ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
إسلاميو ما بعد الثورات:
من ترف التنظير إلى اشتراطات الواقع الأحد, 27 مارس 2011 خالد الحروب * الحياة اعتبر الإسلاميون طويلاً ولعقود من
السنين، وعن حق في حالات كثيرة، أن
القمع السلطوي حرمهم من المشاركة
السياسية وتطبيق شعاراتهم ونظرياتهم.
لم تتمكن جماهير مؤيديهم من اختبار
كفاءتهم في الحكم وفي تحويل المثال
المطروح إلى حقيقة على الأرض. وبسبب
عدم قدرة الناس على اخضاع الإسلاميين
لاختبار اهلية السياسة والحكم، بل
وفكرة خلط الدين في السياسة بشكل عام،
فإن الإسلاميين انفسهم تمكنوا من بناء
شعبية كبيرة في معظم البلدان العربية
مستغلين أمرين: الأول التموضع في موقع
«المظلومية» التي تكرست بعد حرمان
إسلاميي الجزائر من فوزهم بالانتخابات
عام 1991، والثاني التمتع بترف رفع سقف
الحلول المثالية إلى الحد الأقصى، إذ
ليست هناك أي آلية لاختبارها عملياً.
وهكذا وفي الوقت الذي تم فيه اختبار كل
القوى السياسية والأيديولوجية في دولة
ما بعد الاستقلال العربية، فإن
الإسلاميين بقوا وحيدين من دون تجريب.
بل استغلوا فشل الأيديولوجيات والحلول
بتنويعاتها الاشتراكية والقومية
للمناداة بالشعار الغامض لكن الفعال
شعبوياً: «الإسلام هو الحل». وبذلك
استطاع الإسلاميون نحت واحتلال صورة
المُخلّص في المخيلة الشعبية، فهم من
سوف يأتي دوره بعد انهيار جميع أنواع
السياسات والأيديولوجيات ويحققوا في
بلدانهم ما عجز عن تحقيقه كل الآخرين. هذه الصورة النسقية العامة تعرضت لاختلال
كبير في كل حالة وصل فيها الإسلاميون
إلى الحكم. فمن إيران، إلى السودان،
إلى افغانستان، إلى غزة، لم يتجسد
المثال المرسوم بنقاوته المفترضة على
الأرض. وفي كل حالة من هذه الحالات سيقت
مسوغات وأسباب عُزي إليها هذا الفشل أو
ذلك التعثر في محاولة مستميتة للحفاظ
على صورة «النقاء» والنجاح المحتوم
فيما لو غابت تلك المسوغات والأسباب
التي حالت دون تطبيق الإسلاميين
مشروعاتهم. فات وما زال يفوت كثيرين من
الإسلاميين أن طريق السياسة تعج
بالعوائق وليست مفروشة بالورود، وأن
اليوم الذي ينتظره الإسلاميون، أو اي
حزب آخر، وفيه تكون كل الأمور مهيأة
لتسلمهم الحكم لن يأتي. السياسة والحكم
هما بالتعريف مغالبة المعوقات
والمنافسين واجتراح السبل وسط غابة من
الظروف والأطراف التي هدفها إفشال من
هو في الحكم. والشكوى من أن «الظرف» لم
يسمح بأن يقدم الإسلاميون نموذجهم هي
شكوى لا علاقة لها بالسياسة ومنبعها
مثالي أيضاً يفترض قدوم ذلك «الظرف»
الموهوم الذي يتيح للإسلاميين تطبيق
ما يريدون. في كل الأحوال دخل الإسلاميون، كما
الجميع، مرحلة جديدة الآن وبخاصة في
مصر وتونس بعد انتصار الثورتين هناك.
وبضربة «ثورية» واحدة أزيحت قائمة من
العقبات التي وقفت دوماً في وجه
الإسلاميين والمشاركة السياسية،
وأوقفتهم أمام مواجهة الواقع وحرية
العمل السياسي دفعة واحدة. رد الفعل
الأولي في الحالتين، وفي مرحلة فوران
الثورة، كان حكيماً ويجب أن يُسجل
للإسلاميين، ذلك انهم لم يتصدروا
الصورة، ولم يزعموا قيادتها، بل
حافظوا على بقائهم جزءاً من الثورة لكن
ليس في واجهتها الأساسية. وقد أدى هذا
إلى حشد تأييد منقطع النظير لثورتي
تونس ومصر داخلياً وخارجياً. يُسجل
للإسلاميين أيضاً إعلانهم في كلتا
الحالتين انهم لن يترشحوا للانتخابات
الرئاسية ولن يخططوا للحصول على
أغلبية في الانتخابات التشريعية.
تُطمئن هذه الإعلانات أطرافاً عديدة
داخلية وخارجية وتوفر مساحة
وأوكسجيناً ضروريين للعملية
الديموقراطية كي تترسخ من دون ارتجاج
ضخم قد يعيقها كلياً أو يغري أطرافاً
أخرى، كالجيش مثلاً، للتدخل بهذا
الشكل أو ذاك. في السنوات العشر القادمة وفي الحالتين
وفي كل حالة عربية تنتصر فيها ثورة
يتوجب على الإسلاميين أن يتبنوا وبوعي
وإدراك غير متردد منهج المشاركة في
الحكم وليس السيطرة عليه. المشاركة في
الحكم تعني حكومات ائتلافية وتوافقية،
وهذه لها علاتها ومكامن ضعفها بكل
تأكيد اهمها التهرب من المسؤولية فكل
طرف فيها سوف يلقي باللائمة على الطرف
الآخر في حال الفشل. لكن التجريب في
حكومات ائتلافية يعني انخراط جميع
الأطراف والأحزاب في عملية تأهيل
وتدريب ديموقراطي طويلة نسبياً تعدّهم
لأي مرحلة قادمة يسيطر فيها على الحكم
الحزب الظافر بأغلبية انتخابية. في
الوقت الراهن قد يتخطى الطوفان
الديموقراطي وآفاقه المتسعة والحريات
التي جاء بها قدرة الأحزاب، بما فيها
الإسلاميين، على الهضم والتعامل
الحكيم. وعندما يعسر الهضم وتفيض
الحرية عن قدرة الاستيعاب لمن كان قد
فقدها عقوداً طويلة فإن التوتر قد
يسيطر على طريقة الحكم ورد الفعل فيما
لو تم الاستئثار بالحكم والسيطرة عليه
بالمطلق. مرحلة الانتقال من الثورة إلى السياسة
والحكم لا تمثل دورة تأهيلية للأحزاب
والإسلاميين وحسب، بل وللمجتمعات
أيضاً وأفرادها المحمّلين بمطالب
وتوقعات كبرى لا تني تتضخم على رافعة
الثورة التي توسع تعريفاً الطموحات
والآمال. تتكون حاجة ماسة وضرورية
لإنزال الناس بهدوء ومن دون ارتجاجات
أيضاً عن شجرة الثورة الجذرية، وتنمية
الوعي الواقعي والعقلاني لديهم بأن
ليس في وسع حكم ما بعد الثورة قلب البلد
إلى جنة وارفة مباشرة بعد التخلص من
النظام البائد. وهذا يتطلب نهجاً
ووعياً في التسيّس العام يختلف عمّا
تعودت عليه «الجماهير» من ركض وراء
الشعارات القصوى التي يرفعها هذا
الطرف أو ذاك. جوهر هذا الوعي هو
الممكنات السياسية والاجتماعية
وحسابات الأرباح والخسائر، وليس
التعلق باللاممكنات الأيديولوجية.
وامتلاك وعي جوهره التسيس الرمادي
المضاد للقولبة الأيديولوجية الحاسمة
بين الأسود والأبيض. عملية ليست سهلة
على الإطلاق، وقد تطلبت من إسلاميي
تركيا المحدثين، ممثلين بأردوغان وغل
وأوغلو، القطع مع الجيل الأيديولوجي
السابق ومنظره الرئيس نجم الدين
اربكان. في الحالة العربية، المصرية والتونسية
هنا، كما في معظم حالات الثورات
العربية قيد الإنجاز، غابت
الأيديولوجيا عن الحركة الثورية
وشبابها وهو ما سهّل نجاحها ووسع
نطاقها. كانت تلك الثورات ونظيراتها
القائمة الآن سياسية ومسيسة حتى
النخاع، لكنها لم تكن مؤدلجة بأي حال.
غياب البعد الأيديولوجي كان مركزياً
لجهة خفض سقف التوقعات التي تنافس
الأيديولوجيات في رفعها ونمذجتها،
وعندما تفشل في الوصول إليها تبطش
بالجماهير بكونها لم ترتق إلى الأفق
الأيديولوجي بعد. على ذلك يحتاج
الإسلاميون، كما غيرهم، إلى الهبوط من
ترف الأيديولوجي إلى اشتراطات
الواقعي، وهو ما توفره لهم مرحلة
المشاركة في الحكم لا السيطرة عليه. مسؤولية الإسلاميين على وجه التحديد
كبيرة وتاريخية في إنجاح مرحلة ما بعد
الاستبداد في البلدان التي تحررت منه.
وهي مسؤولية في ثلاثة اتجاهات: الأول
أن لا تقع هذه البلدان في استبداد «إسلاموي»
من نوع جديد يستنسخ التجربة الإيرانية
بشكل أو آخر، والثاني يتمثل في أن لا
تقع هذه البلدان في وحل الفوضى وعدم
الاستقرار لسنوات طويلة خلال الصراع
والتنافس مع القوى الأخرى، بشكل يقوي
منطق الاستبداد الذي لا زال قائماً في
حالات كثيرة. عند ذاك سوف تُعاد الحياة
إلى المقولة التقليدية التي تمثل أساس
الوجود لأي استبداد في التاريخ وهي
تحقيق الاستقرار. يجب كسر المعادلة
التي تشترط الاستبداد لتحقيق
الاستقرار في المنطقة العربية
والإسلامية. نعم يمكن تحقيق استقرار
وازدهار في ظل خلاف وتعددية
وديموقراطية كما هي الحال في الكثير من
دول العالم. أما الاتجاه الثالث فيتمثل
في لجم الإسلامويات المتطرفة بخاصة
التيارات السلفية كما هي الحال
المتصاعدة في مصر، والتي يضيق صدرها
بالتعددية والدمقرطة والرأي الآخر.
هذه التيارات وجماعاتها وخطاباتها
المتطرفة تنشط الآن ومن موقع امتلاك
الحقيقة المطلقة، وهي تمارس استعلائية
مدهشة في النظر إلى الآخرين بمن فيهم
الإسلاميون. من هنا تنبع أهمية التوافق
على قواعد اللعبة الديموقراطية والتي
احد أسسها الرئيسية الحفاظ على حقوق
وحريات الأقليات بالتوازي مع التعبير
عن رأي الأغلبية. لا يحقق للأغلبية أن
تتحكم بحريات وحقوق الأقليات بمسوغ
أنها الأغلبية الانتخابية، بخاصة في
مجال الحريات الفردية والمسلكية
والتعبير عن الرأي. كل ذلك وكثير غيره،
ومرة ثانية، يتطلب فترة التأهيل على
التفكير والممارسة الديموقراطية
وقبول الرأي المخالف من طريق المشاركة
في الحكم في المرحلة المقبلة وليس
التحكم فيه. * محاضر وأكاديمي - جامعة
كامبردج، بريطانيا ================= كيفية الرد على الخطوات
الأحادية الإسرائيلية؟ د. أسعد عبد الرحمن الرأي الاردنية 27-3-2011 سياسة «الخطوات الأحادية» تستفز الجميع
خاصة بعد أن أثبتت فشلها في كثير من
أنحاء العالم. فحتى الولايات المتحدة
الأميركية التي كانت تعتقد أنها
قادرة، بمفردها، على تقرير مصير
الأسرة البشرية دون أي عون من الأصدقاء
والحلفاء الاقربين، باتت شبه مقتنعة -
بعد المستنقعين الأفغاني والعراقي -
بأنها رغم قوتها لا تملك مثل هذه
القدرة، بل هي لجأت إلى عدوتها اللدود
إيران للتنسيق معها. ومع هذا التغير في
الاوضاع الدولية، ومع إصرار الكيان
الصهيوني على الخطوات الإسرائيلية
الأحادية الجانب، صدرت تهديدات
فلسطينية باللجوء إلى خطوات أحادية
لمواجهة الخطوات الإسرائيلية، وذلك
بعد أن اقتنع كثيرون في العالم أن
مساعيهم غير قادرة على إقناع
الإسرائيليين بأن «التسوية»، حتى لا
نقول «السلام»، ممكنة على أرض الواقع.
ومعروف أن إسرائيل اعتمدت على الخطوات
الاستباقية الأحادية لتحقيق سياسة
الأمر الواقع على الأرض حتى تصبح أمورا
مسلما بها لا مجال للتخلي عنها، بل
إنها تصبح مطلبا «شعبيا» إسرائيليا لا
يمكن التنازل عنه. بالمقابل، يحذر
الجميع (بدءا من الولايات المتحدة،
مرورا بكل أعضاء اللجنة الرباعية
الدولية، وليس انتهاء ببعض العرب
والمسلمين) الطرفين الفلسطيني
والإسرائيلي من الاقدام على أي خطوة
أحادية تنسف وضع اللاحرب واللاسلم
القائم في الشرق الأوسط، وتزيد من
التوتر بين الفلسطينيين
والاسرائيليين، وهم بذلك يتمسكون
بمقولة عبثية قديمة/ جديدة مفادها ان
التصميم السياسي من جانب القيادات
الفلسطينية والاسرائيلية هو وحده الذي
يؤدي الى كسر الجمود واعادة عملية
السلام الى مسارها!! وفيما تستمر إسرائيل في خطواتها
الاستفزازية الأحادية في عموم الضفة
الغربية، فضلا عن الإجراءات الأحادية
التي تقوم بها في القدس الشرقية بهدف
تغيير معالم المدينة وهويتها وإفراغها
من أهلها العرب المسلمين والمسيحيين،
نجدها كذلك تحذر الفلسطينيين من أنها
سوف تتخد مزيدا من الاجراءات أحادية
الجانب في حالة لجوء الفلسطينيين الى
الامم المتحدة لإعلان دولتهم، خاصة
بعد اعتراف عدد متزايد من دول أمريكا
اللاتينية بالدولة الفلسطينية ورفع
دول أوروبية عديدة من مستوى التمثيل
الفلسطيني على أراضيها، إضافة إلى
إعلان الاتحاد الأوروبي استعداده
للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود
1967 في الوقت المناسب. لقد بات مطلوبا من القيادة الفلسطينية
الرد دوليا، ولو بخطوات أحادية، خاصة
بعد تزايد احتمالات تعطيل الفيتو
الأمريكي للقرار العربي المطالب
بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، أي
المبادرة إلى دعوة الأمم المتحدة
لدورة استثنائية تعترف بدولة فلسطين
بحدود 4 حزيران/ يونيو 1967 عاصمتها
القدس، وفرض العقوبات على إسرائيل
لإنهاء الاحتلال والوقف الكامل
للاستعمار/ «الاستيطان». أما داخليا،
فالسلطة الفلسطينية، وبعيدا عن أطروحة
«اعلان دولة الأمر الواقع الفلسطينية»،
مدعوة إلى بناء مؤسسات قوية فاعلة
قادرة على تقديم الخدمات للمواطنين
وتعزيز صمودهم إضافة الى اعادة الوحدة
للوطن. غير أن الانقسام المفجع وتعثر
جهود المصالحة بات يلح على
الفلسطينيين تجاوز مرحلة قلبت
الاولويات وأضرت بالقضية. من هنا نضم
صوتنا للكثيرين ونعزز المطالب الموجهة
للقيادات الفلسطينية بضرورة الجمع بين
النضال الوطني ومقاومة الاحتلال وبين
أهمية البناء الديموقراطي للمجتمع
وللعلاقات الوطنية الفلسطينية، مع
ضرورة توضيح الأهداف الوطنية بعد أن
انتشرت حولها ظنون واشاعات، وتحديد
برنامج لحكومة الوحدة الوطنية التي
باتت مطلبا لا غنى عنه لتحقيق الصمود
والأمن والكرامة كي تحفظ للفلسطيني
القدرة على مواجهة الواقع المعقد،
إضافة إلى تطوير وتفعيل منظمة التحرير
الفلسطينية وإعاة بناء مؤسساتها على
أسس ديموقراطية بالانتخاب وفقا لاتفاق
القاهرة في العام 2005. إذن، في مقابل الخطوات الاستباقية
والأحادية الإسرائيلية، وازدواجية
العالم في التعامل مع القضية
الفلسطينية، باتت الخطوات الأحادية
الفلسطينية أمرا ضروريا بل مشروعا
سياسيا. وفي هذا السياق، فإن من
الأولويات الملحة: التوجه إلى الأمم
المتحدة وطلب الاعتراف بدولة فلسطينية
على حدود الرابع من حزيران 1967 عاصمتها
القدس المحتلة، ودعوة المجتمع الدولي
والأمم المتحدة الاعتراف بها،
ومساعدتها للخلاص من الاحتلال و»الاستيطان».
وفي حال تعطيل مثل هذا القرار في مجلس
الأمن بالفيتو الأمريكي، تتوجب،
عندئذ، المبادرة إلى دعوة الهيئة
العامة للأمم المتحدة لدورة استثنائية
تعترف بدولة فلسطين، وفرض العقوبات
على حكومة إسرائيل وصولا للوقف الكامل
«للاستيطان» ولإنهاء الاحتلال. غير أن
الذهاب إلى الأمم المتحدة لا يجب أن
يعني التخلي عن البرنامج النضالي على
الأرض من خلال تفعيل المقاومة الشعبية
(السلمية في هذه المرحلة) مع إبقاء
المجال أمام مختلف أنواع المقاومات
لاحقا. فما لا يتحقق بالوسائل السلمية..
يتحقق بغيرها. ================= ياسر زعاترة 27-3-2011 يبدو أن أحدا من الأنظمة العربية لن يبادر
إلى إصلاح حقيقي دون ضغط شعبي رغم ما
جرى في تونس ومصر واليمن وليبيا، الأمر
الذي يبدو طبيعيا في واقع الحال، إذ
ليس ثمة نظام يمكن أن يتنازل عن
صلاحياته وامتيازاته طائعا مختارا. نقول ذلك لأن المؤسسات الأمنية هي التي
تصنع القرار في العالم العربي، أو
توجهه في أقل تقدير، وهذه غالبا ما
تقول لصاحب الأمر إن عليه ألا يتنازل
تحت الضغط، وإلا فإن مسلسل التنازلات
لن يتوقف عند حد. والحق أننا إزاء نصيحة ربما كانت صائبة
بقدر ما في الزمن الماضي، أما بعد حريق
البوعزيزي الذي أتى على ثياب الذل وكسر
حاجز الخوف فلم تعد ذات قيمة أبدا، ومن
لا يبادر إلى الإصلاح المقبول سيكون
عليه أن يقدم تنازلات أكبر بكثير بعد
الحراك الشعبي، وما جرى في تونس ومصر
واليمن وحتى ليبيا دليل على ذلك. في سوريا قال الرئيس إن بلاده تختلف عن
سواها، وأن موقف الولايات المتحدة
والكيان الصهيوني منه يمنحه مصداقية
في الأوساط الشعبية، وهذا الكلام صحيح
بقدر ما، مع أننا نجد صعوبة بالغة في
إقناع الكثير من السوريين، تحديدا في
الخارج، بأن نظامهم السياسي يواجه
الولايات المتحدة والكيان الصهيوني،
إذ أن الظلم الواقع عليهم لا يمنحهم
الفرصة للتفكير العقلاني، فيميلون
تبعا لذلك إلى عقلية المؤامرة التي
ترفض الاعتراف بأي ميزة للنظام. والحال أن ليس من حق النظام أن يبادل
السوريين مواقف جيدة في السياق القومي
هي أيضا دفاع عن وجوده ودوره، بمواقف
سيئة في السياق الداخلي، وليتذكر
الجميع أن الثورة المصرية والتونسية
واليمنية والليبية كانت في جوهرها
نتاج احتجاج على الأوضاع الداخلية،
وإن منحتها المواقف الخارجية البائسة
مزيدا من الدافعية. اليوم وبعد أن تلكأ النظام السوري في
الإصلاح رغم النصائح الكثيرة التي
تلقاها من عدد من الأصدقاء، ها هو يجد
نفسه أمام سيل من الاحتجاجات التي يصعب
التكهن بمداها، وهي احتجاجات واجهها
بعصا الأمن الثقيلة، بخاصة في مدينة
درعا قبل أن تمتد لمعظم المدن الأخرى،
ثم اضطر إلى التعامل معها سياسيا بعد
ذلك. على أن الاستجابة السياسية لم تغادر حتى
الآن مربع الوعود، الأمر الذي لن يكون
ذا جدوى، إذ من دون تغيير حقيقي وإعلان
صريح عن خطوات جوهرية تتحرك ضمن جدول
زمني واضح، فلن تتوقف الاحتجاجات،
ويكفي أن يقال إن قانون الطوارىء سيخضع
لإعادة النظر من أجل وقف العمل به، حتى
يشكّ الناس في جدية نوايا التغيير،
لاسيما أن وقف العمل به لا يتطلب درسا
ولا من يدرسون، وبالإمكان إلغاؤه على
نحو سريع وحاسم. أما الرشاوى المالية فلن تكون ذات جدوى
أيضا، بل لعلها تزيد الاحتجاج سخونة
لأنها تثبت أن تحسين شروط حياة الناس
كان ممكنا، لكن المسؤولين كانوا
يتلكأون في التنفيذ تبعا لحسابات غير
مفهومة، أو لعلها مفهومة بالنسبة
لكثيرين. الإصلاح السياسي الحقيقي هو الوحيد الذي
يمكنه تنفيس الاحتقان وإقناع الناس
بوقف النزول إلى الشوارع، ومن دون أن
يحدث ذلك سيتواصل الاحتجاج وسيتصاعد
يوما إثر آخر، ومن يعتقد أنه عبر تصعيد
آلة القمع سيتمكن من بث الرعب في نفوس
الناس واهم إلى حد كبير. نحرص على سوريا التي تنتمي إلى محور
المقاومة والممانعة، لكن المقاومة
والممانعة ليست نقيض الإصلاح
والديمقراطية والحرية، بل لعلها
الأحوج إليها من أي أحد آخر، لأن من
يريد مواجهة العدو ينبغي أن يواجهه
بجبهة داخلية متماسكة، وبشعب حر أبي،
وليس بجبهة متصدعة وشعب يعاني من الظلم
والفساد والاستبداد. يبقى القول إننا لسنا خائفين البتة على
قوى المقاومة التي تدعمها سوريا، لأن
الشعب السوري الأبي لم ولن يكون إلا
معها، بل لعله يتفوق على نظامه السياسي
في الموقف منها، وهو يتمنى أن يلتقي
معه أيضا في السياق الداخلي لينتفي
التناقض بين الطرفين على كل صعيد. ================= فلسطين.. ضبابية الحرب
ومجهول السياسة حسن عصفور الدستور 27-3-2011 مع كل ما تشهده بلادنا المنكوبة من حراك
بهدف رحيل القهر والظلم والطغيان،
تبقى فلسطين حاضرة في المشهد العام، بل
أن هناك من يبحث عنها علها تنقذه من
مأزق الرحيل أو غيره من أحكام الحراك
الشعبي الغريب في كل ما به، من حضور
وشعار وشجاعة تكسر كل جدران الخوف التي
سادت طويلا. تسارعت وتيرة الأحداث في فلسطين على خطى
التسارع السياسي العربي، تحرك شباب
الوطن المحتل والمغتصب والمخطوف نحو
ساحات التعبير في محاولة لتحريك حراك
العمل لوضع حد للكابوس المخيم على أرض
بقايا الوطن في الضفة والقطاع من
انقسام كريه، حراك لم يحقق بعد ما
أراده شباب 15 آذار، لكنه أجبر طرفي
الأزمة على التعامل معه، عبرت عنه
مبادرات «التلاقي» بين الرئيس عباس من
قبل رئيس الوزراء السابق اسماعيل
هنية، ورغبة الرئيس عباس الذهاب الى
قطاع غزة لتشكيل حكومة من مستقلين،
تجاوب أراد كل منهما «حصار» الحراك كل
بطريقته، رغم أن الرئيس عباس لديه
الفرصة الأكبر لكسر «حلقة الدوران في
الفراغ» بالذهاب المباشر الى قطاع غزة
من مصر دون انتظار موافقة أحد، فهو
الرئيس المنتخب الى أن تتم الموافقة من
حركة حماس على إجراء انتخابات تشريعية
ورئاسية ومجلس وطني، ولذا فان
الانتظار لموافقة «حماس» للوصول الى
غزة، ليس سوى تسليم خاطئ للواقع الراهن. ووسط هذا حضرت مجددا روح الحرب العدوانية
لترفرف في سماء قطاع غزة، بدأت بتلاسن
مدفعي وصاروخي محدود، أرادت تل أبيب
ترهيب البغض في القطاع، فيما أراد
البعض في القطاع إرهاب من تحرك شعبيا
كي يكسر «الانكسار- الانقسام»، دون أن
يحسب كلاهما أن هناك من ينتظر أيضا
لتغيير بعض من «قواعد التلاسن»
العسكري المحدود، فأطلق كوكبة من
القذائف الصاروخية ثم صواريخ «غراد»
التي تربك دولة الاحتلال، فكان الرد
بقتل عائلة غزية ثم اغتيال مجموعة
مقاتلة للجهاد الاسلامي، كلفت اسرائيل
كسر «حاجز الأمن» في القدس الغربية
بعملية عسكرية، كرسالة أن الأيدي لا
تزال بقدرتها الوصول الى حيث تخاف دولة
المحتل، (رغم أن القتيلة فيها كانت
بريطانية)، ثم حدث التطور الأهم منذ
سنوات بقصف جنوب تل أبيب (عاصمة دولة
المحتل) بصواريخ غراد، فكان الهلع
السياسي الذي أربك الطغمة العسكرية
الحاكمة في اسرائيل. وإثر ذلك انطلقت موجات التهديد بالانتقام
من غلاة التطرف والعنصرية المطالبين
بعملية عسكرية واسعة، تفوق ما كانت
عليه العملية العدوانية نهاية 2008، ضد
القطاع، وأخذت الاوساط السياسية-
العسكرية في الدوائر المختلفة تتسابق
في إظهار فاشيتها، لكن حساب قادة دولة
المحتل تسير ضمن «جدول آخر»، الحرب هي
سمة لهم هذا صحيح وقد تحدث في أي لحظة
لو رأت الطغمة الحاكمة أن الفرصة
مواتية لهم، دون أن تدفع ثمنا يفوق
ربحها من الحرب، ولذا لا يجوز أبدا
تجاهل هذه الحقيقة، بأن الحرب هو «الخيار
الثابت» لدولة الاحتلال، لكن الحساب
يأخذ الان مناحي عدة، منها الموقف
الأمريكي الذي لا يريد أن تشتعل جبهة
عسكرية في فلسطين حاليا والتحالف
العسكري الغربي يقود حربا علانية تحت
مسمى «إنقاذ المدنيين في ليبيا»،
والعاقل يدرك أن آخر ما يهم قادة ذاك
الحلف هو هذه المسألة، لذلك أي «حماقة
اسرائيلية» حاليا ستكسر حاجز الكذب،
عدا أنها ستعطي لحركة الغضب الشعبي
مضمونا اضافيا يلتصق بالقضية
الفلسطينية، ما قد يفتح باب الحراك ضد
أمريكا ومصالحها وسفارتها، والتي هي
بعيدة جدا عن الغضب الشعبي راهنا، بل
تحاول الظهور وأنها في صلب حركة
التغيير. وعليه ترفض واشنطن أن تقوم
اسرائيل حايا بأي عمل عسكري واسع. اسرائيل وهي تبحث ربح الحرب من خسائرها،
لا يمكنها أن تتجاهل الأثر المصري
المتوقع جراء أي حماقة عسكرية ضد
القطاع، وبالتأكيد الرد المصري الجديد
سيكون مؤذيا لإسرائيل، ليس بالضرورة
أن يكون حربا أو ما شابه ذلك، لكن لا
يستبعد تعليق العمل ببعض بنود «معاهدة
كمب ديفيد» وطرد السفير، وفتح جبهة
شعبية عارمة من أجل ايقاف تصدير الغاز
الى اسرائيل ومنع الطيران الاسرائيلي
من الوصول الى مطار القاهرة أو استخدام
أجوائها.. عشرات من الخطوات التي ستجد
ترحيبا شعبيا مذهلا من المحيط الى
الخليج لو أقدمت عليها مصر، وسيدخل بعض
دول «التحالف الغربي» العربية في
دوامة الرعب الشعبي من تحالها العسكري
بقصف ليبيا مهما كانت «الذرائع
والمبررات». والى جانب ذلك، قد تجد بعض الفصائل
الفلسطينية فرصتها في خرق «المعادلة
العسكرية المتوازنة» في القطاع لأسباب
سياسية خارجية، وتضرب بما لديها من
أسلحة تعرف تل أيب قدرتها الحقيقية،
وايضا الإمكانية الشعبية الكبيرة في
الضفة الغربية التي قد تكسر كل أسوار «التنسيق
الأمني» أو الكلام المغلف بالبحث عن
مسار غير عسكري والتهديد من البعض
بمواجهة الانتفاضة الثالثة، لكن حساب
الحراك الشعبي «اهل القرايا»لم تعد
تسيروفقا لحساب «أهل السرايا».. مع عدم
إغفال أن يدخل «حزب الله» وتحالف سوري-ايراني
لاستغلال ذلك والقيام بما يربك معادلة
الحراك القائمة الان، فلا يوجد خير من
«الصدام مع المحتل الاسرائيلي» لتغيير
خريطة وقائع تتحرك نحو ما لا يريده
البعض الحاكم.. حسابات لا يعتقد أنها
حسابات تقليدية، فدولة المحتل تدرك
قبل بعض المحللين أن حرب شاملة ضد
القطاع لن تكون «نزهة» ليس لقوة عسكرية
عند أهل القطاع فحسب، بل ما حولها من
حساب سياسي يشكل كابحا لتلك العملية. ولا شك أن حركة «حماس» تعمل المستطاع كي
لا تقوم اسرائيل الآن بعملية عسكرية
ستربكها جدا، خاصة حسابات الأمر
الواقع وسلطته التي تريدها أن تبقى دون
إنهاك أو ضعف أو غضب شعبي مضاعف لما هو
عليه الآن، انتظارا لقادم الأيام خاصة
في مصر وسوريا، ولذا تتصل بكل الجهات
داخليا وخارجيا وبشكل صريح وعلني
لتجنب حربا عدوانية، لم تشف بعد من
نتائج الحرب السابقة سياسيا وشعبيا. ولذا، فالحرب ضد القطاع لا تزال ضبابية
جدا، فلا هي ممكنة وأيضا لا يجوز القول
أنها غير ممكنة، ولكن في كل الأحوال قد
تقدم الطغمة العسكرية العدوانية في تل
أبيب على القيام بأعمال عسكرية
متنوعة، على رأسها إعادة ملف التصفية
والاغتيالات للقيادات السياسية
والعسكرية، وهو ما يراه بعض قادة
المحتل أنه قد يكون السلاح الجدى في
الوضع القائم. ضبابية حرب تلوح فوق مجهول السياسية
الداخلية منها، مصالحة، أو الخارجية
فيها مفاوضة وسط تلويح اوروبي بطرح
مبادرة جديدة للتسوية النهائية في
ابريل القادم، حيث أطلت مجددا بالكلام
عن ضرورة لذلك، قد يكون صدق نوايا
وأيضا قد يكون خبثها لتغطية عدوان
عسكري ضد أرض وشعب عربي. ملاحظة: خطر كبير يتهدد بعض حراك الشعوب
إن لم يتم تدارك الأمر مبكرا.. الفتنة
الطائفية واستخدام البعض لها .. سلاح
هدام يجب وأده في المهد ================= الافتتاحية الأحد 27-3-2011م بقلم رئيس التحرير علي قاسم الثورة لم يعد «شاهد العيان» مجرد ناقل دفعت به
المصادفة إلى أن يكون مصدر الحدث في
عالم اليوم.. وفي نهج الفضائيات. ولم يعد أيضاً في موقعه الحيادي الذي
اعتدنا عليه.. كما أنه ليس ذاك الراوي
الموضوعي. «شاهد العيان» هذا له مواصفاته.. وله
كلماته ومفرداته.. ويمتلك أيضاً قدرات
عجائبية على رؤية ما يعجز الآخرون عن
رؤيته.. وأن ينتقل مع الحدث، وأن يكون
داخل التفاصيل وحتى الأقوال والأحاديث
هو جزء منها! «شاهد العيان» أضحى رقماً محورياً في
معادلة الإعلام.. وطرفاً أسطورياً لا
غنى عنه.. يجيد تداول المفردة المطلوبة..
والمصطلح المحدد.. لا يحيد عنه.. وهو
يتشابه مع الشاهد الآخر.. والآخر ولو
كان في الجهة المختلفة كلياً، ويتماثل
معه العرض وصولاً إلى التوصيف مروراً
بكل التفاصيل..!! و«شاهد العيان» أيضاً أنموذج يصلح لكل
شيء.. لا تعييه الحيلة.. ولا تربكه
المفاجأة.. وليس هناك ما لايعرفه.. ولا
يوجد ما يخفى عنه.. ورغم حالة الانفعال
والتعاطف فإن صوته لا يتهدج، ونبرته لا
تتبدل..!! لم يعد المراسل.. ولا الموفد.. ولا المندوب..
مصدراً ينفع.. بل إن روايته ليست مصدر
ثقة، وتشوبها الكثير من الشكوك وتحيط
بها الريبة.. ومشاهد كاميرته خضعت
للمنتجة والقص واللصق والتركيب!!. وكل حديث يخالف رواية «شاهد العيان».. هو
حديث مرفوض.. بل يضيق الصدر به.. ولا
يستحق الإنصات إليه.. لذلك ليس له نصيب
في الإعادة ولا في العرض مرة أخرى!. وهكذا يراكم «شاهد العيان» حضوره.. حتى
يغدو نجماً أول.. وتغدو معه التفاصيل
الأخرى مجرد هوامش ضيقة لا تقدم ولا
تؤخر. اللافت أن هناك انجرافاً غير مسبوق في
تبنيه وتسويقه.. وفي الإنصات لروايته
واعتمادها وإلغاء البدائل الأخرى..
وهناك أيضاً تعمد واضح في رسم صورة
ملتبسة عن الآخر.. عبر مقاطع تصويرية
تفتقد إلى أدنى مقومات الدلالة، فهي في
مكان تصلح لأكثر من زمن، وتناسب أكثر
من مكان، وفي فاصل لا يتجاوز زمناً
محدداً. المفارقة أن مشهد الانحسار للدور
والمصداقية.. وملامح التناغم في اعتماد
ذلك الانحسار يشي بما هو خارج الصورة..
يضيف إلى التوابع عناصر أخرى.. ومقدمات
أخرى.. لا تتوافق، ولا يحق لها حتى
التعايش في جو مشبع بالأحكام المسبقة..
وبالغايات والخطط المعدة سلفاً. رسالة «شاهد العيان» تتضح يوماً بعد يوم..
وتتضح معها رسالة الإعلام المبوب داخل
أبواقه.. وذاك المنتعش خارجها.. وفي
الحالين ثمة مراهنة دائمة على الغوص
أعمق في سراديب الفتنة عن قنص آخر. لن يعدموا الوسيلة.. وهم الذين كانوا
دائماً بحالة استنفار بحثاً عنها..
وتعويضاً لبعضها الذي تلف.. وللكثير
منها الذي لم ينفع. وفي الوقت ذاته ثمة حاجة ملحة لتفاصيل
غائبة.. ولمعلومة غير مكتملة.. وفي
المشاهد العديدة التي جاءت كان هناك ما
يدفع به.. ما يجعل «شاهد العيان» ذاك
مجرد ملء لفراغ، وفي وقت لا يسمح
للفراغ أن يكون كل الوقت.. ولا يجوز ،
وفي زمن تتحول فيه الاتجاهات وتصبح
كشاهد العيان ذاك.. منبرها وصوتها واحد. ثمة حاجة فعلية لإعادة تسوير الحالة
بمشهد آخر فيه وقائع وتفاصيل وأحداث
فعلية، وليست مجرد انطباعات أو أمنيات
ورغبات يحركها الحقد أحياناً... والأجر
المدفوع أحياناً أخرى. «شاهد العيان» عملة رائجة هذه الأيام..
لكنها تفقد بريقها سريعاً.. وتنتفي
مبررات استخدامها بشكل أسرع. الأهم.. أنها تلغي ما تبقى من مسوغات. ================= محمد بن هويدن التاريخ: 27 مارس 2011 البيان تشهد المنطقة العربية منذ بداية العام
الحالي تطورات ديناميكية كبيرة كان
لها تأثيراتها على الدول الخليجية
التي لم تكن بمعزل عن ما يدور من حولها.
لكن كما يقال رب ضارة نافعة، حيث أن
تداعيات تلك التطورات أوضحت للدول
الخليجية العديد من الحقائق وأبرزت
دروساً من المفترض أن يتم الاستفادة
منها خلال المرحلة القادمة. ولعل
أبرزها حقيقة أن العمل الخليجي
المشترك ليس مجرد مصلحة بل هو مصير
يجمع الدول الخليجية الست الأعضاء في
منظومة مجلس التعاون الخليجي. وعليه
فإن العمل الخليجي المشترك يجب أن يعزز
وتكرس له الطاقات من أجل ترسيخ أركانه
وتعزيز ثوابته. وأن لا يترك للأزمات كي تبث فيه روح
الحياة. فالعمل الخليجي في كافة
المجالات السياسية والاجتماعية
والأمنية والعسكرية والاقتصادية لا بد
أن تعطى الأولوية وتبث فيه روح جديدة
قوامها العمل على تجاوز الخلافات وبدء
مرحلة جديدة من العمل الخليجي المشترك
القائم على المصير الواحد لا المصالح
المختلفة. وهذا يتطلب من الدول
الخليجية أن تكون يداً واحدة في مواجهة
التهديدات، ولسانا واحدا في التعامل
مع القضايا الخليجية، وأن لا يتم تغليب
المصلحة الفردية على المصير المشترك.
فمن المفترض أن يكون المصير المشترك هو
عنوان المرحلة القادمة من عمر مجلس
التعاون لدول الخليج العربية. كما أن تلك التطورات أوضحت بأن دول منظومة
مجلس التعاون الخليجي هي دول مستهدفة،
فهذه الدول تملك من الموارد الطبيعية
والإمكانات التنموية ما يجعل الآخرين
يضعونها على قائمة أولوياتهم. لذلك
فعلى دول المنطقة الخليجية أن تحذر من
لا يريدون للمنطقة الأمن والاستقرار
والنجاح في التنمية، باعتبار أن ذلك
يعتبر مهدداً لأمنهم واستقرارهم بل
ومنافسا لمشاريعهم الإستراتيجية.
فبينما دول الخليج العربية ترفع لواء
المشروع الحضاري التنموي في المنطقة
العربية فإن هناك دولا أخرى غير عربية
ترفع لواء المشروع الحضاري الرجعي
الذي قوامه المواجهة مع العالم الرافض
لفكرها. بل أنها ترفع حتى لواء التهديد لأمن
واستقرار الدول الخليجية من خلال
اللعب على ورقة الطائفية، التي لا محل
لها في دول المنطقة الخليجية إلا أنها
استطاعت ومن خلال عملائها المندسين
داخل المجتمعات الخليجية أن تبث
محاولات التشقق والفرقة والصدام مع
أصحاب المذهب الآخر، بهدف تحقيق
مصالحها وأهدافها التي لا تحقق صالح
أبناء شعوب الدول الخليجية بمختلف
مذاهبهم. كما أوضحت تلك التطورات حقيقة أن الدول
الخليجية لا يمكن أن تظل من دون حراك
وتطوير على المستوى الداخلي لكل دولة.
فبينما دول عربية في المنطقة تدخل«الموجة
الرابعة» من الإصلاح السياسي فإن دول
المنطقة الخليجية مازالت متراجعة بشكل
كبير. وبالتالي فإن التطوير السياسي
المدروس من خلال إشراك المواطن في
عملية صنع القرار أمر ضروري للمحافظة
على خصوصية الأنظمة السياسية القائمة
في المنطقة الخليجية. ويجب أن لا تتخوف
الأنظمة الخليجية من مثل هذا التطوير. فهذه الكويت أحدثت إصلاحات سياسية منحت
مجلس الأمة صلاحيات تشريعية واسعة،
إلا أن ذلك لم يهدد النظام السياسي بل
عزز من قوة وصلابة العلاقة القائمة بين
الشعب والنظام الحاكم. لذلك فعلى الدول
الخليجية أن تستمر في عملية تطوير
نظامها السياسي بشكل يسمح لمزيد من
المشاركة السياسية لمواطنيها، ويحقق
التنمية السياسية في البلاد، ولعل
الدول الخليجية قد بدأت فعلياً في هذا
المجال واستطاعت بحكمة أن تعطي تلك
الإصلاحات حيزا هاما على قائمة
أولوياتها مما يُكتب لصالحها. كما أوضحت تلك الأحداث الحاجة إلى تطوير
مفهوم المواطنة في المجتمعات الخليجية.
لقد أنعم الله علينا في دول الخليج
بشعوب مرتبطة بحب وولاء لدولها،
وإخلاص وتفان لأنظمتها. وهذا مكسب عظيم
لا بد المحافظة عليه عن طريق تعزيز
المواطنة وممارستها الحقيقية على أرض
الواقع. فالمواطن هو ابن البلد بغض
النظر عن خلفيته العرقية والمذهبية
والفكرية، فالكل سواسية أمام القانون
في الحقوق والواجبات. لذلك فعلى الجميع
أن يحس بهذه الروح من خلال ممارساته
اليومية في مجتمعه. فلتكن المرحلة
القادمة مرحلة تعزيز هذا الأمر فكراً
وممارسة في كافة الدول الخليجية. بالإضافة إلى ذلك فإن الأحداث أبرزت
الحاجة أيضاً إلى الاهتمام الأكبر
بالتنمية البشرية وأن تكون هي المرتكز
الأول لبناء الإنسان في المجتمعات
الخليجية، لذلك فعلى الجهود التنموية
أن تتجه نحو تنمية حياة الإنسان من
خلال توفير احتياجاته الضرورية من
مسكن ووظيفة بالإضافة إلى التعليم
والصحة. ولعل القدرات المادية والحمد
لله متوفرة في الدول الخليجية لذلك
فلابد أن يتم الاستثمار في هذا الجانب
حتى نرفع من مكانة المواطن الخليجي ولا
يكون أسير مطالب من المفترض أن لا تترك
حتى تصل إلى أن تصبح مشاكل. لقد قطعت الدول الخليجية مشوارا طويلاً
وناجحاً في مجال تنمية مجتمعاتها، وهو
ما يحسب لصالح قيادتها السياسية التي
تمكنت من تحقيق ذلك من خلال الاعتماد
على أسس الحكم الرشيد القائم على فلسفة
التوزيع المنصف للثروة والابتعاد عن
الفساد. وإن كان هناك من مجال لطرق مزيد
من مثل تلك الانجازات على المستويين
الخليجي والمحلي خلال المرحلة
القادمة، فإننا على ثقة كبيرة بان
القيادة السياسية الخليجية لن تتوانى
عن فعل ذلك. ================= آخر تحديث:الأحد ,27/03/2011 حسام كنفاني الخليج هل كان من المفترض أن يسقط عشرات القتلى
قبل أن تبدأ الأنظمة العربية في مسيرة
الإصلاح؟ سؤال موجه إلى المسؤولين الذين بدأوا
الآن التفكير، ودراسة خطط إصلاحية
لتجنب الغضبات الشعبية غير المسبوقة
التي باتت بمنزلة كابوس يؤرّقهم . بعد عشرين أو ثلاثين عاماً من الحكم،
يتذكّر المسؤولون اليوم أن “الإصلاح
واجب”، وأن التغيير لا بد أن يقوم، وأن
“لا رئاسة مدى الحياة”، وأن التدوال
على السلطة يجب أن يكون سلمياً، وأن
محاربة الفساد واجبة، وأن رأي الشعب
يفترض أن يؤخذ بعين الاعتبار . كل هذه
الأمور، وغيرها كثير، تم إدراكه
حالياً من قبل المسؤولين الخائفين على
كراسيهم . ها هو مسؤول يعلن أنه مستعد لمغادرة
السلطة قبل نهاية العام الحالي عبر
انتخابات مبكرة، رغم أنه قبل أيام
قليلة كان مصّراً على إتمام ولايته
الرئاسية حتى يومها الأخير، وقبل ذلك
بأسابيع كان يعد مشروع تعديلات
دستورية لتأبيد بقائه في الحكم
والتوريث أيضاً . مسيرة من التنازلات لم تعد تنفع، ولا سيما
أن الشعب اختبر الوعود على مدى عقود،
وثمة من لم يتعلم دروس من سبقوه، وجاءت
التنازلات متأخرة جداً، وبعد فوات
الأوات، وبعدما أفلتت الأمور من يديه،
وبعدما سال الدم في الشارع . وعند
امتحان الدم لا مكان للمساومة . في بلد آخر لا يبدو أن الدروس وصلت، وجاءت
الأحداث لتثبت ذلك . النظام في سوريا تعامل مع الأحداث بنفس
المنطق السائد، أي قمع وسقوط قتلى .
وبعد الضحايا، خرج النظام ليعلن عن “إصلاحات”،
هناك من اعتبرها أقل ممّا هو مطلوب،
ولا سيما أن الإعلان جاء على شاكلة “وعود”؛
سنعلن، سندرس، سنشكل لجنة . وعود في
إطار الإصلاحات السياسية، أما
المعيشية فقرارت فورية لزيادة الرواتب
ورفع الضرائب، وما إلى ذلك من أمور
يستفيد منها المواطن بشكل مباشر، كأن
القصة هي في شراء الصمت . الوعود السياسية التي أطلقت أقل من جيدة،
لكنها قد تشكّل منطلقاً لعملية
إصلاحية، في حال تعاطى معها النظام
بجدية . فوعود كثيرة أطلقت قبل أعوام
ولم تحظ بنصيب من التنفيذ . لابد من
الاستفادة من الدروس، فإسالة الدماء
لم تنهِ الثورات، والإصلاح السياسي
الجدي المبكر هو الوسيلة الوحيدة، فهل
يتقدم جدياً على ماعداه؟ ================= ثورة الأنترنت لن تتوقف
عند حدود فلسطين! المستقبل - الاحد 27 آذار 2011 العدد 3951 - نوافذ - صفحة 13 ماجد كيالي بات للفلسطينيين "سلاح" جديد، يمكن
لهم استخدامه في كفاحهم من اجل حقوقهم،
وهو شبكة الانترنيت بتفرعاتها، وأهمية
هكذا سلاح تكمن في أنه متاح للجميع،
فهو سلاح فردي وجمعي بنفس الوقت، فضلا
عن أنه سهل، وغير مكلف، ولا يتضمن
تبعات معينة، لا مادية ولا جسدية. عدا عن كل ما تقدم، فنحن نتحدث هنا عن سلاح
شرعي، وعلني، وديمقراطي، وسلمي، وهو
سلاح مؤثر إلى درجة انه يحيّد الآلة
العسكرية الإسرائيلية، ويجعلها غير
ذات قيمة في مواجهته، وأنه يخترق كل
الحدود والتحصينات والحواجز،
الجغرافية والبشرية والسياسية. معلوم أن الفلسطينيين اكتشفوا شبكة
الانترنيت مبكرا، ولكن وعيهم لأهمية
استثمارها في كفاحهم ازداد بعد ثورتي
الشعب في تونس ومصر، حيث باتت لها
أهمية خاصة عندهم. فعدا عن أنها وسيلة
إعلامية تسهم بالتعريف بقضيتهم، وتفضح
السياسات الاستعمارية والعنصرية
والتسلطية التي تنتهجها إسرائيل ضدهم،
وتوسّع من التضامن الدولي معهم، فهي
أيضا باتت بمثابة وسيلة توحيد لهم، بعد
أن افتقدوا المؤسسات والمرجعيات
والإطارات الجمعية. هكذا فمع هذه الشبكة العنكبوتية،
وتفرعاتها من فيسبوك وتويتر ويوتيوب
وسكايب وغوغل، ذات الأبعاد التواصلية
والتفاعلية، يحاول النشطاء
الفلسطينيون إعادة بناء مجالهم
المجتمعي والسياسي، بالصوت والصورة
والكلمة المكتوبة، وإن على الشبكة
الافتراضية، بعد أن حرموا منها على ارض
الواقع، بسبب وجود إسرائيل، وجمود
الحال السياسية في الساحة الفلسطينية،
وطغيان حال الاختلاف والانقسام فيها. وتفيد الإحصاءات بأن ثمة 600 ألف مشترك
فلسطيني في شبكة الانترنيت
العنكبوتية، ومعظم هؤلاء لهم صفحات
على مواقع الفيسكوب، وثمة مئات من
المجموعات، على هذه الشبكة الاجتماعية.
وفي تقرير نشره مكتب الإحصاء المركزي
الفلسطيني فإن 57 في المئة من السكان
الفلسطينيين (في الضفة وغزة) ممن سنهم
فوق العاشرة يستخدمون الحاسوب، و32 في
المئة منهم يستخدمون الانترنت. وكانت
صحيفة"وول ستريت جورنال" نشرت
تقريرا أفادت فيه أن قطاع غزة هو صاحب
الرقم القياسي لمستخدمي الانترنت في
العالم العربي (حتى أكثر من إمارات
الخليج). ("معاريف"،8/3). الواقع أنها ليست تلك هي المرة الأولى
التي يحاول الفلسطينيون فيها التعويض
عن الواقع بالمجال الافتراضي، للتحايل
على التمزيق القسري لمجتمعهم، وعلى
شتاتهم، وعلى السلطات المتحكمة بهم،
ففي مرحلة سابقة ظهرت منظمة التحرير
الفلسطينية باعتبارها الكيان السياسي
المعنوي الموحد لهم، وهاهم أمام سلطة،
أو أمام دولة، من نوع افتراضي، أيضا،
في الضفة والقطاع، أي تحت هيمنة
الاحتلال. طبعا، لا يعني ذلك أن الفيسكوب، وما
شابهه، يمكن أن يحلّ محل الإطارات
السياسية، أو محل المؤسسات في
المجتمع، أو محل النضال الشعبي ضد
الاحتلال على الأرض، لكن القصد هنا لفت
الانتباه إلى حقيقة مفادها أن
الفلسطينيين كانوا، على الدوام،
محكومين بالواقع الافتراضي، وأنهم
ظلوا يسعون لتحويل الحالة الافتراضية
إلى واقعية. ويكمن تفسير ذلك في أن الفلسطينيين غالبا
ما يشعرون بأنهم يعيشون في زمان
افتراضي، وفي مكان افتراضي أيضا، فكل
مؤسساتهم وأحلامهم افتراضية؛ وبما أن
الزمن الحالي هو زمن انترنتي (افتراضي
أيضا) فقد انخرط الفلسطينيون فيه
بحماسة بالغة، في محاولتهم للبحث عن
الزمان والمكان الواقعيين، كما في
محاولة منهم لإيجاد ذاتهم وهويتهم،
وإلا فما معنى مصطلح فلسطينيي 48؟ وما
معنى فلسطينيو الداخل وفلسطينيو
الخارج؟ وما معنى فلسطيني لاجئ (وهو
يقيم في ارض أمته العربية الافتراضية
أيضا)؟ وما معنى الشعب الفلسطيني حقا؟
وما معنى سلطة وطنية تحت الاحتلال؟ وما
معنى منظمة التحرير كممثل شرعي وحيد
لهذا الشعب؟ الآن، يحاول الفلسطينيون عبر فيسبوك
وتويتر (وغيرهما) توحيد مجالهم
الاجتماعي، وإعادة تعريف أهدافهم
الوطنية، ووعي التمايزات والأولويات
بينهم، ربما في مسعى أولي لتوليد رؤيا،
أو مسار، قد يفضي إلى رؤيا بشأن صوغ
مستقبل مشترك، يضمن وحدة الشعب ووحدة
الأرض. ومعلوم أن مشكلة الفلسطينيين،
في تعريفهم لذاتهم، ومحاولتهم
لاستنهاض أحوالهم، وتحقيق الاجماعات
بينهم، لا تقتصر على وجود إسرائيل،
فثمة، أيضا، حال التمزق والتخلف
العربيين، والحدود العربية،
والسياسات السلطوية العربية، وكذا
الحرمان من جواز السفر، ومن الهوية،
وثمة، أيضا، القيود الفصائلية، التي
حرمت أو حدت من التواصل والتفاعل فيما
بينهم. هكذا بات الفلسطينيون، على اختلاف أماكن
تواجدهم، يتواصلون ويتفاعلون
ويتشاركون معا في شبكات انترنتية
واحدة، فتجد الفلسطيني في مناطق 48
يشترك في شبكة واحدة مع الفلسطيني في
مخيم حندرات (في أقصى شمال سورية)، ومع
فلسطيني آخر في استراليا وغير ذلك في
أوروبا وفي أمريكا اللاتينية. ويبدو من
ذلك أن هذه الشبكة وحّدت الفلسطينيين
أكثر مما وحدتهم الفصائل، أو بعد أن
فرقتهم الفصائل. والأهم من ذلك،
وبفضله، بات الفتحاوي يشترك في ذات
الهموم مع آخر حمساوي وشعباوي وحزباوي
(من الجبهات أو الأحزاب المتعددة)،
متجاوزا الإطارات الفصائلية الضيقة،
والمنغلقة على ذاتها؛ كما بات
المستقلون يعبرون عن ذاتهم، بنوع من
الاريحية والاعتزاز بالنفس. لا يعني ذلك أن ليس ثمة اختلاف في
الأولويات والهموم بين الفلسطينيين،
في كافة أماكن تواجدهم، وعلى اختلاف
انتماءاتهم أو خلفياتهم السياسية
والفكرية، فهذا أمر طبيعي، وإنما
القصد من ذلك أن هؤلاء الفلسطينيين
باتوا أكثر قدرة على التواصل والتفاعل
والوصول إلى توافقات في ما بينهم، أكثر
بكثير مما تتيحه الإطارات السياسية
الموجودة، والتي أضحت إما مستهلكة
وعاجزة ومتقادمة، أو إنها أصبحت مجالا
للاختلاف والانقسام والاحتراب. اللافت أن السلطات الفصائلية لاتبالي
تماما بشبكات التواصل الاجتماعي بين
الفلسطينيين، ولا تهتم باستنتاج العبر
مما جرى في تونس ومصر، في حين تبدي
إسرائيل اهتماما كبيرا بها، لاسيما
أنها أخرجت نوعا من الانتفاضة على
السلطة في الضفة وغزة، أي على فتح
وحماس (في منتصف مارس/آذار الماضي). وماذا يعني ذلك؟ هذا يعني أن هذه الشبكات،
التي تجاوزت السلطة والفصائل، يمكن أن
تصنع انتفاضة ثالثة، من نوع آخر، حيث
ثمة تحليلات إسرائيلية تحذر من أن رياح
الثورة والتغيير، التي هبت على العالم
العربي، لن تقف عند حدود فلسطين؛ فماذا
ستفعل إسرائيل في مواجهة طوفان من ثورة
شعبية سلمية، وهادئة، ذات ملامح
ديمقراطية، وعلمانية، وعابرة للحدود؟
لعله من المفيد تجربة ذلك، فعلا. ================= التغيير العربي للخروج
من الأوهام تاريخ النشر: الأحد 27 مارس 2011 رضوان السيد الاتحاد لا يكاد يوجد بلد عربي من المغارب إلى
المشارق إلاّ ولدى شعبه مظالم وعوامل
احتقانٍ تراكمت عبر العقود. أقول ذلك
هنا للمرة العاشرة أو أكثر، أمّا عنوان
المقال هنا فمستعارٌ من كاتبٍ بريطاني
ردَّ عليَّ عام 2007 عندما ذكرتُ بمناسبة
التوتُّرات في لبنان وفلسطين آنذاك؛
أنّ البلدين تحوَّلا إلى ساحةٍ
للصراعات الإقليمية والدولية، وما
ولَّدتْهُ من استقطاباتٍ، وسط الغياب
والفراغ العربيين. فقد غزا الأميركيون
أفغانستان والعراق، وانتصروا
لإسرائيل، وتجاذبوا وتبادلوا الصفقات
والصفعات مع قوى إقليمية، ورفعوا شعار
الديمقراطية في وجه الأنظمة، ذاهبين
إلى أنّ شعوب الأمة العربية سوف تنصرفُ
عنهم أو تدعمُهُمْ في مواجهة أنظمتها
الاستبدادية! وقلتُ في ذلك المقال إنّ
الأميركيين واهمون، فالوقت ليس وقت
الإصغاء إليهم وهم الغُزاة، ولدى
الأنظمة فُرصةٌ يكونُ عليها انتهازُها
من أجل الإصلاح واستعادة الشرعية عبر
التقارُب مع شعوبها. وقتَها سِخر من
"أَوهامي" أحد معارفي
الأكاديميين، هو سامي زُبيدة، وقال في
صحيفة "الإندبندنت" إنّ أنظمة
المشرق العربي هي مثل الأميركيين
تماماً، لا تريد الإصلاح ولا تفكّر
فيه، وتعلمُ أنّ استمرارها منذ أزمنةٍ
وأزمنةٍ لا يتعلق برضا الشعوب أو
غضبها، بل برضا أو سكوت الأميركيين.
وتابع زُبيدة أنّ المثقف العربي ليس
مهتماً بحريات الشعوب العربية؛ بل
بالفراغ الاستراتيجي الذي يُعانيه
العربُ بسبب عجز الأنظمة وتَبعيتها. على أنّ زُبيدة وغيره ما كانوا سيئي الظنّ
والتقدير بالحدّ الكافي! وما يجري
بسوريا منذ أيام، أكبر الأدلّة على ذلك.
فالنظام هناك لا تقلُّ مشاكلُهُ مع
شعبه عن الأنظمة في مصر وتونس وليبيا
واليمن، ولعدة جهات: الأحوال
المعيشية، والحريات العامة، ووجود
الحزب الحاكم، والفساد، وتاريخ
الأجهزة الأمنية. ومع ذلك، فعندما بدأت
أحداث ميدان التحرير بمصر قال الرئيس
السوري لصحيفة "وول ستريت جورنال"،
إنه ليس حليفاً للولايات المتحدة بحيث
يحدث عنده ما حدث بمصر وتونس، ثم إنّ
الشعب السوري ليس مهيَّأً للديمقراطية
ولابد من التدرُّج. ولو عذرناهُ في هذا
الكلام، فكيف نعذُرُهُ بعدما حدث
ويحدث في ليبيا واليمن! كان بوُسعه فعل
الكثير لرسْم معالم مسارٍ يُميِّزُهُ
عن الآخرين. إذ عنده من جهةٍ رصيدٌ
إقليميٌّ ودوليٌّ يريد له النجاح في
تجاوُز هذه المرحلة باعتبار أنّ سوريا
كانت قاعدةً للاستقرار طوال عقود رغم
كلّ الاهتزازات. إنما المطلوب منه دعم
هذا الاستقرار بالاتجاه للإصلاح ولو
بالتدريج. فقد مضى عليه في السلطة أكثر
من عشر سنوات، ما بلغ فيها عُمُرُ "ربيع
دمشق" غير أقلّ من عام. وعنده أعدادٌ
كبيرةٌ من المعتقلين السياسيين، ولدى
شعبه مصاعب معيشية بالغة، وقد تعرض
لضغوطٍ شديدةٍ بلجوء مئات الآلاف من
العراقيين إلى البلاد. ونحن نعرفُ الآن
أنّ هناك فئات واسعة من الشعب السوري
ما كانت مُوافقةً على سياساته في
لبنان، وتُجاه "حزب الله". كُلُّ
تلك المشكلات المتراكمة منذ عهد
والده، والمتزايدة في عهده، ما جرت
مواجهتُها إلاّ كما واجهتْها الأنظمة
العسكريةُ العربيةُ الأُخرى. فكلُّ
حركةٍ مهما بلغ صِغَرُها بالداخل يجري
قمعُها بقسوة، ويُتّهمُ بها
الأميركيون وعملاؤهم. ومساء الخميس
الماضي عندما كانت بُثينة شعبان تُعلن
عن قرارات الرئيس وقيادة الحزب،
افتتحت إعلانَها بأنّ سوريا مستهدَفة
لأنها تدعم "المقاومة"! ويتجاوز
الأمر ذلك إلى "المحور" الذي
اعتصم به النظام السوري، وبخاصةٍ في
سنوات بشار الأسد، ورغم ذلك فالنظام
العربيَّ لم ييأسْ منه، وتعاونت
السعودية معه في فلسطين والعراق
ولبنان من أجل التوفيق والتضامُن
واستعادة الاستقرار في البلدان
الثلاثة. إنما في الحالات الثلاث حسم
النظام أمره لصالح محوره الإقليمي. كنتُ أحسب على مدى أسابيع أنّ النظام
السوريَّ يملك فُرصة للاستيعاب
والتجاوُز عبر الإصلاح والجرأة في
ذلك، وإظهار وجْهٍ للنظام غير ما عرفه
الناس منه عبر عقود. لكنّ الذي حصل
بدرعا وغيرها في الأيام الماضية، أظهر
أنّه ما يزال يعيش في ثمانينيات القرن
الماضي، حين كان القمعُ يُمارَسُ ضد
الناس تحت شعار: مواجهة إسرائيل
وأميركا! لذلك لا أعرفُ الآن ماذا
ينبغي أن نتوقَّعه، لأننا بالفعل لا
نعرفُ الكثير عن الاتجاهات الشعبية
الرئيسية، وإنْ كان الراجح أنّ الشعب
السوريَّ مثل سائر الشعوب العربية
يريد التغيير والحريات والمشاركة. والأمر في الأردن مختلفٌ بعض الشيء. ف"الإخوانُ
المسلمون" حزبٌ ظاهرٌ ومنظمٌ ويعمل
في الشأن العام تحت اسم "جبهة العمل
الإسلامي". وكانت العلاقةُ بينهم
وبين النظام أفضل أيام الملك حسين،
وأوائل أيام ابنه عبد الله. لكنّ
النظام تعامل معهم ببعض الاستخفاف
وتغيير قوانين الانتخابات باستمرار
لإسقاطهم، فسيطرت في أوساطهم قياداتٌ
متشددة تدعم "حماس"، وتريد العودة
لمحاربة إسرائيل. فمُحازبو "الإخوان"
في معظمهم من أصول فلسطينية. بيد أنّ
النظام اصطدم أيضاً بجهات قَبَلية
أردنية نافذة، لأسبابٍ تتعلق بالتمثيل
النيابي وفي مجلس الأعيان، وطرائق
تأليف الحكومات المتكاثرة والمتسارعة
والمنقضية. كما كان هناك من انزعج
لانحياز زوجة الملك إلى الفلسطينيين!
وتعرض الأردن أيضاً لضغوطٍ شديدةٍ من
جهة العراق؛ إذ لجأ إليه حوالي مليون
عراقي معظمهم من السنة، مثلما حدث مع
سوريا. وبذلك فقد أُضيفت المشكلات
المعيشية والتنموية إلى المشكلات
السياسية. ولاشكَّ أنّ التحرك الثوري
العربي، والذي يلعبُ فيه الإسلاميون
دوراً بارزاً، شجَّع "إخوان"
الأردنّ على المُضيّ بمطالبهم إلى
الحدود القُصوى؛ بحيث يتعذر إمكان
التفاوُض أو الوصول إلى حلولٍ وسط.
فهناك من جهة احتمال التطور إلى نزاع
أردني فلسطيني. وهناك احتمال عودة
الفكرة الإسرائيلية الخبيثة بشأن"
البديل الأردني"، أي أن يسيطر فيه
الفلسطينيون ويصبح "الوطن البديل"! بدأ الباحثون الاستراتيجيون الأميركيون،
في زمن الثورات العربية، يقسمون
المجتمعات العربية إلى قسمين:
المجتمعات الصافية، مثل تونس ومصر،
وهذه يمكن أن يتغير النظام فيها دون أن
تتهدد وحدتها المجتمعية أو السياسية.
والمجتمعات المختلطة، وهي التي لا
ينبغي أن يتغير النظام فيها بسبب
الأخطار التي يمكن أن تتهدد وحدتها
الداخلية، وإنما يجب الآن أن تتغير
السياساتُ فيها باتجاه الرحابة
والانفتاح الديمقراطي. ولاشكّ أنّ
ليبيا واليمن وسوريا والأردن
والبحرين، هي بلدانٌ في مجتمعاتها
اختلاطٌ يمكن أن يحدث فيه انقسامٌ؛
لذلك يكون من الضروري أن تُسارع
أنظمتها إلى إجراء إصلاحات جذرية تحقق
شيئاً من المشاركة السياسية. إنما يبدو
أنّ هذه الأُمنية فات أوانُها في ليبيا
واليمن، والمرجوّ أن لا يفوتَ ذلك في
الأردن وسوريا والسودان وموريتانيا
والبحرين، رغم كل ما جرى حتى الآن. ================= الديمقراطية... من أجل
السلام الآن مروان المعشر وزير خارجية الأردن الأسبق خافيير سولانا الأمين العام الأسبق ل"الناتو" ينشر بترتيب مع خدمة "بروجيكت
سنديكيت" تاريخ النشر: الأحد 27 مارس 2011 الاتحاد مع اجتياح التغيير الثوري لمختلف أرجاء
العالم العربي، فمن السهل أن نتصور أن
الوقت الآن ليس مناسباً لدفع عملية
السلام بين إسرائيل وفلسطين. وإلى أن
ينقشع الغبار في الشرق الأوسط، فإن
خريطة الطريق القديمة تبدو عتيقة، وقد
تشير الحكمة التقليدية السائدة إلى أن
التقدم باتجاه إبرام اتفاق سلام في ظل
الاضطرابات الإقليمية الحالية ليس
مجرد فكر قائم على التمني. بيد أن العكس هو الصحيح. فرغم الجهود
العديدة التي منيت بالفشل في الماضي،
فإن الفرصة متاحة الآن أمام الولايات
المتحدة وإسرائيل للدفع نحو التوصل
إلى تسوية دائمة. ويتعين على كل طرف أن يبدأ التفكير في
الشرق الأوسط بشكل مختلف. كان النهج
القديم الذي تبناه المجتمع الدولي
يتلخص في إعطاء الاستقرار الأولوية
على الديمقراطية ومتابعة عملية السلام
الإسرائيلي العربي على مسار منفصل
تماماً. بيد أن هذه السياسة أثبتت
فشلها، إذ لم تنته جهود السلام
المنعزلة إلى أية نتائج ملموسة. وإذا كانت رغبة الولايات المتحدة وبقية
القوى العالمية صادقة في إحراز تقدم
فيما يتصل بالأهداف الثلاثة،
الاستقرار والإصلاح السياسي والسلام،
فيتعين على كافة الأطراف أن تفهم
الكيفية التي ترتبط بها هذه الأهداف،
وأن تسعى إلى تحقيق ثلاثتها في نفس
الوقت وبصورة شاملة. والواقع أن انتقاء
واختيار أي التحديات ينبغي أن تكون محل
اهتمام أولاً لن يؤدي إلا إلى زيادة
خطر تحولها إلى مشاكل مستعصية. كانت الولايات المتحدة متخلفة عن المسار
منذ اللحظة التي اندلعت فيها
الاضطرابات، في محاولة للحاق بالأحداث
مع الإطاحة باثنتين من الحكومات
الاستبدادية بفعل احتجاجات شعبية، وفي
الوقت نفسه تحاول أنظمة حاكمة أخرى
التشبث بالسلطة قدر الإمكان. ويتعين
على الولايات المتحدة الآن أن تحتل
مركز الطليعة. وبينما تحاول واشنطن
والمجتمع الدولي معالجة الأحداث
المتلاحقة، فسيكون من الخطأ ترك عملية
السلام خارج الأجندة. ففي حين تتعلق
مطالب المتظاهرين العرب بالحكم في
الداخل، فإن الاضطرابات الحالية يمكن
استخدامها كوسيلة للمساعدة في إنهاء
الصراع الذي أربك العالم طيلة عقود من
الزمن. إن تأخير عملية السلام
الإسرائيلية الفلسطينية يشكل خطأً
باهظ التكاليف. وكما تعلمنا من الخبرات
المريرة فإن الانتظار لن يؤدي إلا إلى
تعقيد فرص التوصل إلى تسوية سلمية. التعاطف مع توق الجماهير العربية للحرية
والديمقراطية لا ينفصل عن التعاطف مع
حلم الفلسطينيين بالحياة الكريمة
والاستقلال، وهو ما يتضمن في نظر هذه
الجماهير إنهاء الاحتلال بطبيعة الحال.
لذلك يتعين على الولايات المتحدة ألا
تكون انتقائية في دعمها للحرية
والديمقراطية. ولم يكن هذا أكثر صدقاً
مما هو عليه اليوم، وإذا لم ير الناس
أميركا باعتبارها نصيراً حريصاً على
حل الدولتين، فإنها سوف تظل متخلفة
كثيراً عن المسار وسوف تضر بمصالحها في
الشرق الأوسط. ويتعين على إسرائيل أيضاً أن تعيد النظر
في سياساتها. ففي ظل النتائج المترتبة
على الإصلاح السياسي، لن يصبح بوسع
إسرائيل الزعم بأنها واحة الديمقراطية
الوحيدة في صحراء الشرق الأوسط. ومع
تغير الظروف على الأرض سوف يكون من
الصعب على نحو متزايد أن نتجاهل مطالبة
الفلسطينيين بالاستقلال. وسوف تتحول
مخاوف إسرائيل من تزايد العداء لها في
المنطقة إلى حقيقة واقعة إذا رأت
الأنظمة الديمقراطية الجديدة أن
إسرائيلية تعرقل الخطوات نحو التوصل
إلى حل ناجع وعادل. وفي الوقت نفسه فإن
عملية السلام المدعومة من قِبَل
حكومات عربية منتخبة وأكثر شرعية، سوف
تساعد على ترسيخ السلام والاستقرار
على المدى البعيد. ومع تضاؤل الفرصة السانحة لحل الدولتين
بسرعة، فإن التسوية السريعة تصب في
مصلحة الجميع. أما الانتظار والتعلل
بالأمل في ظروف أكثر ملاءمة فقد يأتي
بنتائج عكسية تماماً. وإذا لم يبدأ
التحرك نحو السلام مع تبلور الأنظمة
الديمقراطية العربية الجديدة، فإن
وجهات النظر السلبية إزاء إسرائيل
والولايات المتحدة سوف تصبح أكثر
تصلباً. وكما شهدنا جميعاً في الأشهر الأخيرة،
فإن الرأي العام العربي يشكل أهمية
واضحة. والتصورات السيئة لن تسفر إلا
عن تعقيد جهود السلام في المستقبل،
وجعل التوصل إلى إنجاز حقيقي أبعد
منالاً. لاشك أن دور الولايات المتحدة
سوف يصبح أقل تأثيراً في الشرق الأوسط
الجديد في ظل حكومات جديدة أقل تسامحاً
مع استمرار الاحتلال. وإذا زعمنا أنه لا يمكن صنع السلام في ظل
حكومات وأنظمة تمر بفترة من التغيير،
فإننا بهذا نتجاهل حقيقة مفادها أن
الجهات الخارجية في مثل هذه الظروف على
وجه التحديد تصبح قادرة على مد يد
المساعدة في صياغة العملية. وبدلاً من
العمل في بيئة تتسم بقدر أقل من النفوذ
أو حيز أصغر للمناورة، فإن دفع عملية
السلام الآن من شأنه أن يساعد في تقريب
الجماهير العربية من الغرب ومنح
الولايات المتحدة مزيداً من النفوذ في
الشرق الأوسط الجديد. والواقع أننا لم
نعد قادرين على تقبل مفاوضات ثنائية لا
تنتهي بين إسرائيل وفلسطين؛ إذ لابد أن
يكون الحل إقليمياً. إن الشرق الأوسط في الغد لم يعد كما كان
قبل شهرين فقط، لكن الهيئة التي سوف
تتخذها المنطقة في نهاية المطاف ليست
معلومة على وجه اليقين. والولايات
المتحدة لديها فرصةٌ الآن للانحياز
إلى الجانب الصحيح من التاريخ
والمساعدة في تشكيل اتجاهه من خلال دعم
الإصلاح الحقيقي ودفع عملية السلام
المتوقفة. وفي النهاية، يتعين علينا أن
ندرك أن الثورة على الحكم الرديء تمثل
فرصة لتحقيق الاستقرار والسلام، وليس
الديمقراطية فحسب. إن هذه الأزمة،
شأنها في ذلك شأن العديد من الأزمات
التي سبقتها، تمثل فرصة يُعَد إهدارها
خطيئة لا تغتفر. ================= بين مشروع الإصلاح
ومشروع الفتنة محمد كنايسي البعث 27--3-2011 لا شك في أن حزمة القرارات السياسية
والخدمية التي أقرتها القيادة
القطرية، والتي جاءت استجابة لمطالب
جماهير الشعب في مختلف محافظات
البلاد، وليس في درعا فقط، قد بثت
الارتياح الكبير في النفوس، وهو ما
عبرت عنه تظاهرات ومسيرات التأييد
التي عمّت تلك المحافظات. وإذا كان ثمة
من تظاهروا للتعبير سلمياً عن ضرورة
تنفيذ تلك القرارات بالسرعة القصوى،
فإن ذلك لم يخرج عن صورة الارتياح
العام، ولعلّه أكمل هذه الصورة، لأن
الرغبة في سرعة التنفيذ ليست مقصورة
على فئة دون أخرى، فالجميع يريد هذه
السرعة بمن فيهم القيادة السياسية،
حيث قالت الدكتورة بثينة شعبان
المستشارة السياسية والإعلامية في
رئاسة الجمهورية: إن التوقيت والسرعة
هما من صلب القرارات... وإذا كان ثمة أيضاًَ من تظاهروا
ويتظاهرون سلمياً للمطالبة بمحاسبة
المسؤولين في الأحداث الأليمة التي
وقعت في درعا، حتى بعد الإعلان عن
تشكيل لجنة عليا مكلفة بهذه المهمة،
فإن تحركهم مفهوم ومشروع، بل هو تأكيد
على أن النفوس لن تهدأ إلا بتحقق هذا
المطلب المحق وبأقصى سرعة ممكنة. لا مشكلة إذاً في المطالبة السلمية
بأفعال حكومية وليس بأقوال، بل لا
مشكلة في الاستمرار برفع المطالب
الإصلاحية مما تناولته القرارات ومما
لم تتناوله، إذ لا يوجد أي موضوع
مناقشته محرّمة على ما قالت المستشارة
أيضاً. وما دامت المطالبة الإصلاحية
تتم تحت سقف الوطن، وبالأسلوب السلمي
الذي ينبذ كل أشكال العنف، فإنها تخدم
الإصلاح الذي يتفق الجميع على أنه بات
حاجة حيوية للبلاد. لكن المشكلة كل
المشكلة تكمن في أن ثمة من يريدون
الإيحاء بأنهم متظاهرون سلميون
يتعرضون للعنف الأمني، بينما هم
يرتكبون في الحقيقة أعمالاً جرمية
تتجاوز الشغب العادي إلى حرق المنشآت
وترويع المواطنين وقتلهم عشوائياً،
مستعينين ببعض الفضائيات المغرضة على
تقديم روايات مُختَلَقة تُبعِد عنهم
التهمة وتجافي الحقيقة تماماً. ولقد بدأ تطور الأحداث الجارية بالكشف عن
ملامح مشروع فتنة طائفية قذر يستهدف ما
شكَّل على مرِّ الزمن أحد مصادر قوة
سورية وتميزها وغناها الثقافي الذي
طالما أثار الإعجاب، أعني ذلك النموذج
السوري الجميل والفريد للوحدة الوطنية
والعيش المشترك. ولا يمكن لمشروع بهذه
الخطورة، يدرك السوريون مراميه
المدمرة جيداً، ويرفضونه رفضاً
قاطعاً، أن يمت بصلة للإصلاح أو لغيره
من الأهداف السياسية النبيلة، ذلك أن
من يريد الإصلاح يصدر عن إرادة وطنية
صادقة همها الوحدة الوطنية والعيش
المشترك والأمن والاستقرار، فضلاً عن
التنمية والديمقراطية والعدالة
الاجتماعية، وكل ذلك من أجل سورية أكثر
قوة في مواجهة العدو الامبريالي
الصهيوني لتحرير الأرض واستعادة
الحقوق المغتصبة، وسورية أكثر قدرة
على قيادة المشروع النهضوي العربي،
وأعظم تأثيراً في محيطها الإقليمي
والدولي. أما من يريد إسقاط النظام
وزعزعة أمن واستقرار البلد وضرب وحدته
الوطنية وتقويض أسس العيش المشترك بين
مختلف مكوناته، فلا يمكن لأي تسمية
ثورية مهما بلغ بريقها أن تخفي هدفه
الخارجي الذي فشلت كل محاولات الضغط
الهائل التي تعرضت لها سورية، ولاسيما
خلال العشرية الماضية، في تحقيقه، ألا
وهو الهدف المتمثل بإسقاط سورية
القرار المستقل، سورية الكرامة
الوطنية والقومية، سورية حاضنة
المقاومة العربية للمشروع الأمريكي
الصهيوني في المنطقة. وبين مشروع الإصلاح الوطني ومشروع الفتنة
البغيضة يحتدم اليوم صراع لا يجب الشك
لحظة واحدة في نتيجته، ذلك أن حزمة
القرارات التي نُفِّذَ بعضها وأخذ
بعضها الآخر طريقه إلى التنفيذ، والتي
ليست سوى أول الغيث في سلسلة من
القرارات والإجراءات التي ستلبي كل
التطلعات الشعبية، تؤكد أن قطار
الإصلاح الوطني الاقتصادي والاجتماعي
والسياسي قد أقلع بقوة، وسيجرف في
طريقه كل أعدائه من فاسدي الداخل
وأدوات الخارج لأنه يعمل بطاقة لا
تقاوَم هي هذا التلاحم الوطني الذي
يتجلى اليوم كأقوى ما يكون بين الشعب
وقائده. ================= دمشق منوعات الاحد 27 آذار 2011 بقلم علي جمالو تشرين لا تفيد معرفة الحقيقة بعد فوات الأوان ,
والحديث بلغة إنشائية جوفاء في هذه
الساعات العصيبة يشبه استخدام المخدر
لا أكثر ولا اقل , نحن في مواجهة شاملة
فرضتها حالة المنطقة وتداعياتها بعد
الزلزال الاستراتيجي الذي ضرب جدار
إفريقيا الشمالي من تونس إلى ليبيا إلى
مصر إلى غزة والأطراف المتضررة من تلك
التحولات تدفع بكل قواها لخلط الأوراق
من جديد وما هذه الحرائق التي يفتعل
إشعالها هنا وهناك في أطراف البلاد
لإغراقها في الفوضى والتعمية الشاملة
إلا دلائل وبراهين على ما ينتظرنا إذا
لم نفلح في وأد الفتنة وإطفاء الحرائق
في مهدها قبل أن تتحول إلى وحش أسطوري
يسلبنا الاستقرار الذي تحسدنا عليه
الأمم , طبعاً أنا لا أقفز فوق حقائق
الوضع الداخلي وقد برهنت الإجراءات
الأخيرة على أن الإدارة بدأت بمعالجته
وهي جادة في ذلك ومن المتوقع أن نشهد في
الأيام القليلة القادمة استكمالا لهذه
الإجراءات بدءاً من إلغاء قانون
الطوارئ وليس نهاية بقانون جديد
للأحزاب والصحافة وصولاً إلى تعديلات
دستورية جوهرية , والآن .. لنسأل من
المستفيد من إدخال سورية في جحيم
الفوضى .؟ من المستفيد من إشعال هذه
الحرائق .؟المستفيد من استحضار المناخ
الطائفي وقد ابعد شعبنا شبحه عن البلاد
منذ عشرات السنين .؟ لماذا تصر بعض
الفضائيات وبعض وكالات الأنباء على
استخدام اللغة الطائفية البغيضة وهي
تقوم بتضخيم أعداد المتظاهرين .؟ لماذا
.. وألف ألف لماذا .؟ من يجيب على هذه الأسئلة وكيف يجيب هذا هو
السؤال , والإجابة هنا ستكون لا قيمة
لها إذا لم تأخذ بعين الاعتبار حقائق
المنطقة ودور وهدف كل طرف فيها :
إسرائيل , الولايات المتحدة والوكلاء
وفي المقابل سورية والمقاومة
والأصدقاء , الآن .. الأرض مشبعة بمادة
البنزين والذين يشعلون النار من
الخارج يريدون القتال حتى آخر سوري ,
يريدون القتال وهم خارج الحدود آمنين
في غرفهم المكيفة أمام أجهزة
الكومبيوتر , والذين يلعبون بأعواد
الثقاب من الداخل يضعون أنفسهم في خدمة
هذا المشروع الجهنمي تحت مسميات براقة
ظاهرها مطلبي وباطنها محشو بالألغام ,
فينبجس دم الأبرياء وتتعاظم المخاطر ,
نعم .. نعم نريد الحرية ونريد إلغاء
قانون الطوارئ ونريد العدالة
الاجتماعية ونريد مكافحة الفساد
ومحاكمة الفاسدين ونريد الدفاع عن
كرامة كل مواطن وهذه واجبات الدولة ,
نعم نريد ذلك ولكن من غير أن نخسر
الاستقرار والأمان لبلدنا وشعبنا , نعم
لدينا أخطاء , نعم تأخرنا في الإصلاح
ولكن هذا لايعني أن نشعل البلد بمن
فيها ونشتعل معها ونقضي على حاضرنا
ومستقبلنا في عملية لا اسم لها سوى
الانتحار , إن مهمة كل سوري في هذه
الساعات العصيبة إطفاء الحرائق في
النفوس قبل الأمكنة بل في الأمكنة
والنفوس وعدم الاستماع إلى صوت الفتنة
وفحيحها الذي تسوّقه لنا فضائيات
لديها مهماتها ووظائفها أو فضائيات
استحدثت لمثل هذا اليوم , يديرها
مغامرون سفلة يعرفون حجم الأضرار التي
تقع على البلد والشعب ويستمرون
بأفعالهم القذرة , مغامرون بل تجار
سلاح يتربحون على دماء الشهداء الذين
سقطوا وسط هذا الضجيج والتحشيد
المفتعل والدجل المبرمج , إن دم هؤلاء
الشهداء الطاهر هو دمنا جميعا وأهلهم
نحن ومحنتهم محنة كل سوري واستهدافهم
استهداف كل سوري ولذلك الخلاص الخلاص
في التبصر في أحوال البلاد وفيما يرسم
لها وما ينفذ , التبصر يوصلنا إلى فهم
واستيعاب كل حركة وتحرك , كل تصريح
وموقف , كل فعل ورد فعل , والفهم يضيء
لنا طريق العمل وسط هذا الظلام الدامس
ويعطينا الحكمة بعدما أرادوا مصادرتها
بالجنون , لقد كتبت مقالة في هذا المكان
قبل أسبوعين , أي قبل بدء المحنة بخمسة
أيام , كانت بعنوان ( حدود الصبر ) نبهت
فيها إلى دور خطير يقوم به فريق لبناني
خسر السلطة في بلده بسبب سياساته
الصبيانية , دور بشع عماده اللعب
باستقرار سورية وتهديد وحدتها الوطنية
واليوم سأقول لهذا الفريق ومن يقف خلفه
في بلدان أخرى ستخسرون رهاناتكم كما في
كل مرة , وخصوصاً هذه المرة لأنكم لا
تأخذون وعي المواطنين السوريين بعين
الاعتبار , ستخسرون ولن تدخل سورية في
الفوضى التي تحلمون بها يا أعداء الله
والعقل و الإنسان , وستقتلكم سمومكم
وأحقادكم بل ستقتلكم الخيبات التي
تنتظركم وراء كل شجرة , وراء كل تلة من
تلال بلادنا التي سقيناها بدمائنا
وأرواحنا , لقد مرت علينا أيام عصيبة
منذ قررنا أن نكون مستقلين
واستقلاليين , احتلت الولايات المتحدة
العراق ووصلت دباباتها إلى الحدود
السورية وصمدنا , حاصرونا فاكتشفوا
أنهم هم من وقع في الحصار وعادوا الى
دمشق من أبوابها السبعة ليجدوا
سماواتها المفتوحة وأرضها الذهب
وإنسانها الذي من تسامح وود , قتلوا
رئيس وزراء لبنان واتهمونا بدمه ونحن
أبرياء وصمدنا , شنوا حرب تموز
لإسقاطنا وقتل المقاومة فانتصرت
المقاومة وصمدنا , شنوا حرب غزة لإبادة
الفلسطينيين وإضعافنا ولم ينجحوا , في
كل عام مواجهة بل في كل شهر مواجهة
والبلد عصية شامخة , اليوم يخترعون
خلطة جديدة من أحقاد بعض المهزومين
للدخول إلى استقرارنا من ثقوب أخطاء
ارتكبناها ولكنهم سيفشلون , سلاح
السوري اليوم وعيه وسينتصر , سينتصر
وسيعالج أخطاءه بشجاعة ويمضي في
مشروعه السياسي والإصلاحي ولن يعرف
الحقد أبداً .. رحم الله الشهداء. ================= دمشق رأي الاحد 27 آذار 2011 رشا عيسى تشرين رد السوريون بعفوية على محاولات تشويه
صورتهم وتضييق مطالبهم بالحياة
والكرامة والتعايش، والتقوا في ساحات
الوطن مجسدين نشيدهم الوطني «رفيف
الأماني وخفق الفؤاد على علم ضم شمل
البلاد». هذه حقيقة يعرفها كل سوري، لكن ما يجهله
الآخرون هو حجم المؤامرة المدارة
إعلامياً ضد سورية من خلال قلب الأحداث
تارة، وتشويهها تارة أخرى، والتنبؤ
بها أحياناً، حتى تجاوزت التوقعات ما
يحدث فعلاً وغابت الصورة الحقيقية
تماماً، واستبدلت بأخرى قائمة على
التحريض والتجييش والتضخيم للحدث،
وملتصقة بأجندة مموليها الذين يسوقون
أنفسهم دعاة للحقيقة المصطنعة طبعاً،
وكأن ما يجري أشبه بحرب مفترضة باتت
تفاصيلها ونتائجها واضحة فقط لهؤلاء
المحرضين، أما الشارع السوري فيمارس
حياته بشكل اعتيادي مندهش من سيل
الأخبار الكاذبة متسائلاً متى تلجم
ضمائر المفسدين المحرضين؟ تعددت أدوات التلفيق، واندثرت حقيقة
الوضع على شاشات التلفزة، مستغلين من
ركب موجة «التظاهر» بقصد التخريب
والتحريض، معتمدة على الغموض في نقل
الحدث إضافة إلى التعليقات
والافتراضات والتحليلات التي تقفز
بالوضع إلى جبهة مشتعلة لا يمكن لأحد
التنبؤ بعقباها. إذاً، هل هو «استبداد إعلامي» يلاحقنا؟
ليحرض على قتل عنصر الحياة في مجتمع
سمته الأساسية التنوع والقدرة على
التعايش ضمن شروط من التعاون
والتسويات المجتمعية التي أفرزت
انسجاماً مع سياساتها الخارجية، ورفضت
ما هو مصطنع أو مصنوع خارجياً وفقاً
لخلطة هذا الخارج. تتكرر محاولات افتعال الفتنة والتخريب
بين أطياف المجتمع السوري، تحت عباءة
التخفي وراء مطالب حياتية والقصد هو
البلبلة، ويستخدم الخارج مسلحين
مدربين لترويع الشارع، وخلق حالة من
التوتر وشل الحياة وتظهير الصورة على
أن الدول وأجهزة الأمن تتربص بالمواطن
لافتعال الفوضى! وأي عاقل يصدق هذا! هل يريدون أن يحولوا سورية إلى بؤرة خراب
وفتنة؟ هذا سؤال لا يحتمل إجابات
مفتوحة لأن السوريين أقدر على إصلاح
ذاتهم وفهم مطالبهم وتنوعهم وهم
الأقدر على صيانة سمعتهم وضمان وحدتهم.
لا مكان للفتنة في سورية، ورهاننا اليوم
على وعي وإدراك الشعب السوري للظروف،
وهذا الرهان هو الرابح. ================= صحيفة غلوبس العبرية :
قائمة فساد تضم رؤوس أنظمة عربية
وعالمية 27/3/2011 الفجر فرض زعماء دول العالم على فرض سرية تامة
على ثرواتهم، ودار حول تكوين هذه
الثروات العديد من علامات الاستفهام،
التي ربما كانت سبباً في الثورات
الشعبية ضد عدد من حكام المنطقة
العربية، ووفقاً لقائمة اعدتها صحيفة
"غلوبس" الاقتصادية العبرية،
يمتلك الرئيس السوري بشار الاسد ما بين
30 الى 40 مليار دولاراً، تدور
استثماراتها بين اعضاء أسرة الاسد
داخل وخارج الجمهورية السورية، ونقل
التقرير العبري عن عناصر وصفها
بالمعارضة لنظام حكم الاسد تقديراتها،
بأن ثروة أسرة الاسد تجاوزت سقف ال 40
مليار دولاراً، ويعتبر جزءاً كبيراً
من هذا المبلغ ثروة خاصة للأسد الابن. بشار الأسد وعائلته وبحسب الصحيفة يرى "دورون باسكن"
مدير وحدة الأبحاث في مؤسسة "انفو
برو" الاسرائيلية، فإنه من الصعب
تقدير ثروة الاسد وافراد اسرته، او
ترجمتها الى ارقام محددة، وانما يمكن
التأكيد على ان ما بين 12 الى 15 مليار
دولاراً، هى الجانب الاكبر من ثروة
اسرة الاسد، يديرها "رامي مخلوف"
ابن خال الرئيس السوري بشار الاسد
وكاتم اسراره، إذ قام مخلوف بجمع مبالغ
مادية ضخمة، هى في الاساس حصيلة عمليات
الخصخصة الاقتصادية التي جرت في سوريا
خلال الاونة الاخيرة في مجالات
العقارات والمواصلات والهواتف
النقالة والمناطق الحرة. ومن بين فروع عائلة الاسد التي تدير جزءاً
من تلك الاموال "اسرة الاخرس"،
التي تنتسب اليها "اسما" زوجة
الرئيس السوري، ويبلغ حجم الاموال
التي يستحوز عليها هذا الفرع مليار
دولار، ويجري استثمارها في شركات
عقارية بلندن ولبنان، وخلال الاشهر
القليلة الماضية اسست الاسرة شركة
لتنظيم العمليات الاستثمارية التي تخص
اموالها. اما جميل الاسد شقيق الأسد
الاب، فيستأثر بما يربو على خمسة
مليارات دولار، وبعد وفاة جميل اتضح
انه كان يمتك ما يزيد عن 160 منزلاً في
سوريا، وعدد لا يقل عن ذلك من القصور
والفيلات في اوروبا خاصة في فرنسا، وتم
ايداع مبالغ كبيرة من امواله في مصارف
باوروبا ولبنان، الامر الذي خلق اجواء
من الخلافات بين اسرته "الورثة"،
حول حصول كل طرف على نصيبه من التركة. اما ثروة كامل الاسد ابن عم بشار فتدور في
حجمها وفقاً لصحيفة غلوبس العبرية حول
ملياري دولار، ويسيطر كامل الاسد على
معظم الاستثمارات في منطقة الساحل
الشمالي لسوريا. ويأتي دور رفعت الاسد
المنفي بفرنسا، عم الرئيس السوري
بشار، إذ تقدر ثروته بما بين 4 الى 7
مليارات دولار، ويضع رفعت الاسد معظم
استثماراته وثروته في فرنسا واسبانيا،
ويعد رفعت من اكبر المستثمرين في بورصة
باريس، إذ يمتلك فندقاً كبيراً بضاحية
مارسي الفرنسية، وكازينو في مالطا،
بالاضافة الى محطة تلفزيونية "ANN". مبارك الأب والأبناء ويحتل الرئيس المصري السابق حسني مبارك
المركز الثاني في قائمة الصحيفة
العبرية، التي اكدت امتلاك اسرته ما
بين 40 الى 70 مليار دولار، ووفقاً لما
نقلته صحيفة "غلوبس" عن نظيرتها
البريطانية ال "تليغراف"، نقل
مبارك امواله الخاصة التي تقدر بثلاثة
مليارات دولار الى مصارف في نيويورك
ولندن وباريس وبفرلي هيلز، وكانت
معلومات أخرى قد تناقلتها وسائل
الاعلام قد اشارت الى ان مبارك يضع
امواله في بنك UBS
السويسري، وبنك "أوف سكوتلاند"
التابع ل "لويدس" البريطاني،
ووفقاً لمعلومات نشرها احد مراكز
الابحاث المصرية، يمتلك مبارك خلال
السنوات الثلاثين الماضية ما يقرب من 19
طناً من البلوتونيوم، ويودعها في حساب
خاص بأحد بنوك سويسرا، وتقدر قيمة
البلوتونيوم الذي يمتلكه مبارك ب 15
مليار دولار. الى تلك المعطيات تمتلك اسرة مبارك بحسب
الصحيفة العبرية عقارات "أصول ثابتة"
في باريس ودبي ومدريد وفرانكفورت
ومصر، ومن المعروف ان مبارك يمتلك
عدداً من المنازل في منهاتن وبفرلي
هيلز، بينما يمتك جمال مبارك الذي كان
يعده الاب لتولي مقعد الرئاسة خلفاً له
عدة منازل في ارقى أحياء العاصمة
البريطانية لندن، فضلاً عن امتلاك
العائلة يختين تقدر قيمتهما ب 60 مليون
دولار. وتقول الصحيفة العبرية: "ان
معظم اموال اسرة مبارك تم جمعها من
خلال اتفاقيات عسكرية وشركات ائتمان
وشراكة مع هيئات ومؤسسات أجنبية، كانت
لها استثمارات ضخمة في مصر". ويفرض القانون المصري بحسب "غلوبس"
حصول الشركاء المحليين على 51% من قيمة
هذه المشاريع للحيلولة دون خروج حق
الادارة بعيداً عن مصر، ويمتلك "جمال
وعلاء مبارك" نصيباً ليس بالقليل من
اسهم توكيلات الشركات الخاصة الكبرى
في مصر، ولم يدفع الشقيقان مقابلاً
لحصولهما على هذه الاسهم، ومن هذه
التوكيلات هيونداي، سكودا، مالبورو،
وشبكة مطاعم تشيلسي. زين العابدين وليلى الطرابلسي وعن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين
بن علي، فتقول تقارير صحيفة غلوبس
الاقتصادية العبرية: "قبل اضطراره
للفرار من بلاده، كانت اسرته واسرة
عقيلته ليلى طرابلسي تسيطران على ما
بين 30 الى 40% من اقتصاد تونس". ووفقاً
لمعطيات منظمة "ترانسفرانسي
انترناشيونال" جمعت العائلتين
مبالغ مادية ضخمة تقدر ب عشرة مليارات
دولار، شملت استثماراتها مختلف
المصارف وشركات التأمين والسياحة
والمؤسسات العقارية العملاقة. وطبقاً
لتقارير موثقة حوّلت ليلى طرابلسي ما
يقرب من 1.5 طن من الذهب الى دبي، منذ
اندلاع الشرارة الاولى للثورة
التونسية، فكان التونسيون على قناعة
بأن اسرتها هى رمز الفساد الاول في
بلدهم، إذ كان اشقاؤها يهيمنون على
الفنادق الفارهة في تونس، والمحطات
الاذاعية والمصانع والشركات العقارية
والاراضي التي تم تمويل شراؤها عن طريق
روض ممنوحة بنوك سيطر عليها بن علي
ورجاله، وتمكنت ليلى من خلال هذه
القروض والمنح من بناء مدرسة، خاصة
بأبناء الطبقة الثرية من الاجانب
والتونسيين، وكانت ليلى قد حصلت على
قطعة الارض التي اقيمت عليها المدرسة
في مدينة قرطاج كمنحة من الحكومة
التونسية، تلى ذلك حصولها على قرض من
الحكومة التونسية بقيمة مليون ونصف
المليون دولار، الا انها باعت المدرسة
قبل تشغيلها لعدد من المستثمرين
البلجيكيين مقابل مبلغ ضخم لم يُعلن عن
مقداره، دون ان تتكلف دولاراً واحداً. بالاضافة الى ذلك سيطر اشقاء قرينة
الرئيس التونسي على منظومة المصارف في
البلاد، بينما اشترى ابن اخ الرئيس
التونسي المخلوع زين العابدين 17% من
اسهم البنك التجاري التونسي، قبل ان
يتم خصخصة البنك بفترة وجيزة، وبذلك
سيطر مبروك ابن شقيق الرئيس التونسي
على البنك، الذي تم طرح 35% من اسهمه
للبيع للجمهور. وبحسب الصحيفة العبرية
لم تغفل ليلي الطرابلسي نصيب والدتها
"الحاجة نانا" من كعكة ثروة
الرئاسة التونسية، إذ اضحت حماة زين
العابدين بن علي وسيطاً رئيسياً في
كافة الصفقات الكبيرة مقابل حصولها
على نسبة ليست بالقليلة. القذافي واستثماراته المتشعبة اما الزعيم الليبي معمر القذافي فقدرت
ثروته ب 30 مليار دولار بحسب صحيفة
غلوبس العبرية، التي اشارت الى انه في
اعقاب العقوبات التي فرضها مجلس الامن
الدولي على نظام الحكم في طرابلس، منعت
الولايات المتحدة القذافي وعائلته من
التصرف في ثروة تقدر ب 30 مليار دولار،
واعلنت عن ذلك في حينه وزارة الخزانة
الاميركية، كما تم تجميد اموال لأسرة
القذافي في البنوك الكندية بلغت
قيمتها 2.4 مليار دولار، فيما ابلغ بنك
استراليا المركزي عن تجميد 1.6 مليار
دولار، واحبطت بريطانيا محاولة
القذافي تحويل 1.4 مليار دولار، غير ان
الرئيس الليبي لا زال يمتلك ثروة كبيرة
داخل بلاده، كان تم توزيعها على مختلف
البنوك والمؤسسات العقارية والتجارية. ووفقاً لما نقلته آلة الاعلام العبرية عن
التايمز البريطانية، نقل القذافي سراً
خلال الاونة الاخيرة 4.8 مليار دولار
لأحد مراكز الاستثمار العملاقة الخاصة
في لندن، بينما يمتلك ابنه سيف الاسلام
اقطاعية كبيرة في العاصمة البريطانية،
طرحها مؤخراً للبيع مقابل 18 مليون
دولار، اما معظم ثروة سيف الاسلام
الخاصة فتقدر ب 70 مليار دولار، ويوجد
هذا المبلغ الضخم وفقاً لتحقيق نشرته
صحيفة "نيويورك تايمز" بأحد
الصناديق الاستثمارية التي اقامها
القذافي الابن منذ خمس سنوات تقريباً،
ويستثمر هذا الصندوق امواله في دار
النشر البريطانية العملاقة "بيرسون"،
ونادي كرة القدم الايطالي "يوفنتوس".
بالاضافة الى ذلك استثمر معمر القذافي
بعينه في عام 2009 ما يقرب من 22 مليون
دولار، في شبكة متشعبة من الفنادق
الايطالية، خاصة في مقاطعة "لاكويلا".
وتدور علامات الاستفهام التي ابرزها
تحقيق ال "نيويورك تايمز" حول
سيولة مادية تقدر ب 50 مليار دولار، كان
صندوق الاستثمارات الذي انشأه القذافي
الابن يستحوز عليها، إذ يقول عدد من
الخبراء والمستخدمين في الصندوق: "انها
ارصدة سرية، وكانت آخر دورة استثمارية
لها في عام 2008، وتوجد معظم هذه الاموال
في بنوك ليبية ودولاً اخرى في منطقة
الشرق الاوسط، بعيداً عن امكانية
خضوعها للعقوبات الدولية المفروضة على
ليبيا". وتنقل صحيفة غلوبس العبرية
عن وثائق ويكيليكس، ان حجم ثروة
القذافي كانت سبباً مباشراً في نشوب
خلافات حادة بين ابنائه، الذين يحصلون
على دخل ثابت من ايرادات ليبيا
النفطية، إذ يتخطى حجم صادراتها
النفطية حاجز عشرات مليارات الدولارات
سنوياً. صدام حسين وقصي لم يستنكف تقرير صحيفة "غلوبس"
العبرية الحديث عن ثروة الرئيس
العراقي السابق صدام حسين، مشيراً الى
ان ثروته كانت تقدر في الماضي بما بين 10
الى 20 مليار دولار، كانت جميعها حصيلة
ما دخل حسابه الخاص من صفقات واستغلال
للثروات العراقية. ووفقاً لتقديرات
وصفتها "غلوبس" بالغربية، امتلك
الرئيس العراقي الراحل شبكة شركات
مالية سرية في جنيف، أدارها آنذاك عدد
من كبار رجال الاعمال العراقيين، وعمل
هؤلاء في تلك الشبكة غطاء للرئيس
العراقي المخلوع او بالوكالة عنه،
سواء بتهديد من صدام حسين، او بعد
حصولهم على اموال ضخمة على سبيل الرشى،
وحتى الان بحسب الصحيفة العبرية ليس من
المعروف مصير هذه الاموال او الشركات
التي كانت تُدار لحساب صدام حسين، الا
انه خلال السنوات الماضية تمكنت
العقوبات المفروضة على بغداد من تجميد
5.5 مليار دولار في الولايات المتحدة
وبريطانيا وكندا وسويسرا وفرنسا،
ووفقاً لتقديرات اقتصادية غربية اودع
صدام حسين 3 مليارات دولار في بنوك
سورية. وقبل ساعات معدودة من الغزو الاميركي
للعراق، سحب قصى ابن صدام حسين مليار
دولار من البنك المركزي العراقي، ووضع
نصف هذا المبلغ في حسابه الخاص، اما
النصف الاخر فوضعه في حساب احد كبار
مستشاري والده. وفيما يتعلق بأموال قصى
صدام حسين فتشير تقديرات عبرية الى انه
احتفظ بها قبل وفاته لدى احدى الأسر
السورية المقربة من عائلته. تكشين شينوترا، ولوران غباغبو ولم تقتصر معطيات صحيفة "غلوبس"
العبرية على ثروات الزعماء العرب،
وانما وصلت الى زعماء عالميين، وذكرت
في مقدمتهم رئيس وزراء تايلند المُقال
"تكشين شينوترا"، مشيرة الى انه
كان معروفاً بلقب برلسكوني جنوب شرق
آسيا "بعيداً عن قضاياه الجنسية"،
وطبقاً للمعلومات العبرية امتلك
شينوترا 1.9 مليار دولار "غير خاضعة
للضرائب"، وقبل اقالته من رئاسة
الوزراء انتج عدداً من الافلام
التسجيلية، التي اوضح فيها كيف انه
اعاد بناء الاحياء الفقيرة في بلاده
على نفقته الخاصة. ومثل نظيره الايطالي
اشترى شينوترا نادياً لكرة القدم "مانشستر
سيتي"، الذي باعه بعد ذلك بعام لعدد
من اثرياء النفط بأبوظبي مقابل 210
مليون جنيه استرليني، ليحقق مكاسب من
وراء تلك الصفقة بلغت 20 مليون جنيه
استرليني. وكان رئيس وزراء تايلند المُقال يمتلك
ثروة تقدر ب 2.3 مليار دولار، غير ان
المحكمة العليا في تايلند قضت بمصادرة
1.4 مليار دولار من امواله، معلنة في
حيثيات حكمها ان شينوترا جمع بعض
امواله من مصادر غير شرعية ولزم عليها
التنازل عن جزء منها لصالح البلاد،
وكان شينوترا قد حوكم وأدين بتهمة
استغلال اموال الدولة العامة في دعم
ثروته ومشروعاته الخاصة. اما لوران غباغبو الذي تدور حول شرعية
رئاسته لساحل العاج اجواء من الجدل،
فتشير معطيات صحيفة "غلوبس"
العبرية، الى انه من الصعب تعقب حقيقة
ما يدور من قضايا فساد او غيرها في
بلاده، نظراً لانشغال وسائل الاعلام
العربية والعالمية بتغطية التطورات
السياسية الدراماتيكية في منطقة الشرق
الاوسط، غير ان المؤشرات المؤكدة تشير
الى انه قبل خسارة غباغبو في
الانتخابات الرئاسية، ورفضه التنازل
عن منصبه الامر الذي كان سبباً في
اندلاع حرب اهلية بالبلاد، سحب غباغبو
بطريق غير مشروع ما يربو على 152 مليون
يورو من البنك المركزي التابع لدول غرب
افريقيا. ================= خورشيد دلي الوطن السورية 27-3-2011 ما الفرق بين الإصلاح والفوضى؟ بين الوعي
والارتجال؟ بين إدراك المستقبل
والتأسيس له؟ وبين الدخول في مرحلة
مجهولة مفتوحة على كل الاحتمالات؟ أسئلة تطرح نفسها بقوة في ظل ما يجري في
العالم العربي هذه الأيام من حراك
اجتماعي وسياسي خرج من صمت العقود
الماضية ويريد أن يؤسس لمرحلة جديدة،
لعل عناوينها هي الديمقراطية والحرية
والعدالة الاجتماعية والمشاركة
السياسية، وهي دون شك مطالب محقة
للشعوب العربية التي تأبى إلا أن تعيش
بكرامة في عالم يتطور بشكل سريع وينفتح
على المزيد من التحديات. السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه هنا، هو
كيف السبيل إلى تحقيق الإصلاح؟ دون مواربة، أقول إنه في ترجمة ميكانيكية
وخاطئة لما حدث في تونس ومصر ثمة في
العالم العربي من نسي كل شيء وبدأ يرفع
فقط شعار (الشعب يريد إسقاط النظام)
متناسياً أن لكل بلد طبيعته وخصوصيته
وظروفه واختلافه عن الآخر، ولعل ما
يجري في ليبيا يؤكد صحة هذا الأمر، (فالثورة)
على نظام القذافي تحولت إلى عملية
عسكرية غربية على ليبيا على غرار
أفغانستان والعراق، وسر النفط حاضر
فيما جرى ويجري، والأهم تعاظم مخاطر
تقسيم البلاد فضلاً عن حجم الأضرار
والخسائر التي ستكشفها الأيام
المقبلة، بغض النظر فيما إذا كانت
المسؤولية تقع على عاتق القذافي أم
المعارضين لحكمه. في المغرب القريبة من ليبيا برز مسار
مختلف، وهو مسار الإصلاح، النظام أدرك
بقوة أن وقت الإصلاح والتغيير حان،
فانخرط في عملية واسعة بينما ظل الشعب
يراقب كل شاردة وواردة، وهكذا حافظ
الطرفان على السلم والتعايش ودخلا في
عملية إصلاح واسعة من أجل المستقبل، في
اليمن ثمة عملية مماثلة بدأت تسير على
الرغم من الدم الذي أريق في العديد من
المدن. مقدمات، أردت منها الوصول إلى بلدي سورية
التي لها خصوصية كبيرة، نظراً لموقعها
في السياستين الإقليمية والدولية من
جهة، ولتركيبتها الحضارية الداخلية من
جهة ثانية حيث التعايش بين الأديان
والحضارات والهويات الثقافية منذ قرون
طويلة، وعليه ينبغي القول إن عملية
الإصلاح هنا تأخذ شكل عملية دقيقة
وحساسة. دون شك، الخطوات التي خرجت بها القيادة
مؤخراً في مجال قانون الطوارئ
والأحزاب والإعلام.. وغيرها، وكذلك
توجيهات الرئيس بشار الأسد بعدم إطلاق
النار على المحتجين والإفراج عن
المعتقلين... دون شك هذه الخطوات
والتوجيهات تشكل منطلقاً قوياً
لإصلاحات نصبو إليها ونسعى إلى
تعميقها بشكل هادئ وعقلاني، فالحرية
تتجسد في النهاية في مثل هذه العملية
وعبر القوانين والدساتير وليس
بالفوضى، والديمقراطية كعملية سياسية
عبر الإصلاح والتغيير هي التي تفتح
المجال للمشاركة في الحياة السياسية
بغض النظر عن الانتماءات الحزبية
والسياسية. إن المناخ الجديد في البلاد فتح باب
الإصلاح على مصراعيه للانتقال إلى
مرحلة جديدة، وعكسه أي الفوضى يضع
الجميع أمام مخاطر جسيمة. ================= هل بدأت الثورة تدق
أبواب الشام؟ الأحد, 27 مارس 2011 خالد الدخيل الحياة تحدث موجة الثورات الشعبية ضد أنظمة جاءت
في أغلبها إلى الحكم يوماً ما باسم
الشعب. وفي هذا السياق، كان المفترض أن
تبدأ هذه الموجة في سورية قبل مصر،
وقبل تونس. فسورية تمثل النموذج العربي
في القمع، وغياب الحريات، وسوء
الأوضاع الاقتصادية. ولكن لأن
الافتراض لا يتطابق دائماً مع الواقع،
يبدو أن الثورة جاءت إلى سورية متأخرة
عن ذلك قليلاً. هل حقاً بدأت الثورة تدق
أبواب الشام؟ صحيفة «الوطن» السورية
شبه الرسمية تجيب على السؤال بالإيجاب.
كتبت هذه الصحيفة يوم الخميس الماضي
مقالاً لافتاً تحت عنوان «نحن في معركة
ولسنا في نزهة»، مشيرة بذلك إلى
تظاهرات الاحتجاج التي اندلعت في بلدة
درعا، جنوب سورية. تقول إن «ما تخوضه
سورية الآن ليس كما يصور على أنه موجة
احتجاجات تطالب بإصلاحات. إن ما تواجهه
البلاد هو معركة حقيقية مع قوى خارجية...
هدفها الوحيد زعزعة أمن واستقرار
سورية، وهذا ليس كلاماً إنشائياً هذه
معلومات، لذلك على كل السوريين التحرك
لحماية وطنهم والحفاظ عليه بكل السبل
المتاحة، ونتوجه هنا إلى علماء الدين
أولاً بضرورة توعية الناس والمصلين
لما يحدث». وهذا هو المنطق نفسه، منطق
المؤامرة، والجماعات المسلحة
المندسة، الذي حكم رد فعل كل الأنظمة
التي واجهت موجة الثورة. وهو منطق لا
يعتبر الشعب طرفاً في المعادلة
السياسية، وإنما مصدر تهديد للنظام،
مثله في ذلك، مثل العصابات المسلحة.
الغريب أنه منذ اليوم الذي نشر فيه هذا
المقال لم يتم تحديث الموقع
الإلكتروني للصحيفة، ما يشير إلى أنها
تعرضت للتوقيف. وإذا صح ذلك، فالأرجح
أن السبب يعود إلى أن الصحيفة تحدثت عن
شيء ما كان ينبغي لها تحت وطأة
المفاجأة أن تتحدث عنه، وفي هذا
التوقيت المبكر من بداية الاحتجاجات.
والأغرب أن تكون الحكومة السورية
نفسها فوجئت، كما صحيفة «الوطن»،
بالاحتجاجات، وسرعة انتشارها خلال
أسبوع. حجم القتلى بين المتظاهرين في
درعا، والصنمين خاصة، يوحي بأنها
تفاجأت، أو أن هذا هو الاستعداد الذي
اتخذته مسبقاً. لسورية، مثل غيرها من الدول العربية،
علاقة غريبة مع مصطلح الثورة. ومن يلقي
نظرة سريعة على تاريخ سورية المعاصر
سوف يلاحظ بأن مفردة «الثورة» تحتل
مكاناً بارزاً في الخطاب السياسي لكل
الأنظمة التي حكمت هذا البلد العربي
منذ أكثر من ستين سنة. ورغم ذلك لم
تتحقق «الثورة» تحت أي من المسميات
التي كانت شائعة: لم تتحقق ثورة
اشتراكية رغم أن «الاشتراكية» مكون
أساسي لاسم حزب البعث. ولم تتحقق ثورة
قومية، رغم أن صفة «العربي» هي الصفة
الرئيسية لهذا الحزب. ولم تتحقق بالطبع
ثورات أخرى، إسلامية أو ليبرالية، لأن
النخب السياسية السورية آنذاك لم تدع
يوماً أنها في هذا الوارد. ماذا يعني
ذلك؟ يعني ببساطة أن الذي تحقق هو كثير
من الاستبداد، والقمع، والبيروقراطية.
ومن ثم فإن ما أصبح متعارفاً عليه داخل
سورية وخارجها، وهو أن مصطلح «الثورة»،
كما الخطاب الذي ينتظمه، ليس أكثر من
لغو في القول، أو شعار أيديولوجي مفرغ
من كل مضامينه، يراد له أن يغطي حقيقة
ما حدث ويحدث على أرض الواقع. يبدو أن الرئيس الراحل حافظ الأسد أدرك
بذكائه اللماح، أن هذا الوضع وصل إلى
ذروته أثناء حقبة زميله صلاح جديد.
لذلك عندما راوده طموح إزاحة صلاح
جديد، وأن يختط لنفسه حقبة مختلفة لحكم
سورية، قرر أن ينأى بنفسه عن مصطلح «الثورة»،
وما تميز به في الخطاب السياسي السوري
من تخشب وروتينية. اختار بدلاً من ذلك
مصطلح «حركة» ليصف العملية التي وصل
بها إلى الحكم، أو ما يعرف ب»الحركة
التصحيحية» في خريف 1970م. وكان هذا آخر
انقلاب عسكري عرفته سورية منذ ذلك
التاريخ، ما يعني أن أبرز إنجازات
الأسد أنه خلص سورية من ظاهرة
الانقلابات، وأمن لها استقراراً
سياسيا استمر حتى الآن لأكثر من أربعة
عقود. لكن ما الذي كان يريد حافظ الأسد تصحيحه
من خلال حركته؟ وعلى ماذا استند
الاستقرار السياسي الذي حققه لسورية؟
تميز حكمه بثلاثة معالم: قبضة حديدية
في الداخل، وخوف مشوب بالحذر من
الانفتاح الاقتصادي، وسياسة خارجية
متماسكة، خاصة في موضوع الصراع العربي
-الإسرائيلي، وأخيراً، أو هكذا يبدو،
قرار بتوريث الحكم لأحد أبنائه. وقد
ترتب على ذلك ثلاثة أشياء: التخلص من
الشعارات «الثورية الطفولية»،
والانفتاح على كل الدول العربية،
وإدخال فكرة التوريث إلى نظام
الجمهورية السورية... ما عدا ذلك بقي كل
شيء تقريباً في مكانه: القبضة الأمنية،
انعدام أي هامش لحرية التعبير،
واحتكار البعث لحق امتلاك السلطة،
وبقاء قانون الطوارئ، والتدهور
المستمر للأوضاع الاقتصادية. والنتيجة
أنه انتهى الأمر بمصطلح «التصحيح» إلى
المكان نفسه الذي انتهى إليه مصطلح «الثورة»
على ايدي من سبقوا الأسد في حكم سورية. عندما ورث الرئيس بشار الأسد الحكم عن
أبيه قال إنه سوف يدشن إصلاحات سياسية
واقتصادية واسعة. لكن بعد عشر سنوات من
حكمه بقيت الإنجازات في هذا محدودة
جداً، وبقيت الإصلاحات مجرد مشروع
صالح للحديث عنه كثيراً، لكنه غير
صالح، أو غير قابل للتطبيق. ما قاله
الرئيس بشار الأسد لصحيفة ال»وول
ستريت جورنال» الأميركية في شهر كانون
الثاني (يناير) الماضي يؤكد ذلك. يقول
الرئيس، بعد الأسبوع الأول على الثورة
المصرية، بأنك «إذا لم ترَ ضرورة
الإصلاح قبل ما حدث في تونس ومصر،
فسيكون الوقت متأخراًَ جداً للبدء بأي
إصلاح». وفي هذا ما يبدو أنه استبعاد
لفكرة الإصلاح، أو أنه تلميح إلى أن
الإصلاح قد بدأ في سوريا قبل ذلك بوقت
طويل. مهما يكن، كيف يمكن موازنة ذلك مع
حزمة القرارات التي أصدرها الرئيس بعد
اجتماع عاجل للقيادة القطرية لحزب
البعث في أعقاب انفجار التظاهرات في
درعا؟ وهي على أية حال قرارات ليست
جوهرية في أغلبها، ولا جديد فيها. حيث
سبق وأن أعلن عن أغلبها قبل خمس سنوات،
ولم يتم تطبيقها، وخاصة تلك المتعلقة
برفع حالة الطوارئ، وسن قانون
للأحزاب، وإصلاح السياسة الإعلامية.
يضيف الرئيس في حديثه للصحيفة
الأميركية بأن «سوريا مستقرة. لماذا؟
لأنك يجب أن تكون دائماً قريباً من
قناعات الناس». ما هي العلاقة بين أن
تكون قريباً من قناعات الناس، في الوقت
الذي تضع هؤلاء الناس موضوعاً لقبضة
أمنية حديدية؟ صحيح أن سورية كانت
مستقرة عندما كان الرئيس يتحدث. لكن
ماذا كان أساس هذا الاستقرار؟ كان
أساسه أمنياً، والخوف من الأجهزة
الأمنية. الآن يبدو أن حاجز الخوف الذي
سقط في تونس، ومصر، واليمن، يتهاوى
الآن في سورية. من هنا يبدو أن النظام السياسي بتركيبته
التي انتهى إليها لا يسمح بأية إصلاحات
سياسية، لأن في ذلك ما يشكل تهديداً
خطيراً للنظام نفسه. وفي هذا الإطار
تحديداً تأتي الأحداث الدامية الأخيرة
في مختلف المحافظات السورية، وخاصة
بلدة درعا الجنوبية. والغريب في الأمر
ليس أن النظام السياسي تعامل مع
المتظاهرين بقسوة واضحة، فهذا كان
متوقعاً، ويقال إنه أهم الأسباب وراء
تأخر الثورة الشعبية في سورية عن غيرها
من البلدان العربية. الغريب أن النظام
يبدو كما لو أنه لم يكن متهيئاً لما
حدث، وهو ما تكشفه ردود فعله البطيئة
والمرتبكة على تظاهرات واحتجاجات بدا
أنها تسير بوتيرة متصاعدة. أخذت ردود
فعل النظام ثلاثة مستويات: أمنياً
تعامل ومنذ البداية مع المتظاهرين
بقسوة واضحة ومتعمدة، تعكسها أرقام
القتلى خلال أقل من أسبوع. وهي أرقام
تقول التقديرات المحافظة إنها وصلت
إلى 55 قتيلاً، ومئات الجرحى. أما
التقديرات غير المحافظة فتضع الرقم
عند 200 قتيل، حتى يوم الجمعة الماضية.
إعلامياً تعامل النظام مع الأحداث على
طريقة القذافي، بملء شاشة الفضائية
السورية بصور التظاهرات المؤيدة
للرئيس، والانخراط في خطاب دعائي
معروف مسبقاً. والأغرب من ذلك أنه بعد
صدور القرارات بساعتين تقريباً بدأت
الفضائية السورية تبث صوراً
للاحتفالات في درعا. هل يمكن أن ينتقل
أهالي درعا من مأتم دفن شهدائهم إلى
الاحتفال بقرارات الرئيس خلال ساعتين؟
المسؤول عن السياسة الإعلامية لا
يفتقد للحس الإنساني وحسب، بل يفتقد
للذكاء العادي أيضاً. أما سياسياً فإن
النظام يصر على التعامل مع التظاهرات
على أنها مجرد أعمال إجرامية لعصابات
تنفذ مؤامرات خارجية. هل يقترب بهذا من
قناعات الشعب؟ وكما ذكرت، فإن
القرارات التي أعلنها النظام، هي في
أغلبها قرارات قديمة، ولا ترقى إلى
تطلعات الناس، فضلاً عن أنها ليست
قرارات للتنفيذ، وإنما للدراسة. وهذا
لا ينطوي على ذكاء سياسي. لابد أن
نستثني هنا تلك القرارات المتعلقة
برفع أجور موظفي القطاع العام. لكن
السؤال، إذا كان بالإمكان رفع الأجور،
وإذا الناس يحتاجون إلى ذلك، فلماذا
تأخر الرفع حتى انفجرت الاحتجاجات؟
بمثل هذه السياسات والمواقف يصر
النظام السوري، مثلما فعل من قبله، على
استجلاب الثورة، ثم الشكوى بعد ذلك من
المؤامرة!! * كاتب وأكاديمي سعودي ================= الأنظمة وفارق التوقيت
مرة أخرى طارق الحميد الشرق الاوسط 27-3-2011 مذهل حجم تكرار الأخطاء التي ترتكبها بعض
الأنظمة العربية في مواجهة الزلزال
السياسي الذي يضرب المنطقة من كل
اتجاه، ومهما اختلفت درجات تأثيره،
وتوابعه، على الأنظمة والشعوب. أكبر خطأين يتكرران من جل الأنظمة التي
ضربها هذا الزلزال هما: القتل، وعدم
التنبه لأهمية التوقيت. في مصر كان
نظام مبارك دائما متأخرا بفارق ثلاثة
أيام، وكتبنا يومها بعنوان «مصر..
وفارق التوقيت»، فكان النظام يلبي
مطالب الأمس في الغد، فيقال له: لا يكفي..
لقد تجاوز الزمن هذه المطالب، فنظام
مبارك لبى كل المطالب، ولكن في وقت
متأخر، وانتهى به الحال إلى مواجهة
المطلب الأكبر؛ وهو التنحي. اليوم نرى
نفس الأمر في ليبيا، وإن كان نظام
القذافي ليس متأخرا لمدة ثلاثة أيام،
بل هو نظام خارج دائرة الزمان أصلا،
وحالته مستعصية على كل الحلول
المنطقية. والحالة الأخرى لدينا هي اليمن، فها هو
الرئيس اليمني يشكو في مقابلة مع «العربية»
أنه كلما تقدم بمبادرة رفعت المعارضة
سقف مطالبها. وهذا طبيعي، لأن الحلول
دائما تأتي متأخرة، حيث كان النظام
يتلكأ، بل لم يكن النظام يفاوض، حيث
كان «يكاسر» على طريقة البيع والشراء
بالأسواق الشعبية، فالرئيس اليمني قال
إنه لن يمدد، ثم قال سيرحل عند انتهاء
ولايته، ثم قيل في يناير (كانون الثاني)
القادم، ثم قيل إنه مستعد للخروج خلال
ستين يوما، ثم قال الرئيس مؤخرا ل«العربية»
إنه مستعد للخروج خلال ساعتين ولكن
بهيبة، وكرامة، والإشكالية هنا واضحة
وهي أهمية التوقيت، فكل العروض كانت
جيدة لكنها تأتي بعد فوات الأوان،
ناهيك عن أن هناك أزمة ثقة حقيقية، بين
الحاكم والمحكوم، وليست في اليمن
وحده، بل في كثير من دولنا! ففي سورية أيضا نرى نفس مسلسل الأخطاء؛
فمن حوار الرئيس السوري الشهير في
صحيفة ال«وول ستريت جورنال»، إبان
ثورة مصر، عن اللحمة بين الحاكم
والمحكوم، وأن سورية ليست مصر، وحديثه
عن خطأ إجراء إصلاحات تحت الضغط... إلخ،
إلا أن ما حدث هو أن دمشق سارعت بتقديم
التنازلات تلو الأخرى تحت وطأة
المظاهرات السورية، وعلى عكس ما قيل في
مقابلة الأسد للصحيفة الأميركية، كما
عادت دمشق، وبعد طعنها بالمتظاهرين،
لتقديم العزاء، الحديث عن مزيد من
الإصلاحات، وإطلاق سراح سجناء، فلماذا
كان التأخير أصلا؟ ولذا؛ فنحن أمام مسلسل أخطاء متكرر من
إغفال أهمية التوقيت إلى استمرار
مسلسل العنف والقتل ضد المتظاهرين،
والحل الأمثل هنا هو إيقاف القتل أولا
وقبل كل شيء، وضرورة التقدم بحزمة حلول
حقيقية تفوق حتى مطالب المتظاهرين، أو
المعارضة، وهذا حق للمواطن بالطبع،
كما أن ذلك يعني تجنب تعقيد الأمور
وتطورها إلى أن تصل إلى حالة فوضى
عارمة، أو حرب أهلية، وتنتهي بالرحيل
الذي لم يكن مطلبا أساسيا، في بعض
الدول العربية، ومنها حتى تونس صاحبة
الشرارة العربية الأولى. وعليه؛ فهذه ليست نصيحة من أجل بقاء تلك
الأنظمة التي تعاني، ولديها مأزق
حقيقي، بل هي محاولة تذكير من أجل تجنب
مزيد من القتل والدمار. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |