إنما الحق الكامل في تأسيس الأحزاب
والجمعيات وإصدار الصحف والمجلات
وكلِّ وسائل الإعلام وذلك بالإخطار،
وإلغاء قانون الطوارئ، والإفراج
الفوري عن كل المعتقلين والمسجونين
السياسيين.. وبيانات كل هؤلاء موجودة
لدى جهاز أمن الدولة الذي يمتلك قاعدة
بيانات لا مثيلَ لها عن كل صغيرة
وكبيرة في أرض مصر، وإلى ذلك فليس هناك
قصور في معرفة الأسماء والظروف التي
أوقعت هذه المظالم وما صاحبها من
افتراءات وانتهاكات وتعديات على أموال
الناس وأملاكهم، لا مبرر قانوني أو
شرعي لبقاء مظلوم واحد ليوم واحد في
السجون دون جريمة حقيقة. الشعب قام بثورته ليأخذ حريته، وسيذكر
التاريخ للجيش وقفته في المساعدة على
تحقيق ذلك، أما وقد بلغت الأمور ما
بلغت فلا مبررَ على الإطلاق للتأخُّر
في تحقيق المدى الكامل للحريات، وما
يتطلبه الواقع من إجراءاتٍ تصلح كل ما
أفسده الحاكم السابق ونظامه. ----------- ** الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب ====================== الاتحاد تاريخ النشر: الأربعاء 02 مارس
2011 د. طيب تيزيني أستاذ الفلسفة - جامعة دمشق أتت الأحداث العظمى في العالم العربي منذ
ما ينوف على الشهر، لتدلِّل على أن ما
اعتبره الكثيرُ من شاهدي العصر أمراً
أبدياً تحت مصطلح "الحطام العربي"،
إنْ هو إلا حالة محكومة ومشروطة
باستحقاقات تحدرت من التاريخ والواقع
العربي. ونشأت في سياق ذلك وبكيفية من التضايف في
العلاقات والأسباب الداخلية خصوصاً،
صيغاً جديدة من "أيديولوجيا الحكم"
في العالم العربي يؤخذ فيها بعين
الاعتبار الوجه والقفا منها. أما وجهها، فقد تبلور وتعملق مع ولادة
النُّظم العربية وتبلورها على الأقل
منذ ظهور ثروات استراتيجية عربية
كبيرة بمساعدة قوى متسلطة حدّدت
مهماتها في تهشيم احتمالات التقدم
والنهوض العربي وكان ذلك قد راح يتبلور عمقاً وأفقاً منذ
سبعينيات القرن المنصرم. وكما يتضح،
راحت هذه الواقعة السياسية الاقتصادية
تتحول إلى عنصر حاسم في تكوين الأحداث
العربية تكويناً يأتي في بنيتها
الداخلية. وهذا، بدوره، راح يؤسس لتلك
الأيديولوجية، وتحديداً بدءاً من
الواقع الأكثر تأثيراً وحسماً، ثروات
عملاقة راحت تتدفق بكيفية متصاعدة
لتجد مآلها في حسابات رؤوس هذا الحكم
أو ذاك، يرافقها استحكام السلطة في
أيدي أهل النعمة الجُدد، إضافة إلى
لَيِّ عنق الإعلام العربي حتى بما فيه
"الإعلام المعارض"...إلخ. أما "القفا" من الأيديولوجية
المعنية، فقد راحت تتبلور في سياق
انتظام العلاقات بين الداخل العربي
والخارج الغربي الهيْمني، على أساس أن
كل العناصر المكوِّنة لتلك العلاقات
"لها ثمنها"، فتلك الثروات
الاستراتيجية المكثفة على أيدي من
فكَّك وهشّم حركة التقدم العربية
والرهانات الوطنية والقومية، تحوّل
إلى قوة عظمى تُملي نفسها على كل
الفريقين، الداخلي والخارجي، بحيث إن
تلبية أهدافهما المشتركة أصبحت أمراً
محتملاً. فالخارج يسعى إلى كذا وكذا من السلع
الاستراتيجية وغيرها من السلع المحلية
الرخيصة، وذلك في إطار ضمان استمرار
"صداقته" مع الداخل العربي، مثلاً
بصيغة ضمان أمن إسرائيل وضمان وضع
العالم العربي رهينة بيده، أي بيد
الخارج الغربي الهيمني. وهذا يتطلب
دخول أساطيل وبارجات وقوى عسكرية
ممكنة، لتراقب الأمر وتضمن "الهدوء
اللازم" في سبيله، إضافة إلى تسلُّم
نظم عربية أمنية (من نمط الدولة
الأمنية)، ضمانات تحول -وهذا في غاية
الخطورة- دون نشوء حالات سياسية شعبية
على الخط لا تهدد الغرب إياه وحده، بل
كذلك وبالضرورة إسرائيل. والأمثلة على
ذلك كثيرة: لا يجوز أن يأتي نظام حكم
وطني في بلد عربي، من شأنه أن يهدد
إسرائيل! ونلاحظ أن الذرائع راحت تتسع مع الحادي
عشر من سبتمبر وبروز "الإرهاب"
وما اقترن به من "تكوين" قوى
ظلامية تمم الأدوار! في المسألة هذه، يصبح حاصلَ تحصيل أن
يؤكَّد على الشَّرطية التالية: من أجل
الحفاظ على "خريطة التوازن في
العالم العربي"، لا يجوز بتاتاً أن
تستلم السلطة في أي بلد عربي فئة لا
تلتزم بهذه الخريطة. إذن وبوضوح،
لتبْقَ النظم العربية المذكورة ليس
إلى حين فحسب، حتى لو كان طويلاً،
وإنما لتبقى إلى الأبد"، إلى آخر يوم
يمكن تأبيده. ومن الطريف أن القذافي لم يُرفع إلى سدة
الحكم بوصفه "قائد الأمة" فحسب،
وإنما أصبح كذلك "ملك الملوك"،
المؤزَّر. وعلى هذا، فقد أعلن هذا
الرجل منذ أيام أنه لن يتخلى عن الحكم
"حتى آخر يوم من حياته". وكانت نظم
عربية أخرى قد سلكت الطريق إياه، حين
أعلنت أن حكامها باقون إلى آخر الزمان،
وإلى نهاية الأبدية. إن الأمر والحال كذلك، ينطوي على أكبر
المخاطر على ما حققه شباب الانتفاضة،
ولهذا فإن ما حققوه من انتصار سيبقى
بالنسبة إلى النظم العربية خصوصاً،
هدفاً هائلاً يجب إسقاطه. من هنا، لنقل إن استمرار انتفاضتهم إنما
هو ضمان لبقائها، مما يعني الدخول في
مرحلة الإجابة عن مهماتها الكبرى
والصغر ====================== آخر تحديث:الأربعاء ,02/03/2011 ميشيل كيلو الخليج كان الحديث عن الطبقة الوسطى يقترن دوماً
بموقف من حدين: واحد يرى فيها تكويناً
عابراً، وكياناً هشاً، متحولاً وغير
ثابت، يعجز عن التماسك وإدراك الواقع
في عالم التغير الاجتماعي والسياسي
الذي يعصف بوجوده، وآخر يعتبرها تابعة
لغيرها، فهي تتعين بما هو خارجها، ضمن
واقع فاسد يشتري قياداتها، إن وجدت،
ويجعلها على الأغلب معادية للثورة
والتقدم، تتذبذب سياسياً كي ترفع
ثمنها، علماً بأنها هي التي مكنت، في
تاريخ أوروبي حديث، لصعود النازية
والفاشية، وهي التي لعبت أخطر الأدوار
في إحباط ثورة اجتماعية ناضجة، كانت
بلدان أوروبية عديدة مؤهلة لإنجازها،
بما في ذلك الدول الأكثر تقدماً منها . ولعل من يعرف كتابات بعض قادة الاشتراكية
في القرنين التاسع عشر والعشرين يتذكر
ليس فقط التشخيص السياسي والاجتماعي
لواقع وهوية الطبقة الوسطى، وكان
سلبياً في معظم التقديرات والتحليلات،
وإنما يتذكر أيضاً الصفات التي أطلقت
عليها عند رجل مثل “لينين”، الذي
وصفها ب “الحقيرة”، في كل مرة ذكرها
فيها . آية ذلك أن موقف الطبقة الوسطى
اعتبر رئيسياً، وأن نجاح الثورة كان،
في نظر هؤلاء القادة، يتوقف على الجهة
التي ستساندها هذه الطبقة، التي
لطالما اعتبرت آخر حصن للنظام القديم . ارتبط التقويم السلبي لدور الطبقة الوسطى
بنظرية ترى أن المجتمع الحديث ذاهب لا
محالة نحو الانقسام إلى طبقتين: واحدة
تعمل وأخرى تملك، واحدة مستغلة وأخرى
مستغلة (بكسر الغين)، وأن الطبقة
الوسطى، أو ما يسميه علم الاجتماع
الحديث “الفئات البينية”، محكومة
بالتبعثر، لذلك تتعرض لفرز دائم
يقودها واقعها المتناقض إلى كتلتين:
واحدة كبيرة تسقط إلى الأسفل، نحو عالم
من يعملون ولا يملكون، وأخرى صغيرة
تصعد إلى طبقة من يملكون ولا يعملون . ليس مجتمعنا مكوناً من طبقتين، بل هو
مختلف كثيراً، أو كما يقال، بنيوياً،
عن النموذج المجتمعي الذي تم تحليله
والتنبؤ بتطوره في أوروبا . إنه مجتمع
يتكون من بحر من الطبقة الوسطى، أو
بالأحرى من “الفئات البينية”، له
زائدتان متفاوتتا الحجم لكنهما
صغيرتان، تمثل إحداهما ما أود تسميته
عالم العمل، والثانية عالم الملكية،
علماً بأن العلاقة بينهما ليست هنا
علاقة عمل/ رأسمال، كما كان الأمر في
أوروبا . بسبب حجمها الكبير، تلعب
الفئات البينية عندنا دوراً مجتمعياً
فائق الأهمية والحيوية، يبعدها كثيراً
عن التوصيفات السلبية، التي أطلقت
عليها عند غيرنا . إنها، هنا، قوة عمل
وإبداع مجتمعي يكاد يكون مقرراً
وشاملاً، وهي قوة استمرار وليست عامل
اهتزاز وقلق، كما أنها هي التي تحمل
الدولة، وعنها تصدر السياسة، ومنها
تنطلق الثقافة في الجزء الأكبر من
أنشطتها وإبداعاتها . ولعله ليس من
المبالغة القول، في هذه العجالة، إن
المجتمع الحالي ما كان ليوجد في صورته
الراهنة لولا الطبقة الوسطى، التي
تمثل ليس فقط ثقله الرئيس، وإنما قوة
دفعه ومنتجه وسبب بقائه، في جميع
أصعدته السياسية والاقتصادية
والاجتماعية والثقافية . . . الخ، حتى إن
انحطاط هذه الطبقة يعني انحطاطه
ونهوضها يعني نهوضه، بالنظر إلى
استحالة رؤيتها بدلالة غيرها من
مكونات المجتمع، وحتمية رؤية كل ما
عداها منه بدلالتها هي . أعتقد أن واحدة من كبريات مشكلاتنا
السياسية كمنت خلال القرن الماضي
بأسره هنا، وأن هذه المشكلة تتضخم في
ضوء تطورات عالميّ العمل والملكية
الحديثين، وتتجلى في افتقارنا إلى
رؤية خاصة بنا للطبقة الوسطى ككيان
مجتمعي قائم بذاته ومقرر، تأخذ بعين
الاعتبار خصوصياتها عندنا وأهميتها
ودورها، باعتبارها العمود الفقري
لوجود مجتمعنا، والجهة التي تحدد
مصيره، وعليها يتوقف كل شيء فيه . في
الغرب، ورغم تجريدية التحليل
الافتراضي، كان هناك شيء من الحقيقة في
فهم الطبقة الوسطى وتعيين مكانها من
المجتمع، الذي لا شك في أنه كان
منقسماً، ويمعن أكثر فأكثر في
الانقسام، إلى جهتين متناقضتين هما
عالم العمل وعالم رأس المال . أما
عندنا، حيث لا يعين هذا الانقسام نمط
مجتمعنا ولا يحدد مصير مكوناته، وتغيب
بالتالي المشروعات السياسية
والتاريخية المنبثقة منه والمتفقة مع
مصالح هذه أو تلك من قوتيه، أو القادرة
على التوفيق بينهما، سواء كان التوفيق
عابراً أم دائماً، فإن الطبقة الوسطى
لا تشبه مثيلتها في الدول المتقدمة
والمجتمعات المتطورة، ولا تسلك
سلوكها، رغم ما يشوب مواقف أطراف
ومكونات منها من تذبذب هنا أو هناك، في
هذه المسألة أو تلك، كما أنها لا تلعب
دوراً كدورها في العمل والإنتاج، رغم
أن من يصعدون إلى الأعلى يكونون منها
بصورة شبه دائمة، في حين لا يسقط أحد
منها إلى الأدنى، لسبب جلي هو أنها تضم
قطاعات غفيرة الأعداد من الفئات
الدنيا والفقيرة، نتيجة عدم تعينها
بالعلاقات النابعة من مصالح وأدوار
حدين متنافرين/ متناقضين، وتعينها
ببنيتها الذاتية، التي تجعلها ضرباً
من مجتمع قائم بذاته، تراتبي يجمع
مكونات متفاوتة، يتم انطلاقاً منها،
بدرجة رئيسة، إنتاج الحياة الاجتماعية
في سائر أوجهها وحقولها، على أن يكون
واضحاً أن للدولة عندنا، وليس
للطبقتين العاملة والمالكة، دوراً
حاسماً في إعادة إنتاج مكونات معينة
منها، لكونها الفاعل الرئيس الذي
يمثلها، بينما مثلت الدولة في الغرب
عالم الملكية بالدرجة الأولى . عندنا،
تمثل الدولة هذه الفئات، لذلك نراها
تضبط حركتها في إطار أنساق اجتماعية
أوسع منها، وكثيراً ما تحجر عليها
وتحول بينها وبين امتلاك وممارسة
الحرية الضرورية لأي تغيير يطاولها أو
يمكن أن يؤثر في وظائفها، المستقلة
نسبياً عن أية مجموعة اجتماعية، بما في
ذلك الطبقة الوسطى . والحق، أن نمط
الدولة المركزي، الذي نشأ في حاضنتها
وانطلاقاً منها، ما إن تولى مقاليد
الأمور حتى منعها من ممارسة العمل
العام، وقصر دورها على جوانب محددة من
الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، وما
يتفق وسيطرته من فعاليات ثقافية
وأيديولوجية، لعلمه أنها مصدر الخطر
الوحيد عليه، وأنه لا يجوز أن يترك لها
حرية العمل والتفكير، لأنها قد تخلق
ساحة مستقلة عنه، في حاضنتها
المجتمعية الواسعة . لا أغالي إذا قلت
إن مصدر أزمات دولنا العربية يكمن في
هذه المفارقة بالذات، التي وضعت
النظام الرسمي في مواجهة حامله
الاجتماعي، وأجبرته على بلورة حامل
بديل، أنشأه انطلاقاً من السلطة، فهو
سياسي الطابع وإن كانت دائرة عمله
تلزمه بممارسة أدوار اقتصادية
واجتماعية وثقافية وأيديولوجية،
باعتباره مجتمعاً سلطوياً بديلاً
لمجتمع الطبقة الوسطى المدني . هذه ملاحظات أولية تريد إثارة نقاش حول
ظاهرة لطالما أهملنا التمعن فيها
ودراستها، رأينا نتائجها المباشرة في
الأحداث الأخيرة، التي فتحت أعيننا
على حقيقة رئيسة هي أن الفئات البينية
لم تفقد دورها، رغم ما تعرضت له طيلة
نيف وخمسين عاماً من تعسف رسمي، وأن
طاقاتها كبيرة إلى درجة لم يشهد لها
تاريخ أية منطقة أخرى من عالمنا مثيلاً
. ===================== خيارات "إسرائيل"
والتحول العربي
آخر تحديث:الأربعاء ,02/03/2011 ناجي صادق شراب الخليج يبدو أن “إسرائيل” هي أكثر الدول قلقاً
وترقباً وخوفاً من التحولات السياسية
الكبيرة التي تشهدها مصر والمنطقة
العربية عموماً، فلقد اعتادت “إسرائيل”
على زمن سياسي عربي معين يقوم على
الجمود والقبول والاستسلام، وعدم
الحراك، من دون أي دور للشعوب في تقرير
شكل العلاقة مع “إسرائيل”، ولذلك
فإنها الآن أمام حالة تغيير إقليمية
جذرية، وذلك أن الذي حدث ليس مجرد
تغيير في شخص الحاكم بقدر ما يعني
تحولاً في التوجهات والمحددات
السياسية، وهذا ما قد تفرزه التطورات
السياسية بعد إعادة بناء منظومة
النظام السياسي المصري بالكامل، وبسبب
الدور المركزي والمحوري الذي تمثله
مصر، ودورها الحاسم في خيارات الحرب
والسلام في المنطقة، وبحكم أيضاً أن ل”إسرائيل”
علاقات دبلوماسية رسمية ومعاهدة سلام
وضعت حداً لخيار الحرب في المنطقة،
ومعاهدات أخرى في المجال الاقتصادي
وتصدير الغاز الطبيعي، لكن كل هذه
العلاقات لم ترق إلى المستوى الشعبي،
فظلت العلاقات رسمية، تتسم بالبرود،
وتتم في اطار رسمي ضيق، وبالتالي فأول
تداعيات أي ثورة في العالم، ومع أي
تغيير شامل في النظام السياسي أن تكون
هناك مراجعة كاملة للعلاقات تعيد
إليها التوازن . ولا شك في أن لهذه الثورة تداعياتها على
صعيد استعادة دور مصر ومكانتها
الإقليمية والدولية، وإعادة تقييم
ومراجعة لدوائر السياسة المصرية، وبلا
شك سيكون التوجه العربي والإفريقي له
أولوية في المرحلة القادمة . كل هذه
التوقعات والتداعيات لا بد أن تحدد نمط
التفكير والسيناريوهات والخيارات
التي ستحكم قرار “إسرائيل” في
المرحلة القادمة . والسؤال كيف ترى “إسرائيل”
هذه التحولات السياسية التي تشهدها
مصر وغيرها من الدول العربية؟ وكيف
ستتعامل “إسرائيل” مع خيارات الحرب
والسلام المتاحة؟ وبعبارة أخرى كيف
ستتعامل “إسرائيل” مع التغير والتحول
في موازين القوى؟ لا شك أن هذه
التحولات تقلق “إسرائيل” وتحدد نمط
تفكيرها في المرحلة المقبلة . ولعل هذا
النمط من التفكير سيقف وراءه أكثر من
خيار من الخيارات التي قد تكون عليها
التطورات السياسية في مصر خلال الشهور
القادمة، وأول هذه الخيارات خيار
تشكيل حكومة مدعومة من القوى السياسية
المناهضة ل”إسرائيل” كقوى اليسار مثل
أحزاب التجمع والناصري والحركات ذات
التوجهات القومية . وهذا السيناريو
يشكل قلقاً كبيراً ل”إسرائيل” لأن من
شأنه أن يدفع في اتجاه مراجعة كاملة
لكل الاتفاقات الموقعة معها، وقد يدفع
في اتجاه دعم خيار المقاومة في غزة،
وهذا الخيار هو الخيار الأسوأ للكيان . ويبقى أن نتساءل: أين خيار السلام من هذا
التفكير؟ والإجابة عن السؤال تستوجب
منذ البداية التأكيد على أن “إسرائيل”
تعطى أهمية فصول للقوة للاعتبارات
الأمنية، ولذلك كانت دائماً تربط بين
عملية السلام والترتيبات الأمنية،
ولهذا السبب أضاعت “إسرائيل” فرصة
قبول المبادرة العربية التي منحتها
فرصة إقامة علاقات عادية مع 22 دولة
عربية مقابل انسحابها من الأراضي
العربية المحتلة وقيام دولة فلسطينية
مع حل متفق عليه بالنسبة لقضية
اللاجئين، وأيضاً أجهضت جهد أكثر من
خمسة عشر عاماً من المفاوضات مع
الفلسطينيين الذين قدموا أقصى ما يمكن
لهم من تنازلات، ومع ذلك تمسكت الحكومة
“الإسرائيلية” الحالية برئاسة
نتانياهو وحكومته اليمينية المتشددة
بالاستيطان ورفضت حتى مجرد فكرة
تجميده لمدة ثلاثة أشهر فقط مقابل
استئناف المفاوضات . وهذا الفشل في
خيار المفاوضات وخيار السلام وفقدان
الفلسطينيين لأي بارقة أمل في قيام
دولتهم المستقلة يضع خيار القوة
والحرب بالنسبة ل”إسرائيل” كخيار
رئيس على حساب خيار السلام . وهو ما
يعني أن “إسرائيل” ستولي أهمية أكبر
للاعتبارات الأمنية وخصوصاً على
المناطق الحدودية، وستولي أهمية أكبر
للحيلولة دون تنامي قوة المقاومة في
غزة أو لبنان . ولكن يبقى الخيار
العسكري الأساس هو إمكانية اللجوء
للحرب كخيار أخير للحيلولة دون أي تحول
في موازين القوة لغير صالحها . ====================== عمر العمر التاريخ: 02 مارس 2011 البيان شعوب عربية تفاجئ العالم بالثورة حتى
تحقيق غاياتها. شعوب عربية تفاجئ أمتها
بالصمود في وجه ماكينات القمع. شعوب
عربية تثور على نفسها ترفض طول
الاستكانة في ظل الاستبداد والفساد.
التدافع الجماعي التلقائي غير المنظم
يباغت الأنظمة المترهلة بذاتيتها حد
الارتباك. شعوب تثور على مصادرة حقوقها
في الاختيار المشروع. هي ثورة شعبية ضد
«ثورات» الانقلابات على الشرعية. هي
خروج شعبي سلمي على نظام الحزب الحاكم
الواحد الخالد. ثورة على نظام الحكم الفرد والتمديد
والتوريث. ثورة على نظام عائلة الرئيس الحاكمة. ثورة على إمبراطورية السيدة الأولى
وطغيانها. ثورة على سطوة أبناء قصر الرئاسة شعوب عربية تسترد حقوقها السليبة في
صناعة حاضرها ورسم مستقبلها. شعوب عربية تثور في مرحلة فجائية من أجل
كتابة برامج عمل مرحلية. كل برنامج
يكتبه الشعب بنفسه. ما من شعب ثائر
ارتضى برنامجاً مكتوباً بالإنابة عنه.
كل شعب يصر على إملاء شروطه على السلطة
المنبثقة من فضاء ثورته. شعوب تلح على فض الاشتباك بين السلطة
والثروة. هي تصر في الوقت نفسه على نسف
الجسور بين المصلحة العامة والمصالح
الخاصة. العالم العربي يفاجئ الجميع. شعوبه تخرج
من المجهول ومن بحر الأزمات وانفاق
القمع المنظم من أجل كتابة فصل مجيد في
التاريخ. شعوب عربية تثور على ذاتها
مصرة على مغادرة حاضر بائس غير أبهة
بكلفة الرحيل إلى غد أفضل. هي تريد استبدال تاريخ وحاضر من صناعة
الأنظمة التوتاليتارية إلى غد من عمل
الشعوب. تلك غاية تتطلب والشعوب تدرك
استبدال الخطاب وأدوات النضال. الشعب
لم يعد يريد فقط تغيير النظام. هو
يستهدف استرداد حق القرار. شعوب عربية تباغت أمتها العربية
والإسلامية مؤكدة حقوقها في حرية
التعبير والتنظيم والانتخاب. شعوب
ترفض تنميطها ضمن الرعاع والقطيع. شعوب
تثور على تحقيرها باعتبارها غير مؤهلة
لولوج الديمقراطية. هي ثورة على هذا
التنميط والتحقير المتعالي على الشعوب.
ثورة تنفجر من تحت ركام القمع الممنهج.
ثورة على الشرائح الفاسدة والفاجرة
والعاجزة. ثورة تنبلج من رحم العصر ومن
فضاء الميديا الإلكترونية. جموع تزحف
من أحياء المدن وأطرافها المنسية. من
الشوارع والأزقة والزنقات. من المصانع
والمكاتب ترفض الرجوع قبل اقتلاع
النظام. جموع تكسر الأطر الكلاسيكية
والحواجز العسكرية. شباب ينهض من مقاعد
الكافيهات العنكبوتية ومن شللية
السبات إلى ميادين المواجهة. شبيبة
تهبط من أرصفة التسكع إلى ساحات
المصادمة. شبيبة تفاجئ الجميع بمخزون
من الوعي وعيون نافذة. شباب يلهبون
الشوارع ويلهمون الكبار على الانخراط
في النضال اليومي حتى الانتصار. شباب
بقوة التيار يجرف العوائق يكتسح
المتاريس ويقتلع الأنظمة. شباب مباغت يجبر المترددين والملوثين على
الاغتسال والتطهر بطقوس النقد الذاتي
قبل الانغماس في وهج الثورة. شعوب تثور على قوالب التغيير على ظهور
الدبابات بدعم خارجي. شعوب تثور على «فزاعة» البديل الإسلامي...
وفزاعة الأنموذج العراقي المتشظي. شعوب تريد كتابة دساتيرها بأيديها على
مقاسات طموحاتها الوطنية. شعوب تثور على حراس الأنظمة المدججين
بأسلحة البغي والإذلال المجردين من
الحد الأدنى من الأخلاق. أجهزة الأمن
والقمع.. الوحوش المسمنة بفتات موائد
الكبار وبخيرات الوطن. هؤلاء الذين
ينهشون عظام الشباب الطرية المدنسون
بأعراض الصبايا المناضلات. ثورة
وقودها الشباب وزيتها القمع
والاستبداد. شباب يفاجئ أمته بمهاراته
على الإبداع وإصرار على الانجاز. شباب
يباغت أمته بقدرة لا تجارى على التحريض
والتنظيم. شباب يثور على الانطباعات
المجانية والثقافات المشوهة السائدة.
شباب يثور ضد المساومة وأنصاف الحلول.
شباب يثور على الواقع المتكلس. يرفض
توريث أبنائه أنظمة عاجزة. شباب يفاجئ
الآباء والأمهات. ====================== المصدر: صحيفة «كريستيان ساينس
مونيتور» الأميركية التاريخ: 02 مارس 2011 البيان أهدرنا الوقت حتى الآن، بالتفكير في
مسألة الاستقرار أو الأمن. كان يتعين
علينا التفكير بشكل أكبر في القيم، أي
قيمنا نحن. فالفرص المتاحة للتقدم أكبر
من خلال شرق أوسط ديمقراطي. وسوف يكون
من شأن التداعيات أن تقلل من قيمة
الحرب في أفغانستان والحرب في العراق. إن أحد التحديات الكبيرة التي تواجه
التحليل الاستخباري، هو التنبؤ
بالتغييرات الكبرى. وأكثر التحليلات
أماناً، هو ما يتعلق بالاعتقاد بأن
القوى التي شكلت الأحداث حتى الآن سوف
تستمر. واستمرار الوضع الراهن على ما
هو عليه يعتبر أكثر النتائج احتمالاً،
حتى اللحظة التي يتلاشى فيها هذا الوضع
الراهن. وذلك يجعل الساسة يتوخون
الحذر، بل إنه في خضم التطورات
الجديدة، من مظاهرات وأزمات اقتصادية
وحروب، تشير التوقعات إلى أن الأمور
سوف تعود إلى نصابها الطبيعي. وعليه
فإن الأمر يتطلب الانتظار والحذر، حتى
نرى من يفوز في نهاية المطاف، ومحاولة
تأمين مصالح أمنية قومية أخرى. لماذا
نستبق النتائج وندعم طرفاً بعينه، إذا
كانت هناك فرصة طيبة للطرف الآخر لأن
يفوز؟ لكن التغييرات الكبرى غير المتوقعة تحدث،
وفيها سقوط سور برلين، وانهيار
الاتحاد السوفييتي السابق. فالوقوف
على الجانب الخاطئ يحمل معه تكاليف
هائلة. أضف إلى ذلك أنه عندما يكون
التغيير حتمياً، يمكن أن يؤخر الحذر
وقوع أزمة، بينما قد يؤدي اتخاذ إجراء
للتوصل إلى حلّ سلمي مثمر وأكثر سلاسة.
تكمن الحيلة في معرفة متى يحدث التغيير
الكبير، ومتى يكون عملاً مألوفاً. وهذا
هو المجال الذي أخطأ الغرب فيه
باستمرار، في ما يتعلق بالثورات التي
تجتاح منطقة الشرق الأوسط. اندلعت الثورة الأولى في تونس، حيث اعتقد
معظم المراقبين أن المظاهرات لا يمكن
أن تطيح بالدكتاتور. ثم كانت الحالة
المفترضة التي تفردت بها تونس، حيث لم
يكن معظم المراقبين يعتقدون حقاً أن
تغيير النظام هناك يمكن أن يعني تغيير
النظام في مكان آخر. وفي مصر، كان معظم المراقبين يعتقدون أن
الاحتجاجات لا يمكنها أن تؤدي فعلا إلى
إسقاط النظام السابق، ولم يدر في خلد
معظم المراقبين أن يكون التغيير في
ليبيا ممكناً، في ظل وجود نظام مستعد
لاستخدام القوة الغاشمة. في الوقت نفسه، فإن الارتفاع التدريجي في
ضرائب البنزين في الولايات المتحدة،
يجلب معه عددا من الفوائد؛ من خفض
العجز، إلى هواء أكثر نقاء، إلى
الاعتماد بشكل أقل على الدول ذات
الأنظمة المستبدة. لكن الكونغرس بحاجة
إلى رؤية طويلة الأمد لاتخاذ هذه
الخطوة الآن. الاضطرابات أمر لا تفضله الأسواق. وقد
دخلت منطقة الشرق الأوسط، التي تضم
حوالي ثلث إنتاج العالم من النفط، حقبة
من الاضطرابات الضارية. ولا يعلم أحد
ما إذا كانت المنطقة قادمة على المزيد
من الصدمات السياسية الأكثر ضراوة. لقد حان الوقت لاستجابة هادئة، تشمل
الاعتراف بأن إمدادات النفط الأميركي
على الأجل القصير، تتمتع بوضعية طيبة.
وقد بدا أن السوق أدرك ذلك، عندما هبطت
أسعار النفط الأميركي إلى ما مستوى
المئة دولار للبرميل، مؤخراً. إلا أن
الصدمات السياسية في منطقة الشرق
الأوسط، يجب أن تحفز إعادة التفكير
بشأن مسألة مستقبل الطاقة في أميركا.
غالباً ما يرى السياسيون، الذين
يقدرون الأمور بمقياس دورتين أو أربع
دورات انتخابية، مكسباً سياسياً في
تبني رؤية طويلة الأمد بشأن أمن الطاقة.
والأمر يعود إلى الجمهور في ما يتعلق
بطلب ذلك منهم. ======================= تطور الاقتصاد الصيني
كما يراه آدم سميث بقلم: توني أندرياني ايمانيتيه ترجمة الأربعاء 2-3-2011م ترجمة: سراب الأسمر الثورة يتساءل الكاتب جيوافاني أريغي في كتابه«آدم
سميث في بكين» وعود المذهب الصيني :
ماهو الأسلوب الاقتصادي الذي اتبعته
الصين خلال تطورها؟؟. يحظى كتاب آدم سميث في بكين بلقب مثير
للاهتمام، فالقارىء المطلع سيندهش أن
يرى الصين تستظل بأحد آباء الاقتصاد
السياسي، آدم سميث وليس ماركس. فلابد من تدخل الدولة تدخلاً فعالاً، ليس
فقط بإنشاء أسواق وإعادة إيجاد شروط
وجود السوق، لكن بأن تهتم الحكومة بحد
ذاتها بالبنى التحتية والتعليم ، وأن
تنظم بشكل مباشر العملة والاعتمادات. فالأولوية التي تقع على عاتق الحكومة هي
دعم الزراعة وبالتالي الصناعة بهذا
ستسهل بشكل أساسي التجارة الداخلية،
ولن تحتاج إلى التجارة الخارجية إلا
كمتمم، مع احتمال تعديل أولوياتها
بحال كان المجتمع مهدداً لأنه يفترض
بالحكومة أن تهتم بالاستقرار
الاجتماعي، الأمر الذي يقلل من
الاستثمار الرأسمالي. فالتنافس الجيد
سيكون بين الرأسماليين وليس بين
العمال. كان يظن سميث أن هذا المذهب من
مميزات القارة الآسيوية وكان يتوقع
مستقبلاً جيداً للصين، بالتعاكس، فقد
حكم على المذهب الأوروبي أنه متكلف «صنعي»
حيث اتخذ مورد ربحه من التجارة
الخارجية، حين بدأ بتطوير الصناعة
والتصدير كردة فعل على انخفاض نسب
الربح الناتجة عن التنافس الذي
لاينتهي والمسبب للمشكلات الاجتماعية
والحروب بين الأمم. وقد خص أريغي الجزء الأكبر من كتابه
المذهب الغربي الحالي المخفق. ولكن
ساهم كاتب المقالة هنا بالجزء المتعلق
بالمذهب الصيني. فعلى نقيض الدول الغربية، لم تعرف دول
آسيا القديمة أي تقليد غازِ (غزو)
والمقصود بهذه السياسة التي تتبعها
اليوم: الجيش الصيني ليس لديه سوى دعوة
دفاعية، وليس لدى الدولة طموح إلى
الامبريالية. أضف إلى هذا، لم يعتمد الأسلوب الآسيوي
على تكديس رؤوس الأموال، لكنه اعتمد
استخدام قوة العمل الكبيرة، المؤهلة
والمتعددة، والمتلائمة مع أخلاقية
العمل. أخيراً، فقد كان دور الدولة في
آسيا الشرقية ما أطلق عليه سميث: تحقيق
غنى الدول. كل هذه الأمور تفسر بشكل خاص
الازدهار الاقتصادي المعجزي للصين،
الذي لم يعرف له مثيل في التاريخ. يعرض أريغي الدرب المتبع أولاً: انطلاق
الزراعات الفلاحية الصغيرة ضمن إطار
الملكية العامة للأرض، ثم التطور
السريع للشركات الصغيرة للبلدات
والقرى. مما يمنح موارد مكملة للفلاحين.
ثم دعوة لطلب المال من الصين من الشتات
مما أدى إلى التوجه الصناعي الحديث.
أخيراً، التطور المقترن بالسوق
الداخلية والصادرات وتظل الدولة
المنسقة والضامنة لهذا التطور لأنها
تحتفظ بالقطاعات الاستراتيجية«من
خلال شركاتها وشركات المساهمة». كما
أنها تدير الاقتصاد بعيداً عن الأنظمة
الليبرالية الموافقة لواشنطن (من خلال
إيعازاتها للبنك المركزي ولبنوكها
العامة الكبرى..الخ). وهكذا من خلال التحديث تعثر على توجهات
حققت لها قوتها في ماضيها حسب تحاليل
أريغي يمكننا التلخيص أن طريق أو أسلوب
الغرب في التطور وصل غاية منطقه حتى أن
الأسلوب الآسيوي سبقه والبرهان أن
حالة التبعية المالية التي تجد الدولة
نفسها واقعة فيها هي حالات موحدة
بالمقارنة مع اليابان. وتظل هناك أسئلة معلقة: ماذا يعني: اقتصاد
غير رأسمالي للسوق؟. اشتراكية السوق وغيرها. ويظل أريغي حذراً في كتابه ويمكننا أن
نفهمه بداية نحن بعيدون عن الوضوح حول
ما يمكن أن تعنيه اشتراكية السوق..ثم،
هناك ملامح كثيرة حول الصين الحالية. على كل الأحوال تبدو البرجوازية الخاصة
بعيدة عن الوصول لسلطة الدولة: فهي تحت
المراقبة، أما الحركة التي حاولت
تشكيل طبقة رأسمالية لتكديس الأموال
في عصر جيانغ زيمين، فنجد أنه تم
التصدي لها في الوقت الحالي والأكثر من
ذلك هناك طبقات واسعة من الشعب تمردت،
بهذا الصدد يلاحظ أريغي أن موقفهم
مختلف جداً عن طبقات شعبية آسيوية
كثيرة، حتى وإن لم تكن مشابهة لما تراه
في الغرب. وأيضاً فإن وجود حزب مسيطر ليس خطأً،
الأمر الذي يندد به قادة الغرب:
فالتيارات ليست أقل حدة في مواقعها،
كما هو الحال بين الأحزاب التي تشغل
ساحة السياسة الغربية، وصعوبة التوصل
إلى توافق بوقته، قد يفضي إلى سياسات
غير خاضعة. على كل الأحوال انتهى عصر الامبريالية
الغربية، والحالات الموحدة وهذا كما
يدل عليه التأرجح والاضطرابات
الاستراتيجية التي يمر بها الغرب كما
يوضح الكاتب... ======================= القضية الفلسطينية
والتحديات الجديدة... خيرالله خيرالله الرأي العام 2-3-2011 ثمة شرق أوسط جديد يفرض طرح أسئلة من نوع
مختلف. في طليعة الأسئلة التي تحتاج
إلى جرأة عربية وفلسطينية، أو لنقل إلى
حد أدنى من الصدق مع النفس: هل هناك من
لا يزال يتذكّر وجود القضية
الفلسطينية في ضوء ما شهدته مصر
أخيراً، وما تبدو المنطقة كلها مقبلة
عليه من تحولات مصيرية؟ الثابت أن
القضية الفلسطينية تواجه منذ ما يزيد
على عشرة أعوام تحديات من نوع جديد
حولتها إلى قضية من قضايا المنطقة
بعدما أصرّ العرب، بصدق أحياناً وخبث
في أحيان أخرى، طوال عقود على أنها
قضيتهم الأساسية، بل المركزية. في الوقت الراهن، لم يعد من اهتمام دولي
وإقليمي سوى بمصر وتداعيات ثورتها على
الداخل والمحيط. أي شرق أوسط بعد الذي
حصل في مصر؟ نسي العالم، وحتى العرب،
ما شهدته تونس التي فاجأ شعبها كثيرين
كانوا يظنون أن هناك أنظمة لا يمكن أن
تتزحزح. نسوا أن هناك بلداً عربياً
تعرض للتقسيم هو السودان، وأن دولة
جديدة، لا تزال تبحث عن اسم، ولدت من
رحمه. ربما وجدت الدولة الجديدة الاسم
أخيراً ويبدو انه سيكون «السودان
الجنوبي» وليس «السودان الجديد» كما
كان متوقعاً. تتسارع الأحداث إلى درجة أنه بعد مضي أقل
من شهرين على بداية العام 2011، بتنا
أمام شرق أوسط جديد يبحث لنفسه عن
خريطة جديدة لا علاقة لها بتلك التي
عرفناها في الأعوام الخمسين الماضية... بدأ التدهور يزداد على الصعيد الفلسطيني
صيف العام 2000 نتيجة فشل قمة كامب ديفيد
التي ضمت الرئيس كلينتون والزعيم
التاريخي للشعب الفلسطيني ياسر عرفات،
رحمه الله، ورئيس الوزراء الإسرائيلي
وقتذاك ايهود باراك. تبين نتيجة القمة
أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهو في
موقع وزير الدفاع الآن، لا يريد تسوية
وإنما سعى عملياً إلى جرّ «ابو عمّار»
إلى فخ ووضعه في موقع الرافض لعرض «سخي»
قدمه له الجانب الإسرائيلي. في الواقع،
لم يكن هناك عرض إسرائيلي واضح، بمقدار
ما كانت هناك أفكار عامة كان على ياسر
عرفات الموافقة عليها من دون ضمانات.
لم يحسن «أبو عمّار» التصرف في تلك
المرحلة، فكان قراره الكارثي المتمثل
في عسكرة الانتفاضة والذي عاد على
الفلسطينيين وقضيتهم بالويلات،
خصوصاً مع وصول ارييل شارون إلى السلطة
في الشهر الثاني من العام 2001... لم يكن القرار القاضي بعسكرة الانتفاضة
الوحيد الذي ساهم في الاساءة إلى
القضية الفلسطينية، خصوصاً أن المطلوب
إسرائيليا في تلك المرحلة كان قطع طريق
واشنطن على ياسر عرفات. جاءت أحداث
الحادي عشر من سبتمبر 2001 لتزيد من
التقارب الأميركي- الإسرائيلي من جهة،
وتمكين شارون من وضع ياسر عرفات في
الإقامة الجبرية في رام الله من جهة
أخرى. لكن نقطة التحول كانت الاجتياح الأميركي
للعراق في مارس من العام 2003، الذي قلب
التوازنات الإقليمية رأساً على عقب.
نقلت الخطوة الأميركية في اتجاه
العراق كل الاهتمام إلى هذا البلد الذي
كان ركيزة من ركائز النظام الإقليمي
القائم منذ نحو تسعة عقود والذي تشكل
الشرق الأوسط، الذي كنا نعرفه،
انطلاقاً منه ابتداء من مطلع
الخمسينات وصولاً إلى قيام الكيانات
الخليجية التي نعرفها الآن في
الستينات والسبعينات. اننا الآن في مرحلة يعاد النظر فيها بكل
شيء في الشرق الأوسط. من الطبيعي أن
يكون الفلسطينيون معنيين بما يجري على
حدودهم المباشرة، خصوصاً في مصر. كيف
سيتصرفون في هذه المرحلة؟ هذا هو
السؤال البديهي. من حسن الحظ انهم لم
يستسلموا للاحتلال الإسرائيلي، بل
يبدو رد فعلهم سليماً إلى حد كبير. هناك
دعوة إلى انتخابات عامة ورئاسية
قريباً. وهناك استقالة لحكومة الدكتور
سلام فيّاض، على أن يعود الرجل إلى
الموقع ذاته على رأس حكومة جديدة.
اليوم، أكثر من أي وقت لم تعد هناك
أوهام فلسطينية. لم يعد هناك حتى وهم اسمه المصالحة
الوطنية الفلسطينية. لا تزال الوثيقة
المصرية التي صاغها نائب رئيس
الجمهورية لفترة أيام السيد عمر
سليمان والذي يبدو انه خرج من السلطة
مع الرئيس حسني مبارك، حية ترزق. ولكن
ما قيمة الوثيقة ما دامت «حماس» لا
تمتلك حرية قرارها وهي مكتفية
بالسيطرة على امارة غزة «الطالبانية»
بعدما توصلت إلى هدنة طويلة مع إسرائيل
تضمن بقاءها في السلطة إلى أن يقضي
الله أمراً... للمرة الأولى في تاريخهم الحديث، يعتمد
الفلسطينيون استراتيجية جديدة قائمة
على العمل من أجل بناء مؤسسات لدولة
مستقلة في ظل الاحتلال. نعم، هناك
مؤسسات تقوم غصباً عن الاحتلال. هناك
أمن فلسطيني يعمل للمحافظة على
المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية.
انتقل الفلسطينيون، ربما بسبب ما
تشهده المنطقة من تطورات مصيرية، من
مرحلة النحيب والشكوى من غياب
الاهتمام العربي الحقيقي بقضيتهم إلى
مرحلة السعي إلى طرد الاحتلال بفضل
قدرة مجتمعهم على الانتماء إلى ثقافة
الحياة بديلاً من ثقافة العمليات
الانتحارية التي استخدمتها «حماس»
للقضاء على كل أمل في مستقبل أفضل من
جهة، وخدمة كل نوع من أنواع التطرف
داخل المجتمع الإسرائيلي المريض من
جهة أخرى. لم يعد هناك اهتمام
بالانقسام بي «فتح» و«حماس» وحتى
بالتجاذبات التي تشهدها «فتح» حيث
يحاول رجال الحرس القديم القضاء على أي
محاولة لتطوير الحركة. انتقلت القضية
الفلسطينية الى مكان آخر. انتقلت إلى
الفلسطينيين الذين لم يعد امامهم سوى
خيار واحد وحيد يتمثل في جعل الأرض
الفلسطينية مرحبة باهلها بدل أن تكون
أرضاً طاردة لهم كما يتمنى بيبي
نتانياهو. من علامات الزمن أن عدد
الذين عادوا الى الضفة الغربية في 2010
يزيد على عدد الفلسطينيين الذين خرجوا
منها. إنها مجرد بداية في زمن مختلف وفي
منطقة تتغيّر بأسرع مما يمكن للمرء
تخيّله. كاتب لبناني مقيم في لندن ======================= شرق الشعوب والدولة
المدنية الحديثة المستقبل - الاربعاء 2 آذار 2011 العدد 3927 - رأي و فكر - صفحة 19 ماجد الشيخ من رماد "شرق أوسط جديد" أميركي
الطابع والهوى الإسرائيلي و"شرق
أوسط إسلاموي"، يبزغ اليوم "شرق
أوسط" الشعوب والطبقات التي طحنتها
الأنظمة التسلطية الحاكمة، على اختلاف
تلاوينها "المعتدلة" و"الممانعة"،
شرق بعيد كل البعد من كل صيغ التماثل أو
التأقلم مع هيمنة إمبريالية أميركية
متداعية بفضل أزمة مالية عالمية هي
الأكبر والأكثر تأثيرا في التاريخ
المعاصر، وفي ظل تغوّل إسرائيلي يقوده
نزوع التفوق الإقليمي في هذه المنطقة،
حيث الأنظمة السياسية الحاكمة على
اختلافها تتموضع تحت مظلة الأمن
الإسرائيلي، وتخضع لهواجسه ومخططاته
المفروضة حتى على الحلفاء الغربيين. ومع انطلاق شرارات الثورة الشعبية من
تونس إلى مصر وصولا إلى ليبيا واليمن،
ينتقل تقرير مصائر المنطقة ومستقبلها
من أيدي أعدائها وسماسرتهم وأمناء
أسرارهم وحاملي أختام وكالاتهم، إلى
أيدي أبنائها، ولا شك أن ذلك يشكل نقلة
نوعية هامة باتجاه التحول الإستراتيجي
الذي يشهده شرق الشعوب. وفي هذا الصدد
يقول المحلل السياسي لصحيفة هآرتس
الإسرائيلية ألوف بن "إن انهيار حكم
الرئيس حسني مبارك يترك إسرائيل في
أزمة إستراتيجية، حيث ستصبح الآن بدون
حلفاء، ولا أصدقاء في منطقة الشرق
الأوسط". ويشير إلى أن السياسة
الخارجية التي اتبعتها إسرائيل منذ
خمسينات القرن الماضي، تعتمد على
الدول الحليفة في المنطقة، الأمر الذي
أعطاها عمقا إستراتيجيا، وقد كان بن
غوريون قد أكد على ضرورة التحالف مع
الدول غير العربية في المنطقة مثل
إيران وتركيا وأثيوبيا. ويعيد ألوف بن
إلى الأذهان مسألة أن السلام مع مصر
كان عبارة عن كنز إستراتيجي لإسرائيل،
حيث حمى مبارك ظهر إسرائيل طوال
السنوات السابقة، بينما استغلت هي ذلك
لتركيز عملها في الضفة الغربية وغزة. هو الزلزال إذا، ذاك الذي سوف يعرض الشرق
الأوسط برمته، إلى ارتدادات حراك شعبي
وسياسي واقتصادي واجتماعي، يغيّر من
خريطة التحالفات، في إرساء لتحالفات
جديدة، ولمعطيات وضع سياسي وربما
عسكري جديد، يقف في طليعة من يخشاها
ويقلق من قادم أيامها؛ كيان الاحتلال
الإسرائيلي في فلسطين، وكل المراهنين
على مفاوضات عبثية لا أفق لها، بحيث
بدت حكومة نتنياهو تعيش حالة من الترقب
والانتظار لحسم المصير الذي يمكن أن
يؤدي إليه سقوط مبارك في مصر، وتحولات
نظامه والتداعيات المحتملة في قادم
الأيام، كونه النظام المحوري المركزي
الذي كفّ عن التدخل في مجريات الصراع
في المنطقة، منذ أكثر من ثلاثين عاما،
إلاّ بشكل سلبي، ولمصلحة القوى
المعادية، ما أتاح لدول محورية أخرى
كإيران وتركيا، أن تبرز أدوارا لها على
حساب أي دور عربي آخر. ومهما تكن خلفيات الأدوار المركزية أو
المحورية التي سمحت لإيران ومن بعدها
تركيا، بلعب "أدوار بديلة" عن دور
عربي يضمن لشعوبنا العربية تقرير
مصائرها، ومصائر قضاياها بأيدي قواها
الشعبية الأكثر قدرة على التعبير عن
تلك القضايا، فإن حضور مصر في مستقبل
قريب، في أعقاب سقوط مبارك، ونظامه في
مصر المحروسة التي لعبت دور الحارس
الأمين الأكثر حرصا على "أمن
إسرائيل"، لا يزلزل "شرق الأنظمة"
فحسب، بل هو يصنع الأمل ويزرعه، ويسهر
على حراسته في ظل "شرق أوسط شعبي"،
من همومه الرئيسة؛ إعادة منطلقات
ومبادئ الصراع مع داخل كومبرادوري
متغوّل ومتوحش، ومع خارج إقليمي ودولي
معولم، أكثر توحشا وليبرالية يمينية
ومحافظة، وتصحيح مسارات هذا الصراع،
بحيث تستعيد القضية الفلسطينية ألق
أولويتها القومية، وقبل ذلك استعادة
الدواخل العربية؛ مصادر قوتها التي
دمرتها الأنظمة الحاكمة، على مذبح
استطالات سلطات استبدادها، وانسياقها
خلف هدف تفتيت وتشظية مجتمعاتها، وهي
تراها تتحول إلى فسطاط مذهبي وطائفي
وإثني وعرقي، تؤثر فيها قوى خارجية
معولمة، لا قضية لها ولا هم لها سوى
تحقيق تلك المذهبة؛ المجتمعية
والسلطوية المدمرة للدول وللشعوب
وللأوطان. إن مجتمعات مأزومة ابتليت بكل هذا
الانحطاط والتخلف، وتصييرها أو
صيرورتها مجموعة تجمعات إثنية وطائفية
أكثر تفكيكا وتذررا، مثل هذه
المجتمعات أكثر احتياجا اليوم والآن
وفي كل آن، إلى أن تتمثل قيم التنوير
والحداثة والنهوض؛ ذهنيا وسلوكيا
وحضاريا، بدل هذا التأكيد الثيولوجي
الدائم للنكوص نحو الماضي القروسطي،
والثبات وتكلس القيم وجمودها،
واستنقاع الإنسان في قيعان بلا قرار. فعلا.. ها هي تتغيّر قواعد اللعبة
السياسية في بلادنا، وفي المنطقة
عموما، وفي العالم؛ فلم تعد أدوات
السيطرة والقمع والإرهاب التسلطي
والاستبدادي للأنظمة، قادرة على لجم
التطور التقني والتكنولوجي الخارج عن
سيطرة صانعيه، فباتت مادة الثورة
وأدواتها الشبابية، واحدة من أدوات
تغيير ممكن، وسط المستحيل الذي أشاعته
أنظمة الاستبداد التسلطي وقوى الإرهاب
المعولم، وباتت الدولة المدنية الممكن
الوحيد على أنقاض الدولة البوليسية،
وأوهام الدولة الدينية، ومزاعم خلود
كيان الاستيطان الاستعماري في فلسطين،
في "هيمنة انتصارية" تواصل مفاعيل
هزيمة حزيران واتفاقيات الذل والعار. ======================= نجم الدين أربكان ..
التركي الفلسطيني زياد أبو غنيمة الدستور 2-3-2011 أول مرة أسمع فيها إسم البروفيسور نجم
الدين أربكان كانت في بدايات
الستينيات من القرن العشرين المنصرم
من شقيق الروح وزميل الدراسة في جامعة
إسطنبول الأخ تحسين خريس ، كان تحسين
أحد طلاب أربكان في كلية الهندسة
الميكانيكية في جامعة إسطنبول الفنية
، وكان مكلفا بتوصيل الترجمة التركية
لرسائل الإمام حسن البنا لأستاذه
أربكان ، وكان ينقل إلينا إعجاب أربكان
وتأثره بكتابات البنا ، وبعد عقود
طويلة شاءت إرادة الله عزَّ وجلَّ أن
ألتقي بأستاذنا أربكان في مناسبات
كثيرة لا مجال للتفصيل فيها الآن ، ومن
خلال معرفتي الوثيقة بهذا الفارس الذي
انتقل إلى رحمة الله عزَّ وجل ورضوانه
بإذن الله في 27 2 1 م2011 أستطيع أن أقول أن
فلسطين وقضية فلسطين وشعب فلسطين
سيفتقدون فارسا من أخلص وأشجع
المدافعين عن الحق الفلسطيني ليس في
تركيا وحدها ، وإنما في كل العالم ،
ولذلك فليس غريبا أن تفتح غزة أبوابها
لقبول العزاء فيه ، وحسنا فعل الأستاذ
خالد مشعل بالمشاركة على رأس وفد من
حماس في تشييع جثمانه الطاهر ، فقد
كانت قضية فلسطين بندا حاضرا في قلب
أربكان وفي عقله وعلى لسانه طيلة حياته
دون كلل ولا ملل ، تماما كما كانت في
عقل وفي قلب وعلى لسان الخليفة
العثماني عبد الحميد الثاني ، ثمَّ
انتقلت من بعده إلى الجنرال جواد رفعت
أتلخان الذي ألف أكثر من ثلاثين كتابا
تفضح مخططات الصهيونية العالمية
المدعومة من الغربق المتصهين ضد عروبة
وإسلامية فلسطين أشهرها كتاب"أيها
التركي أعرف عدوك اليهودي" ، ثمَّ
انتقلت من بعده إلى البروفيسور علي
أحمد باشقيل الذي كان يحرص رغم تقدمه
في السن على حضور أية فعالية من أجل
فلسطين وخاصة المؤتمر السنوي الذي كان
ينعقد في القدس سنويا في ذكرى الإسراء
والمعراج ، ثمَّ تسلم الراية الفارس
الهمام نجم الدين أربكان الذي وضع نصب
عينيه التصدًّي لنفوذ جماعات الضغط
اليهودية في تركيا التي كان أثرياء
اليهود المتحكمون في الصناعة والتجارة
والإعلام والإقتصاد والماسونيون
يُشكلون عمودها الفقري ، وخاض أربكان
أول مجابهة عنيفة ضدهم عندما تمَّ
إختياره بعد إنتخابات حرة لمنصب
الأمين العام لاتحاد غرف التجارة
والصناعة والبورصة التركية في عام 1967 م
، ثمَّ بعد أن أصبح في عام 1968 م رئيساً
للاتحاد ، فثارت ثائرة الدوائر
العلمانية والماسونية فشنت الصحافة
العلمانية واليسارية المتصهينة حملة
شعواء ضده ، وكمثال على ما زخرت به تلك
الصحف من هجوم على أربكان أنقل ما
نشرته مجلة ( آنت ant)العلمانية في عددها رقم 127
الصادر في 3 6 1969 م حيث قالت بالحرف
الواحد :"هناك صراع واضح في هذه
الأيام في عالم التجارة والصناعة بين
فئتين : فئة الرفاق الماسونيين الذين
يعملون بحماية رئيس الوزراء سليمان
ديميريل ، وفئة الإخوان المسلمين
الذين يعملون برئاسة نجم الدين أربكان". بعد انتقال أربكان إلى العمل السياسي
كانت فلسطين وقضية فلسطين بندا حاضرا
في أدبيات ونشاطات كل حزب من الأحزاب
الخمسة التي كان يُشكلها بمجرد خروجه
من السجن بعد أن يكون العسكر بتحريض من
جماعات الضغط اليهودية من العلمانيين
والماسونيين واليساريين قد نجحوا في
حلها حزبا بعد حزب ، ففي خطابه
الإفتتاحي للمؤتمر العام لحزب النظام
الوطني الذي تسمًّيه بعض المراجع بحزب
الخلاص الوطني ( كانون ثاني 1971 م ) شنَّ
أربكان حملة عنيفة ضد النفوذ اليهودي
في تركيا :"لقد حاول الماسونيون
والعلمانيون بأعمالهم المتواصلة أن
يُخرًّبوا هذه الأمة ويفسدوها ، ولقد
نجحوا في ذلك إلى حد بعيد ، فالتوجيه
والإعلام بأيديهم ، والتجارة بأيديهم
، والصناعة والاقتصاد تحت سيطرتهم ،
وأمام هذا الطوفان فليس أمامنا إلا
العمل معاً يداً واحدة وقلباً واحداً
حتى نستطيع أن نعيد تركيا إلى سيرتها
الأولى ونصل تاريخنا المجيد بحاضرنا
الذي نريده مشرقاً ". وفي 27 3 1974 م تحدَّى أربكان جبروت المحافل
الماسونية وجماعات الضغط اليهودية
فتقدم تحت قبة البرلمان ولأول مرة في
تاريخ تركيا العلمانية باسم نواب نواب
حزبه ( حزب السلامة ) بمشروع لتحريم
الماسونية في تركيا وإغلاق محافلها . وفي شهر آب من عام 1980 م قدَّم أربكان باسم
نواب حزب الرفاه الذي شكله ليخلف حزب
السلامة الوطني مشروع قانون إلى مجلس
النواب التركي يدعو الحكومة التركية
إلى قطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني ،
وبعد أيام وتحديدا في 6 9 م1980 نظم حزب
الرفاه مظاهرة كبرى في مدينة قونية
بمناسبة يوم القدس العالمي شارك فيها
أكثر من نصف مليون تركي وفدوا من كل
أنحاء تركيا ، وحملوا في مقدمة
المظاهرة مجسماً ضخماً لقبَّة الصخرة
المشرفة ، ورفعوا شعارات يعلنون فيها
تضامنهم مع إخوانهم أهل فلسطين ،
ويطالبون بقطع جميع العلاقات
الدبلوماسية والاقتصادية مع الكيان
الصهيوني ، فثارت ثائرة اليهود
وأشياعهم من الماسونيين والعلمانيين
واليساريين وضغطوا على العسكر الذين
سارعوا في اليوم التالي 7 9 1980 م لإذاعة
البيان رقم ( 1 ) معلناً انقلاباً
عسكرياً بزعامة الجنرال كنعان ايفرين
الذي صرح في 11 9 1980 م أن الجيش تدخل
ليوقف المدَّ الإسلامي وليوقف روح
التعصب الإسلامي الذي ظهر في مظاهرة
قونية ، وقام الانقلابيون بحل الحزب ،
واقتيد أربكان إلى السجن ، ومثل أربكان
وإخوانه قيادات حزب الرفاه أمام محكمة
عسكرية في 24 4 1981 م ، وفي نفس اليوم صرح
رئيس الوزراء بولنت أوسلو الذي عينه
الانقلابيون بأن حكومته ضد الإرهاب
الإسلامي الأسود ، وأنه لا مكان في
تركيا الحديثة للإخوان المسلمين الذين
ينتهكون العلمانية ( كما جاء حرفياً في
التصريح ) . ولقد قدر الله عزَّ وجلَّ لي أن أشارك
بدعوة كريمة من أستاذنا أربكان في
الكثير من المؤتمرات العامة
والمهرجانات لحزب النظام وحزب السلامة
وحزب الرفاه وكنت أتابع مؤتمرات
ومهرجانات حزب الفضيلة وحزب السعادة ،
ولا تزال تدوًّي في أذناي هتافات
قائدها أربكان وقياداتها وقواعدها
وجماهيرها وهي ترتفع في عنان السماء (
قهر أولسون إسرائيل) ( تسقط إسرائيل ) ، (
ياشسن فلسطين ) ( عاشت فلسطين ) . وعندما كان أستاذنا أربكان رئيسا للحكومة
وجد نفسه مضطرا كرئيس للحكومة
لإستقبال رئيس حكومة الكيان المغتصب
ودعوته إلى حفل غذاء ، ولكنه استقبله
بجفاء وتجاهله في الحفل وكان ذلك مثار
تعليقات وسائل الإعلام التركية
والصهيونية والعالمية ، ولم يكتف
أربكان بذلك بل أقام في مساء نفس اليوم
بصفته رئيسا لحزب الرفاه حفل عشاء
تكريما لوفد شعبي فلسطيني كان في زيارة
لتركيا . عندما نجح اليهود والماسونيون بدعم من
الغرب المتصهين في خلع الخليفة
العثماني المجاهد عبد الحميد الثاني
خرجت صحفهم في كل العالم تحمل عنوانا
كبيرا على صفحاتها الأولى يقول : ( سقط
عدو إسرائيل ) ، وأحسبهم اليوم
يُردًّدون في تشييع أستاذنا أربكان
نفس الكلام : ( مات عدو إسرائيل ) ،
ولكنني أجزم أن فرحة اليهود بموت
أربكان سرعان ما ستنقلب إلى إحباط وخوف
وهلع حين سيكتشفون أن أربكان ترك وراءه
شعبا سيظل يردًّد بلا كلل ولا ملل : (
قهر أولسون إسرائيل ) ( تسقط إسرائيل ) ،
( ياشسن فلسطين ) ( عاشت فلسطين ) . بوركت يا روح شيخنا وأستاذنا وقائدنا نجم
الدين أربكان ، وطبت مقاما في جنات
الله ورحابه ورضوانه بإذنه عزَّ وجلَّ
، وجزاك الله عن دينه وأمته وعن فلسطين
خير الجزاء ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا
: إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن ،
وإنا على فراقك يا نجم الدين لمحزونون
، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم ) . ===================== خطط أميركية إسرائيلية
لنشر الفوضى في الشرق الأوسط سهيل مطالقة الرأي الاردنية 2-3-2011 في كتابه «الاحتفال بالسيطرة المدنية
للجيش» لمؤلفه Eliot
Cohen الذي اعتبره جورج بوش الابن
كتابا اسياسيا ومهما في استراتيجيته
العسكرية والمدنية له ولمستشاريه
السياسيين والعسكريين من اليمين
الاميركي المتطرف, والذي كان يحمله تحت
ابطه في البيت الابيض متباهيا أمام
مستشاريه بأنه يقرأ هذا الكتاب وينفذ
ما جاء فيه رغم انه معروف عنه انه لا
يقرأ ولا يشاهد التلفزيون بعكس سلفه
الرئيس بيل كلينتون. يذكر الكاتب اليوت
كوهين الدول والمنظمات الشرق اوسطية
المستهدف تدميرها وهي: 1 – الجزائر 2 – ليبيا 3 – مصر 4 – السودان 5
– لبنان 6 – سوريا 7 – العراق 8 –
السعودية 9 – ايران 10 – حزب الله 11 –
حماس 12 – السلطة الفلسطينية 13 –
والاسلام المتطرف. هكذا وضعت خطة للقيام بحرب كبيرة في الشرق
الاوسط دون سبب مباشر لضرب هذه الدول
ضربات مميتة وقاتلة, وليس فقط التجريد
من السلاح لمراكز التطرف هذه وذلك
لتؤكد لهذه الدول بأن محاربة الولايات
المتحدة الاميركية او اسرائيل هو
بمثابة انتحار ولكي تفهم ان عليها ان
تكون موالية للولايات المتحدة
الاميركية والتوجه مهرولة نحو السلام
مع اسرائيل, هذه الخطة كانت وضعت في زمن
حكومة رئيس وزراء اسرائيل بنيامين
نتنياهو الاولى تحت عنوان: A CLEAN BREAK: ANEW STRATEGY FOR SECURING THE REALM القراءة المتأنية للعقيدة التي وضعها
تشيني – ولفووتز في هذا التقرير PROJECT
FOR THE NEW AMERICAN CENTURY
تبين ان الخطة تدعو الولايات المتحدة
لان تحكم العالم.. انها تدعو للسيطرة
على الأصدقاء والأعداء معا انها تدعو
الولايات المتحدة ان لا تكون اكثر قوة
فحسب، او الأكثر قوة، بل الأكثر قوة
بصورة مطلقة. ان الولايات المتحدة
تحاول التحرك من العراق الى ايران
وتحاول تقوية مركزها في تركيا
واوزباكستان كمكان استراتيجي بشأن
احتياطي البترول في بحر قزوين (المكان
الذي تحاول الصين باستماتة الاستثمار
فيه) وبالسيطرة على منابع البترول
تحاول اميركا السيطرة على الاقتصاد
العالمي للخمسين سنة القادمة. ولكي تبرر الولايات المتحدة وجودها
العسكري في المنطقة فانها ترحب لا بل
تدعم عدم الاستقرار والفوضى وتدعو له
بشكل مكشوف, وبهذه الفوضى وعدم
الاستقرار في المنطقة وبما فيه من
تهديد بحرب اهلية كما حدث ويحدث في عدة
دول عربية وشرق اوسطية, والمناخ الدائم
من الخوف قد بدأ في الماضي القريب
ويبدو الان اسهل طريقة لتجميع قوة
دولية سياسية حول جهاز عسكري قوي
واقتصاد حرب دائمة كما دعا اليه اليمين
الاميركي المتطرف ويدعو اليه الآن في
وسائل الاعلام الاميركية. ان العجز الدائم في الاقتصاد الاميركي,
والمديونية المتراكمة والصرف باكثر من
المدخول في الموازنة المالية
الاميركية بسبب قيامها في حروب في
الدول الاخرى وبناء القواعد العسكرية
فيها سوف يسبب بانهيار الدولة
الاميركية وانتحارها ما لم تقم
الحكومة الاميركية وبشكل سريع بتغيير
جذري في سلوكها (كما حدث في اميركا في
اعوام 2008 و2009 و2010). وفي كتاب بات بوكانان WHERE
THE RIGHT WENT WRONG وترجمته «حيث اخطأ اليمين»
يقول الكاتب وهو مرشح رئاسي سابق وصاحب
لسان يخافه كثير من اليمين المتطرف
واللوبي اليهودي: «ان السياسة
الاميركية قد تم اختطافها من قبل
اللوبي اليهودي الاميركي. لقد باعت
اميركا روحها للشيطان. لقد تنازلت
اميركا عن مبادئها واستبدلتها بمقولة
القوة هي الحق.. وبحجة نشر الديمقراطية
تعطي اميركا لنفسها الحق في التدخل في
أي مكان في العالم لفرض الديمقراطية.
ان اميركا بحاجة الى سياسة خارجية
تُدار في اميركا وليس في تل ابيب او
منظمة «الايباك» او في منظمات يهودية
اخرى. وهكذا خططت اميركا واسرائيل لنشر الفوضى
العارمة في الشرق الاوسط الكبير
والجديد ولكنها تفاجأ بالثورة
الشبابية والشعبية العارمة في كل من
تونس ومصر. والسؤال الملح الان هو ما هي اسباب هذه
الثورة الشبابية في كل من تونس ومصر؟
واعتقد جازماً بأن أسباب هذه الثورة
القوية العارمة تكمن في النقاط الهامة
التالية: 1) المخزون المتراكم من الذل والظلم
والقهر وقمع الحريات والفساد والفقر
والبطالة والتخلف بكافة اشكاله
السياسية والعسكرية والاقتصادية
والاجتماعية. 2) غياب العدل والعدالة الاجتماعية، وعدم
التقيد بالقوانين والتشريعات الضامنة
لحقوق المواطنين وامنهم وعدم جدية
الانتخابات التشريعية والبلدية
والنقابية وغيرها. 3) الاستعمار بكل ما فيه من ذل وظلم وقهر
واستبداد وهيمنة منذ عام 1917 ومرورا
بأعوام 1947، 1948، 1956، 1967، 1973، 2006، 2008 من
قبل بريطانيا وفرنسا والآن من قبل
الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل. 4) الاحتلال الاسرائيلي المدعوم من
الولايات المتحدة ماليا وعقائديا
لأراضي فلسطين وأراضي سوريا ولبنان،
والخوف العربي الدائم من التوسع
والزحف الاسرائيلي المتواصل لتحقيق
حلمها الكبير والخطير: «من النيل الى
الفرات ارضك يا اسرائيل». 5) الاستسلام والتنازلات العربية
المجانية لاسرائيل واميركا والتفريط
بحقوقها وغياب الضغط المباشر وغير
المباشر خاصة على اميركا لتأمين حقوق
الشعب الفلسطيني في القدس والحدود وحق
العودة والمياه وحق الشعب الفلسطيني
في قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة
للحياة على ترابه الوطني وعدم مقاضاة
اسرائيل في المحافل والمحاكم الدولية
لعدم تنفيذها أي من قرارات هيئة الامم
المتحدة ومجلس الأمن منذ عام 1947 وحتى
الآن. 6) الاحتلال الاميركي للعراق بقوة السلاح
واذلال الشعب العراقي وقتله وتدمير
بنيته التحتية خدمة لاسرائيل (لانها
القوة العسكرية الوحيدة التي كانت
اسرائيل تحسب حساباها)، والاعتداء
الاسرائيلي المتكرر على لبنان وكذلك
مذابح اسرائيل الشنيعة في قطاع غزة
والتهويد المتواصل للقدس الشريف
والتهديد الاسرائيلي والاميركي
المتواصل لسوريا وايران. 7) التخبط في معرفة من هم الاصدقاء ومن هم
الاعداء ومعاملتهم بالمثل، وعلى سبيل
المثال وليس الحصر: كيف تكون علاقات
الدول العربية جيدة مع بريطانيا وهي
السبب الاساسي لمعظم مشاكلها؟ وكيف
تكون علاقات الدول العربية مع اميركا
جيدة وهي السبب الرئيسي في دعم احتلال
وتوسع اسرائيل في العالم العربي؟ هل غاب عن العقل العربي معرفة من هي الدول
الصديقة ومن هي الدولة العدو؟ 8) كيف تقبل الدول العربية (وهي 22 دولة
وعائدات بترولها ضخم جدا) ان لا يكون
فيها قوة نووية لمعادلة قوة اسرائيل
النووية(لدى اسرائيل 300 رأس نووي
وهايدروجيني ونيوتروني واشعاعي
وصواريخ لنقل هذه الرؤوس الى محيطها في
الشرق الاوسط). 9) كيف تقبل الدول العربية منذ عام 1967 عدم
تنفيذ اسرائيل لقرارات مجلس الأمن (242)
و (338) والقرارات الاخرى؟ وكيف تقبل
الدول العربية ان تكون عملية السلام
بين اسرائيل والفلسطينيين والدول
العربية الاخرى عملية خداع وكذب وسراب
وملاهاة كبرى؟ وكيف تسكت الدول العربية على الفيتو
الاميركي المتكرر في مجلس الامن لصالح
اسرائيل وعدم مساءلتها دولياً؟ وما هو الدرس الذي يمكن تعلمه من الاحداث
المذهلة في تونس ومصر وليبيا ؟ الدرس
هو كما قال جيمس زغبي (مؤسس ورئيس
المعهد العربي - الاميركي - بواشنطن) في
مقال في جريدة الرأي في 14/2/2011 ان صوت
الرأي العام العربي قد بات مهماً،
ومهماً جداً، ويضيف الكاتب الاميركي
المحب للعالم العربي «فقد ادخلوا (الشباب)
عاملاً تحويلياً جديداً في المعادلة
السياسية للمنطقة. فلن يكون من الممكن
بعد الان للولايات المتحدة العمل
والتصرف وكأن الرأي العام العربي غير
موجود. ولن يكون ممكناً لها بعد الان
فرض ما تشاء من سياسات على شعوب
المنطقة، وتوقع ان تلك الشعوب سوف تقبل
بها من دون نقاش. ولن يكون بمقدورها بعد اليوم اخذ السجال
الاسرائيلي الداخلي او اراء الرأي
العام الاسرائيلي في الحسبان وتجاهل
السجال الداخلي والرأي العام في الدول
العربية. ====================== محمد كريشان 2011-03-01 القدس العربي اللقطة الاولى: - كيف حال الوالد في السجن
الآن؟ - الحمد لله، أحسن لقد أتوا له بسرير ينام
عليه. - ماذا تقول؟! أتوا له بسرير!! وهل كان ينام
لعام ونصف العام على الأرض؟!! - نعم، تنازل له أحد السجناء عن سريره لكنه
رفض واستطاع أن يحصل، بعد أن دفع إتاوة
لفتوة العنبر، أن يضمن مساحة صغيرة بين
سريرين يخلد فيها للنوم حتى لا يزعجه
بقية المساجين بتنقلهم ليلا بين
زملائهم النائمين على الأرض! كان هذا حوارا بيني وبين إياس ابن هيثم
المالح المحامي السوري المعتقل منذ
تشرين الاول/ أكتوبر 2009، وهو الآن في
الثمانين من العمر، بسبب نشاطه
الحقوقي وتصريحاته المنتقدة للأوضاع
في بلاده لا سيما الفساد وسجل حقوق
الإنسان. هذا الشيخ بقي له من الحكم
الصادر ضده سنة ونصف السنة وهو بمفرده
في سورية الآن في مثل هذا العمر. أولاده
جميعا في الخارج وكذلك زوجته التي
غادرته مؤخرا هي الأخرى للعلاج في
الولايات المتحدة. اللقطة الثانية: علي العبد الله، كاتب وناشط سياسي سوري
معارض في الستين من العمر، حكم عليه
عام 2007 بالسجن لسنتين ونصف وكان يفترض
أن يطلق سراحه في حزيران/يونيو العام
الماضي لكنه أبقي قيد الاعتقال بسبب
تصريحات أدلى بها من السجن عن إيران
والعلاقات السورية اللبنانية. صديقنا 'أبو
حسين'، وهو في انتظار حكم جديد بالسجن،
توفيت زوجته مؤخرا بمرض عضال ولم تجده
إلى جوارها في محنتها. ابناه أحدهما
بقي له شهر واحد من عقوبة سجن بخمس
سنوات بسبب نشاطه الطلابي والآخر قرر
الاستقرار في المنفى بعد مضايقات
عديدة. لم يبق في البيت سوى بنتين في
عمر الزهور إحداهن طالبة في الجامعة.
الخلاصة أن مجرد نشاط سياسي سلمي دمر
أركان هذا البيت بالكامل. اللقطة الثالثة: طل الملوحي مدونة سورية لم تبلغ بعد
العشرين من العمر. حكم عليها الشهر
الماضي بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة
إفشاء معلومات لدولة أجنبية. طل طالبة
بمدارس حمص الثانوية، اعتقلت على
خلفية نشرها على مدونتها بعض المواد
السياسية غير المرضي عنها رسميا. لم
يشفع لها صغر سنها ولا مناشدات
العديدين لإطلاق سراحها. الأنكى أنه
بعد أيام من صدور حكم السجن ضدها، قدمت
السلطات السورية روايتها الكاملة لما
تراه تورط الشابة في أنشطة معادية
لبلادها وليتها لم تفعل. لقد قدمت حبكة
رهيبة تداخل فيها التجسس بالجنس
بالخيال الجانح في خلطة غير موفقة ولا
مقنعة على الإطلاق بل وتثير الغثيان
فعلا. ثلاث لقطات مختلفة لثلاثة أجيال سورية
متعاقبة. فرقهم السن وربما الميول
السياسية لكن جمعهم شيء واحد فقط:
التوق إلى سورية جديدة ينعم فيها
المواطن بحرية الرأي والتعبير
والصحافة وحق التنظيم وكل الحقوق
والحريات الأخرى المتعارف عليها دوليا
والتي باتت إرثا إنسانيا عاما من حق
الجميع أن يتقاسموه دون منّ أو تزييف. وفي الوقت الذي تراخى فيه بعض المدافعين
عن حقوق الإنسان من تناول الشأن السوري
لاعتبارات مختلفة، من واجب كل من يحب
سورية فعلا، ودون حسابات سياسية أو
مصالح شخصية قائمة أو مرجوة، أن يلفت
بكل ود قيادتها الشابة إلى أن مثل هذه
الممارسات لا تشرفهم ولا تشرف بلادهم. وإذا كانت المواجهة مع إسرائيل تبرر في
نظر البعض كل شيء بما في ذلك استمرار
قانون الطوارئ منذ 1962، فإنها في نظر
آخرين سبب إضافي لإعلاء مكانة القانون
وحقوق الإنسان في البلاد لأن المواطن
الشاعر بكرامته وحريته هو من سيدافع عن
وطنه حتى النهاية وليس المقهور أو
المضطهد. إسرائيل المحاطة بأعدائها من كل جانب لم
تتخذ من ذلك تعلة لعدم إقامة المؤسسات
والحريات، حتى وإن ظلت دولة استعمارية
عنصرية بغيضة. وليس مناسبا ولا منصفا أن نعقد مقارنات
بينها وبين سورية. سورية أولى منها
بذلك وأجدر. وأتمنى ألا يكون من باب
السذاجة أن نقول إن بإمكان الرئيس بشار
الأسد أن يقطع من الآن خطوات جريئة
وصادقة في اتجاه سورية جديدة مختلفة
تماما، خاصة بعد كل هذه الدروس التي
شاهدناها وما زلنا في أكثر من دولة
عربية. ===================== سيناريوهات الواقع
العربي الجديد د. أسامة تليلان الرأي الاردنية 2-3-2011 بعد الثورتين التونسية والمصرية
والثورات والاحتجاجات التي ما زالت
تتفاعل في البلدان العربية تكون
المنطقة برمتها قد دخلت واقعا جديدا ما
زال من الصعب التكهن بمساراته ومضمونه
ونتائجه مثلما من الصعب التكهن بشكل
النظام السياسي الذي ستستقر عليه
الدول التي اطاح شعوبها بانظمتها
السياسية. فالمطروح من سيناريوهات لا يتعدى
الاتجاهات الثلاثة الرئيسة التي يمكن
ان يدور في داخل كل واحدة منها اشكال
مختلفة : ولعل اول هذه السيناريوهات ان تفضي هذه
التغيرات التي شهدتها المنطقة الى
موجة جديدة من موجات التحول نحو
الديمقراطية في العالم، بحيث تبدأ
الانظمة الجديدة بتبني المسار
الديمقراطي سواء اكان ذلك بشكل فعلي او
بصورة تحول ليبرالي. وهذا السيناريو في
ظل محركات الثورات في المنطقة وبفعل
العديد من العوامل الاخرى يبدو الاقرب
الى التشكل لكن بعد ولادة عسيرة لن
تكون بالشكل السلس المتوقع في عملية
الانتقال الى الديمقراطية. والثاني وهومرتبط بالاول فاذا ما تحقق
السيناريو الاول فقد تتمكن جماعات
بعينها من محاولة اختطاف هذا الحلم بعد
ان تكون قد وصلت الى السلطة من خلاله اذ
ليس من المستبعد ان تتمكن التيارات
الاسلامية من الوصول الى السلطة - رغم
ان شريعتها النضالية ضد النضم الحاكمة
قد تآكلت بعد الحركات الشبابية
الاخيرة في المنطقة - وبعدها تبدأ
عملية انقلاب على التحول الذي حدث وهو
سيناريو ان تحقق سيعيد دول عديدة في
المنطقة الى المواجهات والثورات، هذا
فضلا عن ان عددا من الدول في الاقليم لن
تقف موقف الشاهد. والثالث ان تعيد الانظمة السابقة انتاج
نفسها باشكال واساليب ووجوه جديدة دون
اي تغيير في مضمونها وهو سيناريو مدعوم
بالكثير من العوامل التي قد تتعزز
وتصبح حاكمة في عملية تحديد اتجاه
ومضمون عملية التغيير. لكن مهما كان شكل السيناريو الذي ستستقر
عليه دول المنطقة من المرجح بقوة ان
الدولة البوليسية القمعية ومعها اشكال
النظام الشمولي قد خرجا من قاموس
المنطقة بعد ان كانا العنوان الابرز
لها، كما ان الشعوب لم يعد يحركها
متطلبات خبزها فقط وانما الحرية
وتنامي المعرفة ورفضها للفساد باتت
اخطر محركاتها، هذا من ناحية ، ومن
ناحية ثانية ينبغي ان لا نتوقع حدوث
تحول سلس الى الديمقراطية والى اشكال
مستقرة للنظم السياسية فقد تكون نتائج
هذه العمليات مختلطة ويمكن النظر الى
التغيرات التي حدثت في شكل النظام
السياسي في العراق كنموذج لهذه
النتائج وكنموذج للعوامل الداخلية
والخارجية المؤثرة في عمليات التحول
نحو الديمقراطية في المنطقة. فهذه
التحولات ان لم يسبقها تنامي في الوعي
المدني وان لم يرافقها تحولات بنيوية
على صعيد الدول والمجتمعات والتفاعلات
فقد لا تكون اكثر من مقدمات لعمليات
التحول الديمقراطي دون ان نكون قد
دخلنا في العملية ذاتها مما يشير الى
ان المنطقة قد تشهد تغييرات وحالات عدم
استقرار في المرحلة المقبلة قبل ان
تستقر من جديد. ====================== يديعوت 1/3/2011 الياكيم هعتسني 2011-03-01 القدس العربي عندما يطلق
الملايين، في تونس، في القاهرة، في
صنعاء، في طرابلس وفي المنامة
أصواتهم، فهل يحتمل أن يكونوا يكذبون؟
من يعيش على وسائل الاعلام، العالمية
والمحلية، يتوقع ان يكون الزئير
الصادر عن ميدان التحرير ضد 'الاحتلال'
و 'يوم الغضب' في تونس يوجه ضد
المستوطنات. متى سمعنا من جمهور
المحللين وكُتاب الرأي الذين يرتزقون
جميعا من 'النزاع'، بان الشرق الاوسط
يثور بسبب الطغيان، الفساد، البطالة
وحرمان الحريات الانسانية وما هو كفيل
بان يخرج هناك الجماهير الى الشوارع
ليس 'حقوق الفلسطينيين'، بل التطلع الى
حياة افضل؟ في نظرة الى الوراء على الاقل، كان ممكنا
ان نتوقع بأنه بذلك يوضع حد للاسطورة
وكأن اسرائيل و 'الاحتلال' هما اللذان
يهددان بتفجير الشرق الاوسط وتعريض
السلام العالمي للخطر. عبثا. خذوا مثلا
الجنرال جيمس جونز القائد السابق
للمارينز، القائد الاعلى لقوات الناتو
في اوروبا ورئيس مجلس الامن القومي في
الولايات المتحدة. الرجل أعد 'خطة
أمنية استراتيجية' لغرض 'الحل الدائم'
واوصى بمرابطة قوات الناتو هنا بدلا من
الجيش الاسرائيلي. مؤخرا أعلن وليس أقل
من ذلك: 'الزمن ليس في صالحنا، واذا لم
نعمل (على اقامة دولة فلسطينية) فيمكن
لهذا ان يجر مظاهرات تشبه المظاهرات
المصرية في دول اخرى في المنطقة'. وكأن
في تجسيد رؤيا فلسطين ما يمنع التمرد
في ليبيا او الانتفاضة في البحرين. من صحا ظاهرا هو رئيس وزراء بريطانيا،
دافيد كمرون، الذي قال لطلاب في قطر ان
بعضا من الحكام في الشرق الاوسط
يستغلون النزاع الاسرائيلي الفلسطيني
لصرف الانتباه عن انظمتهم القمعية
نفسها، 'وفي قدر كبير من الدول في الشرق
الاوسط يقولون لشعوبهم على ماذا ينبغي
الغضب كي لا يغضبوا على كونهم يعيشون
في مجتمع مغلق الحس'. حتى لو تبين بان 'ثورات الشباب' كانت مجرد
مراحل انتقالية الى دكتاتوريات جديدة،
عسكرية و/ او اسلامية، فاننا اليوم
نعرف بان ما خرج عن جماهير الفتيان في
ميادين الشرق الاوسط هو حقيقتهم
الداخلية. حكاية ان بلاد اسرائيل يهودية هي جذر كل
شر في منطقتنا ليست الكذبة الوحيدة
التي دحضت امام أنظارنا. شخص ذو رأس
مفتوح كان سيجد مادة للتفكير ايضا في
معارضة اغلبية عرب شرقي القدس
الانضمام الى دولة فلسطينية. تفكير آخر
كان سيثور في ضوء الرفض القاطع، حتى من
جانب المتطرفين من بين عرب اسرائيل،
لمغادرة السيادة الاسرائيلية في صالح
سيادة فلسطينية، اذا ما قامت لا سمح
الله. كما أن النبأ التالي، الطازج جدا، يجب ان
يقض مضاجع مؤيدي الدولتين: 'القدس
العربي' اللندنية تفيد بان 'رئيس'
السلطة الفلسطينية ابو مازن وكل
عائلته وكذا 'رئيس الوزراء' الاسبق
احمد قريع (ابو علاء) والناطق نبيل ابو
ردينة وزعيم فتح محمد دحلان، كلهم
طلبوا، وتلقوا، جنسية اردنية مع ان
السلطات الاردنية رفعت حواجبها،
ولكنها لم ترغب في احراجهم. فهل يوجد سبيل لان نعيد الى الواقع من
اعتاد على مدى عشرات السنين التفكير
بان معتقداتهم العابثة هي غاية 'الواقعية'
و 'العقلانية' بينما خصومهم هم 'مسيحانيون'
وهاذون؟ مخلوق غير معروف هبط على شجرة. 'أ' قال انه
قط، 'ب' ادعى بانه رأى بوضوح عصفورا.
ماذا فعلا؟ القيا بحجر فطار العصفور.
فهل 'أ' اقتنع؟ لا سمح! 'لم أعرف ان القطط
تطير' هذا كل ما كان لديه ليقوله. ======================= الأربعاء, 02 آذار 2011 06:26 فهمي هويدي السبيل تدعونا كتابات عدة هذه الأيام إلى ضرورة
التحلي بالمسئولية والكف عن النظر إلى
الماضي. وعدم المبالغة في اتهام
المسئولين ورجال الأعمال، لتخلص إلى
المطالبة بأن ينصرف كل واحد إلى عمله،
وأن تنفض المظاهرات والاعتصامات، حتى
يعود الهدوء والاستقرار إلى ربوع مصر،
ويتم تشغيل حالها الواقف. ويبدي أصحاب تلك الكتابات قلقا شديدا على
السياحة والاستثمار الأجنبي، كما
يبدون تحذيرا مما وصفه أحدهم بالوقوع
في مستنقع الفوضى. لأول وهلة، لا يستطيع أحد أن يعترض على
شيء من هذا الكلام الذي يبدو بريئا في
ظاهره، لكنك إذا دققت في مقاصده،
ولاحظت أسماء كاتبيه فستكتشف أنه من
قبيل الحق الذي يراد به باطل، حيث
الدفاع عن الذات فيه مقدم على الدفاع
عن الوطن أو المستقبل، كما أن رائحة
النفاق فيه تفوح بوضوح. لا أريد أن أسمي حتى لا أحرج أحدا، فضلا
أنني واثق من أن أي قارئ بات يعرف جيدا
من الذى يدافع حقا عن الوطن وحلمه، ومن
الذى يدافع عن ثروته وأسياده، لكنني
أريد أن أقول إنه كما أن بعض الشرفاء
رفعوا فى العهد السابق شعار "كفاية"
لحكم الطغيان، فإن أصحابنا هؤلاء
باتوا يرفعون في طيات كلامهم الشعار
ذاته لهدف آخر تماما هو "كفاية"
للثورة ونداءاتها. التركيز المستمر على وقف التظاهرات لا
يراد به وقف الفوضى، وإنما يستهدف
إسكات صوت الجماهير، الذي يخوف هؤلاء
ويثير فزعهم استحضار الصوت وترديده في
الفضاء المصري. ولهذا السبب بالذات
فإنني أدعو إلى استمرار التظاهرات
وعدم إيقافها تحت أي ذريعة، وللدقة
فإنني لست معنيا بإزعاج فلول النظام
السابق بقدر عنايتي باستمرار ارتفاع
ذلك الصوت لكي يصل إلى كل الأطراف،
فإلى جانب أنه يبعث بتحذير إلى تلك
الفلول لكي تلزم حدودها، أو جحورها،
فإنه يوجه رسالة أخرى إلى القابضين على
الزمام الآن تنبهم إلى أن جماهير
الثورة ستظل مستنفرة ومفتوحة الأعين،
حتى يتحقق مطلبها الأساسي المتمثل في
إسقاط نظام مبارك وطي صفحته. الرسالة الثانية هي الأهم، لأنني أزعم
أنه لا تتوفر في مصر وسيلة لإعلان
التمسك بالمطالب والضغط لتحقيقها سوى
التظاهرات التي تخرج إلى الشارع، الذي
أصبح المنبر الوحيد للجهر بالرأي
وتوجيه المطالب إلى قادة الجيش، إذ بعد
تجفيف الحياة السياسية عبر سد قنواتها
وإماتة خلاياها صار الشارع هو الحل،
وما حدث في ميدان التحرير وغيره من
ميادين مصر في طول البلاد وعرضها يؤكد
هذه الحقيقة، إذ لولا ذلك الخروج
الكبير لما تحرك شيء في مصر، ولما
تزلزلت أركان دولة الفساد والظلم. في ضوء هذه الخلفية، فإن السؤال الذي
ينبغي أن يطرح ليس ما إذا كانت
التظاهرات تستمر أم لا، وإنما هو كيف
يمكن لها أن تستمر بما يخدم أهداف
الثورة ولا يثير الفوضى ولا يصيب
الحركة في البلد بالشلل. أتحدث هنا عن مطالب الثورة وليس عن
التظاهرات الفئوية التي أحسب أنها
ينبغي أن تعالج في إطار كل قطاع، إما
برفع المظالم الواقعة على العاملين،
أو الوعد بتحقيق المطالب الاجتماعية
في آجال معلومة، علما بأنه لو كانت
لدينا نقابات عمالية محترمة مختلفة عن
تلك التي أدارتها أجهزة أمن الدولة في
السابق، لصار التعامل مع تلك المطالب
أيسر، ولكانت خسائر الإضرابات أقل
بكثير. إنني إذ أدعو إلى استمرار التظاهرات التي
تتعامل مع الشأن السياسي العام، فإنني
أشترط لذلك ثلاثة شروط، أولها أن يتم
التوافق حول مطالب أساسية محددة تتعلق
بأهداف الثورة. وثانيها أن يتم التظاهر يوم الجمعة فقط من
كل أسبوع، الذي تتعطل فيه المصالح
الحكومية وتتوافر فيه الحشود
الجماهيرية بشكل طبيعي، وهو ما يعنى
الامتناع عن خروج أي تظاهرات خلال
الأسبوع. الأمر الثالث أن تشرف المجموعات التي
تمثل القطاع الأكبر من جماهير الثورة
على تنظيم التظاهرات والتدقيق في
هويات المشاركين فيها كما كان يحدث من
قبل، للحفاظ على سلميتها واستبعاد
العناصر التي تحاول استغلالها لأي
أهداف غير مشروعة. أذكر أخيرا أن عمر الثورة لا يتجاوز خمسة
أسابيع، أن اقتلاعها لنظام جمد الحياة
في مصر طيلة ثلاثين عاما ليس بالأمر
الهين، كما أنه لا يمكن أن يتم بالمجان. ======================= الديبلوماسية الفرنسية
مع ألان جوبيه الاربعاء, 02 مارس 2011 رندة تقي الدين الحياة التغيير الحكومي الذي أجراه الرئيس
الفرنسي نيكولا ساركوزي يحمل في طياته
مرحلة جديدة في الديبلوماسية الفرنسية
إزاء العالم العربي. فمجيء ألان جوبيه
رئيس الحكومة السابق ووزير خارجية
حكومة التعايش في عهد الرئيس ميتران
ووزير الدفاع في عهد ساركوزي لمدة
أربعة اشهر يمثل منعطفاً جديداً في
الديبلوماسية الفرنسية، كما أن تعيين
أمين عام الرئاسة كلود غيان وزيراً
للداخلية مكان صديق الرئيس بريس
أورتوفو يشير إلى هذا المنعطف الجديد.
فساركوزي عانى ضعفاً في استطلاعات
الرأي ويواجه موجة انتقادات لا مثيل
لها من الاشتراكيين وأيضاً من
ديبلوماسيين عانوا منذ بدء فترة
رئاسته من عدم الاستماع إليهم وتخطيط
الديبلوماسية في شكل أحادي مع فريق ضيق
يتمثل بأمين عام الرئاسة غيان ومستشار
الرئيس هنري غينو من دون الأخذ بما
يقوله الديبلوماسيون. فعودة ألان
جوبيه إلى الخارجية تعني أولاً انه كما
قال بنفسه «اعتقدت أنني لم يكن بإمكاني
أن أعمل مع نيكولا ساركوزي ولكن بعد
خبرة أربعة أشهر في وزارة الدفاع غيّرت
رأيي ورأيت أنني تمكنت من ذلك». فجوبيه تردد عندما عرض عليه ساركوزي
الخارجية في الحكومة الجديدة، أولاً
لأن الإمكانات المالية أصبحت محدودة
وأيضاً لأنه كان يخشى من طموح ساركوزي
في الظهور والهيمنة، خصوصاً في ترؤس
مجموعة العشرين، ما سيجعل عمله في
الخارجية غير ممكن لكثرة تدخلات
الرئاسة فيها. أما الآن فالصورة اختلفت وضعف ساركوزي في
استطلاعات الرأي والتطورات في العالم
العربي التي لم يتوقعها أحد وانتقادات
الإعلام والمعارضة للوزيرة السابقة
ميشيل أليو ماري وإجازتها في تونس في
بداية الثورة الشعبية التونسية
واستضافة رجل أعمال تونسي قريب من بن
علي للوزيرة وعائلتها في طائرته
الخاصة، جعلت الخيار المنقذ لساركوزي
أن يطلب من ألان جوبيه، الذي يعترف
الجميع انه رجل دولة بكل معنى الكلمة،
أن يتولى الخارجية مجدداً، ويأخذ برأي
ديبلوماسييه ويدرس الملفات. فجوبيه
يعرف العالم العربي جيداً، وهو مهتم
جداً بالعمل على دفع مسيرة السلام
اليائسة. فهو يعرف الملف بشكل عميق
ويدرك أهمية حله للمنطقة بأسرها
وللشعب الفلسطيني الذي يتعاطف معه في
شكل كبير ولو أن علاقته مع إسرائيل
أيضاً جيدة. أما بالنسبة إلى لبنان
وسورية، فيعرف تماماً الوضع فيهما كما
يعرف الطبقة السياسية اللبنانية
والتدخلات السورية والإيرانية على
الساحة اللبنانية، كما انه وافق على
انفتاح ساركوزي على سورية في البداية
فكان يردد أنه ينبغي التحاور مع
الخصوم، ولكن الفرق انه سيكون أكثر
ترقباً وأكثر حذراً بالنسبة إلى
السياسة السورية في لبنان، مع حرصه على
امن وسلامة الجنود الفرنسيين في
الجنوب. فجوبيه ورئيسه سينظران إلى
التطورات في دول المغرب والمشرق
والثورات العربية وسيكونان حذرين في
التعامل مع أنظمة ترفض لمواطنيها
الحرية. هذا لا يعني انه سيقاطع كل
الديكتاتوريات ولكنه سينصح الرئيس
بالتحاور مع هذه الدول لدفعها بضغط
اكبر إلى الإصلاح. فلا شك في أن التغييرات في العالم العربي
ستكون لها تداعيات كبرى على
ديبلوماسيات الغرب خصوصاً فرنسا
بالنسبة إلى كل من مصر وتونس وليبيا
والجزائر وأيضاً في الخليج، ولو أن
تأثيرها في كل من البحرين وعُمان ليس
كبيراً ولكنه مهم في اليمن. وستكون
سياسة فرنسا إزاء سورية في هذه المرحلة
أكثر تطلعاً إلى نتائج هذا الانفتاح
الذي كان من دون أي مقابل والذي بدأ
يتغير منذ أن رفضت سورية اقتراح
ساركوزي عقد اجتماع لمجموعة اتصال حول
لبنان تشارك فيه قطر وتركيا ولبنان
وسورية. والآن بعد عودة الهيمنة
السورية على لبنان والانقلاب الحكومي
فيه من «حزب الله»، فلا شك في أن
الديبلوماسية الفرنسية إزاء سورية
ستبقى على خط التحاور ولكن بشروط أخرى
وضرورة تحقيق نتائج من هذا الحوار.
وجوبيه يحظى باحترام كبير من
ديبلوماسيي فرنسا لأنه يأخذ بتوصياتهم
ويحترم عملهم وطريقته مباشرة وليست
عبر الوسطاء. ففي الآونة الأخيرة كثر
زوار الظلام خصوصاً المبعوثين
اللبنانيين الممثلين لسورية في القصر
الرئاسي. فهذا النهج لن يقبله رجل دولة
مثل جوبيه لأنه جاء ليعاون الرئيس على
استعادة دور قوي لفرنسا على الصعيد
العالمي. ======================= ساركوزي في أنقرة: عذرا
لا مكان لكم بيننا سمير صالحة الشرق الاوسط 2-3-2011 صعود أرقام استطلاعات الرأي الأوروبي في
رفض قبول تركيا شريكا كاملا في الاتحاد
قابله دائما انخفاض ملحوظ وخيبة أمل
لدى الأتراك في فرص الالتحاق بهذه
المجموعة التي ينتظرون على أبوابها
منذ أكثر من 50 عاما. تراجع الحماس لدى
الطرفين سببه الأول انعدام الثقة
المتبادل وجهل القواعد الشعبية
التركية والأوروبية لما يملكه
الجانبان من خصائص ومميزات وفرص
سياسية وثقافية واقتصادية قادرة لو تم
الاستفادة منها بالشكل الصحيح على
تحقيق تقارب حقيقي بين القارات
والثقافات ونمط العيش المختلف. موضوع
العضوية التركية في الاتحاد الأوروبي
كان وما يزال تحت رحمة القيادات
السياسية والحكومات في الجانبين
ومواقف بعض المتشددين الأوروبيين وفي
مقدمتهم فرنسا وألمانيا طبعا التي
حولته إلى لعبة شد حبل ملوحة بسلبيات
الجغرافية التركية الواسعة وعدد
السكان الكبير والفوارق الاجتماعية
والدينية التي قد تهدد مشروع الوحدة
الأوروبي وتنسفه عن بكرة أبيه. قبل أيام قام الرئيس الفرنسي نيكولا
ساركوزي بزيارة إلى أنقرة لم تتجاوز ست
ساعات كانت كافية لتناول طعام الغداء
على مائدة الرئيس التركي عبد الله غل
لكنها كانت كافية أيضا للكشف عن جمر
العلاقات التركية الفرنسية الذي لا
يخمد أصلا منذ سنوات. زيارة بدأت
متوترة وانتهت أكثر توترا. فهو أولا
أصر على أن لا يقوم بهذه الزيارة بصفته
رئيسا للجمهورية الفرنسية بل كرئيس
لمجموعة الدول العشرين الصناعية التي
تنتمي تركيا إليها. وهو تجنب ثانيا
وقدر الإمكان حمل أي ملف يناقش
العلاقات الثنائية بين البلدين التي
تتمسك فرنسا بتسخينها منذ 19 عاما تاريخ
آخر زيارة لرئيس فرنسي إلى تركيا. لكن
كلام الرئيس الفرنسي في حضور القيادات
التركية ب«أن لا مكان لتركيا في
الاتحاد الأوروبي كعضو دائم والأفضل
هو قبول اقتراح الشراكة بامتياز الذي
تقترحه وتدعمه فرنسا منذ البداية،
كثيرون في الاتحاد لا يريدونكم،
استفتاء شعبي أوروبي سيثبت ما أقول،
تركيا قوية في منطقتها وعليها أن تلعب
دورها الأساسي هناك» يعيدنا مرة أخرى
إلى خط البداية ويدفعنا إلى سماع ما
تقوله بروكسل بهذا الشأن كما قال
أردوغان وهو يرد على كلام ساركوزي هذا
الذي أغضب الأتراك واستفزهم. الأتراك بدورهم الذين فشلوا في إقناع
الرئيس الفرنسي بتغيير طابع زيارته
وتمديدها وتحويلها إلى زيارة عمل
تناقش الملفات العالقة بين البلدين لم
يترددوا في معاملته بالمثل عندما
وجدوا أن لا فائدة من إصرارهم. فهم أولا
خفضوا درجة الاستقبال والمراسم إلى حد
أن أي شخصية حكومية لم توجد على أرض
المطار خلال استقباله وتوديعه. وهم
ثانيا ورغم دفاع بعض الإعلاميين عن
صراحة الرئيس الفرنسي وموقفه العلني
الواضح في موضوع العضوية التركية
يصرون على أن ما يقوله يتعارض مع
اتفاقيات عام 2004 بين أنقرة وبروكسل
وخروج عن مبدأ الوفاء بالعهد المقدم
للأتراك عند إنجاز شروط العضوية
ومتطلباتها. لا بل إن العديد من
السياسيين الأتراك قرأوا مواقف
ساركوزي هذه على أنها بمثابة رسائل إلى
الداخل الفرنسي لاسترداد ما فقده من
شعبية في الأشهر الأخيرة ومحاولة
الاستعداد للانتخابات الرئاسية
الفرنسية المقبلة ولتكون مسألة
العضوية التركية في قلب الصراع على
مقعد الرئاسة هذه المرة. الحادثة
الأبرز التي تعاملت معها وسائل
الإعلام التركية بشكل واسع كانت ربما
تمسك رئيس بلدية أنقرة مليح غوكشاك
بقاعدة المعاملة بالمثل في القاموس
الدبلوماسي ومسارعته لملء فمه بالعلكة
وهو في وداع ساركوزي انتقاما من الأخير
الذي كرر فعلته في تركيا وهو يصافح
مستقبليه تماما كما فعل العام المنصرم
خلال استقباله الرئيس التركي غل. بقي أن نراهن على أن يكون الرئيس الفرنسي
حضر على عجل وعلى عكس ما تقول كافة
التحليلات والمتابعات حول الزيارة
لمناقشة الانتفاضات الأخيرة التي
يشهدها العالم العربي وتحديدا ما يجري
في ليبيا وضرورة التنسيق مع تركيا قبل
إطلاق أي تحرك إقليمي أو دولي بهذا
الاتجاه، وأن اقتراح التعاون النووي
السلمي بين البلدين ما هو إلا غطاء
لهذا التحرك. وأن نقول إن تحرك اللوبي
التركي في أوروبا لتغيير المواقف
والسياسات تجاه طلب العضوية التركي هو
فرصة ثمينة بيد الأتراك. لكننا بانتظار
ذلك لا يسعنا سوى التوقف عند مدلول
الهدية التي قدمها رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان إلى ساركوزي
علها تقوده إلى تغيير موقفه أو تليينه
على الأقل وتذكره بقوة الأتراك
ونفوذهم عبر التاريخ، فهو وضع بين يديه
نسخة مترجمة إلى الفرنسية لجواب
السلطان سليمان القانوني ردا على
رسالة طلب المساعدة التي بعثت بها
والدة الملك الفرنسي فرنسوا لإنقاذ
حياة ابنها الأسير بيد الألمان قبل 500
عام. ====================== هل يعرف شباب الثورة
معنى توازن القوى الإقليمي؟ عادل الطريفي الشرق الاوسط 2-3-2011 إذا كنت تعتقد أن ما يحدث في منطقة الشرق
الأوسط هو زلزال كبير، فإن القادم ربما
سيكون أكثر إثارة مما يحدث الآن. في أقل
من شهرين سقط نظامان عربيان، هما تونس
ومصر، بينما النظام الليبي يصارع
النهاية في أحياء العاصمة طرابلس. ليس
هذا فحسب، فدول أخرى باتت تتأرجح بين
يوم وآخر مثل اليمن، والجزائر، وحتى
الدول الخليجية التي تتمتع بأحوال
اقتصادية واجتماعية أفضل هي تحت الضغط
الكبير. تأمل فقط في التحديين البحريني
والعماني. باعتقادي أن دول الخليج، مع
الأخذ بإصلاحات جادة، أكثر قدرة على
تجاوز التحدي، مقارنة بالجمهوريات
العربية التي تتعرض شرعيتها للتفتت
تحت ضغط الجماهير الشبابية الغاضبة.
لكن الارتدادات الحقيقية لهذا الزلزال
لم تصب بعد أنظمة - كانت مرشحة أكثر من
غيرها - مثل إيران، وسورية، وأنظمة
المحاصصة الطائفية في العراق، ولبنان. لا أحد يعرف بالضبط متى ستتوقف حمى «الانتفاضة
الشبابية» التي تجتاح المنطقة بأسرها.
بعض الأنظمة تتمنى لو يتأخر الدور
عليها حتى يتبين لشبابها خطورة ما يحدث
في تلك البلدان، وكيف أن المجهول أكثر
خطورة مما يظن هؤلاء «الشباب» الذين لا
يدركون معنى إدارة الدولة أمنيا،
واقتصاديا. من الصعب حقيقة مناقشة
الشباب المتحمسين للثورة، أو حتى
الحوار معهم؛ لأن روح المرحلة تدعو
للتغيير، لا سيما أنهم يرون نجاح
نظرائهم في كل من تونس ومصر في إسقاط
أنظمة قوية أمنيا وعسكريا وذات علاقات
نافذة بالعالم الخارجي. مهما فعلت
الأنظمة القائمة فهي لن تستطيع امتصاص
هذه الطاقة الشبابية التي تسعى
للتغيير. سيضرب الزلزال الجميع مهما
بلغ حجم الإصلاحات والتغييرات، لكن كل
ما يمكن أن تراهن عليه بعض الأنظمة
الحكيمة هي أن تخرج بأقل قدر من
الخسائر الممكنة. مشكلة بعض السياسيين
أنهم لا يدركون خطورة الموجة «الثورية»
الراهنة؛ فهم يفكرون بالطرق التقليدية
ويقيمون الحسابات الواقعية لتقييم
الأزمة، بينما الطرف الآخر - وهم
الشباب الثائر - لا يكترثون بتلك
الحسابات بقدر ما أنهم منغمسون
باللحظة الثورية التي يزداد أوارها
يوما بعد يوم. شباب المرحلة الراهنة منخرطون بشكل كبير
في الاعتقاد بحزمة من «المثاليات»
فيما يتعلق بعالم السياسة، وفضاءات «الحرية»
و«الديمقراطية»، وفي هذه اللحظة فإنهم
لا يكادون يكترثون بالتعقيدات
الاجتماعية، والآيديولوجية،
والاقتصادية التي تشكل النسيج
الاجتماعي والسياسي في بلدانهم. هناك
اعتقاد «شبابي» بأنهم يمتلكون لحظة
التغيير - التاريخية - وأنهم بوسعهم أن
يغيروا بلدانهم، ووجه المنطقة كما
نعرفه. في وسط هذا الجو «المثالي»،
الغارق في التمنيات، والتطلعات
المجاوزة لتعقيدات الواقع فإن كثيرا
من المثقفين والكتاب قد انخرطوا في
التأييد لما يحدث، بل ولمباركة «الثورة
الشبابية» التي قامت بما عجزوا عن
القيام به طوال العقود الأربعة
الماضية. بعض هذا التأييد منبعه الحنين
إلى الجذور الثورية لثقافة «اليسار»
في الستينات، لكن البعض الآخر يشكلون
شريحة المنتفعين الذين يريدون ركوب
موجة التغيير لتحقيق المصالح
الآيديولوجية والمادية، وتحقيق
الحضور الذاتي في المرحلة الجديدة.
تشاركهم في ذلك جملة من رموز التيار
الإسلامي الذين كانوا يمثلون المعارضة
الإسلامية في السبعينات والثمانينات،
وقد انقلبوا نهاية التسعينات إلى خطاب
متعايش مع الأنظمة العربية، بل ومنافق
إلى حد كبير، ولعل العلاقات التي جمعت
بين أولئك الدعاة والمشايخ وأبناء
الأمراء والرؤساء لهي دلالة فاضحة على
زيف موقف تلك الشخصيات. حاليا، كل من
تعامل مع الأنظمة الجمهورية السابقة،
التي هي على وشك السقوط، باتوا يسارعون
إلى إعلان البراءة، والتعبير عن دعمهم
وإعجابهم بالحالة الثورية «الشبابية»
التي تعصف بالمنطقة. لعل القلق الأكبر يتعلق بشكل الخارطة
السياسية الإقليمية التي ستنتج بعد أن
يأخذ زلزال الثورة مداه الأخير. ليس
هناك أدنى شك في أن ما حدث سيغير موازين
القوى الإقليمية، وقائمة التحالفات
التقليدية التي نعرفها منذ حرب الخليج
الثانية (1990 - 1991)، وستعتمد الخارطة
الجديدة على نتائج العملية السياسية
الانتقالية في تلك البلدان. هنا لا بد
من التأكيد على أن كثيرا من الدول
العربية التي أصابتها حمى الثورة ستمر
بالضرورة بمرحلة «فوضى» وتقلبات
داخلية يصعب التنبؤ بها، لكن ما يمكن
التفكير به حاليا هو أننا قد نواجه
أنظمة شعبوية منتخبة تعاني ضعفا
اقتصاديا، وسوء إدارة نتيجة للتغير
البيروقراطي الهائل الذي سيصيب مؤسسات
تلك الدول الخدمية والاقتصادية. نتيجة
لذلك، فإن تلك الدول ستقودها في الغالب
حكومات ائتلافية ضعيفة، وغير قادرة
على حسم الملفات الحساسة، والرئيسية؛
لهذا فإن من المستبعد أن تغامر الأنظمة
الجديدة في نقض معاهداتها السياسية
المهمة، مثل معاهدة السلام المصري –
الإسرائيلي، لكن الاتفاقات
الاقتصادية لن تتمتع بالقدر ذاته من
الحصانة؛ لأن المسؤولين الجدد سيكون
لديهم رغبة جارفة في إثبات توجههم
الاقتصادي الإصلاحي المحارب لعقود
واتفاقيات العهد الراحل (الفاسد). أما
شكل ميزان القوى الإقليمي فسيكون هناك
احتمال كبير أن يكون عرضة لاجتهادات
سريعة ومستعجلة من هذا الجانب الطامح
إلى الشعبية، أو ذاك. تأمل فقط موقف
شباب الثورة المصرية من أحداث ليبيا
وغيرها، واستجابة الجيش السريعة لتلك
الدعوات. في ثورات كثيرة سابقة لجأ
الثوار إلى تصدير مشكلاتهم السياسية
والاقتصادية لاستدامة المشروعية
الثورية، مثل ثورات أميركا اللاتينية
في السنوات العشر الأخيرة في فنزويلا،
وبوليفيا، وغيرهما، التي لم تتورع عن
توثيق العلاقات مع نظم راديكالية مثل
إيران وليبيا، على الرغم من انعدام
الديمقراطية في تلك الدول. كثيرون يسارعون إلى دحض فرضية التشابه
بين الثورة الإيرانية التي قامت
بانتفاضة إسلاموية يسارية في ذروة
الحرب الباردة، وبين ما يحدث الآن في
الشرق الأوسط. صحيح أننا حتى الآن لا
نواجه شخصية طامحة ثورية مثل الخميني،
لكن هذا لا يعني أن الساحة خالية من تلك
الشخصيات أو الزعامات (الدينية)
الطامحة إلى لعب هذا الدور. هناك دروس
في الثورة الإيرانية ينبغي الانتباه
إليها، لعل أبرزها الطابع «المثالي»
الذي يميز ثورات الشباب. كان الخميني
في أوائل الستينات يدرك أهمية قيم
كالمقاومة والوقوف في وجه الدول
الكبرى، والاعتزاز الوطني أمام القوى
الإقليمية، ولهذا سعى إلى «أسلمة»
الخطاب اليساري وإقحامه في أدبيات
الحركة الإسلامية الشيعية، حين تمكن
من قيادة الثورة أخذ بطريقة حماسية
يبارك «المثالية الثورية» لجيل الشباب
ضد نصائح شركاء الثورة الأقل
راديكالية، وفي ظرف سنوات قليلة تمكن
من إقصاء تلك النخب السياسية
بالاستعانة بالروح الشبابية الثورية،
لكن «المثالية الثورية» وقفت حائلا
أمام شراء إيران للأسلحة من أنظمة
اعتبرتها معادية؛ لهذا لجأ النظام إلى
شراء الأسلحة سرا من خصومه، والتفاوض
سرا مع أولئك الخصوم حتى لا يفقد دعم
الشباب الثوري. النتيجة أن إيران خسرت 3
عقود بين الحرب والعزلة الدولية
والصدام الداخلي تحت حمى «المثالية
الثورية». المنطقة مرشحة لحالة من الصدام الثوري -
تحت أجندة الحرية والديمقراطية - لكن
سيدرك كثير من المتحمسين للثورات أن
الواقع السياسي أكثر تعقيدا من أن يتم
الالتفاف عليه بالشعارات. في 1984، وبعد
سنتين من رفض إيران عرض وقف إطلاق
النار مع العراق، أدرك الخميني وكبار
مساعديه أن البلد بات في عزلة دولية
فوق ما يستطيع، وأن القدرات العسكرية
والاقتصادية قد ضعفت لدرجة مقلقة. دعا
الخميني كل السفراء الإيرانيين في
الخارج، وقال لهم: علاقاتنا بالآخرين
غيرة جيدة، وقد أصبحنا في عزلة، وما
أريده منكم أن تعززوا التقارب مع الدول
التي نملك معها علاقات، كل الدول التي
لدينا تمثيل دبلوماسي بها. خلاصة القول: إن تصاعد التوقعات المثالية
قد يتحول إلى طوباوية رومانسية لواقع
لا يمكن تحقيقه. لقد قام الشباب بإسقاط
الأنظمة، ولكن هل لديهم الوعي لبناء
دول ديمقراطية ناجحة اقتصاديا
وإداريا؟ ذلك هو التحدي الكبير. ربما
جاء الوقت الذي يجب أن يفكر فيه الشباب
بالاستقرار الإقليمي؛ لأن الدول لا
تعيش في عوالم مستقلة، هذا ما أخطأ في
فهمه شباب الثورة الإيرانية. ========================== آراء حول فكرة
الفدرالية في العراق أ.د. عبدالقادر محمد فهمي المصدر صحيفة العراق
لاالكترونية 12-1-2011 نقلا عن مركز صقر في اعتقادنا ، أن مناقشة فكرة الفدرالية
في العراق أو إمكان تحويل العراق إلى
دولة فيدرالية ينطوي على قدر كبير من
الخطورة والتعقيد. خطورته متأتية من
مستقبل النموذج الذي يحمل معه بكل وضوح
ملامح تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات
مبنية على أساس طائفي وعرقي بمعنى أن
الفدرالية في العراق سوف تختص بمناطق
لها لون خاص ، أو أن لها سمة تختص بها .
هذا التقسيم وفق نظرية (فدرالية العراق)
أو ( العراق الفدرالي) لا يحتاج إلى جدل
نقول فيه أن العراق قسم مناطقيا تحت
مسمى الفدرالية الذي يحمل معه هدفاً
مزدوجاً : التخفيف من حدة المشاعر
الرافضة لواقع التقسيم، و بنفس الوقت
تكريس الشعور بالاستقلال الذاتي
لمجموعات اجتماعية يجمعها العرق أو
المذهب. من ناحية ثانية نلاحظ، أن التجربة
التاريخية على مستوى النماذج
الفدرالية كانت تؤشر على الدوام بأن
الفدرالية هي نتاج توحيد الأجزاء ( أي
توحيد كيانات تلتقي عند قواسم مشتركة،
كانت تعاني من تحديات مشتركة لا تستطيع
مواجهتها وهي منفردة،أو أن لها مطالب
لا يمكن تحقيقها ألا بالاتحاد فيما
بينها، أو أنها تجد في التعاون فيما
بينها ما يعين على تحقيق أهداف مشتركة)
و تحويلها إلى نموذج متكامل مع
الاحتفاظ ببعض التفصيلات الإدارية على
نحو لا مركزي مع بقاء الولاء للمركز
بغض النظر عن توصيف هويته أو انتمائه
الذي يفترض أن يمثل الإطار الذي تنصهر
في بوتقته الهويات الفرعية، و ليس على
العكس كما يراد للعراق أن يتحول من
نموذج الدولة الموحدة إلى نموذج
الدولة المجزأة بإسم الدولة الفدرالية.
الملاحظة الثالثة،هي أن أغلب، أن لم يكن
كل، النماذج الفدرالية التي تشكلت
بطريقة الكل الموحد إلى الجزء المفدرل
كان مصيرها الانفصال والتقسيم. أن مفهوم فدرالية العراق يدفع بنا إلى
القول أن منظريها ينطلقون من افتراضات
و يؤسسون لمسارات يعتقدون أنها صائبة،
إلا أن واقع المطلب الفدرالي في العراق
يقترب كثيرا من تخوم تقسيمه وتفكيكه
كدولة موحدة و مجتمع موحد. و بالتالي
علينا أن لا نغرق كثيرا في التفاؤل
الذي يراهن دعاته كون ( التلاحم
العراقي) سيكون أهم منتج للمنتظم
الفدرالي هو ما يقود إلى الوحدة
الوطنية ويعمل على إشاعة الأمن و
الاستقرار وبناء الدولة (الديمقراطية
القوية المزدهرة). فالمسألة ليست في
اعتقادنا، على هذا المستوى من
التبسيط، أنها على عكس ذلك تماماً. إذ
سيكون من الصعوبة بمكان الحديث عن وحدة
وطنية، وشعب متجانس و متماسك، أو دولة
قوية قادرة على بناء ذاتها، ذلك أن
المعنى الحقيقي لمفهوم ( العراق
الفدرالي التعددي) هو ليس (عراق الدولة
الوطنية الواحدة الموحدة) التي كانت
تعرف بوحدة الولاء ومتانة ترابط
نسيجها الاجتماعي. مثل هذا الاستنتاج، الذي قد يبدو للبعض
أنه مفرط في التشاؤم، لا يمثل قفزة على
الواقع الذي يراد خلقه على ارض العراق
و جغرافيته، و لا ينطوي على افتراضات
غير واقعية بعيدة عن مقتضيات
الفدرالية، كما أنه لا يعبر عن رؤية
اجتهادية تفتقر إلى المقومات و الأسس
الموضوعية حيث تبنى عليها. هذا
الاستنتاج نابع من ذات الفكرة
الفدرالية و ماهيتها و الفلسفة التي
تنهض عليها و الشروط الواجب توفرها
لتأمين نجاحها، بمعنى أن مشروع
الفدرالية كفكرة و مضمون و آلية في
الأداء لا يحظى بنصيب وافر للنجاح في
العراق. ذلك أن منتظم الفدرالية له
ملازماته وشروط تضمن نجاحه، و قبل
مناقشة هذه الشروط نود أن نلفت
الانتباه إلى أن الخطاب السياسي في
العراق أنصرف بعد عام 2003 و على نحو مكثف
و غير مسبوق إلى الترويج لفكرة
الفدرالية و التشديد على فكرة كون
العراق ( مجتمع تعددي). و الملاحظ أن
التأكيد على فكرة (المجتمع التعددي) في
الفقه السياسي المعني بالفدرالية يعني
أنه مجتمع غير متجانس بسبب من وجود عدة
طوائف تعاني من مشكلة إمكانية التعايش
المشترك و أن الحل الأمثل لهذه المعضلة
يكمن في استقلالية هذه الطوائف و
الأعراق في أقاليم تختص بها ضمن إطار
الدولة لتحافظ على خصوصيتها و بنفس
الوقت تكون قابلة لأن تتعايش مع غيرها.
و عليه، فأن الاستقلال الذاتي (و لو
بدرجات معينة) و الذي لا بد أن يكون
طائفيا أو عرقيا بصيغة الفدرالية و في
إطار جغرافية الدولة هو الكفيل بتقديم
الحلول لكافة المشاكل التي يعاني منها
المجتمع التعددي. أنه يمثل الحل الوسط
بين خيار الانفصال التام، و خيار
التوحد و الاندماج الذي يُزعم أنه غير
قابل للتحقيق. و على وفق الخطاب السياسي العراقي الذي
أصبح يشدد على فكرة ( تعددية المجتمع
العراقي) أو ( المجتمع العراقي المتعدد)
فأنه يفترض، و انطلاقا من مقتضيات
المنتظم الفدرالي، أن المجتمع العراقي
لا خيار أمامه سوى (الاستقلال الإداري
اللامركزي ) وهو المصطلح المخفف لما
يمكن أن يثيره مفهوم الاستقلال الذاتي-الانفصالي
لمكونات المجتمع العراقي. في ضوء ما تقدم، فأن السؤال الذي يطرح هنا:
هل أن هذه الحتمية في الترويج المكثف
لفكرة أن العراق مجتمع متعدد الطوائف و
الأعراقتتيح للعراق إمكانية تطبيق
الفدرالية كوسيلة، أو كأداة لحل مشكلة
صعوبة التعايش بين طوائفه و أعراقه بعد
أن أخذت بعض القناعات تتشكل حول فكرة
أن لا حلول لهذه المعضلة ألا بوجود
أقاليم يختص كل منها بلون من ألوان
الطيف العراقي. هذا السؤال يفرض علينا استعراض شروط نجاح
المنتظم الفدرالي، و هي شروط لا نشك في
عدم قدرتها على نجاح المنتظم الفدرالي
في العراق و ذلك لاعتبارات عدة منها: 1. إن الأساس الفكري الفلسفي الذي تبنى
عليه نظرية الفدرالية على صعيد الدولة
الواحدة و التي تضم مجموعة طوائف أثنية
أو دينية أو ثقافية، أو لغوية، هو أن
هذه الطوائف لا يكون بمقدورها التعايش
فيما بينها، و بالتالي فأن اعتماد
الفدرالية سيمثل الحل المثالي لمشكلة
التعايش في المجتمعات التعددية، ذلك
أن انشغال الطوائف بإدارة مصالحها في
أطار الدولة الفدرالية سيزيل قدر
الإمكان أسباب الصراعات التي يمكن أن
تنشب بينها مهددة السلم الأهلي.
فالاستقلال الذاتي لكل الطوائف من
شأنه أن يسمح لها بإدارة شؤونها على
وفق أساليب خاصة، وضمان مصالحها على
وفق رؤيتها لتعبر عن طموحها و المحافظة
على خصوصيتها وتنمية نشاطاتها و أغناء
شخصيتها. هذا الافتراض صحيح من الناحية
النظرية إلا أنه غير مصيب من الناحية
التطبيقية، فضلا عن انه يطرح مسألة على
قدر كبير من الخطورة، إذ كيف يمكن أن
نوفق بين ما يفترض أن يكون عليه
المجتمع من تلاحم وطني و تجانس
اجتماعي، وما يفترض أنه مجتمع تعددي و
متنوع الأطياف؟؟ فالمجتمع في الدولة
الفدرالية هو مجتمع تعددي وفق النظرية
الفدرالية، و المجتمع التعددي يعني
أنه مجتمع غير منصهر أو غير قابل
للانصهار بسبب وجود جماعات ( لها
خصوصية ذاتية) و (شخصية ثقافية و فكرية
متمايزة) و إذا سحبنا هذه المقولة على
المجتمع العراقي مع التأكيد و التركيز
على المقصود بأنه تعددي، فأن هذا سيقود
مستقبلاً إلى شكل من أشكال التمفصل أو
التخندق للأعراق و المذاهب بعد أن تكون
مقدماتها مستظلة تحت مفهوم الاستقلال
الإداري أو اللامركزية الإدارية.
بمعنى آخر، أن مفهوم المجتمع التعددي
على وفق نظرية الدولة الفدرالية هو
مفهوم مجتمع غير منصهر أو غير قابل
للاندماج لوجود جماعات لها خصوصية
ذاتية، أو شخصية ثقافية و فكرية
متمايزة. 2. إن طابع الفدرالية و منطقها يفترضان أن
تمركز الطوائف و الأعراق في مناطق
محددة جغرافياً. و مثل هذا الشرط صعب
التحقيق فضلاً عما ينطوي عليه من خطورة
كبيرة، ذلك أنه يطرح مسألة التهجير
وسلخ الأفراد و العوائل و الأسر من
الأرض و من النسيج الاجتماعي و التداخل
العائلي والأسري. والمجتمع العراقي لم
يعرف طيلة تاريخه مثل هذا الفصل القسري
سواء كان ذلك على مستوى مكوناته
الاجتماعية أو على مستوى وحدته
الإقليمية الجغرافية. 3. من ناحية أخرى، لا يؤدي تطبيق الفدرالية
إلى تحقيق التعايش السلمي والاستقرار
الاجتماعي و الأمن الوطني بين الطوائف
التي تعيش في إطار الدولة الفدرالية.
إذ لا بد أن توجد هناك طائفة تمثل
الأكثرية و أخرى تمثل الأقلية و بسبب
من هذا التباين لا توجد هناك ضوابط
حقيقية يمكن أن يعول عليها لضمان نزاهة
وعدالة و عدم تعسف الأكثرية و هي تمارس
السلطة تحت مسمى الأكثرية في مواجهة
الأقلية. و لابد أن تنشأ حالات تقود إلى
عدم الاستقرار و الاستغلال، و ربما
اضطهاد الأكثرية للأقلية ، وخصوصاً في
مجتمعات ينقصها الوعي و عدم النضج
السياسي و يغلب فيها الولاء الديني
ليصبح هو المرشد و المرجع في العمل
السياسي، و هنا تكمن الخطورة. و تزداد
خطورة الوضع السياسي بوتائر متنامية
عندما لا تجد الأقلية قوة تحميها من
طغيان الأكثرية التي تتصرف دائماً
انطلاقاً من مبدأ الأكثرية التي يكون
لها الرأي الأول و الأخير. 4. لكي تكون هناك فدرالية في إطار الدولة
الواحدة يجب أن تكون الطوائف مهيأة
نفسياً لتقبلها و هذا لا يمكن تلمسه في
المجتمع العراقي حديث العهد بالتجربة
الديمقراطية و في مناخ جديد بنيت
مرتكزاته الفكرية على مفاهيم لم
يعهدها سابقاً كاستئثار الأغلبية
بالسلطة، المظلومية، روح الانتقام
والثأر من عهود الطغيان.....الخ ما يزيد
من الحساسيات و ينمي حالة عدم الثقة
المتبادلة و يضيَق هامش نجاح الحل
الفدرالي. و في ظل هذه الروحية، و تحت
تأثير الحزازات، يمكن أن تستخدم
الطوائف النظام الفدرالي لتحقيق
المصالح الطائفية و الاثنية الضيقة، و
هذا من شأنه أن يقود إلى اضطراب عمل
المؤسسات الفدرالية، أو إلى انفجار
النظام الفدرالي و تفكيكه و انفصال
مكوناته. مثل هذا الأمر يدفع بنا إلى
القول أن حظوظ نجاح الفدرالية في بلدان
تفتقر إلى الوعي و تقودها نزعات طائفية
و عرقية تحاول الاستئثار بالسلطة و
احتكار مصادر الثروة لنفسها دون غيرها.
و مثل هذا المؤشر بدأنا نلمسه في
توجهات القيادات الحاكمة بعد مرحلة
الاحتلال و بشكل لا يمكن إسقاطه. 5. لا يخدم الشرط الاقتصادي نجاح
الفدرالية في العراق، حيث يفترض تقسيم
الموارد و الثروات بشكل عادل و متساوٍ
بين أقاليم الدولة الفدرالية، في
الوقت الذي يشهد فيه العراق صراعا بين
الشمال والجنوب و الوسط بهدف السيطرة
على منابع و مصادر الثروة النفطية،
المصدر الأساس في الموارد، وطريقة
تقسيمها، تلك الثروة التي أصبحت مصدر
الثراء و الإثراء للنخب و التيارات و
الكتل السياسية بدلاً من أن تستثمر
لخدمة الاقتصاد الوطني و تكون سبباً في
تنمية و ازدهار و بناء المجتمع العراقي. 6. كما لا يقدم الشرط السياسي- الأمني فرصا
وافرة لنجاح الفدرالية في العراق،
فبما أن السياسة الخارجية و السياسة
الدفاعية تدخلان في إطار صلاحيات
الدولة الفدرالية دون أن تكون ضمن
صلاحيات سلطة الأقاليم التي تتشكل
منها، فأنه غالباً ما يلاحظ أن تقيم
الطوائف، و رغبة منها في تقوية نفوذها
و مكانتها، بعلاقات تاريخية، و دينية
أو قومية مع قوى خارجية أو مع دول
أجنبية. و هذه العلاقات غالباً ما
تتسبب في أثارة خلافات بين الحكومة
المركزية و سلطة الأقاليم بالنسبة
للسياسة الخارجية أو الأمنية أو
الدفاعية الواجب اعتمادها من قبل
الدولة الفدرالية. وبالنسبة
للسياسة الدفاعية أيضاً، و خصوصاً في
المناطق التي يسودها التوتر وتتمحور
فيها الدول حول قوى متصارعة، فأن تجاذب
الطوائف بواسطة القوى الخارجية و
الاستعانة بها يؤديان إلى تفكيك
الدولة الفدرالية و القضاء عليها. و
الحالة العراقية مهيأة لهذه التجاذبات
من قبل القوى الخارجية من قبل أن تطبق
الفدرالية فيها، إذ أن مصطلح ( تدخل قوى
خارجية إقليمية في الشأن العراقي) أصبح
شائع الاستخدام على مستوى الخطاب
السياسي و الشارع العراقي. بعد هذه المقاربة التي تطرحها نظرية
الدولة الفدرالية، تثار تساؤلات عدة
فيما يتعلق بفكرة تطبيق الفدرالية في
العراق. و نعتقد أن الإجابة عليها يمكن
أن تقربنا من فكرة الأخذ بالفدرالية أو
عدم الأخذ بها. - أي شكل من أشكال التقسيم سينتج عن النظام
الفدرالي العراقي؟ هل نكون بصدد (
تقسيمات إدارية) أو ( تقسيمات طائفية /أثنية
)؟ - ما هي الضمانات المطروحة بأن لا يتحول (التقسيم
الإداري) إلى ( تقسيم طائفي /أثني)؟ و
بالمقابل، ما هي الضمانات المطروحة أو
التي يمكن أعدادها و اعتمادها في أن
يتحول ( التقسيم الطائفي /الأثني) إلى (
تقسيم إداري اندماجي)؟ بمعنى: ما هي
الضمانات الأكيدة و المؤكدة بأن لا
تتحول الفدرالية إلى فدرلة قوامها
البنية الطائفية و العرقية. - هل لدينا القدرة على تحويل مسألة ( الوعي
بالانتماء الفئوي) إلى شكل متقدم من (
الوعي بالانتماء إلى الوطن )؟ أي أن
تكون الوطنية هي الأساس في الانتماء و
بديلاً عن الفئوية. - ما هي مواصفات الحكومة الوطنية
المركزية؟ و ما هي درجة الاستعداد
الشعبي لقبولها؟ نحن نعتقد، أننا بحاجة إلى ( لا مركزية
إدارية ) ضمن العراق الموحد، و ليس إلى
فدرالية قد تقود إلى حالة انفصالية على
وفق ما فصلناه سابقاً. نختم ورقتنا بدراسة أعدها ( أنتوني
كوردسمان) تحمل عنوان (Iraq
Federalism) (فدرالية العراق) نشرها مركز
الدراسات الإستراتيجية و الدولية(Center For Strategies and International Studies), وصف فيها الفدرالية في العراق بأنها (
مشروع انفصالي و تقسيمي عسير وخطير) و
قد توصل فيها إلى عدة استنتاجات أهمها: 1. لا يستطيع أحد أن ينكر أن العراق ينقسم
بالفعل بحسب اتجاهات طائفية و أثنية. و
أن هذه العملية مفروضة على سكان العراق
من جانب متطرفين سياسيين و ليس بفعل
إرادة شعبية. 2. إن الفدرالية ستنتج انقسامات ( سياسية/طائفية/عرقية)
في صفوف الشعب العراقي ذلك أن قادة
العراق أو الذين يتربعون على هرم سلطته
هم أصلاً (طائفيون- أثنيون) مما يجعل من
مسألة التخطيط له و إدارته (أي إدارة
العراق ) مسألة في غاية العسر والصعوبة. 3. إن ملازمة الفدرالية في العراق هي
حمامات دم واسعة النطاق/ أعمال عنف
وحشية/ أعمال تهجير، حالة فوضى أو عدم
استقرار سياسي و اجتماعي ( هذا النموذج
قابل للتصدير إلى دول أخرى في المنطقة
العربية). 4. حتى لو استطاع العراقيون التوافق على
شكل من أشكال التسوية التي تنشئ مناطق
طائفية و أثنية سوف تبقى هناك مشكلات
يصعب حلها و هي مثيرة للقلق و التوتر.
فالأجهزة الأمنية و تشكيل القوات
العسكرية سيكونان محكومين بالولاءات و
الاتجاهات الطائفية و الاثنية / خلافات
عنيفة حول توزيع الموارد و تقسيم
الثروة / هجرات سكانية/ صعوبات في توفير
و خلق فرص عمل / تعطل و تراجع في توفير
الوقود والطاقة و المرافق و الخدمات/
تسييس للنظام القضائي، تشويه طائفي و
أثني للنظام التعليمي و المناهج
الدراسية/ أعداد كوادر مصممة على
مقاييس طائفية و أثنية ، تدخل سياسي-
عسكري إقليمي لمصلحة هذا الطرف أو ذاك. و النتيجة لكل هذه المظاهر هي مشكلات
سياسية/ طائفية/ اجتماعية/ اقتصادية
متوالدة، مستديمة و مستدامة تمتد
لعقود طويلة من الزمن، وبالتالي سنكون
أمام نموذج لا يعكس عراقا فدراليا ولكن
عراقا مدمرا تحت مزاعم و أوهام
الفدرالية، وعليه إذا كانت ( الوحدة
الوطنية) تطرح حتمية الانصهار في بوتقة
الوطن للجميع فأن ( المنتظم الفدرالي)
يطرح حتمية الانفصال و تتحول الأقاليم
إلى تخندقات يقف بعضها ضد البعض الآخر.
==================================== الايكومونست الدولية -
التجربة الديمقراطية في العراق
هجينة وبالكاد تتجاوز النظم
الاستبدادية الايكومونست: بغداد عاجزة ..
والنافذون يخنقون الحريات المصدر دار بابل للدراسات
والاعلام: 2011-01-19 نقلا عن مركز صقر أكدت مجموعة الايكومونست الدولية أن
الحريات في العراق ضئيلة بسبب إجراءات
تقييدها، وان التجربة الديمقراطية فيه
هجينة وبالكاد تتجاوز النظم
الاستبدادية.وأصدرت مجموعة التحري
الدولية في شهر كانون الأول من عام 2010
تقريرا عن حالة الديمقراطية في العالم.وهذه
الدراسة هي الثالثة التي تقوم بها
المجموعة، الدراسة الأولى صدرت عام 2006
والثانية عام 2008 أما بالنسبة لهذه
الدراسة الصادرة عام 2010، وتناولت 165
بلدا وإقليمين وكل من تلك البلدان تم
مقارنتها بوجود خمسة محددات هي تعدد
العملية الانتخابية والحريات المدنية
والحكم والمشاركة السياسية والثقافة
السياسية. وأحرز العراق اقل عددا من
النقاط وكان بالكاد فوق بعض الدول
الاستبدادية، فالديمقراطية الهجينة
تتضمن مخالفات في الانتخابات ووجود
أجهزة إعلام وأحزاب معارضة يتم
تخويفها من قبل الحكومة بالإضافة إلى
وجود نقاط ضعف في الثقافة السياسية
والمشاركة في الحكومة وحكم القانون
وشيوع الفساد وعدم استقلالية السلطة
القضائية.وجاء معدل العراق العام ب 4.00
نقطة، وقد كان أفضل ما لديه يتمثل في
المشاركة السياسية بإحرازه 6.11 نقطة
متبوعة بمعدل 5.00 نقطة في الحريات
المدنية و 4.33 نقطة في مجال التعددية
الانتخابية 3.75 نقطة في الثقافة
السياسية و 0.79 في المشاركة في الحكم.
وكان أسوء ما يتمثل هو في وظيفة
الحكومة حيث تبدو بغداد عاطلة بشكل
كبير فهي لم تتعامل مع أي من القضايا
الرئيسية التي تواجهها مثل النفط
والأقاليم المتنازع عليها بالإضافة
إلى افتقاد أي موعد نهائي يمكن أن تضعه
لنفسها وهذا ما يرى انه على الرغم من
مرور عشرة أشهر منذ الانتخابات
البرلمانية لا توجد لدى العراق وزارات
مكتملة لحد الآن. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |