ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 02/04/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

الاندبندنت: البحث عن الحرية في سورية مثل البحث عن واحة في الصحراء

31 مارس/ آذار، 2011

البي بي سي

الأسد لم يكشف في خطابه أي تفاصيل عن اصلاحات التي يعتزم ادخالها

الصحف البريطانية الصادرة الخميس ركزت كثيرا على موضوع لجوء وزير الخارجية الليبي موسى كوسا الى بريطانيا بعد ان غادر ليبيا الى تونس ومنها الى بريطانيا حيث اعلن أنه لا يمكنه التعامل بعد اليوم مع نظام القذافي.

واهتمت صحف الخميس أيضا بخطاب الرئيس السوري بشار الأسد الذي كان أول خطاب له منذ بدء الاحتجاجات في درعا وعدد من المدن السورية.

روابط ذات صلة

سورية: الحكومة تعتبر الأحداث "مشروع فتنة طائفية" والاضطرابات تتواصل

سورية: جهود لإعادة الهدوء إلى اللاذقية بعد يومين من الاضطرابات

سورية: مقتل 12 في اللاذقية

ولعل الملف السوري وتداعيات الأحداث التي وقعت في سورية منذ أكثر من أسبوع كانت محورا لاهتمام الكثير من المعلقين والمحللين في الصحافة البريطانية.

أول هؤلاء دبليو ديفيد ليش، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ترينيتي، ومؤلف كتاب "أسد دمشق الجديد: بشار الاسد وسوريا الحديثة" الذي كتب مقالا في صحيفة "الجارديان" تحت عنوان "الرئيس السوري الذي أعرفه".

وفي هذا المقال يتساءل الكاتب أولا: أين كان الرئيس السوري الاسبوع الماضي؟ ويستطرد: قائلا: "لقد نظم الالاف من السوريين مظاهرات في جميع أنحاء البلاد ضد الحكومة، وقد تم الإبلاغ عن مقتل عشرات من المتظاهرين على ايدي قوات الأمن. وتم اعفاء الحكومة يوم الثلاثاء، على الرغم من أن هذه لفتة لا معنى لها ما لم يتبعها إصلاح حقيقي. وخلال ذلك ظل الرئيس الأسد صامتا بحيث انتشرت الشائعات التي تقول انه تمت الاطاحة به. ولكن بينما السوريون في حاجة ماسة للقيادة، فإنه ليس من الواضح بعد أي زعيم سيكون الأسد".

خيارات الأسد

ومضى الكاتب متسائلا: هل سيكون مثل والده، حافظ الاسد، الذي منح قوات الأمن خلال ثلاثة عقود في السلطة مطلق الحرية في الحفاظ على النظام وممارسة القمع الوحشي ضد انتفاضة اسلامية في مطلع الثمانينيات؟ أم أنه سيرى في ذلك فرصة لقيادة سوريا في اتجاه جديد، والوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه عند توليه الرئاسة بعد وفاة والده في 2000؟

إجابة الكاتب تأتي على النحو التالي عن تساؤلاته: "إن خلفية الأسد توحي بأنه يمكن ان يذهب في اي من الاتجاهين. وهو طبيب عيون مؤهل تلقى تدريبا في لندن ومغرم بالكمبيوتر وبالألعاب التكنولوجية الغربية؛ وكانت زوجته، أسماء التي ولدت في بريطانيا لأبوين سوريين، تعمل في مصرف جي بي مورجان. ومن ناحية أخرى، هو ابن الصراع العربي الاسرائيلي والحرب الباردة. وهو على العكس من المصالح الأمريكية، يعتقد اعتقادا راسخا بأن لبنان يجب أن يكون في نطاق النفوذ السوري. وهو أيضا عضو في طائفة الأقلية الإسلامية من العلويين، الذين يقبضون على زمام السلطة في سوريا منذ عقود".

ويتطرق الكاتب بعد ذلك الى تجربته الشخصية فيقول انه في عامي 2004 و 2005 حينما كان يؤلف كتابا عن الرئيس السوري، أجرى معه مقابلات طويلة. وبعد نشر الكتاب، واصل الاجتماع معه بوصفه حلقة الاتصال غير الرسمية بين سوريا والولايات المتحدة في وقت كانت العلاقات بين بين البلدين قد تدهورت. ويضيف أنه في ذلك الوقت رأى أن الأسد يتطور ويكتسب ثقة بنفسه.

ويضيف انه رأى أيضا أن الأسد استغرق في قضايا النظام السوري الداخلي. ثم تغير، وأنه عندما قابله في مايو/ أيار 2007 بعد الاستفتاء الرئاسي اعرب له عن شعوره بالارتياح من حقيقة ان الناس يحبونه حقا. وفي الواقع، بينما كان يمكن أن يكون الوضع افضل اذا لم يكن الأسد هو المرشح الوحيد، أو اذا لم يكن التأييد الشعبي منظم بشكل كبير،

ويمضي الكاتب قائلا إنه كما هو الحال بالنسبة للقادة المستبدين، بدأ الأسد يساوي بين نفسه والدولة نفسها، وعزز المتملقون من حوله هذه الفكرة. وكان واضحا أنه أصبح رئيسا مدى الحياة.

غير أن الكاتب يستدرك فيقول إننا يجب أن نتذكر حتى مع تصاعد العنف هناك، أن سوريا ليست ليبيا،والرئيس الأسد ليس العقيد معمر القذافي.

واذا أخذنا في الاعتبار أن سورية متنوعة عرقيا ودينيا فإن من الممكن، كما يرى الكاتب، أن تنهار مثل العراق. ولهذا تريد إدارة أوباما منه البقاء في السلطة حتى حتى لو انتقدته على التباطؤ في طريق الإصلاح.

كانت شعبان قد أعلنت الأحد أن الرئيس الأسد سيلقي كلمة يشرح فيها لشعبه ملابسات الأحداث التي تشهدها البلاد

خيارات صعبة

ويختتم الكاتب مقاله بالقول انه يتعين على الأسد أن يتخذ خيارات صعبة أخرى، بما في ذلك وضع حدود لفترة الرئاسة وتفكيك الدولة البوليسية.

إلا أن الكاتب يرى أن خطاب الرئيس الأسد خلا من ذكر الإصلاحات بطريقة غامضة مخيبة للآمال.

افتتاحية صحيفة "الديلي تليجراف" حملت عنوان "سوريا تجازف"، وهي تعلق أيضا على الخطاب الأخير للرئيس بشار الأسد.

تقول الافتتاحية "برفضه تقديم أي تنازلات للمتظاهرين، فوت الرئيس السوري بشار الأسد فرصة مهمة لحل الأزمة السياسية المتفاقمة في سوريا".

ويضيف أنه في خطابه أمام مجلس الشعب السوري أمس، ادعى الرئيس السوري بشار الأسد أن موجةالاحتجاجات الغاضبة التي اجتاحت بلاده كانت نتيجة "مؤامرة كبيرة" وراءها أعداء مجهولون.

وترى الصحيفة أن من السهل بالنسبة للرئيس السوري إلقاء اللوم على الآخرين بشأن الاضطرابات السياسية التي تجتاح بلاده، بدلا من قبول أن أسلوب الحكم القمعي هو المسؤول عن أخطر تحد لبقاء النظام البعثي من منذ 30 عاما.

وترى الصحيفة أن "هذا التكتيك ليس مخادعا فقط، بل هو ومحفوف بالمخاطر أيضا. وتيضف أن رفض تقديم أية تنازلات للمتظاهرين الذين يطالبون بإصلاحات على نطاق واسع، فوت الرئيس فرصة مهمة لحل الأزمة السياسية المتفاقمة في سوريا.

وتمضي قائلة إنه كان يمكن على الأقل، الغاء قانون الطوارئ الصارم الذي فرض منذ 48 عاما عندما استولى البعثيون على السلطة. منذ ذلك الحين، سمحت قوات النظام الأمنية سيئة السمعة بخنق الحريات المدنية وقمع المعارضة السياسية.

وتختتم الافتتاحية بالقول "كما كان الحال في تونس ومصر وليبيا، برز جيل جديد من الشباب العرب من المحرومين اقتصاديا ليسوا مستعدين لقبول حياة القمع وانعدام الفرص. وفي سورية اصبح واضحا أن المتظاهرين مستعدون للتضحية بحياتهم بدلا من الخضوع للاستبداد. "في ظل هذه الظروف، فإن من مصلحة السيد الأسد القيام بإصلاح سياسي كبير وفوري. وإلا فإنه يخاطر بان يلقى نفس مصير الطغاة في المنطقة المتمردة".

الربيع العربي

في صحيفة "الاندبندنت" يكتب روبرت فيسك مقالا يعنوان "الأسد: الربيع العربي يتوقف هنا".. بينما يطالب المحتجون في سوريا بالحرية، الرئيس يوجه رسالة صارخة لشعبه".

يقول فيسك "إنه لم يكن رئيسا متواضعا، صحيح انه كانت هناك تلميحات الى احتمال قانون الطوارئ وعمل بعض "الاصلاحات" ولكن عندما تحدث أمس، في محاولة لتهدئة الازمة التي شهدت أكثر من 60 شخصا قتلوا خلال أسبوعين، وهددت حكمه، لم يعط الرئيس السوري بشار الاسد الانطباع بأنه رجل مطارد".

ويتساءل روبرت فيسك: "هل كانت ليبيا هي التي منحته القدرة على الوقوف وشجعته على القول إن "الإصلاح ليس قضية موسمية"، وإن سوريا لا يجب أن تنحني للثورة المشتعلة في الشرق الأوسط؟ أيا كان الأمر، فإن حزب البعث يعتزم المقاومة. والأسد لا يزال هو الرئيس السوري. لا تغيير".

يقول فيسك إن معمر القذافي في ليبيا ليس المثل الصحيح الذي يمكن اتباعه، وإن يوم الجمعة ربما يشهد أحداث تروح ضحيتها أرواح أخرى في درعا واللاذقية.

يرى الكاتب أن الرئيس بشار الأسد لديه مزايا تتمثل في كونه شابا وفي زوجته التي يسخر منها خطأ أولئك الذين يكرهون سوريا وقد تمكن خلال حكمه من التخلص من أسوأ التجاوزات التي كانت تقع في عهد والده حافظ. ولكن - وهذه "لكن" كبيرة – لايزال التعذيب مستمرا، وقمع الاجهزة الامنية متواصل، والبحث عن الحرية في سوريا مثل البحث عن واحة في الصحراء، والبرلمان السوري، حسب تعبير محلل قناة الجزيرة مروان بشارةمثل "سيرك من المؤيدين".

ينتقد الكاتب الرئيس الأسد على القول في خطابه إن الأحداث الأخيرة وراءها مؤامرة أجنبية.

إلا أنه يتفق أيضا مع التحليل القائل إن الأمريكيين في حاجة إلى سوريا لاخراج آخر ما بقى من قواتهم من العراق. كما أن من السهل ارجاع المشاكل الى الطائفية في سوريا.

ومع ذلك فقد ظلت سورية دائما دولة موحدة، ولم تمتثل لمطالب الغرب في التعاون الأمني إلى أن جاء الامريكيون وأرسلوا رجلا كنديا الى أحد السجون السرية لكي يتم تعذيبه هناك حتى ادرك الاميركيون انه بريء، وسمح له بالعودة بخجل إلى تورنتو.

 شهدت محافظة اللاذقية السورية أعمال عنف وقتل عديدة خلال الأيام الماضية

هذه الاشياء يرى الكاتب، ليس من الممكن مناقشتها في الأخبار التليفزيونية أو من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية التي تبدي شعورها بالقلق الشديد حول الأبرياء في ليبيا وتقصف قواتها القذافي لكنها لا تشعر بالقلق حيال الأبرياء في سوريا ولاشك ان قواتها لن تقصف بالتالي سوريا".

الجمل والحصان

وفي صحيفة "الجارديان" يكتب الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان مقالا بعنوان "يبحث عن الحظ في ليبيا".

يبدأ فريدمان مقاله بقوله إن "هناك قول مأثور في الشرق الأوسط هو أن الجمل حصان تم تصميمه من قبل لجنة".

ويضيف أن هذه الفكرة طرأت على ذهنه وهو يستمع إلى خطاب الرئيس أوباما وهو يشرح تدخل أمريكا وحلفائها في ليبيا. ويستدرك: إنني لا أقول هذا على سبيل الانتقاد. بل من باب التعاطف".

ويتساءل فريدمان في مقاله لمذا بدات التحالف الغربي بليبيا. ويقول إنه يتعين علينا أن نعرف لماذا نساعد المتمردين الذين لا نعرفهم على الاطاحة بديكتاتور لا نحبه، بينما في نفس الوقت نغض الطرف عن العاهل البحريني الذي نحبه، الذي قمع بعنف المطالبين بالديمقراطيةمن البحرينيين لأن هؤلاء الناس الذيننحبهم، يوجد في صفوفهم أناس لا نحبهم، من الشيعة الموالين لايران.

ويمضي الكاتب في طرحه المثير قائلا: إن قادة المملكة العربية السعودية يوجهون اللوم لنا على تخلينا عن الزعيم الذي كان شعبه يكرهه- حسني مبارك – لكننا لا نستطيع أن نقول للقادة السعوديين اي شيء في هذا الموضوع لأن لديهم الكثير من النفط والمال الذي نحبه.

ويواصل متطرقا الى الموقف من سورية المعضلة التي تتمثل في موقفنا مما يحدث في سورية حيث يوجد نظام لا نحب، ويعتقد أنه قتل رئيس وزراء لبنان الذي لا يحبونه، وهو نظام معرض للاطاحة به من قبل أناس يقولون ما نحب، لكننا لسنا على يقين من أنهم جميعا يرددون ما نؤمن به، لأن بينهم يمكن أن يوجد الاصوليون السنة، الذين لو يمكن في حالة استيلائهم على السلطة، أن يقمعوا كل تلك الأقليات الموجودة في سوريا التي لا تعجبهم.

ويقول الكاتب إن آخر مرة حاول الاصوليون السنة في سوريا تولي السلطة كان في عام 1982، وتولى قمعهم الرئيس حافظ الأسد، الذي ينتمي الى احدى تلك الأقليات وقتل 20 ألف منهم في مدينة حماة.

وأصبح هناك نوع من الثأر بين السنة والشيعة العلويين، على الرغم من أن بعض الخبراء يقولون ان الأمر هذه المرة ليس من هذا القبيل فمظاهرات الاحتجاج تنشد الحرية للجميع.

ويتساءل فريدمان بدوره: "لماذا لا نسعى بنفس الجدية للاطاحة بالديكتاتور السوري كما نفعل مع الديكتاتور الليبي؟ ويجب بأن السبب يعود الى أن الوضع في سوريا ليس واضحا تماما واضحة كما نود، ولأن سوريا هي لاعب حقيقي في أزمة الشرق الأوسط. إذن ليبيا تنهار. وسوريا تنفجر".

يرى الكاتب أن منطقة الشرق الأوسط منطقة عنيفة خطرة، مليئة بالفوضى والمخاطر، ويقول إن "علينا أن نبني الديمقراطية في الشرق الأوسط الذي نعرفه، وليس ما نريده". وهذ

ويضيف انه لهذا السبب يشعر بالفخر من خطاب الرئيس اوباما الذي أعلن فيه ان الولايات المتحدة لا تستطيع ان تقف مكتوفة الأيدي أمام المذابح التي تجري للمدنيين في ليبيا.

إلا أن فريدمان يعتقد أن من السذاجة الاعتقاد بأن المساعدات الإنسانية يجب أن تقتصر فقط على الغارات الجوية، ويقول انه لابد من وضع القدم على الأرض.

ويرى فريدمان ان الواقع سيفرض انزال القوات على الارض "إما لتقديم ساعدة عسكرية للمتمردين للاطاحة بالقذافي، أو كقوات لحفظ السلام في مرحلة ما بعد القذافي للحكم بين القبائل والفصائل والمساعدة في أي انتقال إلى الديمقراطية

=========================

الإسلاميون قادمون

بقلم: دانيال فيبس*

عن "إسرائيل اليوم"

الايام الفلسطينية

31-3-2011

أصبح الشرق الأوسط كقدر تغلي بعد عشرات السنين من الجمود. إليكم استعراضاً لمعنى التطورات في أربع دول رئيسة.

ليبيا: إن أكثر الأميركيين لا يفهمون هذا حقا، لكن دولتهم خرجت قبل أسبوعين لتحارب معمر القذافي. إنها حرب بلا هدف واضح، بدأت عندما كان الرئيس ووزيرة خارجيته خارج الولايات المتحدة. القرار الذي تم اتخاذه دون موافقة أعضاء مجلس النواب يثير الغضب. قد يكون أوباما ذا حظ، وينهار القذافي سريعا، لكن لا أحد يعلم من هم المتمردون، وقد يكون الجهد الحربي طويلاً وباهظ الكلفة وغير شعبي من ناحية سياسية. إذا كان الأمر كذلك فقد تصبح ليبيا عراق اوباما، أو أسوأ من ذلك إذا نجح الإسلاميون في السيطرة على الدولة. يريد أوباما أن تكون الولايات المتحدة في هذه الحرب "واحدة من شريكات كثيرات". أعترف بأنني أؤيد هذا التوجه شيئاً ما. في أواخر التسعينيات اشتكيت من أن واشنطن تسارع إلى تحمل المسؤولية عن أحداث في العالم واعتقدت انه يجب عليها أن تُشرك آخرين في الجهود أيضا. على كل حال، أخذ أوباما بهذا التوجه على نحو فظ، وستؤثر النتائج في مستقبل سياسة الولايات المتحدة الدولية.

مصر: إن القوى التي تزداد قوة فيها تنتمي إلى حركة "الإخوان المسلمين" والى بقايا حزب حسني مبارك السابق، أما الشباب العلمانيون الذين تظاهروا في ميدان التحرير فيُدفعون إلى الخارج. صدّقت القيادة العسكرية الجديدة نيتها الاستمرار في التعاون مع الإسلاميين. كانت الريح التي هبت من الميدان صادقة ربما تنتصر في نهاية المسار، لكن الحكومة الآن بدعم من الجيش تواصل نهج مبارك المعروف مع الاتجاه إلى الإسلاميين.

سورية: ورّث حافظ الأسد الأب، الذي حكم الدولة ثلاثين سنة، بفظاظة لا شبيه لها، الرئاسة لابنه بشار الذي كان آنذاك في الرابعة والثلاثين، ونجح فقط في الاستمرار في القمع وعدم محاربة الفقر في الدولة. الآن بلغت سورية ريح التغيير ورد بشار المذعور بالعنف. إذا اجتُثت عائلة الأسد فستكون لهذا تأثيرات مدمرة على طائفة الأقلية العلوية؛ فإذا سيطر أهل السنّة فقد يقطعون العلاقات مع إيران، وتكون لذلك تأثيرات في علاقة سورية بالغرب وبإسرائيل.

اليمن: الاحتمال الأكبر أن يسيطر الإسلاميون على دولة عربية موجود هنا. كان الرئيس الداهية، علي عبد الله صالح، رغم علاقاته بعراق صدام حسين وبإيران، ذا حلف جيد مع الغرب وحارب "القاعدة". إذا سقط (أخذ ضباط في الجيش الذي جاء هو نفسه منه يتنكرون له مؤخراً)، فقد تكون في اليمن فوضى إسلامية، مع الأخذ في الحسبان البنية القبلية للدولة، وانتشار السلاح وجغرافيتها الإشكالية.

والخلاصة أن للإسلاميين في ليبيا وسورية واليمن ومصر احتمالاً في أن يقووا، لكن بقدر أقل في مصر. والسؤال كيف سينجح الرئيس الأميركي، الذي أراد أن يُقوي جدا العلاقات المتبادلة بالدول العربية، في حماية مصالح الغرب من هذا التهديد؟.

* بروفيسور مختص بالشرق الأوسط ومدير معهد هوبر في جامعة ستانفورد.

=========================

البحث عن حرية في سوريا مثل البحث عن ماء في صحراء والبرلمان سيرك مضحك ... بعد خطاب محبط .. بشار الأسد في "عين العاصفة"

الخميس، 31 مارس 2011

ارام - معن المجالي - لندن

وضع الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه "المحبط" أمام مجلس الشعب نفسه في عين العاصفة من حيث لا يحتسب. ومع موجة الرفض التي عمت الاوساط السورية المعارضة في الداخل والخارج للخطاب الذي لم يحمل اية نية لتنفيذ اصلاحات عملية في سوريا المحكومة لحزب البعث منذ اكثر من اربعين عاما، جاءت ردات الفعل "غاضبة" من الغرب أيضاً.

ولم يعلن الاسد الاربعاء عن اي اصلاح سياسي في كلمة القاها في مجلس الشعب وكانت موضع ترقب شديد بعد التظاهرات والاحتجاجات التي انطلقت في 15 آذار/مارس واوقعت 130 قتيلا بحسب منظمات حقوق الانسان، و30 قتيلا بحسب السلطات.

واعتبرت الولايات المتحدة ان خطاب الرئيس السوري بشار الاسد الاربعاء كان خاليا من المضمون الفعلي ولم يذكر الاصلاحات التي يطالب بها الشعب فيما طالب اعضاء في الكونغرس الرئيس الاميركي باراك اوباما باعتماد استراتيجية جديدة مع سوريا وبدء دعم المعارضة.

وكان الرئيس السوري بشار الاسد تحدث امام مجلس الشعب السوري بعد اسابيع من الاحتجاجات ضد نظامه قائلا ان بلاده تتعرض "لمؤامرة" من قبل "اعداء" لكنه لم يتطرق الى تفاصيل الاصلاحات الموعودة ولم يعلن رفع حالة الطوارىء المفروضة في البلاد منذ خمسين عاما.

وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية مارك تونر للصحافيين في واشنطن ان "الامر يعود في النهاية للشعب السوري لكي يحكم على ما سمعه وما اذا كان الرئيس الاسد عبر عن خطوة ايجابية الى الامام في الاستجابة لتطلعاتهم".

واضاف "نتوقع ان يكون خيب امالاهم، ونشعر بان الخطاب لم يكن على مستوى احترام الاصلاحات التي يطالب بها الشعب السوري والتي اشارت مستشارة الرئيس الاسد الى انها ستعلن".

وتابع تونر "من الواضح ان خطابه كان خاليا من المضمون الفعلي ولم يتطرق الى اصلاحات محددة".

واعلن الاسد ان سوريا تتعرض لمؤامرة "تعتمد في توقيتها وشكلها على ما يحصل في الدول العربية"، لكنه لم يعلن عن برنامج زمني لسلسلة اجراءات اعلنت عنها الخميس مستشارته للشؤون الاعلامية بثينة شعبان وبينها اعداد مشروع لقانون الاحزاب واتخاذ اجراءات لمكافحة الفساد، كما لم يتخذ اي قرار متعلق بالغاء قانون الطوارىء.

وقال المتحدث الاميركي "سوف ندين بشدة اي عنف يمارس على المحتجين".

مطالب بالتخلي عن محاورة دمشق

لى صعيد متصل، طلب السناتور الجمهوري جون ماكين والسناتور المستقل جو ليبرمان الاربعاء من الرئيس الاميركي التخلي عن سياسة الحوار مع سوريا وبدء دعم المعارضة السورية.

وقالا في بيان مشترك ان جهود اوباما لاجراء حوار مع دمشق لم تات بنتائج وانه آن الاوان لدعم المتظاهرين ضد النظام السوري.

وجاء في البيان ان "من الضروري اعتماد استراتيجية جديدة حول سوريا، تجعل الولايات المتحدة تدعم التطلعات والمطالب المشروعة للشعب السوري حيال مستقبله".

واضاف البيان "نحث الادارة ايضا على العمل مع الاسرة الدولية لكي توضح للرئيس الاسد انه اذا استمر على طريق القمع والعنف فسيكون لهذا الامر عواقب خطيرة".

واشاد ماكين وليبرمان بادانة ادارة اوباما لقمع المتظاهرين في سوريا وقالا ان على واشنطن "الاستمرار في التعبير عن مواقفها بشكل واضح" في هذا المجال.

واضافا ان "الولايات المتحدة يجب ان تقف بدون لبس الى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة المحورية".

من جهته اعتبر السناتور الجمهوري جون كايل وهو من اشد منتقدي جهود اوباما لفتح حوار مع سوريا، ان على الولايات المتحدة ان تدعو الاسد الى التنحي ودعا السفير الاميركي في دمشق روبرت ردفورد الى "التحقيق" في الهجمات على المتظاهرين.

واعتبر كايل ان الاسد "يهدد المصالح الحيوية للامن القومي الاميركي" مشيرا الى الانشطة السورية في لبنان والتعاون المفترض مع كوريا الشمالية لتطوير برنامج نووي ودعمها لحزب الله وحركة حماس.

وقال كايل "يجب ان نتعلم من اخطائنا ويجب ان يدعو الرئيس اوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الاسد بسرعة الى التنحي ودعم المعارضة السورية المشروعة".

باريس: خطاب عام

في باريس، اعرب وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه مساء الاربعاء عن اسفه لكون خطاب الرئيس السوري بشار الاسد جاء "عاما جدا" داعيا السلطات السورية الى تقديم "اقتراحات ملموسة" للرد على "غضب" الشعب السوري.

وقال الوزير الفرنسي في حديث مع شبكة تلفزيون "فرانس 3": "انه خطاب عام جدا. لست متاكدا من انه يلبي تطلعات واقول حتى غضب الشعب السوري. يتعين اليوم تقديم اقتراحات ملموسة للاستجابة لتطلعات هذا الشعب".

واضاف "اننا ندعو بقوة السلطات السورية الى المضي في هذا الاتجاه" مذكرا بان فرنسا تدين "بقوة استخدام العنف ضد التظاهرات الشعبية".

وقال جوبيه ايضا "اليوم لم يعد مقبولا ان يحدث ذلك. ينبغي الا تستخدم الحكومات بعد اليوم الاسلحة ضد شعوبها عندما تعبر عن رايها مطالبة بحريات ديموقراطية".

وردا على سؤال عما اذا كان يمكن ان يفرض على بشار الاسد ما فرض على معمر القذافي اجاب جوبيه "لكل وضع خصوصيته".

في لندن تقارير واسعة

اما في لندن، فقد اهتمت صحف الخميس أيضا بخطاب الرئيس السوري بشار الأسد الذي كان أول خطاب له منذ بدء الاحتجاجات في درعا وعدد من المدن السورية.

ولعل الملف السوري وتداعيات الأحداث التي وقعت في سورية منذ أكثر من أسبوع كانت محورا لاهتمام الكثير من المعلقين والمحللين في الصحافة البريطانية.

وكتب دبليو ديفيد ليش، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ترينيتي، ومؤلف كتاب "أسد دمشق الجديد: بشار الاسد وسوريا الحديثة" مقالا في صحيفة "الغارديان" تحت عنوان "الرئيس السوري الذي أعرفه".

وفي هذا المقال يتساءل الكاتب أولا: أين كان الرئيس السوري الاسبوع الماضي؟ ويستطرد: قائلا: "لقد نظم الالاف من السوريين مظاهرات في جميع أنحاء البلاد ضد الحكومة، وقد تم الإبلاغ عن مقتل عشرات من المتظاهرين على ايدي قوات الأمن.

وتم اعفاء الحكومة يوم الثلاثاء، على الرغم من أن هذه لفتة لا معنى لها ما لم يتبعها إصلاح حقيقي. وخلال ذلك ظل الرئيس الأسد صامتا بحيث انتشرت الشائعات التي تقول انه تمت الاطاحة به. ولكن بينما السوريون في حاجة ماسة للقيادة، فإنه ليس من الواضح بعد أي زعيم سيكون الأسد".

خيارات الأسد

ومضى الكاتب متسائلا: هل سيكون مثل والده، حافظ الاسد، الذي منح قوات الأمن خلال ثلاثة عقود في السلطة مطلق الحرية في الحفاظ على النظام وممارسة القمع الوحشي ضد انتفاضة اسلامية في مطلع الثمانينيات؟ أم أنه سيرى في ذلك فرصة لقيادة سوريا في اتجاه جديد، والوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه عند توليه الرئاسة بعد وفاة والده في 2000؟

إجابة الكاتب تأتي على النحو التالي عن تساؤلاته: "إن خلفية الأسد توحي بأنه يمكن ان يذهب في اي من الاتجاهين. وهو طبيب عيون مؤهل تلقى تدريبا في لندن ومغرم بالكمبيوتر وبالألعاب التكنولوجية الغربية؛ وكانت زوجته، أسماء التي ولدت في بريطانيا لأبوين سوريين، تعمل في مصرف جي بي مورجان.

ومن ناحية أخرى، هو ابن الصراع العربي الاسرائيلي والحرب الباردة. وهو على العكس من المصالح الأميركية، يعتقد اعتقادا راسخا بأن لبنان يجب أن يكون في نطاق النفوذ السوري. وهو أيضا عضو في طائفة الأقلية الإسلامية من العلويين، الذين يقبضون على زمام السلطة في سوريا منذ عقود".

تجربة شخصية

ويتطرق الكاتب بعد ذلك الى تجربته الشخصية فيقول انه في عامي 2004 و 2005 حينما كان يؤلف كتابا عن الرئيس السوري، أجرى معه مقابلات طويلة. وبعد نشر الكتاب، واصل الاجتماع معه بوصفه حلقة الاتصال غير الرسمية بين سوريا والولايات المتحدة في وقت كانت العلاقات بين بين البلدين قد تدهورت. ويضيف أنه في ذلك الوقت رأى أن الأسد يتطور ويكتسب ثقة بنفسه.

ويضيف انه رأى أيضا أن الأسد استغرق في قضايا النظام السوري الداخلي لكنه تغير، وأنه عندما قابله في مايو/ أيار 2007 بعد الاستفتاء الرئاسي اعرب له عن شعوره بالارتياح من حقيقة ان الناس يحبونه حقا. وفي الواقع، بينما كان يمكن أن يكون الوضع افضل اذا لم يكن الأسد هو المرشح الوحيد، أو اذا لم يكن التأييد الشعبي منظم بشكل كبير.

ويمضي الكاتب قائلا إنه كما هو الحال بالنسبة للقادة المستبدين، بدأ الأسد يساوي بين نفسه والدولة نفسها، وعزز المتملقون من حوله هذه الفكرة. وكان واضحا أنه أصبح رئيسا مدى الحياة.

غير أن الكاتب يستدرك فيقول إننا يجب أن نتذكر حتى مع تصاعد العنف هناك، أن سوريا ليست ليبيا،والرئيس الأسد ليس العقيد معمر القذافي.

واذا أخذنا في الاعتبار أن سورية متنوعة عرقيا ودينيا فإن من الممكن، كما يرى الكاتب، أن تنهار مثل العراق. ولهذا تريد إدارة أوباما منه البقاء في السلطة حتى حتى لو انتقدته على التباطؤ في طريق الإصلاح.

خيارات صعبة

ويختتم الكاتب مقاله بالقول انه يتعين على الأسد أن يتخذ خيارات صعبة أخرى، بما في ذلك وضع حدود لفترة الرئاسة وتفكيك الدولة البوليسية.

إلا أن الكاتب يرى أن خطاب الرئيس الأسد خلا من ذكر الإصلاحات بطريقة غامضة مخيبة للآمال.

اما صحيفة (ديلي تلغراف9 فقد كتبت افتتاحية حملت عنوان "سوريا تجازف"، وهي تعلق أيضا على الخطاب الأخير للرئيس بشار الأسد.

وتقول الافتتاحية "برفضه تقديم أي تنازلات للمتظاهرين، فوت الرئيس السوري بشار الأسد فرصة مهمة لحل الأزمة السياسية المتفاقمة في سوريا".

وتضيف أنه في خطابه أمام مجلس الشعب السوري أمس، ادعى الرئيس السوري بشار الأسد أن موجةالاحتجاجات الغاضبة التي اجتاحت بلاده كانت نتيجة "مؤامرة كبيرة" وراءها أعداء مجهولون.

لوم الآخرين

وترى الصحيفة أن من السهل بالنسبة للرئيس السوري إلقاء اللوم على الآخرين بشأن الاضطرابات السياسية التي تجتاح بلاده، بدلا من قبول أن أسلوب الحكم القمعي هو المسؤول عن أخطر تحد لبقاء النظام البعثي من منذ 30 عاما.

وترى الصحيفة أن "هذا التكتيك ليس مخادعا فقط، بل هو ومحفوف بالمخاطر أيضا. وتيضف أن رفض تقديم أية تنازلات للمتظاهرين الذين يطالبون بإصلاحات على نطاق واسع، فوت الرئيس فرصة مهمة لحل الأزمة السياسية المتفاقمة في سوريا.

وتمضي قائلة إنه كان يمكن على الأقل، الغاء قانون الطوارئ الصارم الذي فرض منذ 48 عاما عندما استولى البعثيون على السلطة. منذ ذلك الحين، سمحت قوات النظام الأمنية سيئة السمعة بخنق الحريات المدنية وقمع المعارضة السياسية.

وتختتم الافتتاحية بالقول "كما كان الحال في تونس ومصر وليبيا، برز جيل جديد من الشباب العرب من المحرومين اقتصاديا ليسوا مستعدين لقبول حياة القمع وانعدام الفرص. وفي سورية اصبح واضحا أن المتظاهرين مستعدون للتضحية بحياتهم بدلا من الخضوع للاستبداد. "في ظل هذه الظروف، فإن من مصلحة السيد الأسد القيام بإصلاح سياسي كبير وفوري. وإلا فإنه يخاطر بان يلقى نفس مصير الطغاة في المنطقة المتمردة".

الربيع العربي

الربيع يتوقف هنا

في صحيفة "اندبندنت" يكتب روبرت فيسك مقالا يعنوان "الأسد: الربيع العربي يتوقف هنا".. بينما يطالب المحتجون في سوريا بالحرية، الرئيس يوجه رسالة صارخة لشعبه".

ويقول فيسك "إنه لم يكن رئيسا متواضعا، صحيح انه كانت هناك تلميحات الى احتمال قانون الطوارئ وعمل بعض "الاصلاحات" ولكن عندما تحدث أمس، في محاولة لتهدئة الازمة التي شهدت أكثر من 60 شخصا قتلوا خلال أسبوعين، وهددت حكمه، لم يعط الرئيس السوري بشار الاسد الانطباع بأنه رجل مطارد".

ويتساءل روبرت فيسك: "هل كانت ليبيا هي التي منحته القدرة على الوقوف وشجعته على القول إن "الإصلاح ليس قضية موسمية"، وإن سوريا لا يجب أن تنحني للثورة المشتعلة في الشرق الأوسط؟ أيا كان الأمر، فإن حزب البعث يعتزم المقاومة. والأسد لا يزال هو الرئيس السوري. لا تغيير".

التعذيب المستمر

ويقول فيسك إن معمر القذافي في ليبيا ليس المثل الصحيح الذي يمكن اتباعه، وإن يوم الجمعة ربما يشهد أحداث تروح ضحيتها أرواح أخرى في درعا واللاذقية.

ويرى الكاتب أن الرئيس بشار الأسد لديه مزايا تتمثل في كونه شابا وفي زوجته التي يسخر منها خطأ أولئك الذين يكرهون سوريا وقد تمكن خلال حكمه من التخلص من أسوأ التجاوزات التي كانت تقع في عهد والده حافظ. ولكن - وهذه "لكن" كبيرة – لايزال التعذيب مستمرا، وقمع الاجهزة الامنية متواصل، والبحث عن الحرية في سوريا مثل البحث عن واحة في الصحراء، والبرلمان السوري، حسب تعبير محلل قناة الجزيرة مروان بشارة مثل "سيرك من المؤيدين".

وينتقد الكاتب الرئيس الأسد على القول في خطابه إن الأحداث الأخيرة وراءها مؤامرة أجنبية. إلا أنه يتفق أيضا مع التحليل القائل إن الأمريكيين في حاجة إلى سوريا لاخراج آخر ما بقى من قواتهم من العراق. كما أن من السهل ارجاع المشاكل الى الطائفية في سوريا.

ومع ذلك فقد ظلت سورية دائما دولة موحدة، ولم تمتثل لمطالب الغرب في التعاون الأمني إلى أن جاء الامريكيون وأرسلوا رجلا كنديا الى أحد السجون السرية لكي يتم تعذيبه هناك حتى ادرك الاميركيون انه بريء، وسمح له بالعودة بخجل إلى تورنتو.

هذه الاشياء يرى الكاتب، ليس من الممكن مناقشتها في الأخبار التليفزيونية أو من قبل وزيرة الخارجية الأميركية التي تبدي شعورها بالقلق الشديد حول الأبرياء في ليبيا وتقصف قواتها القذافي لكنها لا تشعر بالقلق حيال الأبرياء في سوريا ولاشك ان قواتها لن تقصف بالتالي سوريا".

=======================

القراءة الصحيحة.. والقرار الصواب

د. عبد اللطيف عمران

البعث

31-3-2011

منذ زمن ليس بالقصير تجابه سورية ردود فعل إقليمية ودولية على ريادتها العمل العربي الرسمي والشعبي، وعلى دأبها الواضح لتعديل الوضع المحرج في توازن القوى في الشرق الأوسط، هذا التوازن الذي يصبّ، بوضوح، في دعم قضايا العرب سواء في مسائل السلام ومواجهة المشروع الصهيوني، أو التكامل والتعاون الإقليمي، ودعم المقاومة، والوفاق الوطني في البلاد العربية، وتعزيز الهوية والانتماء.

ولم يمر في تاريخها المعاصر لحظة استسلام للتحديات والمؤامرات، وللمستجدّ من أحداث ومتغيرات، فراهنت، ومازالت، على التجانس في المعتقدات والأهداف في سياساتها وتوجهاتها بين القيادة وتطلعات الشعب السوري والعربي، هذا التجانس الذي أكده السيد الرئيس في مقابلته مع صحيفة وول ستريت جورنال، وهو بعض الذي مكّنها من مجابهة الاستهداف، وسياسات الحصار والعزل. ولم يغب عن القوى المضادة العمل دائماً على إرباك سورية من الداخل، أو من دول الجوار.

ومواقف سورية من السياسات الصهيونية والنيوكولونيالية في المنطقة معلنة في إطار تقليدي، ومتجدد أيضاً، وكذلك الأمر فيما تشهده الساحة العربية من متغيرات، حيث العمل باستمرار على درء مخاطر الأحداث المستجدة على قضايا الشعب وحقوق الأمة. وهي تشكّل بهذا عقبة إقليمية دائمة في وجه مخططات الفوضى، والاستسلام، والشرق الأوسط الجديد، لذلك يطالب الغرب وحلفاؤه هو تغيير سلوك النظام، فمن الذي سيربح من تغيير هذا السلوك، والحال على ما هي عليه من احتلال وعدوان وانقسام وفتن، وصراع دائم معلن وخفي بين مشروعين متناقضين على الدوام في المنطقة: عروبي وصهيوني؟.

كما نسمع الآن حديثاً فيه اجتهاد... عن التأخر في الإصلاحات، هذا التأخر غير المرغوب، والذي سيكون موضع مراجعة ونقد ومعالجة. لكنه أمر واقع على مايبدو في قضايا المنطقة عامة. ألم يتأخر الحلّ في العراق وأفغانستان، وكذلك الأمر في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية تجاه الحقوق العربية؟.

لم تكن سورية قيادة وشعباً، ولن تكون في يوم من الأيام، في لحظة ندم أو تراجع تجاه مبادئها وثوابتها منذ كامب ديفيد، الى حربي الخليج، الى دعم الصمود والتحرر العربي، حتى في مواقفها الأخيرة في الجامعة العربية، ولاسيما ما يتعلق بالأوضاع في ليبيا، وهي تنظر بأسف وانتقاد الى ضعف المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، وتقدّم سياسة ازدواجية المعايير تجاه القضايا العربية الأساسية، ما يجعل التساؤل مهماً حول تفعيل دور الغرب والأمم المتحدة في حماية الشعب الفلسطيني على أرضه. هذا الدور المراوغ الذي يظهر صارخاً الآن في الأحداث الراهنة، تشجيعاً للجرائم الإعلامية، ولا مبالاة تجاه أرواح الضحايا الآمنين.

في سورية اليوم مظاهر حركة مسلحة تعتدي على المواطنين، وتروّع الآمنين، وتحطّم الممتلكات الخاصة والعامة، تلقى دعماً رجعياً وخارجياً خبيثاً، وتعمل على دمج المطالب الصحيحة والمشروعة مع شعارات ذات طابع تحريضي وظلامي وطائفي موجّه ضد الاستقرار والسلم الأهلي، والمفاهيم العلمانية وروح التسامح والمحبة والعطاء التي يتميز بها تاريخياً المجتمع السوري، وتتضافر مع هذه المظاهر حرب إعلامية منظّمة تضخّم الأحداث، وتشوّه الوقائع، وتنشر الأكاذيب، وتستأجر أبواباً تتشدق بما يصدر عن عمالة ورخص وتآمر، مفيدة من منجزات التواصل الحديثة، ومن أموال مغدقة سلفاً، ومن أساليب ذكية وخبيثة ودنيئة.

لذلك يغدو ما تشهده سورية ليس بعامّته حركة احتجاج شعبي، ففيه غير قليل من الفعل التحريضي الهدّام، والمنعكس ضرراً مباشراً على المجتمع والدولة، والذي لاشك سيقابل -وكما هو واضح- بصمود وتماسك شعبي وطني مشرّف تشكّل الجماهير الشعبية دعامته الأساسية، ما سيفوّت الفرصة على أعداء الشعب والوطن، ويقطّع أوصال المؤامرة. وسيُعزز هذا الصمود والتماسك والوعي بتنفيذ قرارات القيادة القطرية الخميس الماضي، وتوجهات الرئيس الأسد المعلنة بالأمس، وهي قرارات مهمة ومطلوبة بإلحاح، وليست قرارات فردية، بل يحتاج تنفيذها الى مؤسسات ديمقراطية وتكنوقراطية قويّة قادمة على مستوى الحكومة، والأحزاب، ومجلس الشعب والإدارة المحلية، وقد أوضح الرئيس الأسد هذا بشجاعة قادته الى بيان المسؤولية في تأخّر زمن إنجاز الإصلاح. شجاعة وقوّة تمكّنان من إنجاز الوعد في وقت قريب، لتبقى سورية أمل شعبها وأمتها، كما هو معهود دائماً.

======================

تفتيت الدول العربية مخطط أمريكي بحت !

غسان يوسف

البعث

31-3-2011

قد لا يعلم البعض أن مخطط تفتيت الدول العربية موجود على أجندة الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر أن اتفاقية سايكس بيكو لم تعد تفي بالغرض. ومن هنا فهي تعمل على تنفيذ خارطة جديدة تقسم فيها المقسم وليس هذا سراً, فقد كشف كل من وليام بلوم مؤلف كتاب "القوة المارقة " ونعوم تشومسكي في كتابه " القوة والإرهاب" أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف وراء تأجيج التطرف وتضخيم ظاهرة "الإرهاب" ما يؤدي إلى تنفيذ مخططاتها السرية في التجزئة، وهي مخططات تهدف إلى إعادة تقسيم الوطن العربي من جديد، والسيطرة على منابع النفط، وهو المشروع نفسه الذي كان مستشار الأمن القومي الأمريكي زبغينيو بريجنسكي قد اقترحه سنة 1980م وناقشه الكونغرس الأمريكي عام 1983 في جلسة سرية ووافق عليه بالإجماع.

إذن أصبح من المؤكد أن الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصا،ً تريد إعادة رسم الخريطة العربية بالطريقة التي تناسبها، والاختيار يقع دائما على الدول العربية التي لا تسير في ركب الغرب، والكل شاهد ماذا حصل في العراق الذي يكاد يكون مقسماً, وما الذي حصل في السودان الذي ماتزال المخططات ترسم لفصل دارفور عنه بعد فصل الجنوب, والكل يشاهد ماذا يجري في ليبيا واليمن، وللأسف فإن الغرب يستخدم مجلس الأمن الدولي كوسيلة لإصدار القرارات وتنفيذها تحت البند السابع وحسب الطلب, في حين لا زالت القرارات الدولية ضد إسرائيل موضوعة في الأدراج !

لكن السؤال المطروح: لماذا تسعى الولايات المتحدة الأمريكية والغرب لإعادة تقسيم الدول العربية ؟

في الإجابة نقول: إن الدافع الأول هو الهيمنة على موارد العرب البترولية، إذ يقول هنري كيسنجر في حديث لمجلة Business Week في عددها الصادر بتاريخ 13-1-1975: إن الولايات المتحدة مستعدة لخوض الحروب من أجل النفط وهو ما شاهدناه في أفغانستان والعراق واليوم في ليبيا!.

أما الهدف الثاني والأهم فهو حماية إسرائيل التي زرعت في قلب الوطن العربي، والتي جاء بها الغرب كتحد واضح لهذا الموقع التاريخي والاستراتيجي الذي يميز العرب عن غيرهم ليحاولوا وضع مسميات جديدة أبرزها (الشرق الأوسط الكبير) أو الجديد.

ولم تكن أمريكا لتخفي هذه المخططات فقد قامت بعقد العديد من التحالفات لضمان سيطرتها على الوطن العربي كحلف بغداد أو دعم الحروب ضد الدول العربية كعدوان 1967 وعدواني 1982و 2006 على لبنان والعدوان على غزة 2009 أو الحروب التي قامت بها بنفسها بالتعاون مع دول تسير في ركبها، كالحروب التي شنتها على العراق 1991 و1998 ومن ثم احتلال العراق عام 2003 واليوم ما نشهده من حرب على ليبيا .

ومن هنا يمكن القول إن مشروع تفتيت الدول العربية الحالية لم يعد خافيا على أحد، وما طرحه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن العام 2004 أي بعد عام تقريباً من احتلال العراق، لم يكن الهدف منه سوى الاعتراف الصريح والواضح من قبل الدول العربية بأن إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة هي التي ستتولى قيادة المنطقة الجديدة المجزأة، وهذا ما أفشلته المقاومة اللبنانية في تموز 2006 ومن ثم المقاومة الفلسطينية في العام 2009 لتبقى المنطقة العربية في صراع طويل مع هذا المشروع وكل من يدعمه حتى يسقط.

=========================

الاتجاه في ليبيا... إلى أين؟

تاريخ النشر: الخميس 31 مارس 2011

الاتحاد

السير سيريل تاونسيند

تسلم رئيس الوزراء البريطاني، مهامه في 10 داوننج ستريت في شهر مايو من العام الماضي، وهو يفتقر كثيراً إلى الخبرة اللازمة لمثل هذا المنصب في مجالي السياسات الخارجية والشؤون الدفاعية. وعلى عكسه تماماً فقد عرف حزبه المحافظ بقوة انحيازه للتحالف الأطلسي، مقابل شدة عدائه للاتحاد الأوروبي. غير أن الحكومة الائتلافية التي شكلت بالشراكة مع الديمقراطيين الأحرار، وبتولي وليام هيج شؤون وزارة الخارجية فيها، رأت السير في طريق آخر نال احترام القادة الأوروبيين فيما يبدو. وفي الثامن عشر من فبراير المنصرم أعرب كاميرون أمام مجلس العموم عن الحاجة إلى فرض منطقة حظر جوي في ليبيا. لكنه تعرض لانتقاد بعدها من قبل وزير الدفاع الأميركي ، ولم يتمكن كاميرون من مهاتفة الرئيس أوباما في ذلك الخصوص لبضعة أيام. بيد أن كاميرون لم يستبعد احتمال العمل البريطاني ضد القذافي، وهذا ما أكده بقوله في التاسع من مارس الجاري: "إن علينا الاستعداد لما يجب القيام به، فيما لو استمر القذافي في معاملة مواطنيه بكل هذه الوحشية".

وعن طريق التعاون المشترك مع الرئيس الفرنسي، تمكن القادة السياسيون البريطانيون من القيام بالدور الرئيسي في إصدار مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1973 الذي سمح بفرض منطقة الحظر الجوي في ليبيا دون التصويت عليه في السابع عشر من مارس الحالي. ولم يكتف القرار الدولي بفرض منطقة الحظر الجوي فحسب، بل نص كذلك على أي تدابير لازمة لمنع القذافي من مهاجمة مواطنيه بالسلاح الناري. وبذلك تمكن كاميرون، الذي لم تمض على توليه المنصب سوى بضعة شهور، من إلزام جنود بلاده، من الجنسين، بذلك القرار الدولي المهم.

وفي الحادي والعشرين من مارس أجرى مجلس العموم نقاشاً بشأن ليبيا، ثم صوّت بالإجماع لصالح ما وصفه نائب رئيس الوزراء، نك كليج -من حزب الديمقراطيين الأحرار-"بالتدخل الليبرالي في إطار سيادة القانون في ليبيا".

ومن جانبه كرر رئيس الوزراء مرات عديدة قوله إن التدخل في ليبيا ليس له أدنى صلة بما حدث في العراق. وبذلك أصبح واضحاً اختلاف مهمة التدخل الليبي هذه، عن تدخل رئيس الوزراء السابق بلير في العراق خلال صيف عام 2003. فحتى من الناحية الإجرائية، حدث تشاور واسع ومكثف بين كاميرون وأعضاء المجلس الوزاري، فضلاً عن وجود النائب العام، الذي تمت استشارته في جميع المسائل القانونية المتعلقة بهذا التدخل. يضاف إلى ذلك كله وجود قرار دولي قوي صادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن التدخل في ليبيا.

ويمكن القول إن الأسابيع الأخيرة الماضية كانت فترة نجاح استثنائي لكاميرون، وقد ساهمت كثيراً في تعزيز موقفه السياسي داخلياً وخارجياً. وقد كان مبهراً بهدوئه ومخاطبته اللبقة المقنعة لأعضاء مجلس العموم بشأن سياسات حكومته إزاء ليبيا، بما فيها تأكيده على الاستبعاد التام لخيار تغيير النظام الليبي. وفي حين لم يرق لقلة من منتقديه المحافظين حماسه الزائد للأمم المتحدة، فإن ذلك لم يمنعهم من الاعتراف بالمهارة القيادية الدولية التي أبداها كاميرون. بيد أن الفجوة الفاصلة بين قدرات التحالف الدولي العسكرية في ليبيا -بما فيها الطائرات التي أسهمت بها دول إقليمية مجاورة- كبيرة جداً، مما شل سلاح الجو الليبي، وأضعف سلاح الدبابات والمصفحات المملوكة لقوات القذافي الآن. وقد ساهمت الضربات الجوية التي وجهتها قوات التحالف الدولي في إضعاف نظام القذافي، مع تزايد احتمال انضمام مزيد من القيادات السياسية والعسكرية إلى صفوف المتمردين.

وخلال الأيام القريبة الحاسمة، من المهم جداً أن يلعب العالم العربي الدور الأعظم والحيوي في تشكيل ما ينتهي إليه النزاع الحالي في ليبيا، معتمداً في ذلك على عمق خلافاته مع القذافي، ومستفيداً في الوقت ذاته من الدعم الكبير الذي يوفره له التحالف الدولي. ولا شك أن لتشكيل هذا التحالف الغربي العربي أهميته، ليس في تقرير ما تؤول إليه الأوضاع في ليبيا فحسب، وإنما بالنسبة للمنطقة بأسرها.

ويجدر بالذكر أن قرار مجلس الأمن رقم 1973 "يحرم وجود أي قوة احتلال أجنبي في أي جزء من الأراضي الليبية". وربما يبدو هذا النص واضحاً ولا إبهام فيه، بيد أن من شأنه أن تكون له تأثيرات غير مباشرة على العمليات التي تقوم بها القوات الخاصة، التي تبحث عن أهداف محتملة بعينها، وتتولى إدارة وتوجيه الطائرات المقاتلة المشاركة في العمليات الدولية، إضافة إلى التأثير غير المباشر وغير المقصود بنص القرار في التعامل مع أسرى قادة الطائرات الليبية التي يتم إسقاطها.

وهناك من يتساءل عن مصير الاحتياطات النفطية الليبية الكبيرة، وما الذي يحدث لها في ظل النزاع الحالي، خاصة وأن بعض حقول النفط وآباره قد تعرضت للنهب فيما يبدو. ليس ذلك فحسب، بل تنتشر الأخبار يومياً عن مغادرة عدد كبير من الموظفين والعاملين في هذه الحقول لليبيا بطريقة أو أخرى. كما نعلم أن معدل الإنتاج قد انخفض كثيراً في ظل الظروف الحالية. ومن المعلوم كذلك أن القذافي كان يعول كثيراً على عائدات النفط في الإنفاق الأمني على نظامه، وكذلك في شراء المرتزقة الذين يدافعون عنه هذه الأيام من عدة دول إفريقية مجاورة.

وأياً كانت التوقعات واتجاهات التحليل، فمن المتوقع أن تكون الأزمة هي المرحلة التالية من الحالة الليبية.

========================

قراءة في ذهنية التحريض ضد سورية

شؤون سياسية

الخميس 31-3-2011م

بقلم: علي الصيوان

الثورة

انهمكت فضائية (B.B.C) البريطانية، منذ حدث درعا15/3/2011، بعرض استفتاء يومي تجريه على الانترنت، وتبرز السؤال: هل ستستمر الاحتجاجات في سورية؟

الاتجاه نفسه أخذته فضائية «الحرة» الأميركية فقد خصصت يوم 17/3 ساعة كاملة استنطقت فيها إجابات محللين أميركيين وعرب عن السؤال نفسه: هل ستستمر الاحتجاجات في سورية؟‏‏

هذا يعني أن الهم البريطاني- الأميركي حيال سورية واحد. ولهذا الهم حافز وهدف، تنخرط في تتبعهما مع لندن وواشنطن جهات تعبر عنها فضائيات عربية، أسماها المفكر المصري د. رفعت سيد أحمد، في حديث للنيل يوم 24/3 فضائيات ال (C.I.A) .‏‏

المفكر سيد أحمد عضو المجلس الأعلى للثورة عاين أصل التحريض، وهو أن الولايات المتحدة تقود «ثورة برتقالية» في سورية، لوأد دورها القومي، كونها تقود ثلاث مقاومات عربية.‏‏

ولواشنطن ولندن حافز مزمن لتقويض منعة دمشق في وجه سياسة الارتهان لمشيئة الامبريالية في تمكين المشروع الصهيوني من التسيد في وطن العرب.‏‏

وهذا الحافز صار بالغ الالحاح والراهنية، بعد انهيار نظام الارتهان المصري لمشيئة الغرب. لأن هذا الانهيار انفتح على فاقد استراتيجي لصناع القرار الصهيوني في لندن وواشنطن عنوانه انسداد سياسة إخضاع العرب ل «إسرائيل» وحسب قواعد الرياضيات، فإن هذا الفاقد الاستراتيجي الامبريالي، سيتحول تلقائياً إلى ربح صاف في حساب دمشق، معقل الممانعة القومية في وجه الانصياع للإمبريالية و«إسرائيلها».‏‏

هنا منشأ التساؤل في B.B.C والحرة : هل تستمر الاحتجاجات«وهو الاسم الحركي لتداعيات انهيار النظام»، في سورية بعد اشتعال الفتيل في درعا؟‏‏

وهو التساؤل الذي يختزن صيغة توسلية: لماذا لاتستمر الاحتجاجات حتى الإجهاز على الموقع المركزي في نهج المقاومة والممانعة العربي؟‏‏

به نستطيع أن نفهم مواكبة الغرب وفضائيات ال: C.I.Aلاشتعال أحداث درعا.‏‏

فقد لوحظ في هذه المواكبة التي يشرف عليها خبراء في علم النفس التطبيقي، أنها استرشدت بالتتابعية في احتجاجات تونس ومصر، لبلوغ نفس الهدف في سورية، على أساس أن للمطلبية الاحتجاجية ضد الفساد متلازمتها السياسية فجرى الاشتغال على خط التصعيد التبادلي بين المحتجين في درعا وبين النظام، ليكون الهدف الموضوع مسبقاً، مضمون التحقق.‏‏

وفي سياق التصعيد كان للمايسترو في واشنطن إطلاق شارة البدء، في الدعوة المريبة لأن تلتزم دمشق أقصى درجات ضبط النفس حيال الاحتجاجات في درعا، حتى قبل أن تبدأ هذه الاحتجاجات وذلك منذ 16/3/2011، على لسان ناطق الخارجية، لغاية مقطوعة الصلة بحرص على دم أحد، بل لترك العاصفة تهب حتى تبلغ الهدف السياسي المشار إليه أعلاه.‏‏

وخلال الأيام التالية على حدث درعا المطلبي، اتضحت إيقاعات علم النفس التطبيقي في أداء الفضائيتين البريطانية والأميركية، تتلوها فضائيات ال C.I.A العربية.‏‏

هذه الفضائيات لجأت إلى التصعيد ليس بتحليل الحدث نفسه للبناء عليه، بل بالاختلاق الصريح لأحداث لم تقع، لا في درعا ولافي سواها من المحافظات السورية، كي تصير مادة لتسعير أوار الأتون.‏‏

لقد كان الاختلاق الإعلامي سافراً في قراءة مسألة الأسلحة التي ضبطت في الجامع العمري في درعا 23/3: من أوصلها إلى هناك؟ ولماذا؟ وماصلتها بالسيناريو اللاحق للاحتجاجات، المطلوب لدى المايسترو الأميركي أن تستمر؟.‏‏

ثم كان التزوير فاضحاً في مسألة استشهاد الطاقم الطبي في سيارة الاسعاف التي استدرجت إلى كمين اليوم نفسه قرب الجامع العمري، ليتم بعدئذٍ استنساخ الرواية الإسرائيلية في استشهاد الطفل محمدالدرة، بتقديمها في الإعلام الإمبريالي على أنها صورة طفل يهودي قتله الارهابيون الفلسطينيون!..‏‏

ويوم 25/3 تبين أن رواية فضائيات ال C.I.A, تفتقر إلى التماسك في التحريض.في اليوم التالي 26/3، طرحت إحدى هذه الفضائيات سؤلاً على من تستضيفهم عبر الهاتف: هل يكفي التظاهر لنصرة أهل درعا.‏‏

وبه تقوم الحجة على فساد القياس مع ثورة مصر، ليس وحسب في شأن الاندفاعات الشعبية العفوية إلى ميدان التحرير، من مختلف المحافظات، حتى مع إيقاف القطارات عن الحركة، بل أساساً في المسؤولية الوطنية العالية التي تحلى بها شباب ثورة مصر في تشكيل لجان حماية المنشآت العامة، وهي المسؤولية المقطوعة الصلة بالذهنية التي خزنت السلاح في الجامع العمري، والتي كمنت لسيارة الإسعاف في الساعة الواحدة ليلاً.‏‏

هل تستمر الاحتجاجات؟ ولماذا لاتستمر؟ ولماذا لايتأجج الأتون المشتعل؟ لماذا لا تستخدم أقصى درجات العنف حتى يكون للوزيرة كلينتون سبب كاف للدعوة إلى ضبط النفس؟..‏‏

كلها أسئلة تقود إلى قضية ملحة لدى «إسرائيل» هي التصعيد حتى تعويض الفاقد المصري...‏‏

=========================

عن سوريا والتغيير

النهار

31-3-2011

على رغم الواقع الجغرافي والوقائع التاريخية، فضلا عن العلاقات العريقة والعميقة الجذور بين البلدين والشعبين، بقيت الالتباسات والتعقيدات بين بيروت ودمشق هي "الممسكة" بزمام الامور، وزمام الود، وزمام التعاون وعدمه.

الا ان الثوابت والحقائق كثيرة ومتعددة. وعلى مختلف الصعد. وفي شتى المجالات. وعميقة الجذور. ودائما ثمة ما هو اهم واقوى واعرق من كل الازمات والخضات، يعود ويجمع الشمل، ويفتح الحدود والاجواء والقلوب.

ثم هناك عوامل الازمنة والطبيعة، والعادات، والتقاليد، وروابط النسب والحسب والقربى، فضلا عن المصالح المشتركة التي وان تآكلتها الخلافات وعطلت فوائدها، تبقى صالحة للحفاظ على الحد الادنى مما يجمع اكثر مما يفرق.

بلوغ عواصف الاحتجاجات والاعتراضات والمطالبات بالتغيير والاصلاح بعضَ المدن والساحات السورية، هو العامل الاهم والاكبر في شد الابصار والاسماع نحو العاصمة السورية، واستنادا الى ما فعلته موجات الغضب في عواصم عربية اخرى، هدأ بعضها ولا يزال البعض الآخر في صميم المواجهات المتواصلة.

لا أحد يريد لسوريا ونظامها وشعبها ما لا تريده هي والنظام والشعب. وما من لبناني يرتاح اذا ما انزلق الوضع السوري الى ما انزلقت اليه الامور والتطورات في بلدان عربية اخرى.

ذلك ان لسوريا دورا مميزا ومؤثرا، وعلى مدى العصور والعهود. سواء في محيطها العربي والجغرافي، ام بالنسبة الى ما يحصل اقليميا وأوسطيا.

بالإضافة الى ما لسوريا من مكانة ومطرح في الداخل اللبناني، وحتى في تفاصيله الدقيقة والبسيطة واليومية كذلك. وما لها من فاعلية ومونة وقدرة على الصعيد السياسي بكل مندرجاته، وعلى كل المستويات، من شعبية وحزبية ورسمية ومناطقية.

ولا حاجة في هذا المجال الى شرح يطول.

واذا كانت موجة الاصلاحات والتغييرات قد فعلت فعلها في نطاق تونس ومصر وليبيا واليمن، فان الذين يعولون الكثير على الدور السوري وحجمه لا يترددون في القول ان من حق هذا البلد العربي الكبير ان يستريح بدوره في افياء الديموقراطية والعدالة والمساواة، وتحت مظلة القوانين والمؤسسات الحافظة لحقوق الانسان.

وليس ما يمنع دمشق، وهي بوابة التاريخ، ان تبادر الى تغيير ردائها القديم، وتستعيد من التاريخ ودفاتره وكتبه واوراقه ما كان لها من مبادرات وخطوات وصولات في ساحات اللعبة البرلمانية والتألق الديموقراطي. وعلى امتداد عقود من الازدهار والاستقرار والتطور.

قد يكون ذلك كله قد ورد في جوهر خطاب الرئيس بشار الاسد ومضمون مبادرته الاصلاحية التي لم تتبلور بكل عناوينها وبنودها وأبعادها بعد.

هل يعني ذلك ان دواعي التظاهرات المطلبية قد وفّت قسطها للعلى وانتهت الى غير رجعة؟

إن غداً لناظره قريب.

======================

خطاب أوباما.. وعلامة استفهام كبيرة

إبراهيم العبسي

الرأي الاردنية

31-3-2011

في خطابه فجر الثلاثاء الماضي، الموجه للشعب الاميركي الغاضب على تدخل بلاده في ليبيا، حاول الرئيس الاميركي باراك اوباما بهدوئه وبلاغته وسحر شخصيته وحسن انتقائه لمفرداته، ان يهدىء من روع الاميركيين الذين يخشون من تبعات تورط الولايات المتحدة في حرب جديدة في ليبيا ويدفعون في هذه الحرب ثمنا باهظا جدا كما حدث في افغانستان والعراق،

فمضى اوباما يذكرهم «بالقيم الاميركية النبيلة والحس الإنساني الذي تتمتع به بلادهم» فدافع عن قرار مجلس الامن رقم 1973 الذي استجابت له دونما تردد والذي يقضي بفرض حظر تحليق الطائرات الليبية في سماء بلادها، شفقة على ارواح المدنيين الليبيين الذين تتهددهم هذه الطائرات لمجرد مطالبتهم بالحرية والديمقراطية وضرورة قيام الزعيم الليبي باحداث اصلاحات جذرية في ليبيا وتغيير نمط الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعيه والثقافية في البلاد التي فرض عليها العقيد طوال اثنتين واربعين سنة حكما شموليا واستبداديا شاذا وغريبا، استباح خلالها البلاد وصادر الحريات العامه للناس وسام شعبه اقسى صنوف والوان العذاب. وشرح لهم ان المهمة العسكرية الاميركية في ليبيا لن تتجاوز تدمير القواعد الصاروخية والدفاعات الجوية وضرب مرابض الطيران الليبي الذي روع المدنيين وقتل اعدادا كبيرة منهم بحجة ملاحقته للمتمردين الذين انتفضوا للخلاص منه ولو بالقوة المسلحة كما هو حادث الان. ومن اجل حماية هؤلاء الثوار او المتمردين الذين واصلوا زحفهم على الارض الليبية لتحريرها من ربقة حكم القذافي الذي راح يستخدم تفوقه الجوي عليهم ويضربهم بقذائف الطائرات، كان لا بد لاميركا انطلاقا من حسها الانساني وشفقتها على الشعب الليبي ان تتدخل وتضرب الطيران الليبي باحدث ما لديها من الصواريخ عالية التقنية والموجهة وذات الكلفة العالية، والتي شكلت غطاء آمنا للمتمردين ومهدت امامهم الارض لضرب القوات الليبية واحتلال عدد كبير من المدن الليبية، وتخليصها من هذه القوات. ووعد الرئيس الاميركي ان لا تشترك بلاده في اية حرب برية، لكنه لم يستبعد ذلك اذا ما تطورت الاحداث العسكرية في غير صالح اميركا وحلف الناتو الذي يشاركها في ضرب وملاحقة قوات القذافي.

هذا ابرز ما جاء في خطاب اوباما لتبرير التدخل الاميركي في ليبيا، وربما يكون قد نجح في استمالة الاميركيين وتهدئة روعهم. الا اننا بالقطع لم يقنعنا ويخفف من روعنا نحن العرب على مصير ليبيا واحتمال اشعال حرب اهلية فيها نتيجة لتدخل اميركا وحلف الناتو. ومع اننا ضد قتل المدنيين في ليبيا وفي كل مكان في العالم ومع حرية الشعوب في اختياراتها السياسية، الا اننا لم نتعود ان نرى اميركا تتدخل لحماية المدنيين في البلدان التي تشهد حروبا طاحنة دونما مقابل او هدف تسعى الى تحقيقه، فلو كانت دوافعها انسانية، فما الذي يمنعها من التدخل لتخليص الشعب الفلسطيني من ربقة اعتى واقسى استعمار استيطاني لم يتوقف عن البطش بالفلسطينيين لاكثر من ستين عاما!!

لماذا لم تتدخل لحماية الشعب الفلسطيني من تغول جيش العصابات الصهيوني الذي لا يكاد يفوّت فرصة إلا ويندفع لضرب هذا الشعب بكل القسوة والوحشية التي اعتاد عليها وتحت سمع وبصر الأميركيين وحلف الناتو وربما بتشجيع منهما، اكثر من هذا، فحينما يهب المجتمع الدولي الذي طفح به الكيل نتيجة لسياسات اسرائيل العنصرية العدوانية وفلتانها لادانة قسوتها وظلمها ووحشيتها غير المسبوقة تسارع الولايات المتحدة لاتخاذ حقها في استخدام النقض» الفيتو»، وتبطل مجرد ادانة هذا الكيان الغاصب والمستبد، الذي يرى في ذلك تشجيعا له على مواصلة احتلاله للاراضي الفلسطينية واقتطاع اجزاء منها لبناء المستوطنات في الضفة والقدس، مع ان اميركا تقول انها لا تعترف بشرعية الاستيطان لفظا، ولكن افعالها ومواقفها تدعم هذا الاستيطان الذي ابتلع ثلاثة ارباع الضفة الغربية وكل القدس العربية!!

لماذا لم يتحرك الحس الإنساني الأميركي ومبادئ حقوق الإنسان التي تدعيها أميركا وتضع حداً لهذا الغول الصهيوني الذي يبطش بالبلاد والعباد على مسمع ومرأى منها ومن الدول الأوروبية في حلف الناتو منذ أكثر من ستة عقود ؟!

من حقنا اذن ان نضع علامة استفهام كبيرة على تدخل الولايات المتحدة في ليبيا، ونستبعد الحس الانساني ومبادىء حقوق الانسان التي تحدث عنها اوباما في خطابه العتيد، ونشكك في النوايا الحقيقية التي تتخفى وراء هذا التدخل الذي يكلفها ملايين الدولارات.

ولكن لماذا نسأل او نتساءل، ونحن نعرف كما يعرف غيرنا ان اميركا التي ذاع صيتها في ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين لا تتحرك الا وفق ما تمليه عليه مصالحها، ومكاسبها من هذا التدخل او ذاك. اما الحس الانساني ومبادىء حقوق الانسان فليست الا اكاذيب وذرائع تخفي واشنطن دوافعها الحقيقية خلفها.

=========================

الموقف الدولي واستراتيجية الحكم في سورية

د. يوسف نور عوض

2011-03-30

القدس العربي

 لم تشعر الولايات المتحدة بقلق وهي تتابع الأحداث التي تقع في ليبيا والتي وقعت من قبلها في مصر، بل ذهبت على الفور لتعلن أنها ستشارك مع القوى التي تفرض الحظر فوق الأراضي الليبية، على الرغم من إعلانها أنها لن تلتزم بإنزال قوات أرضية فوق ليبيا، بكونها استفادت من درس سابق إثر دخولها في العراق وأفغانستان.

ولكن الولايات المتحدة بدأت تشعر الآن بالقلق وهي ترى تطور الأحداث في كل من سورية والأردن، وعلى الرغم من أن واشنطن لم تظهر أبدا أنها كانت على علاقة حسنة مع دمشق، خاصة بسبب علاقتها الوثيقة مع إيران، فهي تبدي الآن حذرا كبيرا في التعامل مع نظام الرئيس بشار الأسد الذي يواجه صعوبات على المستوى الشعبي، ونرى الولايات المتحدة تعترف للمرة الأولى بأنها تتعاطف مع النظام السوري الذي هو في رأيها مهم في عملية السلام ، ومع ذلك تخشى الولايات المتحدة أن يستخدم الرئيس بشار الأسد العنف مع شعبه على النحو الذي فعله والده في مواجهة انتفاضة 'حماة' في عام ألف وتسعمئة وإثنين وثمانين وهي الانتفاضة التي خلفت أكثر من عشرة آلاف قتيل، وتقول الولايات المتحدة إن استخدام العنف من جانب الرئيس الأسد قد يؤدي إلى تصاعد المد الثوري بما قد يؤدي إلى قيام نظام سني أصولي يفتح المجال أمام مشكلات في لبنان، كما يعقد عملية السلام مع إسرائيل، وهو ما قد يحرج الولايات المتحدة إذ سيتبادر على الفور تساؤل عن الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة تتدخل في ليبيا وترفض التدخل في سورية، وتذهب صحيفة 'الواشنطن بوست' إلى القول، على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تمتلك نفوذا كبيرا في سورية مثل الذي كان لديها في مصر فهي قادرة على فرض ضغوط على الرئيس بشار الأسد من أجل إجراء إصلاحات في بلاده تجنبه مزيدا من المشكلات.

وكانت المستشارة السياسية للرئيس بشار بثينة شعبان قد أعلنت برنامجا للإصلاحات السياسية والاجتماعية في سورية إلا أن معظم بنوده كانت مجرد وعود دون وجود إستراتيجية واضحة لتنفيذه، ولكنها عادت مرة أخرى لتؤكد أن ما يجري في سورية ليس انتفاضة شعبية حقيقية وإنما هي مؤامرة خارجية دون أن تحدد من هي هذه الجهات الأجنبية التي تقف خلف هذه الأزمة التي تواجهها سورية، ويعتقد أن ما ذهبت إليه بثينة شعبان هو النهج ذاته الذي تتبعه وسائل الإعلام التي تصر على أن الأمور في البلاد تسير على ما يرام وأن الذين يقومون بعمليات القتل هم عناصر مندسة ولا ينتمون إلى قوات الأمن السورية التي لديها تعليمات خاصة بألا تتعرض للمواطنين في الوقت الذي يتزايد فيه عدد القتلى في مختلف المدن السورية، وهو ما أثار قلق الدول الأجنبية حيث أعربت الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي كاترين آشتون عن شجبها لما يجري في سورية من تقتيل وطالبت السلطات السورية بالتحلي بضبط النفس

وفي الوقت الذي رحبت فيه منظمة المؤتمر الإسلامي ببرنامج الإصلاح السوري فقد طالب الأمين العام للمنظمة كمال الدين إحسان أوغلي بالتحلي بضبط النفس لأن برنامج الإصلاح يحتاج إلى وقت طويل قبل وضعه موضع التنفيذ.

وأما 'فيليب لوثر' مدير منظمة العفو الدولية في منطقة الشرق الأوسط فقد حدد إحصائية لضحايا العنف الذي تمارسه قوات الأمن السورية وطالب بضرورة وقف هذا العنف، وشكك في توجه الحكومة نحو وضع وعودها موضع التنفيذ إذ هي في نظره أطلقت مثل هذه الوعود كثيرا ولكنها لم تضعها موضع التنفيذ، ويكفي في نظره أن سورية تنفذ قانون الطوارىء منذ أكثر من نصف قرن فلماذا كل ذلك؟

ولا شك أن موقف الجارة تركيا التي أصدرت بيانا يعتبر ذا أهمية بالغة لدمشق جدير بالاهتمام، إذ قالت تركيا في بيانها إنها على استعداد لأن تقدم كل المساعدات اللازمة من أجل أن تعود الأوضاع إلى طبيعتها في سورية، وهي تتطلع إلى أن تضع سورية الإصلاحات التي وعدت بها موضع التنفيذ.

ومن جانبها أبدت إسرائيل تشاؤما حول استمرارية النظام السوري، وقال معلقون في التلفزيون الإسرائيلي إن قيادة الجيش السوري هي من الطائفة العلوية ولن تترك السلطة بسهولة ولكن معظم أفراد الجيش السوري هم من الطائفة السنية وسيكون لهم الانتصار في آخر الأمر، وما يقلق إسرائيل هو أن الجيش السوري بحسب رأيها يملك أسلحة كيماوية ووقوعها في أيدي قيادة جديدة قد يعرض أمنها للخطر، وكأنها تريد أن تقول إن أمنها كان مستتبا في ظل السياسة الحالية، خاصة أن سورية لم تحرك أي مواجهات منذ احتلال الجولان قبل اكثر من أربعين عاما.

وهكذا تبدو صورة المشهد السوري متداخلة في نظر الكثيرين، ونرى الآن أن أكثر الجهات التي تريد المحافظة على النظام هي الجهات التي كان يظن أنها في حالة عداء معه، وفي مقدمها الولايات المتحدة، ذلك أنها ترى أن سورية على الأقل تعيش مرحلة هدوء وبعيدا عن القلق الذي يمكن أن تسببه أنظمة تعلن عداء صريحا لسياسات الولايات المتحدة وإسرائيل.

وفي الحقيقة ليس المهم الآن التساؤل ما إذا كانت سورية ملتزمة بالمبادىء القومية أم لا، إذ المهم فقط هو التساؤل ما إذا كانت النظرية التي يقوم عليها النظام ما زالت صالحة للاستمرار خاصة أن العالم شهد أنواعا مختلفة من الحكم منها الملكي والشمولي والدكتاتوري والديمقراطي وجميعها تعلن نظريات اجتماعية من أجل حكم البلاد، ولكن الأيديولوجية التي يقوم عليها النظام البعثي في سورية هي أيديولوجية قومية وليس لها علاقة بأساليب الحكم التي ترعى مصالح الناس والمعروف أن النظرية التي انطلق منها حزب البعث لم يعد لها وجود في الوقت الحاضر، فلماذا يظل الحزب ملتزما بها، كما أن نظام الحكم في سورية مؤسس على مذهبية الطائفة العلوية وبالتالي لا يقنع بأنه يستطيع أن يدعي أنه يتبنى فلسفة قومية في مجتمعات يغلب عليها الفكر السني، ومن هنا فإن الفلسفة التي يقوم عليها نظام الحكم في سورية قد تجاوزت عمرها الافتراضي، وإذا كانت كثير من الانقسامات الداخلية قد ساعدت على بقائه كل هذه المدة فإن موجة الثورات والانتفاضات العربية لم تعد تترك له مجالا كي يتابع خطاه على النهج القديم، وهنا يصبح الخيار المفروض إما أن يدخل النظام في مواجهة شرسة مع المطالبين بالتغيير وإما أن يجد صيغة جديدة لتطوير نفسه، ولن يكون هذا التطوير من خلال وعود بالإصلاح كما ورد في حديث السيدة بثينة شعبان، ذلك أن ما هو مطلوب في سورية ليس فقط هو الإصلاح بل التغيير، ذلك أن الإصلاح يعني بقاء النظام على حاله وذلك أمر مستحيل بكون النظام يقوم على فلسفة حزب واحد وهو يفرض هذه الفلسفة عن طريق جهاز الأمن شأنه في ذلك شأن كثير من الأنظمة العربية التي تنشىء أجهزة للحفاظ على أمن الدولة بينما هي في الحقيقة أجهزة لحماية أنظمة الحكم على رغم أنف الشعوب العربية.

وتبدو المسألة في نهايتها وكأنها مسألة ثقافية إذ يستحيل أن يحدث التغيير في العالم العربي دون أن يكون هناك تغير ثقافي شامل، بحيث لا تصبح أنظمة الحكم مجرد أدوات لقمع الشعوب ونهب ثرواتها مع تعريض أمنها للخطر، بل تكون وسيلة لخدمة مصالحة الشعوب، ولكن هذه الثقافة بعيدة التحقيق في المرحلة الحالية على الرغم من الثورات التي تنتظم العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه.

ويعتبر النظام السوري ذا حظ حسن لأن معظم القوى الخارجية ومنها الولايات المتحدة وأوروبا لا تريد إسقاطه بسبب أهمية سورية الاستراتيجية وتأثيرها على المنطقة المحيطة بها كلها، ولكن العالم الخارجي يريد مع ذلك إصلاحات لا تمس الأمن السوري بصفة عامة بل تبعد عنه القلاقل التي تحدث في بلاد عربية أخرى وذلك أمر ممكن في نظر القوى الخارجية.

=========================

في خيارات النظام السوري والانظمة العربية الاخرى

د. بشير موسى نافع

2011-03-30

القدس العربي

 من الجمعة 18 شباط/فبراير، عندما انطلقت أولى التجمعات الاحتجاجية الصغيرة في مدينة دمشق، إلى الجمعة 25 آذار/مارس، عندما أخذت سورية تعيش مناخ ثورة وطنية شاملة وغير مسبوقة، كان السوريون البواسل قد كسروا حاجز الخوف. في المقابل، وبالرغم من تصريحات المسؤولين السوريين، والمتحدثين غير الرسميين الكثر باسم النظام، التي غلفت بعبارات التعاطف مع المطالب الشعبية أحياناً والاتهامات بالتآمر في أحيان أخرى، كانت أدوات النظام الأمنية تصعد من وتيرة القمع.

لا أحد يعرف على وجه اليقين عدد القتلى والجرحى والمعتقلين خلال الأسابيع القليلة الفاصلة بين التاريخين، ولكن المؤكد أن قتلى يوم الجمعة الماضية كانوا بالعشرات. إن كان ثمة من مؤشر تحمله هذه التطورات، فإن المسؤولين السوريين، عندما تتعلق الأمور بالموقف من مطالب الشعب في التحرر والدولة العادلة، لا يختلفون كثيراً عن رفاقهم العرب الآخرين في تونس ومصر واليمن وليبيا. هذه، في أوجه متعددة، أزمنة يعاد فيها التوكيد من جديد على أننا أمة واحدة، أنظمة وشعوباً. وعلى قادة سورية، التي كانت منطلق الحركة العربية القومية وأصبحت طوال القرن الماضي قلب العروبة، أن يدركوا هذه الحقيقة، وأن يسارعوا إلى التصرف بمقتضاها.

ما قاله المسؤولون السوريون، خلال الأسابيع القليلة من شباط/فبراير إلى آذار/مارس، لأصدقائهم، الذين حاولوا إقناع القيادة السورية باتخاذ إجراءات إصلاح عاجلة وملموسة، أن سورية ليست تونس أو مصر، وأن الشعب السوري في أغلبه يدعم سياسات نظامه ويقدر له موقفه في مواجهة الضغوط الأجنبية والتغول الإسرائيلي. ولكن الواضح أن القيادة السورية، التي حرصت خلال عقد الاضطرابات الكبرى الأول من هذا القرن على التصرف باعتبارها الأقرب لنبض الشارعين العربي والسوري، وأنها الأكثر قدرة على الاستجابة لإشارات هذا الشارع، لا تريد أن ترى حقيقة التيار الهائل للثورة العربية التحررية، لا تريد أن ترى الدلالات التاريخية لهذه الثورة، وما تعنيه لرؤية الشعوب العربية لنفسها وموقعها على المسرح العالمي. سياسات الحكم السورية العربية، بالطبع، لا يمكن مقارنتها بسياسات نظامي الحكم السابقين في تونس ومصر. فمنذ بدأ الهجوم الأمريكي على المنطقة العربية بإعطاء الضوء الأخضر للجيش الإسرائيلي لاستباحة الضفة الغربية، مروراً بغزو العراق، والحربين الإسرائيليتين على لبنان وقطاع غزة، وسورية تقف بصلابة إلى جانب الحق العربي، بالرغم من الضغوط الهائلة التي تعرضت لها دمشق والإغراءات التي لوح بها لها، وبالرغم من الخلل الفادح في موازين القوى. وقد أصبحت سورية بفعل هذه السياسة دولة فاعلة في الشأن الإقليمي، وإحدى أكثر الدول العربية احتراماً.

بيد أن مشكلة الحكم السوري أنه في بنيته وقيمه وسلوكه تجاه شعبه لا يختلف في كثير أو قليل عن أنظمة الحكم العربية الأخرى، سواء تلك التي أطاحتها حركة الثورة العربية أو تلك التي يوشك أن يطاح بها. تسيطر على سورية طبقة حكم صغيرة، من قيادات أمنية وعسكرية، وبيروقراطية حزبية بعثية. وكما العدد الأكبر من الدول العربية، أخذ أبناء الطبقة الحاكمة، منذ بدأ تطبيق سياسات الانفتاح الاقتصادي، في السيطرة على ثروات البلاد ومقدراتها المالية والاقتصادية والتجارية. ليس ثمة حدود في سورية البعث بين نظام الحكم وأجهزته الأمنية والمؤسسة القضائية، وتخضع البلاد منذ عقود لقانون طوارىء، يسمح باستباحة حتى الحقوق الأولية للإنسان السوري. وكما في مصر وتونس، شهدت سورية منذ الستينات سيطرة كاملة ومطلقة لنظام الحكم على مؤسسة الدولة، بحيث لم يعد من الممكن التمييز بين ما هو دولة سورية وما هو نظام حكم. وبالرغم من أن أغلب قوى وشخصيات المعارضة السورية يتجنب الإشارات ذات الصبغة الطائفية، فما يعرفه السوريون أن نظام حكم بلادهم يرتكز بالفعل إلى هيمنة أقلية طائفية، وأن هذه الهيمنة تأخذ في بعض مؤسسات الدولة صبغة فجة وصارخة. والمشكلة الأكبر أن هذا النمط السوري للحكم يرتكز في الكثير من جوانبه إلى وثيقة دستورية، تكفل قيادة حزب البعث، الذي لا يحظى باحترام وولاء الأكثرية السورية، للمجتمع والدولة.

جاء الرئيس بشار الأسد إلى الحكم كما هو معروف بوعود إصلاح، استقبلت بقدر كبير من التفاؤل. ولكن ما أن حاول عدد من المثقفين والناشطين السوريين المعارضين اختبار وعود الإصلاح حتى زج بالكثير منهم إلى السجون. وربما كانت حالة الفتاة السورية التي لم تصل إلى العشرين من عمرها، والتي تلقت حكماً بالسجن لعدة سنوات قبل أسابيع لمجرد التعبير عن طموحاتها السياسية على صفحات أحد المواقع الاجتماعية، الأخيرة في سلسلة حالات قمع وسجن وملاحقة لأصحاب الرأي من كافة الدوائر والاتجاهات السياسية. بعض من لوحق واعتقل لفترات طويلة بلا محاكمة، أو حوكم أمام هيئات قضائية عسكرية وأمنية، تجاوز السبعين من عمره؛ ولكنهم جميعاً ليسوا موضع شبهة من حيث الولاء للوطن والحفاظ على سلامته، بالرغم من أن الاتهامات بالتعامل مع جهات أجنبية باتت أسهل وأسرع الاتهامات التي يوجهها النظام إلى معارضيه.

طوال سنوات، بالطبع، ساهمت سياسات الحكم الخارجية ومواقفه القومية العربية في تعزيز شرعيته، وفي توفير غطاء لسياسة وأضاع داخلية مغلقة. وكما غيرهم من أبناء الشعوب العربية، صبر السوريون كثيراً وطويلاً، صبروا خوفاً من الفتنة الداخلية وما يمكن أن يتولد عنها من انقسام أهلي، وصبروا حرصاً على صلابة موقف بلادهم في مواجهة ضغوط الخارج وتهديده، وصبروا أملاً في أن تجد وعود الإصلاح طريقها إلى التنفيذ في النهاية. وكما غيرهم من أبناء الشعوب العربية، فقد نفد صبر السوريين أخيراً، ولم يعد من الممكن إقناعهم بطموحات أقل من طموحات أشقائهم في مصر وتونس والبلاد العربية الأخرى.

في مساء الخميس الماضي، 24 آذار/مارس، تقدم النظام بمبادرة متأخرة للإصلاح. في شقها الاقتصادي والمعاشي، بدت المبادرة، التي طرحت باسم القيادة القطرية لحزب البعث، أقرب إلى الرشوة الجماعية للشعب السوري منها إلى التحرك الجاد للتعامل مع الخلل الاقتصادي الفادح الذي تعيشه البلاد، أو مواجهة مؤسسة الفساد التي تقودها عناصر نافذة في الشريحة الحاكمة. أما في شقها السياسي، والمتعلق بوعود رفع حالة الطوارىء وبدء حوار وطني حول فتح المجال للتعددية الحزبية والإصلاح القضائي، فبالرغم من المسحة الإيجابية الأولية للمبادرة، فالواضح أنها تتجنب التعامل مع جوهر حالة الانغلاق السياسي والاستبداد التي تلف سورية منذ أكثر من نصف قرن. والواضح من تصاعد حركة الاحتجاج في اليوم التالي لطرح مبادرة القيادة القطرية للحزب أن وعود الإصلاح هذه المرة لم تكن مقنعة للسوريين، ليس فقط لأنها ليست المرة الأولى التي تقدم فيها للسوريين مثل هذه الوعود، ولكن أيضاً لأن مادة المبادرة لم تعد كافية لتلبية مطالب السوريين وطموحاتهم.

ما تحتاجه سورية أولاً هو حل لمجلس الشعب الهزيل الذي يدعي تمثيل الشعب السوري، ولم يسمع له صوت قط في التعبير عن هذا الشعب ومطالبه. وما تحتاجه سورية ثانياً هو وضع دستور جديد، دستور جديد كلية، جديد في المنطق المؤسس للحقوق والواجبات، وجديد في رؤيته لطبيعة الدولة السورية ونظام الحكم. وما تحتاجه سورية، ثالثاً، هو مناخ من الحريات، يضع حداً قاطعاً لسيطرة النظام الأمني ويسمح بمشاركة السوريين جميعاً في وضع الدستور الجديد لبلادهم وبناء دولتهم على أسس مختلفة. وما تحتاجه سورية رابعاً هو تبني سياسة جادة وطويلة المدى لتفكيك الطابع الطائفي غير المعلن للدولة والحكم. وما تحتاجه سورية قبل ذلك كله أن توضع نهاية لسياسة القمع الدموي التي اتسمت بها طريقة التعامل مع المحتجين السوريين خلال الأسابيع الماضية، وأن يقدم كل مسؤول عن قتل السوريين والإضرار بحياتهم وممتلكاتهم للمحاكمة.

ما يعيشه المجال العربي هو ثورة شاملة، ثورة لن تترك بقعة عربية بدون أن تصلها. طوال عقود، أجهضت النخب الحاكمة الآمال والطموحات التي عبر بها العرب عن نضالهم المرير، من دولة عربية إلى أخرى، للتحرر من السيطرة الأجنبية وهيمنة الإدارات الاستعمارية. واليوم، تنهض الشعوب العربية جميعها لاستعادة ما سرق وأجهض، استعادة الدولة العادلة، الكرامة الإنسانية، الحريات والتداول على السلطة، واستعادة الموقع والدور واحترام العالم. في سورية، كما في دول عربية أخرى لم تصلها بعد رياح الثورة العربية، أو أنها لم تصلها حتى الآن في قوتها العاصفة، ثمة مخرج أقل زلزلة مما شهدته تونس ومصر، وأسرع خطى، وأكثر حفاظاً على مقدرات البلاد واستقرارها. عندما تتوفر عقلانية كافية لتقدير الأمر، ويتوفر الإدراك لحقيقة تيار الثورة العربية وحتمية انتصاره، يصبح من الممكن الاستجابة لمطالب الشعوب بدون الاضطرار لتصاعد وتيرة الصراع بين نظام الحكم والشارع. ولكن فقدان العقلانية والإدراك، واللجوء إلى المناورات السياسة المعتادة، أو الإعلان عن استجابات قاصرة وغير جادة، لا يعني أن من الممكن احتواء تيار الثورة أو تعطيله. ما لا يجب أن يخطىء أحد في قراءته أن الشعوب العربية عقدت العزم على أن تطيح بهذا الخراب مرة وإلى الأبد.

=========================

مؤامرة امريكية سعودية.. النظام السوري فقد صوابه

هآرتس 30/3/2011

صحف عبرية

2011-03-30

القدس العربي

 إن التعتيم الثقيل الذي تلقي به وسائل الاعلام السورية على ما يجري في المظاهرات في الدولة، وأعداد القتلى والجرحى والاضرار الباهظة بمكاتب حزب البعث في عدد من المدن لا يضر بنوع آخر من التقارير الصحافية.

تلك التي 'تكشف' عن تفصيلات عن تدخل 'عناصر اجنبية' تريد احداث ثورة في سورية. تعرف هذه التقارير الحديث عن أنواع السيارات التي استعملتها تلك 'العناصر'، والاسلحة التي تملكها وشكل نشاطها وطرق تجنيد المتظاهرين.

لم تكن وسائل الاعلام السورية قط منفتحة كما هي الآن إذ يتم الحديث عن وصف المتآمرين. لكن يبدو انه في الوصف الذي جاء به موقع 'شام برس' المقرب من نظام الحكم، قد بالغت وسائل الاعلام: فقد اجتهد الموقع في أن يعرض خطة سرية، سعودية امريكية، لاسقاط نظام الاسد، كاملة.

نشرت الخطة أولا على يد محطة التلفاز الايرانية 'العالم'، التي تبث بالعربية. تمت صياغتها بحسب النشرة في 2008 على يدي الأمير بندر بن سلطان، المستشار السعودي للامن القومي، والذي كان سفير بلاده في واشنطن، وجيفري فيلتمان، نائب وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط.

تُقسم الخطة سورية إلى ثلاثة أقسام: المدن الكبيرة، والبلدات والقرى، وتقترح انشاء خمس شبكات تجنيد: شبكة 'الوقود'، التي تجند شبابا مثقفين عاطلين عن العمل؛ وشبكة 'البلطجية'، التي تشتمل على بلطجية، 'يُراد ان يكونوا من غير السوريين'؛ وشبكة 'الطوائف العرقية' وهم شباب من أبناء طوائف عرقية لا تزيد أعمارهم على 22؛ وشبكة 'أناس اعلام' ينضم اليها صحافيون أو نشطاء جمعيات مدنية تمولها دول في اوروبا لكن لا تمولها الولايات المتحدة، وشبكة أثرياء تشتمل على رجال اعمال من المدن الكبيرة.

يتم تزويد كل شبكة بشعارات تلائم نوع نشاطها وتجري عليها تدريبات ترمي الى اعدادها لنشاط شوارع وقتل وعنف. فعلى سبيل المثال يُعد البلطجية لاحراق سريع لمبان ولاعمال قتل وقنص من كمائن. ويعمل اعضاء شبكة الطوائف من اجل تقديم شؤون طوائفهم ويعرضون أدلة على الظلم على خلفية طائفية ويحرضون الشباب من غير المثقفين على نظام الحكم.

أما الصحافيون فتستعملهم الشبكة بواسطة اجهزة هاتف متصلة بالاقمار الصناعية لا يمكن تعقبها، ويُعرضون باعتبارهم نشطاء حقوق انسان، يطلبون توسيع المجتمع المدني في سورية ويجري عليهم اعداد آخر باستعمال شبكات اجتماعية كوسيلة تجنيد. وفيما يتعلق برجال الاعمال تقترح الخطة من جملة ما تقترح، توريطهم في قضايا جنسية بحيث يصبح من الممكن ابتزازهم وقت الحاجة.

بعد فترة التجنيد والتدريب التي تنفق عليها السعودية نحو ملياري دولار، يتم تزويدهم باجهزة اتصال مناسبة، وعندما يجندون نحو 5.000 نشيط في المدن الكبيرة و1500 في البلدات و500 في القرى، يبدأون العمل علنا.

تقترح الخطة ايضا اجوبة لرافضي العصيان، مثلا، 'اذا قال شخص ما إن النظام يقوم بتغييرات ينبغي أن يُجاب: (لا تغييرات ولا زفت، كل ذلك كذب). واذا قال شخص ما (التغيير سيأتي) ينبغي أن يُقال له: ما زلنا نسمع هذا منذ اربعين سنة'.

يجب ان يأتي النشطاء الى اماكن مركزية، من اجل إحداث ديكور مناسب لصور التلفاز أو الهواتف المحمولة. ويجب أن يستعد 'الخطباء' لوضعين: اذا بدأت قوات الامن تفرق المجتمعين فيجب على مساعديهم الذين اختبأوا حولهم التجمع سريعا وأن يطلبوا الى قوات الامن أن تدعهم وشأنهم، واذا لم تأت قوات الامن فيجب على 'المساعدين' أن يُحدثوا تحرشا وكأنه جرى تفريق بالقوة. واذا بدأت قوات الامن تضرب 'الخطباء' أو أحد أنصارهم ينبغي الاسراع والتصوير لان هذه 'نعمة كبيرة' تثير مشاعر الجمهور.

ينبغي منع كل محاولة من النظام للتوصل الى حل مصالحة باحراق مكاتب حزب البعث والمس برموز السلطة مثل تحطيم تماثيل حافظ الاسد وبشار الاسد وتشويه صورهما. ينبغي إحداث تحرشات عنيفة، 'لكن مع عدم الاكثار من الصور الدامية كي لا تجعل الناس يحجمون عن الخروج الى الشارع'.

تقترح الخطة ايضا اغراء أبناء طوائف مختلفة بعضهم ببعض، وجعل العلويين مثلا في طرطوس يقتلون أهل السنّة، ويخرج أهل السنّة المتطرفون في بلدات اخرى ثائرين على العلويين، وأن يبدأ الشباب في مدينة الحسكة المس بالاكراد والسخرية منهم، وأن يقتل قناصة في مدينة درعا خارج المدينة شبابا من قبائل الجوابرة والمحاميد، لكن ألا يصيبوا أبناء أبا زيد.

بحسب فرض صاغة الخطة، سيضطر الرئيس الاسد الى أن يشغل نفسه فورا بتهدئة الصدامات بين الطوائف ويرسل مندوبيه الكبار الى المدن والبلدات بحيث تخلو دمشق من القيادة.

آنذاك يأتي دور العاصمة لتشتعل وتنظم مظاهرات طائفية، في حين تضطر شبكة 'رجال الاعمال' الى اقناع قيادة الجيش بالتخلي عن الاسد وانشاء نظام حكم جديد. والنتيجة المأمولة هي انشاء مجلس قومي أعلى يدير شؤون الدولة ويقطع علاقات سورية بايران وبحزب الله.

تذكر شبكة 'العالم' شركة 'دوت آند كوم'، التي مركزها في الاردن بأنها تقف وراء تجنيد المتظاهرين على النظام. وتزعم ان الحديث عن شركة تديرها الاستخبارات السعودية تخضع لبندر بن سلطان.

من الواضح تماما لماذا بادرت الشبكة الايرانية الى نشر هذه الخطة المفصلة، لانه لا شيء كالاضطرابات في سورية يدق إسفينا بين سورية والسعودية و/ أو يكشف عن تعاون امريكي سعودي على خلفية التدخل العسكري السعودي في البحرين. لكن لماذا قررت وسيلة اعلام سورية نصف حكومية نشر الخطة؟ هل تخاف سورية تدخلا سعوديا فيها أم ان شخصا ما في دمشق فقد صوابه؟.

=======================

الإصلاح والمؤامرة و «التطهير»

الخميس, 31 مارس 2011

زهير قصيباتي

الحياة

رغم أهمية اعتراف الرئيس بشار الأسد بحتمية الإصلاح في سورية وبطئه، وبأن بعض القرارات التي تعدّ كعناوين لتلبية مطالب مشروعة، أعلِن قبل ست سنوات ولم يتحول واقعاً، جاءت دعوته السوريين الى «وأد الفتنة» كواجب «وطني وأخلاقي وشرعي»، اعترافاً مبطناً بأن لهذه الفتنة أصابع ما زالت قادرة على تحريكها.

والاعتراف الثالث هو أن سورية، كسواها من المجتمعات في المنطقة، ليست محصّنة ضد فيروس الصراع الطائفي، ولو كانت كذلك لما اتسعت الاحتجاجات والصدامات من درعا الى دمشق وحمص واللاذقية وحماه، ولما سقط ضحايا... أو على الأقل لما أفلح من يستخدمون الفتنة سلاحاً، ويتسللون في صفوف المطالبين بالإصلاح والحريات.

الهدف النهائي ل «المؤامرة» الذي أعلنه الأسد، هو تفتيت سورية و «إزالتها من زعامة المقاومة ضد إسرائيل»... ما يشي بأن لسيناريو المواجهات خيطاً لا تستفيد منه سوى إسرائيل، أياً تكن هوية مَن أضرموا النار في مبانٍ، وأطلقوا النار على مدنيين.

وإذا أمكن الانطلاق من خطاب الرئيس السوري، الذي اعتبِر متأخراً – وهو كذلك باعترافه – ولم يستغرق من الوقت ما ميّز خطبه السابقة، لاستخلاص ما قد يساعد في فهم ما سعى إليه الأسد، أو الرسائل التي حاول توجيهها، ربما تجدر ملاحظة الآتي:

- أولاً، دعوته الى عدم التسرّع في مسيرة الإصلاحات رغم تشديده على الحاجة الحتمية الى تسريعها، وإشارته إلى طيّ مرحلة معارضين للإصلاح من «أصحاب المصالح والفساد».

- ثانياً، من خطاب الرئيس السوري يمكن تلمّس تلميح الى أن المواجهة مع «الفتنة» لم تنتهِ، لذلك حاول تعبئة السوريين ل «وأدها»، والأهم التذكير بالظروف التي واجهتها دمشق عام 2005، من دون ذكر ملامحها أو حتى الإشارة الى لبنان، فالظروف مختلفة، والقاسم المشترك هو «ضغوط خارجية» سابقاً، وضغوط من الخارج الآن تحرّك «الصراع الطائفي» في الداخل.

أما غياب القرارات عن الخطاب، مثل إعلان إلغاء قانون الطوارئ كما كان متوقعاً، فلعله مجدداً يرجح أولوية احتواء الشارع وتهدئة ذوي الضحايا، في غياب مؤشر الى جدول زمني للإصلاح الذي أكد الأسد أن أمره حُسِم منذ العام 2005، وهو سوري خالص، لكنه يتأخر.

وأما قول الرئيس السوري «إذا فرِضت علينا المعركة فأهلاً وسهلاً»، في سياق صدّ مشروع «الفتنة» الذي هزّ البلد، فيُرجح أن يكون الرسالة الأولى التي أراد توجيهها، وهي في كل الأحوال تأكيد ل «مرحلة عصيبة»، ربما أقسى حقائقها أنها لا تزال في بداياتها.

ما الذي أرجأ الإصلاح سنوات؟ لعله الآن في المنطقة يسابق مشاريع الفتنة، وبينها الثورات المضادة التي تشن حرباً وقائية على مشاريع ثورة.

بعد مصر وتونس وليبيا واليمن، في سورية سالت دماء أيضاً، لكن لكل بلد تعقيدات ظروفه، فيما رياح التغيير هي التي «تحرك التاريخ الآن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». والعبارة للرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يسعى الى تجميع مبادئ «مذهبه»، فلا يتدخل إلا لحماية المدنيين العرب، لا يتدخل لوقف رياح التغيير، لكنه يدّعي فهم الدرس العراقي.

... لذلك يُترك الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في مواجهة معارضيه وحيداً، ينتظر اللحظة التاريخية ليجد «الأيدي الأمينة» التي تستحق تسليمها السلطة. يراهن الرئيس الأميركي على صبر العقيد القذافي، والمنفى جاهز في أوغندا. إنه موسم الرحيل الى المنافي، رغم هناء «الجماهيرية» في تصديها ل «المؤامرة».

لم يعرف قاموسها كلمة الإصلاح، التي ظلت شعاراً غريباً لسنوات مديدة في مصر، إلا في أدبيات حزب حاكم، لتلميع سمعته وصورته.

في مصر اليوم، شباب الثورة يشكو بطأها، «التطهير» من رموز الثورة المضادة يسابق الإصلاح، وموسم المنافي يزدهر.

======================

خطاب ضد «المؤامرة»

الخميس, 31 مارس 2011

الياس حرفوش

الحياة

من المستغرب أن يكون الكثيرون الذين انتظروا خطاب الرئيس السوري امس قد فوجئوا بمضمونه، وخصوصاً لجهة عدم تطرّق الرئيس الأسد إلى قرارات إصلاحية محددة، أو لجهة إلقائه مسؤولية الأحداث الأخيرة في بعض المدن السورية على ما اعتبره «مشروع فتنة» يهدف إلى ضرب الاستقرار في سورية.

لم يكن هناك داعٍ لهذا الاستغراب. فالأسد كان صريحاً، منذ بدأت موجة الاحتجاجات الأخيرة في العالم العربي، قبل ثلاثة اشهر، عندما ميّز بين نوعين من الأنظمة، احدهما ملتصق بشعبه من خلال تبنيه نهج «الممانعة»، وبالتالي فهو حصين ضد الاحتجاجات، والآخر غير ذلك. وفي ظل رؤية كهذه كان طبيعياً أن يستنتج نظام «الممانعة» أن الاحتجاجات التي تقوم في مدنه هي جزء من المؤامرة الخارجية التي تستهدف سياسة البلد وموقعه الداعم لحركات المقاومة، وليست مجرد احتجاجات تطالب بتلبية حاجات شعبية، ولا بد بالتالي من التجاوب معها. من هنا جاء اتهام الرئيس السوري ل «المتآمرين» بأنهم قاموا ب «اختيار خاطئ للوطن والشعب حيث لا ينجح هذا النوع من المؤامرات».

هكذا وضع الرئيس الأسد الاحتجاجات التي انطلقت من درعا في سياق الحملة التي تعرضت لها سورية منذ غزو العراق، والتي قال انه استطاع الوقوف في وجهها وإفشالها، لكنها عادت اليوم تهدد بلاده بأسلوب مختلف، مستغلة المناخ الشعبي السائد في المنطقة العربية.

وعندما يصير النظام هو الوطن، بحسب رؤية الأنظمة التوتاليتارية، تتحول الدعوات إلى إصلاح النظام إلى مشاركة في «المؤامرة» على الوطن، ويكون صعباً الإقدام على خطوات تلبي المطالب الشعبية. فمجرد التشكيك في نوايا المطالبين بالإصلاحات، ووضعهم في خانة من يخدمون «المؤامرات المتصلة على هذا الوطن»، يقطع الطريق حكماً على المطالب الإصلاحية، مستخدماً لتبرير التأجيل الحجة القديمة، وهي أن المطلوب هو السرعة لا التسرع، لأن «التسرع في الإصلاح سيكون على حساب النوعية».

لا شك في أن الرئيس السوري ينظر إلى ما يجري من حوله في المنطقة العربية وإلى طريقة معالجة الاحتجاجات القائمة في عدد من دولها. ومن الطبيعي أن تكون عينه على الدور الذي تلعبه القوى الغربية في ما يجري في ليبيا خصوصاً في وجه نظام القذافي الدموي، وكذلك موقف هذه الدول من الوضع في اليمن، ومطالبتها الرئيس علي عبدالله صالح بحقن الدماء والتنحي السلمي عن الحكم.

وسواء كان ما يجري في بلدان كهذه جزءاً من مشروع غربي، يهدف إلى توفير غطاء للتحولات باتجاه الديموقراطية في المنطقة، بشكل سلمي نسبياً في بعض الأماكن، كما حصل في تونس ومصر، أو بالقوة في أماكن أخرى، كما الحال في ليبيا، وحتى لو قيل إن هذه التحولات باتجاه الديموقراطية تخدم المصالح الغربية وتلتقي مع أهدافها، فإن الأكيد أن تلبية المطالب الداخلية هي التي تقطع الطريق على أي مشروع غربي في المنطقة، بعدما ظهر أن الاحتجاجات الشعبية أمر لا مفر من التعامل معه، وبعدما تجرأت الشعوب العربية على الخوف، وباتت ترى أن حق شعب ما بالحرية في وجه نظام قمعي، لا يقلّ عن حق أي شعب آخر.

بين نصيحة الصديق التركي ب «تطبيق سريع وحقيقي للإصلاحات على الأرض من دون تأخير»، ونهج إيران في التعامل مع الاحتجاجات التي أشعلت شوارعها ضد تزوير الانتخابات الرئاسية في صيف العام 2009، يُخشى أن تكون القيادة السورية اختارت النهج الثاني. ذلك أن مواجهة «المؤامرة الخارجية» التي قال النظام الإيراني إنها كانت محدقة به آنذاك، هي الأسلوب الذي يتحدث عنه النظام السوري اليوم في وجه «المؤامرة» نفسها. وقد يكون الشعور أيضاً أن ما «نجح» هناك وانتهى بالمعارضين إلى ما انتهوا إليه يمكن أن ينجح هنا أيضاً!

======================

سورية: تردد الأسد في مواجهة التطرف «كان خطأ كبيرا»

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

31-3-2011

في الكلمة التي وجهها الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء الاثنين الماضي عن الوضع في ليبيا، أشار بلفتة إلى سورية من دون أن يذكرها بالاسم، حيث دعا إلى ضرورة تجنب الفتنة المذهبية، وضرورة البدء بإصلاحات اقتصادية واجتماعية. جاءت إشارته هذه بعدما ندد بالنظام القمعي في إيران.

الأسبوع الماضي توترت الأوضاع في سورية، وما جرى في اللاذقية كان أخطر بكثير مما جرى في درعا. ولامت بعض الشخصيات السورية تردد الرئيس السوري بشار الأسد في معالجة ظاهرة الإسلاميين المتشددين في سورية، التي كما يبدو لعبت دورا أساسيا في الأحداث الأخيرة. وأشارت هذه الشخصيات إلى أن الأسد، وقبل الأحداث، قال لمعاونيه، إن الوقت الآن ليس مناسبا أبدا لمواجهة الحالة الإسلامية المتشددة، لأنها قد تجر إلى صراع في سورية. وكان «ذلك خطأ كبيرا». ويبدو أن أكثر القلقين من الأحداث الأخيرة كانت قيادة حماس في دمشق، التي حسب مصدر مطلع، بدأت تبحث عن مكان آخر لنقل مقر قيادتها إليه.

في شهر يناير (كانون الثاني) من هذا العام قدمت بثينة شعبان مستشارة الشؤون السياسية والإعلامية تقريرا إلى الرئيس السوري، كان قد أعده بطلب منها أحد معاونيها، وهو أستاذ في العلوم الاجتماعية في إحدى جامعات دمشق، حذر فيه من تنامي التطرف الإسلامي، وذكر أرقاما أكدت ما جاء في تقرير سابق أعدته الاستخبارات السورية، وضمنه نقدا قاسيا لرد فعل النظام الضعيف للحد من انتشار التطرف.

قرأ الرئيس السوري التقرير وطلب وضعه على الرف قائلا إنه لا ينوي اتخاذ إجراءات قاسية لأنه لا يخطط للتحريض على الاضطرابات المدنية. وقيل إن واضعه انتهى في الإقامة الجبرية.

حسب التقرير، فإن النظام لا يبذل جهودا لوقف التمدد الأصولي، وأن الرئيس يركز جهوده على السياسة الخارجية بدل أن يقمع المجموعات الإسلامية، بما فيها الشيعية، التي تمارس نوعا من السيطرة على حياة الناس. الاتجاه الحالي في سورية بالنسبة للكثير من المواطنين هو احتضان المذهب الشيعي كنتيجة لنشاط إيران، كما أن «الحسينيات» تنتشر، وهذا سببه أن النظام لا يريد أن يلحق الضرر بعلاقاته مع طهران.

أما بالنسبة إلى انتشار التطرف السنّي، فإن النظام، حسب ما جاء في التقرير، لا يريد أن تتضرر علاقاته بالعالم الإسلامي، وهذا أدى إلى نشاطات فعالة لمنظمات «الدعوة» الإسلامية، خصوصا في مدينة حلب والمناطق المجاورة. وأشار التقرير إلى ضغوط مسؤولين في الكثير من الدول الإسلامية على النظام السوري ليتخلى عن سياسته المتشددة التي يتبعها تجاه المنظمات الإسلامية، ولهذا، فإن كل الإجراءات التي كانت معتمدة في السابق ضد العناصر المتشددة، والمراقبة السرية في المساجد عبر الكاميرات، أو رجال الاستخبارات، توقفت كلها العام الماضي، وهذا يعود، كما نقل التقرير، إلى اتفاقات بين سورية من جهة وإيران وشخصيات كبرى في العالم الإسلامي السني من جهة أخرى.

قال التقرير، إنه طالما أن إيران هي الحليفة الاستراتيجية لسورية، وطالما أن سورية ترى لبنان كواحد من مشكلاتها الكبرى، فإن مسألة تنامي الحركات الإسلامية المتطرفة ستتواصل، خصوصا أن الرئيس يستثمر جزءا كبيرا من وقته وتركيزه على المسألة اللبنانية، لا سيما وهو ينتظر صدور القرار الظني للمحكمة الدولية المتعلقة بجريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، الذي قد تؤدي نتائجه إلى فتنة في لبنان.

وقيّم التقرير، أن توازن القوى بين مختلف المجموعات الإثنية في سورية قد يكون العامل الأساسي وراء قرار النظام عدم التعامل بقسوة مع انتشار ظاهرة التطرف في البلاد.

قريبون من مكتب بثينة شعبان، الذين اطلعوا على مضمون التقرير، أشاروا إلى أنه كان واضحا أن الرئيس السوري يشعر بقلق من انتفاضة محتملة الوقوع لحساسيات تركيبة الوضع السوري. من هنا كان رد بثينة شعبان قاسيا على الشيخ يوسف القرضاوي الذي حرض عبر فضائية «الجزيرة» السنّة في سورية على الثورة وتسلم الحكم.

وادعى التقرير أن كل الإجراءات الظاهرية التي اتخذها النظام لمواجهة انتشار التطرف الإسلامي في سورية كانت مجرد فعل سطحي استهدف تحسين العلاقة بين سورية العلمانية والغرب، وأن تلك الخطوات كانت معتدلة جدا، لأن إجراءات أقسى يمكن أن تضر بمصالح سورية الداخلية والإقليمية.

من جهة أخرى، أشار التقرير إلى عوامل أخرى مسؤولة عن هذا القصور، أهمها استمرار تردي الوضع الاقتصادي، وفشل النظام في وضع خطة لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين.

حتى قبل أسبوع، لم يكن يُنظر إلى الوضع الاقتصادي السيئ، على أنه يهدد بقاء النظام، وذلك لعدم وقوع اضطرابات اجتماعية، لكن الوضع الاقتصادي في سورية صعب جدا.

فمعدل البطالة الرسمي لعام 2010 هو 8.3 في المائة، لكن البيانات غير الرسمية تشير إلى ضعف هذه النسبة وأكثر، ما بين 17 إلى 20 في المائة، والتقرير عن الفقر في سورية، الذي أعده ممثل الأمم المتحدة هناك في شهر سبتمبر (أيلول) 2010، كشف عن أن ما بين 2 و3 ملايين سوري يعيشون في فقر مدقع. وكانت سورية خفضت الدعم على الوقود، فارتفعت نتيجة لذلك أسعار المنتجات النفطية (أشار إلى ذلك تقرير صندوق النقد الدولي في شهر مارس «آذار» 2010). وعلى الرغم من أن إصلاحا في إعانات الوقود جرى، ووزعت قسائم على المواطنين للتعويض عن الدعم، فإن هذه القسائم وُزعت بطريقة محدودة على المحتاجين، ولا يمكن مقارنتها بالدعم الذي كانت تقدمه الدولة لكل مواطنيها.

هناك سبب آخر لانتشار التطرف الإسلامي، يعود حسب التقرير إلى التحريض الذي يمارسه السنّة المؤيدون لتنظيم القاعدة، فالتحريض ضد النظام وضد الغرب في تزايد في المساجد، وهو مستوحى من تعاليم أسامة بن لادن ومعتقدات الحركات التكفيرية في سورية، التي تعتبر «كل آخر»، هرطوقيا يستحق القتل.

هذه المجموعات تمارس أنشطتها علنا، وليس واضحا لماذا يتردد النظام في مواجهتها. كما كان هناك ارتفاع تدريجي لعدد السوريين الذين يسافرون إلى اليمن لمتابعة دراساتهم الدينية، أو إلى المراكز الشيعية في إيران والعراق.

فرض النظام بعض القيود، لكنها كانت محدودة. منها مثلا منع ارتداء النقاب في الأبنية العامة، واتخذ إجراءات بحق المعلمات اللواتي يتحجبن في المدارس والكليات، وقال إن ارتداء النقاب «يتناقض مع القيم والتقاليد الأكاديمية»، ثم إن النقاب قد يُستغل لأهداف أخرى كالعنف والإرهاب.

وتجدر الإشارة إلى ردود الفعل التي ثارت في شهر رمضان الماضي، حول مسلسل «وما ملكت أيمانكم»، وانتقده وطالب بإيقاف بثه عدد كبير من رجال الدين بينهم محمد سعيد رمضان البوتي، رجل الدين المقرب من النظام. لكن المسلسل بُث بكامل حلقاته ولاقى نجاحا، وخفت الانتقادات.

الخطوات التي قالت بثينة شعبان إن النظام ينوي اتخاذها، وعلى رأسها إلغاء حالة الطوارئ، تحتاج إلى سرعة في التطبيق. الوضع لا يتحمل مناورات ولا تسويفا، وربما توفر الأحداث الأخيرة للرئيس بشار الأسد الفرصة التاريخية ليتخلص من العقول المتحجرة التي تحيط به، وأيضا ليحدّ كثيرا من جشع الفاسدين المقربين.

الشعب يشعر بأن النظام السوري يحتاج إلى التخلص من كل أعباء الماضي الثقيلة جدا، وكي تكون سورية تماما كما صورتها أسماء الأسد زوجة الرئيس في الحديث الذي أدلت به لمجلة «فوغ» الفرنسية بطبعتها الأميركية هذا الشهر.

=========================

سورية هل تغلِّب الحسم الأمني؟

طارق الحميد

الشرق الاوسط

31-3-2011

خطاب الرئيس السوري الذي ألقاه أمام مجلس الشعب، بدمشق، يوحي بأن الحكومة السورية قد قررت مواجهة أزمتها الداخلية بالإجراءات الأمنية المشددة، وليس بحزمة من القرارات الإصلاحية، خصوصا أن الرئيس السوري اعتبر أن ما يحدث في بلاده مؤامرة.

الرئيس السوري يقول إن ما يحدث في بلاده يأتي على خلفية «صرعة» الثورات الحاصلة في المنطقة، علما أن دمشق كانت تعتبر ما حدث في مصر، وغيرها، صوت الشعوب التي تعبر عن عدم رضائها على سير حكامها.. صحيح أن الرئيس الأسد قال في خطابه إن الإصلاح ضرورة، لكن لم يصدر أي قرار إصلاحي في خطابه أمس، مما يشير، وبناء على التقارير التي تحدثت قبل أيام، إلى أن هناك خلافا في دمشق، خلف الأبواب المغلقة، حول كيفية التعامل مع المظاهرات غير المسبوقة التي اندلعت في عدة مدن سورية، وقيل إن هناك رأيا ينادي بمزيد من الإصلاح، ورأيا آخر ينادي بمزيد من القوة في التعامل مع المتظاهرين. وبالطبع كانت هناك شواهد تشير إلى صحة ذلك، فهذا ليس حديث الإعلام أو الفضائيات التي انتقدها الرئيس السوري مطولا في خطابه، بل القضية أبسط من ذلك.

فقبل ثلاثة أيام أعلن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، وعبر وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، أن الرئيس الأسد سيلقي كلمة هامة خلال اليومين المقبلين تطمئن كل أبناء الشعب، مما جعل سقف التوقعات يرتفع بشكل كبير، سواء لدى الشعب السوري وهو المعني أولا وأخيرا، والأمر نفسه لدى المراقبين في الخارج، فما يحدث في سورية ستكون له انعكاسات بكل تأكيد على ملفات كثر بالمنطقة، سواء بالسلب أو الإيجاب، إلا أن ما حدث هو أن كلمة الرئيس لم تشتمل على أي قرار إصلاحي، بل كانت مجرد وعود بدراسة ما أعلن عنه الأسبوع الماضي من قرارات قيل إنها إصلاحية!

وكما كان متوقعا، فعلى الفور، وبعد خطاب الرئيس السوري، خرجت مظاهرات في اللاذقية وتم تفريقها بإطلاق الرصاص، وهناك أخبار عن وقوع إصابات خطيرة، وهذا يعني أن دمشق قد قررت الدخول في منطقة يصعب التكهن بها اليوم، كما أن دمشق بعدم اتخاذها قرارات إصلاحية حقيقية تكون قد صعّبت من الحلول في حال استمرت المظاهرات، والمواجهات في المدن السورية، فالتأخير في اتخاذ القرارات الإصلاحية سيكون مكلفا كلما تأخر الوقت. كما أن المواجهة الأمنية ستكون لها انعكاسات خطيرة على سورية ككل، داخليا، وخارجيا، وهذا أمر خطر. وعليه، فإن قادم الأيام سيقول الكثير، فهل يتوقف الشارع السوري عن التظاهر بعد أن اتضح أن القوة هي الخيار لمواجهتهم، أم ستتطور الأحداث هناك، ويرتفع سقف المطالب؟ المؤكد أنه يصعب الجزم بشيء الآن، إلا أن الواضح اليوم هو أن دمشق فوتت فرصة لإعلان إصلاحات جذرية ينتظرها السوريون، وهذا خطأ كبير، فالإصلاحات، أولا وأخيرا، هي احتياج سوري حقيقي، وحتى لو تمت الآن، وتحت الضغوط، فلن يكون الأمر انتهازيا كما قال الرئيس السوري.

==========================

ليته استمر في صمته

عبد الباري عطوان

القدس العربي 30/3/2011

حرص الرئيس بشار الاسد طوال فترة خطابه الذي القاه امس في مجلس الشعب السوري على التأكيد ان هناك مؤامرة تستهدف سورية، وتريد تفجير فتنة طائفية في البلد، وهذا تشخيص صحيح نتفق فيه معه، ولكن ما نختلف عليه هو كيفية تحصين سورية في وجه هذه المؤامرة ووأدها في مهدها قبل ان تنمو وتتسع دوائرها، وتغرق البلاد في حرب اهلية دموية.

الاصلاح بشقيه السياسي والاقتصادي هو العلاج الانجع لافشال هذه المؤامرة، وعدمه هو الطريق الاسرع للفتنة، وقد اعترف الرئيس الاسد بهذه الحقيقة عندما قال ان البقاء بدون اصلاح هو امر مدمر للبلد، ولكن خطابه لم يتضمن اي فقرة او تعهد أو بشرى بالبدء في اتخاذ خطوات جدية في هذا الاتجاه، وكل ما تضمنه هو تلاعب بالكلمات، وتكرار فقرات وردت في خطابات سابقة، اي لا جديد على الاطلاق سوى التهديد والوعيد لاي انسان يجرؤ على شق عصا الطاعة، واللجوء الى الاحتجاج، لانه في هذه الحالة سيكون شريكا في المؤامرة ومحرضا على الفتنة.

خطاب الرئيس بشار الاسد الذي انتظرناه طويلا، خاصة انه جاء بعد ان اكد لنا نائبه ابن مدينة درعا السيد فاروق الشرع انه، اي الخطاب، سيتضمن اشياء سارة، وبعد ان تحدثت مستشارته بثينة شعبان عن الغاء قانون الطوارئ، والتعددية الحزبية، والحريات الاعلامية، وغيرها من المطالب التي وردت على لسان المحتجين، وقالت انها قيد الدراسة، توقعنا ان تكون الدكتورة شعبان قد مهدت الطريق لرئيسها لكي يزف البشرى الى الشعب، وانها ارادت ان لا تحرمه عنصر المفاجأة، بحيث يأتي خطابه دسما حافلا بالانباء الطيبة لشعب مسحوق تمرد على القمع والقهر والاذلال على ايدي الاجهزة الامنية، ولكنه جاء مخيبا للآمال، ومقدما وقودا جديدا لتأجيج الاحتجاجات، وتسهيل فرص نجاح المؤامرة الخارجية التي تحدث عنها الرئيس، اذا كانت هذه المؤامرة موجودة فعلا.

هناك عدة تفسيرات، او اجتهادات، حول اسباب احجام الرئيس الاسد عن تلبية مطالب شعبه في الاصلاحات:

الاول: ان يكون هناك انقسام داخل النظام الحاكم ومراكز القوى فيه حول هذه المسألة، فهناك جناح براغماتي واقعي يقوده الرئيس بشار نفسه ويريد اصلاحات سياسية حقيقية، يقابله جناح متشدد ينتمي الى عصر الحرب الباردة، ويرى ان اي اصلاح هو خطيئة كبرى يمكن ان تهدد بتقويض النظام من الداخل بما يؤدي الى انهياره، ويبدو ان الجناح الثاني الذي يضم قادة الاجنحة الامنية والسيد الاسد كانت له الغلبة في نهاية المطاف.

الثاني: ان تكون المظاهرات الشعبية التي نظمها النظام تأييدا للحكم، وانطلقت في بعض المدن السورية اخيراً، قد اعطت انطباعا للرئيس بشار بان حجم التأييد له في سورية اكبر بكثير من حجم المعارضة.

الثالث: ان يكون النظام قد توصل الى قناعة راسخة بانه قادر على قمع اي احتجاجات، والانتصار في اي حرب طائفية، لما يملكه من قوات مسلحة واجهزة امنية تدين غالبيتها بالولاء بسبب تركيبتها الداخلية، والاختيار الدقيق لقياداتها للقيام بالمهمة في حال حدوث الصدام المسلح.

' ' '

من الصعب علينا ان نرجح تفسيرا معينا من بين هذه التفسيرات الثلاثة، ولكن ما نرجحه هو عجز الرئيس بشار عن تنفيذ الاصلاحات التي حرص على التأكيد عليها في كل خطاباته على مدى اكثر من عشر سنوات من حكمه. ودليلنا على ذلك انه كشف في خطاب الامس عن مناقشة المؤتمر القطري لحزب البعث عام 2005 لكل هذه الخطوات الاصلاحية التي تحدثت عنها الدكتورة شعبان، ولكنه لم يقل لنا لماذا، وهو الذي قال انه يريد الاسراع لا التسرع، لم يتم اقرار اي منها طوال السنوات الماضية، وظلت هذه الاصلاحات حبيسة الادراج في ارشيف القيادة القطرية؟

الرئيس بشار الاسد يراهن على عنصر الوقت، ويؤمن بقدرة نظامه على تجاوز الازمة الحالية، وهذا هو حال جميع الزعماء العرب الذين واجهوا او يواجهون مطالب شعبية بالاصلاح والتغيير، ولكن رهان رئيسين في هذا الاطار ثبت فشلهما، الاول هو الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي يعتبر عميد اكاديمية الحلول الامنية، والثاني هو الرئيس حسني مبارك الذي اقام اكبر امبراطورية امنية في تاريخ مصر والمنطقة، عمادها اكثر من مليون وربع المليون عنصر امني من مختلف التخصصات والتوجهات، بحيث كانت هذه الامبراطورية اكبر ثلاث مرات، على الأقل، من الجيش النظامي، وتستأثر بثلث ميزانية الدولة على الأقل.

عنصر الوقت ليس في صالح الرئيس بشار الاسد ونظامه، والشعب السوري لا يريد وعوداً بالاصلاح، وانما تنفيذاً فورياً له، وهذا من حقه، لانه انتظر طويلاً بحيث طفح كيله من شدة الانتظار، ولم تعد شعارات محاربة اسرائيل والتصدي لمؤامرات امريكا تطيل من حبال صبره وتحمله كل انواع البطش والقمع والفساد.

نعم.. امريكا واسرائيل تريان في سورية عقبة في طريق مخططاتهما في الهيمنة وابقاء العرب رهينة لهما، ولكن جربنا اربعين عاماً من مواجهة هذه المخططات بالكلام والشعارات النظرية، والشيء الوحيد المطبق عملياً في المقابل هو جلد الشعب واضطهاده وترويعه وكسر شوكته.

لا يستطيع النظام السوري، او اي نظام عربي آخر ان يقول بانه يجوع الشعب ويهين كرامته، ويعتقل رموزه المطالبة بالحرية من اجل تحرير الارض والمقدسات. فآخر حرب خاضتها الجيوش الرسمية العربية ضد اسرائيل كانت قبل اربعين عاماً تقريباً، بما فيها الجيش السوري.

الشعب السوري لا يريد فتنة طائفية، وهو على درجة كبيرة من الوعي بحيث يعمل جاهداً على تجنبها لمعرفته بمخاطرها على بلاده وحاضرها ومستقبلها، ودليلنا على ذلك ان هذا الشعب صبر اكثر من اربعين عاماً على الكثير من الممارسات الطائفية الطابع من منطلق هذا الوعي بالمسؤولية، ولكن ما حدث انه لم يكافأ على صبره هذا الا بالمزيد من القمع والاضطهاد في ظل قوانين الطوارئ والدولة البوليسية.

لقد اصابني الرئيس الأسد بالكثير من الخوف والقلق عندما قال في خطابه بانه اذا انفجرت الحرب على بلاده فهو اهل لها، ومستعد لمواجهتها، ليقيني بانه لا يتحدث عن حرب ضد اسرائيل، وانما عن حرب ضد الاغلبية من ابناء شعبه التي تطالب باصلاح سياسي وصفته مستشارته السياسية بانه استحقاق شرعي في مؤتمرها الصحافي الاخير.

لا يعيب الرئيس بشار، او حتى المتشددين في نظامه التنازل لشعبهم بالتجاوب مع مطالبه، حتى لو جاء ذلك تحت ضغط الانتفاضة الاحتجاجية، ولكن ما يعيبهم هو ان يؤدي الغرور والمكابرة وعدم التنازل الى جر البلاد الى فتنة طائفية يروح ضحيتها عشرات الآلاف او اكثر.

' ' '

لا نريد فتنة طائفية في سورية او اي دولة عربية اخرى، مثلما نؤمن في الوقت نفسه ان هذه الفتنة هي مشروع امريكي اسرائيلي تغذيه بعض الدول العربية، والهدف هو تجنب الاصلاح، وايجاد الارضية المناسبة لحشد العرب السنة في مواجهة ايران الشيعية، ولكن في الوقت الذي تعي فيه الشعوب العربية هذا المخطط وتقاومه، تسقط الانظمة في مصيدته، واولها النظام السوري، في مقاومة كل مطالب الاصلاح، والتعاطي بالقوة المفرطة والدموية مع المطالبين به.

الانظمة العربية الديكتاتورية تضعنا بين خيارين صعبين بل مستحيلين، الأول هو الوقوف في خندقها لانها تواجه مؤامرة، وترفض الاصلاح، والثاني ان نبارك التدخل الاجنبي تحت عنوان انقاذ الشعب من قمعها ودمويتها في حال اندلاع الثورة الاصلاحية، مثلما حدث ويحدث في ليبيا على وجه الخصوص.

لن نقف في خندق الديكتاتورية التي تذبح شعبها دون رحمة او شفقة، ولن نؤيد التدخل الاجنبي لمعرفتنا المسبقة باجنداته الاستعمارية، ولكننا سننحاز دائماً الى قول الحقيقة في زمن يتواطأ الطرفان على قمعها.

سنؤيد النظام السوري، ونقف في خندقه، اذا ما كانت حربه القادمة مع اسرائيل وحلفائها او في مواجهة الهيمنة الامريكية على المنطقة، ولكننا قطعاً سنكون في خندق الشعب اذا تعرض لحرب من النظام بسبب مطالبه المشروعة في الحرية والعدالة ومكافحة الفساد، فالشعوب دائماً ابقى واخلد من الانظمة، خاصة اذا كانت هذه الانظمة تضطهد شعوبها.

============================

بقايا مواطن سوري

نادر قريط

http://syriadiwan.com/?p=1295#more-1295

30/3/2011

عام 2005 وبعد ثلاثة عقود متصلة من الغربة والتسكع والحرمان من دخول سوريا، غلبني حنين للوطن وشوق لمرابع الطفولة والشباب، فحملت بعضي وذهبت للسفارة السورية في فيينا. وللحق والأمانة فقد أستُقبلت بتهذيب ديبلوماسي (وخبث أمني) حيث أشير عليّ بكتابة طلب لوزارة المغتربين، التي قيل أنها تُقدّم ضمانات، تحمي الزائر من زوّار الفجر وقوانين (الداخل مفقود والخارج مولود).. وهكذا دوّنت إسمي وتاريخ ميلادي وإسم شعبة التجنيد، وبعد شهر تقريبا أخبرت تلفونيا بقبول الطلب. ولا شك فقد طرت من الفرح وذهبت للسفارة وإستلمت نسخة تشير إلى تسهيل دخولي عبر المطارات والحدود، وفي ذيل النسخة قرأت عبارة مكتوبة بالقلم الجاف تقول: حال دخولك القطر عليك فورا مراجعة الأمن السياسي بدرعا وفرع الأمن العسكري في السويداء ؟! ..طويت الورقة بهدوء وقفلت راجعا.

وبعد عدة أيام وأثناء دوامة التردد والقلق ونعم ولا وقدم للأمام وأخرى للخلف، إلتقيت أحد المعارف، فروى لي قصة زيارته الأخيرة لسوريا وكيف جرى إقتياده في المطار إلى غرف خلفية كئيبة متسخة ذات جدران تآكل طلاؤها بفعل الزمن والإهمال.. وبذاكرة تصويرية يُحسد عليها، لم ينس الرجل وصف رجال الأمن المضجعين على أسرّة بأغطية بالية، ورائحة جواربهم التي كانت (تعطر) الممرات وملابسهم الرثة، وتثاؤب الضباط ورائحة سكائرهم وإصفرار أسنانهم وأسئلتهم الحمقاء وغلاظتهم .. ولفرط دقته في وصف سلوك الناس والفساد ووعثاء الشوارع والأبنية والعشوائيات. أصبت بقرف شديد، وإنسدت شهية السفر، وقررت محو الوطن من الذاكرة .. لكن السبب اللاوعي للإمتناع عن زيارة سوريا كان توجسي من دخول محاكم الضمير، ورفض رؤية السوقية والقبح والإذلال وسحق الآدمية، فهنالك حيث دوائر الأمن السياسي والعسكري، نعثر على سرّ قوة النظام، وسرّ وهنه، وسبب مراوحته في المرحلة الوحشية للتاريخ، وعجزه عن دخول عصر الأنسنة.

لهذا ماأزال برغم مرور 35 سنة من الغياب القسّري المتواصل، أقاوم النفس الأمّارة بالسفر، وأكبت مشاعر الحنين والرغبة والشوق. وماأزال أتجنب دخول بلاد تحكمها الهراوة الغليظة والعشواء والسماجة والصلافة أو تخنقها عبرات المظلومين ونظراتهم المكسورة. وبدل ذلك نسجت وطنا جديدا من خيوط المنفى وطرق التسكع بين غرناطة وطنجة وفاس وسيدي بوسعيد وسوسة والقاهرة والإسكندرية.. في هذه الأماكن أصطاد وطني الطريد، وألتهم حصتي من التراب والبهجة والأنانية والذكريات.

وفي غمرة ما يجري اليوم في سورية لا أجد إلا أستذكار مقولة ميكيافيلي لأميره: “إذا رأيت الثورة قادمة لا محالة، فبادر إلى إشعالها”

لهذا أتمنى أن يغتنم الرئيس الأسد هذه الفرصة التاريخية، لتخفيف آلام مخاض ولادة سورية الحرّة، وأدعوه بالإنضمام لصفوف الثائرين (على حكمه) فالأوطان تصبح عزيزة وقوية ومنيعة (وممانعة) عندما تحقق العزة والكرامة والحرية لأبنائها، والأوطان تكون كسيرة وذليلة عندما تنافق وتؤله الحاكم وتصفق له ولا تجرؤ على محاسبته، وهي نفسها التي يصطف أبناؤها على أبواب السفارات لتسوّل الهجرة والعمل أو إمتطاء قوارب الموت. الأوطان العزيزة هي التي تضمن التبادل السلمي للسلطة والمشاركة في الثروة وضمان حق الأفراد في التعبير وصياغة الشأن العام.

في النهاية أسجل مشاعر الفخر والغبطة لأولئك الأبطال الذين خرجوا للإحتجاج السلّمي في المدن والبلدات السورية فهؤلاء إمتلكوا بحق نبل وشجاعة القديسين، وأخصّ منهم أبناء محافظتي في حوران الأبيّة، ولا أملك إلا الإنحناء أمام الدماء وعظيم التضحيات، والعزاء للنفس والأمل بغد مشرق

ملاحظة: بعدما أنهيت النص شاهدت صورا للحشود السورية التي خرجت (أخرجت) لتقديم الولاء والطاعة.. فأحسست بالحزن، لبؤس الوازع الأخلاقي، فكيف تخرج الناس ودماء الأبرياء لم تجف بعد؟ بنفس الوقت تعجبت للطمأنينة والسلامة التي رافقت هذه الحشود، فعلام لم يندس المندسّون؟ ولمَ سكت رصاص العصابات؟ وشر البلية ما يُضحك

=======================

الفساد ملة واحدة

احمد العربي

المساء المغربية 30/3/2011

في غمرة هذه الثورات الشعبية المباركة، القائمة على امتداد خريطة العالم العربي، وعلى إثر تساقط أنظمة فاسدة مستبدة وبوادر تصدع صروح أنظمة أخرى، ظهر إلى العلن بجلاء حجم القهر والظلم المسلطين على شعوب المنطقة، والنهب والسرقات المنظمة التي تتعرض لها خيرات بلدانها، بواسطة حكام هم أقرب في ذلك إلى وكلاء الاستعمار الجديد وإلى سماسرة المؤسسات المالية الدولية منهم إلى مسيرين للشأن العام

أو مستأمنين على مصلحة أوطانهم أو مسؤولين أمام الله.

 

وقد بدا جليا أن هؤلاء الحكام قد اندمجوا نهائيا وعضويا في نسيج الشركات متعددة الجنسيات، وحولوا أنظمة حكمهم إلى عصابات منظمة لخدمتها، لا تقيم للأخلاق وزنا ولا تقدر للقيم الإنسانية قيمة، ولا تسمح بأي نقد تجاه نمط تسييرها الخصوصي للشأن العام.

واكتشف العالم كله أن الحكام «المحترمين» بحد السيف، ما هم في الواقع إلا مافيات تخبئ الأموال وراء جدران قصورها وفي دهاليز المغارات والكهوف، ومستعدة لاستعمال الفتوَنة والبلطجة واقتراف أكثر الجرائم دناءة ودموية وخيانة، من أجل تأبيد استغلالها لخيرات بلدانها وفرض استسلام شعوبها.

وعرفت الشعوب العربية لماذا كان حكامها عاجزين كل هذا العجز عن اتخاذ أي قرار يضمن كرامتهم، أو التوافق يوما على موقف يساند الشعب الفلسطيني، أو يحمي الشعب اللبناني، أو يحرر الشعب العراقي…، بل إن الكثير منهم قدم خدماته السخية إلى الكيان الصهيوني من أجل الظفر بمعلوماته الاستخباراتية أو مساعداته اللوجستيكية في محاصرة معارضيه وتقتيل خصومه، كما عرفت الشعوب أخيرا، وهي تستمع إلى هذيان أولئك «الزعماء»، لماذا فشلت كل مؤتمراتهم التي كانت تسمى، ظلما، ب«القمم» العربية.

غير أن ما لم يفطن إليه أولئك الزعماء المزيفون، وقد بلغ بهم الطغيان قمته، أن شعوبهم لم تعد قادرة على تحمل المزيد من القهر والظلم، ولم تعد مستعدة للسكوت على واقع أصبح فيه الموت حرقا أرحم من الاستمرار في العيش في سفوح قيادتهم.

أما الأنظمة الغربية فقد بات واضحا أن رخاءها الاقتصادي كان ولا يزال قائما على مآسي الشعوب المستضعفة، وأن «ديمقراطيتها» مبنية على فاشية أنظمة الحكم فيها، وأن أمنها واستقرارها رهينان- في اعتقادها- باستقرار تلك الشعوب تحت القيادة الحديدية لحكامها الأبديين ورعاية مخابراتهم القوية، وهو ما يفسر الصمت المخجل الذي لزمته تلك الأنظمة منذ عقود ومشاركتها في السرقة وقيامها بإخفاء المسروق، ثم التردد الانتهازي الذي طبع مواقف حكوماتها عند بداية اندلاع تلك الثورات، وإعلانها الوقح عن تخوفها من أن يؤدي التغيير العارم إلى صعود أنظمة إسلامية، بما يقلب حساباتها الاستراتيجية في المنطقة.

أما بالنسبة إلى تلك الأنظمة العربية، التي لم تعرف بعد إلا هزات ارتدادية ضعيفة أو التي لم تقطع شعوبها مع حكامها بشكل بائن، فقد فطنت إلى أن تجنب القطيعة النهائية يوجب عليها أن تمتص صدمة التغيير وتنصاع لرياحه العاتية وتستوعب مطالب شبابه الهائج وتحترم فكره المتوهج، فاضطر بعضها إلى تقديم وعود معسولة بالتخلي عن التوريث أو التمديد، وتذكر بعضها أن لديه قوانين للطوارئ قد علاها الصدأ منذ أجيال، فيما لجأت أخرى إلى التلميح أو التصريح بتأسيس الدستور أو بتعديله وإقرار ملكيات دستورية أو برلمانية… إلخ.

غير أنها أجمعت كلها، ولأول مرة في تاريخها، على الاعتراف باستشراء الفساد في صفوف موظفيها وقضاتها ومدنييها وعسكرها، بشكل لم يعد بالإمكان التنكر له أو التغاضي عنه، ووعدت بمحاربة الفساد والمفسدين، في الوقت الذي كانت فيه، بالأمس القريب، تعتبر مجرد التفكير في تأسيس جمعيات حماية المال العام جريمة تؤدي إلى المحاكمة، وكانت تعتبر فضح الفساد وقاحة تستوجب التأديب أو كبيرة من الكبائر التي تستوجب إقامة الحد على مرتكبيها.

لقد كشفت الثورة التونسية ثم المصرية من بعدها عن خيوط مترابطة لشبكات مافيوزية كانت تدعى أنظمة، وفضحت كيف اكتنزت تلك الشبكات الذهب والفضة والماس…

ولم تنفقها في سبيل شعوبها، كما كشفت الثورة الليبية من بعد ذلك عن بشاعة نظام دموي لم يشهد له التاريخ مثالا، وكيف تغول هذا النظام على شعبه الأعزل، ثم كيف توغل في اقتصاديات العالم عبر آليات الفساد والإفساد التي أتاحتها أمامه سلطة البيترودولار، حتى صار كورم سرطاني يصعب اجتثاثه أو كتلك الأمبريالية التي ظل القذافي يدّعي محاربتها في خطبه الجوفاء.

وها هي المملكة السعودية تنشئ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، للنظر في الملفات التي تتعلق بالفساد المالي والإداري المثبتة بالوثائق والحجج، والضرب على يد المفسدين الكبار الذين نهبوا أموال الأمة، بعدما كانت تكتفي بضرب المصلين الذين سهوا عن صلاتهم.

وها هي البحرين تقمع المتظاهرين بساحة اللؤلؤة بيد من حديد وتحرك محكمتها الجنائية باليد الأخرى، فتقرر متابعة ملياردير سعودي وخبراء دوليين من جنسيات متعددة لتورطهم في جرائم تتعلق بغسل الأموال عبر بنك «أوال» الذي يملكه ذلك الملياردير.

ومن المنتظر أن تكون أولى الملفات التي سوف تنظر فيها اللجنة الملكية السعودية ملفات تتعلق بذاك الملياردير نفسه الذي يعتقد أنه زور وثائق رسمية صادرة في أبوظبي والبحرين.

وفيما تنظر المحكمة الجنائية في البحرين في محاكمة «معن الصانع» عن مخالفته النظم المصرفية، أكد أعضاء في الحكومة البريطانية عزمهم على فتح تحقيق أولي حول العلاقة بين وزير الخارجية البريطاني «وليام هيغ» والملياردير «الصانع»، نظرا إلى دور «هيغ» المحتمل في الإفراج عن بريطانيين متورطين مع «الصانع» من أجل إبعادهم عن الإدلاء بشهاداتهم عند إحالة القضية على المحاكمة في البحرين، وذلك في الوقت الذي تحرص فيه بريطانيا «العظمى» على تكريس استقلالية قضائها طيلة تاريخها.

وقد أعرب عدة حكام عرب، بشكل متزامن، عن عزمهم على اجتثاث الفساد وملاحقة الفاسدين، مؤكدين أن مسيرة الإصلاح تحتاج إلى إجراءات سريعة وحاسمة.

أما في المغرب وقد وعد الملك بدسترة وتقوية آليات تخليق الحياة العامة وتطبيق المراقبة والمحاسبة بالنسبة إلى ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية، فهل سيكون من حظنا أن نحصل على العربون، وأن نشهد الآن محاكمة الفاسدين ممن يستغلون نفوذهم لتعطيل القوانين ويخرقونها بكل طمأنينة، وهم يتاجرون في مصائر الشعب ويبيضون الأموال المنهوبة في السر والعلن، حتى إنهم أصبحوا يعتبرون أنفسهم أسيادا والناس عبيدا؟

سيكون من حق «هيغ» أن ينفي علاقته ب«معن الصانع»، وسيكون من حق ساركوزي أن ينفي تمويل القذافي لحملته الانتخابية، كما سيكون من حق فرنسا، انتقاما لكرامتها التي مرغها القذافي في التراب، أن تقصفه بالطائرات، ولكن ليس من حقها أن تدعي تدخلها لمساندة الشعب الليبي، وهي التي استقبلته بالأمس القريب استقبال الأبطال الفاتحين، وفتحت أمامه وأمام أبنائه أبواب الاستثمار وشراء العقارات فوق ترابها بأموال الشعب الليبي المسروقة، ولن يكون من حق بيرلسكوني أن ينفي مشاركته في جرائم العقيد، كما لن يكون من حق بريطانيا «العظمى» أن تنفي أنها باعت «الجماهيرية العظمى» ضحايا لوكيربي مقابل حفنة من الدولارات وأطلقت سراح سجين، محكوم عليه لديها، هدية فوق البيع.

================================

خطاب الأسد: سبعة أضاليل لا تطمس قطرة دم واحدة

صبحي حديدي

القدس العربي

2011-03-31

الذين علّقوا عليه الآمال، طيلة الأيام التي أعقبت اندلاع الإنتفاضة السورية، خابت آمالهم في أن يقول مفردة واحدة تشي بأنه استمع إلى رسالة الشعب، أو ينوي الإستماع إليها في أجل قريب؛ أو أن ينطق مفردة عزاء واحدة لأهالي الشهداء الذين سقطوا، ويسقطون، هذه الساعة أيضاً، في درعا والصنمين واللاذقية وسائر أرجاء سورية.

والذين كانوا قد تفاءلوا بعهده، منذ أن تمّ توريثه في حزيران (يونيو) 2000، بعد ساعات من وفاة أبيه، وراهنوا على شبابه وانفتاحه ومزاجه المعلوماتي وسنوات إقامته في بريطانيا... خاب فألهم أكثر ممّا خاب طيلة 11 سنة من عهده، وليس محزناً تماماً أن لا يمحض المرء المراهنين أولئك فضيلة اكتشاف لا يبدو متأخراً، فحسب؛ بل يستدعي نقداً ذاتياً شجاعاً، وانخراطاً في معسكر التفاؤل الآخر، الصحيح والمشروع والتاريخي: صفّ الشعب، حيث تتواصل الإنتفاضة.

بيد أنّ خطاب بشار الأسد، أمام ما يسمّيه النظام 'مجلس الشعب'، كان أبعد أثراً من حكاية الآمال الخائبة والتفاؤل الجهيض، وانطوى على سلسلة أضاليل سيقت عن سابق عمد وتصميم، واستهتار برسالة المحكوم إلى الحاكم، واستخفاف بجراح الشعب وأحزانه. ولعلّ التضليل الأوّل كان إصرار الأسد على مخادعة نفسه بنفسه، والإلتفاف على تصريحات كان قد أدلى بها قبل أسابيع قليلة لصحيفة 'وول ستريت جورنال'، حول أولويات الإصلاح، وجداوله الزمنية التي قد لا يقطف ثمارها إلا أبناء جيل لاحق؛ فضلاً، بالطبع، عن حصانة نظامه ضدّ ايّ تحرّك شعبي، هو 'المقاوِم' و'الممانِع'.

فهو، في ذلك الحوار كما في خطابه الأخير، اعتبر أنك إذا لم تكن قد بدأتَ بالإصلاحات منذ زمن سابق على انتفاضات العرب، فإنك قد تأخرتَ الآن، وستبدو إصلاحاتك بمثابة خضوع للضغط الشعبي؛ والدولة التي تخضع لضغوط الداخل، يمكن أن تخضع أيضاً لضغوط الخارج. الأسد اعترف في خطبته أنّ الدولة قد تأخرت، ولكن الشعب يقول اليوم إنها لم تتأخر عن عام 2005، حين أوصى المؤتمر القطري العاشر بسلسلة إجراءات، فحسب؛ بل تأخرت عن سنة 2000، حين تولى الوريث السلطة من أبيه؛ وعن سنة 41 سنة من حكم 'الحركة التصحيحية'، بالنظر إلى أنّ حكم الابن ليس سوى مواصلة لحكم الأب. ثمّ ما الذي يعيب نظام حكم، لا يكفّ عن ادعاء الإنفتاح على الشعب والتمتع بحبّ الجماهير، إذا خضع لضغط شعبي يدور حول حاجات ومطالب وحقوق مشروعة شتى؟

هذه، تحديداً، هي معادلة التضليل الثانية: 'في الوضع الداخلي بنيت سياستنا على التطوير وعلى الإنفتاح، على التواصل المباشر بيني وبين الشعب والمواطنين، وبغض النظر عما إذا كان هناك من سلبيات وإيجابيات'، قال الأسد. ولكن أيّ انفتاح هذا الذي لا يقبل الضغط من شارع شعبي غرضه إصلاح البلد، ويقارنه بضغوط خارجية تستهدف تركيع البلد؟ وكيف يصحّ الحديث عن انفتاح بين نظام الأسد والشعب، إذا كان اعترف بنفسه أنه 'ينقصنا دائماً التواصل'، و'الدولة طرحت وعوداً بالإصلاح ولم تنفذها'، و'لدينا دائما مشكلة في التواصل'؟ ثمّ كيف يفهم الشارع السوري، ثمّ العالم قاطبة في الواقع، تأخّر الأسد في الحديث إلى الشعب، وإنابة أمثال فاروق الشرع وبثينة شعبان ورستم غزالي وتامر الحجة... للنطق بالنيابة عنه؟ وهل هذا عذر، أم ذنب أقبح، أن يقول: 'هذه الكلمة ينتظرها الشعب السوري منذ الأسبوع الماضي، وأنا تأخرت بإلقائها بشكل مقصود ريثما تكتمل الصورة في ذهني'؟ وأيّ خلاصات عجاف هذه التي اكتملت، في نهاية المطاف!

التضليل الثالث هو إغداق المدائح على مدينة درعا، وأنّ 'أهل درعا هم أهل الوطنية الصادقة والعروبة الأصيلة، أهل درعا هم أهل النخوة والشهامة والكرامة'، و'هم مَنْ سيقومون بتطويق القلّة القليلة التي أرادت إثارة الفوضى وتخريب اللحمة الوطنية'؛ وفي الآن ذاته استكثار صفة الشهيد على عشرات القتلى من أبناء المحافظة، والسكوت التامّ عن مظالم المواطنين هناك، المحلية منها التي تخصّ فساد رجال السلطة وتسلطهم واستبدادهم، قبل تلك الوطنية التي تعني سورية بأسرها. وأي وسيلة لتكذيب بثينة شعبان، في تبجحها بأنّ الأسد يعتبر ضحايا درعا 'شهداء الوطن'، أفضل من الإستماع إلى الأسد نفسه وهو يراهم 'ضحايا الفتنة'، ليس أكثر؟

ويا لها من 'فتنة'، هذه التي يشعلها مواطنون سوريون عزّل، يهتفون بالوحدة الوطنية بين مختلف مكوّنات المجتمع السوري، الإثنية والدينية والمذهبية والطائفية! ماذا ترك الأسد، في نقطة التضليل الرابعة، لمفارز 'الشبيحة' الهمجية، طبعة نظامه من 'بلطجية' أنظمة الإستبداد العربية الأخرى، التي تأتمر بأوامر أبناء عمومة الرئاسة: نمير بديع الأسد (بطل الفيديو الشهير الذي يُظهره، صحبة رجاله المسلحين، يقتحم شركة الهرم للحوالات، في قلب دمشق، ويسطو على قرابة 43 مليون ليرة سورية)؛ وفواز جميل الأسد (بطل معركة شهيرة دارت، في سنة 1988، بين رجاله وحوّامات وزوارق البحرية السورية التي حاولت التصدّي لقوارب التهريب)؛ ومنذر جميل الأسد (الذي صدر بحقّه حكم بالسجن خمس سنوات، ليس بتهمة 'وهن عزيمة الامّة' بالطبع، بل بجرم التزوير واستخدام مزوّر، ولكنه ما يزال حرّاً طليقاً!'...

التضليل الخامس في خطبة الأسد هو الحديث عن محاسبة المسؤولين: 'من الضروري أن نبحث عن الأسباب والمسببين، ونحقق ونحاسب'؛ ولكن هل ينتظر منه طفل سوري، فكيف بنساء ورجال وشيوخ هذا البلد العظيم المنتفض، أن يحاسب أهل بيته، أوّلاً... أو حتى أخيراً! فإذا وضعنا قادة 'الشبيحة' جانباً، متى سيحاسب الأسد ابن خالته، العميد عاطف نجيب، رئيس فرع الأمن السياسي في محافظة درعا، وصاحب الأمر باستخدام الذخيرة الحيّة ضدّ المتظاهرين، وقبله الأمر باعتقال 16 طفلاً والإبقاء عليهم قيد الإحتجاز طيلة شهر ونيف؟ ولو لم يكن هذا العميد على صلة قرابة مباشرة برأس النظام، هل كان سيتجاسر على فتح النار دون الرجوع إلى القصر، أو الرجوع إلى العميد ماهر الأسد؟ أم يصحّ، أيضاً، الافتراض بأنه لم يتجاسر على اتخاذ قرار خطير كهذا، وأنّ الإذن ب'وأد الفتنة' جاء من الأعلى بالفعل؟

سياق التضليل السادس أنّ الأسد ألمح على نحو عارض، ليست نيّة التعمّد خافية عنه إلى أنّ الذين يعارضون الإصلاح والمحاسبة هم 'أصحاب المصالح والفساد وأنتم تعرفونهم. قلّة كانت موجودة ولم تعد موجودة الآن. قلّة محدودة جداً تعرفونها بالاسم'. والحال أنّ السوريين يعرفونهم بالاسم، حقاً، ولكن ما يعرفونه أيضاً، وما يتقصّد الأسد التعمية عليه، هو أنّ هؤلاء ليسوا 'قلّة محدودة جداً'، وهم موجودون على رأس مناصبهم ومواقعهم وصلاحياتهم؛ ابتداء من تمساح المال والأشغال والإستثمار رامي مخلوف، ابن خال الرئاسة الذي هتفت جماهير درعا ضدّه، وليس انتهاء بوزير الإدارة المحلية تامر الحجة (المرشّح الآتي لرئاسة الوزراء، كما تقول بعض التقارير) الذي شاع دوره في فضيحة جمعية الشهيد السكنية في حلب، عندما كان محافظاً هناك).

ومن الطريف أنّ الأسد، في الفقرة ذاتها، كذّب الذين كانوا ينسبون إليه نوايا إصلاحية، ويرجعون السبب في عدم تنفيذها إلى البطانة التي من حوله، ممّن يعيقون الإصلاح ويطالبون بالحفاظ على عقلية الماضي، سواء بدافع اقتفاء مصالحهم الشخصية، أو تمسكاً بعقائد جامدة تخصّ التنظير ل'اشتراكية' حزب البعث. وها أنه يقول بكلّ الوضوح: 'كان يسألني هذا السؤال أكثر من مسؤول مرّوا بسورية مؤخراً من الأجانب. يريد أن يطمئن بأن الرئيس إصلاحي ولكن مَنْ حوله يمنعونه، وقلت له بالعكس، هم يدفعونني بشكل كبير'!

التضليل السابع، وهو أشبه باستئناف نكتة عتيقة مكرورة، تستهدف ذرّ الرماد في عيون مفترَضة تفتّحت منذ عقود على الحقيقة الأخرى الساطعة، وهي أنّ الأسد اختار 'مجلس الشعب' لتوجيه كلمته، لأنّ أعضاءه هم الذين يمثّلون الشعب. والحال أنّ هذا مجلس دمى متحرّكة بائسة، لم تعد تضحك طفلاً، ولا تشبه أشدّ الكرنفالات ابتذالاً وسماجة، وهو رغم تغيّر بعض أعضائه اسماً، وليس البتة وظيفة وتهريجاً المجلس ذاته الذي أسبغ 'الشرعية' على توريث بشار الأسد سنة 2000، وعدّل الدستور على النحو الأكثر كاريكاتورية في تاريخ أية أمّة، لكي ينحشر الفتى في الثوب الفضفاض الذي خلّفه الأسد الأب، ساعة رحيله.

ولو كان الأسد ينتمي إلى زمانه، في الحدود الدنيا لمنطق العصر واشتراطات الأوان، لأوحى إلى معاونيه الأمنيين أن يأمروا هؤلاء المهرّجين بالإقلال من تهريجهم، لأنّ العالم بأسره كان ينتظر خطابه، ولكانوا سمعوا وأطاعوا. ولو كانت نرجسيته العُظامية أقلّ تفشياً في مزاجه الشخصي، إذْ من الحكمة للمرء أن لا يتحدّث عن خصاله كرجل سياسة، لكان أوصى بأن لا يخرج عليه عضو يهتف له إنّ سورية والعالم العربي قليلة عليه، وموقعه قيادة العالم؛ هذا بمعزل عن أبيات الشعر السقيم وهتافات النفاق الجوفاء.

ثمة، إلى هذا، أضاليل أخرى تخصّ رفض الأسد توصيف أنماط الإنتفاضات الشعبية العربية بأية تسمية أخرى غير 'الحالة الشعبية'؛ ولا نعرف، حقاً، ما هو العيار الفلسفي في هذا التعبير الغائم، وماذا تشمل الحالة، أو لا تشمل. وكذلك تبرّمه من تعبير 'الموجة' في الحديث عن هذه الإنتفاضات، لباعث أوّل يخصّ آماله في أن لا تزحف الموجة إلى سورية، كما للمرء أن يتكهن؛ ولرغبة في التفلسف الإضافي حول 'التحكّم' بالموجة، وكأنّ في وسعه وقفها أو إسكاتها أو تجميدها، حتى يفرغ من تأملاته فيجد الحلول للتحكّم بها.

مثله التضليل حول وجود 'مؤامرة'، سواء تسلّحت بأسلحة ثقيلة، أو دارت على نحو افتراضي عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث يفلح المتآمرون في كلّ هدف: 'زوّروا المعلومات، زوّروا الصوت، زوّروا الصورة، زوّروا كل شيء'، يقول الأسد. مدهش، مع ذلك، أنّ هذا 'الرئيس الشاب' كان قد سُوّق إلى الشعب السوري في صورة 'رائد المعلوماتية'، وكان منصبه الوحيد الرسمي، قبيل توريثه، هو رئاسة 'الجمعية المعلوماتية السورية'؛ فأيّ عجب في أن ينقلب السحر على الساحر؟ ثمّ إذا كانت 'المؤامرة الإفتراضية' عليه، أفليست له أيضاً، وفي متناول أجهزة نظامه؟ ألا يدخل أفراد تلك الأجهزة على ال'تويتر' وال'فيسبوك' مثل سواهم، بل يمتهن بعضهم فنون اختراق المواقع المعارضة وتخريبها؟

وأخيراً، إذْ يستمع المواطنون السوريون إلى الأسد وهو يتهم أمريكا وإسرائيل بالتآمر عليه، فضلاً عن دول أخرى 'قريبة'؛ كيف لهم، إذاً، أن يقرأوا حماس وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلنتون، لنظام الأسد، وتوصيفه ب'الرئيس الإصلاحي'؟ وكيف تجب قراءة القلق الإسرائيلي الشديد على مصير نظام الأسد... أحبّ دكتاتور إلى قلب إسرائيل، كما ساجل سلمان مصالحة في مقالة لافتة نشرتها 'هآرتز' قبل أيام؟ وهل هتاف الشارع السوري 'الله! سورية! حرّية وبسّ' هو، حقاً، ذروة المؤامرات الخارجية؛ والهتاف البديل 'الله! سورية! بشار وبسّ!' هو ذروة الوطنية؟

وكيف لهذه الأضاليل، وعشرات سواها، أن تطمس قطرة دم زكية واحدة، سالت من جسد شهيد؟

' كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

===============

التبعات الإقليمية للأزمة السورية

الجمعة, 01 أبريل 2011

باتريك سيل *

الحياة

ألقى الرئيس بشار الأسد نهار الأربعاء الماضي خطابه الذي كان مرتقباً منذ فترة طويلة. ولم يكن هو الخطاب الذي كان العالم يتوقعه. إذ لم ينطوِ على أي قرارات جوهرية تتعلق بتطبيق إصلاحات جذرية ولا على محاولة لتهدئة المتظاهرين الذين حوّلوا عدداً من المدن السورية إلى ميادين قتال في الأيام الأخيرة.

بل أتى الكشف الأبرز في الخطاب، بالنسبة إلى أيّ مراقب خارجي، في تسليطه الضوء على طباع الرئيس بشار. فمن الواضح أنّه رجل يكره الرضوخ للسيطرة أو الضغوط، أكانت داخلية أم خارجية. ولا شكّ في أنّه ورث هذا الجانب المتصلّب عن والده، الرئيس الراحل حافظ الأسد، الذي حكم سورية بقبضة من حديد على مدى ثلاثين عاماً.

وتمحور الخطاب حول نقطتين برزتا في إلقاء أتى متردداً. النقطة الأولى هي أنّ سورية تواجه مؤامرة خطيرة تهدف إلى إثارة النعرات الطائفية، وتهدّد بالتالي وحدة الأمّة. وقارن هذه المؤامرة بتلك التي واجهتها سورية في عام 2005 وتمكّنت من إحباطها، في إشارة واضحة إلى محاولة بعض القوى الخارجية، ولا سيّما الولايات المتحدة وفرنسا، استغلال اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري من أجل إخراج القوات السورية من لبنان وحتى إسقاط النظام.

أما النقطة الثانية التي استطرد فيها، فركزت على أنه كان يدرس إمكانية إدخال إصلاحات، منذ اللحظة التي ألقى فيها خطاب القسم في عام 2000. لكن الأحداث الخارجية التي كانت تهدد سورية أدّت إلى تحويل الانتباه عن عملية الإصلاح وتأخيرها. ومن بين هذه التهديدات، تحدث عن هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، وعن غزو العراق واحتلاله، لما اعتبرت الإدارة الأميركية، على حد تعبيره، أن الدولة التالية التي ستسقط هي سورية. كما أشار إلى الأزمة اللبنانية في عام 2005، وهجوم إسرائيل على لبنان في 2006 وعلى غزة بين 2008 و2009، فضلاً عن سنوات الجفاف الأربع التي عانت منها سورية.

وبدا كأنه يقول إنه لن يحصل أي تأجيل إضافي حالياً، إلا أن المحافظة على استقرار سورية هي في طليعة أولوياته، فيما تقوم الأولوية الثانية على معرفة حاجات المواطنين الاجتماعية والاقتصادية. وقال إن الإصلاحات ضرورية، وتم التخطيط لها منذ زمن، وستُطَبَّق قريباً، لكن لا يمكن إدخالها كنتيجة للأزمة.

وفي سياق مناقشته للإصلاحات، لمّح باختصار إلى قانون يتيح تشكيل الأحزاب السياسية، وإلى قانون آخر لإنهاء حالة الطوارئ. وأضاف أن التخطيط بدأ لمجموعة من الاجراءات الاقتصادية، على أن يتم الإعلان عنها قريباً. وقال إن علينا أن نسرع لا أن نتسرع، في ما يشكّل، في الواقع، إعادة تشديد على مقاربته التدريجية. وأكد ان المؤامرة التي تواجهها سورية كبيرة لكنها لن تتردد في الدفاع عن مبادئها وقضيتها.

وبالنظر إلى أن سورية تشكّل محوراً أساسياً لشبكة العلاقات المعقدة في الشرق الأوسط، لا يمكن الأزمة التي تختبرها البلاد إلا أن تترك وقعاً على تركيبة السلطة في المنطقة. فقد استُبعِدت مشاكل السياسة الخارجية فجأة، بعد أن شكّلت لوقت طويل مصدر قلق بالنسبة إلى القيادة السورية، وحلّت مكانها احتجاجات شعبية تسلّط الضوء على مسائل محلية طارئة ومهملة منذ زمن طويل.

سيؤدي عجز النظام عن التخفيف من حدة الاضطرابات الداخلية إلى إضعاف محتّم لنفوذ سورية الخارجي، فتنعكس الأمور على أرجاء منطقة الشرق الأوسط. وفيما تتفاقم الأزمة، يرتعد حلفاء سورية خوفاً، فيما يبتهج أعداؤها.

اكتسب الوضع بُعداً جديداً وأكثر خطورةً بسبب إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين الشبان. وأثار سقوط قتلى مدنيين بأيدي قوى الأمن حفيظة الرأي العام في أنحاء البلاد، فتأججت نيران الغضب المكبوتة حيال الحرمان من الحريات الأساسية وحيال الطبيعة الاحتكارية لحكم حزب البعث وحيال الأفعال التعسفية التي تُقدِم عليها النخبة المتميّزة. ويزيد من حجم هذه العلل ارتفاع مستويات البطالة في أوساط الشبان، ناهيك عن الخراب الذي خلّفه الجفاف في الأرياف منذ أربع سنوات، وعن المشقة التي لا تقتصر على معظم المواطنين الذين يشعرون بالمعاناة، إنما تشمل أيضاً الطبقة الوسطى التي باتت تعاني من الفقر بسبب تدني الأجور وارتفاع معدل التضخم.

أطلق النظام سراح عدد من السجناء السياسيين وتعهد برفع حالة الطوارئ المفروضة منذ عام 1963. ولمّحت مستشارة الرئيس الاسد إلى أن الإصلاحات القادمة ستشمل حرية إعلامية أوسع نطاقاً والحق بتشكيل أحزاب سياسية. لكن الأسد لم يشر الى شيء من ذلك في خطابه. ويبقى أن نرى إن كانت الوعود وحدها كفيلة بوضع حد للاضطرابات.

في غضون ذلك، زعزعت الاحتجاجات أسس الدولة الأمنية في سورية. وتشير كل التقارير إلى أن الأمر تسبب باندلاع مناقشات محتدمة داخل النظام ونتجت منه مواجهات متزايدة العنف بين الراغبين في الإصلاح والمتشددين. وتبقى نتائج هذه المشاحنات الداخلية غير مؤكدة.

وينظر كل من إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة بعداء كبير إلى سورية، وكذلك إلى حليفتيها الأساسيتين، جمهورية إيران الإسلامية والمقاومة الشيعية اللبنانية المتمثلة ب «حزب الله». ولطالما شكّل محور طهران - دمشق - «حزب الله»، حيث تُعتبَر سورية حجر زاوية أساسياً، أهم عقبة في وجه الهيمنة الإسرائيلية والأميركية على دول المشرق.

وفي حال تسببت المعارضة الداخلية بشلّ النظام السوري، ولو لمدة قصيرة، فمن المؤكد أنّ سطوة إيران على القضايا العربية ستتراجع، سواء في لبنان أو في الأراضي الفلسطينية، أو حتى في الخليج.

وفي لبنان، قد يبدو أن «حزب الله» اصبح الآن في موقف دفاعي. ومع أنه لا يزال يشكل أكبر حركة فاعلة، يشعر خصومه المحليون بأن الأمور بدأت تنقلب لمصلحتهم. ولعل هذا ما يفسر الخطاب العنيف الذي ألقاه زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري مؤخراً، حيث ضرب بصورة واضحة على الوتر الطائفي الحساس. واتهم سلاح «حزب الله» بأنه لا يشكل تهديداً لإسرائيل بقدر ما يشكل تهديداً لحرية لبنان واستقلاله وسيادته، لمصلحة قوة أجنبية، هي إيران!

ولا يقتصر التوتر بين السنّة والشيعة على لبنان، بل تفشّى في المنطقة، ولا سيّما في البحرين. وأفسحت الاطاحة بنفوذ السنّة في العراق المجال أمام زيادة نفوذ الشيعة. وبهذا، تخدم الرياح الطائفية التي تعصف في المنطقة إيران والعراق في تقاربهما أكثر من أي وقت مضى.

وتشعر تركيا بقلقٍ كبير حيال ما يحصل في سورية من اضطرابات، بالنظر إلى أن دمشق تُعتبَر حجر الزاوية بالنسبة إلى السياسة التركية الطموحة في العالم العربي. فقد شهدت العلاقات التركية - السورية ازدهاراً في السنوات الأخيرة، فيما فترت العلاقات التركية - الإسرائيلية. وسعى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية النشيط أحمد داود أوغلو إلى التوسط في النزاعات المحلية وتحقيق الاستقرار الذي تحتاج إليه المنطقة، وذلك من خلال إنشاء روابط إقتصادية وثيقة.

إلاّ أن خسارة سورية قد تتحول إلى مكسب لمصر. فبعد أن تحررت القاهرة من حكم حسني مبارك الراكد، من المتوقع أن تلعب مصر دوراً أكثر نشاطاً في القضايا العربية. وبدلاً من أن تستمر في سياسة مبارك المتقاربة مع إسرائيل، والقائمة على معاقبة غزة وعزل حكومة «حماس»، تذكر التقارير أن مصر تمارس الضغوط لتحقيق المصالحة بين حركتي «حماس» و «فتح» المتنافستين. وإن نجحت في ذلك، فقد تساعد على نزع فتيل التصعيد الخطير وأعمال العنف بين إسرائيل و «حماس»، فضلاً عن مجموعات فلسطينية أكثر تطرفاً منها، تتخذ غزة مقراً لها.

وممّا لا شك فيه أن فشل عملية السلام ولّد إحباطاً شديداً لدى الفصائل الفلسطينية المتحاربة، وقد يرى بعضها حاجة ملحّة إلى إثارة صدمة كبيرة بهدف تحويل اهتمام الرأي العام العالمي عن الموجة الديموقراطية العربية والعودة إلى الاهتمام بالقضية الفلسطينية. وقد يحسب الإسرائيليون المتشددون بدورهم أن حرباً قصيرة قد تلبي أهدافهم. وقد يحلم مؤيدون كثر لحكومة بنيامين نتانياهو اليمينية المتطرفة بالقضاء على «حماس» مرّة واحدة وإلى الأبد.

إلا أن أخطر تهديد تواجهه المنطقة، من بين التهديدات القائمة يكمن في الطائفية المتفشية وفي العلاقات السيئة بين دول المنطقة وداخل كل دولة، وفي انتشار الكراهية والتعصّب وعدم الثقة.

لقد قام عدد كبير من الدول الشرق أوسطية الحديثة – وسورية ليست استثناءً - على فسيفساء من الأديان والطوائف والجماعات العرقية القديمة، التي جمعتها حكومة مركزية بطريقة مضطربة وغير مثيرة للارتياح أحياناً. لكن الحكومات بقيت أبعد ما يكون عن الحياد، مفضلة طائفة على أخرى. وفيما تواجه سلطة الدولة التحديات، قد تخرج الشياطين الطائفية المتعطشة للدماء من مخابئها إلى العلن.

* كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الاوسط

===============

«عقيدة الأسد» في مواجهة «عقيدة أوباما»

الجمعة, 01 أبريل 2011

راغدة درغام - نيويورك

الحياة

التقت هذا الأسبوع عقيدتان متضاربتان تمثلتا في خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما حول الدور الأميركي حيال الانتفاضة الشعبية العربية المطالبة بالتغيير، وفي خطاب الرئيس السوري بشار الأسد حول دور النظام السوري حيال الانتفاضة الشعبية السورية المطالبة بالإصلاح. «عقيدة أوباما» تقع موضع نقاش بين داعمين ومعارضين ومنتقدين لها من اليسار واليمين. «عقيدة الأسد» تكشف عن احتمالين حصيلتهما واحدة وهي أن ساحة النقاش عسكرية وأمنية لأن الأسد قرر أن مظاهرات أبناء شعبه تأتي في إطار «مؤامرة» وأن «وأد الفتنة واجب وطني وأخلاقي وشرعي، وكل من يستطيع أن يساهم في وأدها ولا يفعل، فهو جزء منها» كما قال. والاحتمالان هما: أما أن مراكز القوى الاقتصادية والاستخبارية والعسكرية عارضت أي إصلاح وفرضت على الأسد أن يختار قمع الاحتجاجات وتأجيل الإجراءات الإصلاحية. أو أن الأسد اختار بنفسه «عقيدة» الانتصار إذ قال إن «الأزمات حالة إيجابية إن استطعنا أن نسيطر عليها وأن نخرج منها رابحين».

باراك أوباما يريد الربح والانتصار أيضاً إنما ليس للنظام الحاكم، كما يريد بشار الأسد، وإنما لمبدأ «التدخل الإنساني» المبني على الواجب «الأخلاقي» إزاء شعب يتعرض للقمع، كما في ليبيا.

أوباما دافع عن العملية العسكرية الأميركية في ليبيا ليلة إيلاء زمام القيادة العسكرية إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) مصراً على الإيضاح أن الولايات المتحدة لا تريد، ولن تكون، شرطي العالم.

وزيرة خارجيته، هيلاري كلينتون، تعمدت القول قبيل ساعات إن الولايات المتحدة لن تتدخل عسكرياً في سورية ولن تطبق نموذج التعاطي مع أحداث ليبيا على التعاطي مع أحداث سورية.

ذا التصريح ربما ساهم في حسم خيارات القيادة السورية لجهة التصعيد والمكابرة والحسم الأمني، ثقة منها بأنها في وضع مختلف ومميز لدى الإدارة الأميركية. ربما فسّرت دمشق أقوال كلينتون بأنها معفاة من المحاسبة، ولذلك اختارت تهديد المتظاهرين والتوعد لكل من هو طرف في «المؤامرة»، وتعمد بشار الأسد أن يخلو خطابه من كلام عن إلغاء قانون الطوارئ وحرية الإعلام ووعود التعددية الحزبية.

الإدارة الأميركية أسرعت إلى التعبير عن «خيبة أمل لدى الشعب السوري» نتيجة ما جاء في خطاب «عقيدة الأسد» داعية إلى «خطوات ملموسة» نحو الإصلاح وإلى إطلاق «حوار» بين الحكومة ومواطنيها.

السناتور جان كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، يدافع دائماً عن الرئيس السوري وعقيلته، وهو من المقتنعين أن المصلحة الأميركية تقتضي مراعاة الأسد والإقرار بأدوار سورية خارج حدودها في اتجاه لبنان والعراق وما بعد. أحداث سورية الأخيرة لا بد ستترك كيري في موقف حرج ويضطر لإعادة النظر، سيما في أعقاب تقدم كل من السناتور الجمهوري جون ماكين والسناتور المستقل جو ليبرمان من الرئيس الأميركي بطلب دعم المعارضة السورية.

في بيانهما المشترك يوم الأربعاء قال الشريكان في جولة على منطقة الشرق الأوسط قبل أسابيع إن «استراتيجية جديدة أمر ضروري في سورية، استراتيجية تجعل الولايات المتحدة تدعم التطلعات والمطالب المشروعة للشعب السوري حيال مستقبله». وأضاف البيان «نحض الإدارة أيضاً على العمل مع الأسرة الدولية كي يفهم الرئيس الأسد أنه في حال استمر على طريق القمع والعنف، فستكون لهذا الأمر عواقب خطيرة».

تعاطي الإدارة الأميركية على الساحة الدولية مع الملف الليبي انطلق من مواقف تبنتها جامعة الدول العربية في أعقاب مبادرة لدول مجلس التعاون الخليجي. ما يقوله المعارضون لتطبيق نموذج ليبيا على سورية هو أن لا مجلس التعاون الخليجي ولا جامعة الدول العربية في صدد اتخاذ مواقف نحو نظام بشار الأسد كتلك التي اتخذتها نحو نظام معمر القذافي. وبالتالي، إن إدارة أوباما لن تسلك طريقاً بمفردها طالما هناك معارضة، أو تحفظ عربي. هذا إضافة إلى بوادر معارضة روسية وصينية في مجلس الأمن لتطبيق نموذج التدخل في ليبيا على أي بلد عربي آخر. أي أن الجميع لا يريد تدخلاً متعدد الجنسية في سورية.

إنما المأزق يبقى مأزق الجميع، مهما حاولوا تجنب التورط فيه. فالشعب السوري، كالشعب الليبي، فاجأ العالم بقدرته على النهوض في وجه الآلة الأمنية. وكما كان الافتراض سائداً بأن الشعب الليبي مقموع لدرجة انه محطّم تماماً وغير قادر على رفع رأسه من تحت ركام الخوف، هكذا كان الانطباع نحو الشعب السوري. ثم أتت المفاجأة.

أتت المفاجأة ليس فقط في نهوض الشعب السوري مطالباً بالإصلاح وبالحرية وبالحق في صنع المصير والمشاركة السياسية. أتت في رفض القيادة السورية أن تتعلم من دروس الآخرين مفترضة أنها ستربح المعركة حيث خسرها الآخرون في تونس ومصر وليبيا، وكذلك اليمن.

فلقد اعتبرت القيادة السورية نفسها في خانة «اللااستغناء» عنها لدى الإدارة الأميركية نظراً لما تمدّه إليها من تعاون في العراق ومع إيران وغير ذلك. لكن إدارة أوباما، عمداً أو سهواً، نصبت نفسها شريك الشعوب الطامحة إلى التغيير والإصلاح. فعلت ذلك بعد تردد كبير لكنها أعلنته واضحاً في خطاب للرئيس الأميركي سجّل ما هو معروف اليوم ب «عقيدة أوباما». هذه العقيدة تقوم على الشراكة الدولية والشراكة الإقليمية والشراكة المحلية، والشراكة مع الناس.

ما صدر عن هيلاري كلينتون نحو سورية دخل في خانة إحباط المتظاهرين هناك لأنه ظهر أنها تعهدت بعدم دعمهم. لكنهم ثابروا. والآن، وبعدما ثابر المتظاهرون وبعدما أعربت الإدارة الأميركية عن «خيبة الأمل» من خطاب «عقيدة الأسد» فقد وضعت نفسها في موقف يتطلب منها إما التجاوب مع بيان ماكين- ليبرمان أو تفسير أسباب تقاعسها عندما يتعلق الأمر بسورية.

إدارة أوباما ليست فقط تحت أضواء «إحباط المتظاهرين» – كما في سورية – وإنما أيضاً «تضليل المقاتلين» كما نحو الثوار في ليبيا، إذا استمر ترددها في تسليحهم. فلقد فات الأوان على إعادة النظر في مسألة التسليح بعدما دخل الثوار الليبيون الحرب مع الماكينة العسكرية لمعمر القذافي بناء على وعود دولية – أميركية وأوروبية تحديداً – وبمشاركة دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك تركيا. فلا يجوز اليوم الاستغراق في ما إذا كانت هناك حاجة، أو صلاحية، لتسليحهم في خضم المعركة الحاسمة. أي تراجع الآن يعني تقديم الثوار على طبق من فضة، إلى معمر القذافي.

هذا لا يعني تقديم كل شيء على طبق من ذهب إلى الثوار والمعارضين في ليبيا بل العكس هو المطلوب. التدقيق بمن هم هؤلاء الثوار وماذا يريدون ليس كافياً. المطلوب هو مساعدتهم، أو الإصرار عليهم للتفكير بسبل تقديم استراتيجية خروج لنظام معمر القذافي. فإذا كان سبيل إقناعهم بذلك هو حجب التسليح عنهم، ففي ذلك مخاطرة كبيرة لكل من حلف «الناتو» والثوار، ويجب حسم هذه المعادلة سريعاً.

كذلك الأمر في ما يتعلق باليمن، إن إعفاء أقطاب المعارضة من المحاسبة ومن اتخاذ قرارات مصيرية لن يساعد في تنفيذ استراتيجية خروج أو رحيل الرئيس علي عبدالله صالح. فهذا ليس وقت الانتقام. إنه زمن التغيير الإصلاحي وليس زمن الاستيلاء على السلطة بالوسائل المعتادة والانتقام.

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يقوم بجهود مع القيادة السورية، يبدو أنها تركته غاضباً وعاجزاً عن فهم المقاومة السورية لمقترحاته وتشجيعه القيادة على الإقدام على الإصلاح. ولقد نقلت عنه أوساط سياسية رفيعة المستوى انه محبط إزاء تصرفات النظام السوري سيما أن لدى تركيا أدلة دامغة على تورط النظام السوري في تيسير نقل أسلحة ضخمة العدد من إيران إلى «حزب الله» في لبنان.

فلقد كشفت المصادر المطلعة أن إحدى الطائرتين اللتين أنزلتهما تركيا في أراضيها مؤخراً كانت على متنهما أسلحة وعتاد «كافية لجيش كامل»، كما أبلغ أردوغان مسؤولين كباراً في المنطقة العربية.

وزير الخارجية التركي، داود اوغلو، حض القيادة السورية والزعماء العرب الآخرين على تبني التغيير أو مواجهة الهزيمة. ورداً على سؤال عن اتهامات سورية بأن «عناصر أجنبية» تقف وراء الاحتجاجات المناهضة للحكومة منذ أسبوعين، رد بأن لا «دليل» على ذلك، وقال إن الأجيال العربية الشابة أرادت مزيداً من الكرامة والرخاء الاقتصادي والديموقراطية. قال انه ينبغي على الزعماء الحكماء في المنطقة «قيادة هذه العملية وليس محاولة منعها». قال إن «من يحاولون منع هذه العملية سيواجهون مزيداً من المصاعب، مثلما هي الحال في ليبيا».

===============

أسئلة ما بعد التغيير السوري

د. عبدالله تركماني

2011-03-31

القدس العربي

بعد أن سالت دماء سوريين من أجل التغيير الوطني الديمقراطي، أضحى هذا التغيير على جدول الأعمال السوري، لذلك من المهم محاولة رؤية محتوى ومضامين ومستويات هذا التغيير وصوغ أسئلته. إذ يمكن تلخيص قصة العالم العربي السياسية، بعد ثورتي تونس ومصر وإرهاصات ثورتي ليبيا واليمن والحراك الشعبي في الأقطار العربية الأخرى، في التحول المؤسسي القائم على مجموعة قيم: الحرية والكرامة والشفافية والديمقراطية وحقوق الإنسان في داخل الدول.

فبعد انتفاضة أغلب المدن السورية بلغت سورية نقطة مفصلية حاسمة، فهل يعي الحكم السوري ذلك قبل فوات الأوان، ويتجاوز استجاباته البطيئة للأحداث، بعد أن حملت في الآونة الأخيرة طابع ردود فعل متوترة وعقيمة، تهدف إلى شل حراك ناشطي الشأن الوطني العام، حين أقدمت سلطة الاستبداد على تصعيد نوعي وخطير قام به شبّيحتها وقواتها الخاصة، بهدف إدامة ثقافة الخوف وإسكات أي صوت معارض وإعادة المجتمع السوري إلى زمن مملكة الصمت؟ أم ينتقل إلى مقاربة جديدة تقطع الطريق على الأخطار، من خلال الشروع في مصالحة وطنية طال انتظارها وكثرت المطالبات بها، وإصلاح النظام بجدية وعمق، وإعادة تحديد المشكلات التي يجب أن تعالجها سورية بجهود أبنائها، الذين لن يتمكنوا من مواجهة الخطر بغير تحوّل نظامهم من نظام أمني إلى نظام سياسي، يعترف بحقهم في الحرية والكرامة، وبحق أحزابهم ومنظمات مجتمعهم المدني في الشرعية والعلنية، ويقوم على نمط من الإدارة والتنظيم يستند الى مشاركة المواطن في الشأن العام، من دون قيود تبطل حريته أو تتعارض معها، وبتحويل الدولة من دولة حزب إلى دولة حق وقانون تخص كل واحد من مواطنيها؟

إنّ الحالة التي وصلت إليها سورية، في حجمها وجديتها وأيضاً في تنوعها وشدة تواترها، يضعها أمام خيار هو الأسلم، بل الأفضل لحاضر سورية ومستقبلها، لكنه الأصعب على أغلبية أهل النظام ومصالح بعض المتنفذين بينهم، يقوم على تعاطٍ عقلاني مع الواقع القائم واتجاهات تطوره، تحسباً من أن تصل الأمور إلى حافة الهاوية، وتالياً استثمار مساحات الوقت الضائع، لاتخاذ قرار تاريخي وجريء بنقل مركز الثقل وبؤرة الاهتمام السياسيين صوب الداخل، والسير قدماً نحو الإصلاح الديمقراطي الحقيقي الشامل والانفتاح على المجتمع وقواه الحية، بما يعيد صياغة الشرعية السياسية على أسس جديدة: الحرية فوراً لجميع معتقلي الرأي والضمير في سورية من خلال تبييض السجون، وإلغاء حالة الطوارئ والمحاكم الاستثنائية في البلاد، وعودة المنفيين السوريين إلى وطنهم من بوابة المواطنية وليس من البوابة الأمنية، وفتح الملف الإنساني للمفقودين في السجون، وإقامة دولة القانون الديمقراطية الدستورية.

وفي كل الأحوال لن نستغرب إن بقيت القيادة السورية تراوح مكانها في سياساتها التي أكل عليها الدهر وشرب، فبنيتها الاستبدادية تبدو عصية على الانفتاح وفهم متغيّرات ومستجدات العصر، إذ أنّ مراكز القوى الأمنية فيها لا زالت أسيرة عقلية من مخلفات الماضي.

لقد نهضت الانتفاضة السورية بفعل عوامل داخلية أساساً، وبسبب تفاقم معاناة الشباب الثائر في بحثه عن لقمة عيشه وكرامته وحريته، ربطاً بحالة غير مسبوقة من الاستبداد والقهر واستشراء الفساد أفضت إلى تخريب البنى الوطنية وامتصاص طاقاتها لحساب مجموعة صغيرة من أصحاب النفوذ والامتيازات، وهذه الأخيرة يسكنها هاجس الخوف من مصير غير محمود في حال أُزيحت عن مواقعها.

لقد عقد الشعب السوري العزم على أن يخرج من حياة العبودية، التي تخبط في أوحالها وظلماتها أكثر من 40 سنة، ويعود افراده احراراً كما ولدتهم أمهاتهم. فما الذي ينبغي تغييره؟ وما الذي ينبغي الإبقاء عليه؟ وكيف نضمن التطورات المستقبلية؟ وماذا نفعل بالثقافة السلطوية القديمة؟ وهل التغيير يحدث من تلقاء نفسه أم لابد من إدارته؟ وما الذي خسرته البلاد أثناء الحكم الشمولي؟ وما هي الفترة التي ستستغرقها عملية التحول؟ وهل يمكن لثقافة بكاملها أن تتغير لتحل محلها ثقافة أخرى؟

إنّ عملية التحول الديمقراطي تقتضي إعادة صياغة القيم السائدة، وتغيير أنماط السلوك من خلال مجموعة كبرى متكاملة من التحولات، من أهمها: التغيير من مناخ اليأس والقدرية إلى مناخ الثقة بالذات والقدرة على التحكم في المصير، والانتقال من القدرية التي يسيطر عليها الماضي إلى التوجهات المستقبلية.

وفي هذا السياق لا ينبغي توجيه طاقات الشعب السوري لتصفية الحساب مع الماضي وإهمال تحديات الحاضر وتأجيل التفكير في آفاق المستقبل، لأنّ تصفية الحساب مع الماضي ينبغي، استعانة بخبرات الدول الأخرى التي انتقلت من السلطوية إلى الديمقراطية، ألا تؤدي في النهاية إلى تفكيك الدولة ذاتها إلى مكوّناتها الفسيفسائية.

إنّ التحركات الشعبية في سورية تفرض على النظام امتحاناً جديداً، فعلى الضد من لجوء أجهزة الحكم إلى الهراوة الغليظة وتكليف بعض الشبّيحة والرموز الأمنية بالحوار مع المتظاهرين، لا يملك المطالبون بالحرية سوى العمل السلمي حتى لو كانت أثمانه الإنسانية باهظة.

إنّ انتفاضة الشعب السوري دخلت في طور نوعي جديد، حين رفعت شعارات تتصل بالحرية والمواطنة وحقوق الإنسان والدولة المدنية، وتطلعت إلى إرساء أرضية جديدة لنهوض سوري شامل ركيزته إرادة الشعب الحر، الذي قرر أن لا يقبل من جديد بالمهانة والذل. والمهم أن تصل الرسائل الحازمة إلى السلطة بأنها ليست فوق المحاسبة، إنما أمامها استراتيجية خروج من نفق المواجهة قبل تعقّد الأمور وتكرار الرهانات الخاسرة، فالحكم الديمقراطي القابل للمساءلة هو الضمان الوحيد للاستقرار السياسي الحقيقي، والتنمية المستدامة، والسياسات الاجتماعية المتوازنة.

المهم هو أن يتم إطلاق مسار إصلاحي واضح وشفاف يراعي تلبية وتنفيذ الأولويات السورية في الإصلاح، على أن يتم ذلك بمشاركة فاعلة وحقيقية من كافة مكوّنات المجتمع السياسية والفكرية والقومية، فالشعوب لا تنتفض لمجرد الرغبة في الثورة والانتفاضة، وإنما لتحقيق أهداف ومطالب مشروعة، وإذا تم التعامل بجدية مع هذه المطالب ستتوقف التحركات الشعبية. المهم هو الجدية في التعامل مع هذه المطالب وعدم الالتفاف عليها، فالشعب السوري أصبح واعياً ومدركاً ولا يمكن الالتفاف حول مطالبه، وأي تأخير في إحداث الإصلاح المنشود يترتب عليه حدوث ارتفاع في سقف المطالب الشعبية.

والتحدي الكبير هنا لا يقتصر على إصلاح التخريب الإنساني والوطني الذي تسبب به الاستبداد، بل يتعداه إلى ظهور الإنسان الجديد، الفرد المستقل الضمير والعقل. فما هو قادم لا يزال كبيراً، ولا يقل عن ثورة دائمة في أشكال وتعبيرات سياسية وثقافية وإنسانية مختلفة. وما هو قادم أصعب من أن يُحتوى بتنازلات شكلية أو بحلول اقتصادية لمشكلات هي في الأساس سياسية. فالحكم الصالح اليوم يتطلب دستورا جديدا يؤكد قيم الحرية والعدالة، وينجح في إرساء تقاليد التداول على السلطة في ظل انتخابات حرة وشفافة وضمانات لكل مكوّنات المجتمع. ففي المرحلة الجديدة لن تكون مصادرة حرية الرأي مقبولة، ولن يكون سجن صاحب الرأي ممكناً بلا مقاومة، ولن يكون انتهاك حقوق الإنسان مقبولاً، ولن يكون السكوت عن الفساد والتسلط أمراً طبيعياً. وفي المرحلة الجديدة لن يقبل الناس بعدم المشاركة ولن يخضعوا لحالة الطوارئ، بل سيتصرفون انطلاقاً من حقهم الطبيعي في الكرامة والعدالة والمساواة التامة في وطنهم. وهذا سيعني اعتبار الوطن ملكاً لجميع مكوّناته وليس لفرد أو حزب أو أقلية.

' كاتب وباحث سوري مقيم في تونس

===============

خطاب استفزازي.. الاسد بقي الاسد

صحف عبرية

2011-03-31

القدس العربي

'لا يمكننا أن نطبق ديمقراطية الاخرين على أنفسنا. فالديمقراطية الغربية مثلا هي نتاج تاريخ طويل انتج قيادة وتقاليد تتميز بها ثقافة المجتمعات في الغرب. كي نطبق ما لديهم علينا ان نعيش تاريخهم بكل تميزه. ولما كان هذا غير ممكن فان علينا أن نتبنى الديمقراطية التي تلائمنا، النابعة من تاريخنا والمستجيبة لمتطلبات واقعنا'. هكذا رأى الرئيس بشار الاسد اساسات 'الديمقراطية' في خطاب تتويجه في تموز (يوليو) 2000. يبدو ان مذهبه الفكري لم يتغير بشكل جوهري منذ ذلك الحين، اذا ما حاكمنا الامور حسب خطابه يوم أمس.

الاسد، لا يعتزم تغيير بنية النظام، استبدال تفوق حزب البعث بنظام متعدد الاحزاب أو الفتح على مصراعيه الرحاب العام. فقد تحدث الاسد أمس عن 'اصلاحات' موجهة لتغيير قانون الانتخابات وبنية الاقتصاد بل والغاء نظام الطوارىء المتبع في سورية منذ 1963.

بعض من هذه الوعود سبق أن اطلقها في خطاب للامة في العام 2005، او في مقابلات صحفية منحها من حين الى آخر. ولكن مثلما في حينه هذه المرة ايضا لا يقترح الاسد جدولا زمنيا، ولا يفصل جوهر الاصلاحات ويمتنع عن شجب الفساد في الدولة او الاعلان عن 'حملة تطهير الفساد' مثلما فعل قبل أن يعين رئيسا.

في العام 2000 تحدث عن 'بيروقراطية غير ناجعة تقف في طريقنا امام التقدم'. هكذا تصرف أمس ايضا: البيروقراطية مذنبة وليس اقل منها 'الجهات الاجنبية' التي تتطلع الى احداث حرب أهلية.

اذا أراد المتظاهرون أن يجدوا شيئا ما ايجابيا في اقواله، فانه يوجد في أنه لم يصفهم بالخونة بل ومنح بعضهم 'شهادة حسن سلوك' في أنهم عملوا انطلاقا من رغبة صادقة في التغيير ولم يعملوا باسم 'الجهات الاجنبية'.

مفهوم الاسد الفكري هو ذات المفهوم 'الابوي' الذي ميز أباه، ووفقا له على الجمهور أن يصدق بان الزعيم يريد مصلحة الشعب وان عليه أن يعتمد على الزعيم بان يفعل الامور الصحيحة في الزمن المناسب ل 'الامة'. ولكن، لخطاب أمس كانت عناوين اخرى غير الشعب السوري.

فقد مورس على الاسد مؤخرا ضغط كبير وعلني من جانب تركيا. فقد تحدث رئيس الوزراء التركي اردوغان مع الاسد عدة مرات في نهاية الاسبوع وأوصاه بتبني سلسلة من الاصلاحات. كما أراد الاسد 'منح' شيء ما للادارة الامريكية، رغم أنه لمح بان الادارة تقف خلف الاضطرابات.

كان هدفه ان يحصل بالمقابل على قول امريكي يقضي بانه لن يحصل تدخل عسكري في سورية و'الاكتفاء' بمطلب تنفيذ اصلاحات بدلا من الدعوة الى اسقاطه من منصبه مثلما تصرفت ادارة اوباما تجاه مبارك والقذافي.

ولكن السؤال الاهم من ناحيته هو اذا كان الجمهور في سورية مستعدا لان يقبل وعود الاسد، رغم أن معظمه على علم بان ليس فيها ما هو حقيقي. اذا ما حاكمنا الامور حسب المقابلات الكثيرة التي أجرتها وسائل الاعلام العربية بعد الخطاب مع المواطنين، المحللين والسياسيين السوريين يبدو أن الثقة هي آخر شيء يحس به معظمهم، تجاه الرئيس، باستثناء الناطقين بلسان الحكومة.

ولكن المعضلة هي كيفية المواصلة من هنا، في الوقت الذي واضح أن الاسد لا يعتزم اعطاء أكثر مما قال. اخطر من ذلك، حسب احد المحللين، لم يكن خطاب الاسد فقط مليئا بالوعود، بل يجب قراءته كخطاب تهديد. بموجبه، هو كرئيس اعطى كل ما يحتاجه الجمهور كي يهدأ. من الان فصاعدا سيكون بيد الاسد ليس فقط القوة بل وأيضا المبرر لقمع المظاهرات بمزيد من القوة.

===============

قراءة إسرائيلية في خطاب الرئيس السوري

رندى حيدر

النهار

حاول متابع الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس" تسفي برئيل أمس تحليل مضمون خطاب الرئيس بشار الأسد الأخير، فكتب:

"لا ينوي الرئيس السوري بشار الأسد تغيير بنية النظام السياسي في سوريا القائمة على تقدم حزب البعث الحاكم على غيره من الأحزاب. كما أنه لا ينوي العمل على تطوير الحياة العامة. بالأمس تحدث الأسد عن اصلاحات لتغيير قانون الانتخابات، والتركيبة الاقتصادية وحتى إلغاء قانون الطوارئ المطبق في سوريا منذ عام 1963، وبعض هذه الوعود الاصلاحية سبق للاسد أن تحدث عنها في الخطاب الذي وجهه الى الشعب عام 2005، كما أشار اليها في مقابلات صحافية.

لكن مثلما فعل في المرات السابقة، كذلك هذه المرة لم يحدد الأسد جدولاً زمنياً لتحقيق هذه الاصلاحات، وامتنع عن إدانة الفساد في الدولة ولم يعلن عن حملة لمحاربته كما فعل عندما تولى الرئاسة. عام 2000 تحدث الأسد عن البيروقراطية "غير المفيدة التي تعوق التقدم". وهذا ما فعله أمس أيضاً عندما اتهم البيروقراطية بما يحدث وكذلك أطرافاً خارجيين "يريدون التسبب بحرب أهلية". واذا بحث المتظاهرون عن شيء إيجابي في الخطاب فسوف يجدونه في كون الأسد لم يتهمهم بالخيانة، واعتبر أن قسماً منهم تظاهر بنية طيبة وليس بإيحاء من "الأطراف الخارجيين".

يستخدم الأسد اللهجة الأبوية التي سبق لوالده حافظ الأسد ان استخدمها. ففي رأيه على الناس أن تثق بأن قائدها يعمل من أجل مصلحتها، وعليها أن تؤمن بأن زعيمها سيقوم بالعمل الصحيح في التوقيت الصحيح.

لكن خطاب امس لم يكن موجهاً إلى الشعب السوري وحده. ففي الآونة الأخيرة مارست تركيا ضغطاً كبيراً وعلنياً على الأسد، وتحدث معه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مرتين خلال نهاية الأسبوع واقترح عليه تبني سلسلة اصلاحات. كما أراد الأسد إرضاء الإدارة الأميركية بشيء ما، على رغم تلميحه الى ان هذه الإدارة هي التي تقف وراء الأحداث. فقد أراد الحصول على ثمن من الأميركيين مقابل الاصلاحات مثل تعهدهم ألا يتدخلوا عسكرياً، وألا يطالبوه بالتنحي من منصبه كما فعلت إدارة أوباما مع مبارك والقذافي.

لكن السؤال الأهم بالنسبة الى الأسد هو: هل الشعب السوري مستعد لتصديق وعوده على رغم معرفة كثيرين أنها لن تتحقق؟ تدل المقابلات التي أجرتها قنوات التلفزيون العربية مع معلقين وسياسيين سوريين على عدم ثقة هؤلاء بما سمعوه.

إن المشكلة الكبرى المطروحة الآن هي ماذا سيحدث بعدما اتضح ان الأسد ليس مستعداً لأن يعطي أكثر مما قاله؟ والأخطر من ذلك أن خطاب الأسد لم يتضمن وعوداً فقط، وإنما انطوى أيضاً على تهديد مبطن. ويعتقد الأسد أنه قدم كل ما يريده الشعب، ومن الآن وصاعداً بات من حقه استخدام القوة، ومن المسموح له أن يقمع المتظاهرين بقوة أكبر".

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ