ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
المقايضة الأحادية...غطاء
عربي مقابل غطاء أميركي!! أنور
رجا 2011-03-17 الوطن السورية الغرائبية التي تجتاح المشهد السياسي
العربي ليست بعيدة عن مسرح العبث
واللامعقول، فمعادلة حماية
الديمقراطية وحقوق الإنسان والدفاع عن
حق الشعوب في التظاهر التي يبدي البيت
الأبيض حماسة لافتة في التعبير عنها..
تبدو في غاية التناقض حين يكون الطرف
الآخر لتلك المعادلة توفير كل سبل
الدعم للأنظمة التي تشكل جسر عبور
للمصالح الأميركية في منطقتنا. مشهد
التدخل العسكري المجوقل للقوات
السعودية ومن خلفها الإماراتية وهي
تدخل البحرين يقدم صورة فاجعة عن
المعادلة الأميركية في التعامل مع
الشعوب والأنظمة، فلكل نظام وشعب عربي
وصفة وهوية خاصة حسب التقييم
الأميركي، وبين النموذج الليبي
والنموذج البحريني يتلّون ويتناقض
الموقف الأميركي، ففي ليبيا عملت
الإدارة الأميركية على استصدار موقف
عربي يغطي تدخلها العسكري وأعلنت
مبكراً وقوفها إلى جانب المعارضة
وطالبت برحيل النظام، بالمقابل أرسلت
وبلغة دبلوماسية ناعمة ومهذبة جداً
نصائحها للنظام في البحرين، وكذلك في
عُمان، وبدت عاتبة على الرئيس اليمني
لتصريحاته التي اتهم فيها واشنطن
بأنها تدير غرفة العمليات التي تحرك
الجماهير ضده ومركزها تل أبيب!! أبلغ تعبير عن حقيقة ما يجري فوق الطاولة
وتحتها في القرارات الأميركية
المتناقضة حول تفاعلات الوضع العربي
عكسته صورة الجنود السعوديين الذين
كانوا يرفعون شارة النصر وهم يدخلون
البحرين لمؤازرة النظام في مواجهة
حركة الاجتياح الشعبية البحرينية
الواسعة. وبين المسموح والممنوع في القاموس
الأميركي دبر وأنضج خلسة أمر الأغطية
المتبادلة عربياً وأميركياً في ليل
الالتباس والارتباك العربي فمقابل
الغطاء الرسمي العربي- المستثنى منه
موقف سورية وتحذيرها من خطورة هذا
الغطاء - منحت أميركا غطاءً عملياً
للقوات السعودية والإماراتية كي تدخل
البحرين متحدية بذلك مشاعر المعارضة
البحرينية وملوحة بالقوة العسكرية
لقمع إرادتها وكأنها تقول دون مواربة
وبلغة مباشرة: إن خطوطاً حمراء على
الشعب البحريني التوقف عندها، وأي
تجاوز لتلك الخطوط من شأنه تهديد
استقرار النظام سيواجه بالحسم العسكري
وبغطاء أميركي.. هكذا هي معادلة المقايضة الأحادية الجانب
وأحادية النتيجة وإن كانت تلك
المعادلة مكونة شكلاً من طرفين
يتمثلان في الغطاء العربي للتدخل
الأميركي مقابل الغطاء الأميركي لتدخل
(عربي خليجي) في البحرين وغيرها من
الدول التي يخشى خروجها من دائرة
السيطرة، وفي الحالتين النتيجة واحدة
والغاية العليا أن تحفظ أميركا
مصالحها، يساعدها في إنجاز ذلك حالة
التشويش المبرمجة التي تدار بدقة
بالغة لبعثرة مشاعر المواطن العربي
والتشويش على أسلوب وجوهر تعامله مع
النظام الرسمي، ومطالب الإصلاح
والتغير التي يسعى إليها، حيث تجري في
سياق ذلك أكبر عملية خداع وتزييف لواقع
وحقيقة الموقف الأميركي من تلك
المطالب، وتوظف في هذا الاتجاه
الخبرات والدراسات المتخصصة ووسائل
الاتصال الإعلامية والاجتماعية
المتنوعة، وفي الاتجاه ذاته تتم عملية
استغلال المطالب الشعبية المشروعة من
أجل تفجيرها بشكل عشوائي وفي المسار
الذي يمكّن السياسة الأميركية من
النفاذ إلى المشهد الشعبي العفوي
ويؤدي في المحصلة إلى اختراقه وإجهاضه
لتسعير ما يعرف بالثورة المضادة. في حمأة عمليات غسيل وتبييض المواقف
الأميركية وسط ضجيج حركة الشارع وحالة
الغليان الشعبي التي عبرت عن ذاتها في
أكثر من بلد عربي وعنوانها مواجهة
المستقبل والدخول إليه من بوابة
الديمقراطية يتنقل الموقف الأميركي
والغربي (الحربائي) بين عاصمة وأخرى
على إيقاعات مختلفة، فالغطاء الأميركي
حاضر وبقوة لتوفير الدعم الأمني
والسياسي والعسكري للأنظمة المتوائمة
مع المصالح الأميركية، حيث كل
المؤشرات تؤكد أن البيت الأبيض يعيش
حالة استنفار استثنائية يوزع فيها
الوقت والجهد على جبهتين، إحداهما
يعمل على مدها بكل أشكال الرعاية
والدعم خوف انهيارها وخروجها من دائرة
السيطرة والنفوذ الأميركي، وجبهة أخرى
تحاول أميركا إثارة الشغب حولها وفي
داخلها لأنها استعصت على محاولات
الاحتواء وقاومت سياسة الإملاءات. وبكل أسف يمكننا القول إن الوجه الحقيقي
لتلك السياسة الأميركية الغربية يكاد
يختفي وراء سحب الدخان المتصاعدة من
بعض العواصم العربية إذ يجري تغييب
الدور الأميركي من الواجهة تحت وطأة
الأحداث والانشغال الذاتي في متابعة
التفاصيل الميدانية للحركة الشعبية،
واللهاث خلف الصورة الإعلامية للحدث
التي تسهب في تقديمها بعض الفضائيات
العربية بل تتعمد إغفال ما وراء بعض
الأحداث وما يترتب عليها من تداعيات
وتدخلات خارجية، وفي المجال ذاته
يتحمل مسؤولية واسعة المساحة والدور
الإعلاميون والمثقفون الذين يتبارى
بعضهم في التقاط التفاصيل الجزئية
للمشهد، عبر المتابعات للتقارير
الإخبارية بعيداً القراءة التحليلية
والرؤية الإستراتيجية لما هو أبعد من
حدود الصورة والخبر.. دون التنبه
لخطورة حرب التعمية والتضليل
الأميركية وغبار (الفوضى الخلاقة) التي
تجد من يعمل على تسويقها عبر الترويج
للثقافة السياسية لمنطق أوباما
وإدارته في التعامل الانتقائي مع
الساحة العربية وقضاياها وفي مقدمتها
قضية فلسطين، وليس لدى أولئك مشكلة في
رفع شارة النصر ولو على ظهر دبابة
أميركية. ================= دمشق رأي الخميس 17 آذار 2011 مها سلطان تشرين آلان جوبيه أصاب قلب الحقيقة عندما قال:
إن اعترافنا –أي فرنسا- وحدنا بالدولة
الفلسطينية لن يفيد بشيء، لأن الدول
الأوروبية يجب أن تعلن اعترافاً
جماعياً بهذه الدولة، وزاد جوبيه: إن
الأمر وارد... الاتحاد الأوروبي قد
يعترف بفلسطين. كلام جوبيه لا يقلل من أهمية الاعترافات
التي أعلنتها الدول بفلسطين وآخرها
الأوروغواي، ولا يعني ترحيبنا
بتصريحات جوبيه أننا بأي حال ننظر بعين
اللامبالاة إليها، لكننا بالمقابل
نسأل ما إذا كانت تلك الاعترافات
المتوالية ما زال بإمكانها أن تدفعنا
إلى التفاؤل بكونها مؤثرة إلى الحد
الذي يحدث فرقاً على طريق تحقيق
العدالة للشعب الفلسطيني، خصوصاً أننا
لا نرى نتائج، والأمثلة الماثلة أمام
الأعين كثيرة آخرها الفيتو الذي
استخدمته واشنطن لإسقاط مشروع إدانة
الاستيطان في مجلس الأمن، علماً أن كل
الدول الأعضاء كانت تؤيده، ومن بينها
حلفاء واشنطن. لاشك أن اعتراف الاتحاد الأوروبي بمجموع
دوله بفلسطين دولة مستقلة سيعطي قضية
الشعب الفلسطيني دفعاً كبيراً.. إنها
دعوة من جوبيه وإن كانت غير مباشرة
لعدم اكتفاء الدول الأوروبية بمجرد
رفع التمثيل الفلسطيني. قرار أوروبي في هذا الاتجاه هو أكثر ما
تخشاه إسرائيل رغم الدعم الأميركي
الذي لا يتزحزح لها كما تعيد وتكرر
الإدارة الأميركية، ولا ننسى أن
إسرائيل قادت حملة كبيرة في أميركا
اللاتينية للحؤول دون اعتراف دولها
بالدولة الفلسطينية لكنها أخفقت،
وعليه فهي ستخشى تكرار السيناريو ذاته
مع الدول الأوروبية.. هذه الخشية عززها
استطلاع أوروبي شمل كبرى دول الاتحاد
وأظهر ما سماه المراقبون تزايداً في
فهم الأوروبيين لما يجري في المنطقة
خاصة في الأراضي الفلسطينية، حيث قالت
نسبة كبيرة من المستطلعين ان إسرائيل
قوة محتلة وان على دولهم الامتناع عن
تقديم الدعم لها. مثل هذه الاستطلاعات تقلق إسرائيل جداً
حتى وإن كانت لا تصرح بذلك، فهي تدرك
تماماً أنها مع الغرب تتعامل مع أنظمة
تقيم وزناً لرأي شعوبها وتغير
السياسات من أجلها. بكل الأحوال نتمنى أن تجد تصريحات جوبيه
منفذاً لترجمتها واقعاً، فيلعب
الأوروبيون دورهم الحقيقي المتناسب مع
ثقلهم الدولي، ومع أهمية قرارهم في
تعديل الانحياز الأميركي المطلق
لإسرائيل حتى ولو كان ذلك بدرجة قليلة،
نحن راضون إذا اعتبرنا أن مشوار الألف
ميل يبدأ بخطوة. ================= أحمد برغل البعث 17-3-2011 مواقف الولايات المتحدة الأمريكية من
الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في
الوطن العربي لا تحتاج إلى دليل، فهي
مع الحرية والديمقراطية التي تحقق
مصالحها ومصالح إسرائيل، والثورة في
تونس، ومصر، برهنت أن الحرية بالنسبة
لواشنطن مسألة حسابات لا مسألة مبدأ. إن مشهد الجماهير التي احتشدت في ميدان
التحرير من أجل الحرية والديمقراطية،
والتي استطاعت، وعبر فعل سلمي، إسقاط
النظام المدعوم من واشنطن، أسقطت في
الوقت نفسه رواية الغرب الظالمة
والمرسومة التي تعتبر أن العرب
متطرفون ومؤيدون للإرهاب، ولا يفهمون
سوى لغة العنف، وأن لا وسيلة لدعم
الديمقراطية في هذا الجزء من العالم
غير الغزو والاحتلال والقصف بالقنابل
والتعذيب. فالغرب عموماً، كما يقول الكاتب
البريطاني غاري يونغ، «يدعم
الديمقراطية، عندما تكون هذه
الديمقراطية تحقق مصالح الغرب، وهذا
يوضح السبب في أن معظم العالم كان يرقب
الحشود في القاهرة بإجلال وإعجاب،
بينما كان الزعماء الغربيون ينظرون
إليها بخوف وتوجّس، فهم يعلمون أن
الوطن العربي إذا أتيح له أن يختار
زعماءه فسوف يكون أولئك الزعماء أقل
مساندة للغرب في كل شيء، بدءاً من
تسليم السجناء إلى دول تتولى تعذيبهم،
مروراً بقضية إيران والعراق، وانتهاء
بحصار غزة»، مضيفاً: «إن سياسات الغرب
الخارجية لم تكتف بالتغاضي عن غياب
الديمقراطية في المنطقة، بل ظلت تعتمد
على الديكتاتورية وتدعمها!!. والشيء نفسه أكّده المفكر الأمريكي نعوم
تشومسكي، ولكن بكلمات أخرى قائلاً: «إن
سبب قلق الولايات المتحدة من تحقيق
الديمقراطية في العالم العربي هو
خوفها من استقلال الدول هناك، وليس
الراديكالية الإسلامية كما تزعم»،
مؤكداً أن واشنطن وحلفاءها تلتزمان
بالمبدأ الراسخ القائل بأن
الديمقراطية مقبولة طالما أنها بعيدة
عن أهدافهم الاستراتيجية
والاقتصادية، فلا مانع منها في دول
أعدائها إلى حدّ ما، ولكن ليست في
ساحتهم الخلفية ما لم يتم ترويضها على
نحو ملائم. وأشار تشومسكي في مقالة له نشرت في صحيفة
الغارديان البريطانية إلى أن النقّاد
يرون أن الخوف من الإسلام الراديكالي
يتطلب موقفاً معارضاً للديمقراطية على
أرضيات براغماتية، وهي صياغة مضللة،
فالاستقلال هو ما تخشاه الولايات
المتحدة وحلفاؤها. نستنتج مما تقدم بأن الحديث الأمريكي
والغربي، المستمر عن الديمقراطية
والحرية وحقوق الإنسان لا يلقى آذاناً
صاغية لدى المواطن العربي الذي خبر هذا
النوع من النفاق والخداع والتضليل، بل
ينظر إليه بارتياب وشك كبيرين، لأن ما
مارسته الإدارات الأمريكية
المتعاقبة، وما تمارسه إدارة أوباما
اليوم يدحض كل هذه المقولات ويكذبها. فالديمقراطية التي يدعو لها الغرب وعلى
رأسه الولايات المتحدة تخالف الإرادة
الشعبية العربية الفعلية، وتقف حدودها
عند حدود المصالح الأمريكية والغربية
فقط، أو عندما تفرز هذه الديمقراطية
قيادات وأنظمة سياسية تحتمي بالولايات
المتحدة وتنفّذ سياساتها على حساب
مصالح دولهم وشعوبهم. وإذا ما أتى الخيار الديمقراطي بقيادات
أو سياسيين يرفضون السياسات
الأمريكية، فالأمر بالنسبة للولايات
المتحدة مرفوض، ولا يعبّرعن إرادة
شعبية حسب زعمها، وفي هذه الحال تعمد
واشنطن إلى مقاومة الديمقراطية
المستجدة وإجهاضها. هذا النمط من السياسات الأمريكية
المكشوفة المعادية للشعوب العربية
وتطلعاتها نحو الحرية والديمقراطية،
أضر بالمصداقية الأمريكية، وأطلق موجة
عاتية من الكراهية لدى المواطن العربي. إن السياسات الأمريكية المعادية للمصالح
العربية والمحتضنة للجرائم
الإسرائيلية المتواصلة في فلسطين
المحتلة كانت أحد عوامل الغليان
الحالي في الوطن العربي وحراكه الشعبي. وهنا، لا يمكن للولايات المتحدة إلا أن
تلوم نفسها عن الغضب الذي يعمّ المنطقة
حالياً، كما يقول الكاتب والمحلل
السياسي الأمريكي غراهام فولر، الذي
يتابع القول بأن ما تطلبه شعوب المنطقة
هو أن تكون متمكنة من السيطرة على
حياتها ومصائرها، ولكن هذا بدوره
يتوقف على إنهاء التدخل الخارجي
الدائم للولايات المتحدة. ويتساءل الكاتب قائلاً: ثم لماذا بالضبط
نحن نتمسك بهذا الدور المؤذي شبه
الإمبراطوري والمكروه في الشرق
الأوسط؟ هل هو النفط؟ ولكن لا أحد يقطع
عنا النفط؟. أم هي «إسرائيل» التي تشكّل على ما يبدو
أنها معيار كل شيء نفعله في المنطقة؟. ففي النهاية، وكما يقول شاهد علم،
الأكاديمي وعالم الاقتصاد
الباكستاني، يمكن أن يكون لجورج بوش
وحلفائه من المحافظين الجدد بعض الفضل
في موجة الاحتجاجات التي اجتاحت الشرق
الأوسط، ولكن ليس بالطريقة التي يظنها
الأمريكيون، فالغزو الأمريكي للعراق
وأفغانستان والهجمات على باكستان في
الصومال واليمن، والدعم الفاضح لحروب
«إسرائيل» الإجرامية ضد الفلسطينيين
واللبنانيين، كل ذلك أدى إلى نتيجة
واحدة محققة، هي تعجيل وتيرة سير
التاريخ في هذا الجزء من العالم. ================ الشرق الأوسط...
استراتيجية إقليمية للديمقراطية زلماي خليل زاد سفير واشنطن في أفغانستان
والعراق والأمم المتحدة في عهد بوش
الابن تاريخ النشر: الخميس 17 مارس 2011 الاتحاد استقر رأي أوباما على استخدام استراتيجية
تقوم على التعامل مع كل دولة من دول
الشرق الأوسط على حدة فيما يتعلق بما
يجري فيها من ثورات وانتفاضات، بدلاً
من أن تكون له سياسة إقليمية جامعة
للتعامل مع أجندة الحرية والديمقراطية
في تلك الدول. وهذا النهج غير كاف
لمواجهة التحديات واستغلال الفرص التي
يمكن أن تنتج عن الاضطراب السياسي
السائد حالياً في المنطقة. وهذا النهج أدى - في أحسن الفروض - إلى
نتائج مختلطة حتى الآن. فمن الناحية
الإيجابية غادر الحاكمان اللذان كانا
يحكمان تونس ومصر بطريقة سلمية إلى حد
كبير، ويبدو أن هناك تحولاً نحو
الديمقراطية يمضي الآن على قدم وساق في
ذينك البلدين على الرغم من أن الموقف
فيهما لا يزال في حالة سيولة. وفي البحرين أقنعت الولايات المتحدة
السلطات الحاكمة بالدخول في حوار سلمي
مع المعارضة. الأحداث التي تقع في بلدان أخرى مثيرة
للقلق. فهناك في الوقت الراهن مظاهرات
واحتجاجات في اليمن والجزائر والمغرب
والأردن، ودول أخرى وليس من المعلوم ما
إذا كانت أنظمة الحكم في تلك البلاد
ستتمكن من الوصول إلى تفاهمات مع
المحتجين والمعترضين من دون تدخل
أميركي بدرجة أكبر من الدرجة التي يتم
بها حالياً. ويشار في هذا السياق إلى أن
إدارة أوباما قد أخفقت حتى الآن في
تقديم يد المساعدة للمعارضات في
البلدان التي تحكمها أنظمة مناوئة
لأميركا مثل ليبيا على سبيل المثال بما
يمكن تلك المعارضات من التفوق على تلك
الأنظمة. واستراتيجية أوباما القائمة على التعامل
مع الانتفاضات والاحتجاجات في كل دولة
من دول الشرق الأوسط على حدة مشوبة
بعيبين رئيسيين. الأول، أنها تلغي الصلة بين سياسة
الولايات المتحدة في موقف معين وبين
المحصلة التي تحققها تلك السياسة في
مكان آخر. فكما ألهمت الثورة في تونس
باقي الانتفاضات التي حدثت بعدها، فإن
الموقف الأميركي الخاص بالتعامل مع كل
دولة على حدة سوف يكون لها تداعيات
وتفريعات في دول أخرى. الثاني، أن هذه الاستراتيجية تقوم على رد
الفعل وليس على المبادرة بالفعل. مع أن
كافة الآراء التي يقدمها الخبراء تشير
إلى أن أننا إذا أردنا وضع الأنظمة
المعادية في وضع دفاعي، فإننا بحاجة
إلى استراتيجية تسمح لنا بالإمساك
بزمام المبادرة. ذلك يعني أنه يجب على الولايات اتباع
استراتيجية إقليمية تقوم على المبادرة
تفرق بين الحكومات المؤقتة والأنظمة
السلطوية الصديقة للولايات المتحدة
وبين الديكتاتوريات المعادية لها. ففي تونس ومصر يجب على الولايات المتحدة
أن توجه التقدم الذي يسير إلى الأمام
في البلدين نحو الديمقراطية بحيث
ينتهي بتعزيز الديمقراطية الكاملة.
وفي العراق يجب على الولايات المتحدة
مساعدة تنفيذ الاتفاقيات الخاصة
بتقاسم السلطة التي تم التوصل إليها
هناك في الشهور الأخيرة، مع القيام في
الوقت نفسه بحض الحكومة العراقية على
محاربة الفساد وتحسين الخدمات
الأساسية. وفي الأنظمة الصديقة للولايات المتحدة
يمكن لواشنطن حث أنظمة الحكم على فتح
المجال للعمل السياسي للاعبين
المسؤولين والإشراف على تنفيذ إصلاحات
سياسية، مع تشجيع الملكيات القائمة
على التحول لملكيات دستورية والضغط
على زعماء اليمن والجزائر على تعزيز
برلماناتهم، والعمل على التعاطي مع
المعارضات، وتنفيذ والالتزام بالحدود
الدستورية المقررة. فمن دون تلك
الإجراءات، فإن تلك الدول معرضة لخطر
عدم الاستقرار بشكل متزايد. والانتفاضات الشرق أوسطية المنطوية على
أكبر قدر من الأمل للولايات المتحدة،
هي تلك التي تحدث في الديكتاتوريات
المناهضة لأميركا. والتحدي المباشر في
هذا المجال هو العمل على ضمان إقصاء
القذافي. ومن ضمن الخطوات التي يمكن
اتخاذها للمساعدة على تبلور هذه
النتيجة فرض منطقة حظر طيران وتقديم
الدعم والمساندة للسلطات الليبية في
المناطق المحررة، وكذلك تقديم
المساعدات العسكرية والإنسانية
للمتمردين، ومحاولة الوصول إلى
العناصر المكونة لتحالف القذافي، وعلى
رأسها القبائل. وفي هذا السياق يجب أن تلعب الدعوة التي
وجهتها جامعة الدول العربية لفرض
منطقة حظر طيران دوراًَ في دعم دعوة
مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة
ضد نظام القذافي. من خلال التحرك على نحو حثيث على هذه
الجبهات كافة، يمكن للولايات المتحدة
وحلفائها البدء في التوصل إلى تفاهم مع
الليبيين المناهضين للقذافي. ومن دون هذا الدعم الخارجي، فإن نظام
القذافي قد يسحق المعارضة لتتحول
ليبيا بعدها لدولة منبوذة. عندئذ قد
يدفع ذلك الديكتاتوريات الأخرى في
المنطقة لسحق المعارضات ومقاومة جهود
التحديث، ففشلنا في العمل في الوقت
الراهن سوف يجعل من تدخلنا في المستقبل
أكثر كلفة بما لا يقاس. أما الإطاحة بالقذافي وتعزيز الأنظمة
الموالية لأميركا فسوف يؤدي إلى زيادة
احتمالات الإصلاح في إيران وسوريا من
خلال معارضة الأجندة الإيرانية التي
تقوم على خطاب مؤداه أن الانتفاضات
الحالية، هي انتفاضات إسلامية الطابع
وموجهه في الأساس لشركاء الولايات
المتحدة. نحن الآن نقف في مفترق طرق. فخلل نظام
الشرق الأوسط الآن سيؤدي لمخاطر
وتحديات تهدد المجتمع الدولي بأسره.
والثورات الديمقراطية، السلمية في
معظمها والتي يقودها شباب تندلع الآن
في مختلف أنحاء الشرق الأوسط تمثل فرصة
متاحة أمام الولايات المتحدة للتدخل
كعامل مساعد على إحداث التحول
والتغيير. ويجب علينا في هذا السياق
وبالتعاون مع الفاعلين المسؤولين
اتخاذ الخطوات اللازمة المسؤولة
لتسهيل وتعزيز التحول الحادث في الشرق
الأوسط في الوقت الراهن. ================== تاريخ النشر: الخميس 17 مارس 2011 الاتحاد أصبحت ثورة 25 يناير بعد نجاحها المشهود في
إسقاط النظام السلطوي المصري في فترة
لم تتجاوز أسبوعين، هي العامل الرئيسي
الحاسم في إعادة بناء النظام السياسي
في مصر، تحقيقاً لأهداف التحول
الديمقراطي، ونعني الانتقال من
السلطوية إلى الديموقراطية. وتفكيك النظام السلطوي المصري عملية
بالغة التعقيد، تحتاج إلى منهج واضح
محدد المعالم، وإلى بصيرة نفاذة قادرة
على التمييز الواضح بين ثلاثية الثورة
بأبعادها الزمنية الثلاثة، ونعنى
الماضي والحاضر والمستقبل. وأكبر المخاطر على الثورة هو ألا يتم بشكل
متوازن تقسيم الجهد الثوري، والذي
تحول لكي يصبح جهداً مجتمعياً تشارك في
إنجازه كل الأطياف السياسية والفئات
الاجتماعية. ونعني بذلك على وجه
التحديد أنه لا ينبغي توجيه طاقات
الثورة لتصفية الحساب مع الماضي على
أهميته القصوى، وإهمال تحديات الحاضر،
وتأجيل التفكير في آفاق المستقبل. وهذا يقتضى أن نقف قليلاً أمام هذا
المصطلح، ونعني "تفكيك النظام
السلطوي السابق" والذي يبدو وكأنه
بسيط التركيب مع أنه في غاية التعقيد.
ولننظر في الأولويات الخاصة بالتفكيك
السياسي، وبدايتها ضرورة مراجعة
الدستور القائم. وقد تعمدت أن استخدم
عبارة "مراجعة الدستور"، ولم
استخدم عبارة إلغاء الدستور أو إسقاطه
أو تعليق العمل به. وذلك لأن الدستور
المصري يحمل في طياته تراكمات دستورية
متعددة، انحدرت إليه منذ صياغة دستور
1923 في العصر الملكي، إلى الصياغات
الدستورية المتعددة التي أنجزت في
عهود الرؤساء السابقين عبد الناصر
والسادات ومبارك. بعبارة أخرى تحتاج المسألة إلى مراجعة
دقيقة للدستور لاتخاذ قرار استراتيجي
مهم، مبناه: هل نعدل بعض مواده ونحتفظ
بجسمه الأساسي، أم نسقطه كلية ونشرع في
صياغة دستور جديد؟ الإجابة على هذا السؤال المحوري تمثلت في
القرار الذي اتخذه المجلس الأعلى
للقوات المسلحة بعد مشاورات متعددة مع
بعض السياسيين الذين يعبرون عن أطياف
شتى. وهذا القرار تمثل في تشكيل لجنة
دستورية برئاسة المستشار البشري
وعضوية عدد من القانونيين والقضاة
المحترمين، لإجراء تعديلات دستورية في
عدة مواد أساسية كانت تضيق من إطار
المشاركة السياسية، وقد دعّمت البنية
السلطوية للنظام السابق. وشمل ذلك تعديل المادة 76 التي كانت تقف
مانعاً أمام ترشح المستقلين لرئاسة
الجمهورية لأنها تتضمن شروطاً
تعجيزية، بالإضافة إلى إلغاء المادة 77
التي كانت تبيح لرئيس الجمهورية تمديد
رئاسته إلى ما شاء الله! وقد عُدلت
لتصبح مدة الرئاسة أربع سنوات قابلة
للتجديد مرة واحدة فقط، بالإضافة إلى
تعديلات دستورية جوهرية أخرى. وقد تقرر
أن يتم الاستفتاء على هذه التعديلات
لمعرفة رأي الشعب فيها. غير أنه ظهرت اعتراضات متعددة على هذا
المنهج؛ إذ ذهبت آراء إلى أنه كان
ينبغي إسقاط الدستور كلية وانتخاب
جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد، بناءً
عليه ينتخب رئيس الجمهورية، ويتم
انتخابات مجلسي الشعب والشورى. والواقع أن مراجعة الدستور سواء عبر
تعليق العمل به وتعديله، أو بإسقاطه
كلية وصياغة دستور جديد، عملية تتعلق
بالمستقبل، في حين أننا لم نفرغ بعد من
عملية تصفية الحساب مع الماضي والتي
تثير خلافات شتى في الواقع. وأبلغ مثال على ذلك برنامج مهم أذاعته
قناة "دريم" المصرية وأدارته
الإعلامية المعروفة "منى الشاذلي"،
وكان موضوعه هل نحل الحزب الوطني أم
نبقي عليه؟ شارك في الحلقة ممثل ل"الإخوان"
وممثل للحزب الوطني وممثل لإحدى
جمعيات حقوق الإنسان وأستاذ علوم
سياسية، حيث ظهرت خلافات شتى بين
المتحاورين، لا تتعلق فقط بحل "الوطني"،
بل بمنهج تصفية الحساب مع الماضي عامة.
وفيما يتعلق بالحزب الوطني كان
منطقياً بالنسبة لممثل "الإخوان"،
الجماعة التي كانت توصف ب"المحظورة"
"في العهد السابق، أن يأخذ بثأره من
"الوطني" ويدعو إلى حله بالكامل،
باعتباره حزباً سلطوياً أفسد الحياة
السياسية ومارس الاستبداد إزاء باقي
القوى السياسية الأخرى. أما ممثل
المؤسسة المدنية فلم يكتف فقط بطلب حل
الحزب الوطني فوراً، بل وصفه بأنه لم
يكن حزباً سياسياً في الأصل وإنما هو
"عصابة" مارست الحكم بالغصب
والقهر! فيما قدم أستاذ العلوم
السياسية عرضاً مؤداه أنه لا يؤيد حل
"الوطني" لأنه لو لم يكن حزباً
حقيقياً كما يقول خصومه فلنترك هذا
الحكم لجمهور الناخبين، فهم من سيقرر
ذلك. فإن اختاروا ممثلي هذا الحزب فهذه
هي الممارسة الديمقراطية، وإن خذلوا
ممثليه وانصرفوا لاختيار ممثلين آخرين
فمعنى ذلك أننا جعلنا الجماهير حكماً
في بقاء الحزب من اختفائه، ليس بقرار
فوقي، بل بناءً على تصويت شعبي. أما
ممثل "الوطني" نفسه فقرر أنه بعد
أن تتم عملية تطهير الحزب بفصل بعض
قياداته المتورطة في الفساد وفي تزوير
الانتخابات، فإن جموع أعضاء الحزب من
حقهم الاستمرار في الممارسة السياسية
على ضوء ضرورة الإبقاء على الحزب. غير
أن الذي لفت النظر حقاً هو الطرح
المتكامل الذي قدمه مدير المؤسسة
المدنية الذي شارك في الحوار والمتمثل
في ضرورة تكوين "لجنة للمصارحة
والمصالحة" تتشكل من عناصر مدنية مع
مكون قضائي، تقدم لها كافة الشكاوى
والبلاغات المتعلقة بممارسات النظام
السابق، وذلك في فترة سماها "العدالة
في المرحلة الانتقالية" قياساً على
تجارب سابقة في جنوب إفريقيا وغيرها.
وهذه اللجنة من حقها إحالة الرموز
السياسية والاقتصادية للنظام السابق
والتي مارست الفساد السياسي
والاقتصادي أو قامت بخرق حقوق
الإنسان، إلى النائب العام لاتخاذ
الإجراءات القانونية حيالهم. وقال إنه
سيتقدم بهذا الاقتراح إلى المجلس
الأعلى للقوات المسلحة. وفي تقديرنا أن هذا الاقتراح يتضمن
منهجاً متكاملاً لتصفية الحساب مع
الماضي، مهمته ألا يصرف نظر السلطة
الحاكمة عن الاهتمام بشؤون الحاضر
والتخطيط للمستقبل. غير أن تصفية الحساب مع الماضي أثارت
مشكلات متعددة، انعكست على عدد من
القرارات التي سبق للمجلس الأعلى
للقوات المسلحة أن اتخذها. فقد اعترضت
جماهير الثورة على استمرار الفريق "أحمد
شفيق" في المهمة التي كلفه بها
الرئيس السابق كرئيس للوزراء. وبُني
الاعتراض على أساس أن شفيق سبق أن أقسم
اليمين أمام مبارك مما يفقده الشرعية. وبناء على ذلك، قُبلت استقالة شفيق"
ووزارته، وأعيد تشكيل الوزارة بعد
تكليف الدكتور عصام شرف، والذي اعتبر
ممثلاً للثورة في الحكم، لأن الشباب هم
من اقترحوا اسمه بعد أن شاركهم في
تظاهرات ميدان التحرير، لذلك طالبوه
أن يحضر إلى الميدان لحلف اليمين.
وفعلاً ذهب إلى الميدان، ليس ليحلف
اليمين، بل ليؤكد أنه سيمثل مطالب
الثوار، وإن عجز عن تحقيقها فسيعود
وينضم إليهم. لكن الاعتراض بأن "شفيق" أقسم اليمين
أمام مبارك، ينسحب عملياً على قيادات
مصرية شتى، في القوات المسلحة
والخارجية ورؤساء الجامعات
والمحافظين... فبعضهم أقسم اليمين أمام
الرئيس السابق بحكم نصوص القانون، فهل
يتم استبعادهم لهذا السبب؟ الإجابة بنعم على هذا السؤال الجوهري
معناها أننا انتقلنا من عملية تصفية
الحساب مع الماضي من خلال محاسبة رموز
الفساد السياسي والمالي والاقتصادي،
إلى عملية تصفية الدولة المصرية من
كوادرها الرئيسية! ولا نعتقد أن شباب الثورة يهدفون إلى ذلك،
وإن كان يبدو أن بعض شعاراتهم الحماسية
فيما يتعلق مثلاً بإقالة كافة رؤساء
الجامعات وعمداء الكليات، تقترب من
هذا الخط الأحمر الذي تنبغي مراعاته. تصفية الحساب مع الماضي السلطوي نعم؛
وباتباع إجراءات العدالة الناجزة، لكن
لا لتصفية الدولة! ================= آخر تحديث:الخميس ,17/03/2011 ديفيد هيرست الخليج كانت كل اليقظة العربية في اندفاعها
الأولي العظيم حول “الحرية
والديمقراطية”، لكن ذلك لايعني أنه لم
تكن هناك قضايا أخرى قد أثارتها
وأججتها أيضاً، وبشكل رئيس “الإسرائيليون”
الذين يقولون إن ما يحدث أخيراً، هو
اضطراب هائل في أكثر مناطق العالم
اضطراباً، ويمكن أن تنسبها بأي حال إلى
المشكلة الفلسطينية التي تبدو مماثلة
لما يقوله العقيد القذافي، من أن
مخاوفه كلها تأتي من “القاعدة”، وإن
المكان الذي يود العرب الآن أن يروا
الانتفاضة التالية فيه بعد أوطانهم،
ويسهموا فيها، هو فلسطين . وهذه
الانتفاضة ستكون ذات قوة مضاعفة،
كونها موجّهة ليس ضد استبداد عربي آخر،
أو فساد، أو سلطة فلسطينية متعاونة مع
العدو المحتل، بل هذه الانتفاضة هي ضد
استبداد أجنبي، المعتدي “الإسرائيلي”،
الذي اغتصب الأرض العربية واستولى على
حرية شعبها، وهذه القضية دائماً ما
كانت قضية العرب الأولى بامتياز . وعلى
أقل تقدير، ستفتح الديمقراطية العربية
خطاباً جديداً وفرصاً وعملاً عربياً
مشتركاً لوضع حد لهذا النزاع مرة واحدة
وإلى الأبد . وبحكم طبيعة الواقع المشحون بالإمكانات
“الإسرائيلية” البالغة أيضاً، فإن “إسرائيل”
بالنسبة إلى ناشط السلام “الإسرائيلي”
المخضرم أوري أفنيري يقول إن “إسرائيل”
تقف على “مفترق طرق تاريخي”،
والاتجاه الذي نختاره سوف يحدّد “مصيرنا”
على مدى السنوات المقبلة، ربما بشكل لا
رجعة فيه” . إن الاختيار الصائب
بالنسبة ل”إسرائيل” هو أن تسعى إلى
التلاحم مع المنطقة التي تنتمي إليها
مادياً، وتبدأ عملية جديدة بإعلان “التكاتف
مع الجموع العربية في كفاحها لأجل
الحرية، والعدالة وتقرير المصير” .
وسيجلب الاختيار الخاطئ “ذرف الدموع
للأجيال” حسب ما يذهب إليه القول
العبري المأثور . علاوة على ذلك، يقول آخرون، كيف يمكن
لنمطها الذاتي “الديمقراطية الوحيدة
في الشرق الأوسط”، أن تقوم بأكثر من
ترحيب بجيرانها في المنطقة؟ ألم تناقش
“إسرائيل” أنها يمكن أن تحقق فقط
السلام الحقيقي مع عالم عربي
ديمقراطي، حيث الدول الديمقراطية
بطبيعتها دول حسنة الجوار، و”لا تشن
حروباً على دول ديمقراطية أخرى”؟ مع ذلك، فإن “إسرائيل” خافت على الفور من
أن تواجه إمكانية حدوث شيء مفاجئ
وحقيقي بالكاد يمكن تخيله، وهو أن
يستغل “الإخوان المسلمون” الوضع
الراهن ويبدأوا بتشكيل حكومة جديدة
دينية على غرار “طالبان”، وتصمم على
تدمير “إسرائيل” . إن ذلك سيبدو سيئاً للغاية بالنسبة إلى “إسرائيل”،
حتى ولو كانت ديمقراطية لا تشوبها
شائبة، فستكون بالأمر الجيد لها إذا ما
“إسرائيل” نفسها مكنتها من الوجود .
يستطيع المرء أن يتخيل ما يمكن قريباً
أن تخبره مصر الرسمية لنظرائها “الإسرائيليين”:
نعم، بالتأكيد، أي سلام تصنعه مع نظام
ديمقراطي سيكون أسلم من عمليتي السلام
اللتين أبرمتهما مع مستبدينا . لكن،
لضمان ذلك، عليك أن تدفع ثمناً أعلى
مما طلبه منك السادات أو الملك حسين .
ما يقارب من أربعين سنة منذ الآن،
هؤلاء المستبدون عملوا على حمايتك من
غضب الشعب إزاء سلوكك (لن نقول على
وجودك بحد ذاته)، والتأثير الذي كان
على سياسات حكوماتهم نحوك . يفترض
بالديمقراطيين أن يهتموا بما تطلبه
شعوبهم، ونخبرك الآن: مالم تغيري
مواقفك بالكامل نحونا، فإن شعبنا لن
يجعلنا نصبو إلى السلام معك . ما نقترحه:
هو أنك إذا ما كنت حقاً ديمقراطية،
عليك بتطبيق مبادئها ليس فقط مع شعبك
اليهودي، بل مع شعبك الفلسطيني، وأن
تسعي إلى سلام معهم، ذلك أن
الديمقراطية الحقيقية لا تعدّ عادلة،
وشرعية على المستوى الدولي، ما لم تكن
ممكنة على أرض الواقع . ومن فضلك سارعي
إلى القيام بذلك، لأنه يتوجب علينا
الآن أن نستأنف التعامل معك - في غياب
السلام- بالطريقة التي يتوقعها الشعب
منا . من المسلم به أن تخلّص مصر الديمقراطية
نفسها من التواطؤ التكتيكي
والاستراتيجي الاستثنائي الذي شكّله
مبارك مع “إسرائيل”، وتفضيله
الأوتوماتيكي للمصلحة “الإسرائيلية”
على المصلحة الفلسطينية في مناطق
الاهتمام المشترك . على سبيل المثال،
قال وزير الخارجية الجديد إن الحصار “الإسرائيلي”
المفروض على غزة بمساعدة مصرية هو
انتهاك للقانون الدولي . من الممكن أو
غير الممكن أنها تكون علامة من علامات
الزمن الجديد، ذلك أن السفينتين
الحربيتين الإيرانيتين، ولأول مرة منذ
ثلاثين عاماً عبرتا مؤخراً قناة
السويس، لكن “الإسرائيليين” خافوا
بالتأكيد من أنها لأجل شنّ حرب عليها .
ويشعر “الإسرائيليون” بالقلق أيضاً
من مراجعة أو إلغاء معاهدة السلام
المصرية - “الإسرائيلية” على الأرض
التي لم تشرّف “إسرائيل” جزءاً منها،
وتشكيل “سلطة الحكم الذاتي
الفلسطينية” حسب ما دعا إليها الساسة
العلمانيون والإخوان المسلمون أيضاً .
لقد جعل مبارك الجيش متحيزاً تجاه “إسرائيل”
في عهده، لكن اليوم تشعر “إسرائيل”
بالقلق من إمكانية أن يستعيد الجيش
المصري الذي يعد من أقوى الجيوش في
العالم العربي، دوره الفعال في توازن
القوى العربية - “الإسرائيلية” على
نحو شامل، ويصبح على استعداد لشن حرب
في حالات الطوارئ المستقبلية ضد “ديمقراطية
أخرى”، التي في الواقع، لم تتوقف عن
النظر إليه كعدو محتمل بالدرجة الأولى
. لكن توقعات مثل هذه تبدو من شأنها فقط أن
تجعل الحكومة الإسرائيلية أكثر تطرفاً
من السابق، رغم أنها تصنف من أكثر
الحكومات المتطرفة في تاريخ البلاد .
صحيح أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو
أعلن في وقت قريب عن “خطة سلام”،
لكنها من المتوقع أن تكون ذريعة علاقات
عامة تستهدف استرضاء الغرب، والآن
أكثر من أي وقت مضى هو مقتنع بضرورة
تسوية سلام، كما أن أنجلا ميركل أخبرته
بغضب في وجهه: “لا يمكن أن تتقدم بخطوة
واحدة إلى الأمام” . وقال معلّق “إسرائيلي”
بارز: بأنه سيقدم عن عمد عرضاً
للفلسطينيين، ليس من الممكن القبول به
. لأنه الآن يأخذ بمناقشة ذلك: بعد “الزلزال”
الذي ضرب العالم العربي، يكمن أمن
وبقاء “إسرائيل” أكثر من أي وقت مضى
في قوتنا، ووحدتنا، وتصميمنا على
الدفاع عن أنفسنا، بعبارات أخرى، في
الهيمنة الاستراتيجية والعمق
الإقليمي، وليس في تسويات ساعية إلى
السلام من شأنها أن تضعف تلك الممتلكات
. في الواقع، يقول منتقدوه: إنه يدعو
شعبه للانضمام إليه خلف أسوار الدولة
الحامية التي من شأنها الحفاظ على
الوضع الراهن، والاستمرار بالاستيطان
وكل ما تفعله، إلى جانب بديهيتها التي
لامفر منها: عدم التلاحم في المنطقة،
بل استمرار الصراع الأبدي معها . لذلك، لو أن أوري أفنيري على حق، فإن “ذرف
الدموع للأجيال” سيكون حسبما تتوجه “إسرائيل”
إليه الآن . والنتيجة التي تبدو لها ذات
احتمال كبير هو في صخبها الحزين حول
صعود الطالبانيين الجدد على أبوابها .
لكن ماذا عن الطالبانيين
الإسرائيليين؟ ماذا عن رجال الدين،
مثل الحاخام الأكبر السابق عوفاديا
يوسف، الذي يقول عن الرئيس محمود عباس
ومفاوضيه “فليبلِ الله كل هؤلاء الناس
الأشرار . . . بالطاعون، هم
والفلسطينيون”، وهؤلاء يترأسون - إلى
جانب اليمين القومي - الأكثرية
الديناميكية التي تشكل القوة في “إسرائيل”
اليوم . إن مستوطني الضفة الغربية لهم
تأثيرهم الكبير في هيئة البلاد
السياسية، التي من الواضح أنه لايمكن
لأي حكومة “إسرائيلية” أن تملك
القدرة أو الإرادة على أن ترثهم: ممن
يذهبون إلى المعركة (غزة، 2009) ويعظون “قيم
القتال”- أنتم يجب أن تعاملوا
الفلسطينيين مثلما عاملهم “الإسرائيليون”
في الماضي- إلى الجيش “الإسرائيلي”،
الذي يعدّ نفسه مؤسسة، وكانت أغلبيته
من العلمانيين، لكن تقدّر نسبة اليهود
المرتدين للقلنسوات ب40% من ضباطها
المتخرجين الجدد، وبعضهم يقول إنه عند
الاختيار بين طاعة قادتهم وحاخاماتهم،
فإنهم يذعنون إلى الأخيرين . ولم يسبق
لبلد في الشرق الأوسط، لا إيران ولا
السعودية، أن مارست الأصولية الدينية
فيه تأثيراً حاسماً على سياسة الدولة . إذا ما كان هذا الذي تركته الديمقراطية “الإسرائيلية”
الراسخة، فما التشجيع العظيم الذي
خلفته لنظرائها الإسلاميين للمضي إلى
تقليدها في الدول العربية الوليدة؟
ليس ذلك، في ذهن نتنياهو، الذي سيكون
كارثياً على نحو تام، بطبيعة الحال
سيشجب بشكل ظاهري ما يحتفل به بشكل سري
كأفضل أعذاره لعدم محاولة صنع السلام
حتى . ================= المصدر: صحيفة «إندبندنت»
البريطانية التاريخ: 17 مارس 2011 البيان واشنطن على حق، فأي منطقة لحظر الطيران
فوق ليبيا يجب أن تتم في إطار منسق
دولياً وبتفويض من الأمم المتحدة. أن
يكون هناك اتفاق متعدد الأطراف بشأن
السياسة الخارجية في أوقات الأزمات،
هو عرف يتم الالتزام به بمزيد من الدقة
بشكل أكبر في الولايات المتحدة،
مقارنة بالوضع في بريطانيا. لكن
الوحشية التي أبداها «إد ميليباند» في
هجومه على رئيس الوزراء البريطاني «ديفيد
كاميرون» خلال الاستجوابات التي وجهت
إلى رئيس الوزراء مؤخراً، فضحت الضعف
المتزايد للحكومة البريطانية بشأن
ليبيا، في الوقت الذي تنتشر عمليات
القتال هناك. فالدراما التي تتكشف في
شمال إفريقيا، لنقل ذلك بعبارة ملطفة،
لم تظهر الائتلاف الحكومي البريطاني
في أفضل حالاته. ولم يكن بمقدور كاميرون، رغم الاحتقار
الحاد بشأن كيف أنه لم يكن الشخص الذي «يطعن
وزير خارجية»، إسكات الشائعات حول
أداء وزير خارجيته «وليام هيغ»، الذي
تعرض لمعاناته الخاصة خلال الحديث في
مجلس العموم البريطاني، عندما واجه
انتقادات كلامية انهالت عليه بشأن
المهمة الفاشلة، على ما يبدو، للقوات
الخاصة إلى بنغازي. أخيراً، اعترف
كاميرون «بالمسؤولية الكاملة» عن
العملية، «بشأن كل شيء تقوم به حكومتي»،
لكنه اضطر إلى إعلان دعمه ل«هيغ»، الذي
وصفه بأنه «وزير خارجية ممتاز»! لم يضف أي من هذا ثقة كبيرة، سواء في
الوحدة أو، على حد تعبير «ميليباند»،
كفاءة الحكومة في مواجهة أول تحدياتها
الخطيرة في ميدان السياسة الخارجية.
ربما يحمل ذلك قدراً أقل أهمية في حال
أظهرت الأحداث في ليبيا أي مؤشر على
وجود حسم مبكر. بدلاً من ذلك، يبدو أن
البلاد تندفع نحو حرب أهلية شاملة، ما
يشكل معضلات أكثر تعقيداً للعالم
الخارجي كل ساعة تقريباً. ولم تكن مسألة صياغة رد فعل مقنع إزاء
التطورات في ليبيا، أو عبر المنطقة
عموماً، لتتم ببساطة. فالعلاقات
الخاصة التي كانت تربط الحكومة
البريطانية بحكومة القذافي والزعماء
غير الديمقراطيين الآخرين، هي التي
تعقد الأمور، رغم أن هذه العلاقات
تساعد في هذا المجال، وإنما جوهر الأمر
أن تلك الأحداث، في تونس ومصر، حيث جاء
التغيير بشكل سلمي نسبياً، في حالة
تغير مستمر، ولا يمكن توقع النتائج على
المدى القصير. فالمعارضة في ليبيا
منقسمة، والهجوم المضاد من قبل قوات
القذافي يثير الشك في ما إذا كانت
بنغازي يمكن أن تصمد. ومع ذلك، فقد بدا وزير الخارجية
البريطاني غير بارع على نحو خاص. ومع
وجوده في موقع المسؤولية، في غياب كل
من رئيس الوزراء ونائبه، بدا وزير
الخارجية محجماً عن الاعتراف بنطاق
حالة الطوارئ، وكان أبطأ بكثير من
نظرائه الأجانب في السماح بإجلاء
الرعايا البريطانيين عن ليبيا. يتعلق السؤال الآن بمدى الرغبة والقابلية
للتطبيق، لمسألة فرض منطقة حظر
للطيران. يشير طرح هذه المسألة مرة
أخرى على جدول الأعمال، بعد دعوة
كاميرون المبكرة لهذا الإجراء، إلى
أنه ربما يكون قد لقي تشجيعاً من قبل
الولايات المتحدة، لطرح هذه الفكرة.
لكن واشنطن على حق في ما يتعلق
بالإصرار على أن أي إجراء من هذا
القبيل، لا بد من تنسيقه دولياً
وبتفويض من الأمم المتحدة. وكما حذر
وزير الدفاع الأميركي «روبرت غيتس»،
فإن هذه الخطوة، التي تبدو بمثابة حد
أدنى، ستكون بمثابة إعلان حرب. لو كثف
القذافي من انقضاضاته على شعبه، سيكون
من الصعب الوقوف موقف المتفرج. لكن
مبدأ «مسؤولية الحماية» المعترف به
دوليا، يجب أن يوضع في مقابل مخاطر
التدخل في الحرب الأهلية لبلد آخر.
إنها مسألة لا يمكن التعامل معها
باستخفاف. ================== خالد السرجاني التاريخ: 17 مارس 2011 البيان نجحت ثورتا تونس ومصر في إسقاط نظامي
الحكم، ولكن هل يمكن تكرار هذا الإنجاز
في الدول العربية الأخرى التي تشهد
انتفاضات شعبية ضد أنظمة الحكم فيها؟
هذا السؤال أصبح مطروحا على المحللين
المهتمين بالشأن العربي، بعد
التحليلات الأولية التي قالت إن الدول
العربية تشهد ظاهرة تسونامي سياسي سوف
يطيح بمعظم أنظمة الحكم، خاصة تلك التي
تأبدت في مواقعها لعشرات السنين. ومن المفيد ونحن نحلل الثورات العربية،
أن ندرك أن لكل بلد عربي تشكيلة
اجتماعية وثقافية مختلفة عن الآخر،
وأن مصر وتونس بالذات لهما خصوصية
محددة، تتمثل في أنهما أكثر الدول
العربية تجانسا من الناحية
الاجتماعية، وهذا الأمر ساعد على سرعة
تجمع السكان على مطالبهم المتعلقة
برحيل نظامي الحكم. يضاف إلى ذلك أن
درجة التعليم العالية في البلدين
مقارنة بدول عربية أخرى، والتجربة
المدنية الديمقراطية التي مرت بها
الدولتان في فترة سابقة، جعلت
المواطنين يرفعون مطالب مدنية، الأمر
الذي سهل نجاح الثورة في كل منهما.
ويضاف إلى العاملين السابقين عامل
ثالث يتعلق بطبيعة المؤسسة العسكرية
في الدولتين، فهي كانت تنتمي إلى
المجتمع وليس إلى نظام الحكم، ولكل ذلك
علاقة بطبيعة نشأتها وتطورها، وكان
موقف المؤسستين العسكريتين حاسما
لإنقاذ المجتمع، وفقا لما هو منصوص
عليه في دستور الدولتين، وبالتالي
تخلت سريعا عن نظام الحكم إدراكا منها
لرغبة الشعب في رحيله. على النقيض من ذلك، فإن هناك دولا عربية
تعاني من انقسامات قبائلية أو مذهبية
أو عرقية ثقافية، تحول دون حدوث إجماع
سريع في مواجهة نظام الحكم. وفي ظل هذه
الانقسامات يجد الحكم قطاعات قبائلية
أو مذهبية أو ثقافية، تدافع عنه وتحول
دون سقوطه، وبالتالي تصبح عملية إسقاط
نظام الحكم، تتطلب النفس الطويل
ومرتبطة بتخلي القطاعات الموالية له
عنه في مرحلة ما. كذلك فإن أنظمة الحكم
هذه التي اعتمدت على الولاء القبلي أو
العرقي أو المذهبي، جعلت المؤسسة
العسكرية تنتمي إلى نفس الطابع كي تظل
تحت سيطرتها حتى النهاية. ففي كل من اليمن وليبيا اللتين تتعثر
الثورة فيهما عن استكمال مهمتها، نجد
أن العامل القبائلي هو الذي يلعب دورا
في هذا الأمر، حيث إن الانتماء
القبائلي لنظام الحكم في كلا البلدين،
لعب دورا في إيجاد قاعدة اجتماعية
وسياسية للنظام، تدافع عنه حتى ولو
بالتدخل العسكري لقمع الثورة.
وبالتالي فإن نجاح الثورة مرتبط بأن
تخرج قطاعات من هذه القاعدة
الاجتماعية عن إجماع القبيلة، وتعلي
مصالح الدولة على مصالح القبيلة، وهذه
القطاعات لا بد وأن تكون من المؤسسة
العسكرية، لأن العامل القبائلي يلعب
دورا واضحا في تشكيل القوات المسلحة في
هاتين الدولتين. وفي دول أخرى نجد العامل المذهبي هو الذي
يلعب دورا في نجاح نظام الحكم، في
إيجاد قاعدة شعبية واجتماعية وسياسية
له، وهو ما يحول دون تمكين قوى الثورة
من التوصل إلى إجماع حول مطلب رحيل
النظام، ويصبح إصلاح النظام هو المطلب
المطروح واقعيا، حتى ولو كان المحتجون
يرفعون شعارات تطالب برحيل النظام أو
إسقاطه. وهناك دول أخرى سعت إلى الحيلولة دون
انتقال الثورات إليها، عبر إجراء
إصلاحات جذرية في نظامها السياسي، مثل
تغيير الدستور، أو إلغاء حالة
الطوارئ، أو تغيير الحكومات غير
المرضي عنها شعبيا. وهذه الإجراءات
يمكن أن تؤدي إلى أحد أمرين؛ الأول أن
تهدأ حركات المعارضة، باعتبار أنها
يمكن أن تحصل على مكاسب من الحكومات لم
تكن تستطيع الحصول عليها من قبل. أما
الأمر الثاني فهو أن تؤجل الحركة
الثورية مطالبها مؤقتا، أو أن يحدث
انشقاق داخلها حول كيفية التعامل مع
سلوك الحكومات، بما يؤجل العملية
الثورية فتخرج بالتالي عن «التسونامي
الثوري الراهن»، وهو ما يبعد الحركة في
حال استئنافها عن المد الثوري الجاري
حاليا، إضافة إلى أن ذلك يعطي الفرصة
للحكومات لكي تعيد تنظيم نفسها وتبحث
عن أساليب سياسية أو أمنية للتعامل مع
الثورات المتوقعة مستقبلا. ومجمل القول إنه على الرغم من نجاح الثورة
في كل من مصر وتونس، وعلى الرغم من أن
دولا عربية أخرى تشهد حركات احتجاجية
قوية تطالب بإسقاط النظم، إلا أن هناك
حدودا للثورة العربية ترجع إلى طبيعة
الدول التي تشهد الاحتجاجات. فإذا كانت تحليلات متعددة عربية وغربية،
حاولت تشبيه ما يحدث في الوطن العربي
بما حدث عام 1989 في أوروبا الشرقية،
عندما انهارت كافة النظم الشيوعية،
فإن هناك عاملا مهما تجاهلته هذه
التحليلات، وهو العامل الذي كان
موجودا في كل من مصر وتونس، والخاص
بدرجة التطور الحضاري المتقاربة بين
النماذج التي سقطت، سواء في أوروبا
الشرقية أم في مصر وتونس. ولكن هذا التحليل لا يعني أنه ليست هناك
إمكانية لنجاح الحركات الثورية في
الدول الأخرى، ولكنه يعني أن الطريق
لنجاح هذه الحركات الثورية سيكون
أطول، ويتطلب تضحيات مختلفة، ويتطلب
أيضا إبداع أساليب للتعامل مع
الاختلافات الاجتماعية والحضارية
والثقافية في الدول التي تشهد
الثورات، والتي لم تكن موجودة في الدول
التي نجحت فيها الثورات. ================= ثورات الشباب وإعادة رسم
الخارطة العربية شؤون سياسية الخميس 17-3-2011م محمد عبد الكريم مصطفى الثورة إن الحراك العربي الجديد عبر ثورات
الشباب نجح في تغيير الواقع السياسي في
عدد من البلدان العربية ، وأسقط أنظمة
كان ولاؤها الأساسي لصداقات محددة وربطت أجندتها بعلاقات لم تخدم
بشكل من الأشكال إلا المصالح الغربية
وأميركا وبالتالي إسرائيل بشكل مباشر
أوغير مباشر، ومع سقوط تلك الأنظمة بدأ
تحول الخارطة الجيوسياسية للمنطقة
بالظهور السريع . فقد كان لنجاح الثورات الشعبية في كل من
تونس ومصر دور أساسي لنهضة شباب الأمة
من رقادها وتغلبها على خوفها وتحركها
بقوة للمطالبة بحقوقها والحفاظ على
مقدراتها في أوطانها وإحداث تغيير في
واقع الأنظمة الساكنة وفتح آفاق
مختلفة و خلق مفاهيم جديدة لدى السلطات
الحاكمة حول ضرورة تعديل أسلوب
تعاملها مع قضايا شعوبها ،وأدى ذلك إلى
ظهور حركات شعبية معارضة في العديد من
البلدان العربية ، جميعها تطالب
بتغيير النظام أو تغيير آلية الحكم. ومايجري في ليبيا الآن مختلف كلياً عما
جرى في تونس ومصر أوغيرها ، وقد وصل معه
الأمر هنا إلى حد حصول انشقاق داخل
المجتمع الليبي في ظاهرة تحول خطيرة
ومسبوقة لانتفاضة الشعوب حيث تحولت من
تمرد شعبي سلمي إلى حالة من الصدام
المسلح، وهذا أدى إلى تقسيم الشعب
الليبي الواحد الذي دخل مرحلة
المواجهة العسكرية بين موال للسلطة
ومعاد لها ،وإن هذه المواجهة سيكون لها
الأثر السيئ على مستقبل ليبيا ،
وبالتالي لابد من مبادرة جادة ودور
عربي فاعل لإنقاذ ليبيا ، ولا سيما أن
هناك أجندة خارجية يتم رسمها من قبل
القوى الكبرى للتدخل في ليبيا ،
والذرائع كثيرة ولاحاجة لذكرها الآن ،
ونجد هنا أن موقفاً عربياً موحداً لوقف
انهيار الدولة الليبية بمقوماتها
الأساسية وحقن الدم العربي ، ومنع أي
تدخل خارجي مهما كانت الأسباب هو واجب
قوي وإنساني لابد منه لحماية وحدة
واستقلال ليبيا . شئنا أم أبينا هناك إعادة رسم للخارطة
الجيوسياسية للمنطقة العربية
بكاملها، وإذا ماتقاعس العرب عن لعب
الدور الأساسي في وضع اللمسة العربية
الخالصة لهذه التحولات وبالسرعة
المناسبة واستثمارها بما يتناسب
والمصالح القومية العليا ، ، سيجدون أن
الطرف المعادي للعرب ممثلاً بأميركا
وإسرائيل ومن يقف في صفهم سيعمدون
لسرقة نتائج هذه الثورات من خلال تحويل
مسيرتها نحو الاتجاه الذي يخدم
مصالحهم في المنطقة ، تحت يافطة رعاية
الثورات الشعبية وتقديم وسائل التطوير
والتحديث والعلمانية وغيرها من
التسميات التي تغلف أهدافهم الخبيثة
ونواياهم المبيتة نحو السيطرة التامة
على المنطقة العربية ووضع مقدراتها
وثرواتها في خدمة الكيان الصهيوني. الثورات لم تزل في مرحلة مبكرة من النضج
السياسي بعد أن نجحت في تحقيق الهدف
الأساسي لها وهو «إسقاط النظام» ، في
كل من تونس ومصر وإن التحرك العربي
سريعاً نحو إحاطة هذه الثورات
بالرعاية والدعم بكل الوسائل
والإمكانات هوالضمانة لوضع قاطرتها
على السكة الصحيحة ، ولاسيما أنها تمثل
ضمير الشعب العربي وهي في مكنوناتها
عامل قوة وأمان للعرب وللعروبة ، ويمكن
تحديد قيمتها الكامنة هذه من خلال
الخوف الذي ينتاب حكومة الكيان
الصهيوني من جراء نجاح هذه الثورات
وكشفها الوثائق الفاضحة للعلاقة
الملوثة التي تربط الأنظمة الساقطة
بالكيان الصهيوني. ================ الثوابت في
الاستراتيجية العربية الراهنة شؤون سياسية الخميس 17-3-2011م د. فايز عز الدين الثورة مهما كان الحكم على الحراك العربي الراهن
لايزال قيد السجال، هل يصل هذا الذي
جرى ويجري في العديد من الأقطار
العربية إلى مفهوم الثورة بمكوناتها
وعوامل وجودها، وإيديولوجيتها وبرنامجها أم لايزال الذي
يجري عند مفهوم الحراك التاريخي رغم
ماقد حصل فيه من متغيرات تاريخية أزاحت
نموذجاً من السلطة العربية أقل مايقال
فيه: إنه لم ينطلق من آفاقية الشعب.. ومهام الدولة الوطنية في آفاق المشروع
القومي العربي بدولة الأمة القومية..؟
في البداية لن نختلف على أن الثورة هي
إرادة الشعب حين تخرج إلى الشارع لتعلن
عن أهدافها الحاضرة، وتصر على
برنامجها عبر جملة مطالبها من السلطة
العربية المتوجهة إليها، لكن مانلاحظه
في المشهد الجماهيري الراهن قد
لايتوافق مع القانون التاريخي للثورات
حيث كانت تتشكل من قائد وتيار وجماهير
لها مشترك جامع بينها، أما اليوم فإننا
نرى إلى الماثل العربي أمامنا بأنه
يمثل إرادة المتعصبين عن المشاركة في
السلطة، والقرار وسياسة الدولة، ومنذ
زمن ليس بالقليل وهم يظهرون عدم
موافقتهم على السياسة الوطنية
الاجتماعية والاقتصادية لسلطتهم
ويقومون ببعض الاحتجاجات المحدودة لكن
السلطة المعنية تحتويهم- بصورة وبأخرى-
وتفترض أن ماقامت به قد فرضت الحل
المناسب ولم تحسب إلى تراكم الغضب أي
حساب .. ومن المعروف في المشغل العقلي العربي أن
العقلانية الرخوة كما وصفها الكاتب
الأميركي ديفيدبرووكس- لها الرجحان
على الإستراتيجية العقلانية
المتماسكة، والثابتة ولذا لم يستفد
العربي من أي مراجعة للأحداث التي حصلت
في التاريخ العربي القديم منه، أو
الحديث وتعود الحوادث- عبر دورة الزمان-ليتم
التعامل معها دوماً بآلية غافلة وبعقل
غير مستنير ولو قدمنا أمثلة على هذا
السلوك العربي لوجدنا الكثير الكثير
من الأمثلة بدءاً من العرب الذين لم
ينتبهوا إلى أن نتائج الحربين
العالميتين(في القرن الماضي) كانت على
حساب وجودهم ومصيرهم ومستقبلهم ومع
هذا واصلوا ربط مصيرهم بالغرب الداعم
للكيان الصهيوني الذي تم فرضه على
أرضهم في فلسطين، ولم يأخذهم منطق
السيادة والاستقلال إلى أي منطقية
عقلانية، وبعد أن تم فرض الوجود للكيان
الصهيوني صارت إجراءات التمكين له بكل
الأشكال وأهمها الحروب العدوانية
والاحتلال للمزيد من الأرض ولم يتحرك
بعضهم عن الطبيعة العلائقية مع العدو
وحلفائه، وبعد المتغيرات الدولية التي
انتهت عام 1991- من القرن الماضي وغيرت
خارطة العالم وخسر العرب فيها حليفهم
الدولي لم يستمع العرب إلى ناقوس الخطر
الذي دقته سورية(على لسان القائد
الخالد حافظ الأسد) كي يدرك العرب
خطورات ماقد حصل فيلتقون ويتضامنون
ويحافظون على مابقي لديهم من أرض
ورثوها عن الأجداد، وفي الحقبة مابعد
الحادي عشر من أيلول عام 20٠1 كيف
حذرت سورية(على لسان السيد الرئيس بشار
الأسد) من مغبة عدم التفريق بين
الإرهاب والنضال الوطني التحرري، وأن
الائتلاف الدولي ( بزعامة أميركا)
للحرب العالمية على الإرهاب يجب أن
يناصر الذين احتلت إسرائيل أرضهم فهم
أكبر ضحايا إرهاب الدولة المحتلة
العنصرية المتغطرسة ومع هذا لم ينتبه
البعض من العرب وذهبوا إلى الانخراط مع
شكل التحالف الدولي ضد الإرهاب ولو
تجاهل حقوقهم المغتصبة. وحين انسدت آفاق الحرب على الإرهاب
الدولي، وظهر فشل أميركا والأطلسي في
احتلال أفغانستان والعراق واتضحت
الكذبة الكبرى لأسباب غزو العراق
واتضح معها عجز أميركا عن كسر إرادة
السيادة والاستقلال عند سورية قامت
إسرائيل بحروب عدوانية خاصة/2006/ على
المقاومة في الجنوب اللبناني ومع ذلك
بدلاً من أن تستثير هذه الحرب همة
العرب الذين تكررت عملية خذلانهم من
أميركا وأوروبا الداعمة لإسرائيل
قاموا بتشكيل جبهة واعتدال عربي،
وصاروا يمنحون الاعتدال مفاهيم
العقلانية والأطر المقربة للحل السلمي
الممكن مع إسرائيل وباللحظة التاريخية
وذاتها شنت إسرائيل حربها على غزة
المقاومة فأسقطت الاعتدال العربي.
وعبر كل هذه الأمثلة ولدينا غيرها بعد،
خاصةً حين تطرح إسرائيل بمساندة
أميركا أن التفاوض المباشر هو الحل
وحين يحقق الطرف الفلسطيني المفاوض
يتركونه إلى التفاوض غير المباشر
وهكذا دواليك إذ المهم هو عدم وضع
إسرائيل في موقف واحد محدد أمام
المجتمع الدولي تصبح فيه عملية
إلزامها ممكنة وحتى تظهر دوماً بأنها
شريك سلام والمعطل الوحيد هو الطرف
العربي، وحين كشفت سورية- بذكاء
سياستها- في الرعاية التركية
للمفاوضات غير المباشرة عن أن إسرائيل
ليست شريك سلام لم يتخذ العرب الموقف
المناسب المشترك. وبعد هذا التاريخ
الطويل من الغدر بالعرب، والمناصرة
الظالمة لكيان العدوان ومن ثم بعد لجوء
البعض في السلطة العربية الرسمية إلى
تجاهل إرادة شعبها، بل قمعها كرمى
لأميركا وإسرائيل من ذا الذي قد أرخى
جفونه على قناعة بسبات عربي أزلي؟!!
ودون أن يضع أي حساب لأمة عرفت بقابلية
التجدد، والانبعاث وخصب الحيوية
والإبداع؟!!!. ولكي يكتسب تحليلنا علميته السياسية
والمعرفية نستشهد بما قاله سكوت شين
أحد محللي صحيفة نيويورك تايمز: «إن
الأحداث تستبق برامجهم وخططهم في
المحافظة على الأنظمة الموالية لهم
وتحظى بثقتهم كالنظام التونسي والمصري
الذي ضمن اتفاقية سلام مع إسرائيل
أخرجت مصر من الصف العربي، وفتحت
الأراضي المصرية أمام تجارة حرة على
الطريقة الأميركية ويقول الكاتب
الأميركي شميدت في كتابه (الارتباط
الأميركي بالقادة الديكتاتوريين) : في
تلك المرحلة كان الدور لمناهضي
الشيوعية واليوم جاء دور العرب
المدعوين بالمعتدلين ويقول الكاتب
دانيال فانهوف في موقع(alter
info) بتاريخ 3/3/2011: هل تمتلك
حكوماتنا ومعهم خبراؤهم الجرأة
الكافية لكي يدركوا أن الثمن الذي
يدفعه الشارع العربي هو في جزئه الأكبر
ثمن تواطئهم مع تلك الأنظمة المرفوضة
من شعوبها وهل سوف يتحققون من أن الوضع
المأساوي في فلسطين القابعة تحت
احتلال دموي هو ثمن جبننا منذ 63عاماً؟.
إن هذه الآراء التي بدأنا نقرؤها في
الصحف الغربية تشير إلى ثورة في طريقة
التفكير عند هؤلاء تتسبب من إحساسهم
المكثف بالحقوق الثابتة للعرب،
وبالغطرسة الثابتة لإسرائيل وبالجبن
الثابت لدى الأوروبيين والأميركيين
سطوة اللوبي الصهيوني، وهل ينفع العرب
مع هذا الذي بدأ يحصل في عقول العالم-
أن يبقى المشغل العقلي الإستراتيجي
عندهم متوقفاً؟!!!!.. ================== مخاطر فرض منطقة حظر جوي
فوق ليبيا المستقبل - الخميس 17 آذار 2011 العدد 3942 - رأي و فكر - صفحة 20 روس دوثات تشكل لائحة الأسئلة التي توجه بها جورج
ويل (صحافي حائز على جائزة بوليتزر) إلى
المؤيدين للتدخل في ليبيا، قضية شاملة
لعدم فرض منطقة حظر طيران فوق المجال
الجوي الليبي. لكن واحدة من هذه
الأسئلة على وجه الخصوص، تؤشر على
الحماقة المحتملة لمثل هذه المناورة: هل من خلال التدخل في ليبيا يمكننا تجنّب
"المهمة الزاحفة التالية"؟ إذا
كان منع طيران القدافي من التحليق مهمة
إنسانية، فلماذا لا تكون مهمة حماية
أعدائه الثوار من الهجمات الأرضية
إنسانية أيضاً؟ بالنسبة لبعض المعلقين، فإن "المهمة
الزاحفة التالية" هي بيت القصيد:
اليوم منطقة حظر جوي، غداً غارات جوية
لدعمها، واليوم الذي يليه، بعض "المستشارين"
للثوار، وفي اليوم التالي تطأ الجزمات
أرض ليبيا. بالنسبة لي، فإن المخاطر
التي ينطوي عليه مثل هذا التصعيد، سبب
جيد لعدم خوض الحرب بالدرجة الأولى. أما بالنسبة لمؤيدي فرض منطقة حظر جوي،
فإن الأسباب الجوهرية الكامنة وراء
مثل هذا التصعيد هي التي توجب عليهم
التفكير مرتين في استراتيجيتهم.
فالدرس الذي يجب أن يُستفاد منه من
الحملات العسكرية السابقة، هو أن
المناورة بفرض منطقة حظر جوي في الواقع
ليست سوى وسيلة لتغيير النظام، إذا كما
نريد دعم هذا الحظر بمزيد من استخدام
القوة. وما لم يتغيّر الرأي العام بشكل
جذري- أو انتقلت التزاماتنا في
أفغانستان والعراق بطريقة سحرية إلى
ألمانيا وكوريا الجنوبية- فمن الصعب
جداً أن نشاهد الحكومات الغربية وهي
ملتزمة بالمضي وراءنا. (كم هو عدد
الضحايا الذي يتقبل الرأي العام
الأميركي سقوطه من أجل إيصال الثوار
الليبيين إلى السلطة في طرابلس؟ 10؟ 5؟
مهما كان الرقم الذي تختاره، فالرقم
الحقيقي على الأرجح أقل). هذه هي المشكلة الحقيقية في مقال دافيد
فروم الأخير الداعم للتدخل العسكري (وهو
من أقوى المقالات التي قرأتها). يقول
فروم إن لائحة أصدقائنا في الشرق
الأوسط ازدادت ولو جاء ذلك متأخراً،
وأن تكون نظرتهم إلينا بأننا أذعنا من
خلال الإطاحة برئيسين مؤيدين لأميركا
في مصر وتونس، وأننا فشلنا في دعم
مطالبنا بالإطاحة بزعيم مناهض لنا في
ليبيا، فإن "المصداقية الأميركية
والاستقرار في الشرق الأوسط ستواجهان
ضربة موجعة". لكن ما الذي سيصيب المصداقية الأميركية
فعلاً إذا أعلنا الحرب على ليبيا ومن
ثم فشلنا في الإطاحة بالقذافي لأنه
راسخ في موقعه، ولأننا لسنا على
استعداد للتصعيد أكثر من مسألة فرض
الحظر الجوي؟ يبدو أن غاية كل ذلك معقول، إذ إنه عوضاً
عن تبرئة القوة الأميركية، فإن فرض
منطقة حظر جوي ستجعل الولايات المتحدة
تبدو كنمر من ورق: سنبرهن أننا قادرون
على قطع منتصف الطريق نحو الحرب لكن
ليس أكثر من ذلك، وسيتمكن زعيم ليبيا
من الزعم أنه حارب الولايات المتحدة
وحقق نصراً. ================= إسرائيل الراهنة: توغل
في الفاشية المستقبل - الخميس 17 آذار 2011 العدد 3942 - رأي و فكر - صفحة 20 د. أسعد عبدالرحمن بعيداً عن التهوين والتهويل، واضحة مكامن
القوة في الاستراتيجية الإسرائيلية
التي تستهدف تحقيق مجموعة من الأهداف
الصهيونية، وتستند إلى مرتكزات تشكل
القاعدة الأساس لتلك الاستراتيجية.
ومن أبرز هذه المرتكزات: "نظرية "الأمن
الإسرائيلي المطلق"، و"الحدود
الآمنة"، ونظرية "القوة الكاملة
الضاربة" التي تقوم على امتلاك قوة
عسكرية عظمى، مع تأمين أقصى الدعم
والمساعدة الخارجية. ذلك أن نظرية
الأمن الإسرائيلية المطلقة والشاملة
تشترط استمرار تدفق متطلبات القوة
اللازمة بكل أشكالها ومكوناتها
السياسية والعسكرية والاقتصادية
والتكنولوجية. في سياق ذلك، تعبر بعض
المنظمات الحقوقية الإسرائيلية
والغربية عن قلقها من العنصرية
المتعاظمة لدى الإسرائيليين سواء ضد
فلسطينيي 48 أو فلسطينيي 67، محذرة من أن
مشاعر الخوف والحقد والعنصرية
الإسرائيلية تتأصل مع تعاظم قوة أحزاب
يمينية متطرفة. لماذا؟ يلحظ الناظر إلى إسرائيل اليوم خصالاً
تشبه الخصال التي بينها الدكتور (لورنس
بريت) في بحثه الشهير عن الأنظمة
الفاشية: هتلر في ألمانيا، وموسوليني
في إيطاليا، وفرانكو في إسبانيا. فقد
استخلص (بريت) أربعة عشر خصلة خاصة بهذه
العهود تميزها عن غيرها من الأنظمة
ومعظمها ينطبق موضوعياً على الكيان
الإسرائيلي وبخاصة في سنواته الأخيرة.
أما أولى هذه الخصال فهي "النزعة
القومية المتطرفة التسلطية". وفي
إسرائيل، رغم غياب شعارات تشير إلى
أيديولوجية الحزب القائد، إلا أن فيها
نزوعاً لسياسة يمينية شوفينية متطرفة
لم تشذ عنها فعلياً - أي حكومة من
الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وهو
نزوع متشابك مع النزعة الدينية
الصهيونية المتزمتة وأثره شديد على
السياسة الإسرائيلية. أما ثانية هذه الخصال فهي الاستهتار
بحقوق الإنسان غير اليهودي. فالأنظمة
الفاشية تحتقر الإنسان ولا تعترف
بحقوقه، بل وتعتبر مثل هذا الاعتراف
انتقاصاً من قدرها وهيبتها، وكذلك هي
إسرائيل التي يكشف واقعها، يومياً، عن
تراجع خطير في حقوق الإنسان العربي في
الأراضي المحتلة 67، وتصاعد التمييز ضد
فلسطينيي 48 بسبب الممارسات الرسمية
الحكومية الممنهجة، حيث تحذر التقارير
من نشوء سياسة فصل عنصري ضد
الفلسطينيين في الحالة الأولى، ومن
فاشية وعنصرية متصاعدة في الحالة
الثانية. أما ثالث ورابع هذه الخصال،
فيمكن دمجهما معاً: مزاعم وجود أعداء
عبر التمسك دائماً بما يسمى "أمن
إسرائيل"، وجعل القوات المسلحة الحل
الأوحد للتعامل مع الفلسطينيين، الأمر
الذي يعطي جيش "الدفاع"
الإسرائيلي صلاحيات غير محدودة. يؤشر خامس الخصال الفاشية، إسرائيلياً،
إلى أحد أهم ما تعيشه الدولة الصهيونية
ألا وهو هاجس الأمن القومي. فالعقلية
الإسرائيلية ستبقى رهينة عقلية القلعة
المبنية على هاجس الأمن الذي بات
واضحاً أنه سيبقى حاضراً في كل
سياساتها الداخلية والخارجية،
والمستمد "شرعيته" من الأفكار
والتعاليم التي جاءت بها ديانتهم
اليهودية إلى حد جعل الاستراتيجية
الأمنية الإسرائيلية إطاراً فكرياً
وتطبيقياً للعقيدة الدينية، سواء على
صعيد الدعوة للاستيلاء على الأرض "تنفيذاً
لوعد الرب"، أو من خلال القناعات
القومية الصهيونية. وهاجس الأمن مفهوم
متحرك يواكب السياسة التوسعية
الإسرائيلية، يتبدل مع تبدل الظروف
السياسية والعسكرية المحيطة، ويقوم
على نظرية الردع في إطار العقيدة
الأمنية الإسرائيلية. سادساً، من بين الخصال المهمة المشتركة
فاشياً، تداخل أمور الدين والدولة حيث
تستخدم الأنظمة الفاشية قراءتها
الخاصة للدين بوصفه أداة فعالة لتوجيه
الرأي العام وفق أهوائها، وهو بالضبط
ما تقوم به إسرائيل. فالحاخامية
اليهودية عودتنا - بكل الجرأة الوقحة -
على إصدار فتاوى قتل المدنيين العرب
استناداً، في قناعاتهم، لما تجيزه "التوراة"
من قتل الأطفال والنساء في زمن الحرب،
موفرين بذلك "المبرر الديني"
لممارسات جنود الاحتلال. والكل يذكر
الفتاوى التي أصدرتها "الحاخامية
العسكرية" في الحرب الأخيرة على
قطاع غزة: "اقتل العربي قبل أن يقتلك..
تعامل بوحشية مع غير اليهودي.. اقتل
النساء والأطفال.. الموت لكل سكان غزة
والضفة". كما تصدر الحاخامية
الفتاوى السياسية، ومنها ما يتعلق
بالاستعمار/ "الاستيطان"،
والتعامل مع الفلسطينيين، وحتى
مفاوضات التسوية، ولن يكون آخرها ما
صرح به (عوفاديا يوسف) الزعيم الروحي
لحزب شاس، الشريك الكبير في الحكومة
الائتلافية، أخيراً، والتي قال فيها
إنه يأمل أن "يزول رئيس السلطة
الوطنية الفلسطينية محمود عباس وبقية
الفلسطينيين عن الوجود". سابعاً، من "الخصال" المعروفة في
الدول الفاشية، تحالف الشركات الكبيرة
والنخبة الصناعية والتجارية مع نظام
الحكم الفاشي. ومع أنها علاقة نفعية
متبادلة قائمة على ثنائية السوق -
الحكومة، فإن اللوبي الصناعي
الإسرائيلي له بأذرعه الداخلية
والخارجية - تأثير كبير في الانتخابات،
هذا أولاً. وثانياً، لذلك التحالف
الدور الأكبر في دعم الاستعمار/ "الاستيطان"
الفاشي في الأرض الفلسطينية عبر
المشاريع الضخمة التي ينفذها. أخيراً وليس آخراً، يأتي موضوع تحقير
المثقفين والفنانين وقوى المجتمع
المدني حيث تعاديهم الأنظمة الفاشية
علناً وتفرض عليهم رقابة صارمة.
وإسرائيلياً، لعل من أحدث الأمثلة على
ذلك هو ما ظهر في التشريع الأخير
للكنيست، والاحتجاج الذي بادر إليه
مثقفون إسرائيليون إذ بعثوا برسالة
استنكار إلى نواب الكنيست بشأن تشكيل
لجنة برلمانية للتحقيق مع المنظمات
غير الحكومية التي تبحث سلوك الجيش
الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، معتبرين
تشكيل لجنة التحقيق تحركاً فاشياً
يذكر بأنظمة الظلام غير الديموقراطية.
و"المبادرة" إلى تشكيل تلك اللجنة
جاء من نواب حزب "إسرائيل بيتنا"
القومي المتشدد والتي مفادها أن بعض
المنظمات غير الحكومية (ومن بينها "بيتسليم"
ومنظمات أخرى نشرت تقارير عن انتهاكات
لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة)
تساعد أعداء إسرائيل! كما نرى ذلك في
كيفية التعامل مع النشطاء
الإسرائيليين الذين يقفون مع
الفلسطينيين في نضالهم الشعبي في
التظاهرات الأسبوعية ضد "الاستيطان"
وجدار الفصل العنصري. ختاماً، ما عسى المرء أن يتوقع سوى
استمرار جنون اليمين الإسرائيلي
المتطرف، متجسداً بالحكومة الراهنة،
والمجتمع السياسي الحالي اللذين يصران
على عدم رؤية قباحة إسرائيل وسياستها
التي تتوغل بعيداً في عقلية عدوانية
عنصرية هدامة، في وقت تتدهور فيه
علاقات إسرائيل بالعالم الخارجي نتاج
مقارفاتها وبفضل ازدياد الوعي الدولي
وتحول العالم إلى قرية بحيث بات بإمكان
أي مواطن في أي بقعة في العالم أن يتابع
كل الأحداث على وجه الكرة الأرضية. ================= جنود الاحتلال
الإسرائيلي يكسرون حاجز الصمت (1) السفير 17-3-2011 شهادة أولى: «في الثالثة فجرًا اقتحمنا طوباس (محافظة
نابلس)، وبدأنا برمي القنابل الصوتية
بالعشرات في شوارع المدينة. ما من هدف
محدّد سوى تخويف الناس، وتأكيد أن
الجيش الإسرائيلي موجود هنا. كنا نشاهد
السكان يفيقون مذعورين على أصوات
القنابل. قال لنا الضبّاط إن تلك
القنابل تساهم في فرار المخربين
المحتملين... وهذا كلام فارغ! لكننا كنا
نفعل ذلك كل ليلة، وكانوا يهنئوننا
ويقولون لنا إنها كانت عمليات جيّدة،
ولم نكن نفهم لماذا». شهادة ثانية: «لم نكن نعرف أن هناك تقليدًا معينًا لدى
المسلمين خلال شهر رمضان يقضي بتجوال
أحدهم في الشوارع وهو يقرع على الطبل
عند الرابعة فجرًا لتنبيه الناس إلى
وقت السحور. وهكذا فإنه في إحدى ليالي
رمضان في نابلس شاهدنا مسحراتي فصرخنا
به كي يقف، وعندما بدأ بالهرب شرعنا
بإطلاق النار عليه حتى أرديناه، مع أن
القواعد العسكرية تقول إنه في مثل هذه
الحالات، كان يجب علينا أن ننذره أولاً
وندعوه إلى التوقف، وإذا لم يمتثل نطلق
رصاصة في الجوّ ثم بين الرجلين. لكن لم
يتبع أحد تلك القاعدة وكنا نقتل فورًا.
وهكذا اغتلناه بسبب جهلنا بتقاليد
الفلسطينيين المحليّة». شهادة ثالثة: «قرر المستوطنون (اليهود) مهاجمة بلدة
مجاورة لنابلس. إنهم مسلحون ويهجمون
على منازل الفلسطينيين بالحجارة
والعصي والسلاح. وقد تم إرسالنا إلى
هناك. كانت مهمّتنا حماية المستوطنين.
ولذا كنا نُزجّ بين السكان العرب
المرعوبين والمصابين بالدهشة جراء
الهجوم وبين مستوطنين من واجبنا
حمايتهم. يحاول أحدنا ردع أحد
المستوطنين فيتلقّى ضربات وتسمع طلقات
نار، ويسود جوّ من الذعر والفوضى وتخرج
الأمور عن سيطرتنا، وتنتهي الحادثة
بجرح عدد من السكان الفلسطينيين». ================== ضياء الفاهوم الدستور 17-3-2011 حتى كتابة هذه السطور لم تتفق دول العالم :
التي تعتبر نفسها متمدنة أن تتخذ قرارا
بحظر جوي في الأجواء الليبية لمنع
القذافي من استخدام الطائرات في هدم
بيوت الليبيين على أصحابها في كثير من
المدن والقرى والمناطق الصحراوية
الليبية . وقد أحالت الدول الثماني
الكبار مؤخرا الموضوع الليبي برمته
إلى مجلس الأمن الدولي . وهذا ما طالبت
به الجامعة العربية قبل عدة أيام . وإذا لم يوفق مجلس الأمن الدولي في اتخاذ
مثل هذا القرار فإن ذلك يعني بالقطع أن
دولا مهمة في هذا العالم قد تخلت عن
مسؤولياتها الإنسانية و الدولية تجاه
الشعب الليبي وآثرت مصالحها النفطية
التي أغراها بها القذافي على ما عداها .
وأمام ذلك فإنه لا يبقى أمام الجامعة
العربية إلا أن تحسم أمرها وتتخذ
القرار الذي تراه مناسبا لمساندة
الشعب العربي الليبي الذي صمم على
التضحية بالغالي والنفيس من أجل تخليص
ليبيا والعالم من آخر طاغية من طغاته
الشرسين المدمرين الذين لا يخشون الله
ولا يقيمون وزنا لأوامره ونواهيه
ويعتدون بجلافة وقلة حياء على كل
الشرائع السماوية والوضعية . وللحقيقة والتاريخ نقول إن مجلس التعاون
الخليجي قد اتخذ قرارا ممتازا قبل
حوالي عشرة أيام بشأن الجرائم الوحشية
التي يواصل النظام الليبي اقترافها
بحق الليبيين جميعا دون استثناء . لقد
قرر المجلس ، قبل اجتماع وزراء
الخارجية العرب الأخير في مقر الجامعة
العربية لبحث الأوضاع المتردية في
ليبيا ، اعتبار نظام القذافي فاقدا
لشرعيته وأعلن تأييده للمجلس الوطني
الليبي الانتقالي ولحظر طيران دولي
على الأجواء الليبية ودعا مجلس الأمن
الدولي لاتخاذ قرارات لصالح الشعب
الليبي . كم كنا نتمنى على أمة العرب بأسرها أن
تنهض بمسؤولياتها تجاه نصرة الشعب
العربي الليبي الشقيق منذ أسبوعين على
الأقل ضد سفاك دماء شعبه معمر القذافي
وابنه الأكثر دموية وخذلانا لأبناء
وطنه الليبيين المدعو سيف الإسلام
والإسلام بريء منه ومن والده الذي خان
تطلعات وأماني شعبه. وقد أبدى كثيرون اعتقادهم بأن الاثنين
كانا يخططان لكي يصبح ابن القذافي
المذكور رئيسا لليبيا بعد وفاة العقيد
الذي سرق معظم أموال الشعب الليبي وترك
آلاف الأسر بلا مأوى مناسب يليق بأبناء
بلد أفاء الله عليه بالخيرات . لست أدري
ماذا أراد القذافي من نهب مليارات
الدولارات ؟ وما هو نفع تكديس
المليارات وعدم إنفاقها على أصحابها
الشرعيين ؟ لو أنه كان عاقلا لفعل ذلك
ولو من باب كسب ثقة ومحبة شعبه . ومن حق الناس أن تتساءل .. لماذا كل هذا
الإجرام بعد حكم دام أكثر من أربعين
عاما تمت خلالها اعتداءات على
الديمقراطية والعدالة الاجتماعية
وعلى كل القيم الإنسانية ؟ ماذا يسمى
من يشعل نار حرب أهلية شديدة الضراوة:
راح ضحيتها حتى الآن آلاف القتلى
والجرحى وتسببت بدمار شامل في كل
الأنحاء الليبية ؟ يبدو أن معمر القذافي قد أصر على دخول
اسمه التاريخ ولو من أبشع أبوابه . كما
يبدو أنه لم يكن يعلم أن عقاب الله شديد
لكل من يسفك دماء عباده في الليل
والنهار وفي السر والعلن ، ويبدو أيضا
أنه اعتقد أن ليبيا كلها له وتحت أمره
مهما هرج وذبح ومهما قام بتصرفات مشينة
. ولو كان لديه ذرة من خجل لما فعل ذلك
ولكن المغرور إلى درجة الجنون اعتقد أن
الشعب العربي الليبي شلية غنم هو
راعيها الذي يقودها كيفما يشاء . المعارضون لحكم القذافي بدأوا معارضتهم
بمظاهرات سلمية لإسقاط نظام الطاغية
حتى يضمنوا للشعب الليبي حياة حرة
كريمة لا استعباد فيها لأي ليبي . ولكن
هذا لم يرق للطاغية فأعلن هو وابنه
السفاح وأذنابهما حربا مدمرة
بالطائرات والدبابات وكافة أنواع
الأسلحة لمناهضيهم من منطلق أن عبيدهم
الليبيين ، كما تصورا ، لن يقووا على
إسقاطهم . الشعب الليبي ، الذي عقد العزم على التخلص
من الطغاة القتلة ، سينتصر بإذن الله
وعونه عليهم جميعا مهما كلفه ذلك من
تضحيات . ولقد استحق هذا الشعب العربي
العظيم بجدارة أن يحظى بتأييد عربي
وعالمي فعال لإسقاط آخر الطغاة
الجبابرة ، والله من وراء القصد ================= التمرد الفرنسي
والاعتراف بالثورة الليبية أيوب سالم عالية الرأي الاردنية 17-3-2011 يشكل اعتراف فرنسا بالمجلس الوطني
الانتقالي في ليبيا تحولا جذريا
وفاصلا بين موقفين متناقضين تجاه
الثورة الليبية الحديثة، وهما:
التواطؤ المشبوه ضد هذه الثورة
والإعلان الصريح عن انتهاء شرعية
العقيد القذافي، كما انه يسهم بشكل
عميق بصقل مواقف الدول المترددة ازاء
الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي. ويدفع الموقف الفرنسي البالغ الأهمية
الثورة الليبية التي دعت المجتمع
الدولي إلى الاعتراف بها كممثل شرعي
للشعب الليبي، تدفعها إلى مزيد من
العزم والتصميم على مواصلة ما بدأته من
اجل حرية وكرامة الشعب الليبي. ورغم هذا الموقف الفرنسي، إلا أن الوقائع
والشواهد الحالية والأمس القريب تؤكد
ان الموقف الفرنسي لم يكن في حقيقته
وليد احترام فرنسا لحقوق الشعب الليبي
في الحرية والكرامة بقدر ما هو استمرار
للحرب السرية او الصراع على النفوذ في
إفريقيا بين فرنسا والولايات المتحدة.
ويمكن القول: إن الموقف الفرنسي من
الثورة الليبية هو محاولة فرنسية
للملمة الجراح التي أصيب بها النفوذ
الفرنسي؛ فقد خرجت فرنسا من هذه الحرب
خالية الوفاض مهزومة، واستطاعت واشنطن
أن تضع النفوذ الفرنسي في حفرة وألقت
عليه التراب إلى الأبد، فالاعتراف
الفرنسي بالمعارضة الليبية أو بالثورة
الليبية الحديثة هو السخط الفرنسي على
الولايات المتحدة ومحاولة لايجاد موطئ
قدم جديد للنفوذ الفرنسي في افريقيا.
هذا السباق الميداني على النفوذ بين
باريس وواشنطن يفسر غموض التلكؤ
الأميركي من اتخاذ موقف جاد يشابه
الموقف الفرنسي من الثورة الليبية،
فإن اعتناق الولايات المتحدة
للبراغماتية تجعلها دائماً في موقع
المساوم على مصلحة الشعوب، ويقول
المحللون ان من أحد اسباب عدم جدية
الموقف الاميركي من المعارضة الليبية
هو عدم وجود نفوذ لها في المجلس
الانتقالي الليبي، وأن برميل نفط
ليبياً يساوي عندها الشعب الليبي
بأكمله، ومن العوامل التي شكلت أو صاغت
الموقف الفرنسي السريع، هو ان العقيد
القذافي استطاع وبكل مهارة ان يكسب
عداوة فرنسا وبغضها له، فاذا عدنا
قليلاً الى الوراء، فان القذافي قد
اسقط منذ اكثر من عشرين عاماً طائرة
ركاب فرنسية، اعتقد ان احد معارضيه على
متنها. وليس من السهل ان ينسى الفرنسيون هذا
العمل الاجرامي، ناهيك عن الاغتيالات
التي اجهزت بها مخابراته العديد من
الشخصيات الليبية المعارضة له في
فرنسا وغيرها من الدول، الا ان هناك
اسباباً غير ما ذكرناه للموقف
الفرنسي، فان ليبيا المصدرة للبترول،
لا تبعد كثيراً عن الشواطئ الفرنسية،
والبترول يشكل عصب الحياة لفرنسا
والغرب، كما ان ليبيا قد عقدت اتفاقاً
مع الاتحاد الاوروبي، تمنع ليبيا من
خلال بنوده الهجرة غير الشرعية
للمهاجرين الافارقة الى فرنسا وباقي
دول الاتحاد الاوروبي. ================== فهمي هويدي الخميس, 17 آذار 2011 السبيل تهب علينا هذه
الأيام رياح إرهاب جديد تتعدد أشكاله
ومواقعه، إذ تطل في الإعلام والفيس بوك
تارة، وفي دواوين الحكومة تارة ثانية،
وفي قطاعات الإنتاج حينا ثالثة. والرسالة التي نتلقاها من تجليات ذلك
الإرهاب تقول ما خلاصته إن الطاغية ذهب
وأخذ معه رمز الديكتاتورية الأكبر،
لكن الطواغيت الصغار لا يزالون يعيشون
بيننا، ويمارسون الديكتاتورية ذاتها،
كل في محيطه وموقعه. إن المرء لا يستطيع أن يخفي دهشته إزاء
حملة التخويف والتخوين التي تظهر على
الفيس بوك هذه الأيام، معلنة إدانة كل
من أيد التعديلات الدستورية، واتهامه
بأنه ينتمى إلى الثورة المضادة ويشكل
امتدادا لنظام مبارك، بل إن بعض
الأصوات التي عبرت عن هذا الموقف هددت
باللجوء إلى العودة للاعتصام في ميدان
التحرير إذا أيدت الأغلبية التعديلات،
وهو موقف "فاشستي" على النقيض
تماما من أي قبول ليس فقط بالرأي
الآخر، ولكن أيضا برأي الأغلبية
المفترضة في هذه الحالة. لم آخذ على محمل الجد البيان الذي أصدره
بعض الشبان، داعين إلى كتابة الدستور
من خلال مجموعات ميدان التحرير،
وقولهم إن القانونيين والأكاديميين
إذا ما قاموا بهذه المهمة فذلك يعد في
رأيهم "سرقة للثورة"، إذ اعتبرت
هذا الكلام نوعا من الرعونة والحماس
المفرط الذي في ظله تختلط المعايير
وتلتبس، لكن حين تردد التهديد باللجوء
إلى ميدان التحرير لترهيب مؤيدي
التعديلات، تسرب إلي نوع من القلق أعاد
إلى ذهني مصطلح "ديكتاتورية ميدان
التحرير" التي أرجو أن لا تكون
استنساخا لديكتاتورية النظام السابق. لقد أسيء فهم حفاوتنا بدور الشباب في ثورة
25 يناير، حتى إن بعضهم اعتبر الثورة
ملكية حصرية لهم، وظنوا أنهم الممثل
الشرعي الوحيد لها، وأنساهم ذلك أن
حضور الشعب وصوته الهادر وحده الذي هز
أركان النظام السابق وأسقطه، كما
أنساهم أدوار أجيال من الشرفاء سبقوهم
على الدرب، وألقوا في الإدراك العام
بذور الاحتجاج والغضب التي كانت ثورة
الشعب ثمرة لها. لذلك بات من الضروري أن توضع الأمور في
نصابها الصحيح، بحيث يعرف كل طرف قدره
وحدوده، ويتعامل الجميع مع بعضهم
البعض على أساس من التقدير والاحترام
المتبادل، ذلك أننا ما تمنينا يوما ما
أن نخرج من آثار احتكار السلطة والثروة
إلى طور احتكار الحقيقة والثورة. ثمة جو من الإرهاب تتردد أصداؤه أيضا في
أوساط الدوائر الحكومية والوحدات
الإنتاجية، ذلك أن بعض القيادات
التنفيذية الجديدة أشاعت درجات مختلفة
من الخوف في أجهزة الدولة، وبدلا من أن
تنهض تلك القيادات بالدور الذي تقوم به
تلك الأجهزة، فإنها تعاملت مع
مسئوليها على اعتبار أن الجميع فاسدون
حتى يثبت العكس، وكانت نتيجة ذلك أنهم
توقفوا عن العمل إحساسا منهم بأن هناك
من يتصيد لهم ويضعهم في موضع الشك
والاتهام. لقد أثار انتباهي مثلا ما قاله وزير
الصناعة والتجارة في أول مؤتمر صحفي
عقده يوم الاثنين الماضي 14/3، من أن
الأولوية القصوى لديه هي استئصال بؤر
الفساد في الصناعة والتجارة، وقد ركزت
جريدة الأهرام على هذه النقطة، وصاغت
منها العنوان الرئيسي لتقريرها عن
المؤتمر الصحفي، الأمر الذي يجعل
خطابه نموذجا للفكرة التي أتحدث عنها.
ذلك أن الوزير الجديد في ضوء تلك
الأولوية ذهب إلى الوزارة محاربا
وعينه على الماضي، ولم يذهب مستنهضا
همة العاملين ومتطلعا إلى المستقبل.
أعني أنه ذهب لكي يستأصل لا لكي يبني. وحين يحدث ذلك في مرفق حساس يمس التجارة
والصناعة في بلد يواجه ظروفا اقتصادية
صعبة للغاية، ويمثل هذان المجالان طوق
النجاة بالنسبة له، فهو يعني أن الوزير
جاء ليفاقم المشكلة لا ليحلها. الترهيب حاصل كذلك في العديد من المصانع
التي لجأ فيها العمال إلى الإضراب عن
العمل والاعتصام، ومنهم من هدد بإحراق
بعض المصانع، ومنهم من منع أصحابها من
دخولها، وكانت النتيجة أن توقف العمل
في تلك المصانع، كما أن بعضها أصبح
يعمل بنصف أو ربع طاقته. وأعرف أشخاصا قرروا إغلاق مصانعهم وقعدوا
في بيوتهم حتى إشعار آخر. ولم تكن
المشكلة فقط أن بعض طلبات العمال
مقبولة والبعض الآخر غير معقول، وإنما
أيضا أنه لا توجد مرجعية عمالية موثوق
فيها يمكن أن تتحدث باسم العمال
المضربين، وتتوصل إلى حلول منصفة مع
أصحاب الأعمال. أدري أن هذه الفوضى تحدث عادة في أعقاب
الثورات على الأوضاع الفاسدة سياسية
واقتصادية، لذلك فإنني لا أستغرب حدوثها، لكنني فقط
أدعو إلى الانتباه إلى خطورة
استمرارها وإلى أهمية وضع حد لها، بحيث
تصبح الثورة انطلاقة إلى الأمام،
وليست انتكاسة إلى الوراء. ================= غداء من لحم الأيِّل.. ثم
أصبحت سورية حرَّة فرج بيرقدار 2011-03-16 القدس العربي للمصادفة، وربما لضرورة التسوُّل
الخارجي تدعيماً للنهب الداخلي، أنه
في الذكرى الثامنة والأربعين لإعلان
حالة الطوارئ في سورية 2011، أو قبلها
بيوم واحد، كان نائب رئيس الوزراء
السوري عبدالله الدردري في ستوكهولم
ضيفاً الى مائدة وزيرة التجارة
السويدية السيدة (لستُ متأكداً مما إذا
كانت سيدة أم آنسة) إيفا بيورلينج. هل يعرف الدردري أن ثمانية وأربعين عاماً
من حالة الطوارئ في سورية تعادل أربعة
أحكام مؤبَّد في القوانين السويدية؟ في ذلك اليوم تناول الدردري الغداء على
مائدة وزيرة التجارة في قصر 'آرف
فورستِن'، القصر الشهير في مركز
ستوكهولم، الذي كانت الأميرة صوفيا
ألبرتينا تمتلكه سابقاً، ولكنه سُجِّل
منذ عام 1935 كصرح تاريخيّ، لأن بناءه
يعود إلى أواخر القرن الثامن عشر. لا أجادل في أن السويد حقاً تحترم شعبها
وتاريخها ورموزها وصروحها ومصالحها،
غير أنها للأسف لا تحترم أحياناً مصالح
الشعوب الأخرى، أو لا تأخذها بعين
الاعتبار في علاقاتها واتفاقاتها
الاقتصادية والسياسية مع طغاة تلك
الشعوب. غير أنه يجدر بي القول إن السويد كحكومات
متبدِّلة ومتعاقبة شيء، والشعب
السويدي بأفراده ومنظماته وأحزابه
ومؤسساته المدنية وصحافته شيء آخر. 'أفتون بلاديت' الصحيفة الشهيرة في
السويد، ذات الطابع اليساري المعروف،
التي نشرت السنة الماضية فضيحة
اتِّجار إسرائيل بأعضاء بشرية
لفلسطينيين، وقامت قيامة إسرائيل
احتجاجاً ولم تقعد، إلا بعد أن صرّحت
الحكومة السويدية بحق الصحيفة وحرية
الإعلام في السويد، أقول هذه الصحيفة
أراحتني من تسليط الضوء على زيارة
الدردري لستوكهولم وادّعاءاته، أو في
الحقيقة أكاذيبه وتضليلاته فيها (دمشق
ليست هنا يا دردري ولكن أليست المسطرة
هنا؟). في التاسع من آذار/مارس 2011 نشرت هذه
الصحيفة مقالاً للصحافي الشهير بيتر
كادهمَّر بعنوان: 'غداء من لحم
الأيِّل، ثم أصبحت سورية حرَّة'، لا
أريد أن أكتب مقالاً مستقلاً إلى جانب
مقال بيتر كادهمَّر. هذا الصحافي قلبي
ولساني، ولهذا أكتفي بترجمته من
السويدية إلى العربية. 'غداء من لحم الأيِّل، ثم أصبحت سورية
حرَّة' بقلم: بيتر كادهمَّر الحرية أقرب مما نعتقد. الاثنين الماضي تناولت إيفا بيورلينج،
وزيرة التجارة في السويد، الغداء مع
نائب رئيس الوزراء السوري عبدالله
الدردري، في قصر 'Arvfursten ' في ستوكهولم. الدردري أحد ممثّلي الأنظمة الأقسى في
الشرق الأوسط. لا أحتاج هنا أن أذكر
شيئاً عن التعذيب في سورية،
والاعتقالات الاعتباطية،
والاختفاءات، والإعدامات العلنية في
الشوارع والساحات، وقانون الطوارئ
المستمر منذ عام 1963. بدلاً من ذلك
أفضِّل الحديث عن أن الصحافيين في
سورية ملزمون بالكتابة عن أهداف حزب
البعث الحاكم. إن تهمة 'نشر معلومات كاذبة من شأنها أن
توهن نفسية الأمة'، يمكن أن تودي بأي
صحافي سوري إلى السجن لسنوات عديدة.
الرئيس السوري الحالي بشار الأسد حصل
على نسبة 97.6، في الاستفتاء الرئاسي عام
2007. شيء ممتاز حتى لو كان هو المرشَّح
الوحيد. مع ذلك لم يستطع بشار الأسد في النتيجة
تجاوز النسبة التي حقَّقها أبوه حافظ
الأسد، وهي في الحقيقة نسبة يصعب
تجاوزها، ولاسيما في الاستفتاء
الرئاسي لعام 1999، والتي بلغت بالنسبة
للأب 987. 99. (تعليق شخصي لي كمترجم، هذه نِسَب تثير
الضحك والسخرية في السويد، وهي كذلك من
وجهة نظر الصحافي أيضاً، وأستثني
الدردري هنا من الضحك لا لشيء، أو ربما
لوجه الله تعالى). وزيرة تجارتنا ونائب
رئيس الوزراء السوري تناولا لحم
الأيِّل مع البطاطا. استغرق الغداء
ساعة: الآن يأتي الخبر الواقعي
الإيجابي، وأجرؤ أن أقول، الخبر
الكبير عالمياً: السكرتيرة الإعلامية
مونيكا أولسون سكرتيرة وزيرة التجارة
تجيب على أحد أسئلتي بأن الدردري خلال
الغداء تكلَّم عن نمو وتوسُّع هامش
الحريات الإعلامية، إذ هناك 'قوانين
أفضل'، كما أن هناك قانون أحزاب يجري
إعداده. (أنا كمترجم وكسوري أصيل لن
أخبر السلطات السويدية منذ متى بدأ
الإعداد لقانون الأحزاب.. سأدعهم في
غيّهم يعمهون، وأكمل ترجمة مقال
صاحبنا). أخبار السكرتيرة الإعلامية لوزارة
تجارتنا رائعة. الناس في سورية اهترأوا
في سجون النظام السوري. الصراخ في غرف تحقيق المخابرات السورية
تترامى أصداؤه في كل أنحاء العالم. صمت المخفيِّين أو المغيَّبين كان وما
زال مريعاً. حسناً.. هكذا تتناول
وزيرتنا إيفا بيورلينج الغداء مع
عبدالله الدردري وتحلّ جميع المشكلات. لستُ مستغرباً. سابقاً في 2009 نشرت الوزيرة بيورلينج
مقالاً في جريدة 'يوتيبوري بوستن'. في تلك المقالة كانت الوزيرة متأكّدة من
أن الشرق الأوسط وشمال افريقيا في
الاتجاه الصحيح، وأن السويد من خلال
التصدير يمكن أن تساعد أكثر
لمتابعتهما في الاتجاه الصحيح. دعونا
نأمل أن وزيرتنا للتجارة ستدعو معمّر
القذافي في الأسبوع القادم إلى وليمة
من لحم الرّنّة، وفي الأسبوع الذي يليه
ينبغي أن تقدِّم للملك السعودي 'بان
كاكا' (حلوى سويدية فلكلورية). الوزيرة بيورلينج يجب أن تدعو أيضاً رئيس
الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى غداء
هامبورغر مع البصل، لعلّنا ننهي
الاستيطان الاسرائيلي في الأراضي
الفلسطينية. أخيراً يتوجب علي القول إن هذه السنة
ينبغي أن تُتَوَّجَ حقاً بمنح الوزيرة
بيورلينج جائزة نوبل للسلام. نسيت أن أضيف، أن نائب رئيس الوزراء
السوري، خلال الغداء، عبَّر عن
اهتمامه بتجربة السويد في تكنيك
الاقتصاد الأخضر. (إشارة الصحافي بيتر
كادهمَّر لاهتمام الدردري بالاقتصاد
الأخضر إنما جاءت كنوع من السخرية أو
المفارقة، إذ ان الصحافي يعرف جيداً
اطِّراد حالة التصحير والتصحُّر على
أكثر من مستوى في سورية). شكراً بيتر كادهمَّر.. شكراً لك ولقلمك. لا
زيادة لدي على ما كتبتَ. ' كاتب سوري مقيم في السويد ================= إجابة واحدة على كل
عروضهم بالتنازلات.. لقد تأخرتم
كثيرا عارف دليلة 2011-03-16 القدس العربي هذه واحدة من آلاف القصص المتشابهة، بعد
اعتقالي، وقعت والدتي في حالة عجز كامل
عن الحركة، مع بقاء نظرها وسمعها
ووعيها سليمة، لكن صوتها اخذ في
الاختفاء تدريجيا. كانت تسأل: اين
عارف؟ لقد وعدني ان يأتي. كانوا يجيبون، انه مسافر، ولكن اضطروا
بعد ستة اشهر الى الاعتراف باني في
السجن (وكل الناس تعرف ان (جريمتي)
الوحيدة عند من يدعون انهم يكافحون
الفساد انني كنت ضد الفساد، ولم تنفع
كل وسائل الترغيب والترهيب الهائلة في
(ردعي) عن ارتكاب هذه 'الجريمة النكراء').
وقد قاومت وهي على هذه الوضعية حوالي
ثلاث سنوات، وهم يتنصتون عند كل زيارة
على اسئلتي واجوبة الزائرين عن وضعها
الصحي، آملين ان يؤدي ذلك الى انحطاط
قواي والانضمام الى عبادة الفاسدين (من
بين الكثير من العابدين) وذات صباح
جاؤوني بالجريدة اليومية التي كنت
اشتريها، وكالعادة قلبت صفحاتها بسرعة
فوجدت نعي والدتي. اغلقت الجريدة وقمت
اتمشى في زنزانتي الانفرادية، واتفكر
في دوافع ارباب الانحطاط الاخلاقي
للاقتناع بهكذا ممارسات وحشية ضد
الانسان، فلم اجد الا هيمنة النوازع
الحيوانية. وبعد دقيقة واذ باحد (العناصر)
يفتح النافذة بسرعة، فيراني اتمشى
والجريدة على السرير فيطلب مني ان
اعيره اياها لان الضابط يريد الاطلاع
عليها وسيعيدها بسرعة. عرفت انهم رأوا النعي وارادوا اخفاءها
قبل ان اراها. اعطيته الجريدة متظاهرا
اني لم افتحها. يومان طويلان جدا مرا
وانا افكر في تقديم طلب للسماح لي
بالمشاركة في دفن والدتي ثم يعيدوني
الى السجن. كتبت الطلب اكثر من مرة
لامزقه بعدها لاني واثق انهم لن
يفعلوها (مع مجرم بهذه الخطورة التي
تقدر بحجم ارقام فسادهم الهائلة). وبعد
ايام زارتني اختي طبيبة الاطفال سلمى
التي كانت تعمل في السعودية منذ ثلاث
سنوات لابسة السواد فتظاهرت امام (العناصر)
باني لا اعرف شيئا سألت اختي عن والدتي
فاخبرتني انها لم تعد تحتمل المقاومة
والانتظار اكثر، (اختي سلمى ايضا قضت
مع زوجها نور الدين بدران في حادث مروع
وهي عائدة في الصيف بعد سنتين، ولم
يخبرني احد بذلك حتى بعد يومين من
خروجي من السجن، خوفا على صحتي التي
كانت تسوء بسرعة). بعدها بفترة سمعت من
مونت كارلو ان والدة الصديق ميشيل كيلو
(وكان قد زج به في السجن بنفس الجرائم
التي اسميتها 'اللصاقة' المستلة من
قانون عقوبات حسني الزعيم، مرتكب
جريمة اول انقلاب عسكري عام 1949 المتهم
بعثيا بانه (عميل المخابرات
الامبريالية - الصهيونية) وهو القانون
الاكثر احتراما عند متهميه في
الممارسة على مدى حوالي نصف قرن) قد
توفيت وانه طلب من داخل السجن السماح
له بالمشاركة بدفنها والعودة في نفس
اليوم (وقد اخبرني لاحقا ان الاهل في
الخارج هم الذين طلبوا ذلك) ورفضوا
الطلب فحمدت الله على انني مزقت الطلب
ولم اتقدم به اليهم. والبلية الاكبر ان اسمع وانا منعزل في
زنزانتي الفردية من اذاعة النور (اذاعة
حزب الله) في نفس الفترة حوارا مع احدى
النساء الفلسطينيات المجاهدات في
الضفة الغربية، وقد روت ان الشهيد
الدكتور الزهار (نائب الشهيد الشيخ
احمد ياسين مؤسس حماس في غزة رحمهما
الله كان اسيرا عام 1981 في سجون
الاحتلال الاسرائيلي عندما توفيت
والدته، فاخرجه الاسرائيليون
لتشييعها قبل ان يعرف ويطلب ذلك). (بالطبع ليس من عظمة اخلاقهم الانسانية
وهم الذين يرتكبون من الجرائم على مدى
قرن كامل ما حمل الامم المتحدة على وصم
الصهيونية بالعنصرية، في قرار شهير
اواسط السبعينيات، ولم يلغ الا بعد
تخاذل الحكام العرب وتواطئهم مع
الصهيونية ضد شعوبهم). كان القرار الاسرائيلي نوعا من 'السياسة'
لا غير، في التعامل مع من يعمل على
ازالة اسرائيل من الوجود، وبالسياسة -
اضافة الى الوحشية والدعم الامبريالي
الاعمى- مازالت اسرائيل تدعم وجودها
وتتوسع في القتل واغتصاب الحقوق على
مدى حوالي قرن كامل. ترى اليس غياب الوعي السياسي لدى الحكام
العرب هو ما جعلهم يصطدمون اليوم ليس
فقط باحتقار العالم لهم، بل ايضا
باحتقار شعوبهم بعد نصف قرن من احتكار
السلطة والامعان في الاستبداد
والفساد، حتى اختفت جميع الشعارات من
الحياة العربية لصالح شعار واحد هو 'الشعب
يريد اسقاط النظام'، ولتحل محل كل
عبارات الاطناب التي استمرأوها على
مدى نصف قرن، كلمة واحدة لا تقبل
التأويل 'ارحلوا' واجابة واحدة على كل
عروضهم بالتنازلات 'لقد تأخرتم كثيرا'. العقل والضمير هما (فقط لاغير) ما ينقص
الحكام (العرب) فهل آن الاوان لحكام عرب
ذوي عقل وضمير؟ هذا سؤال كبير برسم الثورة العربية
العظمى المندلعة حاليا على الارض
العربية من المحيط الى الخليج. ' خبير اقتصادي وناشط سياسي
سوري ================== عبد الباري عطوان 2011-03-16 القدس العربي ربما يكون من
السابق لاوانه اعتبار ما يجري حاليا في
سورية من حراك احتجاجي شعبي هو بداية
انتفاضة، ولكن من المؤكد ان هناك
الكثير من المظالم والممارسات الخاطئة
التي ستدفع في هذا الاتجاه، إن آجلا او
عاجلا اذا لم يتدارك النظام السوري
الامر ويقدم على خطوات اصلاحية جادة
وسريعة، وهو ما نشك فيه لعدم وجود اي
نوايا، ناهيك عن أي مؤشرات عملية تدفع
في هذا الاتجاه. الشعب السوري وعلى مدى السنوات العشر
الاخيرة من حكم الرئيس بشار الاسد وهو
يسمع وعودا بالاصلاح، ولكن اياً من هذه
الوعود لم يطبق، واستمرت الاوضاع على
ما هي عليه منذ الثورة التصحيحية التي
قام بها والده قبل اربعين عاما، فلم
يتصحح اي خطأ، بل تفاقمت الاخطاء
وتغولت اجهزة الامن في نهش لحم الشعب،
او طلائعه الاصلاحية متلحفة بشعارات
الممانعة والصمود ومواجهة المؤامرات
الاستعمارية. العملاء الاسرائيليون اخترقوا الامن
السوري اكثر من مرة، ونجحوا في الوصول
الى العديد من الرؤوس الكبيرة، ابتداء
من الشهيد عماد مغنية القائد العسكري
الفذ لقوات حزب الله، وانتهاء باللواء
محمد سلمان صديقه الحميم في قلب مدينة
اللاذقية، ولم نسمع مطلقا ان الامن
السوري اعتقل جاسوسا اسرائيليا واحدا
في المقابل، ولكننا سمعنا عن اعتقال
المئات، وربما الآلاف من ابناء الشعب
السوري بشبهة المطالبة بالاصلاحات
السياسية واحترام حقوق الانسان ورفع
سقف الحريات. ندرك جيدا ان سورية مستهدفة لانها الدولة
العربية الوحيدة، ونضع عدة خطوط تحت
كلمة 'الوحيدة' التي تحتضن المقاومتين
الفلسطينية واللبنانية، وساهمت بدور
كبير في انجاز الانتصار الكبير على
الاسرائيليين اثناء عدوانهم على لبنان
في صيف العام 2006، ولكن لم يعد مقبولا
ابدا استخدام هذا كعذر لعدم اجراء
الاصلاحات السياسية والاجتماعية
والاقتصادية التي يطالب بها الشعب
السوري منذ أربعة عقود. التغول الامني لم يمنع سقوط نظام الرئيس
التونسي زين العابدين بن علي، وجهاز
مباحث امن الدولة الذي حله المجلس
الاعلى للقوات المسلحة يوم امس الاول،
ولم يحل دون عزل الرئيس المصري حسني
مبارك، بل لا نبالغ اذا قلنا ان هذا
التغول هو الذي ساهم في سقوط نظاميهما
بالطريقة البائسة التي رأيناها جميعا
بفضل ثورة الشعبين المصري والتونسي. الجهاز الامني الفعال الذي يحمي النظام،
اي نظام، هو الشعب الحر العزيز،
ومؤسساته الديمقراطية المنتخبة،
وقضاؤه العادل، واجهزة المحاسبة
الشفافة، وهذا للاسف غير موجود في
سورية حاليا، ولا توجد اي نوايا حقيقية
لايجاده في المستقبل القريب او
المتوسط. عندما تهتز سفينة النظام امام عواصف
الاحتجاجات الشعبية المطالبة
بالتغيير، فان السماسرة
والانتهازيين، وكبار القادة
الامنيين، العاملين منهم أو
المتقاعدين، هم اول من يهربون منها،
بعد ان يهرّبوا اموالهم الى الخارج،
لان انتماء هؤلاء للوطن، ناهيك عن
النظام، ضعيف ان لم يكن غير موجود في
الاساس، لان ولاءهم الحقيقي هو للمال
الذي ينهبونه من عرق الفقراء
والكادحين. ' ' ' الرئيس بشار الاسد اعترف في اكثر من
مقابلة صحافية اجريت معه في الاسابيع
الاخيرة بوجود الفساد في سورية، اسوة
بالدول الاخرى التي تشهد ثورات شعبية،
ولكن الاعتراف وحده لا يكفي، طالما لم
يترافق بخطوات عملية لاستئصاله، اي
الفساد من جذوره، وتقديم الفاسدين،
والكبار منهم على وجه الخصوص الى محاكم
عادلة لاستعادة اموال الشعب المنهوبة
منهم، والرئيس بشار يعرفهم شخصيا
واحدا واحدا، ولا يحتاج منا الى سرد
اسمائهم. هل يعقل ان يعجز الرئيس بشار عن اطلاق بنت
مراهقة من السجن تجرأت على التعبير عن
رأيها في موقعها على الانترنت في قضايا
عربية، ابرزها معارضة الحصار المفروض
على قطاع غزة؟ وهل من اخلاقنا العربية
والاسلامية ان يتم التشهير بها،
بالطريقة التي شاهدناها لتبرير
اعتقالها بتهمة التجسس لامريكا، وكأن
امريكا بحاجة الى جواسيس في سورية او
غيرها من الدول العربية، وهي التي تملك
عملاء على مستوى ملوك ورؤساء
جمهوريات؟ الحكم 'المخفف' على الجواسيس في سورية هو
الاعدام، ولو كانت طل الملوحي جاسوسة
فعلاً لما ظلت على قيد الحياة يوماً
واحداً بعد القبض عليها. كنت، ومازلت، اتمنى على الرئيس بشار
الاسد اصدار عفو عام عن جميع المعتقلين
السياسيين، وتبييض السجون من كل
معتقلي الرأي، واجراء اصلاحات سياسية
شاملة تغير طبيعة النظام، وتضع البلاد
امام مستقبل مشرق، مع التأكيد ان
الانظمة الديمقراطية هي التي تنتصر
على اعدائها، لان جيوش الديكتاتورية
لا تقاتل باخلاص. العاهل الاردني الراحل الملك حسين، ونحن
نختلف مع الكثير من مواقفه وسياساته،
ذهب الى سجن الجويدة في صحراء الاردن،
وافرج عن المعارض المزمن الشرس ليث
شبيلات، واخذه من السجن في سيارته التي
كان يقودها بنفسه الى بيت عائلته
واولاده، واصدر عفواً عمن رتبوا
محاولات اغتياله، او الانقلاب على
حكمه. اما بابا روما فلم يتردد لحظة في
زيارة من حاول قتله في زنزانته، واعلن
على الملأ مسامحته. ' ' ' الاحتقان الحالي في سورية اضخم بكثير منه
في تونس ومصر وليبيا والبحرين، فأرقام
البطالة اضعاف ما هي عليه في هذه
البلدان، وكذلك حالات الفساد، والظلم
الاجتماعي، وافتراء الاجهزة القمعية
البوليسية، والحكم من خلال قانون
الطوارئ. الشعب السوري يعاني من جوعين في آن واحد،
الجوع للقمة الخبز، والجوع للكرامة
وعزة النفس والعدالة الاجتماعية،
والمساواة في الوظائف والمناصب، واذا
كان الرئيس السوري لا يعرف هذه الحقيقة
المرة فان هذا هو الكارثة بعينها. الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قال
في خطابه الاخير بأن بطانة السوء
المحيطة به ضللته وحجبت الحقائق عنه،
ولا نريد للرئيس الاسد ان يفتح عينيه
على الحقائق المؤلمة في بلاده بعد فوات
الاوان، فبطانته اسوأ كثيراً من بطانة
الرئيس التونسي، او الرئيس المصري. نحن نخشى على سورية القلعة الوحيدة التي
بقيت لنا في مواجهة المشروع الامريكي
الاسرائيلي الذي اهان هذه الامة، ونهب
ثرواتها، وكسر روح المقاومة فيها،
ولذلك نريد تحصينها بالاصلاح حفاظاً
عليها، ومنع انهيارها داخلياً حتى
تسهل السيطرة عليها من قبل القوى
المتربصة بها، وبنا من خلالها، وما
اكثرها. القيادة في سورية شابة، ولكنها محاطة
بمجموعة من 'المحنطين' الذين مازالوا
يعيشون في عهد ليونيد بريجنيف والحرب
الباردة، سواء كانوا في اجهزة الامن،
او في دائرة المستشارين المقربين. اناس
يعيشون في مرحلة انقرضت وانهارت مع
انهيار سور برلين، وتأكد انهيارها مع
انطلاق ثورة ميدان التحرير في مصر،
وقبلها مدينة سيدي بوزيد في وسط تونس. سورية تنتظر الشرارة، او محمد بوعزيزي
آخر، ومازالت هناك فرصة للحيلولة دون
الانفجار الكبير.. فهل يسمع ويقرأ
الرئيس الأسد؟ ================= سورية لن تثور والاصلاح
سينتظر الجيل القادم هآرتس 16/3/2011 صحف عبرية 2011-03-16 القدس العربي عرضت لبشار
الاسد في الاسبوع الماضي فرصة تثبيت
مكانة سورية في الشرق الاوسط. فبعد ست
سنين من القطيعة المصرية مع سورية دُعي
سفير سورية في القاهرة، يوسف الأحمد،
الى لقاء مع حسين طنطاوي، وزير الدفاع
ورئيس المجلس العسكري الذي يُدبر الآن
شؤون مصر، والذي نقل اليه رسالة الى
الرئيس الاسد. يُعبر طنطاوي في رسالته
عن طموحه 'الى فتح صفحة جديدة في علاقات
سورية مع مصر على أساس العلاقات
المعروفة في الماضي وتلك التي نأمل
وجودها'. سارع الاسد الذي ارتقب سنين طويلة رسالة
مصالحة لم تأت من الرئيس حسني مبارك،
الى الرد. فكتب بحرارة انه يتمنى
لطنطاوي وللمصريين 'نجاحا كبيرا
واستقرارا وعودة الى دورها الطبيعي في
العالم العربي'. واتفق الاسد والطنطاوي
ايضا على التعاون والتشاور 'في جميع
المجالات'. والمتوقع الآن أن يُدعى
الطنطاوي الى زيارة رسمية لسورية في
نهاية نيسان (أبريل) أو بداية أيار (مايو). قد تكون المصالحة مع سورية هي الخطوة ذات
الشأن الاولي في مجال علاقات مصر
الخارجية تحت قيادة الطنطاوي المؤقتة.
وقد تشهد هذه المبادرة ايضا باختلاف
الآراء الذي ساد بين الطنطاوي ومبارك
زمن ولايته في شأن القطيعة التي بدأت
في العلاقات بين سورية ومصر. هذه القطيعة التي بدأت في 2006، في حرب
لبنان الثانية، بعد ان لقّب الاسد قادة
الدول العربية ' أنصاف رجال'، لانهم
امتنعوا عن تأييد حزب الله بل نددوا به
- دفعت سورية الى زاوية سياسية معزولة؛
فقد استقر رأي السعودية ومصر والاردن
على قطيعة غير رسمية معها. لكنه بعد ثلاث سنين من ذلك حدث تغيير. فقد
قررت السعودية مخالفة عن موقف مصر، ترك
القطيعة، وجاء عبد الله ملك السعودية
في زيارة رسمية اولى الى دمشق في تشرين
الاول (أكتوبر) 2009. إن السعودية، التي
أرادت حل الازمة في لبنان في أعقاب
قضية المحكمة الدولية التي تحقق في قتل
رفيق الحريري، أدركت انه ليست لها دون
سورية أي وسيلة للتأثير في المسارات
السياسية في الدولة. وقدّرت ايضا ان
علاقات مجددة بالاسد قد تساعدها على صد
التأثير الايراني في الشرق الاوسط. أحدثت زيارة ملك السعودية تحولا مهما في
مكانة الاسد في الشرق الاوسط. فقد
تحولت عن وضع عُرفت فيه دولته بأنها
أحد رؤوس المحور الجديد غير العربي
الذي تشارك فيه تركيا وايران، الى محور
ذي أهمية ايضا لدى الدول العربية في
حين دُفعت مصر الى مكانة ثانوية. غير أن تغيير السياسة السعودية لم يُجد
كثيرا على تقديم مصالح الملك عبد الله.
فاستمرت الازمة في لبنان ولم ينجح سعد
الحريري الذي يرعاه الملك السعودي في
تشكيل حكومة ولهذا لم يصبح رئيس
الحكومة، أما العلاقات بين ايران
وسورية فأخذت تزداد قوة: ففي الاسبوع
الماضي زار طهران رئيس حكومة سورية
ناجي العطري، ووقع هناك على عدة
اتفاقات على التعاون التجاري. إن الاتفاقات نفسها التي تنضم الى
اتفاقات سابقة لم يُحقق بعضها بعد، أقل
أهمية من الزيارة نفسها التي تريد نقل
رسالة الى المحيط بأن سورية لا تنوي
جعل الضغط الدولي يؤثر في علاقتها مع
ايران. لا يعني هذا أن دمشق غير معنية
بتقديم مسيرة السلام مع اسرائيل لكنها
غير مستعدة لاحداث صلة بين هذه المسيرة
وبين علاقتها بطهران. يستطيع الاسد في خلال هذا ايضا أن يعرض
دولته باعتبارها 'جزيرة استقرار' في
الشرق الاوسط العاصف. سورية هي احدى
الدول الفقيرة القليلة في المنطقة
التي لم تجرِ فيها مظاهرات حقيقية على
النظام، برغم وجود اسباب جيدة جدا
للعصيان المدني في الدولة، وهي اسباب
أفضل من تلك التي لدى جماهير الشعب في
مصر أو في تونس. فالبطالة تبلغ نحو 20 25
في المئة (10 في المئة بحسب المعطيات
السورية الرسمية)، ويعتمد الجهاز
الاقتصادي على امتيازات المقربين من
السلطة؛ وتحتل سورية أسفل سلم الفساد
الدولي، وعلى حسب معطيات البنك الدولي
تقع في المكان ال 143 من بين 183 دولة في
سلم تشجيع الاستثمارات. ليست الثروة التي تجمعها العائلة الحاكمة
بمنزلة سر. يمكن ان نجد في مواقع سورية
على الانترنت تفصيلات مثيرة عن
ممتلكات الاسد وأبناء عائلته الخاصة
العظيمة. وقد كُتبت تقارير كثيرة لا
تُعد عن اضطهاد حرية التعبير في سورية
من اجل وزارة الخارجية الامريكية،
لكننا لم نسمع في الاسابيع الاخيرة
وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تندد
بدمشق بسبب ذلك، ولا يشوش ذلك على
سورية في منافستها في المقعد الذي
أخلته ليبيا في مجلس الامم المتحدة
لحقوق الانسان. متوسط الأجور في سورية يبلغ نحو 300 دولار
في الشهر، وهو أجر مرتفع قياسا بدول
فقيرة اخرى في الشرق الاوسط، لكن نحو 14
في المئة من ال 20 مليونا من المواطنين
يعيشون تحت خط الفقر. سارعت سورية في
نهاية شباط (فبراير) الى توزيع مال على
نحو 420 ألفا من أفقر العائلات، نحو 70
دولارا في الشهر على الشخص، لكن يُشك
في ان تستطيع هذه المساعدة أن تكون 'أفقا
اقتصاديا' يستطيع ان يُهدىء سكانا
غاضبين. وهنا، وبرغم ان الظروف الاقتصادية تشبه
أو قد تكون أصعب مما في مصر أو اليمن،
لا تثور سورية وليست فيها علامات على
انتفاضة شعبية. يمكن أن ننسب هذا الى
قوة سيطرة قوات الامن السورية
ورقابتها، والى الصدمة الوطنية
السورية: ففي 1982 قصف الجيش السوري
بالمدافع والطائرات مدينة حماة ليقمع
تمردا للاخوان المسلمين. قُتل عشرات
آلاف المدنيين. والنتيجة على كل حال هي أن الاسد الذي قال
في مقابلة صحافية مع صحيفة 'وول ستريت
جورنال' ان 'الاصلاح (السياسي) سينتظر
الى الجيل القادم'، يستطيع ان يكون
راضيا أو مطمئنا على الأقل. ================ وجهة نظر ..عنصرية مافوق
العنصرية والردُّ المناسبُ! دمشق رأي الأربعاء 16 آذار 2011 شارل كاملة تشرين لا يحتاج المراقب الى مخيلة عميقة كي
يستطيع الحكم بأن اسرائيل، وفي تحرك
الصفائح من تحتها، هي في وضع هو الأضعف
حالاً منذ عقود، والأكثر تعقيداً منذ
الإنشاء،. والأكثر حذراً وترقباً من أيّ وقت مضى بعد
أن أمضى حكام الكيان الأيام والساعات،
وهم يعيدون حساباتهم ويتحسسون مشروعهم
الشيطاني الذي اتكأ في عقدين ماضيين
على طريق معبّد بالهوان العربي
والتراجع القومي والتعب المهلك من حمل
القضية الأساس والمنطلق.. تناسى حكام
الكيان أن بقاء الحال من المحال،
وتعاموا عن أن للتاريخ دروساً ومواقف
وعبراً، وميتة هي الشعوب التي لا تقرأ
تاريخها بحذافيره.. ولا نشك لحظة في أن
الشعب العربي قد ينام على اتكاءة نظام،
لكنه وإن أغفل وأمهل فإنه لن يمهل الى
ما لانهاية، وهذا كان دائماً مبعث
الرعب القاتل لاسرائيل ومشروعها
الشيطاني، وهذا ماكان في تحرك الصفائح
الشعبية في مصر وتونس وهزّ القشعريرة
الصهيونية في الصميم خشية خلق فضاءات
تسمح بتفجير الطاقات العربية وإفراز
أنظمة تعيد الألق لما فات منه في عقود
سوداوية خلت، ومع ذلك ثمة ما يدعو الى
عدم الارتهان لصفوة الأجواء، فالعاصفة
لا تزال تطلق العنان لعواصف قادمة
ومحركات أقوى. صحيح أن إسرائيل اهتزت بفعل زلزال عربي،
وأعادت الكثير من حساباتها التي
أغفلتها في زمن مضى إلى الواجهة، لكن
الصحيح أيضاً أنها تستغل هذه الغفلة
الدولية، وهذا الالتهاء الدولي بأحداث
المنطقة لتطلق عنان بلطجيتها إلى
مستويات غير مسبوقة: تهديدات وممارسات
وفرض وقائع على الأرض تذكّر بأنها لا
تزال موجودةً وقادرةً على فعل المزيد،
والمزيد اليوم يطول البشر والأرض ومن
دون رقيب.. تسعير في عنصرية ما فوق
العنصرية.. فلتان قطعان المستوطنين
لشنّ عدوان وحشي وانتقامي وغير مسبوق
على القرى الفلسطينية في شمال الضفة
الغربية وتحت حماية قوات الاحتلال
بذريعة البحث عن منفّذي عملية مستوطنة
(إيتمار)... تسمين الاستيطان بوحدات
جديدة، فلتان في التصريحات التي تتوعد
وتعربد باجتياحات ومحارق تنسي
الفلسطينيين والعالم سيناريوهات
إجرامية مضت، والأنكى من كل ذلك، هو ما
نوت عليه اسرائيل من تقديم شكوى الى
الأمم المتحدة مفادها أن ثمة مَنْ
اعتدى على المستوطنين، ويشجع على
التحريض ضد إسرائيل.. وبالتأكيد، لن
تذكر اسرائيل في شكواها الفاجرة أن ثمة
مَنْ هدد من مجرميها في جيش الاحتلال
وطالب بألف قتيل مقابل مستوطن قتيل..!
وأن محارقها السابقة ماتت بالتقادم،
واليوم لها كلمة أخرى وتصرف آخر..
وإحصاء جديد يبدأ، ومعه تبدأ مرحلة
جديدة!! ولهذا لابدّ من استعجال ما يضمن إبقاء
الكيان في دائرة ذلك القلق والضعف، حتى
لو أظهر من الحماقة السياسية
والعنصرية المتزايدة أضعاف ما يشعره
بوجوده، فرسائله اليوم تأتي مكشوفة
المضمون والجوهر، وتفضح مكنونه
ومبتغاه.. وبداية هذا الاستعجال تكون
في الانحياز المطلق لوحدة فلسطينية لم
تعد ترفاً سياسياً، ولا هي مجرد شعار
وحسب.. والارتقاء بها إلى درجة الفيصل
بين جدية مواجهة التحديات التي يمثلها
العدو الاسرائيلي والقبول بالواقع
وأمره، فسلام الشجعان لا يعني بالمطلق
سلام الخذلان، وإنما يعني -قولاً
وفعلاً- رفضاً مؤثراً وفاعلاً لكل ما
يفرضه العدو من تكريس للاستيطان
والإبادة والاقتلاع، أي وقفة شجعان
على أرضية وحدة وطنية شاملة.. وثاني ما
ينبغي استعجال فعله أيضاً هو منع العدو
وداعميه من التغذّي ومنذ وجوده من ذاك
الانقسام العربي والهوان العربي
وانعدام الرؤية والمشروع
الاستراتيجيين العربيين، فعندها فقط
لن تكون إسرائيل مرعوبة وقلقة فحسب، بل
ستنصاع ومعها كل المؤيدين لها، فما
يملكه العرب من وسائل القوة يكفي، لكنْ...
لو تم توظيفه في المكان والزمان
الصحيحين. ====================== أقرب
إلى نموذج 1848 ترجمة: سامر الخيّر آنا آبلبوم البعث كثر الكلام، في الأسابيع الأخيرة، عن
الشبه بين حركات تونس وبنغازي وطرابس
والقاهرة وبين ثورات براغ وبرلين قبل
عقدين من الزمن، ولكن ثمة فرقاً
بيِّناً بين الاثنتين. فثورات الشوارع
عام 1989 التي أفضت إلى طي صفحة الشيوعية
ولدت من رحم حادثة سياسية واحدة هي سحب
السوفيات دعمهم للديكتاتوريين
المحليين، وذلك على خلاف ثورات 1848
الأوروبية، التي تشابهت مساراتها
ومطالبها مع الثورات العربية لأنها
جاءت نتيجة عوامل متشعبة وكثيرة، منها
الاقتصادي والتكنولوجي والسكاني،
وخطت الثورة في كل من المناطق العربية
مساراً خاصاً بها. وعلى الرغم من
أنهم استوحوا الأفكار الليبرالية
الوطنية والديمقراطية من بعضهم البعض
في ثورات 1848، فقد كانت لكل دولة أهداف
متباينة ومختلفة عن الأخرى، وهذا لسان
حال المتظاهرين العرب اليوم، فعلى
سبيل المثال، طالبت المجر بالاستقلال
عن نمسا هابسبروغ، وفي ما يعرف
بألمانيا اليوم، رمى السكان إلى توحيد
الناطقين بالألمانية في دولة واحدة.
وفي فرنسا، دعا المتظاهرون إلى إطاحة
بالملكية (من جديد)، وفي بعض الدول،
أفضت الثورات إلى اقتتال ضارٍ بين
جماعات اثنية، ولم يهدأ صوت المعركة في
بعض المناطق إلا على وقع التدخل
الخارجي. ومنيت معظم
ثورات 1848 بالفشل، فالمجريون طردوا
النمساويين، ولكن هؤلاء سرعان ما
عادوا أدراجهم. وأخفق الألمان في
الاتحاد، وأنشأ الفرنسيون جمهورية
انهارت بعد أعوام قليلة، وصيغت دساتير
لم تنفذ، وأهملت، وبقيت في الأدراج،
وأطيح بممالك، ثم أرسيت من جديد،
فالتاريخ بلغ منعطفاً ولكنه لم ينعطف
على حد تعبير المؤرخ أ.ب.جي تايلور. ولكن الأفكار
التي كانت متداولة في 1848 ترسخت في
الثقافة والمجتمع، وحققت بعض أهدافها
لاحقاً. ففي نهاية القرن التاسع عشر،
أفلح المستشار بيسمارك في توحيد
ألمانيا، وأبصرت الجمهورية الثالثة
النور في فرنسا، واستقلت الأمم التي
حكمتها امبراطورية الهابسبورغ بعد
الحرب العالمية الأولى. وبدا في العام 1849،
أن معظم ثورات العام السابق أخفقت،
وأنه انتهى إلى كارثة، ولكن تقويم
الثورات هذه بعد نحو خمسة عقود في 1899 أو
بعد الحرب العالمية الأولى في 1919
اختلف، وبدا يومها أن 1848 هي بداية
مرحلة تغيير مثمرة. واليوم تسعى
شعوب مختلفة في العالم العربي وراء
أهداف مختلفة، وتتظاهر في الشوارع،
ففي مصر، أهمية قرارات العسكر تضاهي
أهمية أفعال الحشود، ودور الإسلام
يختلف من بلد إلى آخر ففي مصر يختلف على
ما هي الحال في تونس واليمن. والنظام في
ليبيا لم يخجل من استعمال العنف
والأسلحة الثقيلة، بينما تجنبت
الأنظمة الأخرى اللجوء إلى مثل هذه
الوسائل. وفي مرآة 2012 قد
يبدو أن بعض هذه الثورات العربية أخفقت.
فالأنظمة الديكتاتورية المطاح بها قد
تنبعث، وتكتب لها حياة جديدة. وقد تخفق
الديمقراطية، وقد تنقلب النزاعات إلى
حروب اثنية. وعلى ما تظهر تجارب 1848، فإن
تغير الأنظمة السياسية هو مسيرة طويلة
تحتاج إلى الوقت. وقد لا يكون التغيير
وليد ثورة، بل ثمرة التفاوض والتنازل
عن السلطة. وقد يلجأ بعض حكام المنطقة
إلى هذا الحل. والتفكير في 1848
وتجاربها الثورية مفيد، فهو يساهم في
موازنة الخلاصات. ففي وقت من الأوقات،
في ذروة تظاهرات القاهرة، وجدت نفسي
أتابع من غرفة جلوسي خطاب حسني مبارك،
ورأيته يتكلم، وسمعت الترجمة، وشاهدت
رد الجموع. وللحظة، تخيلت أنني أشاهد
الثورة تتكشف على مرأى مني مباشرة وفي
وقت البث الحي. ولكني لم أرَ إلا
ما أظهرته الكاميرا، وما خفي عن
المُشاهد هو الأهم، أي مفاوضات أصحاب
البزات في الكواليس وغيرها من
المفاوضات. فالتلفزيون ينفخ في وهم
رواية أحادية المسار. فتبدو الحادثة
وكأن لها بداية وخاتمة. ولكن الحياة
الفعلية لا تشبه الحادثة التلفزيونية.
والعودة إلى التاريخ وعبره مفيدة
لأنها تذكرنا بأن الحاضر يشبه الماضي،
ويندرج في سياق التطور الزمني المستمر
والبطيء. «الثورة تقوّم في سياقها، وكل ثورة تخلف
بصمتها الخاصة والمتميزة. فالثورات
تنتقل من مكان إلى آخر. وهي تتفاعل
تفاعلاً محدوداً... ودراما الثورة
الواحدة تختلف عن دراما غيرها من
الثورات، ولو تزامنت أو تعاقبت. وكل
ثورة لها أبطالها وأزماتها. وتفترض كل
منها رواية خاصة بها بمعزل عن الأخريات».
من مقدمة كتاب يتناول ثورات 1848
الأوروبية. ====================== السير سيريل تاونسند سياسي بريطاني من حزب "المحافظين" تاريخ النشر: الأربعاء 16 مارس
2011 الاتحاد الدكتور روان ويليامز، الذي يشغل منصب
رئيس أساقفة كانتربري منذ 2002، مثقف
معروف بنزاهته وصراحته، ومشهود له
بالتميز والمواقف الشجاعة التي لا
يخشى فيها لومة لائم. ذلك أن "ويليامز"،
الذي كان يشغل من قبل منصب رئيس أساقفة
"ويلز"، لم يكن يخشى تحدي رئيس
الوزراء أو الحكومة القائمة حول قضايا
أخلاقية ودينية رئيسية، سواء تعلق
الأمر بغزو العراق في 2003 أو دور
الشريعة في المملكة المتحدة. وقد طور القدرة على القيام بذلك
دبلوماسياً، وبقوة وفعالية. كما أن
قطاعاً واسعاً من السكان يجد كلامه
منطقياً ومنسجماً مع العقل. غير أن كنسية انجلترا تعرف انقساماً
عميقاً هذه الأيام بخصوص مواضيع يأتي
من بينها المثلية الجنسية والنساء
الكاهنات. كما يواجه رئيس الأساقفة
انتقادات شديدة بسبب ما يعتبره البعض
عجزاً عن توحيد تلك الكنيسة ودفعها نحو
معالجة مواضيع أهم من ذلك بكثير. غير أن "ويليامز" مازال يحظى باحترام
واسع؛ وأحياناً تصيب انتقاداتُه
الصائبة والمحقة المرءَ بالذهول،
ويبدو أن هذا يتعلق بالجدل الذي يأتي
جراء الموضوعات التي يتم طرحها للسجال
العام. وهذا ما حدث معي في السابع من مارس الجاري
عندما قرأتُ المقال الذي كتبه في صحيفة
"ذا تايمز" اللندنية، حول اغتيال
"شهباز باتي" في إسلام آباد. "باتي"،
وهو وزير الأقليات في باكستان،الذي
كان يبلغ من العمر 42 عاما، اغتيل برصاص
ثلاثة مسلحين أطلقوا عليه النار حين
كان في طريقه إلى مكتبه. ويعتقد أن
مجموعة من متطرفي "طالبان"، هي
المسؤولة عن مقتله حيث ترك منفذو جريمة
الاغتيال كتيبات تابعة لتنظيم "القاعدة"
في مسرح الجريمة. وكان "باتي" كاثوليكياً وعضواً في
الحكومة في باكستان. كما كان رئيساً ل"تحالف
كل لأقليات الباكستانية" وعُرف
بدعمه للهندوس والسيخ والبارسي. وقد أشار رئيس أساقفة الكنيسة الانجليزية
إلى أن "باكستان أسست من قبل (محمد
علي جناح) كدولة إسلامية واعية
بانتمائها الديني، يتمتع فيها غير
المسلمين بحق كامل في المواطنة
والضمانات المدنية والحريات المرافقة
لها. وانسجاماً مع أفضل مثال تاريخي
للحكم الإسلامي، فقد كان ثمة اعتراف
كريم وواقعي بأن القناعات المتنوعة
والتعددية لن تزول، وبأن على دولة
إسلامية عادلة، لا أكثر ولا أقل من
دولة علمانية أو مسيحية عادلة، أن توفر
حقوق أقلياتها". وقد كان وزير الأقليات الباكستاني الذي
لقي مصرعه من أشد منتقدي قانون
التجديف، الذي يجعل مما قد يعتبره
البعض إساءة للدين جريمةً يعاقب عليها
الشخص الذي يقوم بالإساءة بالإعدام.
وقد جاء اغتيال هذا الوزير بعد شهرين
على مقتل حاكم إقليم البنجاب سلمان
تيسير، الذي كان من أشد منتقدي هذا
القانون أيضاً، ولكنه كان مسلماً،
خلافاً لباتي المسيحي، مما يثير القلق
بشأن المدى الذي وصل إليه بعض
المتطرفين. وكتب رئيس أساقفة الكنيسة الانجليزية
يقول: "لقد مات شهباز باتي - عملياً -
كشهيد – ودعوني أكون واضحاً – ليس
لعقيدته المسيحية فحسب، وإنما لرؤية
مشتركة بين المسلمين الباكستانيين
والمسيحيين الباكستانيين. أذكر أنني
عندما تجاذبتُ معه أطراف الحديث في قصر
لامبث العام الماضي، كان مدركاً
تماماً للأخطار التي يواجهها. ولكنه لم
يكن يسمح بأن يصرفه أي شيء عن التزامه
بالعدالة للجميع". ثم ختم "ويليامز" مقاله بهذه الكلمات:
"أن يكون شخص بمثل هذه الشجاعة
والصمود قد نشأ في الثقافة السياسية
لباكستان هو في حد ذاته شهادة ودليل
على قدرة تلك الثقافة على الحفاظ على
رؤيتها حية وقوية. وتلك في الواقع إحدى
المؤشرات القليلة التي تبعث على الأمل
في وضع مأساوي هو في أمس الحاجة إلى
الدعاء والعمل معا". باكستان لم تعجبها انتقادات رئيس أساقفة
الكنيسة الانجليزية من أن الحكومة لم
تأخذ حماية "باتي" على محمل الجد،
عقب اغتيال سلمان تيسير، الذي كان يشغل
منصب حاكم إقليم البنجاب. وكان جواب
الشرطة المحلية هو أن فريقاً أمنياً قد
شُكل وأوكلت إليه مهمة حماية وزير
الأقليات، وأن الوزير قرر الاستغناء
عنه بمحض إرادته. وفي هذا الإطار، أعلن رئيس الوزراء
الباكستاني يوسف جيلاني في حفل تأبين
الذي أقيم ل"باتي" إن الحكومة
الباكستانية "ستبذل قصارى جهدها
لإيجاد المذنبين وإحالتهم إلى العدالة". غير أن هناك شعوراً متنامياً في العالم
الغربي، الذي يحمل في أفكاره أو
بالأحرى يعتنق مجموعة معتبرة من
الآراء المسيحية، بأن مساهمته الواسعة
من المساعدات إنما تدعم حكومة في إسلام
آباد غير مستعدة للوقوف في وجه اليمين
الديني في باكستان. ففي وقت من
الأوقات، كان يبدو أن قوانين التجديف،
التي تُستعمل لمهاجمة ومضايقة الأفراد
وربما الاستيلاء على أراضيهم
وممتلكاتهم، سوف يتم إصلاحها وتغييرها.
أما اليوم، فقد بات من غير المتوقع أن
يحدث ذلك. في الدوائر الدينية في بريطانيا، مازال
البعض يتذكر أنه في العصور الوسطى كان
التشريع ضد الأقلية اليهودية يُستعمل
من قبل أعدائهم من أجل إغناء خصومهم.
ومما لا شك فيه أن الأمر يتعلق بفصل
يرغب الجميع في نسيانه، غير أنه فصل
يضرب على ما يبدو مثالًا لباكستان
اليوم. ولكن يبدو أن الباكستانيين قد بدؤوا
يلتزمون الصمت حول النفوذ المتزايد
للأصوليين الذين يعيشون بينهم. وفي هذا
السياق، كتبت "روث جليدهيل"،
مراسلة الشؤون الدينية في جريدة "تايمز"
البريطانية مؤخراً تقول: "إذا كانت
أجزاء من العالم الإسلامي تحاول
التخلص من قيود الاستبداد والطغيان،
فإن باكستان بدأت تنحدر أكثر على ما
يبدو إلى عقلية العصور المظلمة...
والحال أنه ليس ثمة شيء إسلامي بخصوص
هذه الحركة الإسلامية الصاعدة". ====================== "جيتس": تناقضات
الراهن والمستقبل مايكل جيرسون كاتب ومحلل سياسي أميركي تاريخ النشر: الأربعاء 16 مارس
2011 الاتحاد أكدت طائفة من الأحداث المتتالية، الشك
الذي يشعر به المحافظون منذ فترة طويلة
تجاه روبرت جيتس، وهو ما أثار تذمراً،
ودعا ويليام كريستوف للمطالبة بإحالة
وزير الدفاع الأميركي للتقاعد المبكر. ففي كلمة له في "ويست بوينت" الشهر
الماضي، رأى "جيتس" أن أي شخص
يطالب بتدخل أميركي واسع النطاق في
آسيا يحتاج - حسب عبارة الجنرال ماك
آرثر الشهيرة - "إلى من يفحص له عقله".
وهذه العبارة تبدو غريبة في الحقيقة،
خصوصاً في الوقت الراهن الذي تحشد فيه
الولايات المتحدة ما لا يقل عن 100 ألف
جندي في أفغانستان (بناء على توصيات
جيتس نفسه). وتشكك جيتس - الذي لا يخفيه - في فرض منطقة
حظر طيران في ليبيا، أدى إلى شلل إدارة
أوباما فلم تعد قادرة على الحركة، ولا
على إبداء مشاعر التعاطف الإنساني
حيال الأزمة الحادثة في هذا البلد. علاوة على ذلك، فإن الرحلة التي قام بها
"جيتس" مؤخراً للبحرين، والتي حث
فيها على البدء في عملية حوار سياسي في
اليوم السابق مباشرة على وصول القوات
السعودية، لهذا البلد لدعم العائلة
المالكة فيه، بدت غير متسقة مع خطى
التغيير في المنطقة. وتشكك جيتس في إمكانية التطبيق العملي
للجوانب المثالية للسياسة الخارجية،
يعد من قبيل التراجع للتلك الأيام التي
كان بوش الأب لا يني فيها عن القول "ينبغي
أن نكون واقعيين للغاية". وأثناء مرافقتي له في جولته الأخيرة التي
شملت أفغانستان، وأوروبا، والبحرين،
حدثني جيتس "عن القدرة على صياغة
العالم وصياغة الدول التي يختلف
تاريخها، وثقافتها، وتقاليدها، عن
تاريخنا، وثقافتنا، وتقاليدنا، ومدى
الصعوبة التي نواجهها في صياغة تلك
الدول على شاكلتنا". ولكن القبول بهذا الوصف الذاتي، الحريص،
والمتشكك، للمثالية والتدخل، يجعلنا
نفقد مغزى المفارقة التي يمثلها"بيل
جيتس". فجيتس هو الرجل الذي ساعد على إنقاذ
استراتيجية زيادة عدد القوات في
العراق، عندما بدأ كبار المسؤولين "الجمهوريين"
في التذبذب في مواقفهم، وبدأ الزعماء
"الديمقراطيون" يضغطون من أجل
تعيين موعد محدد للانسحاب. "جيتس"
هو الذي وفر غطاءً واقياً للجنرال
بترايوس في العراق وأفغانستان.. وهو
الذي حذر أوباما من الميول المناوئة
للحرب الموجودة لدى كبار مساعديه في
البيت الأبيض ولدى قاعدته
الديمقراطية، وما يمكن أن يترتب على
ذلك من تأثير ضار على القوات الأميركية
الموجودة في أفغانستان، وهو أيضاً
الذي تمكن ببراعة وذكاء من صرف الأنظار
عن الموعد الذي كان أوباما قد حدده
للبدء في سحب القوات الأميركية من
أفغانستان بعد أن جاء إلى البيت الأبيض
- شهر يوليو - وغيّره إلى موعد آخر، أكثر
واقعية وهو عام 2014 المقرر أن يستلم فيه
الأفغان المسؤولية الرئيسية عن أمن
بلادهم. لم يكن ممكناً سوى لرجل واقعي في مجال
السياسة الخارجية، ويتمتع بالقدرة على
طمأنة الجماهير أن ينقذ حرباً لا تحظى
بتأييد الشعب من الفشل (حرب العراق)،
وأن ينجز هذا التحول من إدارة محاربة
لإدارة غير محاربة بهذا القدر من
السلاسة، وأن يضع حرباً أخرى (حرب
أفغانستان) على المسار السليم - مثل "جيتس". فجيتس رجل يثبت بجلاء أن الصوت الخافت، لا
يعني بالضرورة ضعف المواقف... فقد قال
لي بصوت خافت حقاً، ولكنه حاسم"إن
زيادة عدد القوات في أفغانستان، قد
مثلت علامة تغيير جذري حقاً، ولكنها
تبرز في نفس الوقت نقطة أود التدليل
عليها وهي- الكلام لا يزال لجيتس - أنني
عندما توليت مهام منصبي في 18 ديسمبر،
كان عدد من قتلوا أثناء العمليات في
أفغانستان 194 جندياً، في حين يصل هذا
العدد الآن إلى 1155جندياً... فماذا يعني
ذلك؟ يعني أن تلك الحرب وخلال المدة من
2002 إلى 2007، بل و2008 أيضاً كانت تخاض على
مستوى منخفض للغاية. كانت الاستراتيجية العسكرية التي اتبعها
"جيتس" تنقسم لشقين: الأول، هو
تحقيق النصر في الحربين اللتين
تخوضهما الولايات المتحدة في الوقت
الراهن، والثاني تنشيط وزارة الدفاع
الخاملة. فكل فرع من فروع القوات
المسلحة كما يقول جيتس، يفكر في توفير
جهده للحصول على القدرات المستقبلية
المرتفعة التكلفة التي ستمكنه من
تحقيق نتائج ممتازة في أي مواجهات
مستقبلية. ولكن الحقيقة - كما يرى جيتس
أيضاً - أن هذه الفروع سواء كانت الجيش
أو القوات الجوية أو القوات البحرية أو
"المارينز" تستطيع أن تنجز الكثير
بالأسلحة والمعدات الموجودة في حوزتها
في الوقت الراهن.. ولكن نظراً لأن هؤلاء
القادة ينتمون إلى الثقافة التي أشرت
إليها، أي ثقافة المطالبة بالحصول على
معدات أكثر تطوراً ذات تكلفة باهظة
لإنجاز الأهداف التي يكلفون بها، فإنه
كان من الصعب عليهم أن يقوموا بمأسسة
العمل، وتحديد الأولويات التي يمكن
لهم بواسطتها إنجاز المطلوب منهم. وفقا لتقديرات تقريبية تبلغ تكلفة برامج
مقاومة التمرد 10 في المئة من الميزانية
السنوية لوزارة الدفاع الأميركية
بينما يخصص 50 في المئة من تلك
الميزانية للاحتياجات المستقبلية،
أما ال40 في المئة المتبقية من
الميزانية فإنها مخصصة لباقي
الاستخدامات. بناء على ما يستدل عليه
من أحاديثه الأخيرة يخشى "جيتس"
أن تكون المكاسب التي تحققت مؤقتة، وأن
تنسى فروع القوات المسلحة، بمجرد أن
تخفت وتيرة الحربين الدائرتين الآن
الدروس العديدة المستمدة منهما. من المنتظر أن يتقاعد "جيتس" خلال
الشهور القليلة القادمة. ومهما كانت
الانتقادات الموجهة إليه في الوقت
الراهن، فليس من المنتظر أن يكون الرجل
الذي سيحل محله أفضل منه. ينشر بترتيب خاص مع خدمة"واشنطن
بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس" ====================== آخر تحديث:الأربعاء ,16/03/2011 خيري منصور الخليج بارومتر تل أبيب الوحيد لقياس ردود
الأفعال في الأوساط اليهودية على
الحراك العربي الآن وفي كل أوان هو
السلام وما أنجز منه من اتفاقيات حتى
الآن بدءاً من كامب ديفيد إلى أوسلو
مروراً بوادي عربة . وآخر ما نشر من استطلاعات للرأي في الدولة
الصهيونية حول ردود الأفعال على
الحراك العربي يؤشر إلى تصاعد النسبة
المئوية بين العينات فيما يتعلق
بالتشاؤم من مستقبل السلام، فالأكثرية
اليهودية ترى أن الديمقراطية في
العالم العربي في حال تمددها وتعميق
ثقافتها قد تفرز نظماً سياسية
راديكالية، خصوصاً في موقفها من
الصراع العربي الصهيوني، وغالباً ما
ينطلق هؤلاء من عبارة تنسب إلى شمعون
بيريز حول اعتباره بعض النظم العربية
كنزاً استراتيجياً لدولته، ولو أنيط
الأمر بالكيان الصهيوني ليقدم تعريفاً
للديمقراطية الصالحة للعرب، لما تردد
في القول بأنها ديمقراطية مشروطة، يجب
أن يفوز فيها دهاقنة التطبيع، وغلاة
الدعوة إلى إنهاء هذا الصراع بأي ثمن .
وللفلسطينيين بالتحديد تجربة في
الديمقراطية غير المرغوب فيها
صهيونياً وأمريكياً، انتهت بفرض حصار
شبه إبادي على غزة وكوفئت تلك التجربة
بعدوان شامل أودى بحياة الآلاف بين
شهداء وجرحى ومعاقين إضافة إلى تدمير
ما أنجز من البنية التحتية . إن أكثر الناس في عالمنا تبشيراً
بالديمقراطية هو الأكثر خوفاً من
نتائجها . خصوصاً إذا كانت هذه النتائج
إيجابية لمصلحة الشعوب بحيث تعيد
النظر في جملة من الارتهانات السياسية
ومفهوم الاستقلال . وما كتبه مؤخراً اثنان من الأكاديميين
اليهود في يديعوت احرونوت تحت عنوان
جدول السلام في الدولة العبرية، يفتضح
هذا القلق من الحراك العربي إذا أسفر
عن نتائج هي لمصلحة الشعوب،
فالاستقرار الذي تحلم به تل أبيب في
المنطقة هو حالة من التخثر والعطن،
وبالتالي الاستنقاع الذي يتيح لها أن
تعثر على مجال حيوي مناسب لتجريب كل ما
هو معلن ومخفي في استراتيجيتها . فهي
كانت للتو تحلم بمضاعفة عدد
الاتفاقيات مع أقطار عربية أخرى مدرجة
على القائمة، لكنها فوجئت بأن
الاتفاقيات المنجزة أصبحت عرضة للشك
في استمرارها . الديمقراطية المطلوبة للعرب حسب المعجم
العِبْري هي من طراز آخر، سبق أن تحدث
عنه يوري أفنيري عندما كتب مقالة ساخرة
عن ديمقراطية اليهود، التي تتحول إلى
غنيمة سياسية لهم وحدهم، لكن الآخرين
غير مشمولين على الاطلاق بهذه الرعاية
الصهيونية . ولو ذهبنا إلى ما هو أبعد من هذه
الاستطلاعات والمخاوف الصهيونية، فإن
المصدر الحقيقي للخوف هو من تحول
المجتمعات العربية إلى ما هو أرقى، ليس
في نظم الحكم فقط، بل في مستويات
التعليم والحداثة والصحة ودخول العصر
باستحقاق وجدارة . فما تخشاه الصهيونية هو العربي المتعلم
الواعي والمعافى والحالم بالتكامل
القومي وليس بالتآكل الطائفي . وقد لا تعنيها الشعارات المرفوعة في هذا
البلد العربي أو ذاك، قدر ما يعنيها
التحول الفعلي للواقع العربي، فكلما
أصبح العرب أقوى وأوعى بواقعهم وما
يحيط بهم يتحولون بالضرورة إلى ذخيرة
حضارية وقومية لقضاياهم وفي مقدمتها
القضية الأم في فلسطين . ومن يتحدثون عن القلق في أوساط اليهود
بسبب هذا الحراك العربي نادراً ما
يسمون الأشياء بأسمائها، والزعم
الدائم بأن خشيتهم من الإسلام
الراديكالي يخفي خشية أشمل وأعمّ،
فالعرب ليسوا جميعاً داجنين وطيعين
وقابلين لإعادة الصياغة باستثناء تيار
واحد سواء كان راديكالياً أو معتدلاً،
لأن الصراع منذ مربعه الأول كان وسيظل
عربياً صهيونياً . ====================== آخر تحديث:الأربعاء ,16/03/2011 ميشيل كيلو الخليج بدأ الكتّاب السياسيون يتساءلون إن كانت
أمريكا على علم بالتغييرات التي تجري
في وطننا العربي، أو إن كانت تقف
وراءها، وأي مستقبل ينتظر العرب، إذا
كانت واشنطن تؤيدها أو تعارضها؟ وبما أنه لا يجوز، في رأي بعض هؤلاء
الكتاب، أن يقع أي شيء في الدنيا كلها
بغير علم أمريكا أو أوامرها، فإن هناك
من يقول إنها كانت تعد العدة للتغيير
منذ نصف عام، بدلالة أمر يقال إن
أوباما أصدره إلى سلك بلاده الخارجي
وأجهزته الأمنية بضرورة تشجيع التخلص
من الأوضاع العربية القائمة، والتمهيد
لأوضاع بديلة تقوم على نظم مختلفة عن
الراهنة . بل إن هناك من ساق أدلة أشد
إضحاكاً من الدليل السابق، تقول إن
الشبان الذين قادوا انتفاضتي تونس
ومصر على علاقة مع جهات أمريكية، وأن
محمد البوعزيزي لم يحرق نفسه من فراغ،
بل فعل ذلك تلبية لأوامر أمريكية،
وكذلك وائل غنيم، الزعيم المفترض
لشباب مصر أنكر زعامته المزعومة لهم
مرات متعددة أنه رجل مخابرات أمريكية
أو تسيّره أمريكا عن بعد . ثمة سببان يكمنان وراء هذه الهلوسة: واحد
تتبناه جماعة أمريكا يرجع إلى طريقة في
التفكير ترى في واشنطن قدر العالم
ومقرر مصيره ومركزه، الذي يقول
للأشياء كوني فتكون، ويستطيع اختراق
أي مجال، بما في ذلك المجال الشخصي لأي
كان، ويعلم ما يدور في العقول والصدور،
ويقف وراء ما يحدث في أي مكان من
العالم، مهما كان تافهاً وقليل
الأهمية . وآخر يتبناه أنصار عدد من
النظم العربية، ينسب كل شيء للقوى
الخارجية، بما في ذلك نقص الماء في
سنوات الجفاف، ونقص الطحين في
الأفران، ورغبة الفقراء في شرب الشاي
بسكر مع الخبز كوجبة رئيسية في
الأرياف، والخلاف بين زوجين على سهرة
عند أصدقاء . هؤلاء السادة، ما إن يقع
شيء في أي مكان من بلادهم، حتى يبحثوا
عن سبب خارجي يفسرونه من خلاله، حتى إن
كاتباً صحافياً كتب تحقيقاً عن وضع
مستشفى بلدته، فاستدعي إلى جهة معلومة
واتهم بخدمة العدو، لأنه كتب ما يشوه
سمعة بلده، وأفاد العدو، الذي صار يعرف
أسرار المستشفى . وعندما قال إن ما كتبه
صحيح، وإنه يقبل تحقيقاً رسمياً في
الأمر، رد محدثه: نحن نعرف ذلك، لكن
العدو قد لا يعرفه، إذن، أنت قدمت له
خدمة وأخبرته بأن أوضاعنا الداخلية
ليست على ما يرام، وهذا يشجعه علينا،
فأنت ربما تكون قد حرضته بهذه الطريقة
على مهاجمتنا . مهما يكن من أمر، فإن هناك سؤالاً مهماً
يستحق أن يطرح: هل توافق أمريكا على
التحول الذي يعيشه وطننا العربي منذ
أشهر قليلة؟ وهل ستسانده؟ قبل الإجابة
عن هذا السؤال، من الضروري ملاحظة
مسألة مهمة هي أن أمريكا وافقت على
تحول مماثل في منطقة أقرب إليها بكثير
من منطقتنا، هي أمريكا اللاتينية،
حديقة منزلها الخلفية، التي سبق لها أن
أصدرت عام 1823 إعلاناً رئاسياً حولها
يحمل توقيع الرئيس مونرو يمنع دخول أية
قوى أوروبية أو دولية إليها، ويعتبرها
محمية أو مستعمرة أمريكية سيتعرض كل من
يقترب منها للعقاب والحرب، وكل من هو
موجود من غير الأمريكيين على أرضه أحد
بلدانها للطرد، وهم ما حصل بالفعل مع
إسبانيا، المستعمر القديم . قبلت
أمريكا تحول أمريكا اللاتينية إلى
الديمقراطية، وهي تتعامل مع حكومات
يقود معظمها أشخاص خاضوا بالأمس
القريب حروب عصابات ضد النظم الموالية
لها . ذلك موقف أملاه عليها، في
اعتقادي، العجز عن فعل شيء، وعن تحدي
إرادة شعوب اختارت خصومها حكاماً
لبلدانها، وسياسة ترى أن على واشنطن
القبول بالتعامل مع الخصم، الذي لا
تستطيع قهره، مع العمل في الوقت نفسه
لتغيير علاقات القوة بينها وبينه، فإن
نجحت في قلبها لصالحها، غيرت مواقفها
حياله وأخضعته لإرادتها . أظن أن موقف أمريكا تجاه العرب سيتبنى هذه
القاعدة: أي القبول بما يجري ريثما يتم
كشف منطوياته، فإن كانت في غير صالحها،
عملت على تطويعه وجعله ملائماً لها،
فإن فشلت قاومته بكل ما لديها من وسائل
. أما المعيار الذي ستعتمده فهو واضح
منذ الآن، تلخصه الأفكار التالية: ليس
مسموحاً بأن تعيد حركات التغيير
العربية الراهنة طرح أو استعادة
المسائل التي كانت ذات يوم من تاريخ ما
بعد الحرب العالمية الثانية مواضيع
عداء وخلاف عميق بين أمريكا والعرب،
وحملت مخاطر هددت “إسرائيل”، على
رأسها مسألة الوحدة العربية وما يمكن
أن يترتب عليها من مواقف وخيارات . أعتقد أن العرب لن يختلفوا مع أمريكا قدر
خلافهم مع “إسرائيل”، التي تحتل
اليوم أيضاً أراضي فلسطين ومناطق من
لبنان وسوريا، وتعلن عزمها على البقاء
فيها، هذا إذا لم تكن قد اتخذت بعد
قراراً رسمياً بضمها إليها، مثلما هو
حال الجولان، الذي ضمته رسمياً عام ،1981
منذ نيف وثلاثين عاماً، وتعلن دوماً
استعدادها للتفاوض حوله دون شروط
مسبقة، مع التذكير بأنها لن تنسحب منه .
هنا، في العلاقة مع “إسرائيل” سيكمن
بالتأكيد سبب مهم للخلاف مع أمريكا،
وربما لجزء من المشكلات، التي
ستواجهها سياسات النظم الجديدة، مع
ملاحظة أن الخلاف حول الوحدة و”إسرائيل”
ليس بالأمر القليل الأهمية، وأن من
شأنه إعادة علاقات العرب مع واشنطن إلى
النقطة صفر، إلا إذا كانت الأخيرة
ستغير سياساتها من الوحدة والاحتلال “الإسرائيلي”
لأراضيهم، وستفتح صفحة جديدة معهم هم
فيها أنداد لها وسادة دولهم وبلدانهم
وخياراتهم . هل ستقبل أمريكا علاقة كهذه؟ أعتقد أنها
ستقبلها، إذا كانت لا تستطيع رفضها،
وافتقرت إلى بدائل لها، وهذا يفترض
أولاً: أن تكون إرادة العرب موحدة،
وخياراتهم متقاربة لا تمكنها من
اختراقهم وبث التناقضات بينهم،
وتأليبهم بعضهم ضد بعض، وفي النهاية
استضعافهم وضربهم فرادى، كما فعلت بين
منتصف القرن الماضي وعدوان يونيو/
حزيران عام ،1967 وثانياً: أن يرسموا
سياسة موحدة تجاه الصراع على فلسطين
واسترداد الأرض المحتلة، تحمل من
عناصر القوة والتصميم ما يرغم أمريكا و”إسرائيل”
على الاستجابة لمطالبهم في قيام دولة
حرة وسيدة ومستقلة في فلسطين العربية،
وخروج الاحتلال من لبنان وسوريا . أبدى الأمريكيون حماسة ظاهرة حيال
الحدثين التونسي والمصري، وهم يبدون
اليوم قلقاً ظاهراً تجاه الحدث
الليبي، وقلقاً أكبر حيال اليمني .
لكنهم يعلنون سعادتهم بما جرى، لأنه
يسهم في تقويض خطر “القاعدة” كما قال
رئيس أركان جيشهم الأميرال مايك مولن
في حديث مع إحدى محطات التلفزة العربية
. إلى أن يغيروا رأيهم أو يتبين أنهم صادقون
حقاً في سعادتهم بما حدث ويحدث، سيستمر
العرب في التعامل مع واقعهم بالروح
الجديدة، التي بثها فيهم اكتشاف خطير
كان قد غاب عن وعيهم، هو أنهم شعب، وأن
صوتهم كشعب يكون من صوت الله بقدر ما
يكون حراً، وأن أمريكا أو غيرها ليست
ولن تكون قدرهم، ما داموا قد بدأوا
يأخذون مصيرهم بأيديهم . ====================== المصدر: صحيفة «غارديان»
البريطانية التاريخ: 16 مارس 2011 البيان لن تسفر منطقة حظر الطيران المزمع فرضها
فوق ليبيا، سوى عن القليل جداً من
النتائج، وفي وقت متأخر جداً. وأعظم
رصيد لدى الثوّار الليبيين هو كونهم من
هم. نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في
الصفحة الأولى لموقعها الإلكتروني،
مؤخراً، موضوعا حول المفارقة الكامنة
في نشر أقوى جيوش العالم وأكثرها قدرة
على الحركة. والأمر ليس له علاقة
بنظريات حول الفائدة من استخدام القوة.
وقد ورد في أحد التقارير، أن القوات
الأميركية تكافح من أجل إقناع القوات
والشرطة الأفغانية لمقاتلة حركة
طالبان في ولاية غزنة في أفغانستان.
وبجانب هذا التقرير، هناك تقرير من
بنغازي الليبية يظهر الإصرار هناك على
محاربة القذافي؛ مرسوماً في تجاعيد
وجوه السكان، ولكن مع الغياب التام
لإمكانيات القيام بذلك. وفي ما يتعلق
بهذا الأمر الأخير، يتحدث ضباط
أميركيون بتشكك حول الاستراتيجية، فهم
يطلقون عليها الفصل العميق بين
الانتصارات التكتيكية (وربما المؤقتة)
التي حققتها وحدات عسكرية أميركية ضد
طالبان، والهدف الاستراتيجي من ترك
دولة فاعلة تؤدي مهامها بعد مغادرتها.
وفي ليبيا، فإن الفصل الوحيد هو بين
الرغبة في القتال والوسائل اللازمة
للقيام بهذا بفعالية. أصابت المعارضة
حالة من الارتباك بسبب مشكلات لوجستية
لإعادة تموين جبهة القتال، والحفاظ
على الوحدة السياسية، والرد ببساطة
على الهاتف. فهل هذه حجة كافية لقيام
الجنود الأميركيين في ليبيا، بإنجاز
ما فشلوا في القيام به في أفغانستان؟ تزيد الضغوط في بريطانيا وفرنسا
والولايات المتحدة، من أجل إقامة
منطقة حظر للطيران، تغذيها التقارير
الواردة على مدار الساعة بشأن القتال
العنيف في الزاوية (التي محيت تقريبا،
لكن لا يزال المقاتلون فيها يتصدون
للهجمات)، وحول رأس لانوف وبن جواد.
وجاء رد القذافي، أخيراً، بشأن
إمكانية التدخل الغربي، ليوحي بالطعم
المسبق لسلطة وطنية سوف يكتسبها إذا
استهدفت القنابل دفاعاته الجوية،
تمهيدا لإنشاء مثل هذه المنطقة، حيث
قال: «إنهم يريدون الاستيلاء على نفطكم.
وهذا هو ما تريده أميركا، وما يريده
الرئيس الفرنسي، وما يريده
المستعمرون، سوف يحمل الشعب الليبي
السلاح ضدهم». وفي اللحظة التي ستصبح
بريطانيا أو فرنسا أو الولايات
المتحدة متورطة عسكرياً، سوف يكون
الموقف قوامه أن القذافي أمام القوى
الاستعمارية في الماضي والحاضر،
لمنطقة الشرق الأوسط. ولن يعود قوام
الموقف وجود القذافي، الذي يجسد شركة
عائلية في مواجهة شعبه. ينبغي على أعضاء «الناتو» الذين اجتمعوا
مؤخراً في بروكسل، أن يوضحوا موقفهم
بشأن تجنب الانفصام بين الواقع
والسياسة في ليبيا. هذا بالفعل متأصل
في بعض المطالبات التي قدمت بشأن منطقة
حظر الطيران. ولنكن واضحين بشأن ما لا
يتم القيام به، حتى لو كانت مخولة
بقرار من مجلس الأمن الدولي. لن يكون
ذلك فورياً. يمكن أن يستغرق فرض منطقة
حظر الطيران حتى منتصف ابريل المقبل كي
يدخل حيز التنفيذ، وهو الوقت الذي يمكن
أن تكون فيه الأوضاع على الأرض مختلفة
جداً. وسوف يكون لها تأثير أقل على
طائرات الهليكوبتر، التي تعتبر أسلحة
أكثر فتكاً في هذا النوع من القتال، عن
تأثيره على الطائرات النفاثة. وكما
اعترف «ايفو دالدر»، سفير الولايات
المتحدة لدى «الناتو»، فإن النشاط
الجوي العام ليس هو العامل الحاسم في
معركة تدار بالمقاتلات بين الثوار
والموالين للنظام والمرتزقة. فلن تردع
طوابير الشاحنات والمدفعية بقصف مواقع
الثوار، بل ستقدم المزيد من المنابر
التي يتحدث من خلالها السياسيون الذين
يريدون الظهور، بمظهر من يفعلون شيئا.
إن أقوى سلاح يملكه ثوار ليبيا هو
قضيتهم وهويتهم، فهم ليسوا عملاء
للقاعدة ولا وكلاء للكولونيالية
الغربية، وإنما هم ليبيون ثاروا بعد
عقود من القمع الوحشي. ====================== عمر العمر التاريخ: 16 مارس 2011 البيان كما ليبيا ليست مصر أو تونس، فإن الشعب
الليبي يكتب بالدم سيرة اكتشاف طاقاته
على طريق صناعة الثورة. الشعب التونسي
باغت الأمة بأسرها وهو يسك شعار «الشعب
يريد إسقاط النظام»، في زخم جماهيري
تلقائي يتصاعد حتى بلوغ غايته. قدرة التونسيين على الإطاحة بنظام بوليسي
في غضون ثوران قصير الأمد، أيقظت جذوة
الثورة في كل الشعوب العربية الواقعة
في قبضة الاستبداد والفساد. المسكوكة
الثورية، والنصر المباغت، إبداعان
تونسيان خالصان ملهمان. الشعب المصري تجاوز إبداع التونسيين،
فباغتنا على طريقته. مفاجأة المصريين
لا تتمثل في كسر ترسانة القمع، والثبات
في الميدان حتى تحقيق الغايات.
المباغتة المصرية الأكثر تفرداً تتجسد
في الانضباط الجماهيري التلقائي
المشرب بالوعي. عندما سقطت هيبة الدولة
عمداً من قبل زبانية النظام، نهض الشعب
ببناء أسيجة الأمن حول المنشآت
والأحياء. على نقيض السيناريوهات
المقروءة والمرئية المحتفى بها ضمن
بشارات الثورة، لم يتقصد الهابطون من
العشوائيات الأحياء الراقية. كما
تجاوبت مدن تونس مع ريفه على إيقاع
الثورة، التهب تمرد مدائن مصر على
نواطيرها حتى اكتملت تميمة «الشعب
يريد تغيير النظام». الشعب الليبي يتجاوز إنجاز المصريين
والتونسيين. أحفاد المختار يفاجئوننا
بقدرات مهولة، تتجاوز الثورة إلى
الصمود تحت النار. هنا روح ثورية ضارية
لا تقبل النكوص أو الانكسار، وتتقبل
حمم القذائف الجوية والبرية والبحرية.
الشعب الليبي فاجأ ملك ملوك إفريقيا
وشعوبها برفض المساومة على تغيير
النظام. ليبيا ليست مصر أو تونس، فلكل شعب مفرداته
الثورية. في الحالات الثلاث تواجه
الشعوب أنظمة مفرطة في الاستبداد
والفساد. كما تشابكت أيادي أبناء وبنات
تونس من الريف والمدن على كل المدارات
الاجتماعية، عبر المصريون حاجز
الطائفية البغيضة. كذلك كسر الليبيون
معازل القبليات الضيقة. اليمنيون
يهجرون مضارب القبيلة إلى ميادين
الوطن. أحد ملامح الإبداعات اليمنية
قيد التبلور في الساحات المفتوحة
يتمظهر في المخيمات المسمنة بالمحتجين
يومياً حتى استبدال النظام. الثورة العربية تفتح آفاق العمل المشترك
أمام الشعوب من أجل صناعة المستقبل
بروح ديمقراطية. البركان الجماهيري لم
يهز الأنظمة القطرية وحدها. روح الثورة
طالت بيت الأمة. للمرة الأولى تخرج
الجامعة العربية عن قوقعتها الرسمية،
فتنحاز ولو
على حياء لمصالح
شعب ضد نظامه. الثورة العربية كتبت
بدماء شبابها بلاغاً ينهي
على نحو حاسم ونهائي
أسلحة البطش في ترويض الجماهير.
عنف الدولة لا يزيد الشعوب إلا
عنفواناً، حتى إذا مرقت أسلحة الأنظمة
حد الإبادة الجماعية أو ارتكاب جرائم
ضد الإنسانية. تداعيات الزلزال العربي
طالت العواصم الغربية صانعة القرارات
الكبرى. باراك أوباما لم يتردد في
الاصطفاف إلى جانب الجماهير المصرية.
تلكؤ الإدارة الأميركية إزاء ثوار
ليبيا الصامدين تحت حمم الجو والبحر
والبر مصدره كذلك الثورات العربية.
أصوات أميركية تصاعدت ناقدة باراك
باعتباره ذهب مصرياً إلى أبعد مما يجب.
جمهوريون وديمقراطيون قالوا إن الرجل
الأسمر وضع مصالح أميركا تحت أقدام
جماهير ميدان التحرير. كما العادة تحرك
اللوبي الصهيوني محذراً من مغبة
مجاراة الحريق العربي. واشنطن لم تعد
تدرك اتجاهات الرياح العربية الجديدة. تحت هذا الضغط، بدأت الإدارة الأميركية
تحض الثوار على التخلي عن شعار «الشعب
يريد تغيير النظام»، وانتهاج الحوار
من أجل إصلاح النظام. الشعوب العربية
ذهبت أبعد من الاهتداء بنصائح
الآخرين، إذ قررت أخذ مصيرها بيدها.
بما أن لكل حالة خصوصيتها، فإن كل شعب
قادر على استنباط مفرداته. تتباين
الظروف، غير أن الاستبداد مثل الفساد
واحد. صناعة التاريخ الجديد في جغرافيا
التخلف مهمة واحدة فقط تتباين آلياتها
حسب إبداعات الشعوب وظروفها. الليبيون غادروا جغرافيا الجماهيرية
العظمى دون رجعة. ربما يطول المشوار أو
يكون باهظاً لكن الليبيين عقدوا الدم
على صناعة المستقبل بروح ديمقراطية. ليبيا لن تكون مصدر الإبداع الثوري
العربي الأخير. ====================== قراءة في الموقف
الإسرائيلي من الثورة المصرية المستقبل - الاربعاء 16 آذار 2011 العدد 3941 - رأي و فكر - صفحة 19 ماجد عزام() قدم التعاطي الاسرائيلي مع الثورة
المصرية وتداعياتها صورة واضحة عن
حقيقة الدولة العبرية حيث الغطرسة
والعنجهية والتعالي والانفصام عن
المحيط كما الواقع المتردي والافاق
الاستراتيجية القاتمة. مع انطلاق الشرارة الأولى لانطلاق الثورة
تعاطت اسرائيل معها على المستوى
الرسمي- وحتى الاعلامي- باستخفاف وبدت
التوقعات اقرب، في الحقيقة، الى
الامنيات وطمأنة النفس بنظام مبارك
المستقر والقوي والمتمرس في قمع الشعب
والقادر حتما على مواجهة تحدي الثورة
دون اي التفات الى الديمقراطية وحقوق
الانسان ورغبة الشعب المصري في
الانعتاق من نظام ظالم مستبد فاسد
وقمعي حتى باعتراف الاسرائيليين
انفسهم . مع الاسبوع الثاني للثورة وبعد اتضاح عجز
مبارك وزعرانه عن التصدي للثورة
وملايينها خاضت اسرائيل حملة سياسية
واعلامية واسعة للدفاع عنه تحت شعار
الاستقرار اهم من الديمقراطية ومصالح
اسرائيل والغرب لها الاولوية على اي
امر اخر مع التباهي بان اسرائيل ليست
فقط واحة الديموقراطية وانما ايضا
واحة الاستقرار في اقليم مضطرب حسب
تعبير نتنياهو وهذا الموقف تحديدا
اثار المعلق الشهير توماس فريدمان
الذي انتقد تناقض اسرائيل وانقطاعها
عن محيطها فهي من جهة تتباهى
بالديموقراطية التي توفر الاستقرار
ومن جهة اخرى تتنكر لثورة شعبية
وجماهيرية تطالب بالديموقراطية
والحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها. في الاسبوع الثالث للثورة ومع اتضاح تحول
مبارك الى جثة سياسية وخروجه من المشهد
السياسي واستحالة بلورة اي حل بوجوده
سعت اسرائيل بنجاح لدى الادارة
الاميركية الى تسويق فكرة انتقال سلمي
ومنظم للسلطة-بدون فوري- وكان هدفها
الرئيس تسليم السلطة للجنرال عمر
سليمان بصفته مرشحها المفضل والموثوق
والمجرب للحلول محل مبارك ولافراغ
الثورة من محتواها عبر الحفاظ على
النظام وسياساته مع تغيير الرأس فقط . صورة عن الموقف الاسرائيلي المتناقض
والمتغطرس نجدها ايضاً في كيفية
مقاربة شيمون بيريز للثورة المصرية
وهو بداية كال المديح للرئيس المخلوع
مبارك الذي رغم اخطائه حافظ لعقود على
السلام والاستقرار في المنطقة
والعبارة ليست سوى استعارة او تعبير
حركي عن المساهمة في امن اسرائيل وحفظ
مصالحها غير اننا نجد مزيدا من التناقض
والغطرسة والانفصام في خطاب بيريز
الذي القاه في افتتاح مؤتمر هرتسيليا
لهذا العام حيث دعا الغرب الى عدم
الصدام مع انظمة الاستبداد التي ترفض
ادخال الاصلاحات الديموقراطية اليها
وطالبه بدلا من ذلك بادخال
التكنولوجيا المتقدمة وتشجيع شركاتها
الكبرى على الاستثمار في هذا المجال
الذي لا ترفضه تلك الانظمة والنتيجة
برأي بيريز ان الشباب العربي سيحمل
الاى فون بدلا من الحجارة والحقيقة ان
هذا التصريح يحمل مضمون الموقف
الاسرائيلي المتغطرس والمنفصم عن
المحيط العربي غير الجاهز او غير
المؤهل للديموقراطية وحتى
التكنولوجيا المتقدمة تهدف اساساً الى
حماية الانظمة التي تحمي اسرائيل
والهاء او اشغال الشباب عن قضاياهم. العجوز الفيلسوف والخرف غيّر اقواله
بمجرد نجاح الثورة المصرية وانتقالها
الى دول عربية اخرى وقبل توجهه الى
اسبانيا لاجراء حوار ذي طابع
استراتيجي مع مسؤوليها وتحت وطاة
العزلة الشديدة التي تعانيها اسرائيل
في الفترة الاخيرة حيث قال للاذاعة
الاسرائيلية ان الانظمة الاستبدادية
ستذهب بينما الفيسبوك باق في تناقض مع
نظريته امام مؤتمر هرتسيليا عن
امكانية المزاوجة بين تلك الانظمة
والتكنولوجيا العالية وان من يحمل
الاي فون لن يحمل الحجارة او حتى لن
يخرج مطالبا بحقوقه ولو بشكل سلمي
وحضاري كما رأينا في القاهرة والمدن
المصرية والعربية الاخرى. اثر انهيار نظام الرئيس المخلوع في مصر
تعاطت اسرائيل مع الامر بهلع وكما
دائما كان المدخل الامني حاضرا وهي
قررت على الفور زيادة ميزانيتها
الامنية بمبلغ مائتي مليون دولار
وارسلت اهود باراك وعوزي اراد واخرين
الى واشنطن واستقبلت الجنرال مايكل
مولن في تل ابيب وتركزت الحوارات ذات
الطابع الاستراتيجي على استخلاص العبر
من الثورة المصرية وبلورة قناعات
مشتركة تجاهها كما تجاه تداعياتها
الهائلة على المنطقة وكما العادة كان
الابتزاز الاسرائيلي حاضرا عبر مطالبة
الولايات المتحدة بمزيد من الدعم
المالي والعسكري لمواجهة الواقع
الجديد في المنطقة حيث ترى اسرائيل
اثارا سلبية هائلة وذات بعد استراتيجي
للثورة المصرية عليها كما على مصالحها
في المنطقة وهي تفهم ما جرى على النحو
التالي: -انهيار نظام مبارك يعني انهيار النظام
الوحيد والاخير الحليف لها في المنطقة
بعد انهيار نظام الشاه في ايران منذ
ثلاثة عقود وانهيار التحالف مع تركيا
منذ ثلاثة اعوام تقريبا وهذا الامر
ستكون له عواقب استراتيجية حيث سيعمق
من عزلة اسرائيل ويزيد الضغوط عليها
ناهيك عن مواجهتها وحدها لحزمة كبيرة
من التحديات الداخلية والخارجية دون
شريك او حليف قوي ومصداق لديها. انهيار نظام مبارك قد يؤدي ولو على المدى
المتوسط والطويل الى انهيار معاهدة
كامب ديفيد كما يعني وضع حد للمكاسب
الاقتصادية والاستراتيجية الهائلة
التي جنتها اسرائيل من المعاهدة ومنها
على سبيل المثال لا الحصر نهاية حقبة
الحروب الكبرى مع العرب وتكريس حقبة
طويلة من الهدوء التي استفاد منها
الاقتصاد الاسرائيلي بجوانبه
المختلفة ومنها تغيير تركيبة الجيش
وتقليص عديد الجيش البري لصالح
التركيز على الاذرع الاخرى وادخال
التكنولوجيا العليا اليها وفق مصطلح
الجيش الصغير والذكي اضافة الى اطلاق
يده في شن حملات وعمليات عسكرية موسعة
ضد لبنان وغزة ببساطة انهيار المعاهدة
يعني حدوث العكس تماما وعلى سبيل
المثال ايضا وليس الحصر فان اسرائيل قد
تواجه احتمال عودة الخطر الى الجبهة
الجنوبية الشاسعة والمترامية الاطراف
ما يعني ليس فقط تخفيف ضغطها
واستنفارها على الجبهات الاخرى
والشمالية تحديدا وانما اعادة نشر
الجيش وتوسيع الذراع البرية وتخصيص
مبالغ مالية هائلة والامران غير
متوفرين حيث لا ميزانيات ولا حتى جنود
لنشرهم بعدما تحول جيش الشعب الى جيش
نصف الشعب حسب التعبير الساخر لاهود
باراك وربما يتحول الى جيش ربع الشعب
في العقود القريبة القادمة . انهيار نظام مبارك ستكون له عواقب سياسية
ونفسية كبيرة على الساحة الفلسطينية
حيث ستفقد سلطة رام الله حليفاً
وداعماً اساسياً بينما ستفقد سلطة غزة
خصماً عنيداً وشرساً والنتيجة قد تكون
موتاً رسمياً لعملية التسوية برمتها
وربما انهيار سلطة رام الله نفسها
وبالمقابل تصاعد قوة ونفوذ حركة حماس
ومعسكر المقاومة بشكل عام وزيادة ثقته
بنفسه وبخياراته وقدرته على خوض معركة
الاستنزاف بوجه اسرائيل وصولاً الى
النيل منها بشكل نهائي وحاسم . انهيار نظام مبارك ستكون له برأي اسرائيل
تداعيات اقليمية واسعة وقد يؤدي على
المدى القريب والمتوسط الى انهيار
انظمة حليفة لأميركا في العلن -و
لإسرائيل في السر- وفي المقابل الى
تقوية الانظمة والحركات المعادية لها
والنتيجة اقليم جديد مختلف غير خاضع
للهيمنة الاميركية التي تصب في مصلحة
اسرائيل وأمنها ايضا . ()مدير مركز شرق المتوسط
للإعلام ====================== مشاركة عربية في النقاش
داخل مصر: كيف نحمي الثورة؟ طلال سلمان السفير 16-3-2011 لأن ثورة مصر، بعد ثورة تونس ومعها، قد
فتحت أبواب الأمل بعودة الروح الى شعوب
الأمة العربية جميعاً لكي تنهض فتنجز
المهمات التي كانت تبدو مستحيلة في ظل
حكم الطغيان الذي دمر الحاضر العربي او
كاد، يرى كل عربي ان من حقه المشاركة في
الحوار الخصب الذي يدور في القاهرة
وسائر أنحاء المحروسة حول «الدولة» و«النظام»
وحقوق المواطن في وطنه التي كانت وما
تزال مختطفة او مصادرة في معظم أرجاء
الأرض العربية الفسيحة. لهذا جئنا الى القاهرة، وقصدنا «الميدان»
الذي صار قبلة المناضلين من اجل حقوقهم
في أوطانهم، محمولين على أمواج الفرح
واللهفة وشيء من الخوف على الثورة
الوليدة، والتعرف الى من صنع المعجزة
التي لم نكن لنتخيل امكان إنجازها حتى
في أحلامنا. من المطار الى المطار، واكبتنا أسئلة
القلق التي حملناها معنا في صدورنا
والعقول، حول قدرة الثورة الفتية على
إنجاز المهمات الثقيلة، وأخطرها رفع
ركام النظام الذي أسقطته الجماهير
التي كانت مغيبة فحضرت، ثم مواجهة
مسؤوليات بناء نقيضه المرتجى. وفي لقاءاتنا التي شملت مفكرين وكتابا
ورجال اعمال وزملاء صحافيين وبعض شباب
الثورة استمعنا الى أسئلة أكثر مما
تلقينا أجوبة. كان الكل يسأل، وكان شيء
من القلق يفرض نفسه على النقاش الدائر
في المساحة الواسعة للتمنيات. في الصحف وبرامج التلفزيون وتصريحات
المسؤولين كان الموضوع المركزي للنقاش
حول المشكلات الموروثة اساساً أو
المستولدة حديثاً: الخوف من الثورة
المضادة التي تطارد حلم التغيير في
مختلف المجالات وبأقذر الأسلحة، من
الطائفية الى التخريب الأمني فإلى
الشائعات التي تسمم المناخ وتفسد على
أهل الثورة فرحهم بالإنجاز التاريخي. كان أخطر الأسئلة: كيف تحمي «الدولة» وأنت
تهدم «النظام»، خصوصاً أنك لا تملك
مشروعاً متكاملاً او تصوراً محدداً
للنظام الجديد الذي تراه ملبياً
لطموحاتك... خصوصاً أن «الميدان» كان
يريد من إسقاط النظام حماية الدولة
واعادة الاعتبار إلى مواطنيها وإلى
حقهم فيها؟ ... ويكاد هذا السؤال ذاته يملأ الأفق في
تونس التي ما يزال ثوارها يضغطون برفض
من لا يريدون، وما لا يريدون، أكثر مما
يحددون خطتهم لإعادة بناء «دولتهم»
الجديدة. ونفترض انه يفرض نفسه على
المعتصمين في ميادينهم في اليمن، وعلى
الطامحين الى التغيير في الجزائر، أما
المنتفضون في ليبيا بقوة السلاح من اجل
حقهم في بلادهم فلهم الله والقرارات
الدولية التي لم تنقذ مرة شعباً من
الطغيان، بل إنها كانت في الغالب
الأعم، تمالئ أنظمة الطغيان التي تحظى
بدعم «الدول» صاحبة القرار في مجلس
الأمن، والتي تتقدم مصالحها بطبيعة
الحال على حقوق الشعوب في أوطانها وفي
بناء دولها بما يتناسب مع طموحاتها. ومع اختلاف الظروف في «الدول» العربية
التي مسخ الطغيان مؤسساتها او دمرها
بالفساد والنهب المنظم، وحول
الانتخابات الى استفتاءات يتحكم
بنتائجها جهازه البوليسي المغطى
دائماً بقشرة من النفاق السياسي بحيث
لا ينجح فيها الا مستنبتات أهل النظام
من رجال الأعمال الذين يظهرون فجأة
وينخرطون في شبكة المصالح التي تأخذ
الى «الخارج» القوي، فإن المشكلات
التي تواجه الثورات والانتفاضات
العربية وهي تحاول إعادة بناء دولها
تكاد تكون واحدة: اين النموذج الذي
نعتمده ونتخذه هدفاً لنضالنا من اجل
الغد الأفضل؟ ولأن النموذج الاميركي يتبدى من خارجه،
باهراً بمؤسساته الديموقراطية
وقدراته الهائلة على تجديد الواجهة
الجاذبة، بينما النموذج الاشتراكي قد
وجد نهايته المحتومة في عجزه عن التجدد
وتحول أنظمته التي يفترض ان تحقق
العدالة وتكافؤ الفرص والقدرة على
الإنجاز الى دكتاتوريات معادية لأساس
وجودها (الفكري) ولطموحات شعبها، وإلى
أنظمة شبه ملكية لا يتبدل رأسها الا
بالموت او بالانقلاب من داخل الحزب
القائد. ولأن مسألة الحرية والعدالة وتكافؤ الفرص
تتقدم على كل ما عداها في لحظة الزهو
بانتصار الثورة على نظام الطغيان. ولأن التركيز على الداخل يشغل عن
الانتباه الى ما يدبر في الخارج، من
محاولات لاحتواء الثورة بما يضمن
ابتعادها عن «التطرف»، سواء أكان «اسلاميا»
يأخذ الى «الإرهاب», أو مغالياً في
وطنيته الى حد الارتطام بواقع
الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية في
فلسطين وما حولها. ولأن جيل الثورة مهتم بإعادة بناء دولته
بما يتناسب مع طموحاته، وبالتالي فلا
يريد لأية مسألة أخرى أن تشغله عن هذه
المهمة. لكل ذلك ينهمك جيل الثورة بهموم الداخل،
مرجئاً الالتفاف الى الخارج في انتظار
ان ينجز إقامة دولته الحديثة، القوية
والعادلة، الموحدة والقادرة على
تمكينه من ان يعيش حياته في مناخ من
الحرية. لكن «الخارج» ليس بعيداً الى هذا الحد، بل
انه في «الداخل» يتابع ويحاول احتواء
الثورة، ان لم يكن بالتخريب
فبالغواية، وتقديم النموذج الفذ
للنظام الاميركي، وكأنه التجسيد الحي
للديموقراطية وكرامة الإنسان... في حين
ان هذا النظام ذاته كان هو الراعي
والحامي وموفر الذرائع لإدامة نظام
الاستبداد الذي نجحت الثورة في خلعه. لقد ظل نظام صدام حسين تحت الرعاية
الاميركية لعقدين او يزيد: ارتكب
المذابح ضد شعبه في الداخل شمالاً
وجنوباً، نظم قوائم الإعدام المتتالية
بحق رفاقه في حزبه وكبار الضباط في
جيشه، وقاتل ايران الثورة لثماني
سنوات طويلة مستنزفاً العراق وسائر
دول النفط العربي... وهو لم يفقد هذه
الرعاية الا حين قام بمغامرته
الجنونية بغزو الكويت، فحق عليه
العقاب. ومع ذلك لم تتحرك الإدارة
الاميركية لإسقاطه الا من ضمن خطتها
لفرض هيمنتها على المنطقة العربية
جميعاً (ودائماً بالشراكة مع العدو
الإسرائيلي) عبر الاستغلال المتواصل
لضرب مقاتلي القاعدة البرجين في
نيويورك، والتي لم يكن من بينهم أي
عراقي! وها هو النظام اليمني يقاتل ضد شعبه منذ
سنتين وأكثر فلا يفقد الرعاية
الاميركية، بل ان الإدارة الاميركية
لا تخجل من الادعاء أنها تحميه لان
بديله المرتقب سيتمثل في سيطرة «القاعدة»
على اليمن، وكأنما «القاعدة» تملك
الجيوش والأساطيل والامكانات لحكم بلد
شعبه لا يجد ما يمكنه من العيش بكرامة،
الا إذا رهن نفسه لإرادة الطغيان فمنّ
عليه بوظيفة لا فرق بين ان تكون مدنية
او عسكرية المهم ان تقيم الأود... وها هو نظام البحرين التي حوّل شيخها نفسه
الى ملك، في غمضة عين، والذي بادر الى
تقديم الجزيرة قاعدة للأسطول الاميركي
مباشرة بعد جلاء الاحتلال البريطاني
عنها، لا يهتم كثيراً للنصائح
الاميركية بضرورة اعتماد
الديموقراطية ولو ملطفة ومخففة، بل
يندفع - بوعي - الى تحويل المسألة
الوطنية الى اقتتال طائفي، مستغلاً
الصورة المضخمة للخطر الإيراني على
دول الجزيرة والخليج العربي... مع
التذكير بأن شعب البحرين، بأكثريته
الشيعية، قد رفض وعبر استفتاء أشرفت
عليه الأمم المتحدة الانضمام الى
إيران الشاه او التنكر لهويته الوطنية
وانتمائه الثابت الى أمته العربية. بالمقابل فإن الاحتلال الاميركي للعراق
الذي ورث الحكم عن طاغيته صدام حسين لم
يبن النظام الديموقراطي في ارض
الرافدين، بل انه تسبب في كارثة
إنسانية عز مثيلها، ذهب ضحيتها مئات
الآلاف من العراقيين فضلاً عن تشريد
بضعة ملايين منهم خارج وطنهم، معظمهم
في دول الجوار، أما أغنياؤه فقد
اختاروا اللجوء الى حيث وظفوا
ملياراتهم في استثمارات داخل الولايات
المتحدة وبريطانيا او في جوارهما. باختصار فإن الديموقراطية الاميركية،
وبغض النظر عن بريقها، للاميركيين،
ومن المهين لكرامة أي شعب حقيقي ان
يعلن فشله في بناء نظامه الديموقراطي
الا على أيدي الاميركيين او بناء على
نصائحهم. [[[[ عدنا من القاهرة مشبعين بالأمل، فأنديتها
ومقاهيها فضلاً عن مكتباتها وصحفها
وإذاعاتها المسموعة والمرئية ، تمور
بالنقاش الصحي والحوار المفتوح حول «الدولة
الجديدة» التي يريد شعب مصر أن يبنيها
بإرادته الحرة وبإمكانات وطنه الغني
اذا ما حفظت ثروته لأبنائه، وإذا ما
تحقق الأمل في اقامة نظام ديموقراطي
يلبي طموحات المصريين، ويكمل إنجازهم
الوطني فيحوله الى نموذج قابل
لاعتماده في سائر الأقطار العربية
التي أطال قهر الطغيان تغييب شعوبها عن
القرار فيها. وتاريخ النضال الوطني الديموقراطي في مصر
عريق، والخبرات المؤهلة لصياغة ما
يطمح اليه فتية الميدان المعبرون عن
ضمير وطنهم تستطيع إنجاز الهيكلية
الدستورية للنظام الجديد الذي يبنى
الآن تحت رقابة شعبية مباشرة يشارك
فيها الملايين. المهم حماية الثورة باستكمال التخلص من
بواقي النظام ومؤسساته التي كانت تؤمن
استمراره بالزور والتزوير والقمع
المنهجي وتهجير الكفاءات او شطبها من
دائرة التأثير، والحجر على الفكر حتى
لا يرتفع صوت بالاعتراض على الطغيان. تنشر بالتزامن مع جريدة «الشروق»
المصرية ====================== أ.د. أمين المشاقبة - الجامعة
الأردنية الدستور 16-3-2011 بعد ما يزيد على خمس سنوات من الانقسام
الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس
وانقلاب حماس على السلطة في غزة وفشل
كل المحاولات والوساطات العربية في
طيء صفحة الانقسام يأتي الدور
الجماهيري من خلال"شباب 15 أذار
لإنهاء الانقسام "الذين أطلقوا شعار"
الشعب يريد إنهاء الانقسام"
مستلهمين ذلك من الثورة المصرية
والتونسية واليمنية ومعتصمين في ميدان
الجندي المجهول في القطاع. إن هذا الحراك السياسي للشارع الفلسطيني
يدل بشكل قاطع على مستوى الوعي السياسي
والدور الذي تلعبه وسائل الاتصال
الجماهيري في تحريك المجتمع لحماية
مصالحة وثوابته الوطنية التي تأثرت
بسبب هذا الانقسام الأيديلوجي
الفصائلي ، والجغرافي الذي يهدد
المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني
المناضل لاستعادة حقوقه وإنهاء
الاحتلال وقيام دولته المستقلة
وعاصمتها القدس ، وهذا الانقسام افقد
المسيرة التفاوضية قدرتها على
الاستمرار ، ناهيك عن عوامل أخرى مثل
المماطلة والإمعان الإسرائيلي في
التصلب وعدم الاعتراف بالحقوق
المشروعة والاتفاقات الدولية. إن هذا
الحراك سيدفع الطرفين المتخاصمين "فتح
وحماس" الى الالتقاء على الثوابت
الوطنية حماية لها ، وإلاّ سيكون هناك
حديث آخر وشعارات أخرى للشارع ضد
الطرفين وفي هذه الحالة سيكون الشعار
الشعب يريد إسقاط السلطة الوطنية ، حيث
ان الشعب يدرك معطيات الواقع السياسي
وما سيكون نتيجته استمرار حالة
الانقسام التي تريدها اسرائيل في
تحقيق الانفصال الجغرافي ما بين الضفة
والقطاع ويعطيها الفرصة لعزل القطاع
والاستفراد بالضفة وتصفية القضية بما
يخدم أطماعها على حساب الحقوق
المشروعة. ان هذا الحراك الشعبي هو الذي سينتصر في
النهاية لأن إرادة الشعب أقوى من أية
سلطة سياسية ، أخذين بالاعتبار تراجع
العملية السلمية نتيجة لعدة عوامل
منها حالة الغليان الشعبي وتغيرات
الأنظمة السياسية في أكثر من دولة
عربية ، والاضطرابات القائمة جعلت
القضية المركزية متراجعة في سلم
الأولويات السياسية للدول للميل نحو
الاهتمام بالشؤون الداخلية وقضايا
الأمن والاستقرار ، ويضاف الى ذلك
انحياز الوسيط الدولي وعدم قدرته على
فرض اية حلول على الطرف الإسرائيلي
وغياب التأثير الدولي في مجريات
العملية السلمية القائمة في المنطقة
منذ مؤتمر مدريد ، كل هذه الأحوال تدفع
الشارع للتحرك للمطالبة بحل قضاياه
وأولى تلك القضايا إنهاء حالة
الانقسام التي ألحقت الضرر الأكبر
بالقضية الفلسطينية ، ومن هنا نعّول
كثيراً على الحراك الشعبي والجماهيري
في تصحيح مسارات القضية وسوء الأوضاع
ومعالجة الموضوعات الضرورية والمهمة
التي فشلت السلطة في تحقيقها. ====================== السودان.. جائزة نوبل
وملفات الجنوب! محمد خرّوب الرأي الاردنية 16-3-2011 يقترب التاسع من تموز, بما هو موعد اعلان
جمهورية جنوب السودان المستقلة, على
وقع قصف اعلامي متبادل بين الخرطوم
وجوبا, أو قُل بين الشريكين اللذين
باتا في حكم «المطلّقين», حزب المؤتمر
الوطني (الشمالي) والحركة الشعبية
لتحرير السودان, التي تستعد هي الاخرى
لتحويل نفسها الى حزب أو تغيير اسمها
ليتناسب مع مرحلة ما بعد التحرير/
الانفصال.. مائة يوم أو أكثر قليلاً تفصلنا عن موعد
الانفصال الرسمي, الذي تجري حوله
محادثات بين الطرفين, لتحديد الخطوات
والاجراءات التي ستنتهي باعلان «وفاة»
السودان القديم الذي عرفناه حتى الان,
إلا أن «الحقل» الذي يسيران فيه, مزروع
بالشكوك وانعدام الثقة والنيّات
السيئة المتبادلة, التي تنهض على
التربص والغدر ونسف أي محاولة للإبقاء
على الحد الادنى من علاقات الجوار التي
تفرضها ديكتاتورية الجغرافية على
الاقل, بصرف النظر عن طبيعة
وايديولوجية الحزب الحاكم سواء في
الشمال أم في الجنوب, الأمر الذي تجلّى
(على سبيل المثال) ودون محاولة للغمز من
قناة الجنوبيين, في ما أعلنه باقامان
أموم الامين العام للحركة الشعبية, من
أن حركته بدأت البحث عن «بدائل» لتصدير
نفط الجنوب عبر الشمال, بعد انتهاء
المرحلة الانتقالية الحالية (تنتهي في
تموز الوشيك).. الضرب تحت الحزام بدأ, وعداء شديد محمول
على كراهية عميقة طوال اكثر من نصف قرن
وخصوصاً أنها كانت معمدة بالدم, يصعب
أن ينتهي أو يختفي أو يتم تجاهله, بمجرد
التوقيع على اتفاقية أو حدوث الانفصال,
بل إن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد,
وهي مرشحة للاندلاع مباشرة بعد أن
تكتسب الجمهورية الجنوبية العتيدة
شرعيتها الدولية والافريقية, ويتم
اعتماد اسم وعلم ونشيد رسمي لها وتجري
عملية الانتخاب لمؤسساتها الثلاث.. أطرف ما في المشهد السوداني, على خطورته
ودمويته والاحتمالات المفتوحة
لمواجهات محتدمة بين مكوناته السياسية
والاجتماعية والحزبية والاثنية
والعرقية في شماله كما الجنوب, هي
التوصية التي رفعها بعض اعضاء حزب
المؤتمر الوطني الحاكم (الشمالي)
للجهات ذات الاختصاص (...) لمنح الرئيس
البشير ونائبيه سلفا كير ميارديت (رئيس
حكومة الجنوب حالياً) وعلي عثمان طه,
جائزة نوبل للسلام, لدورهم الكبير في
توقيع وتنفيذ اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا)
على ما ورد في التوصية. ثمة محاولة
لاستدعاء تجربة «ثلاثي» اوسلو قبل نحو
من ثمانية عشر عاماً (ايلول 1993) نقصد,
ياسر عرفات, اسحق رابين وشمعون بيرس,
الذين «تثالثوا» الجائزة في حماسة
لافتة ومريبة من عواصم القرار الدولي,
التي كانت تعرف سلفاً أن قارب اوسلو
مرشح للتحطم سريعاً على صخرة التعنت
التوراتي والايديولوجي الصهيوني, وإن
الهدف منه هو ارسال الفلسطينيين الى
تيه لا ينتهي من الخلافات والاحباط
وتبادل الاتهامات وانسداد الأفق وزرع
الاراضي الفلسطينية بمزيد من
المستوطنات وهو ما كان.. نحن هنا, لا نعقد مقارنة أو نتسلح بوهم أن
التوصية ستجد طريقها الى التنفيذ أو
حتى القبول, فالرجل رقم 1 في السودان
مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية
وهذا أيضاً ليس سبباً وجيهاً لرفضه,
فعرفات مثلاً كان مطلوبا للاميركيين
ومعظم الاوروبيين وكل حكومات اسرائيل
بتهمة الارهابي الاول الذي يقود منظمة
ارهابية تساعد تدريبا وتسليحا
وتمويلا، معظم منظمات الارهاب في
العالم وكل هذه المزاعم والاتهامات
والفبركات والاحبولات الاعلامية, سقطت
مرة واحدة عندما «وقّع» الرجل
والمآلات معروفة وهي الان بل منذ «شَطْبِ»
عرفات واعتبار مهمة إلغاء اوسلو
استكمالاً لحرب (الاستقلال) الصهيوني...
صارخة، وماثلة.. وليس المجال سانحاً للمقارنة بالثنائي
المصري الاسرائيلي, الذي نال جائزة
نوبل, بعد اتفاقيات كامب ديفيد انور
السادات ومناحيم بيغن, فالحال مختلفة
لكن الاهداف والادوات والنهايات
معروفة واتفاقية نيفاشا لا تشبهها وان
كانت الاهداف في سيرورتها تقترب من
تخومها، الا ان الاوضاع المتوترة في
السودان شماله والجنوب، وملف «ابيي»
المعقّد والمشتعل, اضافة الى دارفور
وكردفان والعلاقات بين المؤتمر الوطني
الحاكم واحزاب المعارضة التي تستعد هي
الاخرى للمواجهة, ولم تعد تخفي رغبتها
باسقاط نظام البشير وان كانت لم تحسم
امورها ازاء التوقيت الذي ستختاره
لبدء تداول كلمة السر العربية «الشعب
يريد اسقاط النظام».. ليس فقط لان
للنظام «شعبه» هو ايضاً, وانما لان
معادلة التحالفات والاصطفافات
وموازين القوى الجديدة, التي ستنشأ بعد
انفصال الجنوب رسميا، ما تزال غامضة،
ومفتوحة على كل قراءة واحتمال. اللافت في كل ما يجري, ليس محاولة بعض
كوادر حزب المؤتمر الحاكم إبعاد
الانظار عن المشكلات التي تعصف
بنظامهم عبر الحديث عن جائزة نوبل،
كذلك محاولة باقان اموم التلويح
بامكانية تسجيل «دعوى جديدة» ضد
الجنرال البشير بتهمة الابادة
الجماعية (على غرار دارفور) كما قال بعد
اتهامه البشير «شخصياً» بتسليح
القبائل العربية على امتداد الحدود
بين الشمال والجنوب لكي «تمارس
الابادة الجماعية», وانما ايضاً في
اصرار «الشريكين» على تأزيم الأمور
واستدراج الوساطة الخارجية, حتى قبل
انتهاء المرحلة الانتقالية, ما يدفع
للتساؤل حول «النقاط» التي يسعيان
لتسجيلها, كل في مرمى.. الآخر!! ====================== فهمي هويدي الأربعاء, 16 آذار 2011 06:13 السبيل كل إطالة للفترة الانتقالية تصبح سحبا من
رصيد الثورة، وفرصة مواتية للثورة
المضادة. هذه العبارة سمعتها من
الدكتور المنصف المرزوقي الزعيم
التونسي الذي عاد إلى بلاده من منفاه
في فرنسا بعد سقوط نظام بن علي. إذ
التقيته قبل يومين في الدوحة، حيث
اشتركنا سويا مع عشرات من أنحاء العالم.
قدموا لمناقشة عنوان صاغه مسئولو شبكة
الجزيرة كالتالى: هل بدأ المستقبل (في
العالم العربى) الآن؟ أيدته فيما ذهب إليه، ووجدت أن اختبار هذه
الفكرة في الحالة المصرية يؤيد
مقولته، من حيث إنه يقودنا إلى مجموعة
من القرائن هى: أن التمديد يطيل
من أجل الفراغ الدستوري، ومن ثم يدخل
البلاد في دوامة الفوضى التي تغيب فيها
المرجعية التي يحتكم إليها في ضبط
مسيرة الانتقال إلى الوضع الديمقراطي
الذي تنشده الجماعة الوطنية. ويتأكد
ذلك الفراغ بشدة إذا ما نجحت الحملة
الإعلامية واسعة النطاق الجارية الآن،
داعية إلى رفض التعديلات الدستورية
التي تفتح الباب للتقدم على طريق إقامة
ذلك الوضع المنشود. من شأن ذلك أيضا
إضعاف قوى الثورة وتآكل الحماس لها في
المجتمع بمضي الوقت، ذلك أن أحدا لا
يشك في أن الالتفاف حول أهداف الثورة
وطموحاتها هو الآن أفضل منه بكثير بعد
عام أو أكثر. أتحدث هنا عن الجماهير
العريضة التي بدأت تعبر عن بعض
الاستياء والقلق، خصوصا في ظل توقف
عجلة الإنتاج وتعطل المصالح بسبب
إضرابات العاملين واعتصاماتهم. وإذا
كان ذلك حاصلا الآن. ووقائع الثورة
وهديرها لا يزال حاضرا في الأذهان، فما
بالك به بعد عام أو أكثر. إن فلول النظام
السابق المنحازة بحكم تركيبتها
ومصالحها إلى الثورة المضادة، سيتوافر
لها مزيد من الوقت لترتيب أوراقها
وتجميع صفوفها وتحسس الصيغ والمداخل
التي تمكنها من أن تجد لها مكانا في ظل
الوضع المستجد تحت عناوين مغايرة،
وربما أيضا تحت لافتات تزايد على
الجميع في مساندة الثورة وتبني
مطالبها. صحيح أن أعضاء
المجلس العسكري أعلنوا عزمهم على
تسليم السلطة إلى المدنيين في أسرع وقت.
وقد عبرت عن ذلك التوقيتات قصيرة الأجل
نسبيا التي أعلنت للانتقال إلى صلب
العملية الديمقراطية، لكن إذا طالت
المدة استجابة لرغبات البعض ممن
أصبحوا يتعلقون بحكم العسكر ويفضلونه
على التقدم التدريجي نحو الديمقراطية،
فكيف نضمن ألا يطيب لهم البقاء في
السلطة، التي نعلم جيدا ما فيها من
إغراءات تصعب مقاومتها. ناهيك عن أن
استمرار اشغال قيادات الجيش بمشاكل
الداخل يصرفه عن مهماته الأساسية بما
يعني أن تظل حدود مصر كلها مكشوفة إلى
أجل غير معلوم. إطالة الفترة
الانتقالية توفر فرصة كافية للقوى
الخارجية لكي تجد لها موطئ قدم في
الساحة المصرية يمكنها من التأثير على
الوضع الداخلى والمستقبل المنشود. إذ
لم يعد سرا أن تلك القوى وعلى رأسها
الولايات المتحدة الأمريكية (إسرائيل
وراءها وربما قبلها) قد فوجئت تماما
بأحداث الثورة، ولأنه من الطبيعي في
هذه الحالة أن تحرص تلك الدوائر على
عدم تكرار المفاجأة، فلن نستغرب أن
تبذل جهدا مضاعفا لاستثمار الوضع
المستجد ومحاولة الحضور في الساحة بأي
صورة. في هذا السياق، لا بد أن تلفِت أنظارنا
مسارعة الإدارة الأمريكية إلى زيادة
المعونة لمصر بمقدار 60 مليون دولار،
وتخصيص 150 مليون دولار لدعم التحرك
الديمقراطي المصري في الموازنة
الجديدة. وهو الخبر الذي نشرته جريدة
الأهرام أمس (15/3)، ولأننا ندرك جيدا أن
واشنطن ليست جهة خيرية تتوخى وجه الله
في توزيع المعونات أو الدفاع عن
الديمقراطية، فإن ذلك ينبهنا إلى أن
القرار الأمريكى بزيادة الدعم إلى مصر
بعد الثورة ليس بريئا تماما، ولكن يراد
به في أحسن فروضه دعم الجماعات
والمنظمات التي تتوافق مع المصالح
الأمريكية. وإذا صح ذلك فإنه يؤيد ما ذهبت إليه في
بداية هذه الفقرة حين ادعيت أن إطالة
أمد الفترة الانتقالية توفر متسعا من
الوقت للقوى الخارجية لكي تحاول
التأثير على مسار العملية الديمقراطية
من خلال المنابر الداخلية ذات الصلة
بالأمريكيين أو المرحبة بالتمويل
الخارجي. لا أريد أن أسيء الظن بكل الناقدين
والمعارضين، ولكنني فقط ألفت النظر
إلى الدور الذي قد تكون المعارضة فيه
لغير الله والوطن. ====================== صانعو الثورات واعداؤها
بين التعايش والاحتراب د. سعيد الشهابي 2011-03-15 القدس العربي ما مصير الثورات
العربية؟ هذا هو السؤال الذي يتبادر
الى اذهان الكثير من مراقبي الوضع في
هذه البقعة من العالم التي لا تزال
أكثر المناطق تخلفا على صعيد انظمة
الحكم ودور الشعوب في المشاركة
السياسية، بالاضافة لانتهاكات حقوق
الانسان المتواصلة. وليس أكثر دلالة على الوضع العربي
المتداعي من التهديدات التي تصدر عن
الانظمة عندما يعتزم المواطنون
بالتظاهر للمطالبة بحقوقهم المشروعة.
فما ان تعلن جهة شعبية ما عن عزمها على
التظاهر في ما اصبح يسمى 'يوم الغضب'
حتى يتسابق المسؤولون لاصدار
التهديدات المكشوفة بقمع تلك التحركات
بالقوة. ولتأكيد ذلك يظهر 'الزعيم' الذي
هو اساس المشكلة والبلاء في زي
استعراضي، جالسا مع جنرالات الجيش
وضباط وزارات الداخلية، كل ذلك من اجل
بث الرعب في قلوب الجماهير التي امتلكت
الشجاعة للمرة الاولى منذ عقود وقررت
استرجاع شيء من حقوقها باساليب غير
مألوفة في عالمنا العربي المعاصر. لقد
كان الآباء والاجداد أكثر جرأة عندما
كانوا في الخمسينات والستينات من
القرن الماضي يملأون الشوارع بجموعهم
وهتافاتهم ضد الاستعمار تارة، وضد
احتلال فلسطين ثانية، ودعما للقوى
التحررية في العالم ثالثة. ويمكن
اعتبار نصف القرن الفاصل بين نهاية
الحرب العالمية الاولى والانسحاب
البريطاني من الخليج في 1971 فترة اضطراب
سياسي وامني نتيجة الصراع على ادارة
المنطقة في إثر سقوط الدولة العثمانية.
مع ذلك كان هناك فضاء معقول من الحرية
سمح للمواطنين بالشعور بقدر من
الكرامة، فكانت مسيرات الدعم للثورة
الجزائرية في النصف الاول من
الستينات، ومسيرات دعم فلسطين،
والانتفاضات التي حدثت ضد الاستعمار
البريطاني في الخليج، خصوصا عمان
والبحرين. ويمكن القول ان دخول المال النفطي على
الخط في منتصف السبعينات أدى الى تغير
جوهري في الفضاء السياسي. ويعتبر دخول
المملكة العربية السعودية في مرحلة
الفراغ القيادي في العالم العربي
برحيل الرئيس جمال عبد الناصر، ثم خروج
مصر من الحظيرة العربية بعد توقيعها
اتفاقات كامب ديفيد، بداية النفق
السياسي المظلم الذي كرس الاستبداد
والفساد والتبعية والخضوع امام
الهيمنة الامريكية. وما التدخل
السعودي العسكري في البحرين هذا
الاسبوع الا مؤشر على طبيعة هذا النظام
الذي يسخر صفقات السلاح العملاقة لضرب
الشعوب، ولم يوجهها يوما لأعداء الامة. الثورات الجارية في العديد من البلدان
العربية تعتبر صحوة ضمير متأخرة ولكن
ضرورية لاعادة التوازن لامة مؤهلة
للقيام بدور ايجابي على الصعيدين
الاقليمي والدولي، ولكن ضعف حكامها
افقدها فرصة الصحوة من السبات واداء
تلك المسؤولية. وبعد قرابة الشهور
الثلاثة على تلك الصحوة التي اشعلها
استشهاد محمد بوعزيزي في تونس، ما تزال
ثورات الشعوب متواصلة، وتزداد توسعا.
يوازي ذلك جهود اقليمية وغربية مكثفة
لاحتواء تلك الثورات ومنعها من تحقيق
اهدافها في التغيير الشامل. مع ذلك
يمكن القول ان التغير المتوقع في مصر
بعد سقوط حسني مبارك لن تقتصر آثاره
على حدود ذلك البلد، بل ان العالم
العربي لن يبقى كما كان، بل سيشهد
تغيرات متواصلة نحو الافضل. فقيام نظام
سياسي منتخب ومدعوم بارادة شعبية حرة
امر لا ينسجم مع ظاهرة الاستبداد التي
هيمنت على المنطقة عقودا، والتي
يستعمل المال النفطي لاطالة امدها. الغريب ان يبقى مجلس التعاون الخليجي
مصرا على الاعتقاد بامكان شراء الشعوب
بذلك المال النفطي. فبدلا من اتخاذ
قرارات شجاعة لاصلاح الانظمة السياسية
في بلدانه، والاستماع لمطالب الشعوب
المشروعة، اصدر المجلس الوزاري بعد
اجتماعه الاسبوع الماضي في الرياض
قرارا بتخصيص 20 مليار دولار لدعم كل من
سلطنة عمان والبحرين على مدى عشر
سنوات، اي بمعدل مليار واحد سنويا لكل
منهما. والسؤال هنا: ما علاقة هذا الدعم
بالمطالب السياسية التي يرفعها
المتظاهرون وتطالب بها شعوب تلك
الدول؟ وفي ظل انظمة تمارس الفساد، ما
الضمان لوصول تلك الاموال الى
المشاريع التنموية المزمعة؟ ولو
افترضنا جدلا ان المطالب الشعبية
تمحورت حول الحياة المعيشية وازمات
السكن والوظيفة والغلاء، فهل ان الدول
التي لا تعاني من ذلك لن تتعرض للهزات
الثورية؟ السعودية نفسها شهدت الاسبوع
الماضي موجة من التظاهرات في ما سمي 'يوم
الغضب' عندما خرجت المسيرات
الاحتجاجية في بعض مدن المملكة. هذه
الصحوة كانت كافية لتهميش مقولات
الانظمة السياسية العربية ومحاولاتها
اضفاء صبغات مختلفة عليها. ولذلك باءت
اساليب احتواء هذه الثورات بالفشل،
ولم تنجح في اي بلد حتى الآن. مع ذلك لا بد من الاعتراف بقوة اللوبي
الرسمي الذي يسعى لمحاصرة تلك الثورات
وافشالها ان امكن، خصوصا انه مدعوم
باموال نفطية هائلة، ومواقف سياسية
غربية غير معلنة. ويمكن تصنيف الثورات
والبلدان التي وقعت فيها ونتائجها الى
ثلاثة: الاول يتمثل بتونس ومصر. فقد سقط
رئيسا الدولتين، وتواصلت مساعي التوصل
الى صيغ جديدة للحكم والادارة،
بالابقاء على الدولة ومؤسساتها وحصر
التغيير بالرأسين والحواشي القريبة
جدا منهما. وهذا شبيه بما يجري في
الانظمة الغربية التي تتغير حكوماتها
بعد الانتخابات البرلمانية، ولكن تبقى
الدولة قائمة بدون ان يتأثر دورها او
آلياتها. هذا على عكس ما حدث في العراق
عندما سقط النظام والدولة معا. والواضح
ان الجهود بذلت ليس لمنع سقوط الدولتين
فحسب، بل لحصر ضرر النظامين وعدم
توسيعه. ولذلك فان اعادة صياغة النظام
السياسي الجديد في هذين البلدين مسألة
صعبة ما تزال تتحدى الثوار من جهة
وآليات الدولة المتبقية من جهة اخرى.
ويمثل اليمن والبحرين نمطا ثانيا من
الثورات الشعبية، اذ يطالب المتظاهرون
بمطالب محددة من بينها اسقاط النظام،
بينما تتواصل الجهود المحلية
والخارجية لمنع سقوط النظام، والسعي
للتشويش على المطالب بحصرها بتغييرات
محدودة كالتغيير الدستوري
والانتخابات البرلمانية غير مضمونة
النتائج. اما النوع الثالث فيتمثل
بالدول الاخرى التي حدثت فيها
اضطرابات امنية وسياسية ولكن مطالب
المحتجين فيها محدودة وتقتصر على
اصلاحات محدودة في النظام السياسي
القائم، ولا يطالب المحتجون باسقاطه.
فما حدث في سلطنة عمان والامارات
والكويت يمثل هذا التوجه. وفي جميع
الاحوال فالواضح ان الدول الغربية
تبذل، هي الاخرى، جهودا متواصلة لمنع
نجاح ثورات الشعوب العربية بأي ثمن.
وتمثل ليبيا الحالة الاشد إيلاما، اذ
يتواصل الضغط لمنع سقوط نظام القذافي
في الوقت الحاضر لاسباب مثيرة للشك.
فاذا كان سقوط مبارك وبن علي قد فاجأ
الدول الغربية التي لم تكن متهيئة
لذلك، فقد استطاعت استيعاب الموقف
وادركت ان سقوط المزيد من الحكام العرب
من شأنه تكريس قناعة دعاة الاصلاح في
شبه الجزيرة العربية بامكان تحقيق
آمالهم باسقاط انظمة القمع والاستبداد
التي تعتقد انها خالدة الى الابد. الثورات العربية خلقت اجواء غير مسبوقة
تجسد فيها السباق بين ارادة التغيير
واعدائه، المحليين والاجانب. وللمرة
الاولى منذ عقود يشعر المواطن العربي
العادي انه اصبح فجأة 'شيئا' لا يمكن
تجاهله، ولا يستطيع احد الغاءه. وثمة
توازن صعب يسعى شباب الفيسبوك
والتويتر للحفاظ عليه بين استرجاع اول
حق مسلوب في بلدانهم وهو حق التظاهر
والاحتجاج من جهة ومن جهة اخرى الخشية
من غضب السلطات التي ما تزال تهيمن على
القوات الامنية والعسكرية، وما تزال
تمسك بزمام الامور وتستطيع حرمان من
تعتبرهم اعداء من الحقوق والخدمات
الاساسية. وبلحاظ ما حدث في السعودية
يوم الجمعة الماضي اصبح الوضع مفتوحا
على كافة احتمالات التغيير. فما كان من
المحظورات قبل ذلك اصبح اليوم ممكنا
بعد ان تم كسر حاجز الخوف وفقدت ادوات
القمع بذلك فاعليتها واثرها على قرار
المشاركة في الاحتجاجات. ولعل الجانب
الاهم في كل هذه المعادلة نجاح
المحتجين في القضاء على ما كان يسمى 'هيبة
الدولة'. هذه الهيبة كانت مفتعلة
وجوفاء ومن طرف و احد. فاعتماد النخب
الحاكمة على اجهزة الامن والجيش خلق
اجواء افتراضية تستعصى على التحديث،
واصبحت تدريجيا خارج اطر التعامل
الانساني وفق المنظومات الدولية. هذه
الاجواء الافتراضية تلاشت في اغلب
الدول العربية بعد انطلاق ابنائها في
ثوراتهم وانتهاجهم ما يشبه العصيان
المدني بشكل غير مسبوق. فاذا كان الشعب
الليبي قد نجح في كسر الطوق الامني
الذي فرضه نظام القذافي عليه، وحمل
السلاح لمواجهة العدوان المتواصل على
ايدي مؤيدي القذافي، فان شعبا آخر كشعب
البحرين استطاع هو الآخر كسر هذه
الاطواق، وتجاوز قائمة المحظورات
الرسمية، ودخل عالم النضال من اوسع
ابوابه، ورفض اساليب التخويف
والارجاف، فخرج في مسيراته العملاقة
باتجاه قصر الحاكم، الامر الذي يحمل
مغزى كبيرا حتى في نفوس الموظفين
الكبار الذين اصبحوا يرون باعينهم
تراجع الرموز التقليدية على مستوى
الشعبية والاداء والقدرة على التحدي.
وحتى عندما اجتاحت القوات السعودية
اراضيه لم يتزحزح عن موقفه، بل بقي
صامدا واصبح اكثر اصرارا على التغيير
بعد ان اثبت الحكم هشاشته فاستدعى
الآخرين لغزو البلاد من اجل حمايته. هناك اذن طاقات مختزنة في نفوس الشبان
العرب منذ عقود، تفجرت الآن في ثورات
غير معهودة منذ اكثر من اربعين عاما.
والسؤال الآن: هل سيتحقق التغيير
المنشود حقا؟ وما هي المعوقات التي
تمنع حدوثه بالسرعة والحجم المطلوبين؟
الامر المؤكد ان ظاهرة 'الدومينو' او
التساقط المتسلسل ليست خيارا مقبولا
لدى لغرب لانها تعني التغيير الشامل
الذي لا يخدم مصالحه. مشكلة هذا الغرب
الذي طالما تحدث عن رغبته في ترويج
الديمقراطية، اصراره على الانتقائية
والازدواجية ازاء هذه القضية المهمة.
والمشكلة الاخرى ان الولايات المتحدة
الامريكية تعاني من تشوش الموقف
وتداخل الاولويات والشعور باضطراب
المصالح. وهناك كذلك قدر من التضارب
بين سياستي البيت الابيض والخارجية،
اتضح في الايام الاخيرة من حكم حسني
مبارك، عندما كان الرئيس اوباما يطالب
بتنفيذ الاصلاحات 'فورا' بينما كانت
الخارجية تدعو الى 'الشروع ببدء
الاصلاحات في اقرب فرصة ممكنة'.
المشكلة الثالثة ايديولوجية تتصل
بالموقف من الحركات الاسلامية التي لا
يمكن اخفاء دورها في إعداد الارضية
للتغيير. فهناك رفض غربي متواصل
للتحاور مع هذه الحركات، على الاقل في
الخطاب العلني، ولكن في الوقت نفسه
يشعر هؤلاء بان استثناء الاسلاميين من
الحوار يضر مصالح الاطراف الغربية
اكثر من الحركات نفسها. ومع ان من غير
المتوقع ان يكتسح هؤلاء الاسلاميون
اصوات الناخبين في انتخابات مؤسسة على
دستور شرعي يقره الشعب، فان حجمهم
السياسي لن يكون قليلا. وربما الامر
الاهم ان الحركات الاسلامية الآن
تختلف عما كانت عليه قبل ربع قرن، فقد
اكتسبت خبرة سياسية من جهة، وتغيرت
الظروف من جهة اخرى، ونضجت نظرتهم
للاوضاع السياسية المحيطة، واصبح
الكثير منهم 'براغماتيا' من جهة ثالثة.
هذه الحقائق تضغط على اصحاب القرار
السياسي وهم يواجهون تحديات التغيير
الذي تنشده الشعوب العربية. الاسابيع والشهور المقبلة سوف تكشف مدى
قدرة الاطراف السياسية، الاسلامية ام
القوى الغربية، على التوصل لصيغ تعايش
في مناخات جديدة خالية من حكام
الاستبداد الذين اصبحوا عبئا ليس على
شعوبها فحسب، بل على حلفائهم في
العواصم الغربية. وهذا امر من شأنه ان
يصيب عملية التغيير بشيء من الشلل
خصوصا اذا اصر الغربيون على تغيير
مواقفهم وسياساتهم، ووفروا للانظمة
الاستبدادية ذرائع استعمال القوة لقمع
شعوبها الثائرة. ولكن برغم ذلك كله
فالتغيير شأن محلي في الاساس، وبامكان
الشعوب فرضه بدون استئذان احد. وسوف
تظل مشكلة ليبيا ماثلة في اذهان
النشطاء والثوار، لانها كشفت عدم وفاء
الغربيين لشعاراتهم، وعدم استعدادهم
لتجرع كأس السم الناجم عن نتائج
الانتخابات البرلمانية فيما لو اجريت
في اي من البلدان العربية. والحل ليس
بقمع تطلعات هذه الشعوب، بل بالتعايش
مع خياراتها من خلال صناديق الاقتراع،
واحترام مواقفها والسعي لتكييف
المواقف والسياسات الدولية لتتواءم مع
مزاج الجيل الجديد الذي اثبت انه اكثر
ثورية ونضجا وانفتاحا من الاجيال التي
سبقته. انها ثورة ليس في النظم
السياسية فحسب، بل في التصورات
والمواقف والتوجهات، لا يستطيع احد
منعها او احتواء آثارها. والعقلاء هم
الذين يبذلون جهدهم للتعايش مع واقع
جديد مختلف عن العهود السوداء المظلمة
التي اجبرت الشعوب العربية خلالها على
عيش الخنوع والاستسلام، في ظل انظمة
قمعية تصادر الحريات والحقوق، وتصر
على انتهاك حقوق الانسان. انها مسيرة
لم تكتمل بعد، ولكنها متواصلة ومتطورة
ومتوسعة، وعلى الغربيين والعالم ان
يتعايشوا مع نتائجها، أيا كانت.
فخيارات الشعوب تمثل واقعها الحقيقي
بعيدا عن الاملاءات والضغوط،،
وبالتالي فهي انعكاس لواقع جديد يصنعه
الثائرون بارادتهم ودمائهم، وعلى
الآخرين ان يتعاملوا معه وليس مواجهته. ====================== محمد كريشان 2011-03-15 القدس العربي الثورات العربية
لا تأتي فرادى هذه الأيام، وكذلك مصائب
الدبلوماسية الأمريكية في التعاطي
معها. آخرها مع ليبيا فواشنطن تبدو
مرتبكة ومواقفها بخصوص استمرار قمع
العقيد القذافي لشعبه ملتبسة. وقد شكل
هذا الموضوع مادة سجال كبيرة بين
السياسيين والمحللين الأمريكيين من
ذلك أن مايكل سينغ المدير السابق لشؤون
الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي
الامريكي يرى أن الولايات المتحدة
تخلت عن قيادة العالم الحر ولم تعد في
صدارته، وأن مصداقيتها على الصعيد
الدولي تعرضت إلى لطمة مؤذية، حيث لا
تزال واشنطن تقف موقف المتفرج على ما
يجري في ليبيا بالرغم من تصريحاتها
القوية. ويضيف سينغ في مقابلة مع إحدى شبكات
التلفزيون الأمريكية أن بلاده لم تصل
إلى حيث يجب أن تكون في مواقف كهذه، بل
إنها لم تكن من بين القوى التي تقف إلى
جانب القرار الذي تعمل كل من فرنسا
وبريطانيا على استصداره داخل مجلس
الأمن الدولي. هذا الأمر يعزز المخاوف
التي تساور أوساطا أمريكية كثيرة من أن
الولايات المتحدة بدأت تسحب نفسها من
الشرق الأوسط، وهي سياسة ستزيد جرأة
تلك الأطراف المناوئة لها في أماكن
أخرى في المنطقة مثل إيران، كما يقول
سينغ. هذه الآراء النقدية الجريئة تدخل في سياق
ما يراه بعض المحللين من أن أمريكا
الآن تواجه أسوأ وضع من نوعه، لأن
الرئيس أوباما من جهة كان قد دعا
القذافي إلى التنحي عن السلطة ومغادرة
البلد ومن جهة أخرى لم يفعل شيئا بهذا
الاتجاه سوى فرض بعض العقوبات التي لا
يمكن سوى أن تعطي مفعولا على المدى
البعيد. هذا التردد الأمريكي أو حتى التراخي
يرجعه البعض إلى أن واشنطن متخوفة من
هوية هؤلاء المسلحين الذين يقاتلون
كتائب القذافي ولا تستبعد أن يكون من
بينهم عناصر من السلفية الجهادية التي
سبق لها أن كانت في سجون القذافي أو ممن
عاد إلى البلاد من مناطق عربية ملتهبة.
ومع ذلك، فهذا الالتباس لم يمنع محللين
آخرين من القول إن هؤلاء المقاتلين لن
يكونوا بديلا أسوأ من نظام العقيد. وحتى دون معضلة هوية المقاتلين الثوار في
ليبيا، فإن واشنطن ما كان يعوزها أصلا
الارتباك الذي طبع التعامل الأمريكي
مع ثورات كل من تونس ومصر وما يشهده
الآن اليمن والبحرين. من الممكن تفهم حرص الإدارة الأمريكية
على تجنب أي تورط عسكري جديد في بلد
مسلم بعد التجارب المريرة في
أفغانستان والعراق ولكن من الصعب فهم
هذه الحماسة الضعيفة لفرض منطقة حظر
جوي على ليبيا مقارنة بما تبديه دول
حليفة لها مثل فرنسا وبريطانيا. ولعل
ما يشفع قليلا للأمريكيين أن إدارتهم
تواجه في ليبيا حالة غير مسبوقة في
البلاد العربية فهي فضلا عن دخول
السلاح فيها عنصرا جديدا لا تبدو آفاق
المواجهة واضحة. في لحظة ما بدا
للأمريكيين إصرار التونسيين على إسقاط
بن علي وإصرار المصريين على تنحي مبارك
إصرارا لا يلين وغير قابل للمساومة
فاختارت واشنطن في الوقت المناسب
إجمالا أن تصطف إلى جانب شعبي البلدين
لكن الأمر مختلف في الحالة الليبية: كر
وفر يصعب جدا معه لأي كان أن يجزم
مطمئنا لمن ستكون فيه الغلبة. و مع أن القذافي الابن لم يتردد في إشهار
تلك الكلمة المعروفة من حرفين في وجه
الولايات المتحدة، ومع أن والده الذي
يقول أن لا منصب له سوى المنصب
الاعتباري كقائد ومرجعية يهدد
الأمريكيين بأنه قد يتحالف مع بن لادن
ويعلن الجهاد ضدها وهو الذي كان قبل
أيام يحذرها من القاعدة ويبتزها بها،
فإن واشنطن ما زالت لم تحزم أمرها
بالكامل وكأنها بصدد انتظار شيء ما
نجهله. ويوم تقرر فعلا وقطعيا أن تختار
موقعها وتحدد خطوتها المقبلة فربما
يكون الوقت قد صار متأخرا وغير قابل
للتدارك ساعتها. ====================== الاربعاء, 16 مارس 2011 سيريل تاونسند * الحياة صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتانياهو للصحافي تشارلز مور من صحيفة
«دايلي تيلغراف» البريطانية، أنّ قرار
إيران إرسال اثنتين من سفنها البحرية
عبر قناة السويس يمثّل «المرّة الأولى
التي نرى فيها سفينة من الأسطول
الفارسي في البحر المتوسط منذ أيام
الإسكندر». في الواقع، هي المرة الأولى
منذ ثلاثين عاماً، ومن المؤكد أنها
خطوة ذكية من طهران. وبموجب القانون الدولي - ونحن في المملكة
المتحدة نتذكر في هذا المجال أزمة قناة
السويس –، فإن كل سفينة، تجاريةً كانت
أو بحريّة، يحق لها أن تبحر عبر قناة
السويس، إلاّ إذا كانت تابعة لدولة هي
في حالة حرب مع مصر. وعلى السفن الحصول
على موافقة للمرور قبل 48 ساعة. عندما كان حسني مبارك رئيساً لجمهورية
مصر العربية، لم يكن مسموحاً للسفن
الإيرانية بعبور القناة، وطُبِّق ذلك
السنةَ الماضية عندما أرادت السفن
الإيرانية إرسال المساعدات إلى غزّة.
وأخذ من دون شكّ بعين الاعتبار اتفاقية
السلام المثيرة للجدل التي وُقعت عام
1979 بين مصر وإسرائيل. وساءت العلاقات
المصرية - الإيرانية منذ اندلاع الثورة
الإسلامية في إيران أيضاً في العام 1979. لقد أعطى المجلس العسكري المصري الجديد
الضوء الأخضر للسفينتين الإيرانيتين.
استخدمت إسرائيل القناة لجعل
غوّاصاتها قريبة من المناورات البحرية
الإيرانية. وقيل إنّ السفن الإيرانية
هي عبارة عن فرقاطة وسفينة دعم، على
متنها تلاميذ في البحرية الإيرانية.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية أنه من
المفترض أن يكونوا في مهمّة تدريب
لمكافحة القرصنة. وكما كان متوقعاً، بالغت إسرائيل بردّة
فعلها، وحاولت إقناع المجلس العسكري
المصري بعدم السماح للسفينة الإيرانية
بدخول القناة. قالت إسرائيل إن إيران
ستحرّض على المواجهة المباشرة، وطالب
وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور
ليبرمان بعقد اجتماع مع زعماء
أميركيين يهود في القدس، لاعتراض
القوّات الإسرائيلية على إبحار
السفينتين الإيرانيتين نحو مرفأ طرطوس
في سوريا. وأرسلت إسرائيل احدى سفنها
الخاصة الحاملة للصواريخ، وهي من أضخم
قوّاتها البحرية وأعظمها، إلى المياه
الجنوبية لتراقب مغادرة السفينتين
الإيرانيتين مصر. واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتانياهو أن وصول السفينتين
الإيرانيتين إلى المتوسط «تطور خطير
للغاية»، ويُظهر «نوايا إيران
العدائية». وهو يظن أن طهران تستغل عدم
الاستقرار المفاجئ الذي طرأ على
العالم العربي. ويبدو أن إسرائيل فقدت
الأمل من إمكان استمرارية معاهدة
السلام مع مصر، وهي تراقب عن كثب تطوّر
الأحداث في القاهرة. فالقوّات
الإسرائيلية في حالة تأهب، وثمة تخوف
كبير من الاحتجاجات الشعبية ضد
الحكومات العربية التي تدمر الاستقرار
في الشرق الأوسط. وأعلن وزير الدفاع
الإسرائيلي ايهود باراك، إن المنطقة «تتغيّر
أمام أعيننا». وظهرت في الولايات المتحدة تكهنات أن
إيران كانت على أمل أن تطلق إسرائيل
النار على السفينتين الإيرانيتين، مما
يؤدي بالتالي إلى خلق مواجهة دولية،
وهذا من شأنه تعزيز صورة إيران
باعتبارها الدولة الرائدة في معارضة
إسرائيل، في حين أنها تضعف تأثير
المعارضة الشعبية في إيران. وقال جون بولتون السفير الأميركي السابق
لدى الأمم المتحدة واليميني المتطرّف
المنتمي إلى المحافظين الجدد: كثيراً
ما تستخدم إيران سورية لنقل أسلحة الى
«حزب الله»، وعندما تمرّ السفن
الحربيّة عبر قناة السويس تشق طريقاً
مباشراً لكي تتجنب خطر العبور جوّاً أو
العودة برّاً. أما فكرة تمرير إيران سفنها الحربية عبر
المرافئ السورية من دون استخدام
القناة، فلا يجذب كثيراً انتباه
الموالين لإسرائيل. وأضاف جون بولتون: «ستبرهن الآن إيران كم
يمكنها الاقتراب من إسرائيل إنْ أرادت
ذلك، وتجعل بالتالي إسرائيل عرضة
للهجوم. ولو امتلك الإيرانيون سلاحاً
نووياً، لما احتاجوا إلى صواريخ
باليستية، ولوضعوها على متن سفينة». هذه التصريحات غير مناسبة إذا ما لاحظنا
التفاوت الكبير بين القوة الإسرائيلية
وتلك الإيرانية. وما تفتقر إليه
إسرائيل حالياً هو المهارات السياسية
والدبلوماسية لتستخدمها بالتزامن مع
جبروتها العسكري. تعتبر إستراتيجية
إسرائيل الطويلة المدى كارثية، وهذا
ما تظهره الاضطرابات المسيطرة وحال
عدم الاستقرار التي يشهدها الشرق
الأوسط يوماً بعد يوم. لا يفترض أن تُفاجأ إسرائيل عندما ترسل
إيران رسالة واضحة مفادها أنها تعتزم
تعزيز نفوذها. هذا هو الرد على إسرائيل
التي تسعى إلى بسط نفوذها على المنطقة
منذ العقود الماضية، في حين أن اللجوء
إلى الأسلحة النووية ليس سياسة رسمية
في طهران، إلاّ أنه لا يمكن تجاهل
حقيقة امتلاك إسرائيل 200 رأس نووي. ====================== الأزمة الليبية توجه
ضربة قاضية إلى الشركات الأفريقية الاربعاء, 16 مارس 2011 يوليوس باريكبا * الحياة منذ بلغت موجة
الثورات في العالم العربي طرابس
وتهددت بطي عهد ديكتاتورية معمر
القذافي، لم تكل وتيرة الاجتماعات
الطارئة في شركات أفريقيا الشرقية.
فالاستثمارات الليبية في هذه الشركات
راجحة. وبحسب أحد المشاركين في هذه
الاجتماعات، تداولت الشركات هذه سبل
النجاة من الإفلاس إذا انهار نظام
طرابلس. فالشركات الليبية راكمت
ديوناً كبيرة، ولم تقم حساباً للأخطار
نتيجة حسبانها أن العقيد سيتدخل
لإنقاذها في حال لم تنجح في التسديد.
وتواجه الشركات هذه مشكلة لا يستهان
بها، وهي الافتقار إلى الإدارة
الرشيدة. ولم تتصدر الربحية أولويات
الشركات الليبية. وليبيا، عملاق الإنتاج النفطي، توسلت
أموال النفط للاستثمار في قطاع
الاتصالات في الخارج، خصوصاً في
أوغندا ورواندا وزامبيا وجنوب
السودان، وسيراليون وشاطئ العاج
والنيجر، وغينيا – كوناكري، وبينين.
واستثمرت كذلك في قطاع الفنادق، وقطاع
الصناعات الغذائية في أوغندا، وتوزيع
النفط في كينيا وأوغندا. وحازت شركة «ليبين
أراب بورتفوليو»، وهي شركات استثمارت
عامة ليبية، حصصاً كبيرة في شركات
اتصالات وفنادق برواندا وكينيا.
وتواجه الشركات هذه خطر الإفلاس، إذا
قطعت الدولة الليبية عنها المساعدات
الدورية، وإذا خبا نفوذ القذافي. ومعظم الشركات في شرق أفريقيا تواجه
مشكلات كبيرة. فعلى سبيل المثال،
مجموعة «اوغندا تيليكوم المحدودة»،
وتملك الشركة الليبية «لاب غرين» 69 في
المئة من أسهمها، هي على شفير الإفلاس.
فديونها فاقت 13 مليون دولار. وهي طلبت
مساعدة طرابلس. وانتفاضة ليبيا تبعث على القلق في
المنطقة. فالشركات تتساءل عن مآلها بعد
انحسار «كرم» العقيد الليبي، وعن اثر
انهيارها في الاقتصاد الإقليمي
الأفريقي. وأبرز الشركات المتضررة من
سقوط نظام القذافي هي شركة «أوغندا
تيليكوم» ، وشركة «روانداتل». ففي 2008،
اشترى الليبيون 80 في المئة من شركة «روانداتل»،
وهي كانت شركة عامة رواندية، لقاء
مليون دولار. وكينيا هي مركز معظم أعمال شركة «أويل
ليبيا» النفطية. فسوق توزيع النفط
الكيني تنافسي، اثر انصراف شركة «شل»
العملاقة إلى أعمال التنقيب. ومنذ 2008،
وقع مستهلكو المنتجات النفطية في
كينيا وأوغندا، ورواندا رهينة شركة «تامأويل
ايست أفريقيا» الليبية. فالشركة هذه
التزمت مد خط أنابيب بين ألدوي (غرب
كينيا) والعاصمة الأوغندية، كامبالا،
وتوسيعه إلى كيغالي برواندا. وعدد لا يستهان به من الشركات الأفريقية
الشرقية لم تحقق أرباحاً، ولذا، لا
تستطيع الاستدانة من المصارف التجارية.
ووحدها طرابلس يسعها نجدتها. فعلى سبيل
المثل، لم تحقق شبكة الخطوط الأرضية
التابعة ل «يو تي أل» (اتصالات أوغندا)
أرباحاً، وأرخت بثقلها على فرع الشبكة
نفسها الناجح ومدر الأرباح، وهو فرع
شبكة الإنترنت. * معلق، عن «ايست أفريكن»
الكينية، 3/3/2011، اعداد منال نحاس ====================== رياح انتفاضات العرب
تهب على آسيا الوسطى الاربعاء, 16 مارس 2011 يفغيني شيستاكوف * الحياة ما بدأ مع تصفيق الليبيراليين الاوروبيين
لخلع الطاغية الليبي معمر القذافي
المظفر قد يتحول كارثة انسانية في
المنطقة. وعشرات آلاف الفارين من البلد
المذعور من الحرب بلغت تونس. ولكن
غالبية الفارين المعذبين تأمل في ألا
تسعى حكومات بلدانها في تأمين عودتها
الى اوطانها. فتلجأ الى اوروبا الملهمة
بالانجازات الثورية الجارية في القارة
السوداء. ولا يبقى امام اوروبا إلا
تحمل طفيليين جدد على عاتقها، فتمنحهم
فرصة تغيير حياتهم نحو الافضل. ولكن أليس الثمن الذي سيدفعه «العالم
القديم» باهظاً لقاء ارساء
الديموقراطية الخرافية في العالم
العربي؟ وهذا ما يرفضه دافع الضرائب
الاوروبي، على رغم انتشائه بصور
الثورات. والانطباعات الكبيرة نشأت
ليس من خلع النظم التسلطية فحسب، بل من
رؤية الشباب في شوارع المدن العربية
المنتفض يرفع راية القيم الغربية،
ويطالب بحرية الاعلام وانتخابات شفافة
وحرية التجمع... وفي ذاكرة «العالم القديم» لا تزال حية
صور سكان اوروبا الشرقية وهم يسقطون
انظمتهم الشيوعية رافعين لواء
الديموقراطية. وانتفاض الشباب العربي
يمنح الاوروبيين الامل في أن تتبدد
خرافة بعبع الاسلام الراديكالي الذي
هدد به الزعماء العرب الحلفاء
الغربيين. لكن حوادث المنطقة تتطور وفق مسار يصعب
التنبؤ به، ما قد يؤدي الى انحسار نشوة
«العالم القديم»، والنظر بعين الرعب
الى ما حصل. وقرار الولايات المتحدة
وبريطانيا ارسال السفن الحربية الى
شواطئ ليبيا هو مرآة رغبة الغرب في
الاسهام في الثورة الليبية ودعم
المعارضة، على رغم أن احداً لا يعرف
على وجه الدقة ما تريده المعارضة هذه،
ومن تمثل. وقد تزعزع المساعدة الغربية
للثوار العالم العربي. والهبّة
النبيلة لمساعدة الثورات والحركات
الديموقراطية تصطدم برفض الشارع
العربي. فهي تعيد الى الاذهان التدخل
الخارجي، على ما حصل ويحصل في
افغانستان والعراق. وحتى رئيس
البنتاغون، روبرت غيتس، حاول ثني
اعضاء حلف «الناتو» عن توجيه انذارات
نهائية لا يبقى بعدها غير خطوة واحدة
لبدء التدخل العسكري في ليبيا. وتوسل
الغرب القوة لدعم الثورة الليبية هو
افضل هدية تقدم الى الحركات الاسلامية
الاصولية. ولا يخفى على أحد ان مثل هذا
القرار يعتبره الايديولوجيون
الاسلاميون بداية حملة صليبية جديدة
على العالم الاسلامي. والقذافي حقيقة
ليس سيئاً، فهو كان على حوار دائم مع
اوروبا، وهي استقبلته بحفاوة. وهل
المعارضة أفضل من القذافي؟ فلا أحد
يعرف من اين حصلت في ايام قليلة على
اسلحة ثقيلة وطائرات. ويأمل كثير من المراقبين في «العالم
القديم» في انتقال الثورات العربية
الى دول آسيا الوسطى، التي يتربع
رؤساؤها عقوداً على عرش السلطة. وتبذل
جهود حثيثة في الغرب لإقناع
الاوروبيين بأن حياة جديدة في ظل مبادئ
«الحرية والمساواة والأخوة» ستكتب
لشعوب آسيا الوسطى على وقع انهيار
انظمتها الموروثة من حقبة الشيوعية
السابقة. ولن يطول الامر قبل أن تهب
رياح التغيير القادمة من الشرق العربي
على آسيا الوسطى. والزعم هذا يجافي
الواقع. فعلى رغم احتمال وقوع اضطرابات
في جمهوريات آسيا الوسطى، لن تؤدي الى
اطاحة السلطة القائمة. ولن ينظر الاوروبيون بعين الرضى الى
القوى القادرة على زعزعة الوضع في آسيا
الوسطى. والى اليوم، الحركات
الاسلامية الرايكالية يشغلها الصراع
ضد «الناتو» في افغانستان، وقوتها غير
كافية للقيام بعملية واسعة على جبهة
المنطقة هذه. ولكن خروج «الناتو»
المرتقب من افغانستان سيطلق يد
المقاتلين الاسلامويين وسلاحهم.
وعندئذ، ستواجه الانظمة القائمة في
المنطقة اوضاعاً صعبة. والسؤال الذي
يطرح على الاوروبيين هو هل يريدون
فعلاً رؤية الثورة الملتحية هذه؟ * محلل سياسي، عن «روسيسكيا
غازيتا» الروسية، 4/3/2011، إعداد علي
ماجد ====================== أي أفق تتجه نحوه
الانتفاضات الشعبية العربية؟ باسم الجسر الشرق الاوسط 16-3-2011 هل تعثرت ثورة الشعوب العربية، بعد
نجاحها في تغيير النظام الحاكم في تونس
ومصر؟ أم أنها مستمرة وستقود إلى تحقيق
إصلاحات سياسية ودستورية في الدول
التي لم تنجح في قلب النظام فيها؟
وماذا عن موقف المجتمع الدولي - والدول
الكبرى خاصة - من هذه الأحداث
الإقليمية والدولية الخطيرة؟ هل هو
مؤيد لها بشكل مطلق.. أم محبذ لبعضها
ومتحفظ على بعض آخر؟ وماذا عن الحالة
الليبية التي تحولت فيها الانتفاضة
إلى بداية حرب أهلية؟ وماذا تستطيع
جامعة الدول العربية، والمؤتمر
الإسلامي، ومجلس الأمن، وحلف الأطلسي،
أن تفعل، لكي لا تتحول الانتفاضات إلى
حروب أهلية تهدد المصالح الاستراتيجية
للدول، والأهداف التي رفعت الثورات
شعاراتها؟ هذه الأسئلة باتت تفرض نفسها بعد مرور
شهرين على ما سمي بعصر استفاقة الشعوب
العربية من سباتها ورفضها الاستقرار
في ظل أنظمة للحكم تكبت حريتها وتعجز
عن تلبية حاجاتها أو أمانيها. ويستيقظ
العالم كل صباح بين مؤمل ومتخوف من
تماديها أو توقفها. وتلتقي الدول
المتخاصمة، كالولايات المتحدة
وإيران، على الترحيب بها، كما تفترق
الدول المتحالفة في الحكم عليها. أما
الإنسان العربي فيغلب عليه التفاؤل
إزاء بعضها، والحيرة أو القلق إزاء
البعض الآخر. أما السؤال الأكبر أمام ما حدث ويحدث،
فيبقى حول ما سيؤول إليه مصير العالم
والشعوب العربية، سواء نجحت هذه
الثورات في تحقيق أهدافها القريبة، أي
تغيير الأنظمة، أو البعيدة، أي
الانتقال من الحالات التي تشكو منها
هذه الشعوب، أي التخلف الاقتصادي
الاجتماعي، إلى صفوف الدول والمجتمعات
الحرة والراقية والمتقدمة. كثيرون في العالم الغربي والعالم العربي
هم الذين يراهنون على الديمقراطية
التي سوف تتحقق، بشكل أو بآخر، في حال
انتصار الانتفاضات الشعبية على
الأنظمة الحاكمة، بشكل مطلق أو
بإرغامها على الإصلاح السياسي.
وقليلون حتى الآن هم الذين يتخوفون - أو
يراهنون - على قيام ديكتاتوريات
عقائدية كتلك التي قامت في إيران بعد
الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم
الشاه. لكن إذا كان هذا هو الاتجاه
العام للثورة في مصر وتونس، فإن الأمر
قد يختلف في اليمن والبحرين وغيرهما من
الدول العربية ذات التركيبة الشعبية
الخاصة بها، وذات الاقتصاد، والقوى
السياسية المنظمة، والأهمية
الاستراتيجية الدولية والإقليمية،
المختلفة. ثم إن الانتفاضات الشعبية على الحكم لا
تقتصر على العالم العربي، بل تمتد إلى
أنحاء كثيرة في العالم، حيث اتسعت رقعة
الطبقة الوسطى وشريحة الشباب فيها،
المتعلم والعاطل عن العمل والمطلع على
ما يجري في العالم، وبالتالي الرافض
للقبول بالحال التي هو عليها. ونظرا
لتوافر وسائل التواصل والتحريك
السياسي الإلكترونية الحديثة، بين
يديه، فكأنما العالم متجه نحو «إنسانية
جديدة» - كما كتبت إحدى الصحف
البريطانية - تفرض على الفكر السياسي
وأنظمة الحكم، أيا كانت درجة
أوتوقراطيتها أو ديمقراطيتها، أن تعيد
النظر في مسلمات وأساليب السياسة
والحكم. ويبقى السؤال: هل المبادئ والقيم هي التي
تحرك الحكومات، أم المصالح؟ الدول
الغربية تحاول التوفيق بين القيم
والمصالح، مع أنها أثبتت، أكثر من مرة،
أنها ضحت بالقيم والمبادئ في سبيل
المصالح. وهي اليوم تعلن تأييدها
لانتفاضة الشعوب العربية وغيرها من
الشعوب، لكنها تخاف في سرها من أن تؤثر
هذه الانتفاضة على مصالحها في الشرق
الأوسط، وفي مقدمها: النفط وسلامة
إسرائيل. مع العلم بأن ثمة تفكيرا
منتشرا بين المحللين السياسيين
الغربيين يقول إن قيام أنظمة
ديمقراطية في العالم العربي سوف يسهل
تحقيق السلام بين العرب وإسرائيل؟ إن
هذه الانتفاضات الشعبية العربية، لا
سيما المصرية، من حيث نوعها ولا
دمويتها، باتت تشغل العالم بأسره، لا
بالنسبة لأهمية الشرق الأوسط
والعالمين العربي والإسلامي
الاستراتيجية فحسب، بل لأنها تشكل
نموذجا جديدا للثورات الشعبية، يختلف
عن نماذج الثورات الشعبية التي عرفها
القرنان التاسع عشر والعشرون. كما يبقى
الأفق الذي سوف تتجه إليه الأنظمة
السياسية الجديدة التي ستحل محل
الأنظمة التي سقطت أو ستسقط. فالبناء
أصعب بكثير من الهدم، والديمقراطية
رغم فضائلها وحسناتها، حمل غير حفيف،
ومسؤولياتها كبيرة، لا سيما أن
التحديات التي يواجهها العالم العربي،
ما زالت قائمة إقليميا ودوليا. ====================== أفكار حول ما يجري قي
عالمنا العربي/المقال الثالث القس لوسيان جميل - نينوى .
العراق موقع : كتاب من أجل الحرية الاثنين, 14 مارس 2011 المقدمة: اعزائي القراء! المقال الذي
اضعه بين ايديكم كنت قد بدأت به قبل
بضعة ايام من يوم 25 شباط، وهو اليوم
الذي كان معينا لانطلاق مظاهرات
الشباب ضد الظلم، بكل اشكاله، ومن ذلك
ظلم نقص الخدمات الأساسية نقصا لا يمكن
تحمله لمدة قاربت الثماني سنوات، هذا
الظلم الذي فرض على العراقيين ليكون
اداة سياسية متعددة الغايات والأغراض،
بعد ان نسي الظالمون ان ظلمهم لشعوبهم
سيف ذو حدين، احدهما يقطع الضحية
والآخر يقطع المعتدي ذاته، ولاسيما
اذا كان الظلم يمس كرامة الانسان
وثوابته العميقة. غير ان ما حصل هو
ان يوم انتفاضة الشباب داهمني على
غفلة، وأنا لم اكمل المقال بعد، لذلك
رأيت ان اؤجل المقال الى حين توفر لي
الأحداث مزيدا من المعطيات من اجل
الحكم الأقرب الى الصواب على تلك
المظاهرات، محتفظا بعنواني القديم:
افكار حول ما يجري في عالمنا العربي/
المقال الثالث، ومفضلا اياه على عنوان
آخر كان قد مر بذهني، هو عنوان البعد
" البنيوي للثورات " الذي سأخصص له
متن المقال برمته، من اجل الكلام عن
مظاهرات العراق وعن طبيعتها. ملاحظات استباقية: قرائي الأعزاء! قد يقودنا
تحليلنا البنيوي الى المجاهرة ببعض
الملاحظات والتنبيهات والتمنيات،
بشأن المظاهرات العراقية، لكن ما
ارجوه هو ان لا يخطر ببال احد اننا نريد
ان ننتقص من شأن هذه المظاهرات ومن
روحها الثورية، ومن النتائج التي يمكن
ان تصل اليها، في المستقبل القريب او
البعيد. فالمظاهرات العراقية قد حققت
امورا كثيرة ومهمة، ليس بنيتنا ذكرها،
لأن آخرين قد ذكروها وكتبوا عنها، ونعم
ما فعلوا. وفي الواقع قد لا
تشكل تلك المظاهرات بمجموعها حسما
لمشاكلنا العراقية، ولكنها بالتأكيد
تشكل ثغرة كبيرة في جدار العملية
السياسية التي اتى بها المحتل،
اعتمادا على اعوانه من أشباه
العراقيين، وعلى نفسية العراقيين التي
كانت تعبة جدا من الأحداث التي مرت
بالعراق قبل وبعد الاحتلال، حتى وان
اكتشفنا اصبع المحتل نفسه في كل
المظاهرات التي حدثت في البلدان
العربية، من باب وصول المهيمنين على
الشعوب الى اقل الخسائر، مع الشعوب
المظلومة. وعليه يمكننا ان نؤكد أن
العراق كان بحاجة الى الانتفاضة او
الثورة، ربما اكثر من اية دولة عربية
اخرى، ليس فقط لأن السيل كان قد بلغ
الزبى عندنا، على صعد عديدة، ولكن
ايضا، لأن العدو المحتل، واستنادا الى
قوته العسكرية والسياسية، كان على وشك
ان يفرض الأمر الواقع على العراقيين،
مستعينا بشلة من الطامعين بهذا البلد. اهمية المنهج البنيوي لفهم الثورات: اما الآن فنرى
انه قد حان الوقت للكلام عن طبيعة
انتفاضة العراقيين وأهميتها استنادا
الى استعراض بنى واجه وأبعاد منظومة
العراق المحتل، واستقراء هذه الأبعاد
استقراء جيدا لكي يكون حكمنا على
المظاهرات التي تحصل في العراق حكما
سليما، طالما ان اي فهم علمي لأية
حقيقة، لا يكون كاملا، إلا بعد ان يأخذ
الباحث عن الحقيقة جميع عوامل وأوجه
وأبعاد هذه الحقيقة بالحسبان، كما
يقول بذلك اي منطق سليم. محاولة تبويب واستقراء: غير ان تبويب
ابعاد وبنى اية منظومة مجتمعية، ومن
ذلك منظومة المجتمع العراقي المحتل،
ليس بالسهولة التي يظنها البعض، وذلك
بسبب تشابك هذه البنى والأبعاد. ومع
ذلك، ومع بعض التجريد، قد ننجح في
تقسيم بنى وأبعاد العراق المحتل الى
ثلاثة اقسام اساسية هي: 1- قسم شؤون
المحتلين ومن والاهم. 2- قسم شؤون
المناهضين للاحتلال. 3- قسم شؤون
المستقلين. 1 – قسم شؤون المحتلين ومن والاهم: عندما نتكلم عن
قسم شؤون المحتلين ومن والاهم، فهذا
يعني اننا نتكلم عن المحتل نفسه وعن
ادواته وعن أعوانه، كما يعني اننا
نتكلم عن غايات المحتل من احتلاله وعن
الوسائل التي استخدمها في احتلال
العراق، والتغييرات الكبيرة والنوعية
التي احدثها في العراق بعد الاحتلال،
في غالبية بنى العراق التحتية
والفوقية. أ – الاحتلال عملية غير شرعية: لقد اتفق العالم
بأسره على ان الاحتلال كان عملية غير
شرعية وغير اخلاقية وعدوانا جاء بحسب
شريعة الغاب، لان هذا الاحتلال لم يكن
دفاعا عن حق مغتصب او مهدد. لذلك سمى
الكثيرون هذا الاحتلال بالغزو البربري
الميكيافلي، ورأى فيه عدوانا ناتجا عن
ارادة عدوانية شريرة، استسهلت
الجريمة، بعد ان تم لها اضعاف العراق. ب – اصرار المحتل والأعوان على الاحتلال: ان مقولة "
أخذناها ولن نعطيها بعد "، المنسوبة
الى السيد المالكي، تدل على هذا
الإصرار، مهما كلف من تضحيات ودماء.
علما بأن هذه المقولة لا تعني المالكي
وحده، وإنما تعني ايضا حزب المالكي
وطائفته والمنتسبين الى العملية
السياسية، دون استثناء واحد منهم، كما
تشير الى طبيعة المحتل نفسه المصرة على
الشر. اما العلامات
التي تدل على شر المحتلين وعلى اصرارهم
الميكيافلي على هذا الشر فكثيرة، نذكر
منها على سبيل المثال لا الحصر، استخدم
الغزاة للقوة العسكرية المفرطة سواء
اثناء الاحتلال نفسه او بعد ذلك، خلال
كل مدة الاحتلال التي بلغت حتى الآن
قرابة ثماني سنوات، حاول الغازي
اثناءها تصفية المعارضين لاحتلاله في
سبيل اضفاء الشرعية على هذا الاحتلال. ج – استخدام قوة المتعاونين متعددة
الأشكال: غير ان العدو
الأمريكي لم يكتف بالاعتماد على قوته
العسكرية الفائقة، لكنه اعتمد في
اتمام عملية تصفية الوطنيين الجسدية،
على ما سمي بأحزاب المعارضة العراقية،
هذه المعارضة التي زودها المحتل
بالمال والسلاح وبالوعود الكثيرة، من
اجل اتمام مهمتها الخبيثة. اما الوسائل
التي اعتمدها المحتل لإقناع العراقيين
على المشاركة في عملية الاحتلال
فكثيرة، فقد بدأ المحتل عملية اقناع
العراقيين من خلال المؤتمرات التي
عقدها خارج العراق وداخله، مع الجهات
التي كانت حاقدة على مسيرة العراق
الوطنية القومية، لكنه اكمل استخدام
العراقيين في عملية الاحتلال، من خلال
تأجيج الخلافات الطائفية والقومية
والدينية بين العراقيين، وتوجيه هذه
الخلافات لصالح مشاريعه الخبيثة، فضلا
عن الأحقاد التي خلقها هذا المحتل بين
العراقيين من خلال عمليات القتل التي
كانت تقوم بها فرق الموت ضد اي طرف كانت
تريد له امريكا ان يقوم بأعمال انتقام
من الطرف الثاني، في عملية نطلق عليها
التدمير الذاتي Auto destruction ، لكي تحصل الفتنة بين
المكونات العراقية المختلفة ويزول من
بينها الوئام والاتحاد، الأمر الذي
نجح فيه المحتل نجاحا عظيما. د - دور الجيش الجديد وقوى الأمن الأخرى: عندما يكون
الجيش الذي شكله المحتل، بعد حل الجيش
الوطني القديم، والقوى الأمنية
الأخرى، قادمة من ميليشيات الأحزاب
المتعاونة مع المحتل، او مستسلمة لها،
بعد ان جرت على الجميع عملية ترشيح (
فلترة ) صارمة، فهذا يعني، بكل بساطة،
سيطرة المحتلين في هذا المجال سيطرة
تامة، على جميع مرافق الحياة العراقية
سيطرة كبيرة، عن طريق الميليشيات
المتعاونة مع المحتل، وذلك بغاية بناء
عراقهم الجديد المزعوم على انقاض
العراق الوطني المدمر. ه - مقولة دولة القانون وأصحابها: قد يظن بعض
السطحيين ان مقولة فرض القانون تعني
أمرا ايجابيا يمكن ان يمتدح السيد
المالكي عليه، غير ان الحقيقة ليست
كذلك. فقد كان يمكن ان يكون لهذه
المقولة معنى ايجابيا، لو كان السيد
المالكي رئيس وزراء في دولة طبيعية ذات
سيادة. أما وان يكون المالكي رئيس
وزراء في دولة محتلة يسعى محتلوها الى
ان يجعلوا من احتلالها امرا مشروعا، عن
طريق القانون المفروض على الشعب
بالقوة المسلحة، فان فرض القانون في
هذه الحالة لا يعني سوى فرض الاحتلال
بالقوة على المواطنين, خدمة للمحتل
ونيابة عنه، وخدمة للسيد المالكي نفسه
ولحزبه ولطائفته، في الوقت عينه. و – منهج حرمان العراقيين من الخدمات: بعد ان تعود
المحتلون على انتهاك الشرائع الدينية
والإنسانية، وتجاوز قوانين المجتمع
الدولي، لم يعودوا يتورعون عن اي
انتهاك لحقوق الانسان، ومن ذلك
الاصرار المنهجي على حرمان العراقيين
من الخدمات الاساسية، بشكل ميكيافلي،
من اجل اجبار العراقيين على رفع الراية
البيضاء والاستسلام لرغبات المحتلين،
كما حدث في ايام الحصار الجائر. ز – دستور بريمر والمعاهدة الأمنية : ما يمكننا ان
نقوله عن دستور بريمر هو انه ليس اكثر
من وثيقة فرضها المحتل بطرقه الجهنمية
الخاصة على العراقيين، وذلك تلافيا
لاقتتال المتعاونين العملاء مع بعضهم،
ومن اجل قمع الرافضين للعملية
السياسية، ودرء خطر تحريف هذه العملية
عن مسارها المطلوب امريكيا. أما المعاهدة
الأمنية فهي شبيهة بالدستور تماما من
حيث غاياتها، لكنها تختلف عن الدستور
في انها الوثيقة النهائية بين المحتل
الذي اوشكت قواته على مغادرة العراق،
وبين حكومة الاحتلال التي تريد من خلال
وثيقتها هذه تأمينا رسميا لجميع
اهدافها ومكاسبها في العراق. لذلك
تتحول هذه الوثيقة الى ما يشبه وثيقة
استسلام بين الطرف المنتصر وخصمه. ح – مخلفات الاحتلال: بعد كل ما اتينا،
وما لم نأت الى ذكره، لابد لنا ان نلقي
نظرة الى الساحة العراقية التي لا زالت
ساحة محتلة، لكي نرى ما بقي فيها من
جبروت المحتل الأمريكي ومن جبروت
المتعاونين مع هذا، ولكي نتأكد ان
المحتل لم يعد سوى نمر من كارتون وزبد
بحر لا ينفع صاحبه ولا يفيد الآخرين.
فما بقي للمحتلين في الساحة العراقية
بالحقيقة، ليس سوى احتلال فاشل وجيش
مهزوم ومنهار، وأسلحة مهانة، وعدد من
موالين اهانت كرامتهم جهات عديدة،
عدوة وصديقة، فضلا عن شعب بدأ يشفى من
مرض نسميه القوة الأمريكية التي لا
تقهر، ومن حالة الدمار المادي والنفسي
والروحي الذي سببه لنا المحتلون
الأشرار. ولكن، ومهما كان من أمر علينا
ان نفهم هذا الواقع فهما جيدا بكل
ابعاده ولا نستهن بأي بعد منه، سواء
كان معنا او كان ضدنا، كما يقتضي ذلك كل
تفكير سليم، الأمر الذي يتطلب
اختصاصات كثيرة تستطيع ان تغوص الى عمق
الواقع لكي تستطيع ان تتعامل مع هذا
الواقع بنجاح. 2 – قسم شؤون المناهضين للاحتلال: غير ان ما بقي في
العراق المحتل، من غير ما ذكرنا اعلاه،
هو ما أسميه البقية الباقية التي لم
تسجد للبعل الأمريكي، ولم تحني رأسها
له، ولم تمد يدها لمصافحته، ولم تدعُه
في اي وقت صديقا لها، ولكنها كانت
تسميه دائما بالمحتل، او بالعدو
الغازي. ففي الحقيقة قد نجت هذه البقية
الباقية من طوفان المحتل، وبقيت أمينة
لحبها الأول، على الرغم مما كلفها هذا
الحب من تضحيات. الأغلبية الصامتة لم تعد صامتة: اما هذه البقية
الباقية فقد سماها البعض بالأغلبية
الصامتة. غيران هذه الأغلبية لم تعد
اليوم صامتة، كما يظن البعض، لكنها
صارت اغلبية تملك القدرة على الكلام،
لا بل على الصياح بأعلى صوتها ايضا،
وعلى القيام بالتظاهرات والانتفاضات،
مع ان هذه الأغلبية لم تكن صامتة،
بالحق والحقيقة، في احلك ايامها،
طالما كانت المقاومة الباسلة تحمل
السلاح بوجه المعتدين، وكانت الأحزاب
الشرعية تنظم نفسها من جديد وتبدأ
عملية قيادة الجماهير نحو التحرير. وقد
يكون الكثيرون ممن فروا الى البلدان
المجاورة قد فعلوا ذلك خوفا على
حياتهم، الى ان الكثيرين اضطروا الى
السفر خارج العراق من اجل ان يحتفظوا
بحرية الكلام والمقاومة. واقع لا يمكن تجاهله: اذن فالمقاومة
الوطنية، سواء كانت مسلحة ام غير مسلحة
موجودة على الساحة العراقية او من
حولها، ولا يمكن نكرانها ونكران
تأثيرها. كما ان الأحزاب الشرعية حية
ترزق وتؤدي واجبها تجاه الوطن بكفاءة
عالية، وإلا من افشل الاحتلال وعمليته
السياسية التعسفية؟ اما تحرك الشبيبة
فهو ظاهرة جديدة ستكون ناجحة جدا اذا
ما بقيت متصلة اتصالا وثيقا بمن سبقها
بزمن طويل الى ساحة الجهاد والنضال،
بإرثها المتراكم، هذا الارث القديم
والعميق الجذور، الذي ليس ارثا سلبيا،
كما يحلو للبعض ان يقولوا، ولكنه ارث
ايجابي، لا يمكن ان يصل عراقنا الى
التحرير خارجا عنه، وهو المرجعية التي
لا يمكن لأحد ان يقفز من فوقها. وفي الواقع لابد
ان نعترف بأن عملية تحرير العراق، هي
عملية بنيوية معقدة، بسبب ما فيها من
ابعاد متشابكة، حالها حال عملية
احتلال العراق الكاملة. لذلك تتطلب
عملية التحرير هذه مشاركة كل بنى
وأبعاد منظومة التحرير، في عملية
انتشال العراق من براثن المحتل،
بمجانية كاملة ومحبة، كل حسب طاقته
والموهبة التي يتمتع بها، وذلك
باحترام كامل لهرمية مرجعيات التحرير،
بما فيها مرجعيات الحزب والسلطة
الشرعية التي كانت تدير البلد قبل
الاحتلال، والتي عندها تستقر "
ذخيرة " الشرعية والسيادة
المنتهَكة، هذه الذخيرة التي ما ان يتم
تجاوزها، حتى يتحول هذا التجاوز الى
نوع من القبول بالأمر الواقع
الأمريكي، بشكل حتمي، سواء اراد
المتجاوز هذه النتيجة ام لم يردها. المرجعية الموازية: أما اذا تعذر على
المحررين، لأي سبب، الرجوع الى
المرجعيات التي نوهنا عنها، حينئذ
يمكننا، وان كان ذلك بمشقة كبيرة، ان
نعود الى مرجعية أخرى تساعدنا على
تحرير الوطن. غير ان هذه المرجعية لن
تكون بديلا لمرجعية الأشخاص والأحزاب،
وإنما تكون موازية لتلك المرجعية، ليس
إلا. وقد يمكننا تلخيص هذه المرجعية
الموازية بكلمات قليلة مثل كلمة
التمسك بالعودة الى المربع الأول، ما
قبل الاحتلال، والتمسك بالسيادة
الكاملة، وبإلغاء العملية السياسية
التعسفية وإلغاء الدستور التعسفي الذي
فرض على العراقيين، والمعاهدة الأمنية
التي فرضت على حكومة الاحتلال قسرا.
غير ان اهم ثابت من الثوابت التي يجب ان
يتمسك به اي طالب لتحرير العراق، هو
ثابت العودة الى تأميم النفط العراقي
وسائر ثرواته الوطنية الأخرى وسحب هذه
الثروات من براثن المحتلين القراصنة
اللصوص. فإذا تعذر على
العراقيين الشرفاء الالتفاف حول
مرجعيات وطنية نزيهة فان الالتفاف حول
هذه الثوابت يسهل الأمور كثيرا، مما
يؤكد لنا بأن هذا الثوابت تصير جزءا من
وحدتنا الوطنية، باعتبارها تصبح هدفا (
اوميغا ) مشتركا بين جميع الوطنيين،
كما تصير هذه الثوابت علامة مؤكدة على
ان من يتمسك بها لا يمكن ان يكون سوى
وطني شريف، وأن من يتعمد الاهمال او
التسامح مع هذه الثوابت، لن يكون غير
مراوغ يفتش عن الحلول الوسط على حساب
حقوق العراق التي لا تقبل التصرف. نقول
كل ذلك ونحن على قناعة تامة بأن صراع
شرفاء العراق الحقيقي هو مع المحتل
وأعوانه، وليس بين مكونات الشعب
العراقي، المحتل، مهما كانت المشاكل
القائمة بينهم عظيمة، كما يكون الصراع
مع الأعوان بقدر ما ينتمي هؤلاء
الأعوان الى المحتل، وليس اكثر. 3 - قسم شؤون المستقلين. اعزائي القراء، بما اني لم اعد
استطيع ان اطيل عليكم اكثر مما فعلت،
فاني سأختم بالقول بأن المستقلين،
الذين قلنا عنهم انهم ليسوا لا من
الذين آمنوا ولا من الذين كفروا،
يشكلون بالحقيقة العامل الأصعب في اي
تحرير، وذلك لسهولة التغرير بهم
ولصعوبة تحريكهم بالاتجاه الصحيح
وصعوبة ازالة مفعول المادة المخدرة
التي حقنهم بها المحتلون من خلال
اعلامهم المضلل، او حقنهم به
المسئولون عن طوائفهم او قومياتهم
الشوفينية. وبما اننا بصدد
الكلام عن منظومة العراق المحتل وعن
انتفاضة الشباب في العراق، وبما ان
الكاتب يبقى، كما كان، شخصا تهمه
اخلاقيات السياسة اكثر مما تهمه
السياسة نفسها، فإننا نقول بأن سلامة
اية مظاهرة وأية انتفاضة، عراقية كانت
ام غير عراقية، تكمن في معرفة اكثر ما
يمكن من اوجه وأبعاد وبنى هذه
الانتفاضة او الثورة، لكي تكون هذه
الانتفاضة سليمة من جميع الأوجه، على
قدر المستطاع، وتكون بالتالي انتفاضة
او ثورة ناجحة حقا. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |