ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
منافسة بين إيران وتركيا
في الشرق الأوسط الاربعاء, 27 أبريل 2011 الحياة علي موسوي خلخالي * تتسارع الحوادث في الشرق الأوسط وتحمل
تطورات لا يسع دول المنطقة هذه البقاء
في منأى منها. فهي تؤثر في المعادلات
السياسية والاستراتيجية الشرق
أوسطية، وتصوغ معادلة جديدة. لذا، تسعی الدول الى المحافظة علی
مصالحها في مرحلة رمال الشرق الأوسط
المتحركة. وتنظر الدول الغربية بعين
القلق الى مصالحها في هذه المنطقة،
وتخشى استغلال إيران هذه الحوادث
وإمساكها بخيوط المعادلة الجديدة.
وبعضهم زعم أن ثمة حرباً باردة اندلعت
بين الدول الغربية وحلفائها من جهة
وإيران من جهة أخری. ولا يقف الأتراك موقف المتفرج. فهم منافس
آخر في الحلبة ترحب به الدول العربية.
وتسعى أنقرة، على رأسها رجب طيب
أردوغان وعبدالله غل وبمساعدة منظّر
حزب العدالة والتنمية أحمد داود
أوغلو، إلى اقتناص الفرص والتحول
لاعباً أساسياً في المنطقة هذه. وتتنافس تركيا وإيران على الارتقاء قوة
رئيسة في المنطقة. والدولتان مؤهلتان
لهذا الدور، وتربط بينهما علاقات جيدة.
وتتعاون طهران وأنقرة في بعض الملفات،
وينعمان باستقرار سياسي نسبي علی
خلاف دول المنطقة الأخرى. ورأي صحيفة «الحياة» اللندنية مصيب. فهي
رأت أن صراعاً محموماً يدور في المنطقة
لرسم منظومة عربية جديدة. ومن المستبعد
أن تسعى الدول الأجنبية، وعينها على
مصالحها في المنطقة، في خدمة
الديموقراطية بالعالم العربي. ولا يخفى على أحد أن دول مجلس التعاون
الخليجي يرمي الى استيعاب الحوادث
والتطورات في الجزيرة العربية. وتدخل
حلف الناتو في ليبيا، ورفض وساطة
الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة الليبية.
وأما مربع الشرق الأوسط، أي سورية
والعراق ولبنان والأردن، فهو مشرّع
على الحوادث والتطورات. فالاحتجاجات
السورية تشرّع المنطقة علی
الاحتمالات المختلفة. فحدود تركيا مع سورية تمتد على مسافة نحو
800 كيلومتر. وهي تدرك أن حوادث سورية
تؤثر فيها لا محالة. لذا، تنصب الجهود
التركية على الجارة القريبة منها
سورية، في وقت أخفقت إيران في دعم دور
حليفتها الاستراتيجية سورية الإقليمي. ولا يسع إيران أن تقف موقف المتفرج على
حليفتها سورية، وهي تمر بمثل هذه
الحوادث والتطورات، خصوصاً في وقت
تجتاح الاحتجاجات أكثر من دولة في
المنطقة ويتفاقم الخلاف العربي –
الإيراني في دول مجلس التعاون ولبنان.
ويفترض الوضع التعامل الدقيق مع الشأن
السوري عبر ديبلوماسية فاعلة ومحسوبة
النتائج. وترمي إيران إلی لعب دور
متوازن في تطورات المنطقة. فهي لم تأخذ
مواقف متطرفة، بل سعت في تطوير
علاقاتها مع الدول المختلفة، ومنها
مصر وتونس. * عن «ابتكار» الإيرانية، 21/4/2011،
إعداد محمد صالح صدقيان ================== (حملة إصلاحية) تَذْهَب
بأوَّل (إمارة إسلامية) ! جواد البشيتي 2011-04-27 احْذروا, تنبَّهوا واسْتفيقوا; فإنَّ
سقوطي, أو زوال عهدي, لن يتمخَّض عنه
إلاَّ قيام "إمارة (أو إمارات)
إسلامية".. إمَّا أنا (ولو كنتم غير
راضين عنِّي) وإمَّا "عدوكم اللدود",
والذي هو جماعات وقوى إسلامية
متطرِّفة في عدائها لكم, "إرهابية"
اليوم, كتنظيم "القاعدة", أو غداً. هل عرفتم مَنْ القائل, وما المناسبة? مَنْ سقط منهم, ومَنْ يَنْتَظِر, قال هذا
القول; زين العابدين قاله; فكرَّره
مبارك, والقذافي, وصالح, والأسد,
وكأنَّهم جميعاً اتَّفقوا عليه
وتواضعوا, وهم الذين, في عجزهم المزمن
عن الاتِّفاق على ما فيه مصلحة
الأُمَّة وشعوبهم, يُضْرَب المثل. مَنْ ذا الذي يخاطبونه في قولهم هذا? إنَّهم لا يخاطبون فيه إلاَّ "الأعداء"
لمصالح شعوبهم وأُمَّتِهم, ولحقوقها
وقضاياها القومية والديمقراطية;
وكأنَّهم يريدون أنْ يقولوا للولايات
المتحدة وللاتحاد الأوروبي على وجه
الخصوص, قِفوا معنا, ولا تقفوا مع
شعوبنا في حراكها الديمقراطي; فإنَّها
شعوب غير يَقِظة ديمقراطياً بما يكفي
لمنع الساعين إلى إقامة "إمارة
إسلامية" من أنْ يُسيِّروا حراكها (الديمقراطي)
بما يخدم مآربهم (الإسلامية الإرهابية..). في درعا, كما في سائر سورية, ثار الشعب من
أجل نيل حقوقه السياسية والديمقراطية (والإنسانية).
وكان "الدستور الديمقراطي الجديد",
و"إنهاء الدولة الأمنية", و"الإفراج
عن السجناء السياسيين", و"انتخاب
برلمان يمثِّل الشعب", و"التداول
السلمي الديمقراطي للسلطة", و"الخلاص
من أبدية الرئاسة" ومن تتمتها
الطبيعية والحتمية وهي "توريث
الرئاسة", من شعارات ومطالب الحراك
الشعبي, والتي هي شعارات ومطالب لا
مكان لها في "خطاب" و"منطق"
الساعين إلى إقامة "إمارة إسلامية",
أكانوا موجودين في درعا أم في ذهن نظام
الحكم السوري. وهذا "التناقض" ليس بالتناقض الذي
يتعذَّر على نظام الحكم السوري حله, ف¯
"الشعب", مع حراكه الديمقراطي, ومع
ما يميِّز هذا الحراك من شعارات ومطالب
ديمقراطية, ليس سوى الأمر في "ظاهره";
أمَّا "الباطن" منه, والذي لا يراه
إلاَّ نظام الحكم السوري بعينيه
الأمنيتين اليقظتين, فهو "الإمارة
الإسلامية" الرَّجيمة. إنَّه, وإذا ما أرَدْنا الرؤية بعينيِّ
نظام الحكم السوري, حراك شعبي,
ديمقراطي في شعاره ومطلبه; لكنَّ
نهايته وعاقبته الحتمية لن تكون إلاَّ
حلول "إمارة (أو إمارات) إسلامية"
محل نظام الحكم السوري ("العلماني",
الذي في مقدوره أنْ يُصْلِح نفسه بنفسه
سياسياً وديمقراطياً, وأنْ يسبغ على
شعبه نعمة الإصلاح من غير أنْ يَحْرِم
الوطن والمواطن نعمة الأمن والاستقرار
والوحدة). ولو كان دعاة الإصلاح والديمقراطية في
العالم (وفي الولايات المتحدة
والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص)
يملكون ولو نزراً من بصر وبصيرة نظام
الحكم السوري لرأوا هذا "الباطن"
من الأمور, وَلبانت لهم "الحقيقة",
التي خير تعريف لها هو تعريفها على
أنَّها كل ما يراه بشار الأسد ببصره
وبصيرته. لو كانوا كذلك, أي لو كانوا يشبهون, ولو
قليلاً, نظام الحكم السوري من حيث كونه
مدرسة في "الإنكار", ولو كان من
قبيل إنكار أنَّ سورية أقدم وجوداً من
بشار الأسد, لأعلنوا وقوفهم إلى جانب
بشار في حملته العسكرية في درعا, والتي
هي "ضربة وقائية", كَفَت "العالم
الحر", ولله الحمد, شرَّ قيام "إمارة
إسلامية", كانوا قاب قوسين أو أدنى
من إعلان قيامها. بشار, الذي يفهم "السياسة" على
أنَّها "عِلْم وفن الإنكار.. إنكار
كل حقيقة تأباها مصلحة نظام حكمه",
لن يكترث لمنسوب المنطق في قوله للغرب
إنَّ حملته العسكرية في درعا قد قضت
على "إمارة إسلامية" وهي في مهدها;
ولو لم يقضِ عليها لاضطَّرت الولايات
المتحدة, مثلاً, إلى محاربة "إرهابيي"
هذه "الإمارة" على سواحلها. لكنَّ هذا القول يظل دون "الحُجَّة"
التي تروق لأصدقاء وحلفاء نظام الحكم
السوري من أفراد وجماعات ودول; فهؤلاء
يروق لهم أنْ تُصوَّر الحملة العسكرية
لبشار في درعا على أنَّها ضربة في
الصميم لإسرائيل, ولغيرها من قوى
الأعداء التي تتربَّص بسورية الدوائر,
وتكيد لها, وتسعى في النيل من صلابتها
القومية, وليس لدعاة قيام "الإمارة
الإسلامية" فحسب; فنظام الحكم هذا
عوَّدنا أنْ نفهم حروبه في الداخل (أي
ضدَّ شعبه) على أنَّها حروب (غير
مباشِرة) ضدَّ العدو الإسرائيلي الذي
لا خطر عليه يَعْدِل خطر نظام الحكم
السوري. هؤلاء الأصدقاء والحلفاء لن ينتظروا
طويلاً حتى تَطْمَئنَّ قلوبهم; فنظام
الحكم السوري سيأتيهم, في اجتماعاته
المغلقة معهم, بما يُثْبِت أنَّ "الإمارة
الإسلامية" في درعا هي سلاح تسلَّحت
به إسرائيل ضدَّ سورية (الأسد). بشار الأسد قد يَضطَّر إلى المضي قُدُماً
في حروبه على "الإمارات الإسلامية",
إمارةً إمارةً, أي مدينةً مدينةً; لكن
ما مِنْ قوَّة يمكنها أنْ تجعله يتراجع
عن "نهجه الإصلاحي" الذي بدأ; وعلى
الشعب السوري أنْ يَقْبَل مزيداً من
التقتيل لأبنائه على أيدي "الكتائب
الأمنية" السورية إذا ما أراد
لمسيرة الإصلاح أنْ تبلغ منتهاها!. ================== كم يكفيهم من الأرواح ...
ل«يتنحوا»؟! الاربعاء, 27 أبريل 2011 عبدالرحمن الخطيب * الحياة في تونس بعد مضي أسبوعين من انطلاقة
الثورة الشعبية ضد الرئيس السابق زين
العابدين بن علي، واستشهاد أكثر من 100
شهيد، ألقى ابن علي خطابا، اتهم فيه
الثوار بأنهم حثالة من المجرمين
والمخربين، وأنزل قوات الأمن لقمع
المتظاهرين. وفي الوقت نفسه عزل وزيرين
هامشيين، إمعاناً في استغباء شعبه،
هما: وزير الشباب والرياضة، ووزير
الشؤون الدينية. وحين اتسع نطاق
المظاهرات ووصل عدد الشهداء إلى 150
شهيداً، عزل وزير الداخلية. وحين عمت
المظاهرات أنحاء تونس خاطب شعبه بقوله:
أنا الآن فهمتكم يا شعب تونس، وركب
طائرته وفر بجلده. في مصر بعد أن وصل عدد المدنيين الذين
استشهدوا إلى 200 شهيد، ألقى الرئيس
المصري السابق حسني مبارك خطاباً، قال
فيه: إن مصر بخير، وإن الثوار ليسوا إلا
حفنة من المخربين واللصوص. وحين وصل
عدد الشهداء إلى 250 شهيداً أقال
الوزارة، ظناً منه أن الأمور ربما تهدأ.
كان مبارك يتأخر عن موعد إلقاء خطابه
لعل الله يأتي له بمعجزة تنقذه مما هو
فيه؛ ثم خطب ووعد بأنه لن يورث ابنه
جمالاً الحكم، وفي الوقت نفسه أرسل بعض
بلطجية النظام للهتاف باسمه ولترهيب
المتظاهرين. ليصل عدد الشهداء إلى 350
شهيداً، حينذاك، تنحى عن الحكم. في ليبيا بعد مضي أسبوعين من استيلاء
الثوار على أكثر من 70 في المئة من
الأراضي الليبية، وبعد استشهاد 150
مدنياً، صرح الرئيس الليبي معمر
القذافي لإحدى الصحف الغربية، حين
سألته الصحفية عن رأيه في المظاهرات
الشعبية في بلاده، بأنه لم يسمع بتلك
المظاهرات أبداً. في الأسبوع الثالث
خاطب شعبه واتهم المتظاهرين بأنهم
حفنة من الجرذان والحشاشين وأمعن في
تقتيلهم. وفي الأسبوع الخامس، بعد أن
تجاوز عدد القتلى من المدنيين الألف،
اتهم القذافي الثوار بأنهم ينتمون إلى
تنظيم القاعدة. وعلى هذا الأساس ما زال
ينكل بشعبه كل يوم ليلَ نهار. في اليمن بدأت المظاهرات قبل تونس ومصر،
ولكنها اشتدت حين سقط النظامان
التونسي والمصري. وحين وصل عدد الشهداء
المدنيين إلى 100 شهيد اتهم الرئيس
اليمني علي صالح أمريكا بأنها وراء هذه
المظاهرات؛ ثم ما لبث أن اعتذر وسحب
كلامه بعد مضي أقل من 12 ساعة. وألقى
خطاباً ضمنه بأنه لن يورث ابنه الحكم،
وأنه لن يترشح للرئاسة عام 2013م. وأنزل
قواته الأمنية فقتلت الكثير منهم،
واتهم أصحاب المحلات والعمارات المطلة
على ساحة التغيير بأنهم وراء تلك
المجزرة. وحين وصل عدد الشهداء إلى 200
شهيد، اتهمهم بأنهم إرهابيون وأتباع
لبعض التنظيمات الإسلامية المتشددة.
وأضحى يلقي خطبة عقب كل صلاة جمعة في
ساحة مؤيديه. في سورية صرح الرئيس السوري بشار الأسد
لصحيفة وول ستريت بتاريخ 31/1/2011م بقوله:
إن ما حصل في تونس ومصر لن يطال سورية.
ولم يمض شهر على هذا التصريح حتى رأى
العالم، على بعض القنوات الفضائية،
مظاهرات متواضعة في سوق الحمدية في
مدينة دمشق. وبعد عدة أيام كتب بعض طلاب
مدرسة في المرحلة المتوسطة في مدينة
درعا على جدار مدرستهم جملة "يسقط
بشار الأسد"؛ فأصدرت الأوامر
باعتقال المدير والمعلمين والطلاب
كافة. وبقي 15 تلميذا في السجن لمدة
أسبوع، أفرج عنهم بعدها. وحين رأى
أهلوهم آثار التعذيب الواضحة على
أجساد أولئك الأطفال، انتفضوا غضبا في
شكل مظاهرة، مطالبين بمحاسبة المتسبب؛
فجاءت الأوامر بقتل المتظاهرين، مما
نتج عنه استشهاد 68 وجرح المئات. وحين
نقلت معظم وسائل الإعلام العالمية هذا
الحدث اعترفت أجهزة الإعلام السورية
لأول مرة بأن هناك مظاهرات، ولكنها
اتهمت منظمات فلسطينية بأنها وراء
الأحداث. وفي اليوم التالي تغيرت
الرواية الرسمية إلى أنهم جماعة مسلحة
مندسة جاءت من الأردن، وعرض التلفزيون
السوري أسلحة نارية ونقوداً كان قد
وضعها الأمن السوري في مسجد العمري،
ليتهم المتظاهرين بأنهم لجؤوا إلى
العنف. ثم بدأت الفبركات الإعلامية
لاستغباء الشعب، فتارة كانت القناة
الفضائية السورية تعرض فلماً مطولاً
عن اكتشاف السلطات السورية لجاسوس
مصري، تدرب في إسرائيل على يد الموساد.
وتارة تعرض فلماً حول اكتشاف السلطات
السورية كيف يضع الشباب المعترضون على
النظام الدم على أجسادهم عمداً. ويظهر
في الفلم المفبرك، نتيجة لغباء
المخرج، أحذية رجال الأمن. وتارة أخرى
تعرض تمثيلية سمجة أن بعض رجال
العصابات المسلحة تطلق النار على
المتظاهرين. وخرج بعض المسؤولين في
الإعلام السوري ليقولوا: إن من كان
يدوس على المتظاهرين المدنيين في قرية
البيضا التابعة لبانياس هم رجال
البشمركة الأكراد في العراق. ثم تكشفت
الحقائق وعزل مدير الأمن السياسي في
بانياس. حين انتشرت رقعة المظاهرات في الكثير
المدن السورية تحولت بوصلة الاتهام
عند النظام السوري إلى أن سعداً
الحريري هو الذي يدعم المخربين، وأنهم
اكتشفوا سفينة مليئة بالأسلحة جاءت من
طرابلس متجهة إلى ميناء اللاذقية. وحين
وصل عدد الشهداء إلى 150 شهيداً اتهم
النظام نائب الرئيس السوري السابق عبد
الحليم خدام، ومعه الأمير بندر بن
سلطان. فأضحت هذه الأسماء الثلاثة على
لسان كل مذيع في القنوات الفضائية.
وحين تفاقم أعداد المتظاهرين وانتشروا
في كل أنحاء سورية، لم تعد بوصلة
الاتهام تقف عند اتجاه معين بذاته لمدة
يوم واحد. واتسعت نظرية المؤامرة عند
النظام لتشمل هذه المرة أغلب القنوات
الفضائية العربية والغربية بأنها تدعم
المحتجين. وشملت نظرية المؤامرة أيضاً
السلفيين. فأصبح كل سلفي في سورية
وخارجها ضمن دائرة الاتهام. وترافق مع
هذا الاتهام الأخير عرض كمية من
الأسلحة ادعى النظام أنها كانت قادمة
من العراق. ليبدو الأمر كأن التنظيمات
الإسلامية قد انتهت من تحرير العراق،
وفاض لديها بعض السلاح فأرسلته إلى
سورية، لمساعدة السلفيين. حين وصل عدد الشهداء من المتظاهرين في
سورية إلى 250 شهيداً وقع بشار الأسد
مرسوماً يقضي بإلغاء الأحكام العرفية
وقانون الطوارئ ومحكمة أمن الدولة،
وفي اليوم التالي لإصدار تلك
المراسيم، وبعد صلاة الجمعة، قتل رجال
مخابراته 150 شهيداً، ليصل عدد الشهداء
إلى 400 شهيد. وما زال الإعلام السوري
يقول: إن من قتلهم ليسوا رجال الأمن بل
المندسون. * باحث في الشؤون الإسلامية. ================== الوصايا التركية العشر
للنظام السوري تبدأ ب«لا تقتل» الاربعاء, 27 أبريل 2011 أنقرة – يوسف الشريف الحياة بيان الخارجية التركية عن أحداث جمعة
الآلام السورية التي أسفرت تظاهراتها
عن مقتل ما يزيد عن مئة مواطن سوري
برصاص الأمن، كان أشبه بالوصايا العشر:
نقاط واضحة مباشرة، لا توجه اتهامات
لكنّها تكرر وصية واحدة بأكثر من شكل
وصورة، بأن لا تقتل!! وبالنسبة إلى دولة
بشّر وزير خارجيتها قبل أشهر بأنها
مرشحة للعب دور عالمي وأنها ستقود
وتحدد مسيرة التطورات السياسية في
المنطقة، بدا ذاك البيان ضعيفاً خجلاً
ومتعالياً في الوقت نفسه، خجل لأنه لا
يليق بموقف دولة تقول إن الشعب السوري
هو امتداد للشعب التركي وتجمعه به صلات
قرابة وتاريخ، وخجل لأنه لم يضع يده
على الجرح ولم يخاطب الرئيس بشار الأسد
مباشرة، المعني الأول بكل ما حدث،
ومتعالٍ لأنه جاء بصيغة دولة تتفاخر
بتجاوزها اختبار الإصلاح والتغيير
بنجاح وتملي على جارتها خريطة طريق
لتتبعها في ذاك المسار. باختصار، أكد البيان موقف تركيا المتمسك
ببقاء الرئيس الأسد وليس نظام البعث،
وإمهال الرئيس بعض الوقت من أجل تطبيق
إصلاحات جذرية حقيقية على الأرض، كل
ذلك بلا دم أو عنف. ومهما بدا هذا
الموقف غير منطقي للبعض وصعب التحقيق
لدى آخرين، فالحقيقة البسيطة تقول إن
تركيا لا تملك موقفاً آخر غيره. فعندما
انفرد وزير الخارجية أحمد داود أوغلو
بالرئيس الأسد في زيارته له نهاية
الشهر الماضي بدمشق، قدّم له باستفاضة
التجربة التركية في عملية الانتقال من
نظام الحزب الواحد الى نظام التعددية
الحزبية عام 1950، وكذلك مسيرة
الإصلاحات التي قام بها حزب العدالة
والتنمية من أجل إنهاء سيطرة المؤسسة
العسكرية والأتاتوركيين على مفاصل
الدولة، وفي الحقيقة لم تكن تلك المجالسة التي
امتدت ثلاث ساعات وتجاوزت في أريحيتها
وصراحتها حدود البروتوكولات الرسمية
لاجتماع بين رئيس دولة ووزير خارجية
دولة أخرى، درساً في التاريخ السياسي،
وإنما كانت محاولة لإيصال رسالة واحدة
هي أن الرئيس الذي ينضم الى مطالب شعبه
ويستقوي به على الحرس القديم ينجح في
تخطي أصعب الامتحانات. لذا، كانت
النصيحة التركية في حينه مبنية على
ضرورة تغيير الخطاب الذي خرج به الرئيس
الأسد في البرلمان، وضرورة وقف إطلاق
النار على المتظاهرين، والبدء في
عملية إصلاح حقيقية جذرية من دون خشية
ردود فعل الأجهزة الأمنية أو دوائر
المنافع والنفوذ. لكن، يبدو بوضوح أن
النصيحة التركية لم تؤخذ في الاعتبار،
بدليل بدء تغير جوهري لدى الإعلام
التركي في النظرة الى الرئيس الأسد
وزيادة جرعة الانتقادات. الموقف التركي من أحداث سورية وليبيا،
وعموماً في العالم العربي بعد أحداث
تونس ومصر، كان مبنياً دائماً على
أولوية أن يقوم الرئيس بقيادة التغيير
والإصلاح التي يطالب بها الشعب،
فتركيا لم تكن مع إعطاء الرئيس المصري
حسني مبارك فرصة ثانية من أجل تحقيق
الإصلاح الذي وعد به خلال تسعة أشهر
لحين موعد الانتخابات الرئاسية
التالية التي كان من المفترض أن تجرى
في سبتمبر المقبل، وذلك لأن الشارع
المصري كان يغلي، ولم يكن هناك أي جهة
يمكن أن تضمن عدم تفاقم الوضع على
الأرض خلال تلك الفترة. لكن متابعة
أنقرة تطور الأحداث بعد ذلك، خصوصاً
التدخل الغربي القوي والسريع في
ليبيا، جعلها تتنبّه الى أن الغرب قد
يتخذ من الثورات العربية منفذاً
للتدخل في الشرق الأوسط وإعادة ترتيبه
من جديد، وهو ما يتناقض كلياً مع
استراتيجية تركيا الأساسية في المنطقة
المبنية على ضرورة حل الخلافات محلياً
وعدم إعطاء أي فرصة لتدخل أجنبي جديد
في المنطقة. لذا، جاء التحذير التركي مبكراً بأن
المنطقة لا ينقصها عراق جديد، فأنقرة
تخشى جدياً من استغلال الغرب ثورات
المنطقة للعمل على تقسيم بعض الدول من
خلال إذكاء الحرب الأهلية فيها كما
يحدث الآن في ليبيا، أو زرع فتنة
طائفية كما يجرى العمل عليه الآن في
سورية، ويقف السياسيون الأتراك
مندهشين أمام من يصدقون أن زعماء مثل
الرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس الوزراء
الإيطالي بيرلسكوني انقلبا الى شهداء
للحرية والديموقراطية في العالم
العربي، وكيف أن الليبيين لا يدركون أن
حملة ساركوزي على القذافي كان الهدف
الأساس منها التغطية على اعترافات سيف
الإسلام القذافي أن ليبيا هي التي
موّلت الحملة الانتخابية للرئيس
ساركوزي، وكيف أن التدخل العسكري بحجة
فرض حظر جوي على قوات القذافي بدأ
يتدحرج تدريجاً الى إرسال قوات برية
على الأرض وتسليح الثوار، لنقترب أكثر
فأكثر من سيناريو العراق القديم. لا يزعج أنقرة أن تثور الشعوب العربية على
حكامها، حتى في سورية، فالرئيس
عبدالله غل قال إن تركيا تعتبر ما يحدث
ربيعاً عربياً، وأن هذه الثورات تأخرت
وأن المطلب بالتغيير حتمي ولا بد منه،
لكن ما يزعج أنقرة هو هذا التدخل
الغربي السافر لإدارة تلك الثورات
والسيطرة عليها باسم الحرية
والديموقراطية، وأن يصدق العرب
الثائرون أن الغرب يقف معهم فعلاً
لأهداف إنسانية بحتة. فالرئيس التركي
عبدالله غل قال إن تركيا كانت من الدول
القليلة التي رفضت طلب القذافي
زيارتها بسبب طقوسه الغريبة وخيمته
التي يريد أن يفرض بها أسلوبه وهيمنته
على البلد المضيف، لكن الدول
الأوروبية التي فتحت قصورها الرئاسية
لخيمته – في إشارة الى فرنسا - ولم تفتح
معه أثناء الزيارة ملف حقوق الإنسان في
بلاده تتنافس اليوم على دعم الثوار
ضده، فعن أي أخلاق وعن أي مواقف نتحدث؟
هل يهم تلك الدول الغربية مئات وآلاف
الليبيين المسلمين الذين يقتلون في
تلك الحرب الأهلية على يد أبناء جلدتهم
وهم يحضّون الثوار على القتال ويرفضون
التدخل المباشر لحسم المعركة كما
فعلوا في ساحل العاج؟ وفي سورية أيضاً هناك ما يدعو أنقرة للقلق
من تدخلات خارجية في أحداث الثورة، من
دون أن يعني هذا أن أنقرة تصدق نظرية
المؤامرة التي تطرحها دمشق، ولكن
تقلقها صور عبدالله أوجلان زعيم حزب
العمال الكردستاني التي يحملها
المتظاهرون الأكراد في القامشلي شمال
سورية، وهي تذكر جيداً حملة حزب العمال
الكردستاني هناك عام 2004، فقط لكي يثبت
لواشنطن قدرته على التأثير داخل سورية
أثناء بداية أول تواصل بين الحزب
والقوات الأميركية في شمال العراق، في
تلك الحقبة التي كان بعض القوى في
واشنطن يخطط لإطاحة نظام بشار الأسد،
وما تبعه من انشقاق نائبه عبدالحليم
خدام. كما ترصد أنقرة المسلحين الذين
يمولهم خدام من الخارج والدور الذي
يمكن أن يكون للمنشقين من عائلة الأسد
– رفعت الأسد وعائلته – من تمويل أو
تنظيم لبعض القوى. كل هؤلاء ترى أنقرة فيهم خطراً على مسيرة
الثورة، ويزيد من قلقها احتمال تحول
الثورة السورية السلمية الى ليبيا
جديدة في حال انهار النظام أو تهاوت
أركانه وأصبح البلد طوائف أو بلدات لا
يحكمها نظام أو قانون (تجب الإشارة هنا
الى أن الطرف الوحيد الذي لا يزعج
أنقرة بمحاولاته للتدخل في سير الثورة
السورية وتوجيهها هو تنظيم الإخوان
المسلمين السوري، فتركيا ترى أن
التنظيم جزء من الحياة الاجتماعية
والسياسية، وهناك جناح قوي داخل حزب
العدالة والتنمية يؤيد إعطاء فرصة
للتنظيم على الساحة السياسية السورية،
فمستشار رئيس الوزراء التركي إبراهيم
قالن يعتبر أن ما يطالب به الإخوان
المسلمون في سورية أمر لا حرج فيه ولا
سوء، خصوصاً أنهم جزء من المجتمع
السوري وليسوا غرباء، من دون أن يمنع
موقف قالن - الذي يعبّر عن تيار معين في
الحزب - الخارجية التركية من أداء
واجبها الديبلوماسي في إصدار بيان
ينفي في شكل غير مباشر احتضان تركيا
وتبنيها تصريحات مرشد الإخوان
السوريين التي أطلقها من اسطنبول
الشهر الماضي). لذا، فبعد التجربة
الليبية تفضل تركيا أن يقود الزعيم
الثورة من خلال تلبية مطالب الإصلاح في
مقابل العفو عن سوابقه في الفترة
السابقة من الحكم، وهو في رأي
المسؤولين الأتراك الحل الأمثل لوقف
أي تدخل خارجي مغرض ولحقن الدماء التي
لا تهم أي مراقب أجنبي يحاول التدخل
لمصلحة جهة معينة. نصائح عملية تركية لسورية في هذا الإطار، نقلت تركيا الى الرئيس
السوري بعض مواد الدستور والقانون
التركيين، مع الترجمة الى العربية من
أجل الاستفادة منهما خلال تطبيق
الإصلاحات التي تعهد بها الرئيس بشار
الأسد في ما يتعلق بقانون الإعلام
والتعددية الحزبية، وكذلك التعليم
الديني، وذلك انطلاقاً من وجود تشابه
في التركيبة الاجتماعية لتركيا وسورية
القائمة على تعدد طائفي وعرقي، فعلى
رغم الغالبية السنّية في البلدين فإن
العلويين والأكراد موزعون على طرفي
الحدود التي تمتد أكثر من 600 كيلومتر
بينهما، وتدرك تركيا أن نجاح تجربتها
في الانتقال من نظام الحزب الواحد الى
التعددية الحزبية ما كان لينجح لولا
وجود مؤسسة قوية مثل الجيش حافظت خلال
تلك الفترة على المبادئ الأساسية
للجمهورية العلمانية، وتدرك أيضاً أن
عندما نضجت التجربة السياسية على
أرضها فإنها لم تتردد في إسقاط وصاية
المؤسسة العسكرية التي طالت أكثر مما
يلزم، وذلك بالاستناد الى دعم الشعب
حكومة العدالة والتنمية التي كانت
تحتكم دائماً الى الاستفتاءات الشعبية
والانتخابات المبكرة لتجاوز أي محاولة
انقلابية عسكرية ضدها. وتعتقد أنقرة أن الرئيس بشار الأسد كان
لديه رصيد شعبي يمكنه من بدء هذه
المسيرة الإصلاحية المهمة، وأن تحقيقه
هذه الإصلاحات سيزيد من رصيده، ولن
يضعف من قوته في الحكم، فقانون الأحزاب
المقترح يقوم – كما الحال في تركيا –
على رفض قيام أي حزب على أساس عرقي أو
ديني أو مذهبي، أي مع مراعاة علمانية
الدولة، وهو ما سيدفع الإخوان
المسلمين الى خطوة إصلاح من جانبهم على
طريق حزب العدالة والتنمية التركي
للتحول من جماعة دينية الى حزب سياسي
يميني محافظ، والسماح بالتعليم الديني
تحت رقابة وإشراف مؤسسة كمؤسسة الشؤون
الدينية في تركيا سينهي تهمة العداء
للدين التي يوجهها كثيرون للنظام
السوري، وإطلاق حرية الإعلام ستكون
سلاحاً بيد الأسد لا عليه، لأنه سيحارب
بها الحرس القديم الذي يرفض مسيرة
الإصلاح الجديدة. لكن هذه الآمال التركية كلها بدأت تتبخر
سريعاً وتصطدم بالرصاص الذي انهمر
كالمطر من بنادق الأمن السوري على
المتظاهرين، لأن أنقرة تدرك أن ذلك
الرصاص إنما يمزق صورة الرئيس السوري
وينهي ما تبقى من رصيده الشعبي قبل أن
ينفذ الى صدور مواطنيه، وهنا جاء وصف
الكاتب التركي جنكيز شاندار الموقف في
دمشق من خلال مقال عرض فيه مقارنة بين
نظام الأسد الأب والأسد الابن قائلاً
وباختصار إن حافظ الأسد كان قائد عائلة
ودولة استطاع أن يطيح خصومه وأن ينفرد
بالسلطة، لكن الأسد الابن هو المتحدث
باسم عائلة الأسد الحاكمة – على حد
تعبير شاندار – فيجب ألا تنتظر أنقرة
منه ما فوق طاقته. لا شك في أن الرئيس بشار الأسد الصديق
المقرب للمسؤولين الأتراك لم يستجب
هذه المرة النصائح التركية وأن أنقرة
تدرك ذلك تماماً ولا تخفي خيبة أملها
وحزنها، وتدرك أن الحرس القديم ينجح في
كل يوم في تثبيت صورة التحامه بالرئيس
الأسد وأن أي محاولة للفصل بينهما
مستحيلة فهما وجهان لعملة واحدة إما أن
يبقيا معاً أو يرحلا معاً، وهي صورة
بنت تركيا آمالاً كثيرة على كسرها
وتغييرها، لكن ازدياد عدد القتلى
يومياً لا يسعف أحداً ممن يريد إسداء
النصيحة الى دمشق. في المقابل لا تستطيع أنقرة أن تتخلى عن
الأسد سريعاً، ولا نعني هنا عن نظامه
أو نظام البعث الذي لا تكن أنقرة له أي
صداقة أو احترام، فالرئيس الأسد على حد
وصف أحد المسؤولين الكبار في الخارجية
التركية كان من أكثر الرؤساء تعاوناً
مع أنقرة، وفي جلسة لم تتجاوز ربع ساعة
من الحوار أمر برفع التأشيرات بين
البلدين، وكان من أشد المؤيدين
للأفكار التركية بالتكامل الاقتصادي
والتنمية في المنطقة وبدور تركي فاعل
على رغم علاقته القوية بإيران. وعلى رغم أن كل مسؤول تركي في حزب العدالة
والتنمية يؤيد في داخله الثورة
السورية ومطالبها، إلا انه يخشى على
سورية من الفتنة الطائفية، وكل مسؤول
تركي في الخارجية وفي الرئاسة يدرك أن
إيران لن تقف متفرجة على إطاحة أهم
حلفائها في المنطقة، وأن حزب الله
اللبناني لن يقبل قطع حبله السري الذي
يتنفس من خلاله ويتغذى، وأن لكل من
العراق وإسرائيل مصالحها الخاصة
وثأرها القديم مع سورية، ما يعقد
المسألة في ذلك البلد ليبدو التفكير
بأن يتكرر في سورية السيناريو المصري
أمراً في غاية السذاجة. مشكلة أنقرة أنها ترفض أن تفكر بعواطفها
وتطالب مئات الآلاف من المتظاهرين
الغاضبين المطالبين بالحرية والكرامة
أن ينظروا الى احتمال تداعيات إسقاط
النظام في هذا الشكل وما يمكن أن يتفجر
عنه من مشاكل أكبر أقلها السقوط في حرب
أهلية. فكيف يمكن تركيا أن تقنع
متظاهراً يحمل روحه على كفه بأن يفكر
في المستقبل؟ إنه أمر صعب. في المقابل
تقف تركيا موقفاً حذراً – لكن دونما
رفض قاطع – من سيناريو الضغط على نظام
الرئيس الأسد من أجل فرض حوار مع
المعارضة وعلى رأسها الإخوان المسلمون
ومشاركتهم السلطة، فهو سيناريو تقول
تركيا إن واشنطن ودولة خليجية تروجان
له، وهو أمر لا بأس فيه لولا الترويج له
من هاتين الدولتين وبوسائل إعلامية
قوية، فلا مانع لدى أنقرة من مشاركة
الإخوان في الحياة السياسية لأن
الإخوان جزء من تركيبة المجتمع
السوري، لكن أنقرة تبدو قلقة من محاولة
دخول الإخوان من باب تفتحه أميركا أو
دولة خليجية، وبصورة الإخوان القديمة
التقليدية، من دون عملية تحول الى حزب
سياسي يميني، وتفضل أنقرة أن يأتي دور
الإخوان في إطار طبيعي من داخل الشارع
السوري بعد إصدار قانون الأحزاب حتى
يكون بالفعل جزءاً من التجربة الوطنية
الجديدة، وكي يحظى بمباركة الشارع
وقبوله ويتحصن به من أي رد فعل إيراني. وحتى تتضح الأمور فإن أنقرة لا يبدو
أمامها سوى تكرار وصاياها العشر
للرئيس الأسد وفي مقدمها: لا تقتل. ================== Simon Tisdall - The Guardian الجريدة الولايات المتحدة وبريطانيا تشعران
بالقلق من سقوط الأسد، وستؤدي زعزعة
الاستقرار لفترة طويلة، وحتى الحرب
الأهلية التي قد تترتب عليها، إلى
إضعاف جهود السلام بين إسرائيل
والفلسطينيين، واختلال التوازن
السياسي الهش في لبنان والعراق، وفتح
المجال أمام المتطرفين الذين يعتمدون
أسلوب «القاعدة». مع تركيز الاضطرابات المنتشرة في أنحاء
سورية على النظام البعثي والرئيس الذي
يواجه وضعاً صعباً، تتعلق المسألة
الأساسية بالنسبة إلى السوريين الآن
بمدى واقعية احتمال إجبار الرئيس بشار
الأسد على التنحي من منصبه مثل نظيريه
المصري والتونسي، لكن بالنسبة إلى
الحكومات الغربية والإقليمية، تتركز
المسألة الرئيسة على مصالحها الشخصية:
هل سقوط الأسد أمر إيجابي؟ على الأرجح،
سيكون الجواب الضمني عن هذا السؤال
سلبياً. يمكن وصف السياسة المتبعة هنا
بعبارة 'بيع المبادئ في سورية'. عبّر الأميركيون وحلفاؤهم الأوروبيون،
منهم بريطانيا، عن مخاوف جدية بشأن
العنف الذي أسفر عن مقتل ما يفوق 200 شخص.
ولطالما أصر مكتب الشؤون الخارجية على
دفع الأسد إلى إنهاء أعمال القمع
العدائية للاحتجاجات السلمية وتأييد
الإصلاحات الديمقراطية، وقد تبنت
إدارة أوباما موقفاً مماثلاً. لكن على خلاف مصر، إذ انحازت الولايات
المتحدة وبريطانيا، بعد تردد كبير،
إلى المحتجين وحثّتا حسني مبارك على
التنحي؛ وعلى عكس ليبيا، إذ تدخل الغرب
عسكرياً لمساعدة المعارضة، لم تتخذ
واشنطن ولندن أي خطوات ملموسة لدعم
المتظاهرين السوريين أو معاقبة النظام:
لا عقوبات، ولا تجميد أرصدة، ولا حصار،
ولا تخفيضات في حجم المساعدات، ولا
مقاطعة دبلوماسية، والأهم لا لفرض
منطقة حظر جوي! تتعدد الأسباب التي تبرر الموقف الغربي
السلبي، أبرزها أن الولايات المتحدة
تحديداً لا تملك ورقة ضغط قوية
لتستعملها، وتُعتبر سورية أصلاً من
البلدان الأكثر عرضة للعقوبات
الأميركية، وتشهد العلاقات
الدبلوماسية بين البلدين ضعفاً
شديداً، لكنّ الأهم هو أن الولايات
المتحدة وبريطانيا تشعران بالقلق من
سقوط الأسد، وستؤدي زعزعة الاستقرار
لفترة طويلة، وحتى الحرب الأهلية التي
قد تترتب عليها، إلى إضعاف جهود السلام
بين إسرائيل والفلسطينيين، واختلال
التوازن السياسي الهشّ في لبنان
والعراق، وفتح المجال أمام المتطرفين
الذين يعتمدون أسلوب 'القاعدة'. كذلك، تفضل البلدان الإقليمية المراوحة
في الوضع السوري لأسباب متعلقة
بمصالحها الخاصة. تؤمن تركيا بأن
الفوضى في سورية قد تعيد إحياء
التحركات الانفصالية وسط الأقلية
الكردية في البلد، وسيتأثر الوضع
تحديداً في جنوب شرق تركيا. تشعر
إسرائيل بالقلق من أن أي حكومة سورية
جديدة قد تضغط باتجاه استعادة هضاب
الجولان التي تحتلها إسرائيل. كذلك، لا تؤيد أوروبا التغيير بدورها،
على الرغم من التناقض الواضح في سلوكها
تجاه معمر القذافي، فقد يتأثر الوضع
أيضاً بواقع أن الاتحاد الأوروبي هو
أكبر شريك تجاري لسورية وأنّ أوروبا
تشتري النفط السوري. في العادة، لا يتم تعميم أو مناقشة هذا
الإجماع المشين على عدم التحرك علناً.
نظرياً، تدعم جميع هذه الحكومات
الإصلاح، لكن في المجالس الخاصة، هي
تؤيّد وجهة النظر التي عبّر عنها
الصحافي توماس فريدمان في صحيفة 'نيويورك
تايمز'، حين قال إنّ الانتفاضات في
العالم العربي تشبه اليوم وضع
يوغوسلافيا في أوائل التسعينيات أكثر
من وضع أوروبا الشرقية بعد انهيار
الاتحاد السوفياتي. بعبارة أخرى، ستكون الحرب الأهلية
النتيجة الأقرب إلى الواقع للاضطرابات
المتزايدة في معظم الدول العربية غير
المتجانسة، باستثناء مصر وتونس
والمغرب، بدل أن تؤدي تلك الأحداث إلى
تطور سلمي وديمقراطي. وتُعتبر سورية
التي تتعدد فيها الانتماءات العرقية
والطائفية وتتّصف مؤسساتها بالهشاشة،
الأكثر عرضة لهذه المشاكل الآن. لا يدعم الجميع خيار 'بيع المبادئ' في
سورية، فقد تعالت بعض الأصوات النافذة
احتجاجاً على ما يحصل، وفي هذا الإطار،
صرّح ديفيد شينكر، مدير شؤون المشرق في
البنتاغون خلال عهد بوش، لصحيفة 'نيو
ريبابليك' (New
Republic)، أن الخوف مما يمكن أن يحصل في
المرحلة المقبلة يجب ألا يمنع
الولايات المتحدة من دعم رحيل الأسد،
لأن أحداً لا يمكن أن يكون أسوأ منه. بحسب قول شينكر، لقد انتفى التفكير
القائل إن الأسد، على عكس والده، هو
رجل إصلاحي بطبيعته: 'لقد أمضى الأسد
أول عقد من عهده بتهور ولامبالاة وكرس
نفسه لإضعاف الاستقرار– والمصالح
الأميركية– في الشرق الأوسط... بينما
يقوم الشعب السوري الشجاع بالمهمة
الأصعب ويدفع ثمناً باهظاً للتخلص من
حاكم فاسد ومتقلب، من المعيب أن ترمي
له الولايات المتحدة طوق النجاة'. حثّ الصحافي جيف جاكوبي، من صحيفة 'بوسطن
غلوب' (Boston
Globe)، البيت الأبيض على منح الدعم
الكامل للحركة المنادية
بالديمقراطية، فقال: 'لقد كان عهد
الأسد أشبه بعرض مخيف من القمع،
والتعذيب، والاغتيالات، والخطف،
والحرمان التام من الحريات المدنية
والسياسية'. يجب ألا تفوت هذه الفرصة
الذهبية للتخلص منه. في الاتجاه عينه، اعتبر إليوت أبرامز،
مدير مجلس الأمن القومي الأميركي في
الشرق الأوسط خلال عهد بوش، أن رحيل
الأسد أمر إيجابي لأنه سيوجّه ضربة
قاسية ضد إيران التي تستعمل الأراضي
والموانئ السورية لنقل الأسلحة إلى 'حزب
الله' في لبنان و'حماس' في غزة، بحسب
الأنباء المتناقلة. وصرّح أبرامز لصحيفة 'واشنطن بوست': 'لطالما
اعتبرَنا هذا النظام أعداءً له، ولا
أفهم حقاً النظرية القائلة إن الأسد هو
رجل إصلاحي وإن نظامه قابل للإصلاح،
إنه أمر مستحيل! أكثر ما يزعجني هو أن
هذه الإدارة الأميركية لا تدرك
المكاسب الهائلة التي يمكن تحقيقها في
حال سقوط النظام'. لدى المسؤولين البريطانيين الانطباع
نفسه، فهم وصفوا سورية في عهد الأسد
باللاعب الإقليمي غير المتعاون،
والداعم للإرهاب، و'حاملة الطائرات
لإيران' في الشرق الأوسط، باختصار، يجب
أن تجازف بريطانيا والولايات المتحدة
بدعم الثورة هذه المرة! ================== دراما سورية: مسلسل
الفئات المندسة البوابة 27-4-2011 صاحب مدونة
المرفأ السورية، يقر بتميز الدراما
السورية في كل مجال وخصوصا في مسلسلها
الجديد "الدوائر المندسة": "وكان آخر إبداعات هذه الدراما هو
المسلسل السوري (الدوائر المندسة) ..
وهو مسلسل يحكي قصة مجموعة من
المواطنين الشرفاء من عدة مناطق في
سورية يحاولون إسقاط النظام وتخريب
الوطن من خلال لوحات ورقية مكتوب عليها
(سلمية) و (حرية) و (لا طائفية) ! كما أنهم
يستخدمون سلاح فتاك اسمه (الله .. حرية ..
سورية وبس) الذي قضى على معظم مفاصل
النظام وهز كيانه !". ويتابع: "وبعد تطورات مثيرة أظهر المخرج أن هذه
المجموعة التي تحمل الشعارات الورقية
ويهتفون بأصواتهم استطاعوا أن يحتلوا
أغلب المحافظات السورية .. مما أجبر
الجيش على التدخل لقصف الشعارات
والصدور العارية التي تنتشر في كل مكان
! وكانت النتيجة مقتل المئات من المتظاهرين
وتضييق الدوائر عليهم حتى لا يتحولوا
إلى المربعات .. !". يحدثنا ميمون عن لقائه بسائحين فرنسيين
في المغرب يبديان عطفا شديدا على جرو
تائه فيما يعاني الكثير من الأطفال
التشرد في المدينة: "دعوتهما أن يطلقا سراحه فإن أهله
يملؤون المدينة إذا كانا يريدان أن
يحسنا إليه. وقد كنت لا أعرف ماذا علي
أن أفعل هل أضحك بهيستيرية. أم أبكِي
بحرقة أنا الذي ألفت رؤية أطفال صغار
تاهوا عن أبائهم أو لا يملكونهم أصلا.
بأسمال متسخة منفرة . يقضون ليلتهم في
العراء. يبيتون في المحطات و دروج
العمارات. يقتاتون مما فضل علينا في
صناديق القمامة. يدخنون أعقاب السجائر
الرديئة التي يجمعونها من منفضات
المقاهي و قارعة الطرق. يشمون و يشربون
الكحول الرخيصة التي تجعلهم يسيحون في
عالم غير عالم الخلق". ================== خلف الحربي عكاظ 27-4-2011 في الوقت الذي أعلنت فيه سورية عن إلغاء
قانون الطوارئ ظهرت إحصائيات تؤكد أن
أعداد القتلى المدنيين منذ اندلاع
موجة الاحتجاجات الشعبية تزيد عن 400
قتيل هذا بخلاف المصابين والمعتقلين!..
ترى كم سيكون عدد القتلى لو كان قانون
الطوارئ ساري المفعول؟!. لقد كشفت الأيام القليلة الماضية أن
سورية لن تتعامل مع الاحتجاجات
الشعبية بالطريقة التونسية أو المصرية
أو حتى اليمنية بل سوف تسلك الطريق
الليبي، وهذا أمر مقلق بالفعل، لأن
سورية دولة عربية كبرى وأوضاعها
الداخلية شديدة التأثير على محيطها
الأقليمي والعربي، كما أن الرئيس
السوري بشار الأسد الذي قاد في بداية
توليه مقاليد السلطة ما يسمى بربيع
دمشق أبدى أكثر من مرة تجاوبه مع
الأفكار الإصلاحية ولو على الصعيد
النظري وهو لا يشبه القذافي بأي حال من
الأحوال كي ينحاز بسرعة إلى خيارات
دموية لا تخلو من الجنون. باختصار، الدم لن ينتج إلا المزيد من
الدم، والقمع لن يغير في الأمر شيئا
بعد أن كسر الشعب السوري الشقيق
الحواجز، لذلك فإن لجوء النظام
السياسي في سورية إلى الحلول الأمنية
والعسكرية سوف يزيد الأمر تعقيدا ولن
يزيد النار إلا حطبا، وإذا كان من
الممكن قبل ثلاثة أو أربعة عقود سحق
إرادة الشعوب بقذائف الدبابات والرصاص
الحي فإننا اليوم نعيش في عالم آخر
وعصر مختلف.. والعاقل من اتعظ بغيره!. ومن اللافت أنه في بداية موجة الاحتجاجات
في سورية خطب الرئيس بشار الأسد خطبة
طويلة تحدث فيها عن تاريخ الإصلاح في
سورية بشكل دقيق، ثم حلل بمنتهى الدقة
الفارق بين الدعوة إلى الإصلاح
والدعوة إلى الفتنة، ثم شرح بصورة أكثر
دقة آليات عملية الإصلاح، حسنا.. من
الجميل مساعدة الناس على تخيل الأشياء
التي لا يمكن أن يروها بالعين المجردة!..
ولكن متى يتحول هذا الإصلاح إلى واقع
ملموس في حياتهم اليومية، وكيف يمكن
الوثوق بالإجراءات الإصلاحية المعلنة
ما دام إلغاء قانون الطوارئ قد أنتج
مئات القتلى المدنيين؟!. وبصورة عامة ظل الخطاب الرسمي السوري
لعقود من الزمان متمسكا بمفردات
الصمود والتصدي والممانعة والمقاومة
ومحاربة العدو الصهيوني، ولكننا للأسف
أن يشاهد المواطن السوري دبابات الجيش
داخل المدن السورية الآمنة، ولا أظن أن
مثل هذه الخيارات العنيفة سوف تقود إلى
استقرار الأوضاع في هذه الدولة
العربية المحورية بل ستقودها إلى
المزيد الفوضى والتفكك وربما الحرب
الأهلية الشرسة التي لا تبقي ولا تذر. نعم في سورية لا تزال هناك فرصة للحوار
السياسي ولكن المحزن حقا أن هذه الفرصة
تكاد أن تتبخر بسبب إصرار البعض على أن
يكون الطرف الذي يحاور الشعب هو سلاح
المدرعات!. ================== راشد فهد الراشد الرياض 27-4-2011 مرعبٌ إلى حد
الموت والتلاشي مايحدث من قتل ، وإسالة
أنهر من دماء المواطنين البسطاء العزل
المسالمين على امتداد الجغرافيا
العربية من الماء إلى الماء بواسطة آلة
قتل وإرهاب دفعوا ثمنها من قوت يومهم ،
وصحة أطفالهم ، وتعليمهم ، وتماهيهم مع
الحياة الكريمة التي ناضلوا طويلاً في
سبيل الحصول عليها دون أمل ، أو شمعة
ضوء في النفق المظلم الطويل الذي
يسيرون فيه منذ زمن طويل .. طويل ،
فحصدوا التخلف ، والجهل ، والمرض ،
والفقر ، والعاهات الحياتية ،
وتوارثوا عبر أجيال ممتدة من أول
انقلاب في الوطن العربي بقيادة حسني
الزعيم في سورية ليلة 30 أيار 1949 ، وهو
المريض بحب السلطة والتسلط ، والقتل ،
والتدمير ، إذ هو القائل " ليتني
أحكم سورية ليوم واحد ، ثم أقتل بعد ذلك
" ، منذ ذلك الحين وإلى عصر المجانين
والمرضى والمعتوهين من الزعامات
الحالية توارث الإنسان العربي
الانحطاط في كلّ مضامين حياته
الثقافية ، والفكرية ، والاقتصادية ،
والتعليمية ، والتنموية ، وعاش التخلف
بكل أشكاله ، والصمت بكل أوجاعه إذ
علمته قياداته ، أو فرضت عليه قهراً
مقولة " لاصوت يعلو فوق صوت المعركة
" والمعركة مؤجلة حتى آخر جثة مواطن
بائس يموت جوعاً ، أو يقتل بفعل رصاصة
دفع ثمنها ، وموّل صفقتها من عرقه ،
بينما حصلت رموز وقيادات الأنظمة على
تكريس وثنيّتها ، وبالغت في ممارسة
العهر، والفجور، والإثراء الفاحش جداً
، وتصنيم المال وعبادته ، وتكدس
المليارات في أرصدتهم في البنوك
الغربية ، والغرام المريض باليخوت ،
والقصور ، والمظاهرالحياتية . لقد أنفقت دول المنطقة في العام 2010 مايزيد
على 111 مليار دولار على التسلح ، دُفعت
من قوت الشعوب ، وصرفت على حساب تخلف
المواطن ، وتوقف التنمية بكل أشكالها
في الفضاء الجغرافي والحياتي ، في
الوقت الذي يعاني 40 مليون مواطن في
المنطقة العربية من نقص التغذية ،
ويعيش مايزيد على 100 مليون إنسان تحت خط
الفقر ، أما البؤس والتعاسة في كل
الطيف العربي فالحديث يطول ، ويرهق،
ويبكي مادام أن الناس يخرجون بإشفاق
يطلبون الخبز ، والكرامة ، والحياة
الكريمة فيقدمهم إعلام وطنهم بأنهم
تجمعوا ، وخرجوا " ليشكروا الرب على
الأمطار التي هطلت عليهم " لكن
المُشاهَد أن المطر كان رصاصاً انهمر
فوق رؤوسهم ، وصُب على صدورهم ، ويجب أن
يشكروا الزعيم الوثن على هذا الكرم
السخي ..!!. في بعض الجغرافيا العربية تسفك دماء
المواطنين ، ويقتلون ببرود كما تُقتل
الحشرات الضارة ، أو يقضى على الكلاب
الموبوءة ، وتستباح الكرامات بلا
أخلاق ، أو ضمائر ، أو حس إنساني ،
والقضية .. كلّ القضية أن الزعيم الوثن
أزعجه أن يتكلم المواطن ، أو يتجرأ
فيطلب الخبز . إنه - بلا شك - عصر العهر، والفجور.. ================== 2011-04-27 د. محمد أبو رمان الغد الاردنية المشهد السوري مؤثر جداً في وجدان
الأردنيين جميعاً، ليس فقط للبعد
القومي والإسلامي، ولا فقط للجوار
الجغرافي، بل حتى بسبب الصلات الوثيقة
بين الشام وعمان ثقافياً واجتماعياً
وسياسياً. اليوم، لم تعد نسبة كبيرة من المواطنين
تقتصر على ما يبث في الفضائيات، فقد
نقل "الإعلام المجتمعي" الصورة
المباشرة غير المفلترة إلى منزل كل
مواطن، وأصبح من يملك الموبايل
والتواصل عبر النت إعلامياً بإمكانه
إحداث تأثيرات هائلة وقلب المعادلة
السياسية في دول معينة، كما حدث عندما
تحول مقتل الشاب خالد سعيد والروايات
حوله على "اليوتيوب" إلى شرارة
الثورة المصرية التي أطاحت بنظام
الرئيس مبارك. في سورية، فإنّ مشاهدة اليوتيوب على
الشبكة العنكبوتية، كفيلة بتقديم
مؤشرات صارمة وحاسمة على نهاية النظام
الدموي القمعي هناك، بخاصة بعد ما حدث
خلال المظاهرات والمسيرات الأخيرة من
تقتيل وذبح بدم بارد للمدنيين العزل
المسالمين، وهي علامة الانهيار التي
سبقتها إليها مصر وتونس، وفي الطريق
ليبيا واليمن. شاهدت في الأيام الماضية مقاطع فظيعة
ومؤذية لضرب مبرّح تعرّض له أستاذ
جامعي سوري على أيدي الأمن السوري، مع
الألفاظ النابية ضده، وأمام الجميع،
فقط لأنه انتقد النظام السوري، وشاهدت
مقاطع لفتيات ونساء تم اعتقالهن
بوحشية من الشارع لأنهن هتفن للحرية في
دمشق، فضلاً عن صور صادمة وقاسية
لأطفال ومدنيين تعرّضوا لرصاص القناصة
والأمن الذي تحوّل إلى أداة للقتل
والإذلال بلا رحمة ولا إنسانية، وهي
مشاهد ربما لم نرَ مثيلاً لها حتى في
عدوان إسرائيل على غزة! في سياق هذا المشهد المبكي والمؤلم خرج
علينا مدير مكتب الجزيرة غسان بن جدّو،
باستقالته احتجاجاً على التحول في
تغطية الجزيرة للمجازر التي تحدث
هناك، وهو ما يظهر بوضوح ازدواجية
الخطاب لدى نسبة كبيرة من الذين ينادون
بالحرية والديمقراطية، ويتهمون
الإدارة الأميركية بالازدواجية، وهم
"أسياد" هذه الشيزوفرينيا والشرخ
الكبير بين الأجندات الشخصية والقيم
التي لا يجوز أن تتجزأ. الحال، نفسها، نجدها لدى طيف من المعارضة
الأردنية، وقد صُدمت بشدّة وأنا أجد
هنالك من "معارضينا" من يغمض عينه
تماماً عن المجازر والفظائع في سورية،
ويبرر ما يحدث، بحجة سخيفة سمجة اسمها
"حصن الممانعة"! أيّ "ممانعة" هذه! النظام الذي يقتّل
شعبه ويدوس على كرامة مواطنه ويفتك
بالإنسان وقيمته، هذا لا يمكن أن يكون
نظام ممانعة، ولن يوفر حماية لكرامة
الأمة ولشعوبها وأوطانها. كفى خداعاً
وتلبيساً على الناس، وكفى استهتاراً
بعقولنا! يجري تبرير الفساد والاستبداد والأذية
واللصوصية وقمع الناس وقتلهم وإرهابهم
والمجازر الدموية والاعتداء على
الأعراض بحجة المقاومة والممانعة! في
حين لم تطلق طلقة واحدة من الحدود
السورية منذ احتلال الجولان، ولم تردّ
سورية على أي اعتداء إسرائيلي، حتى ضرب
الإسرائيليون قلب دمشق، وأصبح رد
الفعل السوري "مضغة" على ألسنة
الناس: "سنرد بالوقت المناسب"، ثم
يخرج علينا من يطالب بالديمقراطية في
عمان، ليدافع عن الاستبداد في دمشق! إمّا أنّنا نؤمن بالديمقراطية وحقوق
الإنسان وكرامته وحريته وحقوقه، وبأنّ
الطريق إلى العزة القومية والإسلامية
لا تمر إلاّ عبر الإنسان المواطن
النبيل، الذي يعرف طعم الحرية
وقيمتها، وإما أننا لا نؤمن بذلك، ولا
يجوز أن أطالب بذلك في مكان وأنقلب على
نفسي في مكان آخر! أرجوكم أيها الأصدقاء: ارحمونا! ================== في سورية القاتل هو
القاضي وهو الحكم.. كما يبغي السفير الكاتب وطن الأربعاء, 27 أبريل 2011 05:34 رفض سفير سوريا لدى الأمم المتحدة، بشار
الجعفري، الثلاثاء، دعوة دولية لإجراء
تحقيق مستقل وشفاف حول سقوط ضحايا
مدنيين خلال تظاهرات مناهضة للرئيس
السوري، بشار الأسد، الذي وصفه بأنه
"إصلاحي." وقال الجعفري لحشد من الصحفيين: "سنقوم
بأي تحقيقات بأنفسنا وبشفافية فليس
لدينا ما نخفيه.. نأسف للأحداث لكن
عليكم أيضاً أن تقروا بأن لهذه
الاضطرابات وأعمال الشغب، وفي بعض
جوانبها، أجندة خفية." وأعرب عن أسف حكومته لوقوع قتلى خلال
المظاهرات، مشيرا إلى أن الرئيس
السوري نفسه رجل إصلاحات وأنه اعترف
شخصيا بضرورة إدخال إصلاحات جدية إلى
البلاد. منوهاَ:"بخلاف الزعماء
الآخرين، الرئيس الأسد هو نفسه رجل
إصلاحات. ويجب أن يعطى الفرصة لتنفيذ
مهمته في إصلاح الحياة السياسية في
البلاد. وأوضح السفير السوري أن لجنة التحقيق
الوطنية السورية تضطلع حالياً
بتحقيقات حول العنف ضد المدنيين
والعسكريين ، وستصدر نتائجها في وقت
لاحق: "نحن نقوم بواجباتنا ، ولسنا
بحاجة إلى مساعدة من أحد." ودعا مجلس الأمن الدولي لاعتماد التقارير
السورية الرسمية وليس ما تتناقله
وسائل الإعلام. ومن جانبها وصفت سفيرة الولايات المتحدة
لدى المنظمة الأممية، سوزان رايس،
العنف الذي تصدت به الحكومة السورية
للاحتجاجات ب"المقيت والمؤسف"
مضيفة: "استخدام العنف المشين
لإخماد الاحتجاجات يجب أن يتوقف
وفوراً." والاثنين، استدعت الخارجية الأميركية
السفير السوري لدى واشنطن، عماد
مصطفى، لإبلاغه بالاحتجاج على استخدام
العنف ضد المتظاهرين، كما أعلنت
واشنطن إنها في سبيل النظر بفرض عقوبات
على بعض كبار أركان نظام الأسد. كما أمرت الخارجية بعض الموظفين غير
الأساسيين في سفارة الولايات المتحدة
في دمشق وكافة أسر العاملين فيها
مغادرة سوريا بسبب الاضطرابات هناك. وبالموازاة، ذكرت منظمة "رابط معلومات
حقوق الإنسان في سوريا" إن أكثر من 400
شخص قتلوا، منذ 18 مارس/آذار الماضي،
بحملة القمع التي أطلقتها الحكومة
السورية لاجتثاث دعوات الحرية
والديمقراطية التي أطلقها المحتجون،
معظمهم من المدنيين وقلة من عناصر
الأمن السوري. وأعلنت الأمم المتحدة أن معلوماتها تشير
إلى سقوط 76 قتيل يوم "الجمعة العظيمة"
وحدها وأن تعداد الضحايا قد يكون أعلى
من ذلك بكثير. ================== أوباما والشرق الأوسط...
تردد دائم مايكل جيرسون كاتب ومحلل سياسي أميركي تاريخ النشر: الأربعاء 27 أبريل
2011 الاتحاد مما يلفت النظر بالنسبة لأداء إدارة
أوباما، أنها- وهي الإدارة التي تفتقر
إلى فلسفة متسقة للسياسة الخارجية- قد
طورت، على الرغم من ذلك، نمطاً في تلك
السياسة يمكن التنبؤ به. فإذا افترضنا
على سبيل المثال أن ثورة شعبية قد
اندلعت في بلد ما، فإن الذي يحدث كل مرة
هو أن الرئيس يبدو وكأنه قد بوغت بتلك
الثورة أو أُخذ على حين غرة وعندما
يفيق من المفاجأة فإنه لا يقول إلا
القليل. وبعد ذلك بعدة أيام يخرج
المتحدث الرسمي باسم الإدارة ليدعو
نظام ذلك البلد الذي اندلعت فيه الثورة
إلى" الإصلاح". وعندما تمر عدة
أيام وتتصاعد الاحتجاجات ويتزايد
العنف، تدخل الإدارة في سجال داخلي
تتسرب تفاصيله إلى وسائل الإعلام
وعندها يقرر الرئيس أن الوقت قد حان كي
يفعل شيئاً. ولكن نظراً لأنه يأمن أن
يظل سقف التوقعات بشأن ما يقوم به
منخفضاً، فإن أفعاله عادة ما تكون
محدودة من حيث النطاق. عند هذه النقطة
تكون الولايات المتحدة قد فقدت فرصة
استراتيجية وتبدو الاحتجاجات
المندلعة في الدولة المعنية، وكأنها
قد تعرضت للخيانة من قبل الإدارة
الأميركية. وهذا السجل من التردد الدائم أضر ضرراً
بالغاً بالمصالح الأميركية. ففي ليبيا
انتظر أوباما حتى أوشكت بنغازي على
التعرض لمذبحة دموية على أيدي قوات
القذافي قبل أن تبدأ في الاستجابة
تدريجياً لخطورة الموقف. لقد وضع
أوباما المصداقية الأميركية في ليبيا
على المحك وقام في النهاية بدعم تغيير
النظام في نفس الوقت الذي اتبع فيه
سياسات تبدو وكأنها مصممة خصيصاً
لإيصال الموقف إلى مرحلة الجمود أي تلك
المرحلة التي لا تميل فيها الكفة لطرف
من طرفي النزاع دون الآخر. وفي سوريا،
تدعو الإدارة النظام السوري لإجراء"إصلاحات
ذات معنى" في الوقت الذي يقوم فيه
هذا النظام باستخدام القوة الباطشة ضد
حشود المحتجين. بصرف النظر عن
الاعتبارات الأخلاقية، ألا يرى أكثر
البراجماتيين في واشنطن منطقية وهدوءا
فائدة في الإطاحة بحليف إيران الرئيسي
في الشرق الأوسط؟ لم يعد من المنطقي إرجاع هذه الإخفاقات
إلى نقص الخبرة. فالمبتدئ وعديم الخبرة
يستطيع التعلم من أخطائه ولكن المشكلة
أن أوباما، على ما يبدو، لا ينظر إلى
تلك المواقف من جانب إدارته على أنها
أخطاء. في هذه الحالة قد يجوز لنا
التساؤل: ما الذي يشرح إذن هذا الميل
الواضح لدى إدارة أوباما للتردد وعدم
الحسم؟ أولاً هناك السياق السياسي، لحملة أوباما
الانتخابية عام 2008 فكل شيء كان يعتنقه
جورج بوش كان أوباما يدعو في إطار هذه
الحملة إلى عكسه فبوش كان يدعو للترويج
للديمقراطية، وأوباما كان يقلل من
قيمة ذلك. وفي حين كان بوش ينادي
الأعداء للقتال، فإن أوباما يميل إلى
مهادنتهم، وفي حين أن بوش كان يتسم
بسرعة القرار والحسم (حتى لو كان حسم
بوش من النوع الذي يضيع مصداقية فكرة
الحسم ذاتها) فإنه كان من الطبيعي أن
يتسم أوباما بالتروي الزائد الذي كان
يبطئ من استجاباته الحاسمة في كل أزمة
يواجهها. ثانياً، هناك نمط أوباما القيادي. فهو لا
يزال يتصرف بنفس الطريقة التي كان
يتصرف بها عندما كان أستاذاً جامعياً
لديه وقت فائض كي يغربل خياراته ويناقش
تفصيلاته دونما عجلة، وكأن المداولات
المطولة ميزة وكان التردد لا يكلف
شيئاً. ثالثاً، إن فريق الأمن القومي للإدارة لم
يفعل سوى القليل لمواجهة ميل أوباما
الطبيعي للتذبذب، وذلك لانشغالهم
بأمور أخرى منها الاستراتيجية، والحرب
في أفغانستان، والتدخل الأميركي في
أماكن مختلفة من العالم، أو بالتطورات
اليومية للسياسة الخارجية. رابعاً، وأخيراً، إن أوباما وفيما يتعلق
بمسائل السياسة الخارجية، يبدو أنه قد
نهل كثيراً حتى ارتوى من بئر
الليبرالية الأكاديمية بحيث بات يتصرف
في كثير من الأحيان، وكأنه يقف وسط
قاعة جامعية تضج بطنين المناقشة، وليس
كرئيس مكلف بالدفاع عن، وترقية، القيم
الأكثر نبلاً في التاريخ. في حالتنا، ساهم خليط من كل تلك العناصر
في جعل إدارة أوباما غافلة تماماً عن
الوعد الذي يقدمه عصرنا وهو إنهاء
الطغيان، في المراكز التقليدية التي
كان يزدهر فيها نفوذنا الثقافي وهي
القاهرة، وبغداد، ودمشق، وهو تحول
جذري سيكون تأثيره مماثلاً لتأثير
سقوط جدار برلين، حيث إنه يظهر مدى
الإنهاك الذي صارت عليه الأنظمة
السلطوية ويفتح نافذة الأمل أمام
تبلور مجتمعات أكثر نجاحاً وأملاً في
المنطقة. وليس هناك أدنى شك أن هذا
التحول الجذري ينطوي في طياته على
مخاطر جمة، ولكن ما نراه أمامنا أن هذه
المخاطر يجري تضخيمها من قبل إدارة لا
تتوافر لديها الرغبة في تحمل المخاطر،
ولا تريد أن تتكلم وتتصرف إلا في حالة
واحدة فقط وهي عندما يكون من الواضح أن
الصمت وانعدام الحركة سوف يجلب كارثة
مؤكدة. والآن نجد أن الثورات العربية قد أنتجت رد
فعل كان ممكناً التنبؤ به وهو محاولة
الأنظمة التي هبت الشعوب ضدها مثل
النظامان الحاكمان في ليبيا وسوريا
إثبات فعالية الوحشية. ونجاح تلك
الأنظمة في تلك المحاولة سوف يقوض
المصالح الأميركية في المنطقة لعقود
قادمة. والإدارات الرئاسية قد لا تكون
بحاجة إلى اختيار تحدياتها التاريخية،
ولكن مما لا شك فيه أنها يجب أن تدرك
أنها مطالبة وبحزم باتخاذ موقف. ================== العنف في سوريا... ومأزق
أوباما براد نيكربوكر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» تاريخ النشر: الأربعاء 27 أبريل
2011 الاتحاد العنف المتزايد الذي تستخدمه السلطات
السورية ضد المتظاهرين المطالبين
بالديمقراطية في سوريا وضع الرئيس
الأميركي في موقف صعب، من الناحية
الدبلوماسية أو السياسية. وكما يقول منتقدو الرئيس الأميركي عاملت
الولايات المتحدة بشكل عام، وأوباما
بشكل خاص، الرئيس السوري، ولفترة
طويلة للغاية، كما لو كان زعيماً
إصلاحياً أصيلًا، في حين أنه، في حقيقة
الأمر كان يتبع خطى والده على طريق
الاستبداد السلطوي، ولديه استعداد تام
لمهاجمة شعبه إذا دفع أفراده من أجل
المزيد من الحريات السياسية. كان يوم الجمعة الماضي هو اليوم الأسوأ
على الإطلاق منذ بدأت الاحتجاجات في
سوريا منذ شهرين حيث لقي 75 متظاهراً
مصرعهم برصاص القوات الحكومية، وهو ما
رفع عدد القتلي منذ بداية تلك
التظاهرات إلى 200 شخص -وهو عدد مرشح
للزيادة إذا أخذنا في الحسبان أن عدداً
كبيراً ممن أصيبوا بإصابات خطيرة قد
حيل بينهم وبين الوصول للمستشفيات. بدأ يوم السبت بهجوم على موكب مشيعين
لجنازة من قتلوا في مظاهرات اليوم
السابق، مما أسفر حسب الأنباء عن مصرع
ستة أشخاص، وظل العدد يتزايد على مدار
اليوم. كما كانت هناك أنباء عن أطفال
كانوا يكتبون كتابات على الحائط
مناوئة للأسد، قد قبض عليهم وتعرضوا
للضرب والتعذيب. في بيان صادر عن البيت الأبيض، أدان
أوباما بأشد العبارات "استخدام
القوة من قبل الحكومة السورية ضد
المتظاهرين". وقال أوباما في بيانه أيضاً:" لقد وضع
الأسد والسلطات السورية مصالحهم
الشخصية فوق مصالح الشعب السوري من
خلال اللجوء لاستخدام القوة،
والانتهاكات البشعة لحقوق الإنسان،
وهو ما يفاقم الإجراءات الأمنية
القمعية التي كانت متخذة بالفعل قبل
انطلاق تلك المظاهرات". وفي إشارة إلى تعقد الوضع في منطقة كانت
غارقة بالفعل في الفوضى قال أوباما
أيضاً:"بدلاً من الاستماع إلى صوت
شعب يلقي الأسد باللوم على أطراف
خارجية". في الوقت نفسه تواجه إسرائيل، على وجه
الخصوص - الحليف الرئيسي للولايات
المتحدة في المنطقة - موقفاً يستحيل
تحديده، ولكن من المحتمل أن يكون
خطراً، في جميع الأحوال. يعبر عن ذلك
"شلومو بروم" من معهد دراسات
الأمن القومي بجامعة تل أبيب في لقاء
له مع الواشنطن بوست قال فيه:"لقد
حافظ الأسد على الاستقرار، وحافظ على
هدوء الحدود مع إسرائيل، وعلى الرغم من
أنه ضايق إسرائيل من خلال مساعدة حزب
الله وحماس إلا أنه تصرف بحذر تجاه
أحداث مثل قصف المنشأة النووية
السورية وهي العملية التي نسبت
لإسرائيل... ومن ناحية أخرى، ليس لدينا
أي تعاطف مع الأسد ولا لروابطه مع
إيران، وحماس، وحزب الله... وأي تغيير
في سوريا سوف يضر بهذا المحور". بالنسبة لأوباما، يأتي الوضع في سوريا في
نفس الوقت الذي تمضي فيه الأوضاع في
أفغانستان ببطء وتثاقل، وتحاول
الولايات المتحدة فيه فك ارتباطها
بالعراق مع القيام في الوقت نفسه
بتصعيد عملها العسكري في ليبيا من خلال
استخدامها للطائرات التي تطير من دون
طيار. وفي الوقت الذي يبدي فيه الرأي
العام الأميركي حذراً من التدخلات
والارتباطات الأجنبية التي لا يبدو
لها علاقة واضحة بالأمن القومي
الأميركي. وبيانه يوم الجمعة الماضي جاء عقب النقد
المتزايد الذي يتعرض له والذي يتهم فيه
بأنه يتفرج على ما يحدث في سوريا. وأشارت افتتاحية الواشنطن بوست يوم
الجمعة الماضي، إلى "أن الإدارة لم
تحرك ساكناً على الرغم من حقيقة أن
نظام الأسد هو واحد من الأنظمة الأكثر
خصومة للولايات المتحدة في منطقة
الشرق الأوسط". وأضافت الصحيفة: "من الناحية الأخلاقية، لا يمكن وصف
الموقف الأميركي سوى بأنه موقف مخجل.
فالوقوف دون أن تحرك ساكناً في الوقت
الذي يتم فيه قتل المئات من المواطنين
السوريين المطالبين بالحرية على أيدي
القوات الحكومية يجعل من التزام
الولايات المتحدة بحقوق الإنسان أمراً
يدعو للسخرية". كما وصف كريستوفر ديكي وجون باري من
النيوزويك في مدونتهما ب" ديلي بيست"
الرئيس باراك أوباما بأنه "قد فقد في
العمليات" بدلاً من العمل على تأكيد
دوره القيادي ذلك الدور الذي لا يمكن
لأقوى دولة على مستوى العالم أن تهرب
منه. وأضافا: "إن الدراما، أو دعنا نقول
المأساة التي تتضح معالمها بشكل
تدريجي في البيت الأبيض تتعلق بمثقف
لامع يجد نفسه عاجزاً عن ملاحقة
الأحداث التي تمر به، كما تتعلق
باستراتيجي تعرضت استراتيجياته
للإحباط لدرجة أنه بات لا يملك أي
استراتيجية على الإطلاق...). ولكن الملاحظ أن منتقدي أوباما ليس لديهم
شيء يقترحونه للخروج من هذا المأزق سوى
الحديث الخشن والدعوة لاتخاذ إجراءات
تحمل في طياتها رمزية دبلوماسية. ومن بين تلك النوعية من المنتقدين "تيم
باولينتي" الذي ينوي ترشيح نفسه
لانتخابات الرئاسة القادمة عن الحزب
الجمهوري الذي قال في بيان أصدره يوم
الجمعة الماضي أيضا:" على الرئيس
أوباما استدعاء السفير الأميركي الذي
كان قد أرسله إلى سوريا على الفور وأن
يسعى بعد ذلك لفرض المزيد من العقوبات
الاقتصادية على النظام السوري" وأضاف "باولينتي": وعليه في الوقت
نفسه أن يصدر تعليماته للسفيرة
الأميركية لدى الأمم المتحدة للدعوة
لعقد اجتماع خاص لمجلس الأمن الدولي
لإدانة الأعمال الإجرامية التي قام
النظام السوري بارتكابها". ================== تاريخ النشر: الأربعاء 27 أبريل
2011 الاتحاد د.خالص الجلبي ما حدث في ربيع 2011 من قتل الناس في سوريا
وهم يتظاهرون، يطرح مشكلة الطغيان
الإنساني ومنبعه وعلاجه. جميل ما ذكره باسكال: "أي شيء هذا
الإنسان الذي يجمع بين الحكمة وبالوعة
الضلال، أن يكون قديسا أو وحشاً. في كل
فرح حزن. ومع كل حياة مأتم. فمن يحل لنا
هذا التناقض؟". وفي ألمانيا عرض فيلم "التجربة" في
شهر مارس 2001 عن العلاقة بين السجان
والمسجون والجلاد والضحية، فذعر الناس
من رؤية الوحش المختبئ داخل كل منا
ينتظر لحظة الانقضاض. كان الفيلم
تكراراً لتجربة "ستانفورد" التي
طبقت عام 1971 في كاليفورنيا، وكانت
الأولى والأخيرة في هذا النوع من تجارب
علم النفس بسبب الضجة الهائلة التي
أثارتها في الوسط الأميركي. ما هي القوة؟ يقول "فيليب زيمباردو"،
عالم النفس الاجتماعي الأميركي: "إنها
متعة الآلهة أفروديت". ويقول الغزالي في كتابه الإحياء: "إنها
أعظم اللذات قاطبة، ولا تقترب منها
اللذة الجنسية بحال ولا تقارن"؛ فهي
ممارسة الألوهية بدون اسمها، وهي آخر
ما يخرج من قلوب الصالحين. صدق الأعرابي حينما وصف متعتها: "يا
حبذا الإمارة، ولو كانت على الحجارة"،
أو على الجثث عند السياسيين. ويروى عن لينين قوله: "إن موت ثلاثة
أرباع الشعب الروسي ليست بشيء، والمهم
أن يصبح الربع الباقي منهم شيوعيين"،
ولينين كان كاتباً محترفاً ألَّف أكثر
من 55 كتاباً، ولم يمارس القتل بنفسه
قط، لكنه بعد السلطة أرسل إلى الموت
ملايين الناس بجرة قلم! أما ستالين
فاعتبر أن موت إنسان تراجيديا، ولكن
موت الملايين مسألة إحصائية! وضمن الملف السري للينين الذي كشف عنه
النقاب أخيراً في سرداب تحت الأرض، تمت
قراءة خطابات لينين الأصلية، وكيف
كانت حياة الناس تنهى في كلمات وجمل
قصيرة، فكل إنسان لا يزيد عن نقطة من
حرف. وعرف عنه تلهفه لتحقيق أفكاره
بموجب خرافة عجيبة، فمع أن كل من حوله
وكل الظروف وكل أفكار ماركس كانت تقول
إن الشيوعية هي ولادة من آخر مراحل
الرأسمالية، وأن المجتمع الروسي متأخر
لم يدخل المرحلة الرأسمالية بعد، فإن
لينين قام بحرق المراحل لوقوعه تحت
تأثير نبوءة من سيبيريا، وقول لطبيب في
سويسرا، إن دماغه معتل ولن يعمر طويلاً. وفعلاً مات لينين عن عمر صغير، بعد أن حرق
المراحل وحرق معها الشعب بأكمله،
فأرسله في طوابير لا تنتهي إلى الموت.
وكان الشيوعيون يحشدون كل المؤمنين به
للحج الأكبر ليزوروا ضريحه، لكنهم
اليوم لا يتجاوزون المئات! صدق الرسول صلى الله عليه وسلم: "خير
القبور الدَّرس"، وعندما يمنح إنسان
مفاتيح القوة فإنه يتغير على نحو درامي
في كل شيء. وفي هذا الشأن تظهر دراسات
علم النفس ثلاث حقائق: أولاها أنه من السهل للغاية أن يتحول
الإنسان الطيب العادي، مع القوة، إلى
شيطان مريد. وثانيتها أن داخل كل منا
يجلس فرعون عظيم جاهز لقطع أطراف
السحرة وصلبهم في جذوع النخل. أما
الثالثة فيه أن قنص السلطة يحرض على
طلب المزيد منها. =================== زياد ماجد لبنان الآن الثلاثاء 26 نيسان 2011 يردّد بعض المثقفين والناشطين
اللبنانيين من رافضي التضامن مع الشعب
السوري في مواجهة القمع الإجرامي الذي
يتعرّض له على أيدي النظام القابض على
سوريا منذ العام 1970، أربع حجج مختلفة
لتبرير رفضهم. - الأولى، وتُستخدم للتشاطر، تقوم على
اشتراط الاستنكار هنا باستنكار آخر
للقمع في البحرين والسعودية. بهذا،
يستند التهرّب من التعليق على مجازر
الحكم السوري الى افتراض أن بعض
معارضيه يتهرّبون من جهتهم من انتقاد
ممارسات العسف في الخليج العربي. وإذا
كان في الأمر صحة لجهة تجنّب كثر من
منتقدي القتل في حمص انتقاد القتل في
دوّار اللؤلؤة مثلاً، إلا أن الاستناد
الى ذلك يبقى متهافتاً وبليداً. ذلك أن
ازدواجية المعايير إن وُجدت (وهي حكماً
مُستنكرة) ينبغي ألا تكون ذريعة
لممارستها مقلوبة، وأن الموقف مما
يجري في مكان بعينه لا يتطلّب كل مرة
إعلان مواقف مما يجري في كل الأمكنة.
وإلا لوجب عند استنكار أي قمع، إعداد
لائحة تبدأ بالشيشان والتيبيت وفلسطين
والعراق وأفغانستان وكوريا الشمالية،
ولا تنتهي من دون التطرّق الى شؤون
الكونغو وليبيا وايران وساحل العاج
والموزامبيق. وهي لائحة بلا شك
أخلاقية، لكنها ليست فرضاً موجِباً
لإدانة القمع في درعا أو في المنامة أو
في طهران أو في مصراتة. هذا علماً أننا
إن عدنا لنكتفي بالخريطة العربية، فلا
قمع يلامس القمع في سوريا ضراوةَ
وعنفاً إلا قمع نظام البعث التوأم في
العراق سابقاً، ونظام الشقيق العقيد
في ليبيا راهناً... - الثانية، ويقف وراءها أنصار ما يُسمّى
بالممانعة والمقاومة، ترى أنه لا يمكن
التضامن مع المتظاهرين السوريين كما
جرى في السابق التضامن مع المصريين
والتونسيين والبحرينيين، لأن نظام
الأسد – وعلى العكس من باقي الأنظمة –
نظام مقاوم لإسرائيل وممانع لأميركا.
وحجّتهم طبعاً دعمه ل"حماس" و"حزب
الله"... أما جبهة الجولان المحتل
الأكثر هدوءاً منذ العام 1974 بين جميع
الجبهات العربية، وأما الإشادات
الغربية بحسن التعاون السوري في مجال
"مكافحة الإرهاب"، وأما مشاركة
الجيش السوري الى جانب الأميركيين في
حرب "عاصفة الصحراء" ضد العراق،
وأما قتال الوحدات السورية
الفلسطينيين في لبنان مباشرة في
البداوي والبارد وطرابلس في الشمال
وبالواسطة في سائر المخيمات ولسنوات
عدّة (على نحو أسقط ضحايا يفوقون عدد
ضحايا مجازر صبرا وشاتيلا)، فأمور لا
تستوجب النظر... وحتى لو تناسينا كل
ذلك، ووافقنا على التوصيف "المقاوم"
و"الممانع"، لبقي أن نقول إنه لا
يبرّر ضرب متظاهر واحد في دوما أو
بانياس. فكيف بقتل عشرات ألوف السوريين
منذ العام 1970 ولغاية اليوم؟َ! - الثالثة، ويتولّى الحكي فيها بعض
العلمانيين المُؤثرين نظاماً
استبدادياً غير ديني على ما يعتبرونه
احتمال سيطرة السلفيين على الحكم في
سوريا إن تهاوى بعثها. ورغم أن كثراً من
هؤلاء لا يرون في "حزب الله" و"حماس"
اللذين يناصرونهما شبهة دينية أو
إسلامية أصولية (!)، ورغم أنهم لا يرون
في ممارسات النظام السوري تشجيعاً
للانقسامات الأهلية والطائفية من أجل
السيطرة والتحكّم، إلا أنه لا بأس
بمناقشة مخاوفهم في ذاتها، أي بمعزل
عمّا ذكرنا... فأين يرى هؤلاء سلفيين
يرفعون شعارات الحكم الإسلامي في ما
نشهد اليوم من تظاهرات شعاراتها "الشعب
السوري واحد" أو "حرية" أو "كرامة"؟
وهل عبارات اجتماعية في ثقافة بلادنا
مثل "الله أكبر" تُستخدم عند
الطرب وعند تسجيل هدف وعند تشييع فقيد
وعند أي انفعال، تماماً كما تُستخدم في
لحظات الغضب والتظاهر هي دليل على
سيطرة السلفيين؟ وهل في بلاد حطّم
الاستبداد العلاقات السياسية بين
أبنائها ومنع اللقاءات والتجمّعات،
تبقى غير المساجد ودور العبادة
للاجتماع؟ إن الخشية من الاستبداد
الديني مشروعة، لكننا لا نرى حتى الآن
ما يوجب القلق منها – لا في مصر وتونس
– ولا في سوريا. وإن تبيّن لاحقاً أن
بعض الإسلاميين المدّعين اليوم
التزاماً بالديمقراطية يريدون
الانقلاب على ذلك، فسيتصّدى لهم حينها
جزء كبير من الناس المتصدّين اليوم لمن
يعلن جهاراً رفض الديمقراطية وتداول
السلطة وحقوق الإنسان لأسباب غير
دينية. - أما رابعة الحجج، فمفادها وجوب تفادي
الفوضى وسيناريو العراق في سوريا. وهي
إذ تبدو محقّة للوهلة الأولى، إلا أن
التدقيق فيها يظهر تهالكها. ذلك أن
التجارب علّمتنا أنه كلما طال أمد
الاستبداد والعنف، كلّما صار الخروج
منهما أكثر كلفة. أي أن الفوضى الدموية
ستكون أكثر فجوراً إن طال عمر النظام
الديكتاتوري. هذا ما تعلّمناه في
العراق، وهذا ما نتعلّمه في ليبيا،
وهذا ما يمكن أن نتعلّمه في كل الأمكنة
حيث يرفض الحاكم المستبدّ الرحيل وحيث
تدعمه أجهزة القمع التي أنشأها حتى
النهاية (على عكس ما جرى في تونس ومصر).
لذلك، وجب على أتباع هذه الحجّة أن
يكونوا الأكثر حرصاً على تسريع عملية
انتقال الأوضاع في سوريا من طور الى
طور، كي لا تدخل البلاد فعلاً ما يريد
النظام لها أن تدخل فيه إن هو رأى أن
شروط دفاعه عن نفسه وعن بنيته الأمنية
تستوجب تعميم الأهوال على طريقة "عليّ
وعلى أعدائي"... تبدو الحجج المذكورة إذن بائسة في تبرير
الصمت أو التواطؤ أو التهرّب من الموقف
الأخلاقي المنحاز الى الحرية في سوريا
(كما في كل مكان)، والذي فقط بعد
إشهاره، يمكن للنقاش السياسي أن
يستقيم وأن يتناول آفاق الوضع وسبل
تجنّب السيناريوهات السوداوية وغيرها
من أمور هي فعلاً تستحقّ النقاش. لا بل
تستحقّ النقاش المستفيض... ================== فواز طرابلسي السفير 27-4-2011 الأمن، المزيد من الأمن، الأمن دوماً
وأبداً. هذه هي الرسالة التي تزداد وضوحا يوجهها
الحكم في دمشق لشعبه والعالم. والأمن هنا بات يعني القمع، ووسواس الأمن
يستدعي «المؤامرة» استدعاءً لتبرير
الجواب الأمني عليها. وبعد اقتحام درعا
بالدبابات، واتهام الآلاف المؤلفة من
سكانها ب«الإرهاب»، يتأكد ان الجواب
الأمني بات يعني الآن التصدي بالقوة
العسكرية لحركة احتجاج شعبي متوسعة
ومتصاعدة تطالب بالإصلاح والتغيير. لم يكن «مشروع إصلاح شامل». كان الأمن. جرت المماطلة في موضوع إلغاء حالة
الطوارئ على أمل وقف التظاهرات
بالوسائل الأمنية، او بالتفاوض من غير
ما طائل على مطالب جزئية مع الشيوخ
والوجهاء، من دون الاضطرار الى اتخاذ
قرار الإلغاء. علماً ان القرار لم يكن
يحتاج لأكثر من توقيع رئيس الدولة من
ضمن صلاحياته الدستورية. مع ذلك، لم
يخطر في بال الحاكم ان يعلن هدنة ولو
لأربع وعشرين ساعة، بما هي بادرة تعلن
الانتقال من منطق «الطوارئ» الى منطق
القانون. وبدلاً من ان يستمر اطلاق
سراح المعتقلين، توقف فجأة. ولم تمض
ساعات على إلغاء حالة الطوارئ حتى بدأ
إطلاق النار لتفريق الاعتصام السلمي
في حمص. خالف المعتصمون «قانون تنظيم
التظاهر». صحيح. ولكن أي قانون يقضي
بمعاقبتهم بإطلاق النار عشوائياً
عليهم؟ لا قانون ولا منطق، إلا منطق
الأمن. استغرب البعض تزاوج الحديث الرسمي عن «مؤامرة
تتعرض لها سوريا» مع إعلان الاستعداد
لإلغاء حالة الطوارئ. وتساءلوا: اذا
كانت سوريا تتعرّض لمؤامرة، فالأحرى
تعزيز حالة الطوارئ لا إلغاؤها. قدمت
الايام الاخيرة الجواب على اللغز. ما
يجري تطبيقه عملياً بعد إلغاء حالة
الطوارئ افدح مما كان يحصل في ظلها،
وقد بات بعد تكليف الجيش بالاعمال
الأمنية، اشبه بالانتقال الى الاحكام
العرفية حتى لا نقول الى اعلان حالة
حرب. لا أمن من دون وسواس «المؤامرة». و«المؤامرة»
جواّلة. تلبّسها فلسطينيو المخيمات من
درعا الى اللاذقية، وتبعهم جزائريون،
ومواطن اميركي (ما لبث ان افرج عنه)
واتهم بها نائب لبناني، واستقرّت عند «السلفيين»
المتهمين بإعلان تمرّد مسلّح قبل ان
يعود الإعلام الرسمي فيعزوها الى «مشروع
خارجي تدميري مخرِّب»، لتعود داخلية
أخيراً مع تهمة «الإرهاب» التي واكبت
اقتحام دبابات الجيش لدرعا. وهذا
التخبّط لا يليق كثيراً بنظام يعتز بأن
انجح ما فيه هو أجهزته ... الأمنية! لا شك في وجود مسلحين يهاجمون قوات الأمن.
ولكن خيار الإدغام بين «الإرهابيين»
وبين الأكثرية الساحقة من المتظاهرين
والمعتصمين سلمياً - ولسان حالهم شعار
«سلمية، لا سلفية» - هو المسألة. ولا
حاجة للتوقف عند المسؤول عن وجود
السلفيين والجهاديين وعن تدريبهم
وتسليحهم في سوريا؟ فالكل يعرف
المسؤول. لا معنى لهذا الهوس الأمني لو لم يكن
ينطوي على تمسك عنيد بمصالح يمتزج بعجز
متماد عن تقديم أي حل لأزمات داخلية
وخارجية. تحدث الرئيس الأسد أمام
حكومته عن الفجوة بين الشعب والحكومة.
الحكومة لا الحكم؟ الحكم لا النظام؟
وحدها المكابرة تحول دون الاعتراف بأن
النظام برمته في أزمة وأنه على تباعد
متزايد مع شعبه وها هو يعمّد هذا
التباعد بالدم. ووحده ادّعاء الاستثناء السوري يحجب
حقيقة ان وضع سوريا لا يختلف كثيراً عن
اوضاع سائر الأقطار العربية، إن من حيث
عوامل تفجّر الانتفاضات او من حيث
مطالب العمل والحرية والخبز وكرامة
المواطن. المجتمع السوري مجتمع فتي،
تقارب نسبة الشباب فيه المعدّل العربي
العام، ويتكثف لديه هو أيضاً الخليط
المتفجر من الشباب المتعلم والعاطل عن
العمل، فيما نظام سياسي متكلّس يسدّ في
وجههم الأمل والمستقبل. هو مجتمع تحكمه
سلطة لم تعد تملك إلا ترهيب الناس
بالمصائر، والمصائب، اللبنانية
والعراقية، وادّعاء «الأمن
والاستقرار» الداخليين شرعية داخلية
لوجودها. فيما حزب قائد، دهري الوجود،
لا يقود إلا بقايا احزاب جبهته الوطنية
والتقدمية المترهلة، شاهد الملايين من
السوريين والعرب وسمعوا مهزلة ممثليه
وممثلي جبهته في جلسة «مجلس الشعب»
الشهيرة. وفي المجتمع السوري جيل جديد
ينتفض ضد التسريح المتمادي للسوريين
من الحياة السياسية ويريد ان تكون له
كلمته في اختيار حكامه ومحاسبتهم
وتقرير مصير بلده وحياته العامة. فلا
عجب ان تتمحور كل هذه المطالب عند ذلك
الشغف المتمادي بالحرية. الحرية؟ هذا
هو تعريفها الجديد في قاموس صحيفة «تشرين»:
«الحرية هي الأمن». المفارقة في كل هذا ان خطاب الرئيس الأسد
التوجيهي مسّ معظم هذه القضايا
بالتسمية والوصف، ولكن في سرعة وفي
غياب الحلول الجادة. في موضوع الفساد،
طلب الرئيس من وزرائه التصريح عن
اموالهم وممتلكاتهم قبل تولي
المسؤولية. ولماذا الوزراء فقط وليس
جميع المسؤولين من رئيس الدولة،
وأقاربه الأقربين، الى آخر مدير عام في
الدولة؟ علماً أن ضمان الشفافية يقتضي
التصريح ايضاً عند الخروج من
المسؤولية. والأهم هو تعيين الهيئة
المنوط بها التحقيق والرقابة والبت في
امور الهدر والفساد وسوء استغلال
السلطة؟ من جهة اخرى، اعترف الرئيس
بمشكلة بطالة الشباب. لكنه تعاطى معها
بطريقة أبوية جعلتها أشبه بالآفة
الأخلاقية، ذلك يبدو انها البطالة
تدفع الشاب الى ان «ينقلب على مفاهيمه
العائلية او حتى قيمه الاجتماعية
والوطنية». ولا حاجة للتذكير بأن مثل
هذا «الانقلاب» يهدد الامن هو ايضاً! ارتكبت السلطة السورية كل واحدة من
الأخطاء التي ارتكبها ويرتكبها الحكام
العرب في تعاطيهم مع انتفاضات شعوبهم.
بعضهم سقط وبعضهم ينتظر. أجّلت وسوّفت،
ووعدت من دون تنفيذ، وقدّمت التنازلات
المتأخرة بحجة انها لا تخضع للضغط،
ووقعت في دوامة القمع الدموي الذي يصعد
الاحتجاج ويوسع مداه ليقابله بتصعيد
القمع الذي يزجّ بفئات اوسع من الناس
في المواجهة. ومارست اجهزة إعلامه
الكذب الصريح والتخوين بالجملة، قدر
ما مارس النظام نفسه تغريب المشكلات
والاحتجاجات ونسْبِها للخارج
والمؤامرات. لم تحصد سوريا من ذلك غير
مزيد من الدماء والأحقاد واتساع الهوة
بين النظام والشعب. في الايام الاخيرة، اصدر عدد من مثقفي
سوريا بياناً يؤكد على الوحدة الوطنية
والحرية ويدعو الى حوار وطني يضم جميع
اطياف الشعب السوري ويحقق مطالب
التغيير السلمي. ها هم الضحايا يقدمون
مخرجاً سياسياً تفاوضياً للأزمة يغلّب
تحصين الداخل في وجه مخاطر التدخل
الخارجي. فهل ما زال الحكم في دمشق مستعداً لارتكاب
«الخطأ» الذي لم يرتكبه الى الآن:
الحوار مع شعبه بغير قذائف الدبابات
ورصاص القناصين وإهانة «الشبيحة»
لكرامات المواطنين وتخريفات الإعلام
الرسمي الكذوب؟ ================== نبيل بومنصف النهار 27-4-2011 لم تعد بلاغة المتشاطرين كافية لتسويغ
ازمة من نوع طارئ استثنائي وقعت في
حبائلها عملية تأليف الحكومة بكل
اطرافها الى درجة بات معها التلطي وراء
العقد الداخلية اشبه بالقناع الممزق
الذي يفضح ولا يستر. لا بل يصح التساؤل
عما اذا كانت قوى "التحالف"
الحكومي لا تزال بعد كل ما شهدته
الاشهر الثلاثة الاولى من الأزمة
قادرة على الاستمرار في اطار اكثري لم
يتوافر الا بدفع يتيم حصري هو تقاطع
المصالح والضغوط على اسقاط الحكومة
الحريرية فقط. تبدو الازمة الداخلية حاليا كأنها تجاوزت
عملية تأليف حكومة تعترضها عقد
كلاسيكية او محدثة الى عملية من نوع
آخر هي "ادارة" حسابات طارئة
لحلفاء سوريا ربطت ربطا محكما بالمؤشر
الملتهب تصاعديا للتطورات السورية.
بطبيعة الحال كل لبنان معني اكثر من أي
بلد آخر بالحدث السوري. لكن في صلب
الازمة الحكومية يبدو اطراف الائتلاف
الاكثري في عين الاختبار والاستحقاق
غير المسبوقين. لم تعد القضية مسألة
محاصصة تقليدية او حتى اعراف جديدة
يراد لها نفخ احجام على حساب معارضة
خارجة من السلطة. ثمة حسابات مختلفة
لكل قوى الاكثرية على مشارف مجهول -
معلوم التحقت به سوريا ونظامها ولو ان
الحدث لا يزال عند البدايات المتفجرة.
وليس من الضرورة ان تكون هذه الحسابات
متكئة على السوابق التي حصلت في بلدان
عربية اخرى. فاقتحام درعا مثلا
مستعيداً "ميني حماه" قد يكون
اوحى لاطراف في الاكثرية بوجوب التمهل
والتريث اكثر فاكثر لان تشكيل حكومة
على نار حسم عسكري موعود للثورة
السورية سيختلف اختلافا جذريا عن
حكومة تمليها حالة ميوعة بين النظام
ومعارضيه. وكذلك الامر في حال ارتدت
عملية درعا على النظام واسقطت من يده
بقايا تفضيل دولي لبقائه وحولت
المجتمع الدولي من حالة المهادنة
الضمنية معه الى حالة ضاغطة عليه بقوة.
في هذه الحال سيطول الاستنزاف الى حدود
يستحيل التكهن بها وستكون الاكثرية
امام الاسوأ اطلاقا، أي امام اللاخيار
تماما في ضؤ التقديرات "المفزعة"
التي يرسمها مؤشر صاعد وهابط بعنف تبعا
للتطورات الدامية في سوريا. ولعل المفارقة التي يجب الا تغيب عن
افرقاء الاكثرية هي انها تغامر بخطورة
شديدة بفقدان فرصتها النادرة لتأليف
الحكومة مع كل يوم تأخير. بل انه حتى
ضمن معايير الصراع الداخلي يبقى تأليف
الحكومة افضل انواع التحصين الداخلي
اللهم اذا ارادت الاكثرية ان تثبت
قدرتها على ان تكون سلطة مسؤولة وان
يكف فريق منها عن هوايته المرضية في
التنمر على سائر الآخرين. اما ذروة
الخطورة فهي في ان تكون هناك "احلام"
حسم من وحي درعا وبذريعة اتهام الخصوم
بالرهان على سقوط النظام السوري.
عندذاك يبدأ استدراج لبنان الى ما يفوق
الفوضى خطورة. ================== ياسر الزعاترة الدستور 27-4-2011 قتلى في الشوارع بلا حساب في درعا وحمص
وجبلة ومدن سورية أخرى، والدبابات
تجتاح المدن الثائرة وتمعن فيها قتلا
وقصفا، وهو ما يعتقد النظام أنه سيلقي
الرعب في قلوب الناس ويدفعهم إلى
التوقف عن التظاهر والمطالبة بالحرية. في البداية يخطيء بشار الأسد إذ يعتقد أن
بوسعه تكرار ما فعله والده مطلع
الثمانينات حين اجتاح مدينة حماة وقتل
فيها عشرات الآلاف، لأن الزمن الحالي
يختلف كثيرا من حيث القيم الإنسانية
أولا، ومن حيث الوضع الدولي ثانيا، ومن
حيث الفضاء الإعلامي المفتوح ثالثا،
وهذا الأخير هو الذي يجيّش الرأي العام
العالمي ضد القتلة في أي مكان في
العالم، ويدفع الجميع (قناعة أو خجلا)
نحو تعامل من نمط آخر معهم، في ذات
الوقت الذي يدفع الناس نحو مزيد من
الانفجار والثورة. لن يتمكن القتلة من تنفيذ مهمتهم دون
حساب، فالكاميرات ستكون لهم بالمرصاد،
وستضع الحقيقة بين أيدي الناس في
الداخل والخارج، والنتيجة أن الأيدي
الملطخة بالدماء ستدفع الثمن غاليا من
دون شك. الجانب الآخر في المشهد والذي لا يقل
أهمية هو الفارق بين الزمنين، من حيث
أن الأسد الأب كان يواجه تمردا مسلحا
يتلقى دعما ولو محدودا من الخارج، ولم
يكن سرا أن بعض الدول العربية كانت
تدعم ذلك التمرد، بينما تتسامح دول
غربية معه من حيث جمع التبرعات، أما
اليوم فلا سلاح ولا رصاص، بل أياد
بيضاء ووجوه بريئة وأفواه طاهرة تهتف
للحرية لا أكثر. يشار هنا إلى أن محاولة النظام نقل الحراك
الشعبي إلى مربع التمرد المسلح لم تفلح
حتى الآن، ولن تفلح بإذن الله، حتى لو
واصل التلفزيون السوري بث صور جنازات
الضباط والجنود للمشاهدين على نحو
تراجيدي والأرز ينثر عليها، إذ يعلم
الجميع أن من قتل من هؤلاء لم يُقتل
بأيدي الناس المنتفضين، وإنما بأيد
مدسوسة نتجت عن اختراق مجموعات معينة
سبق أن تعامل النظام معها إبان حرب
العراق، هذا في حال كانت الجنازات
حقيقية من الأصل. لقد قلنا غير مرة إن هناك محاولات محمومة
من قبل النظام لعسكرة انتفاضة الشعب
السوري لتسهيل قمعها وتكرار النموذج
الليبي على نحو ما، وتحدثنا عن الآليات
التي سيستخدمها في السياق، وقد تحقق ما
قلناه، وها هو يدخل بدباباته إلى درعا
في ظل «بروباغندا» تتحدث عن مواجهة
تمرد مسلح وليس انتفاضة شعبية. في ضوء المعادلة الآنفة الذكر لن يكون
بوسع النظام أن يقتل الناس من دون
حساب، كما أن الشعب السوري الذي كسر
حاجز الخوف لن يتوقف عن سعيه للحرية،
وهنا تحديدا ينهض فارق مهم آخر عما جرى
مطلع الثمانينات يتعلق بالإجماع الذي
تحظى به الانتفاضة الحالية في صفوف
الشعب السوري، وإذا حاول النظام تسويق
مقولة أن أكبر مدينتين (دمشق وحلب) لم
تلتحقا بالثورة، فإن هذه المعادلة لن
تلبث أن تتلاشى وتلتحق المدينتان
بباقي المدن، مع العلم أن الكثير من
المناطق في دمشق قد التحقت بالفعل. السبب بالطبع لا صلة له بقناعات الناس،
وإنما بالخوف الطبيعي لدى عائلات
الشبان الذين سيخرجون ويقودون الشارع.
الخوف من نظام أمني موغل في القمع، لكن
ما إن يبدأ الحراك حتى يغدو كالطوفان
الذي لا يوقفه أحد، وهذا ما وقع في سائر
المدن الأخرى كما تابع الجميع. أما
الجيش السوري، فإن موقفه اليوم بالغ
الحساسية، ذلك أن تورطه في لعبة قمع
الناس سيكون جريمة بحق سوريا وأهلها،
وعلى كل فرد فيه أن يرفض إطلاق النار
على أهله مهما كان الثمن، فأن يموت
شهيدا خير له من يطلق النار على أبناء
شعبه. يبقى القول إن تردد بعض الفعاليات
الشعبية والكتاب والمثقفين العرب في
إدانة القتل الهمجي في سوريا لا يمكن
أن يكون مقبولا بحال، وإذا تفهمنا ذلك
في حق بعض قوى المقاومة خارج سياق
الدفاع والتبرير، فإن الأمر يبدو
مختلفا في حق الآخرين، لأن الأصل هو
الانحياز لحرية الشعوب أيا تكن طبيعة
النظام، بل إن المقاومة والممانعة
تستدعي منح الحرية للناس وليس قمعهم،
ومن يقود جيشا من الأحرار الذين يحبونه
ويقتنعون بقيادته سيكون أقدر على
صناعة الانتصار ممن يقود جيشا من
العبيد. ================== الاربعاء, 27 أبريل 2011 غازي دحمان * الحياة إنذار بتحول انتحاري! ليس في الأفق ما يشير إلى حصول مقاربات
نوعية للأزمة في سورية، باستثناء تلك
التي تنذر بالانزلاق أكثر في دوامة
العنف. فالسلطة بدا أنها استنفدت هامش
الامان، واستهلكت كامل المساحة التي
يمكن من خلالها قبول الحراك الحاصل في
البلاد واستيعابه، ولم يبق لديها سوى
الخطوط الحمر ترفعها في وجه معارضيها. من جهة أخرى، لا يزال الحراك الشعبي يعتمد
إستراتيجية التغذي من الأخطاء اليومية
للسلطة، ويعتمد نمط التوالد (الصدفوي)،
والذي من نتيجته زيادة الاتساع
أفقياً، وبقاؤه عند المربع الأول
عمودياً. وتحمل أنماط إدارة الازمة التي تتبعها
السلطات السورية، إضافة إلى التخبط
الواضح في مضامينها، مخاطر جمة على
الحالة السورية ومستقبلها. ذلك ان
إستراتيجية مواجهة الأزمة بأزمة
مقابلة (التهديد بالفتنة في مواجهة
مطالب الحرية الناتجة من الانسداد
السياسي المديد)، وكذلك إستراتيجية
تفكيك المطالب الوطنية وتحويلها مطالب
متفرقة تتم معالجتها بالقطعة، لتظهر
على شكل رشاوى لفئات بعينها (إنشاء
قناة دينية، وتجنيس آلاف من الأكراد)
أوجدت على ضفافها أزمة أخرى فحواها أن
عدم طرح السلطات استراتيجية وطنية
متماسكة وواضحة والاستمرار بهذا النمط
من المعالجات من شأنه ان يهز الأساس
الذي قام عليه التوافق الوطني خلال
العقود الماضية، ويؤسس لحالة صراعية
مستقبلية واختلالات بنيوية خطيرة في
أساس التوافق الاجتماعي الذي تأسست
عليه الحالة الوطنية السورية برمتها. ولا شك في ان توجه السلطات السورية لإحالة
تطورات الحراك إلى واقعة سلفية، في
الوقت الذي تعدم السلطة أدلتها على
ذلك، هو نوع من تحضير مسرح الحدث
لمعالجات أكثر تشدداً، ومحاولة مكشوفة
لإغراق الحراك في أزمات جديدة. هنا، تدخل قواعد الاشتباك، واللعبة
برمتها، في مرحلة جديدة تحددها
السلطة، واستتباعاً، تعيد تعريف
الأشياء. فالمنطقة الرمادية التي أمكن
اللعب فيها في الفترة المنصرمة
استنفدت كل إمكاناتها ومبرراتها، وبات
اللعب محصوراً في المنطقة البيضاء (السلطة)
والسوداء (الحراك)، ولا شك في أن لذلك
دلالات واضحة، اهمها أن المجال
السياسي المراد إصلاحه تم إغلاقه عند
حدود ما رسمته السلطة من إجراءات
ووعود، وهذه هي الحدود القصوى للنظام
السياسي الحالي بمكوناته: حزب حاكم
مترهل، وجهاز أمني يفيض بضخامة مبالغ
فيها، ونظام اقتصادي مفصل على مقاس
نخبة محددة. عند هذه الحدود، يصبح أي إجراء إضافي
نوعاً من هدم الأسس، كما ان استنفاد
جميع الاوراق دفعة واحدة يندرج في خانة
التصرفات الخطيرة. وثمة تطورات اخرى
للحراك، وثمة إمكانية لضغوط دولية،
تستوجب التضحية ببعض التنازلات
الشكلانية، مع مراعاة عدم الإخلال
بالبنية السياسية والأمنية للنظام. والواقع، ربما في اعتقاد السلطة،، أن ما
قدمته من تنازلات يتوافق ويكفي مع
الحراك (الأعرج) الذي علق حتى اللحظة في
أزمة عدم قدرته على إشراك مكونات
الاجتماع السوري، واستحق بجدارة وصفه
ب «ثورة المساجد»، كما انه لم يستطع
حتى اللحظة إقناع المراكز الكبرى،
دمشق وحلب، بالمشاركة في الحراك،
نتيجة للارتباط الشديد لنخبهما
الاقتصادية وتوابعهما الدينية (ذات
التأثير الواسع في شارعيهما) بالنظام
الإداري الفاسد. والحال، فإن هذه المعطيات تجعل الازمة
السورية ذات صيرورة خطيرة. فهذا الحراك
المدمى الذي يحضر شعاراته في صباحات
الجمعة ويلقيها متعجلاً تحت ضربات
العصي وأزيز الرصاص الحي، بقي،
وبالنظر الى سماكة جدران الاستبداد
والقهر ومفرزاتهما من الخوف والقلق،
إضافة إلى الضعف المهول لقوى المجتمع
المدني والمعارضة السياسية، عند حدود
قدرات الحراكات الشعبية في منتصف
القرن الماضي، وجاءت استجابة السلطات
وكأنها استجابة لمطالب من ذلك الزمن،
وعجز عن تطوير إستراتيجية ثورية تنقله
إلى المرتبة الوطنية، وتساعده في
التحرك ضمن مساحات أرحب، وهذا الأمر
سهل انكشافه ووضعه في دائرة الاستهداف.
ومع أن كل ذلك لن يؤدي إلى القضاء عليه،
لكن بالتأكيد سيجعل فاتورته أعلى، كما
ان مآلاته تنذر بالتحول إلى نزوع
إنتحاري. * كاتب فلسطيني مقيم في سورية ========================== علي كنعان القدس العربي 27-4-2011 ماذا يقولُ الدمُ للرصاص؟ أينحني
مستجدياً خزيان.. في الحضرةِ المهيبة؟
يؤكِّد الطاعةَ والولاء: هل ارتويتَ،
يا أخي؟/ أم يعلنُ الثورة.. ويجرف
الطغاةَ والطغيان؟ أكتب هذه الزاوية مساء 'الجمعة العظيمة'،
والدماء الزكية ما تزال طرية في
الشوارع والساحات. والتاريخ لن ينسى
أنها جمعة عظيمة موجعة ومجيدة بحق وبكل
اللغات والرؤى والمقاييس. إن كلماتنا
تبدو باردة متخلفة عن هذا الإيقاع
النبيل المتسارع للأحداث التي تصنعها
الجماهير كل يوم. وكم كنت أتمنى لو كنت
بين هؤلاء الشباب، من جيل أحفادي، عسى
أن أتلقى أول رصاصة 'مندسة' غادرة فأريح
وأستريح. وإذا كانت المرارة توشك أن
تخنق الروح من كثرة أعداد الضحايا
والشهداء، فليس في الأفق من حل وطني
عادل غير سقوط النظام وتفكيك أدواته
القمعية واسترداد الأموال المنهوبة من
ثروة الوطن وجهود أبنائه الشرفاء. وإذا كانت تحية الشعب التركي وشكره واجبا
علينا لتحركه الأخوي في دعم الانتفاضة
السورية ومطالبها العادلة بالحرية
والكرامة، وخاصة في غياب الحضور
العربي، فإن العتب يبقى شديدا على
السيد أردوغان لأنه لم يقف بقوة كافية
إلى جانب الدم الذي أريق في شوارع
المدن السورية، فليس معقولا ولا
مقبولا بأي منطق أو شريعة أن يبذل
الزعيم التركي الكبير مساعيه للمصالحة
بين النظام السوري والعدو الصهيوني،
ولا يتحرك بالقدر الكافي لدفع هذا
النظام الاستبدادي الغاشم إلى مصالحة
شعبه، رغم نصف قرن من مكابدات الظلم
والاستبداد. ولعله فعل ذلك سرا، ولكن
دون جدوى! مر على انطلاقة الانتفاضة الشعبية في
سورية نحو ستة أسابيع، ولم نسمع أو
نشهد أي إجراء - ولو بصيغة شكلانية -
يتخذه النظام بالتواصل والحوار مع
رموز الشباب الثائرين أو مع رموز
المعارضة والمفكرين السياسيين
والحقوقيين من أمثال الدكتور طيب
تيزيني، مصطفى رستم، برهان غليون،
رياض الترك، هيثم المالح، عبد المجيد
منجونة، عارف دليلة، رياض سيف، على
سبيل المثال لا الحصر. الحوار القمعي
الوحيد الذي أجراه النظام على طريقته
القمعية كان باعتقال المناضلين
الناشطين فايز سارة، غياث عيون السود،
جورج صبرا، محمود عيسى وعشرات غيرهم.
إنه نظام يلعب في الوقت الضائع، بعد أن
هدر في المناورة والتسويف والدجل كل
وقت صالح للمعالجة والإصلاح. المراسيم
والقرارات التي تصدر لا ينفذها أحد،
لسبب بوليسي مفضوح، وهو أن الأوامر
والقرارات القابلة للتنفيذ تصدر
شفاهيا أو عبر هواتف الطغمة الحاكمة،
وهي هواتف رباعية الأرقام، يوم كانت
هواتف الجماهير في دمشق مؤلفة من ستة
أرقام قبل أن تتحول إلى سبعة، ولا أدري
إن كانت أرقام الشبكة الأخطبوطية قد
تغيرت كذلك. إن أقذر لعبة دموية يتخذها قادة النظام
وأبواقه هي التلويح بالوحش الطائفي
وانتصار الخط السلفي، لكن جماهير
الانتفاضة - ومن ورائها تسعين بالمئة
من أبناء الوطن - تؤكد يوما بعد يوم
أننا شعب سوري واحد، وأن الخدعة
الاستعمارية القديمة 'فرق تسد' لا مكان
لها في ثورة الحرية والكرامة. تلك لعبة
صبيانية مكشوفة ولا تستحق التوقف
عندها أو إعارتها أي اهتمام. والسؤال الجارح الذي لا يمكن فهمه ولا
استيعابه: كيف يقبل الطبيب، وما يسمى
بالحكيم في التراث، كل هذا الدم
المسفوك ظلما وعدوانا ويتغاضى عن
رؤيته ويسكت عن مرتكبيه؟ لو أن الجنرال
رستم غزالة أو معلمه المنحور غازي
كنعان، هو الذي يحكم سورية بطريقته
البوليسية كما حكما لبنان، كنا فهمنا
بعض ما يجري عندنا وتجاوزنا السؤال.
أما أن يكون الحاكم طبيبا، فهذه حالة
غير مفهومة ويعجز عن قبولها أو تصورها
أي عقل سليم. وأود هنا أن أشير إلى أن الإصلاح كان
ممكنا منذ اليوم الأول لانتفاضة درعا،
لو اتخذ الدكتور الرئيس موقفا تاريخيا
مشهودا، تخطى به حدود القرابة، وأمر
باعتقال ومحاسبة عاطف نجيب مدير الأمن
في درعا ومعه رامي مخلوف رأس الفساد
وكبير مافيا النهب المالي في البلد.
لكن بداية النهاية كانت في مهزلة
البرلمان، ثم جاءت الوزارة الجديدة
وكانت الجلسة الإرشادية الأولى مدعاة
للضحك والبكاء معا، خاصة أن إحدى
جميلات المجلس راحت تبتسم بمسرة غامرة
أو سخرية واضحة، ولا من سبب لذلك إلا
إذا كان لمسة فنية من المخرج لتطرية
المشهد الكالح. ولكن، إلى أين يمضي النظام بألاعيبه
الدموية؟ ولماذا سارع إلى مسح مضمون
مراسيمه قبل أن تأخذ طريقها إلى النشر؟
وقيادة البعث أو الجبهة التي يحكم
النظام باسمها، أين هي من كل ما يجري من
فظاعات؟ وهل حزب البعث أكثر من قناع
لعصابة المافيا التي تحكم البلد
وتتحكم بمقدراته منذ عشرات السنين؟
وهل جيء بوزير الداخلية الجديد ليثبت
تفوقه في البطش والتنكيل؟.. أم أنه مجرد
رِجل كرسي، كما يقول المثل الشعبي؟..
أسئلة كثيرة تدور في رأس كل سوري وكل
عربي حريص على سلامة سورية ومكانتها
ومستقبلها. لكنها أسئلة سرعان ما تتبخر
في الهواء المحموم وتضيع بلا صدى ولا
جدوى ولا جواب. وهناك لعبة جانبية رديفة لبالون السلفية
وأخطارها، وهي مرتبطة بما يطرح
الإعلام الغوغائي حول المؤامرة
والتدخل الأجنبي. وأشباح هذه المؤامرة
كانت تتسلل مرة من الأردن ومرة من
لبنان، ولنترك جانبا قصة الأسلحة
المهربة والصفقات السرية المتبادلة
بين المخابرات السورية والعراقية، فهي
أكثر من مضحكة. والسؤال الأخير هنا: متى
كانت سورية في منجاة من التآمر
الخارجي، خاصة أن شطرا كبيرا من أرضنا
الغالية ما زال تحت الاحتلال؟ هذا إذا
تجاوزنا غارات الطيران الصهيوني
واغتيال الحاج مغنية والعميد سليمان.
لكن من يتأمل المشهد وما يجري فيه من
أحداث دامية وترهات رسمية جوفاء يكتشف
أن المقصود بالمؤامرة هم جماهير
الانتفاضة المطالبة بالحرية والكرامة. لكن الحقيقة التاريخية الواضحة والدامغة
في الوقت ذاته، هي أن إراقة قطرة دم
واحدة من قلب شهيد تشكل حدا تاريخيا
فاصلا بين ظلمات الماضي ونور المستقبل.
لقد انتهى ما يسمى بحكم البعث في
سورية، عاجلا أو آجلا، وربما بصورة
مختلفة عن نهايته في العراق. ولعل
الفارق الوحيد بينهما هو أن نسبة لا
تقل عن الثلث من جماهير الحزب المقموعة
في بلادنا سوف يشاركون الشعب، كل
الشعب، أفراح انتصاره في انتزاع
حرياته الديمقراطية وتحقيق التغيير
الوطني الشامل. والتغيير الجذري هو
الأمل الباقي. ' كاتب وشاعر من سورية ================== د. أميمة أحمد القدس العربي 27-4-2011 دخلت الثورة الشعبية في سورية أسبوعها
السادس حتى الآن، ولا يبدو أنها تتوقف،
بل ماضية لتحقيق ما خرجت من أجله،
الحرية للشعب السوري الذي كاد ينسى
معنى التعبيرعن نفسه، لدرجة أصبح يخشى
الجدران وأقرب المقربين خوفا من
الوشاية للأمن، وكثيرون قضوا سنوات من
دون محاكمة نتيجة وشاية أو تقرير لمخبر
حاقد. بخروج شجعان درعا انكسر حاجز الخوف، أجل
خرج الشعب السوري من أسر الخوف ورهبة
المخابرات. والنظام السوري الذي حكم
بالحديد والنار لأربعين عاما، وبقي
منتشيا بقبضته الأمنية، تحت شعارات
قومية جعلت القاصي والداني خارج سورية
يصدقها، إلا السوريون أنفسهم كانوا
يعلمون أنها ستارة لبقاء النظام مثل
شعارات 'دولة مواجهة، ممانعة، ترفض
املاءات الخارجية، مستهدفة لأنها تدعم
المقاومة.. وغيرها من شعارات' حبس بها
أنفاس الشعب السوري بالمعركة
والتحرير، في وقت لازالت الجولان
محتلة حتى اليوم، لذا تفاجأ النظام حد
الارتباك والقسوة المفرطة بالتعامل
عندما خرجت أولى طلائع المنتفضين من
درعا، ومنها انتشر قبس نورهم إلى باقي
ربوع القطر السوري . اعترف النظام بشرعية مطالب المحتجين،
ووعد بالإصلاحات، تلك الإصلاحات التي
وعد بها الرئيس بشار الأسد منذ أن أقسم
اليمين الدستورية عام 2000، ثم أكدها في
2005 في مؤتمر حزب البعث، واليوم على
هدير الانتفاضة يعد بها مرة ثالثة . رفع المحتجون مطالب محددة: رفع حالة
الطوارئ، إطلاق سراح المعتقلين خلال
الانتفاضة، ومعتقلي الرأي المحكومين
وغير المحكومين، بمعنى تبييض السجن
السياسي من نزلائه، وعودة المنفيين
قسرا (المهجّرين لأسباب سياسية) من دون
قيد أو شرط، وتعديل الدستور بما يتماشى
ودولة مدنية، وهذا يعني شطب المادة 8 من
الدستور التي تنص على أن حزب البعث
قائد الدولة والمجتمع، ومن المطالب
أيضا قانون الأحزاب، وقانون الإعلام،
وقانون انتخابات يسمح للجميع
بالمشاركة بالانتخابات بعدما كانت
المشاركة محصورة على الجبهة التقدمية (أحزاب
مجهرية تنضوي تحت لواء البعث) التي
يرأسها حزب البعث الحاكم ومستقلين من
أتباع النظام، تسمية مستقل للديكور لا
أكثر ولا أقل . وطالما لدى الرئيس بشار الأسد نية
الإصلاح منذ استلامه السلطة يفترض أن
تكون مشاريع قوانين الإصلاح جاهزة، أو
على الأقل لديه تصور للإصلاح، لكن تبين
أن كل تلك الوعود كانت للدعاية
السياسية وليس للفعل السياسي الجاد،
وهذا يفسر تأخر النظام في الاستجابة
لمطالب المتظاهرين، مثلا حالة الطوارئ
التي أقرها ضباط بعثيون عام 1963 بعدما
استولوا على السلطة بانقلاب عسكري،
وصار الطارئ حالة دائمة، فالدستور
السوري يخول رئيس الجمهورية رفع حالة
الطوارئ بمرسوم رئاسي، لكنه للأسف لم
يفعل بل اكتفى بالتوقيع على مشروع
قانون رفع حالة الطوارئ، ولريثما
تنفذه الحكومة نقضي سنوات أخرى تحت
حالة الطوارئ المرفوعة إعلاميا
والباقية بالواقع، وأيضا إطلاق سراح
معتقلي الانتفاضة على الأقل، ولم
يفعل، وأطلق بعضهم على دفعات أعطت
انطباعا بالابتزاز السياسي، فيما غض
الطرف عن سجناء الرأي المحكومين
بأحكام جائرة . واللافت بدلا من الاستجابة لمطالب
المتظاهرين راح وشكل حكومة على رميم
حكومة العطري، يرأسها عادل سفر، وزير
الزراعة الذي أودى بالزراعة السورية
إلى الهاوية بسبب فساده، حينما اشترى
بذورا منتهية الصلاحية، ومنع استخدام
المياه الجوفية بحجة الجفاف، فأصبحت
سورية مستوردة للقمح بعدما كانت
الدولة العربية الوحيدة التي تصدر
القمح الفائض عن حاجتها، فهل هذا يؤتمن
على التغيير يا دكتور بشار؟ وهل انعدم
النزهاء في سورية حتى تستعين
بالفاسدين؟ لعمري ما خرج الشباب السوري كاسرا طوق
الخوف من أجل تغيير ناجي العطري بعادل
سفر 'موسى الحاج، بالحاج موسى' والرئيس
بشار يعرف ذلك جيدا أو يفترض أنه يعرف
أن الحكومة ليست سوى حجر شطرنج في رقعة
المنظومة الأمنية السورية، التي تتكون
من سبعة عشر جهاز أمن، كلها مكرّسة
لقمع المواطن، وهي المتنفذة بالسياسة
السورية، ولعل إقالة رئيسة تحرير
جريدة 'تشرين' الصحفية مسالمة مثال
صارخ على سطوة الأمن حينما أبلغها ضابط
أمن بانتهاء مهامها، ولم تأت إقالتها
من وزير الإعلام. وهنا جوهر الأزمة
السورية يا سيادة الرئيس، فالأزمة في
بنية النظام القائمة على سيطرة
الأجهزة الأمنية على السلطة، فهذا
النظام بناه الرئيس الراحل حافظ الأسد
على 'الكل الأمني'، حيث شكل أجهزة أمنية
مختلفة، وبنفس الوقت غض الطرف عن فساد
هذه الأجهزة، وهذا يسمى بعلم السياسة
الحديث 'الرشى السياسية'، يعني غض
الطرف عن فسادهم مقابل الولاء المطلق
له، وإلا أخرج ملفاتهم السوداء وفضحهم
على الملأ. وسارت القبضة الأمنية بعهد الأسد الأب
مثل الساعة السويسرية، لا يجرؤ أحد من
قادة الأجهزة الأمنية على رف عينيه
أمام الرئيس حافظ الأسد، الذي استخدم
هذه الأجهزة كأدوات في حكم سورية،
ورجال الأمن لا يطبق عليهم القانون
الجنائي وفق المرسوم /4 /الصادر في 25
كانون الثاني/يناير 1969 'لا يجوز ملاحقة
أي من العاملين في إدارة أمن الدولة عن
الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ
المهمات المحددة الموكولة إليهم، أو
في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر
ملاحقة يصدر عن المدير'، وبالتالي لا
يطبق القانون على ما يرتكبه رجال الأمن
من جرائم، ولعل المجازر التي ارتكبت في
عهد الأسد الأب كرست إطلاق يد الأمن ضد
كل من تسول له نفسه أن يجهر برأي يخالف
رأي النظام، فمجزرة حماه عام 1982 في
مواجهة مع الأخوان المسلمين، راح فيها
ما لا يقل عن 30 ألف ضحية، ومجزرة سجن
تدمر العسكري راح فيها نحو 1500 ضحية،
ومجازر أخرى، حدثت أواخر السبعينات
وبداية الثمانينات من القرن الماضي،
ولم يحاسب أي من مرتكبي تلك الجرائم
التي تصنف 'جرائم ضد الإنسانية'، ونشطت
دعاية النظام 'بالمؤامرة الخارجية'.
يومها لم تكن وسائل الاتصال الحالية،
الفضائيات والانترنت والفيس بوك
وتويتر، وبلاك بيري، لذا مرت تلك
المجازر بتعتيم إعلامي محكم، ولا توجد
صورة عن تلك المجازر حتى الآن، بينما
انتفاضة سورية اليوم ورغم الحصار
الإعلامي لها لتصوير ما يجري في سورية،
خرجت صور المظاهرات والشهداء والمناظر
البشعة لقوات الأمن تسحل وتمتهن كرامة
الشباب موثوقي الأيدي والأقدام بالدوس
عليهم، أمر ربما حصل في عهد العبودية
قبل قرون، يوم كانت تجارة الرقيق، سيد
الأرض يشتري الفلاحين كما يشتري
الدواب كأدوات إنتاج، لذا استنكر
العالم بشدة مناظر امتهان كرامة
الإنسان . إذن المشكلة ليست بالحكومة، ولا بقوانين
تصدر عن الحكومة أو عن رئيس الجمهورية،
بل المشكلة في بنية النظام نفسه الذي
بناه الأسد الأب على القبضة الأمنية
والدولة البوليسية، لكن الفرق بين عهد
الوالد وعهد الابن، أن الرئيس حافظ
الأسد كان يحكم بالأجهزة وهم تحت
سيطرته، ولا يجرؤ أي منهم مخالفة
أوامره، بينما في عهد الأسد الابن
هيمنوا على السلطة وأصبحوا الحاكمين
الفعليين، وهذا ما يفسر عدم تنفيذ
أوامر الرئيس بعدم التعرض للمتظاهرين
وحمايتهم، وما حصل بالواقع أن الدماء
سالت في شوارع سورية وعلى أيدي قناصة
وشبيحة الأجهزة الأمنية. والمؤسف
ترويج أكاذيب عن 'مؤامرة خارجية، وتورط
دول عربية، وسلفيين وغيرها من أقاويل'،
وهذا بحد ذاته استغباء للسوريين الذين
خرجوا من أجل مواطنة كاملة رافضين منطق
الرعية والعبودية واستعباد الأجهزة
الأمنية لهم، طفح كيلهم فلم يعد هناك
مجال للتحمل أكثر من أربعة عقود وباسم 'لا
صوت يعلو فوق صوت المعركة' فلا غرو أن
ينتفض الشعب السوري برمته لأجل حريته.
وهنا أتساءل لماذا المظاهرات
المليونية التي خرجت للتأييد
والمبايعة الأبدية للرئيس بشار لم يصب
واحد منهم بخدش؟ ولا نتكلم على طريقة
الإجبار لإخراج الناس بالقوة لمظاهرات
التأييد، ويحزنني لو صدقت يا سيادة
الرئيس خزعبلات تقارير أجهزة
المخابرات أن هذه الجموع خرجت
بإرادتها لتأييدك، فحينها تكون أخطأت
مرتين، أخطأت بعدم فهم شعبك، وأخطأت
لأنك صدّقت هؤلاء الكذبة من حولك . الآن سال الدم، ودخلت سورية في دوامة
العنف والعنف المضاد، وكلما قتلت قوات
الأمن المتظاهرين استفزت الشعب وتدفق
للشوارع أكثر، فيجب كسر هذه الحلقة
بإجراءات جادة تنقل سورية إلى
الديمقراطية والحرية بدون دماء بعد
اليوم. وهذه الإجراءات كالتالي،
وبداية نثمن قرارات رفع حالة الطوارئ
وإلغاء محكمة أمن الدولة، وحق
التظاهر، ولكن في أرض الواقع لم يطبق
شيء، حيث لازالت الاعتقالات
العشوائية، ومنع المظاهرات، وبالتالي
نرى ما اتخذ من قرارات لا يعدو أن يكون
دعاية للتسويق الخارجي. ولكي نحقن دماء
السوريين ونضمن انتقال سورية سلميا
إلى الحرية والديمقراطية كما طالب
المتظاهرون مطلوب عاجلا : 1 تشكيل حكومة مؤقتة تتكون من الكفاءات
الوطنية، لا يتجاوز عددها العشرين
عضوا بقيادة الرئيس بشار الأسد، تقود
مرحلة انتقالية مدتها ستة أشهر. 2 أول مهام الحكومة المؤقتة رفع حالة
الطوارئ وكل الأوضاع المتعلقة بها. 3 إطلاق سراح كافة المعتقلين خلال
الانتفاضة السورية . 4 إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي
والمعتقلين السياسيين في السجون
السورية. 5 عودة المنفيين والمهجرين لأسباب سياسية
من دون قيد أو شرط ومن دون مساءلة. 6 تعويض ذوي الشهداء في المظاهرات،
واعتبارهم شهداء لهم حقوق شهداء
الواجب الوطني . 7 حل الأجهزة الأمنية، واختزالها بجهاز
خاضع للقانون والمساءلة . 8 حل البرلمان والمجالس المحلية
باعتبارها مؤسسات نشأت على تزوير
إرادة الشعب . 9 تشكيل هيئة قانونية من خبراء في القانون
الدستوري مستقلين، يقومون بتعديل
الدستور، بما يتناسب مع دولة مدنية وحق
المواطنة، في أجل 20 يوما. والتعديلات
العاجلة، إلغاء 'المادة 8 من الدستور
التي تنص على أن حزب البعث قائد الدولة
ولمجتمع '، وتحديد عهدة الرئيس بأربع
سنوات، وتسقيف عهدات الرئيس بعهدتين
فقط غير قابلة للتمديد، ومن شروط
المرشح للرئاسة، السن 40 سنة، متزوج من
سورية من أبوين سوريين، يحق لكل سوري
الترشح للرئاسة بغض النظر عن دينه أو
عرقه، ويكون المرشح خاليا من الأمراض،
وفي حال مرضه يعلن شغور منصب الرئيس . تقوم الحكومة المؤقتة في حملة دعائية
لشرح التعديلات الدستورية في غضون 21
يوما، ثم يجري استفتاء شعبي على
الدستور. 10 وضع قانون للأحزاب وآخر للانتخابات
يسمح بتعددية سياسية لكافة القوى
السياسية السورية، ويتيح لها خوض
الانتخابات والترشح وفق الدستور، وأن
يكون المرشح سوري الجنسية فقط لا غير . 11 وضع قانون للإعلام كسلطة رابعة، يتيح
حرية التعبير وسيولة المعلومة وسهولة
الحصول عليها، لأن الإعلام الحر يعني
دولة قوية . 12 الحكومة المؤقتة التي يرأسها رئيس
الجمهورية تدعو إلى مؤتمر وطني للحوار
مع كافة القوى السياسية والاجتماعية،
تحدد جدولا للحوار بنقاط محددة، وبمدة
لا تتجاوز ثلاثة أيام منعا للشطط
والانشغال بقضايا جانبية. والنقاط
المطروحة للنقاش تكون: نوع الحكم هل هو
برلماني أم رئاسي؟ ويُفضل أن يكون
برلمانيا لتمكين ممثلي الشعب من
مساءلة ومحاسبة السلطة التنفيذية، وضع
مدونة أخلاقية يلتزم بها الجميع في
الممارسة السياسية لتكون بعيدة عن كل
دعوة طائفية أو عرقية أو مذهبية،
وتحديد الحالات التي يتم فيها خرق هذا
الميثاق الشرفي حتى لا يفسر كل واحد
يصل السلطة مستقبلا حالات خرق الميثاق
حسب هواه، والتداول السلمي على
السلطة، ونبذ العنف للوصول إلى
السلطة، والفصل بين السلطات الثلاث،
التنفيذية، والتشريعية، وقضاء مستقل . على الحكومة المؤقتة تنظيم انتخابات
تشريعية ومحلية بموجب قانون
الانتخابات، تكون حرة ونزيهة تحت
رقابة دولية . رئيس البرلمان هو رئيس السلطة التشريعية
يدعو إلى انتخابات رئاسية مسبقة
تعددية . توازيا مع هذه الإجراءات تكون إجراءات
مماثلة جارية لمحاربة الفساد،
بالتحقيق بثروات كل من لا تتناسب ثروته
مع حجم دخله، وهم معروفون، ومحاسبة
الذين ارتكبوا جرائم قتل ضد
المتظاهرين، وتقديمهم لقضاء مستقل، مع
منع خروج أي أموال خارج سورية خلال
الفترة الانتقالية ومدتها ستة أشهر . بهذا تعود سورية إلى مكانتها اللائقة بها
بين الأمم، حرة ديمقراطية . ' كاتبة سورية مقيمة في الجزائر ================== هاربون على الحدود
الأردنية: مجزرة في درعا الشرق الاوسط 27-4-2011 سوري عالق في الرمثا: هناك أكثر
من 200 قتيل الرمثا: «الشرق الأوسط» يصرخ المسالمة، وهو سوري عالق في الرمثا
على الحدود الأردنية مع سورية، قائلا:
«إنها مجزرة» بعد أن نجح في الاتصال
بأحد أفراد عائلته في درعا، الذي أعلمه
بسقوط أقرباء له قتلى، وذلك وفقا
لتقرير من على الحدود لوكالة الصحافة
الفرنسية. وقال المسالمة لوكالة الصحافة الفرنسية
قبل أن يجثم على ركبتيه ويخفي دموعه
براحتي يديه: «قالوا لي إن هناك أكثر من
200 قتيل بينهم أفراد من عائلتنا، إنها
مذبحة». وأشار إلى أنه وصل إلى المملكة
قبل يومين من أجل عمل له قبل أن تغلق
السلطات السورية الحدود من جانبها في
درعا التي تبعد 3 أميال. وبينما يرتاح البعض يحاول آخرون، جاهدين،
الاتصال بعائلاتهم والقلق بادٍ على
وجوههم. ويتبادل هؤلاء المعلومات التي
تصلهم من عائلاتهم فيمن بينهم. ويقولون:
«إن إطلاق النار والانفجارات لم تتوقف
منذ فجر الاثنين، وتجوب الدبابات
مدينة درعا، بينما يغير رجال مسلحون
على البيوت ويقتلون رجالا، حتى
المساجد لم تسلم؛ فقد شبت النيران في
مسجدي العمري وأبو بكر الصديق! هذه
مذبحة! يجب أن يساعدنا العالم». ويضيف سوريون، فضلوا عدم الكشف عن
أسمائهم ورفضوا حتى التصوير: «إن الماء
والكهرباء قُطعا عن درعا وأطلق
القناصة الرصاص على خزانات المياه على
أسطح المنازل لمنع الناس من
استخدامها، عائلاتنا ليست لديها حتى
شموع، والطعام بدأ ينفد، هذا حصار كامل». ويأتي تجار أردنيون من مدينة الرمثا التي
تربطها علاقة تجارية قوية مع درعا
للاستفسار عما إذا كانت الحدود فتحت من
جديد أم لا. ويقول ضابط أردني في المركز الحدودي
لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن الحدود
الأردنية مفتوحة بشكل طبيعي، ويستطيع
أي شخص مغادرة الرمثا، لكن لا معلومات
لدينا حول درعا على الجانب الآخر من
الحدود السورية». لكن كل الأشخاص الذين حاولوا المغادرة
باتجاه درعا، منذ ظهر الاثنين،
قُمعوا، وتحدث شهود عيان عن اعتقالات
قرب المركز الحدودي في درعا. ويقول أحمد، وهو واحد من ألفي أردني في
الرمثا يتاجرون مع درعا التي يقصدها
مرتين في الأسبوع: «سمعنا أصوات
انفجارات في وقت مبكر من صباح اليوم (أمس)
صادرة عن درعا». ويؤكد سكان الرمثا أن الجيش الأردني
ينتشر على تلال الطرة والشجرة وعمراوة
وذنيبة المطلة «لمنع المتسللين». وأجل العاهل الأردني الملك عبد الله
الثاني، إلى أجل غير مسمى، زيارة
للرمثا كانت مقررة أمس. وتتردد معلومات حول إطلاق نار عشوائي على
الطريق بين سورية والأردن. ونقل سائق أردني، الاثنين، تركيا أصيب
على ذلك الطريق برصاصة إلى مستشفى
أردني. ويتحدث المسافرون عن وفاة رجل أردني
وابنته على الطريق داخل الحدود
السورية، لكن الناطق الرسمي باسم
مديرية الأمن العام لم يؤكد هذه
المعلومة. أما مركز جابر الحدودي، على بعد 25 كم من
المركز الحدودي في الرمثا، فهو مفتوح
بشكل اعتيادي مع مركز نصيب الحدودي على
الجانب السوري. ويستطيع المرء مشاهدة سحب الدخان تتصاعد
في الأفق، بينما يمر عدد قليل من
السيارات باتجاه الأردن وتغادر عشرات
الشاحنات باتجاه سورية محملة بالبضائع
لسورية ولبنان وتركيا. ولدى وصوله، يقول سوري ينوي التوجه إلى
الكويت: «دخلت الدبابات إلى حينا في
الكرك الشرقي قرب درعا وبدأ إطلاق
النار في الخامسة صباحا واستمر لنحو
سبع ساعات». ويضيف، وملامح الخوف بادية
عليه: «إن رجلا قُتل، بينما أصيب خمسة
آخرون بجروح في حينا، الناس يحتجزون في
المنازل والقناصة في كل مكان يرتدون
الأسود ولا تمكن رؤيتهم في الليل بسبب
انقطاع الكهرباء». ================== سورية.. لعبة الأقواس
والثنائيات يوسف الديني الشرق الاوسط 27-4-2011 أن يظل حزب واحد يهيمن على سدة الحكم لمدة
تقترب من نصف قرن، مع كونه معبرا في
الأصل عن أقلية حاكمة تواجه أكثرية
محكومة ومتجانسة اجتماعيا، لا يمكن
إرجاعه فقط إلى تفوق القبضة الأمنية
حتى ما يشبه الأساطير مما يروى عن
قوتها وتغلغلها وسطوتها ولا يشفع في
توضيح معالم الصورة. السؤال إذن ليس عن صمود أو سر بقاء النظام
السوري بقدر السؤال عن سورية خارج
أقواس «البعث» و«الشعارت» و«المقاومة»
و«التمدد الإيراني» وكل أقواس تفحت
جملا مشروطة بواقع الجغرافيا والتاريخ
والآيديولوجيا؛ فالجغرافيا، حيث
الجولان، الورقة التي دفعت المجتمع
الدولي وإسرائيل إلى التعامل مع سورية
بحذر شديد، كما قايضت الأخيرة الأطراف
كلها بهذه الورقة المفصلية في طريقة
إدارة السياسة الخارجية، أما التاريخ
فالتحولات التي عاشتها المنطقة حول
قضيتها المركزية والنرجسية إذا ما
رمنا البعد النفسي دفعت بسورية إلى صف
المواجهة وتبني خط الدفاع الأول نظريا
مع تعزيز ذلك التبني النظري المبني على
تراث هائل من القومية والتفكير
العروبي الذي قتلته أدبيات حزب البعث
بحثا وتنقيبا واستشهادا بتبني فصائل
المقاومة بكل تنوعاتها من العنفية إلى
الثورية إلى الإسلامية وحتى مشروع شبه
الدولة الذي يمثله ثقل حزب الله بفضل
التبني السوري، وربما كانت أقواس «الآيديولوجيا»
التي تمثلها مقولات وأفكار حزب البعث
الأكثر هشاشة بحكم حالة الموات التي
عاشها الحزب وأفكاره، إلا أن التبني
السوري للفكرة البعثية وطريقة فهمها
وتأويلها كانا أقرب إلى الوجدان
الشعبي القومي منها لفكرة البعث
الفوقية التي كان قد تمثلها نظام صدام
حسين يومذاك. لعبة الأقواس السورية لم تكن أكثر تناقضا
من رهان النظام السوري على الثنائيات
المتناقضة حينا والمتصارعة أخرى؛ فثمة
ثنائية الداخل والخارج حيث الخطاب
الأحادي الذي قسر عليه الشعب السوري
على مدى تلك الفترة وخطاب الخارج
المرحلي والتفاوضي الذي سعى في فترة
كثيرة لأن يكون مايسترو الإيقاع بين
رعونة فصائل المقاومة وردود فعلها،
وبين ضغط الولايات المتحدة وحلفاء
إسرائيل الغربيين الذين كانوا في
براغماتية فجة، لكنها متفهمة في عالم
السياسة، يراهنون على قدرة النظام
السوري على عقلنة حلفائه متى ما ترك
لقبضته الأمنية وملفه في سجل حقوق
الإنسان أن يعبثا في الداخل، عبر
الاعتقال والسجن والتعذيب الذي رفد
أدب السجون العربي بنصوص في غاية
المأساة، لكن تلك القبضة حذرة ومراوغة
وتلعب على تكنيك الخطاب الشمولي إذا
امتدت أطرافها إلى أي مسألة خارجية. وبإزاء ثنائية الداخل والخارج، هناك
ثنائية المقاومة والمهادنة التي يجابه
بها النظام السوري بقية الأنظمة
العربية ويبتزها بها أخلاقيا، فمن
ينوء بعبء المقاومة فكرا واستضافة
وتحملا للعواقب عادة ما يتم التعامل
معه في اللاوعي الجمعي كجبهة صمود يغفر
لها ما لا يصفح عنه لغيرها، وإذا كانت
تلك الثنائيات قد تم ابتلاعها في
السياق العربي العام، سواء في دول
الطوق أو دول الخليج في فترة ما، فإن
ثنائية الحليف وغير الحليف، وهي تعني
تماهي النظام السوري في الخيار
الإيراني، وبالتبع لخيار حزب الله في
الداخل اللبناني، في مقابل غير
الحلفاء ممن لديهم موقف مبدئي من
التمدد الإيراني، هذه الثنائية كانت
نقطة تحول في علاقة النظام السوري
وعزلته على المستوى العربي، كما كانت
ثنائية المقاوم والمهادن سبب هجائه
خارجيا وعزله عن المجتمع الدولي، صحيح
جدا أن النظام السوري قد حقق مكتسبات
بذلك التحالف مع إيران، الذي توسع في
السنوات الأخيرة لما يشبه «الحلول
والاتحاد» في العقيدة الصوفية، إلا أن
تلك المكتسبات، كما هو الحال في فكرة
الحلول السياسي، تقوى وتضعف بحسب قوة
موقع إيران التفاوضي. والآن بعد أن لقي المئات حتفهم في سورية،
ما الذي يمكن أن نتوقعه في ظل معطيات
جديدة أفرزها الواقع وقفز بها على لعبة
الثنائيات؟ يمكن القول بداية: إن حجم الضحايا كبير،
فهو رقم ضخم في السياق السوري، يقال
هذا عطفا على تفرد النظام الليبي منذ
اندلاع الثورات الناعمة في كسر
الأرقام القياسية في بشاعة وحجم
الدمار الإنساني والعمراني الذي خلفه،
إلا أنه ضمن سياق متوقع سلفا في بلد مثل
ليبيا وغير متصور أبدا في سياق كسورية؛
حيث تركيبة المجتمع ذي الأغلبية
المتجانسة التي تستلهم روح العائلة في
الأزمات، مما يجعلها تتفوق على قوة
القبضة الأمنية. أعتقد أن فرصة النظام السوري الوحيدة هي
في قبول وساطة عربية أو تركية أو لهما
معا وفك الارتباط على الأقل، ولو
مرحليا، بالتحالفات والتفكير في
الداخل، وإلا فإن شبح الطائفية
والتمزقات الاجتماعية الحادة ستأخذ
طريقها في التشكل سريعا وربما أسرع مما
يتوقع الجميع، وكلنا يدرك جيدا ما يمكن
أن تفعله استقطابات من هذا النوع في
حال وجود فراغ سياسي سيكون أسوأ وأكثر
ارتباكا مما حل بالعراق بعد عام 2003،
فالمعارضة السورية مهما حاولت الدول
الغربية الآن دعمها ونفخها لن تكون
بديلا جاهزا خلال فترات وجيزة، لا سيما
في دولة عاشت على إيقاع الحزب الواحد
لفترة طويلة، وتم التعامل مع
المعارضين كملاحقين أمنيين، مما أضعف
اندماجهم في العمل السياسي في الداخل
أو حتى الاستفادة من مكوثهم في الخارج
لبناء أحزاب معارضة قوية وليس مجرد
أوراق ضغط يتم استخدامها من حين لآخر. التحدي الكبير للنظام في سورية هو إقناع
الأكثرية بصدق نوايا الأقلية، وأنها
تريد التغيير الحقيقي وتقديم ضمانات
لممارسة سياسية حقيقية وتبني ملفات
إصلاحية للحقوق والحريات في ظل انتعاش
اقتصادي ومعدل نمو مقبول وفق الظروف
السورية. والتحدي الأكبر في أن يقبل المجتمع
الدولي، في ظل ضمانات عربية وتركية،
إعطاء الفرصة الأخيرة، وبالتالي قسر
إسرائيل على عدم التدخل في الشأن
السوري الداخلي وإتاحة الفرصة لعملية
بناء الديمقراطية ضمن شروط صحية تضمن
بقاءها عبر مؤسسات قوية تمثل جميع
أطياف وتنوعات المجتمع. البداية مع خطاب سوري متعقلن يعترف
بالمشكلة ويقر بأن الإعلام الثوري لا
يلائم خطاب العولمة والإعلام الجديد
الذي لا يلتفت كثيرا إلى مدى البلاغة
والفصاحة قدر التفاته إلى الأرقام أو
ما يسميه آخرون عقيدة «بلومبيرغ» ذلك
الذي «ينفع الناس ويمكث في الأرض». ================== ألم يتعلم الأسد من
الذين سقطوا؟ عبدالرحمن راشد الشرق الاوسط 27-4-2011 شاهدهم على شاشة تلفزيونه، رأى كيف سقط
الرئيس المصري مبارك، وقبله بثلاثة
أسابيع رأى كيف هوى الرئيس التونسي بن
علي، ويرى الآن القذافي يصارع من أجل
الاحتفاظ بربع ليبيا، وهاهو الرئيس
اليمني صالح يحاول تحسين شروط التنحي
عن الحكم. الرئيس السوري بشار الأسد شاهدهم جميعا.
كان لديه الوقت الكافي لأخذ العبرة
والدرس مما حدث، ليس مثل الرئيس
التونسي الذي بوغت بثورة الشارع فجرب
قمعها وفشل، فركب طائرته وفر. ولم يسعف
الوقت الرئيس المصري فداهمته الأحداث
فورا، وعندما فشل في إدارتها استعان
بالجيش، لكن الجيش قام بخلعه. وهو الآن
يرى أن القذافي الذي تبنى القمع بكل
الوسائل العسكرية جلب على نفسه التدخل
الدولي، وبسببها يترنح. أما النموذج
الرابع فهو الرئيس اليمني؛ فقد اعتمد
المراوغة السياسية في إنهاء مطالباته
بالتنحي، لكن الجميع متمسكون بإخراجه،
والبعض يريد محاكمته على مذبحة الجمعة. سورية هي الدولة الخامسة في طابور
الثورات وليست الأولى، ويفترض أن يكون
الرئيس قد جمع ما يكفي من الأفكار
والخيارات العملية ليعرف كيف يعالج أي
اضطرابات. الذي حدث أنه فورا عالج أول
مظاهرة احتجاجية بقتل خمسة أشخاص في
مدينة درعا الحدودية التي كانت تحسب
ضمن الأكثر موالاة لنظامه، فأصبحت هي
شعلة الثورة ضده. الغريب تماما أن الرئيس السوري لم يبرر
لجوءه إلى القوة بأي تنازل
للمتظاهرين، لم يحل برلمانه الذي بقي
في عمره بضعة أسابيع، ويجري انتخابات
مبكرة برقابة دولية. لم يعلن عن
تغييرات في أجهزته الأمنية التي هي
فعلا مصدر المشاكل في سورية على مدى
عقود متواصلة ويضرب بسوئها المثل
عالميا. لم يفرج عن المعتقلين
السياسيين، وأكثرهم مدنيون لن يزيدوا
في إزعاجهم له على إزعاج بقية
المعارضين في الشارع. عمليا لم يفعل
شيئا أبدا سوى الإعلان كلاميا عن رفع
حالة الطوارئ حتى يبرر إرسال قواته
العسكرية لمواجهة المتظاهرين. من الواضح أن القيادة السورية تقلد
القذافي: تشويه صورة الخصوم ومباشرة
السحق العسكري. اتهمت المتظاهرين
بأنهم سلفيون وإرهابيون ومندسون
ومسلحون، وأطلقت عقال قواتها وأجهزة
أمنها عليهم. لا ندري كيف سيستطيع
الجيش كبح جماح عشرات الآلاف من
المتظاهرين في عشرات المدن، حيث في كل
مرة يسقط قتيل تقام مظاهرة تشييع جنازة
وتكبر الأحقاد. لو كان الحل العسكري
الأمني مفيدا لفاز قبله القذافي الذي
استخدم الطيران والمدفعية الثقيلة
والمرتزقة، لكنه فشل ولم تتوقف رغبة
إسقاط النظام من قبل الثوار. سيدفع
القتل بعموم الشعب السوري نحو تأييد
المعارضة، وسيدفع المعارضة نحو
التسلح، وسيتحول المتظاهرون
المسالمون إلى ثوار مسلحين. أنا لا أهون من المخاوف عند القيادة
السورية التي تعتقد أولا أن هناك
مؤامرة تحاك إقليميا ودوليا ضدها،
وبالتأكيد هناك كثيرون يتمنون سقوط
النظام السوري، وثانيا تظن أن التنازل
سيكسر هيبة النظام وسيزيد من
الانتفاضة ضده، لكن حتى لو كانت هذه
الظنون صحيحة فإن الحل العسكري لن يفيد
النظام السوري تحديدا. صحيح أن
التنازلات السياسية قد تفقد النظام
شيئا من سلطاته لكنها ستحافظ عليه، أو
على الأقل ستعطي عذرا عند استخدامه
الحل العسكري. لا يوجد نظام في العالم
اليوم يتحكم في مصائر الناس ودقائق
حياتهم كما يفعل في سورية، ويفترض أن
القبضة الحديدية ولى زمنها ولذا ثار
الناس في ليبيا ويثورون في سورية. ================= ماذا يحدث لو فشلت
المظاهرات في سورية؟ عادل الطريفي الشرق الاوسط 27-4-2011 يكاد أغلب المعلقين على الشأن السوري
مؤخرا يركزون على التاريخ السيئ
للنظام، وكيف أن الساعة قد حانت لتنتفض
الأغلبية على حكم الأقلية وترفض خمسة
عقود من حكم حزب البعث الحديدي. أما
البعض الآخر فيركز على أخطاء الرئيس
بشار الأسد في تعاطيه مع الأحداث
الراهنة مفترضين - مسبقا - أنه كان بوسع
النظام أن يمتص الانتفاضة المفاجئة
التي ضربت عددا من المدن السورية بحزمة
من التنازلات. بيد أن هناك سيناريوهات أخرى ما زالت
ممكنة، فالنظام السوري ما زال قائما،
ولم تتضح بعد أي بوادر انشقاق رئيسي في
مؤسستيه العسكرية والحزبية، ولما
تحاصر المظاهرات المفاصل الرئيسية
للنظام في العاصمة. هل يعني هذا أن
النظام في مأمن؟ ليس بالضرورة،
فالتطورات تحدث ساعة بساعة، والزخم
يزداد مع كل يوم جمعة يمر، ولكن من
الضروري أن ندرك بأن هناك إمكانية أن
لا يسقط النظام في الشهور القليلة
المقبلة، ويكفي تأمل النموذجين اليمني
والليبي للاعتبار. ففي اليمن حدثت
انشقاقات رئيسية في بنية الحزب
الحاكم، وبين العناصر المقربة من
الرئيس - أو هكذا ظننا - في الجيش
والسفارات الخارجية، ورغم كل هذا فإن
الرئيس لم يسقط بعد، وما زال يفاوض
ويناور حتى دفع بدول الجوار إلى تقديم
مشروع يتضمن كل ألوان الضمانات له في
حال قرر ترك السلطة. ليبيا - أيضا -
تمردت فيها مدن الشرق دفعة واحدة،
وانشق بعض كبار رجالات الدولة منذ
الأيام الأولى، وعلى الرغم من قرار
مجلس الأمن، والحملة الجوية المكثفة
التي يقودها حلف «الناتو» ما تزال قوات
القذافي والعناصر الموالية له - نسبيا -
متماسكة على طول خط الجبهة. طبعا، هذه النماذج ليست معيارا ثابتا فقد
تتغير الأحداث خلال أيام أو ساعات،
ولكن بالنسبة لأنظمة أخرى تعاني من
الأزمة ذاتها - كسورية - فإن الطريقة
التي يستطيع أن يتشبث بها الغير بالحكم
تهمهم أيضا. إذا كان بوسع الآخرين أن
يستخدموا السلاح - والقوة - لتبديد
المظاهرات، فإنه يسعهم ذلك، وإذا كانت
الدول الكبرى امتنعت عن التدخل -
لانشغالها بليبيا - في أماكن أخرى
انطلقت فيها الصدامات بين النظام
وجماهير المتظاهرين، فإن ذلك يعني أن
بمقدورهم القيام بذلك أيضا. لا شك أن المتظاهرين الذين خرجوا في سورية
يخاطرون بحياتهم، وهم لم يعد بوسعهم أن
لا يتمتعوا بأبسط الحقوق السياسية
والاقتصادية في ظل النظام الحالي،
ولكن قدرتهم العملية على إسقاط
النظام، أو إمكانية أن يصنعوا نظاما
بديلا أفضل يستطيع ملء الفراغ الأمني
والسياسي غير واضحة حتى اللحظة،
فالحركة في الشارع عفوية، وهذا يعني أن
«الشارع» ليس له من يقوده، أو من
يستطيع - سواء أحزاب معارضة أو مؤسسات
داخلية - أن يجري العملية الانتقالية. هناك ملاحظة أخرى تجعل الأزمة السورية
صعبة على التنبؤ، وهي أن قلة من
المراقبين المحايدين أو الإعلام تملك
صورة صحيحة أو واقعية عما يحدث في
سورية اليوم، فالنظام من الأنظمة
المغلقة لعقود، ولهذا فليس ثمة من
دراسات أو قراءات محايدة تدفعنا
للاستنتاج أن النظام سيسقط بالضرورة،
أو أن سورية - كما نعرفها كدولة مستقلة -
قادرة على الاستمرار كوحدة واحدة في
حال انفلت زمام الأمور، وخرجت
الخلافات الإثنية، والطائفية إلى
السطح. في مقالة بعنوان «سريانا: الطوفان ما بعد
بشار الأسد»، يجادل روبرت كابلان بأن
الدولة السورية لم يكن لها أن تظل
متماسكة بغير الحكم الحديدي الذي فرضه
حزب البعث خلال العقود الماضية، فبين
عامي 1947 - 1954 أقيمت ثلاثة انتخابات عامة
باءت كل حكوماتها بالفشل، وحتى عام 1970
تعاقبت على سورية 24 حكومة لأسباب
متعددة أبرزها عدم وجود هوية وطنية
جامعة لطوائف وإثنيات البلد، ولهذا
فإن الآيديولوجيا البعثية التي كانت
عابرة للحدود، وحالمة بمشروع «سورية
الكبرى» قد مكنت النظام من الاستمرار
في تبرير وجوده، وفي إعطاء صورة الوحدة
القسرية دائما عبر استدامة الصراع. لقد
تمكن النظام من استثمار ورقة الأقليات
في المنطقة، وقد عزز من فرص بقائه
تحالفه مع إيران - الشيعية - طوال
العقود الثلاثة الماضية في وجه
التهديدات العراقية، وبعيد غزو العراق
في 2003 حين بدا أن سورية قد تكون الهدف
المقبل ل«تغيير النظام» بحسب مشروع
المحافظين الجدد (مجلة «فورن بولسي»، 21
أبريل/ نيسان الجاري). اليوم، يمكن تتبع هذه الرؤية في موقف
الأقليات - سواء في سورية أو لبنان - من
حيث أن العناصر الفاعلة في المظاهرات
السورية تنتمي في غالبها إلى السنة
والأكراد وهما أكبر الطوائف والإثنيات
في البلد. هذا لا يعني أنه ليس ثمة دروز
أو علويون، أو مسيحيون معارضون، فلقد
تكونت مجموعات وتيارات معارضة - رغم
صغرها - تضم كافة الشرائح الاجتماعية
والمكونات الإثنية والطائفية، ولكن من
الضروري هنا إدراك أن للانتفاضة
الشعبية الجارية الآن أبعادا طائفية
وإثنية هامة، وهو ما يجعلها في الوقت
ذاته عنصر تهديد وقوة للنظام. أي إن
بوسع النظام أن يتأثر من ثورة الأكثرية
السنية والكردية عليه، ولكن من شأن
التفاف الأقليات الأخرى حوله أن يشكل
قوة تماسك للنظام في وجه الانتفاضة غير
المنظمة. يقول كابلان: «دفعت الحرب على
العراق الملايين من اللاجئين إلى
البلدان المجاورة، ولكن في حال خرجت
الأمور عن السيطرة في سورية فإن تأثير (يوغوسلافيا
الشامية) قد يكون أكبر بكثير». يروي آلان جورج في كتابه «سورية: لا خبز
ولا حرية» (دار زد، 2003) طرفة يتداولها
السوريون بعد فشل «ربيع دمشق» الذي بدأ
مع تولي الرئيس بشار الأسد الحكم بعد
وفاة والده، بحيث شجعت بعض الإصلاحات
الأولية مثقفي وناشطي المجتمع المدني
على المطالبة بتوسيع هامش الحريات
السياسية والمدنية، قبل أن يلجأ
النظام بعد ستة أشهر إلى قمع وتبديد أي
فرصة للانفتاح الحقيقي، والانعتاق من
أسر النظام البعثي. تحكي الطرفة أن
حفرة عميقة في شارع بدمشق قد تسببت في
أضرار بالغة للمارة والمركبات دون أن
تكون هناك لوحة تحذيرية. سارع البعض
فكتبوا للجهات المعنية مطالبين بردم
الحفرة أو وضع لوحة إرشادية، ولكن
المسؤولين اكتفوا بتعيين ممرضة وسيارة
إسعاف إلى جوار الحفرة لإسعاف
المتضررين، ولكن الأضرار تزايدت يوما
بعد يوم حتى اشتكى الأهالي إلى فرع حزب
البعث في دائرتهم، فتم تحويل القضية
إلى الهيئة المركزية لحزب البعث
الحاكم، وبعد مرور أعوام من الأخذ
والرد قررت الحكومة بناء مستشفى يحمل
اسم ابن الرئيس الراحل إلى جوار
الحفرة، وعندما لم يفلح هذا الحل في
امتصاص غضب الأهالي، قررت أعلى سلطة
مركزية في البلاد وهي التنظيم القطري
لحزب البعث حفر كامل الشارع وهدم كل ما
عليه. في سورية اليوم، حفرة الخلافات والانقسام
الشعبي أكبر من أن تردم. ================== طارق الحميد الشرق الاوسط 27-4-2011 منذ بدء المظاهرات في سورية ونحن نرى
ونسمع العجب العجاب، سواء من روايات
الإعلام الرسمي، أو الموالي، والأدهى
بالطبع ما يصدر عن جملة من المحللين
السوريين الذين يظهرون على الفضائيات
العربية. فمع اندلاع الأعمال الاحتجاجية في سورية
سمعنا عن أن من يقف خلف تلك الاحتجاجات
هم مجموعات فلسطينية، ثم قيل إنهم من
الأردن، ثم عاد السوريون ليقولوا إنها
مؤامرة من قبل الأمير بندر بن سلطان
وجيفري فيلتمان، ثم عادوا وقالوا إنها
ممولة من تيار المستقبل اللبناني، وتم
توجيه الاتهام لجمال الجراح، وبالطبع
سعد الحريري. وهذا ليس كل شيء، حيث عاد
السوريون، إعلاما، رسميا ومواليا، إلى
القول بأن المتظاهرين هم جماعة سلفية،
وتوج الأمر بالقول إن قوات من الجيش
السوري دخلت إلى درعا للتعامل مع
إرهابيين، ثم أعلن مصدر مسؤول أن
القوات السورية دخلت لتقضي على إمارة
إسلامية في درعا! روايات لا تصح، ولا تستقيم، وكلها يناقض
بعضه البعض، لكن الأكثر مدعاة للضحك هو
الرواية التي يروج لها بعض المحللين
السوريين الآن بأن ما يحدث في سورية هو
بسبب وجود خلايا داخل البلاد تتبع
اللواء عمر سليمان، نائب الرئيس
المصري السابق، ورئيس المخابرات من
قبل، ويدلل المحلل السوري على ذلك
بقوله إن هذه معلومات منشورة في إحدى
الصحف الإسرائيلية منذ فترة! أمر مضحك، ومثير للشفقة، فعمر سليمان لم
ينجح في خلق خلايا في غزة ليردع حماس
يوم قامت بانقلابها، أو وقت تطاولها
على النظام المصري السابق، حتى يستطيع
نشر خلايا تثير الشغب في سورية، بل
الأمر الأكثر طرافة أن عمر سليمان رجل
لا حول له ولا قوة اليوم، ومنذ أسابيع
عدة، فكيف يمكن لخلاياه أن تتحرك إلى
الآن؟ أحد الظرفاء علق قائلا إنه من
المحتمل أنه مع قطع السلطات السورية
لوسائل الاتصال لم تتمكن تلك الخلايا
من معرفة أن النظام المصري قد انتهى
برمته، وليس سليمان وحده، وبالتالي
فإن على السلطات السورية أن تعيد
الاتصالات للمناطق المقطوعة حتى تعرف
تلك الخلايا أن سليمان في منزله، ولم
يعد يملك أي سلطة تذكر! صحيح أن في هذا
التعليق سخرية، ولكن هل يمكن التعامل
مع هكذا منطق دون التعليق بسخرية؟ وقد يقول قائل إن هذه حيل لا تنطلي على
أحد، وهذا المفترض، لكن ما نشاهده على
الفضائيات العربية من مساحة متاحة
لمثل هذه الروايات أمر غير مقبول، وليس
المطلوب تقديم وجهة نظر واحدة بالطبع،
لكن حجم التناقضات في الروايات
السورية من المفترض أن يجبر القنوات
المحترمة أن تضع حدا لنوعية المحللين
الذين يروجون مثل هذه الروايات التي
تلغي بعضها البعض، خصوصا ما يسيء لدول،
وشخصيات، فقد رأينا جزءا كبيرا من
الإعلام اللبناني المقرب لسورية وهو
يروج هذه النوعية من الأكاذيب، وقد
يكون هذا أمرا متوقعا من إعلام تعبوي،
لا يحظى بمصداقية، لكنه غير مقبول من
إعلام رصين بكل تأكيد، خصوصا أن الرئيس
السوري نفسه يقول إن مطالب المحتجين
مشروعة! ========================== بقلم : لافا خالد جريدة اللواء الدولية 27/4/2011 الوطن ينادي بعمق الحب ...دم الشهيد يصرخ
فينا بمد الشوق...قف ولن تكون وحدك
فبجوارك شاب وشابة.... انطلق ولاتنظر
للخلف فدوما هناك من يحرسك.. صديقا وأخت
تجد لافا خالد فيك الثورة...
تقدمي واحملي شمعة لأنك قلت للشهداء
الذين رحلوا سنوقد شمعة لكم وأخرى
للطريق الذي فيه نسير ولن ننسى شمعة
للمغيبين في السجون والمعتقلات حيث
خطوتهم صوب الحرية وهي عروستنا التي
نزفها من خلف قضبان السجون. تهدم جدار الصمت ولا نقول الخوف لان
السجان كان هو الذي يخاف... تهدم جدار
الصمت وكان الصوت شبابيا . شباب قالوا
سنحيى كبقية البشر ونحرر حتى
المخدوعين بالوهم ونجعلهم ينامون
كالبشر... شباب لم ولن يختلفوا في الوطن
والقضية .... شباب لن يتأخر احد منهم إلا
من كان مشلولا في فكره وبشريته وضميره. متحضرون هم شباب الثورة... يحملون الكلمة
بوجه القمع والزهرة بوجه القناصة وها
يشعلون الشموع إيذانا بالنصر...أشعلوا
الشموع كل يوم خميس قبل الجمعة التي
تنطلقون.. جمعة مباركة كانت وصارت مع
ثورتك بداية لتاريخ تكتبونه إنسانيا
مشتركا يجمعنا بشرا دون ان يلغي
خصوصياتنا. شابات وشباب مدننا التي نامت على وجع
وتنام ألان على حلم يأتي من خلال
شاباته وشبابه... أشعلوا الشموع كل يوم
خميس فمدننا تكون أجمل وحينما تعانق
النجوم ضوء شموعكم يرتعش الظلام وقوى
الظلام. تذكرت وأنا اكتب كلماتي البسيطة أستانا
المناضل مشعل التمو مهندس ثورة الشموع
الذي نفتقده بيننا في أيامنا العصيبة
هذه , ونفتقد خطابه المؤثر القوي الذي
لم يكن يهاب أحدا في قوله كلمة الحق في
زمن صمت فيه الكثيرون وها هو يدفع ثمن
جرأته سنواتا في أقبية السجون ,ولا
ننسى فضله فهو أول من بادر في الذكرى
الأولى لانتفاضة قامشلو المباركة بأن
نضيئ الشموع وكم بدت قامشلو بهية في
ذكرى الإنتفاضة الأولى وبعدها من تالي
السنوات ... تحية له ولكل
معتقلي الرأي والضمير من أحرقوا
اصابعهم ليستضيء طريقنا تحية لشهدائنا سلاما للوطن سوريا أنحني لشبابنا الثائر ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |