ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
د.
سليم بركات لبعث 12-4-2011 ليس
تدخلاً في شؤون الحكومة أن يكون
المواطن قلقاً من ثقل الأحداث، لأنه
كلما اشتد قلق هذا المواطن، تتضح غيرته
على وطنه ومستقبل أمته وأجيالها،
وبخاصة تجاه ما يجري على صعيد الوطن
الذي هو جزء من الوطن العربي الكبير،
بعد أن تراكمت الأزمات وتضاعفت، وكبرت
المعاناة، من خلال الزلازل التي تهز
أركان الاستقرار المأزوم في الوطن
العربي، والذي هو السبب في هذا القلق
الذي يستفز العقل، ليعمل جدياً في
الإصلاح الحقيقي، ويحث الهمم للتحرك
الإيجابي لإيجاد قواعد راسخة، ومناهج
جديدة تتماشى ومعطيات العصر، وتستجيب
لإرادة الشعوب واحتياجاتها،
ومطالبها، مهما كانت تكاليف المواءمة
بين مقتضيات المسؤولية، ودواعي الرأي،
من منطلق الوعي لما يجري من أحداث قد
تهدد الوطن، وإن كانت المواءمة صعبة،
فلا بد من ركوب المصاعب ما دام الأمر
متعلقاً بمستقبل الوطن، ومرتبطاً
بالنهضة الحضارية للأمة العربية التي
تترابط مصالحها الاجتماعية،
والاقتصادية مع متطلبات أمن سورية
وسلامتها واستقرارها. من
الحكمة التعامل مع التطورات الواقعية
على أرض الوطن بقدر كبير من الشعور
بالمسؤولية، وبالوعي الذي يضع مصالح
الشعب فوق كل اعتبار، والذي يفترض أن
مصالح السلطة هي مصالح الشعب، ليكون
التغيير البناء. ومن
باب الحكمة أن نقول: إن مسؤولية
القيادات الفكرية، وأرباب القلم
والثقافة، أن يتنادوا لقطع الطريق على
الفتنة والفوضى والدمار والبغضاء،
ومحاربة الفساد والخلل، احتراماً
للوطن، ومراعاة لحقوق الشعب، وحفاظاً
على كرامته، وتمكينه من المشاركة في
صنع المستقبل، لأن قوة الأمة وقدرتها
لا تتم إلا من خلال إقامة العدل
والمساواة، وثقة البعض بالبعض الآخر
من خلال الحوار، الطريق الصحيح
لمستقبل أفضل. ومن
المفيد هنا أن نجد العالم، وعلى رأسه
الولايات المتحدة الأمريكية
وحلفاؤها، في مراجعة ذاتية للممارسات
السياسية الخاطئة في المنطقة العربية،
والأهم من ذلك أن نرى المواقف الجديدة
لهذه السياسات العالمية تأخذ طريقها
إلى حيز التنفيذ، في خضم الانتفاضات
الجارية في المنطقة العربية، مؤكدة
الحقيقة الراسخة، وهي أن متغيرات
جذرية تشكل انعطافاً تاريخياً في
الحياة العربية، ستكرس واقعاً جديداً،
الأمر الذي يستوجب قراءة جادة في العمق
لسبر أغوار الأحداث وتداعياتها، والتي
تؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، أن
الوضع الذي كان قائماً قد انتهت
صلاحياته على الصورة التي كان قائماً
عليها. ما من
شك أن ما حدث ويحدث من زلازل في الوطن
العربي، هو تطور طبيعي لعلاقة السلطة
بالمواطن التي تخضع دائماً للمد
والجزر، بسبب فعل الوسطاء، من
مستشارين، ومسؤولين، وموظفين، هم
الأساس في تلبية احتياجات الناس، فإذا
كان هؤلاء على قدر عال من المسؤولية في
معرفة وإدراك اهتمامات الناس، وتلبية
حاجاتهم المشروعة، والمحقة، وكان
المواطن راضياً، كانت العلاقة جيدة
ودائمة بين الحاكم والمحكوم، وإن كان
العكس، ساءت العلاقة وتدهورت. الواقع
يقول: إن هناك ما يدبر لسورية، وقد وجد
مناخاً ملائماً الآن في ظل ما يجري على
الساحة العربية، فإذا ما عدنا إلى
الشروط الأمريكية في بداية الحرب على
العراق، وعندما كانت على حدود سورية
عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين
الذين يهددون سورية، وازداد تفعيل هذه
الضغوط على سورية لتسحب جيشها من
لبنان، عندما استعاد جاك شيراك تاريخ
الاستعمار الفرنسي، مهدداً بإغراق
سورية بالدم، بموافقة جورج بوش، تلبية
لرغبات إسرائيل، هذا بالإضافة إلى فرض
أشد أنواع الحصار لإخضاع سورية،
استطاع شعب سورية تجاوز كل هذه الضغوط
وأفشلها، وكان هذا سبباً من أسباب
التأخير بالإصلاحات، الموعودة
والمقررة. ولا
نجانب الحقيقة إذا قلنا: إن من أسهم في
هذا التأخير أيضاً، إلى جانب هؤلاء،
كان ترهل بعض من هم في موقع المسؤولية،
وخاصة عندما تخلت الدولة عن بعض
وظائفها الاقتصادية، واقتصرت على
جعلها تبدو وكأنها في مواجهة الحريات
العامة، في الوقت الذي طحن الفقر
والفساد المواطنين تحت رحاه. ما من
شك أن المنطقة العربية مليئة بالأحداث
والمتغيرات، وكأنها شمس جديدة تأتي
بصبح جديد، فإن لم يكن لنا مكان تحتها،
سنبقى قابعين تحت ظلال الخوف
والنسيان، ويجب ألا ندفن رؤوسنا في
الرمال حتى تمر العاصفة، بل يجب أن
ننتصب واقفين موقف التحدي من أجل حياة
أفضل خالية من الأدوات البالية،
والشعارات المستهلكة، والتجارب
الفاشلة المشغولة أدواتها باعتلاء
ظهور الشعب. علينا
ألا نخشى على وحدتنا الوطنية، ولا على
لقاءاتها، لأن في هذه اللقاءات تمتين
اللحمة، وتقريب الآخر، ولأن من طبيعة
الشعب السوري أن يتعايش ويتجاوز هذا
منذ مئات السنين، وما المسيرات التي
انطلقت في كل أنحاء سورية إلا شاهد على
ذلك، مسيرات كانت وأداً للفتنة،
وصوناً للكرامة، وحفظاً للحقوق،
وتمتيناً للوحدة الوطنية، فالشعب
السوري يتميز بوعي لا يحتمل العنف، ولا
يقبل الإكراه، ولا ينقاد دون حجة أو
دليل، وعي ينهض بالتغيير، ويحسن فعل
المستقبل، ويرسم أهدافاً واضحة،
متخلقة في رحم الثقافة، ومتولدة في
أحضان الحضارة، ومتدرجة في منظومات
المجتمع، تمثل صمام الأمان من
التحولات الحادة والتقلبات السريعة
التي تمليها التحديات المتنوعة. بقي أن
نقول: إن ما يحدث في سورية يصنف
باتجاهين: الاتجاه الأول حراك شعبي
مطالبه مشروعة ومستجابة، لاقت آذاناً
صاغية، وهي في طريقها إلى التنفيذ،
واتجاه آخر يمثل فتنة تستهدف اللحمة
الوطنية، وتصب في مصلحة أعداء سورية،
ولا بد من تفكيك عناصر هذا الاتجاه
بالوعي والحكمة حتى يتجنب الشعب
أخطاره، ويتمكن من القضاء المبرم عليه. ===================== المستقبل
- الثلاثاء 12 نيسان 2011 العدد
3967 - رأي و فكر - صفحة 19 ماجد
عزام() أخيراً،
اضطرّت إسرائيل إلى نشر منظومة القبة
الفولاذية المضادة للصواريخ، قصيرة
المدى، في محيط مدينة بئر السبع
المحتلة. هذا الأمر هو في الحقيقة جزء
من الأزمة وليس الحلّ في مواجهة
المقاومة في لبنان وفلسطين، وتحديداً
في ما يتعلق بالصواريخ قصيرة المدى، أي
القسّام والكاتيوشا والغراد، والتي
يتراوح مداها ما بين 4 و70 كم. يجب
تذكّر أن فكرة تطوير واستحداث
المنظومة ذاتها أثارت جدلاً حاداً
داخل صفوف جيش الاحتلال، بسبب أساسها
الدفاعي الذي يتعارض مع النهج الهجومي
التقليدي للجيش الذي يجب أن يسعى - حسب
المعترضين على الفكرة - إلى تدمير
إمكانات وصواريخ المقاومة وبناها
التحتية، بدلاً من الانشغال
بالتكتيكات الدفاعية التي تعني، ولو
بشكل غير مباشر، القبول بفكرة نقل
الحرب إلى العمق الأمني الإسرائيلي،
بما يتعارض أيضاً مع العقيدة القتالية
التقليدية التي اتّبعتها إسرائيل منذ
تأسيسها. وحتى
عندما جرى التوافق على استحداث وتطوير
المنظومة كإحدى العبر من حرب لبنان
الثانية، التي استطاعت المقاومة
خلالها نقل الحرب إلى العمق الأمني
والمدني الإسرائيلي، تمّ ذلك على
اعتبار أنها ستنشر في محيط القواعد
العسكرية والمؤسسات الأمنية الحساسة
وليس في محيط المدن والتجمّعات
الاستيطانية الكبرى أو الصغرى. فقط،
تحت وطأة العجز عن منع إطلاق الصواريخ
من غزة، سواء في أثناء الحرب الأخيرة
أو بعدها، جرى الترويج لفكرة نشر
المنظومة لحماية المستوطنات والمدن
المحيطة بالقطاع. وهو أمر كان
للاستهلاك الإعلامي، ولم يعبّر عن
نيّات جدية لجيش الاحتلال، كما أفصح
ذات مرة قائد المنطقة الشمالية
الجنرال غادي ايزنكوت، الذي كان أحد
المرشّحين لمنصب رئيس الأركان. التصعيد
الأخير في غزة، الذي بادرت إليه
إسرائيل نفسها، أكّد في السياق
استحالة إيقاف إطلاق الصواريخ من قطاع
غزة بوسائل عسكرية، حتى لو وصل الأمر
إلى إعادة احتلاله مرة أخرى، ما يعتبر
أيضاً جزءاً من الأزمة وليس الحل
بالنسبة للدولة العبرية، تماماً كنشر
منظومة القبة الفولاذية في محيط بئر
السبع وليس في محيط المستوطنات
المجاورة للقطاع. نشر
المنظومة سلّط الضوء كذلك على جوانب
أخرى متعلقة بها، سواء عملياتية أو
اقتصادية. فبالنسبة إلى الجانب الأول،
نقلت صحيفة هآرتس، بتاريخ 29 آذار، عن
عقيد الاحتياط يوسي ايرز ان الصاروخ
المضاد الذي تطلقه المنظومة يحتاج إلى
20 ثانية ليتمكّن من إسقاط الصاروخ
المهاجم، بينما يستطيع صاروخ الغراد
المطوّر ضرب عسقلان في أقل من 20 ثانية.
وأضافت هآرتس نقلاً عن العقيد ايرز أن
سرعة صاروخ القبة الحديدية هو 6
كيلومترات في الثانية، وبهذه المعطيات
تقريباً لا يمكن أن يدافع عن مدينة
عسقلان أمام صواريخ "الغراد"
العادية والمتطوّرة"، حيث "ان
صاروخ "الغراد" العادي ينطلق
بسرعة 717 متراً، بينما صاروخ "الغراد"
المطوّر ينطلق بسرعة 1009 أمتار في
الثانية. وعلى ذلك، ليس هناك فرصة
لمنظومة القبة الحديدية في الدفاع عن
المستوطنات الموجودة على بعد 12
كيلومتراً من حدود قطاع غزة، وحتى التي
على مسافة أبعد من ذلك". وربما، من
هنا ايضا، يمكن فهم ما كتبه عوفر شيلح
في معاريف - 29 آذار- عن تفكير قائد
الدفاع الجوي العميد دورون غبيش في
تغيير اسم القبة الفولاذية المتبجّح
والذي قد يعزّز وهم الأمن المطلق لدى
الإسرائيليين. أما في
ما يتعلق بالجانب الاقتصادي،
فالمنظومة باهظة الثمن وجدّ مكلفة،
قياساً بالصواريخ البدائية والزهيدة.
وعلى سبيل المثال: فإن ثمن البطارية
الواحدة يصل إلى نصف مليون دولار، أما
تكلفة المنظومة كاملة فتصل إلى 15 مليون
دولار(50 مليون شيكل)، بينما تصل تكلفة
التشغيل وإطلاق الصاروخ الواحد منها
إلى 50000 دولار تقريباً مقابل صواريخ
بدائية يبلغ ثمنها مئات أو حتى آلاف
الدولارات. وحسب إحصائية نشرتها
يديعوت أحرونوت فإن إسرائيل تحتاج إلى
أربعين مليون دولار لتشغيل منظومة
القبة الفولاذية، ليوم قتالي واحد،
على الجبهة الجنوبية، في مواجهة حماس.
علماً أن المنظومة قاصرة كذلك عن تقديم
الحماية لمدن بكاملها، عوضا عن عدم
امتلاك جيش الاحتلال سوى لعدد محدود
منها، كونها مخصّصة أساساً للجبهة
الشمالية مع لبنان، وليس للجنوبية مع
غزة، التي تعتبر أقل خطراً بنظر قيادة
الجيش. في
المجمل، كرّس الجدل والنقاش
الإسرائيلي بشأن فعالية المنظومة
وكلفتها وجدواها، بل حتى فلسفتها
الأساسية، حقيقة المأزق الذي تعيشه
الدولة العبرية في مواجهة الصمود
الفلسطيني، وعجز العقيدة القتالية
الاسرائيلية التقليدية عن تجاوز
الأساليب والتكتيكات القتالية
للمقاومة خصوصا فى بعدها الجماهيرى.
أما ارتكاب جرائم الحرب كما جرى في
لبنان وغزة - وفق نظرية الضاحية- فقد
أدّى إلى تعميق المأزق ليس ميدانياً
فقط وإنما سياسياً وإعلامياً وقضائياً
أيضاً. علماً أن العزلة السياسية
والديبلوماسية التي تعانيها إسرائيل
الآن هي أحد أبرز وأوضح تجلّياته وكما
دائما لا يمكن أن نستثمر أو نستفيد من
ذلك من دون إنهاء الانقسام الحاصل
حالياً وبلورة استراتيجية فلسطينية
صلبة ومتماسكة تلحظ نقاط القوة لدينا
وهي كثيرة ونقاط الضعف للعدو وهي عديدة
ومتشعبة أيضاً. ()مدير
مركز شرق المتوسط للاعلام ==================== ماوراء
الأخبار.. عذراً أيها المتظاهرون دمشق صحيفة
تشرين رأي
تشرين الثلاثاء
12 نيسان 2011 عزالدين
درويش مجالات
حسن النية في التظاهرات التي تشهدها
سورية ضاقت كثيراً، وباتت إشارات
الاستفهام لا تفي بالغرض أمام ما يجري
من استهداف مباشر ومتعمد وعن سبق إصرار
وتصميم لوحدات الجيش وقوى الأمن
الداخلي وللتجمعات السكانية بقصد
القتل والترويع وبث الفتنة. وباتت
الأدلة تكفي وتزيد لتأكيد أن هناك
مجموعات مسلحة ومدربة وممولة مالياً
ومعدة نفسياً تستغل التظاهرات
المطلبية، أو تقوم على تنظيم تظاهرات،
بقصد ضرب الأمن في سورية، وإضعافها،
وتحضيرها للقبول بما يخطط لها
أميركياً وإسرائيلياً على صعيد
الابتعاد عن المقاومات العربية. وهذا
لا يعني أن المتظاهرين هم من هذه
المجموعات التخريبية، ولكن ما يجري
يشير بوضوح إلى أن المخربين موجودون في
كل تظاهرة يتمكنون من الوصول إليها،
وينفذون مآربهم الشيطانية في أجواء
التظاهر، ومن ثم ينسلّون بعد أن يقنعوا
أنفسهم أنهم تمكنوا من استغباء
المتظاهرين ورجال الأمن معاً. ونحن
في سورية، التي خاضت أربع حروب ضارية
مباشرة على الأقل مع العدو
الإسرائيلي، نتقبّل أن يستشهد جنودنا
في معارك الشرف مع هذا العدو وننحني
لهم إجلالاً، ولكن أن يستشهدوا على
أيدي هذه العصابات الإجرامية فهذا ما
لا تقبله عقولنا، وما لن نقبله إطلاقاً.
لذلك
عذراً أيها المتظاهرون، فأمن سورية في
خطر شديد، وأمن أهلنا في خطر أشد،
ودماء شهدائنا من ضباط وجنود الجيش
وقوى الأمن الداخلي والمدنيين
الأبرياء لا تقدر بثمن، ولا تسوّغها
المطالب بحرية موجودة أصلاً، ويمكن
تحسين شروطها بوسائل أخرى، على رأسها
الحوار والتفاهم، ولاسيما أن القيادة
السورية أعلنت وأكدت أن كل ما يريده
الشعب سيجسّد بقوانين ومراسيم
وقرارات، وبشكل عاجل. وهنا
لا بد من القول والتذكير والتأكيد أن
من حق المتظاهرين ذوي النيات الحسنة أن
يتظاهروا، ولكن في الزمان والمكان
المناسبين، ومن حقهم أن تدرس القيادة
مطالبهم وتأخذ بما يجب الأخذ به، ولكن
أليس من الواجب الحؤول دون تحويل
التظاهر إلى مرتع لأعمال القتل
والتخريب وترويع الأهلين، وإلى مناسبة
لتهديد الأمن الوطني الذي لا يعلو عليه
أي مطلب آخر، إنه مجرد سؤال برسم
العقلاء وذوي النيات الحسنة من
المتظاهرين. ==================== د.
عبد اللطيف عمران البعث 12-4-2011 بدأت
سورية بمعالجة المشكلة الراهنة بإدراك
واعٍ ومسؤول لطبيعتها وأسبابها،
انطلاقاً من حرص معهود على تماسك
جبهتها الداخلية، وعلى مصالح الشعب
وقضايا الأمة في زمن عربي صعب تعصف فيه
متغيرات من جهة، واستمرار الاحتلال
والعدوان من جهة أخرى، وما يتصل
بالمشروع الصهيوني وما يلقاه من دعم
والتزام متعدد الجوانب. وكانت
بداية المعالجة عملية تمس متطلبات
الأمن والأمان والاستقرار الحقيقية من
حيث الإسراع في تنفيذ توصيات المؤتمر
القطري العاشر للحزب، ومضت الإجراءات
سريعة انطلاقاً من تحسين الأوضاع
المعيشية، وما يتصل بذلك مما يضمن
الأمن الحقيقي للمواطنين وللوطن، هذا
الأمان الذي تجتهد الآن قوى مجرمة على
الإخلال به. ومن
الواضح أن إجراءات الإصلاح تمضي بشكل
جدي، وهي تمعن في عمق المشكلات، وفي
أسبابها ونتائجها، وتصدر عن إرادة
قوية وحقيقية، تأخذ بالحسبان الفرق
بين ما الذي يجب تغييره، وما الذي يجب
الحفاظ عليه وتطويره؟ لأن سورية تعرف
أن تجربتها الديمقراطية لم تكتمل،
وليست دون سلبيات، وهي بحاجة إلى
مراجعة ومتابعة مستمرة. وفي
الواقع فإن البلاد عرفت حياة
ديمقراطية، واستقراراً، وتعددية
حزبية واقتصادية، وحواراً وطنياً
هادئاً وهادفاً، مكّنها من الاضطلاع
بدور مشهود في دعم الوحدة الوطنية
والوفاق الوطني والمحلي والعربي،
والمشروع القومي، وأداء دور أساسي في
الاستقرار والتعاون والتكامل
الإقليمي. وقد طرحت قيادتها منذ أكثر
من عقد مضى مشروعاً مهماً وواضح
المعالم في الإصلاح والتحديث، لكنه
قوبل بتحديات كثيرة معروفة، استُهدفت
خلالها البلاد بسلسلة من الضغوط
والتهديدات وسياسة العزل والحصار
والاتهام ما أسهم بوضوح في عرقلته
وتأخيره. ومع
التوجهات الواضحة الراهنة في الإصلاح
والتغيير فإن أحداث الشغب والتجنيد
والتجييش والفتنة التي تصل إلى حد
المؤامرة لن تستطيع أن تعرقل هذه
التوجهات التي ليست وليدة الأحداث
الراهنة بل هي في صلب السياسة الداخلية
منذ زمن، وستنجح هذه التوجهات، وستفشل
محاولات الانتفاض عليها، لأن شعبنا
يعرف أن «المؤامرة اعتمدت الخلط بين
الفتنة والإصلاح والحاجات اليومية»،
ولأننا نثق بالرأي العام الشعبي
الواسع الذي بدأ يضغط بقوة لاجتثاث
جذور التآمر على أمنه ومصالحه. وهو
يدرك حجم وأبعاد المخططات التي طالما
استهدفت وحدته ومصالحه ودوره الوطني
والعروبي الأصيل، هذا الشعب الذي يعتز
بكرامته الوطنية، وببقاء بلاده قلب
العروبة النابض، والصخرة التي تتحطم
عليها مشاريع تقويض الأمن والاستقرار،
ويدرك بوعيه أبعاد جريمة من أفسد عليه
جماليات يوم الجمعة الأصيل، وحوّل هذا
اليوم من تعزيز لأواصر المحبة
والتواصل والترفيه إلى خوف وقلق وعبث
في الدين والدنيا. والسوريون
يعرفون أكثر من غيرهم أن الإصلاح
والتغيير ليس حلاً سحريّاً، وأن
المطالب السياسية في الحرية، والعدالة
الاجتماعية، ومحاربة الفساد،
والاحتكام إلى الانتخابات، وتحرير
الإعلام... هي نفسها في بلدان العالم
أجمع، وأن هذه المطالب لا تُنال بالشغب
والإجرام والفتنة، كما يعرفون أن
البلاد تعيش منذ فترة غير قصيرة مرحلة
تحول ديمقراطي حقيقي تمثّلت بعض
مظاهره في الانفتاح الاجتماعي
والسياسي والاقتصادي، وفي تفعيل دور
المجتمع والجمعيات الأهلية. لقد
اعتمدت إدارة الإصلاح الراهنة طرح
الحوار الوطني لا المواجهة بين أطياف
الشعب، فإضافة إلى اللجان العديدة
المشكلة والتي أوشكت على إنجاز
المطلوب منها شعبياً ورسمياً، فإن
البلاد مقبلة على استحقاقات ديمقراطية
ستغيّر في بنية وطبيعة وأداء الحكومة،
والأحزاب، ومجلس الشعب، والإدارات
المحلية من خلال الانفتاح الواسع،
والحوار الجريء بين فئات المجتمع
وقواه الحية، ما سيعطي دفعاً جديداً
للمشروع الوطني الديمقراطي الذي سيعزز
بنية المجتمع والدولة ويطوّرها، ويوفر
الشروط اللازمة لإطلاق هذا المشروع،
وحصد نتائجه الإيجابية في أسرع وقت،
فسورية هي التاريخ العريق، ومسؤولية
شعبها وطنية دائماً وأكثر. هذا الشعب
الذي لن يسامح أدوات التجييش والتجنيد
والفتنة. ========================= آخر
تحديث:الثلاثاء ,12/04/2011 ميشيل
كيلو الخليج كان
ينأى بنفسه وجماعته عن الحرب الأهلية
والسلاح في لبنان . وكان يعطي المسألة
الاجتماعية أهمية خاصة في نظرة وطنه
ومواطنيه، الذين رأى أنهم يتساوون في
الحرمان ولا بد أن يتساووا في الحقوق،
وفي الحاجة إلى السلام والحلول
الاجتماعية العادلة . لهذا، أسمى
المنظمة التي أسسها “حركة المحرومين”،
على أمل أن تضم أناساً ينتمون إلى
مختلف أديان ومذاهب لبنان، ولا تقتصر
على مذهب أو ملة أو جهة . وقد قال هذا في
عز الحرب الأهلية اللبنانية، عندما
كان المواطن يقتل أخيه المواطن، لمجرد
أنه من مذهب آخر غير مذهبه، أو من دين
آخر غير دينه . هل
عرفتم من هو هذا الرجل؟ نعم، إنه
الإمام موسى الصدر، رجل العقل
والاعتدال والسلام، الذي رفض استخدام
أموال القذافي لشراء الأسلحة وقتل
الناس : الفقراء والأبرياء غالباً،
فكان مصيره ميتة شنيعة لا يعرف أحد إلى
اليوم كيف تمت بالضبط، وإن كان الشهيد
أبو جهاد الوزير أخبر مجموعة من
معاونيه أن الرجل نقل في طائرة ليبية
إلى مالطا، كي يشاهده بعض الناس
ويشهدوا أنهم رأوه هناك، ثم وضع من
جديد في الطائرة، وبدل أن تطير إلى
إيطاليا قصدت ليبيا، حيث وضع
والمرافقين اللذين كانا معه في صندوق
حديدي أغلق بإحكام والقي من ارتفاع
شاهق إلى البحر . رجل
آخر كان يتعاون مع ليبيا وينال منها
العون المادي والسلاح، مقابل قيامه
بعكس ما كان يفعله الإمام موسى الصدر:
قتل الناس، وخاصة منهم كوادر منظمة
التحرير الفلسطينية، وبالأخص من هؤلاء
من يطالبون بالسلام والحل السلمي: هذا
الرجل هو أبو نضال صبري البنا، الذي
غادر ليبيا لفترة وذهب إلى بغداد، لكنه
تصالح مع الحكم الليبي وزار طرابلس،
حيث اختفى ومجموعة غير قليلة من رجاله .
وبما أنه كان يتمتع بسمعة إرهابي يعمل
في السر، فإن قضيته لم تثر ذلك القدر
الكبير من الضجة الذي أثاره اختفاء
الصدر . هنا أيضاً اختلفت الروايات حول
ما حدث للرجل، الذي بدا كأن الأرض
انشقت وابتلعته هو وأنصاره، وإن راجت
حكاية حول وضعه في عمود مبني قيد
البناء، وصب الأسمنت المجبول عليه وهو
حي . آخر
حكاية سوداء تتعلق بدبلوماسي كان
مندوب ليبيا في الأمم المتحدة هو منصور
الكيخيا، المثقف الراقي والحساس، وأحد
رجال العمل والفكر القومي في شمال
إفريقيا والعالم العربي، وعضو المؤتمر
القومي العربي، الذي اختطف من
القاهرة، حيث كان يشارك كعضو في مجلس
الأمناء في المؤتمر الثالث للمنظمة
العربية لحقوق الإنسان . تلفت الناس
حولهم فلم يجدوا منصوراً، سألوا عنه
فلم يجب أحد عن أسئلتهم . بدأوا البحث
فلم يعثروا عليه . عندئذ أدركوا أن
مكروها حدث له . راجعوا السلطات
المصرية، فادعت أنها لا تعرف شيئاً، بل
إن حسني مبارك سأل عندما سمع باسمه: من
هو هذا الرجل، هل هو سوري؟ مع أنه كان
قد قابله أكثر من مرة، كما يقول
الدكتور عبدالحسين شعبان في نداء وجهه
أخيراً إلى المثقفين العرب بمناسبة
الذكرى السنوية لاختفاء الرجل الأنيس .
منذ ذلك الوقت إلى اليوم، وخلال قرابة
عشرين عاماً (اختفى الرجل عام 1993)، لم
يتوقف البحث عنه، وشكلت لجان للعثور
عليه، وتنظيم حملات دولية للمطالبة
بمعرفة مصيره، ولكن من دون جدوى، طيلة
هذا الوقت . هل ألقي بالرجل إلى البحر
أم تم وضعه في عمود مبنى؟ هذا ما لا
يستطيع أحد حتى الآن العثور على إجابة
عنه، أو حكاية حوله، بينما وجدت على كل
حال حكايات حول الإمام وصبري البنا،
يصدقها من يصدق ويكذبها من يكذب . لم
يعلن النظام الليبي أي شيء حول هذه
الأحداث، باستثناء إعلان مقتضب يزعم
أن الإمام غادر الأراضي الليبية، وأن
السلطات هناك لا تعرف شيئاً عنه . أما
أبو نضال ومنصور الكيخيا فقد ساد صمت
مطبق حول ما وقع لهما، بعد أن ادعت
ليبيا براءتها من دمهما وجهلها بما وقع
لهما، وأدانت بكلمات قاسية الاعتداء
عليهما، إن كانا حقاً ضحية اعتداء
استهدفهما . لم تتابع الهيئات الدولية
المعنية بحقوق الإنسان مصير البنا،
وإن كانت قد اتهمت النظام الليبي
باختطاف منصور الكيخيا، من دون أن تكون
لديها أدلة دامغة على ذلك، علما بأن
طرابلس أصدرت بياناً بعد اختفاء منصور
بيومين يعلن هدر دم المعارضين ويطلق
صفة “الكلاب الضالة” عليهم . تسربت
بعد ثورة شباط بعض التلميحات إلى مصير
الرجال الثلاثة، فقيل إن الإمام الصدر
دفن في مكان ما داخل الصحراء جنوب
مدينة أجدابيا . وقيل إن تدمير طائرة
لوكربي كان من تدبير الأمن الليبي، وقد
قتل فيه نحو ثلاثمائة شخص، وكذلك طائرة
صحراء النيجيرية وسط إفريقيا، التي
قتل فيها قرابة مئة شخص . ومع أن ليبيا
دفعت تعويضات في الحالتين بلغت قرابة
ثلاثة مليارات دولار، فإنها أصرت على
إنكار دورها في الحادثتين، وأفهمت
العالم أنها قبلت الدفع كي لا تتم
ملاحقة القذافي أمام القضاء الدولي .
على كل حال، هذه الوقائع الثلاث ليست
كل شيء، فقد دخل رجال الأمن إلى سجن
مدني في أبو سليم وقتلوا ألفا ومئتي
سجين أعزل، في واحدة من أفظع عمليات
القتل الجماعي ضد الأبرياء عرفها
تاريخ العالم الحديث . كيف
نفهم قيام دولة بعمليات كهذه تتردد حتى
منظمات المافيا أمام القيام بما
يماثلها؟ هل يعود السبب إلى انعدام
القانون وحكمه في ليبيا والدول التي من
طرازها؟ أم أن عدم وجود دستور هو الذي
يفسر عمليات كهذه؟ أم أن الخروج على
جميع الأعراف يكمن وراء تحول السلطة
هناك إلى ما هي عليه: جهة لا تلتزم
بقانون أو دستور أو عرف، تخضع لنزوات
رجل يعتقد أنه هو المجد والشعب
والدولة، كما قال في خطاب ألقاه بعد
الثورة عليه وصف خصومه فيه بالجرذان
والمقملين، ووعد “بتطهير” ليبيا منهم
شارعاً شارعاً، بيتاً بيتاً، داراً
داراً، زنقة زنقة وفرداً فرداً، وهو
الهدف الذي أكد عليه بعد ذلك بقسوة لا
حدود لها، أوصلت أطفال مصراته إلى شرب
مياه المجاري، باسم الدفاع عن ثورة لم
يعد أحد يعرف لها معنى، ولم يبق منها في
الواقع غير القتل والجريمة الرسمية
المنظمة، ضد من تدعي أنها تريد إنقاذهم
من مواطنيها . مع
دخول بلداننا العربية في طور جديد، من
الضروري الاهتمام بمعرفة من ارتكب تلك
الجرائم ضد الأفراد والجماعات، في
ليبيا وغيرها من الدول . ومن الضروري أن
تشكل هيئات تحقيق دائمة تتقصى أخبار من
اختفوا لتعرف مصيرهم وتعاقب من تسبب في
موتهم، بأية طريقة كانت، عسى أن يعلم
من سيتولى الحكم ذات يوم أن سلوكه
سيكون تحت الأضواء، وأن أحداً لن
يسامحه بما قد يرتكبه من جرائم ويقترفه
من أخطاء ضد بني قومه . أسس
المصريون قوائم أسموها “قوائم العار”،
قيدوا فيها أسماء من خرجوا على مبادئ
السلوك القويم تجاه الشعب وبسطاء
الناس خلال حكم مبارك . أليس من الواجب
أن يكون هناك “قوائم شرف” باسم من
غيبوا عن الوجود بسبب مواقفهم المشرفة
من الإنسان وقضاياه، كي لا تنساهم
الأجيال القادمة، ولا يفلت قتلتهم من
العقاب العادل، الذي يستحقونه، مهما
كانت مراتبهم وأسماؤهم؟ ===================== تاريخ
النشر: الثلاثاء 12 أبريل 2011 الاتحاد بين
القدرات والخبرات و"الإبداعات"
التي تتقنها الأنظمة الاستبدادية،
يبدو أنه من الصعب العثور على خبرتين
تبقيان ضروريتين، الأولى: وضع سقف
للمبالغة في تأليب الحاكم أو وضع قاعدة
للمبالغة في احتقار الشعب، والثانية:
استباق النهاية المحتومة أو الاعتراف
بها عندما تحين بغية وضع استراتيجية
خروج آمن ومشرف. وفي
الحالات الأربع التي تفجرت عربياً
خلال الشهور الثلاثة الماضية أي في
تونس ثم مصر وليبيا واليمن، وإلى حد ما
في الحالة الخامسة المتمثلة بسوريا،
لدينا أنظمة حكم وحكام مضت عليها
وعليهم عقود عدة، ومن الواضح أنه لم
يكن يخطر ببال أي منهم أن كرسيه سيتعرض
لأعتى العواصف، لاشك أن ردود فعل
الحكام اختلفت من بلد لآخر، إلا أنهم
بدوا جميعاً كأنهم يقرؤون في "دليل"
واحد يعطي الوصفات الممكنة للتمسك
بالسلطة ولإحباط الاحتجاجات. الأكيد
أن التنحي بات يشكّل المخرج الأكثر
تمدناً، حتى لو تم قسراً وعلى مضض، ثم
إنه يدل على وجود دولة قادرة على
النهوض لأن ثمة ضمانة تركت لها، رغم كل
العبث والتسلط، وهي مؤسسة الجيش. أما
العناد والإصرار على إبقاء النظام
فكشف أن أصحابه تصرفوا أيضاً بهذه
المؤسسة وأخضعوها لنزواتهم السلطوية
مفضلين عليها نهج العصابات
والميليشيات التي حاولوا إلباسها ثوب
الشرعية، لكن يظل النموذج الليلي
فريداً بشواذه، خصوصاً على مستوى
الرأس والقيادة. إلا أن ما يجمع بين
تجارب الضاد أنها تهيأت لإشعال حروب
أهلية، كانت موجودة دائماً وكامنة،
إلا أن السطوة الأمنية كانت دائبة
العمل على كبتها. تقليدية
أو تقدمية، أقرب أو أبعد إلى الحداثة،
منعدمة أو متوسطة الانفتاح... تلك
دكتاتوريات آل مصيرها إلى إنقاذ ما
يمكن إنقاذه من مصالح "العائلة"
ومنافعها، فأبناء القذافي انتقلوا من
القتال من أجل نظام الوالد إلى القتال
من أجل العائلة، وقد ينتقلون إلى
القتال من أجل حكم بقيادة أحدهم. واليوم
كان آخر عرض قدمته المعارضة للرئيس
صالح أن يسلم السلطة إلى نائبه، لكنها
تحدثت بتفصيل عن ضرورة إعادة هيكلة
القوات المسلحة لإنهاء الازدواجية بين
الجيش والحرس الجمهوري والأمن الوطني،
ما يعني حسم الأمر لمصلحة جيش الدولة
والشعب لا للشقيق أو الابن أو ابن
الشقيق. وهناك جوانب شبيهة في
الإشكالية السورية ذات صلة بالعائلة
والأنسباء، وبالحزب والطائفة، وهي
التي زرعت الغضب والنقمة وبالتالي
يتوجب الاعتراف بأنها تطبيقات نفذت
بوطأة التسلط لا بتطور منطقي للسلطة. لعل
الثورة التي اجترحتها الاحتجاجات
الشعبية وضعت "شرعية" هذه الأنظمة
بين مزدوجات، فأصبحت تحت الشكوك
والضغوط ولم يعد ممكناً ترميمها لا
بالقتل والمزيد من القتل ولا بالغاز
المسيل للدموع ولا بحملات الاعتقال
ولا باسترخاء البعض لشرذمة الكل ولا
باستمالة ساحة ضد ساحة ولا بوعود
إصلاحية ولا حتى بالاستنجاد ب"المؤامرات"
أو بالعدو الخارجي المتربص بالوطن...
فكيف يمكن أن يستقيم وطن لا وظيفة له
أرضاً وشعباً سوى أن يكون وقوداً
لهزائم الحاكم أمام العدو، الهزائم
التي لا تنفك تصلّب دعائم حكمه فيما
تمضي في إضعاف الشعب والبلاد. كانت
المفاجأة الأكثر بشاعة ولا تزال
اكتشاف مدى الحقد والاحتقار
والاستهانة التي يكنّها هؤلاء الحكام
لبلدانهم ومواطنيهم، وحدهم الموظفون
كجلادين يمكن أن يُطلب منهم إعدام
مشاعرهم وعقولهم ليتأهلوا للعمل
المطلوب منهم، والأكيد أن أياً من
الجلادين لم يكن يتصور أن وظيفته تختصر
عقلية النظام الذي يخدمه، ولا يقتصر
الأمر على شذوذات الأمن، إذ أن ممارسات
منظومة الفساد يمكن أن تكون أكثر
فداحة، بالأخص حين ينخرط فيها جيش من
الأتباع والمحازبين من أعلى الهرم
نزولاً، بل أيضاً حين لا يتورع هؤلاء
عن التصرف بكل شيء، من أمن الدولة إلى
أرضها وثرواتها وصولاً إلى قوت
الفقراء الذي يستقطع منه تمويلاً
للحملات الدعائية لانتخابات يراد
أصلاً تزويرها... هذه التحولات العربية
تفتح البصائر على أمراض سياسية اعتقدت
الإنسانية أنها تجاوزتها. ===================== تاريخ
النشر: الثلاثاء 12 أبريل 2011 الاتحاد تحت
أزيز الرصاص وتعاظم الأسى والاضطراب،
تزداد الحوارات والمناقشات بين
الأطراف المتعددة والفاعلة على صعيد
الصراع بين النُظم العربية المعنية
والجمهور العربي الواسع والمتعاظم.
وفي هذا وذاك، تبرز شعارات هنا وهناك
في العالم العربي، يُراد لها أن تغطي
واقع الحال المضطرب والآخذ في التعقيد.
ومن الواضح في ذلك تعدد الآراء
والشعارات والحلول، التي يطرحها
الجمهور العربي، مع ملاحظة أن هذه
التعددية نشأت وتتسع طرداً مع تماهل
رؤوس النظم العربية في الاستجابة
لمطالب ذلك الجمهور، سواء لأسباب
موضوعية تتصل بتعقيد المرحلة أو لكسب
الوقت، بهدف تشتيت القوى المنتفضة
وإضعافها. وفي كل الأحوال، يلاحظ أن
جمهور الانتفاضات العربية يتحدر من
مرجعيات اجتماعية وسياسية وطبقية
وطائفية متعددة، إضافة إلى جيلية
متعددة. ويلاحظ
أن تلك التعددية الجيلية والثقافية
والطائفية والاجتماعية أتت بمثابتها
ضماناً أو بعض ضمان للحيلولة دون اتساع
أعمال طائفية خصوصاً، هنا وهناك،
تلتهم الأخضر واليابس، وتعرض هذا
البلد العربي الواحد أو ذاك لانهيارات
عظمى. ومع ذلك، قد يظهر أن مخاطر من نمط
هذه الأعمال ربما لا تزال قائمة. أما
الأمر الأكثر حضوراً وفاعلية في هذا
السياق فهو إجماع قوى المتظاهرين،
والمتضامنين معهم، على خط عمومي واحد
يتمثل في شعارهم حول الإصلاح
الديمقراطي السياسي وما يلتقي فيه
ويندرج تحته. ولقد ظهر ذلك في مناسبات
متتالية، حين كان المتظاهرون يهتفون
من أجل الحرية والديمقراطية، وحين
كانوا يعلنون أن مطالبهم تتجسد خصوصاً
في هذين الحالين السياسيين، هذا مع
العلم بأن مطالب اقتصادية واجتماعية
لم تغب نهائياً عن منظومة الشعارات
والمطالب المعنية، التي رُفعت. وعلينا
أن نشير إلى أن استمرارية التظاهرات
وتطويرها من طرف، وتلكؤ النظم العربية
في مواقفها من مطالب العرب الثائرين من
طرف آخر، أسهم في بلورة أهداف هؤلاء
وتعميق وحدتهم، وفق المقولة التالية:
من أقصى اليمين الوطني والقومي
الديمقراطي إلى أقصى اليسار الوطني
والقومي الديمقراطي! ومن شأن هذا كله
أنه أتاح فرصة مهمة وضرورية لمراجعة
الشعارات، التي رفعها الثائرون
المنتفضون، ولضبطها وتطويرها.
وبالأساس، لابد من الانتباه إلى أن ما
يصل إلى نصف قرن من الزمن هو عمر
النُّظم الأمنية الاستبدادية في
العالم العربي، تمكن من تدمير وتفكيك
هذا الأخير. وكان من النتائج المرعبة
المترتبة على ذلك أن يأساً خطيراً في
حياة الشعوب العربية أخذ يمعن فيها
تهميشاً وإذلالاً. وبحسب المفكر
التنويري عبدالرحمن الكواكبي، فإن
الاستبداد هو أكثر الرذائل خطراً في
حياة الناس، خصوصاً حين يكون في الحقول
الأربعة: السلطة والثروة والإعلام
والمرجعية. إن
وقوف النظم العربية المعْنية في وجه
إصلاح عربي حقيقي وجذري رهان خاسر.
وإذا كانت حوارات العرب قد انطلقت بقوة
متدفقة حول خيارات التغيير في بلدانهم
(بل هي -كما نرى- ستستمر)، فإن الأمر
سيصب في خدمة مشروع عربي جديد في
النهضة والتنوير الديمقراطي، طالما أن
المشروع التاريخي إنما هو قد أصبح
ضرورة قصوى لاستمرار العرب، بحدودهم
الدنيا وباتجاه حدود كبرى (ولن يكون
ذلك خارج التدفق العالمي المتوهج).
إذن، لنقل، إن خيارات التغيير العربي
تمثل -مجتمعة- الرافعة التي تقود إلى
سيّد الموقف، لكن الآن وليس غداً. ==================== تغيير
السياسة الخارجية... فرصة أميركا
الضائعة ويليام
فاف كاتب
ومحلل سياسي أميركي ينشر
بترتيب خاص مع "تريبيون ميديا
سيرفيزيس" تاريخ
النشر: الثلاثاء 12 أبريل 2011 الاتحاد لا
يزال الصراع مستمراً في واشنطن بهدف
السيطرة الأميركية على من يخلفون
الطغاة الذين أسقطتهم الانتفاضات
الشعبية في مصر وتونس، مع استمرار
تهديد الانتفاضات نفسها بإسقاط طغاة
آخرين ورؤساء مدى الحياة، هم وأحفادهم.
وكانت التقارير السرية الصادرة عن
الحكومة الأميركية بأن يقذف بصالح إلى
فك التماسيح الشعبية الغاضبة المحتجة
عليه، وأن توكل إلى ال"سي. آي. إيه"
مهمة البحث عن بديل له، قد تسربت
بطريقة ما إلى صفحات "نيويورك تايمز"
ولم يعلن عنها رسمياً عبر مؤتمر صحفي.
وفي عيون المسؤولين الأميركيين، فإن
الذنب الذي ارتكبه علي عبد الله صالح،
لم يكن العنف الوحشي الذي واجه به
المحتجين عليه، لأن ذلك لا يزال
محتملاً ومغفوراً حتى الآن -مثلما
احتملت واشنطن من قبل العنف نفسه الذي
واجه به الرئيسان السابقان مبارك وبن
علي في مصر وتونس قبل إسقاطهما- وإنما
يتلخص ذنبه في عجز هذا العنف عن قمع
الانتفاضة الشعبية المطالبة برحيله.
وعليه فإن الذي يفهم أن عجز هؤلاء
الطغاة في نظر واشنطن لا يعود إلى
استبدادهم، وإنما في خيبة هذا
الاستبداد وعدم قدرته على قمع وردع
الانتفاضات الشعبية المطالبة بتغيير
حلفاء واشنطن. وتشير
المعلومات السرية المتسربة عن التقرير
إلى قناعة واشنطن بعدم جدوى صالح الآن،
وكونه لم يعد يصلح في حرب واشنطن على
تنظيم "القاعدة" باليمن، مع العلم
أن هذه الحرب اليمنية عادة ما ينظر
إليها الكثير من مسؤولي واشنطن على
أنها ذات أهمية كبرى في الحرب الأوسع
على الجهادية العالمية. ويعم خوف في
دوائر اليمين الأميركي من أن تحل
الشريعة الإسلامية ذات يوم محل
الدستور الأميركي، وأن تنجح الجاليات
المسلمة الأوروبية المتسعة في اختطاف
أوروبا كلها، خاصة وأن المهاجرين لا
يكفون يطمحون إلى إعلان خلافة إسلامية
عالمية. وهي
ذات المخاوف التي أثارها ورددها القس
تيري جونز -من جينسفيل بولاية فلوريدا-
حيث تسبب هذا القس الكاره للإسلام في
مصرع ما يزيد على عشرين أفغانياً
مؤخراً إثر إحراقه لنسخ من القرآن.
وعلى رغم ما يبدو من تباعد بين هذه
الأحداث من بعضها، فهي جميعها تشير إلى
نوع من الهستيريا السياسية الأميركية،
يتم استغلالها واستثمارها على نحو
ديماجوجي، مثلما حدث في فترات سابقة من
التاريخ الأميركي. وعلى
رغم إدراكي لحقيقة أن الدول الكبرى
تحتضن عملاءها ووكلاءها المحليين
الذين يخدمون مصالحها الخارجية كما
هم، وأنها لا تفرض أي نوع من الرقابة
على سلوكياتهم وأدائهم إلا بعد أن تكون
قد تبنتهم سياسياً أولاً. غير أن
تطورات الأحداث التي شهدتها كل من مصر
وتونس مؤخراً تشير إلى استعداد واشنطن
لإعادة النظر في سياساتها الخارجية
القائمة على التعامل مع العالم العربي
من خلال الطغاة المدجنين من أمثال
صدام، الذين يجب التخلي عنهم
واستبدالهم متى ما فقدوا القدرة على
كونهم أدوات نافعة لخدمة مصالح واشنطن. وفيما
يبدو فقد برز اعتراف الآن في دوائر
السياسة الأميركية بأنه بات ممكناً
للحلول السياسية الوطنية المحلية أن
تكون ذات جدوى أكبر من الوصفات
السياسية المفتعلة التي فرضت من
الخارج على كل من العراق وأفغانستان،
باعتبارها بديلاً لديكتاتورية صدام
العسكرية، أو للأصولية الدينية التي
فرضت نفسها على المجتمعين العراقي
والأفغاني. وفي حين تتنافى
الديكتاتورية العسكرية مع جوهر القيم
السياسية الأميركية وتعجز عن التصالح
معها، يبدي التطرف الإسلامي نفوراً ما
بعده من كل ما له علاقة بالقيم ونمط
الحياة الغربيين. وعليه فقد أثارت
الثقافات الإسلامية حساسية وغضب
المسيحيين البروتستانت الأميركيين،
بذات القدر الذي أثارت به حساسية
التقدميين السياسيين الغربيين
المؤيدين للإصلاح. وبسبب هذه
الحساسية، فقد وجدت أرض مشتركة ما، بين
المحافظين الجدد الأميركيين، ودعاة
التدخل الإنساني، سعى فيها كلا
الفريقين إلى استحداث شكل جديد من
الإسلام المعولم المتصالح مع إسرائيل. ومهما
يكن من طموح هذه المساعي، فمما لا ريب
فيه أن للثورات والانتفاضات الشعبية
التي اجتاحت العالم العربي مؤخراً،
جذوراً محلية أعمق مما يتصوره صناع
القرار الغربي بكثير. فتحت شرارتها
يرقد التململ الاجتماعي، والظلم
الفادح في توزيع الثروات بين
المواطنين، ونظم الحكم المتعسفة
القائمة على مؤسسات القمع الأمني
للمواطنين. ثم إن
حدوداً سياسية جزافية مصطنعة، فصلت
بين هذه الدول التي نشأت عقب اضمحلال
الإمبراطورية العثمانية في عشرينيات
القرن الماضي، ولطالما تجاهلت الحقائق
والمصالح الإثنية والعشائرية
والتاريخية ونظم الحكم التقليدية
القائمة فيها منذ أزمنة بعيدة في
التاريخ، يعود بعضها إلى آلاف السنين
كما في مصر وسوريا والعراق. ومن
هنا تنشأ سخرية الاعتقاد بوجود حلول
آلية جاهزة لدى واشنطن وحلفائها من
الدول الأوروبية لمشاكل الواقع العربي.
كما أنه ليس للحضارة الإسلامية أدنى
مسؤولية عن جريمة فرض إسرائيل -باعتبارها
كياناً غير عربي وغير إسلامي- على أرض
عرفت تاريخياً بأنها للفلسطينيين، في
محاولة من الغرب فيما يبدو لغسل يديه
من دماء جرائم الهولوكوست التي
ارتكبها بحق اليهود. وبينما تتسع
كراهية العرب لأميركا بسبب تحالفها
الاستراتيجي مع إسرائيل، فقد استمرت
نظرة الشارع العربي إلى الأوروبيين
باعتبارهم مستعمرين سابقين لدولهم. ومهما
يكن من أمر الأنظمة التي ستعقب الطغاة
الذين تطيح بهم الثورات والانتفاضات
العربية المشتعلة الآن، فإن أسوأ
سيناريو يمكن تصوره، أن تبذل واشنطن
مساعي جديدة لإحكام سيطرتها على
المنطقة عبر وكلاء سياسيين مدجنين
لخدمة مصالحها، تحت وهم "التحول
الديمقراطي" للمنطقة. فتلك هي ذات
السياسة التي أشعلت الحروب الإقليمية
في كل من العراق ولبنان وأفغانستان
وباكستان، إضافة إلى تهديدها بشن حرب
جديدة على إيران، ووقوفها وراء التدخل
العسكري في ليبيا. وفي اعتقادي أن على
واشنطن وحلفائها الأوروبيين أن
يرتدعوا عن هذا الضلال، بالبحث عن
سياسات خارجية أفضل لهما. ==================== السفير زينب
ياغي 12-4-2011 لا شيء
أكثر مدعاة للبؤس الأمني والسياسي من
قول قيادة القوى الأمنية للمشاركين في
تظاهرة إسقاط النظام الطائفي أمس:
ممنوع الوصول إلى ساحة النجمة، خوفاً
من وجود مندسين بين المتظاهرين. وذلك
قول تستخدمه جميع الأنظمة العربية،
وقد أصبح شديد التفاهة لشدة تكراره،
ولا يصدقه من يطلقه، قبل من يسمعه. لقد
حاول المشاركون في تظاهرة الأحد
الماضي، نشر نوع من الفرح، عبر بث أغان
لفيروز ولمارسيل خليفة بين الهتافات،
ورفع بالونات متعددة الألوان، من أجل
القول إننا نريد بلد التنوع، وإن
الألوان ليست حكرا على الأحزاب
والتنظيمات الطائفية، وإنما هي ألوان
الطبيعة. لكن
القوى الأمنية قامت في مواجهة
المتظاهرين بإقفال كامل وسط بيروت،
وصولا إلى الشارع المحاذي لمبنى بلدية
بيروت، ومنعت المطاعم والمقاهي من
العمل في يوم العطلة، كما حاولت منع
الصحافيين والمصورين من الدخول إلى ما
خلف الحاجز الحديدي من أجل الحصول على
مشهد كامل للتظاهرة، ولم تسمح لهم
بالدخول إلا بعد مفاوضات حادة أصروا
خلالها على موقفهم. أما في
ساحة النجمة فقد كان مجلس النواب
مقفلاً، ليس لأن يوم الأحد هو يوم
العطلة، وإنما لأن النواب أصلاً
عاطلون عن العمل، ولأن المجلس على
الرغم من البطالة النيابية، يخضع
لورشة تأهيل منذ شهر آب الماضي على
حساب الخزينة، ربما لأن النواب لا
يستطيعون العمل إلا في مكاتب جميلة
وحديثة، «لشدة مواظبتهم على عملهم
التشريعي». وهم في
حال قصدوا المجلس، فإنهم يقصدونه
للتسلية، وإجراء بضعة لقاءات في
المكاتب، أو عقد بضعة جلسات للجان
النيابية لا تسمن ولا تغني من جوع،
فجميع المشاريع الحيوية مخبأة في
الأدراج في انتظار «القرار» بالإفراج
عنها. وتعرف
القوى الأمنية قبل غيرها أن من سعى
ويسعى إلى توتير البلد وتخريب أمنه
وسياسته واقتصاده هو الطبقة السياسية
الحاكمة ولا أحد غيرها، وأن من اتخذ
القرار السياسي بمنع المتظاهرين لا
يختلف عن غيره من المخربين. وليقل
من لديه الجرأة من أطراف الصراع ما هي
المشاريع التي نفذتها أو تنفذّها كل من
الحكومة ومجلس النواب، وما هي
المشاريع السياسية والاقتصادية التي
يريد أي من أطراف الصراع تقديمها للبلد
في حال فوزه في الحكم أو في حال توافق
الفريقان على الحكم. إن
هؤلاء عاجزون عن اتخاذ القرارات في
مجلس الوزراء وفي مجلس النواب، لأن
الصراع يعرقل كل القرارات، كما أنهم
عاجزون عن تشكيل حكومات إلا بشق النفس،
وبعد أن تبصر النور، فهي تعجز عن الحكم
بسبب الصراع نفسه. وهم عاجزون عن إقرار
قانون انتخابات نيابية حديث، وعن
الإتيان برئيس للجمهورية من الطبقة
السياسية وليس العسكرية. هم عاجزون حتى
عن مد شبكات مياه جديدة بدلا من
المهترئة التي تحمل المياه موحلة إلى
الخزانات. إن
حقيقة الصراع تتمحور حول الهجوم على
المقاومة أو الدفاع عنها. أما من
المسؤول عن إدارة شؤون البلد فذلك غير
هام. يرضى حزب المقاومة بالسكوت عن كل
الفساد المستشري في مقابل السكوت عن
المقاومة، ويرضى الفريق المهاجم
بالسكوت عن المقاومة في حال تم السماح
بتسيير اقتصاد البلد، استنادا إلى نهج
السرقة المنظم وتحويل القطاعات إلى
أصحاب الاستثمارات، بذرائع الخصخصة
والتعاقد الوظيفي والوكالات الحصرية
وسندات الخزينة وغيرها. من
يخرب أمن البلد يا حضرة المسؤول عن أمن
وسط بيروت؟ هل هم أصحاب الحلم ببلد
عادل، أم أصحاب التسلط السياسي
والأمني؟ أما
رئيس مجلس النواب، فيبدو أنه تجاوز
قوله السابق من أنه: «علينا إفساح
الطريق لهؤلاء الشباب لأنهم مستقبل
لبنان...» . لم تُفسح لهم الطريق حتى
ليدخلوا باحة مبنى ساحة النجمة يوم
الأحد، ومعظمهم لا يعرفه ولم يدخله من
قبل. إن
الطريق طويلة، لكن لها نهاية. =================== الياس
خوري 2011-04-11 القدس
العربي لا شيء
سواكم. تملأون
القلوب والعيون بصيحات الحرية. دمكم
يغطي خريطة الوجدان وتموجات الروح. انها
لحظة للتضامن معكم والتماهي بنضالكم
ايها السوريات والسوريون، وانتم
تصنعون حكاية حريتكم المجبولة
بالشجاعة والدم والكرامة. من
درعا، في سهول حوران التي تمتد الى اول
القمح واول الحب، صنعتم المعاني التي
ترتسم افقاً ليس لبلادكم فقط بل للعرب
جميعاً. تضحياتكم
وجراحاتكم وحناجركم وقبضاتكم
المرفوعة هي الأمل. لا شيء
سواكم اليوم وغداً. لا شيء
سوى وعدكم بنهاية الذل والاذلال. معكم
وبكم تعود الشام شامة الدنيا ووردة
الحرية. ' ' ' سقطت
لغة نظام الاستبداد في سورية، وهي لا
تختلف في شيء عن لغة الأنظمة
الديكتاتورية في العالم العربي. فجأة
فقدت لغة النظام شرعيتها اوقدرتها على
الهيمنة وضبط المجتمع. والسبب في ذلك
بسيط جداً، انه انهيار الخوف. فهذه
الأنظمة بنت سيطرتها على عامل اساسي
واحد، هو بناء جدار متراص من الخوف.
الأدنى يخاف من الأعلى، وصولا الى
الشعب الذي يعيش في مملكة الصمت.
الخائف في هذه المعادلة ليس الشعب
وحده، بل جميع مراتب آلة الخوف التي
تخشى من بعضها البعض، ويتشكل نصابها
الداخلي اساساً داخل هذه المعادلة .المخيف
خائف هو من الأدنى الى اعلى قمة الهرم
التي تعيش هاجس الخوف من كل شيء. ان اي
انكسار في احدى مراتب جدار الخوف تعني
ان الجدار بأسره بدأ يتهاوى. لذا رفض
النظام تقديم اي تنازل، رغم كلّ
الوعود، فالتنازل قد يصيبه بخلخلة
داخلية تهدد نظام الخوف في بنيته، ما
قد يقود الى انهياره. الجديد
الجذري الذي قدمته الثورات العربية هو
انكسار حاجز الخوف من آلة القمع، وهو
عامل اقتضى ان يتصدّر جيل جديد لقيادة
التغيير الذي يصنعه الناس. جيل متحرر
من عقدة الخوف، وقادر على تحطيم رموز
السلطة التي ارعبت البلاد اربعة عقود،
وقامت عبر آلة قمعية متطورة بكسر كل
المحظورات، بهدف تحطيم قدرة المجتمع
على المقاومة والصمود. المثل
التونسي كان حاسماً في دلالاته وفي
قدرته على الانتشار. فعصف التغيير
بمصر، وانكسرت هيبة الديكتاتور الليبي
واشتعلت اليمن والبحرين، الى ان وصلت
العاصفة الى القلب الشامي، الذي انتفض
كي يعلن ان ربيع العرب لا يكون من دون
الشام، التي تتوسط العقد الروحي في
بلاد العرب. انكسر
الخوف الشعبي في سورية، وواجهت ثورة
الكرامة في الشام الرصاص منذ اللحظة
الأولى، ووجدت نفسها امام اكثر آلات
القمع لؤماً ووحشية وتصميماً على سفك
الدم البريء. ' ' ' النقطة
الوحيدة التي يمتلكها النظام هي اشعال
الفتنة. الصور التي بثها التلفزيون
السوري تشير الى نية اغراق الثورة
الشعبية بالدم، والدفع الى مواجهة
مسلحة عمادها التعبئة الطائفية. اذا
كانت سميرة مسالمة، رئيسة تحرير صحيفة
'تشرين'، لم تصدّق حكاية العصابات
المسلحة التي تقتل المتظاهرين ورجال
الشرطة، فطردت من وظيفتها، فكيف
يصدّقهم الرأي العام. ما هذه الأكاذيب
التي لا تنطلي على احد؟ كل الناس في
سورية يعرفون من يملك السلاح ويوجهه
الى المتظاهرين. لكن
يجب ان تتعامل الثورة السورية بجدية
كبيرة مع هذا النوع من الكلام. حكاية
المسلحين لا تعبّر عن الحقيقة، لكنها
تعبّر عن الآلية التي يريد النظام
ايصال الثورة اليها. اي الى المواجهة
المسلحة، التي تسمح له بتكرار مجزرة
حماة الوحشية عام 1982. هذا هو
المعنى الوحيد للصور التي بثها
التلفزيون السوري، انها استدراج للناس
الى فخ السلاح. يعرف
الشعب السوري بتجربته ان هذا الفخ يعني
شيئاً واحداً، هو موت الثورة، واعطاء
النظام ذريعة لتدمير المدن، وابادة
سكانها. الثورة
الديموقراطية العربية هي ثورة سلمية.
سلميتها نابعة من طبيعتها الشعبية
والديموقراطية، قوة الشعب اقوى من كل
سلاح، وهي سلاح التغيير ولا سلاح اليوم
سواها. لذا
يذهب السوريون الى المواجهة بأجسادهم،
كي يبرهنوا ان الانسان اقوى من اي
سلاح، وانه اذا كان هناك من معنى وحيد
للسلاح، فهو من اجل حماية الوطن من
المحتل الاسرائيلي، ومواجهة الغطرسة
الصهيونية. السلاح
شرعي هناك فقط، في الجولان، اما
الرصاصات التي توجه الى ابناء الشعب
السوري، الذين يرفعون شعار الحرية،
فهي ليست سوى سلاح القمع الذي تهاوت
شرعيته. انها
ثورة شعبية، سلاحها الأمضى هو
سلميتها، قوتها الكبرى تكمن هنا. انها
اعلان بأن صفحة الانقلاب العسكري قد
طويت، وان فكرة الطليعة المسلحة انتهت.
الشعب لا يحتاج سوى الى قبضات ابنائه
المرفوعة، معلنا ان العبور الى
الديموقراطية لا يكون الا بنضال سلمي
ديموقراطي. ' ' ' قبل
اندلاع المظاهرات في سورية، ادلى
الرئيس السوري بتصريح غرائبي الى
صحيفة 'وول ستريت جورنال'، الأمريكية،
ابدى فيه اطمئناناً الى الوضع في بلاده
لأن سورية تحتضن المقاومة ضد اسرائيل. نسي
السيد الرئيس ان هذه اللغة تهاوت،
فالشعب يعلم ان مقاومة اسرائيل وطرد
جيشها المحتل لجزء عزيز من سورية، لا
يكون من دون الشعب السوري. كي يقاوم
الشعب يجب ان يكون حراً. النضال ضد
الاحتلال هو اولاً واخيراً نضال من اجل
الحرية. عندما بدأت رياح الحرية تهبّ
على مصر، فهمت اسرائيل ان عليها ان
تخاف. اسرائيل هي عدوة الشعوب العربية،
اما علاقتها بالأنظمة الديكتاتورية
فتتراوح ما بين التحالف والتواطؤ. معركة
حرية الشعب السوري، هي في صلب مشروع
مقاومة الهيمنة والاحتلال
الاسرائيليين. وهي بهذا المعنى تعيد
الموضوع الوطني الى نصابه، فالشعب
الذي يصنع حريته هو وحده من يحرر الأرض. ' ' ' امتد
خيط الدم الذي سُفك لاحرار سورية من
الشمال الى الجنوب، كل المدن وكل القرى
خرجت للتظاهر والاحتجاج. عرب
وكرد، سوريون وسوريات من مختلف
المناطق والطوائف، خرجوا بشعار واحد
هو الحرية. الشعب
يستعيد بلاده، وغداً عندما في دمشق
وحلب ينكسر سور القمع والمنع، غدا تكون
البداية. =================== صحف
عبرية 2011-04-11 القدس
العربي أمر
فظيع وقع لجمهور كامل في اسرائيل اولئك
السياسيين، العسكريين السابقين
والخبراء، الذين على مدى عشرات السنين
لم يكفوا عن الحديث عن السلام مع عائلة
الاسد: خيار التسوية هذا مع سورية لم
يُشطب الآن فقط عن جدول الاعمال، بل
يتبين ان هذا كان خيارا عابثا، كان
سيلحق باسرائيل ضررا جما لو انه تحقق. لأربعين
سنة رووا لنا أن السلام مع العائلة
العلوية المسيطرة في سورية سيجلب
لاسرائيل السلام مع العالم العربي
بأسره. بعد ذلك رووا بأن هذا سيهدىء
لبنان وحزب الله. ثم إن هذا سيقطع
العلاقة بين سورية وايران. ثم رووا لنا
اننا لم نجتهد بما فيه الكفاية كي نرضي
دمشق. وكل هذا ترافق وقدراً من
الرومانسية وبقدر من الانفعال من هذه
العائلة، الأب، الابن والروح القدس. كل هذه
كانت قصصا ممجوجة. سورية، المعزولة في
العالم العربي، ما كانت لتجلب معها أي
دولة عربية اخرى، ولا حتى لبنان. حصلنا
على استقرار في لبنان حتى من دون
التخلي عن اقليم الجولان. العلويون،
الذين حلفاؤهم الوحيدون في العالم هم
الشيعة في ايران وفي حزب الله، ما
كانوا ليتخلوا أبدا عنهم. النظام
السوري ببساطة تسلى بهؤلاء الاشخاص في
اسرائيل على مدى كل السنين بل حظي منهم
بالشرعية، دون أن يدفع أي ثمن. والآن
تأتي لتثبت الحقيقة المريرة، والتي
كان ينبغي ان نعرفها منذ زمن بعيد: أن
الحديث يدور عن عائلة طغاة وحشية، جاءت
من أقلية طائفية معزولة وعديمة
الشرعية، ابتعد العالم العربي عنها،
وهكذا ايضا سكان سورية أنفسهم. هذه
عائلة، من المشكوك أن تصمد لزمن طويل
آخر في الحكم. واذا رغبت في البقاء،
فسيتعين عليها ان تقاتل ضد أبناء
شعبها، بصيغة تشبه صيغة القذافي. الويل
لنا لو كنا عقدنا اتفاقا مع هذه
العائلة ومع هذه الأقلية في سورية. كنا
سنخسر الجولان الى الأبد، وكان النظام
السوري سيُسكنه بمليون مواطن كانوا
سينشرون 'المقاومة' ضد اسرائيل
والاتفاق الذي كنا وقعناه مع الطغيان
الأسدي ما كان ليساوي الورق الذي طُبع
عليه. السوريون كانوا سيقولون ان هذا
اتفاق سلام بين اسرائيل وأقلية طائفية
ليست لها شرعية. لحظنا،
لم نوقع على اتفاق سلام مع الاسد، ولكن
ساد بيننا استقرار وردع. كان لنا سلام
دون 'سلام' وهذا كثير. لهذا الغرض ما كان
يتعين علينا ان ندفع أثمانا أعلى مما
ينبغي، بالارض وبالشرعية، وعليه فان
الخيارات المستقبلية، مع نظام جديد في
دمشق، ما تزال ذات صلة. عندما
كان يريد التنكيل باسرائيل كان بشار
الاسد يشير بسخرية الى أن اسرائيل غير
ناضجة للسلام ولا ترغب في السلام. وفي
ضوء وحشية هذا النظام الطائفي في
سورية، التي تنكشف الآن أمام أنظار
الجميع في شكل قتل المواطنين في كل يوم
جمعة فاننا بالفعل لا نريد اتفاقا مع
مثل هذا النظام الدموي. ينبغي
الانتظار لعدة سنوات، الى أن تستقر
الساحة، ويكون واضحا من هي الزعامة
الجديدة لسورية، والتي لا بد ستتشكل من
الشارع السني، وبعدها اعادة النظر في
فرص التسوية. كل سلوك آخر سيكون مغامرة
عديمة المسؤولية. لا
تزال لاسرائيل مصلحة في العيش بسلام مع
جيرانها، ولكن يجب التوصل الى اتفاقات
مع الشعوب، وليس مع أنظمة معزولة، ولا
بأي حال التضحية بمصالح وجودية في صالح
هذا الطاغية أو ذاك الذي يتبين اليوم
ايضا بأن أيامه آخذة في النفاد. ===================== علي
محمد 12-4-2011 القدس
العربي العقد
الماضي كان كابوسا مستمرا.. كل
صباح أخبار عن قتلى وجرحى في العراق
وفلسطين وأفغانستان.. كل
مساء أخبار عن معتقلين في هذا البلد
العربي أو ذاك.. كل
صباح أخبار عن تراجع مساحة الحريات.. كل
مساء معلومات عن نمو واثق للفساد
وللفقر.. لم نصل
لما نحن عليه صدفة، فطوال قرون كان جل
الصراع السياسي في البلدان العربية
والإسلامية يدور حول السلطة فقط، ومن
يصل للسلطة يستخدم نفس أدوات السلف من
حيث الجوهر. تآكلت أو حتت قيم
المجتمعات والأمة بفعل أزاميل الساسة
عبر ذلك الزمن المديد، وإذ يفترض أن
يكون لكل أمة محمية تضم جدرانها ما
يحمي وجودها وهويتها وقدرتها على
إنتاج حضارتها، محمية لا يسمح لأحد،
كائن من كان، باللعب عليها أو
باستخدامها في السياسة أو في غيرها،
فإن الواقع العربي المعاصر يفتقد
حضورها، وإن كانت ثورتا شباب تونس ومصر
قد تلمستا ضرورة بناء تلك المحمية، فإن
القوى المضادة جعلت من الصراع حول
قيامتها هو الرئيس. هو خلل
بنيوي، أنتجته تكفيرية تتهم كل محاولة
للتحرر منها بالفتنة، عمرها من عمر
انتقال السلطة على يد معاوية من الملك
إلى الطغيان، وبيت قصيد الفرد والأمة
وواسطة عقد مطالبهما وآمالهما هو
الخروج من ذلك الواقع. في
لسان العرب كَفَرَ: سَتَرَ، وكفرت:
سترت، والكفر هو التغطية؛ يقال
للمزارع: 'كافرا' لأنه يغطي البذر
بالتراب. وينعت بالكافر: الظلم والليل
والبحر والسحاب المظلم والزارع ولابس
الدرع، أي أن الكفر فعل (عمل) وليس
موقفا فكريا، وقد يكون إيجابي القصد
والمردود.. أو العكس. يشتق
من ذلك أن التكفيرية هي صناعة الكفر،
وقد تكون فردية وعفوية، وقد تكون
منهجية ومنظمة، وهي من منتجات
الحضارات البشرية على اختلافها. حالة
الأحكام العرفية كفر سلبي؛ لأنها تطمر
حقوق المواطن وتمنعها من التنفس.
والفساد كفر سلبي لأنه يمتص طاقة الناس
البسطاء الذين هم بحاجة ماسة لها
لتأمين حد أدنى من العيش، واستخدام
العنف ضد تظاهرات سلمية كفر سلبي.
تكفير السلطة للمعارضة وتكفير
المعارضة للسلطة كفر سلبي، والتكفير
المزدوج* للمستقلين كفر سلبي،
والتحريض الطائفي والعرقي كفر سلبي.
والاصطفاف في أجندة خارجية تستهدف
الوطن هو أقبح أنواع الكفر السلبي. بوابة
التكفير (سلاح التخلف والانحطاط
الثقيل) كانت دائما محروسة بعشرات
الجلادين والمنظرين، ولكل منهم وجه
مختلف. بوابة حرستها سلطات متعاقبة
ومتنوعة، ولتفريغ الضغط المنتج،
ابتُدِعَت فتحات تنفيس وضعت عليها
أنواع مختبرة تاريخيا من صمامات الضبط
وأدوات الإحكام، مما خلق انفصالا بين
العقل وخطابه اللغوي من جهة، وبين
الأدوات الفاعلة من جهة ثانية، وأعاق
فرص التطور والنمو في الأزمان السالفة
والمعاصرة. تشهد
سورية اليوم حراكا شعبيا ضد الفساد
والوصاية وقمع الحريات، فساد بات دينا
له مبشرون ودعاة تنكبوا سلاح
التكفيرية، وتتعرض لاستهداف لاحت
طلائعه من الحملة الأخيرة على سلاح
المقاومة في إطار مشروع الشرق الأوسط
الجديد، وما يمس المقاومة يمس موضوعيا
سورية، شعبا وسلطة وجغرافيا. مسار
المطالبة بالحرية والإصلاح منفصل
جوهرا وأداة عن مسار استهداف الخارج
الذي لا ينقطع. وإذا كان الخارج يبذل
جهداّ مكثفا لخلط الأجندات والأدوات،
فإن مسؤولية الفصل تقع على عاتق الجميع
شعبا وسلطة ومعارضة، انطلاقا من فرضية
أن كل الأجندات (سلطة ومعارضة ومجتمعا
مدنيا) يجب أن تخضع لسلطة المبادئ
والأسس الأخلاقية الحامية للوطن
وللمجتمع، التي يفترض أنها تنظم القول
والفعل.. وإلا فعن أي مستقبل يدور
الحديث؟ المواطن
يفصل ببساطة بين المسارين، ويَحمِل
باقتناع مسؤولية دفع إصلاح نوعي ليغدو
واقعا، ومسؤولية مواجهة الاستهداف
الخارجي وتحقيق هزيمته. أمل
المواطن السوري أن ينجز الرئيس
اصطفافا ضد الفساد وأدواته في سورية،
وخرج متظاهرا في التاسع والعشرين من
آذار/مارس ليعبر له وبوضوح عن أنه يقف
معه ضد الاستهداف، وأنه محط آماله
لتحقيق إصلاح نوعي. عرض الرئيس عناوين
لما هو آت، لكنّ ذلك لم يكن كافيا لجسر
فجوة ثقة اتسعت خلال سنوات بين المواطن
ومؤسسات السلطة وفعاليات مجتمعية
متنوعة صارت جزءاً من طوق الفساد الذي
أضعفه، أضعفه فساد قاض ومحام ومهندس
وطبيب وشرطي مرور وموظف ومدير ووزير
ورجل أمن. فساد امتص الطاقة من أطرافه
فتيبست وباتت تؤلمه. تحدث الرئيس عن
الفساد، لكن ليس بالحرارة الكافية
لتليين أطرافه، وليكتسب ثقة كافية
لفتح ممر آمن لآماله. ربما لا يمكن لأي
خطاب لغوي أن يلينها.. ربما الفعل
الإيجابي وحده قادر على ذلك، وإذا كانت
الأفعال البشرية لا يمكن أن تنتج حسب
صيغة كن فيكون، فإنها مطلوبة في سورية
الآن وليس غدا وبإلحاح ناتج من الضرورة. نحن
أمام مسارين للزمن، لكل منهما إيقاع
مختلف في اللحظة نفسها. ربما يقع في
مرتبة الضرورة الملحة اليوم إعلان
مبادئ ناظمة ورؤى واضحة لبنية
المستقبل القريب والبعيد تقدمه كل
الأطراف، ليجسر تعارض الزمنين ويكبح
أي استثمار سلبي للفجوة بينهما. أرجح
أن المواطن أرهقه الأخبار وحديث
المعلقين عليها في الفضائيات، ويحتاج
لفسحة تأمل، لرؤى تتحاور علنا وتكشف
أمامه ضميرها وهويتها وتصوراتها، وأن
حدسه يتلمس أن دفع الشرور يحتاج
مشروعاً وطنياً شاملا يشارك فيه
الجميع. وأرجح أن أمله ما زال معقودا
على الرئيس ليقود السفينة نحو ذلك اليم
ويبعدها عن مستنقع الفساد والفوضى،
لبناء واقع متين ومعافى يقطع السبل
أمام كل استهداف. مشروع
وطني من أولوياته، إنتاج فضاء يصون
حرية وكرامة وحقوق المواطن، ويفتح
مسارات راسخة لتكامل الطاقات
المجتمعية، ويرفض كل منهج يستقي
تكتيكه من تكفيرية مجحفة تقصي الطرف
الآخر، أو تضعه في موقع الذي يتحمل
مسؤولية كل شر، فذلك قد يفضي لعمى
ألوان يفرغ الميدان من منظومة أخلاقية
إيجابية تضبط الإيقاع ويحتاجها أي
مستقبل زاهر. لنتذكر هنا كم ركز غاندي
على العلاقة الوثيقة بين الأدوات التي
تستخدم في الصراع، ونوعية المستقبل
الذي سينتج بعد نهاية ذلك الصراع. أرجّح
أيضا أن بعض الأصوات التي تحدثت أو
كتبت أو تظاهرت منتقدة السلطة، تتمنى
أن يفتح ممر للصلاح، كي لا نسقط تحت
الضغط في بوتقة الإحساس بأن هناك صراعا
يأخذ طابع كسر عظم، ولندرك عوضا عن ذلك
أن الحاجة الموضوعية لمخرج عادل وآمن
وموثوق، هي من يضغط بقوة على الجسد
والعقل، وأن التكفيرية ليست العربة
المناسبة لذلك؛ فهي قد تنقلنا إلى داحس
والغبراء والعراق وليبيا، وتوقعنا في
مستنقع ننتج فيه موروثاً سلبيا جديدا
للأجيال القادمة عوضا عن تفكيك بعض من
ذلك الموروث. أوجعني
قلق بعض شبابنا في المهجر على وطنهم من
حريق يتلمسون حيث يقطنون رغبة
بإضرامه، وأبهجني حلمهم بسورية تصان
فيها الحقوق والحريات، ولا يضطر نابغ
لهجرها هربا من تسلط جاهل. المونولوج
الذي لا يبرح مخيلة المواطن طارحا علية
أسئلة كثيرة تحتاج لإجابة جمعية، منها: كم
موظفا يستوجب على كتفي أن يرفعه لمرتبة
مليونير؟ وكم عانسا أقدم قربانا
للفساد؟ أليست
محاربة الفساد مدخلا رئيسا للتصدي
للاستهداف الخارجي؟ متى
ستكون لي نقابة تحمي مصالحي؟ وصحافة
وإعلام يمثلانني؟ متى
أستطيع أن أسس جمعيتي المدنية؟ متى
سأحظى بقانون نافذ يردع رجل الأمن عن
إهانتي؟ متى
ستحرر الطفولة من السياسة؟ متى
سيغادرني الخوف من أن أعبر عن رأيي؟ هل
يمكن أن أمسح من ذاكرتي آلاف
اللبنانيين الذين دمرت إسرائيل
منازلهم في حرب تموز مدعومة من أطراف
عربية ولبنانية؟ أو ملايين العراقيين
الأعزاء الذين استضفتهم؟ أو اغتصاب
فلسطينيين؟ هل
يمكن أن أنسى السفاهة التي صبت على حزب
الله لأنه لم يهزم في تموز؟ هل
أنسى حصار غزة وشهداء سفينة مرمرة؟ هل
أنسى الشرور التي جلبها أمثال كرزاي
والجلبي لبلدانهم؟ هل
يظن أحد أنني أقبل بمن لا يدين من قابل
بوش الابن في البيت الأبيض؟. هل
يظن أحد أنني سأقبل بأن يقتل مواطن،
ولا يحاسب من قتله كائنا من كان؟ هل
يظن أحد أنني سأتنازل عن إحساسي بعزة
نفسي اتقاء لشر مسؤول فاسد، أو أن أنسى
من أنا، ومن هو ذلك الخارج الذي شن
حروبه الصليبية وقسم الوطن العربي
واغتصب فلسطين؟ متى
يعي الساسة على اختلاف مواقعهم أن لي
جناحين، وأنني أحتاج لكليهما سليما؟
وأنني لست عجينة لمشاريعهم؟ متى.. متى؟ سأسمح
لنفسي أن أتظاهر على صفحة هذه الورقة
هاتفاً: الشعب يريد الحرية والعدالة
والمحبة، لا التباغض والحرابة. أعداء
الشعب هم إسرائيل والفساد والتكفيرية. بالطبع
لا يحق لي أن أهتف مستخدما كلمة الشعب؛
لأن أحداً لم يفوضني، لكنني لست وحدي
من يرتكب هذا التجاوز، ولست وحدي من
يرمي محرمة الورق في الطريق بعد
استخدامها. سأسمح
لنفسي بالأمل أن تكون هناك فسحة عقلية
يعمل على إيجادها الرشد. مستلهما ذلك
الأمل من قوله تعالى في كتابه الكريم: 'ولا
تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي
أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه
ولي حميم'. فسحة تتيح لكل الأطراف أن
تُخرج ما في جعبتها من خير للوطن
والمواطن. خير ينبت الأمل في النفوس
بحياة كريمة ونفس عزيزة، ويحصن سورية
من استهداف لم ولن يتوقف طالما تجثم
إسرائيل على صدر هذه المنطقة. ==================== سوريا..
الأثمان المرتفعة للتغيير.. هل لسوريا
طريق آخر في التغيير؟! بقلم
د. مخلص الصيادي مداد
القلم - نقلا عن منتديات الفكر العربي
11/4/2011 المشهد
العام لحركة الشارع السوري منذ
انطلاقة الاحتجاجات الشعبية في سوريا،
قبل أكثر من أسبوعين والمشهد لم يتغير،
مظاهرات واحتجاجات تتسع يوما إثر يوم،
يكون يوم الجمعة يوما مركزيا فيها، حيث
يجتمع الناس في صلاة الجمعة، وقوافل
الشهداء يزداد عديدها، حيث تواجه قوات
الأمن هذه الاحتجاجات بالعنف واطلاق
النار، ويمارس الشبح المتخفي دوره في
قنص المتظاهرين وإيقاع المزيد من
الشهداء. واستنادا
إلى خطاب الرئيس السوري بشار الأسد في
مجلس الشعب يوم الأربعاء 30/3 جاء تصاعد
العنف وسقوط المزيد من الشهداء،
وتوسيع دائرة الاعتقالات أمرا متوقعا،
فالرئيس أعلى راية الأمن على راية
الإصلاح، وأعلن استعداده للمواجهة
بأكثر من الاستعداد لإطلاق عملية
الإصلاح، لذلك فإن هذا التصعيد يوضع
حتما في خانة النظام وأجهزته،
وبالتالي فإن مسؤولية ما يقع من عنف
يقع أولا وقبل كل شيء على عاتق السلطة
السياسية وأجهزتها. إن هذا
لايعني نفي وجود مسؤولية لجهات أخرى في
تصعيد العنف، فهذا احتمال ممكن، لكن
حينما تقرر أعلى قيادة سياسية في البلد
أن المسألة الأمنية هي الهم الرئيسي،
فإنها بذلك تعطي أجهزتها الأمنية على
مختلف مسمياتها إشارة الانطلاق في قمع
المتظاهرين، وفي ظل سيادة قانون
الطوارئ فإن عملية القمع تصبح لاحدود
لها، ولا ضوابط، وهو ما نراه بوضوح
الآن، بل إن المشهد الأمني يزداد
تعقيدا مع تصريحات المسؤولين الأمنيين
في سوريا عن وجود قناصة يتمركزون على
أسطحة بعض الأبنية ويستهدفون برصاصهم
المحتجين، وكذلك عناصر الأمن. إن هذه
التصريحات تنذر بالكثير الكثير، لأنها
إن كانت تعبر عن حقيقة واقعية، فإنها
تكشف عن قوى خفية لها القدرة على
ارتكاب مثل هذه الجرائم، ولا تستطيع يد
الأمن السورية -وهي يد مشهود لها- أن
تصل اليها. إن
الحديث عن بلطجية في تفسير هذه الحالة،
(مستعيرين في ذلك المشهد المصري)، لا
يبدو كافيا لتفسير هذا الأمر، بل يبدو
الأمر أقرب الى وجود قوى أو عصابات
مسلحة رديفة تعمل على إرهاب
المواطنين، لمنعهم من الاستمرار في
الاحتجاجات، ولايقاع الرعب بين صفوفهم
بارتكاب جرائم قتل أسود لا حدود له ولا
مبرر له. لقد
كان مخيبا لآمال الكثيرين أن تقتصر
رؤية الرئيس السوري على الجانب
الأمني، وأن يقصر التفكير بالإصلاحات
وطبيعتها على الحزب الحاكم وأدواته،
فيصبح بذلك الخصم هو الحكم، وتضيق
دائرة الأمل بالانتقال الى نظام سياسي
جديد، وبطريقة جديدة لم يشهدها بعد أي
إقليم عربي في هذه المرحلة، مرحلة
الثورات الشعبية. ثورة
الشعوب وطرق التغيير حتى
الآن قدمت ثورات الشعوب العربية
طريقين رئيسيين للتغيير: طريق
أول: شقته الإرادة الشعبية بالمظاهرات
السلمية، التي ووجهت بقمع دموي من
النظام، لكن هذه الإرادة بقيت ثابتة
على مسارها السلمي، وقدمت أبهى نموذج
حضاري في تمسكها بسلمية التحرك، وفي
تمسكها بإدارة عالية الفعالية لهذا
التحرك، وكانت تونس ومصر نموذجا لهذه
الثورة، وتنضم الآن تدريجيا لهذا
النموذج اليمن، وإذا كانت سلمية
التحرك الشعبي هي سمة هذه الثورات فإن
السلمية هنا صفة للتحرك الشعبي وحده،
وليس لتحرك أجهزة السلطة وأدوات القمع
التي تمتلكها، فما حدث في تونس وفي مصر
وما زال يحدث في اليمن لا يغيب عن
نظرنا، ويكفي أن نتذكر أن عدد شهداء
الثورة الشعبية السلمية في مصر تجاوز
الثمانمئة شهيد، سقطوا على أيدي أجهزة
الأمن، وفي عمليات القنص، ويوم غزوة
الحمير، ولقد استطاعت الجماهير بصبرها
من جهة وبانحياز الجيش لها من جهة أخرى
أن تحقق النصر، وأن تفرض على النظام
الهزيمة، وأن تضع بلدانها على طريق
التغيير الذي لايزال يحتاج الى حراسة
ومتابعة. وجاء
رفض الجيش أن يكون أداة النظام في
مواجهة الشارع والتزامه الحياد أولا،
ثم انحيازه إلى جانب الشعب أخيرا عاملا
حاسما في انتصار الإرادة الشعبية، وفي
توقف حجم التضحية الشعبية عند الحدود
التي وصلت اليها. وطريق
ثان: هو الآن أمام ناظرينا تمثله ليبيا
حيث لم تستطع القوى الشعبية فيها أن
تحسم الأمر بالتظاهر الشعبي السلمي،
ولعبت عوامل كثيرة -ليس هنا مجال
الحديث عنها- دورا في تحولها الى
استخدام للسلاح، وما لبثت القوى
الخارجية أن صارت العنصر الأهم في مسار
حركة التغيير هذه، فطغت بذلك على صوت
التحرك الشعبي، وكلما مرّ يوم ارتبطت
الحركة الداخلية أكثر بالعامل الخارجي
وارتفع أكثر صوت قوى ليبية خارجية لها
برامجها وارتباطاتها، على قوى التغيير
الداخلية، وصارت قوات الأطلسي جزءاً
من المعركة، وفي هذا حرف لمسار حركة
التغيير. ولا شك
أن تمسك الزعيم الليبي بأوهامه، وبعثه
للعلاقات القبلية والمناطقية دفاعا عن
نفسه ونظامه، والعنف المبالغ فيه الذي
واجه به حركة الشارع الليبي قد ساهم
مساهمة فاعلة في هذا التطور، كما ساهم
فيه امتناع النظام العربي عن تقديم
العون للثوار، ومسارعة شطر من هذا
النظام إلى الاشتراك مع القوات
الدولية في العمليات العسكرية ضد قوات
الزعيم الليبي، وهي عمليات كيفما نظر
إليها لاتعدو أن تكون عدوانا عسكريا
مباشرا. وهذا
الطريق مدمّر لإرادة التغيير الشعبية،
فالشعوب العربية المتطلعة إلى طيّ
صفحة النظم المستبدة، والفاسدة،
لاترغب أبدا استبدالها بالمستعمر، أو
يكون النظام المتولد عن ثورتها مرتبط
بالقوى الخارجية بحكم أن انتصارها
اعتمد على هذه القوى، وبالتالي يصبح
عليها دفع الثمن من حرية النظام
الجديد، ومن ثروة الشعب أمر لا بدّ منه. ويرسم
هذا الطريق أول مظاهر هزيمة الثورة
الشعبية: - فهي
لم تصبر في تحركها الشعبي، وسارعت في
الانحياز إلى السلاح. - ولم
تصبر في معارك السلاح، وسارعت إلى طلب
العون الخارجي. -
وبحكم طبيعة قوتها، ومسار المعارك على
الأرض لم تستطع -وهي عاجزة بالحتم- أن
تجعل حدود التدخل الخارجي بحدود
رغبتها وحاجتها، فكانت بذلك مدخلا
للقوى الاستعمارية في العودة إلى
بلادها. إن
الحديث عن الثورة الشعبية في ليبيا بات
موضع شك، بعد أن تداخلت القوى، وارتفع
صوت السلاح، وصدرت القرارات الدولية
التي شرعت التدخل العسكري، وبات
التحرك الشعبي هو الأضعف بين كل
العناصر المؤثرة في تطور الوضع في
الساحة الليبية، وقدم هذا التطور خدمة
جليلة لنظام القذافي المتألّه
والفاسد، فصار كأنه المدافع عن ليبيا
في مواجهة قوى تدخل خارجي تدعم حركة
تمرد داخلية، بعد أن كانت الصورة أنه
نظام مستبد فاسد يواجه ثورة شعبية تريد
الانعتاق والحرية. سوريا
وطريق التغيير إن
سوريا تفتقد الكثير من خصائص الطريق
الأول الذي تحقق في مصر وتونس، وتسير
اليمن باتجاهه، عوامل كثيرة يتصل
معظمها ببنية النظام السوري، وبنية
المجتمع السوري، وتاريخ الصراعات التي
شهدتها سوريا على مدى نحو خمسة عقود،
تجعل تصوّر أن يأتي التغيير في سوريا
على هذا النحو غير متيسر، بل يكاد يكون
مستحيلا. وسوريا
لا تحتمل تغييرا في النظام على نحو ما
يجري في ليبيا، لأسباب كثيرة يتصل
بعضها بالموقف الوطني الثابت لقوى
المعارضة الحقيقية داخل سوريا، التي
ترفض مثل هذا السبيل، لأنّ مثل هذا
النموذج الملتبس والمشوّه، مدمّر
لسوريا الشعب والدولة والوطن، ولن
يستفيد منه غير المعسكر المعادي لبقاء
سوريا كيانا موحدا، ولبقاء سوريا
جزءاً من الأمة العربية، وهنا تبرز
المصلحة الإسرائيلية الأمريكية
واضحة، كما تبرز مصلحة القوى الطائفية
والشعوبية والتقسيمية داخل سوريا،
وخارجها. كما يتصل سقوط هذا النموذج في
التغيير بالجغرافيا السياسية لسوريا،
وبالسياسات والتحالفات التي أقامها
النظام السوري على مدى العقود
السابقة، فليس سهلا على القوى
الخارجية أن تفعل في سوريا ما تفعله
الآن في ليبيا. والسؤال
هنا: هل لسوريا طريق آخر في التغيير؟! إن
البحث عن الطريق السوري للتغيير يجب أن
ينطلق من توكيد حقيقة أساسية باتت
واضحة للعيان، وهي أن التحرك الشعبي في
مختلف المحافظات السورية ما زال
متمسكا بالطابع السلمي، وكلما سقط
شهداء أكثر في هذه التحركات الشعبية،
ظهر التمسك أوثق بهذا السبيل، أي أن
حركة الشارع توفر في استمرارها المدخل
الطبيعي لوجود طريق سوري خاص للتغيير. لكنّ
صناعة طريق التغيير لا يرتبط فقط
بارادة الشارع والمتظاهرين، وإنما
بعوامل أخرى أكثر أهمية في صنع طريق
التغيير، وهنا يبرز دور قوى المعارضة
وأحزابها، كما ييرز دور السلطة
وقياداتها وقواها، ليس
صعبا على المراقب أن يعرف أن حركة
الشارع السوري ليست وليدة قرار أحزاب
المعارضة، وليست هي التي صنعت هذا
التحرك، لكن مما لا شكّ فيه أنها بحكم
طبيعتها التنظيمية قادرة على مد هذا
التحرك الشعبي بطاقة منظمة مهمة جدا
لاستمرار هذا التحرك، ولوصوله لأهدافه. إنّ
الفساد والاستبداد هو ما صنع ثورة
الشارع السوري، كما صنع كل ثورات
الشارع العربي، وقد انفجرت هذه الثورة
في سوريا عند لحظة محدّدة ونتيجة سلوك
محدّد من أجهزة السلطة القمعية، التي
حرّكها الخوف من امتداد الثورة
الشعبية إلى سوريا فسارعت إلى قمع غير
طبيعي وغير مبرر لحركة صبية وفتيان في
درعا، وكانت هذه الشرارة الكبرى
لإطلاق هذه الاحتجاجات، لقد جاء فعل
أجهزة الأمن ليفجر مرجلا من الغضب كان
ضغطه يزداد يوما إثر يوم، بسبب الفساد
غير المحدود ، والاستبداد غير المحدود
أيضا، ومظاهر التمييز غير المحدودة
أيضا. إن
أحزاب المعارضة وتجمعاتها، وشخصياتها
قادرة على التأثير في خضم هذه الحركة
ولو لم تكن صانعتها. ومن
بوادر الطريق السوري للتغيير أن هذه
جميعا قالت كلمتها بالتمسك بالطريق
السلمي للتغيير، ولم تكن هذه الكلمة
جديدة، فقد أعلنت دائما هذا الموقف،
لكنها عندما جددت تمسكها بطريق
التغيير السلمي ووقعت على وثيقة أو
بيان"العهد الوطني"، فإنها فعلت
هذا بعد أن سقط عشرات الشهداء إن لم يكن
مئات الشهداء برصاص قوات الأمن في
العديد من المدن والبلدات السورية. إن
العهد الذي وقع عليه كل أطياف المعارضة
السورية بما تمثله أشخاصهم، وبما
يمثلون من أحزاب وهيئات، إنما يوفرون
بذلك سبل ولادة الطريق السوري
للتغيير، لكنهم لايقررونه. لقد
وضع الشارع السوري بتمسكه بسلمية
التحرك، ووضعت قوى وشخصيات المعارضة
السورية بتوقيعها على "العهد الوطني"
مسؤولية التطورات اللاحقة في عنق
النظام السوري، فأصبح الأمر كله في
إطار المسؤولية المباشرة للنظام
ولمكوناته، ومراكز القرار والقوة فيه. دور
النظام السوري في ولادة الطريق السوري
للتغيير من
المهم تأكيد مسؤولية النظام تجاه
تطورات الوضع في سوريا، لأنه هو المالك
لأجهزة القوة، والدولة، وهو المسؤول
عن تحريكها واستخدامها، ولأنّ الشارع
والمعارضة قدّما في مواقفهما وتمسكهما
بسلمية التحرك وإدانتهما لكل مظاهر
الفعل والقول الطائفية والعنفية
والشعوبية أكبر دعم ممكن لأيّ قوى تريد
فعلا إخراج سوريا من المأزق الذي
تعيشه، بأقل الخسائر، وبأكثر فاعلية. إن
التغيير لا بدّ أن يحدث في سوريا، هذا
أمر لا شك فيه، ومدخل الطريق السوري
الخاص للتغيير أن تقتنع القيادة
السورية بهذه الحقيقة، وأن تقتنع بأن
مواجهة رياح التغيير ليس من شأنه أن
يدمرها هي وما تمثل فقط، وإنما من شأنه
أن يدخل المنطقة في مرحلة خطرة جدا قد
لا تكون قادرة على تحملها، وستكون
نتائجها كارثية على مستويات عدة،
فالتغيير الآمن هو السبيل لمستقبل آمن
للشعب السوري، ولسوريا، والمنطقة . وفي
مواجهة الرؤية التي طرحها الرئيس
السوري في خطابه الأخير والتي أعلى
فيها الشأن الأمني على ما سواه، تحدّد
المدخل الأول، والشرط اللازم لولادة
الطريق السوري للتغيير، ويتمثل هذا
المدخل في أن تنعكس الآية لدى القيادة
السورية، أي أن تعود لرؤية الأمر على
حقيقته، فالعمل على مواجهة الاستبداد
والفساد هو الطريق الآمن، وهو طريق
سلامة الوطن، وهو طريق محصن تجاه كل
المخاطر. ولن
يكون تعديل هذه النظرة بالأمر الهين،
وهنا قد نستعير ببعض التجاوز المصطلح
الذي استخدمه محمد حسنين هيكل بشأن "القوة
الناعمة". إن
النظام السوري، ليس فقط أجهزة أمن،
وحزب، ومؤسسات تابعة له، وهذه كلها
تدفع النظام لاعتماد الحل الأمني أولا
وأخيرا، ولتوليد إصلاحات سياسية
ودستورية لا قيمة حقيقية لها، ولكن
النظام السوري، كأيّ نظام بل وأكثر من
أي نظام تدعمه قوى "ناعمة" تتمثل
في مجموعة من رجال الدين، والمثقفين،
وزعماء مناطق وعشائر، وتكوينات دينية
وطائفية وعرقية، ومجموعات من التجار
والصناعيين وأصحاب المصالح الذين
لايهتمون كثيرا بالظهور لكن كانوا
دائما أصحاب تأثير حقيقي في مسار
النظام. إن
هؤلاء مدعوون بحكم المسؤولية
التاريخية تجاه الوضع الراهن لسوريا
ومستقبلها لممارسة دروهم تجاه القيادة
السياسية السورية، لإعادة تصويب
الرؤية، ولاعتماد منهج صحيح في
التعامل مع الوضع الراهن، وهناك مصلحة
مباشرة لهذه القوى في تحقيق ذلك، بل إن
تقاعسهم عن القيام بهذا الدور سيدفع
الأمر إلى دروب مدمرة للجميع. على
هذه القوى -وهي موضع ثقة وثقل في بنية
النظام- أن تعمل على: 1- دفع
القيادة السياسية السورية إلى التخلي
عن منهج الأمن والقوة في مواجهة
احتجاجات الشارع السوري، والتعامل مع
هذه الاحتجاجات باعتبارها تعبيرا عن
مطالب حقيقية ومشروعة، ومحاسبة مرتكبي
عمليات قتل المتظاهرين. 2-
ودفعها إلى الاقتناع بأن التغيير لا
يمكن أن يكون عبر البناء السياسي
الراهن للنظام والمتمثل في حزب البعث
وجبهته، وأنه لا بدّ من اعتبار الشعب
السوري كلّه أداة التغيير. والبحث عن
الحلول من خلال الشعب نفسه وليس من
خلال الحزب. 3-
الوصول مع القيادة السياسية إلى قناعة
حقيقية بأنّ كل ما يتصل بمفاهيم الحزب
القائد، واحتكار السلطة، وسياسات
تبعيث التعليم والقضاء والجيش، وكلّ
المفاهيم القديمة لا بدّ من التخلص
منها في أي عملية تغيير حقيقية. 4- أن
الاستهداف الحقيقي لعملية الإصلاح يجب
أن يكون ولادة مجتمع سوري جديد، بدستور
جديد، يمثل عقدا اجتماعيا جديدا يلتقي
عليه السوريون، وتعود من خلاله السلطة
إلى الشعب وخياراته، عبر صناديق
الاقتراع، وعبر الحريات المصونة، وعبر
القضاء المستقل، وتصبح كل قوى الدولة
خادمة لهذا الشعب منفذة لإرادته،
حافظة لحقوقه، وحامية لها. 5- وأن
طيّ المرحلة السابقة لا يمكن أن يتحقق
إلا بإجراء مصالحة عميقة وجذرية
وحاسمة، يكون هدفها بناء المستقبل،
وزيادة الترابط الوطني، وتمكين سوريا
من القيام بواجبها على مختلف الصعد
القومية والاقليمية والانسانية
بإشراق حقيقي وبقوة حقيقية. إذا
كان التغيير في سوريا حقيقة قادمة
لامناص منها، فهل يمكن أن نرى طريقا
سوريّا مميزا لهذا التغيير؟. سؤال
يبقى معلّقا على مسار تطور الأحداث في
المستقبل، وتبقى المسؤولية الرئيسية
في توفير جواب عليه تقع على قوى السلطة
الظاهرة والخفية، الخشنة والناعمة،
على حد سواء. ==================== بشار
قادر على الإصلاح وعاجز عن التغيير غسان
الامام الشرق
الاوسط 12-4-2011 في
مراكز البحوث السياسية والاجتماعية
الغربية، يبدو بشار الأسد شابا عصريا (مودرن)
أكثر منه رئيسا إصلاحيا. في خطاب
الرئاسة الوراثي قبل عشر سنوات، حدد
بشار مهمته «بمواكبة العصر والتطوير».
في العصرنة، عرَّف بشار السوريين على
الإنترنت. واستعان بأحدهم لنشر الهاتف
المحمول. ثم استدرك قائلا إنه لا يملك
عصا سحرية (للتغيير). الزلازل
السياسية (التغيير بالقوة. والثورة.
والانتفاضة) لا تحدث، غالبا، في عصر
القبضة/ المِطْرَقَة (ستالين. فرانكو.
موسوليني. القذافي الأب. الأسد الأب).
إنما تحدث في عصر القبضة الليِّنة، عصر
سيف الإسلام الابن. والأسد الابن.
المضحك المبكي أن السوريين استخدموا
العَصَوَيْن السحريتين (الإنترنت
والمحمول) لمطالبة بشار بالإصلاح. بعد
مجازر الأسبوع الماضي، الإصلاح
بالترقيع لم يعد مقبولا أو كافيا.
الشعب اليوم يطالب بالتغيير. ما هي
إنجازات بشار التطويرية؟ سعى الرئيس
السوري إلى عصرنة الإدارة الحكومية،
محاولا إقناع الأُطُر الإدارية
المترهلة بأن مهمة الدولة خدمة
المواطن واحترامه، لا الاستعلاء عليه.
الأهم تحويله اقتصاد الدولة
الاشتراكي، إلى اقتصاد السوق «الاجتماعي».
عمليا، حدث الانتقال إلى الليبرالية
المشتركة بين القطاعين العام والخاص
سريعا، من دون ضوابط، بحيث مَكَّنَ
الاقتصاد المختلط رجال «البزنس» من
السيطرة على ثلثي الاقتصاد والإنتاج. هذه
الليبرالية الدردرية (نسبة إلى «شاخت»
سورية عبد الله دردري) كانت متوحشة
كليبرالية ريغان وثاتشر. الأسباب
كثيرة. في مقدمتها الفساد الذي يقول
بشار إنه ماضٍ في مكافحته. لكن العمولة
الباهظة التي تدفعها الشركات الأجنبية
للمتنفذين والمحظوظين، يتحملها
المستهلك السوري المسكين، نتيجة
لإضافة سعر العمولة إلى سعر السلعة.
لذلك كان الصراخ في مسيرات الانتفاضة
عاليا: «ما بدنا حرامية». الليبرالية
أرضت أيضا تجار البازار، والبورجوازية
التجارية والصناعية حليفة رجال السلطة
والضباط الأمنيين والعسكريين. أما
الوجه الإنساني لهذه الليبرالية، فقد
كان بشعا. ومشوها: فقد
العمال المكاسب النقابية التي حصلوا
عليها، ليس بالنضال النقابي، إنما
بولائهم الذليل والطويل للنظام. أصبح
هضم حقوق العامل وتسريحه سهلا على رجال
البزنس، بتعديل قانون العمل. ولم يعد
المالك يقبل برفع الإيجار. فقد
مَكَّنَهُ تعديل قانون الإسكان من طرد
المستأجر، بأحكام قضاء فاسد. ومُرْهَق
بكثرة القضايا، في حين يعجّ الشارع
بألوف خريجي القانون الذين كان
بالإمكان، بعد تدريب قصير، استخدامهم
كوكلاء نيابة. ثم قضاة. للتخفيف
من اتساع الهوة بين دخل الفقراء وأرباح
الأغنياء، زاد بشار أجور الموظفين عدة
مرات. فارتفعت الأسعار (التضخم) لتلتهم
المنح والمكرُمات. خطط التنمية عجزت عن
استيعاب البطالة بين الشباب (الرقم
الرسمي 8 بالمائة. الرقم الحقيقي يفوق 30
بالمائة). وحالت المحاباة والمحسوبية
دون توظيف الأكفاء بالمباراة. فنشأت
خلال أربعين سنة طبقة طائفية إدارية
أغنتها الرشوة. وحصّنتها في مواقعها،
على رأس الإدارات والمؤسسات، من
المساءلة والمحاسبة. كانت
كل هذه العوامل السلبية من أسباب
التذمر الشعبي الصامت الذي انتهى
بانفجار الانتفاضة. انكماش الطبقة
الوسطى، تحت هذه الكوابيس، دَمَّرَ
الاستقرار الطويل الذي فرضه النظام
برهبة القمع المخيف، مباهيا بالظن أن
سورية محصَّنة ضد العدوى بانتفاضتي
تونس ومصر. وكان
من الحكمة الاكتفاء بالشرطة المدنية
بلباسها العادي. عندما ارتكبت قوى
الأمن المسربلة بالسواد المجازر،
صعَّدت الانتفاضة السلمية المطالب.
انتقلت من المطالبة بالإصلاح إلى
المطالبة بالتغيير. ما الفرق بين
الإصلاح والتغيير؟ الإصلاح عملية
ترقيع لقانون الطوارئ (سنّ قوانين أقسى
بحجة مكافحة الإرهاب). ترقيع لقانون
الانتخاب. ترقيع الأكراد بالتجنيس.
ترقيع المنتقبات بإعادتهن إلى سلك
التدريس، ليستكملن إغلاق عقل الأجيال،
إرضاءً للشيخ البوطي (شاويش السنّة)
الذي يهادن النظام، بالسكوت عن «التشييع»
في الحوزات (المعاهد) الإيرانية. ماذا
يعني التغيير؟ أدخل الآن في المنطقة
المحرمة: الحزب. الجيش. الأمن. السياسة
الخارجية. أكتفي بالعناوين، لضيق
المجال أمام التفاصيل. التغيير
يفرض إسقاط نظرية «الحزب القائد»
البالية التي جعلت «البعث» ورقة التوت
الشرعية التي تغطي عورات النظام.
التناقض صارخ بين الشعار التاريخي (وحدة.
حرية. اشتراكية) والواقع الراهن (ليبرالية
بلا حرية. وبلا وحدة). النظام بحاجة إلى
ورقة توت جديدة. بشار بحاجة إلى حزب
جديد. حزب تنتخب القاعدة الشبابية
قياداته العليا. حزب للمثقفين لإنعاش
الحوار مع الذات. مع الناس. وليس حزب
الموظفين المحنطين. ولكل مومياء حزبية
«عفريت» عسكري. أو أمني، يحميه من
الحسد والسقوط. حان
الوقت لبناء جيش مقاتل بتطويع
المحترفين، بدلا من تجنيد الشباب «الأغرار»
ثلاث سنين في عمالة مقنعة يقضونها، في
الخدمة، في ميليشيات النظام الأمنية،
أو الخدمة المهينة في مزارع و«فيلات»
كبار الضباط العظام. السياسة
الخارجية ليست بيانا إنشائيا يلقيه
فاروق الشرع (الحوراني الصامت عن مجازر
درعا) أو وليد المعلم ابن ريف دمشق (الغوطة)
الصامت عن مجازر دوما. عربين.
حَرَسْتَا.. إذا كان من حق نظام بشار
الإمساك بأوراق إيرانية. تركية.
لبنانية، أملا في استعادة الجولان
بالديبلوماسية، فمن حق المعارضة أن
تعترض. تناقش. تحاور النظام عن أسباب
تقديم المصلحة الوطنية الأضيق، على
المصلحة القومية الأعلى والأعرض. عن
أسباب تفكيك الحلف القومي مع مصر
والسعودية، وتوثيقه مع إيران نجاد.
وخامنه ئي. وحسن حزب الله. وعن أسباب
العداء لسنّة لبنان، والانحياز لشيعته
المتحالفة مع إيران. اقتحم
باراك أوباما النظام السياسي الأميركي
تحت شعار (نحن نستطيع/ we can). هل «يستطيع»
بشار الانتقال من الإصلاح بالترقيع،
إلى التغيير بالتنفيذ والتطبيق؟ هذا هو
التحدي الأكبر لهذا الشاب الذي يواجه
أزمة اختبار لم يعرف مثلها في حياته
السياسية والرئاسية. هل
يستطيع بشار انتزاع الممكن من شدق
المستحيل. من الحزب. من الطائفة. من
الجيش. من الميليشيات الأمنية، ليغدو
رئيسا ملتزما بدستور ديمقراطي، بعدما
أصبح صعبا بقاؤه رئيسا سلطويا؟ لست
متشائما. لكني أشك في أنه يستطيع. قد
تكون المطالبة الشعبية بالتغيير نوعا
من التعجيز الرومانسي. إذ كيف يستطيع
هذا الشاب التخلي عن قواعده الطائفية.
العسكرية. الأمنية، حتى ولو بدت مهتزة
بالزلزال الشعبي، لكي ينحاز إلى
انتفاضة إنترنت (افتراضية) تساندها قوى
شارعية مجهولة؟ هذه
القوى المجهولة وَحَّدَتْها، اليوم،
كراهيتها للنظام، وغدا تمزقها
انتماءات السياسة. والدين.
والآيديولوجيا، في غياب زعامات سياسية
لا يستطيع النظام أن يحاورها. فقد حال
أصلا دون نشوئها، بإلغائه السياسة على
مدى أربعين سنة. ==================== الثلاثاء,
12 أبريل 2011 حازم
صاغيّة الحياة يخطئ
النظام السوريّ إذا ظنّ أنّنا لا نزال
في الثمانينات، وأنّ ثلث القرن الذي
يفصلنا عن ذاك التاريخ زمن مكتوب
بالماء. ذاك
أنّه منذ أواخر ذاك العقد بدأ التغيّر
الكبير الذي نعيش اليوم آثاره ونتلقّى
تداعياته، وآخرها أنّ الناس باتوا
يتجرّأون على خوفهم، وأنّ السلاح بات،
هو الآخر، خائفاً. وهذا
المسار المديد افتتحه تهاوي الاتّحاد
السوفياتيّ وكتلته، الشيء الذي أطلق
إعلاناً تاريخيّاً مدوّياً بأنّ
عالمنا يزداد برَماً بنظام الحزب
الواحد والرأي الواحد والحقيقة
الواحدة، وبأنّ القضايا، أكانت مُحقّة
أم لم تكن، لن تسوّغ، بعد اليوم،
استعباد الأفراد وحشرهم كالفئران في
الجموع، الوهميّ منها أو الفعليّ. لقد
تقدّم الفرد – المواطن ليشارك في
قيادة التاريخ، لا يرى حين ينظر إلى
الوراء إلاّ ما يحضّه على المضيّ قدماً:
مقبرتان تضمّ واحدتهما جثّة
التوتاليتاريّة السوفياتيّة، وينطوي
في ثانيتهما العفن الذي انتهت إليه
جثّة التوتاليتاريّة الفاشيّة. أمّا
الزعيم العظيم والخالد والحكيم والبطل
فصار أقرب إلى مزاح من طراز شابلينيّ. وإذ
تترّسَ الكيمان الكوريّان، إيل سونغ
ونجله جونغ إيل، بذاك النموذج البائس
المحروس بالحدود الغليظة، تولّى «البطل
العربيّ» صدّام حسين خوض آخر الحروب
نيابة عن النظام القديم، وآلت «بطولته»
إلى مهزلة مشوبة بذلّ وحصار. في تلك
الفترة نفسها كان التلفزيون يقفز
قفزته العملاقة، فيعلن للكون، على ما
فعل إبّان الانتفاضة الفلسطينيّة
الأولى، أنّ ما كان يجري هنا صار يجري
هناك أيضاً، وأنّ ما يحصل داخل الغرف
والزنازين غدا منظوراً بالعين
المجرّدة. وإذ تدخّلت الأعين
والكاميرات في تشكيل الضمائر، تأسّس
رأي عامّ عالميّ غير مسبوق يواجه
الاستبداد بالاحتقار، ولكنْ أيضاً
بالمبادرة التي تتراكم بصمت وبطء،
إنّما بحزم كذلك. هكذا
لم تعد الحريّة قصيدة تُستقى من ديوان
الشعر الرومنطيقيّ أو من دفاتر
المحفوظات المدرسيّة، ولم تعد الكرامة
اعتداداً قوميّاً بيعرُب وقحطان. لقد
نشأ لهاتين الكلمتين النموذج والمعيار
اللذان تقاسان عليهما، والمرئيّان
بشفافيّة العين ووضوح الشاشة:
فالحرّيّة حرّيّة الفرد – المواطن،
والكرامة كرامته، تماماً كما الحال في
البلدان التي يتمتّع سكّانها بحقّ
الاقتراع والتعبير، وتنقسم سلطاتها
فلا يحتكرها طرف واحد يضع الحقّ
والحقيقة في جيبه. والأفراد –
المواطنون لا يكونون أحراراً ولا ذوي
كرامات إلاّ حين تمتنع وراثتهم
وتوريثهم جيلاً بعد جيل، كما يُرفع
عنهم التمييز في المعاملة والحرمان من
القانون ومن الجنسيّة والسفر، أو حين
يُحجبون عن فرص الترقّي الاجتماعيّ
والسلع التي ثبّتها في مدار الرؤية
تداخُل العالم وتقارب أطرافه. وهم،
بالطبع، لا يكونون كذلك حين يُحشدون في
الشوارع، كمثل رؤوس القطيع، كي يهتفوا
بحياة الزعيم والثورة وبموت
الامبرياليّة والاستعمار. ثمّ
كانت وسائط التواصل الاجتماعيّ التي
أنجزت، بين ما أنجزته، هدفين رائعين:
فإذا كان «القائد التاريخيّ» وحزبه
يحتلاّن الفضاء العامّ، بالصورة
والصوت والشعار، غدا هناك فضاء آخر
يستجمع قواه في خفاء العالم
الافتراضيّ كي ينقضّ منه على العالم
الفعليّ. هكذا أقيم فضاء عامّ موازٍ
يستحيل عدّ حركاته وإحصاء سكناته،
وفيه تنتشر «الأمراض» التي يمقتها
الاستبداد وتصبح عدوى. كذلك،
إذا كانت الأنظمة التوتاليتاريّة وشبه
التوتاليتاريّة تقوم تعريفاً على
تفتيت الجماعات وعلى بعثرتها ومنع
التواصل بين أيٍّ كان منها وأيٍّ كان،
في ظلّ يافطات عريضة عن «الوحدة»، بات
متاحاً للتواصل أن ينشأ في مكان آخر.
هكذا صارت تنعقد الروابط والصداقات
وعمّ التداول في الشأن العامّ
المحرّم، حتّى ذاك الحين، على أهله
وضحاياه. وحقّاً انقلب السحر على
الساحر، فنشأت تقنيّات صار ممكناً
للأفراد بموجبها أن يرى واحدهم الآخر
من دون أن تراهم السلطة. لقد
انتهت الثمانينات فعلاً، وآن الأوان
أن ينتهي الثمانينيّون. =================== مرة
أخرى ... العرب ونظرية المؤامرة! الثلاثاء,
12 أبريل 2011 مصطفى
الفقي * الحياة مغرمون
- نحن العرب - بالتفسير التآمري
للتاريخ، والارتكان إلى تحليلات
استثنائية قد تريح بعض الضمائر ولكنها
لا تحل المشكلات كافة، فالعقل العربي
متورط دائماً في اعتماد نظرية
المؤامرة والارتياح لنتائجها، لأنها
تعفيه من اتخاذ مواقف إيجابية وتجعله
يعتمد على ذلك التفسير السهل، بحيث
يستريح من المبادرات الفكرية التي
تساعده على الوصول إلى الحقيقة. أقول
ذلك لمناسبة الانتفاضات الشعبية في كل
من تونس ومصر، ثم اليمن وليبيا، إلى
جانب الاحتجاجات الأردنية
والاضطرابات الطائفية في البحرين،
فضلاً عن القلاقل في سورية، والحراك
الشعبي في الجزائر، فلقد تصور المواطن
العربي - واهماً - أن تلك كلها نتيجة
طبيعية لمؤامرة خارجية كبرى تدعمها
الأجهزة الاستخباراتية في الولايات
المتحدة الأميركية وأوروبا، بل
وإسرائيل أيضاً. وردَّد بعضُ الرؤساء
العرب ممن توجهت ضدهم تلك الاحتجاجات،
ذلك التفسيرَ التآمري، بل وتحدَّث
بعضُهم قائلاً: «إن غرفة العمليات التي
تقف وراء ما يجري موجودة في الموساد
الإسرائيلي». وبالمناسبة،
فإنني لا أدعي أن أجهزة الاستخبارات
الأجنبية تقف مبتسمة ببلاهة أمام ما
جرى وما سيجري، فالكل مهتم، يرصد
ويراقب ويبحث عن مصالحه ويرتب أوضاعه
وفقاً للمتغيرات الجديدة، بل وقد
يستثمر ما حدث ويحدث لصالحه، كما قد
يطرح بدائل جديدة بطرق ملتوية عوضاً من
القوى الراحلة، فالعقلية الغربية تؤمن
بالعمر الافتراضي للأنظمة، ولا تعتقد
أبداً بالاستسلام المطلق لحكم الفرد
الواحد، فضلاً عن رغبتها في تصدير
ثقافتها ونمط حياتها ومفردات عصرها،
فالغزو الثقافي يحقق ما قد تعجز عنه
الجيوش ولا تستطيعه الضغوط الاقتصادية
أحياناً. إنني
لا أدعي أن العالم الخارجي مليء
بالملائكة، بل إنني أشعر أحياناً أن
شياطينه هم الذين يقودون كثيراً من
مواقع صنع القرار المؤثِّر في عالم
اليوم، فنحن نتابع الدماء التي تسيل في
أفغانستان وباكستان والعراق وغيرها من
بقاع العالمَيْن العربي والإسلامي،
ونظن أن ذلك لا يأتي مصادفة، ولكن
بترتيب لا يرقى الى مستوى المؤامرة
الكاملة، وهو يعبِّر أيضاً عن التوجه
المطلوب. دعنا الآن نناقش أبعاد نظرية
المؤامرة في تاريخنا الحديث من خلال
النقاط التالية: أولاً:
لقد شعرت الأمة الإسلامية أن سقوط
الخلافة العثمانية على يد الغازي
مصطفى كمال أتاتورك هو جزء من مؤامرة
أوروبية للتخلص من آخر خلافة إسلامية
وتمزيق أوصال الإمبراطورية العثمانية
وتوزيع تركة «رجل أوروبا المريض»،
واعتبرنا أن تلك المؤامرة الكبرى كانت
تستهدف العالم الإسلامي كله، وشككنا
في الأصول الدينية لمصطفى كمال
أتاتورك من ناحية الأم، رغم أنني رأيت
بعيني صورة والدته واسمها المسلم في
متحفه في أنقرة. أنا أظن أن ابن إقليم
سالونيك كان منقذاً، نَقَلَ بلاده
نقلة نوعية من مظاهر العصور الوسطى إلى
القرن العشرين، ولذلك فإننا لا نستسلم
بالضرورة لذلك التفسير الذي يأخذ أكثر
ما يعطي، ويجعلنا أسرى لتلك النظرية
المَقيتة بتداعياتها السلبية. ثانياً:
إنني أظن أن المؤامرة الكبرى التي يجب
أن نتحدث عنها هي ذلك التحالف الظالم
بين الفساد والاستبداد، لأن ذلك
الثنائي هو الذي يتحمل المسؤولية
الكبرى عن تلك الثورات والانتفاضات
والموجات الاحتجاجية، فالفقر والشعور
بالتهميش وتراجع مستويات المعيشة ونقص
الخدمات... كلها مؤشراتٌ وقفت وراء ما
جرى وما يجري، وعلى كل من يبحث في أبعاد
«نظرية المؤامرة» أن يدرك أولاً أن مِن
أعمالنا ما سُلِّطَ علينا، كما أن الله
سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى
يغيروا ما بأنفسهم. لذلك، فنحن نعيب
على الزمان والعيب فينا، وننكر
الحقيقة الواضحة ونتلمس الأسباب
الواهية، بينما لو تأملنا في أحوالنا
لوجدنا أن الداء كامن في داخلنا نابع
منّا، وليس بالضرورة وافداً علينا أو
مستورَداً من غيرنا. ثالثاً:
إن الأوضاع الدولية والظروف الإقليمية
تشير إلى عالمٍ مختلف تلعب فيه
تكنولوجيا المعلومات دوراً فاعلاً لا
يجب الانتقاص منه أو التهوين من شأنه،
فنحن محاطون بشبكات مفتوحة ترصد كل
شاردة وواردة، وتجعل من كوكبنا قرية
صغيرة يمكن استجماع أطرافها بسهولة
ويسر، لذلك فنحن لا ننكر أن انتقال
المعلومات يمضي بسهولة، ولم يعد
ممكناً لدولة معينة أن ترفع أسوارها
وأن تغلق أبوابها بدعوى السيادة
الوطنية والابتعاد عن الغير، فالعزلة
لم تعد ممكنة، والتداخلات أصبحت
دائمة، ولكن العبرة في النهاية
بالقدرة على تمييز المواقف وتحديد
الاتجاهات واستشراف الرؤية العصرية
التي تجعل القرار السياسي صائباً، بل
وحكيماً. رابعاً:
إن الحديث المستمر عن التفسير التآمري
للتاريخ وإعمال نظرية المؤامرة هو
ميراث إنساني في ثقافتنا - وربما في
ثقافة غيرنا أيضاً -، ولكن العبرة تكون
بقدرتنا على مواجهة المؤامرة إنْ
وُجدت، فالكل يتآمر على الكل، لأن
الأصل في الحياة أنها صراع دائم، ومن
يتصور أننا نعيش في أحياء «المدينة
الفاضلة» أو نبني «يوتوبيا» جديدة،
يكون مخطئاً بكل المعايير. إننا نعترف
بوجود المؤامرة في التاريخ، ولكننا لا
نقبل الاستسلام لتأثيرها وتبرير الضعف
والهزيمة بوجودها، لأن وجود المؤامرة
في أحداث تاريخية معينة لا يجيز لنا
التعميم وتفسير الكون على ضوء نتائجها. خامساً:
يجب أن يكون معلوماً لنا، أن العقلية
العربية لا تنفرد وحدها بذلك الإيمان
الدائم بالتفسير التآمري للتاريخ،
فالغرب لا يزال يرى أن سقوط الاتحاد
السوفياتي السابق وانهيار منظومة
الدول الشيوعية بدأ بمؤامرة نَسجت
خيوطَها أجهزة الأمن الغربية ودعمتها
«حركة التضامن» في بولندا، التي دقت
أول مسمارٍ في نعش دول الستار الحديدي،
إلى أن أكمل الطريق البابا يوحنا بولس
الثاني، وهو البولندي الأصل أيضاً،
حتى تمكن غورباتشوف من إطلاق رصاصة
الرحمة على النظام الشيوعي في بلاده
تحت دعاوى الإصلاح وتطبيق أفكاره
الجديدة. ونحن كذلك نعترف بأن اغتيال
الرئيس الأميركي جون كينيدي كان
مؤامرة كبرى قصدت من ورائها قوى اليمين
الأميركي إنهاء حياة ذلك الرئيس الشاب
الذي كان يمثل اتجاهاً جديداً قد يقضي
على مصالحها، كما أن مصرع «أميرة
القلوب» ديانا في سيارة بأحد الأنفاق
في العاصمة الفرنسية يشير إلى تورط
الاستخبارات البريطانية في ذلك، وربما
شاركتها مثيلتاها الفرنسية
والأميركية أيضاً، من أجل القضاء على
أي احتمالاتٍ لمؤثرات غير مسيحية على
العرش البريطاني، حتى ولو كانت
بالنَّسَب أو المصاهرة. ورغم تسليمنا
بذلك كله، فإننا لا نقطع أبداً بصحة
نظرية المؤامرة، ونرفض أخذها بشكل
مطلق، مع أننا لا ننكر وجود المؤامرة
في سياق حركة التاريخ، من دون أن نتحمس
لتفسيره بها أو استسلامنا لها. هذه
قراءة في ملف معقد يتصل بالعقلية
العربية وكيفية تحليلها للأمور
وتفسيرها للأحداث، فكثير منا لا يصدق
أن تلك الموجات الثورية والاحتجاجية
التي اجتاحت دولاً عدة في الوطن العربي
هي نتيجة طبيعية لما كان يعانيه أبناء
عدد من الدول العربية، بسبب الفساد
المالي والإداري وسوء توزيع الثروة
وارتباط معظمها بالسلطة وغياب المفهوم
الصحيح للعدالة الاجتماعية. وعندما
تتحالف عناصر الفساد مع قوى
الاستبداد، فإننا نكون أولَ من يستنكر
ذلك، لأن منظومة ذلك الثنائي هي التي
تحطِّم معنويات الشعوب، وتقتل لديها
كل أسباب التفوق، وتعود بها خطوات
واسعة إلى الوراء. إننا نتحدث بصراحة
عن أمة عربية عصرية ترفض التعميم ولا
تقبل الاستسلام المطلق لنظرية معينة
مهما كان إحكامها وتكرار الحديث عنها. إننا
باختصار نؤمن بوجود المؤامرة، ولكننا
نرفض بشدة الاستسلام المطلق للتفسير
التآمري للتاريخ، حتى لو كانت هناك
مؤشرات عابرة تدعو الى ذلك أو أفكار
قابعة في العقل العربي توحي به. إننا
نؤمن فقط بالتحليل العلمي المجرد
والقرار السياسي الموضوعي والرؤية
البعيدة لمستقبل أمة عانت شعوبها
كثيراً وآن الأوان لها أن تصحو لتتفاعل
مع روح العصر وتشارك بفاعلية في
إنجازاته وأن تخرج من مصادر الضغط -
الداخلي والخارجي - الذي لم يعد
منطقياً ولا مقبولاً. *
كاتب مصري =================== سميرة
المسالمة: لم أُستدع للتحقيق.. وباقية
في «تشرين» السفير
فاتن
قبيسي 12-4-2011 تؤكد
سميرة المسالمة التي تم إقالتها من
منصبها كرئيسة تحرير جريدة «تشرين»
السورية السبت الماضي، عقب حديث أدلت
به الى قناة «الجزيرة»، أنها تبلغت
قرار الإقالة من قبل وزارة الإعلام.
وتنفي في حديث ل«السفير» ما تردد بأنه
تم استدعاؤها للتحقيق معها. وتقول: «لم
أزر أي جهة أمنية في حياتي، حتى عند
تعييني. وأستغرب ما نشرته الصحيفة بهذا
الصدد. وما حصل هو أنه تحدث معي هاتفياُ
أحد كبار الضباط، بعيد المقابلة
التلفزيونية، وناقشني في ما قلته، ومن
حقه أن ينزعج لأنني حملته المسؤولية». وتضيف:
في صباح اليوم التالي، قال لي معاون
وزير الإعلام: «ببالغ الأسف، أنا مضطر
لإبلاغك بإنهاء تكليفك من رئاسة
التحرير». فقلت له: «مش مشكلة، توقعت
ذلك من مبارح، بعد اتصال اللواء بي». وردأ
على سؤال تقول: «أصرّ على ما قلته، بأن
حفظ الأمن وأرواح الناس هو مسؤولية
قوات الأمن». وكانت
المسالمة قد صرحت عبر «الجزيرة» انه «إذا
كان عناصر قوات الأمن قد خالفوا
التعليمات الرئاسية بعدم إطلاق النار،
فيجب أن يحاسبوا. وإذا كان هناك طرف
ثالث، وأنا أتبنى وجوده، فعلى قوات
الأمن ايضاً أن تلقي القبض على هذه
العصابات وتقدمها للمحاسبة». هل كنت
تتوقعين أن هذا الحديث التلفزيوني
سيتسبب بإقالتك من منصبك؟ ترد
المسالمة على السؤال بقولها: «لم أتوقع
شيئاً. انا إعلامية في النهاية. ولا
أفرط بمصداقيتي. وكلامي لا يسيء لأحد.
بل يأخذ حق أهلي، من خلال الدعوة
لمحاسبة من يقتلهم، سواء كانوا
العصابات أم قوى الأمن.. وأكرر بأن هناك
تعليمات رئاسية بعدم إطلاق النار،
وأذكرهم دائماً بعدم مخالفتها، لأنها
توجب المحاسبة». ولكن
جاء تصريحك التلفزيوني بعيد وقوع قتلى
في صفوف قوى الأمن، ما اعتبره البعض
إجحافاً بحق هؤلاء. ترد المسالمة
بقولها: «سقط ( يوم الجمعة) 13 مواطناً
وستة عناصر أمنية. ولذلك أؤمن بوجود
طرف ثالث، لأن هناك ضحايا من قوى الأمن.
و«إذا كانوا عم بموتوا»، اليست
مسؤوليتهم إلقاء القبض على العصابات
المسلحة، لحماية الناس، وحماية أنفسهم
باعتبارهم جزءا من الناس؟ الأمن هو
تشكيلة المجتمع السوري، فهم أخوتي
وأقربائي.. ولا أعتقد أنني قلت شيئاً
غير صحيح». البعض
يعتبر أسلوب تفاعلك مع الأحداث مرده
الى كونك ابنة درعا. ترد المسالمة على
هذا التعليق بالقول: «أنا بنت الشعب
السوري كله، ولا أعتقد أن من يموت في
بانياس لا يمت لي بالصلة ذاتها التي
تربطني بأبناء درعا. الأصول هي أن
نتعامل مع الأحداث بمنطق. واذا كنا
شرعنا المظاهرات المطلبية، فإننا لم
نشرعن وجود عناصر مسلحة، تكون سبباً في
إزهاق أرواح الناس». وماذا
عن تمايز تصريحك التلفزيوني الأخير عن
تصريحاتك السابقة، تجيب المسالمة
بالقول: «كنت قلت الكلام ذاته عبر
قناتي «ال بي سي»، و«بي بي سي». من
الأساس أتبنى فكرة وجود طرف ثالث، يثير
الفتنة بين المتظاهرين وقوات الأمن،
ويقوم بتوظيف المطالب المحقة لجرها
الى أعمال شغب، لضرب حالة الاستقرار في
سوريا. وهذا الطرف يحمل عناصره أكثر من
جنسية. حتى من انتقد كلامي عبر «بي بي
سي» مدعياً انني إبنة عمه، وقال بأنني
«كاذبة»، اوضح بأنني لم أقل «بأن درعا
هادئة» ليتهمني بالكذب. كيف أقول ذلك
وقد سقط فيها 40 قتيلا؟!» ماذا
بعد إقالتك من منصبك؟ ترد على السؤال
بالقول: «اُقلت من منصبي، ولم اُقل
كوني إعلامية سورية، وما زلت أتقاضى
راتبي من مؤسستي (جريدة تشرين). أنا
مؤمنة بمشروع الإصلاح السياسي الذي
طرحه الرئيس بشار الأسد، وفي مقدمته
الإصلاح الإعلامي. ومؤمنة بمتابعة
الحوار. وسأتابع حواراتي مع شبابنا من
كافة الأطياف السياسية. فهذا المشروع
لا يمكن أن يكون لفئة على حساب أخرى». ===================== لأول
مرة منذ 104 اعوام.. السوريون يسقطون
شارب الرئيس! موقع
أرض كنعان 11
/ 04 / 2011 شكّل
الشارب جزءا كبيرا من حكم العديد من
ديكتاتوريي العالم، مثل سوريا، لكن
يبدو ان الاحتجاجات المطالبة بالحرية
في سوريا غيّرت تلك العادة. حيث أثار
ظهور الرئيس السوري بشار الأسد العالم
في خطابه الأخير دون شاربٍ تساؤلا عن
مدى رغبته في تغيير الصورة النمطية
التي رافقت زعماء العالم ومنهم
السوريون الذين يصفهم المؤرخون
بالدكتاتوريين أو أصحاب القوة في
الحكم. فمنذ
1907 أي ما يقرب منذ 104 أعوام وحتى موعد
إلقاء الرئيس السوري لخطابه الأسبوع
الماضي حول تأزم الأوضاع في سوريا، لم
يمر على هذا البلد رئيسٌ قام بحلق
الشارب، حيث تؤكد مسيرة الزعماء الذين
جلسوا على كرسي الرئاسة في سوريا،
بداية من حكم مصطفى كمال أتاتورك، خلال
فترة حكم الأتراك لها سنة 1907، أن
الشارب كان جزءا أساسي في الحكم السوري
لما له من رمز للقوة يؤكد على القبضة
الحديدية للحاكم. غير أن
الرئيس السوري وحسب مجلة "فورنير
بولسي" الأمريكية، قد اضطر لحلق
شاربه تحت ضغط وغضب الشارع السوري، حيث
يعتبر الشارب لدى الأسرة السورية
الحاكمة إرثا هاما لا يمكن التنازل
عنه، إلى أن أحدث الرئيس بشار الأسد
العكس. ونقلت
"الفورنير" أن الأسد حلق شاربه
مرغما، في طموح داخلي لبث روح
الطمأنينة في نفوس الشعب السوري الذي
لاحظ لأول مرة أن زعيمه حلق شاربه.
وأشارت المجلة إلى ضحكات وابتسامات
الأسد التي رافقت خطابه، إذ إنها لم
تكن أكثر من مراوغة سياسية هامة، عززها
موقفه التاريخي بحلق شاربه. واعتبر
الرئيس الأسد أن خطوته هي الحل من أجل
أن يبدو أكثر إقناعا في نظر شعبه،
خصوصا وأنه تحدث عن الإصلاحات داخل
البلد..... ======================== الحياة
حسّان
القالش * 12
-4-2011 يذهب
كثرٌ من المعلّقين إلى أن الأوضاع في
سورية لن تعود إلى ما كانت عليه قبل 15
آذار الماضي، تاريخ بدء الحركات
الاحتجاجيّة. وهذا الرأي، ذو الروح
المتفائلة بالتغيير، قد يكون صحيحاً،
لكن في اتجاه عكسيّ وارتداديّ. ذاك أن
تلك التحركات، على رغم تعبيرها عن حال
التأزم السياسي والاقتصادي الذي تعيشه
غالبيّة السوريين، لم ترق بعدُ إلى
المستوى الذي يمكن وصفها فيه ب «الثورة».
فقد غابت عنها الأدبيّات الثوريّة بما
تعنيه من تصوّرات واضحة لشكل الوطن
والمجتمع الجديدَين اللذين تطمح
إليهما الجماهير. ولئن بدت مكشوفة
أهليّاً وأمنيّاً، فإنها خلت أيضاً من
خلايا عمل مثقّفة ومفكّرة فاعلة
ومؤثرة، على نطاق تجمّعي موحِّد، فيما
ظهرت أنانيّة فرديّة واستنكاف عمليّ
عند بعض المثقفين. والراهن
أن النظام السياسي قد استثمر جيداً هذه
الحالة الثقافية والسياسية، التي رعى
تخلّفها وانحدار أدواتها وضيق أفقها،
عبر حقبه المديدة. فبعد استعراض
عنفوانه الأمنيّ واستنفار خطاب
البروباغندا في مؤسساته الإعلاميّة،
اتجه إلى تفكيك العناصر المشكّلة
للمزاج السوري العام المحبَط، عبر
انفتاح مدروس وضمن النطاق الضيّق، على
بعض رموز الاحتقان الاجتماعي،
كالأكراد السوريين، وطبقة المشايخ –
القادة، واتصالات ذات مستوى متدنٍّ
وغير موثوق بجديّته مع بعض الشخصيات
الثقافية. ما يجعل الغالبية الصامتة،
التي باتت في موقع الأقليّة المنسيّة،
والحالمة بإقامة مواطنة على الأساس
المدني والحقوقي، تضيع بين السيقان
الطويلة التي تقترب من أن تدوسها. وقد
أتى الكلام الأخير للشيخ البوطي، في «درسه
الأسبوعي»، ليقدم دليلاً على هذا
الانهزام المدني العام. فالرجل ظهر في
كلامه وكأنه زعيم أو قائد شعبي، يتحاور
مع رأس السلطة، وينتزع منها موافقات
لمصلحة «مجموعة من رجال الدين» التي
تقدمت باقتراحات، منها إعادة
المنقّبات إلى سلك التدريس، وإقفال
كازينو دمشق الواقع في طرفها البعيد،
وإقامة معهد عال (يوازي كليّة جامعية)
للعلوم الشرعية، وإنشاء محطة فضائية
دينيّة، كهديّة لهؤلاء المشايخ. وهذا
السيناريو الذي خرج منه كلام البوطي
إلى العَلن، وما رافقه من تضخيم ودعاية
واحتفاء من تلفزيون الدولة الرسمي
ومؤسساتها الإعلامية، يشكل هزّة
انقلابيّة وارتداديّة لدولة طالما
ادّعت العلمانية وفاخرت بتعدّدية
مجتمعها. والحال أن تديين الإصلاح هذا،
لا يخدم بلداً كسورية، يمتلك تاريخاً
وجغرافيا لا يحتملان الاختصار
والتبسيط والارتجال، حتى في أصغر
تفاصيلها وأكثرها هامشيّة. إنّ
رؤية أكثر أملاً وتفاؤلاً، تستدعي
القول، بحذر، بأن الفرصة ما زالت متاحة
لبناء الجمهوريّة الثالثة في سورية،
بعد جمهوريّتي الاستقلال والبعث. أما
المطلوب؟ فالجميع يعرف ما هو. قد يكون
ربيعاً جديداً... ربيع دمشق الثاني. *
كاتب وصحافي سوري ==================== الثلاثاء,
12 أبريل 2011 عقل
العقل الحياة كل
نظام عربي تقترب منه شبح الثورات يخرج
علينا بالأسباب نفسها التي تحرك
الجماهير، فالكل من تلك الأنظمة يبدأ
باتهام الإعلام، خصوصاً القنوات
الفضائية بأنها أداة مخربة تحرض على
الفساد وإشاعة الفتنة، ومن يتابع
القنوات الليبية مثلاً يجد أن كل من
تلتقيه تلك القنوات يكيل التهم
للقنوات العربية الفضائية ويطلب من
الشعب الليبي مقاطعتها وحذفها من
حزمته الفضائية، ونجد بعض المتصلين
يبشرون مقدمي تلك البرامج بأنهم
قاطعوا تلك المحطات، فيبدأ التهليل
والتكبير، ولكن الغريب أن الأزمات
العربية مستمرة، على رغم الحرب على
الفضائيات العربية. السبب
الآخر الذي تطرحه تلك الأنظمة في
صراعها للبقاء ضد شعوبها، حتى ولو قضت
على تلك الشعوب، كما هي الحال في
ليبيا، الذي تعمل الآلة العسكرية
الرسمية «حرب إبادة» ضد شعب مسالم خرج
في حركة سلمية للمطالبة بالتغيير الذي
يقود إلى دولة ديموقراطية حقيقية،
ومنذ البداية حذر القذافي وولده من أنه
سوف يستخدم القوة، كما استخدم ضد
المعارضين الشيوعيين في صراعهم على
السلطة مع الرئيس الروسي السابق
يلتسين، الذي دك وقصف مبنى البرلمان
الروسي، الذي كان يعتصم به بعض النواب،
حتى خروجهم وهم رافعو رايات
الاستسلام، وذكّر القذافي في خطاباته
النارية بمجزرة ساحة نيمن الصينية،
عندما داست الدبابات الصينية الطلاب
المعارضين بطريقة سلمية للنظام
الشيوعي، كان البعض يستبعد أن يقوم
القذافي بمثل هذه المذابح، ولكنه
للأسف تفوق عليهم، وسوف يذكره التاريخ
بأنه القائد الذي سحق شعبه بأكمله،
فإما أن أحكمك وإلا سأدمر ليبيا ومن
عليها، فلن أتركها إلا جهنم حمراء. إن
نظرية المؤامرة هي إحدى الاسطوانات
التي يرددها الإعلام الرسمي في بعض
الدول العربية، ولكن المؤامرة هذه
المرة تأتي من الداخل ولها ارتباطات
بالخارج، كما ذكر الرئيس السوري في
المنتظر الذي أزعم أنه كان سبباً
مباشراً في زيادة الاحتقان الداخلي،
فقد اتهم من خرج في تلك المظاهرات
السلمية بأنهم صنيعة مؤامرة خارجية،
وأنهم هذه المرة أتقنوا الحبكة
والتنفيذ، ولا زلنا ننتظر أن تعلن
السلطات السورية عن خيوط هذه المؤامرة
التي أعتقد أنها موجودة فقط في أدراج
مسؤولي الأمن والمخابرات السورية
الذين يعرفون أن هناك احتجاجات سلمية
تطالب بالحرية والديموقراطية
الحقيقية. النظام
السوري قدم تنازلات، في اعتقادي، في
الاتجاه الخطأ، وكما هو معروف فإن
البعث كنظام يحكم سورية بصورة شمولية
من النواحي السياسية والاجتماعية،
فالأمن السوري بجميع تفرعاته يهيمن
على المشهد السوري منذ سنوات طويلة. فتقديم
تنازلات أعتقد أنها شكلية لن تخفف
الاحتقان والأزمة في سورية، فالكل
يتساءل مثلاً أين هذه الإصلاحات
السياسية، كرفع حال الطوارئ، وقانون
الأحزاب والإعلام كل هذه السنوات؟ عذر
أن هناك تأخيراً أعتقد أنه لا يمكن
تصديقه. يرى
البعض أن سورية غير الدول العربية
الأخرى التي اجتاحتها الثورات، بسبب
أنها دولة مواجهة مع إسرائيل، وأنها
ضمانة المقاومة العربية، وأنا أعتقد
أن مثل هذه الأطروحات التي يرددها
الإعلام الرسمي ومن يلف في فلكه قد
أزّمت الداخل السوري ودفعته للخروج ضد
النظام، فبسبب المقاومة والمواجهة
يعمل النظام السوري كل أشكال القمع
والتنكيل ضد شعبه في أي مطالب سياسية
حقيقية باسم أن سورية دولة مواجهة مع
العدو، وكما طرح البعض أن من أسباب
سقوط نظام حسني مبارك في مصر هو موقفه
من حرب غزة والحصار عليها، ما ألب
الداخل المصري عليه، إضافة إلى أسباب
داخلية أخرى، قد ينطبق مثل هذا التفسير
على الوضع السوري الجاري الآن، فقد
أشارت بعض التقارير الإخبارية أن
صوراً لحسن نصرالله مُزقت وأُحرقت في
بعض المظاهرات السورية الأخيرة، ما
يدل على أن الداخل السوري لا يهمه
بطولات حزب الله وقوى ما يُسمى
بالمقاومة الذي يستهلكها النظام
السوري في الداخل والخارج. أعتقد
أن الشعب السوري له مطالب مشروعة عبّر
عنها بشكل سلمي وهي واضحة وصريحة،
فشعارات الحرية والديموقراطية
والعدالة هي ما يرفعها أبناء الشعب
السوري، ولكن للأسف فإن النظام يعتقد
أنه يستطيع أن يقتل ويعزل سورية عن
العالم، فالخطاب الرسمي، وعلى جميع
الأصعدة، يؤكد أن من حق المواطنين
التظاهر السلمي، وعند خروجهم في
تظاهرات يطلق عليهم النيران وبشكل
عشوائي، وهذا في اعتقادي يعطينا أدلة
أن النظام ليس جاداً في الإصلاح
السياسي الذي يدعيه، فليس تغيير محافظ
منطقة، أو رئيس تحرير صحيفة رسمية، أو
تجنيس لبعض المواطنين الذين في الأصل
يستحقون الجنسية، ليست هذه مطالب شعب
يقدم الشهداء كل يوم، إن تأسيس مجلس
وطني، واستفتاء على دستور جديد،
وانتخابات تشريعية لكل القوى
والأحزاب، هي ما يطالب به الشعب
السوري، إضافة إلى حرية إعلام وإطلاق
سراح سجناء الرأي هناك. مثل
هذه المطالب هي بداية الحل في سورية
حتى لا نضيع الفرصة وندخل في دهاليز
أخرى، لأن الوضع الداخلي يتعقد أكثر
وبشكل سريع مع مرور الأيام. إن
فزاعة الطائفية في سورية، التي يرفعها
الإعلام الرسمي، لن توقف الحراك هناك،
فجميع مكونات الشعب السوري، بعربه
وكرده ومسلميه ومسيحية، تشارك في
الاحتجاجات هناك، بل إن بعض مكونات
الطائفة التي يرتكز عليها النظام تقف
وبشكل واضح إلى جانب الشعب السوري
ومطالبه المشروعة. ==================== فؤاد
دبور الدستور 12-4-2011 شهد
العالم تحولات وتطورات متقدمة في ظل
ثورة الالكترونيات والتكنولوجيا
المتطورة في مجال الاتصالات ووسائل
الإعلام وبخاصة المرئية منها التي
تعتمد على الأقمار الصناعية حيث أصبح
الإعلام الناقل للأخبار والمعلومة
والحدث عنصرا هاما في صناعة الحدث عبر
قيامه بدور أساسي في صياغة الصورة
الذهنية المحرك للسياسات العامة بمعنى
أن الإعلام يقوم بدور فعال في تشكيل
صورة الحدث وتأثيراته على الرأي العام
سيما وانه قد تجاوز مرحلة توصيف
الأحداث إلى رصد تحولاتها والتركيز
على تحليلها مركزا على نقد السلبيات
وأحيانا تحويل الحقائق وجعلها ملائمة
لتوجهات أصحاب القرار السياسي الذي
ينطق هذا الإعلام باسمهم وهنا يتم
إخراج الحدث عن الواقع الموضوعي، مما
يجعل الإعلام شريكا أساسيا في صناعة
الأحداث والتحكم في تطورها عبر ما
يوفره من معلومات تحدث تأثيرا عليها،
خاصة وان أدواتها المتقدمة جعلت
الاهتمام الشعبي يزداد يوم بعد أخر
نظرا لدورها في بث المعلومات والاحداث
التي تتعلق بالشؤون العامة وبخاصة
القضايا السياسية التي تتعلق
بالقرارات الكبرى ذات التأثير الحيوي
في حياة الناس الذين تتكون لديهم
مفاهيم ومواقف ارتباطا بالصورة
المنقولة عبر الفضائيات التي هي أداة
الاتصال الأهم والأكثر تأثيرا من حيث
انها تقوم بنشر المعلومة والفكرة
والخبر والثقافات وما يتعلق بالحضارة
مثلما تجعل الصلة وثيقة بين جهة النقل
أو النشر والمتلقي وتحاول تسويق
أهدافها السياسية والثقافية
والاجتماعية مثلما تعمل على تعبئة
الجهة المتلقية في الاتجاه الذي يخدم
مصالحها سواء أكانت هذه المصالح
ايجابية بالنسبة للجهة المتلقية أم
سلبية نظرا لأنها تروج مفاهيمها بشكل
مستمر مما يبقى قطاعا واسعا من هؤلاء
مرتبطا بها، فعندما يتم نشر ثقافة
قائمة على القيم النبيلة والإنسانية
والأخلاقية تكون النتائج ايجابية
ويكون الإعلام في هذه الحالة سليما
وصحيحا لأنه ينشر ويحقق القواعد
الأخلاقية للعمل الإعلامي بعيدا عن
التزوير والتحريض والحملات المغرضة
المخطط لها والتي تستهدف تشويه الصورة
عند الناس، وإذا ما انتقلنا من التعميم
إلى التخصيص أي ما يتعلق بأمتنا
العربية والاحداث التي تجري في
أقطارها يكون الإعلام الصادق السليم
هو الذي يمكن العرب من نقل ونشر ما يجسد
قضاياهم العادلة في المجالات السياسية
والروحية والثقافية والقومية
والتراثية والحضارية ويقوم بمواجهة
الإعلام المعادي الذي يشوه صورة العرب
وقيمهم الحضارية ويعمل على بث الفرقة
والفتنة بين أبناء الشعب الواحد مثلما
يعمل على إيصال صورة مشوهة عن الأحداث
التي تجري في الوطن العربي بما يخدم
مصالحه، وبكل أسف هناك أيضا فضائيات
عربية وافلام اعلانية عربية وأقلام
تصب في ذات الاتجاه سيما أولئك الذين
يحرضون بما يسهم في توتير وتسميم
الأجواء في هذا القطر العربي أو ذاك
مما يعرضه إلى عدم الاستقرار ويصيبه في
اقتصاده وقد تصل الأمور إلى إسالة دماء
أبنائه. بمعنى
أن الإعلام العربي بكل وسائله
المقروءة والمسموعة والمرئية يتحمل
مسؤولية كبرى في توعية المواطن العربي
بالمسارات الموضوعية للاحداث العربية
والتوجيه السليم للمواطنين العرب عبر
وضعهم في الصورة الحقيقية للحدث
ونتائجه وانعكاساته مثلما يتطلب من
هذه الوسائل أيضا نقل صورة الحدث إلى
العالم وهذه مهمة أساسية للإعلام
العربي عليه القيام بها وتتعلق بإيصال
قضايا الأمة العادلة إلى الرأي العام
الدولي ويأتي في مقدمتها قضايا التحرر
الوطني والقومي والتي تأتي في مقدمتها
قضية الصراع مع الصهاينة الذين يحتلون
ارض فلسطين العربية وأراض عربية أخرى
ويهددون الأمن والاستقرار في منطقة هي
من أكثر المناطق في العام حساسية
وأهمية للعديد، العديد من دول هذا
العالم نظرا لموقعها الاستراتيجي
وللثروة المختزنة في أعماق أرضها
النفطية والضرورية لهذه الدول، مثلما
يتوجب على وسائل الإعلام العربية
الدفع باتجاه بناء الدولة القومية
الديمقراطية وهذه مهمة تاريخية يتوجب
على الإعلام العربي القيام بدوره فيها
من خلال البث المستمر الذي يتولى
التأكيد على مصالح الأمة العربية
العليا ويمارس تأثيره التعبوي على
الجماهير العربية في هذا الاتجاه
ويتصدى للرد وتفنيد ما يصدر عن وسائل
الإعلام المعادية للعرب وبخاصة
الإعلام الصهيوني والغربي وفي مقدمته
الإعلام الأمريكي الذي يروج لمصالحه
ومصالح الشركاء الصهاينة ويعمل على
اختراق القيم العربية ويحول دون
الإنسان العربي والتمسك بالثقافة
الروحية والقومية وذلك من خلال غزو
ثقافي مضاد مدمر لهذه القيم مثلما يعمل
الإعلام المعادي على وضع بدائل
للمصالح الوطنية والقومية وفرضها على
الأمة. نقول
هذا ونحن نعرف تماما تفوق الإعلام
الغربي وأدواته وإمكاناته بحيث يكون
هذا التفوق حافزا لتطوير قدرات
الإعلام العربي والذي يجب أن لا ينخرط
في ترويج أهداف الإعلام الغربي مثلما
يحصل أحيانا، ونحن في هذا الحال لا
نظلم ولكن نشير إلى أمور واقعة وبكل
أسف وألم بخاصة فيما يتعلق بالأحداث
الجارية في سورية حيث تعترف الصحافة
ووسائل الإعلام الصهيونية بالتحريض ضد
سورية وتعمل على إشعال نار الفتنة عبر
عناوين الصحافة وتحليلاتها أو نشرات
الأخبار المرئية وأكاذيبها. ونحن
جميعا نعرف أن الصهاينة وإعلامهم يعمل
فقط على نشر ما يخدم مصالح الكيان
الصهيوني عبر إتباع كل أساليب التزوير
والتضليل وإعلامهم يبتعد عن المهنية
والمبادئ الأخلاقية والقانونية. طبعا
نفهم دور الإعلام الصهيوني في بث
الأكاذيب والقيام بعمليات التحريض
ولكننا لا نفهم بل نرفض وندين الإعلام
العربي بكل وسائله المتنوعة عندما
يحرض ويضلل ويعمل على إشعال الفتن عبر
تشويه الحقائق الواقعة على الأرض في
الوقت الذي نحترم فيه الإعلام العربي
عندما يتصدى لهجمات وأباطيل إعلام
الأعداء عبر نقل الصورة الحقيقية
لمجريات الأحداث حتى ولو كانت مؤلمة
ذلك لأننا ندرك أن الخطاب الإعلامي
الملتزم بقضايا الأمة وأمالها
وتطلعاتها يتم التعبير عنه بعلمية
وواقعية ومبدئية ويعمل جاهدا على
تصويب السلبيات بمهنية ومحاصرتها من
اجل الوصول إلى ما يخدم المصالح
الوطنية والقومية للعرب خاصة عندما
يتعلق الأمر بالرد على الإعلام الغربي
الذي يتمتع بانتشار هائل في الوطن
العربي مما يعطيه القدرة على التأثير
في تشكيل صورة الحياة السياسية
والاقتصادية العربية حيث يتأثر قطاع
واسع من الموطنين العرب بهذه الصورة
التي يتم من خلالها تشويه الواقع
العربي في أذهانهم ونفوسهم مثلما يؤثر
على الرأي العام العالمي وعليه فإننا
نؤكد على دور الإعلام العربي في نقل
الصورة الحقيقية للواقع والاحداث التي
تجري في أقطار الوطن وحتى يقوم الإعلام
العربي بدوره المطلوب، يتوجب دعمه بكل
الوسائل اللازمة من مال وخبرات وتوفير
المعلومات والحقائق بكل موضوعية،
وابعاده عن الانحياز لجهات أو حتى
أشخاص يعملون على ترويج وجهات نظرهم
ومصالحهم والتي قد تكون على حساب
المصالح الوطنية والقومية، بمعنى أن
يتم توجيه الإعلام العربي من جهات
سياسية لها مشاريعها الخاصة التي لا
تتوافق مع مصالح الشعب وكذلك من جهات
لديها قدرة عالية على دفع الأموال
وتعمل على ترويج مصالحها حتى ولو كانت
أيضا على حساب مصالح الشعب والوطن
نقولها بصراحة يجب أن يكون الإعلام حرا
يدافع عن مصالح الشعب والوطن والأمة
ويوصل المعلومة والخبر والصورة
والتحليل السليم للحدث والوقائع إلى
المواطن. أي
إننا نؤكد على رسالة الإعلام العربي
التي تهدف إلى إبراز الحقيقة ومخاطبة
الرأي العام الوطني والقومي والعالمي
بلغة العصر وإيصال ما هو حقيقي وسليم
كما أن عليه أن يقف يخدم القضايا
العربية العادلة للأمة. =================== علي
كنعان 12-4-2011 القدس
العربي لم يعد
السكوت ممكنا على ما يجري في المدن
والبلدات السورية إلا إذا كنا مشاركين
في الجريمة الدموية المتصاعدة. من
يتابع المسرح السياسي هناك، يوما
بيوم، فلا بد من أن تخنقه المرارة قبل
أن تنتهي السهرة. ما كنت أتصور أن نظاما
سياسيا، بعد الدلائل التي تؤكد سقوط
عقيد ليبيا ورقيب اليمن، يمكن أن يصل
به الغرور والتعامي والاستهتار هذا
الحد المتمادي في احتقار الشعب وإلغاء
الحوار من حياتنا، واغتيال أي فرصة
إنسانية للاحتفاء بالحرية وصون كرامة
الناس. ولنبدأ بمتابعة لقطات من فصول
المسرحية، بدءا من مشهد المسيرات
الكوميدي الفاجع: * في كل
دائرة رسمية أو مؤسسة، وفي كل مدرسة
ونقابة مسؤول حزبي أو أمني تصله
الأوامر قبل يومين أو ثلاثة، لتأخذ
الجهة الواقعة تحت وصايته وإشرافه
الاستعداد الكافي للمشاركة بالمسيرة
المباركة، مزودة بالأعلام والصور
واللافتات ونصوص الهتافات وزمان
الانطلاق ومكانه. العمال والموظفون
مهددون بلقمة عيشهم، إن تقاعسوا عن
واجبهم النضالي المطلوب. والطلبة كذلك
مرغمون على المشاركة في الترغيب
والترهيب، ولا يبقى أحد خارج الحساب.
والبرنامج يضم حتى السياج الأمني الذي
يحيط بأمواج السائرين من الجانبين،
ليرصد النظرات والأنفاس ونبرات الهتاف..
وملامح 'المدسوسين'. والوجه الآخر
المعاكس لهذه المسيرات المفروضة يؤكد
أن نصف قرن من الظلم والاستبداد وكمّ
الأفواه والزج بآلاف الأحرار في
السجون.. آن له أن ينتهي ويزول إلى غير
رجعة. * مجلس
الشعب مشهد آخر في الفرجة، لكنه يظل
أقرب إلى السيرك منه إلى أي نشاط فني
آخر. فاجأني هذا المجلس بأن أعضاءه ما
زالوا أحياء يتحركون تحت قبة
البرلمان، وكنت أتصور أن العصر تخطاهم
وطرحهم في براميل النفايات خارج أسوار
المتحف الوطني. هذا المبنى التاريخي
العريق ما زال يحتفظ بذكرى مجيدة يوم
تلقى حراسه الشرفاء رصاص الجيش
الفرنسي في عهد الانتداب. وفي هذا
المبنى ذاته نرى اليوم مخلوقات خرافية
قال عنها الشاعر التونسي الصديق
المنصف المزغني: خروف دخل البرلمان/
صاح: ما..ع.../ أجاب الصدى: إج.. ما..ع! ولن
أنسى هنا أن أنوه بعبقرية الرقيب
الأمني الذي أخرج مشهد الجوقة، سواء من
حيث اختيار الشخوص وتنوع أزيائهم
وأعمارهم ونبرات أصواتهم أو من حيث
تحديد مقاعدهم وأوقات مداخلاتهم، خاصة
أنه لم يغفل دور المرأة البرلمانية في
إخراجه. * من
جانب آخر، يبدو أن مشهد التضحيات
والشهداء ودمائهم الزكية المهدورة في
الشوارع كان أقل من النسبة المطلوبة،
لذلك لم يكن جديرا بوقفة صمت أو تحية
عزاء ولا حتى بقراءة الفاتحة. وحين
سألت السيد رئيس المجلس عن هذه النقطة،
صاح في وجهي: الفاتحة؟ أتريد من مجلسنا
الموقر أن يردد كلام القاعدة
والأصوليين المتآمرين؟.. يا عيب الشوم! * مشهد
القيادة القطرية.. وقد هبت رياح
التغيير لتنفض الغبار عن أعضائها،
فتراهم ماضين مستغرقين في دراسة
برنامج الإصلاح منذ سنين، لكنهم لم
يجدوا حتى الآن من يخرجهم إلى الهواء
الطلق ليلتقطوا الأنفاس ويسعدونا
برؤية إنجازاتهم التاريخية المنتظرة. * أما
المشهد الإعلامي الرسمي، فهو يؤكد
حالة من التعامي والصمم لا مثيل لها،
والتناقض مذهل بين ما تظهره الصورة عبر
الفضائيات وما تعلنه أبواق السلطة من
طروحات عشواء مريبة حول الاستهداف
الطائفي واتهام الأصوليين بما يجري في
البلد. وأود هنا أن أقول: يكفي هؤلاء
الأصوليين شرفا وإخلاصا وطنيا أنهم
ليسوا لصوصا ولا قتلة. إنهم مواطنون
سوريون، وإن كانت القيادة البعثية لا
تعرف معنى المواطنة ولا تعترف حتى
للغالبية من جماهير حزبها بأنهم '
مواطنون' أو يستحقون صفة 'مواطنين'!
والأدهى أن الأزلام المستفيدين من
غلال مزرعة النظام يؤكدون أن لا وجود
للمعارضة في سورية.. ماذا نسمي ألوف
المساجين السياسيين، إذن؟ وهل ننسى
ألوف المشردين في المنافي خارج
البلاد؟ قليلا من حس الخجل ويقظة
الضمير، يا سادة.. إن كان فيكم بقية من
حس أو أثر من ضمير. * إن من
يتابع إعلام المعارضة بمختلف أطيافها..
لا بد أن يرى طريق الحل الصحيح وسلامة
مستقبل الوطن. يكفي أن نتصفح مواقع
رصينة مثل: الرأي، الحوار المتمدن،
كلنا شركاء، المركز الإعلامي لجماعة
الإخوان المسلمين، فضلا عن مواقع
أخرى، حتى ندرك مدى الهوة الفاصلة بين
النظام ومأزقه الدموي.. والمعارضة
الوطنية المؤمنة بالنهج السلمي السلس
والآمن للمشاركة في الحل. لو كان قادة
البعث يقرؤون بعض ما يكتب في هذه
المواقع لأدركوا أين وصل العالم.. وفي
أي مستنقع هم لا يزالون غارقين. * طوال
الأسابيع الماضية، وأنا أحلم بموقف
تاريخي تتخذه قيادة البعث: أن تعترف
أنها عاجزة وحدها عن الحل، ومن ثم تدعو
إلى ملتقى وطني واسع من الحكماء حول
مائدة مستديرة: فيه ممثلون عن البعث
وأحزاب جبهته، وفيه ممثلون عن مجموعة
الأحزاب الوطنية المعارضة: من شيوعيين
وبعثيين وناصريين وجماعة الإخوان
والأمانة العامة لإعلان دمشق وعدد من
ممثلي لجان المجتمع المدني وربيع دمشق
والمستقلين، ليتدارسوا كيفية إخراج
البلد من المحنة الدامية. وإذا كان لا
بد من مراقبين غير سوريين، أتمنى أن
يكون من بين الضيوف، على سبيل المثال:
وزير الخارجية التركي، عزمي بشارة،
سليم الحص، محمد سليم العوا. لكن
الأحلام لا تقوى على إزاحة الغشاوة عن
العيون العشواء. كلمة
أخيرة: لم يعد السكوت ممكنا على ما يجري
في بلادنا، بل صار السكوت جريمة. أصوات
الجماهير المتظاهرة في ساحات المدن
السورية وساحاتها تنادي بالحرية
والكرامة وإزالة كل قانون أو مؤسسة
تتعارض مع هذا النداء. إن مدرسة
القذافي في الاستبداد وتصفية
المطالبين بالحرية والكرامة
والمواساة أمام القانون، هذه المدرسة
الإجرامية وأتباعها هم الذين يمهدون
الطريق للتدخل الأجنبي.. ولكن لا بد
للظلم، بكل ألوانه وأقنعته وأدواته،
من أن يزول وينتهي تحت أقدام الجماهير
المنادية بأبسط وأغلى حقوقها: الحرية
والكرامة. =================== السيِّدة
المسالمة.. بأيِّ ذنبٍ أُقيلت?! 2011-04-12 العرب
اليوم جواد
البشيتي وإنَّ
لكم في إقالة رئيسة تحرير صحيفة "تشرين"
السورية الحكومية سميرة المسالمة من
منصبها لعبرة يا أُولي الألباب, الذين
هم مِمَّن يَزِنون التوجُّه الإصلاحي
المُعْلَن للرئيس السوري بشار الأسد
بميزان الأفعال لا بميزان الأقوال (على
ضآلة الإصلاح حتى في أقواله). ما "الجريمة"
التي ارتكبتها السيِّدة المسالمة (في
حقِّ نظام الحكم في سورية) حتى تُقال (سريعاً)
من منصبها? لقد
تحدَّثت عبر "الجزيرة" عن "الأحداث
الدامية" التي شهدتها مدينة درعا
السورية الجنوبية يوم الجمعة (8 نيسان
الجاري) في "لهجة إصلاحية",
وكأنَّها أرادت أنْ تُثْبِت
للمتشكِّكين, والمُشكِّكين, في جدِّية
التوجُّه الإصلاحي للرئيس بشار الأسد,
والذي عكسه خطابه الأخير, أنَّ الرئيس
جادٌّ وصادق فعلاً. ومن
سُنَن "المعارضة" في دول
الاستبداد العربية, والتي تتزيَّن
بشيء من الديمقراطية الشكلية, أنْ يهجو
المعارِض كل من هم دون "الرأس",
المنزَّه عن الانتقاد, والذي يمثِّل
"الخط الأحمر الأوَّل"; على أنْ
يبدأ الهجاء بعد تلاوة ما تيسَّر له من
سور وآيات الولاء للذي في يده كل شيء,
وإلاَّ فُهِم الهجاء الصريح ل¯ "الأسفل"
على أنَّه هجاء ضمني ل "الأعلى". وعلى
هذه السُّنَّة "الحميدة" سارت
السيِّدة المسالمة, فقالت, وكأنَّها
تنطق ب "الشهادتين", إنَّ للسيِّد
الرئيس تعليمات بعدم إطلاق النار على
المتظاهرين المُحْتجِّين; وإنَّها
إعلامية مؤمنة بمشروع إصلاحي يقوده
الرئيس بشار الأسد; لكنَّ هذا "الإيمان"
الذي أظهرت وأكَّدت لم يشفع لها; فلقد
ألمحت إلى احتمال خَرْق جهات أمنية
لتلك التعليمات (الرئاسية) إذ قالت: "إذا
تبيَّن أنَّ جهات أمنية قد خَرَقَت
التعليمات الرئاسية, وأطلقت النار على
المتظاهرين, فإنَّ علينا أنْ نحاسب هذه
الجهات, ونتعرَّف الأسباب التي جعلت
هذه الجهات تخالف تعليمات الرئيس". وحتى
تحمي نفسها أكثر, وتدرأ عن كلامها سوء
الفهم, قالت (متبنِّيةً جوهر "الرواية
الرسمية") إذا كان هناك "طرف ثالث (قوى
مندسَّة)", و"أنا (أي هي) أعتقد
بوجوده", فعلى الجهات الأمنية أنْ
تقدِّمه إلى الناس, فهذه أرواح شعب, ولا
يمكن التسامح مع من يزهقها.. إنَّ على
قوى الأمن أنْ تتحمَّل مسؤولياتها,
وأنْ تمسك بهذه العصابات المسلَّحة,
وأنْ تحاسبها. السيِّدة
المسالمة برَّأت ساحة الرئيس,
ونزَّهته عن أنْ يكون الآمِر بإطلاق
النار على المتظاهرين, وامتدحته
ومجَّدته إذ صوَّرته على أنَّه قائد
المشروع الإصلاحي; وقالت إنَّها تعتقد
بوجود "طرف ثالث (قوى مندسة, عصابات
مسلَّحة)" يطلق النار على
المتظاهرين وعلى رجال الأمن, في الوقت
نفسه, للوقيعة بين الطرفين; لكنَّها
أَثِمَت إذ أشارت إلى احتمال أنْ تكون
جهات أمنية قد خرقت تعليمات الرئيس,
وأطلقت النار, وإذ دعت إلى محاسبتها
إذا ما تأكِّد هذا الخرق, وتبيَّنت
أسبابه, وإذ دعت, أيضاً, إلى الإمساك ب
"الطرف الثالث", وكشفه للناس. تلك
"الجهات الأمنية" لم يَرُقْها هذا
"التلميح", وفهمته على أنَّه
محاولة (من السيِّدة المسالمة) للوقيعة
بينها (أي بين تلك الجهات) وبين الرئيس,
صاحب التعليمات بعدم إطلاق النار, فما
كان من أحد قادة الأمن إلاَّ أنْ أبلغ
إليها قرار الإقالة من منصبها, ف "الأمن"
هو الذي يعيِّن ويقيل في الإعلام
الحكومي; كيف لا والسلطة عَرَفَت
انتقالاً من "الحزب" إلى "الأمن",
مروراً ب "الجيش", فغدا الرئيس
رأساً تحرِّكه "الرَّقبة الأمنية"?! كان
على السيِّدة المسالمة أنْ تتعلَّم,
وأنْ تُحْسِن التعلُّم, من "المعلِّم",
أي من وزير الخارجية السوري وليد
المعلِّم, الذي أوضح لها, ولغيرها,
ملابسات ما حدث ويحدث من سفح للدماء في
درعا ومدن سورية أخرى, فالرئيس, وعلى ما
أوضح وشرح المعلِّم, أصدر تعليمات بعدم
إطلاق النار على المتظاهرين; والجهات
الأمنية ورجال الأمن التزموا التزاماً
حرفياً هذه التعليمات, ولم يخرقوها قط;
والمتظاهرون أنفسهم أثبتوا سلمية
تظاهرهم واحتجاجهم, وأنَّهم مواطنون
صالحون, ينشدون إصلاحاً لهم حقٌّ فيه,
وهو عينه المشروع الإصلاحي للسيِّد
الرئيس; لكنَّ "الطرف الثالث (أو
القوى المندسة, أو العصابات المسلَّحة,
أو المخرِّبين)" هو الذي يطلق النار
على الطرفين, أي على المتظاهرين ورجال
الأمن, للوقيعة بينهما; وهذا أمر ما عاد
ممكناً السكوت عنه; ولسوف تستل وزارة
الداخلية السيف من غمده لِتُعْمِله في
رقاب وصدور "المندسين المخرِّبين",
ولو كانت العاقبة إزهاق أرواح المئات
والآلاف من الطرفين (المتظاهرين ورجال
الأمن) الضحيتين! . إنَّ
بعض الضحايا من الشعب هم من المتظاهرين
الذين أَطلق النار عليهم هذا "الطرف
الثالث"; وبعضهم من "الطرف الثالث"
الذي ستُطلق عليه النار وزارة
الداخلية. في
سورية, كما في سائر دول الاستبداد
العربية, الرئيس (أو رأس الدولة والحكم)
طيِّب; لكنَّ بطانته هي السيئة
الشرِّيرة, فَلْنْدعُ له أنْ يكفيه
الله شرَّ هذه البطانة; والشعب هو
أيضاً طيِّب كرئيسه; لكنَّ "القوى
المندسة" هي التي تُعكِّر صفو
العلاقة بين "الشعب" و"الرئيس";
فلو تخلَّصنا من تلك "البطانة",
ومن هذه "القوى المندسة", لأصبح
ممكناً أنْ نعرِّف "المدينة الفاضلة"
على أنَّها "الدولة العربية"! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |