ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
الاتنين 25 ابريل 2011 د.محمد شمس الياسمين في الأربعين من الثورة – الثالث والعشرين
من نيسان –إبريل 2011م ربما رسخ مسار الأحداث في تاريخ المنطقة
العربية المعاصر على نحو ما صورة نمطية
تقليدية لمصطلح " الإحتلال"
ومضاده" الإستقلال" ومرادفه
السوري" الجلاء". حملت هذه الصورة
في مضامينها صورة واحدة لقوات عسكرية
أجنبية عابرة لأراض الغير – قادمة من
البحار أو هابطة من الجو مع أطنان
القنابل والأسلحة والمتفجرات, أبطالها
الأشرار جنود مدربون ذوي شعر ذهبي
وعيون زرقاء, لا تعرف الرحمة إلى
قلوبهم طريقاً ولا الأخلاق إلى
أفئدتهم سبيلاً, يقتلون هنا ويعتقلون
ويدمرون هناك, يسرقون وينهبون, يتودد
إليهم المنافقون والمرجفون في المدينة
من ذوي المطامع والمطامح من كل وضيع في
الخلق والنسب والدين,, تزداد جرائمهم
وتستمر على حين من الدهر حتى إذا ما عمّ
بغيهم وزاد ظلمهم إتقدت في قلوب بعض
الناس جذوة الثورة و نار التوق إلى
الحرية حتى تظهر على قسمات وجوههم
وفلتات ألسنتهم سراً وجهراً فأما
المجاهر فمسارع إلى حتفه وأما المسرّ
فليث ٌ رابض يترقب لحظة الإنقضاض فإذا
ما غلى المرجل وثار البركان هب الثوار
يدفعون مهر حريتهم من أرواحهم ودماءهم
ليهرول المحتل خارج الحدود يجر أذيال
الهزيمة وخفين من لعنة التاريخ ووصمة
الهوان! هكذا فعلت فرنسا منذ اليوم الذي دخلت فيه
قواتها سورية,, ما ترويه صفحات تاريخ
الإحتلال الفرنسي لسورية مؤلم مفجع ,,
لكن أفظع جرائم فرنسا في سنوات
إحتلالها الطويل لم تكن لتقارن بما
فعله ويفعله نظام البعث وأل الأسد الأن
وخلال أيام قلائل. تحتفظ الذاكرة
السورية في قاموس الإحتلال الفرنسي
بحدث تاريخي هام : " مجزرة البرلمان
" التي نفذتها فرنسا على يد القوات
الفرنسية ووحدة المرتزقة السنغالية
ففي الساعة السابعة من مساء يوم
الثلاثاء التاسع والعشرين من أيار عام
1945م رفض سبعة من الدرك السوري أمام
البرلمان السوري تحية العلم الفرنسي
عند إنزاله فأطلقت النار عليهم وعلى من
كان في البرلمان وشوهوا جثثهم ولم ينج
من المجزرة سوى شخصان هما إبراهيم
الشلاح ومحمد مدور , ويذكر أرشيف وزارة
الداخلية السورية أن عدد الشهداء وصل
إلى 24 شهيداً من الدرك وثلاثة من
الشرطة إضافة للدكتورحكمت التسابحجي
الذي إستشهد وهو يحاول إسعاف المصابين
من مبنى المجلس النيابي !! لقد رحلت
فرنسا وغادرت سورية يوم السابع عشر من
نيسان / إبريل 1946م لكن سياسات فرنسا
ومذابحها لم تغب عن أرض وشعب سورية
فبعد 17 عاماً فقط من الجلاء الأول رزحت
سورية تحت إستعمار جديد يدعر حزب البعث
,, إستعمار فرنسي أو بريطاني أو أميريكي
أو إسرائيلي ولكن بلكنة سورية ونكهة
سورية وزند أسمر وشعر اسود ,, لقد قصفت
فرنسا مرات عدة دمشق وغيرها من المدن
السورية لكن مجموع ضحايا ما قصفته
فرنسا خلال 27 عاماً من تواجدها الفعلي
على الأرض السورية لا يصل إلى عدد
ضحايا قصف مدينة حماة وحدها خلال 27
يوماً !!! وإذا كان الإعدام هو العقوبة الفرنسية
لمن خالف أمر الجيش الفرنسي فماذا عن
عشرات الضباط والجنود الذين قتلهم
نظام البعث أل الاسد منذ توليهم السلطة
! وإذا كانت سورية تحتفل بذكرى شهداء
الخامس من أيار 1916م وعددهم ثمانية
شهداء أعدموا في العهد التركي وشهداء
التاسع والعشرين من أيار 1945م في العهد
الفرنسي وعددهم 28 شهيداً فكم سنحتاج
لنحتفل بذكرى عشرات الألاف من شهداء
سورية منهم 50000 شهيد في فبراير 1982م في
حماة وحدها في ظل العهد الاسدي المشؤوم
! يا سادة: إذا كنت لا أريد أن أبرئ فرنسا
هنا أو أبرر لجرائمها فهي على أية حال
دولة إحتلال بحثت عن مصالحها ومصالح
شعبها وتثبيت أقدامها في أراض الغير
وممتلكاتهم لكنني أتساءل عن ظلم ذوي
القربى؟ عن خنجر الشام الذي يحز رقاب
أبناء الشام؟ عن الرصاص الذي دفعنا
ثمنه من عرق جبيننا ليخترق ذات الرصاص
جبين أطفالنا وشبابنا؟ عن الأمن الذي
لا نحس به إلا في غياب رجال الأمن ؟! أحسد من عاش عصر الإحتلال الفرنسي لأنه
حتى في ظل الإحتلال الفرنسي كان
للمعارضة صوت ورجال! أما في ظل الأسد
فلا صدى للصوت يبقى ولا رقاب للرجال
تحمل الرؤوس الحاملة لفكر مغاير!
أحسدهم وأغبطهم فلو قتلت أنذاك لسموني
شهيداً وبطلاً لكنني اليوم حين أقتل
أسمى " مندساً" و" مدسوسا" و"
عميلاً خائناً" ! ليس ما بين
الرصاصات الفرنسية في صدر الطبيب
الشهيد حكمت التسابحجي عام 1945م
ورصاصات صدر الطبيب الشهيد علي غضاب
المحاميد وطه السلامات عام 2011م سوى
أعوام طوال ومسميات من عصر إحتلال إلى
عصر إستقلال وليحيا الجلاء فقد تعرّب
القتل ونطق الرصاص بالعربية! في المصطلح الإسلامي يفرق العلماء بين
مصطلح " الجهاد الأصغر" الذي نعني
به النضال ضد الأعداء وجرائمهم وخططهم
" وما بين مصطلح " الجهاد الأكبر
" الذي نعني به النضال ضد شهوات
النفس ومأثمها وخطياها" فلئن حققنا
" الجلاء الأصغر" فمتى تشرق على
سورية شمس " الجلاء الأكبر"! نتذكر أخيراً كيف أن فارس بيك الخوري ممثل
سوريا في الامم المتحدة دخل إلى قاعة
الإجتماعات أنذاك بطربوشه الاحمر و
بذته البيضاء الانيقة قبل دقائق من
موعد الاجتماع الذي طلبته سوريا لرفع
الانتداب الفرنسي عنها و بدلاً من أن
يجلس على المقعد المخصص لسورية اتجه
مباشرة الى مقعد المندوب الفرنسي لدى
الامم المتحدة و جلس عليه وعندما بدأ
السفراء بالتوافد إلى مقر الامم
المتحدة هالهم جلوس 'فارس بيك' المعروف
برجاحة عقله و سعة علمه و ثقافته في
المقعد المخصص للمندوب الفرنسي وعندما
دخل المندوب الفرنسي، و وجد فارس بيك
يحتل مقعد فرنسا في الجلسة.. توجه اليه
و بدأ يخبره ان هذا المقعد مخصص لفرنسا
و لهذا وضع امامه علم فرنسا، و اشار له
إلى مكان وجود مقعد سوريا مستدلا عليه
بعلم سوريا و لكن فارس بيك لم يحرك
ساكنا، بل بقي ينظر إلى ساعته. دقيقة،
اثنتان، خمسة. استمر المندوب الفرنسي
في محاولة 'إفهام' فارس بيك و لكن فارس
بيك استمر بالتحديق إلى ساعته خمساً
وعشرين دقيقة . و اهتاج المندوب
الفرنسي وصرخ وأرغى وأزبد و عند
الدقيقة الخامسة و العشرين، تنحنح
فارس بيك، و وضع ساعته في جيبه قائلاً
للمندوب الفرنسي: سعادة السفير، جلست
على مقعدك لمدة خمس وعشرين دقيقة فكدت
تقتلني غضبا وحنقا، سوريا استحملت
سفالة جنودكم خمس وعشرين سنة، وآن لها
ان تستقل! أن لنا في إنتظار الجلاء الأكبر لسورية أن
نقول للبعث وقائده : لقد إستحملت سوريا
سفالتكم وسفالة شبيحتكم ومرتزقتكم
ثمان وأربعين عاماً وأن لسورية أن
تستقل...أن لك أن ترحل وحزبك! =================== معن البياري الدستور 26-4-2011 أَكثرُ من مائِةِ سوريٍّ قضوا في أَقلَّ
من نهارين، برصاصِ رجالِ الأَمن،
ورصاص مندسّين ومُخربين تصديقاً
للكلامِ إِيّاه، بعد ساعاتٍ من
إِنهاءِ حالةِ الطوارئ في بلدِهم، ما
يعني أَنَّ القصةَ في سورية ليست في
بقاءِ تلك الحالة أَو رفعِها، ولا في
الحديثِ الفلكلوريِّ عن نيةِ السلطةِ
إِحداثَ الإِصلاح، أَو انزواءَه
ليتجدَّدَ في مواسم أُخرى. إِنَّها،
بالضبط، في البنيةِ الأَمنيَّةِ التي
تُمسك بدواليبِ النظام هناك، ويرى
المتحكمون في مفاصِلها أَنَّهم وحدَهم
أَصحابُ الأَهليّةِ في صياغةِ
العلاقةِ بين الشعب والسلطة، فكما
أَنَّ من صلاحياتِ ضابطِ أَمنٍ كبيرٍ
من هؤلاءِ إِعفاء رئيسةِ تحرير «تشرين»،
السيدة البعثيّة سميرة المسالمة،
بمكالمةٍ هاتفيةٍ معها، فمن صلاحياتِ
المؤسسةِ التي ينتسبُ إِليها
التصرَّفُ بالكيفيةِ التي تراها
الأَنسبَ في التعاملِ مع جموعِ
المتظاهرين في عمومِ محافظات سوريّة،
فلا تجدُ غيرَ الرصاصِ أَنفع، وإِنْ
أَمرَ الرئيس بشار الأَسد بغير ذلك قبل
يومٍ من إِزهاقِ أَرواحِ شهداءِ يوم
الجمعة الماضية، ثم إِلحاقِ بعضِ
مشيعيهم بهم في اليوم التالي. وإِذا
جازت المحاجَجةُ، ولو تصريفاً لسأْمٍ
مُؤْسٍ، مع حدّوتتيْ المندسّين
والسلفيين الذين يُصَوبون الرصاصَ على
الناس والعسكر، فذلك مبعثُ عجبٍ
مُضاعف، فالأَجهزةُ السورية إِياها
عظيمةُ البراعة في اليقظةِ، إِياها
أَيضاً، ومفزعٌ أَنْ لا تقدرَ على
معرفةِ مسلحين في وسعِهم أَن يندسّوا
بين الناس، ويقتلوا كما يشاءون، ثم
يأَمنوا. بلا تأْتأْةٍ ولعثمةٍ، لم يعد من
الأَخلاق أَنْ يصمتَ الذين ُيدْمنون
نصرةَ سوريا في وجه «المؤامرات
الخارجية»، سيّما وأَنَّه مضجرٌ في
أَحيانٍ كثيرةٍ دأْبُهم على مديحِ «ممانعةِ»
دمشق أَمام المشروع الصهيوأَميركي في
المنطقة. ولأَنَّ الوقت ليس لاستدعاءِ
وقائعَ غزيرةٍ في أَرشيفٍ طويلِ
تُقوِّض الأُزعومةَ هذه، ولأَنَّه
أَيضاً ليس للبحثِ عبثاً عن واقعةٍ
واحدةٍ لمواجهةٍ سوريةٍ واحدة،
بالرصاصِ أَو غيرِه، لاعتداءاتٍ
إِسرائيليةٍ معلومةِ التفاصيل في وسط
دمشق وسمائِها وفي دير الزور،
فالأَولويةُ هنا لدعوةِ السلطاتِ هناك
إِلى أَنْ تُصبِحَ إِصلاحيةً هذه
المرة، وتعلنَ بالضبط أَعدادَ رعاياها
ممن قضوا بكل هذا الرصاص في الأَيامِ
الماضية، وتستعجل تحقيقاتٍ في هذا
التقتيل تخلصُ إِلى نتائجَ موثوقة.
ثمّة أَولويةُ لهذا الأَمر العاجل،
لأَنَّ تلقينا الأَعدادَ المتواليةِ
للضحايا (ماذا عن الجرحى والمفقودين؟)
من شهودِ عيانٍ ومصادرَ حقوقيةٍ،
تنقلُ عنها الفضائياتُ ووكالات
الأَنباء، يُؤَشِّر إِلى استرخاصٍ
مضاعفٍ لدى الحكم في دمشق بأَرواح
هؤلاءِ البشر. يُطلَبُ هذا الأَمر، وفي
البالِ أَنَّ تحقيقاً بشأْن قتلِ عماد
مغنية لم يتمَّ إِشهارُ نتائجَ له،
تسليماً، ربما، ببديهيةِ أَنَّ
إِسرائيلَ ارتكبت الجريمة، أَمّا كيفَ
وبأيِّ أَدلةٍ وأَصابع فذلك ليس من
حقِّ الناس أَنْ تعرفه. ويُطلبُ، وفي
البال أَنّه ما زال في محله قولُ غوار
الطوشة لأَبو نارة في «ضيعة تشرين»،
قبل 37 عاماً، أَنْ يفتحَ على إِذاعةِ
لندن ليعرف ما يجري في الضيعة. هي لحظةُ إِشهار القولِ للأَعور أَنَّه
أَعور، فبلا لفٍّ ودوران، وبإِيجاز
عاجلٍ على بلاطة، هناك ما لا يجوزُ
الصمتُ عنه، في سوريا التي يجهرُ
مواطنوها باحتياجِهم إِلى الحريةِ
والكرامة، وترفضُ لافتاتٌ يرفعونَها «الذلّ».
وهذه مفردةٌ شديدةُ الإِيلام في بلدٍ
ينسبُ النظامُ فيه إِلى نفسِهِ فرادةً
لا يُشاركهُ فيها أَحدٌ في التصدّي
لإِسرائيل. =================== عريب الرنتاوي الدستور 26-4-2011 لم تمض سوى ساعات على توقيع مراسيم إلغاء
قوانين الطوارئ وحظر التظاهر ومحكمة
أمن الدولة، حتى كانت جثث السوريين
الأبرياء، تتناثر بالعشرات في أزرع
وجاسم ودرعا وحمص والحجر الأسود
والميدان وجبلة وبانياس وغيرها من
المدى والبلدات والأحياء والقرى
والمدن السورية، ولا ندري كم كان عدد
القتلى ليبلغ لو أن هذه القوانين
القمعية لم ترفع.. لم نكن ندري كيف كانت
أجهزة الأمن السورية ستتعامل مع
المتظاهرين والمحتجين لو أن أياديها
لم تكبل بوعود القيادة السياسية وبعدم
اللجوء إلى القوة «المفرطة» و»الشائنة»
واستعدادها لإباحة حق التظاهر
والاعتصام وإشاعته. ما يجري في سورية، مذبحة يومية، تتنقل
باستمرار.. ما جرى في درعا أمس واليوم،
لا يمكن تبريره بحال من الأحوال.. ولا
يمكن لأي نظرية مؤامرة في العالم، أن
تستوعب هول ما يجري على الأرض.. مئات
الشهداء وألوف الجرحى سقطوا في ظل
رواية رسمية متلعثمة للأحداث.. رواية
لم يشترِها أحدٌ، وبالكاد يتلفظ بها «مفبركوها»
من دون أن تظهر سمات الكذب وملامح
الكذابين على وجوههم.. ما جرى في سوريا
خلال الأسابيع الخمسة الفائتة، وما
يجري اليوم، هو تطور خطير يدفعنا لرفع
الصوت عالياً: لم يعد الصمت ممكناً. كنّا نأمل أن يدشن الرئيس السوري «نادي
الزعامات الديمقراطية» في المنطقة،
مستنداً في ذلك إلى تجربة في «الممانعة»
و»دعم المقاومة»، ولقد ظننا أن رصيد
الأسد في هذا المضمار، يمنحه تفوقا على
نظرائه الاخرين فهو على الأقل غير
متورط ب»ويكيليكسيات» بعض القادة و»طوابقهم»
التي لم تعد مستورة؟!. ولطالما راهنّا على نظرية «أن العاقل هو
من اتعظ بتجربة غيره» وليس من يجعل من
نفسه حقل لأمر التجارب وأخطرها..
راهنّا على أن الرئيس الشاب، لا شك درس
تجربة الشيخين محمد حسني مبارك وزين
العابدين بن علي، اللذين «فهما»
متأخرين.. راهنا على أن الرئيس الشاب،
لا شك تمعّن في تجربة العقيد معمر
القذافي وأبحر في قارب علي عبد صالح
صالح، وأنه لن يقبل بحال من الأحوال،
بأن ينضم إلى نادي الرؤساء المطاردين
والملاحقين، من شعوبهم ومن محكمة
الجنايات الدولية فضلا عن المجتمع
الدولي برمته. لكن جملة رهاناتنا خابت دفعة واحدة.. سقطت
كما يتساقط الفراش في النار.. فالقيادة
السورية لم تظهر «استيعاباً» سريعا
للتطورات من حولها.. وهي لم تبن على
رصيد «المقاومة والممانعة» بل أضعفته
وبددته.. لم تكشف «المؤامرة» التي
طالما تحدثت عنها ولم تفضح الضالعين
الحقيقيين بالتآمر على سوريا، مع أنهم
كثر بالمناسبة.. لم تتعلم من تجربة
الثورات المنتصرة أو تلك التي ستنتصر،
وعمّا قريب بإذن الله.. بل ظلت تراهن
على النظرية الخائبة، التي لم تجرب في
بلد إلا وأخفقت إخفاقاً مبيناً، أقصد
نظرية لسنا مثل تونس أو مصر؟!. لم يعد الصمت ممكناً، فدماء الشعب السوري
التي تراق بغزارة، لا تقل أهمية عن
دماء الشعوب العربية الثائرة
والمنتفضة الأخرى.. من مصر وتونس، إلى
ليبيا واليمن والبحرين.. كل هؤلاء
استحقوا منًا وقفة تضامن وتأييد، وشعب
سوريا الذي بذل الغالي والنفيس في سبيل
فلسطين وقضايا العرب الكبرى، يستحق
منا بدوره، كل دعم وإسناد وتضامن
وتأييد. النظام السوري، يقارف نفس الاخطاء التي
قارفها من سبقه من الأنظمة القمعية
والديكتاتورية.. هو لم يكن مضطراً
لذلك، وكان بمقدوره قيادة البلاد
والعباد إلى ضفاف المقاومة والممانعة
والحرية والديمقراطية والكرامة على حد
سواء.. لكنه تردد في ذلك، تردد طويلاً،
وأخفق في أن يشكل القدوة والزعامة «المختلفة»..
آثر أن تكون «عجينته» من «طينة»
الأنظمة إياها، وها هو يدفع الثمن،
وسوف يدفعه غالياً أو بالأحرى
مضاعفاً، لا سيما مع وجود أطرافٍ عدة،
تشحذ سكاكينها الآن، وتنتظر بشغف لحظة
صعود «العجل السوري» إلى «قشاط المسلخ»،
لتنهال عليه ذبحاً وطعناً وسلخاً
وتقطيعاً و»جرماً»؟ يخطئ النظام
السوري أن ظنّ أنه سيكون موضع حماية من
قبل إسرائيل والغرب وعرب الاعتدال،
هؤلاء الذين يتعاملون مع دمشق على
قاعدة «شيطان عرفناه.. أفضل من شيطان لم
نعرفه».. يخطئ إن راهن طويلاً على أن
مصالح هؤلاء تقتضي الاستمساك به، في كل
الظروف ومختلف المراحل.. يخطئ النظام
إن راهن على كل ذلك، فإسرائيل لا تمتلك
مفتايح العالم، وهي سبق لها أن حاولت
إنقاذ نظام حسني مبارك من دون جدوى..
وعرب الاعتدال يريدون لسوريا أن لا تقل
فريسة المجهور والثورة، لأنهم ضد كل
فوضى وضد كل مجهول معلوم.. و»ثابت»
الغرب الوحيد: لا أصدقاء دائمين، بل
مصالح دائمة. ها هو النظام يخسر أقرب أصدقائه وحلفائه..
ها هو يضع أصدقاءه القدامى والجدد في
خانة حرجة للغاية، تدفعهم دفعاً لقول
ما لا يرغبون في قوله، ها هو يحشر
أردوغان وساركوزي والشيخ حمد وخالد
مشعل وحسن نصرالله في أضيق الزوايا..
فما العمل إن كانت مواقف هذا النظام
وسياساته وممارساته محرجة حتى لأقرب
مقربيه، في الداخل والخارج.. محرجة حتى
لمن لا يحرجون في العادة: كبعض أطراف
القيادة الإيرانية. ثمة معلومات تؤكد أن الدوحة تقف على مسافة
من دمشق، هي الأبعد والأطول منذ سنوات
عشر على الأقل.. وثمة معلومات بأن
تفكيراً جدياً تجريه قيادة حماس في
سوريا لنقل مراكزها إلى عاصمة عربية
أخرى.. وثمة معلومات بأن أنقرة تصعّد
عبر الأطر والقنوات ومن خارجها، ضد
سياسات النظام وممارساته، وكما لم
يحصل منذ توقيع اتفاق أضنا.. وثمة
معلومات بأن مؤتمرا للمعارضات السوري
يجري ترتيب انعقاده في أنقرة هذه
الأيام.. كل ذلك، وهناك في دمشق، من لا
يزال يتلو على مسامعنا آيات من سورة
الإنكار. لم يعد الإنكار مجدياً.. والحكم بوسائل
السبعينيات والثمانينيات لم يعد
متاحاً.. وكلفة الإصلاح في غالب
الأحيان، أقل بكثير من كلفة الجمود
واستمرار الأمر الواقع.. وأحيانا كثيرة
يبدو «الرحيل» أكرم وأوجب وأقل كلفة
بالمعنى الشخصي من بناء العروش
والأمجاد فوق أكداس الجثث والجماجم..
احيانا كثيرة يبدو الرحيل، أكثر بطولة
ورجولة من البقاء جاثمين فوق أرواح
وصدور وأنفاس وضمائر المواطنين.. هذا
هو درس الثورات العربية الكبرى
الأخيرة.. هذا هو الدرس الذي لا يريد
أحدٌ من الرسميين استذكاره واستحضاره..
ولذلك قلنا وسنظل نقول: لم يعد الصمت
ممكناً. =================== جواد البشيتي 2011-04-26 العرب اليوم مواطنون عاديون كانوا يتحدَّثون, على
جاري عادتهم اليومية, في أخبار الثورات
العربية, فلمَّا وصلوا في حديثهم إلى
الثورة في اليمن, قال أحدهم متوقِّعاً:
إنَّ "المبادرة الخليجية" ستحظى
بقبول أحزاب المعارضة اليمنية, فردَّ
عليه آخر قائلاً إنَّ هذه المبادرة لن
يُكْتَب لها النجاح; لأنَّ "الشعب"
يرفضها. "الشعب" هي الكلمة التي استوقفتني;
فهذه الكلمة أصبح لها الآن معناها
الواضح الجلي الملموس; وكأنَّك عندما
تتحدَّث عن "الشعب" في تونس أو مصر
أو اليمن أو سورية.. إنَّما تتحدَّث عن
كائن سياسي, واضح المعالم, محدَّد
الهوية, يشبه "الحزب السياسي",
لجهة تعيينه, وجوداً ونشاطاً ورأياً
وموقفاً.. لقد اقتحم "الشعب", في كثير من البلاد
العربية, المسرح السياسي, وأصبح لاعباً
سياسياً من الوزن الثقيل, وجزءاً لا
يتجزَّأ من السياسة في عالمها الواقعي
الملموس, وكأنَّه الكائن الذي خُلِق من
طين لازب, وظلَّ على هذه الحال قروناً
من الزمن, حتى جاءت "الثورة",
ونفخت فيه من روحها, فدبَّت فيه الحياة
التي هي الوجه الآخر لموت حكَّام
يمثِّلون خير تمثيل الموت الحضاري
والفكري والسياسي والأخلاقي,.. أو "إله
الموت" عزرائيل, لجهة صلتهم بشعوبهم
ومجتمعاتهم. و"الشعب", بصفته كونه كائناً سياسياً
(عربياً) جديداً, خرج من أحشاء حالة
الموت التاريخي التي عاشتها الأُمَّة
زمناً طويلاً, يختلف عن سائر الكائنات
السياسية والحزبية لجهة كونه لا يعرف
من الكلام السياسي إلاَّ الجامع
المانع منه, وخيره, أي ما قلَّ ودلَّ, ف
"برنامجه السياسي" لا يتألَّف
إلاَّ من بضع كلمات, منها على سبيل
المثال, أو أهمها, كلمة "ارْحَل!",
التي تكاد تشبه كلمة "اقْرَأ",
لجهة ضآلة عدد حروفها, وغزارة معانيها,
وأهمية أثرها وتأثيرها. ومع أنَّ آية "ارْحَل" نزلت بلسان
عربي (شعبي) مبين فقد استغلق على الحاكم
العربي, الذي كلَّما خَطَب أثبت أنَّه
الضديد للغة "الضاد", فَهْم
معانيها ومدلولاتها, فاقتضى هذا
القصور, الذي يعانيه فكراً ولساناً,
أنْ يُشْرَح له ويُفَسَّر معنى "ارْحَل",
فَفَهِم وأدركَ, بعد جهد جهيد, أنَّ "ارْحَل"
تعني أنْ يَرْحَل عن سدة الحكم, لا عن
البلد; لأنَّ "المحكمة" أعِدَّت
له, وتنتظره انتظار جهنَّم لأصحابها. في اليمن كتبوها له, في لافتات "ساحة
التغيير", في هذا الشكل, "أرْحَل";
أمَّا في سورية, التي لم يَنْتَزِع
شعبها بَعْد ساحة له, يُركِّز فيه
ثورته, فكتبوها له في شكل آخر, "إرْحَل",
فظنَّ بشار الأسد أنَّ الفَرْق في مكان
وَضْع "الهمزة" يُحْدِث فَرْقاً
نوعياً بين سورية واليمن, أي بين
ثورتيها, وبين حاكميها, فابتنى من هذا
الفَرْق الشكلي الطفيف سياسة مختلفة
جوهرياً, وقوامها فكرة "الإصلاح من
داخل نظام الحكم", وبما يبقي جوهر
وأساس نظام الحكم في الحفظ والصون. و"الشعب" مدرسة جديدة في عِلْم
السياسة, تجعله في الظاهر بعيداً عن
"السياسة", منطقاً وواقعاً; لكن في
الباطن يتأكَّد, في استمرار, أنَّه
ضاربٌ جذوره عميقاً في تربتها; فهو لا
يطيق المناورات والألاعيب
الدبلوماسية, ما دقَّ منها وما عَظُم,
ولا يَفْهَم "السياسة" على أنَّها
"فن الممكن"; وكيف له أنْ يفهمها
كذلك وهو الذي أثبت وأكَّد أنَّ "سياسته"
هي "فن جَعل المستحيل ممكناً,
فواقعاً نابضاً بالحياة", ولا يحيد
عن مبدأ "سِلْمية حراكه" ولو أغرق
الحاكم ثورته في بحر من الدماء,
واستنفد كل ما لديه من وسائل وأساليب
لإيقاعه في شرك "العنف والعنف
المضاد", وكأنَّ "الشعب" أراد ل
"مدرسته الجديدة في السياسة" أنْ
تَجُبَّ ما قبلها من مدارس, وفي
مقدَّمها "مدرسة كلاوزفيتس", التي
فيها تعلَّمنا أنَّ "الحرب امتداد
للسياسة", وأنَّ "فنَّ الإقناع"
يُعْمَل به أوَّلاً, فإذا اسْتُنْفِد
من غير أنْ ينجح في تحقيق الهدف
السياسي الكامن فيه لجأنا إلى "فنِّ
الإكراه". و"الشعب", في "مدرسته السياسية
الجديدة", أسَّس لعلاقة جديدة
جيِّدة بين ثلاثة أشياء كانت, أو بدت,
منفصلة من قبل, وهي "الدم" و"السيف"
و"السياسة". لقد ثَبَت على "سِلْمية حراكه" و"السيف
(سيف الحاكم الطاغية)" يُعْمَل في
رقاب وصدور الثائرين العزَّل, فأثبت
أنَّ الدم يَغْلِب السيف; ثمَّ أثبت
أنَّ مزيداً من الارتفاع في منسوب الدم
(الشعبي) الذي يريقه الحاكم يأتي, حتماً,
وعلى الفور, بمزيدٍ من الارتفاع في سقف
المطالب السياسية للشعب. أمَّا "الخوف" الذي به تطاول الحاكم
بنيان الاستبداد والدكتاتورية
فرأيناه كبضاعة تُرَدُّ إلى صانعها;
إنَّ "الشعب" ينتزعه من قلبه
ليقذفه في قلب الحاكم, فمنسوب الخوف لا
يتضاءل في قلب الشعب إلاَّ لِيَعْظُم
في قلب الحاكم, الذي في آخر أيَّامه
يَظْهَر على حقيقته العارية من كل وهم;
إنَّه لا يجتهد إلاَّ في أمر واحد فحسب
هو "الضمانات", ف "الكرسي"
الذي عَبَدَه حتى استعبده يصبح شيئاً
يزهد عنه إذا ما ضَمِن له "الشعب"
حياته مع "زينة الحياة الدنيا" من
مال وبنين. في البدء, وبحسب "سفر التكوين"
السياسي العربي, كان الحاكم (بأمره) ولم
يكن "الشعب"; أمَّا عرشه فكان على
بحرٍ من الدماء. "الشعب" كان كالعنقاء, أو الغول, أو
عروس البحر, لجهة واقعية وجوده, فهو,
على ما كان حتى اشتعال "ثورة
الياسمين", أقرب إلى "الكائن
الخرافي" منه إلى "الكائن الواقعي". كان كل مُغْتَصِب للسلطة (مِمَّن يحقُّ له
وحده امتلاكه, ألا وهو الشعب) يستهل
بيان اغتصابه للسلطة بما يشبه الآية
"باسم الشعب.."; وكان "الشعب",
لجهة موقف الحاكم منه, كالمرأة يعبدها
الرجل ما ظلَّت مستعبَدة له; فإذا
شقَّت له عصا الطاعة, ووعت حقوقها, وسعت
إلى نيلها, أصبحت, في موقفه منها,
الشيطان الرجيم. حتى أصغر حزب سياسي كان لديه من الوقاحة
السياسية ما يَحْمِله على أنْ ينصِّب
نفسه متحدِّثاً باسم الشعب; وكيف للفأر
ألاَّ يلعب إذا ما غاب القط; ولقد كان
"الشعب" غائباً مغيَّباً عن "السياسة"
التي كان لها "أربابها", يسوسون
الأمور في غباء وجهل, فيَنْفذ أمرهم,
فيقال "ساسة"!. =================== الثلاثاء, 26 أبريل 2011 داود الشريان الحياة في شباط (فبراير) الماضي أجرت صحيفة «وول
ستريت جورنال» حواراً مع الرئيس
السوري بشار الأسد حول الأوضاع في
المنطقة ورؤية سورية لها. سألت الصحيفة
الرئيس، هل هناك أي قلق من أن ما يحدث
في مصر يمكن أن يصيب سورية، فقال الأسد:
«إذا أردت أن تجري مقارنة بين ما يجري
في مصر وسورية، عليك أن تنظر من زاوية
مختلفة. لماذا سورية مستقرة على رغم أن
لدينا ظروفاً أكثر صعوبة؟ مصر مدعومة
مالياً من الولايات المتحدة فيما نحن
تحت الحظر الذي تفرضه غالبية دول
العالم. لدينا نمو على رغم أننا لا نملك
الكثير من الاحتياجات الأساسية للناس،
وعلى رغم كل هذا لا تجد الناس يخرجون في
انتفاضة. لذلك فالأمر لا يتعلق فقط
بالاحتياجات وليس فقط بالإصلاح، لكنه
متعلق بالعقيدة والمعتقدات والقضية،
هناك فرق بين أن تكون لديك قضية وبين أن
يكون هناك فراغ». ثلاثة اشهر تفصل بين حديث الرئيس بشار
الأسد، والأحداث الدموية التي تشهدها
سورية اليوم. هل كانت التقارير التي
تُرفع الى الرئيس مضلِّلة الى درجة ان
الأسد استبعد حدوث ما يجري في المدن
السورية، أم هو التهاون بالحرية
والاحتياجات المادية والمعنوية
للشعب، والاعتقاد بأن رضا الناس
والاستقرار رهن ب «التناغم بين
السياسات ومعتقدات الشعب»؟ ربما تكون
التقارير التي يقرأها الرئيس مضلِّلة،
لكن الذي يصعب فهمه هو اقتناع القيادة
السورية بأن شعارات مثل «القضية
والفراغ» تصلح كجواب لتبرير
الانتهاكات والقمع، وغياب حرية الفرد،
والتنمية والعدالة الاجتماعية،
ومفهوم الدولة. لا شك في أن قطار التغيير في سورية تحرّك،
وبسرعة غير متوقعة. والمؤسف أن النظام
السوري راقب تجارب ثلاث دول عربية هي
تونس ومصر وليبيا، لكنه لم يتعلّم من
أخطاء أنظمتها. كان بإمكان دمشق
استبدال الحل الأمني بالسياسي، وتخفيف
الولادة العسيرة للتغيير، وتجنب العنف
وإراقة الدماء، ولكن يبدو أن النظام
السياسي في سورية ماضٍ في تكرار تجربته
مع انتفاضة مدينة حماه في الثمانينات.
الرئيس قال في حواره مع «وول ستريت
جورنال»: «عندما تكون لا تتكلم، وفجأة
تتكلم، فإن ما يحدث هو انك لا تتكلم
بالطريقة الملائمة، أو الطريقة
البناءة. نحن نتعلم. ولكن نتعلم من
أنفسنا». الأكيد أن الرئيس بشار كان صادقاً في هذه
الجملة. فالنظام السوري يتعلم من نفسه،
ولهذا يكرر الأخطاء ذاتها. =================== الثلاثاء, 26 أبريل 2011 الياس حرفوش الحياة كان الرئيس السوري بشار الأسد دقيقاً في
وصفه لحالة المجتمعات العربية الساعية
الى التغيير، في حديثه الى صحيفة «وول
ستريت جورنال»، الذي نشر في 31 كانون
الثاني (يناير) الماضي. لم يكن قطار
المطالبة بالتغيير قد وصل بعد الى
سورية، وبالتالي فقد كان الأسد اكثر
تحرراً من ضغط الوضع الداخلي في بلاده
في حديثه الذي كان يغمز آنذاك من قناة
مصر وتونس والاردن. قال رداً على سؤال
عن نظرته الى التغيرات العربية: «انها
تعني انه عندما تكون لديك مياه راكدة
فسيكون عندك تلوث وجراثيم. ولأن هذا
الركود امتد لعقود، وخصوصاً في العقد
الاخير، رغم التغيرات الكبيرة التي
تحيط بالعالم وببعض المناطق في الشرق
الاوسط، وخصوصاً في العراق وفلسطين
وافغانستان، فقد انتشرت بيننا
الجراثيم. ولذلك فان ما ترونه في هذه
المنطقة هو مَرَض. هكذا نرى الوضع». لكن الجراثيم الناتجة عن المياه الراكدة
بلغت المدن السورية ايضاً، بعد شهر
ونصف على التشخيص الطبي للرئيس السوري.
فبدا وكأنه اكثر قدرة على معاينة
العلّة عند جيرانه، مطمئناً الى ان
نظامه «ملتصق التصاقاً شديداً بقناعات
شعبه»، كما قال في الحديث نفسه. بناء على هذا الاطمئنان كان واضحاً ان
الرئيس السوري فوجيء بالانتفاضة التي
بدأت في مدينة درعا الجنوبية، وعادت
شرارتها الى هذه المدينة أمس، بعدما
تنقلت في مختلف المناطق والمدن
السورية، ومن بينها العاصمة دمشق
نفسها. ومع ان الأسد كان قد اعرب عن
قناعته انه «اذا لم ترَ حاجة الى
الاصلاح قبل ما جرى في مصر وتونس، فان
الوقت اصبح متأخراً للقيام بأي اصلاح»،
فقد حاول استيعاب الانتفاضة في بلاده
بعدد من التغييرات المتعلقة بطريقة
الحكم، كتغيير الحكومة ورفع حالة
الطوارىء وما شابه ذلك. لكن الاجراءات
الحكومية الليّنة كانت تترافق دائماً
مع اجراءات امنية قاسية، ما يعطي
الانطباع ان القبضة التي تمسك بقرارات
النظام ما زالت تمارس السلوك السابق
ذاته، وأن الاجراءات الاصلاحية ليست
قرارات جدية، وانما هدفها الوحيد
تحويل أنظار الخارج، في سبيل التفرغ
لمعالجة الوضع الداخلي بالطريقة
القديمة ذاتها. يعزّز هذا الانطباع سعي النظام السوري
الى إلباس تهمة «المؤامرة» الى اطراف
خارجية، في إيحاء الى غياب المصلحة
الداخلية عن مطالب المتظاهرين. يضاف
الى ذلك الاسلوب التحريضي والاستعلائي
الذي تتعامل به وسائل الاعلام الرسمية
السورية مع تغطية أخبار الانتفاضة. اذا صح ان قرار القيادة السورية في هذه
المرحلة هو قرار المعالجة الامنية،
فانها تكون سلكت طريقاً فيه الكثير من
المغامرة. فمناخ المنطقة والظروف
الدولية لم تعد توفر فرصة للاستفراد
بالداخل، ولاستخدام القمع كوسيلة للرد
على الاحتجاجات الشعبية. واذا كان
صحيحاً ان الانتفاضتين التونسية
والمصرية لم تصلا بعد الى شاطىء أمان
يضمن القول ان نظاماً جديداً قد استقر،
فان الأكيد أن هاتين الانتفاضتين
خلقتا حالة من الاستقواء على الخوف
والقمع وممارسات الفساد، لم تعرفها
الشعوب العربية من قبل. والامر ذاته
بالنسبة الى ردود الفعل الخارجية،
التي كانت جاهزة في الماضي لعقد صفقات
مع الانظمة مقابل السكوت عن سلوكها،
وهو ما حصل مع تونس ومصر وليبيا، ومع
سورية ايضاً في اكثر من مرحلة. لكن هذا
الوضع تغيّر اليوم، كما يثبت بوضوح
المصير الذي انتهى اليه معمر القذافي،
الذي كان اكثر المستعدين لعقد الصفقات
ليحافظ على بقائه في الحكم. وكما تؤكد
ايضاً ردود الفعل الدولية الشديدة
اللهجة حيال ما يجري في سورية. =================== بئست "المقاومة"
وبئس "المقاومون" د. ياسر سعد | 23/5/1432 ه المسلم للنفاق والمنافقون في التاريخ دور بارز
في محاربة الأمة ومحاولة اختراق
صفوفها من خلال رفع الصوت عاليا
بشعاراتها وأهدافها وقيمها والتشكيك
بالآخرين وكيل التهم العنيفة بحقهم،
بينما هم في واقع الحال يزرعون أرضها
بالألغام ويتصيدون الأوقات الحرجة
والحاسمة لينفضوا من صفوفها وينقضوا
عليها طعنا وغدرا. في العصر الحديث
أصطلح على تسمية أولئك الخفافيش
بالطابور الخامس، وهم بكل الأحوال
أخطر ما يمكن أن تواجهه الأمة من
تحديات وتلاقيه من مخاطر. وإذا كانت المقاومة تشكل علامة ناصعة على
حياة الأمم وحيويتها، ومتانة مناعتها
العقائدية والفكرية، ورفضها الإنساني
للذل والاحتلال بكافة أشكاله وصوره،
فإن تلك المقاومة كانت أكثر من تعرض
للطعن والتشويه من أكثر الناس حديثا
عنها، ورفع الصوت عاليا بها، والتشدق
باحتكارها بطرق تثير الاشمئزاز. وإذا
كانت المقاومة من أنبل الأخلاق
الإنسانية وأكرمها، فإنها تقتضي من
أدعيائها أن يكونوا على مستوى رفيع من
الخلق والاستقامة، والالتزام بمعايير
واضحة من الصدق والمبدئية. ليس المقصود
هنا بطبيعة الحال النظام السوري،
والذي شكل بامتياز وبجدارة مشروع ضرار
هذا العصر، حيث تسمع منه جعجعة ولا ترى
طحنا سوى طحن الظلم والفساد، وترى منه
الشعارات الكبيرة لفظا فيما سلوكه يضج
بقتل الأبرياء وقهر المواطنين، وفي
حين يتعامل مع أعداء الأمة على الأرض
بمهانة ودونية. مقاومة "حزب الله" والتي شكلت
مواقفها عواصف من الجدل والنقاش، فهي
وللأمانة حاربت الإسرائيليين غير مرة
وأبلى شبابها بلاء حسنا خصوصا في حرب
2006، والتي وقفت الأمة بغالبية أطيافها
مؤيدة وداعمة لها وبلا تردد. غير أن
استعراض مواقف الحزب من قضايا الأمة
وخصوصا في مراحلها المفصلية، تقودنا
إلى استنتاج بأن قادة الحزب- والذي
يعترفون بولاية الفقيه والتي تقتضي
منهم الطاعة والتبعية لطهران-
يستخدمون تلك المقاومة ودماء شبابها
المتحمس كأداة سياسية وعسكرية في صراع
النفوذ لصالح طهران في مواجهة القوى
الإقليمية وعلى رأسها الكيان الصهيوني.
هذا الاستنتاج ليس تجنيا ولا عبثا
ويمكن الاستدلال عليه بمواقف لا
أخلاقية وقفها الحزب هوت به إلى موقعه
الحقيقي، ورفعت عن الناس الغشاوة
والتي رسمتها بطولات شبابه وتضحياتهم. كان موقف "حزب الله" من احتلال
العراق مخزيا وفاضحا، فالحزب الذي
يتهم منافسيه على الساحة اللبنانية
بالعمالة لواشنطن وبأنهم أزلام
فليتمان، لم يؤيد المقاومة العراقية
والتي كانت تواجه احتلالا أمريكيا
عنيفا أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من
الضحايا. تناقض المواقف من لبنان إلى
العراق كان واضحا- ففي لبنان نقاوم وفي
العراق نساوم ونؤيد لعبة الاحتلال
السياسية أو بأضعف الإيمان لا نعارضها-
كشف عن لا مبدئية الحزب وعن ارتهان
قيادته الصارخ والمعيب للأجندة
الإيرانية. ثم جاءت أحداث لبنان في مايو 2008 حين
استباح "حزب الله" الأحياء الآمنة
والوادعة ورفع سلاحه بوجه اللبنانيين،
فتلوث سلاح "المقاومة" حين وجه
لصدور مواطنيه تحت ذريعة حمايته. موقف
الحزب وقتها رفع عنه دعم قطاعات عريضة
من الشارع العربي، والتي هالها ذلك
الموقف وخيب آمالها مما أدى بالكثيرين
للتشكيك بطرحه المقاوم والذي يستهدف
في المحصلة الاستعلاء في الوطن وفرض
الآراء والتوجهات بطريقة فوقية تستند
إلى منطق القوة لا إلى قوة المنطق. وحين
هبت أعاصير التغيير في العالم العربي،
وقف حزب الله موقفا مؤيدا من الثورات
وأيد بلا غموض ولا لبس الثورة المصرية،
ولما تعرضت البحرين لحركات احتجاجية
أيدها الحزب معتبرا أن المواقف
المشككة في تلك الثورة غير منصفة وعاب
على من أرتاب بدوافع الأحداث هناك،
وبالدور الإيراني متهما إياه
بالازدواجية في المعايير والمواقف. لم يطول الأمر
كثيرا حتى وصل تسونامي التغيير إلى
سورية، والتي يحكمها واحدا من أسوأ
الأنظمة دموية قمعا وفسادا في العالم
بشهادات الحقوقيين والمنظمات
العالمية والإقليمية المعنية بالحقوق
والشفافية. حزب الله وبجرأة كبيرة
وصفاقة عجيبة، قفز عن موقفه من البحرين
لينكص على عقبيه، مؤيدا حكما فاسدا
وظالما في مواجهة رغبة شعبية عارمة في
التغيير السلمي والسعي للحرية
والكرامة والتي اعترف بشار في كلمته
الأخيرة أن المواطن السوري محروم منها.
قصر الوقت ووضوح المشهد لم يكشف عن
ازدواجية مواقف الحزب وافتقارها
للأخلاق والمبدئية، بل إن اتهامه
الآخرين بنقيصة واقترافه لها يفضح
نفاقا صارخا وكذبا فاضحا. وإذا صحت
الأخبار الواردة من سوريا عن مشاركة
عناصر من "حزب الله" في قتل وقمع
المحتجين المسالمين، فإن الحزب يكون
قد هوى في مستنقع جديد ليتحول من أداة
سياسية إلى آلة للقمع وحول عناصره إلى
مرتزقة ينافسون رجال بلاك ووتر في الانحطاط والرذيلة
السياسية ==================== الثلاثاء, 26 أبريل 2011 03:55 باسل
محمد القدس باسل محمد للمقارنة، ثورة الاحتجاجات في
سورية مختلفة و في مقدمة هذه
الاختلافات ان القيادة السورية لم
تتهم تنظيم القاعدة و ايران بتحريك
الاحتجاجات كما فعلت قيادات الحكم في
مصر و تونس و اليمن و بالطبع ليبيا التي
حاولت هذه الدول من خلال اقحام اسمي
القاعدة و ايران لكسب تأييد الغرب
والاهم تبرير سياسة البطش ضد المحتجين. المثير في الحالة السورية، ان نظام بشار
الاسد اشار الى شبهتين في هذه
الاحتجاجات، الى مؤامرة خارجية في
اشارة الى اسرائيل بالتأكيد والى
التنظيمات السلفية وبالتحديد جماعة
الاخوان المسلمين ولكن لسوء حظ
القيادة السورية، كلا الشبهتين تحفزان
الغرب على دعم الاحتجاجات في الشارع
السوري. من المهم بدايةً، الاقتناع ان نظام الحكم
في سورية هو نظام شمولي من الطراز
الاول وهو يتصدر الانظمة الدكتاتورية
في المنطقة التي تؤمن بحكم الحزب
الواحد و الفرد الواحد و لديها اجهزة
امنية مخيفة و نفقات امنية باهظة. مع انطلاق ثورات الحرية في العالم
العربي، يجب على النظام السوري ان يسلم
الى انه يجب اقامة نظام حكم انتخابي
يكون فيه هذا الحزب حاكماً او هذا
الفرد رئيساً بالانتخاب التعددي.
المشكلة ان بعض الانظمة الشمولية في
عالمنا العربي التي هوت ارغمت على قبول
التنحي و قبول نمط الحكم الانتخابي،
وهذا معناه ان هذه الانظمة ليست مقتنعة
ان وجود نظام حكم ديموقراطي انتخابي
تعددي يتم اختيار الحاكم فيه على قاعدة
التقييم و المحاسبة وامكان تغييره مع
كل انتخابات اذا لم ينجح في سياساته
الداخلية و الخارجية هو انجاز نوعي
للمواطنين و الوطن والمعضلة الاشد
خطورة ان هذه الانظمة مازالت لا تصدق
ان مثل هذا النظام الانتخابي حيوي
للأمن و التنمية. ببساطة، كل هذه الانفعالات و الارهاصات
في ثورات الشارع العربي تمثل دليلاً
قاطعاً على وجود كبت و قمع و ملاحقة
للمعارضين و الطامحين الى المشاركة في
الحكم و اتخاذ القرارات لأنه من غير
الممكن ان يكون المواطنون العرب قد
جنحوا الى الجنون.. على القيادة
السورية و كل القيادات الاخرى ان تسأل
نفسها، لماذا لا توجد ثورة احتجاجات في
فرنسا او جنوب افريقيا او البرازيل او
فنزويلا كتلك التي اندلعت في المدن
العربية؟! من تاريخ اول شهيد للحرية في العالم
العربي محمد البوعزيزي في تونس، يجب ان
تكون كل القيادات السياسية الشمولية
في العالم العربي فهمت ان الحكم لا يتم
بالقوة ولا بالجبروت بل هو حق و
استحقاق يؤخذ بالانتخابات. مع سورية وغير وسورية، احترام حرية
الانسان و كراماته وآرائه و مشاركته في
الحكم هو افضل وامتن نظام امني على
الاطلاق ومع احلال النظام الديموقراطي
الانتخابي، فأن حركة انتصار الجيد على
الرديء داخل مؤسسات الحكم والدولة
ستكون نشيطة وهذا يشكل دفعة قوية الى
امام لملف التنمية العضوية و ليست
تنمية اي كلام. في موضوع اسرائيل، سيقرأ الخبراء
الاسرائيليون نجاح القيادة السورية و
الشارع السوري بتأسيس حكم سياسي
ديموقراطي في سورية وفق المتغيرات
التالية، النفقات الامنية المرعبة في
سورية ستتراجع، كما ان حجم الفساد
سينحسر بذريعة الخطر الاسرائيلي، ومع
هذا الحكم الانتخابي، فأن كل مواطن
سوري سيتحدث بحرية وينتقد وهذا معناه
ان الاقتتال والهوة بين نظام الحكم و
بين المواطنين المعارضين سيتبدد، ومن
ناحية الضغط الخارجي خاصة من الغرب على
سورية فلن يكون له مكان اذا قامت
الديموقراطية، كما ان ملف حقوق
الانسان سيقفل تماماً في هذا البلد
والاهم ان مقارنة العالم الغربي بين
اسرائيل ديموقراطية و سورية دكتاتورية
ستختفي. خلاصة الموقف الاسرائيلي، ان اسرائيل
تتمنى ان لا يقوم نظام الحكم
الديموقراطي في سورية و ان تستمر حركة
الاحتجاجات بالطريقة الراهنة بين
سياسة البطش و التعنت من القيادة
السورية و بين هيجان الشارع السوري
المطالب بالحرية وربما يتطور الوضع
الى حرب اهلية وهذا مطلوب اسرائيلياً
بامتياز. على مستوى جبهة المقاومة ضد اسرائيل، فأن
احتمال ان مشروع المقاومة سينتهي
بأنتهاء نظام الحزب الواحد و الفرد
الواحد في سورية هو امر مستبعد اذا
اختارت القيادة السورية المشاركة مع
الشارع و المعارضة في تأسيس نظام
ديموقراطي انتخابي سيكون من بين ابرز
مهامه تطهير النظام السابق من
الفاسدين و المعطلين للتنمية و الوفاق
الوطني كما يحصل في مصر الآن. من اصدق النصائح هي ان على القيادة
السورية ان تقرأ وتفهم تجربة الثورتين
المصرية و التونسية و تقتدي بهما،
فمحاربة الفساد و الحد من البطالة
واطلاق الطاقات و الكفاءات الشابة
وتقديم الفاسدين الى المحاكمة و
استعادة الاموال المنهوبة واحلال وفاق
وطني واسع يحترم ويلتزم نظام الحكم
الانتخابي، كل ذلك سيؤدي الى تأسيس
موازين قوة جديدة مع اسرائيل وليس مجرد
تنظيمات مقاومة هنا و هناك وليس مجرد
محاور مقاومة تكون في اغلب الاحيان
سبباً للانقسام و الصراع داخل العالم
العربي. =================== الثلاثاء, 26 أبريل 2011 حسان القالش * الحياة لا مكان في سورية، اليوم، لصوت ثالث، أو
لموقع وسطيّ، معتدل ومتوازن ومنطقي.
ذاك أن الغريزة، أو الغرائز المختلفة،
هي التي تتحكم بمجمل سلوك السلطة،
وبآراء الناس العاديين وغالبيتهم
الصامتة. وهناك من هو واقع في أزمة
عاطفة وطنيّة أو أزمة موقف وطنيّ إذا
صحّ الكلام، فهو ليس من المعجبين
بالسلطة والنظام القائم، كما يزداد
رفضه لكثير مما يحصل في الشارع يوماً
بعد يوم، وجمعة بعد أخرى. والحال أن السلطة قد استنفرت أدواتها،
الإعلامية والحزبية والإدراية،
لاستفزاز القلق الوجودي عند الناس،
وجعلهم يتوسّلون حال الأمن والأمان،
هذه النعمة التي كانوا يعيشون فيها من
دون أن يشعروا بقيمتها! وبالتالي خلق
مزاج معادٍ ورافض للتحركات المطلبية،
الموصوفة بالمحقّة وفق رأي السلطة
نفسها. بينما لم يكن خطاب الشارع
المطلبي موحداً، ولا خالياً من عناصر
عملت على إيقاظ الكوابيس الطائفية
والمذهبية، النائمة والكامنة تحت رماد
التاريخ السوري الحديث. فتمت المناداة للجهاد من على منابر
الجوامع المحسوبة على السّنّة، وتم
الهتاف بشعارات إقصائية وكارهة
للعلوييّن في بانياس، في حين لم تخلُ
صفحات ال «فايسبوك» من هذا المناخ
المذهبي والعنيف. يقول أحدهم: «علينا
إخواني أن نضرب بيد من حديد... ادخلوا
مراكز الشرطة التي بدأت تخاف من خيالها
اضربوا الجيش... اضربوا المصالح العامة
لتعطيل الحياة فليس لدينا أمل إلا بهذه
الطريقة في ظل تخاذل الحلبيين
والدمشقيين (أبناء المدينة)». ثم يقول
إنه شاهَد «دماء الأبطال تهدر على أيدي
هؤلاء الخونة الكفرة». على أن المصيبة
ليست في هذا الانقسام العمودي فقط،
بأبعاده العنفيّة والمذهبيّة. ذاك أن
بعض مثقفي البلاد المحترمين، أخذوا
يمجّدون كل الحاصل على الأرض من دون
تمييز وتدقيق. ثم بدوا وكأنهم قد
فوجئوا ببعض ما حصل في الشارع: «هذا
مؤسف. كانت الانتفاضة نظيفة عموماً.
وينبغي أن تبقى. تفوقها الأخلاقي هو
سلاحها الأقوى»، يقول أحدهم متفاجئاً.
وباستثناء ما جرى في درعا، وما جلبه من
عار على السلطة السورية، كانت أحداث
اللاذقيّة وبانياس وحمص حافلة، للأسف
الشديد، بخطاب طائفي ومذهبي بشع
وكريه، وقد استفحل هذا الخطاب وتطوّر
إلى ممارسات مذهبيّة واضحة وفجّة،
تمثّلت في قتل أفراد ينتمون إلى
الأقليّة العلويّة خصوصاً، عبر
الإيقاع بهم وقطع الطرق عليهم، ومن ثمّ
التمثيل بجثثهم، فاستخدمت السواطير
والسكاكين، وقطّعت الأطراف البشرية
وشوّهت، وتمّ تصويرها بدم بارد. وقد
غطّى هذا السلوك على كل شخص نزل «سلميّاً»
إلى الشارع، وهؤلاء ليسوا قلّة. والحال أن النظام يتعامل مع المرحلة
الراهنة على طريقة «إما معنا أو معهم»،
في وقت ما زال ينكر فيه حجم المشكلة
الحالية، ولا ينظر إليها على أنها أزمة
وطنيّة حقيقية، تتعلق بمصير البلاد
ومستقبلها، وذلك بإصراره على نظرية
المؤامرة وتثبيت فكرة أن ما يحصل هو
نتيجة لها، وليس أن المؤامرة - وكل بلاد
الأرض تحاك ضدها المؤامرات - قد
استفادت واستثمرت في أزمات المواطنين
ومشاعرهم. وليس أن المؤامرة، إذا سلمنا
بها جدلاً، قد لعبت على أكثر الأمور
حساسية عند الناس. ولا يبدو أن النظام السياسي في سورية يصدق
حقيقة أن دود الخلّ منه وفيه، وأن
إهماله المتراكم والمتعالي للسياسة
الداخلية، وعدم إيلائها أي أولويّة
بينما هو منشغل في محاربة المؤامرات،
هو السبب في نفخ النار الكامنة تحت ذاك
الرماد السوري. وهو لا يبدو، من ناحية
أخرى، مدركاً إحدى أهم مميزاته عن
بقيّة الأنظمة السياسية العربية
المشابهة في السلوك والتفكير، وهي
وجود مزاج شعبي واسع وعريض كان يفصل
بين مكوّنات هذا النظام، وينظر إليه
بطريقتين متناقضتين، سلبية إلى أجهزة
النظام الأمنية والى الرأسماليّة
وأسماء قادتها، وإيجابيّة إلى شخص
رئيس البلاد. ولئن نجح النظام في حشد الناس وتقسيمهم،
بين من معه أو ضده، لا بين من يريد
التغيير ومن يريد الفوضى، فقد بدأت
نُذر الطائفيّة في المقابل تطفو على
قسم واسع من الشارع المتحرك. وهي أخطر
بكثير من دعاية «التنظيمات السلفية»
التي روّج لها الإعلام الرسمي أخيراً.
ذاك أن أي تنظيم من السهل تعقّبه
ومعرفة حدوده وحجمه، بينما يصعب تقدير
حجم معتنقي أفكار تتقاطع وتتماهى مع
أفكار وممارسات تلك التنظيمات، وهو ما
يحصل الآن في أغلب الظن. خلاصة القول إن الشارع والسلطة معاً، لا
يقبلان رأياً كهذا، يدينهما معاً،
ويفنّد أخطاءهما ويرفض الذهاب معهما
إلى المجهول الوطني. هكذا، ببساطة
وبعدم اكتراث، قد تتصدّع الروابط
العائلية والأهليّة، فيحدث الشقاق
والفراق بين الأخ وأخيه، وصاحبته
وبنيه. فلا يجد مكاناً له في وطنه ولا
يقبله أحد، في حين أن من وضعوا البلاد
في الخطر مكانهم محفوظ... في الجهتين. * كاتب وصحافي سوري =================== الثلاثاء, 26 أبريل 2011 حازم صاغيّة الحياة المعتادُ التحدّث إلى نفسه، سنةً بعد
سنة، وعقداً بعد عقد، من دون أن يناقشه
في أقواله أحد، ليس الشخص الصالح
للتحدّث إلى الآخرين ولإقناعهم. فهو
صاحب «مونولوغ»، يحتقر «الديالوغ» ولا
يرى حاجة إليه أصلاً. إنّه يبلّغ
الآخرين ما فاح به عبقره، ولا يتوقّع
منهم إلاّ ما يُتوقّع من التابع قُفّة. لكنّ أزمة صاحب المونولوغ تتحوّل هذياناً
بدائيّاً لدى اصطدامه بأوضاع لم تكن في
حسبانه. هكذا تغدو التظاهرة الشعبيّة
شكراً من الناس لربّهم على إهطال
المطر، ويُسام النائب اللبنانيّ عقاب
صقر «غيفارا» الثورة السوريّة بعد أن
يُسام زميله جمال الجرّاح «لينينها». هذه «التحليلات» اللامعة تتّسع رقعتها
كلّما ثار مذعنون ظُنّ أنّ ألسنتهم قد
تهرّأت لندرة الاستعمال، ليتبيّن
أنّهم يملكون، فضلاً عن الألسنة التي
لا تزال صالحة، زنوداً وإرادات كانت
تُشحَذ في العتم والخفاء. هنا يستولي
الارتباك على صاحب السرد الأوحد فيروح
يهرف بأيّ كلام، وكلّما كان الوضع
المستجدّ والمفاجئ أخطر جاءت الكلمات
الهاذية أفدح. في الأسابيع القليلة الماضية بدأ النظام
السوريّ، للمرّة الأولى، يتحدّث، أي
يخاطب سواه. إلاّ أنّ بدايات نطقه لا
تشي بأنّه سيتعلّم النطق والمخاطبة،
حتّى أنّ حلفاء له في أنقرة والدوحة ما
عاد في وسعهم أن يفهموا تمارينه
السقيمة على الكلام. فالاختراق والاندساس والمؤامرة ممّا
ينبئنا به، مصطلحاتٌ تنسخ مصطلحات
الأنظمة التي تهاوت والتي تتسابق إلى
السقوط. وهذا ينمّ عن كسل الذين لا
يُجهدون أنفسهم للعثور على مفردات
ومعانٍ جديدة ودقيقة تطابق واقع الحال.
بيد أنّه ينمّ عن شيء آخر هو الإيحاء
بأنّ النظام ذو خاصرة أمنيّة بالغة
الرخاوة، أو أنّه لم يهتمّ أصلاً
بالأمن وبأجهزته إذ صرفته عنها هموم
أخرى من النوع الرائج في البلدان
الغربيّة، كمثل التشريع والرفاه
وسواهما. لقد بنى النظام، وفقاً لتلك
الرواية الضمنيّة، حديقة من دون سياج،
وهذا عيب الديموقراطيّات في بيئة غير
ديموقراطية! وفي مقابل هذه الصورة عن الأمن، ترتسم
للإعلام صورة أخرى. ف «نقديّو» النظام
لا يجدون ما يأخذونه عليه إلاّ التقصير
الإعلاميّ في مواجهة «إعلام الفتنة
وتضليل الفضائيّات». وافتراض القوّة
في الإعلام السوريّ يشبه افتراض الضعف
في الأمن السوريّ، إذ متى كان ذاك
الإعلام ناشطاً وديناميكيّاً حتّى
يُتّهم اليوم ب «التقصير»؟. ثمّ هل هو
أصلاً إعلام مبنيٌّ كي يكون ناشطاً
وديناميكيّاً وكي يؤدّي وظيفته الأولى
التي تفترضها تسميته، أي أن يُعلم؟ واقع الحال أنّ وراءنا أعداداً لا حصر لها
من التجارب التي تقول إنّ إعلام أنظمة
الحزب الواحد يجهّل ولا يُعلم. ذاك أنّ
الناس ممّن يخاطبهم الإعلام هذا «مقتنعون»
سلفاً بمحموله، فيما غير المقتنعين لا
يجرأون على الجهر بضعف اقتناعهم، فإذا
فعلوا عولجوا بالسجون التي وصفها فرج
بيرقدار ومصطفى خليفة وسواهما. لكنّ النظام، لا سيّما من خلال «نقديّيه»،
يرتكب هذاءً آخر هو الدعوة إلى... «الحكمة».
خيرٌ إن شاء الله! ماذا عن الحكمة التي
كانت، سنةً بعد أخرى، وعلى مدى 48 عاماً
من زمن «الطوفان في بلاد البعث»، تطالب
الحكم السوريّ بحقوق بسيطة هي من
بديهيّات حقوق الانسان؟ تلك الحكمة لم تكن حكيمة في نظر حكماء
اليوم الذين باتوا يرون أنّ ثمّة
أموراً تستدعي «الإصلاح» فعلاً، وهو
إصلاح لم تؤخّره إلاّ «الهجمة» التي
تعرّضت لها سوريّة وتتعرّض! وهذا مع
العلم أنّ ما تأخّر لا يقلّ عن موت
الناس تعفّناً في السجون وعن معاملتهم
معاملة العبيد. والحقّ أنّ سوريّة مطالَبة اليوم، وأكثر
من أيّ وقت مضى، بالحكمة. وأوّل الحكمة
أن يتمّ إطلاق سراح مساجين الرأي وأن
يتوقّف القتل، وثانيها أن يرحل الحزب
الواحد الذي يمجّه العقل والعصر سواء
بسواء، وأن يتاح للسوريّين تشكيل
أحزابهم التي تعكس غناهم وتنوّعهم في
مناخ من الحرّيّة والكرامة. من دون
هذا، سيقف النظام متسبّباً بمذبحة
أخرى تستنهض ما هو رديء وبشع في بعض
خصومه، فضلاً عمّا هو رديء وبشع فيه.
وآخر أخبار الدم في درعا تشي بأنّ
مذبحة كهذه تلوح في الأفق، مذبحةً لا
تبتلع الحكمة فحسب، بل تبتلع سوريّة
كلّها أيضاً. =================== الياس خوري 2011-04-25 القدس العربي كتب سمير قصير
مرة الى صديقه السوري فاروق مردم بك: 'شعبك
عظيم يا اخي'. ولو كان سمير حياً لكتب
اليوم الى جميع اصدقائه السوريين بأن
شعبهم عظيم، وقال لهم ان ياسمين الحرية
يزهر اليوم في الشام، وان مواكب
الشهداء تستعيد تاريخ سورية من قبضة
الاستبداد، وتجعل من الشام قلب
العروبة وحلمها المستعاد. لكن سمير قصير قتل اغتيالاً في بيروت في 2
حزيران(يونيو) 2005، وصار شهيد الثورة
الديمقراطية في سورية، مثلما كتب صبحي
حديدي. ' ' ' كانت الجمعة عظيمة في معانيها. بلاغتها
الكبرى هي انها اعلنت نهاية الاستبداد.
يستطيع النظام ان يتابع القتل لكنه فقد
سطوته وانهارت هيبته. وحين يسقط جدار
الخوف، ويعلن المستعبدون حريتهم، تسقط
العبودية، ولا يبقى امام القاتل سوى
ممارسة الجريمة الى النهاية، والنهاية
لن تكون سوى نهايته. امام جلال التضحيات لا نستطيع سوى
الانحناء امام هذه البطولات التي لا
تفسرها سوى كلمة واحدة هي الكرامة. شعب
اعلن انه لن يُذلّ بعد اليوم. شعب لا
يملك سوى كرامته كي يدافع بها عن وجوده.
انتفضت كرامة الناس في وجوه من يعتقدون
ان شعبهم بلا كرامة. لقد اساء النظام
تفسير صبر الشعب السوري، فاعتقد ان
اذلال الناس يضمن ولاءهم، فاذا به
يُفاجأ بأن الشعار الأساسي هو رفض
الذلّ، وبأن هذا الشعب يختزن في داخله
الاباء والعزة، وانه يموت ولا يركع. كانت الجمعة عظيمة في شجاعتها. امام
الرصاص المنهمر من قناصة النظام،
تابعت الحناجر اطلاق صيحة الحرية.
المشاهد على اليو تيوب والفيسبوك تثير
الهول والأسى، لكنها ايضا تعلن بأن لا
عودة الى الوراء. ' ' ' في بدايات التحرك التي اشعلت درعا
وحوران، كسر الشعب جدار الخوف. فامتدت
المظاهرات الى دوما وحمص وضواحي دمشق
وبانياس وجبلة والجزيرة والقامشلي
وحماة ودمشق وحلب. اما في يوم الجمعة العظيمة فلقد اعلنت
القطيعة النهائية بين الشعب والنظام.
وهنا تكمن الأهمية الكبرى لهذا اليوم
الذي سيدخل التاريخ السوري في وصفه
بداية نهاية الاستبداد. القطيعة اعلنها النظام، حين اظهر انه
متخشّب وغير قادر على التغير، وان لعبة
الغاء قانون الطوارئ لم تكن سوى غطاء
لتشديد القمع وسفك الدماء. ففي بلد
يعيش منذ اربعة عقود بلا قانون يحكم
العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وفي
نظام يتصرف كأنه يمتلك الارض ورقاب
الناس، يصير الاصلاح وهما. الاصلاح
يبدأ باسقاط وحدانية الحزب وهيمنة
العائلة الحاكمة، وتفكيك الاجهزة
الامنية المرعبة، والا فلا اصلاح. يوم الجمعة اعلنت القطيعة، وحين يفقد
النظام صلته بالواقع، لا يبقى امامه
سوى هذيان القتل وجنون الجريمة. لكن
الهذيان والجريمة لا يستطيعان انقاذه
من حافة الهاوية التي وصل اليها. ' ' ' لا يطلب الشعب السوري المستحيل، مطلبه
واضح وبسيط هو استعادة كرامته كشعب
وكرامات افراده كمواطنين. هذا المطلب
البسيط والواضح يبدو عصياً على الفهم
عند قادة السلطة ورتل المروجين لها. فلقد نسيت السلطة انها تحكم شعباً، وان
حكمها لا شرعية له اذا لم يكن نتاج
تفويض شعبي، وان السياسة هي محصلة
توازن اجتماعي وليست نتاج القهر
والقمع. وفي يوم الجمعة العظيمة حين خرج الشعب
السوري من الجزيرة الى حوران ومن حمص
الى دمشق، ليعلن انه يريد استعادة حقه
في صوته وفي صناعة سياسة وطنه، لجأ
النظام الى القتل، وامتد خيط الدم من
حمص الى ازرع مرورا بالشام، وبدا وكأن
الأجهزة الأمنية تمارس هواية صيد
الشعب الأعزل، وان الاستبداد لا يعطش
الا الى دماء الأبرياء. لن يستطيع النظام حلّ مشكلة الانسداد
السياسي الذي يخنقه بالقمع. فالقمع
مهما اشتد ليس سوى سلاح محدود الفاعلية
والأثر. المشكلة السياسية لا تحل
امنياً بل تحل سياسياً. ولأن النظام لا
يملك سوى لغة سياسية خشبية لا ترى سوى
المؤامرات والدسائس، ولا تعي ان الشعب
السوري لم يعد يحتمل، فان شعار الشعب
يريد اسقاط النظام الذي بدأ في تونس
وامتد الى مصر، صار اليوم شعار الشعب
السوري. ' ' ' بمقدار ما تتجلى عظمة الثورة السورية،
بمقدار ما تكشف السياسة اللبنانية
السائدة عن خوائها وعقمها. بدل ان يتعظ
امراء الخراب والطوائف اللبنانية من
انتفاضة الشعب ضد النظام، ومن عظم
التضحيات الشعبية السورية وبلاغة الدم
المراق، اذا بهم يحاولون تجيير ما يجري
في سورية لتصفية حسابات فئوية وطائفية
لن يكون لها اي مكان غدا، حين ستعلن
الجمعة العظيمة انها كانت مقدمة لفجر
القيامة المجيد في بلاد الشام كلها. غداً حين سينبلج الفجر وتتهاوى
الديكتاتورية ويبدأ نظام امراء
الطوائف اللبنانية في التداعي، غداً
سوف تستعيد الكلمات معانيها، وتصير
وحدة المصير عنواناً لحرية الشعبين
وعلاقتهما التي لا تنفصم. لكن يجب ان لا ينسى اللبنانيون، ان من
احتمى بالنظام السوري المستبد مثله
مثل من غذى العنصرية ضد الشعب السوري،
كلاهما كان يحاول تدمير العلاقة
التاريخية العميقة بين الشعبين، وان
الشعب السوري يستحق اعتذاراً من كل من
شوّه صورته. اما نحن فننحني للشهداء، ونقول للأحبة في
سورية ان حريتهم هي حرية العرب جميعاً،
وتضحياتهم هي نور يبدد الظلام العربي. =================== عندما يكذب الشيخ
البوطي على الله محمد علي الأتاسي القدس العربي 26-4-2011 قبل عدة سنوات، نشرت دراسة في ملحق 'النهار'
(14/11/2004) عن الشيخ البوطي وعلاقته
بالسلطة السياسية في سورية، تحت عنوان
'الفقيه والسلطان: الشيخ البوطي نموذجا'،
تناولت فيها مكانة ودور الشيخ البوطي
في حقل علماء الدين السوريين، وطبيعة
العلاقات التي تربطه بالسلطة، وعرضت
لبعض مظاهرالفكر النكوصي للشيخ البوطي
مقارنة بالفكر الإسلامي المتنور الذي
ساد أبان عصر النهضة، وعرجت في التحليل
على المصالح الرمزية المتبادلة بين
البوطي والسلطة وآلية اشتغال وأساليب
كيل المدائح وإسباغ عبارات التبجيل
والتعظيم من قبل الشيخ البوطي للرئيس
حافظ الأسد وابنه الدكتور بشار. ولدقة
الموضوع وحساسيته، حرصت وقتها على
إيراد المراجع مع أرقام الصفحات بخصوص
الاستشهادات التي استخدمتها من كتب
وأقوال البوطي، ما عدا مقاربة وحيدة
استخدمت فيها طريقه التحليل اللغوي
وأوردت فيها سلسلة الصفات وعديد
الكلمات التي يستخدمها الشيخ في خطبه
ومقالاته لكيل المدائح للرئيس الأسد،
من مثل (القائد الفذ/العبقري/المعين
الذي لا ينضب/النهر الدافق/صاحب
المواقف التي انبعثت عن إلهام رباني).
ولضيق المجال ذكرت عنوان كتابه 'هذا ما
قلته أمام بعض الملوك والرؤساء العرب'،
الذي وردت فيه هذه الألفاظ من دون ذكر
لأرقام الصفحات التي أخذت منها. بعد أيام قليله، جاء رد الشيخ البوطي،
بطريقه غير معهودة منه في مثل هذه
الحالات، على شكل مقال قصير في صفحة 'قضايا'
في جريدة النهار (10/12/2004)، يتوقف فيه عند
الجملة الوحيدة التي مرت في مقالي من
دون الإحالة إلى أرقام الصفحات، لينفي
بالمطلق ما ورد فيها، وليقسم بالله أن
لا لسانه ولا قلمه تحركا بمثل هذه
الألفاظ و'ليبرأ إلى الله' من هذه
الكلمات، على حد تعبيره. وألح علي في
مقالته أن أنسب الألفاظ التي أرويها
عنه إلى أماكنها من كلمات ألقاها أو
بحوث كتبها. وختم متوعدا ومتحديا، أنه
إذا لم يتح لي أن أفعل ذلك فإن 'لكل حادث
حديث'. التبس علي الأمر بخصوص رد البوطي هذا،
وتساءلت في نفسي ما الذي دهى الشيخ حتى
يبرأ إلى الله من ورود هذه الألفاظ على
لسانه، وكان يكفيه أن يرجع لكتابه الذي
أحلت إليه في مقالتي، حتى يتأكد بنفسه
أنها ألفاظه كما وردت على لسانه وبقلمه.
يومها قلت لنفسي انه قد يكون للسن حقه
أو انها فورة الغضب حلت بين البوطي
وبين تدبر أمره والنظر بتمعن إلى ما هو
موجود بين دفتي كتابه. طبعا، لم يكن من
الصعب أن أرد عليه بعد يومين بمقال
قصير في الجريدة ذاتها، ذكرت فيه
العبارات وأرقام الصفحات التي احتوت
هذه الألفاظ في مديح الرئيس الأسد.
وأشرت إلى أن اعتراضي الرئيس على الشيخ
البوطي بالنسبة إلى هذه الألفاظ لا
يأتي من إنزاله الناس (والحكام)
منازلهم في الحديث عنهم وإليهم بحسب ما
يدعي، ولكن ينبع من محاولته في كثير من
الأحيان التلاعب في المواقف ونفي ورود
مثل هذه الألفاظ على لسانه، وهذا
بالضبط ما كرره مجدداً في رده علي. انتهى الأمر يومها عند هذا الحد، واستنكف
البوطي عن كتابة رد على الرد بعد أن
اسقط في يده. أما اليوم فإنني أجد نفسي
مضطرا مع الاسف أن أعود من جديد لهذه
الواقعة، على ضوء مواقف البوطي
الأخيرة بحق المتظاهرين الذين خرجوا
من المساجد السورية عموما، ومن الجامع
الأموي في دمشق خصوصا، من أجل حرية
بلدهم. وأنا إذ أعود لها فليس الهدف هو
التشفي من البوطي، ولكن لأبين كيف أن
الشيخ إذا كذب وقتها على الله وأقسم
أغلظ اليمين في نكران ما تفوه به لسانه
وأورده قلمه في مديح حكام سورية، فإنه
يكذب اليوم على الله بحق دماء الشهداء
ومن على شاشات التلفزيون وأمام ملايين
المشاهدين، وهو يفتري على هؤلاء
المتظاهرين الشباب متهما إياهم بأنهم 'ينتعلون
المساجد' لمآربهم الخاصة، في حين أنهم،
وكما سنبين في السطور اللاحقة، لم
يترددوا في المخاطرة بحياتهم في سبيل
حرية سورية وكرامتها. للجامع الأموي في دمشق مكانة استثنائية
في التاريخ الحديث لسورية عموما
ولمدينة دمشق خصوصا، ويكفي في هذا
المجال أن نذكر أن كبرى المظاهرات التي
هزت البلاد خلال فترة الانتداب
الفرنسي وصولا إلى فجر الاستقلال خرجت
من أبواب هذا الجامع، كما دخلت من ذات
الأبواب مواكب تشييع كبار القاده
والزعماء الوطنيين في سورية، ومن على
منابره خطب أهم علماء الدين في سورية.
لذلك لم يكن عبثا أن تختار السلطة قبل
عدة سنين الشيخ سعيد رمضان البوطي، وهو
أشد المقربين من عائلة الأسد في صفوف
رجال الدين، للخطابة والتدريس في
الجامع الأموي، في حين منع عدد من
المشايخ الدمشقيين المستقلين من أمثال
معاذ الدين الخطيب من العودة مجددا
للخطابة في هذا الجامع. من هنا لم يكن عفويا أن يكون الرد الأولي
للسلطات السورية في أعقاب نجاح ثورة
تونس واندلاع الثورة المصرية، وقبل أن
يتجرأ أحد في الشارع السوري على
التحرك، هو في تنظيم مظاهرات تأييد
حاشدة بتاريخ 15022011 في محيط الجامع
الأموي لاستقبال الرئيس السوري الذي
نزل لأداء الصلاة بذكرى عيد المولد
النبوي وكان إلى جانبه الشيخ البوطي.
كما لم يكن عفويا أن يأتي رد الشباب من
ذات البقعة الجغرافية وأن تنطلق أولى
التحركات الشعبية الخجولة للثورة
السورية بعد شهر في 15 آذار/مارس من محيط
الجامع الأموي، وأن تليها أولى
المظاهرات المنظمة من داخل حرم الجامع
في صلاة الجمعة يوم 18 آذار، حيث اضطر
خطيب الصلاة الشيخ البوطي أن يترك
المنبر على صيحات المتظاهرين الشباب
التي ارتفعت بالتكبير وبالهتاف للحرية.
وقد أظهر فيديو على اليوتيوب لهذه
الواقعة كيف كان البوطي يهرول هاربا
وهو محاط بحراسه الذين يجهدون لفتح
طريق له بين صفوف المتظاهرين المنادين
بالحرية. وإذا كانت البشائر العفوية الأولى للثورة
السورية ما لبث أن ظهرت في 1722011 بعد
يومين فقط من حشود التأييد بعيد المولد
النبوي، مع مظاهرة حي الحريقة بالقرب
من الأموي التي اندلعت في أعقاب ضرب
الشرطة لأحد المواطنين، ورفع فيها
لأول مرة شعار 'الشعب السوري ما بينذل'،
فإنه يمكن اعتبار مظاهرات الأموي التي
تلتها وانطلقت يوم الجمعة في 18 آذار
وتوسعت في جمعة الغضب في 25 آذار،
البداية الرسمية للثورة السورية، كما
أنها أسست من حيث الشكل والمضمون لأغلب
التحركات الشعبية التي بدأت فعليا في
درعا في 18 آذار، ولم تلبث أن عمت سورية
من أقصاها إلى أقصاها. ويكفي في هذا
الإطار أن نشير إلى الشعارات التي
أطلقها الشباب لأول مرة من تحت قبة
النسر في حرم الجامع الأموي من مثل 'الله
سورية والحرية وبس' أو'حرية، حرية'
لتنتشر من بعدها في أرجاء البلاد
ولتصير أهم شعارات الثورة السورية
التي راحت تتردد من القامشلي إلى حوران.
أما الشيخ البوطي في كل هذا، فيبدو أنه لم
يغفر لهؤلاء الشباب أنهم أفسدوا عليه
خطبة الجمعة، ولم يشف غليله أن معظمهم
قد ضرب واعتقل على أيدي أجهزة الأمن،
فراح في أحاديثه المتكررة على الأقنيه
التلفزيونية السورية يحرض عليهم متهما
إياهم بأنهم ينتعلون المساجد لمآربهم
ولا يعرفون شيئا اسمه الصلاة وجباههم
لا تعرف السجود وأنهم ينقادون لأوامر
آتيه من الخارج ويحتمل أن تحركها أصابع
صهيونية. أما دليل الشيخ البوطي على كل
هذا، فهو أنه رآهم في باحة المسجد
المفتوحة عندما خرج فنظر بوجوههم فوجد
أنها 'ليست وجوه صلاة، ومظاهرهم مظاهر
أناس لا تتعامل مع المساجد بشكل من
الأشكال'. شكرا لافلام اليوتيوب لكونها في صلب هذه
الثورة، ليس فقط لأنها تكشف حقيقة من
نكل بأجساد الأحرار من قرية البيضا في
بانياس، ولكنها أيضا تكشف كيف ينكل
البوطي بعقول السوريين وضمائرهم،
فأشرطة مظاهرات صلاة الجمعة في الجامع
الأموي تظهر كيف أن المتظاهرين حوصروا
داخل الحرم، وكيف كان رجال الأمن
ينتظرونهم في الباحة الخارجية لينالوا
منهم بالضرب والاعتقال. والسؤال
البسيط هو كيف عرف البوطي وقرر، أن من
في الباحة الخارجية هم من المتظاهرين
وليسوا من رجال الأمن؟ ومن قال له أن
جباههم لا تعرف الصلاة؟ ومن ثم من
يشاهد فيديو هروب البوطي من حرم الجامع
مطأطئ الرأس ومحاطا بعشرات من حراسه
الشخصيين، سيدرك مباشرة استحالة أن
يرى البوطي أي شيء خارج هذه الدائرة
الضيقة، فكيف إذا بفراسة الوجوه
والتمعن بالجباه على امتداد الصحن
الخارجي للمسجد؟ أضف لذلك أن البوطي
لحظة خروجه من حرم الجامع، كانت
المظاهرة لا تزال مستمرة في داخله،
فكيف تمكن الشيخ من رؤية المتظاهرين في
الخارج؟ لقد احتج البوطي، وصال وجال، ضد مجموعة من
الشباب متهما إياها بانتعال المسجد
لأنها حاولت أن تجعل من صلاتها في هذا
المكان ذي الأبعاد الرمزيه الهائلة،
ومن ندائها أن 'حي على الصلاة' وأن 'حي
على الحرية'، رسالة إلى الشعب السوري
بضرورة أن ينهض لنيل حريته واستعادة
كرامته. لكن ذات البوطي قبل عدة أسابيع
من هذا التحرك، لم يرف له جفن واعتلى
المنبر خطيبا عندما أنزلت السلطة
الآلاف المؤلفة من مؤيديها إلى المسجد
الأموي في عيد المولد النبوي لتملأ
قاعة الصلاة ولتحيط بالرئيس لحظة
خروجه من الجامع هاتفة له 'الله سورية
بشار وبس'، وهو الشعار الذي تلقفه
المتظاهرون منذ البداية وقلبوا محتواه. ما يثير الأسى مع هذا الشيخ، الذي يعتبر
المحاور الأول لصانع القرار في سورية
وأكثر المشايخ قربا له، أنه لم يتوان
لوهلة في حديثه للفضائية السورية عن
اعتبار ان ما يجري الآن في سورية من
اضطرابات مرتبط بمعركته القديمة لمنع
عرض المسلسل التلفزيوني 'ما ملكت
إيمانكم'، وأن عرض هذا المسلسل في شهر
رمضان وإساءته للقرآن أثبت رؤيته
وحلمه بنزول كارثة على سورية وأغضب
الله فعاقب البلاد بما تشهده اليوم من
احتجاجات. أما عن هذه الرؤية فنكتفي
هنا بإيراد بعض تفاصيلها الجهنمية كما
وردت على لسان البوطي نفسه في مقابلة
سبق له أن أعطاها قبل بدء الاحتجاجات
لموقع 'نسيم الشام' المقرب منه: ' كل ما أملك أن أقوله انه كان بين يقظة
ونوم، وكان الذي رأيته وباء نازلاً من
السماء بمظهر مادي مرعب، ذي بقع
سرطانية حمراء تبعث على التقزز
والاشمئزاز، ومع هبوطه السريع نحو
الأرض أخذت تنفصل منه حيوانات كثيفة
وكثيرة طائرة راحت تنتشر وبسرعة فوق
دمشق، وقد علمت أنها جراثيم لوباء خطير
متجه للتغلغل داخل البلد'. طبعا ما اعتبره البوطي تحققا لرؤيته
العجائبية، لم يمنعه من الاستمرار في
الخطابة من على منبر الجامع الأموي
الكبير في قلب دمشق، ولم يوقفه عن لعب
هذا الدور الخطير إلى جانب السلطة وبعض
المشايخ المدجنين، وهو الدور الذي
بالاستناد للقاعدة الفقهية 'درء
المفاسد قبل جلب المنافع'، لا يقوم
بشيء آخر سوى إفراغ المطالب المشروعة
للمتظاهرين من مضامينها السياسية،
وإبقائها في إطار معيشي اجتماعي وديني
محافظ. فإذا وضعنا جانبا إلغاء حالة
الطوارئ، كون الجميع بما فيهم السلطة
باتوا متوافقين على إلغائها، فان جل ما
يطلبه البوطي وصحبه هو إلغاء منع
النقاب وحرية إنشاء المعاهد الدينية
والسماح بحرية العمل الدعوي ومحاربة
الفساد. أما مطالب من مثل الانتخابات
الحرة وتحديد عدد الفترات الرئاسية
وفصل السلطات، فإنه لا مكان لها في
قاموس البوطي وصحبه، لأن فيها شبهة
الديمقراطية وحكم الشعب لنفسه، في حين
أن البوطي كان قد كتبها وقالها مرارا
وتكرارا 'ان حكم الشعب لنفسه مخالف
لحكم الإسلام، لأن الحاكم في الشريعة
الإسلامية هو الله'. المضحك المبكي في ما يجري اليوم في الشام
القديمة وفي الجامع الأموي تحديدا، أن
فراسة البوطي في وجوه المصلين وحقيقة
إيمانهم، لم تعد تفيد بشيء في فرز
الناس بين الصالح والطالح، بعد أن راحت
السلطة ترسل صباح كل يوم جمعة عشرات
الباصات من قوى الأمن باللباس المدني
لملء حرم الجامع الأموي عن بكرة أبيه
برجالها من المصلين الأشاوس ذوي العصي
الكهربائية والأيادي الغليظة. أما
البوطي فإنه صار مطمئنا الى أنه لم يعد
هناك أحد قادر على تخريب صلواته
وخطبته، لأنه بات من جديد بين أهله
وأحبابه! ' كاتب سوري ================== الثلاثاء, 26 نيسان 2011 عمر عياصرة السبيل ليس صحيحا أن
مواقف النظام السياسي السوري من "إسرائيل"
تبرر له أن يسفك هذا الكم من الدماء في
شوارع درعا وحمص ودوما وبانياس وغيرها
من المدن السورية التي تشكل لكل العرب
ذاكرة لا نهائية من المواقف والرجولة. نعم ليس اليوم كالأمس، فلم تعد تنطلي على
الشعوب العربية تلك الحيلة التي تقول
بتقديم الشرعية الخارجية على الشرعية
الداخلية. الاستبداد لم يعد مبررا بحجج مواجهة "إسرائيل"
وحجج دعم المقاومة والاصطفاف مع
الممانعة، لذا فإن الحرية اليوم
والديمقراطية وكسر قيد الاستبداد
الداخلي، باتت مفاهيم تسيطر على الوعي
السائد عند الجدد من الأجيال العربية
الشابة. الشعب السوري، وكما لا يخفى على احد،
يعاني من قبضة أمنية واستبداد لا مثيل
له، وقد طال صبره إلى أمد لا ينسجم مع
طبيعته التي أزعجت فرنسا في بدايات
القرن وأرّقت "إسرائيل" كثيرا. لكن السوريين الذين صبروا بحجة إلزامية
التماسك الداخلي في مواجهة الخارج،
هؤلاء لم تعد تنطلي عليهم تلك
المعادلة، فالضيم والاستبداد بلغ
الحناجر، ولا مجال في زمن الثورات
العربية إلا لموقف قوي من الشعب السوري. القوى السياسية على اختلاف مشاربها في
الأردن، تبدو مأخوذة ومترددة من اتخاذ
موقف سياسي واضح من الأزمة السورية. فالناس هنا بين نارين، نار صمود سوريا في
وجه الصهاينة، ونار الدماء المستسهلة
من النظام السوري، لكن الحقيقة التي
يجب أن لا تغطى بانتهازية تفرض علينا
أن لا نرضى بهذا القمع، وأن لا نقبل
بهذه التبريرات التي يسوقها الرسمي
السوري. جارتنا الشمالية درعا، وهي امتداد حوران
الجغرافيا، كانت البداية في الحراك
وإعلان الرغبة بالإصلاح، لكنها اليوم
تسحق بالرصاص والدبابات وتحاصر ولك
الله يا درعا. تمنينا لو أن الرصاص الذي انهمر على رؤوس
المواطنين السوريين كان موجها
للصهاينة، وتمنينا على بشار الأسد
الذي ظنناه متنورا أن لا يلجأ لهذا
العنف وان يواجه الأمر بالاستجابة
للمطالب الشعبية. نعم قلوبنا في درعا وفي كل أرجاء الوطن
السوري، وما نتمناه أن ينزل الخير
أخيرا على الشام، فهي درة العرب
وقلعتهم. =================== عشائر أردنية مُتهَمة
في عين المخابرات السورية ماهر أبو طير الدستور 26-4-2011 يروي سوريون ان المخابرات السورية، تجمع
معلومات في مدينة درعا، اذا ما كان
هناك اردنيون، ومن عشائر معروفة،
وصلوا مؤخراً الى درعا. سبب التحقيقات، هو الرغبة باتهام الرمثا،
ومناطق الاردن المجاورة لسوريا، بأنها
تهرب السلاح والمال الى درعا، وان هناك
اردنيين من تلك المناطق تسللوا الى
مسيرات درعا السلمية. يتم تركيب الاتهام باعتبار ان لهجة
الرمثاويين واهالي درعا تكاد تكون
واحدة، لانها منطقة واحدة تاريخياً،
فالهوى حوراني. السوريون المقيمون في لندن يقولون ان
معلوماتهم تفيد بأن هناك تخطيطا لدى
المخابرات السورية لربط قوى لبنانية
معارضة لدمشق، وشخصيات لبنانية،
بتحريك شباب من عشائر الشمال، عبر
الحدود الى درعا. العلاقات الاردنية السورية متوترة بشدة
دون اعلان، لان المخابرات السورية،
والاجهزة الامنية في هذا البلد، تبحث
عن متهمين، فتارة يتم اتهام فلسطينيي
درعا، بأنهم محركو الفوضى والخراب،
وتارة يراد الزج بالاردن، دولة وشعباً
في هكذا فوضى. دمشق الرسمية، التي يقودها زعيم ثبت انه
لا بشار ولا اسد، اغلقت الحدود مع
الاردن، ونزلت الدبابات الى الشوارع،
وسوريا على وجه مذابح دموية، تحت عنوان
وجود مؤامرة، بدلا من استيعاب الشعب
السوري الاصيل. نظام دموي لا يمكن الدفاع عنه، ومثلنا
كثرة محرومة من دخول سوريا، لاننا
انتقدناها في سابق الايام، ومثلنا
كثرة من الشعب السوري، محرومة من
بلدها، لان النظام هناك يقترب من حدود
«الالهة» فلا يجوز نقده ولا الاقتراب
من حرمته المقدسة. هذه جرائم حرب بحق الشعب السوري، جرائم لا
يمكن السكوت عليها تحت اي عنوان،
والفعاليات الاردنية السياسية التي
تهيج في لحظة اذا ضرب شرطي اردني
مواطناً اردنياً، تسكت امام محنة
السوريين. عار هذا ما بعده عار. عار عليكم السكوت.
الشعب السوري رخيص في نظركم، هل الشعب
السوري بلا كرامة، ام ان الاستضافة في
فنادق دمشق، والبوظة الباردة في سوق
الحميدية، وليالي الشام الجميلة
تجعلكم تتجاهلون الدم السوري. منذ بداية الاحداث ودمشق الرسمية تتفلت
يمنة وشمالا، تارة لاتهام قوى
لبنانية، وتارة لاتهام عائلات
فلسطينية في درعا، وتارة لاتهام عشائر
اردنية على صلة دم ونسب مع درعا، ولم
يبق الا اتهام السوريين بأنهم يريدون
الالتحاق بالاردن، مواطنة وجغرافياً. المعلومات التي سربها معارضون سوريون
قابلة للتدقيق، غير ان عليكم ان لا
تستغربوا الزج باسماء اردنية غداً في
هذه القصة، والاتيان بعملاء من درعا
يتقنون اللهجة الحورانية، بمذاقها
الرمثاوي، ليقولوا ان الدولة الاردنية
ارسلتهم للتفخيخ والتفجير. بشار الاسد يشكو وينوح، وقد قال لرئيس
مجلس الاعيان طاهر المصري قبل ايام،
انه يعتقد ان هناك مؤامرة امريكية على
دمشق، ضارباً دليلا على ذلك بخطر قناة
الجزيرة التي ُتحرّض ضد نظامه. كان الاولى بالرئيس السوري اذا كانت هناك
مؤامرات فعلا، ان يصون الدم السوري،
ويخفف الاعباء عن شعبه، لا ان يرسل
الاشاوس لذبح الشعب السوري، وهو الشعب
الذي سيحاكم من سكت على دمه المهدور. لا بشار ولا اسد!. =================== الحوار عند سوريا "اسطوانة
ودروس"! سركيس نعوم النهار 26-4-2011 عن التفاوض غير المباشر بين سوريا
واسرائيل منذ ايام الرئيس الراحل حافط
الاسد تحدّث الباحث الاميركي من اصل
عربي الذي كان نشطاً وعلى مدى سنوات
عدة في هذا الحقل، قال: "اتاني احد
المسؤولين الكبار عن الموضوع السوري
في الادارة الاميركية فتحدثنا عن
سوريا واميركا ولاحقاً عن سوريا
واسرائيل. وركزنا على إمكان انفتاح
هاتين الدولتين احداهما على الاخرى بل
على ضرورة هذا الانفتاح. فقال ان
الرئيس اوباما مستعد وجاهز وانه هو
مستعد للذهاب معي الى دمشق للبحث في
هذا الأمر. ما يزعجهم كأميركيين في
الادارة السورية هو ان الحوار معها
يكون دائماً من طرف واحد. كان المسؤولون السوريون يُسمعونك
تسجيلاً أو اسطوانة، ويتصرّفون
كأساتذة يعطون دروساً ولا يسمحون لك
حتى بالكلام أي بالحوار. لذلك توقّف
الكلام والحوار بين العاصمتين". الا
يشكل ارسال اميركا سفيراً لها الى دمشق
بعد سنوات من سحبه بداية حوار او رغبة
في حوار؟ سألتُ. اجاب: "ارسال سفير
الى دمشق بعد انقطاع سنوات ليس سبب
اطلاق حوار مع سوريا. او بالاحرى ليس
الحوار السبب الوحيد له. وأحد ابرز
اسبابه في رأيي هو عدم الثقة بالسفير
السوري في واشنطن عماد مصطفى. لا اعرف
لماذا "جدَّد" له الاسد "ولاية"
اخرى في العاصمة الاميركية. كان يُفترض
ان تنتهي مدة خدمته هناك بعد خمس سنوات.
انتهت المدة لكنه بقي في واشنطن. مشكلة
اميركا معه ليست شخصية وسببها انه غير
دقيق. يتسلّم رسائل معظمها شفهي من
مسؤولين اميركيين بغية ايصالها الى
المسؤولين في دمشق فيغيّر فيها او
يُحوِّر. ولا يريدون ان ينتهوا من ذلك.
في اي حال يتعامل السفير مصطفى مع
ابناء الجالية السورية في واشنطن، وهم
اميركيون ايضاً، بطريقة سلبية، يهدد
من ليس منهم مع السياسة السورية
الرسمية او مع النظام السوري. وهؤلاء
يسكتون عن ذلك لأن لهم عائلات في سوريا
وأنهم لا يريدون تعريضها لأي اذى.
أحياناً يرفض حضور بعضهم مناسبات
اجتماعية او حتى وطنية سورية. ذات مرة
انسحب وزوجته غاضباً من مناسبة كان
فيها سوري تتعارض سياسته بوضوح مع
السياسة السورية". ما رأيك في زيارة مالكولم هونلاين، احد
ابرز قادة تجمع رؤساء أهم منظمات
اليهود الاميركيين، لدمشق واجتماعه
بالرئيس بشار الاسد؟ سألتُ. اجاب: "انها
محاولة. ولا اعتقد انها ستوصل الى اي
مكان. ربما رتبها السفير عماد مصطفى.
فعلاقاته جيدة مع اليهود السوريين
الذين هاجروا الى اميركا ومع غيرهم من
اليهود الاميركيين، وهو يحضر
مناسباتهم المتنوعة. ويدعو بعضهم الى
دمشق. تعاطى أخيراً مع البعض في "ايباك".
لا اعرف كيف يجوز ذلك له. سوريا تريد
سلاماً مع اسرائيل. وقد أُجرِيت
مفاوضات غير مباشرة بينهما اثناء
حكومات رابين وباراك وبيريز ونتنياهو
استضافتها سويسرا واثمرت اتفاقاً كاد
ان يصبح معاهدة سلام. المطلوب معاهدة سلام. وهي قد تختلف ربما
عن السلام الكامل. يعاد الجولان كاملاً
الى سوريا وربما يعاد اكثر منه قليلاً.
ذلك ان الحدود عام 1967 بين الدولتين
كانت تبعد قليلاً عن مياه بحيرة طبريا،
او على حدود هذه المياه. الآن تراجعت
المياه قرابة 300 متر. وقد وافقت اسرائيل
في المفاوضات المشار اليها اعلاه على
ان تكون هذه الارض الاضافية تحت
السيادة السورية ايضاً، لكن بعد ان
تُحوّل متنزها للسوريين
والاسرائيليين. علماً ان حق
الاسرائيليين في زيارتها يبدأ عند
شروق الشمس وينتهي عند مغيبها. ومع
عودة الجولان ينسحب الاسرائيليون من
المستوطنات التي بنوها على ارضه. كل
شيء كان كل سائرا على نحو جيد. الرئيس (الراحل)
الاسد اعطى موافقته لكنه طلب ارسال
اسرائيل اقتراحاً مفصّلاً وموقّعاً
بكل ما اتفق عليه كي تبدأ على اساسها
المفاوضات الرسمية. تأخر رئيس حكومتها
باراك يومها في القيام بذلك لأسباب عدة.
وخلال هذه الفترة كان الاسد قد انتقل
الى جوار ربه". ألا تعتقد ان
تأخر باراك كان مقصوداً او على الأقل
دليلاً على تردده وعلى شعور بالتفاجؤ
بجدية حافظ الاسد وتالياً على عدم
استعداده وبلاده للاقدام على هذه
الخطوة؟ سألت. أجاب الباحث الاميركي من
اصل عربي نفسه: "لا اعتقد ذلك. على كل
حال الاسرائيليون، حسب معلوماتي،
جاهزون لمعاودة التفاوض المباشر او
غير المباشر انطلاقاً من اتفاق سويسرا".
علّقتُ: اتفاق سويسرا فرط عندما سرّب
تفاصيله اسرائيلي مشارك في "المفاوضات"
غير المباشرة الى الإعلام. اذ استاء
السوريون واوقفوا كل شيء. بماذا ردّ
الباحث نفسه؟ =================== ميشيل كيلو السفير 26-4-2011 يتأرجح قرار القيادة السورية بين إرادتين:
واحدة تدعو إلى حل أمني يحافظ على
النظام بإخراج الشعب مجددا من معادلة
السياسة، بعد أن دخل إليها بقوة مفاجئة
وبصورة مباشرة خلال الأشهر القليلة
الماضية، على الطريقة التونسية /
المصرية، التي تصير أكثر فأكثر حالة
عربية عامة. وأخرى تريد حلا سياسيا
يحدث تبدلا تقني الطابع في النظام،
يحافظ على بنيته الجوهرية، التي يحتج
المتظاهرون عليها. في أحوال كالتي نمر
فيها، يكون هناك دوما غلبة لهذه
الإرادة اليوم ولتلك غدا، وتحدث حالات
اختلاط تمزج بين الإرادتين، في حالات
كثيرة، كما نلاحظ في التعامل مع
الشارع، الذي يتعرض لإطلاق النار
اليوم، وتواكبه بسلام القوات التي
واجهته بالعنف البارحة! يستهدف الحل الأمني، الذي يبدو أن مواقف
أنصاره تتباين حول درجة وحجم العنف
الذي تمس الحاجة إلى استخدامه، تحقيق
هدف سياسي يبدو بلوغه في الوضع الدولي
والإقليمي والعربي والداخلي الراهن
ضربا من المحال، بالنظر إلى التغير
المهم الذي وقع في كل مجال من هذه
المجالات، والذي سأعرج عليه بأشد
إيجاز ممكن. دوليا: كان العالم يؤمن أن الاستقرار شرط
الحرية في منطقتنا، المهددة ببديل
إسلامي لا شك في قدومه، إذا ما سقطت
النظم المركزية - كي لا أقول
الاستبدادية - الراهنة. واليوم، وبعد
أن تبين بالدليل الملموس أن البديل ليس
إسلاميا بالضرورة، وأن خيار مجتمعاتنا
يتضمن لحظة ديموقراطية قوية وواعدة،
وأن الإسلام المعتدل يشارك بقية
المجتمع طلب الحرية ويلتزم باحترامها،
صارت الحرية شرط الاستقرار، وصار
دعمها وانتصارها ضمانة سقوط الاستبداد
من جهة، والحيلولة دون سيطرة بديل
إسلامي متطرف من جهة أخرى. لم يعد
الاستبداد كافل أمن العالم عامة
والغرب خاصة، بل صار استمراره خطرا
مباشرا عليهما، فهو مرفوض في صيغته
الحالية، بعد أن فقد الدور الذي كان
يؤديه إلى الأمس القريب. إقليميا: بعد اضطرابات العام الماضي
الواسعة والخطيرة في طهران، لم تعد هذه
قادرة على ضمان أمن حلفائها
واستمرارهم، وصارت بحاجة إلى كامل
قوتها كي تضمن أمنها الخاص، وغدا من
الضروري بالنسبة لها أن تقلص مساحات
الاحتكاك مع الغرب، بما أنها لا تستطيع
حماية حلفائها عسكريا، لافتقارها بكل
بساطة إلى القوة اللازمة لذلك، ولأن
الثورة العربية الحالية، ذات الأبعاد
التاريخية والواقعية الهائلة
الدلالات والمضامين، تنذر بإخراجها من
المجال العربي، وبتحويلها إلى جهة
برانية بالنسبة إليه، الأمر الذي يفرض
عليها منذ اليوم مراجعة واسعة في
حساباتها، جوهرها أنه لن يعود بوسعها
بناء دورها العربي على ضعف أو إضعاف
العرب، واختراق بلدانهم ونظمهم
وطوائفهم وأحزابهم... الخ. بالمقابل،
فإن تركيا تجد نفسها مجبرة على ممارسة
سياسة تقيها من جهة عوامل الضعف
البنيوي لدى جيرانها، لأن لديها ما
يماثلها، وتلزمها بالابتعاد ولو جزئيا
في مرحلة أولى عن نظمهم، التي أنتجت
هذه العوامل أو ضخمتها أو عملت على
الإفادة منها أو استخدمتها... الخ،
وتحاول هي الحد منها واحتوائها عبر
نموذج سياسي مغاير تماما لنموذجها،
يقوم على الانفتاح الداخلي والحرية
والديموقراطية والتفاعل الخلاق بين
القيم العلمانية والإسلامية والقومية
والليبرالية، في إطار نظام جمهوري
مستقر، متوازن المكونات هو طريقها إلى
عالم مصالحها فيه أكبر بكثير من
مصالحها في أي بلد عربي، مهما كامن
حليفا لها، كسوريا. تبقى إسرائيل، التي
تريد حلولا أمنية لمشكلات جيرانها بيد
حكامهم، لاعتقادها الصحيح تماما بأنها
تورطها في صراع داخلي ضد مجتمعاتها أو
قطاعات واسعة منها، يبطل صراعهم معها
ويحفظ أمنها، ويعطيها الوقت اللازم
للتوسع الاستيطاني واستكمال عملية
تمثل واحتواء فلسطين العربية. عربيا: لا داعي للقول: إن النظام العربي
بدأ يرى نفسه منذ انتصار الثورة
المصرية بدلالتها. وأن من لم يفعلوا
ذلك ارتكبوا خطأ فادحا يدفعون، أو
سيدفعون قريبا جدا، ثمنه. ولعل من
سخرية الأقدار أن من لم يبادروا إلى
قراءة وفهم ما يجري وإجراء ما يلزم من
تغيير في نظمهم، واكتفوا بطمأنة
أنفسهم إلى أن بلدانهم ليست تونس هم
الذين يواجهون اليوم غضب شعوبهم! بعد
تونس ومصر، تغيرت معايير السياسة
وأدوار الدول وضوابط الأوضاع، ورجحت
الاعتبارات الداخلية على الأدوار
الخارجية، وحدث انتقال في مراكز ثقل
وحوامل النظم، وتضاءلت قدرة السياسة
الخارجية على إنتاج الشرعية والإجماع
الداخليين، وتناقص الدور الخارجي وبدأ
يتلاشى تحت ضغط المسائل الداخلية
الصرفة، التي انفجرت كالبركان، وتطاير
شررها في كل مكان، حتى بدا وكأنه يجب
على السلطة أن تحصر اهتمامها بداخلها
وحده، بعد أن بلغت التناقضات الداخلية
حدا يجعلها موضوع السياسة الوحيد،
الذي يعني الفشل في إيجاد حلول
لمشكلاته بقاء الوضع القائم محل شك جدي!.
داخليا: نمت جسدية المجتمع خلال نصف القرن
الماضي نموا هائلا من دون أن تجد
انعكاسا لها في نظامه السياسي، الذي لم
يجد طريقة يضبطه من خلالها غير المزيد
من حجره في قفص سياسي ضيق ومتزايد
الضيق. بدلا عن معالجة هذه الموضوع
كمسألة إستراتيجية من أعلى نمط، تمت
معالجتها كمسألة أمنية من أشنع طراز.
لو أخذت كمثال يؤكد ما أقول، لذكرت أن
نسبة من تقل أعمارهم عن 34 عاما هي 79 % من
مواطنات ومواطني سوريا، وأن نسبة
عالية من هؤلاء بلا عمل، وأنهم لا
يجدون لأنفسهم مكانا داخل نظام البلد
السياسي، حتى إن كانوا أعضاء في حزب
البعث العربي الاشتراكي. ترى، ألا يغضب
إلى درجة الانفجار شاب لا يعمل ولا
يستمع إليه أحد ولا دور له في حياته أو
في الشأن العام، يعيش في حالات كثيرة
جدا عالة على أسرته؟. ركن النظام إلى
أجهزة الأمن، وإلى دوره الخارجي
بتقاطعاته العربية والإقليمية
والدولية، التي أتاحت له حماية حقيقية
من الهوة التي فصلته عن مجتمعه، المشتت
والمخوف، وضمنت ديمومة عالمه الخاص،
المحصن والمنيع، والعصي على المساءلة
والمخاطر. فجأة تغير هذا كله، مع أن
علامات تغيره البنيوي كانت بادية في كل
مجال، ربما كان أهمها واقع الشباب،
الذي أوردت قبل قليل بعض الأرقام عنه. والآن، هل يمكن الإبقاء بالقوة، أي بالحل
الأمني، على الواقع الحالي، الذي شهد
ويشهد تغيرا طاول ويطاول بيئته
الدولية والإقليمية والعربية
والداخلية؟. وبالأحرى: هل ينجح حل أمني
في حل مشكلات غير أمنية، أهمها مشكلة
الحرية وتفرعاتها القانونية والعملية
على الجانب الشعبي، ومشكلات الفساد
وانعدام لفاعلية والتأخر وانتفاء روح
المسؤولية وسوء الإدارة على الجانب
الرسمي، ومشكلات التفاوت الاجتماعي
وسوء التنمية والاندماج الوطني
والتأخر التقني والثقافي على
الجانبين، علما بأن تطبيقه سيؤدي إلى
انخراط قطاعات داخلية متزايدة الاتساع
والانتشار في حركة الاحتجاج، التي
ستتحول من دون أدنى شك إلى تمرد كامل
الأبعاد؟. إذا كان الحل الأمني سيهزم
الشعب، فهل سيهزم أو سيحل مشكلات
السلطة والدولة، التي لعبت دورا خطيرا
في إنتاج مشكلات الشعب والمجتمع؟
وماذا سيكون مصير سلطة تعامل مع شعبها
بالعنف العاري، وتقاتله بوسائل وقوات
يفترض أنها مخصصة للحرب ضد العدو
الخارجي، وعن أية شرعية ستتحدث بعد «النصر»،
على فرض أنها أحرزته، وهو أمر مشكوك
فيه، والدليل أن السلطة احتاجت في
الثمانينيات إلى أربعة أعوام كاملة من
أجل القضاء على تمرد حزب، كانت ظروفها
الدولية والإقليمية والعربية
والداخلية جميعها لصالحها خلالها،
بينما هي ستقضي اليوم على تمرد شعبي
يتسع وينتشر بمقدار ما يستخدم من عنف
ضده، يخدمه ظرف دولي وإقليمي وعربي
وداخلي ملائم، يبدو معه أن حركته هي
التي تتسق مع تطور المنطقة والعرب،
بينما يظهر النظام في وضعه الحالي
بعيدا عن وعي الضرورات التي تفرض نفسها
عليه، مجافيا في طبيعته وممارساته
لروح العصر البازغة، يقاتل للإبقاء
على حال فات زمانها وتقادمت، كان الأسد
الأب - رحمه الله - يرى أنه بحاجة إلى
إصلاح شامل، بل ويعد العدة للبدء
بإصلاحه، من فوق أساسا وبالدرجة
الأولى. لا للحل الأمني ولا للعنف. نعم وألف نعم
لبديله: الحل السياسي الآمن والمتدرج
والمتوافق عليه. وليكن شعارنا جميعا
أين ما كنا: في السلطة أو المجتمع:
سلمية، سلمية. علينا أن نكون سلميين
وحواريين، لسبب قاهر هو أن الحل الأمني
هو مطلب مجموعات هنا وهناك، فوق وتحت،
بينما الحل الآخر: السياسي والحواري،
هو مطلب الشعب بأسره، إلى أية فئة أو
حزب أو جهة انتمى، وحيثما كان موقعه. لن ينجح الحل الأمني. وإذا نجح، فإنه لن
يخرج البلاد من مشكلاتها والنظام من
مأزق بنيوي لم يجد أي نظام مماثل له في
العالم حلولا أمنية لمشكلاته، وهو
سيعقد كثيرا الأمور اليوم، وفي دورة
الاحتجاج القادمة، التي يرجح أن تكون
وشيكة، إذا لم يتول السلفيون الرد بحل
أمني من عندهم، بعد أن يقوض الحل
السياسي إلى درجة تحول المشكلة لراهنة
إلى أزمة لا نهاية لها، سيفوت خلالها
الحلان الأمنيان: الرسمي والسلفي، على
السوريين فرصة الخروج من عنق الزجاجة،
والذهاب نحو وضع انتقالي يضعهم على
مسار حرية ودولة مدنية، هما في نهاية
الأمر، وليس أية إمارة إسلامية
مزعومة، مطلبهم الرئيس! ==================== علي ابراهيم الشرق الاوسط 26-4-2011 مشهد الدبابات على شاشات التلفزيون وهي
تدخل مدينة درعا السورية، التي أشعلت
شرارة الاحتجاجات المطالبة
بالديمقراطية، يعني أن السلطات في
دمشق اتخذت قرارا استراتيجيا باللجوء
إلى القوة لفرض إرادتها وإخماد صوت
الانتفاضة هناك. فطوال الأسابيع الستة الماضية من تاريخ
الانتفاضة المطالبة بالديمقراطية
والحريات في سورية، لجأت السلطات إلى
مزيج من القوة والقرارات السياسية
التي تسير في اتجاه المطالب، مثل إلغاء
قانون الطوارئ، ومحكمة أمن الدولة،
وتنظيم المظاهرات، وإقالة محافظين
ومسؤولي أمن. لكن لم يكن ذلك كافيا
لتهدئة الاحتجاجات لأسباب كثيرة؛
أولها أن هذه القرارات لم تنعكس على
الشارع، فقد استمر إطلاق النار على
المتظاهرين. وثانيا أنها قرارات جاءت
في اللحظة الأخيرة وتحت ضغط، في وقت
تبدو فيه الثقة مفقودة؛ فلا أحد يريد
أن يعطي فرصة ليرى ما إذا كانت هذه
القرارات سيكون لها مفعول حقيقي أو لا. وثالثا، وهو الأهم، هو أن الانتفاضة أصبح
لها مطالب سياسية واضحة رفعت السقف إلى
حد المطالبة بإلغاء المادة التي تنص في
الدستور على هيمنة حزب البعث على
البلاد. بما يعني أن المحتجين يريدون
تغييرا سياسيا حقيقيا يهز ارتباطات
ومصالح راسخة عبر عقود لعقد سياسي
ومجتمعي جديد تماما. ومثلما حدث في بلدان عربية أخرى، فإن
المطالب تبدأ بسقف أقل، مثل الحرية
والعدالة. والمراهنة على إمكانية
التطور والإصلاح من خلال النظام نفسه
واستجابته للمطالب، ثم تبدأ في التطور
عندما ترد السلطات بالقمع والرصاص.
وعندما يسيل الدم يفقد الناس الإحساس
بالخوف، ويبدأون في التحدي ورفع سقف
مطالبهم إلى إسقاط النظام. حدث هذا في
تونس ومصر بنجاح، بسبب أن المؤسستين
العسكريتين رفضتا إطلاق النار على
شعبيهما. وتعثر في ليبيا وتحول إلى
صراع مسلح. ويبدو أنه في سورية يتعثر هو
الآخر، بما يفتح الباب أمام
سيناريوهات قد يكون أحدها مماثلا
لليبيا، والآخر حدوث انشقاقات داخل
النظام نفسه. فالقوة لها حدودها، فلا يوجد حكم يسيطر
على الناس بالدبابات فقط، خاصة إذا
استطاعت حركة الاحتجاج أن تحشد الشارع
بكثافة، كما أن القوة تغير حتى معادلات
الحكم، لأن صاحب الدبابة في الشارع
يعرف أن رقبة القصر في يده. وكما تخيف الدبابات والرصاص الناس، فإن
لها مخاطرها أيضا، فهي تدفع الطرف
الآخر إلى اللجوء إلى السلاح هو الآخر،
كما حدث في ليبيا، كما أن القوة في
مواجهة احتجاجات سلمية تخصم من رصيد
الشرعية لدى مستخدمها، وتجعله تحت
التهديد المستمر من شعبه. وهي لا تحل
مشكلة، بل تؤجلها فقط بضريبة دم مرتفعة
تخلق ثارات وعداوات. من الصعب التكهن بالسيناريو المحتمل،
فالمعلومات شحيحة، وهناك تضييق إعلامي
يعرقل التعرف على الصورة الحقيقية لما
يجري على الأرض وطبيعة القوى. ومن الذي
يتخذ القرار فعلا. والسؤال الذي يطرح
نفسه هو إلى أي مدى ستستطيع القوة أن
تظل متماسكة إذا استمرت الاحتجاجات
وإراقة الدماء؟ وهل استطاعت سابقا؟ قد
نجد الإجابة في كتب التاريخ. ========================== ياسر أبو هلالة تاريخ
النشر 26/04/2011 الغد من له عين أن يتحدث عن الإصلاح في الأردن
بعد ما يجري على بعد أمتار منا في
سورية؟ الشعبان التونسي والمصري قد
يفكران بالاعتذار من ابن علي ومبارك،
فهما وأجهزتهما الأمنية رحيمان
بشعبيهما مقارنة بالشبيحة وأجهزة
الأمن السورية. حتى كتائب القذافي
بالنهاية في جلها مرتزقة تعمل
بالمياومة، ولم تحمل السلاح إلا بعد أن
تمردت القوات المسلحة. في سورية لم يعرف التاريخ العربي أبشع من
هذا النظام، وكأن عمر أبوريشة كان
يعنيه في قصيدته الشهيرة بعد حرب 48 "عجزت
أرحام أن تلد مجرما في قبح هذا المجرم". اليوم وقد دخلت
الدبابات (اللواء السليب الأسكندرون
الذي عادينا تركيا لأجله، أم الجولان
من أجل تحرير الأرض وإعادة مليون نازح
لا يذكر عنهم شيء) درعا! من الجدير
استعادة الحكاية كما حصلت. فقد بدأت
الجريمة على يد المجرمين مدير الأمن
السياسي في درعا عاطف نجيب ومحافظها
فيصل كلثوم. وبدلا من معاقبتهما عوقب
شعب بأكمله. القصة بدأت بترصد أجهزة الأمن السياسي
لمكالمة لطبيبة من درعا مع زميلتها يوم
رحيل مبارك، هنأت زميلتها من خربة
غزالة برحيل مبارك وعقبت "عقبال عنا"،
فاعتقل الأمن السياسي المتحدثتين،
خرجت الطبيبة بعد وساطات في اليوم
التالي وخرجت زميلتها بعد ساعات.
الطبيبة عذبت وحلق شعرها على
الصفروأهينت. ثار أقارب الطبيبة من طلاب المدارس،
وكتبوا على الحيطان "الشعب يريد
إسقاط النظام"، فما كان من الجهاز
الساهر على أمن الوطن إلا ان اعتقل
الأطفال، وفي سورية لا يجوز سؤال الأمن
عمن عنده. وعندما طال الاعتقال، توجه
وفد من الوجهاء لسؤال مدير الأمن
السياسي عن الأولاد، فكان جوابه "اليوم
أخذنا أولادكم، إن سألتم ثانية أخذنا
نساءكم"! ثارت الثائرة ولجؤوا إلى
المحافظ فيصل كلثوم، وهو من الجلاوزة
الذين حصلوا على مسدس "شرف البعث"
في تكريم حافظ الأسد لمن أبلوا في
أحداث حماة. فأهانهم وردوا عليه بضربه
بعد صلاة الجمعة، فما كان من حرسه إلا
أن قتلوا اثنين، ثم قُتل آخران متأثرين
بجراحهما. بعدها اعتصموا في الجامع
العمري واقتحم الجامع وامتدت المجزرة
زمانا ومكانا. فالقضية ليست عاطف نجيب
ولا فيصل كلثوم إنه سلوك يومي لنظام
بدائي. إن أطفال درعا ونساءها هم الرجال الذين
هزوا نظام الفساد والإفساد، وجبن
النظام المعهود في الجولان ولبنان
بانتظار الرد في" التوقيت المناسب"
منذ أربعين عاما، لا نلمسه في الصبر
على أبناء الشعب أربعين يوما. وقد كانت
مطالبة الناس إقالة فيصل كلثوم وعاطف
نجيب ، أما اليوم فالمطالب هي المطالب
الحقيقية إقالة النظام كله. فهو غير
قابل للاستمرار. لا يقبل من أي إنسان أخلاقيا وسياسيا
السكوت عن الجريمة المنقولة على
الهواء، والكتاب اللبنانيون الذين
يرقصون على جراح الشعب السوري سبق لهم
أن رقصوا مع شارون على جراح شعبهم، وما
ذلك عنهم ببعيد. المطلوب من الشعوب
العربية الوقوف مع سورية في محنتها،
قولا وفعلا، والمطلوب من الدول
العربية، وتحديدا مصر والأردن،
استضافة حركة حماس، حتى تتخلص من عبء
الضيافة عند نظام، يقتل شعبه متسترا
بدعم المقاومة. إن درعا لا تعيش الفصل الأخير بدخول
الدبابات، ستعيش الفصل الأخير عندما
يخرج شعبها مبتهجا أمام المسجد العمري
محتفلا برحيل النظام، ولن يكون ذلك
بعيدا. ============================ وجهة نظر إقتصادية ...
حين يكون ثلث السوريين تحت خط الفقر الثلاثاء, 26 أبريل 2011 الحسن عاشي * الحياة على رغم تحقيق معدل نمو سنوي بلغ خمسة في
المئة على مدى السنوات الخمس الماضية،
وتنفيذ إصلاحات تهدف إلى التحول
تدريجاً من اقتصاد موجّه إلى اقتصاد
السوق، وتطبيق استراتيجية واعدة
لتنويع التجارة، تواجه سورية تحديات
اقتصادية واجتماعية حرجة. فمعدلات
الفقر فيها لا تزال مرتفعة، إذ إن
واحداً من كل ثلاثة سوريين يعيش تحت خط
الفقر، فيما الفوارق الاجتماعية
والمناطقية آخذة في الازدياد، والعقد
الاجتماعي الذي كان سائداً في
الثمانينات والتسعينات وكانت الدولة
تضمن بموجبه فرص عمل للخريجين وتقدّم
خدمات عامة مجانية وغذاءً رخيصاً
لسكانها، لم يعد قائماً. مما يُغذي التحديات الاقتصادية التي
تواجه سورية الغضب المتنامي للسكان،
ما أدى إلى احتجاجات انطلقت في الجنوب
وامتدت الى مناطق واسعة. وثمة خمسة
عوامل اقتصادية تثير القلق في شكل خاص: أولاً، مع نسبة النمو السكاني المضطردة
التي تصل إلى 2.5 في المئة سنوياً، يدخل
حوالى 250 ألف باحث عن وظيفة سوق العمل
سنوياً. وأمّن القطاع العام، الذي
يشغّل نحو 30 في المئة من القوى
العاملة، 20 ألف فرصة عمل جديدة سنوياً
منذ منتصف التسعينات. وعلى رغم أن
القطاع الخاص أوجد فرص عمل تفوق هذا
المعدل بواقع ضعفين أو ثلاثة أضعاف،
فهو أيضاً لم يواكب النمو السكاني، إذ
يبلغ معدل البطالة الرسمي نحو 10 في
المئة، فيما يُعتبر نصف الوظائف ذا
نوعية رديئة وذا أجر متدنٍّ ومفتقراً
إلى الحماية الاجتماعية. وتتجاوز نسبة
البطالة بين الشباب، من ناحية أخرى، 30
في المئة. ثانياً، أدّت مواسم متتالية من الجفاف
إلى انخفاض إنتاج القطاع الزراعي
بنسبة 25 في المئة، وهو القطاع الذي
يؤمّن فرص عمل لنسبة 20 في المئة من
القوى العاملة، ويساهم بحصة تبلغ 20 في
المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وكي
يحسّن عدد ضخم من المزارعين ظروف
معيشتهم، ترك قراه وهاجر إلى المدن.
وتضاعف نتيجة لذلك معدل الفقر في منطقة
جنوب سورية الحضرية خلال السنوات
الخمس الماضية. وعلى رغم أن الحكومة
قدّمت أخيراً تحويلات نقدية إلى الأسر
ذات الدخل المنخفض، لتعويض الأثر
السلبي للإصلاحات على ظروفها
المعيشية، فإن تأثير التحويلات كان
محدوداً. ثالثاً، بسبب الإجراءات البيروقراطية
المعقّدة وعدم وجود أنظمة شفافة،
تهيمن على القطاع الخاص في سورية شركات
كبيرة ترتبط بالنظام في شكل وثيق، أو
شركات صغيرة جداً أُجبرت على الانضمام
إلى القطاع غير الرسمي للهروب من
الحواجز الإدارية. وينتشر الفساد على
نطاق واسع، إذ تُتّخَذ القرارات
أحياناً كثيرة على أساس عشوائي.
ويُواجه القطاع الخاص تحديات في
الحصول على الائتمان اللازم لبدء
أعمال تجارية. وعلى رغم أن 14 مصرفاً
خاصاً كانت تعمل في البلاد عام 2010،
مقارنة بثلاثة فقط عام 2004، لم يُسهّل
حصول أصحاب المشاريع الخاصة على رأس
المال، وتستمر المصارف في منح القروض
على أساس العلاقات بدلاً من الجدوى
الاقتصادية للمشاريع. وصنّف تقرير
ممارسة الأعمال للبنك الدولي عام 2010،
سورية في المرتبة 181 من بين 183 بلداً في
مجال الحصول على الائتمان. رابعاً، تتراجع أهمية عائدات النفط كنسبة
من الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك
إعادة توزيع الريع من قبل الدولة. وتراجعت عائدات النفط من أكثر من 14 في
المئة من الناتج المحلي الإجمالي في
أوائل العقد الماضي إلى نحو أربعة في
المئة العام الماضي بسبب استنزاف
الاحتياطات. وتحمّل الفقراء حتى الآن،
معظم عبء هذا الانخفاض من خلال خفض
الإنفاق الاجتماعي الحكومي. ولم تكن الحكومة قادرة على تعويض خسارة
عائدات النفط بزيادة الإيرادات
الضريبية، التي مثّلت نحو 11 في المئة
من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد
الماضي، مقارنة ب 15 في المئة في مصر و24
في المئة في المغرب. خامساً، ازداد التفاوت في الدخل في سورية
خلال العقد الماضي. وعلى رغم أن متوسط
الراتب الشهري للموظفين قفز أكثر من 20
في المئة بين عامي 2006 و2009، اختفت
الزيادة بسبب التضخم المفرط. وإضافة
إلى ذلك، استفاد من تلك الزيادات في
الأجور أصحاب الشهادات العليا أكثر
بكثير من الأشخاص الأقل تعليماً الذين
يشكّلون نسبة 60 في المئة من القوة
العاملة. وفيما تحاول سورية التصدي لهذه المشاكل
الاقتصادية، تواجه تحديات كبيرة
كثيرة، أحدها هو التوزيع غير المتكافئ
للخدمات بحسب المنطقة. وتُعد المناطق
الشرقية والجنوبية الأكثر ضعفاً بسبب
الجفاف وضعف البنية التحتية، وتواجه
انخفاضاً في الفرص الاقتصادية، وزيادة
في تشغيل الأطفال، وارتفاعاً في
معدلات الحرمان. وثمة تحدٍّ آخر يرتبط بالانتقال إلى
اقتصاد السوق والحاجة إلى فتح التجارة
والاستثمار أمام المنافسة. ولا تزال
الحكومة السورية في حاجة إلى معالجة
العوامل التي تحول دون وجود قطاع خاص
قوي من طريق الحد من الفساد والروتين
الإداري وتأمين بنية تحتية ملائمة. وتحتاج سورية أخيراً إلى استثمار جزء من
أصولها الخارجية المهمة التي تُمثّل
ما يعادل 10 أشهر من الواردات، وإلى
زيادة اعتمادها على الديون التي تمثل 27
في المئة فقط من الناتج المحلي
الإجمالي، لدعم سكانها خلال فترة
التحول الاقتصادي، من خلال إنفاق مزيد
من الأموال على التعليم والرعاية
الصحية وتأمين شبكات أمان للفقراء. ولن
تساعد الإصلاحات الاقتصادية في سورية
فقط في تهدئة غضب المحتجين، بل يمكن أن
تساعد أيضاً في منحهم مزيداً من الحرية. * باحث مقيم في «مركز كارنيغي»
ببيروت ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |