ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
واشنطن في موقفها
المخادع من الثورات العربية ! جواد البشيتي العرب اليوم 2011-04-22 "الجيش", لجهة موقفه ووحدته, هو ما
أحدث فَرْقاً مهمَّاً بين الثورتين (الشعبيتين
الديمقراطيتين) في تونس ومصر, وبين
ثورات عربية أخرى, كالثورتين في اليمن
وليبيا (وقد نضيف إليهما الثورة في
سورية مستقبلاً). إنَّ "سلمية" الثورة, وإصرار الشعب
على "سلميتها" مهما حدث, هما, على
ما اثبتت التجربة, "نقطة قوِّتها";
وكلَّما أظهرت الثورة مزيداً من
الاستمساك ب¯ "سلميتها" اشتدت
الحاجة لدى نظام الحكم العربي (ولدى
رأس هرمه على وجه الخصوص) إلى أساليب
وطرائق ووسائل صراع يكمن فيها هدف "إكراه
وإرغام الثورة على أنْ تدافع عن نفسها
بما يشبه تلك الأساليب والطرائق
والوسائل", فإنَّ "تبادل إراقة
الدماء" هو, على ما يتوقَّع نظام
الحكم العربي المهدَّد بالسقوط, "نقطة
قوَّة له". وربَّما قضت مصلحته في أنْ يُسهِّل
للثوار الاستيلاء على بعض الأسلحة
والذخائر من مخازنه, وفي أنْ يَدَع
جزءاً من جيشه ينشق, وينضم إلى الثورة,
ف¯ "تبادل إطلاق النار" هو, على ما
يتوقَّع ويَفْتَرِض ويتصوَّر,
المَخْرَج له من أزمته, والمَدْخَل إلى
القضاء على الثورة. في تونس, ثمَّ في مصر, عَرَف الجيش (الذي لم
تكن لنظام الحكم مصلحة في (أو قدرة على)
الزجِّ به في حروبه ضدَّ "العدوِّ
الداخلي") كيف يقف من الثورة موقفاً
يحفظ له وحدته وتماسكه, ويحفظ للثورة
طابعها السلمي, فظلَّ "الأبيض",
الذي لا يخالطه إلاَّ نزراً يسيراً من
"الأحمر", لوناً للثورة. أمَّا في ليبيا, التي حَكَم القذافي شعبها
بجيش خاص به, منفصل ليس عن المجتمع فحسب,
وإنَّما عن "الدولة", ويواليه
ولاءً شخصياً مطلقاً, فَعَرَف نظام
الحكم (الذي كان مهدَّداً بالسقوط) كيف
يضطَّر ثورة السابع عشر من فبراير إلى
أنْ تدافع عن نفسها بما يسمح بجعلها
تبدو صراعاً, أو حرباً, بين جيشين, أو
بين "جيش الدولة" و"متمرِّدين (على
الدولة) بالحديد والنار"; وبما
يُسهِّل عليه, من ثمَّ, اتِّخاذ
الجرائم التي يرتكبها, عن عمد, في حقِّ
المدنيين العزَّل, وسيلةً للقضاء على
الثورة. وجاء التدخُّل العسكري الدولي (الغربي
والأطلسي) في طريقة يمكن أنْ تُقْنِع
ذوي الحسِّ الإنساني في العالم بأنَّ
المتدخِّلين (بوسائل وأسلحة الحرب عن
بُعْد) قد انتصروا (قَدَر الإمكان)
للضحية, أي لحقِّ المدنيين العزَّل في
الحماية الدولية من جرائم القذافي;
لكنَّ هذا التدخُّل أصبح يُرينا, في
نتائجه الميدانية, ما يَحْمِل المرء
على إساءة الظنِّ بالمتدخِّلين, وعلى
اتِّهامهم بالتقصير, عن عمد, في حماية
المدنيين, وبإدارة الصراع, عسكرياً
وسياسياً, بما يخدم مصالح إمبريالية
لقوى التدخُّل الكبرى. وإنَّ النتائج العسكرية الميدانية,
والسياسية, والاقتصادية, المترتِّبة
حتى الآن على هذا التدخُّل تَحْمِلنا
على أنْ نرى فيها, أو في جزء كبير منها,
أهدافاً إمبريالية كانت كامنة فشرعت
تَظْهَر. وهذا إنَّما يؤكِّد أنَّ شيئاً من "العداء"
لثورة السابع عشر من فبراير كان يكمن
في دافع قوى إمبريالية غربية عدة
للتدخُّل عسكرياً في الصراع بين الشعب
الليبي ونظام حكم معمر القذافي, الذي
عادى شعبه وثورة شعبه عليه في طريقة
أفضت إلى هذا التدخُّل (العسكري)
الدولي (القالب, الغربي الإمبريالي
القلب). إنَّها أنظمة حكم تدافع عن وجودها ولو بما
يؤدِّي إلى دمار الأوطان, وهلاك الشعوب. وفي اليمن, اتضَّحت الصورة أكثر, فإدارة
الرئيس أوباما أعلنت على الملأ أنَّ
علي عبد الله صالح (قذافي صنعاء) ما زال
حليفاً للولايات المتحدة في حربها على
"الإرهاب" الذي يمارسه تنظيم "القاعدة",
وأنَّها ستستمر في مدِّه بالمعونات
العسكرية ضدَّ تنظيم "القاعدة"
على ما تَزْعُم, وأنَّها تريد حلاًّ
للأزمة عبر الحوار والتفاوض بين صالح
وثورة الشعب اليمني عليه; وكأنَّها
تريد أنْ تقول إنَّ "الحرب على
الإرهاب" لا "الديمقراطية" هي
ما يستأثر باهتمامها الإستراتيجي
يمنياً! ويكفي أنْ تَظْهَر إدارة الرئيس أوباما
على أنَّها مع "أولوية الحرب على
الإرهاب" حتى يتوصَّل الدكتاتور
صالح إلى استنتاج مؤدَّاه أنَّ
الولايات المتحدة لن تقف ضدَّه إذا ما
استطاع أنْ يقضي على الثورة اليمنية (الشعبية
الديمقراطية) من غير أنْ يتسبَّب
بتعزيز وجود "القاعدة" في اليمن. إنَّها لو كانت صادقة في زعمها الحرص على
الديمقراطية وحقوق الإنسان في اليمن
لتكلَّمت وتصرَّفت بما يجعل انتصار
الثورة اليمنية الطريق إلى التصدِّي
الناجع لإرهاب تنظيم "القاعدة" في
اليمن. ومصلحة إدارة الرئيس أوباما في فِعْل ما
من شأنه إضعاف نفوذ "القاعدة" في
اليمن أعمتها عن رؤية مدنيين عزَّل
يحتاجون إلى الحماية الدولية من
الجرائم التي يرتكبها في حقِّهم
حليفها (في الحرب على الإرهاب) علي عبد
الله صالح. حتى في سورية, لن نرى الولايات المتحدة
إلاَّ في مواقف يكمن فيها عداء
إمبريالي لربيع الثورات الشعبية (الديمقراطية)
العربية, فأنظمة الحكم العربية, وعلى
سوئها, تظل صديقة للمصالح
الإستراتيجية والإمبريالية للولايات
المتحدة أكثر,, وأكثر بكثير, من ثورات
الشعوب العربية, التي يكفي أنْ تكون من
أجل الديمقراطية حتى تغدو, ولو
موضوعياً, ضدَّ تلك المصالح. ولسوف نرى الولايات المتحدة تُكشِّر عن
أنيابها الإمبريالية عندما يفشل سعيها
إلى "احتواء" الثورات العربية,
وحلِّ الأزمة في العلاقة بين هذه
الثورات وأنظمة الحكم العربية بما
يخدم مصالحها وأهدافها الإمبريالية. إنَّ علاقة الولايات المتحدة بالثورات
العربية هي علاقة ظاهرها الصداقة,
وباطنها العداء; وهذا العداء الكامن
سيشرع يظهر, ويزداد ظهوراً, مع انتقال
عمل "سكِّين" هذه الثورات من فروع
وأغصان أنظمة الحكم إلى جذورها; فإنَّ
في قطع هذه الجذور قَطْعاً لشريان
النفوذ الإمبريالي للولايات المتحدة
في البلاد العربية. ====================== سورية: هل هي مختلفة عن
بقية الأقطار؟ بقلم: د. عبد الرحيم البكري الامان 22-4-2011 حين هبّت رياح التغيير على المنطقة انبرى
عدد من الحكام العرب إلى القول: (نحن
غير) ظانّين أن هذا كافٍ لتحويل مجرى
التيار، ثم تبيَّن لهم بعد فوات الأوان
أنهم بشر ممّن خلق الله، وأن نظمهم
يشبه بعضها بعضاً كشبه الماء بالماء:
عزلة عن الواقع، واستخدام للقوة، وفقد
للشرعية، وفساد عريض، وتخلّف عام، أو
في معظم المجالات... في سورية الأسد، تبدو المشكلة ذات رؤوس
كثيرة، ولا بد للمتابع لما يقوله
الرئيس بشار ويفعله من أن يُصاب
بالحيرة: هل هو مغيَّب عمّا يجري حوله؟
أو أن العين بصيرة واليد القصيرة، أم
أنه صار يؤمن بما يؤمن به الحرس القديم
في نظامه من إمكانية استمرار خداع
الشعب إلى ما لا نهاية؟ المشكلة في نظام الأسد أنه لا يعلم أن
عقارب الساعة تدور، وأن تغير البيئة
والمعطيات العالمية لا يمضي لصالحه،
إذا لم يغيِّر نفسه. لقد استطاع النظام خلال ولاية الأسد (الأب)
أن يقتل من الشعب السوري عشرات الألوف
في بداية الثمانينات من القرن المنصرم
دون أن تهتز شعرة واحدة في الغرب أو
الشرق، لكن هذا بات اليوم غير ممكن، قد
يستطيع النظام أن يقتل العشرات يومياً
ولكن إلى متى؟ وقتل المئات صعب للغاية،
أما قتل الألوف فقد بات مستحيلاً. الأسد وعد الناس بإصلاحات كثيرة، ومضى
على بعضها (كمكافحة الفساد) أكثر من
ثماني سنوات، لكن الفساد يزيد،
والفوارق الطبقية تزداد عمقاً، وهو
يقول دائماً: إن الإصلاح يحتاج إلى
وقت، وهذا صحيح حين يتعلق بتغيير أخلاق
الناس وسلوكياتهم وخلفياتهم
الثقافية، لكن هناك من الإصلاح ما لا
يحتاج إلى أي وقت، كما هو الشأن في
ضرورة كفّ الإعلام الرسمي عن الكذب
والافتراء!! ألا يستطيع النظام أن
يتوقف ولو مرة واحدة ليقول: بما أن
بثينة شعبان وغيرها قالت: إن مطالب
المواطنين مشروعة، وإن التظاهر حق لكل
مواطن، فإن علينا أن نكفَّ عن قتل
المتظاهرين واعتقالهم وترويعهم؟ هل الكف عن القتل يحتاج إلى وقت وإلى لجان
ودراسات أكاديمية؟ الجواب بالطبع لا. إن أساس المشكلة في سورية أن الشعب لا يثق
بأي شيء تقوله حكومته، وقناعاته
العميقة وخبراته المتراكمة تجعله يقول
دائماً: من جرَّب المجرَّب، فعقله
مخرَّب!! السؤال الجوهري الذي يطرحه كثير من
المراقبين هو: هل يستطيع نظام أدمن
الاستئساد على الشعب قرابة نصف قرن أن
يتخلص من أنيابه وأظافره كي يوصل
الحقوق إلى أصحابها، ويتعامل مع الناس
كما تتعامل الحكومات المتحضرة مع
شعوبها؟ الجواب في نظري هو: لا، إن القائمين على
النظم الاستبدادية يشبهون الجراحين,
فالجرّاح قد يجري الكثير من العمليات
الجراحية الكبرى للآخرين، لكنه يجد
نفسه دائماً عاجزاً عن إجراء أي عملية
جراحية في جسمه. ثم إن هدم جسور الثقة بين النظام
والمواطنين يجعل أي إصلاحات يقوم بها
موضع شك و يجعلها قابلة للتأويلات
السيئة، ولهذا فإن إزالة الاحتقان
والمضي إلى برّ الأمان في بلد كسورية،
قد يكون بعيد المنال، إن لم نقل إنه
مستحيل. إذا كان النظام يخشى عواقب المماطلة في
الإصلاح، فإن عليه أولاً أن يثبت حسن
نيته، وحرصه على التغيير، وذلك من خلال
دعوة رموز المعارضة والثورة إلى
التفاوض على طاولة مستديرة حول كل ما
هو موضع شكوى من الناس, بغية الوصول إلى
صيغ عادلة ترضي الجميع، فهل يُقدم
النظام على هذا؟ إيماناً مني بأن الذين يتعظون بأحداث
التاريخ دائماً نادرون، فإني أقول: إن
النظام لن يُقدم على هذا إلاّ حين يخسر
كل أوراقه، ويجد نفسه محصوراً في زاوية
ضيقة، وحينئذ فإن الثوار لن يقبلوا
بالتفاوض معه. الثورة السورية تحتاج حتى تنجح إلى ثلاثة
أمور أساسية: 1- الحفاظ على المنهج السلمي وحمايتها من
الانزلاق إلى العنف مهما كانت الحال. 2- أن تظل بمنأى عن الطائفية والمذهبية
والمناطقية, فهي ثورة يقوم بها كل
الناس لمصلحة جميع الناس. 3- الاستمرار والثبات مهما كانت التضحيات,
فالزمن لا يعمل لصالح نظام دخل في نفق
سداد فواتير ظلم عقود سوداء وقاسية. ====================== العالم العربي... خارج
زمن العولمة ! أحمد أولاد الفقير - باحث مغربي تاريخ النشر: السبت 23 أبريل 2011 الاتحاد يبدو أن بعض الساسة في وطننا العربي ينسون
أنهم وجدوا لخدمة الشعب. وهذا هو
الشعار الذي يرفعه كل مترشح
للانتخابات (سواء كانت تشريعية أو
رئاسية). لكن، بعد الفوز في الانتخابات
وإضافة طابع الشرعية على الفوز، فذلك
حديث آخر. وعند أول انتفاضة شعبية يتم استعمال قوى
الأمن والجيش ضد المتظاهرين العزل. وفي
هذا الإطار، أتوجه بالسؤال التالي:
لماذا يتدخل الجيش مادام يوجد لحماية
البلد والمواطنين ليس فقط من التدخلات
الأجنبية لكن أيضاً من ما يهدد استقرار
البلد؟ لذا، يجب الانصياع لما يريده الشعب لأن
سلامته هي سلامة البلد. وأما القائد
المنبوذ، فإنه لم يكن ينظر إلى الأشياء
بحجمها الحقيقي أو يجمع حوله أشخاصاً
يحجبون عنه الشمس ويخفون عنه الوقائع
إلى درجة لم يعد بإمكان الشعب تحملها. وبالإمعان جيداً في حال الدول العربية
التي تعيش أحداثاً ساخنة منذ الشهور
الأولى للسنة الجارية، يمكن أن نتطرق
إلى بعض الحالات العربية. الحالة التونسية على غرار الرئيس المخلوع
زين العابدين بن علي الذي صرح في خطاب
له بأنه فهم الشعب التونسي، وذهب دون
رجعة. لهذا، فإني أعتبر فرار الرئيس
التونسي قرارا شجاعا لأنه فهم -ولو
متأخرا- أن الشعب لا يرغب في بقائه على
رأس الدولة وذهب دون إراقة دماء، لكن
ذنبه الوحيد أنه ختمها بسرقة أموال
الشعب. الحالة المصرية، حيث أصر مبارك وقاوم
رئيسه إلى أن رأى بأنه لا جدوى من
المقاومة أمام إصرار الشعب، لكن حالة
الرئيس المصري تعتبر جد محرجة، لأنه
تمسك بالحكم في حين أن الشعب طالبه
بالتخلي. في الحالة الليبية، زعم القذافي أن الحكم
في يد اللجان الشعبية، لكنه في الأخير
عمل بمبدأ “علي وعلى أعدائي” فأعطى
أوامره للجيش بالتدخل لردع المتظاهرين
بالمدرعات والطائرات الحربية، كما نجح
في خلق انقسام في المجتمع الدولي بين
مؤيد ومعارض للتدخل الأجنبي في ليبيا
خوفاً من تكرار المأساة العراقية. باقي الدول العربية تختلف بين اليمن الذي
أعلن رئيسه عن حالة سياسية غريبة في
اتخاذ قراراته (فهو يصرح بالشيء وفي
اليوم الموالي يصرح بنقيضه) وسوريا (الذي
خاطب رئيسها الشعب السوري دون أن يقول
أي شيء عن الإصلاحات التي طالب بها
الشارع السوري)، والجزائر التي قمعت
مسيرة دعت إليها التنسيقية الوطنية
للتغيير والديمقراطية لكنها أجهضت في
بدايتها. مسكين هذا العالم العربي الذي كثيراً ما
تغنى شعراؤه بالحرية وتداعى قادته
بالديمقراطية، لكن سرعان ما اهتز
عندما هبت أول رياح التغيير. فكل هذه
التجاوزات التي يعيشها العرب اليوم
تكرس مفهوم الخاصية العربية البعيدة
كل البعد عن المفاهيم الحقوقية
المتعارف عليها دولياً. والحمد لله أن
العالم أصبح قرية صغيرة وأن أي تحرك أو
نشاط كيفما كان نوعه يكون له أثر في كل
بقاع العالم ليكشف عن حقائق وجرائم
يرتكبها هؤلاء الحكام ضد شعوبهم
المطالبة بالتغيير أو الإصلاحات. فبعض
الحكام العرب طالما طلبوا ود شعوبهم
للصعود إلى الحكم واكتساب الشرعية،
لكن بعد ذلك انقلبوا إلى دكتاتوريين
ومقاومي التغيير. فتناسوا الحكامة
الجيدة وتعاطوا للمحسوبية وطغوا
وأسمعوا صوتهم الواحد والوحيد، بدل
الإصغاء لما يقوله الآخرون لأن الرأي
الآخر غالباً ما يضيف أشياء بإمكان
الحاكم إغفالها وجهلها أو تجاهلها. إنه لا مفر من الإنصات إلى الشعب عبر
مؤسساته الحقيقية والمنتخبة
ديمقراطياً. وكذلك يجب الإنصات إلى
المعارضة الحقيقية، التي تهتم بمشاكل
الشعب ومطالبته بالحرية والعيش الكريم
والاقتسام الحقيقي للثروات وليس
المعارضة التي تجري فقط وراء المناصب
لأن غياب مؤسسات تمثل المواطن يترك
الفراغ الذي يؤدي في الغالب إلى
الفوضى، كما وقع في هذه الدول، التي
نعيش أحداثها متأسفين على ما يقع في
العالم العربي الذي دخل الثورة
الصناعية والثورة الرقمية، لكنه لم
يدخل بعد الثورة الديمقراطية. لكن الغريب في الأمر أن بعض القادة العرب
لم يريدوا الاعتراف بتخلف بلدانهم على
المستوى الحقوقي والاقتصادي وبحثوا عن
أكباش فداء لتبرير هذه التحركات
الشعبية. وهكذا، تم إلقاء اللائمة على: بعض
التدخلات الأجنبية التي تسعى لإشعال
فتن طائفية أو إلى بعض الوزراء
فغيروهم، ثم بعد ذلك أقالوا الحكومات
بأكملها من أجل امتصاص الغضب الشعبي
وفي بعض الحالات نسبوا هذه الحراكات
الشعبية إلى منظمة "القاعدة". أين
كان التدخل الأجنبي في الماضي؟ لماذا
الآن بالضبط؟ ما يروج في الدول العربية اليوم يسميه
الساسة بالربيع العربي. لكنني أفضل أن
أسمي هذا الحراك بالصحوة الشعبية
العربية ولو متأخرة شيئا ما. لهذا، فإن لجنة جائزة نوبل عليها أن لا
تعطي لأحد جائزة نوبل للسلام لسنة 2011
لأن من يستحقها هو الشعب العربي برمته
الذي انتفض أخيراً وأزال ورقة التوت عن
بعض الأنظمة العربية التي تدعي
الشعبية والديمقراطية وكل الشعارات
الرنانة التي أبان الواقع أنها تخفي
جبروت هذه الأنظمة. ====================== عبد الباري عطوان 2011-04-22 القدس العربي أظهرت
الاحتجاجات الصاخبة التي حملت اسم 'الجمعة
العظيمة' وشملت مختلف انحاء سورية يوم
امس، ان الثقة بين النظام والشعب، أو
غالبيته العظمى، شبه معدومة أو معدومة
كليا، لعدة أسباب أبرزها ان هذه
الاحتجاجات جاءت بعد يوم واحد من الغاء
قانون الطوارئ ومحكمة الأمن العليا،
وان أكثر من حوالي خمسين شهيدا سقطوا
خلالها، وهو الرقم الاعلى منذ انطلاقة
الانتفاضة الشعبية السورية قبل شهرين
تقريبا. صحيح ان مدينتي درعا وحمص شهدتا الزخم
الأكبر في هذه الاحتجاجات، من حيث عدد
المشاركين الذين يقدرهم بعض المراقبين
بعشرات الآلاف، ولكن ما هو أهم من ذلك
انها، أي المظاهرات، وصلت الى مدن
سورية ظلت هادئة طوال الاسابيع
الماضية، ولم يشارك ابناؤها مطلقا
فيها، مثل مدينتي حماه وحلب. من الواضح ان الشعب لم يصدق مقولة الغاء
قوانين الطوارئ، ولم يصدق ان نهج
الاجهزة الامنية سيتغير من حيث
التعاطي بدموية مع المظاهرات
والمشاركين فيها، ومعه كل الحق في ذلك،
وسقوط أكثر من خمسين شهيدا يؤكد انه لم
يتغير أي شيء على أرض الواقع. الشعب مستمر في التمسك بمطالبه، والأمن
مصّر على التصدي بخشونة لاحتجاجاته،
الامر الذي يعني ان الازمة في سورية
ستطول، وربما تدخل مراحل اكثر دموية في
الايام او الاسابيع المقبلة، حتى يرفع
أحد الطرفين، الشعب أو الحكومة،
الراية البيضاء مستسلما ومعترفا
بالهزيمة. اللافت ان نغمة المطالبة باسقاط النظام
كانت الاعلى نبرة في مظاهرات الامس،
وهو ما لم يكن عليه الحال في سابقتها،
حيث كانت الشعارات في معظمها، تطالب
بالاصلاح السياسي، واطلاق الحريات،
وتعديل الدستور واصدار قوانين جديدة
للاعلام والتعددية الحزبية، مما يعني
ان سقف المطالب يرتفع بصورة غير
مسبوقة، وان الهوة تتسع، بين الحاكم
والمحكومين، لدرجة انه بات من الصعب
تجسيرها في المستقبل المنظور. النظام السوري تلكأ في تطبيق الاصلاحات
السياسية على مدى أربعين عاما من حكمه،
واعتمد على اجهزة امنية دموية لفرض
هيبته، وترويع مواطنيه، ولكن من
الواضح ان هيبة هذا النظام بدأت تتآكل
في مقابل سقوط ثقافة الخوف في أوساط
معارضيه، وهي معادلة ستغير وجه سورية
القديم وتبرز وجها آخر مختلفا كليا من
حيث ملامحه واستراتيجيته وعلاقاته
الاقليمية والدولية. ' ' ' النظام الذي يفرض هيبته من خلال أجهزة
الأمن، والسياسات القمعية، قد يعمر
أطول من غيره، ولكن نهايته تكون أكثر
مأساوية، وهناك العديد من الامثلة في
هذا المضمار، بعضها دولي مثل نظام
تشاوشيسكو في رومانيا، وفرانكو في
اسبانيا، وبعضها الآخر عربي مثل
النظامين التونسي والمصري. هناك مخاوف متزايدة من امكانية انفجار
حرب طائفية في سورية اذا ما تواصلت
الاحتجاجات، وتدخلت اطراف خارجية،
عربية ودولية، في محاولة لتوظيفها
لتمزيق النسيج الاجتماعي، والوحدة
الوطنية السورية، وهذا أمر ممكن،
ولدينا مثال واضح فيما يجري حاليا
للثورة الليبية. ونحن نتحدث هنا عن ارسال الولايات
المتحدة الامريكية لطائرات بدون طيار
لمواجهة قوات الزعيم الليبي معمر
القذافي، واصطياد انصارها وقواتها
داخل المدن، وكذلك ايفاد كل من
بريطانيا وفرنسا وايطاليا مستشارين
ومدربين عسكريين كخطوة اولى، او
مقدمة، لارسال قوات أرضية. الانتفاضة أو الثورة السورية، سمها كيفما
شئت، تميزت بكونها سلمية كليا، وقاوم
المشاركون فيها، مثل نظرائهم المصريين
واليمنيين والتونسيين كل الضغوط، من
قبل النظام أو رعاة المؤامرات
الخارجية لعسكرتها، ودفع قطاعات منها
للجوء الى السلاح للدفاع عنها في
مواجهة تغول النظام وأجهزته الامنية. وكان لافتا ان هناك حرصا في أوساط
المتظاهرين على تكريس الوحدة الوطنية،
وتجنب خطر الوقوع في المصيدة
الطائفية، وهذا ينعكس بصورة واضحة من
خلال مشاركة كل انواع الطيف السياسي
والمذهبي والديني والقومي فيها دون أي
استثناء. من الصعب علينا انكار وجود قاعدة صلبة
مؤيدة للنظام داخل المجتمع السوري،
فبعد اربعين عاما من الحكم المطلق،
تكونت طبقة مستفيدة، يرتبط مستقبلها
بل ووجودها واستمرارها باستمرار
النظام وقوته وصلابة هيمنته على
مقدرات البلاد، فبعد انهيار نظام
الرئيس المصري حسني مبارك بفعل ثورة
شباب التحرير شاهدنا النظام الانتقالي
الجديد يعتقل معظم رموز الحقبة
السابقة بمن في ذلك الرئيس مبارك نفسه
واولاده وحل الحزب الحاكم ومصادرة
جميع أصوله وأمواله وممتلكاته. ولذلك
ستستميت قاعدة النظام السوري في
الدفاع عنه، والحفاظ على استمراريته
بكل الطرق والوسائل، الامر الذي قد
يؤدي الى اطالة أمد الازمة، وانزلاقها
الى مواجهات دموية في نهاية المطاف اذا
لم يتغلب العقل، ومصلحة سورية لدى جميع
اللاعبين الرئيسيين في الحكم أو
المعارضة. ' ' ' الخطيئة الكبرى التي ارتكبها النظام
السوري في رأينا تتمثل في اهانة اجهزته
الأمنية لغالبية افراد الشعب، ونخبه
الثقافية والسياسية، والاستهانة
بقدرات هؤلاء وردود فعلهم، والرهان
على الحلول الامنية لكل القضايا
والمواقف، صغيرة كانت أم كبيرة، وهو
الآن يدفع ثمن هذه الخطيئة من أمنه
واستقراره. لا نملك بلورة سحرية، ولا نقرأ الطالع حتى
نستطيع تقديم نبوءة تحدد ملامح
المستقبل في سورية، وكل ما نستطيع ان
نقوله بأن ما شاهدناه أمس، وما شاهدناه
طوال الاسابيع الستة الماضية، من رفض
النظام للاصلاحات الجذرية لا يبعث على
التفاؤل. كانت هناك فرص عديدة امام النظام لكي
يطمئن الشعب، ويؤكد على جدية نواياه
نحو الاصلاح، كان آخرها قبل عشرة أيام
عندما كان بصدد تشكيل الحكومة السورية
الجديدة، ولكنه اضاعها، مثلما اضاع
الكثير من الفرص السابقة. يتهمنا البعض، في اوساط النظام خاصة، بل
ويعيب علينا، تقديم النصائح حول ضرورة
الاصلاح وكيفيته، فماذا يمكننا ان
نفعل غير ذلك، ونحن نرى الشارع السوري
يغلي مطالبا بالتغيير، ويقدم الشهداء
بالعشرات، بل المئات، للوصول الى
اهدافه المشروعة. شخصيا كنت أتمنى لو ان شخصا مثل الدكتور
عارف دليلة، أو أي شخصية مستقلة أخرى
من المعارضة، أوكل اليها تشكيل حكومة
وحدة وطنية من وجوه تضم مختلف اطياف
الفسيفساء السورية، ومشهود لها
بالنظافة والخبرة والقدرة على
التغيير، ولكن ما نتمناه شيء، وما حدث
ويحدث على أرض الواقع شيء مختلف تماما،
نقولها وفي حلوقنا غصة، ولذلك نضع
أيدينا على قلوبنا خوفا مما هو قادم. ====================== عودة الأداء الى البوصلة
المعهودة: 'الجزيرة' والمشهد
الانتفاضي السوري هوشنك أوسي 2011-04-22 القدس العربي لم يعد هنالك مجال للشك او الجدل حيال دور
الإعلام، خاصة منه المرئي، في عملية
تنويم الشعوب وإثارة وتغذية الخرافات
والأوهام الكبرى لديها، حول 'المؤامرات
الخارجية' التي تستهدف الأمة، وأن
القائد الفلاني، هو حكيم الأمة،
ومخلصها، ومُصلِحُها، وبانيها
وهاديها، وآخذُها نحو السؤدد والأمجاد!
إلى آخر ما كانت تمارسه النظم
التوتاليتارية الشرق أوسطية من فنون. وما من شك أيضاً، وبعد ثورة الشعب
التونسي، إن الإعلام المرئي، وتحديداً
قناة 'الجزيرة' القطرية، والإعلام
الافتراضي، الالكتروني (مواقع التواصل
الاجتماعي)، كانت رأس الحربة في
استنهاض الشعوب وتثويرها والدفع بها
نحو تحطيم الأغلال - الأوهام، والسير
بها نحو التحرر من الاستبداد
والاستعباد الذي كانت تعانيه. وكررت 'الجزيرة'، هذه الفعلة النبيلة،
وبجدارة، في الثورة المصرية، وتبعتها
أيضاً، بتغطية الانتفاضة الليبية
واليمنية. والحال هذه، ليس من المبالغة
القول: إن 'الجزيرة'، صارت تستحق لقب:
مركز إدارة ثورات الشعوب على انظمتها
الاستبدادية في شمال افريقيا والشرق
الأوسط. لكن، من جهة أخرى، ثمة ما كان يعتري أداء 'الجزيرة'،
في ما يخص تغطيتها لأحداث الانتفاضة
الشعبية التي تعيشها سورية منذ ما يزيد
عن الأسبوعين. ذلك أن 'الجزيرة'، كانت
تتجاهل مجريات هذه الانتفاضة، وتتجنب
تغطيها، بالشكل الذي يوازي تغطيتها
للانتفاضات في تونس ومصر وليبيا
واليمن! وأي متابع عادي، لأدائها،
سيخلص لهذه النتيجة. ومنذ عدة أيام،
أعلنت 'الجزيرة' انحيازها للحقائق التي
يحاول النظام السوري وإعلامه التعمية
عنها والتغطية عليها. وباتت تظهرها،
وتركز عليها، ما خلق رعباً ورهاباً
حقيقياً للنظام السوري، فجعله، يسلك
ما سلكه النظام المصري السابق،
والليبي الحالي، في تعاطيهما مع 'الجزيرة'
من تهجم واستهجان وطعن في المهنية
والحيادية. وإذا بقيت 'الجزيرة' محافظة
على توجهها الحالي وتطوير تغطيتها
للحدث السوري، بعيدا من 'تهديدات'
النظام السوري، ليس غريباً أن يقترف
الأخير، ما اقترفه القذافي مع طاقم 'الجزيرة'
العامل في ليبيا. واولى إشارات هذا
الأمر، كان يوم 16 من الشهر الجاري،
أثناء تنظيم الامن السوري مظاهرة
مفتعلة أمام مكتب 'الجزيرة' بدمشق. وغني
عن التعريف، كيفية خروج المظاهرات 'العفوية'
الموالية لنظام حزب البعث الحاكم في
سورية على مدى عقود. بعض الأخبار أفادت بأن النظام السوري،
طالب دولة قطر بشكل رسمي بالاعتذار من
سورية، حيال تصريحات الشيخ يوسف
القرضاوي التي ساند فيها انتفاضة
الشعب السوري، وانتقد النظام الحاكم.
وذكرت أخبار أخرى أن دمشق طالبت الدوحة
بالضغط على 'الجزيرة'، حتى تكون
تغطيتها مطابقة أو غير مناقضة، لتغطية
التلفزيون السوري. إلا أن قطر رفضت ذلك.
حتى أن دبلوماسيين قطريين في أوروبا،
أشاروا الى الأزمة الناشبة بين النظام
السوري ودولة قطر بخصوص أداء 'الجزيرة'
وتصريحات القرضاوي، وما اتخذه بعض
المراقبين سبباً لتغير أداء 'الجزيرة'.
وسرت شائعات أن السلطات السورية طالبت
فيصل القاسم، الاعلامي السوري
بالاستقالة من 'الجزيرة'، والتوقف عن
تقديم 'الاتجاه المعاكس'، احتجاجاً على
أداء القناة. في حين يرى آخرون أن 'الجزيرة'
باتت مُحرَجة جداً، أمام الانتقادات
التي توجه الى ادائها في تغطية
الانتفاضة السورية، وانحيازها غير
المباشر للنظام السوري. ومع تطور
تفاعلات المشهد الانتفاضي السوري،
وحجم التسريبات للصور والأخبار، التي
يقوم بها الناشطون على شبكة الانترنت،
باتت 'الجزيرة' أمام خيار صعب، لا مناص
من اتخاذه، وهو العودة الى بوصلة
أدائها، أثناء مواكبتها للثورات في
تونس ومصر وليبيا واليمن... أثناء
تغطيتها للحدث الانتفاضي السوري. وأقل
ما يمكن قوله في هذا الاداء بأنه، بات
يرهب ويرعب أي نظام استبدادي شرق
اوسطي، من طينة النظام السوري. فقد
بدأت تتشكل قناعة لدى الشعوب
والانظمة، مفادها: إذا اتجهت 'الجزيرة'
نحو أي نظام، فأنها قادرة على أسقاطه! أياً يكن من أمر، تراجع 'الجزيرة' إلى
الوراء، سيكون انتكاسة فظيعة وعميقة
في سمعة وأداء هذا القناة. ولن يُفسر
إلا بأنه رضوخ للضغوط السورية،
ولإملاءات الاجندات السياسية. وهذا ما
لا يريده الكثيرون لقناة عربية رائدة،
أثبتت حضورها، وبقوة، في عملية
التغيير التي يشهدها العالم العربي. ====================== دماء ودخان.. جوهر
الإصلاح السوري 2011-04-22 القدس العربي تدخل حركة الاحتجاجات السورية أسبوعها
الرابع، وهي تنتقل من طور إلى طور آخر،
أكبر وأشمل، محافظة على طابعها السلمي
من جهة، وعلى التمسك بشعاراتها
الوطنية، عبر التركيز على الهدف
الرئيسي، المتمثل بالمطالبة بالحرية
والكرامة من جهة أخرى. لكن اللافت هنا، أن النظام السوري يقابل
هذه الانتفاضة بمعهود الرد الرسمي،
الذي ما انفك يستخدمه عبر كل الأزمات
السياسية والاجتماعية، التي يواجهها
منذ عقود، غير آبه بكل ما يترسب أو
يعتمل في المجتمع السوري من تراكمات،
قد لا تنفع معها الحلول الماضية، وهي
كذلك بالفعل، فما كان يصلح في السابق،
فقد نجاعته الآن، بفعل عوامل عديدة
تتصل بالناس أنفسهم، وبالعصر
ومتغيراته. تواجه الانتفاضة اليوم أشكالاً جديدة من
القمع الممنهج والتضليل الإعلامي،
وبجهود متسارعة من أجل احتوائها درءاً
أو تأخيراً لنهاية أكيدة لنهج فقد
صلاحيته وأصبح بالتالي خارج التاريخ،
لأنه ببساطة، سليل بنى متقادمة عاجزة
عن تقديم حلول جوهرية وصحيحة. أول هذه الأشكال، قدمها الرئيس السوري
عبر ما سمي بالكلمة التوجيهية للحكومة
الجديدة، على هيئة خطاب ثان له منذ
اندلاع الاحتجاجات، حيث لوحظت القراءة
الخاطئة نفسها لثورة الشباب السوري،
والإصرار في سوق الحزمة المألوفة
ذاتها من الردود، التي تضمنت سوء الفهم
والتضليل وإشهار سيف الوعيد عبر
اعتماد القمع. لقد تجسد سوء الفهم بالإشارة إلى أن (المواطن
بحاجة إلى خدمات، إلى أمن)، وكأن
الشعارات التي أطلقها المحتجون من أجل
حريتهم وكرامتهم، لم تصل الأسماع بعد،
لدرجة أن البعض في إحدى ساحات التظاهر
أطلق نداءاته من أجل الحرية باللغة
الانكليزية تندراً! واشتمل التضليل على التعهد (برفع حالة
الطوارئ)، وإعداد (قانون لمكافحة
الإرهاب) يحل محل قانون الطوارئ. وهذا
يجسد الاعتماد على الحلول الأمنية
ذاتها، وإن جاءت عبر الإلغاء الشكلي
لحالة الطوارئ (مثل ما تم عبر قرار
الحكومة يوم الثلاثاء في التاسع عشر من
نيسان/ابريل الجاري)، كما أنه يفاقم
أزمة النظام مع شعبه ومع قواه
وتعبيراته المختلفة، في تحويل الرأي
الآخر، إلى (جريمة إرهابية). وتمثل التضليل أيضاً بدراسة (قانون
للإعلام)، على الرغم من أن النظام
السوري منع ويمنع، حتى الآن، أية وسيلة
إعلامية مستقلة، من تغطية ونقل
الأحداث الجارية. وينطبق الأمر نفسه، كذلك، على الحديث حول
(قانون الأحزاب) وضرورة (دراسته)، أو
طرحه (للنقاش العام)، في الوقت الذي
تمضي الأجهزة الأمنية قدماً باعتقال
قيادات وكوادر المعارضة الوطنية
الديمقراطية والناشطين والمثقفين،
حيث تم اعتقال كل من غياث عيون السود،
جورج صبرا، فايز سارة، أحمد معتوق،
بالإضافة إلى عشرات، بل مئات من
المواطنين، في مختلف المدن السورية
إثر التظاهرات الشعبية. يأتي حديث الأسد قبل وبعد وأثناء عمليات
القتل الموجهة للمتظاهرين المحتجين،
حيث تم إطلاق الرصاص الحي على
المتظاهرين في كل من حمص (قبل اعتصام
المدينة في الثامن عشر من أبريل وبعده)،
وتلبيسة والرستن واللاذقية والسويداء
والمعضمية، والأنباء الموثقة تحدثت عن
سقوط عشرات القتلى والجرحى. تزامن ذلك كله مع الاستمرار في حملة تسويق
أضاليل (المؤامرات)، التي تساق مشفوعة
مع (ضبط السلطات لكميات الأسلحة التي
تصدر للأراضي السورية). هذه المرة تتنوع الاتهامات، فمن الإشارات
السابقة حول دور (الحدود مع الأردن)، ثم
إلى (ضلوع مواطن مصري في تسريب صور
للخارج) تم بعد ذلك الإفراج عنه، وقد
فضح في مقابلة تلفزيونية ذلك الضغط
الذي مورس عليه من أجل أن يقدم تلك
الاعترافات المضحكة، مروراً باتهام
فريق سياسي لبناني (نائب من تيار
المستقبل) وصولاً إلى (ضبط شحنات أسلحة
قادمة من العراق)، لتتعزز ببيان وزارة
الداخلية حول اكتشاف (مجموعات سلفية)،
تقوم (بتمرد مسلح) يهدف إلى إنشاء (إمارات
سلفية)، تستمر المحاولات الرسمية
السورية التي يسوقها النظام بأن
البلاد تواجه (مؤامرة) تهدف إلى (التخريب
وزرع الفوضى) وتهدد (الاستقرار). هل يتجه النظام السوري إلى اعتماد الخيار
الليبي في الرد على ثورة شعبه السلمية
والمدنية، وقد تجلى فيها الطابع
الوطني، بحيث لم يرفع المتظاهرون
شعاراً واحداً يشي بالسمة العنفية أو
الطائفية، مبرهنين على أن الشعب وقواه
المتعددة أثبتا نضجاً وتفوقاً
أخلاقيين على الأجهزة الأمنية، وعلى
الإعلام الكاذب، وكذلك على نخب النظام
الفاسدة، بكل حججهم المتهافتة. أعتقد أن الشباب السوري أدرك أنه سيواجه
من النظام السوري (رداً ليبياً) على
طريقة الطاغية الهمجي القذافي، حيث
دأب المعتوه الليبي على قتل شعبه، وقد
أراد تسويق ذلك للعالم بحجة أنه يقمع (تمرداً
إرهابياً) تقوده (عصابات القاعدة)،
فعمد المتظاهرون السوريون، على نحو
مبكر، برفع شعار (زنقة.. زنقة ..دار ..
بدنا نشيلك يا بشار..). يأتي هذا كله مع إطلاق قنبلة دخانية من
العيار الثقيل كان (بطلها) محمد سعيد
بخيتان، الأمين القطري المساعد لحزب
البعث الذي أكد، حسب وكالة سانا، أنهم (دعاة
الحرية) و(جدد العهد) على المضي من أجل (إنجاز
المشروع الإصلاحي الديمقراطي)! فعن أي
مشروع يتحدث السيد بخيتان؟ هل يتحدد هذا (الإصلاح) بقمع الشعب وهو
يطالب بحريته وكرامته، وقد تظاهر
سلمياً؟ أو يتمثل باعتقال الكوادر
الحزبية المعارضة، والناشطين
والمثقفين، في الوقت الذي لا يكف
الإعلام السوري عن تسويق نوايا السلطة
لطرح قانون الأحزاب (للنقاش)، أو
بالتعتيم الإعلامي، على الرغم من
الضجة المفتعلة حول (قانون الإعلام)
المزمع إصداره؟ أم بماذا يتحدد جوهر
الإصلاح هذا؟ أم هو، هكذا، وببساطة، المزيد من الدم
المراق، والكثير من سحب الدخان
المضللة، علّ الوقت يسعف نظاماً فاته
الوقت؟! ====================== السوريون يرفضون
الإصلاح بالتقسيط الممل ياسر الزعاترة الدستور 23-4-2011 يبدو أن النظام السوري يشعر بثقة مفرطة
بالنفس تدفعه إلى تقسيط عملية الإصلاح
على نحو ممل، وإلا فهل يستحق إلغاء
قانون الطوارىء ومحكمة أمن الدولة كل
هذا الوقت، ومن ثم كل هذا الاحتفال في
دولة أمنية تغيب فيها الأعراف
والقوانين، فضلا عن أن يكون البديل هو
قانون لمكافحة الإرهاب. هنا يتبدى المشهد على نحو معكوس، فما جرى
يعد مؤشرا سلبيا في واقع الحال، والسبب
هو تزامنه مع مساعي السلطة الهادفة إلى
حشر الحراك الشعبي في إطار تمرد مسلح
يقوم به سلفيون وإخوان مسلمون، الأمر
الذي سيواجه بكل حزم، مع إلغاء حق
التظاهر من دون إذن. لا ننسى أن للنظام السوري قدراته
المشهودة على اختراق مجموعات السلفية
الجهادية بسبب تجربته معها في عراق ما
بعد الاحتلال، وبالتالي دفعها نحو
ارتكاب أعمال تخيف الناس وتحرف حراكهم
الشعبي السلمي نحو مسارات عبثية، ولعل
ذلك هو ما يفسر حديث السلطة عن الأسلحة
القادمة من العراق، لأن منطق الأشياء
يقول إن تلك الأسلحة لن تتدفق من القوى
الشيعية التي تنحاز للنظام تبعا
لانحياز إيران إليه، حتى لو كان لبعضها
إشكالات سابقة معه بسبب موقفه السابق
من المقاومة العراقية، ولكنها ستتدفق (نظريا
بالطبع) من القوى القريبة من تنظيم
القاعدة التي لا تزال نشيطة في العراق،
وتؤمن بعولمة الجهاد. ولا ننسى أن بعض المجموعات المسلحة قد
نسبت إلى الإخوان المسلمين، في
استعادة لذكريات مطلع الثمانينات
الأليمة، مع أن عاقلا لا يصدق أن
التنظيم لديه القدرة، فضلا عن
القابلية لارتكاب حماقة من هذا النوع،
أعني إنشاء مجموعات مسلحة تستهدف
الأمن السوري، لاسيما أن الإخوان هم
الأكثر فرحا بانتفاضة الشعب السلمية،
تماما كما كان حال حركة النهضة في تونس. والنتيجة أننا إزاء محاولة لضرب
الانتفاضة الشعبية وليس الاستجابة
لمطالبها التي لا يعدو إلغاء قانون
الطوارىء أن يكون واحدا منها لا أكثر.
ففي بيان نشره نشطاء سوريون على
الإنترنت نعثر على وعي شعبي متقدم لا
تستجيب له الخطوات الرسمية، فقد جاء في
بيان أسماه معدوه البيان رقم واحد أن
الشعب السوري يؤكد أن «ثورته سلمية
تطلب حقا مشروعا في الحرية والكرامة،
وبدولة مدنية ديمقراطية يسود فيها
العدل والقانون، وتحقق المساواة لجميع
أفراد الشعب السوري ولجميع طوائفه».
وأضاف «إن الشعب السوري يرفض كل
المحاولات التي تسعى لنشر الطائفية،
كما ينفي أن تكون لثورته أي ارتباطات
خارجية، ويؤكد أنه سيبقى جسدا واحدا
ينتمي إلى الوطن ويسعى إلى رفعته وحفظه». هذه هي خلاصة مطالب الشعب السوري، والتي
وردت على نحو أكثر تفصيلا (14 بندا) في
بيان علماء مدينة حمص التي تعرضت
لاستباحة خلال الأيام الماضية، بينما
كان ردها على السلطة قويا وصريحا لا
يتراجع أمام سطوة الأمن. إنها مطالب لن
تحملها إصلاحات شكلية، بل دستور جديد
يليق بسوريا وشعبها العظيم بكل
مكوناته. أما الحديث عن قاعدة أو سلفية جهادية
وإخوان مسلمين وتمرد مسلح، فلن يجدي
نفعا مع شعب مثقف مثل الشعب السوري،
فضلا عن حكاية المؤامرة الخارجية حتى
لو توفرت بعض التدخلات محدودة التأثير.
وإذا أراد النظام من خلال خطاب كهذا
الالتفاف على المطالب الشعبية، فليعلم
أنه يحرث في البحر، بدليل أن هذه
التجربة لم تفلح في اليمن، ولم تفلح في
ليبيا، ولا في تونس ومصر قبل ذلك. ثمة مطالب واضحة وعادلة ومشروعة ينبغي أن
يُستمع لها، وقد كان الأمل أن يعلن
النظام أول ما يعلن عن إلغاء المادة 8
من الدستور التي تنص على أن حزب البعث
هو القائد للدولة والمجتمع، لأن هذا
الإعلان هو المؤشر الوحيد على نوايا
الإصلاح التي لن تكتمل من دون دستور
جديد كما أسلفنا، أما عدا ذلك فسيكون
بلا قيمة، حتى لو تحدث عن قانون أحزاب
جديد لن يعني على الأرجح سوى استنساخ
لديمقراطية الديكور التقليدية عند
الأنظمة الأخرى، وحيث يسيطر الحزب
الحاكم على كل شيء، وإلى جانبه أحزاب
بلا وزن ولا قيمة يحدد هو حصتها من
مقاعد. الوقت يمر ومطالب الناس ترتفع بالتدريج،
ولن يمضي وقت طويل حتى تتوحد جميع
الشعارات في شعار واحد (الشعب يريد
إسقاط النظام)، وعندها سيكون الرد
بتصعيد القمع، وبعد ذلك معروف إلى حد
كبير في زمن لا يسمح بقتل الناس في
الشوارع دون حساب. ====================== حسين العودات التاريخ: 23 أبريل 2011 البيان طالب المتظاهرون في المدن السورية بإلغاء
قانون الطوارئ، واعتبروا أن هذا
المطلب له الأولوية ويقع على رأس
مطالبهم، وقد وعد الرئيس بشار الأسد في
خطابه أمام مجلس الشعب بتاريخ 30/3/2011 بتشكيل لجنة لدراسة إلغاء
هذا القانون وإصدار قانون بديل يحفظ
أمن (الوطن والمواطن)، كما وعد في خطابه
أمام مجلس الوزراء بتاريخ 16/4/2011
بعد أداء الوزراء القسم أن هذا القانون
سيلغى خلال مدة أقصاها أسبوع واحد في
إطار إصدار (حزمة من القوانين) كما قال
الرئيس الأسد، فما هو قانون الطوارئ
السوري هذا الذي يختلف المتظاهرون
والنظام السياسي على إبقائه أو
إلغائه، وقد تصاعدت مواجهاتهم حوله
ووصلت إلى درجة العنف؟ صدر قانون الطوارئ بالمرسوم التشريعي رقم
51 تاريخ 22/12/1962 أي قبل تولي حزب البعث
السلطة بعدة أشهر، ثم أقر مجلس قيادة
الثورة بعد استلام السلطة ببيانه (رقم
2) حالة الطوارئ التي تكرس العمل بهذا
القانون وتفصّل في إجراءاته، وقد طُبق
القانون خلال ثمان وأربعين سنة ومازال
يطبق، وتعرض خلال هذه السنين لتفسيرات
وتأويلات وتفصيلات حتى أصبح وسيلة بيد
الأجهزة الأمنية تمكنها من السيطرة
المطلقة على الناس، وصار تطبيقه في
الواقع كيفياً واتسع مجاله ليشمل كل
حركة أو حراك في المجتمع السوري، وخرج
كلياً عن الغايات الأصلية التي أقر من
أجل ضبطها، وأصبح سيفاً حقيقياً
مسلطاً على رقاب السوريين، ووسيلة
للهيمنة على حراكهم السياسي
والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بل
على مطلق حراك عام أو خاص. إن السبب الرئيس لإعلان حالة الطوارئ (المادة
1) هو إعلان الحرب أو تعرض الأمن
أو النظام العام للخطر، بسبب حدوث
اضطرابات داخلية أو وقوع كوارث عامة،
ويمكن أن تتناول حالة الطوارئ جميع
الأراضي السورية أو جزءاً منها وقد شمل
جميع الأراضي السورية منذ اليوم الأول
ويسمى رئيس الوزراء حاكماً عرفياً
ويمكن له أن يسمى نواباً له يمنحهم
الصلاحيات التي يريد، وقد سمي وزير
الداخلية السوري نائباً للحاكم العرفي. وضع قانون الطوارئ السوري بمادته الرابعة
قيوداً على حرية الأشخاص في الإقامة
والاجتماع والتنقل والمرور في أوقات
معينة، وتوقيف المشتبه فيهم، أو
الخطرين على الأمن والنظام العام
توقيفاً احتياطياً، وأجاز لأجهزة
الأمن، بدون علم أو موافقة القضاء،
تحري الأشخاص والأماكن في أي وقت،
وتكليف أي شخص تأدية أي عمل من
الأعمال، ومراقبة الرسائل والمخابرات
الهاتفية أياً كان نوعها، وكذلك
مراقبة الصحف والنشرات والمؤلفات
والرسوم والمطبوعات والإذاعات وجميع
وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل
نشرها، وضبطها ومصادرتها وتعطيلها
وإلغاء امتيازها وإغلاق أماكن طبعها،
وتحديد موعد فتح الأماكن العامة (المحلات
التجارية وغيرها) وموعد إغلاقها.
وإخلاء بعض المناطق أو عزلها، وتنظيم
وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديد
سيرها بين المناطق المختلفة.
والاستيلاء على أي منقول أو عقار، وفرض
الحراسة المؤقتة (دون حكم محكمة أيضاً)
على الشركات والمؤسسات، وتأجيل الديون
والالتزامات المستحقة أو التي تستحق
على ما يجري الاستيلاء عليه. وقضى المرسوم في مادته السادسة سحب يد
القضاء الطبيعي من النظر في الأمور
التالية وإحالتها إما إلى القضاء
العسكري أو إلى المحاكم الاستثنائية (محكمة
أمن الدولة، محكمة الأمن الاقتصادي)
وهذه الأمور هي: الجرائم الواقعة على
أمن الدولة، والنيل من هيبة الدولة ومن
الشعور القومي والجنايات الواقعة على
الدستور، والفتنة ومحاولات اغتصاب
سلطة سياسية، والإرهاب، والجرائم التي
تنال من الوحدة الوطنية أو تعكر الصفاء
بين عناصر الأمة، وتأسيس جمعيات سرية،
والقيام بمظاهرات وتجمعات، وتمزيق
الإعلانات الرسمية وغيرها من
الإجراءات والتقييدات التي توسعت
ومازالت تتوسع حتى شملت كل شيء تقريباً. الملاحظ أنه لو كانت الغاية مواجهة حالة
الحرب مع إسرائيل لشمل قانون الطوارئ
الأراضي المحاذية لخطوط الهدنة أو
خطوط وقف إطلاق النار، لكنه شمل كافة
الأراضي السورية، أما في حيز التطبيق
والتوسع في التطبيق فقد أعطيت أجهزة
الأمن الحق بمنع اجتماع أكثر من ثلاثة
أشخاص، وفرضت موافقة مسبقة منها على
احتفالات الأعراس، وعلى أي نشاط جماعي
مهما كانت مهمته، كما منعت سفر آلاف
السوريين لخارج البلاد، وأخذت حق منع
المرور وإغلاق الشوارع وتحديد الاتجاه
الممنوع والمسموح فيها، وإلزام دوائر
الدولة بطلب موافقة الأمن على توظيف أي
موظف جديد، (وقد ألغت السلطة قبل عشر
سنوات طلب الموافقة على ممارسة خمس
وستين مهنة كانت تقتضي الموافقة
المسبقة، بدءاً من محلات السندوتش
وصولاً إلى طلب الموافقة بتأسيس دار
نشر أو مؤسسة دراسات) كما فرضت الرقابة
المسبقة على الصحف والكتب قبل نشرها
وعلى وسائل الإعلام. وفي الوقت نفسه
صار لها الحق في اعتقال من تشاء من
المواطنين بأمر عرفي دون معرفة
القضاء، وأحياناً يطول هذا الاعتقال
عشر سنوات أو خمس عشرة سنة دون تقديم
المتهم إلى المحاكمة، وتتهم أي معتقل
بأي شيء بعد كل هذه المدة، مثلاً إضعاف
الشعور القومي أو النيل من هيبة الأمة
أو تهديد أمن الدولة أو تعكير الصفاء
بين عناصر الأمة، وكلها تهم عامة
وغامضة وغير محددة، وقد سجن عشرات
النشطاء السياسيين بل مئات سنوات
طويلة بمثل هذه التهم، ومازال بعضهم
يقضي فترة سجنه حتى الآن. في ضوء مرسوم الطوارئ وتطبيقاته
واجتهادات أجهزة الأمن، وطول المدة
التي طبق خلالها، أصبحت حالة الطوارئ
تطال كل شيء في البلاد، وأصبحت أجهزة
الأمن مهيمنة على كل شيء، وبطبيعة
الحال أتيحت الفرصة لها
بسبب هذا المرسوم
للابتزاز والرشوة والفساد والقمع
والاستبداد مما أدى إلى احتقان
السوريين وحصول ما حصل. ====================== آخر تحديث:السبت ,23/04/2011 امجد عرار الخليج سوريا بحاجة إلى إصلاح جذري وجدّي وحقيقي
. لا نعتقد أن أحداً يمكن أن يجادل في
هذه الحقيقة . سوريا بحاجة إلى الإصلاح
ليس بسبب مناخ الثورات، الحقيقي منها
والمشوّه، السائد في المنطقة العربية .
سوريا بحاجة إلى الإصلاح بالمدى الذي
يريده الشعب، فمن الناطق باسم هذا
المدى؟ الإصلاحات واجبة ليس لأن البلد
يشهد احتجاجات، فهي ما زالت محدودة
العدد، في حين أن معيار نجاح من يدعي
قيادة معركة الإصلاح والتعبير عن
مطالب الشعب، يكمن في قدرته على إقناع
الناس، لا أن يستغل نزولهم التلقائي
يوم الجمعة . الإصلاح كان مطلوباً منذ
سنوات، وهو مطلوب اليوم، وسيبقى
مطلباً قائماً إلى أن يصبح التغيير
جذرياً في إطار بلد موحّد . الجذرية
مطلوبة لأنه من دونها لن يفضي الإصلاح
إلى استنهاض طاقات الشعب على أساس
الحقوق والواجبات . الجدّية مهمة لأن
مطالب الشعوب واحتياجاتها تحدّ وجودي،
وليست موجة تتكسّر على الشاطئ القريب .
الإصلاح الحقيقي ضروري لأن الإجراءات
الشكلية لا تصمد أمام الاختبارات . استناداً إلى ثلاثية الجذرية والجديّة
والحقيقية، قلنا إنه إذا كان ما جاء في
الخطاب الأول للرئيس السوري هو كل ما
في جعبته للرد على تحديات المرحلة،
فإنه يخرج نفسه من سياق الزمن، أما إذا
كان الخطاب إطلالة لها ما بعدها، فإن
ما يتبع من إجراءات سيكون معياراً آخر .
أقيلت الحكومة وشكّلت حكومة جديدة،
وأنشئت لجان خاصة بالقوانين المعنية
بالإصلاح، وتُوّجت السلسلة برفع حالة
الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة،
وقانون للتظاهر السلمي، وإقالة
محافظين وإحالة مسؤولين أمنيين
للتحقيق . القول إن هذا ليس كافياً، لا غبار عليه،
فهناك استحقاقات أخرى، منها تعديلات
دستورية تؤسس لديمقراطية تعددية تكسر
احتكار حزب البعث للسلطة، وثمّة حاجة
ماسة لإعادة بناء أجهزة الأمن كي تكون
للشعب لا عليه، وهناك ضرورة قصوى ليس
لوقف الاعتقال السياسي فحسب، إنما
لإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين .
هناك أهمية استثنائية للحوار مع أطياف
المجتمع السوري بما فيها المعارضة
الوطنية في الداخل، فهي جزء من الوطن،
وأبناؤها اختلفوا مع النظام لمصلحة
الوطن، هم جزء من النسيج وليسوا دخلاء،
هم في خط الممانعة واحتضان المقاومة،
وليسوا استسلاميين أو مطبّعين أو
متآمرين، وهم فوق ذلك، بقوا في وطنهم
وصمدوا ودفعوا ثمن مواقفهم ومبادئهم،
لم يهربوا إلى فنادق واشنطن ولندن لكي
يحموا فروات رؤوسهم، ثم يحرّضوا
الآخرين على التضحية بالإنابة عنهم،
ثم يتاجروا بهم ويموّلوا مراكزهم
الوهمية المشبوهة من معاناة الناس . لا
يمكننا أن نستقيل من الوعي لكي نقتنع
بأن منشقين كانوا لعقود جزءاً من
النظام، قد أصبحوا بين ليلة وضحاها
ديمقراطيين في عواصم الغرب والغرف
السوداء التي تجمعهم ب “الموساد” . من يريد الإصلاح لا يحرّض على التخريب
والفتنة اللذين يقودان للعرقنة
والصوملة والتقسيم، وليس للإصلاح . لا
نريد لبلداننا العربية “حرية” محمولة
على الدبابات وفق الطريقة العراقية .
لا نريد ديمقراطية الاستفتاءات
التقسيمية على غرار جنوب السودان . لا
نريد لبلداننا إصلاحات غورباتشوفية
تنبش الأساسات وتجلب الانهيارات
وتبعثر الأوطان . لذلك، ولأن ما يستهدف
في سوريا إيجابياتها لا سلبياتها، فإن
البعض سيفعل كل شيء ليخرّب الإصلاحات . ====================== سورية.. لا فائدة من «المقاومة»! طارق الحميد الشرق الاوسط 23-4-2011 يا لها من جمعة دامية في سورية! حيث جوبه
المواطنون العزل يوم أمس بالقمع
والقتل، ويبدو أننا بتنا اليوم أمام
التعريف الفعلي لشعار «المقاومة» الذي
كثيرا ما تغنت به دمشق، على المستويات
كافة. فيبدو، ومما يحدث في سورية، أن «المقاومة»
هي أن تقاوم شعبك، وتقاوم مطالبه
الإصلاحية المشروعة، ولو باستخدام
السلاح! استخدم النظام السوري كل الأساليب لإقناع
السوريين، والخارج، بأن ما يحدث في
سورية هو مؤامرة، وعمل إرهابي متطرف،
ومرات قيل إنه مؤامرة صهيونية -
أميركية، ولم يقنع هذا الكلام أحدا،
فبدلا من أن يسارع النظام السوري إلى
تقديم إصلاحات حقيقية، ومن خلال
قرارات يلمسها المواطن، أضاع النظام
الفرصة تلو الأخرى، ووقع في الفخ الذي
وقع فيه آخرون من قبل.. من نظام بن علي،
مرورا بمبارك، ومثل ليبيا واليمن
اليوم، حيث لم يتنبه النظام السوري
لعامل التوقيت الذي هو كل شيء، وفي أي
شيء. ولذا فمن الطبيعي أن نرى اليوم سقف
المطالب يتصاعد في سورية، حيث بدأت
المظاهرات تردد، وعلى رؤوس الأشهاد: «الشعب
يريد إسقاط النظام»! فرغم منع الإعلام من التغطية داخل سورية،
ومحاولة تغييب حقائق كثيرة من الأرض،
فإن الصور اليسيرة التي يوفرها
المتظاهرون من خلال الإعلام الجديد
تبين لنا أن الأوضاع في سورية باتت
تنحو منحى آخر ليس في مصلحة النظام،
ويتضح ذلك بوضوح من خلال محتوى
اللافتات المرفوعة في المدن السورية،
وكذلك حجم الحشود المتظاهرة الذي بات
في تزايد، وفي عدة مدن، وبمشاركة واسعة
من جل أطياف المجتمع السوري، وهذا كله
مؤشر على مأزق النظام، خصوصا أن سورية
دولة تقوم على الأمن، والخوف. وكدليل على تفاقم الموقف وصعوبته على
النظام السوري، فقد بدأ الترويج اليوم
إلى أن أمرا ما قد يحدث من قبل حزب الله
تجاه إسرائيل، وذلك للهروب إلى
الأمام، ومن أجل رفع الضغط عن النظام
السوري، وتجنب ورطة حدوث تغيير حقيقي
في سورية، مما يشكل كارثة حقيقية بحق
إيران وحزب الله. إلا أنه وفي حال ما
قام حزب الله بعمل من هذا النوع، فمن
الصعب توقع ردود أفعال إيجابية في
المنطقة، سواء تجاه إيران أو حزب الله،
ناهيك بالطبع بسورية، فحينها ستكون
اللعبة مكشوفة، بل ومفضوحة، وستكون
عواقبها جنونية على حزب الله، وقبله
سورية، حتى لو تصرف الحزب بطلب من
إيران وحدها، وليس دمشق. وعليه، فقد سقطت أوهام، وشعارات، كثيرة
في منطقتنا جراء الزلزال السياسي الذي
لا يزال يضرب في عدة دول عربية، ومن
أبرز هذه الشعارات الزائفة شعار «المقاومة».
فإذا كانت المقاومة هي ما نراه في
سورية من قبل النظام ضد المواطنين
السوريين العزل، أو أن المقاومة هي ما
فعله، ويفعله، حزب الله في لبنان،
خصوصا في حال ما أراد فتح جبهة عسكرية
مع إسرائيل لإنقاذ أوراق إيران في
المنطقة، فقد بات من الضروري القول
لهؤلاء إنه لا فائدة من «المقاومة»! ====================== مظاهرات الشباب السوري
تهدد النفوذ الإيراني في بلاد العرب احمد عثمان الشرق الاوسط 23-4-2011 بعد أن كانت إيران تتحمس لمظاهرات تونس
ومصر أملا في تغييرات تتفق مع ثورتها
الإسلامية، انزعجت طهران كثيرا مما
يحدث في سورية، حيث رأت أنه قد يقطع
عليها طريق الاتصال بأعوانها في بلدان
العرب. وأعلن المتحدث باسم الخارجية
الإيرانية - رامين مهمان باراست - في 12
أبريل (نيسان) الحالي أن مظاهرات شعب
سورية ما هي إلا مؤامرة أميركية
صهيونية، انتقاما من إيران وسورية
بسبب دعمهما للمقاومة. ولم تقتصر طهران
على شجب مظاهرات الاحتجاج السوري، فقد
نقلت جريدة «وول ستريت جورنال» عن بعض
المسؤولين الأميركيين أنها تعاون
الرئيس بشار الأسد في قمع المتظاهرين،
وتساعده في مراقبة استخدامهم للإنترنت
والتليفونات الجوالة. ورغم هذا فقد
تؤدي مساعدة إيران على قهر الشباب
السوري إلى نتيجة عكسية، تفقدها
الحليف العربي الوحيد الذي ساندها منذ
ثورة الخميني في 1979. كانت الأراضي السورية تخضع للدولة
العثمانية حتى نشوب الحرب العالمية
الأولى في 1914، وبعدها انتقلت إلى
السيطرة الفرنسية. ولم تصبح سورية دولة
مستقلة إلا في 16 أبريل 1946، عندما كان
شكري القوتلي رئيسا للجمهورية. بعد ذلك
شهدت سورية عدة انقلابات عسكرية ما بين
1949 و1958، ثم قامت الوحدة بينها وبين
نظام جمال عبد الناصر في مصر. ولم تستمر
الوحدة السورية المصرية سوى ثلاث
سنوات، سقطت بعدها على يد انقلاب عسكري
آخر أدى إلى استيلاء حزب البعث على
الحكم في 8 مارس (آذار) 1963. ومنذ ذلك
التاريخ فرض البعثيون الأحكام العرفية
على الشعب السوري، فقيدت الحريات،
وأصبحت السلطات الأمنية تتحكم في كل ما
يجري في البلاد، بدعوى وجود تهديد
خارجي يهدد النظام. ومع مجيء البعث ظهر
حافظ الأسد على الأفق السياسي، عندما
عينه الحزب قائدا للدفاع الجوي ثم
رئيسا للوزراء ثم رئيسا للجمهورية في 12
مارس1979 . وكان حافظ الأسد قد ولد في
مدينة القرداحة التابعة للاذقية،
لأسرة من الطائفة العلوية التي تمثل 13%
من الشعب السوري. وبعد توقيع مصر على اتفاق السلام مع
إسرائيل في 17 سبتمبر (أيلول) 1978، اجتمعت
بعض الدول العربية المعترضة - سورية
وليبيا والعراق والجزائر واليمن
الجنوبي وقتها، ومعها منظمة التحرير
الفلسطينية - في طرابلس بليبيا، وقررت
تكوين جبهة للصمود والتصدي في مواجهة
سلام مصر. وتمكنت هذه الجبهة من حمل
الجامعة الدول العربية على إصدار قرار
بتعليق عضوية مصر. لكن هذا الوضع لم يدم
طويلا، وعادت مصر إلى الجامعة بعد
ثماني سنوات، واختفت جبهة الصمود
والتصدي. ولما كان حافظ الأسد مصرا على
رفض اتفاق السلام رغم عودة العرب إلى
مصر، فإنه قرر التوجه إلى إيران بعد
قيام الثورة الإسلامية في العام ذاته،
ليقيم معها جبهة جديدة للممانعة
والمقاومة. ورحبت إيران بالأسد ورأت
فيه فرصة لمد نفوذها داخل الدول
العربية، وأعلنت تبنيها للممانعة
والمقاومة. بعد ثلاثة أعوام من التحالف السوري -
الإيراني تم تكوين حزب الله في جنوب
لبنان، وكان من الواضح أن الحزب ينتمي
في ولاءاته إلى الولي الفقيه في إيران،
فهو بحسب ما جاء في البيان الذي أصدره
في 16 فبراير (شباط) 1985: «ملتزم بأوامر
قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية
الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله
الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين».
وقدمت دمشق تسهيلات عبر أراضيها
لتنقلات الحرس الثوري الإيراني
والسلاح إلى حزب الله في لبنان. وعندما
أسس بعض قادة الإخوان المسلمين في
فلسطين حركة حماس في ديسمبر (كانون
الأول) 1987، احتضنت سورية وإيران الوليد
الجديد الذي انضم مع حزب الله إلى جبهة
الممانعة والمقاومة. وعندما تولى بشار الأسد السلطة في سورية
بعد وفاة والده في عام 2000، ازدادت
العلاقة وثوقا بين بلاده وإيران.
وعندما تم انتخاب أحمدي نجاد رئيسا
لإيران في 2005، كان بشار من أوائل
الزائرين لطهران لتهنئة الرئيس
الجديد، حيث تم الاتفاق على تصور مشترك
للدور الإيراني - السوري في المنطقة
العربية، ثم وقعت سورية في العام
التالي اتفاقا للتعاون العسكري
الاستراتيجي مع إيران. وفي مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال»
الأميركية في بداية فبراير الماضي -
بعد سبعة أيام من بدء المظاهرات في مصر
- قدم بشار الأسد تحليله للأسباب التي
أدت إلى الثورتين الشعبيتين في تونس
ومصر، قائلا إن وجود زعماء من ذوي
الآيديولوجيات الضعيفة، والتدخل
الأجنبي، هما اللذان أديا إلى استياء
الشارع في تونس ومصر. واتفق الرئيس
السوري مع آية الله علي خامنئي المرشد
الإيراني على أن الثورة المصرية «بدأت
مع الثورة في إيران»، لكنه رأى أن «الوضع
في سورية مستقر». بعد يومين من هذه المقابلة دعت مجموعات من
الشباب السوري إلى اعتصام أمام
السفارة المصرية في دمشق تأييدا
لمطالب الثوار المصريين، ثم انطلقت
حركة احتجاج الشباب السوري من درعا
القريبة من الحدود الأردنية، في
الثامن عشر من مارس. وبعد أسبوع من
المظاهرات الدموية التي شهدتها
البلاد، تحدث الرئيس بشار الأسد إلى
مجلس الشعب، وبدلا من الإعلان عن
إصلاحات سياسية وإلغاء حالة الطوارئ،
اتهم بشار المعارضة بأنها تمثل مؤامرة
خارجية. فخرج الناس غاضبين، وسقط حاجز
الخوف، وامتد الاحتجاج إلى غالبية
المدن السورية بالطرق السلمية، فجاء
الرد على الفور من قوات الأمن التي
أطلقت النار بشكل عشوائي، وسقط الكثير
من القتلى والجرحى. ورغم خضوع الشعب السوري للأحكام العرفية
نحو نصف قرن، فإن سورية لم تطلق رصاصة
واحدة تجاه إسرائيل، حتى عندما تعرضت
هي للقصف الإسرائيلي. ورغم كثرة الضجيج
حول المقاومة، فإن مرتفعات الجولان لا
تزال محتلة، ولم يتم تحرير متر مربع
واحد من الأرض الفلسطينية، بل على
العكس تتزايد رقعة الأرض التي تحتلها
إسرائيل كل يوم. فهل يستمع بشار إلى صوت
شعبه، أم يتبع نصيحة إيران ويستخدم
القوة لسحق المقاومة؟! في كل الأحوال
لم يعد ممكنا الآن العودة إلى الوراء،
ولسوف يحصل شعب سورية على حريته، وسوف
يعود إلى حضن وطنه العربي. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |