ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
إنتماء
العلويين رهان النظام السوري الوحيد
للبقاء في الحكم محمد
نعيم إيلاف
5/4/2011 رأى
خبراء إسرائيليون أن نظام الرئيس
السوري لن يخضع بسهولة للاحتجاجات
المناوئة له، وسيكون في تعامله مع شعبه
أعنف من القذافي، مستنداً إلى قرنائه
من الطائفة العلوية التي تهيمن على
مراكز القوى داخل الجيش، ولن يقيله من
منصبه سوى انقلاب عسكري أو الأخوان
المسلمين. ___________ تعددت
ردود الفعل الإسرائيلية حول المصير
الذي ينتظر الرئيس السوري بشار الأسد
في اعقاب الثورة الشعبية التي تشهدها
بلاده مطالبة بعزله. وطرحت
وسائل الاعلام العبرية العديد من
الأسئلة على غرار: هل سيغادر الأسد
العاصمة السورية دمشق كما فعل الرئيس
المصري السابق حسني مبارك، أم انه
سيلجأ إلى استخدام القوة العسكرية
المفرطة مع أبناء شعبه، كما يفعل
الزعيم الليبي معمّر القذافي؟ ووسط
هذين المصيرين استنطقت صحيفة يديعوت
احرونوت العبرية عدداً من الخبراء
السياسيين الاسرائيليين. في هذا
السياق يرى الدكتور "موشي ماعوز"
خبير الشؤون الإسلامية والشرق أوسطية
في الجامعة العبرية في القدس، أن نظام
الاسد سيلجأ الى استخدام قوة أعنف من
أسلوبه الحالي ضد شعبه، إذا لم تخمد
الثورة المناهضة له والمطالبة برحيله،
واضاف: "أن الرئيس السوري الشاب
يحارب حالياً من اجل بقائه، وسيكون
الصراع خلال الفترة المقبلة عنيفاً
جداً، فلن يستسلم بشار الاسد بسهولة". سياسة
العصا والجزرة وحتى
هذه اللحظة بحسب حديث ماعوز لصحيفة
يديعوت احرونوت، يتبنى بشار الأسد
سياسة العصا والجزرة مع شعبه،
ويترجمها بمنظوره الخاص الى لغة "القمع
والاصلاح"، فسوريا تعيش في ظل قانون
طوارئ فرضه حزب البعث على الشعب منذ ان
سيطرته على الحكم عام 1963، وحالياً
يتعهد الاسد الابن بإلغاء هذا
القانون، بما يتسق مع الاصلاحات التي
بدأها منذ أن تولى السلطة في تموز/
يوليو عام 2000، فضلاً عن أن بشار الاسد
سيسمح بظهور عدد ليس بالقليل من
الاحزاب، وسيزيد من خدمات التأمين
الصحي، إلى غيره من خدمات، إلا ان هذه
الحوافز ليست دليلاً على عمق التغيير،
الذي يطالب به الشعب السوري. وفي ما
يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة في
سوريا خلال الايام القليلة المقبلة،
يرى ماعوز: "سنرى إطلاق نار بالذخيرة
الحية على المتظاهرين بشكل أعنف من
الأيام الماضية، إضافة إلى حملات
الاعتقال والتعذيب، فينبغي هنا
الاشارة الى أن النظام السوري يمثل
الأقلية، وسيستخدم كل الاليات
المشروعة وغيرها للسيطرة، إذ إن
العلويين يسيطرون على الحكم في سوريا
بقوة الاجهزة الامنية، ويهيمن أبناء
تلك الطائفة على المراكز القيادية
كافة، الأمر الذي يزيد من تفشي الفساد
بصورة كبيرة، وارتفاع معدلات البطالة
في البلاد، والادارة الفاشلة لشؤون
الدولة. عالم ثالث بكل ما تحويه
العبارة من معاني للتخلف، فضلاً عن
اتساع الفجوات الإجتماعية إلى حد كبير". ويعتقد
الدكتور ماعوز في الوقت عينه، أنه من
الصعب جداً الاجابة على سؤال، هل
سيتمكن الأسد من قمع الاحتجاجات
المناوئة لنظامه؟ إذ إن النظام السوري
أمامه خيارين اثنين لا ثالث لهما، وهو
تمكن ضباط الجيش السوري العلويين من
الانقلاب على الأسد وإسقاط نظامه، بعد
أن يدركوا أن بشار اصبح عبئًا، ولا
يشكل ثروة يستفيدون منها، ولن يكون
الإنقلاب المتوقع إلا لضمان بقاء
سيطرتهم على الحكم. أما
الخيار الثاني فيكمن في جماعة الأخوان
المسلمين، وهى جماعة منظمة تحمل
افكاراً وايدلوجيات فكرية وسياسية،
غير أنها منزوعة السلاح والوسائل
القتالية، غير أنه من الممكن أن تفعّل
دورها في الشارع السوري، وتنتزع الحكم
من بين أنياب الأسد. تغيير
رأس النظام اما
الدكتور "إيال زيسر"، خبير الشؤون
السورية واللبنانية في جامعة تل أبيب،
فيؤمن هو الآخر بحسب صحيفة يديعوت
احرونوت العبرية بأن الأسد سيحاول عرض
العديد من خطوات التغيير السياسي على
السوريين، ولعل ذلك كان واضحاً عندما
تعهد بإجراء اصلاحات وقام بتغيير
الحكومة السورية، غير أن تلك الخطوات
– وفقاً لزيسر لا تنطوي على قيمة
اصلاحية لدى الشعب السوري، الذي انكسر
لديه حاجز الصمت والخوف، سيما أن
الجماهير السورية التي خرجت إلى
الشارع تطالب بتغيير رأس النظام، وليس
وجوه يُشرف عليها بشار الأسد مجدداً،
وكان هذا المطلب هو ما دعا إليه
المصريون والتونسيون قبل ذلك. وحول
فرص إسقاط نظام بشار الأسد يرى الخبير
الإسرائيلي "إيال زيسر": "أن
التمرد والحركات الاحتجاجية التي
يشهدها الشارع السوري حالياً لا تمثل
معظم السوريين، وإنما لا تعدو مظاهرات
عدة في أماكن معينة وبجماهير محدودة،
على العكس من المشهد الذي رصدته
كاميرات وسائل الإعلام في مصر،
فالغالبية السورية ما زالت تجلس
جانباً، إذ إن العاصمة السورية دمشق
مدينة تتألف من 5.5 مليون نسمة، وعندما
نرى أن شوارع المدينة باتت ممتلئة
بملايين المتظاهرين، عندئذ يمكننا
القول إن النظام السوري اوشك على
الانهيار". وطبقاً
للخبير الاسرائيلي زيسر، فإن الوضع
الدائر في سوريا، يشبه الى حد كبير ما
يجري في ليبيا: "فالرئيس السوري
سيستخدم القوة في قمع المتظاهرين على
العكس من مصر، ونحن هنا لا نتحدث عن
اسرة حاكمة بقدر حديثنا عن نظام طائفي،
فقادة الجيش ينتمون إلى الطائفة
العلوية عينها، كما إن وزير الدفاع
السوري علي حبيب يعلم انه إذا سقط بشار
الأسد فسيسقط هو الاخر معه، لذلك فإن
ذلك هو ما يجعل القوى الإجتماعية
والعسكرية والسياسية تحيط بالاسد
للحيلولة دون سقوط نظامه". ووفقاً
لتقديرات زيسر فإن بقاء النظام السوري
بالنسبة إلى الدائرة المحيطة به يعد
مسألة حياة او موت، فإذا كان بشار
الاسد سيغادر البلاد او يصبح نزيلاً في
احد الفنادق الفارهة للاستجمام بعد
سقوطه، فالأمر بالنسبة إلى العلويين
المحيطين به سيختلف كثيراً، فلن يواجه
هؤلاء سوى القتل في دمشق على ايدي
السوريين، الذين يسعون منذ فترة ليست
بالقليلة إلى الانتقام والثأر. تمرد
داخل الجيش وحول
امكانية عملية تمرد داخل الجيش
السوري، يرى الخبير الاسرائيلي انه
خلال الأحداث التي شهدتها مدينة حماه،
قام الجيش بنشاط تخريبي كامل في
المدينة، ويضيف زيسر: "من الصعب
تحديد ما يحدث حالياً داخل الجيش
السوري، فعلامات الاستفهام الكبيرة
تدور حول، هل سيتمرد الجنود "الافراد"
على قادتهم، ويرفضون اطلاق النار على
المدنيين؟ هذا هو ما سيتضح خلال الايام
القليلة المقبلة". اما
الصحافي والكاتب الاسرائيلي "عاموس
جلبوع"، فتطرق في مقال نشرته صحيفة
معاريف العبرية الى ما يجري في سوريا،
مبدياً دهشته من اطلاق أجهزة الامن
السورية الذخيرة الحية على جماهير
الشعب السوري المناهضين للنظام، وزادت
دهشته من أعضاء البرلمان السوري،
الذين اجمعوا على قلب رجل واحد بأن
نظام الاسد هو النظام الافضل
للسوريين، من دون أن يكون هناك معارض
واحد من بين ممثلي الشعب السوري. وعن
ذلك يقول الصحافي الاسرائيلي: "في
روسيا الشيوعية اعتدنا على رؤية ممثلي
مؤتمر الحزب وهم يقفون لدقائق طويلة
مام الديكتاتور الروسي. أما في سوريا
فيكاد ممثلو الشعب في مجلس النواب
يسجدون لبشار وكأنه إله، وهو أفضل
الأنظمة لحكم العالم، وليس سوريا فقط،
فلم يشهد برلمان مثل مجلس الشعب المصري
صوراً كتلك، فعلى الرغم من غالبية
الحزب الحاكم في البرلمان المصري، إلا
أنه كانت هناك معارضة لا تعامل مبارك
على انه ابناً لإله، فمصر السادات
ومبارك كانت ديمقراطية عند مقارنتها
بسوريا الاسد الاب والابن العلويين". وكشف
الصحافي الاسرائيلي انه سبق والتقى
ضابطاً كبيراً متقاعداً في الجيش
السوري، وانصب الحديث على اسرته
وابنائه عندما قال بمرارة: "كنت انا
وزوجتي وابنتي الصغيرة ذات يوم في أحد
المطاعم الشهيرة في مدينة دمشق، وعلى
حين غرة دلف إلى المطعم عدد من ضباط
الجيش السوري الصغار، وكانوا من
العلويين التابعين لوحدة رفعت الأسد
شقيق الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد.
كانت كل الأماكن في المطعم مشغولة، إلا
أن مجموعة الضباط اقتربت مني، وانا
ارتدي بزتي العسكرية، واوعزوا إليّ
باخلاء المنضدة التي أجلس إليها
وعائلتي فوراً، ولكوني سنياً، وامام
سطوتهم استجبت للأمر". ومن
خلال تلك الرواية، رأى الصحافي
الاسرائيلي أن نظام الاسد لن يرضخ امام
مظاهرات ضعيفة، كتلك التي شهدتها مصر
أو تونس، سيما أن الطائفة العلوية ذات
الأقلية في سوريا، تعي جيداً أن سقوط
الأسد يعني سقوطها، بل اغتيالها على
ايدي السوريين، ولهذا فلن تتراجع تلك
الطائفة عن قمع وقتل المتظاهرين في
مختلف المدن السورية. =================== سورية
بعد "جمعة الشهداء": الثابت هو
الإستبداد والمتحوّل ضئيل صبحي
حديدي* القدس
العربي 7/4/2011 في نصّ
مطبوع، بعنوان ' لمطالب الشعب السوري'،
موجّه إلى 'السيد رئيس الجمهورية
العربية السورية'، يدعو أبناء البلدة
بشار الأسد إلى 'وقفة تأملية' حول أحداث
يوم الجمعة الماضي، 1/4/2011، التي يعرض
البيان بعض تفاصيلها على النحو التالي:
' الشباب بالتجمهر الجامع الكبير للسير
أ بالمظاهرة السلمية التي حدثت يوم
25/3/2011. الناس من الجامع ّ الهراوات
والعصيّ الكهربائية والخشبية الناس
الجامع الجامع الجامع المصلّين. أ ذلك
تعالت الشباب '! !' ويتابع
البيان: ' لت العناصر بالضرب المبرح
الرؤوس خاصة، المواطنون يكررون 'لسّه
ما مات' لكلّ ، ل المصابين الضرب بالقرب
الجامع، إلى . الناس الحرية،
المتظاهرين ل ، ذلك ، ً النظام بالزي
المدني حوالي ، المحيطة بالجامع، ً
الناس (القناصة) منازلهم '. وفي
فقرة تالية: ' الشدة المتظاهرين بالغاز
والضرب المتظا بالحجا، ذلك الحجارة
بالرصاص الحي والعشوائي والكلمات
النابية، مما أدى إلى تفريق
المتظاهرين بالرصاص. وبعدها الحارات
البلدة الرصاص الحيّ رشاً ودراكاً، مع
السبّ والشتم لجميع الأهالي بأقذع
الكلمات، ورشّ المباني بالرصاص مما
أدى إلى الشهداء الوطنيين والجرحى
وبعض الأطفال في الشوارع، علماً أنّ
بعض الشهداء استُشهدوا برصاص الأمن
أثناء إسعاف الجرحى والمصابين، كحالة
الشهيد ياسر أبو عيشة أثناء إسعافه
لأحد المصابين على باب مشفى اليمان
الخاصة، وكذلك في شارع خديجة بنت خويلد
لا تزال آثار دماء الشهيد ابراهيم
المبيض موجودة على الطريق بعد جرّه وهو
مصاب من زاوية الطريق ولمسافة تقدّر
بمئة متر وإطلاق النار عليه'. ويوضح
البيان أنّ هذه الممارسات أدّت إلى '
الي الدماء الطرقات، الجرحى والشهداء
المشافي إلى ، والتعرض للطواقم الطبية
المسعفة المشافي الخاصة، ّ لإل ، ل (...)
لإ الرسمي ّ المواطنين ً لما أهالي ّ ' '
ل ، الرصاص الجهة'. هذه
الوقائع (وهي أهوال نازية بامتياز،
وحشية همجية، وجرائم حرب صريحة
العناصر)، جرى توثيقها في أشرطة فيديو،
وصارت متوفرة على الإنترنت، في عشرات
المواقع، وهي تواصل البرهنة على مقدار
انحطاط أساليب النظام في مواجهة
الإنتفاضة الشعبية، من جانب أوّل؛
وعلى حسّ المقاومة العالي، وإرادة
الصمود، ومعاهدة الشهداء على الوفاء،
وسواها من مظاهر ارتقاء طرائق
الإنتفاضة، من جانب ثانٍ مكمّل للصورة
ذاتها. وهذه الوقائع، سيّما تفصيل
القنّاصة (حيث انتقل النظام من خيار
اغتيال المتظاهرين، إلى اغتيال بعض
رجال الشرطة أيضاً، لتثبيت نظرية 'العصابات'
والمندسّين')، تُكمل خيار إطلاق وحوش 'الشبّيحة'
في شوارع اللاذقية، وارتكاب أبشع
الجرائم على نحو مباشر مكشوف، ودونما
حاجة إلى قنص من الأسطحة! التطوّر
الثاني في انحطاط ردود النظام على
اشتداد الإنتفاضة، وبعد اتضاح مطالب
الشعب السياسية التي تسعى إلى تغيير
جوهري في حياة البلاد، وتخصّ الوطن
بأسره وليس محافظة بعينها، لجأت
السلطة إلى ابتذال جديد لهذه المطالب.
وهكذا جرى استرضاء الشرائح الشعبية
المتدينة (وهو، في الواقع، استرضاء
للشارع السنّي تحديداً)، عن طريق
إجراءات منافقة مفضوحة، بقدر ما هي
قاصرة وسطحية، مثل إعادة المنقبات إلى
سلك التعليم، بعد أن أُبعدوا عنه قبل
أشهر؛ وإغلاق كازينو القمار، بعد أشهر
قليلة على منحه الترخيص بالعمل؛
وتقديم مشروع فضائية سورية دينية،
هدية خالصة إلى الشيخ محمد سعيد رمضان
البوطي، طليعة أبواق النظام في صفوف
مشايخ النفاق، لم يكن هو نفسه ينتظرها...
فهل
كان قرار النظام السابق حول المنقبات
خاطئاً في الأصل، إذاً، والتراجع عنه
اليوم فضيلة؟ أم كان صائباً ساعتئذ،
لكنّ التراجع عنه ليس سوى نقيض
الفضيلة، أي رذيلة الإضطرار إلى تقديم
'رشوة'، هابطة رخيصة، وكأنّ معضلة
الشارع الشعبي السنّي هي هذه؟ وضمن
المنطق ذاته، هل كان التصريح لكازينو
القمار بمثابة خطوة موازية، 'حداثية' و'عَوْلمية'،
تكمل قرار قمع المنقبّات بما يشبه علاج
المجتمع بالصدمات؟ أم كان محض قرار
ريعي يخدم بيوتات الفساد والنهب
المحلية، وينشّط طرازاً في السياحة
النخبوية له أغراض أخرى أشدّ وضاعة من
آفة القمار؟ وما الذي يمكن للفضائية
الدينية أن تضيف إلى ما يفعله، صباح
مساء، أمثال البوطي (الذي حكم على
المتظاهرين بجريمة 'انتعال مساجد' يجب
أن تكون مكرّسة للصلاة والعبادة فقط)؛
أو المفتي العام أحمد بدر حسون (الشيخ
الدكتور، الذي اتهم المتظاهرين
بالضلوع في مؤامرة لتمزيق سورية، وكان
صاحب الإفتراض السخيف الشهير: 'لو طلب
منّي نبّينا محمد أن أكفر بالمسيحية أو
باليهودية، لكفرت بمحمد')؟ التطوّر
الثالث في انحطاط أنماط 'الوقاية'،
التي يؤمن النظام أنها كفيلة بالحدّ من
انتشار الإنتفاضة جغرافياً، وتجذّر
المطالب الشعبية سياسياً، تمثّل في
تلك الدعوة المفاجئة، السخية تماماً
وعلى غير العادة، لعدد من 'الفعاليات
الاجتماعية' في محافظة الحسكة،
للاجتماع مع بشار الأسد شخصياً،
والوقوف منهم على حاجات أبناء
المحافظة! والحال أنّ الأسد الابن
يستأنف، هنا، تقليداً كان الأسد الأب
مولعاً به، لأسباب شتى لم تقتصر على
التغذية الديماغوجية لأعراف عبادة
الفرد؛ إذْ كان التقليد يغذّي، أيضاً،
الخلافات المناطقية على نحو يجعلها لا
تلتقي وتتلاقى في النهاية إلا عند 'الرئيس
القائد'، ذي الصدر الرحب الكريم. تبقى
سلسلة تساؤلات بسيطة تقلب هذا السحر
الإنحطاطي على الساحر نفسه، فيضحك
منها الصغير قبل الكبير، ولا تنطلي حتى
على رهط أعتى المنافقين المشاركين في
وفود المحافظات؛ بينها مثلاً: هل يحتاج
الأسد إلى لقاءات مباشرة مع 'الفعاليات'،
لكي يكتشف حاجات الناس؟ وما الذي تفعله
أجهزته الأمنية، إذاً، ومعها فروع
وشُعَب ذلك 'الحزب القائد للدولة
والمجتمع'، بموجب الدستور؟ وما الذي
تعنيه مفردة 'فعاليات اجتماعية' في
الأساس، وهل هؤلاء طبقة خاصة فوق
تصنيفات المواطنة؟ وإذا كانوا، كما
تشير لوائح أسمائهم، شيوخ عشائر
وقبائل بصفة عامة (وقريباً، أغلب
الظنّ، شيوخ طوائف!)، فمنذ متى كان
الأسد يشجّع العشائرية والمناطقية؟
ثمّ أين ذهبت مزاعم الحرص على الوحدة
الوطنية، إذا كانت السلطة تستقبل
اليوم بعض وجهاء الأكراد، صحبة بعض
شيوخ عشائر البدو، وكانت قد سلّحت ـ عن
سابق عمد، وتخطيط خبيث ـ بعض عناصر
البدو ضدّ الأكراد، كما سعت إلى
استمالة بعض القيادات السياسية
الكردية ضدّ أبناء جلدتهم؟ من
جانب آخر، يتناسى الأسد أنّ نظامه كان
مسؤولاً عن نزوح قرابة 1,3 مليون مواطن
من أبناء منطقة الجزيرة السورية
والشمال الشرقي عموماً، إلى مخيمات
بائسة نُصبت على تخوم العاصمة
السورية، بعد أن تكفل الفساد وسوء
الإدارة والسياسات الزراعية الحكومية
حول الريّ بمياه الصرف الصحي، ورداءة
الأسمدة، وتخبط برامج استصلاح الأراضي
(وليس الجفاف وحده، كما تتذرّع السلطة)
بتدهور 59 بالمئة من الأراضي التي كانت
صالحة للزراعة، ونفوق 85 بالمئة من
الماشية، وانخفض إنتاج القمح قرابة 800
ألف طن خلال ثلاث سنوات فقط. عادل سفر،
وزير الزراعة آنذاك، والمسؤول الأوّل
عن هذه الحال المأساوية، كوفىء اليوم
بتكليفه تشكيل الوزارة الجديدة التي
ستقود الإصلاحات! أمّا الصحافي الشاب
عامر مطر، الذي نظّم مع عدد من زميلاته
وزملائه حملة شجاعة لتقديم الهدايا
إلى أطفال مخيمات النزوح، وإرسال
متطوعات ومتطوعين لتعليم التلاميذ
الذين فقدوا مقاعد الدرس، كوفىء اليوم
على النحو الذي تتقنه السلطة كلّ
الإتقان: الإعتقال التعسفي! وهكذا،
قابل النظام 'جمعة الشهداء' بمزيج من
القنص والإحراق، تتبعه سياسات النفاق
والشقاق، وما بين هذه وتلك جرعة تجميل
هنا، وتسريب خبر عن دنوّ الإصلاحات
هناك، فلا يسمع المواطن إلا جعجعة دون
طحن. على سبيل المثال، 'يفلت' بين حين
وآخر تصريح للقاضي تيسير القلا عواد،
النائب العام للجمهورية ورئيس لجنة
التحقيق القضائية الخاصة بأحداث درعا
واللاذقية، يفيد أنّ 'اللجنة حيادية
ومستقلة ولا علاقة لها بأية تحقيقات
أخرى'، وأنّ 'المخطىء سيحاسب وفق
القوانين'، و'لن يكون هناك فرق بين أي
مواطن، سواء أكان عادياً أم في مهمة
رسمية'! تخيّلوا حال السيد القاضي حين
سيُقال له إنّ الآمر بإطلاق النار ليس
سوى العميد عاطف نجيب، رئيس فرع الأمن
السياسي في درعا (ابن خالة الرئاسة)؛ أو
العميد ماهر الأسد، قائد الحرس
الجمهوري (شقيق الرئاسة، والرجل
الثاني الأقوى اليوم في معمار النظام)؟
ألا يستدرّ النائب العامّ، والحال
هذه، الشفقة... كلّ الشفقة؟ ساعة
تحرير هذه السطور كان الأسد يواصل
خيارات المزج ذاتها، فتنتشر مفارز
نظامه الأمنية في المدن والبلدات
والقرى استعداداً للجمعة الثالثة،
وتمارس المزيد من أعمال الإعتقال
والتنكيل ومداهمة البيوت ومصادرة
الهواتف النقالة والكومبيوترات،
فضلاً عن تفعيل الإجراء الخطير
المتمثل في تشكيل لجان شعبية لحماية
المساجد؛ وفي الآن ذاته تعلن التلفزة
السورية أنّ الأسد منح الجنسية
للأكراد، كما أعفى محافظ حمص من مهامه!
والحال أنّ جماهير الكرد تدرك أنّ أيّ
مطلب حقّ تناله اليوم من السلطة هو
نتاج نضالات طويلة خاضتها، منفردة أو
متحالفة مع قوى المعارضة الوطنية
والديمقراطية، طيلة عقود؛ وأنّ الكرد
طلاّب حرّية لا جنسية، كما قالت
هتافاتهم في مظاهرات الأسبوع الماضي؛
وأنّ النظام لا يتنازل اليوم إلا تحت
ضغط الإنتفاضة الشعبية، التي تخصّ
حقوق مكوّنات الشعب السوري،
الاجتماعية والإثنية والدينية
والطائفية، جميعها. وأمّا
قرار إقالة محافظ حمص، فهو الدليل على
أنّ الأسد لم يقرأ، أو أساء تماماً
قراءة، الأجزاء التالية من بيان دوما،
والتي قالت بوضوح إنّ مطالب البلدة
ليست محلية أبداً، بل وطنية شاملة
متكاملة. الثابت هو الإستبداد، إذاً،
والمتحوّل ضئيل هزيل بائس؛ ولا يستقيم
منطق سليم بين هذَيْن الأقصيَيْن إلا
بانكسار القطب الأوّل، إزاء ضرورة
انعتاق الثاني. *كاتب
وباحث سوري يقيم في باريس ====================== جدلية
الداخل والخارج والمؤامرات الخارجية ! د.
طيب تيزيني العرب
اليوم الأردنية 5/4/2011 تعود
النظم الأمنية العربية إلى منظومة
المفاهيم السياسية من مرحلة "الحرب
الباردة" وفي لحظة آخذة في التعقد
والاضطراب، وكذلك الارعاب. فبعد
ما يقارب نصف قرن من "الصمت" تقف
شعوب عربية لتعلن "بياناً رقم واحد"
جديدا، يُبدأ بمقتضاه بالتأسيس لتاريخ
جديد بعد "نهاية صلاحية" التاريخ
السابق. ولقد سبق هذا الحدث العربي
الراهن حدث آخر تمثل في اقتحام التاريخ
العالمي، حين اندلعت ثورة أكتوبر
الاشتراكية في روسيا القيصرية، عام 1917
، ومع كل الشرعية التي امتلكتها هذه
الثورة في بواكيرها إلا أنها راحت تفقد
رواءها ووهجها، كلّما أوغلت في
تاريخها.. فلقد
انطلقت ثورة اكتوبر من منظومة
المفاهيم والمقولات والمبادئ، منها ما
أعلن عن نفسه تحت عناوين متعددة، مثل
الحزب القائد من طراز جديد يقود الدولة
والمجتمع وهنالك أيضاً النظرية التي
يُراد لها ان تعبر عن مصالح المجتمع
برمته، دونما ضرورة لوجود آراء اخرى
يمكن ان تضيف شيئاً آخر لاستيعاب
مجتمعات جديدة، على الأقل يداً بيد مع
نظرية ذلك الحزب التي تطالب هي نفسها
بالنظر اليه كبنية مفتوحة، ودائماً في
ضوء تغير المجتمعات وخصوصياتها
النسبية ومع تقدم العلوم الاجتماعية
والإنسانية. لقد
كانت الحماسة الايديولوجية
والإنسانية للمجتمع الاشتراكي الجديد
سلاحاً ذا حدّين اثنين، واحد للتمكين
لهذا المجتمع في مواجهة خصومه
التاريخيين، واخر وقف وراء اختراقه
والإسهام في ترهّله ثم تفككه، ونلاحظ
ان ذلك الطريق ذا البعد الواحد الذي
قاد إلى المجتمع السوفييتي السابق،
كان وراء سقوطه. وقد نشير هنا إلى بعض
النقاط العقدية، التي اسهمت بقوة في
إنجاز ذلك التفكيك، فبرز منها التحدث
عن مساواة اقتصادية اجتماعية خصوصا،
بعيداً عن الحريات السياسية المطابقة
لواقع الحال، والأخرى الدينية
والقومية والمدنية عبر استخدام القسر
في مكان الاختيار الحر والمسؤولية
المشخصة فكان شرخاً قاد إلى النهاية
ليس على صعيد "الحزب القائد وقائده
الأمين العام" فحسب بل كذلك في معقل
المجتمع السوفييتي، فأضحت احتمالات
المساءلة الديمقراطية في الحزب
والمجتمع إلى جانب "السلطة إلى
الأبد"، مهما تراجع المجتمع
ومؤسساته المتعددة، ومهما تعاظمت
مظاهر الشيخوخة والمحسوبية والفساد
هنا وهناك. وقد
أصابت تلك الظواهر مقتلاً من البنية
السوفيتية، بحيث فشلت محاولات الاصلاح
ولم تعد ممكنة، ويلاحظ ان بريجنيف مات
عن عمر ناهز المئة عام وعام وظل رغم ذلك
أميناً عاماً للحزب الشيوعي. ومن
الطرائف انه وظف له شخصاً يساعده في
ملبسه، بعد ان فقد قدراته وحيويته، فظل
أميناً حتى اللحظة الأخيرة، ودون
تفصيل آخر، كان الأمر يهبط بتسارع،
انتهى إلى نهايته البائسة التي عنت
تفكك الاتحاد السوفييتي، من دون أن تقف
الملايين للدفاع عنه، بعد ان انفض عنها
وانفضت عنه. السلوك
الداخلي أفتك من التآمر الخارجي ماذا
نقول هنا؟ هل سقط الاتحاد السوفييتي
بفعل خارجي أم بفعل داخلي..؟ ان حديثاً
هنا عن "مؤامرة خارجية" قامت بذلك
الفعل، انما هو حديث زائف ملفق، ان
السقوط المذكور اتى جوابا على تصدع "الداخل"
عبر تجفيف بنيته ودروبه وآفاقه
الكبيرة وليس الا من قبيل الغباء
العلمي والقصور في تحقيق الثلاثية
المقدسة خصوصا القائمة على الحرية
والكفاية المادية والكرامة وها هنا
يبرز نمط من الخذلان التاريخي يرد عليه
بقصور أو بتقصير أو بهذين كليهما،
خصوصاً اذا اختزل المجتمع السياسي
بحزب يقدم نفسه بصفته الكل بالكل،
وبمنظومة قضائية ودستورية أكل الزمان
عليها وشرب وتحديداً في تأكيدها على
قانون طوارئ عمره ثمانية وأربعون
عاماً، وبسجون لأهل السياسة والضمير
والرأي وغيره. أما ان
يكون الامر على هذا النحو، الذي يحمل
الاسى للجميع ويولد الاستغراب لمن
يعلن انتماءه لوطنه وشعبه وأمته ، فإن
رؤية دقيقة تصبح ضرورية.. ان انتفاضة
شعب من أجل حريته وكرامته وكفايته
المادية انما هو شعب عظيم وجدير
بالاحترام، وليس بتصويب سلاح باتجاه
صدور ابنائه، ففي جدلية الداخل
والخارج يبرز الداخل أولاً، وليس
الخارج في ضبط الموقف ولو لم يكن
الداخل يئن تحت قبضة "دولة امنية"
لما اقتحم الشعب السماء. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |