ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
قناصة الإعلام الأميركي
والخداع البصري أنور رجا 2011-03-23 الوطن السورية بعين ذئبية متحفزة ترصد بعض الكاميرات
العربية أنفاس المواطن العربي، وتلهث
خلف المواطن الطريدة لترقص على جثته
وأحلامه.. المشهد الإعلامي الذي تحرك
عقلية أخلاق القناص، ليس بعيداً عن
واقع وسائل الإعلام التي باتت أقرب إلى
الموضة عند بعض الفضائيات، وهي موضة
مستعارة ومدفوعة الأجر سلفاً، وتتضاعف
قيمة الأجر السياسي والمادي كلما صوب
القناص الإعلامي جيداً وكانت الإصابة
في الرأس لتطيح بوعينا وإدراكنا
لحقيقة الصورة وبواعث من يحرك عين
الكاميرا. حفلة القنص الجماعي التي تستهدف عقل ووعي
المواطن العربي وإجهاض روح الثورة
الشعبية تشير إلى هوية أصحابها حتى وهم
يلبسون أقنعة الديمقراطية وحقوق
الإنسان، وبشكل مباشر ودون التفحص
كثيراً في الوجوه المقنّعة يبرز وجه
البيت الأبيض الذي يعمل على شن أوسع
عملية استهداف للحقيقة في محيطنا
العربي بشكل عام مع تركيز ممنهج على
حقيقة الصورة في سورية بشكل خاص، وينشط
القناصة من سياسيين وإعلاميين بالبحث
عن جزئية أو تفصيل عابر لتكوين صورة
مشوهة لا أساس واقعياً لها، ويستنفر
خبراء الحرب النفسية لوضع كل المؤثرات
الصوتية وعناصر الإبهار البصري لتوليد
وصناعة مفرقعات (الأكشن) الدعائية
لتوتير أعصاب المتلقي وإثارة حماسة
خياله وشل وعيه عبر إدخاله في حالة من
الدهشة والذهول. وعلى ذات الطريقة الأميركية في الحروب
العسكرية تصبح الوسيلة الإعلامية أداة
حرب لخلق مناخ من الصدمة والترويع
تمهيداً لإغراق الرأي العام في الفوضى
والإحباط، وفي هذا السياق يتوالى
القصف الإعلامي المبني على الشائعات
وعمليات التحريض وتركيز عين الكاميرا
بشكل ثابت على حركة السير وأمام
الأفران، وعلى أبواب المساجد لعلها
تلتقط صورة تصادم بين سيارتين، أو لقطة
عابرة لمجموعة مشاغبة، آنذاك تصدر
الصورة إلى المختبرات المختصة
للمعالجة الفنية والسياسية، ثم يعاد
بثها لتحتل تلك الصورة المنتقاة كامل
الوقت، والشاشة، ويبدأ اجترار الكلام
وتتدحرج كرة الأخبار لتصبح جبلاً من
الوهم الذي يجثم بعبئه وثقله فوق صدور
وألسنة الناس. الحرب الإعلامية الأميركية المدعومة من
دول عربية وغربية ضد سورية لا تنفصل عن
الحرب السياسية والأمنية التي لم
تتوقف ضد الإرادة الوطنية والقومية
الحرة لسورية وشعبها كونها إرادة تنبع
من ثقافة المقاومة ورفض كل أشكال
التبعية الخارجية، وتأخذ هذه الحرب
منعرجاً خاصاً في ظل انحسار الدور
الأميركي وفشله في المنطقة وليس
غريباً أن تتصاعد هذه الحرب الأميركية
ضد سورية والمقاومة في مرحلة القلق
الأميركي على نفوذها في المنطقة،
فالسياسة الأميركية المثخنة بالجراح
بعد تهاوي النظام المصري، وخشيتها من
انفلات سيطرتها على موقعها المتقدم في
الخليج العربي تبدو مثل الذئب الجريح،
وهي في حالة استنفار وسباق مع الوقت
لاستعادة شيء من التوازن والهيبة
المفقودة، ولأن الوقت لا يتسع للغة
الدبلوماسية والمؤامرات الخفية يجد
البيت الأبيض نفسه مضطراً للصعود
عارياً إلى رأس الشجرة، وببلطجية
واضحة، يمارس التدخل الفظ والبشع في
الشؤون الداخلية لسورية وغيرها من
الدول العربية فيحل لأنظمته المستعربة
ما تشاء، ويضع خطوطاً سوداء وحمراء في
وجه من لا يتفق مع الهوى والسياسة
الفوقية الأميركية. ويظل المستهدف أولاً وأخيراً مستقبل
المواطن العربي الذي يقف اليوم أمام
تحدٍ مصيري يتطلب قراءة معمقة وموقفاً
مبدئياً حاسماً في مواجهة قناصة
الإعلام والسياسة الذين يتخفون وراء
الكاميرات الذئبية المخاتلة لاستراق
السمع وبعثرة الصورة وإعادة تركيبها
كما تشتهي أميركا والفضائيات الملحقة
بها، التي أخذتها العزة بالإثم وظنت
أنها قادرة بسياستها التهويلية على
العبث بوعينا وهويتنا وغدنا. ====================== تشرين دمشق رأي الأربعاء 23 آذار 2011 سلمان عيسى لم (يقع مشروع قانون الإعلام المجدد) بين
أيدينا بعد، لكن المعلومات التي رشحت
عن تضمنه بعض المواد هي أقسى بكثير من
القانون المعمول به، وكوني صحفياً
يمارس هذه المهنة منذ سنوات طويلة،
فهذا يعني أن هذا القانون هو ما يعنيني. في المعلومات الأهم أن هذا القانون لم
يعرض للنقاش أولاً، خاصة من قبل أصحاب
هذه المهنة، وثانياً: إنه أثناء إعداده
تم استبعاد الصحفيين، إلا إذا اعتبر
أولي الأمر أن اتحاد الصحفيين هو
المعني الأول بهذا الموضوع، وهنا
يفترض أن يتم إشراك الصحفيين
الممارسين للمهنة، لكون أغلبية أعضاء
المكتب التنفيذي للاتحاد متقاعدين..
وليتهم استفتوا مفاصل التحرير في
المؤسسات على الأقل..؟ ثالثاً: هناك تسريبات تقول إن من تم
إشراكهم من أصحاب المطبوعات الخاصة،
لم يؤخذ بأي من اقتراحاتهم... أكثر من
ذلك، فإن الكثير من البنود المعدلة لم
تناقش معهم أثناء جلسات إعداد هذا
القانون. صحيح أن هناك جهات وصائية على الإعلام
وغيره، لكن إلى أي حد يمكن لهذه الجهات
أن تكون وصائية أكثر من ذلك، أي هل يحق
لوزارة الإعلام ووزارة العدل وأي جهة
أخرى أن تسن القوانين الخاصة بالإعلام
بعيداً عن المؤسسات ذاتها التي تنطبق
عليها بنود القانون، وتطبق هي ذات
البنود. وهل تدرك هذه الجهات أن أغلبية الذين
تنطبق عليهم بنود القانون، يعملون في
المؤسسات الإعلامية العامة.. وهي تعلم
أن موازنات هذه المؤسسات يمكن أن تنهار
أمام دعوى قضائية لمسؤول متنفذ،
وبالتالي يحق لنا أن نتساءل عن
المحاذير والضوابط والخطوط الحمراء
التي يمكن أن تتحرك في كل لحظة، لتحيط
برئيس بلدية مثلاً.. ويصبح هو الخط
الأحمر؟!. بين أيدينا تجربة نرجو ألا تتكرر... فمنذ
نحو عامين تقريباً تم نشر قانون
الأحوال الشخصية الذي أنهت اللجنة
دراسته ووضع بشكله النهائي وعندما عرض
للنقاش وهو باتجاه التنفيذ، تم سحبه من
التداول نتيجة الأخطاء الكبيرة التي
تضمنها، وما زال رهين الأدراج حتى الآن..
والمقصود هنا أن نعمل على إنجاز قوانين
متطورة وعصرية، تضبط الإعلام وتصونه
بالوقت ذاته وتحصن كوادره على الأقل. من هنا نتمنى أن يفعلوها، وتعاد دراسة هذا
القانون، قبل أن يصبح قانوناً، لكن بعد
إشراك مفاصل التحرير في المؤسسات
الإعلامية العامة، كما تم إشراك
القطاع الخاص، لكن بفاعلية هذه المرة..
وذلك لكي تتحمل هذه المؤسسات
المسؤولية في حال ارتكاب مخالفة.. ولكي
لا يقرر أحد عن الصحفيين، لا الاتحاد
ولا غيره، لأن هذه المؤسسات تمتلك
كوادر قادرة، بحكم خبرتها على رسم كل
الخطوط. ====================== ترجمة: فداء داهود تيموثي غاتو البعث 23-3-2011 استحوذت الأحداث الجارية في منطقة الشرق
الأوسط على اهتمام العالم بأسره، وقد
أدهشت ثورتا تونس ومصر المحللين
السياسيين، فيما لا تزال أحداث ليبيا
والبحرين واليمن تستقطب المزيد من
التركيز والاهتمام.. من جانبها، الولايات المتحدة تحاول إدارة
الفوضى التي لم تطلقها هي.. وتجتهد في
الاستفادة ما أمكن مما يجري مذعورة من
إفلات زمام الأمور من يدها. لقد مرّ زمن
طويل على بعض الشعوب العربية، ظنّت
خلاله أنّ انطلاق ثورة على أنظمتها
الفاسدة أمر مستحيل.. والكلّ كان
يتغنّى بالانتفاضة على الظلم والقمع
والاحتلال الخارجي، ويكرّس أسماء
المجاهدين عنواناً لحضارته.. أمّا أن
يصنع هو الحدث، فهذا كان أمراً بعيد
المنال، بعد سنوات طويلة من التخدير
الفكري والتنويم المنغاطيسي القسري من
قبل أنظمة متكلّسة تستمد قوتها في
الغالب من الخارج، وتجعل واشنطن
قبلتها لقاء تمرير مشاريع وبرامج،
وتنفرد بالمقابل في الحكم وجمع
الثروات. عندما استطاع الشعب في تونس قول كلمته،
أصيبت الشعوب بصدمة إيجابية.. وقالت
لنفسها "إذن نحن نستطيع"، فانتقلت
العدوى إلى مصر، وما أدراك ما مصر، وما
معنى أن تنجح الثورة هناك، فكانت
النتائج مذهلة للعالم الغربي الذي وجد
نفسه أمام المجهول. ولم تقتصر العدوى
على تلك الدول العربية، بل طالت دولاً
أخرى عديدة. هذا الوضع أربك الإدارة الأمريكية
وغيرها، فهي كانت تتمنّى ألاّ تخرج
الأمور عن نطاق السيطرة، وهي غير
مستعدة للمجازفة بما تسميه ديمقراطية،
لذلك راحت تدوّر الدوائر وتضرب
أخماساً بأسداس بعد أن انكشفت بأنّها
هي من يدعم الأنظمة الفاسدة من وراء
حجاب. فها هي اليوم تلوّح بالسيطرة على ليبيا
بسيناريوهات مختلفة تحت شعار
الديمقراطية، لعلّها رسالة متناقضة
للشعوب التي لم تنتفض بعد: إياكم
والمسّ بزعمائكم، وإلاّ ستتعرّض
بلادكم للاحتلال الأمريكي على الرغم
من أننا نحن، الأمريكيين، مع
الديمقراطية!!!. أمريكا لا ترتاح لا هي ولا الغرب عموماً
إذا رحلت تلك الأنظمة المتعفّنة،
فماذا لو عادت فعلاً مصر إلى عروبتها
الأصلية وتعاونت مع سورية ومن ثم إيران
وحزب الله وتركيا وحماس في هذه
المنطقة؟ ماذا سيصبح حال إسرائيل
والولايات المتحدة حينها؟ وما هي حظوظ
المشروع الأمريكي في المنطقة؟ إنّها بداية جديدة لتاريخ جديد.. فقد عرف
الشعب طريق الاستقلال الحقيقي. ===================== الأزمة الليبية... ليست
معركة أميركية إدوارد لوتواك زميل مركز الدراسات الدولية
والاستراتيجية في واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم.
سي. تي إنترناشيونال" تاريخ النشر: الأربعاء 23 مارس
2011 الاتحاد مرة أخرى تقوم الولايات المتحدة بقصف بلد
مسلم من أجل تحرير شعبه من حكامه
الدمويين. ومرة أخرى يُقال لنا إن
مدنيين أبرياء يتعرضون للمذابح، وإن
على الولايات المتحدة أن تتدخل
لاعتبارات أخلاقية بصفتها أمة كبيرة
وعظيمة. غير أن الولايات المتحدة لم
يكن عليها أن تدخل في هذه الحالة
إطلاقاً – حتى في إطار ائتلاف أوسع
حاصل على تفويض من الأمم المتحدة لفرض
منطقة حظر للطيران. ومما لا شك فيه أنه لا ينبغي تجاهل
الأسباب الإنسانية؛ فالكثير من
الأميركيين مازالوا يتذكرون بأسف كبير
فشل إدارة كلينتون في التدخل للحؤول
دون وقوع مذبحة رواندا عام 1994، عندما
كان باستطاعة بضعة آلاف جندي مسلحين
بأسلحة خفيفة إنقاذ مئات الآلاف. ولكن،
لماذا ليبيا مختلفة عن رواندا؟ ولماذا
لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتدخل
هناك؟ أولاً، لأنها تمتلك النفط والغاز، وأي
عمل عسكري أميركي هناك سيُنظر إليه من
قبل الكثيرين عبر العالم على أن دافعه
الوحيد، هو الرغبة في سرقة موارد
البلاد. شيء سخيف بالطبع، ولكن أعداء
الولايات المتحدة سيكررون هذا
الاتهام، وهو اتهام معقول بالنسبة
لمعظم الناس عبر العالم الذين لا
يستطيعون تخيل حكومة تتطوع لبذل
الدماء والمال من أجل مساعدة أجانب،
أجانب من دين آخر. ولا جدوى من المجادلة بأن السيطرة
العسكرية على أراض وامتلاك مواردها
الطبيعية شيئان مختلفان تماماً
بالنسبة لأي محتل ملتزم بالقانون. فكون
القوات العسكرية الأميركية لم تقم بأي
محاولة للاستيلاء على منشآت العراق
النفطية - أو حتى تأمينها - خلال غزو 2003
أو بعده حقيقة لا يعرفها إلا قلة؛ ثم
إنها حتى عندما تكون معروفة، فإنها
توصف بأنها غير ذات أهمية، أو بأنها
خداع مدروس جداً. ولأن الاتهام يصدَّق
على نطاق واسع جداً، فقد تحمل الزعماء
السياسيون العراقيون مشقة التفاوض
بشأن عقود نفطية مع شركات غير أميركية،
ليُظهروا أنهم ليسوا دمى بأيدي
الأميركيين (ومما لا شك فيه أن شينخوا
جروب، وسينوشيم، ويونيبيك، وتشاينا
ناشيونال أوفشور أويل... جميعها ممتنة
للولايات المتحدة لأنها منحتها
إمكانية الوصول إلى النفط العراقي،
رغم أنها لم تعرض أي مساهمة في
التريليون دولار الذي كلفه التدخل حتى
الآن). وبالتالي، فمهما تفعل الولايات
المتحدة في ليبيا، فإنها لن تساهم إلا
في تكريس السمعة التي لا تستحقها وباتت
مترسخة في العالم اليوم كبلد معتد. أما السبب الثاني الذي يجعل ليبيا مختلفة
عن رواندا، فهو الدين. ولننظر على سبيل
المثال إلى تجربتنا في أفغانستان حيث
يندد الأئمة بشكل روتيني عبر أرجاء
البلاد بالتدخل الأميركي باعتباره
هجوماً مقنعاً على الإسلام، وكوسيلة
لتعبيد الطريق أمام المسيحية. ويشمل
هذا الأئمة الذين يدفع رواتبهم دافع
الضرائب الأميركي عبر الحكومة
الأفغانية التي تقوم بصرف المال. وعلاوة على ذلك، يقول الزعماء الدينيون
الأفغان في كثير من الأحيان إن
الأميركيين إنما يروجون لحقوق النساء
ويشجعون عليها من أجل تشجيع النساء على
شق عصا الطاعة على آبائهن وأزواجهن،
وبالتالي إلحاق العار بالعائلات
الأفغانية وإضعاف مقاومتها لاعتناق
المسيحية. ومرة أخرى، ولأنه ليس ثمة
أفغاني عادي قد يحلم بالسفر إلى النصف
الآخر من الكرة الأرضية لمساعدة
الأميركيين، أو مساعدة أي شخص ليس من
أتباع دينه، فإن مثل هذه الاتهامات
تصدَّق في العالم أجمع تقريباً. ولعل الهجوم الإرهابي الذي استهدف جندياً
أميركياً مؤخراً يوضح هذه الظاهرة
جيداً. فقد سُمع "آريد أوكا"، الذي
قتل جنديين من سلاح الجو وجرح اثنين
آخرين بقاعدة "فرانكفورت" في
الثاني من مارس الجاري، وهو يردد "الله
أكبر" عندما أطلق النار من سلاحه.
وأوكا هذا من كوسوفو، التي تصعد إلى
الواجهة اليوم باعتبارها أول دولة
مسلمة في أوروبا نتيجة الحملة الجوية
التي شنها "الناتو" ضد القادة
الصربيين الذين كانوا يحكمون الإقليم.
والواقع أن العديد من سكان كوسوفو
ممتون للولايات المتحدة لأنها حررتهم؛
غير أن ثمة أئمة يحذرون في خطبهم من
التأثير الخبيث للولايات المتحدة
والغرب في كوسوفو – وبصوت أعلى مؤخراً
بسبب حظر للحجاب في مدارسهم. فرغم أن
الزعماء المسلمين المحليين هم من
فرضوا الحظر، بدون أي تدخل أو مشاركة
أميركية؛ فإن الأئمة يدَّعون العكس،
وينددون في الوقت نفسه بالتدخلات التي
تقودها الولايات المتحدة في بلدان
إسلامية أخرى. وقد تبين أن دافع "أوكا" المعلَن
لإطلاق النار هو شريط فيديو مزعوم نشر
على الإنترنت يُظهر جنوداً أميركيين
يغتصبون نساء مسلمات في أفغانستان.
ولكن "أوكا" لم يستطع تقديم أي
شريط مثل هذا للشرطة الألمانية. وعلى
ما يبدو، فإنه لا وجود لأي شريط من هذا
النوع أصلاً؛ ولكن بدون شك أن "أوكا
"سمع عنه في المسجد الذي يتردد عليه. الواقع أنه لا يمكن السماح بتكرار
الأخطاء نفسها في ليبيا. فبغض النظر عن
حسن نواياها، إلا أن الولايات المتحدة
ستصَّور مرة أخرى على أنها معتدية
ومناوئة للمسلمين، مما سيولد مزيداً
من الأعمال الإرهابية. ثم إن حتى قرار
الجامعة العربية الذي أشاد به
الكثيرون ويدعو إلى منطقة لحظر
الطيران حذر من أي "غزو" واستبعد
أي هجوم على الدفاعات الجوية الليبية
– فمن الواضح أن الموقِّعين لا
يمانعون لو تعرض الطيارون (الأميركيون
على ما يفترض) الذين يقومون بدوريات
مراقبة في الأجواء الليبية لصواريخ
مضادة للطائرات. ثم إن الجيش الأميركي تجاهل حقيقة أن
صواريخ كروز والقنابل الجوية لا تدمر
منشآت عسكرية فحسب، وإنما تقتل الناس
أيضاً؛ وأنه قريباً ستكون ثمة صور
لأطفال قتلى تعرضهم بعض الفضائيات على
شاشتها. وعليه، فلندع الجامعة العربية
أو منظمة "المؤتمر الإسلامي"
الأكبر بأعضائها ال57، والتي تمتلك
مقاتلات وجنوداً، تتولى القيام بتدخل
إنساني بحيث تدفع هي كلفته من حيث
المال والدماء. في هذه الحالة على
الأقل لن يتهم أحد الولايات المتحدة
بمهاجة الإسلام مرة أخرى! ===================== المجتمع الدولي يستجيب
للنداء العربي تاريخ النشر: الأربعاء 23 مارس
2011 ديفيد كاميرون الاتحاد بدأت القوات البريطانية يوم السبت الماضي
مشاركتها في العمل العسكري فوق أجواء
ليبيا ضمن عملية دولية بالتعاون مع
الولايات المتحدة وغيرها، بناءً على
طلب من الدول العربية، وذلك تنفيذاً
لإرادة الأمم المتحدة. وتماشياً مع قرار مجلس الأمن الدولي 1973،
فإن لهذه الضربات العسكرية هدفين.
أولهما هو إحباط الدفاعات الجوية
الليبية وتمكين فرض منطقة الحظر الجوي
بشكل آمن فوق أجواء ليبيا. وثانيهما هو
حماية المدنيين من هجمات نظام القذافي
ضدهم. وقد تم إحراز تقدم جيد في ذلك. حيث
إن قوات التحالف تمكنت من تحييد
الدفاعات الجوية الليبية، ونتيجة لذلك
أمكن تنفيذ فرض منطقة الحظر الجوي فوق
ليبيا بفعالية. كما أن قوات التحالف
ساعدت في تفادي مجزرة دموية في بنغازي
ربما بالكاد في الوقت المناسب. لكن من الضروري أن نتذكر كيف وصلنا إلى
هذا الإجراء الشديد والخطير. ففي مساء
الجمعة 18 مارس حددتُ أنا والرئيس
أوباما والرئيس ساركوزي الشروط التي
يتوجب على العقيد القذافي استيفاءها
وفق متطلبات القانون الدولي الموضحة
في قرار مجلس الأمن رقم 1973. فقد قلنا
بأنه لابد أولاً من وقف فوري لإطلاق
النار، ولابد من وقف كافة الهجمات ضد
المدنيين. وقلنا ثانياً إنه يتوجب على
القذافي وقف تقدم قواته تجاه بنغازي.
وإنه ثالثاً، على القذافي سحب قواته من
أجدابيا ومصراته والزاوية، وتوفير
إمدادات المياه والكهرباء والغاز
لكافة المناطق، والسماح بإيصال
المساعدات الإنسانية للشعب الليبي. استجاب القذافي بإعلان وقف إطلاق النار،
لكن سرعان ما اتضح بأنه كسر وعده ذلك.
فقد استمر بدفع دباباته نحو بنغازي
وبتصعيد عملياته ضد مصراته. ويوم السبت
وحده وردت تقارير عن وقوع عشرات القتلى
في بنغازي والعشرات غيرهم في مصراته. وبالتالي كان وجوب إيقافه عند حده
ضرورياً وقانونياً، وكان علينا فعل
ذلك، وهو عين الصواب. ضروري لأن علينا،
مع آخرين، محاولة منعه من استخدام
القوة العسكرية ضد شعبه. وقانوني لأننا
نحظى بدعم مجلس الأمن الدولي. وصواب
لأني أعتقد أنه علينا ألا نقف جانباً
بينما يبطش هذا الديكتاتور بأفراد
شعبه. وتوافقنا في ذلك جامعة الدول
العربية والكثيرين غيرها. وخلال القمة التي عقدت في باريس يوم السبت
الماضي، أكد أمين عام الجامعة وممثلون
عن الدول العربية - ومن بينها قطر
والإمارات والعراق والأردن والمغرب -
"كافة الإجراءات اللازمة، بما فيها
العسكرية، تماشياً مع قرار مجلس الأمن
رقم 1973 لضمان الانصياع له بكافة
متطلباته". وقد أوضح وزير الخارجية العراقي خلال هذا
الاجتماع بأن فرض منطقة حظر جوي فوق
شمال العراق أنقذ حياة آلاف الأكراد،
وربما حتى حياته هو شخصياً. ومن حيث
المشاركة الفعالة، أعلم بأن القطريين
يعتزمون المساعدة في فرض منطقة الحظر
الجوي. كما تنظر دول عربية أخرى في
مشاركاتها، إلى جانب دول أوروبية
وأُخرى من أميركا الشمالية. وقد تحدثت
صباح الاثنين مع أمين عام الجامعة
العربية، الذي أكد لي دعمه الواضح
لكافة أوجه قرار مجلس الأمن، واتفقنا
على وجوب تنفيذه. كانت الرسالة الصادرة من اجتماع باريس
واضحة وصريحة. لقد استجاب المجتمع
الدولي لنداء الدول العربية. وأكدنا
معاً للشعب الليبي "عزمنا بأن نكون
إلى جانبه لمساعدته في تحقيق تطلعاته
وبناء مستقبله ومؤسساته ضمن إطار
ديمقراطي". إذن ما الذي سيحدث تالياً؟ سوف تستمر المرحلة التالية من العملية
بالتركيز على فرض منطقة الحظر الجوي
وحماية المدنيين. وبينما أكتب هذا
المقال، مازال القذافي يرتب صفوف
قواته لشن مزيد من الهجمات ضد المدنيين
-خصوصاً في مصراته- ونحن عازمون على
وقفه عند حده. ورسالتنا لأفراد قوات
القذافي واضحة: سوف لن نتسامح مع
الهجمات ضد المدنيين، وكل من يؤازرون
تلك الهجمات سوف يحاسَبون على جرائمهم.
وقد آن لأفراد نظام القذافي أن يهجروه.
عليهم وضع أسلحتهم وهجر دباباتهم
والتوقف عن تلبية أوامر مَن بطش بأفراد
شعبه. بالطبع ليس هناك عمل عسكري غير مصحوب
بمخاطر، لكننا نبذل كل ما في وسعنا
لتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين. وقد
ألغى طيارو سلاح الجو الملكي
البريطاني يوم الأحد مهمتهم عندما
تبين لهم بأن هناك مدنيين متواجدون
بالقرب من أهداف عسكرية تم تحديدها.
وهذا مثال جليّ يبين حرصنا على تخفيف
خطر وقوع إصابات بين المدنيين. ومن الضروري خلال دعمنا تنفيذ القرار أن
يخطط النظام الدولي الآن لاستقرار
السلام الذي يتبع ذلك. ربما ينطوي ذلك
على إصلاح سريع للبنية التحتية
المتضررة، والحفاظ على استمرارية
تقديم الخدمات الضرورية، كالرعاية
الصحية، والتعليم، وإصلاح القطاع
الأمني، وضمان المضي بعملية سياسية
صريحة وشفافة لإجراء الانتخابات.
ولسوف تلعب بريطانيا دورها في ذلك. وفيما يخص مجريات الصعيدين السياسي
والدبلوماسي، فالمهم حقاً هو أن
مستقبل ليبيا يقرره شعبها، بمساعدة
المجتمع الدولي. وقد أوضحت المعارضة
الليبية أنها لا تود رؤية أي تقسيم
للبلاد، وهذا هو موقفنا نحن أيضاً. كما
أعربت المعارضة عن رغبتها الواضحة في
رحيل القذافي. ونتفق معها في ذلك أيضاً. إن قرار الأمم المتحدة محدودٌ في نطاقه.
فهذه العملية العسكرية لا ترمي إلى
تغيير النظام: بل إنها لحماية المدنيين.
لكننا سنواصل تطبيق سلسلة واسعة من
العقوبات الصارمة الهادفة إلى ممارسة
الضغط على النظام. ولا يمكن لأحد أن
يتكهن بما يخبئه المستقبل طبعاً،
لكننا وصلنا الآن إلى وضع أصبحت فيه
لدى شعب ليبيا فرصة أفضل بكثير لتقرير
مستقبله. ثمة من يقولون إننا نثير متاعب للمستقبل
وحسب. ويقول هؤلاء إن العرب والمسلمين
لا يمكنهم تأسيس أنظمة ديمقراطية وأن
من شأن توفير المزيد من الحريات في هذه
الدول أن يؤدي إلى التطرف وعدم التسامح.
أما أنا فأعتبر هذه الحجة مهينة
ومتحيزة جداً، بل خاطئة تماماً وقد ثبت
خطؤها. وما علينا إلا أن نتذكر أن هذا
هو ما قيل عن مصر قبل شهر واحد فقط. قالوا إن رحيل مبارك سوف يؤدي إلى فراغ
خطير يستغلُّه المتطرفون لتعزيز قوتهم.
بيد أن الصورة الدامغة يوم السبت
الماضي تجلت في وقوف ملايين الناس،
بصبر واعتزاز، في طوابير طويلة
لممارسة حقوقهم الديمقراطية، وكانت
المرة الأولى التي يتسنى لبعضهم فعل
ذلك. إني أتحسب من أن تؤدي مشاهدة صور القصف
على التلفزيون إلى تذكر العمليات
المؤلمة في العراق عام 2003. ولربما أخذ
البعض يفتش عن أوجه الشَّبه بحثاً عن
أجندة سرية. وأود الإشارة هنا إلى أن
قرار الأمم المتحدة -الذي صغناه
بالتعاون مع اللبنانيين والأميركيين
والفرنسيين - يوضح بشكل جلي أنه لن يكون
هناك احتلال لليبيا. فالقرار يفوض
عمليتنا ويضع حدوداً لها. وهو يستثني
تحديداً وجود أي قوة احتلال بأي شكل
ولأي جزء من الأراضي الليبية. غير أن اختلاف الأمور مع العراق أعمق من
ذلك. حيث لا يقتصر الأمر على أن العملية
هذه المرة تحظى بتفويض كامل وغير مبهم
من الأمم المتحدة، ولا أنها تحظى هذه
المرة بدعم من دول عربية وائتلاف دولي
واسع. فالنقطة هنا هي أن هناك الملايين
في العالم العربي يريدون أن يعرفوا بأن
الأمم المتحدة والولايات المتحدة
والمملكة المتحدة والفرنسيين
والمجتمع الدولي يكترثون لما يصيبهم
من معاناة وقمع. لقد طلب منا العالم
العربي العمل معه لوقف المذابح،
وعلينا تلبية النداء. ===================== ممانعة الثورة والحاجة
لفهم الشعوب تاريخ النشر: الأربعاء 23 مارس
2011 برهان غليون الاتحاد لم يعد هناك من يشك أمام منظر الثورات
المشتعلة في أكثر من قطر، وبعد انتصار
ثورتي تونس ومصر، أن انقلاباً
تاريخياً كبيراً قد حصل في المنطقة
العربية لم يعد من الممكن تجاهله أو
بالأحرى الرجوع عنه. ولا يمكن لأي نظام
أن يتجنب آثاره ما لم يبادر هو نفسه
بعملية إصلاحية تضع البلاد على الطريق
الذي رسمته الثورة. فقد دخل العرب،
نفسياً وفكرياً وسياسياً، في تاريخ
جديد؛ تاريخ الحرية الذي حيل بينهم
وبينه لعقود طويلة. ومن لا يدرك معنى
هذا التحول أو يرفض النظر إليه، سيعيش
في عالم ليس له علاقة بعد الآن بعالمنا
الراهن. فهناك اليوم في سياساتنا عصر
ما قبل التاريخ وعصر التاريخ ثم ما بعد
التاريخ. وقمع الانتفاضات الشعبية،
وما بالك بمواجهة الاحتجاجات الصغيرة
بالحديد والنار، لا يعمل إلا على تعميق
شعور الناس بهذه الحقيقة البدهية،
ويفاقم من سخطهم على أوضاعهم وعلى من
أصبح أكثر من أي وقت سابق عقبة في وجه
تقدمهم واستقلال إرادتهم واندراجهم في
التاريخ. ولأن شعوباً عربية كثيرة لن تقبل بعد الآن
العيش في شروط العهد السابق، إذ سيبدو
القبول بمثل هذه الشروط برهاناً على
انحطاطه الأخلاقي والسياسي وشهادة على
قلة حيلته وانعدام كرامته، فستجد معظم
الأنظمة الاستبدادية نفسها مهددة لا
محالة بحركات الاحتجاج، وستتعرض لضغوط
متواصلة من قبل قطاعات متزايدة يضاعف
من اندفاعها نحو المشاركة السيل
المتواصل من صور الشعوب المناضلة من
أجل حريتها. وأمام إرادة التحرر
والتصميم وقبول التضحية في سبيل إدخال
المجتمع في عهد الحرية الجديد، لن يزيد
قمع هؤلاء إلا في إلهاب روح الثورة
وتغذيتها. فلن تستطيع الشعوب، بعد كل
ما جرى ويجري على امتداد الساحة
العربية، وما تحقق من انتصارات، أن
تقاوم إغراء المحاولة والتحرش بالسلطة
واستفزازها والهجوم عليها. وليس أمام
السلطة الاستبدادية التي فقدت هيبتها
بعد ما ظهر فسادها المرعب وعماها
السياسي واستعدادها لتعريض البلاد لكل
الأخطار والتدخلات، سوى أحد خيارين:
تجنب الصدام مع القوى المتظاهرة، وهذا
ما سوف يترجم بسرعة إلى ضعف ويشجع على
خروج الجماهير، أو أن تقمع التظاهرات
والاحتجاجات وتكبدها خسائر كبيرة. وفي
هذه الظروف التي نعيشها، أعني الدخول
في التاريخ الجديد والزمانية الثورية
التي تلف المنطقة، لن تكون نتائج القمع
سوى تعميق الشعور بالمهانة وبغربة
النظام وقطيعته مع الشعب، ومن وراء ذلك
استدراج مزيد من الجمهور المتعاطف مع
الضحايا. في هذه الحالات الاستثنائية إذن تسقط قوة
الردع التي كانت للقمع في الحقبة
السابقة. أما الحوار الذي تدعو إليه
السلطة القهرية فليس له في السياق
الراهن أي قيمة سياسية، ولا يمكن أن
يخدع إلا الداعين إليه الذين بخلوا به
على شعوبهم خلال عقود طويلة وكانوا لا
يكفون عن ممارسته مع إسرائيل. من هنا يخطئ أولئك الذين يعتقدون أنهم
يستطيعون الفكاك من الاستحقاقات
التاريخية لأن لديهم فائضاً من القوة
والعنف، وأن شيئاً لا يمنعهم من
استخدامه، أو أن في أيديهم وسائل عظيمة
لتشويه الحقائق والكذب والغش. فلم يعد
لكل ذلك أي مفعول، وهو بدل أن يخدع
أعداءهم، أي الناس الأحرار، يحول
أصحابه، هم أنفسهم، إلى ما يشبه
النعامة التي تدفن رأسها في الرمال
للخلاص من خطر داهم. ولعل التجربة الليبية هي التي تقدم الدرس
الأهم في هذا المعنى. فلم يعمل
الاستخدام الصريح للعنف، الذي وصل إلى
حد إعلان "قائد ثورة الفاتح"
الحرب الرسمية على شعبه، وعدم التردد
في قصف مدنه وقراه بالطيران
والمدفعية، على تعزيز سلطة نظام القهر
الليبي وهيبته، بل سرّع في سقوطه
سياسياً وأخلاقياً، وجعل من التعاون
العربي والعالمي للتخلص منه هدفاً
مشتركاً لجميع الدول، بما فيها تلك
التي لا مصلحة لها في الثورة القائمة،
ودفع الكثيرين من العرب إلى المخاطرة
بقبول التدخل الأجنبي على أنه مساعدة
إنسانية. لكن هل يحق لنا أن نحلم بأن يبادر نظام حكم
اعتاد التعامل مع شعبه كعبيد أو كأتباع
وزبائن، يستمد مجده من إذلالهم، ويجمع
ثروته من تعظيم عذاباتهم اليومية، إلى
الانقلاب على ذاته والقيام بثورة على
نفسه، ثورة توفر على الشعوب الدماء
الزكية وعلى البلاد الخسائر المادية
ومخاطر الانهيارات الاقتصادية وربما
التدخلات الأجنبية؟ هذا هو التحدي الذي تواجهه الشعوب
ويواجهه التاريخ اليوم إلى أولئك
الحكام الذين لا يزالون، بعد ثلاثة
أشهر من الثورة المستمرة في العواصم
والمدن العربية، يراهنون على مقدرة
أجهزتهم الأمنية وتحالفاتهم الخارجية
على مقاومة طوفان الحرية. لسوء حظ
الشعوب العربية، يبدو أن بعض أولئك
الحكام لم يفهموا أو لا يريدون أن
يفهموا معنى ما يجري في بلدان حكموها
منذ عقود من دون أن يعيروا شعوبها لفتة
واحدة. ولو فعلوا لأدركوا، كما أدرك
جميع الناس من حولهم، هذه الحقيقة
البدهية التي لم يكف ملايين العرب عن
تردادها منذ شهور: الشعب يريد تغيير
النظام، أي ببساطة يريد تغيير أسلوب
الحكم، يريد المشاركة، يريد الحرية،
يريد الكرامة، يريد الاحترام. هل في
هذا ما يستعصي على الفهم؟ وهل جواب هذه
المطالب يحتاج إلى مثل هذه الحشود
الأمنية والعسكرية، وقتل الأبرياء
وملء السجون بالأطفال والنساء
والرجال؟ وهل بمثل هذه الوسائل تردم
الهوة السحيقة بين الحكومات العربية
وشعوبها؟ ===================== الشعب الفلسطيني يريد
إنهاء الانقسام آخر تحديث:الأربعاء ,23/03/2011 ميشيل كيلو الخليج ربما كان شباب فلسطين أكثر من فهم معنى
التطورات العربية الجارية وتأثر
بجوانبها الإيجابية، فنزل إلى الشارع
كي يترجمها إلى سياسة وطنية تخرج
تنظيمات وطنه السياسية من مأزق زجت
نفسها فيه، قبل أن تسد عليها منافذ
مغادرته، وتمعن في توتير علاقاتها إلى
درجة تسم في العادة علاقات الأعداء
بعضهم مع بعض . ولأن شباب فلسطين لا بديل لديهم للنظام
القائم، بسبب وجود الاحتلال وحساسية
الحسابات التي عليهم إجراؤها والخطوات
التي عليهم اتخاذها، وأن مشكلتهم
مزدوجة: مع نخبة سياسية داخلية تمارس
عملها على الحد الخارجي للفشل، وعدو
محتل لا يني يقتل ويتوسع ويستوطن
ويراقب ويثير الفتن، فإنهم أعطوا
الأولوية في نشاطهم لمصالحة وطنية
تستعيد وحدة الفصائل وتالياً وحدة
الموقف، لمواجهة العدو وهم موحدون،
وليسوا أطرافاً وجبهات متعارضة /
متناقضة تفوق تناقضاتها وخلافاتها
بعضها مع بعض تناقضاتها وخلافاتها
معه، أو هي لا تقل عدائية عنها، لذلك
رفع الشباب الآتي من الشعب شعارات تؤكد
ما لدى أكثر شعب في الدنيا نضالية: شعب
فلسطين الحر، من عبقرية وإبداع
سياسيين، أولها: “يا فتح ويا حماس،
فلسطين هي الأساس”، وثانيها يقول إنه
بعد تقسيم العمل الوطني إلى مرحلتين: “الشعب
يريد إنهاء الانقسام” وبعدها مباشرة
“الشعب يريد إنهاء الاحتلال”، فإنهاء
الانقسام شرط لإنهاء الاحتلال
واستمراره مصلحة استراتيجية له وحده،
لأنه شرط رئيس لبقائه وتواصله،
ولهزيمة فلسطين بيد أبنائها . ولم يكن مفاجئاً في تحرك الشباب ما عبّر
عنه من وعي، وما واكبه من تفاعل وقبول
شعبي واسع وحسب، بل كذلك العدد الهائل
من الشباب، الذي يبدو أنه هجر جميع
التنظيمات والأحزاب، أسوة بشباب تونس
ومصر، ونزل إلى الشارع في الضفة
والقطاع، متخطياً أية انقسامات
تنظيمية وخلافات جزئية وحزبية،
ومعلناً يأسه منها وأمله في خلاص داخلي
من الانقسام هو في رأيه شرط لازم
للخلاص الخارجي من الاحتلال، ومن
النتائج التي ترتبت عليه . وقد كان
مفاجئاً أيضاً ذلك العدد الكبير من
قيادات الشبان المستقلين، الذي أظهروا
حنكة حقيقية وهم يعرضون قضيتهم على
الرأي العام الفلسطيني والعربي، رغم
صغر سنهم ويفاعة تجاربهم، ويضعون
التنظيمات في خانة صعبة، جعلتها تشعر
لأول مرة منذ بدء الخلافات
والانقسامات قبل خمسة أعوام ونيف أنها
ستفقد التأييد الشعبي إن لم تعلن
استجابتها للمبادرة الشبابية
واستعدادها للتفاعل الإيجابي معها،
وقبولها فتح قنوات حوار فورية في ما
بينها، في خطوة هي دليل قاطع على الأثر
الذي تركته البيئة النضالية الجديدة
في تونس ومصر وبقية الأقطار العربية في
فلسطين وصراعاتها مع العدو، والتغير
الذي نجم عنها بالنسبة إلى نظرة ومواقف
الأطراف الفلسطينية المختلفة،
وشعورها بالتحول الإيجابي لمصلحة
فلسطين، الذي ترتب عليها، ولا بد من
استثماره والتكيف معه . ولعله لفت نظر شبان فلسطين، إناثاً
وذكوراً، واقعة مهمة، بل حاسمة
الأهمية، هي التناقض بين النهوض
العربي البازغ والانهيار الفلسطيني
المستمر، الذي يبدو أنه لم تكن هناك
قوة دفع ذاتية قادرة على كبحه أو
إيقافه، فاقتنع شبان، ومن ورائهم
شعبها، أن بوسع الحدث العربي
الاستثنائي ممارسة هذا الدور، وانتشال
قضيتها وحقوقها من الدرك الذي دفعها
الخلاف والانقسام إليه، في سانحة
تاريخية فريدة يعني حضور الأمة فيها،
بالدلالات التي يحملها، ضرورة إعداد
الذات الفلسطينية للتكيف مع حقبة آتية
يجب أن تسهم في إعداد نفسها لها، إن لم
تغتنمها قيادتها اقترفت جريمة من
العيار الوطني الثقيل، خاصة أن العون
الذي سيتوفر لها من الآن فصاعداً،
وسيتجسد في موقف عربي جديد من العدو،
وفي القدرة التي سيمتلكونها للضغط
عليه، لن يتكرر أو يتوفر إن فشلت
القيادات الفلسطينية في الإفادة منه،
أو فشلت الحركات الشعبية العربية، وأن
فلسطين عانت الأمرين إلى اليوم بسبب
افتقارها إليه، لا يجوز أو يحق لها
إفلات فرصته تحت أي ظرف ولأي سبب، إذا
كان قادتها يريدون حقاً إقامة دولة
خاصة لها، تكون حرة وسيدة ومستقلة
وقابلة للحياة . في الماضي، كانت
فلسطين تعاني من موت الأمة، الذي انعكس
في نهاية الأمر عليها، وسحبها معه إلى
غياهب شلل وتهالك أخذ شكل انقسام وصراع
داخلي بين تنظيماتها . واليوم، وقد
بدأت تظهر علامات نهضة عربية عامة، لا
بد أن تهرع إلى الالتحاق بركبها،
وتتحول إلى قوة قائدة فيها، بما أنها
ستكون على الأرجح أول مكان تنعكس ثماره
الإيجابية عليه، والجهة التي ستستقوي
بتحولاته، بينما العدو يخشى نتائجه
وينخرط في حيرة واضطراب ظاهرين، لا
يدري معهما كيف يقوّم وضعه ويواجه
مفاجآت ومخاطر ما يحدث، ويمتص آثاره
البالغة السلبية عليه، التي يرجح أن
تعيده إلى نقطة الصفر في مسائل مهمة،
تتعلق قبل كل شيء بقدرة مشروعه
الصهيوني على الحياة والاستمرار في ظل
اليقظة العربية الجديدة، التي يبدو
أنها من نمط غير مسبوق، هو في الحقيقة
“قيامة” عربية بكل معنى الكلمة، حسب
التعبير الدقيق لبرهان غليون في مقالة
أخيرة له . وهل يمكن أن تقوم للعرب
قيامة لا تدفع العدو “الإسرائيلي”
إلى الهلاك والنار، وفلسطين إلى
الحياة؟ كان شبان فلسطين أول من حدس بهذه الرؤية
الشاملة، وأحس بهذا التحول الخطير،
وانتهز الفرصة السانحة، ونزل إلى
الشارع ليعبر عن رغبته في إجبار قادته
على مشاركته حدسه وشعوره ورؤيته . ومع
أنه تعرض في البدء لبعض الجلافة وسوء
الفهم، فإن مختلف الأطراف سرعان ما
فهمت معنى مشاركته الكثيفة في
الاعتصام والتظاهر، واقتنعت بتصميمه
على المضي في نضاله من أجل المصالحة
وإنهاء الانقسام، وأدركت الانعكاسات
السلبية جداً، التي ستترتب عليها في
حال أحجمت عن قبول رغبته، فأدلت جميعها
بتصريحات تعبر عن رغبتها في مغادرة
الحال الراهنة، وتبادل الرئيس عباس
ورئيس الوزراء هنية عروض لقاء قابلها
كل منهما بالتأييد، فعلّق المعتصمون
إضراباً عن الطعام كانوا قد قرروا
المضي فيه إلى أن تتحقق المصالحة،
بانتظار ما ستتمخض عنه الخطوات
اللاحقة الوشيكة، التي ستنجم عن زيارة
الرئيس عباس لغزة وما بعثته من آمال في
الشارع، وأعادت تجديده من تأييد شعبي
للمصالحة . هل ستنجح القيادات في وضع حد للانقسام؟
هذا هو السؤال الذي يشغل بالنا اليوم
عرباً وفلسطينيين . أظن شخصياً أنه يجب
أن ينجح، لأن فشله سيطيح بالقدر القليل
من المصداقية الباقي لدى من قد يتسببون
في فشله، كائناً من كانوا، وسيجبر
الشعب على الشك في أهليتهم لقيادته . هل سيوجد بين قادة فلسطين من يمكن أن يأخذ
على عاتقه إفشال المصالحة، لأي سبب؟
هذا ما ستجيب عنه الأيام القليلة
القادمة، التي ستكون كل ساعة منها
حاسمة بالنسبة لتاريخ شعب يدرج شبانه
قضيته بقوة في وضع عربي جديد وملائم
إلى أبعد حد، وقد عزموا على تكريس
جهودهم لها، وألا يجاملوا أو يسايروا
أحداً من قيادات وطنهم فيها، كائناً من
كان! قولوا: يا رب! ====================== آخر تحديث:الأربعاء ,23/03/2011 أسامة عبد الرحمن الخليج معروف أن النظام الرسمي العربي قد أخفق
إلى حد كبير خلال العقود الماضية في
مواجهة تحديات الخارج، واستباح الكيان
الصهيوني الأرض العربية والحقوق
العربية . وكان محور الاستباحة الأرض
الفلسطينية والحقوق الفلسطينية .
والولايات المتحدة التي تدعم الكيان
الصهيوني بالأسلحة المتطورة وتحقق له
التفوق العسكري النوعي تمارس هي أيضاً
الاستباحة متى شاءت وأين شاءت . وبدا
العالم العربي متراجعاً ومنكفئاً
ومستضعفاً ومستباحاً وغلب عليه
الانقسام والتشرذم والانكفاء القطري . ولعل الإخفاق في مواجهة التحديات
الداخلية كان حاضراً أيضاً خلال
العقود الماضية . ففي الوقت الذي رفع
فيه النظام الرسمي العربي شعاره
للسلام مع الكيان الصهيوني الذي يحارب
السلام بممارساته العدوانية الممنهجة
والمستمرة بدا للبعض أن النظام العربي
الرسمي سيوجه القسط الأكبر مما كان
ينفقه على السلاح بحجة الأمن القومي
ومواجهة التحديات الخارجية إلى
الإنفاق على المشروعات التنموية
والحيوية وعلى بناء قاعدة اقتصادية
انتاجية معطاءة تحقق له القوة
الاقتصادية التي قد تكون رافداً لأكثر
من قوة على الأصعدة الأخرى السياسية
والاجتماعية والثقافية والتقنية،
وسيكون مردود ذلك على الفرد العربي
إيجابياً يحقق الحياة الرغدة الكريمة
والمستقبل الآمن له وللأجيال القادمة .
وبدا منذ البداية . . أن النظام الرسمي
العربي إجمالاً، وإن رفع شعار التنمية
والتنمية المستقلة، والتنمية
المتوازنة والتنمية المستدامة، فإنه
كان بعيداً عن المفهوم الحقيقي
للتنمية الحقيقية ومضامينها
الموضوعية . ولذلك لم يتحقق الحد
الأدنى من التنمية الفعلية الشاملة . وإذا كانت بعض الأقطار العربية قد تيسرت
لها الموارد المالية وبعضها الآخر
ضاقت به هذه الموارد، فإن الموارد
المالية وحدها لا تصنع التنمية
الفعلية . هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى
فإن كثيراً من الدول الشحيحة بمواردها
المالية لديها موارد أخرى كان من
الممكن الاستفادة منها واستثمارها
الاستثمار الأمثل في إطار استراتيجية
موضوعية لتحقيق التنمية الفعلية
الشاملة . وبالطبع فإن التنمية الفعلية
ليست مظهراً للحضارة المعاصرة، ولكنها
مضامين موضوعية لها بعدها السياسي
والاقتصادي والاجتماعي والثقافي
والتقني . وهي نقلات حضارية جوهرية
مستمرة لا تقف عند نقطة معينة . إن العالم العربي في مجمله لم يشهد من
التنمية إلا مظاهرها وهي قشور، وكانت
تلك هي محصلة المسار المغلوط للتنمية
منذ البداية . ولهذا ظل التخلف يضرب
أطنابه على الساحة في مجمل الأبعاد،
وشعر الفرد العربي بوطأة هذا التخلف
عليه وعلى حاضره ومستقبله . وكان تردي
الوضع المعيشي والوضع التنموي وزيادة
مساحة الفقر والبطالة واقعاً تكابده
شريحة عريضة من المجتمع تكاد تكون
مشغولة بالبحث عن قوت يومها وما يقيم
أودها . ولعل الشباب الذي سعى للحصول
على تأهيل علمي مؤملاً أن يجد على
أساسه الفرصة الوظيفية والمعيشية في
نفس الوقت قد وجد نفسه نهباً للبطالة
التي تفاقمت فأجج ذلك شعوراً كبيراً
بالإحباط وخيبة الأمل . وحين يتلاقى
الشعور بالإحباط وخيبة الأمل مع
الشعور بالظلم والحيف والحرمان، وحين
يتراكم هذا الشعور وفي إطار جماعي فإنه
يمثل إلى حد كبير قنبلة موقوتة يمكن أن
تنفجر في أي وقت من الأوقات . ولهذا فإن
الإخفاق العربي في مواجهة تحديات
الداخل أدى إلى هذا الوضع المتأزم .
وكان الإخفاق التنموي هو السبب
الرئيسي وراء هذه الحالة المتردية . وفي ظل الوضع الديمقراطي لابد أن يكون
التوجه التنموي جاداً وموضوعياً،
وصحيحاً وفق استراتيجيات وسياسات
بعيدة عن العشوائية والارتجالية
والمظهرية التي تغلب في ظل شخصنة
القرار والرأي الأحادي . إن تحديات الداخل العربي لا تقل خطورة عن
التحديات الخارجية، وفداحة الخسارة في
مواجهة تحديات الداخل، لا تقل عن فداحة
الخسارة في مواجهة تحديات الخارج .
وإذا ران السكون العربي على الحدود مع
الكيان الصهيوني في ظل السلام فإن
العاصفة هبت في الداخل وهبت معها رياح
التغيير . ====================== انتفاضة الشباب وآفاق
التغيير الديمقراطي في تونس مسعود ضاهر التاريخ: 23 مارس 2011 البيان أتيحت لي الفرصة لزيارة تونس في الفترة ما
بين 15-19 مارس 2011،
للمشاركة في ندوة علمية حول الحكم
الرشيد. وكانت مناسبة مهمة لتبادل
الآراء مع نخبة من المثقفين العرب وغير
العرب، الذين وفدوا للمشاركة في أعمال
الندوة فالانتفاضة الشبابية التي تجتاح العالم
العربي منذ مطلع العام الحالي، هي موضع
نقاش معمق. وكانت آراء المثقفين تتفاوت
بين الدعم المطلق الذي محضه بعضهم
لمساندة انتفاضة الشباب، وبين تشكيك
البعض الآخر أو إظهار الخوف المصطنع
عليها من مثقفين لا يؤمنون أصلا بقدرة
الشباب العربي على قيادة التغيير
الديمقراطي، وهم يظهرون قلقا مبالغا
فيه من أن تصاب النخب الشبابية
بالإحباط، لأنها تواجه قوى سلطوية
شرسة لن تخلي لها الساحة السياسية
والثقافية والاقتصادية بسهولة. استنجد أحد الباحثين بمقولة نظرية طريفة
لتوصيف الانتفاضة الشبابية، مفادها أن
انتفاضات المجتمعات النامية: يفجرها
الشباب، وينخرط فيها الانتهازيون،
ويحاول إنقاذها وتصويب مسارها الحكماء. يواجه قادة الانتفاضة الشبابية مرحلة
جديدة تحتاج إلى كثير من الانسجام
والتضامن المشترك، لإنجاز مهمات صعبة
تنتظر الجماهير الشعبية التي تعيش
هاجس البحث عن الرغيف والكرامة
والديمقراطية والسكن وغيرها. فقد
أعادت انتفاضة الكرامة والديمقراطية
الثقة للشعب بنفسه، فبدأ مرحلة القطع
مع مخلفات النظام الاستبدادي السابق،
والعمل على بناء حكم صالح يضمن للشعب
التونسي الأمن والاستقرار، وتحقيق
المطالب المزمنة المشروعة، وإطلاق
وسائل إعلام حرة وفاعلة. ويشدد بعض المثقفين على ضرورة التفاهم
على عقد اجتماعي مع المنظمات العمالية
والشبابية والاقتصادية الفاعلة، لوقف
حركات الإضرابات والاحتجاج بصورة
مؤقتة. فالاقتصاد التونسي بحاجة ماسة
إلى مرحلة من الهدوء، لاستعادة قدرته
على تجاوز الأزمة وتقديم المزيد من
الخدمات الاجتماعية للشعب التونسي،
والتوافق على استراتيجية واضحة في
مجال استخدام تكنولوجيا متطورة،
لتوفير إنتاج كثيف بنوعية ذات قدرة على
المنافسة في الأسواق المحلية
والخارجية. والنظام الجديد مطالب
بإصلاح مؤسسات التربية والتعليم على
مختلف المستويات الابتدائية
والثانوية والتقنية والجامعية،
وإعداد شباب تونس وفق نظم تربوية
ومناهج علمية عصرية تتلاءم مع متطلبات
عصر العولمة. وذلك يتطلب اعتماد
الكفاءة الشخصية بالدرجة الأولى، إلى
جانب الشفافية والقيم الأخلاقية في
ممارسة الإدارة والعمل والإنتاج. هكذا فتحت انتفاضة الكرامة والديمقراطية
في تونس، آفاقا جديدة للنقاش الحر حول
قضايا أساسية تشكل خارطة طريق لبناء
مجتمع مستقر، تسوده العدالة والمساواة
في كنف دولة التنمية البشرية
والاقتصادية المستدامة. وأبرز مهمات
المرحلة الراهنة: 1- أن يستمر الشباب المنتفض في فرض رقابة
يومية على الشخصيات التي تولت السلطة،
والتي تنتسب في طريقة عملها إلى قوى
سلطوية قديمة، وليس إلى القوى
الشبابية الجديدة. 2- العمل على ضمان حرية الكلمة والفكر
والتعبير، كقيمة مطلقة لا يجوز
التراجع عنها بعد الآن، لأنها تشكل
الإطار الضروري لممارسة الإنتاج
الثقافي الحر، والإبداع الفني، وتطوير
المعرفة البشرية في مختلف أشكالها. 3- طرحت الانتفاضات الشبابية مهمات جديدة
تتطلب البحث المعمق حول بناء نظام
سياسي ديمقراطي، ونظام اقتصادي
ليبرالي مراقب بدقة من المؤسسات
المالية والسياسية الرسمية، ونظام
سياسي يقوم على العقلانية
والديمقراطية واحترام الحريات الخاصة
والعامة، وتفعيل دور المؤسسات الرسمية
في إطار دولة القانون والمؤسسات. 4- النظام السياسي الجديد مطالب بتنشيط
مؤسسات المجتمع المدني، للتحرك
بفاعلية لممارسة دورها الطبيعي في
حماية الانتفاضة الشعبية وتعزيز دور
الطبقة الوسطى فيها، بما يساعد على
ضمان الأمن السياسي والاستقرار
الاجتماعي. 5- أكدت الانتفاضة الشبابية أن المسألة
الجوهرية في هذه المرحلة بالذات، تكمن
في الإدارة الناجحة التي تعزز الثقة
بين الحاكم والمحكوم على أساس
الشفافية والاحترام المتبادل. وتلعب
القوى المنتفضة الدور الأساسي في
مراقبة مؤسسات الدولة وكيفية تسيير
شؤونها على مختلف الصعد، في هذه
المرحلة التي توصف بالانتقالية ويتوقف
عليها نجاح الانتفاضات الشبابية أو
فشلها. 6 أعادت الانتفاضة طرح البديهيات
الإنسانية التي كانت مغيبة في كثير من
الدول العربية. ومن تلك البديهيات أن
الناس ولدوا أحرارا، وأن لكل فرد الحق
في الحياة والحرية والحركة والأمن
الشخصي والجماعي. وأنهم متساوون في
الحقوق والواجبات، بقطع النظر عن
دينهم ولغتهم وجنسهم وانتمائهم
السياسي. وبدا واضحا أن القيادات
الشبابية المنتفضة تجري نقاشات معمقة
ويومية، تمارس من خلالها الرقابة
المباشرة على القوى الوسطية التي تقود
المرحلة الانتقالية، من أجل ضمان
الحريات العامة والخاصة للتونسيين. 7- فتحت الانتفاضة الشبابية الباب واسعا
أمام تشكيل جميع أنواع الأحزاب
السياسية في تونس. ويكفي التذكير بأن
عدد الأحزاب قبل الانتفاضة كان محدودا
للغاية، وكان معظمها غير فاعل بسبب
ارتباط بعضها بالسلطة من جهة، والضغوط
الكبيرة التي مارستها أجهزة القمع على
أحزاب المعارضة من جهة أخرى. فخلال أقل
من شهرين قدمت طلبات ترخيص لإنشاء أكثر
من مائة حزب جديد، تم الترخيص الفعلي
حتى أواسط مارس 2011 إلى
سبعة وثلاثين منها. وتشعر الأحزاب
السياسية الجددية بحقها الطبيعي في
ممارسة عملها بحرية. وهي مدعوة للعمل
على أسس جديدة، تقوم على احترام حرية
الرأي في داخلها وعلى المستوى الوطني
العام، بعيدا عن الممارسات التعسفية
التي كانت تمارس في السابق وأساءت إلى
صورة العمل السياسي في تونس، داخل
أحزاب السلطة والمعارضة معا. ختاما، يدرك قادة الانتفاضة الشبابية أن
ما قامت به أسس لولادة مرحلة مصيرية من
تاريخ تونس والعرب، واحتلت دور
الريادة في فتح آفاق جديدة للتعبير
السلمي، بأسلوب ديمقراطي لم نجد له
مثيلا في تاريخ العرب المعاصر. إلا أن
معركة الحرية وبناء الحكم الرشيد ما
زالت في بداياتها. فالعالم العربي يعيش
مخاضا عسيرا للغاية، لأن إسقاط النظام
القديم لا يكفي، بل يحتاج إلى بناء
نظام ديمقراطي جديد على أنقاضه،
ويتطلب قوى صلبة قادرة على حمايته،
طالما أن القوى المعادية للانتفاضة ما
زالت قوية وفاعلة. مع ذلك، هناك نوع من
الارتياح الضمني لدى غالبية النخب
الثقافية والسياسية التونسية، وهم
يؤكدون على أنه لا داعي للقلق، لأن من
أسقط نظام القمع والقهر والاستبداد،
قادر على إقامة الحكم الصالح وبناء
الثقة بين المجتمع السياسي والمجتمع
المدني، وأن على النخب التي تدعي
الطليعية أن تسارع إلى حماية مكتسبات
الانتفاضة الشبابية، وبلورة رؤية
علمية رصينة للتفاعل الإيجابي بين
القوى العقلانية في المجتمعات العربية.
فهي ذات مصلحة أكيد في حماية إنجازات
الانتفاضة وتطويرها بصورة تدريجية،
بما يضمن استمرارها ونجاحها في تنفيذ
المهمات الصعبة والمعقدة التي انتدبت
نفسها للقيام بها، في ظروف إقليمية
ودولية معقدة. ===================== الأوضاع العربية
المستجدة: التغيير إلى أين؟ المستقبل - الاربعاء 23 آذار 2011
– العدد 3948 - رأي و فكر - صفحة 19 عبدالزهرة الركابي إذا كانت هزيمة 67 شكلت انطفاء وهج الثورات
التي جاءت بآلية الانقلابات العسكرية
في المنطقة العربية، فإنّ الوقت
الحاضر يدون لمرحلة تجسد استعادة هذه
الثورات لوهجها، ولكن في هذه المرحلة
تندلع بآلية شعبية على النحو الذي حصل
في أكثر من بلد عربي، الأمر الذي يعني
أن الثورة من هذا النوع ستعمد الى
إحداث تغيير جذري في النظام، على عكس
ثورة الانقلاب العسكري التي أخفقت في
القيام بعملية الإصلاح المتدرج
والبطيء، بعدما تركت الفساد يستشري في
مفاصل نظامها، وكان هذا العامل يقف
وراء اضطلاع الشعب بمهمة الثورة. الثورة في مفهومها، تعني إحداث التغيير
الجذري والشامل على شكل قفزة وانقلاب،
أي هي هيكلية تأسيسية لنظام جديد، وقد
يأتي كل من مفهومي الإصلاح والثورة
بناء على نظريات فلاسفة الاجتماع
الذين رأوا أن هناك تعارضاً بين
الإصلاح والثورة في معالجة شؤون
المجتمع، وقد انبرى منظرو الإصلاح إلى
تبني عملية إصلاح المجتمع من خلال
استراتيجية تعتمد على عملية التغيير
البطيء والمتدرج، وكان اميل دوركايم
الفرنسي وماكس فيبر الألماني وباريتو
الايطالي على رأس منظري الإصلاح، في
حين أن منظري الثورة كارل ماركس
وفريدرك انجلز يطالبان بعملية انقلاب
على الأوضاع القائمة بهدف إحداث
التغيير الكامل. لا شك أن عملية الإصلاح في المنطقة قد
تعثرت واضمحلت على الرغم من إعلانها في
أكثر من بلد، حيث أدى ذلك الى حدوث جمود
في العملية السياسية في البلدان التي
روجت في إعلاناتها عملية الإصلاح،
وتحول هذا الجمود الى ما يشبه حالة
متراكمة من اليأس والإحباط لدى
الشرائح المتضررة من النهج السلطوي
السائد، والذي انحصر في منافعه
الاقتصادية على نخبة غنية، باتت تفيد
هذا النهج وتستفيد منه، خصوصاً وأن هذه
النخبة هي من نتاج وإفرازات هذا النهج
السلطوي بحكم عوامل وظروف تتعلق
بالمصلحة الاقتصادية المتبادلة
والحصرية، وعلى حساب الشريحة الأكبر
التي تتمثل بطبقة الفقراء. إن الثورة بآليتها الشعبية وعلى النحو
الذي جرى، إنما قامت بفعل أسباب طبقية،
هي من استيلاد النهج السلطوي المزمن،
والذي ما كان له أن يمعن في أدائه هذا،
لو كان ذا نهج ديموقراطي تداولي
للسلطة، بيد أن النظم التي انتفضت
عليها الشعوب أخيراً، إنما كانت نظماً
ديكتاتورية وشمولية وتوليتارية، وهي
لم تكن على تماس بالشريحة الأكبر (الفقراء)
في بلدانها، وبالتالي فقد واجهت
انتفاضة شعبية ديناميكية ذات بعد طبقي
اقتصادي، وصحيح أنها طالبت ودعت إلى
هدف سياسي عبر تغيير النظام، لكنها
كانت بدافع طبقي اقتصادي، والدليل أن
قوى المعارضة السياسية في البلدان
التي تأثرت فيها الشعوب، لم تستطع
تجيير هذه الثورة إليها أو حتى الادعاء
بالوقوف وراءها. وإذا كانت منطقتنا مشهودة بالنظم
الشمولية المعمرة، فإن مثل هذه النظم
في العالم قد تغيرت وأصبحت من مخلفات
الماضي، ويعود لأواخر حقبة الثمانينات
المد الجارف في سقوط الكثير من النظم
الشمولية، مثلما حدث في بولندا
ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا وغيرها من
بلدان أوروبا الشرقية، كما أن الاتحاد
السوفياتي قد انفصلت عنه خمسة عشر
جمهورية، ارتأت أن تتبنى نظاماً
بعيداً عن الشمولية وقريباً من
الديموقراطية، وهذا الأمر يشمل نظماً
شمولية أخرى في أميركا اللاتينية وفي
آسيا وافريقيا، ولم يتبق من هذه النظم
سوى في كوبا وبورما وكوريا الشمالية،
ويبدو أن منطقتنا العربية تلمست
طريقها في هذا المضمار. من الواضح أن الثورات الشعبية على النحو
الذي جرى ويجري في الوقت الحاضر،
تواجهها تحديات كبيرة، خصوصاً وأن
متصدري ومنظمي هذه الثورات، هم من غير
محترفي السياسة، وهؤلاء يمثلون فئات
عمرية شابة، مشحونة بالنقمة والغضب،
من جراء تهميشها وتعطيل دورها، لا سيما
في الجانب المعيشي والاقتصادي، الذي
مثلما أسلفنا كان الدافع المهم في
اندلاع الثورة. وعليه، فإنّ مفهوم الثورة بعنوانها
التغييري في منطقتنا على نحو خاص، قد
لا يتحقق على نحو شامل وجذري، لأن مثل
هذا التغيير لا يمكن له أن يصل إلى
مطافه الأخير، وفقاً لما كان يتصوره
ماركس وانجلز، ربما يتم تغيير رأس
النظام الشمولي وتغيير أشخاص يمثلون
أركان النظام في موقع هنا وموقع هناك،
وتتم معالجات وترقيعات بشكل من
الديموقراطية، لكن في المحصلة
النهائية، تظل أسس وركائز هذا النظام
ثابتة بشكل أو بآخر، من واقع أن الثوار
لا يحملون أي استراتيجية واضحة لنظام
بديل هنا أولاً، وثانياً أن منطقتنا
بتنوعها الديني والمذهبي والقبلي
والطائفي والسياسي، لا يمكن لها أن
تحظى بنظام ديموقراطي وفق نموذج
الديموقراطية الغربية. ===================== صعود قوة المجتمعات
أمام السلطات الحاكمة المستقبل - الاربعاء 23 آذار 2011 العدد 3948 - رأي و فكر - صفحة 19 محمد سيد رصاص شئنا أم أبينا، فإن مسار تطور الغرب
الأوروبي الحديث كان المنارة للتطور
العالمي، حيث كانت انكلترا دائماً
تفتتح المراحل اجتماعياً واقتصادياً،
وكشكل لنظم الحكم، وعلى صعيد الفكر وإن
نافس الألمان الإنكليز (البريطانيين
منذ 1707) في هذا المجال. بدأ المسار الغربي نحو الحداثة في عام 1215
عندما أُجبر الملك الانكليزي، أمام
ضغط البارونات الإقطاعيين والكنيسة،
على منح الوثيقة الحقوقية، المسماة ب"الماغنا
كارتا"، التي أعطت ضماناً للحقوق
وحكم القانون للطيف الاجتماعي، الذي
كان الإقطاعيون ورجال الكنيسة أقوى
فئاته، عبر مؤسسات مثل البرلمان
ومحاكم فيها هيئات محلفين تنتقى أو
تنتخب من المجتمع. وعملياً، خلال مسار
ثمانية قرون لاحقة، كانت الحداثة
مرتبطة بمدى ما يأخذه الحيز الاجتماعي
من حيز السلطة، مع إنشاء توازنات،
بينهما، عبر المؤسسات. في عام 1534، مع تأميم الملك هنري الثامن
لممتلكات الكنيسة والأديرة، من مزارع
ومناجم وهو ما تزامن مع انفصال كنيسة
انكلترا عن روما، بدا أن سلطة الملك قد
عادت لتصبح مطلقة مع تحول كل تلك
الممتلكات إلى عهدة الملك وهو ما ترافق
مع صعود في قوة انكلترا العالمية عندما
أصبحت سيدة أعالي البحار بعد هزيمتها
للإسبان في 1588 بمعركة الأرمادا. كان
اضطرار خلفاء هنري الثامن إلى بيع تلك
الممتلكات إلى أغنياء الريف وتجار
لندن ومانشستر مؤدياً إلى حرب أهلية
لما ثار هؤلاء، من خلال البرلمان، ضد
سلطة الملك المطلقة، استغرقت سبع
سنوات حتى انتهت بقطع رأس الملك عام 1649
ثم تأسيس الجمهورية برئاسة أوليفر
كرومويل، ليعطي هذا قوة دفع كبرى لتطور
اقتصادي اجتماعي لم تستطع فترة عودة
الملكية، منذ1660، أن تقطع سياق مساره
الذي انتهى بثورة 1688 التي أجبرت الملك
أن يكون في وضعية "من يملك ولا يحكم"
لصالح سلطة البرلمان، الذي زادت
تمثيليته للمجتمع بشكل مضطرد حتى تطور
1830 الكبير عبر مرسوم الحقوق
الانتخابية، الذي تم تعميمه خلال
تطورات القرن العشرين لكي يشمل كافة
المجتمع. من هنا، كان طبيعياً أن تكون
بريطانية من خلال الاسكوتلندي دافيد
هيوم (1711- 1776) هي صاحب مصطلح (المجتمع
المدني)، وهو ما لا يمكن عزله عن فكرة
سابقه الانكليزي جون لوك (ت1704) حول (الحكومة
المدنية): في فرنسة ما بعد ثورة 1789 كانت
ولادة قوة الحيز الاجتماعي أمام حيز
السلطة أكثر ايلاماً وعنفاً، لتستغرق
أكثر من قرن حتى أعطى فشل حركة الجنرال
بولانجيه، المناصرة لعودة الملكية في
عام 1889، مساراً مقارباً للمسار
الانكليزي مع تأسيس الجمهورية الرابعة
عقب التحرير من الاحتلال الألماني (1944-
1959) قبل أن تؤدي التعديلات الدستورية
مع الجنرال ديغول إلى جمهورية رئاسية
أخذ فيها الرئيس من صلاحيات البرلمان
بمجلسيه ولكن من دون سلطة (الحيز
الاجتماعي). كانت نماذج ديكتاتوريات موسوليني وهتلر
وفرانكو وسالازار بمثابة محطات أوحت
بانقطاع هذا التطور الغربي العام، وهو
ما ترافق مع الدولة الشمولية
السوفياتية بقيادة جوزيف ستالين: أعطت
تطورات ما بعد 1945 مسارات ألمانية
وايطالية معاكسة للنازية والفاشية، ثم
أتى نموذج اسبانيا ما بعد فرانكو، وقبل
هذا بقليل الديموقراطية البرتغالية
منذ ثورة 25 نيسان 1974 التي اجتمعت فيها
المؤسسة العسكرية مع المجتمع بغالبية
فئاته في عملية إسقاط الديكتاتور
الفرد، لكي يدللا على تطور ديموقراطي
نحو برلمانية تمثيلية كان فيهما
التطور الاقتصادي المؤدي إلى تنامي
قوة الفئات الوسطى هو القاعدة
الاقتصادية - الاجتماعية لقوة (المجتمع
المدني) أمام (السلطة). في كوريا
الجنوبية1987، التي قادت فيها
الديكتاتورية العسكرية منذ عام 1961
نموها الاقتصادي، كان إسقاط الحكم
العسكري في ذلك العام لصالح
ديموقراطية برلمانية ناتجاً عن تحول
سلطة الجنرالات إلى قميص ضيق للقوى
الاقتصادية التي نتجت في المجتمع
الكوري الجنوبي عن تحوله إلى "نمر
اقتصادي". في نماذج (الكتلة
السوفياتية) كان الحزب الحاكم في وضعية
عسكر سيؤول ولكن أمام قوى اجتماعية
أنتجتها الثورة الاقتصادية التقنية -
الثقافية التي قادتها منذ العهد
الستاليني تلك الأحزاب، لتصبح الأخيرة
متجاوزَة من القوى الاجتماعية التي
خلقتها، والتي أي تلك القوى - أصبحت ترى
في تلك الأحزاب قوى متسلطة سياسية غير
تمثيلية لها وعائقاً مؤسسياً أمام
انطلاقها الاقتصادي عبر نموذج (اقتصاد
السوق). لم تشتعل ثورات خريف 1989 بفعل
دينامية داخلية محضة في بلدان الكتلة
السوفياتية وإنما رأت تلك القوى
الاجتماعية، والاقتصادية الكامنة، في
اختلال التوازن الدولي لصالح الولايات
المتحدة في عهد غورباتشوف فرصة
للانقضاض على السلطات المحلية في
بلدانها. هنا، لم يشهد العالم العربي تطورات كهذه
في القرن العشرين: خلال الفترات
الليبرالية، في مصر 1923-1952 وسوريا 1946-1958،
ونماذج حكم المؤسسة العسكرية التي
تكرست مشروعيتها عربياً منذ النموذج
المصري لفترة ما بعد 23 تموز 1952، لم نشهد
قوةً للحيز الاجتماعي أمام حيز
السلطة، وإنما كان الأخير إما مرتهناً
ومجيِراً نفسه لزعيم حزب أو لحزب في
البرلمان ثم لضابط عسكري أو لمؤسسة
عسكرية، ولم تكن هناك قوة اجتماعية
تفرض قوتها لتستطيع احتلال مساحة في
الحيز السياسي، سواء كان مدنياً أو
عسكري الشكل، وإنما كانت علاقة محكومة
بالسلبية ورد الفعل أمام الحيز الأخير. ظهرت ارهاصات معاكسة لهذا أولاً في تونس
أمام سلطة بن علي من إسلاميي راشد
الغنوشي بين عامي 1987 و1991، ثم بوجه عسكر
الجزائر من قبل (الجبهة الإسلامية
للإنقاذ) بين 1989 و1992، قبل أن يتم سحقهما:
خلال هاتين التجربتين، ثم تجربة مصر
حسني مبارك ومواجهته مع الإسلاميين
بتنوعاتهم، ظهر الحكم العسكري، المعزز
بحزب "حاكم" وأجهزة الأمن، وحيداً
من دون أي قوة للمجتمع المكمم الأفواه،
متمتعاً بدعم واشنطن في وجه
الإسلاميين، ومعززاً بفئة اجتماعية
أنتجها العسكر أو تفيَئت بظلهم في
البلدان الثلاثة المذكورة، هي (رجال
الأعمال). خلال عشرين عاماً، مضت في
العقدين السابقين، ظهر استقرار للأمور
سكوني في تونس ومصر، ثم في جزائر
بوتفليقة منذ عام 1999مع هزيمة
الإسلاميين الأمنية، لم تعكره
معاكسِات قوية تضرب مشهديته تلك. في تونس 17 كانون أول 2010-14 كانون ثاني 2011،
ومصر 25 كانون الثاني-11 شباط 2011، انفجرت
ثورتان اجتمعت فيهما غالبية القوى
الاجتماعية ضد السلطتين هناك، ليثبت
عبرهما المجتمع التونسي، وبعده
المصري، أن هناك مجتمعاً قد أصبح لأول
مرة رقماً صعباً- قوياً أمام حيز
السلطة السياسية، ولو أن التوانسة،
والمصريون، لم يستطيعوا، كقوة
اجتماعية، أن يطيحوا برأس الهرم
السياسي إلاعبر اجتماع تلك القوة
الاجتماعية مع "الحياد الايجابي"
لكل من المؤسسة العسكرية والغرب
الأميركي- الأوروبي. هل يدلل المثال الليبي، ومعه نظيره
اليمني، أن المجتمعات العربية،
المعقدة التركيب البنيوي، هي عسيرة
اللحاق بالمجتمعين التونسي والمصري،
حيث توجد بالأخيرين بنية مجتمعية من
دون شروخ بنيوية دينية (وهذا يشمل مصر)،
أو فئوية طائفية أو قبلية، أو مناطقية
مختلطة مع القبائلية (الشرق الليبي) أو
مع الفئوية الطائفية (حوثيو اليمن في
منطقة شمال صنعاء) أو مع الحزبية
السياسية (جنوب اليمن)؟.. ===================== الاستفتاء كشف أزمة
النخبة المصرية فهمي هويدي السفير 23-3-2011 هل أبالغ إذا قلت إننا في مصر كنا قبل
الاستفتاء أفضل منا بعده؟ وهل يصح
القول بأن أجواء الجدل الذي ثار بين
المؤيدين للتعديلات الدستورية
والمعارضين لها جاءت خصما على الإجماع
الوطني وليس تكريسا له أو إضافة إليه؟ 1 لا أريد بالسؤال أن أصطف مع آخرين ممن
سارعوا إلى التشاؤم والتعبير عن
القلق، ولكنني أتمنى أن نفكر في
الإجابة عليه بعيدا عن الصخب الذي أصبح
الإعلام ساحته الرئيسية، بل صار مصدره
فضلا عن منبره. ونحن نفكر في الموضوع،
ولكي لا نقسو على أنفسنا ونحول
المناقشة إلى جلد للذات، أرجو أن نضع
في الاعتبار ثلاثة أمور هي: إن الثورة لم
تكمل شهرين، بما يعنى أننا حديثو عهد
بالتجربة كلها. إذ لم يحدث خلال نصف
القرن الأخير على الأقل أن استدعى
المجتمع لكي يتحمل مسؤوليته إزاء
النهوض بالبلد وصناعة حلمه. فلا هم
دعونا ولا نحن ذهبنا. وكانت النتيجة
أنه طوال تلك المدة كانت السلطة في واد
والمجتمع في واد آخر. وقد فاجأتنا ثورة
25 يناير. حين وجدنا أن المجتمع تقدم
الصفوف وأسقط السلطة المستبدة، وقرر
أن يسترد وطنه المخطوف وأن يأخذ الزمام
بيده في إدارة شؤون البلد. إن المفاجأة
أخذتنا ونحن مشتتون وممزقون سياسيا
وفكريا، بحيث أصبح المجتمع مفتقدا
للبوصلة الهادية وموزعا على «قبائل
شتى»، إن لم تكن متناحرة في ما بينها
فهي فاقدة الثقة بين بعضها البعض. إذ في
غيبة مشروع وطني يحتشد حوله الجميع،
هيمنت الشراذم على الساحة السياسية.
وصرنا بإزاء مفارقة جديرة بالملاحظة،
هي أن لدينا وطنيين كثيرين في حين توجد
لدينا جماعة وطنية حقيقية، متصالحة
ويكمل بعضها بعضا. إن ما نلحظه من
مرارات ومشاعر غير صحيحة يكاد يكون
محصورا في أوساط النخب أو الطبقة
السياسية، التي لها هواجسها وحساباتها
الخاصة المتأثرة إما بمواقفها
الأيديولوجية أو خلفياتها التاريخية
ولأن تلك النخب صاحبة الصوت العالي في
مختلف وسائل الإعلام، خصوصا الصحافة
والتلفزيون، فإنها وظفت تلك المنابر
في التسويق لتلك المرارات والمشاعر
غير الصحية على نحو قدم صورة مغلوطة
للمجتمع، وكانت نتائج الاستفتاء
نموذجا لتلك الحالة. التي ملأت فيها
عناصر النخبة الأجواء بحملة واسعة
النطاق لرفض التعديلات، في حين تبين
أنهم يحدثون بعضهم البعض، وأن أغلبية
الرأي العام المصري لا علاقة لها
بالموقف الذي عبروا عنه. 2 إن شئت فقل ان نتيجة الاستفتاء التي أعلنت
مساء الأحد الماضي (20/3) دلت على أمرين،
أولهما أن السطح في حياتنا السياسية
مختلف عن القاع والوهم أكبر من الحقيقة.
وثانيهما أن بعض الذين أداروا الحوار
حول التعديلات الدستورية وقعوا في
أخطاء جسيمة ارتدت عليهم وأوقعت بهم
أضرارا جسيمة. ذلك أن السنوات التي استمر فيها تزوير
إرادة الشعب محت من ذاكرة النخبة خرائط
المجتمع المصري وتضاريسه الحقيقية.
فصحفنا تتحدث مثلا عن «القوى السياسية»
في مصر الراهنة. وبين الحين والآخر
نقرأ أن تلك القوى اجتمعت وقررت كذا،
أو أن ممثليها التقوا شخصيات من أعضاء
المجلس العسكري ونقلت إليهم رغبات
معينة، كما تقرأ أحيانا أن بعض الزوار
الأجانب عقدوا لقاءات مع ممثلي تلك
القوى السياسية.. إلخ. لكن أحدا لا يسأل
عن أوزان تلك القوى على الأرض، خصوصا
أن بعضها اكتسب شرعيته وظل يعمل في
النور منذ أكثر من ثلاثين عاما، من دون
أن يثبت حضورا يذكر. ذكرت في وقت سابق أن نجاح الثورة التي
حدثت في مصر يتطلب إجراء عدة مصالحات،
بينها ما يؤدى إلى تطبيع العلاقات بين
السلطة والمجتمع وبين النخبة والمجتمع.
وذلك لا يتأتى إلا من خلال وضوح الرؤية
الاستراتيجية الجامعة، وتفعيل القيم
الديموقراطية التي تجعل السلطة انتخاب
المجتمع وليست قدرا مكتوبا ومفروضا
عليه، وهى ذاتها التي تعزز القواسم
المشتركة وتوفر الآلية التي تجعل
النخبة تعبيرا عن ضمير المجتمع
ومصالحه وليست بوقا للسلطة أو ظلا
لمشروعات مقطوعة الصلة بالواقع المعيش.
لقد ألقى كل هؤلاء بثقلهم وراء الدعوة إلى
رفض التعديلات الدستورية، وجندوا لذلك
ما لا حصر له من الشخصيات العامة،
واستخدموا في ذلك كل وسائل الإعلام
المرئي والمكتوب والمسموع، حتى
الإعلانات المصورة مدفوعة الأجر أسهمت
في حملة التعبئة والحشد، ولكن ذلك
الجهد لم يصل إلى أقل من ربع الأصوات (22٪)
التي كان أغلبها يعوم على سطح المجتمع
ولا علاقة لها بعمقه. 3 الحوار حول التعديلات لم يكن صحيحا،
فجاءت نتيجته سلبية من وجهة نظر
الجماعة الوطنية. ولأنه لم تكن هناك
أوضاع مؤسسية تدير الحوار، فقد ظلت
ساحته الحقيقية والمعلنة وهي وسائل
الإعلام (الصحف والتلفزيون) والإنترنت
(فيس بوك وتويتر) وللدقة، فإن الخلاف في
الموضوع بدأ قبل إعلان التعديلات،
أعني منذ لحظة إعلان تشكيل اللجنة التي
أنيطت بها العملية. إذ ارتفعت أصوات بعض الغلاة منتقدة ذلك
التشكيل، ومتحفظة بوجه أخص على وجود
أحد أعضاء جماعة الإخوان فيه رغم
خلفيته القانونية وخبرته التشريعية.
وقد نقل بعض الكتاب هذا النقد إلى
ممثلي المجلس العسكري أثناء الاجتماع
معهم. إذ في حين أن أحدهم احتج على ذلك
غاضبا فإن آخر سأل بخبث عن عدد
المتعاطفين مع الإخوان من بين أعضاء
المجلس العسكري. بكلام آخر، فإن أعراض ما يمكن أن يسمى
الإسلاموفوبيا والإخوانوفوبيا ظهرت
في الأفق بمجرد تشكيل اللجنة، وقبل فتح
ملف التعديلات. وهي البذرة التي نمت
بعد ذلك وتحولت إلى عنصر فاعل القى
بظلاله على مسار المناقشات والمواقف
اللاحقة. حين أعلنت التعديلات لوحظ ما يلي: لم يعن
التلفزيون الرسمي بعرضها على الناس
وشرح مضمونها ومراميها، أغلب الظن
بسبب حالة الإرباك التي يمر بها جهازه.
وكانت النتيجة أن كثيرين شكلوا
انطباعاتهم السلبية والإيجابية عنها
من خلال الأصداء التي ترددت في وسائل
الإعلام الأخرى. ومارس نفر من
القانونيين والسياسيين حقهم في نقدها
أو الدفاع عنها. وفى تلك المرحلة
المبكرة نسبيا كان النقاش محصورا في «الموضوع»،
على أساس أن ثمة خلافا في الوسائل وليس
الغايات، التي كانت محل اتفاق الجميع. بمضي الوقت حدث تطوران مهمان، الأول أن
المناقشات تحولت إلى اتهامات بين
الطرفين ولعبت وسائل الإعلام دورها في
تأجيج هذه المشاعر. ولأن «الفيس بوك»
وتويتر مفتوحان للجميع فقد كان لهما
الحظ الأوفر في إشاعة الاتهامات
وتأجيجها التي وصلت إلى حد تبادل إطلاق
صفات العمالة والتكفير والماسونية
والوهابية والاتجار بدم الشهداء
وغيرها بين الطرفين. التطور الثاني تمثل في الاصطفاف في أوساط
المؤيدين والمعارضين للتعديلات. ورغم
أن الجانبين ضمَّا خليطا من مختلف
الاتجاهات الفكرية والسياسية، إلا أن
التعبئة الإعلامية أشاعت بين الناس ان
الإسلاميين يؤيدون التعديلات، وان كل
من عداهم يعارضها. ولم تكن تلك الشائعة
مقصورة على وسائل الإعلام المصرية
فحسب، وإنما وجدنا لها صدى في الصحافة
العربية أيضا. حتى نشرت صحيفة «الحياة»
اللندية على صفحتها الأولى (عدد 18/3)
عنوانا قالت فيه: الإسلاميون يخوضون ضد
الجميع معركة الاستفتاء على تعديلات
الدستور. وذهبت تلك الحرب الباردة إلى
أبعد حين روجت بعض الصحف للادعاء بأن
ثمة تحالفا بين الإخوان وبين فلول
الحزب الوطني. ونشرت أنهما أصبحا «يدا
واحدة» وانتشرت تلك الشائعة العبثية
التي اصطنعت غراما مفاجئا بين الخصمين
التاريخيين حتى تحدثت صحيفة الأهرام
على صفحتها الأولى في اليوم التالي
للاستفتاء عن «تنسيق غير معلن بين
الإخوان وفلول الوطني». وكان ذلك
التطور بمثابة منعطف خطر أضاف إلى
الاستقطاب عمقا ومرارة. (4) وسط الجدل المحتدم والاتهامات المتبادلة
ظهرت لافتة في الإسكندرية نسبت إلى أحد
الدعاة (الشيخ أحمد المحلاوي) قوله ان
تأييد التعديلات واجب شرعي وتبين أنها
حملت توقيع الإخوان المسلمين. حينذاك
قامت الدنيا ولم تقعد. واستهجنها
المتحدث باسم الجماعة وطلب رفعها، لكن
صورتها ظلت تنشر في الصحف يوما بعد يوم.
زاد الطين بلة أن السلفيين دخلوا على
الخط بلافتاتهم الدينية وبياناتهم
التي تفرق ولا تجمع. ولست واثقا من ان
التوتر ازداد بعد ظهور عبود الزمر الذي
أدين في قتل الرئيس السادات بعد اطلاق
سراحه ثلاث مرات في ليلة واحدة، بلحيته
الكثة وآرائه المقلقة، ولكن البعض
حدثني بذلك. على الجانب الآخر تبين ان الكنيستين
الأرثوذكسية والكاثوليكية أصدرتا «نصائح»
لرعاياهما برفض التعديلات. وسمعت
رأيين في التعليق على ذلك التوجيه،
أحدهما ذكر انه رد فعل على الاحتشاد
الإسلامي وظهور الزمر على التلفزيون.
والثاني قال ان التوجهات صدرت قبل ذلك،
منذ أعلن الإخوان انهم يؤيدون
التعديلات. ما يلفت النظر في هذا الصدد ان الإعلام
المصري استهول العملية وبالغ كثيرا في
حجمها وفي التعويل عليها، واعتبر ان
العنصر الديني لعب الدور الأساسي في
حسم الاستفتاء لصالح قبول التعديلات.
والغريب في الأمر أن قطاعات غير قليلة
من المثقفين تبنت هذا الرأي وتحدثت عن
ان البلد انقسم وان الاستقطاب حدث بين
الإسلاميين من جانب والأقباط
والوفديين والناصريين واليسار من جانب
آخر. ورغم ان تعليقات المواطنين التي
سمعناها خلال بعض البرامج التلفزيونية
(قناة دريم برنامج
العاشرة مساء الأحد
20/3) نقضت ذلك الادعاء وكذبته إلا أن بعض
عناصر النخبة المصرية التي سمعناها
مساء اليوم ذاته على شاشة قناة الجزيرة
تمسكت به. لقد قال المتحدثون في
البرنامج الأول انهم ليسوا إسلاميين
ولا علاقة لهم بالإخوان لكنهم صوتوا
لصالح التعديلات لأنهم يرون انها توفر
لهم الاستقرار الذي ينشدونه. في حين
أصر المتحدثون في البرنامج الثاني ان
أغلب المؤيدين تصوروا انهم بذلك
سيدخلون الجنة! خلاصتان يخرج بهما المرء من استعراض ما
جرى. الأولى اننا خرجنا من الاستفتاء
مشوهين وبأسوأ مما دخلنا فيه. والثانية
ان أغلب عناصر النخبة فاقدة الثقة في
وعي الجماهير، حيث تفترض فيها انها تضم
قطيعا من السذج والبلهاء الذين يسوقهم
الدعاة والمحرضون فيتعلقون بأذيالهم
حيث ما يذهبون. إن الحاخامات في إسرائيل يطلقون أثناء كل
انتخابات دعوات توزع مساحات في الجنة
على الذين يصوتون لصالح من يساندون من
المرشحين، لكن أحدا لا يأخذ كلامهم على
محمل الجد، ولا يتعرضون لحملات
التنديد والترويع التي شهدناها في مصر.
والفرق بينهم وبيننا، أنهم هناك يثقون
في الناخب اليهودي ويحترمونه، أما
عندنا فأغلب مثقفينا يستخفون بالناخب
ويحتقرونه، رغم انه هو الذي صنع الثورة
التي يتباهون بها وليس غيره. انني أخشى أن يذكر لنا التاريخ ان الشعب
في مصر صنع الثورة، لكن المثقفين خنقوا
روحها. ===================== دور المؤسسة العسكرية
في الانتفاضات العربية خليل قانصو 2011-03-22 القدس العربي لو تدخل الجيش
التونسي لانقاذ السيد بن علي، لكان هذا
الاخير اليوم رئيسا في تونس، ولو اراد
قادة الجيش المصري ان يبقى السيد مبارك
في السلطة مدة اطول، لما تنحى ولاستطاع
ربما توريث منصبه لولده. ما الفرق بين
هذه الجيشين من ناحية، والجيوش في
اليمن والبحرين وليبيا والسعودية من
جهة ثانية، التي تخوض في هذه البلاد،
بدرجات متفاوتة، معارك ضد الجماهير
الشعبية التي خرجت 'تريد اسقاط الرئيس'
او 'اسقاط النظام'؟ لماذا تتدخل بعض الجيوش العربية دفاعا عن
الحاكم ونظامه؟ لقد تناهى الى العلم،
منذ بدء الانتفاضة الليبية في 17 شباط/فبراير،
ان لكل ولد من اولاد العقيد، فرقته
العسكرية. فلقد ترددت اسماء: قوات
الساعدي، قوات خميس الخ. وفي اليمن
ايضا تفيد المعلومات المتوفرة بان
قواد الجيش هم من ابناء الرئيس وابناء
اخوته واقاربه. وتاسيسا عليه، اغلب
الظن ان المهمة الاولى لهذا النوع من
الجيوش هي الدفاع عن نظام حكم العائلة
او الطغمة او الطائفة او المذهب، ضد
من؟ ولكن هذا يعني ايضا ان سكان
البلاد، حيث يوجد مثل هذا الحكم
الفئوي، لم يتفقوا على مشروع وطني،
وليسوا بصدد العمل على انجازه، اي ان
علاقتهم ببعضهم البعض وبالارض، لا
تتعدى اطار العلاقة بالشيء الموروث،
التي تخفي في ثناياها رغبة في الدفاع
عن الحصة الاكبر من الرغبة في الدفاع
عن الكل، على عكس العلاقة التي تنظم
العمل الجمعي من اجل الابتداع
والانشاء، التي يغلب عليها الحرص على
الوحدة والتضامن كشرطين ضرورين من
شروط العطاء والاستمرارية والديمومة.
الوريث يدافع عن حصته ويريدها اكبر من
حصة الاخرين، اما المواطن فانه يدافع
عن الوطن لانه شريك فيه، ولان الوطن
ملكية جماعية لا تقبل التقسيم . لماذا تراجعت جيوش ابناء صاحب الجماهيرية
الليبية، خلال الاسبوعين الاولين بعد
انطلاقة انتفاضة الليبيين، ولم تستخدم
الطائرات والزوارق الحربية والمدافع
في قصف المدن التي سيطر عليها الثوار؟
ولماذا كانت تصريحات القادة الغربيين
تتواتر في تلك الفترة، من دون توقف،
تحذر العقيد وابناءه من مغبة التعرض
للناس بواسطة هذه الاسلحة؟ ولماذا كان
احد انجال العقيد، والناطق باسم نظام
عائلته، ينفي ويُقسم باقدس مقدساته،
ان تكون الاوامر صدرت لسلاح الجو بضرب
المعارضين؟ فجاة، انقلبت الصورة رأسا على عقب. توقف
قادة الغرب عن التنديد والتهديد. فاعلن
العقيد واولاده الحرب الشاملة على
الليبيين الذين خرجوا ضدهم، وكأن
القيود التي كانت تعترضهم في الاسابيع
الاولى ازيلت من امامهم دفعة واحدة، او
ان امدادات كبيرة من العتاد والعديد،
ارسلت اليهم، فضربت طائراتهم وقصفت
مدافعهم المدن الليبية بوحشية، من دون
حرج. حتى بات المخيال يرتجع صور
العدوان الاسرائيلي على لبنان سنة 2006،
ثم العدوان على قطاع غزة سنة 2009 ،
لاسيما ان العقيد وقد اخذته نشوة
انتصاراته، بدأ يتهم الثوار بالارهاب
ويلقي عليهم مسؤولية الدمار والقتل
بحجة انهم يستخدمون المدنيين 'دروعا
بشرية'. وهذه لازمة اسرائيلية يعرفها
الفلسطينيون واللبنانيون. ولكن من
المفروض ان مثل هذه 'الدروع البشرية'،
لو وجدت فعلا، كفيلة بمنع القذافي من
المس بها، وهو الثوري وابو الجماهيرية
كما يزعم، على عكس المستعمر الصهيوني.
واغرب ما في هذ المحاكاة بين حرب
القذافي وعدوان الاسرائيليين، هو
توجيه الرسائل الهاتفية القصيرة الى
السكان، بالتلازم مع تحليق الطائرات
على علو منخفض ودوي الانفجارات
القوية، للتأثير على معنوياتهم وايصال
اخبار كاذبة عن انهيار المقاومة وسقوط
مواقعها وفرار قادتها او موتهم. وهذه
الاساليب من الحرب النفسية يعرفها كل
لبناني كان في لبنان في تموز/يوليو 2006
جيدا. فلقد اخطر مستشارو العقيد الناس
بواسطة الرسائل الهاتفية، بان اجدابيا
سقطت بايدي قواته، قبل 48 ساعة من وصول
هذه القوات الى تخومها، علما بانها لم
تتمكن من السيطرة عليها بعد ثلاثة ايام
من بدء هجوم باسناد من كافة انواع
الاسلحة، وكانت هذه القوات تخوض حربا
حقيقية دفاعا عن الوطن الليبي نفسه،
ولكن بكفاءة رديئة . كيف يدافع
الليبيون عن وطنهم؟ ولا منأى، في السياق نفسه عن السؤال لماذا
تتسابق الصحف والقنوات التلفزيونية في
الغرب على اتنزاع مقابلة من العقيد او
من نجله؟ رغم انتهاكه الصارخ لحرية
الصحافيين والتعتيم الاعلامي المفروض
على المناطق الليبية الواقعة تحت
سيطرة قوات ابنائه. فلا يكاد يمر يوم من
دون ان يخرج على الملأ باسلوب خطابي
جديد، وبطروحات جديدة ومعلومات جديدة.
اغلب الظن ان هذا الاداء الاعلامي هو
من صناعة وكالات النصح في مجال
العلاقات العامة، في انكلترا وغيرها،
وليس صادرا من اعماق فطنته وهدي قريحته.
كم هو ثمن المقابلة والاستشارة
والدمار والدماء. ومهما يكن فلا مفر من القول بان الجيش
عندما يكون في خدمة فئة وطنية ضد فئة
اخرى انما هو مشروع تقسيم للبلاد
وللفرقة بين الناس. وبأن مسؤولية
استخدام السلاح الثقيل، في داخل
الوطن،لا تقع فقط على العائلة التي
وضعت يدها على ثروات البلاد فتمكنت من
شراء انواع منه وبكميات كبيرة، وانما
تقع ايضا على بائعي هذا السلاح الذين
يعرفون لا شك في ذلك ما تعلنه تلك
العائلة وما تخفيه. كم من الحكام العرب
انشأوا جيوشا قادرة على قصف المدن في
الممالك والجمهوريات التي يتربعون على
عروشها؟ واخيرا، من المرجح ان موج الانتفاضات
الشعبية طال فلسطين المحتلة ايضا،
والدليل على ذلك هو ان الناس يتجمعون
بين الفينة والفينة، في رام الله وفي
غزة. والظاهر ان 'السلطة' بما هي سلطة
عربية لا تتسامح مع الاحتجاج حتى في ظل
الاحتلال، ليست مطمئنة لهذه
الارهاصات، لذا فأنا اسأل: لماذا وجهت
سلطة القطاع الدعوة لسلطة رام الله
لزيارتها؟ هل عادت المياه الى مجاريها
بقدرة قادر وطويت الصفحات والوثائق
هكذا؟ ما هي شرعية كل سلطة في نظر
الاخرى؟ لماذا الاجتماع والتشاور، في
هذا الوقت بالذات؟ ماذا يريد الشعب
الفلسطيني؟ وماذا تريد السلطتان
الفلسطينيتان؟ هل توصلتا الى فهم ما
يعتمل في النفوس؟ ام انهما قررتا
التنحي؟ ===================== محمد كريشان 2011-03-22 القدس العربي ألم نلحظ معا
شيئا هاما للغاية هذه الأيام؟! طائرات
أمريكية وفرنسية وغيرها تدك مواقع في
ليبيا ولا مظاهرة واحدة منددة في
الشارع العربي أو الإسلامي!! ولا موقفا لافتا من جهة اعتبارية هامة
تدين هذا الفعل!! وإذا ما استثنينا بعض الأصوات القومية
الضعيفة من ذوي العلاقات الخاصة
القديمة مع القذافي، لا أحد تقريبا رفع
صوته عاليا ضد ما يجري رغم ما عرفنا به،
نحن معشر العرب، من حماسة جارفة ضد كل
ما هو عدوان أجنبي على أي بقعة من هذه
البلاد العربية الممتدة. السبب واضح: لقد 'أبدع' القذافي بشكل غير
مسبوق في قمع شعبه والتنكيل به مع
احتقار بين له وغرور مرضي تراجيدي في
تبرير التحكم في رقابه إلى درجة
جعلتنا، بوعي أو بدونه، لا نرى من مخرج
لحكم الرجل وابنه الأهوجين سوى هذا
التدخل الأجنبي، بل ولم يكن خافيا على
ألسنة الكثيرين أنهم يتمنون أن يروا
نهاية درامية شامتة لحكمه تكون عبرة
لغيره. مأساة أن جعلنا هذا الحكم الأرعن في ليبيا
مخيرين بين أن نقبل باستمرار القذافي
وعائلته في ممارساتهم المتخلفة أو
نسمح بدك الطائرات الغربية لحصونه.
صحيح أن الموقف المبدئي السليم نظريا
هو القول لا لممارسات 'الأخ القائد' ولا
أيضا للتدخل العسكري الأجنبي ضد
بلاده، لكن عمليا مثل هذا الموقف لا
يمكن أن يعني في النهاية سوى إفساح
المجال أوسع لاستمرار معاناة الليبيين
وتقتيلهم طالما أن لا بدائل أخرى تلوح
في الأفق. هذه الدكتاتوريات التي أوغلت في كتم
أنفاس شعبها هي التي أوصلت الناس إلى
فداحة 'الاختيار' بين استمرار
الاستبداد أو القبول بالتدخل العسكري
الدولي في حين أن الأول هو الذي قاد إلى
الثاني، أو على أقل تقدير أهداه أفضل
ذريعة مناسبة. ولعل الرسالة الإيجابية
الأهم مما يحصل في ليبيا هي أن على كل
زعيم عربي دخل في مواجهة دموية مع شعبه
وطال عناد هذا الأخير، أن يختار إما
الهروب كما فعل بن علي أو التنحي كرها
كما فعل مبارك وإما فتح الباب أمام
تدخل عسكري ضد نظامك فتخرج في النهاية
خائبا مدحورا وملعونا من شعبك ومن باقي
شعوب العالم. لقد أرغم القذافي شعبه
على رفع السلاح دفاعا عن نفسه أمام آلة
قمعه الثقيلة وهذا المعطى فرض بدوره
تدخلا عسكريا ضد نظام واضح أنه خارج
معادلتي المنطق البشري السليم
والعلاقات الدولية السوية. وهنا لا بد لنا أن نعترف بأننا، نحن
العرب، لدينا الكثير من مواطن اللبس
والتناقض أحيانا في علاقتنا مع الدول
الكبرى التي لها سجل في استعمارنا أو
العدوان علينا. نحن نعيرها بالسلبية
تجاه ما يجري لنا أحيانا من مآس
إنسانية، كما يحدث حاليا في ليبيا، لكن
إذا ما اقتضت الضرورة أن تتحرك عسكريا
لمواجهة ما يحدث، ولحسابات خاصة بها
أيضا، نسارع مباشرة إلى التشكيك في
نواياها. صحيح أن أزمة الثقة بيننا
عميقة خاصة بعد عقود من التواطؤ مع
إسرائيل وسوابق الصومال وأفغانستان
والعراق ولكننا نتحمل أيضا جزءا من
مسؤولية هذه العلاقة الملتبسة
والمضطربة وليس موفقا دائما رمي كل شيء
على هؤلاء واستمراء لعب دور الضحية في
كل آن ومكان. حبذا لو أن هذا التدخل العسكري الغربي ضد
ليبيا ينتهي سريعا ونصل إلى 'النهاية
السعيدة' التي يتمناها الشعب الليبي
قبل غيره، لكن الخوف أن تستمر تحركات
قوات القذافي ضد المدنيين رغم كل هذه
الغارات مما قد يطرح خيارات أخرى غير
مجرد الاكتفاء بالتحليق فوق سماء
ليبيا وفرض حظر جوي عليها. وهنا أيضا كل اللوم على القذافي الذي عليه
أن يفهم أننا لسنا بالسذاجة التي تجعله
يفلح في إقناعنا بأنه يتصدى الآن
للامبرياليين والصليبيين مع أنه هو من
حاول إغراءهم بكل شيء مقابل أن يبقى
جاثما على صدور شعبه ك'مرجعية أدبية'. ===================== الاربعاء, 23 مارس 2011 عبدالله اسكندر الحياة يظهر مجدداً كثير من ردود الفعل العربية،
رسمية وحزبية، على القرار الدولي
المتعلق بليبيا تجاذباً بين إعلان
الدعم للمطالب الشعبية وتالياً مناهضة
الحكم القائم، وبين رفض التدخل الدولي
من أجل تنفيذ هذه الأهداف. وقد جرى
التعبير عن هذا التجاذب والازدواجية
خصوصاً في مواقف الجامعة العربية
وأمينها العام، وإن كانت دول عربية
أخرى وأحزاب وهيئات عربية أعلنت مواقف
مماثلة. وأثيرت هذه الإشكالية لدى غزو العراق.
وسال حبر كثير في مناقشة كيفية التخلص
من حاكم مستبد وطاغية، وشرعية أن تكون
إطاحته على أيدي قوى أجنبية. ولم يسقط
الحكم العراقي السابق إلا بعد تدخل بري
خارجي واسع وإنزال هزيمة عسكرية
بقواته. علماً أن شمال العراق وجنوبه
كانا يخضعان لحظر جوي منذ طرد القوات
العراقية من الكويت. كما يحصل تقريباً
اليوم في ليبيا. وتجددت الإشكالية مع ثورتي تونس ومصر،
وتناولت المناقشة معنى المواقف
الغربية، خصوصاً الأميركية. وأمكن
تحقيق هدف إطاحة الحكم في البلدين، وهو
الهدف الذي توافقت عليه القوى المحلية
والخارجية. أي أننا أمام تجارب عربية تمكنت فيها قوى
محلية من إطاحة الحكم، بحد من تدخل
خارجي سياسي، في الوقت الذي فُرض هذا
التدخل السياسي والعسكري أيضاً في
تجارب أخرى. صحيح أن النفط يجمع بين العراق وليبيا،
وأن استثمارات ومصالح غربية اقتصادية
كبيرة دخلت في حساب القوى الخارجية.
لكن الأهم من ذلك في عملية استدراج
التدخل هو الفراغ السياسي الداخلي.
بعدما قضى الحكم في البلدين على كل
البدائل الداخلية ذات الصدقية، وبات
الفراغ السياسي الداخلي هو القوة
الجاذبة للتدخل الخارجي. في العراق، في ظل الحكم السابق، كما في
ليبيا، في ظل حكم العقيد القذافي، جرى
القضاء المنهجي على أي قوة أو شخصية
سياسية يمكن أن تشكل بديلاً. وجرى
اختصار الشعب والدولة ومؤسساتها
بالحكم وأجهزته الأمنية القمعية،
واختصار الحكم بالعائلة والمحيطين بها. لقد فرّغ الحكم في البلدين من كل عناصر
مقاومته داخلياً، بتجريد حملات القمع
وازدراء المؤسسات وإحكام القبضة على
ثروات البلاد وإلغاء التعبيرات
الأهلية والشعبية وكل ما يتصل بالهموم
الحياتية والاقتصادية. وبذلك قضى هذا
الحكم على البنية المحلية التي يمكن أن
تضمن تداولاً سلمياً للسلطة وينزع
الحجة التي استخدمتها القوى الغربية
في تدخلها العسكري، أي حماية المدنيين
من بطش الحكم. أما في التجربتين التونسية والمصرية،
وعلى رغم التعرجات التي اتخذتها عملية
إطاحة الحكم فيهما، فقد ملأت فراغ
الحكم قوى محلية حافظت على قدر ما من
وجودها وقوتها. وكان الجيش في الحالين
العمود الفقري لهذه البنية، لكن قوى
سياسية وأهلية محلية، خصوصاً
الإسلامية، عمدت سريعاً الى إيجاد
صيغة تفاهم مع الجيش وضمان فترة
انتقالية سلمية وسلسة. فبات أي تدخل
خارجي يتجاوز السياسة غير ذي موضوع، لا
بالنسبة الى القوى المحلية ولا
بالنسبة الى الخارج. في هذا المعنى، ارتبط التدخل الخارجي،
خصوصاً العسكري، بضعف البنية الداخلية
البديلة أو انعدامه. وهذا الفراغ
الناجم أساساً عن سلوك الحكم المحلي
يجتذب التدخل الخارجي، في مقدار حجم
المصالح التي سيحميها هذا التدخل. فالإشكالية، إذن، ليست بين تدخل خارجي
لإطاحة حكم مستبد، على رغم ما يثيره
هذا التدخل من تعقيدات في طبيعة الحكم
الجديد (العراق نموذجاً)، وإنما هي
إشكالية ضعف البنى المحلية البديلة من
حكم وصل الى نهايته. ====================== أن تزرع ثورة لا يعني أن
تحصد ديمقراطية! يوسف الديني الشرق الاوسط 23-3-2011 في زمن الخديعة يصبح قول الحقيقة عملا
ثوريا. جورج أورويل. لم أكن في يوم ما من أنصار أو مؤيدي نظرية
المؤامرة؛ تلك التي عادة ما ترسم
سيناريوهات معقدة لما يدور خلف
الكواليس في صناعة الأحداث الدولية
عبر أجندات خاصة تصور العالم كدمى
وعرائس غير قادرة على الفعل تديرها «قوى
خفية» تصنع البهجة والأحزان في آن واحد. ما الذي يحدث إذن؛ هذه الحلقات المتشابهة
من مسلسل الثورات الطويل والمثير
للدهشة والتساؤل، الذي جعل الكثيرين
يلقون بأوراقهم وأفكارهم وتصوراتهم
حول عالم القوى والسياسة وصراع
السلطات داخل المجتمع الواحد ويتبنون
تصورات حالمة عن ما يحدث تلغي الأسباب
والنتائج وتتحدث عن «أساطير» جديدة
تتصل بعالم التقنية بدءا من ال«فيس بوك»
وانتهاء بغضب الشباب الجامح للتغيير،
هذه التصورات تقدم وصفات سحرية لصنع «ثورة»
بأقل التكاليف وتغيير واقع معقد دون
تدخل خارجي أو مباركة من القوى
المهيمنة. لا أزعم أنني أملك الإجابة، وعلى الضد من
ذلك أتخيل أن كل من يقدم تحليلا نهائيا
وناجزا لما يحدث يختزل الحقيقة
ويشوهها؛ إلا أن عدم امتلاك تصور واضح
لا يعني أننا لسنا بإزاء ظواهر جديدة
قذف بها المشهد اليوم على سطح الواقع
المتكلس بفعل الهوة السحيقة بين طريقة
تفكير الأنظمة السياسية الديمقراطية «شكليا»
وبين مجموعات فاعلة في المجتمع ظلت
لفترة طويلة في صف المعارضة لكنها لم
تطور أدواتها السياسية فضلا عن أن تقوم
بمراجعات طويلة لبرنامجها على الأرض
في حال انتقالها من طور المعارضة إلى
السلطة. من تلك الظواهر التي غفل عنها الطرفان -
النظام والمعارضة - عبر تاريخ صدامهما
الطويل هو دخول لاعبين جدد للمشهد، ففي
السابق كانت القوى الدولية وعلى رأسها
الولايات المتحدة تدير شروط اللعبة
وفق ثنائية المصلحة الذاتية وقيم
الديمقراطية التي تروج لها أحيانا
تنحاز لخطاب المصلحة وتارة أخرى
تستخدم ورقة القيم للضغط على الدول
لإفساح المجال للمعارضة. اللاعبون
الجدد كانوا بعيدين عن كل ذلك، حيث
خاضت أجيال جديدة، يقودها شبان ناقمون
على الأوضاع، تحولات ثقافية، وبالتالي
سياسية واجتماعية هائلة، وكان وقود
ذلك التحول هو «قلق الهوية» الذي صنعته
حالة الفراغ الثقافي، بسبب انحياز
الأطراف المؤثرة على الأرض إلى
السياسة كمكتسب سلطوي، وفي الوقت ذاته
كانت الولايات المتحدة تطبخ على مهل
قرار الاقتراب أو الابتعاد من قوى
المعارضة، وهي في مجملها «إسلاموية»
وربما إذا كنا لا نريد التعميم بحكم
تنويعات المشهد الإقليمي، تنحاز إلى
أجندة وخيار «الإخوان المسلمين»
الأكثر تنظيما وحضورا وقدرة على إقناع
الخارج بأنهم يستحقون «فرصة»، لينتقل
الخطاب الأميركي، سياسيين وصحافة
ومراكز أبحاث، من مرحلة «الفزاعة» إلى
مرحلة «البديل الواقعي» أي الأكثر
تمثيلا على الأرض. هذا التحول كان ماثلا للعيان في حالة
الفرح بثورة التحرير التي فاقت في قوة
تأييدها وتهميشها للحليف السابق
الثورة السابقة «التونسية» واللاحقة.
صحيح أن الجميع يدرك ثقل التحول النوعي
في بلد كمصر، لكن سلاسة سيناريو أحداث
ثورة مصر والمؤثرات البصرية والعاطفية
التي رافقتها جعلت الكثيرين يقتربون
من نظرية المؤامرة، وأقل من أولئك من
تحدث عن صفقة عادلة أدارها الجيش، لكن
الأكيد أن أميركا بدت إلى حد ما كضابط
لإيقاع الثورات، هذا الإيقاع الذي
يتحول إلى صمت وانكفاء فيما يخص مرحلة
«ما بعد الثورة»، حيث المخاطر
والتخوفات والعمل السياسي الحقيقي،
وكأن النهايات الهوليوودية الساذجة
بالتخلص من «الشرير» تؤذن بانتهاء
العرض. الحديث عن حالة ال«ما بعد» أصبح هاجسا
لكثير من النخب الثقافية والفكرية،
التي لم تنحَز يوما ما لخيار النظام أو
تنخرط في عمل المعارضة، إيمانا منها
بأنها وجهها الآخر الذي يطابقها في
طريقة تفكيرها وآليات عملها على
الأرض، ولعل ما حدث في مرحلة ال«ما بعد»
في الثورات الفرنسية والبلشفية
والإيرانية يعطينا مؤشرا واضحا على أن
حالة القلق يجب أن تتحول إلى مشروع
نقدي للثورة. أهم تلك الحقائق الثورية بالمعنى «الأورويلي»
أنه لا يمكن البدء في عملية بناء
ديمقراطي على أنقاض نظام مستبد إلا بعد
الإفاقة من نشوة الثورة وسكرتها، بسبب
تحقق سقف مطالبها بسقوط النظام،
فالمهم هنا سقوط كل القيم والمنظومات
الثقافية التي كان النظام يستغلها
للبقاء، كالطائفية والعشائرية
واستغلال الشعارات الدينية، التي عادة
ما تخلق أجواء كريهة من الانفلات
الأمني والمؤسساتي، وهذا ما لاحظناه
في الاستفتاء الأخير على تعديل
الدستور في مصر، فالنتائج ليست مهمة،
بل لنقل إنها كانت متوقعة وغير مفاجئة،
لكن الآليات التي تم فيها تعبئة
الجماهير والشعارات التي رفعت وطريقة
إدارة المعركة الانتخابية وصولا إلى
طريقة التعبير عن الفرح بنتيجة «نعم»
التي سماها أحد المشايخ في مقطع مثير
على ال«يوتيوب»، «غزوة الصناديق»، هذا
الشيخ - وهو يعبر عن خطاب فكري عريض - لم
يكتف بإظهار فرحه بالتكبير الجماعي،
كما يحدث عادة في الأعياد الكبرى؛ بل
كان يعقد مقارنة بين أهل الحق الذين
قالوا «نعم»، وأهل الباطل في الفسطاط
الآخر الذين قالوا «لا»، في ظل حماسة
واهتياج شديد من الجماهير الحاضرة. ممارسات كهذه لا تقودنا إلى مخاوف من «ثورات
مضادة» على اختطاف ثمار الثورة من قبل
القوى الفاعلة على الأرض فحسب، كما
أنها يجب أن لا تجعلنا نقلق من أصابع
الاتهام التي ترفع عادة في أي نقد صريح
لهذه السلوكيات - حيث الثورة كانت على
الاستبداد بالدرجة الأولى - لكنها
تجعلنا نفكر طويلا في الفرق بين
الديمقراطية المستنبتة في أرض لم تحرث
جيدا بقيمها وثقافتها حيث تتحول من
مجرد أداة إلى غاية، وهنا أعود لأورويل
لأختم إذ يقول: إن كان التحرر يعني شيئا
فهو الحق في أن تقول للناس ما لا يودون
سماعه! ================ يوم خذلت تركيا
الأردوغانية الشعب الليبي فضيل الامين الشرق الاوسط 23-3-2011 الموقف الأردوغاني من الشعب الليبي
وانتفاضته المباركة موقف يستجدي وقفة
شجاعة من الشعبين الليبي والتركي.
فالأواصر العائلية والعلاقات
الاجتماعية الليبية - التركية تضرب
جذورها عبر تاريخ الشعبين الشقيقين
الطويل. فكثير من العائلات الليبية لها أواصر
وعلاقات دم وقرابة، في حين يعود بعضها
إلى أصول تركية أصيلة. وهذا ما يجعل
العلاقات بين الشعبين وطيدة وأعمق من
أن تهزها مواقف سياسية ذات مصالح ضيقة. لقد توقع الشعب الليبي الكثير من السيد
طيب أردوغان، وبخاصة بعد مواقفه
المشرفة تجاه ما حدث في غزة، وبعد
وقفته الإيجابية مع ثورة الشعبين
التونسي والمصري. فالسيد أردوغان عمل
خلال السنوات الماضية على إعادة هيكلة
السياسة الخارجية التركية بطريقة
تجعلها أكثر استقلالية وأكثر انحيازا
للشعوب ولقيم الحرية والديمقراطية
وحقوق الإنسان في العالم، وخصوصا
العالمين العربي والإسلامي. كما عملت
إدارته على الاتجاه نحو الشرق والغرب
في نفس الوقت بعدما كانت تركيا قد يممت
وجهها نحو الغرب وحصرت تحالفاتها
الاستراتيجية مع أوروبا والولايات
المتحدة، وفقدت بذلك البعد الشرقي
الهام. اتجاه تركيا الأردوغانية نحو الشرق أمر
أثار حساسية العالم الغربي الذي يتشكك
في محاولتها إعادة إحياء الدولة
العثمانية عبر خلق دوائر تأثير وعمق
استراتيجي على الأقل، هذا الأمر لقي
ترحيبا من كل من دول المنطقة وشعوبها
التي تعتبر تركيا بعدا استراتيجيا
إيجابيا لها. تحمس الشعوب العربية
للدور التركي الجديد يتعرض خلال
الأسابيع القليلة الماضية لانتكاسة
نتيجة للموقف الأردوغاني من الانتفاضة
الليبية. فالتردد والتذبذب الذي أظهره
السيد أردوغان تجاه الانتفاضة الليبية
كان أمرا محيرا على كل الأصعدة. ففي
البداية كان الصمت المطبق، وهو أمر
فسره الكثيرون على أنه دعم صامت
للقذافي ونظامه ضد الشعب الليبي، ثم
تلت ذلك تصريحات خجولة ومترددة تطلب من
القذافي توخي المسؤولية في التعامل مع
الانتفاضة ولكن الموقف مستمر؛ الوقوف
إلى جانب النظام وليس الشعب الليبي.
الجرائم التي يرتكبها بقايا النظام
الليبي الفاقد للشرعية لم يكن لها أثر
واضح في الموقف الأردوغاني تجاه الشعب
الليبي، وجاء بيان يطلب من العقيد
الليبي تعيين خليفة له، ربما على غرار
تعيين مبارك لعمر سليمان كنائب له. والسؤال هنا: هل يدرك السيد أردوغان
ومستشاروه طبيعة القذافي ونظامه؟
فالعقيد لم يكن، لو أراد تعيين شخص،
إلا أن يعين ابنه سيف الإسلام الذي
أثبت خلال الأحداث ومن خلال تصريحاته
وممارساته وتهديداته أنه لا يقل سادية
ودموية عن والده. السيد أردوغان لم يكن قادرا على الانحياز
للشعب الليبي كما انحازت الدول
العربية التي عانت عبر عقود من إرهاب
وممارسات وتهديدات النظام الليبي
المتهالك، فعليه الوقوف موقف الحياد. الشعب الليبي يتساءل: هل الموقف التركي
الأردوغاني لا يزال ينبع من قناعة بأن
نظام القذافي سيبقى في الحكم؛
وبالتالي فالموقف يعبر عن رغبة في
حماية العقود المليارية التي عقدتها
الشركات التركية مع نظام القذافي؟
أرجو أن يكون مستشارو سيادة رئيس
الوزراء أعلم وأحذق من تلك الفرضية. الشعب الليبي حقيقة فقد الأمل في موقف
تركي أردوغاني مشرف تجاه انتفاضته وهو
اليوم متخوف من تلاعب تركي في الشؤون
الليبية، فالتصريحات الأخيرة للسيد
أردوغان عن القرار الأممي رقم 1973
وموقفه من الحظر الجوي والتدخل
العالمي لحماية المدنيين أمر محير
ومؤسف في نفس الوقت. فلم يكتفِ أردوغان
بالاعتراض على القرار ومعارضته، بل
يحاول اليوم الزج بالخلافات التركية -
الفرنسية بشأن الموقف الفرنسي الرافض
أو المعرقل لانضمام تركيا للاتحاد
الأوروبي وإدخاله في الأزمة الليبية،
ومحاولة تصفية الحسابات عبر الاعتراض
على الدور الفرنسي الداعم للشعب
الليبي. فحسب تصريح وزير الدفاع
التركي، وجدي جونول، للصحافيين: «يبدو
من المستحيل أن نفهم دور فرنسا البارز
جدا في هذه العملية. نجد صعوبة في فهم
ما يبدو من أنها المنفذ لقرارات الأمم
المتحدة»، الأمر الذي يدلل على محاولة
استغلال معاناة الشعب الليبي في
الصراع التركي - الفرنسي. ولم تكتف
إدارة أردوغان بذلك فقط؛ بل عارضت
التدخل الدولي في ليبيا ودعت إلى وقف
فوري لإطلاق النار. بعيدا عن كل الحساسيات والتقلبات
السياسية وعمليات تصفية الحسابات،
أرجو أن تعيد تركيا الأردوغانية النظر
في سياستها غير المقبولة تجاه ليبيا،
وإن لم تستطع أن ترتفع بها إلى مستوى
دعم الشعب الليبي فلا أقل من أنها يجب
أن لا تخوض به ولا تتدخل سلبيا فيه بما
قد يؤدي إلى توتر مستقبلي للعلاقات بين
البلدين اللذين يرتبطان بروابط
تاريخية واجتماعية. هذه الروابط هي
أكبر من المواقف السياسية الآنية
والحسابات الضيقة والصراعات التي لا
علاقة لليبيا والشعب الليبي بها.
فالشعب الليبي وعبر انتفاضته المباركة
يعرف اليوم من هو صديقه ومن هو غير ذلك،
وأرجو أن تحذو تركيا أردوغان حذو دول
العالم العربي، وبخاصة دول مجلس
التعاون الخليجي التي تقف موقفا مشرفا
وتاريخيا مع الشعب الليبي، وإن لم
تستطع فليس هناك أفضل من السكوت. * كاتب ليبي - أميركي ورئيس
المجلس الأميركي - الليبي ================ الاربعاء, 23 مارس 2011 برافيين سوامي * الحياة ليس من العسير إلحاق الهزيمة بالقوات
الليبية العسكرية الضعيفة. وخلصنا من
الحرب على العراق والحرب على
أفغانستان أن الامتحان الفعلي ليس
إطاحة النظام بل مرحلة ما بعد سقوطه.
وثمة مؤشرات كثيرة إلى أن نظام الشعب
المرتقب والمنبثق من الثورة الأخيرة
لن يكون أفضل من نظيره السابق وتجربته
المريرة. فالسلطة في مناطق الثوار الليبيين متوزعة
بين أيدي فسيفساء من شيوخ القبائل
وضباط انضموا إلى صفوف الثوار. ففي
الزاوية ومصراتة بشرق ليبيا، يرى
زعماء القبائل، والقذافي قوض نفوذهم
الكبير اثر بلوغه السلطة، في الثورة
فرصة للاستحواذ على عائدات النفط. وفي
غرب ليبيا، تسعى قبيلة الورفلة،
والخناق ضيق عليها اثر قمع النظام
تمردها في 1993، في تصفية حسابها مع
النظام. ويبدو أن خطاب قيادة الثوار يشبه خطاب
القذافي. فطارق سعد حسين، من قادة
الثوار في بنغازي، توجه إلى أهالي مسقط
رأس القذافي قائلاً: إما تنضمون إلينا،
أو نقضي عليكم». وليست القبائل الليبية وحدها من ترفع
ألويتها في شوارع ليبيا. فالمقاتلون
الإسلاميون أنشأوا إمارة إسلامية في
درنة. وثمة معلومات عن إسهام إسلامويين
تدربوا في السودان وأفغانستان في
القتال إلى جانب القبائل الثائرة. وفي الأدبيات السياسية، توصف ليبيا بأنها
ما هو «خلاف الدولة». فالنظام الليبي
لا يجبي الضرائب، بل يوزع ريع عائدات
النفط خارج مؤسسات فعلية من طريق شبكة
محسوبيات زبائنية. ويرسي هيبته من طريق
العنف والإرهاب، وليس من طريق مؤسسة
عسكرية تتقيد بأطر قانونية. وفي 1969، حين أطاحت مجموعة ضباط على رأسها
القذافي الملك ادريس بن محمد السنوسي،
لم تكن ليبيا أمة أو دولة، وهي إلى
اليوم على الحال هذه. ففي مرحلة الحكم
العثماني، بقيت مساحات واسعة من ليبيا
خارج سيطرة السلطنة. والاستعمار
الإيطالي جمع أوصال طرابلس في الغرب
والمناطق الشرقية ومنطقة الفذان
الوسطية من طريق حرب ضروس بين 1922 و1935.
وتوسلت إيطاليا الغاز السام في مواجهة
القبائل. وقبائل المناطق الشرقية أدت
دوراً بارزاً في استقلال ليبيا، وقادت
المفاوضات التي انتهت إلى بلوغ الملك
ادريس السلطة، في 1951. وسرعان ما راكمت
الملكية الليبية ثروات ضخمة. ففي 1953،
أجازت لقوات بريطانية المرابطة على
أراضيها لقاء 3.75 مليون جنيه استرليني
سنوياً، واستأجرت الولايات المتحدة
قاعدة عسكرية لقاء 4 ملايين دولار
سنوياً. وفي آخر سنة من حكم الملك
ادريس، أصبحت ليبيا خامس مصدر للنفط في
العالم. ولكن الطفرة هذه زادت هوة اللامساواة،
وارتفعت وتيرة النزوح إلى طرابس.
فتضاعف عدد سكان طرابلس بين 1960 و1964،
وارتفعت البطالة، وتعاظمت التوترات
الاجتماعية. وعجزت الملكية عن تذليل
المشكلات هذه. وبعد الانقلاب، أبقى القذافي نظام
الزبائنية. فاستفادت قبيلته وحلفاؤها
من النظام هذا، عوض قبائل المناطق
الشرقية. وسلط الباحث لويس مارتينيز في
كتابه «التناقض الليبي» الضوء على
أحلاف موروثة من حقبة ما قبل الحداثة،
وهي أحلاف المصاهرة. فرئيس الشرطة
الليبية عقد قران ابنه خالد على ابنة
القذافي، عائشة، وزوّج ابنته إلى
الساعدي. وأصبح الجيش الليبي مسرح التوترات
القبلية ونزاعاتها. فعلى سبيل المثال،
في 1993، حاول الرائد الركن، عبد السلام
جلّود، السيطرة على مقاليد السلطة. وهو
قبل محاولة الانقلاب كان محل ثقة
القذافي. وهذا أوفده، في 1970، إلى الصين
لشراء سلاح نووي لقاء 75 مليون جنيه
استرليني. واصطفت قبيلة المقارحة،
ويتحدر منها الرائد جلود، وقبيلتا
الورفله والزنتان، وراء جلود. واليوم،
يواجه حلف القبائل هذه القذافي. وفي كانون الثاني (يناير) 1997، أعدم ثمانية
من المتآمرين. وفي 1998، سنت قوانين تبيح
معاقبة القبائل جماعياً وحرمانها من
العائدات النفطية جزاء التمرد. وفي
الثمانينات، شجع القذافي آلاف
الليبيين على الالتحاق بالإسلاميين في
أفغانستان على أمل بأن يصير قائد
العالم الإسلامي. وعند عودتهم إلى
ليبيا، برز خطر جديد. فأعدمت السلطات
الليبية طالبين إسلاميين في جامعة
الفاتح بطرابلس، وتسعة طلاب، في 1987. وفي 1995، وقع عشرات القتلى جراء المعارك
بين «الجماعة الإسلامية الليبية
المقاتلة» المرتبطة ب «القاعدة» وقوات
القذافي في بنغازي. وفي 1996، دارت معارك
بين النظام والإسلاميين في درنة
وبنغازي. وبحسب مسؤول سابق في
الاستخبارات البريطانية، مولت
بريطانيا الجماعة الليبية الإسلامية
المقاتلة انتقاماً لشن القذافي هجمات
إرهابية على الغرب. وعلى رغم نجاحه في
قمع الجماعة هذه، حاز الإسلامويون
شرعية سياسية. ففي أيار (مايو) 2009، شيّع
الآلاف علي محمد الفاخري، وهو زعيم
بارز في «القاعدة» توفي في السجن
بطرابلس. وفي العام الحالي، فاز
الإسلامويون بمعارك ضد النظام. ففي
الشهر الماضي، صادر إسلامويون على
رأسهم عدنان النويصري مئات الأسلحة
والمركبات العسكرية في درنة، وأعلنوا
إمارة برقة الإسلامية، وهو اسم منطقة
غرب ليبيا القديم. وطوال عقود، لم تتوافر في ليبيا الظروف
الاجتماعية المواتية لتمرد إسلامي.
وفي 1999، شكا الناطق باسم الجماعة
الليبية الإسلامية المقاتلة من أن
الشعب الليبي لم يتجاوز مرحلة المشاعر
إلى مرحلة الفعل. والحق أن السياسات الاقتصادية
النيوليبرالية التي انتهجها شكري
غانم، رئيس الوزراء، وسيف الإسلام
القذافي، أسهمت في اندلاع الثورة. فهي
أضعفت شبكة الزبائنية، التي تشكل ركن
النظام. ويطالب زعماء القبائل بإعادة
توزيع عائدات النفط. لكن الجيل الشاب
يرى أن سياسات النظام الغربية هي علة
مشكلاتهم، ويرغب في تغيير جذري. وإذا
طال أمد الحرب، بحثت القبائل وفروعها
عن داعمين لها. والإسلامويون لن
يترددوا في توفير الدعم لها. وقال
الشاعر هيروقليطس أن الحرب هي رحم كل
الأشياء، وهي والدها. وعبرة القول هذا
تدعونا إلى احتساب نتائج الهزيمة
والنصر، على حد سواء. * معلق، عن «دايلي تيليغراف»
البريطانية، 21/3/2011، اعداد منال نحاس ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |