ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 26/03/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

سورية والإصلاح

خورشيد دلي

الوطن السورية

24-3-2011

في الحديث عن الإصلاح في سورية لا بد من التوقف عند ما انتهى إليه المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي قبل نحو خمس سنوات، ففي هذا المؤتمر تم الخروج بمجموعة من العناوين الإصلاحية المهمة من المفيد هنا التذكير بأهمها: إصدار قانون للأحزاب- قانون جديد للانتخابات المحلية والتشريعية- تعديل قانون الطوارئ - إصدار قانون جديد للمطبوعات- تفعيل دور القضاء- إيجاد آلية ناجعة لمكافحة الفساد واستئصاله- حل مشكلة إحصاء عام 1962 الخاص بالآلاف من أكراد سورية- الاهتمام بتطوير المناطق الشرقية اقتصادياً واجتماعياً- اعتماد اقتصاد السوق شرط المواءمة بينه وبين العدالة الاجتماعية... هذه العناوين مجتمعة شكلت معا ما يمكن تسميته برنامجاً شاملاً للإصلاح في إطار رؤية محددة.

مع الإقرار بأهمية هذه العناوين كسلة متكاملة وتأكيد ضرورة الإصلاح انطلاقا من فهمنا لأهمية سورية ودورها ومكانتها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو ماذا أنجز من هذه المواضيع بعد مرور نحو نصف عقد من الزمن على انعقاد المؤتمر؟ دون شك، من يحاول الإجابة عن هذا السؤال فسيجد صعوبات بالغة، فكما أن الجواب لا يكون ب(نعم) أو (لا) في مثل هذه الحالات فإن عملية الإصلاح تبدو عملية شائكة ومتدرجة ومفتوحة لا يمكن ملاحظتها دفعة واحدة، لكن يبقى الأهم الدفع بعملية الإصلاح إلى الأمام حتى لو كانت هناك عقبات ومهما كانت طبيعتها.

الثابت هنا، هو أن الجدل بشأن الإصلاح تواصل على نحو أين الأولوية، هل في الإدارة أم في الاقتصاد أم..؟ أم إن عملية الإصلاح هي عملية متكاملة لا تتجزأ لهذا السبب أو ذاك؟ وبغض النظر عن المفهومين فإن عملية الإصلاح في سورية تستمد مشروعيتها من مسألتين أساسيتين:

الأولى: من آليات عمل الدولة وإداراتها، إذ إن العديد من آليات العمل الموجودة والتي تعود إلى عقود لم تعد تتواءم مع تطورات الحياة العصرية المتسارعة في إيقاعاتها في وقت تواجه عملية الإصلاح مقاومة من القوى المتضررة منها في الإدارة كما في الاقتصاد والسياسة والإعلام والمجتمع.

الثانية: إن مسألة الإصلاح في سورية مسألة مركبة داخلياً وخارجياً، فسورية منذ استقلالها تعيش في صراع مفتوح مع إسرائيل وتواجه ضغوطاً أميركية قديمة- متجددة، وهذا يعني أن الإصلاح الداخلي في النهاية شكل من إشكال الصراع على إدارة المعركة من أجل المستقبل.

في الواقع، مع أن الإصلاح بدا كأولوية في البلاد منذ أن تسلم الرئيس بشار الأسد مقاليد الحكم إلا أن هناك شبه إجماع في الداخل على أن الحكومات المتتالية لم تنجح في تحقيق الإصلاحات المنشودة علما أن الرئيس الأسد أصدر خلال هذه الفترة أكثر من ثلاثة آلاف مرسوم وقانون وهي بحسب المراقبين كانت كافية لإطلاق ثورة إصلاحية شاملة. باختصار، السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هو لماذا لم يتم تنفيذ ما خرج به مؤتمر الحزب حتى الآن؟

ضرورة الإجابة عن هذا السؤال تنبثق من مجموعة المتغيرات والتطورات المحلية والإقليمية والدولية، وهو أمر يؤكد ضرورة تحقيق إصلاحات شاملة ومن دون تأخير.

======================

عصابة مسلحة تقتل فريقاً طبياً وضابطين والمواجهة مستمرة...استجابة لمطالب الأهالي...الرئيس الأسد يعفي محافظ درعا...إشارة رسمية إلى تنظيم الإخوان المسلمين والسلاح يدخل عبر الحدود مع الأردن

2011-03-24

الوطن السورية

استجابة للمطالب الشعبية التي تقدم بها وجهاء مدينة درعا باسم السكان المحليين بعد الأزمة الأخيرة التي ظهرت في المدينة

وتعود جذورها لاستياء شعبي محلي من السلطة الإدارية للمدينة، أصدر الرئيس بشار الأسد أمس المرسوم رقم 120 للعام 2011 القاضي بإعفاء فيصل أحمد كلثوم من مهامه محافظاً لمحافظة درعا.

وإقالة المحافظ كانت من بين مجموعة من المطالب التي سلمها الوجهاء، وانفردت «الوطن» بنشرها، للجنة القيادة القطرية التي شكلتها القيادة السورية لاستقصاء جذور المشكلة التي نشأت في المدينة وأدت لصدامات مع قوى الأمن بداية الأسبوع تخللها عمليات إطلاق رصاص على المواطنين ورجال الأمن على حد سواء، لم يعرف مصدرها، وراح ضحيتها عدد من المواطنين ورجال الأمن. وعلمت «الوطن» مساء أمس أن عدداً من السيارات دخلت بالتعاون مع مهربين إلى الأراضي السورية محملة بالسلاح والمقاتلين من الأردن، وتم رصدها وملاحقتها.ووفقاً لمصادر مطلعة تبين أن مسجد العمري كان قد تحول إلى غرفة عمليات مجهزة بالسلاح والدواء ومعد لمواجهات طويلة الأمد.

وتجددت الصدامات في المدينة فجر أمس مع قيام عصابة مسلحة بالاعتداء المسلح بعد منتصف الليل على طاقم طبي في سيارة إسعاف تمر بالقرب من جامع العمري في درعا ما أدى إلى استشهاد طبيب ومسعف وسائق السيارة بحسب وكالة الأنباء السورية «سانا».

ونقلت الوكالة عن مصدر رسمي قوله إن قوى الأمن القريبة من المكان قامت بالتصدي لعصابة المسلحين واستطاعت أن تصيب عدداً منهم وتعتقل بعضهم وسقط شهيد من قوى الأمن، مضيفاً إن قوى الأمن ستواصل ملاحقة العصابة المسلحة التي تروع المدنيين وتقوم بعمليات قتل وسرقة وحرق المنشآت العامة والخاصة في درعا.

وعلمت «الوطن» أن الشهيد الذي سقط هو ضابط في الأمن، كما أسفرت المواجهات مساء أمس عن سقوط ضابط أمن ثان.

وبحسب وكالة «سانا» فإن المراقب العام للإخوان المسلمين رياض الشقفة صرح منذ شهرين بعودة جماعة الأخوان المسلمين المحظورة إلى اعتماد العنف المسلح لترويع الداخل السوري.

وكشف المصدر أن العصابة المسلحة قامت بتخزين أسلحة وذخيرة في جامع العمري واستخدمت أطفالاً اختطفتهم من عائلاتهم دروعاً بشرية مؤكداً أن قوى الأمن تقوم بملاحقة هذه العصابة المعتدية التي قامت بترويع سكان المنازل المجاورة للجامع العمري باحتلالها هذه المنازل واستخدامها لإطلاق النار على المارة والقادمين للصلاة وقد تصدت قوى الأمن لأفراد العصابة المسلحة وقامت بملاحقتهم لتقديمهم للعدالة.

وقام بعض أهالي درعا بتبليغ قوى الأمن عن أماكن اختباء أفراد العصابة المسلحة الذين احتلوا بيوتهم عنوة لقنص المارة، بحسب المصدر الأمني الذي أكد أن قوى الأمن عثرت خلال عمليات الملاحقة المستمرة على مخابئ أخرى للأسلحة المهربة عبر الحدود وأجهزة اتصال متطورة في درعا إضافة إلى مواصلتها اعتقال المجرمين وتقديمهم للعدالة.

وأكد المصدر أن الأهالي قاموا بتبليغ قوى الأمن عن أماكن اختباء أفراد هذه العصابة الذين احتلوا بيوتهم عنوة لقنص المارة وترويع المدنيين وذلك لاعتقالهم ونزع أسلحتهم.

وعرض التلفزيون السوري صوراً عن الأسلحة والذخائر والأموال التي خزنتها العصابة المسلحة في جامع العمري، وأظهر شريط الصور كمية من الأسلحة بينها مسدسات وبنادق كلاشينكوف وصناديق تحتوي قنابل يدوية وذخائر ومواد متفجرة ومبلغاً كبيراً من المال.

جاء ذلك على حين واصلت جهات خارجية بث الأكاذيب عن الأوضاع في درعا مدعية وصول رسائل وصور من داخل المدينة ووقوع مجازر وذلك لتحريض الأهالي وترويعهم حيث وصلت أكثر من مليون رسالة «إس. إم. إس» من الخارج مصدر أغلبها إسرائيل تدعو السوريين إلى استخدام المساجد منطلقاً للشغب.

وقالت «سانا» إن المصورين والإعلاميين طلبوا في درعا من قوى الأمن حمايتهم من تهديدات بالقتل تصلهم عبر رسائل «إس. إم. إس» من الخارج تحذرهم من نقل وقائع الجرائم التي ترتكبها العناصر الإجرامية المسلحة ضد المدنيين.

وتبث بعض القنوات الفضائية العربية والأجنبية أخباراً ملفقة بهدف التحريض على العنف بدرعا باسم شاهد عيان «يمتلك» معلومات تفصيلية عن كل ما يحدث في كل زاوية من المدينة وكأنه يدير «غرفة عمليات إعلامية» تزوده بالمعلومات أو أنه قادر على الوجود في كل شوارع المدينة في الوقت ذاته.

وإلى جانب المتابعة الحثيثة من قبل القيادة السورية للشأن الداخلي، أفرد الرئيس الأسد أمس مساحة لمتابعة الشأن اللبناني مع النائب ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، حيث استعرض معه الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة اللبنانية والأوضاع على الساحة العربية.

وكان الرئيس الأسد التقى خلال الأشهر الماضية عدداً من المسؤولين اللبنانيين وأكد خلال مباحثاته مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان في تشرين الثاني الماضي أهمية إيجاد حلول ناجعة للمشكلات التي تواجه لبنان بما يضمن الحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته الوطنية.

=========================

هل بدأ " الاخوان " بالإسراع بتنفيذ مخططاتهم في سوريا .. ؟

شام برس

24-3-2011

بعد الذي حصل ليل أمس الأول من اعتداء عصابة مسلحة ، ممن يدعون للتظاهر والتخريب في البلاد ، على طاقم طبي في سيارة إسعاف تمر بالقرب من جامع العمري في درعا ، يبدو أن الأمور باتت تأخذ منحاً جديداً من خلال استهداف العناصر المخربة للأهالي والطواقم الطبية واتهام رجال الأمن لنشر الفتنة والفوضى في المدينة ، وربما كان الكشف عن ارتباط التحركات الحاصلة بجماعة "الاخوان المسلمين" من خلال مدير مكتبها في السويد دفع هذه الفئة المجرمة للاسراع بتنفيذ مخططاتها وتوتير الاوضاع بعد أن كانت الأمور تتجه لعودة الهدوء والاستقرار في المدينة.

ويبدو جلياً أمام المتابع لحقيقة ما يجري في درعا أن فئة مجرمة مدعومة خارجياً لاتريد عودة الاستقرار وتدعو لاستمرار الاحتجاجات والابتعاد عن الحوار، يساندها في ذلك بعض القنوات الفضائية من خلال مواصلة بث الأكاذيب عما يجري في المدينة وحول الجامع العمري لتحريض الأهالي و ترويعهم ، بالإضافة لتنظيم يضم 5 غرف عمليات أنشأها الأميركيون بدعم مالي وإعلامي عربي متنوع لتزوير الحقائق و تضخيم الأحداث.

وبالعودة لتفاصيل ما جرى ليلة الأمس فقد اعتدت عصابة مسلحة على طاقم طبي في سيارة إسعاف تمر بالقرب من جامع العمري وأدى إلى استشهاد طبيب ومسعف وسائق السيارة ، وفور ذلك قامت قوى الأمن القريبة من المكان بالتصدي للمعتدين واستطاعت أن تصيب عدداً منهم وتعتقل بعضهم وسقط شهيد من قوى الأمن، وبثت الفضائية السورية صوراً لأسلحة وذخائر، تمكنت من مصادرتها من العصابة داخل الجامع العمري حيث أظهرت الصور مجموعة من الأسلحة المتنوعة، والذخائر، والقنابل اليدوية، إضافة إلى أموال.. طبعاً هذه التفاصيل زورتها بعض القنوات الفضائية من خلال اعتمادها على صفحات التواصل الاجتماعية دون التأكد من صحتها وأدعت أن عناصر للأمن السوري قامت بمهاجمة خيمة لمعتصمين آمنين وقتلت أربعة منهم !! وبالتأكيد ننتظر أن تقول هذه القنوات أن السلطات السورية هي من قامت بوضع الأسلحة والقنابل في داخل المسجد وهي المسؤولة عن استخدام المساجد لتخزين الأسلحة .. وربما اتهمتها لاحقاً بالتسبب بوقوع زلزال اليابان.. !!

إن ما حدث البارحة ويحدث في درعا يؤكد الأهداف الحقيقية لما يريده بعض المندسين والمخربين ويكشف الدافع وراء دعوات التظاهر ، فالحقيقة تتعدى المطالبة ببعض الاصلاحات و المطالب الخدمية والتي أكدت الدولة أنها مطالب محقة و تم الموافقة على تنفيذ أغلبها بالسرعة القصوى ..

والسؤال هنا موجه للشعب السوري بكافة طوائفه وشرائحه و للإخوة في درعا بشكل خاص لأنهم يعرفون الحقيقة دون التشويه الذي يعرض على بعض القنوات الفضائية .. هل الدعوة للحرية تكون باحتلال المنازل و استخدام الأطفال كدروع بشرية .. هل الحركات السلمية هي امتلاك جميع أنواع الأسلحة وترويع الأهالي والتهديد بها .. وإن كان هنالك مطالب فهل تتحقق من خلال عمليات القتل والسرقة وحرق المنشآت العامة والخاصة .. هل هذه هي الطريقة المثلى للمطالبة بها ..؟؟ .. نرجو من رجال الأمن والشرطة التعامل بحزم مع من يحاول زعزعة أمننا واستقرارنا واستعادة درّة حوران درعا الحبيبة من المجرمين والمخربين.

======================

نعم لمطالب الإصلاح لا لأعمال التخريب

محمد كنايسي

البعث السورية

24-3-2011

يجدر التمييز بدقة بين التحرك الشعبي العفوي والسلمي الذي يرفع مطالب إصلاحية اجتماعية واقتصادية وسياسية، وبين أعمال الشغب والتخريب والترويع التي تستهدف أمن البلاد واستقرارها ووحدتها وصولاً الى ضرب صمودها الوطني والقومي. فالمطالبة الإصلاحية السلمية هي حق مشروع طالما كانت تحت سقف الوطن، فضلاً عن أنها تصب في خدمة المشروع الإصلاحي الطموح الذي طرحه السيد الرئيس بشار الأسد منذ توليه مقاليد الحكم. أما أعمال التخريب فأعمال إجرامية تلحق الضرر بالبلاد والعباد، ويعاقب عليها القانون وهي، في حقيقتها، معادية للإصلاح لأن مرتكبيها يرون في تحقق هذا الإصلاح اكتمالاً للقوة السورية، وهم لا يريدون لدائرة هذه القوة أن تكتمل، وللسياسة السورية الداخلية أن ترتقي الى المستوى الرفيع الذي بلغته السياسة الخارجية وأن تحقق النجاحات التي حققتها، لأن ذلك سيحرمهم من وجود «كعب أخيل» السوري الذي يمكن لسهامهم المسمومة النفاذ منه الى الجسد الوطني والنيل منه.

وعلى الشباب المتحمس بشكل خاص أن ينتبه الى هذه الحقيقة لأن اليد الغريبة الآثمة تريد إقناعهم بأنها تستخدم العنف الإجرامي من أجلهم، وتقف معهم ومع مطالبهم، في حين أن ما تقوم به فعلياً هو تشويه تحركهم، ومنع الاستجابة لمطالبهم، لأن إدخال البلاد في نفق العنف وزعزعة الاستقرار سيشغل السلطة ويُفرغ أولوياتها من أية قضايا ومطالب أخرى...

لقد استغل المندسون عفوية التحرك وعملوا على تشويه وجهه السلمي، وحرفه عن أهدافه الوطنية المشروعة. ولذلك فإن من الضروري التمييز بين الفئة المندسة والمخربة التي نفذت أجندة معادية تحمل بصمات خارجية واضحة، وبين الفئة الوطنية التي لاشك مطلقاً في حسن نواياها ومشروعية تحرّكها، والتي يجب العمل السريع على تحقيق المُلِح من مطالبها، ومعالجة بقية المطالب في إطار مشروع الإصلاح الوطني العام الذي آن له أن يتخلص من العقبات التي أعاقت التقدم في تنفيذه، بما يلبي تطلعات جماهير الشعب، ويقفل الباب نهائياً في وجه محاولة استهداف سورية من الداخل، بعد أن فشلت محاولات استهدافها من الخارج عن طريق الضغط والتهديد والحصار في تغيير سياساتها المقاومة للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.

=====================

فلسطين ولبنان .. الشعب يريد ؟!

البعث

24-3-2011

ثمة تظاهرتان، في إطار الحراك الجماهيري الذي عاشته بعض البلدان العربية، لفتتا الرأي العام العربي والعالمي بطريقة مختلفة عن المظاهرات التي يشهدها الوطن العربي .. الأولى التي انطلقت في كل من الضفة وغزة وطالبت بإنهاء الانقسام على الساحة الفلسطينية الذي أضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني. والثانية التي انطلقت في لبنان وطالبت بإنهاء نظام المحاصصة الطائفية، الذي أرهق البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ..

اللافت في تظاهرات فلسطين أن جميع الشبان الفلسطينيين التفوا حول العلم الفلسطيني في إشارة واضحة للمطالبة بوحدة الشعب الفلسطيني رافعين شعار «الشعب يريد إنهاء الانقسام»، فالمصير الواحد للشعب الفلسطيني سواء في الضفة أو القطاع هو الذي دفع الشباب الفلسطيني إلى التظاهر والاعتصام في ميادين الضفة الغربية وقطاع غزة للمطالبة بالوحدة، وجعل المصلحة الوطنية هي المصلحة العليا, فالتطورات أثبتت أن إسرائيل لا تفرق في عدوانها بين فلسطيني من الضفة أو فلسطيني من غزة ولا فرق عندها بين من ينتمي لفتح أو لحماس أو لأية حركة أخرى، فالهدف عندها هو الفلسطيني الذي يشكل بالنسبة لها قنبلة بشرية .

العارفون بالشأن الفلسطيني يقولون إن من خرجوا في هذه المظاهرات هم من المواطنين الذين يدركون تداعيات الانقسام على القضية الفلسطينية، فلا عجب أن تضم هذه المظاهرات كل الفئات الفلسطينية من علماء ورجال أعمال وأكاديميين وفئات شبابية وطلابية .

الأمر الملفت أيضا والذي يستحق التفكير والتدبير هو شعار «الشعب والأسرى يريدون إنهاء الانقسام»، فالمعروف أن الانقسام أثر سلباً على الأسرى وقضيتهم سواء في المفاوضات مع العدو أو في المحافل الدولية .

ومن هنا يمكن القول إن الشعب الفلسطيني الذي نزل إلى الشوارع يحتاج لقيادة موحدة تقدر معنى هذا المطلب لأن إسرائيل لا ترغب بالسلام ولا تريده ولم تعترف ولن تعترف بحقوقه المشروعة وقضاياه العادلة .

إذن المطلوب التسريع بالمصالحة والعودة إلى الوحدة القادرة على إنقاذ فلسطين من مؤامرات التهويد والاستيطان والتوافق على برنامج وطني موحد يجمع أطياف الشعب الفلسطيني ويستند إلى المقاومة بوصفها الطريق الأقصر لتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني المتمثلة بالعودة وإنهاء الاحتلال .

المظاهرة الأخرى كانت في لبنان حيث انطلق آلاف الشبان في لبنان يهتفون "الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي" فجميع المناصب في لبنان تمنح حسب الانتماء الطائفي كما أن هذا النظام هو الذي يحكم الانتخابات اللبنانية، ماجعل الانتماء الطائفي في لبنان يعلو حتى على الوطنية لذلك، فإن احتجاج الشعب في لبنان كان موجها بالتحديد ضد نظام يتحكم في جميع مؤسسات الدولة اللبنانية وسياستها !

ليست هذه أول مبادرة في هذا السياق، لكن حضور المتظاهرين كان أهم بكثير هذه المرة. لأن الكل صار مقتنعا بأن هذا النظام لم يعد صالحاً لما جره من ويلات على لبنان وشعبه .

=====================

أميركا والأزمة الليبية... نتائج متأخرة

مايكل جيرسون

محلل سياسي أميركي

تاريخ النشر: الخميس 24 مارس 2011

الاتحاد

يمثل قرار أوباما القاضي بالمشاركة في الحملة الجوية ضد نظام معمر القذافي تحسناً كبيراً مقارنة مع السياسة السابقة، وانتصاراً للمثاليين المدافعين عن حقوق الإنسان داخل الإدارة، وتطبيقاً لمعيار مهم من المعايير الدولية يعرف ب"مسؤولية توفير الحماية".

ففي 2005 – ومع ترسخ الدروس البشعة والمخيفة لكمبوديا ورواندا والبوسنة في الأذهان - صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة والولايات المتحدة، متبوعتين في 2006 بمجلس الأمن الدولي، على المبدأ القائل بأن الوقاية من الفظاعات الجماعية تجبُّ ادعاءَ السيادة الوطنية؛ بمعنى أنه عندما تنخرط حكومة ما في الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي أو جرائم ضد الإنسانية – عندما تخوض حرباً فعلية ضد مواطنيها – فإن لدى دول أخرى حق واجب التدخل. وقد أصبحت هذه القاعدة المجردة هي أساس التحرك في ليبيا؛ وإدارةُ أوباما تستحق الإشادة لدورها في التأسيس لهذه السابقة.

غير أن أوباما ذهب بتهنئة الذات هذه خطوة أبعد. ذلك أن هذا التدخل، في رأيه، ليس رداً طارئاً فحسب (وإن كان متأخراً)؛ وإنما "هو بالضبط الطريقة التي يتعين على المجتمع الدولي أن يشتغل بها". ويقدم أوباما مقاربته الليبية كنموذج للقيادة الأميركية؛ والحال أنها ليست كذلك.

فبخصوص ليبيا، لم تكن أميركا هي القائدة، بل المقتادة. ذلك أنه على مدى أسابيع، كان الشلل قد أصاب الإدارة جراء انقسامات داخلية قوية لم تُحل. وفي الأثناء، توعد القذافي "بتطهير ليبيا داراً داراً"، فدعت فرنسا وبريطانيا إلى تحرك مبكر، ودعمت الجامعة العربية رداً عسكرياً. والأسبوع الماضي فقط (بعد اجتماع للبيت الأبيض وُصف بأنه كان خلافياً للغاية) استقر أخيراً رأي الرئيس على مسار.

أميركا لم تقد الرد الدولي، بل دُفعت إلى المسؤولية جراء وضوح وإلحاح بريطانيا وفرنسا. وحتى بعد أن تأتى ذلك، فإن الخوف من أن تصبح بنغازي سريبرينيتشا أخرى هو الذي ضغط على الإدارة وحملها على تغيير موقفها. وبالتالي، فإن رد أوباما على الثورة الليبية ينسجم ويتماشى مع نسق سياسته الخارجية التي أُسست خلال الانتفاضة المصرية الأخيرة: رد فعل متردد، وعملية تتسم بالفوضى، ونتيجة متأخرة.

للرد على أزمة دولية ما، يواجه كل رئيس مقايضة متعددة الأطراف لأن التحرك بتنسيق مع مجلس الأمن الدولي والمنظمات الإقليمية يكفل شكلًا من أشكال الشرعية التي تأتي من الإجماع. كما أن ذلك يضمن توزيع الأعباء العالمية على نحو أوسع. غير أن الخطر الذي ينطوي عليه كل جهد متعدد الأطراف هو أن التحرك يتعرض للإضعاف ويؤخَّر بسبب العضو الأكثر تردداً في الائتلاف. وبالأمس القريب، كان هذا المتردد هو فرنسا. أما بخصوص ليبيا، فإن الدور لعبته هذه المرة – وعلى نحو مذهل – الولايات المتحدة. وقد تغير ذلك في نهاية المطاف، وهو أمر يستحق عليه الرئيس الدعم والتأييد؛ إلا أنه لا يمكن وصفه بأنه نموذج للزعامة العالمية.

ومما لا شك فيه أنه من الصعب الرد على الأحداث الجسام، وبخاصة عندما لا يتوفر المرء سوى على قدر محدود من الوقت ومن المعلومات؛ بيد أن المشكلة الأكبر هي أن رد فعل الإدارة على الأحداث في إيران ومصر وليبيا، لا يبدو أنه ينبع من رؤية منسجمة للعالم ومترابطة منطقياً. فالإدارة تتعاطف مع المحتجين، ولكنها تجد أن القيام بتحرك في الوقت المناسب ينطوي على مخاطر كبيرة. وبدلاً من الاعتراف بفرصة تاريخية للمساعدة في جلب إصلاح إلى الشرق الأوسط الأوسع، فإنها تنظر إلى كل تطور باعتباره تهديداً تنبغي إدارته. وهكذا، فإنها قد تبدو اليوم، وكأنها تتبنى واقعية مفرطة وتوثر الاستقرار على الحرية، بينما تقوم في اليوم التالي بتوظيف خطاب "وودرو ويلسون". وفي أثناء ذلك، يمكن القول إن الإدارة تمشي على الخط الرفيع بين المرونة والارتباك.

إن جوهر سياسة أوباما الخارجية هو افتقارها إلى الجوهر؛ فعقيدتها هي غياب عقيدة. إنها بالنسبة للحلفاء غير قابلة للتنبؤ؛ وللإصلاحيين، لا يمكن الاعتماد عليها. ولنقارن هذا مع السيناتور جون كيري (الديمقراطي عن ولاية ماساتشوسيتس)، الذي ألقى كلمة مؤخراً بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي. فبينما اعترف بأخطار تغير سريع، أكد "كيري" على أنه "مثلما أنه لم يكن ممكناً إعادة بناء جدار برلين، فإننا نعلم أن النظام القديم في الشرق الأوسط لا يمكن أن يعود". ويقترح "كيري"، إلى جانب السيناتور ماكين (الجمهوري عن ولاية أريزونا)، والسيناتور المستقل "ليبرمان" عن ولاية كونتيكيت، حزمة من المقترحات لتعزيز الإصلاح السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط، شبيهة بالجهود الأميركية في أوروبا الشرقية قبل عقدين من الزمن. ويرى أن الأميركيين يعتقدون أن "الديمقراطية تتيح التعبير الأكمل عن الروح الإنسانية وأن الحرية الاقتصادية هي محرك التجديد والابتكار البشري. إننا نعتقد أنه عندما يستطيع الناس الوثوق في حكومتهم والاعتماد على عدالتها، فإن المجتمع الذي يزدهر هو مجتمع مستقر. كما نعتقد أن الاستقرار والرخاء يمثلان مصلاً قوياً وفعالًا ضد الميول العنيفة إلى العدمية والتطرف".

وفي هذا الوقت، لا يسعنا إلا أن نأمل في نجاح الحلفاء، وحماية المدنيين الليبيين، وسقوط ديكتاتور؛ ولكن رؤية "كيري" هي التي ينبغي أن توجِّه الرئيس إلى الأمام.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"

=====================

قواعد المنهج في الإصلاح الديمقراطي

تاريخ النشر: الخميس 24 مارس 2011

الاتحاد

السيد يسين

تحدثنا من قبل عن ثلاثية الثورة، ونعني مجابهة مشكلات الماضي والتعامل مع تحديات الحاضر واستشراف المستقبل. غير أن إحكام الصلة بين هذه الأبعاد الزمنية الثلاثة يحتاج إلى منهج متكامل في الإصلاح الديمقراطي. ويمكن في ضوء ذلك أن نقول إن انتقال النظام السياسي المصري من السلطوية إلى الليبرالية والديمقراطية هو أشبه بالسير في طريق مزروع بالألغام! وهذه الألغام نبت طبيعي للسلطوية باعتبارها نظاماً سياسياً يقوم أساساً على نفي التعددية الحزبية، وتجميد المجتمع المدني. وأخطر ما في النظام السلطوي أنه عادة ما يركز على عدد محدود من الشخصيات السياسية يدير بهم العملية السياسية بطريقته مع تركيز شديد على رأس الدولة باعتباره هو بمفرده رأس الحكمة ومصدر الإلهام. وفي هذا السياق ووفق خطة مدروسة يتم القضاء أولاً بأول على المواهب الفكرية المبدعة، وعلى الشخصيات العامة الواعدة، حتى لا يبقى على المسرح سوى الشخوص السياسية السلطوية التي لا ولاء لها إلا لرأس الدولة. وإذا أضفنا إلى ذلك طبقة عريضة من أصحاب المصالح الذين تحالفوا عضوياً مع القيادات السياسية السلطوية، نجد أنفسنا إزاء بنية بالغة الجمود، تحتاج إلى منهج مدروس لتفكيكها، واستراتيجيات محكمة للعبور الآمن من السلطوية إلى آفاق الليبرالية والديمقراطية الفسيحة.

ونحتاج لتحديد عقبات ومشكلات التحول الديمقراطي أن نتأمل بعمق تجربة دول أوروبا الشرقية التي نزعت عنها أغلال الحكم الشيوعي، وانطلقت وفق اجتهادات مختلفة في طريق الديمقراطية، وذلك بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1990. وقد أتيح لي أن أدرس هذه التجربة التاريخية الخصبة من خلال كتب علمية رصينة وثقت وحللت عملية الانتقال الصعبة. ويعجب الإنسان كيف استطاعت مجتمعات أوروبا الشرقية إنجاز عملية الانتقال الديمقراطي في أقل من عقد! ومن أبرز المراجع العلمية التي عدت إليها كتاب أصدره عام 1997 عالم السياسة الاشتراكي تسلي هولمز بعنوان "ما بعد الشيوعية: مقدمة". وهذا الكتاب يعد أعمق دراسة كتبت حول المجتمعات الشيوعية المتحولة إلى الديمقراطية. ثم هناك كتاب "إعادة اختراع السياسة: أوروبا الشرقية من ستالين إلى هافل" الذي أصدره عام 1992 فلاديمير بتسهانونو. وقد لفت نظري بشدة في بحث مهم عن "السفر خلال طريق غير معبد"، والذي كتبه أستاذ من جامعة مينوسوتا هو "جوزيف ستينهاوزر"، اهتمامه الشديد بصياغة إطار نظري متماسك لدراسة عملية التحول الديمقراطي من خلال معرفة واسعة وعميقة بتراث العلوم الاجتماعية. وهذا الباحث الأميركي الذي كان مواطناً تشيكوسلوفاكيا قبل هربه إلى الولايات المتحدة أيام الحكم الشيوعي، يبادر بطرح أسئلة مهمة عن التغير: ما الذي ينبغي تغييره؟ وما الذي ينبغي الإبقاء عليه؟ وكيف نضمن التطورات المستقبلية؟ وماذا نفعل بالثقافة السلطوية القديمة؟ وهل التغيير يحدث من تلقاء نفسه أم لابد من إدارته؟ وما العوامل التي أسهمت في سقوط النظام القديم؟ وكيف انهار بهذه السرعة؟ ومن المسؤول؟ وما الذي خسرته البلاد في فترة عزلتها أثناء الحكم الشمولي؟ وما هي الفترة التي ستستغرقها عملية التحول؟ وما هي أوجه التشابه بين عمليتي الانتقال من الشيوعية إلى الديمقراطية ومن الديمقراطية إلى الشيوعية؟ وهل يمكن لثقافة بكاملها أن تتغير لتحل محلها ثقافة أخرى؟ كل هذه الأسئلة حاول أن يجيب عليها هذا الباحث الذكي في بحثه الزاخر بالتحليلات العميقة.

وفي تقديري أن بعض الأسئلة التي طرحها هذا الباحث يمكن أن تثار بالنسبة لعملية التحول من السلطوية إلى الديمقراطية في المجتمع المصري. ويلفت جوزيف ستنهاورز النظر إلى مسألة بالغة الأهمية وهي أن التحول إلى الديمقراطية ليس مجرد الانتقال من نظام سياسي إلى آخر، بل يتطلب تغييرات عميقة في التوجهات وأنماط سلوك البشر، وفي طريقة أداء المؤسسات المختلفة لوظائفها. وذلك لأن الديمقراطية نظام سياسي يقتضي إصدار قرارات، وتحمل مسؤوليتها، والاعتراف مسبقاً بأن هذه القرارات قد تؤدي إلى صراعات، وضرورة ابتداع وسائل سلمية لحلها. وفي ضوء ذلك يمكن القول إن عملية التحول الديمقراطي تقتضي إعادة صياغة القيم السائدة، وتغيير أنماط السلوك من خلال مجموعة كبرى متكاملة من التحولات، أهمها ما يلي:

التغير من الاعتماد على السلطة إلى تحمل المسؤولية الفردية في مجال صنع القرارات المختلفة.

-التغير من السلبية إلى المشاركة الإيجابية والتي تعني -الالتزام بالدفاع عن قضايا قد تؤدي إلى الصراع.

-التغير من اتخاذ مواقف المعارضة المطلقة إلى تبني منظورات تعاونية تميل إلى قبول الاختلاف.

-التغير من مناخ اليأس والقدرية إلى مناخ الثقة بالذات والقدرة على التحكم في المصير.

-الانتقال من التفكير القائم على ثنائية الخطأ والصواب إلى المنظور الديمقراطي في التفكير الذي ينزع إلى قبول الحلول الوسيطة.

-التغير من التأييد السطحي للنظام إلى التأييد الإيجابي للنظام الجديد، أو الانخراط في معارضة بناءة.

-الانتقال من القدرية التي يسيطر عليها الماضي إلى التوجهات المستقبلية.

-التغير من الشك إلى الثقة الفعالة.

-الانتقال من عدم الكفاءة إلى الاقتصاد الحر ليس فقط في مجال الأعمال والتجارة، ولكن أيضاً في التعليم والحكومة والجوانب الأخرى للحياة العامة.

-الانتقال من السرية إلى الانفتاح في ضوء الشفافية.

-الانتقال من المطابقة المفروضة إلى الالتزام الشخصي والانضباط الذاتي.

-وأخيراً الانتقال من الانعزال الثقافي إلى العضوية الفاعلة في المجتمع العالمي.

ولو تأملنا المبدأ الأول المقترح بين التغير من الاعتماد على السلطة إلى تحمل المسؤولية الفردية في مجال صنع القرارات المختلفة، لأدركنا أنه يمس ليس فقط مبدأ من مبادئ الدولة السلطوية، ولكن أيضاً يتعلق بممارسات متكاملة تمت في إطاره. ذلك أن الدولة التسلطية في سبيل منع مواطنيها من العمل في السياسة بمعناها الحقيقي، آثرت أن تقوم هي نيابة عن المواطنين بإشباع حاجاتهم الأساسية في الغذاء والسكن والعمل. وتولد عن ذلك عبر الزمن اعتماد المواطنين على الدولة في كل شيء، وانقراض المبادرات الفردية والخلاقة.

غير أن الانتقال غير المنظم من السلطوية إلى الديمقراطية وما ترتب عليه من انسحاب الدولة من أداء وظائفها التنموية والخدمية، أدى إلى ترك المواطنين في العراء بدون حماية، على أساس أن كل مواطن ينبغي أن يبحث بنفسه عن سكن وعن عمل.

وهكذا يمكن القول إنه قد لا تكفي الصياغة النظرية لقواعد المنهج في التحول الديمقراطي، لكن ينبغي الالتفات إلى تحديات التطبيق العملي!

======================

الثورات العربية وشرق آسيا

المصدر: صحيفة «موسكو تايمز» الروسية

التاريخ: 24 مارس 2011

البيان

يعتبر الاستقرار بمثابة السلعة الجديدة الأكثر رواجاً، فإذا لم تتمكن من تحقيقه، فلا يهم كثيرا أي الأشياء يمكنك تقديمها. ينطبق هذا المثال بشكل خاص على الطاقة، فالاضطرابات الحالية في العالم العربي، ألقت بروسيا على نحو مفاجئ في بؤرة ضوء إيجابية. فلم يمض زمن بعيد على الصخب الذي حدث بشأن قضية «ميخائيل خودوركوفسكي» التي أظهرت أن روسيا ليس فيها مجال للاستثمار. الآن، مع ذلك، لا ينظر إلى السلطة في روسيا ذات الطابع الرأسي بحسبانها مصدراً للشر، وإنما باعتبارها مصدراً للتوازن الذي يمكن الاعتماد عليه.

إن ارتفاع سعر النفط يملأ خزائن الكريملن التي نضب المال منها جراء الأزمة. فقد قامت شركة الطاقة الفرنسية العملاقة «توتال»، باستثمار أربعة مليارات دولار في مشروعات غاز في روسيا، حيث يشير رئيسها التنفيذي «كريستوف دي مارغري» إلى «البيئة الاستثمارية الأكثر أماناً» لروسيا. وتأييداً لهذا الانطباع، قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين: «إنني على ثقة بأن المصالح الحقيقية طويلة الأمد للاقتصاد الأوروبي، تكمن في مواردنا. لا شيء أهم من الاستقرار». إن تداعيات «الزلزال الشبابي» العربي تتردد توابعه خارج منطقة الشرق الأوسط. ففي أذربيجان الغنية بالنفط، والتي يحكمها بالفعل نجل دكتاتورها السابق الجنرال «حيدر علييف»، شهدت مؤخراً أول مسيرة احتجاجية على الفيسبوك، لم تسفر عن الكثير، لكنها أزعجت السلطات بقدر كافٍ للتسبب في موجة من الاعتقالات تجعل النظام يبدو ماكراً وخائفاً.

وأصيبت أوزبكستان، التي يديرها طاغية طاعن في السن لا وريث له، بحالة من العصبية أيضاً، وشن التلفزيون الأوزبكي الرسمي هجوماً على المتطرفين ومجموعات «الروك آند رول» الغربية التي وصفها ب «الشيطانية». وفي الوقت نفسه، وفي دليل على الفساد وحالة القلق، أصبح الأوزبكيون ثاني أسرع الجنسيات تزايدا في شراء العقارات السكنية الفاخرة في لندن (بمتوسط قيمة عمليات بيع بلغ 3,3 ملايين دولار). يمكن تتبع مصير البلاد من خلال المعادل المحلي لدليل التلفزيون ومبيعات العقارات الفاخرة في لندن.

فإذا كانت روسيا قد استفادت من الاضطرابات في العالم العربي، فإن الصين أصيبت بحالة سيئة من التوتر مثل إسرائيل. وهناك أمران أصابا الصين أكثر من غيرها بالقلق، وهما أن النموذج الثوري المصري والتونسي قد يحتذي به الصينيون في منطقة التبت المضطربة، وسكان إقليم «شينغيانغ» الناطقون بالتركستانية في شمال غرب الصين. ويجري تشديد الإجراءات الأمنية في التبت، ويتم حظر مشاركة الأجانب في مسيرة التبت المقررة خلال الشهر الجاري، بمناسبة حلول الذكرى الثانية والخمسين ليوم الانتفاضة الوطنية، وذكرى الاضطرابات التي اندلعت عام 2008، كما يتم إخضاع المراسلين الأجانب مجدداً، لمراقبة مكثفة. لكن الصين ليست قلقة إزاء توتراتها الداخلية فحسب، ذلك أنها تعتمد على آسيا الوسطى في الحصول على جزء كبير من احتياجاتها من الطاقة. إن التوقف في عملية إنتاج الطاقة، وبالقدر نفسه تعطل عمليات نقلها، يمكن أن يحلق الضرر بالاقتصاد الصيني، وبالتالي يهدد الرخاء الذي يعتبر المصدر الرئيسي لشرعية الحزب الشيوعي الصيني. لا تستورد الصين كميات كبيرة من الغاز الطبيعي من تركمانستان، لكنها لا بد أن تكون محطة ترانزيت يمر عبرها الغاز. وفي الآونة الأخيرة، اتجهت الصين إلى جارتها كازاخستان، من أجل الحصول على المزيد من احتياجاتها من الطاقة، على سبيل المثال 40٪ من اليورانيوم. وتقوم شركة البترول الوطنية الصينية بتطوير مكامن الغاز في غرب كازاخستان، بغرض التصدير مباشرة إلى الصين عبر خط أنابيب قيد الإنشاء. وتقدم كازاخستان كلا من الاستقرار والقرب، وهما مركب لا سبيل إلى منافسته. إن الاستقرار ربما أصبح السلعة الأكثر رواجاً، ولكن كما أوضحت الأحداث الأخيرة، فإنه سلعة لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث لها.

=====================

الغرب الاستعماري لا يخجل

الياس سحاب

السفير

24-3-2011

منذ أيام قليلة، جاءنا في زيارة الى مصر العربية، وزير الخارجية الفرنسي الجديد - القديم آلان جوبيه، في زيارة مبكرة نسبياً، لاستطلاع أحوال هذا الموقع الاقليمي العربي الوسط الذي اجتاحته رياح التغيير الديموقراطي في مطلع العام الجديد، من تونس الى مصر ثم ليبيا، في الجناح الأفريقي الغربي والمتوسط من العالم العربي.

لكن رسول الدبلوماسية الغربية والحضارة الغربية الى بلاد العرب، ما أن فتح فمه بأول تصريح له في القاهرة، حتى استحضر كل تاريخ الماضي الاستعماري لعلاقة الضفة الشمالية للبحر الابيض المتوسط بضفته الجنوبية، في اشارة الى ان الغرب الاوروبي، كان لا يخجل أبداً من الصفة الاستعمارية القديمة لهذه العلاقة، وما زال لا يخجل من هذه الطبيعة الاستعمارية، وما زال ينظر اليها كإطار لحاضر هذه العلاقة ومستقبلها.

لقد دار تصريح آلان جوبيه على نظرة تقييم سريع لاحداث المنطقة، استناداً الى الحدث التغييري الكبير في مصر بالذات، فما كاد يبدأ بالتعبير عن فرحه الاولي بامتلاك عرب مصر مقاليد التعبير الديموقراطي عن ارادتهم حتى سارع الى القاء الضوء سريعاً على النوايا الغربية الاستعمارية المضمرة والظاهرة، في علاقته بالمنطقة العربية، مهما تقلبت بها الاحوال، فقال إنه يخشى، مع ذلك، على تحول هذا التعبير الديموقراطي الجديد، من ظهور وسيادة تيارات التطرف في المنطقة.

وكلمة «تطرف»، عندما ينطق بها دبلوماسي غربي اوروبي، في معرض تحليله لتطور الاحداث السياسية في الوطن العربي، أصبحت في لغة الدبلوماسية الغربية تعني مخاوف محددة بدقة شديدة، من تفاصيلها:

1- التخوف، من فزاعة التيارات الاسلامية، التي طالما اشهرها دكتاتوريو المنطقة العربية، وعلى رأسهم حسني مبارك، في وجه الغرب، حتى يظل داعماً لهذه الانظمة الدكتاتورية مهما طال بها الزمن، في مسيرة بدت في لحظة من اللحظات كأنها ابدية سرمدية، بالنسبة لشعوب المنطقة.

طبعا، منعت الغشاوة الاستعمارية عن عيني الدبلوماسي الفرنسي، رؤية حقائق الثورة المصرية الجديدة، التي اثبتت من ميدان التحرير بالقاهرة، ان تيار الاخوان المسلمين لم يكن هو المسيطر على تلك الثورة ولا محركها، وانه فقط احتل موقعاً بين مواقع سائر القوى والتيارات التي شاركت في الثورة الجديدة، كما فات السيد جوبيه، بسبب الغشاوة الاستعمارية اياها، أن حجم التيار الإسلامي مقارنة بسائر القوى السياسية في بلد عربي مركزي لمصر بالذات، كما في اصغر بلد عربي، يحدده التعبير الديموقراطي عن إرادتها السياسية، كما حدث في تركيا مثلاً، ولا يحدده خبراء وزارة الخارجية الفرنسية.

2- غير ان لكلمة تطرف معنى آخر في القاموس الاستعماري للغرب الاوروبي، عندما يتعاطى مع قضايا المنطقة العربية، وهو معنى يرتبط بالخوف على أمن اسرائيل.

وعبارة «أمن اسرائيل»، في القاموس الاستعماري الغربي، لم تكن يوماً تعني الامن الانساني لخمسة ملايين يهودي هجروا قسرا ليحتلوا فلسطين العربية بعد طرد سكانها العرب الاصليين، لكنها تعني بالضبط الحرص على تأمين المشروع الاستعماري الاستيطاني للحركة الصهيونية، مع الحفاظ على مطامعها بحدها الاقصى، مهما تناقض ذلك مع القانون الدولي، الذي صاغته الحضارة الغربية بشكل اساسي، حفاظاً على الحاجز المانع للتكامل الاستراتيجي للوطن العربي، بين مشرق آسيوي ومغرب افريقي.

لقد حملت عبارة «الامن الاسرائيلي»، منذ احتلال العام 1967 بالذات، اثقالاً من الجرائم اللاأخلاقية واللاقانونية، في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، وفي الجولان السوري، وفي سيناء المصرية وفي الجنوب اللبناني، وظل «الأمن الاسرائيلي» بهذه المفاهيم، يحظى دائماً (وما زال يحظى) بأقصى درجات الدعم الغربي الاوروبي والاميركي: لتوسّع مطامع المشروع الاستيطاني الصهيوني ما شاء لها التوسع، اما اي تحرك عربي للاعتراض، فإن القاموس الاستعماري الاوروبي والاميركي، جاهز لإغراقه بأبشع التصنيفات، التي تتراوح بين الارهاب، في الحالات القصوى، والتطرف، في الحالات الدنيا، كما جاء على لسان وزير الخارجية الفرنسي. أي أن السيد جوبيه كان يعبر بالضبط عن خشيته من ان تحمل الثورة المصرية معها تيارات تجديد الاعتراض المصري على المطامع التوسعية الصهيونية.

انه خوف الغرب الاستعماري على مشروعه المدلل (الكيان الصهيوني) من الديموقراطية العربية، عندما تستكمل اجتياحها للوطن العربي، وليس خوفاً من التطرف العربي.

لكن الغرب كان وما زال، على ما يبدو، فاقداً لأي شعور بالخجل من نواياه الاستعمارية، في المنطقة العربية.

=====================

كلا يا سيد أردوغان

ياسر الزعاترة

الدستور

24-3-2011

في سياق تعليقه على ما يجري من أحداث في العالم العربي ، ظهر رئيس الوزراء التركي كمن يدافع عن موقفه من الوضع في ليبيا ، وهو موقف لم يكن منحازا للثوار ، وإن لم يقف بشكل حاسم إلى جانب العقيد معمر القذافي (نصحه بالاستقالة في بعض التصريحات).

فيما يتصل بالثورات في اليمن وسوريا والبحرين ، حذر أردوغان من أن يذهب الصراع فيها نحو الطائفية ، الأمر الذي يستحق التوقف في واقع الحال ، لأن صحة هذه المقاربة بقدر ما في الحالة البحرينية ، لا تنسحب على الموقف من اليمن الذي يتوحد معظم أبنائه ضد نظام علي عبدالله صالح ، كما لا تنسحب بالضرورة على الحالة السورية في حال استجاب النظام لنداءات الإصلاح ، بل إن الإخوان الذين يتصدرون الحالة الإسلامية السورية وسبق أن خاضوا في هذا البعد لم يتحدثوا بنفس طائفي في سياق تعاطيهم مع الأحداث الأخيرة.

في الملف الليبي ، ذهب أردوغان إلى أن "البترول والثروات الطبيعية الموجودة في الأراضي الليبية هي السبب فيما تعيشه ليبيا من أحداث" ، مضيفا بنبرة دفاعية غير مقنعة أن "اهتمام تركيا بما يقع هناك هدفه إنقاذ أرواح المدنيين وليس الحصول على الثروة".

وفي حين لن تبلغ بنا السذاجة حد القناعة بأن التدخل الغربي كان فقط من أجل إنقاذ حياة الأبرياء ، فإن تسخيف ثورة الشعب الليبي على هذا النحو أمر لا يليق بمنصف ، لأننا إزاء شعب ذاق الأمرين من نظام دكتاتوري متخلف ، ولم يجن شيئا يذكر من تلك الثروات التي يتحدث عنها السيد أردوغان ، بينما كان العقيد وأبناؤه يبعثرونها ذات اليمين وذات الشمال ، ودفعوا منها الكثير من أجل إعادة تأهيل نظامهم العائلي الذي كان قد تورط في ألعاب مجنونة هنا وهناك وضعته في رأس قوائم "الإرهاب".

يعلم السيد أردوغان أن حصة بلاده من الثروات الليبية 15( مليارا حجم الاستثمارات التركية في ليبيا) هي جزء يسير من الحصص الأخرى التي توزعت على الدول الأخرى ، من بريطانيا إلى إيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة والصين والهند وسواها ، ولم تكن تلك الصفقات مهددة ببقاء نظام العقيد.

لو كان الأمر بيد الغربيين لكان العقيد هو خيارهم المفضل بعدما غير خطابه ، وبعدما تأكدوا أن خليفته هو سيف الإسلام الذي يرتبط بعلاقات وثيقة معهم ، لكن ثورة الشعب الليبي كانت مفاجئة ، وخافوا تبعا لذلك من انهيار الوضع ، فسارع بعضهم إلى تأييد الثورة بينما تردد آخرون ، لكن ولوغ العقيد في دماء شعبه لم يترك مجالا سوى التحرك بعد توفر الغطاء العربي ، في حين نعلم أنهم يدركون أن سيطرة الرجل على التمرد المسلح لم تكن تعني نهاية المطاف لأن الثورة السلمية التالية التي ستطيح به كما أطاحت سواه ستكون على مرمى أسابيع أو شهور ، لا سيما أن استخدام السلاح كان هو الفخ الذي استدرج إليه الثوار.

لو كان بوسع الغرب أن يحمي الأنظمة في مواجهة الشعوب بعد أن كسرت حاجز الخوف ، لحمى نظام مبارك الذي كان يقدم أعظم الخدمات لمصالحه ومصلحة حبيبته الدولة العبرية ، ولحمى من قبله نظام بن علي الذي كان يتلقى شهادات الإطراء وحسن السلوك بسبب نجاحه في لجم الظاهرة الإسلامية في تونس.

ما ينبغي أن يدركه أردوغان هو أنه بانحيازه ضد ثورة الشعب الليبي وثورات الشعوب العربية ، إنما يغامر بتبديد الرصيد الكبير الذي راكمه خلال السنوات الأخيرة بسبب مواقفه القوية من الصلف الإسرائيلي ، وإن بقيت في حدود الممكن بسبب العلاقة الخاصة مع الدولة العبرية والخوف من غضب الغرب المنحاز إليها.

لا يليق بأردوغان أن يتحرك وفق ذات المنطق الانتهازي الغربي حين يتعلق الأمر بجماهير الأمة ، لأن هذه الجماهير هي الباقية ، وليست الأنظمة ، حتى لو كانت قرارات الاستثمار الآني بيد الأخيرة.

=====================

ثنائية الطغاة والاحتلال

رشيد حسن

 الدستور

24-3-2011

كشفت الثورات الشعبية العربية المباركة ، في مصر وتونس وليبيا واليمن ، عن حجم الخراب الذي يحدثه الطغاة في كل مناحي الحياة ، فلا يكتفون بتحويل الوطن الى عزبة ، ونشر الفساد والافساد ، وانما يعملون على ضرب منظومة القيم والاخلاق ، فيشوهون الانسان ، ويحولونه الى مجرد "كومبارس" او بعبارة أوضح ، شاهد زور ، لا وظيفة له ، ولا عمل سوى التسبيح بحمد الزعيم أو القائد..،، ما أدى الى خلق طبقة من السرخسيات والطحالب والزواحف ، أباحت كل شيء ، واستولت على كل شيء..،،.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل طبق ، ويطبق هؤلاء الطغاة ، بكل حقد ورعونة ، مقولة "عليَّ وعلى أعدائي" والذي تجلى بأبشع صورة ، في الجرائم التي اقترفها بلطجية هذه الانظمة ، وبصورة مرعبة ، وفي حرب الابادة التي يشنها نظام القذافي على شعبه ، ما أدى الى التدخل الدولي لانقاذه من الكارثة المحققة ، ومن المحرقة ، التي اشعلها العقيد في كل ليبيا لتحرق الجميع.

القذافي لم يكتف بتحويل ليبيا الى هيكل خاو ، كما هي خيمته ، ولم يكتف هو وابناؤه ، بسرقة أموال الشعب الليبي ، وعلى مدى 42 عاما ، والتي تقدر بأكثر من 700 مليار دولار ، لم يكتف بزرع الموت والخوف والقمع والذل ، بل خيرهم: اما البقاء تحت حكمه اذلاَّء عبيدا ، أو يكون مصيرهم الموت ، "فمن لا يحب القذافي لا يستحق الحياة"..،،.

لم يكتف بتحويل ليبيا الى خراب ودمار ، وهي أكبر بلد منتج للنفط في أفريقيا ، وتشريد الشعب الشقيق في أربع أرجاء المعمورة ، بل استطاع أن يخدع هذا الشعب الصابر ، والامة كلها من المحيط الى الخليج ، بشعاراته الفارغه ، وأثبتت وقائع وأحداث الثورة الشعبية المباركة ، أنه مرتبط ارتباطا جذريا بقوى الاستعمار والظلام ، وعلى رأسها واشنطن.

القذافي هو من يدفع الشعب الشقيق ، الاستغاثة بالعالم لانقاذه من المحركة ، وهو الذي يدفع بالقوة الغربية للعودة لاستعمار ليبيا ، في محاولة يائسة ، للالتفاف على الثورة المباركة ، والاساءة اليها ، وتلويثها ، بعد ان عجز ومرتزقته عن تحقيق النصر الذي حلم به طويلا ، وتحولت الثورة الى كابوس يطارده اينما حل.

الطاغية هو من قصف المدن الليبية بالطائرات والصواريخ والاسلحة الحديثة ، وهو وراء تدخل القوى الغربية واستباحة طائراتها لسماء ليبيا العربي.

لم يكتف بزرع الخراب والدمار في كل شبر من ارض ليبيا العربية ، ولكنه مصمم على واد الحرية والامل والكرامة التي بشرت بها الثورة المباركة.

باختصار.. لن ينجح الطاغية باطفاء شعلة الثورة ، ولن ينجح في جر الثورة الليبية الى كمين الاستعمار الحديث الذي نصبه باحكام ، وستثبت هذه الثورة لشعبها وامتها ، انها اقوى من المؤامرات ، ولن تستبدل حكم الطاغية ، بعودة الاستعمار الامريكي او الفرنسي او البريطاني ، ولن تتراجع عن اهدافها العظيمة في تحرير ارض ليبيا العربية من الطغاة ، والى الابد ، لتعود الى ابنائها حرة ، كما حلم عمر المختار.

======================

رئيس إسرائيلي.. ورؤساء «عرب»!

محمد خرّوب

الرأي الاردنية

24-3-2011

ثمة طرافة لافتة ومثيرة ظهرت فجأة على المشهد الاقليمي, ما يغري المتابع والمراقب بالتأمل في طبيعتها وتداعياتها القيمية والسياسية بل والشخصية, بعد أن وصلت الامور في المنطقة الى نقطة ليس من المغامرة في شيء القول ازاءها اننا نعيش «كعرب بالطبع» مرحلة مخاض حقيقي, فإما أن يكون «المولود» الذي تنتظره الامة بلهفة وطول انتظار, في صحة جيدة يستطيع مواصلة مشوار الحياة في مسارها الطبيعي المعروف, أو أن ندخل عصر الفوضى والتيه بكل ما يحمله من جموح وسيطرة للغرائز وانحدار للمفاهيم والقيم, وسقوط الصورة الراهنة للدولة (على بشاعتها واستبدادها وهشاشتها) مفهوماً وعقداً..

أين من هنا؟

ثمة رئيس اسرائيلي (أُجبر على الاستقالة) اسمه موشيه كاتساف, أصدرت بحقه محكمة مدنية (نعم مدنية) أول من أمس, حكماً بالسجن سبع سنوات مع الاشغال, على خلفية ثبوت أدلة الادانة ضده بالتحرش جنسياً والاغتصاب وتشويش العدالة..

وثمة رؤساء «عرب» يعيشون أوضاعاً صعبة ومصيرية لم يواجهوا منذ أن جاءوا الى الحكم, بعضهم وصل موقعه على ظهر دبابة وآخرون على ظهور رفاقهم وغيرهم على بحور الدماء التي سفكوها.

موشيه كتساف الرئيس, الذي أُجبر على التنحي عن منصبه قبل اكمال ولايته وخصوصا بعد توجيه لائحة اتهام ضده، لم يَرَ في نفسه صنفاً من الملائكة بل لم يره حزبه (كاديما) ولا الاسرائيليون انه كذلك وقالوا: ليأخذ القانون مجراه, فليس أحد فوق القانون مهما علت مرتبته، صحيح أن الرجل «الموظف» بدرجة رئيس دولة (وليس صاحب الفخامة والسيادة الذي لا يأتيه الباطل)، دافع عن نفسه ونفى التهم الموجهة اليه, بل وذهب بعيدا في استحضار الدوافع والهويات الفرعية والاثنية التي تمزق المجتمع الاسرائيلي, بقوله إن تسريب التحقيقات القضائية الى وسائل الاعلام سمح للاخيرة (الاعلام) ب»شنقه» وتشويه سمعته بين الجمهور واغتياله شخصياً وسياسياً, حتى قبل صدور لائحة الاتهام, فقط لأنه يهودي شرقي (من اصل ايراني) وان الاشكناز (اليهود الغربيين) يريدون وأد «السابقة» التي شكّلها وصول اول يهودي شرقي (سفارديم) الى رئاسة الدولة، رغم أن المنصب معنوي ولا انياب سياسية أو تنفيذية له, ومع كل مزاعم كتساف او دفوعه, واصلت سلطة فرض القانون عملها..

الرؤساء العرب وخصوصا اولئك الذين تهتز الان عروشهم والكراسي, غير ذلك تماماً، فهم يرون انفسهم من صنف الملائكة عن حق «وحقيق».. فهناك منهم «الثائر»وصانع المجد وصاحب الرسالة العالمية الذي لا منصب له, ولو كان لديه أي موقع لاستقال وقذف استقالته في وجه شعبه الذي في معظمه جرذان ومقمّلون.. وهناك الرئيس الذي يسفك دم شعبه ببرود وسادية ويهتف بلسان ثقيل وغطرسة «انا صامد» بل ويخيّر شعبه بين بقائه او الحرب الاهلية في اصرار على استحضار المثال الشمشوني الرديء والعدمي.

وهناك غير هؤلاء من سقط وذهب الى مزبلة التاريخ بعد أن خرج على الناس ليقول لهم انه «أفنى» عمره في خدمتهم وانه لم يكن «ينتوي» ترشيح نفسه، بعد ان امضى ثلاثة عقود ونيفاً في الحكم, وسوّق على الناس مقولته الكاذبة بان «الكفن ليس له جيوب» فصدقه الناس الطيبون (كما ينبغي وصف المصريين) فواصَلَ وعصابته النهب, وكي لا ننسى النموذج الاكثر رداءة الذي جاء الى الحكم على «جثة» سيده الحيّ متهما اياه بالخرف رافعاً شعار ان لا رئاسة مدى الحياة وان لا رئيس في سن السبعين وما بعدها.

والقصص تطول..

يذهب موشيه كتساف الى السجن في الثامن من ايار المقبل (في كل الحالات) حتى لو تم قبول استئنافه او تم تخفيض مدة الحكم, وقد يخرج بعدها ويعود الى الحياة السياسية (قد) لكن الأمور في اسرائيل تتواصل, فلا تهديد بحرب اهلية ولا خروج لليهود الشرقيين على القانون بحجة ان «ابنهم» قد ظلم.

الرؤساء العرب.. فرضوا المعادلة الذهبية وواصلوا الاخلاص لها, لا يخرج احدهم من القصر الاّ الى القبر, إما بالقتل او الموت الطبيعي فلا مجال للمساومة او كتابة قواعد جديدة للعبة الاستبداد ومذاهب السرّاق.

من سيكتب التاريخ؟ صُنّاعه أم الذين واصلوا الوقوف في الجانب الخاطئ منه؟سؤال برسم المستقبل الذي بدأت الشعوب العربية رحلة البحث الطويلة.. عنه.

======================

الانتفاضة السورية.. مخاطر وفرص تغيير استراتيجي عميق

صحف عبرية

2011-03-23

القدس العربي

 موجة المظاهرات في الايام الاخيرة في سورية تقرب الثورة العربية من حدود اسرائيل. مدينة درعا في قاطع البشان حيث حطم أمس المتظاهرون تمثال الرئيس الاب حافظ الاسد وأحرقوا مبنى حزب البعث، قريبة من مثلث الحدود الاردنية، السورية والاسرائيلية. اذا ما فشلت الحكومة في قمع الانتفاضة، وانتشرت من الجنوب الى مدن اخرى، فانها تنطوي على تغيير استراتيجي عميق.

اذا ما سقط بشار الاسد من الحكم، ستعلق اسرائيل في حالة من انعدام اليقين. من سيتحكم بمخزون صواريخ سكاد ذات الرؤوس المتفجرة الكيماوية؟ من سيقود الجيش في جبهة الجولان؟ هل خلفاء الاسد سيكونون اكثر انفتاحا تجاه الغرب واسرائيل، ام العكس سيحاولون تأجيج المواجهة لكسب شرعية داخلية واقليمية، مثلما فعل النظام الحالي؟ واذا فشلت الثورة، وبقي الاسد في كرسيه، فهل سيحاول استئناف المسيرة السلمية والحصول على هضبة الجولان من اسرائيل كبوليصة تأمين لبقائه؟ هل سيكون لاسرائيل معنى للمفاوضات والاتفاقات مع حاكم مكروه كفيل بان يسقط؟ في كل واحدة من هذه الامكانيات تكمن مخاطر وفرص لاسرائيل.

لقد أدارت اسرائيل علاقات معقدة مع حافظ الاسد وابنه بشار، اللذين حكما سورية في الواحد واربعين سنة الاخيرة. الدكتاتورية العلوية في دمشق كانت خصما مريرا، رفع علم 'المقاومة' وسعى الى التوازن الاستراتيجي مع اسرائيل وفي نفس الوقت شكل سنداً ثابتاً للتسوية الاقليمية وشريكاً في المسيرة السلمية.

لقد احترم السوريون بحرص اتفاق فصل القوات في الجولان، في الوقت الذي بنوا في عمق اراضيهم جيشا قويا مع مئات صواريخ سكاد، سلحوا حزب الله بالاف الصواريخ بل حاولوا تطوير قدرة نووية. بعد أن فشلوا في محاولتهم اعادة احتلال الجولان، في حرب يوم الغفران، فضلوا ادارة المواجهة مع اسرائيل بشكل غير مباشر، من خلال حلفائهم من حزب الله ومنظمات الرفض الفلسطينية التي اتخذت من دمشق مقرا لها.

الحلف الذي اقامه الاسد الاب مع ايران، والموجه في البداية ضد العدو المشترك في العراق، طوره ابنه الى محور استراتيجي بلغ ذروته في السيطرة على لبنان وفي غزة وفي اخراج تركيا من الدائرة المؤيدة لاسرائيل. بشار الاسد ظهر كدبلوماسي ناجح بقي في ظل المعارضة الامريكية لحكمه في عهد الرئيس جورج بوش، وفي السنتين الاخيرتين عمل على تحسين صورة سورية في الغرب كدولة علمانية ومضيافة.

في نظر اسرائيل، الميزة الكبرى لنظام الاسد كانت في انعدام جرأته وميله للامتناع عن المخاطرات والمواجهات المباشرة. ردود فعله كانت متوقعة ومنحت حرية عمل لاسرائيل بلغت ذروتها في قصف المفاعل النووي الذي بني بالسر في الشمال الشرقي من سورية، في ايلول (سبتمبر) 2007. الاسد امتص القصف دون أن يرد بل واستأنف بعد عدة اشهر من ذلك محادثات السلام مع رئيس الوزراء في حينه ايهود اولمرت. وعلقت المحادثات في مأزق، مثلما في كل المحاولات السابقة، ولم تنضج لتصل الى تسوية.

عندما اندلعت الثورة في تونس وتدحرجت الى مصر حاول الاسد ان يبث اطمئنانا والادعاء بان عنده هذا لن يحصل: 'نحن لسنا مصريين ولا تونسيين'، قال في نهاية كانون الثاني (يناير) في مقابلة مع 'وول ستريت جورنال' ولكنه اخطأ والآن عليه أن يكافح في سبيل انقاذ حكمه من غضب الجماهير.

======================

انتفاضة درعا السورية

رأي القدس

2011-03-23

القدس العربي

 شرارة الانتفاضة السورية انطلقت من مدينة درعا في الجنوب، عندما اعتقلت قوات الامن السورية مجموعة من الاطفال في سن العاشرة كتبوا شعارات تطالب باسقاط النظام، ومن غير المستبعد ان تشتعل ثورة تجتاح المدن والقرى والنجوع السورية كلها بسبب التعاطي القمعي لرجال الامن السوري معها.

يوم امس الاول اطلقت هذه القوات النار على المعزين في وفاة احد ضحايا هذه الانتفاضة، فقتلت اثنين منهم، وامس كررت المأساة نفسها عندما ارتكبت مجزرة في حق بعض الشباب المتضامنين الذين جاءوا من القرى المجاورة فقتلت اكثر من 13 منهم والعدد مرشح للزيادة.

الكثيرون توقعوا ان تنفجر الاوضاع في سورية قبل انفجارها في ليبيا، بل وحتى قبل مصر، لان سجل النظام السوري على صعيد حقوق الانسان والقمع الامني ومصادرة الحريات هو الاسوأ في الوطن العربي دون اي منازع.

مشكلة النظام في سورية انه لا يسمع مطالب الشعب، ولا يسمع نصائح الآخرين، بمن في ذلك أقرب حلفائه، ويصر على ان القبضة الحديدية الامنية يمكن ان تحل جميع مشاكله، وتخرجه من كل الازمات التي يواجهها.

هذا الاسلوب القمعي في معالجة الازمات لم يحم نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي من السقوط وبعد اسابيع معدودة، ولم يطل من عمر نظام الرئيس المصري حسني مبارك الا بضعة ايام. وشاهدنا النظامين ينهاران مثل بيت العنكبوت بعد ان اتضح للعيان هشاشتهما من الداخل.

النظام السوري، وفي حال امتداد الاحتجاجات الى مدن سورية اخرى، لن يستسلم بسهولة، وربما يلجأ الى النهج نفسه الذي لجأ اليه الزعيم الليبي معمر القذافي، اي القتال حتى اللحظة الاخيرة، مهما كان حجم الخسائر، لان تركيبته تختلف عن تركيبتي النظامين المصري والتونسي، وهي اقرب الى النموذجين الليبي واليمني، اي الاستناد الى قاعدة قبلية طائفية.

الايام التي كان يتغول فيها النظام في سحق معارضيه بالقوة ودون ان يعرف احد قد ولت، بسبب ثورة التكنولوجيا الحديثة من انترنت وفيس بوك وهواتف نقالة، وبمعنى آخر فان تجربة مجزرة حماة التي استهدفت معارضي النظام من حركة الاخوان المسلمين وانصارهم من الصعب ان تتكرر.

صحيح ان النظام السوري مستهدف من قوى غربية عديدة، وخاصة الولايات المتحدة الامريكية بسبب تحالفه مع ايران ودعمه لحزب الله، واحتضانه لحركات مقاومة فلسطينية، وهي ميزة تحسب له على اي حال، ولكن هذا لا يعطيه التفويض المفتوح لاضطهاد شعبه وقمع الحريات، وانتهاك حقوق الانسان، والتستر على فساد الاقارب.

الرئيس بشار الاسد اثار حالة من الارتياح عندما جاء الى الحكم خلفا لوالده قبل عشر سنوات، حيث كان (وما زال) شابا متعلما في الغرب، واغدق على مواطنيه الوعود باجراء اصلاحات سياسية جذرية واطلاق الحريات، وكف يد الامن، ولكن ايا من هذه الوعود لم تطبق، واذا جرى تطبيق اي منها فهي اصلاحات هامشية فقط، واقتصرت على بعض الجوانب الاقتصادية وببطء شديد.

ويجادل بعض المدافعين عن النظام السوري بالقول ان مراكز القوى الامنية خاصة، التي ورثها مع الحكم هي التي عرقلت مسيرة الاصلاح، وقيدت يدي الرئيس الشاب، ووضعت عقبات كبرى في طريق مخططاته، وربما ينطوي هذا الجدل على بعض الصحة، ولكنه لا يبرر الاستسلام الكامل لهؤلاء، خاصة بعد ان كرس الرئيس الشاب موقعه في قمة الرئاسة لاكثر من عشر سنوات.

النظام السوري الذي تجنب وعلى مدى السنوات الاربعين الماضية الدخول في اي حروب او صراعات اقليمية، سواء مع اسرائيل، او في مواجهة الهجمة الاستعمارية الامريكية على العراق، الشق الآخر من حزب البعث، يجد نفسه الآن امام استحقاقات كبيرة لا يستطيع الهروب من مواجهتها مجتمعة او متفرقة، ابرزها الاصلاحات الداخلية من ناحية ومحاولات الغرب زعزعة اسسه وربما تغييره.

الاسابيع المقبلة هي الاخطر بالنسبة الى هذا النظام، فالنزول الى الحلبة وقمع رغبة الملايين في التغيير قد يؤديان الى قرارات دولية بالحظر الجوي على غرار ما حدث في ليبيا، والتعامل بمرونة ونعومة، طريق قد يؤدي الى النتائج نفسها التي رأيناها في كل من مصر وتونس.

النظام السوري، مثلما تؤكد تجارب الماضي، سيختار حتما النموذج الليبي، وهذا ما يفسر دعمه للعقيد معمر القذافي بالجنود والطائرات في السر على الاقل، ولذلك علينا ان نتوقع مفاجآت عديدة، من بينها مفاجأة الهروب الى الامام، اي الدخول في حرب اقليمية، او في اسوأ الاحوال مجازر محلية لانهاء اي ثورة مستقبلية.

=====================

درس من الثورات الشعبية العربية

الخميس, 24 مارس 2011

روجر أوين *

الحياة

مرّت ثلاثة أشهر منذ أن بدأت التظاهرات ضد نظام بن علي بتعريض النظام العربي القديم لهجوم مستدام، ما يجعل الوقت مناسباً للقيام بجردة للمستجدات. فمن أصل سبعة رؤساء جمهوريات عرب كانوا قابعين في مناصبهم لمدى الحياة في مطلع عام 2011، رحل اثنان، إلا أن خمسة آخرين لا يزالون متمسكين بمقاعدهم. ويعاني البعض منهم، في بعض البلدان على غرار ليبيا واليمن، صعوبات جمّة. أمّا البعض الآخر، كما في الجزائر وسورية والسودان، ممن يبدون قادرين على التخفيف من حدّة العاصفة، فليسوا قادرين إلا على تقديم تنازلات بسيطة للمعارضة المحليّة. وتمكّن الملوك أيضاً من إبقاء الأمور تحت السيطرة إلى حدّ ما. ما يعني أن أكثر الروايات تشويقاً في نظر مؤرخي المستقبل قد يكمن في السبب الذي دفع هذين الرئيسين الى فقدان السيطرة على أعصابهما والهروب، أكثر من السبب الذي حثّ خمسة رؤساء على تثبيت جذورهم والتصدي لواقع الأمور.

وتماماً كما هو واقع الحال بالنسبة إلى جميع الثورات الشعبية التي شهدها التاريخ، من الواضح أنه ينبغي قطع أشواط طويلة قبل أن يترسخ نظام جديد في مجمل أرجاء المنطقة العربية. وفي هذه المرحلة، يبدو أن تونس هي المرشحة الكبرى لاختبار دولة ديموقراطية تعددية فاعلة. ولكن حتى هناك، قد تتدهور أمور كثيرة.

لا تزال الفئات الاجتماعية المحافظة متوترة وقلقة، في حين أن الأعضاء المنتسبين إلى ما كان يسمّى ب «الدولة العميقة» في تركيا – وهي عبارة عن شبكة من كبار الشخصيات في الشرطة والأمن والاستخبارات والجيش- لا يزالون قادرين على الاتحاد من جديد لتشكيل قوة هائلة تتصدّى للثورة.

ما هي بعض الدروس الرئيسة التي يمكن استخلاصها حتى الآن؟ أولاً، قد يبدو أنه ما من نظام عربي ظهر في فترة ما بعد الاستعمار نجح في احتضان غالبيّة الجيل الشاب في البلاد. أمّا النتيجة، فتبلورت على شكل حشد هائل من الشبان الساخطين الذين باتوا الآن مصرّين على تدمير جميع مظاهر الإدارة الديكتاتورية كلما سنحت لهم الفرصة لذلك، بما يشمل الجهات الحكومية ووسائل الإعلام التي تديرها الحكومة ومراكز الشرطة والسجلات وإلى ما هنالك.

ثانياً، تعتبر البواعث التي تحث الشباب على التظاهر واضحة للعيان. فالشباب العربي لا يصدّق الخطابات المستنفدة التي يلقيها الثوريون المعمّرون لأنها لم تعد تعني للشباب شيئاً على الإطلاق. فالاستماع إلى الخطابات المشتتة التي ألقاها الزعيم الليبي معمّر القذافي، في الأسابيع الأخيرة، والذي يقول انه لا يتمتع بأي منصب رئاسي، يكشف النقاب عن تقطّع الأوصال التام بين اللغة السياسية والوضع السياسي. فمن جهة، من المفترض أن تكون ليبيا محكومة من شعبها، على أن يكون زعيمها حاضراً لمجرّد بث الحماسة، على حد تعبيره، أي التشجيع.

ومن جهة أخرى، لا يقتصر الأمر على كون الزعيم الليبي هو الطرف الوحيد الذي يتحمّل المسؤولية، بل لا يمكن أيضاً أن يكون هناك أي نقاش شعبي لأفكاره الغريبة، بغض النظر عمّا إذا عبّر عنها بنفسه أو حُفِظت عن ظهر قلب من التلاوات التي لا تنتهي والواردة في «النظرية العالمية الثالثة» من «الكتاب الأخضر» الذي وضعه القذافي.

يذكرني هذا كلّه إلى حد كبير بنظريات علم النفس التي لا تزال قائمة منذ عام 1960 والتي سلطت الضوء على التأثير الضار للراشدين في نفوس الأطفال عندما يستمرون في إخبارهم بأمور تبدو حتماً كاذبة - حول كون الوالدين غير غاضبين عندما تكون معالم الغضب واضحة عليهما، وكون أحد الوالدين يحبّهم ويقدّرهم في حين أن سلوكه يشير بوضوح إلى العكس. ويرى البعض أن نتيجة هذه النظريات تنطوي على نوع من الجنون. ويرى الجيل الشاب في ليبيا أن الوضع في بلاده قام على نوع من الرقابة الذاتية المدمرة التي اختفت على الفور ما إن رأوا أنهم ما عادوا مضطرين إلى الاستماع.

من المؤكد أنه يمكن التخمين أن الأمر ذاته كان صحيحاً ويبقى كذلك في الدول العربية الأخرى، ويدخل في عداد الأسباب الرئيسة للشعور بالتحرر الشخصي الذي انتاب الشباب الذين توافدوا إلى المكان الذي يستحق تسميته، أي ميدان التحرير في القاهرة. وكان جيل الثورة الأول قد أنشأ ميدان التحرير آنذاك برئاسة العقيد جمال عبد الناصر، ويُنظَر إليه اليوم على أنه فسحة، على رغم تصميمها للاحتفال بالانتصار على البريطانيين وباقي الأجانب، مُنع فيها منعاً باتاً تشجيع التحرّر الشخصي من النخبة الديكتاتورية الجديدة التي عمدت، حتى أكثر من أسلافها، إلى إقناع ذاتها بأنها تعرف تماماً ما هو الأفضل بالنسبة إلى مصر وشعبها.

ومن هنا الفرحة البريئة التي أبداها المتظاهرون المصريون الشباب عندما رسموا وجوهاً مضحكة على صور مبارك. ومن هنا أيضاً مشاركتهم الحماسية في مهرجان للحرية الشخصية، من النوع الذي لا نرى منه إلا في المناسبات في أجزاء أخرى من العالم الحديث، كما حصل في مدن أوروبا خلال ربيع باريس في عام 1968 أو في أوروبا الشرقية عند انتهاء الحكم الشيوعي الروسي.

ثالثاً، يسهل أكثر معرفة ما يثور الشباب ضده بالمقارنة مع ما يمكنهم تحقيقه منطقياً. لقد نشأت آمال عملاقة. إلا أن الذين يحملون هذه الآمال لا يملكون أي طريقة لقياس حجم هذه الآمال بالمقارنة مع ما جرى في الماضي أو مع إمكانات المستقبل. وهكذا، نشأ في مصر وتونس فراغ سياسي يتعيّن بذل جهود لسدّه باللجوء إلى تفاصيل ملموسة ومثيرة للجدل في غالب الأحيان. وبالتالي، يقوم التحدّي المستمر الذي يواجهه الشباب على التأكد من أن مجتمعهم يملك متسعاً كافياً من الوقت لعبور المرحلة الانتقالية الصعبة من الحلم بالحرية إلى تحقيق الديموقراطية التعددية الحقيقية.

رابعاً، اكتشفت استراتيجية الشباب القائمة على نموذج مبدع ومرن من المقاومة غير المسلّحة أن لها حدوداً، فقد اضطرت إلى مواجهة أنظمة مدججة بالسلاح وحازمة. ونحن نعلم الآن أنّ الأنظمة الأسرع انهياراً هي تلك التي لم تخضع قبلاً لأي اختبار فعلي على يد مقاومة شعبية متناسقة ومنتشرة في أرجاء البلاد. كما نعلم مدى صعوبة إسقاط حكومات برمّتها من دون دعم الجيش، ولو بمساعدة قوة خارجية قوية كالولايات المتحدة.

النشوة أمر رائع. وكذلك هو الشعور بوجود هدف وطني مشترك. وحتى لو لم يدم أيّ منهما بصيغته النقية إلا لبضعة أسابيع، فمن الرائع تذكير العالم بأنه في حين أن الأنظمة الديكتاتورية تطلب على ما يبدو من بعض أفراد الشعب المكتئب والمحطّم أن يتعامل في شكل مسيء مع بعضه بعضاً، فهناك أنواع أخرى من السلطة القادرة على إنشاء شكل من أشكال المواطنة التي تؤمن حقوق الرعاية للجميع وتوفر منافع متبادلة لهم.

* أكاديمي بريطاني - جامعة هارفارد

=====================

شرق وغرب... شرعيات و«عصابات»

الخميس, 24 مارس 2011

زهير قصيباتي

الحياة

جامعة الدول العربية، هل «تتمرد» على الشرعيات في بعض دولها... ألم تكرر مع اليمن نموذج التنديد بجرائم تُرتكب في حق المدنيين في ليبيا؟ وبخبث قد يسأل بعضهم عن دوافع «استقواء» الجامعة بالضغوط الأميركية –الأوروبية على دول عربية، وإن ندرت احتمالات الدفاع عن سجل هذه الدول في التعامل مع حقوق الإنسان التي باتت ملفاً دولياً بامتياز، يبيح تحت غطاء الأمم المتحدة القفز على اعتبارات السيادة وخيارات الشرعيات في «الشؤون الداخلية».

وإذا كان سوريالياً اتهام الجامعة ب «الاستقواء» لعلها تنقذ نفسها من غليان الانتفاضات، ويوم حسابٍ لما حققته في خدمة الشعوب العربية، يبدو سوريالياً بالمقدار ذاته تخيُّل انتزاع المؤسسة التي اعتبِرت مرآة لحال الرجل المريض على امتداد المنطقة، مبادرة ترشيد الحوار بين الشرعيات العربية وشرعيات الانتفاضات، قبل أن يطيح البركان، كيانات ودولاً.

فهل يكون الأجدى سيناريو قمة مفتوحة للقادة العرب، لتدارك انزلاق الصراع بين شرعيات الحكومات وشرعيات الانتفاضات، إلى مسارات فئوية أو دينية أو مذهبية؟

العمليات الحربية التي ينفذها الغرب بغطاء دولي – عربي لحماية المدنيين في ليبيا، لم توقف بعد حمام الدم في جماهيرية العقيد القذافي التي باتت حدودها أوسع بعض الشيء من طرابلس وباب العزيزية... ومرة أخرى لا توحي الإشارات الأميركية والفرنسية إلا باحتمال التغاضي عن بقاء العقيد، بمجرد تدمير قدرته على استهداف المعارضين في بنغازي ومدن أخرى شرقاً. ومع تشكيلهم الحكومة الموقتة، تكتمل خريطة أولية للأمر الواقع: ليبيا الشرقية وليبيا الغربية. هو تكرار لمصير السودانَيْن اللذين انتقلا سريعاً بعد انفصال الجنوب الى زرع بذور حرب على الحدود بلا نهاية... تتداخل فيها الشرعيتان والقبائل والعسكر وآبار النفط.

وأما اليمن الذي انجرَّ جيشه وحرسه الجمهوري الى صراع شرعية الحكم وشرعية الانتفاضة، فهو إذ يقدم نموذجاً صارخاً لانتهازية الأميركيين، يكرر في بعض جوانب أزمته صوراً عن التنازلات المتأخرة وفشل الحكم في احتلال ناصية الضحية، وفشل المعارضة ايضاً في التقاط مبادرة الحوار، لإنقاذ «اليمن السعيد» من بؤس اضمحلال وحدته.

وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الذي يثير القلق من احتمال سعيه الى توريط الثورة المصرية برمال الصحراء الليبية، لم يجد ما يستدعي القلق أولاً من غليان صنعاء وعدن وتعز والمكلاّ، سوى «تحول الاهتمام عن القاعدة في جزيرة العرب»... وأما سقوط خمسين قتيلاً من المتظاهرين، في واقعة الرصاص «المشبوه»، فشأن داخلي، فيما انكفأ الحكم الى متراس «إرهاب الإعلام» في تبرير الكارثة. حتى عشية «جمعة الزحف»، مؤسف ان ما بقي من الحكم ما زال يتعامل مع غليان الانتفاضة بأدوات متداعية، كاللجوء الى البرلمان في غياب أكثر من نصف أعضائه، لانتزاع شرعية لحال الطوارئ.

وإن كان تلويح الرئيس علي عبدالله صالح باليوم التالي لخروجه من القصر، وبسلاح الحرب الأهلية، لا ينطوي على مجرد ورقة للجم اندفاعة التغيير، فبذور هذه الحرب زُرِعت منذ حُسِم ما سمي «حرب الانفصال» التي اندلعت عام 1994، وإبقاء الاشتراكيين في حال حَجْر بحراسة أصولية متشددة، هي بيئة الفقر والعزلة في ما كان يسمى اليمن الجنوبي.

أما نموذج الاحتجاجات السورية فإذ يكرر ايضاً استجلاب الضغوط الأميركية – الأوروبية، تحت سقف تدويل حقوق الإنسان، فهو يستحضر أمثولة «المعلّم» التركي (أردوغان) الذي نصَحَ قبل فوات الأوان بترك نهج غير ديموقراطي، وفاتَه ان تركيا تمارس نهج القمع مع الصحافيين، بالجملة.

دوافع «غيْرة» المعلّم التركي، بعد الإيراني، لا تعفي العرب من خطيئة العجز الكارثي عن الإصغاء الى الداخل، وخطيئة معالجة المطالب بإيديولوجيا اختراع الأعداء وأشباح العصابات التي خطفت المنطقة، وشعوبها وأوطانها.

وأما الوجه الجديد للزلزال، فكارثة أخرى تهدد الفلسطينيين، لمجرد ان بعض مَن يحكمهم بسيف «البرنامج الوطني» لمقاومة إسرائيل، استفَزَّ المخالب الإسرائيلية ليهرب من غليان الشارع، وغضب فقراء غزة.

=====================

غيتس يؤكد على المخاطر التي تتهدد الشرق الأوسط

ديفيد اغتاونويس

الشرق الاوسط

24-3-2011

سان بيترسبرغ، روسيا - استعرض وزير الدفاع بوب غيتس القائمة القياسية للعوامل التي أدت إلى وقوع انقلابات سياسية بمختلف أنحاء الشرق الأوسط، من ثورة الشباب المفاجئة إلى البطالة والفساد. بدأت في طرح سؤال مختلف، لكن غيتس قاطعني، كما لو كان يرغب في التأكيد على المخاطر والشكوك التي تكتنف هذه اللحظة التاريخية.

قال غيتس إن حالة الاضطراب ألقت الضوء على «الاختلافات العرقية والمذهبية والقبلية التي طالما قمعت في المنطقة لسنوات»، وإن أميركا تشجع القادة على قبول التحول إلى النظام الديمقراطي، وهناك تساؤل، ألا وهو «هل يمكن لنظام حكم ديمقراطي أن يجمع... الدول معًا في ضوء هذه الضغوط»؟ إن الدلالة الضمنية هي أنه ثمة خطر ممثل في أن الخريطة السياسية للشرق الأوسط الحديث ربما تبدأ في التحول هي الأخرى، مع حدوث ما يمكن تسميته بالانشقاق في ليبيا.

إثر ذلك أشار غيتس إلى شيء نادرًا ما يعترف به صناع السياسة في خضم أية أزمة، وهو جهلهم بالنحو الذي تسير عليه مجريات الأمور، بقوله: «أعتقد أننا يجب أن ننتبه لحقيقة أن العواقب ليست محددة سلفًا، وأنه ليس بالضرورة أن تكون النهاية سعيدةً في جميع الأحوال.... فنحن في نفق مظلم ولا أحد يعلم ماذا ستكون العاقبة».

لقد كانت نبرة غيتس في المقابلة هادئة. لقد تحدث أثناء إحدى الرحلات التي يحتمل أن تكون آخر رحلاته للخارج قبل تقاعده المتوقع هذا الصيف، غير أن تعليقاته لم تكن تعبر عن احتفاء بانتصار، بل إنها عززت دوره بوصفه صوت إدارة أوباما المجسد للحذر والصدق. لقد بدا الأمر كما لو أنه كان يعكف على دراسة الصور الملتقطة عبر أقمار التجسس الصناعية ولم يستطع أن يتبين ما تكشف عنه هذه الصور.

وفي عشية التقاعد، ظهر غيتس في صورة الرجل الذي يستمتع بذكر معلومات تبدو حقيقيةً ولكنها تفتقر إلى الحكمة؛ ففي الوقت الذي كان المشرعون يتحدثون فيه عن فرض «منطقة حظر جوي» على ليبيا بوصفه إجراءً غير مؤلم، حذر غيتس من أن ذلك سيكون بمثابة هجوم عسكري. وفي خطاب ألقاه مؤخرًا في ويست بوينت، ذكر أن أي مدافع عن إرسال قوات عسكرية أميركية أخرى إلى الشرق الأوسط «ينبغي عليه فحص قواه العقلية».

بدأ غيتس عمله الحكومي منذ 45 عامًا مضت بجهاز المخابرات الأميركية، وهو لا يزال يحتفظ ببعض سمات الشك الحاد التي يتسم بها محلل الاستخبارات المتميز. إنه يحب الكشف عن الحقائق الزائفة المحيطة بالقرارات السياسية بحيث يتسنى لزملائه التعرف على المخاطر والحقائق الواقعية.

كنا نتحدث في يوم مضطرب في الوقت الذي كان غيتس يتلقى فيه تقارير تفيد باحتمال حدوث انقلاب ضد الرئيس علي عبد الله صالح في اليمن، ومزيد من الاحتجاجات العنيفة في سورية، فضلا عن الإجراءات العسكرية المثيرة للجدل في ليبيا. وأشار غيتس إلى أنه في كل اتجاه، يمكنك أن ترى تحولات في «هذه الصفائح التكتونية في الشرق الأوسط التي ظلت متجمدة في الأساس لمدة تقرب من 60 عامًا».

وأشار غيتس إلى أن التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة هو إدارة عملية التغيير هذه - التي تعد وشيكة الحدوث بصرف النظر عن الإجراء الذي ستتبعه - بطريقة تدعم تحقيق الاستقرار. وقدم درسين للقادة الذين يواجهون اضطرابات؛ الأول: «استباق التغيير» بإجراء الإصلاحات اللازمة أولا، والثاني: تجنب العنف الذي «عادةً ما يأتي بنتائج عكسية». وقال إنه لو كان حسني مبارك قد قدم تنازلات في وقت مبكر، «لكان من المحتمل أن يظل رئيسًا لمصر حتى الآن».

لقد كان أحد العوامل المساهمة في تحقيق الاستقرار هو العلاقات الأميركية مع القوات المسلحة المحلية. وفيما يتعلق بمصر، حيث كانت تلك العلاقات موسعة، قال غيتس: «حقيقة لم يكن باستطاعتنا أن نكون أكثر حظًا فيما يتعلق بالنحو الذي آلت إليه الأمور، في قيادة المجلس العسكري». وفي اليمن، يوضح لنا اللواءات وقادة القبائل «أنهم يميلون بشكل إيجابي إلى جانب الولايات المتحدة».

أما عن ليبيا، فقد ذكر غيتس أنه قد تبددت مخاوفه الأولية إزاء فرض الحظر الجوي نتيجة الدعم العربي، وقال: «ما لم تكن الجامعة العربية قد صوتت بذلك، لكان من المحتمل أن تكون النتيجة مختلفة، على مستوى كل من الأمم المتحدة والقرار الذي اتخذناه».

لقد شب غيتس في سنوات الحرب الباردة في الوقت الذي كان فيه العالم، على الرغم من المخاطر التي تحدق به، ينعم بالاستقرار وبالقدرة على التنبؤ بمجريات الأمور. وتحدث عن الاضطراب الذي يشهده الشرق الأوسط حاليًا قائلا: «إننا لم نواجه مطلقًا شيئًا مثل هذا من قبل». وقد حدد قاعدة أساسية لاستخدام القوة العسكرية الأميركية: عند مواجهة تهديدات مباشرة من شأنها أن تزعزع استقرارها، يتعين على الولايات المتحدة اتخاذ إجراء حاسم، وأحادي الجانب، إذا اقتضى الأمر». وفي حالات أخرى، مثل ليبيا، التي تربط الولايات المتحدة مصالح مشتركة معها، ولكنها لا تواجه تهديدًا مباشرًا منها، فإنها يجب ألا تشن حربًا إلا مع تحالف دولي.

ومن الجدير بالذكر أنه حينما طلب طلاب الكلية البحرية الروسية من غيتس ذكر أبرز إنجاز حققه، لم يذكر الحروب التي خاضها في أفغانستان وليبيا، ولكنه ذكر الحرب التي أنهاها في العراق. فهو يعتزم دون شك أن يترك لخليفته في المنصب شرق أوسط أكثر هدوءًا، حيث يلتحم التغيير والاستقرار معًا، ولكن كما عبر، «تلك مهمة صعبة».

* خدمة «واشنطن بوست»

======================

سورية: لا عودة إلى الوراء

الحياة

الجمعة, 25 مارس 2011

حسام عيتاني

اختار الحكم في سورية أن يبعث قواته لمواجهة المطالب الشعبية في مدينة درعا بدل الاستجابة لاستحقاقات الإصلاح والتغيير.

أراد السوريون الاحتكام إلى التحرك السلمي لتوسيع رقعة الحريات، فجاء الرد من خلال مواجهات أدت إلى سقوط عشرات القتلى في أقل من أسبوع.

لا معنى لمساءلة صغار مؤيدي الحكم في سورية عن سبب سلوكهم المتناقض بين الزعيق أثناء تظاهرات البحرين والصمت المطبق أثناء جرائم قتل المدنيين في درعا وغيرها من المدن. فهؤلاء أقل كفاءة من أن تكون لهم مواقف مستقلة.

ولا تهم تلك القراءات المجتزأة لظاهرة الثورات العربية التي تمنح الشرعية للاعتراضات الموجهة ضد أنظمة «الاعتدال» وتسارع إلى الدفاع عن «الممانعين» في دمشق وغيرها، بذرائع الصراع ضد إسرائيل والحفاظ على تماسك الجبهة ضد العدو الخارجي. أقل ما يقال في أصحاب تلك القراءات إن التاريخ قد فاتهم وإن مصالحهم الصغيرة و «خصوصياتهم» حجبت عن أنظارهم تداخل المشهد العربي الكبير.

ويكاد يكون مستحيلاً في عصر الانفتاح المعلوماتي أن تسير القاطرة العربية الأقوى، مصر، نحو الديموقراطية والاعتراف بالحقوق الأساسية للمواطن، في الوقت الذي تتشبث دول أخرى بأنظمة تخلط بين النزعة العسكرية البسماركية وبين نظام الملل العثماني، تحت غطاء كثيف من الرُهاب والعُصاب الأمنيين. وتذكر القراءة السطحية تلك بما نشره بعض اللبنانيين المحسوبين على قوى 14 آذار (مارس) من مقالات تنضح بالتبخيس بثورة الشباب المصري وتشدد على أن نظام حسني مبارك سيخرج منتصراً من أزمته التي انتهت بسقوطه المدوي المعروف. ذلك أن قصر النظر والعصبية الفئوية مرض مشترك موزع على ألوان الطيف السياسي في كل مكان.

ومما يدعو إلى السخرية أن المنادين بالتمييز بين مفاعيل الثورات العربية هم أبناء المقولات القومية العربية الأكثر شوفينية. صحيح أن البلدان العربية ليست كلاً متجانساً وأن الفوارق كبيرة بينها، بيد أن الصحيح أكثر أن التشابه بين أنظمة الاستبداد والحزب الواحد والفساد وانسداد سبل المستقبل واستغلال الشعارات الكبرى من أجل الإطباق على الحكم، تجعل السمات المشتركة بين الأنظمة العربية تفوق مضمون الشعارات المرفوعة والتوجهات العامة، «اعتدالاً» أو «ممانعة».

وليس سراً أن طريقة مواجهة الحكم في سورية للمتظاهرين في درعا تقول من دون لبس إنها لن تتراجع قيد أنملة عن سيرتها. في المقابل، تبدو اللوحة الطائفية وعلاقات الجماعات وتواريخها التناحرية، من المسائل التي قد تساهم في إقناع الكثير من السوريين بالتراجع عن الانزلاق إلى الصدام.

زبدة القول إن التحركات الشعبية في سورية تفرض على النظام امتحاناً جديداً. فعلى الضد من لجوء أجهزة الحكم إلى الهراوة الغليظة وتكليف بعض الرموز «الأمنية» بالحوار مع المتظاهرين، لا يملك المطالبون بالحرية سوى العمل السلمي حتى لو كانت أثمانه الإنسانية باهظة.

أما الدرس الأهم من درعا فيتلخص في أن العودة إلى ما قبل الخامس عشر من آذار، ليست متاحة في حال من الأحوال.

=====================

سورية.. ليس في كل مرة تسلم الجرة!

صالح القلاب

الشرق الاوسط

24-3-2011

كان الاعتقاد السائد، قبل الانفجارات الشعبية الأخيرة التي بدأت في درعا وانتقلت إلى عدد من المدن السورية الأخرى، من بينها دمشق نفسها، أن سورية لن يغشاها هذا ال«تسونامي» الثوري، الذي ضرب ولا يزال يضرب عددا من الدول العربية، وأنها بحكم عوامل كثيرة ستبقى بعيدة عما جرى في تونس وفي مصر وما يجري في ليبيا، ولقد شاركت في هذا الاعتقاد، بالإضافة إلى متابعين من هذه المنطقة، مراكز دراسات أميركية وبعض الدوريات المعروفة.

وبالإضافة إلى هذا، فإن الذين كانوا يستبعدون وصول عدوى الانفجارات الشعبية و«الفوضى الخلاقة» إلى سورية كانوا يقولون إن هذا البلد محصن بأوضاع اقتصادية مريحة وببعض الانفراجات المهمة في مجال الحريات العامة والتساهل السياسي، قياسا بما أصبح عليه الوضع في عهد الرئيس الحالي بشار الأسد وبما كان عليه في عهد والده، لكن ثبت أن هذه التقديرات كلها، على أهميتها، لم تأخذ بعين الاعتبار ذلك المثل القائل: «من مأمنه يؤتى الحذر»، وأن أصحابها لم يدركوا أن الهدوء في الكثير من الأحيان يكون مقدمة لعاصفة عاتية هوجاء وأن انتفاضات الشعوب تأتي في العادة مفاجئة ومباغتة وهذا هو الذي حدث في مصر وقبل ذلك في تونس، وهو ما يحدث الآن في اليمن وهو سيحدث بالتأكيد في دول عربية أخرى.

بقيت سورية في سنوات سابقة تتعرض لهبات شعبية مفاجئة، من بينها أحداث حماة الشهيرة، لكنها ولأن الظروف كانت تختلف عن هذه الظروف فإنها كانت تقضي على تلك الهبات باستخدام القوة المفرطة وكان المبرر الذي يساق دائما وأبدا لإخراس الأصوات المعترضة أنه «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» وأن المواجهة المفتوحة مع «العدو الصهيوني» تقتضي استمرار الحكم الشمولي وتقتضي الاستمرار بحالة الطوارئ وبالأحكام العرفية وتقتضي أيضا مواصلة اعتبار الديمقراطية ترفا «برجوازيا» لا الوقت وقته ولا ضرورة له.

وحقيقة أن الذين كانوا يرون هذا الرأي وكانوا يستبعدون وصول هذا ال«تسونامي» الثوري إلى سورية؛ لأن هناك طائفة حاكمة متماسكة، ولأن هناك جيشا لم يعد هو جيش الانقلابات العسكرية السابقة، ولأن هناك أجهزة أمنية محترفة ومتغلغلة في الجهاز العصبي للشعب السوري، قد غاب عنهم أن الثورات الشعبية لا تقاس بهذه المقاييس وأن أهم الثورات التاريخية هي التي انتصرت على أنظمة كان هناك اعتقاد أنها متمكنة ومسيطرة، ثم إنه مخطئ، حتى آخر حدود الخطأ، من يعتقد أن الطائفة العلوية موحدة وأنها على قلب رجل واحد هو الرئيس بشار الأسد، الذي ووجه تبوؤه موقع الرئاسة خلفا لوالده بالرفض والممانعة حتى من قبل عمه رفعت الأسد الذي اضطر إلى المغادرة والمعارضة من الخارج.

هناك تيارات سياسية مختلفة في الطائفة العلوية، وهناك انحيازات حزبية واختلافات حول هذا النظام، الذي يعتبره البعض نظام هذه الطائفة، ولعل ما هو غير معروف هو أن اللواء صلاح جديد، الذي كان الرقم الرئيسي في معادلة الحكم والحزب بعد حركة 23 فبراير (شباط) عام 1966 إلى حين انقلاب حافظ الأسد عليه وعلى الحزب في عام 1970، قد سكت على اغتيال شقيقه غسان جديد الذي كان قوميا سوريا، والذي اعتبر المسؤول عن اغتيال الضابط البعثي الصاعد عدنان المالكي، الذي - بعد اغتيال هذا الضابط - أقام له رفاقه تمثالا لا يزال منتصبا في قلب دمشق، اضطر إلى الفرار إلى بيروت؛ حيث اغتيل هناك على أيدي مجموعة بعثية من رفاق شقيقه صلاح، الذي توفي في سجن المزة بعد «الحركة التصحيحية» التي قادها حافظ الأسد وبعد أن قضى في هذا السجن أكثر من ربع قرن.

لهذا فإنه لا يمكن النظر إلى موجة «تسونامي» السياسية هذه التي بدأت تغشى سورية من زاوية أن هناك طائفة علوية متماسكة تحرس النظام؛ فهذه الطائفة جزء من الشعب السوري وقد لحقها في عهد هذا النظام ما لحق هذا الشعب من خير ومن شر، والدليل هو أن الضابط المميز محمد عمران، الذي كان أحد أركانها الأساسيين، قد تم اغتياله في طرابلس في الشمال اللبناني في بدايات سبعينات القرن الماضي من قبل مجموعة فلسطينية محسوبة على دمشق، وأن القائد البعثي الطليعي الدكتور إبراهيم ماخوس لا يزال يعيش لاجئا ومنفيا في الجزائر منذ عام 1970 وأن آخر ضحايا هذا النظام من أبناء هذه الطائفة، حسب بعض الأوساط، هو الجنرال غازي كنعان الذي كان المندوب السامي السوري في لبنان لسنوات طويلة.

ان هذه هي حقائق الأمور، لكن، مع ذلك، فإن هناك شعورا لدى الغالبية السنية بأن هذا النظام هو نظام الطائفة العلوية وأن هناك استحواذا من قبل أبنائها على الحكم وعلى مقدرات البلاد يقابله إقصاء وتهميش للآخرين وهذا يظهر بوضوح في منطقة حوران (درعا)، التي يرى البعض أن لها ثأرا مع «الحركة التصحيحية» يتمثل في القضاء على الجنرال أحمد سويدان ثم على رئيس الوزراء الأسبق محمود الزعبي وعلى محمد الزعبي الذي يعيش الآن أستاذا جامعيا في المنفى وأيضا على حبيب حداد اللاجئ حاليا في الولايات المتحدة الأميركية، ويظهر أيضا بوضوح أكثر في منطقة دير الزور التي من رموزها الذين تم إقصاؤهم كل من: مصلح سالم والدكتور يوسف زعين ومحمد عيد عشاوي ورياض حداوي وغيرهم.

لكن على الرغم من هذا كله وعلى الرغم من أن هناك جرحا عميقا هو جرح «حماة» الشهير، فإن مما لا شك فيه ولا يجوز إنكاره أن هذا العهد قد شهد تطورات ملموسة في مجالات كثيرة، من بينها مجال الحريات العامة ومجال تحسن الأوضاع الاقتصادية، لكن هذه التطورات في ظل هذه الموجة العاتية التي تجتاح الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه باتت تبدو قاصرة وغير كافية إزاء استمرار حالة الطوارئ واستفحال الاحتقان وتفاقم المشكلات الاقتصادية وازدياد الشعور بالإقصاء والتهميش من قبل الأكثرية التي أظهرت أحداث درعا الأخيرة أن مطالبها لن تقف عند مجرد الإصلاح ومجرد التغيير المحدود وأنها ستتعدى هذا كله لرفع شعار التخلص من النظام نفسه، وحقيقة وبالإضافة إلى هذا كله فإن هذه الأكثرية تحمِّل نظام الرئيس بشار الأسد مسؤولية مشكلة لبنان واغتيال الحريري ومساندة حزب الله والتحالف مع إيران ومشكلة الأكراد وبقاء الجولان محتلا حتى الآن، وهذا كله يشكل وقودا لاستحقاقات صعبة متوقعة. والسؤال هنا: هل بإمكان نظام الرئيس بشار الأسد، يا ترى، استيعاب هذه الموجة العاتية التي باتت تضرب المنطقة كلها، كما استوعب نظام والده توترات داخلية كثيرة؟

والجواب هو أن كل شيء جائز.. لكن هذا يحتاج إلى معجزة، وهذه المعجزة تتمثل في فرط بنية النظام كله وإعادة تركيبه من جديد على أسس غير هذه الأسس ووفقا للتعددية الحزبية الفعلية والعودة إلى الحياة البرلمانية السابقة القديمة، وهذا كله مع اقتفاء تجربة دول أوروبا الشرقية بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ومع التخلص من التحالف مع إيران والتوقف عن دعم حزب الله ونفض اليد من المشكلة اللبنانية وحل المشكلة الكردية، ويبقى أنه لا بد من القول للذين يمسكون بزمام الأمور في هذا البلد العزيز الذي هو قلب العروبة النابض بالفعل: ليس في كل مرة تسلم الجرة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ