ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 03/05/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

أوباما بين البحرين وسوريا!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

2-5-2011

يلتزم الرئيس أوباما صمتا مطبقا تجاه ما يفعله النظام السوري بحق مواطنيه، بينما لا يتردد الرئيس الأميركي من تذكير ملك البحرين بضرورة احترام «الحقوق العالمية للشعب»!

أوباما منزعج على محاكمة أربعة بحرينيين بتهمة قتل رجال الأمن، وإحدى تلك الجرائم موثقة بالصور، حيث تدوس السيارة الجندي عدة مرات، وكأنه ليس لرجال الأمن حقوق مثل الشعب، بينما يلتزم أوباما الصمت المعيب تجاه قتل ما يزيد على خمسمائة سوري عزل بالمدرعات والأسلحة من قبل النظام السوري! وكم كان محقا الدكتور رضوان السيد عندما تساءل في مقاله بصحيفتنا الجمعة الماضي: (لماذا «تغدر» أميركا بحلفائها وليس بخصومها، فهذا ما لا يعرفه أحد غير الرئيس الأسد وأركان نظامه)!

فصمت أميركا، وفرنسا، وبريطانيا التي يقول رئيس وزرائها إن التدخل في ليبيا، حيث يبرره موقف دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، هو غيره في سوريا، وهو نفس العذر الذي يستخدمه الأميركيون، لعدم اتخاذهم موقفا صارما تجاه النظام السوري، وهو عذر واه، وأقبح من الصمت.

وقبل التعليق على الموقف الأميركي والغربي تجاه سوريا، لا بد من القول إن موقف مجلس التعاون الخليجي، ومثله الجامعة العربية، تجاه الشعب السوري معيب، ولا يوجد ما يبرره، فكيف يحكم شعب بالمدرعات، ومن قبل نظام يدعي أنه جمهوري؟ وهذا ما يخص الخليجيين والعرب، لكن أعذار إدارة أوباما واهية. فعندما كان البيت الأبيض يصدر البيان تلو الآخر حول ثورة مصر، وضرورة تنحي مبارك، وكلنا يذكر «الآن تعني الآن»، والأمر نفسه يعتمد على رئيس الوزراء البريطاني، وكذلك الرئيس الفرنسي، ولم يكن البيت الأبيض وحده الذي يمارس الضغط على نظام مبارك، سواء بخطابات الرئيس، أو المتحدث باسمه، بل كان هناك الخارجية والكونغرس أيضا، لم تكن واشنطن تفعل كل ذلك وقتها تحت غطاء أو مطالبات دول مجلس التعاون الخليجي أو الجامعة العربية، بل كانت واشنطن تسرب للإعلام كل ما هو مسيء للخليجيين، وتحديدا السعوديين، لتقول إنهم متمسكون ب«الديكتاتور» مبارك، بينما اليوم يقتل السوريون من قبل نظامهم ولم تصدر كلمة «ارحل» للنظام السوري من قبل إدارة أوباما، بل لم يقل الرئيس إن مشروعية النظام السوري قد فقدت!

والسؤال لواشنطن، وتحديدا الرئيس أوباما صاحب شعار «التغيير» ما الفرق بين درعا ودارفور؟ أو بين درعا وكوسوفو؟ وأيهما أسوأ، ما يحدث في درعا السورية أم ما فعلته صواريخ حماس التنكية المطلقة من غزة على إسرائيل؟ وأيهما أسوأ، ما يحدث في درعا أم ما حدث في البحرين، ورصده الإعلام الدولي، الممنوع من الوجود في سوريا اليوم؟

وعليه، فإذا كان أوباما يعتقد أن خطابه في القاهرة قد أثر، فيجب أن يعي أن صمته حيال النظام السوري كان له تأثير أكبر وأعمق. فأسباب الصمت معروفة جيدا، وهي حماية إسرائيل وليس الشعب السوري الذي يبدو أنه لا يندرج تحت مفاهيم «الحقوق العالمية للشعب» التي ينادي بها الرئيس الأميركي، ويطالب البحرينيين باحترامها!

وحقا إذا كانت أميركا هي صديقة الشعوب، ف«مع أصدقاء مثل هؤلاء من بحاجة إلى أعداء»!

=========================

سورية... وتعليق المشانق

الإثنين, 02 مايو 2011

جميل الذيابي

الحياة

من يقمع الناس ب «القبضة الحديدية»، سيسقط ولو بعد حين. من يتجاهل حقوق الناس، ويغلق باب حرية التعبير، سيسقط ولو بعد حين. من يقفز على الإصلاحات بالتسويف والمماطلات، سيسقط ولو بعد حين. من يحتكر الحياة السياسية لنفسه أو لفئة معيّنة، لن يبشر بطول سلامة، ولن يبقى قائداً، ولو طوّق نفسه بسلاسل ذهبية. من يتنكر للديموقراطية والعدالة وكرامة الناس وعزتهم، سيخرج من قمقمه (آسف قصره) ولو بعد حين. من يعلّق الناس على مشانق الفقر والقهر، ثم يتحدث إليهم بغرور وكبرياء، سيعلّق على تلك المشانق في يوم ما، والشواهد العربية في القرن الحالي كثيرة.

النظام السوري يعلّق المشانق للشعب كما يفعل معمر القذافي لليبيين. يُخرج جماعات مسلحة من البلطجية والشبيحة، وفرقاً من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وألوية من الجيش، لرفس ودهس وسب وشتم وقتل شعبه، لمجرد أنهم يطالبون بتسريع الإصلاحات ومنحهم حقوقهم.

شعب أعزل ينشد تنفيذ إصلاحات «غائبة»، ويخرج إلى الشوارع في تظاهرات سلمية، ثم يقتل ويسحل ويجبر على الفرار من دياره نحو بلاد أخرى. كم هي مؤلمة مشاهد النازحين وصور الجثث الآتية من درعا وبانياس، على رغم التعتيم الإعلامي الذي يفرضه النظام لتغطية حركة الاحتجاجات والتظاهرات وتغييب مشاهد القتل للشعب.

لماذا لم تتحرك المجنزرات والدبابات والمدرعات لضرب إسرائيل عندما حلّقت طائراتها فوق قصر الرئاسة في اللاذقية؟ لماذا لم يتحرك الجيش باتجاه إسرائيل عندما دمّرت طائراتها مواقع عسكرية قرب دير الزور؟ كيف يمكن توصيف هذا التناقض «المريب»؟

كيف يمكن تصديق من يتهيّب تحرير جبهة الجولان المحتلة منذ خمسين عاماً، ولا يطلق على إسرائيل رصاصة واحدة؟ هل يمكن الدفاع عن ممارسات هكذا نظام أو تبرير سوء أفعاله إلا من أبواق مأجورة ومأمورة؟

من عدّل الدستور السوري في أقل من ربع ساعة واحدة، لتوريث الحكم؟ لماذا تأخر النظام عشر سنين عن رفع قانون الطوارئ، ورفع الظلم عن المظلومين، ثم لا يزال يستخدم أسطوانة «المؤامرة» و»المندسّين»، ليبرّر أفعاله ضد شعبه، ثم يخرج الشبيحة والقناصة لقمع الشعب وقتله علناً؟

للأسف لا تزال سجون النظام السوري تكتظ بمعتقلي الرأي، وتحاصر الأجهزة الأمنية وفرق الجيش درعا، وتقطع عنها الكهرباء، وتمنع عنها الماء والغذاء، وتستمر في قتل إناس يطالبون بالحرية والكرامة والمساواة وتحسين الأوضاع المعيشية. في كل جمعة يرتكب النظام أخطاء فادحة ووحشية لن تزول من القلوب، طالما يصرُّ على مواجهة مطالب الشعب بالنار والبارود وأساليب القمع والقتل الوحشي.

تتجلى إرادة الشعوب العربية نحو معانقة الحرية، ورفض العبودية، والرغبة العارمة في احتضان شهادة العزة والكرامة، التي غابت عن بلدانهم طويلاً.

لا أعرف هل قرأ الحكام العرب عن رئيس البرازيل السابق لولا دا سيلفيا الذي انتهت فترة ولايته أخيراً، وكيف بكاه البرازيليون على طول البلاد وعرضها، وهو الرئيس اليتيم الذي كان يذرف الدموع مع كل نجاح يتحقّق لبلاده، حتى بلغت شعبيته 80 في المئة، وليس على طريقة الحكام العرب 99.99 في المئة، حتى انتفضت الشعوب ضدهم وطردتهم شر طردة، ليرحلوا إلى المنافي، أو يودعوا في السجون، أو يلاحقوا قانونياً.

قدم دا سيلفيا إلى كرسي الرئاسة، بعد أن عمل وهو يتيم الأب، ماسح أحذية في ضواحي ساوباولو، ثم صبياً في محطة بنزين، وميكانيكي سيارات، وبائع خضار. وكانت عائلته تسكن في غرفة واحدة خلف نادٍ ليلي، تنبعث منه الموسيقى الصاخبة وشتائم السكارى، غير أن لولا العصامي يقول إن «والدته علّمته كيف يمشي مرفوع الرأس، وكيف يحترم نفسه ليحترمه الآخرون».

قصة الرئيس البرازيلي السابق مع البكاء طويلة، وتبعث في نفوس البرازيليين البكاء، فخلال آخر خطاب له كرئيس للبلاد، أجهش دا سيلفيا بالبكاء، ليس بسبب مغادرة كرسي الرئاسة، وإنما بسبب حب شعبه له، بعد أن خرج الناس لتحيته على تواضعه وأفعاله وقراراته التي رفعت من أسهم بلاده، لتصبح خلال فترة رئاسته ثامن أكبر قوة اقتصادية في العالم. يبدو أن الرؤساء العرب لم يندموا على ما اقترفوه بحق شعوبهم من مجازر وقمع وظلم وقتل وفساد واستبداد، فما زالوا يتشبثون بالكراسي ولو قتلوا كل الشعب. ويبدو أن ليست هناك بارقة أمل، ليتعلم هؤلاء من سيرة «ابن البرازيل - اليتيم»، الذي غادر كرسي الرئاسة بشهادة وفاء وحب بإمضاء الشعب. كم يحتاج العرب إلى أمثال دا سيلفيا... لكنهم لا يستخلصون العبر!! أليس كذلك؟

=========================

بشار يحسد اباه

اسرائيل اليوم 1/5/2011

صحف عبرية

2011-05-01

القدس العربي

 في مطلع الاسبوع الماضي حُسم أمر ذو شأن في دمشق. فقد قرر بشار الاسد ان يلقي آخر أوراق لعبه وأن يرسل وحدات الجيش النظامي لقمع المظاهرات ضد نظام حكمه. وبهذا وافق بشار رأي كثيرين في اسرائيل يرون استمرار حكمه لسورية مصلحة اسرائيلية لانه يضمن لاسرائيل الهدوء.ما ظل بشار في السلطة سيظل الجيش السوري يعالج قمع مواطني سورية بدل ان يُعد نفسه لمحاربة اسرائيل. بيد ان جهود النظام لقمع نار التمرد لم تنجح كما أثبتت أحداث يوم الجمعة الاخير، يوم الغضب.

عاد مئات آلاف السوريين وخرجوا الى الشوارع. وقُتل عشرات منهم بنار الجنود ورجال الشرطة. يتبين ان المشكلة في سورية أعمق من ان يمكن قمعها بحراب الجيش. لكن قد يكون بشار الاسد على حق إذ قال ان سورية ما تزال غير مستعدة للديمقراطية. لأن الديمقراطية ليست هدية تعطى على طبق فضي بل هي هدف يُحارَب ويُناضَل من اجله.

برهن مئات آلاف السوريين على انهم يريدون الحرية وعلى انهم مستعدون لتقديم أرواحهم من اجلها. لكن هذا غير كاف. فهناك ملايين اخرى وعلى رأسها سكان العاصمة دمشق، ما زالوا يفضلون الاستقرار النسبي الذي يسود الدولة في العقود الاخيرة تحت حكم عائلة الاسد، على القفز الى غير المعلوم الذي قد يفضي بهم الى واقع حمام دم طائفي يشبه ذاك الذي يسود العراق أو لبنان. كذلك قرر مئات الآلاف من المجندين الالزاميين والضباط الصغار في الجيش السوري وأكثرهم من أبناء الطائفة السنية أن ينفذوا الأوامر التي أمرهم بها قادتهم وهم من الطائفة العلوية وعلى رأسها عائلة الاسد. ويجوز لنا ان نذكر الفرق بين الواقع السوري والواقع المصري.

قد يكون بشار يحسد أباه. فقد أفضت اعمال قمع وحشية لحافظ الاسد الى مجده السياسي. فجعل سورية دولة مستقرة وأصبح سياسيا دوليا معروفا مُقدّرا.

عندما بدأت الاحتجاجات في العالم العربي سُمع زعم ان الزمن قد تغير وأن الثمانينيات التي كانت سنوات القمع الوحشي في سورية لا يمكن ان تتكرر بسبب ثورة الانترنت، بقي الآن ان نراقب وان نرى هل هذا الزعم حقيقي أم أن ما كان في سورية هو ما سيكون.

' مختص بشؤون سورية

==========================

صحف: النظام السوري لا يريد تقديم اي تنازلات.. ومخاوف غربية على امن اسرائيل .. غياب الموقف الدولي الواضح من سورية يعكس خوفا من مرحلة ما بعد الاسد

2011-05-01

القدس العربي

 لندن 'القدس العربي': سورية ليست ليبيا، بشار الاسد، الرئيس السوري يقوم بقمع المتظاهرين ويحاصر مدنا، لكن الغرب لا يعرف كيفية التعامل معه.

يتساءل عدد من المعلقين، ويقولون ان الآمال الكبيرة التي بدأ بها عام 2011 بعد الحرية لتونس ومصر تحولت الى جثث في شمال افريقيا وصور عن محاصرة مدن في سورية التي اصبحت في عين الاهتمام الاعلامي، حيث قتل حوالى 900 منذ بداية الاحداث قبل اسابيع.

ومشكلة الغرب مع سورية غياب المعارضة مثل المعارضة في بنغازي، ونظام الاسد وجيشه يقومان بقمع المعارضة في ظل اجراءات امنية مشددة، وهي نفسها التي يمارسها النظام منذ اربعة عقود. ويقول مقال في صحيفة 'اندبندنت' نقلا عن مسؤول غربي انه كان اذا اراد عقد نقاش بدون ان يتعرض للتنصت هو زيارة مدينة ساحلية سورية واخذ قارب لكي يكون قادرا على التحدث بحرية.

وقالت الكاتبة جوان سميث التي نقلت عن الدبلوماسي في مقال لها في 'اندبندنت اون صاندي' انها سألت طلابا جامعيين في قهوة في مدينة حمص عن السياسة فقالوا لها انهم لا يتحدثون في السياسة حيث نقل مخبر، فيما بعد الحديث العابر هذا، حيث منعت من الحديث امام الطلاب ولكنها لم تمنع من القاء محاضرة في مكتبة الاسد التي تقول ان جهازا اخر من المخابرات كان يشرف عليها.

وقالت الكاتبة انها عندما التقطت صورة عام 2002 لكل من بشار الاسد وتوني بلير امام مقر الحكومة البريطانية، سألت احد مسؤولي حكومة العمال قائلة ان الصورة هذه تعطي الاسد مشروعية سياسية، ولكن المسؤول كان عصبيا واجاب 'هل هذا صحيح'. ومع انها لا ترى ضرورة لتدخل الناتو، لكنها تدعو الى اتخاذ عقوبات كما حدث يوم الجمعة، ولكنها تعترف بأن العقوبات بطيئة في التأثير. ودعت ايضا الى نهاية ما تقول عنها السياسة الواقعية التي ادت بالغرب للتعامل مع حكام قتلة مثل القذافي والاسد، وطالبت بتوفير هواتف نقالة دولية للمتظاهرين لخرق التعتيم الاعلامي.

اسد الامس واليوم

وفي تقرير نشرته صحيفة' اوبزيرفر' من اعداد بيتر بيمونت اشار فيه الى مشكلة التعامل مع سورية التي يقوم بها الرئيس الاسد بقمع المتظاهرين، وذكر الكاتب بلقاء مع الاسد عام 2002. في ذلك اللقاء لم يكن مضى على بشار الاسد سوى عامين في الحكم، وبدا في اللقاء مرتاحا حينئذ وسأل اسئلة متعددة.

وتحدث عن الاصلاح وناقش العلاقات مع الولايات المتحدة. وعنونت الصحيفة اللقاء بعنوان الثورة في سورية التي قال انها ترسل امواجا صادمة في كل انحاء المنطقة. وكان ذلك اللقاء قد رتب اولا مع اسماء الاسد زوجة الرئيس لكن احد مساعديه دعاه لشرب قهوة مع الرئيس نفسه، في لقاء غير رسمي. وقال ان صورة الاسد تلك كانت وراء تشجيع الحكومة البريطانية لدعوته في زيارة رسمية للندن، بناء على اعتقاد انه مختلف عن والده حافظ الاسد. ويضيف ان صورة الاسد تلك تتناقض مع الافعال الاجرامية التي تمت باسمه خلال الاسابيع الماضية والتي ادت الى قتل المئات ومحاصرة مدن وبلدات. ويضيف قائلا ان لا احد يعرف الان الاسد وماذا يمثل وما هي قوته.

القمع بدلا من الحوار

ولكن تصرفات نظامه لا تختلف عن اي نظام قمعي فعندما اعلن عن يوم الغضب الجمعة الماضية وهو اليوم الذي دعمه اخوان سورية، اخذ الاسد ورقة من كتاب مبارك والقذافي وارسل جنوده ودباباته ووضعها في اكثر من خمسين موقعا في البلاد. ومع ان التظاهرات تحدث كل اسبوع الا ان تصرفات الجمعة الماضية من قبل النظام تظهر انه لم يعد نظاما يريد تقديم تنازلات مع ان النظام وقبل اسبوع او اكثر قد تبنى لغة القمع التي صارت تعلو الان على التفاوض والحوار. فيما انتشرت شائعات عن خلافات داخل المؤسسة العسكرية وتقاريرغير مؤكدة من المعارضة تتحدث عن انشقاقات داخل الجيش، فيما قدم عدد من نواب الصف الثاني استقالاتهم من حزب البعث. وفي الوقت الذي القى فيه النظام اللوم على عناصر اجنبية لكن الملصقات وما يرد في اعلام الدولة يحذر من انه لو سقط النظام فالفوضى هي التي ستحل محله ومعها حرب اهلية. ويشير الى ما قام به 'شبيحة' النظام من اطلاق النار على مسيحيين في اللاذقية محذرة اياهم من قيام السنة بالسيطرة على البلاد، مع ان السنة هم غالبية اهل سورية. والسؤال الذي يطرحه التقرير انه مع تبني الاسد اساليب القذافي ودول القمع الاخرى الا ان رد الفعل العالمي يظل مختلفا. ولاحظ المراقبون ان اسم الاسد غاب عن قائمة الذين جمدت امريكا اموالهم وفرضت عقوبات عليهم وغاب كذلك عن الاجراءات التلويح بعملية عسكرية ضد النظام الذي يملك على خلاف ليبيا جيشا منظما ومسلحا بشكل جيد بأصدقاء اقوياء ممثلين بايران.

ويرى مسؤولون ومراقبون ان سورية مهمة في المعادلة الاقليمية اكثر من ليبيا. ويتساءل الكاتب عن غياب قطر التي قادت الحملة ضد النظام الليبي من مداولات مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة والذي اجتمع من اجل مناقشة الوضع السوري. ويضيف التقرير الى ان نجاح الدولة البوليسية التي اقامها والده تعتبر مسألة شخصية والتي يقدمها على انها 'ضرورة' لمنع انحدار البلاد نحو حرب اهلية وعليه فان ما ستكشف عنه التطورات في سورية سيكون مهما للغرب.

اهمية سورية

ويقارن الكاتب بين ليبيا التي اغضب قائدها وجلب العداء له من كل الانظمة العربية وسورية التي على الرغم من فقرها وانسحابها من لبنان عام 2005 مهمة في معادلة المنطقة. ومع ان المسؤولين لا يسمون الاشياء باسمائها عندما يتحدثون عن سورية تعيش فوضى فستؤثر حتما على اسرائيل وبشكل اقل على العراق ولبنان. واضافة الى الموقع الجغرافي فسورية مضيفة لقوى المعارضة الفلسطينية خاصة حماس التي نفى مسؤولوها انهم يخططون للخروج من سورية، مع ان مراقبين يرون في عقد المصالحة بين حماس وفتح تعبيرا عن مخاوف من خسارة الراعي السوري. وهناك ايضا علاقتها مع ايران وحزب الله الذي يتزود بالاسلحة عبر سورية، والعلاقة القوية مع ايران اضافة الى تواجد مئات الالاف من العراقيين في سورية والاتهامات الموجهة للاخيرة بالسماح للمتطوعين للمرور عبر اراضيها الى العراق. ويرى جوشوا لانديز المحاضر في جامعة اوكلاهامو ان سورية هي ميدان الصراع في المنطقة، فمن ناحية تقدم نفسها على انها مركز العروبة والوحدة العربية والعلمانية ومن ناحية اخرى تعتبر دولة مفككة تحكمها اقلية دينية. وعليه فان انعكاسات الازمة على البلاد بدت ملامحها مع وصول دفعات من المهاجرين السوريين الى لبنان، فيما تخشى دول الجوار مثل تركيا من موجات مهاجرين فيما اعلنت قبرص القريبة عن مخاوفها من هجرات وقدرة الجزيرة على استيعاب من سيهربون منهم عبر البحر.

من سيخلف الاسد؟

وبعيدا عن اشكاليات الحراك السكاني والهجرات وتأثر دول الجوار، فما يخيف المراقبين هي المرحلة التي ستلي الاسد ومن سيقود البلاد، ففي الوقت الذي ظهرت فيه معارضة في ليبيا تخوض حربا اهلية مع النظام، فيما حمى الجيشان التونسي والمصري الثورة فمنظور الحرب الاهلية غير مستبعد. وهو الخيار الذي لا يستبعده السوريون انفسهم حيث نقلت 'اوبزيرفر' عن محلل سوري في دمشق قوله ان لا احد يتنبأ بما سيحدث لو سقط الاسد. وما زاد من هذا العنف هي الشائعات التي تحدثت عن مواجهات بين فرق الجيش في درعا التي بدأت فيها الانتفاضة. من كل هذا يفهم الخلاف الدولي حول ما يجري في سورية وحول شخصية الاسد التي لا تزال اقلية ترى فيه اصلاحيا، وترى الاقلية انه يمكن اقناع الاسد للمضي في طريق اصلاح حقيقي وهذا ما يفسر غياب اسمه عن قائمة العقوبات التي اعلنتها الولايات المتحدة ضد اركان نظامه. وهناك من يرى ان هذا الافتراض قائم على فكرة تأثير الاسد مع ان المؤسسة الامنية اقوى منه. فيما يرى اخرون انه قوي ولا يزال قادرا على ضم شمل النظام مع انه لم يعد بعثيا، خاصة ان حزب البعث في ظله اصبح مهمشا.

مبدأ اللا عنف

وفي غياب الموقف الدولي الواضح بدأت اصوات تدعو الى ان تعتمد امريكا على مبدأ اللاعنف في التعامل مع الربيع العربي. ففي مقال رأي كتبه اندرو باسيفتش المحاضر في جامعة بوسطن، في 'لوس انجليس تايمز' قال فيه انه ان ارادت الولايات المتحدة ان تعم الديمقراطية العالم العربي بدلا من القهر والاجبار فعليها ان تضرب المثال الذي يحتذى به. وقال الكاتب ان الموقف الذي اتخذته امريكا من ليبيا بدعوى الاخلاقية وحماية المواطنين يختلف عن موقفها من البحرين مما يجعلها محلا للاتهام بالنفاق. وفي ضوء هذا الموقف القائم على معايير مزدوجة تساءل الكاتب فيما ان كانت واشنطن قادرة على تشكيل موقف من الربيع العربي، استراتيجية ايجابية متناسقة مع قيمها بدلا من انتاج حفر عميقة. وقال ان الاجابة صحيحة وهي تبني مبدأ اللاعنف، لغاندي ومارتن لوثر كينغ.

ويعتقد الكاتب ان هذا الموقف ممكن ومجد من خلال كشف القناع عن الانظمة الاستبدادية ونزع الزيف عنها، كما ان المدخل مهم لان امريكا لا تؤثر على الاحداث التي تجري في العالم العربي، وللعرب في النهاية ان يقرروا شكل الحكم الذي يرغبون به: اسلامي ام ليبرالي. وذكر الكاتب ان امريكا ولسنوات استخدمت الحرب في الوقت الذي كانت تتحدث فيه عن السلام. واكد ان الدم في الشرق الاوسط واسالته تقود الى دم اكثر وان امريكا امام فرصة تاريخية لتصحيح استراتيجيتها لا يلعب العنف فيها اي دور.

=========================

في سورية الحقيقة عارية ... فمن يريد أن يرى؟

د. خولة حسن الحديد

القدس العربي

2-5-2011

لم يكن الكثير من السوريين ينتظر يوم 'الجمعة العظيمة' ليعرف مدى خطورة ما آل إليه الوضع في سورية، وبعد كل جمعة هي 'عظيمة' بكل الأحوال ينبري المدافعون عن النظام السوري ليبرروا القتل ويحيلونه إلى العصابات المسلحة التي تتغير هويتها بعد كل مظاهرة.

لو غالبنا أنفسنا وتقمصنا دور المؤيد للنظام السوري و قبلنا الرواية الرسمية التي قدمت حتى آخر لحظة ..فماذا يعني ذلك؟ هذا يعني إن سورية البلد الذي يضم أكبر عدد من أجهزة الأمن في المنطقة وربما في العالم، وسورية التي طالما دافعت ودافعنا معها عن اتهامات الأمريكيين والعراقيين بعدم ضبطها لحدودها وتهريب المقاتلين والسلاح عبر حدودها الشرقية، والنظام السوري الذي طالما تمنن على السوريين بأنهم يعيشون في بلد آمن وإنّ الأمن والاستقرار في سورية لا يضاهى في أي مكان بالعالم.

ودفع السوريون الكثير من حريتهم واستلاب إراداتهم مقابل هذا الأمن والاستقرار، وإنّ سورية الضليعة بأجهزة استخباراتها في التعامل مع الحركات الإسلامية وقتلها في مهدها .. هي سورية نفسها التي بدأت بكل طاقتها الإعلامية وكل قيادات نظامها ورموزه تستميت لتقنعنا نحن مواطنوها ولتقنع العالم بأنها مستباحة أمنياً ومخترقة من حدودها المختلفة، ومهددة من قبل خطط لكثرة انكشافها باتت تنشر على شبكة الانترنت، وإن نائبا في البرلمان اللبناني غير مشهور بكل الأحوال- قادر على زعزعة استقرارها وقلب أمنها رأساً على عقب، وإن الأسلحة تدخل بالشاحنات من حدودنا غرباً وشرقاً، وإن الإسلاميين بل 'السلفيين' باتوا يتجولون في شوارعنا علناً على دراجاتهم النارية وسياراتهم يدعون إلى الجهاد ويصعدون منابر المساجد للتحريض الطائفي. كشخص مؤيد للنظام السوري علي أن أصدق كل هذا الانكشاف الأمني والحدودي..وقد صدقته.

فماذا يعني ذلك؟ هذا يعني إن كل ما تمّ التطبيل له منذ عقود هو وهم عشناه وصدقناه، وإن أمننا وحددونا لأوهى من بيت العنكبوت، وإن كل أجهزة مخابراتنا وأمننا لم تفعل أي شيء لتقف في وجه خطط الفتنة والتدمير المنشورة على شبكة الانترنت وفي أكثر من موقع منذ سنوات، وتركت أصحاب الخطط ينفذونها بحذافيرها، وإن موظفي الجمارك على حدودنا في الشرق والغرب والجنوب سمحوا لسيارات الأسلحة والمخربين من كل حدب وصوب بالدخول إلى سورية بكل يسر وسهولة، وأمام هذا الواقع الخطير يطرح السؤال نفسه من المسؤول عن كل هذا الانكشاف الأمني والاختراق الحدودي، أليس هذا فشلاً أمنياً واستخباراتياً ذريعاً، وغيره من أنواع الفشل لعمل الجمارك والإعلام والتحليل السياسي؟ إذاً أقل ما يمكن أن يتم هو إقالة كافة مسؤولي الأجهزة الأمنية والجمارك والاستخبارات والتغيير الجذري في مفاصلها، إضافة إلى إقالة كافة المستشارين السياسيين والإعلاميين والأمنيين، وهذا ما قد يحفظ ماء الوجه ويقنع أبناء الشعب السوري بالروايات التي تنشر لتبرر قتلهم خلال المظاهرات.

ولو تقمصنا دور المعارض وقلنا أن مظاهرات عارمة بالآلاف أو بالمئات تخرج منذ شهر بشكل أسبوعي أو يومي في أغلب المدن والبلدات السورية، بدأت بالمطالبة بالإصلاح وتدرجت بارتفاع سقف مطالبها لتصل بعد شهر إلى 'إسقاط النظام' مع اعتبار زيادة عدد المتظاهرين وزيادة رقعة انتشارها جغرافياً، ولو تجاهلنا الإجابة عن السؤال المطروح من يقتل المتظاهرين؟ وبقينا فقط نتابع مسألة استمرار التظاهرات وزيادة عدد المشاركين بها وامتدادها إلى كافة مناطق سورية وفندنا مطالبها، فماذا يعني ذلك؟ هذا يعني أن هناك فجوة كبيرة بين النظام وجزء كبير من أبناء الشعب ، وهذا يعني أن مستشاري الرئيس وخبراءه والمقربين منه وأعضاء حكومته، قد ضللوه لدرجة اطمئن معها بعدم وجود مظاهرات في سورية، وحتى وجود حاجة ملحة لإصلاح الحياة السياسية في سورية وصولاً إلى الديمقراطية، مما جعله يصرح بتأجيل ذلك إلى الأجيال القادمة وهذا ما اعتبره الكثيرون من أبناء الشعب السوري إهانة لهم كونهم صوروا كجهلة لا تليق بهم الديمقراطية ولن يعرفوا كيف يمارسونها لأنهم مجرد رعاع.

في الحالتين إن كنت معارضاَ أو مؤيداً للنظام السوري، ولو صدقت أيا من الطروحات السابقة، فإن الواقع الراهن على الأرض في سورية بات خطيراً جداً، والحقيقة باتت عارية ومن لا يراها وحده من لا يريد أن يراها، ويتطلب شجاعة وحساً عالياً بالمسؤولية الوطنية للإقدام على اتخاذ قرارات شجاعة بإمكانها أن تحرف مسار الأمور كلياً إن اتخذت الآن وفوراً، وبالتأكيد رئيس الجمهورية هو وحده المسؤول أمام الشعب حيال هذه المسؤولية وهو يعرف أية قرارات عليه أن يتخذ ..وإلا فإن الأمور تسير إلى حيث ما لا تحمد عقباه، وكل سوري سيدفع الثمن كل حسب موقعه وأظن إنّ موقع الرئاسة هو الأهم والأكبر...فهل يفعلها الرئيس ؟ نحن نصلي من أجل ذلك.

' كاتبة سورية

======================

صداع إسرائيل النصفي والمشهد العربي!

رجا طلب

rajatalab@hotmail.com

الرأي الاردنية

2-5-2011

واحدة من الفوائد المهمة لمسلسل الثورات العربية هي حالة الحيرة والارباك والصداع النصفي الذي اصاب الرأس الاستراتيجي للدولة الاسرائيلية، فالمتابع لما يكتب في الصحافة الاسرائيلية والمتابع لطبيعة الاسئلة والحوارات المطروحة على طاولة الحوار بين النخبة السياسية والعسكرية في اسرائيل يتلمس ببساطة ان الكيان الاسرائيلي دخل بالفعل حالة من عدم القدرة على رسم تصوراته حيال ما يجرى في العالم العربي، فغياب حسنى مبارك الحليف الاكثر انصياعا لاسرائيل عن المشهد وتشكل نواة نظام جديد بديل بتوجهات اقل ما يقال عنها انها اكثر تشددا من العهد السابق مازال يشكل ضربة قاسية لحالة الهدوء والتفاهم مع مصر على مدى اكثر من ثلاثين عاما، كما يفتح هذا الغياب لمبارك باب العلاقة بين تل ابيب والقادة الجدد في القاهرة على جملة من الاحتمالات لا يبدو انها تخدم حالة الغطرسة التى اعتادت عليها تل ابيب او استمرار سياسة الاملاءات التي كانت تمارسها على الجانب المصري، واذا اردنا ان نحدد اسباب الصداع للرأس الإسرائيلي فانه يمكننا الاشارة الى الاسباب التالية :

اولا : النية الواضحة للقادة الجدد في القاهرة في الابقاء على سلام بارد جدا مع اسرائيل وابرز البراهين على ذلك الرغبة في اعادة النظر او الغاء اتفاقية تزويد اسرائيل بالغاز المصري بالاسعار التفضيلية الرخيصة بل ومحاكمة من قام بالتوقيع عليها، وعلى الرغم من الاذى الاقتصادي المتأتي من مثل هذا القرار الا ان تل ابيب تعتبره اذى سياسيا بامتياز يؤشر الى عهد جديد في العلاقات بين البلدين.

ثانيا : انضاج المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس بسرعة وبوقت قياسي بعد اربع سنوات متتالية من فشل النظام السابق في انجاح مثل هذه المصالحة لاعتبارات تتعلق بمصلحة مبارك ونظامه في ابقاء هذه الورقة في الجيب المصري واللعب بها في اطار خيارات النظام الداخلية وبخاصة حيال قصة التوريث التي كانت مطروحة وبقوة وقتذاك الى حين سقوط مبارك.

ثالثا : اعلان القادة الجدد في مصر عن رغبتهم الصريحة والواضحة في فك الحصار عن قطاع غزة وفتح معبر رفح وهو الامر الذي كانت تعتبره تل ابيب تحديا امنيا كبيرا لا يمكن التعامل معه بدون تعاون مصري كامل.

ان من نتائج ما سبق سيكون اتمام المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية وهو ما سيضغط على العصب الإسرائيلي بقوة خاصة مع علم تل ابيب بنية السلطة الفلسطينية الذهاب للجمعية العامة للامم المتحدة لاستصدار قرار بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران عام 1967، ويرى استراتيجيون اسرائيليون ان فرصة السلطة في تحقيق مثل هذا الاعتراف هي كبيرة وانها ستجلب تلقائيا اعترافا دوليا بحماس التى ستكون شريكا في حكم هذه الدولة.

ومما يزيد حالة الصداع الاسرائيلي وجعا وألما هي حالة الارباك لدى ادارة اوباما وعدم قدرتها على تحديد الخيارات الافضل للتعامل مع مجمل متغيرات الوضع بالشرق الاوسط وبخاصة الوضع الجديد في مصر والوضع الفلسطيني الجديد ايضا والذي يعد احد ابرز مخرجات غياب نظام مبارك، ولذا نجد ان نتنياهو عاجز حتى اللحظة عن تحديد ما سيقوله امام الكونغرس في 24 من سبتمبر المقبل، كما انه متخوف من المبادرة المرتقبة لاوباما بشان القضية الفلسطينية التى تستند الى مبدأ الدولتين والقدس عاصمة لدولتين والغاء حق العودة للفلسطينيين رغم محاولة عدد من مستشاريه اقناعه بالقبول بها لان الجانب الفلسطيني سيرفضها بسبب موضوع الغاء حق العودة.

اما السبب الاخر لهذا الصداع النصفي الاسرائيلي فسببه الوضع في سوريا، فالسؤال الاستراتيجي المطروح على طاولة الجدل في اروقة صنع القرار في تل ابيب، ما الذي يجرى هناك وكيف نتعامل معه واذا حدث التغيير ما هو مصير الهدوء في الجولان وهل سيكون القادمون الجدد جاهزين للحرب ام للسلام ام لحالة استنزاف طويلة المدى ؟ واين سيذهب فائض القوة العسكرية المخزنة لدى حزب الله هل ستذهب باتجاه اسرائيل ام باتجاه لبنان والسيطرة عليه عسكريا؟ وغيرها الكثير الكثير من الاسئلة التي لا تجد لها اسرائيل حتى اللحظة اية اجابات!!.

=======================

كل هذه الهجمات على العلامة القرضاوي

ياسر الزعاترة

الدستور

2-5-2011

إثر الرسالة التي وجهها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين للرئيس السوري بشار الأسد تحت عنوان «الحلول الجزئية لم تعد ترضي ولن تنهي المظاهرات»، شنت الدوائر الدينية في سوريا حملة شعواء على العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، مع العلم أن الهجمة على الشيخ كانت بدأت قبل ذلك بأسابيع إثر خطبته التي تحدث فيها عن الثورة الشعبية في سوريا، وطالب فيها الرئيس السوري بالإصلاح.

لا حاجة لاستعادة قائمة التهم التي وجهها تجمع «كبار علماء سوريا»، فهي معروفة إلى حد كبير، تبدأ بإثارة الفتن وتجاهل قيم الإسلام ومقاصد الشريعة، ولا تنتهي بخدمة أجندات مشبوهة، لكننا نشير إلى فصل من فصول الهجوم على الشيخ القرضاوي، والذي سبقته فصول أخرى من تونس إلى مصر قبل انتصار الثورة وبعده، وليس انتهاء بالبحرين التي يواصل نشطاؤها الشيعة وأنصارهم في العالم العربي وفي إيران الهجوم على الشيخ، وكان أبرز فصول الهجوم ما ورد في كلمة الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله في احتفال بالثورات العربية قبل أسابيع، وكانت الفقرة الأبرز بخصوص الشيخ قوله «أنا أستغرب كيف يدعو البعض ويقف ويقول: يجب على أهل مصر أن ينزلوا إلى الشارع، ثم في ليبيا يقف ويقول اقتلوا القذافي، ولكن عندما تصل النوبة للبحرين حيث لا يريد أحد في المعارضة أن يقتل أحدا ينكسر القلم ويجفّ الحبر وتخرس الألسنة ويصبح الكيل بمكيالين». وجاء ذلك ردا على خطبة قال فيها الشيخ إن موقفه غير المناصر لثورة البحرين يتعلق بكونها ثورة طائفية تختلف عن الثورات الأخرى في تونس ومصر واليمن وليبيا.

إلى جانب ذلك كله، كان ثمة هجمة لا تتوقف يتعرض لها الشيخ من قبل علماء يُحسبون على تيار السلفية التقليدية ممن تخصصوا في الدفاع عن الأنظمة ورفض كل ما من شأنه إزعاجها، أكانت مسيرات أم اعتصامات تنادي بالإصلاح، فضلا عما تجاوز ذلك من ثورات تنادي بإسقاط تلك الأنظمة.

تشير هذه الهجمات التي تعرض ويتعرض لها الشيخ القرضاوي إلى حساسية موقف الرجل الذي يصنف بوصفه الرمز الأكبر للمسلمين السنّة خلال العقدين الماضيين، مع العلم أنه لم يكن يعيش نزهة سياسية قبل الثورات الأخيرة، إذ كثيرا ما تعرض لهجمات شرسة من طرف أعداء الأمة، وبعض الأنظمة العربية بسبب مواقفه السياسية.

من اللافت أن مهاجمي الرجل لا يجدون الكثير من التهم يلصقونها به، فالرجل الذي جاوز الثمانين وليس لديه ما يطلبه، أكان مالا أم مناصب لا يتحرك إلا وفق ما يمليه عليه ضميره، لاسيما أن الدولة التي يعيش فيها لا تفرض عليه شيئا، حتى لو كان لها موقف سلبي مما يقول حيال هذه القضية أو تلك، وقد سبق للشيخ أن انتقد الأمير حين التقى أحد المسؤولين الإسرائيليين قبل سنوات، ولا قيمة لتذكير بعضهم لأغراض المناكفة بوجود قاعدة أمريكية في قطر، فالرجل يرفض وجودها، لكنها ليست قصة يرددها كل يوم.

الشيخ يجتهد في قراءة المواقف السياسية بناء على موازنة المصالح والمفاسد، وهو يحدد موقفه بناء على ذلك التقدير أكثر من أي شيء آخر، وقد يكون اجتهاده صائبا وقد لا يكون، لكن انحيازه الدائم للشعوب وقضية الحرية، ومعها قضايا المواجهة مع أعداء الأمة يجعله أقرب إلى الصواب في معظم الأحيان، خلافا لعلماء يقيسون مواقفهم بناء على رضا الأنظمة، بل إن ثمة منهم من يحدد مواقفه بناء على مطالب مباشرة من أجهزتها السياسية والأمنية، وإلا فهل يصدق عاقل أن علماء سوريا يؤمنون بصواب البيان الذي أصدروه، أو ان الذين يقولون إن نظرية «ولي الأمر واجب الطاعة» تنطبق على بعض الأنظمة القائمة كما هو حال القذافي على سبيل المثال، فضلا عن حرمة المسيرات التي تنادي بالإصلاح؟!

لسنا هنا في معرض تقييم مواقف الشيخ الجليل من الثورات الأخيرة، والتي نحسبها صائبة إلى حد كبير، حتى لو توفر قليل من الخلاف بشأن الحدث البحريني، مع أن عاقلا لا يماري في وجود مطالب مشروعة للمعارضة البحرينية ينبغي الاستماع إليها من دون الإصرار على التغيير الشامل ضمن الظروف الموضوعية القائمة على مختلف الصعد، وهو ،عمليا، مضمون ما ذهب إليه الشيخ. وعموما فإن ما يعنينا هنا هو التأكيد على بعدين، الأول أن صوت الشيخ أصبح مصدرَ قلقٍ لافت للطغاة، أما الثاني فيتمثل في أن جماهير الأمة إنما تزداد انحيازا للشيخ وحبا له؛ كلما تصاعدت الهجمات التي تستهدفه.

حفظ الله الشيخ وزاده إصرارا على نصرة جماهير الأمة في مواجهة الظلم والطغيان. اللهم آمين.

التاريخ : 02-05-2011

=========================

أوراق وحروف / إبادة الشعب السوري!

مبارك محمد الهاجري

الرأي العام

2-5-2011

هل نحن في القرن الواحد والعشرين أم القرن الخامس عشر، حيث المجازر والقتل على الهوية، والمعتقد واللون والجنس، ما يحدث اليوم في عالمنا العربي كارثة على المقاييس كافة، انظر عزيزي القارئ تجاه سورية الآن، مجزرة بشرية يومية بحق المئات، وربما الآلاف من السوريين العزل في منطقة درعا، وقد يتساءل المرء لماذا درعا تحديداً التي خصصها النظام «البعثي» بقواته ودباباته المتهالكة؟ لأنها مهد للثورة، ومنها انطلقت صيحات الرفض الأولى، وبطبيعة الحال لو لم يكن هناك ظلم وطغيان وتجبر على العباد، لما قامت الثورة الشعبية، ولكنه القهر الذي ولد في نفوس السوريين الرغبة في الثورة في وجه طغاة العصر وجلاديه، ليقول وبصوت واحد ومسموع في مظاهرات سلمية، لا للظلم، والتسلط، وهما صفتان تكاد أن تكونا حكراً على الزعامات العربية دون غيرها!

لينظر النظام السوري إلى تونس ومصر، كيف طارت الأنظمة من الحكم، بعد أن مارست الظلم بشتى أنواعه، وبقسوة لا مثيل لها، فكانت النتيجة الذل، والانهيار التام لنظامي بن علي، وحسني مبارك، فإن كان نظام «البعث» يتكئ على إيران، أو على حزب الريموت كنترول، والمسمى ب «حزب الله»، فتلك حسبة خاطئة، وتنذر بما هو أسوأ من السيناريو المصري!

لا يغرًن البعث السوري، كثرة عتاده، ومساندة دولة آيلة للسقوط، وحزب مارست مليشياته في بيروت، الترويع والنهب والسلب، قبل أعوام ثلاث، التاريخ لا يرحم، والسعيد من اتعظ بغيره، والتعيس وسيء الحظ، من أعمته بصيرته عن الحقائق!

حسنا فعلت واشنطن، ودول الاتحاد الأوروبي، بوضعها عقوبات على النظام البعثي في دمشق، ورغم تأخر هذه الخطوة إلا أنها ستكون ذات تأثير كبير جداً على «البعثيين» وأعوانهم من الظلمة والمتجبرين، ولن يكون بمقدورهم مغادرة سورية، خوفاً من محكمة العدل الدولية، فأصبحوا بين نارين، نار الثورة الشعبية من الداخل، ونار المحكمة الدولية في الخارج!

*

موقف الصين وروسيا من الثورات العربية، مخجل ومعيب، وآخرها موقفيهما من المجازر في سورية، حيث طالبتا بممارسة ضبط النفس أو ما شابه، في حيلة منهما لتثبيط الجهود الدولية، ولو عدنا إلى التاريخ، فهاتان الدولتان تحظيان بملفات سوداء يندى لها الجبين، بدءا من انتهاكات حقوق الإنسان، وانتهاء بسفك دماء كل من يجرؤ على نقدهما أو الإشارة إليهما، تلميحاً لا تصريحاً!

=========================

لعبة "الدومينو" العربية

تاريخ النشر: الإثنين 02 مايو 2011

عائشة المري

الاتحاد

في خمسينيات القرن العشرين، ومع بدايات الحرب الباردة بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي تحدث الرئيس الأميركي إيزنهاور في مؤتمر في 7 أبريل 1954 لأول مرة عن مفهوم نظرية أحجار الدومينو المتساقطة قائلًا إن ما يجري في الهند الصينية سيؤثر في المستقبل على دول الجوار. فالشيوعية كفكرة تتجاوز الحدود القومية وتميل للتوسع والانتشار عبر حدود الدول فتجتاح النظم السياسية، وقد تحدث عن "سلسلة أحداث" تربط الهند الصينية وبورما وتايلاند والملايو وإندونيسيا، حيث سيهيئ سقوط الهند الصينية أو فيتنام تحديداً في يد الشيوعية لتساقط بلدان الجوار كأحجار الدومينو الواحد تلو الآخر، متى ما توافرت البيئة والشروط الموضوعية، فالشيوعية آنذاك بتألقها الثوري قابلة للتصدير وللتبني.

اليوم وبعد نصف قرن، هل نملك أن نستبدل كلمة الشيوعية بالربيع العربي في نظرية أحجار الدومينو الشهيرة؟ ألم يهيئ سقوط تونس لسقوط مصر لانتقال ثورات التغيير السياسي إلى بعض النظم العربية؟ لقد أصبحت مقولة "الشعب يريد تغيير النظام" تميمة الثورات العربية، وأصبحت كلمة "ارحل" ملازمة للمظاهرات والاحتجاجات. لقد أثبتت النظم العربية فشلها في تأسيس بنية سياسية صلبة تستند إلى شرعية شعبية، فسرعان ما ظهرت هشاشة بعض الأنظمة الحاكمة وعجزها عن خلق قنوات اتصال فعال بين الشعب والنخبة الحاكمة فظلت وحتى اللحظة الأخيرة في وادٍ ومطالب الشعوب في وادٍ آخر. ونموذج الاستبداد السياسي العربي هذا يتكرر بأطياف مختلفة، فالبيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية قد تتفاوت ولكنها تستند إلى ذات الأسس وتتوافر ذات الشروط الموضوعية، وبالتالي فقابلية استنساخ النموذج الثوري التونسي والمصري معقولة. لم تعد مطالب الشعوب تقتصر على تغيير قانون أو انتخابات تشريعية، لقد صعَّدت الشعوب مطالبها إلى تغيير بعض الأنظمة الحاكمة التي تجثو على صدور شعوبها منذ عقود، وقد تحركت عجلة المطالبات بالتغيير ولم تعد الوعود بالإصلاحات أو زيادة الأجور أو خطط تشغيل العاطلين أو غيرها من أساليب كافية لشعوب توصلت إلى ضرورة تغيير النخبة السياسية.

لقد تدحرجت أحجار الدومينو بفعل ثورة المعلومات والإعلام وثورة المواقع الاجتماعية والفيس بوك والفضائيات فأصبحت الشعوب تشارك في توثيق التاريخ بنقل صورة الحدث موثقاً بالصوت والصورة، فعنف النظام في كبح المظاهرات سرعان ما ينتشر بالصورة، فيما أصبح تزوير الأحداث عصيّاً على النظم الحاكمة بعد أن تجاوزت الصورة الخبر الرسمي.

لقد شكل سقوط عمود قديم من أعمدة النظام العربي ممثلًا في الرئيس المصري السابق حسني مبارك ضربة كبرى أدت إلى ترنح أعمدة أخرى، فيما لازال رسم خطوط مسار أحجار الدومينو غائماً. إن ما يجري اليوم هو نهاية مرحلة عربية وصفحة جديدة في تاريخ النظم العربية ستؤرخ لما قبل ربيع العرب في 2011 وما بعده، إنه تاريخ يتشكل، مرحلة باغتت المختصين في الشأن العربي، كما باغتت الساسة العرب.

ستسقط بعض الأنظمة العربية الواحد تلو الآخر في طريق الديمقراطية كما تتساقط أحجار الدومينو، لقد ثبتت صحة النظرية في العالم العربي على رغم اختلاف المسبب لكن هل ستفضي إلى ديمقراطية حقيقية أم إلى عدم استقرار سياسي غير مقدر العواقب قد يلحق بالنظم العربية الواحد تلو الآخر؟!

لا شيء مؤكد حتى الآن، فخريطة لعبة الدومينو غير واضحة المعالم، فهناك أوضاع جديدة ناشئة وأخرى قابلة للتغيير وأخرى مرشحة للاستمرار، ولا يمكن التكهن بمسار التغيير وباستمراريته في ظل نظام عربي يتشكل.

==========================

عندما تغيب القوانين

الإثنين, 02 مايو 2011

بصيرة الداود

الحياة

أنظمة سياسية عربية بدأت مع مرور وقت الثورات ضدها تتخبط في أفعالها وأقوالها، وتزداد يوماً بعد الآخر وحشية وشراسة واستبداداً، بعيدة كل البعد من حقوق الإنسان، ومغيّبة لكل الأعراف والقوانين الإنسانية. في ليبيا نظام قمعي يستمد قوته من بعض آلاف من الأشخاص، ويضرب عرض الحائط بكل القوانين التي تكفل للمواطن الليبي حرية اختيار من يحكمه. أما في سورية فالنظام من الحرس القديم هو من لا يزال يحكم على أرض الواقع، وقد استبدل طريق الجولان بطريق درعا ودوما وحلب ودمشق والقامشلي وغيرها من المدن السورية، وبدأ المواطن السوري يلقي بالحجارة على الدبابة السورية ليحمي نفسه منها بدلاً من أن تكون هي في حمايته. أما في اليمن فالشعب فيها يتوق للتغيير والحرية، والنظام السياسي يتحدث عن الدستور والشرعية اللذين أصبح لا يمثلهما بعد أن طلب منه الشعب الرحيل عن سدة الحكم.

الدساتير التي تتحدث عنها الأنظمة السياسية العربية الشمولية هي في الواقع التاريخي تجسّد قانوناً لا بد أن يتوافق مع رغبات المجتمع وثقافته. لهذا، فإن أي دستور يجب ألا يخضع بطبيعة الحال للسلطة الحاكمة بقدر ما يكون خاضعاً لعامة الناس، الأمر الذي يفرض على من يتولى السلطة السياسية أن يكون إنساناً غير مستبد ولا متعسِّف لأن التعسّف والاستبداد يعنيان الطغيان، وهو حالة لا تتواجد عبر التاريخ إلا مع غياب القوانين عندما تحلّ الإرادة الجزئية للسلطة والحاكم محل إرادة القانون، وهذا ما نشهده اليوم واقعاً أصبح يمارس على الشعوب العربية بخاصة في ليبيا وسورية واليمن، ما يدل على جهل الأنظمة السياسية لتلك الدول معنى وحقيقة كلمة دستور الدولة وقوانينه في التاريخ.

أثبتت الأنظمة السياسية العربية للتاريخ الحديث والمعاصر أنها دولٌ تعسّفية تحب ذاتها لأنها لا تحب غيرها. لذلك، فهي تحتكم للعاطفة حتى في أصعب المواقف، ولا تهتم بمصلحة الجميع، كما أنها لا تستند إلى أي قانون يحكمها ويحد من صلاحياتها السياسية المطلقة. هي أنظمة تجيز لنفسها كل شيء وبأيسر الطرق وأسهلها، فتبيح قمع وقتل أبناء شعبها الرافض حكمَها من دون الإحساس بأية كرامة أو اعتزاز بالنفس الإنسانية الحرة الأبية، الأمر الذي يؤكد أن من يديرون هذه الأنظمة هم في الواقع مستعبدون غيرَهم ومنفّذون كلَّ أوامرهم في سبيل بقائهم على عروش السلطة في بلدانهم.

القوانين التي ستقوم على أساسها الدساتير السياسية في الدول العربية المحررة، وتلك التي في طريقها نحو الحرية من الأنظمة الشمولية الأبوية، ينبغي أن تصاغ على أسس تكفل الحرية والحقوق والواجبات للجميع، وتحقق معنى المواطنة المثلى بالعدالة والمساواة، فهذا هو مصدر السيادة الذي يعبّر عما هو صادر عن الفكر المحتكم إلى العقل وليس العاطفة، وإذا تحقق شرط الحرية داخل أي نظام سياسي فإن ذلك سيشكل انعكاساً لنشاط المواطن الفرد وأدائه واجباته تجاه وطنه في الشكل الصحيح والمطلوب، كما أن أي ترابط بين السلطة والمواطن لا بد أن يكون قائماً في المستقبل على حضور العقل في قرارات وسلوكيات وتصرّفات السلطات السياسية الجديدة.

الدول الغربية التي استندت في سلطاتها إلى حكم القانون أثبتت نجاحاً قوياً عبر التاريخ في مسألة عدم تعارض الأديان مع حكم القوانين الإنسانية، كون الدين هو المحرّك الأساسي للأخلاق والقيم والمبادئ، والعقل والوعي بالذات والآخر، وفي الوقت نفسه لم تترك قوانين هذه الدول للدور الديني أن يطغى أو يبالغ فيه من أجل النأي برجال الدين ومؤسساتهم الدينية عن الانزلاق إلى مرحلة الإحساس باحتكارهم الحقيقة الروحية في الحكم، وتصوّرهم بأنهم منزّهون عن الأخطاء، الأمر الذي يجعل أي رجل دين ينطلق من احتكامه للعاطفة وتغييبه للعقل في مختلف الأمور، فتبقى نظرته قاصرة محدودة في إطار زمني وموضوعي معين، أما السياسة الناجحة فهي التي تحتكم للعقل وتحسن التعامل مع الطوائف والمذاهب الدينية كافة على أساس واحد يجمعها الإيمان بالله فهي التي تتسامى فوق الجميع.

إذا كان العقل في التاريخ هو أساس قيام الدول الحديثة والمتقدمة، فهذا يؤكد أن القوانين هي الممهدة لقيام دول حرة يجد المواطن فيها كل مصالحه، وليست دول فوضى تبارك فيها المؤسسات الدينية كل قوانين التسلّط والقمع والاستبداد ضد الشعوب المسالمة.

ومن يقرأ نصوص بعض دساتير الأنظمة العربية يجدها عبارة عن فوضى وليس فيها من معنى القوانين شيء، فهي وضعت من أجل تكريس السلطة وتوريثها، وتفصل فيها كل قوانين العقوبات التي من شأنها تقييد حركة المواطن العربي ومنعه من حرية التعبير والرأي خوفاً من خروجه على النظام مطالباً بحقوقه الشرعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية داخل وطنه، كما تشرح تلك الدساتير واجبات المواطن كافة تجاه وطنه، في حين تكون غامضة في كل ما يتعلق بحقوق المواطن المشروعة.

النظام السياسي الذي يستمد شرعيته من التسلّط الأمني والاستبداد، ويستند إلى فرض حكمه عنوة على الشعب، هو نظام يستحق لعنة التاريخ والأجيال المقبلة عليه، لأن الاعتداء على كرامة الإنسان حيث قدرته على التواجد الحُر الكريم هو نفي للحرية الإلهية التي منحها الله لكل البشر سواسية، وهو تحوّل مقيت من السلطة إلى التسلّط بأسلحة بعض المنتفعين من النظام المستبد وبعض البلطجية الذين لا مكان لهم في العالم المتقدم إلا على الأرض العربية التي تحكمها أنظمة أمنية ديكتاتورية متخلفة أصبحت كالتنين تبتلع بنيرانها الشعوب المسالمة، كما سبق أن ابتلعت إرادتها وكرامتها وحقوقها المشروعة لعقود طويلة ماضية.

أكاديمية سعودية.

=========================

سورية... عودة إلى مربع الدم الأول

الإثنين, 02 مايو 2011

ميسّر الشمري

الحياة

بات واضحاً أن النظام السوري اتخذ القرار الخطأ. قرار يجبره على المضي قدماً في سفك الدماء. لم يعد بإمكان الرئيس بشار أن يتراجع لاسترداد نفسه، ذلك أن القرار الذي اتخذه لمعالجة الوضع في محافظة درعا أيقظ حساسيات طالما حاول السوريون تجاوزهاالزمن تغيّر، آليات المطالبة الشعبية هي الأخرى تغيّرت. قرار الأسد الأب في ضرب حماة وما حولها من القرى والبلدات حصل في وقت لم يكن فيه بثّ التلفزيون السوري الرسمي يصل إلى دير الزور. لا أحد رأى ما الذي جرى في حماة. اليوم وعلى رغم التعتيم الإعلامي الذي تمارسه السلطات السورية، إلا أننا نستطيع أن نرى ما يجرى على الأقل بعد دقائق، وهو الأمر الذي أصبح فيه الأسد في موقف حرج، فلا هو قادر على التراجع بعد أن أراق الكثير من الدماء السورية، ومضيّه قدماً في الحل العسكري سيوقظ المزيد من الحساسيات التي ستقود الوطن السوري إلى الهاوية.

ما أعرفه عن الأسد الابن – بحسب مقربين إليه – إنه شاب متعلم غرف من الثقافتين العربية والغربية وأن لديه رؤى إصلاحية وأخرى لتحديث المجتمع السوري وثالثة لتطوير آليات الاقتصاد السوري وتحريره من العبودية والاحتكار، وأعتقد جازماً أن رؤى الأسد الابن اصطدمت بمصالح بعض الحرس القديم فعرقلها. كان بإمكان الأسد أن يسحب قواته من لبنان بشكل مشرّف قبل استشهاد رفيق الحريري، لكن البعض ممن كان لبنان بمثابة «البقرة الحلوب» بالنسبة له، حاول توريط الأسد بإبقاء الجيش السوري في لبنان من خلال القرار السوري بالتمديد للرئيس أميل لحود، وهو القرار الذي أدخل الأسد ومعه سورية شعباً وجيشاً في نفق مظلم، كانت نهايته خروج مخزٍ لجيش صاغ لبنان الوطن وحماه من الضياع وإن بأسلوب لم يعهده اللبنانيون.

خطأ الرئيس بشار بالتمديد لرئيس لبنان تكرر أكثر من مرة في لبنان إن عن طريق حلفاء وإن عن طريق بعض اللبنانيين المزايدين على الأسد. تلك حقبة انتهت وإن لم تنتهِ تبعاتها بعد، لكن الخطأ اليوم يتكرر في الداخل السوري، ولكأن هناك من الحلقة الضيقة للرئيس بشار، من يريد أن يعيد سورية إلى مربع الدم الأول.

لست من دعاة الفتنة وإثارة النعرات الطائفية وإيقاظ الحساسيات، لكن من أشار على الأسد بالحل العسكري هو من يريد نبش الجراح السورية، وإلا ما معنى أن يبرر التدخل العسكري في درعا بوجود جماعات سلفية، فيما السلطات تعتقل المئات من السوريين الوطنيين، وليس من بينهم إسلامي واحد. البعض ممن اعتقلوا أقرب إلى الإلحاد منه إلى التدين. هذا تناقض مخجل. الذي اتخذ القرار العسكري أراد تصعيد الموقف ودفع القيادة السورية إلى طريق مسدود نهايته موت حتمي لأحد الطرفين. القرار أربك الإعلام السوري وجاءت ردود أفعاله بلهاء وتبريراته سخيفة ومخجلة لا تليق بتاريخ الإعلام السوري العريق.

الشعب السوري تجاوز مهزلة التوريث ومسرحية تغيير الدستور بقيادة عبدالحليم خدام ودعم العماد مصطفى طلاس. السوريون تجاوزوا كل تلك المهازل لأنهم رأوا في الرئيس بشار شاباً متعلماً ربما يحقق لهم ما لم يحققه لهم الأسد الأب، لكنه خيّب آمالهم في حدثين مفصليين على الأقل: الوضع في لبنان والتعامل مع المحتجين في عدد من المحافظات السورية.

أعتقد أن سورية مقبلة على مرحلة خطرة، وخطرة جداً إن لم يستعد الأسد زمام الأمور ويقيل غالبية الطبول الذي أحاطوا به خلال سنوات حكمه واستبدالهم بدماء شابة قادرة على مواكبة رؤاه، هذا أولاً، وثانياً البدء بإجراء إصلاحات سياسية تبدأ من قانون لتنظيم الأحزاب وانتخاب برلمان مستقل ثم إجراء انتخابات رئاسية شفافة وتحت إشراف لجان دولية، وبعد ذلك استحداث وسائل عملية للقضاء على الفساد والبطالة وإصلاح التعليم، وقبل ذلك إيقاف التغلغل الإيراني داخل المجتمع السوري ونشر التشيع الصفوي، وإجراء حوار وطني معمّق.

أعلم أن مثل هذه الإجراءات أصبحت بعيدة بعدما اتخذ الشعب قراره، خصوصاً وأن منسوب الدم السوري ارتفع في شوارع درعا وحمص وبانياس نتيجة اتخاذ القرار الخطأ في الزمن والمكان الخطأ.

=======================

كيف تتصرف واشنطن حيال تطورات سورية؟

Sen. Marco Rubio - Foreign Policy

الجريدة

2-5-2011

يلزم أن نقف إلى جانب الشعب السوري الذي يتوق إلى الحرية ويتحدى فساد النظام واستبداده، لكن تردد إدارة أوباما في التدخل أظهر الولايات المتحدة بمظهر مَن يعجز عن اتخاذ القرار في أفضل الأحوال، أو بمظهر مَن لا يأبه بما يجري في هذا البلد في أسوأ حالاتها.

في الأيام القليلة الماضية، استخدم نظام الرئيس السوري بشار الأسد جيشه ليقتل مئات المدنيين الأبرياء ضمن إطار حملته العنيفة ضد متظاهرين سوريين غير مسلحين. وما تشهده سورية راهناً ليس سوى موجة عنف مأساوية جديدة في الشرق الأوسط تتطلب إدانة فورية تدعمها تدابير محددة تتخذها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. فعلى الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يعلن بكل وضوح إلى جانب مَن تقف الولايات المتحدة، وأن يؤكد أقواله بالأعمال، وأن يفصّل بشكل جلي لِمَ تعتبر الولايات المتحدة سورية بالغة الأهمية.

طبعاً، يلزم أن نقف إلى جانب الشعب السوري الذي يتوق إلى الحرية ويتحدى فساد النظام واستبداده، لكن تردد إدارة أوباما في التدخل أظهر الولايات المتحدة بمظهر مَن يعجز عن اتخاذ القرار في أفضل الأحوال، أو بمظهر مَن لا يأبه بما يجري في هذا البلد في أسوأ حالاتها. لذلك، ينبغي للرئيس أن يخاطب الشعب السوري مباشرة كي يعرب له عن الدعم الأميركي لمطالبه الشرعية، يدين حملة الأسد العنيفة ضد مدنيين أبرياء، ويحذّر الرئيس السوري وأعوانه بلهجة صارمة من مغبة مواصلتهم انتهاك حقوق الإنسان بشكل فاضح ودعم الإرهاب ونشر الاضطرابات في الدول المجاورة لسورية.

ولكن من الضروري أن يؤكد أوباما صدق كلماته باتخاذه خطوات واضحة وصارمة. وبما أن استئناف الولايات المتحدة علاقاتها الدبلوماسية مع سورية بإرسالها سفيراً أميركياً إلى دمشق السنة الماضية شكّل خطوة غير حكيمة، فعلينا راهناً أن نقطع هذه العلاقات مرة أخرى ونعيد سحب سفيرنا. ومع أن سورية تخضع راهناً لعقوبات أميركية قاسية بسبب تصنيفها دولة راعية للإرهاب، فعلينا توسيع هذه العقوبات لتشمل أشخاصاً يسمحون بانتهاكات شائنة لحقوق الإنسان ضد مدنيين عُزّل، أو يخططون لها أو يُمارسونها. يشاطرنا شركاؤنا في أوروبا وتركيا والخليج العربي الكثير من مصالحنا في سورية ويؤدون دوراً أكبر في هذا البلد. لذلك، على الرئيس أن يقدّم كل دعم الولايات المتحدة الدبلوماسي لجهود ترمي إلى إقناع شركائنا هؤلاء بتبني عقوبات اقتصادية ودبلوماسية واسعة التأثير تستهدف الأسد وداعميه في النظام القائم.

من واجب الولايات المتحدة أن تبدي رأيها بصراحة في القضية السورية. فطوال سنوات، دعم النظام السوري عمليات 'حزب الله' و'حماس'، وأيد سياسات إيران المزعزعة للاستقرار، وساعد الإرهابيين على قتل الأميركيين في العراق. ولم يسهم هذا النظام في نشر الاضطرابات في المنطقة فحسب، بل عمل مباشرة أيضاً ضد مصالح الأمن القومي الأميركية. فلا يمكننا بكل بساطة أن نجلس مكتوفي الأيدي، بينما يتحدى أناس أبرياء بأساليب سلمية نظاماً عاقد العزم على زعزعة الولايات المتحدة وحلفائها.

يجب أن تكفّ هذه الإدارة عن الوقوف على الهامش، في حين تطيح دبابات النظام بمواطنين سوريين أبرياء. في مرحلة باكرة من الصراع الليبي، عندما كان بإمكان سياسة أميركية واضحة أن تحقق نجاحات بالغة الأهمية بكلفة متدنية، أخفق الرئيس في اتخاذ الخطوات اللازمة. وها نحن اليوم نواجه في سورية تحدياً يتطلب من الولايات المتحدة أن ترفع الصوت دفاعاً عن الشعب السوري، وأن تُقدِم على خطوات ملموسة في الحال. فعلى الإدارة أن تتخلى عن ترددها بينما يلقى السوريون الأبرياء حتفهم على يد نظام لا يرحم.

=======================

مثقفون أردنيون يدينون القمع بسوريا

الجزيرة

1-5-2011

الأردن شهدت أيضا مظاهرة حاشدة في الرمثا تضامنا مع أهالي درعا (الجزيرة)

عبر أكثر من مائة من الصحفيين والأدباء والفنانين الأردنيين اليوم السبت عن إدانتهم لقمع المحتجين في سوريا وسفك الدماء الذي أدى لسقوط المئات من أبناء الشعب السوري، معلنين انحيازهم الكامل للثورة الحضارية السلمية للشعب السوري.

واستنكر بيان أصدرته هذه الشخصيات "سفك دماء الشعوب بلا رحمة، خصوصا ما يجري في الشقيقة سوريا، من قبل نظام طالما حسبنا أنه عروبي وتحرري ومنحاز إلى نهج المقاومة".

وقال البيان "نحن الكتّاب والصحافيين والفنانين الأردنيين الموقَعين أدناه، نعلن انحيازنا الكامل إلى ثورة أمتنا الحضارية السلمية الراهنة ضد أنظمة الظلم والطغيان والتبعية والتخلف في شتى الأقطار العربية من المحيط إلى الخليج".

وأضاف "إنَه ليؤلمنا ويزلزل أرواحنا أن نرى دم أشقائنا السوريين بالذات، وهو يسفك بلا أدنى رحمة من قبل نظام طالما حسبنا أنه عروبي وتحرري ومنحاز إلى نهج المقاومة".

وتابع البيان "إننا إذ ندين القمع الوحشي الدموي الذي يمارسه النظام السوري ضد أبناء شعبه الأعزل، لنؤكد على أننا نرفض أي تدخل أجنبي في الشأن العربي السوري، كما نرى أن سفك الدم هو الذي من شأنه أن يخلخل بنيان أوطاننا الداخلي ويضعف قدرة شعوبنا على المقاومة ويدفع الأجنبي للتدخل في شؤون أمتنا".

وتشهد سوريا منذ مارس/آذار الماضي، موجة احتجاجات تطالب بإصلاحات سياسية واجتماعية، قالت منظمات حقوقية سورية إنه سقط خلالها 500 قتيل إضافة إلى عشرات القتلى في صفوف القوى الأمنية والجيش السوري اتهمت السلطات السورية عصابات مسلحة بالمسؤولية عنها.

===================

إيران وتركيا: الثورات العربية كاشفة حيناً... وعبء حيناً آخر!

الأحد, 01 مايو 2011

خالد الدخيل *

الحياة

كيف تبدو الثورات العربية في نظر الدول المجاورة للعالم العربي؟ هنا يبرز موقف كل من إيران وتركيا، باعتبارهما أكبر دول الجوار العربي وأهمها، وقبل ذلك وبعده الأكثر التصاقاً جغرافياً وتاريخياً بالعرب. من الطبيعي أن تهتم هاتان الدولتان كثيراً بموجة الثورات الشعبية التي تعصف بعدد من الدول العربية لأكثر من أربعة أشهر الآن. لكن اهتمام هاتين الدولتين بما يحدث ليس متماثلاً، ولا حتى متشابهاً، في وجهته أو أهدافه. وهذا ناتج عن أن إيران تختلف عن تركيا في أمور كثيرة، من أبرزها طبيعة الدولة في كل منهما، وطبيعة الدور الإقليمي الذي ينبع من هذه الطبيعة قبل أي شيء آخر. يمكن القول إن موقف أنقرة وطهران من الثورات العربية شابه شيء من الارتباك، لأسباب ودوافع مختلفة. لكن ما يبدو على السطح تشابهاً في موقف الدولتين، هو في الواقع أكثر اختلافاً في العمق.

الموقف الإيراني أكثر بساطة ومباشرة من الموقف التركي، وفي الوقت نفسه أكثر ارتباكاً، وإرباكاً لحلفاء طهران في المنطقة. تقول إيران إنها مع الثورات في كل الدول العربية، إلا سورية. تعي القيادة في طهران هذا التناقض، وتدافع عنه بأعذار أوهى من الموقف ذاته، مثل أن سورية تدعم المقاومة، والمعني أنها تدعم «حزب الله»، حليف طهران في لبنان. من الطبيعي والمتوقع ألا يأخذ اهتمام طهران بالثورات العربية سوية واحدة. تعطي إيران كل المؤشرات على أن اهتمامها وتأييدها للثورات العربية يتركز في شكل أساسي على البحرين. والسبب في ذلك واضح، وهو أن الاحتجاجات التي عصفت بهذه الدولة الخليجية الصغيرة في الأسابيع الأخيرة تمت للأسف في إطار طائفي شمل كل الأطراف. ولذلك جاءت الاحتجاجات في جلّها على يد جماعات وتنظيمات شيعية. اهتمام إيران الكبير والحصري بما يحدث في البحرين يتَّسق تماماً مع سياساتها الإقليمية التي تستند إلى سياستها الراسخة في بناء تحالفاتها في المنطقة على أساس طائفي. بعبارة أخرى، كانت إيران تأمل في أن تنجح الاحتجاجات في البحرين في تحوّل القوى الشيعية هناك إلى قوى سياسية ذات تأثير كبير داخل البحرين. وبما أن بعض هذه القوى مرتبط بإيران، أو ينظر إليها على أنها مصدر دعم وإسناد له، فإن ذلك سيعطي طهران نافذة عربية أخرى للتمدد والتأثير، وتحديداً لاختراق منظومة دول مجلس التعاون. وستبقى إيران تأمل ذلك، وتعمل على تحويل أملها إلى واقع، لأن دول الخليج العربي أولاً دول مجاورة لإيران، وثانياً تختزن أكبر احتياطي نفطي في العالم، وثالثاً أن السعودية، أكبر دول المجلس، هي المنافس الحقيقي لإيران على منطقة الخليج العربي الآن بعد سقوط النظام العراقي السابق، واستيلاء حلفاء طهران على الحكم هناك. لم يتحقق لإيران حتى الآن الاختراق الذي كانت تأمله في البحرين. من هنا تركزت هجمتها الديبلوماسية والإعلامية على ما تسميه «الاحتلال السعودي» للبحرين، في إشارة إلى دخول قوات «درع الجزيرة» إلى هناك. ومما زاد في خيبة أمل طهران أن خسارتها في البحرين جاءت متزامنة مع وصول موجة الثورات العربية إلى سورية، الحليف العربي الوحيد لطهران. هنا ارتبك الموقف الإيراني. احتفلت طهران بالثورتين التونسية والمصرية بعين إيجابية. عندما بدأت الانتفاضة في سورية، انقلب الموقف الإيراني على نفسه. فهذه الانتفاضة، كما يقول الرئيس أحمدي نجاد، «تحقق هدف أميركا وحلفائها، والنظام الصهيوني الرامي إلى كسر جبهة المقاومة». بعبارة أخرى، تقف إيران مع «الشعب في البحرين»، وتدمغ الموقف الشعبي السوري بأنه يحقق أهداف أميركا والنظام الصهيوني.

ليس في الرؤية الإيرانية للمنطقة ولما يجري فيها من أحداث وتطوّرات ما هو جديد أو مفاجئ. هي رؤية يختلط فيها الديني مع السياسي، وتتفق تماماً مع توجهات وأهداف الدولة الدينية للجمهورية الإسلامية. وبما أنها دينية، فهي بطبيعتها دولة طائفية، تفرز سياسات في الداخل والخارج تعكس الطبيعة ذاتها، وتتفق مع المصالح السياسية للقوى والمؤسسات التي تعتاش منها، وترعى بقاء هذه الطبيعة الدينية في ظاهرها، والطائفية في عمقها، وفي أهدافها. هذا في ما يتعلق بإيران. أما الجانب الآخر لهذه القضية، وهو دول مجلس التعاون، فهي محقة ومنسجمة مع نفسها في مواجهة اللعبة الإيرانية المكشوفة. لكنها من ناحية أخرى، مطالبة بمعالجة الملف الطائفي في المنطقة بما يرسّخ مفهوم الدولة والمواطنة للجميع، ويسحب هذه الورقة من يد السياسة التي تنتهجها طهران بكل جرأة وصفاقة. وهذه على أية حال قضية تستحق معالجة منفصلة. في السياق نفسه لا بد من التمييز الواضح والحاسم بين إيران وسياساتها، وبين حقوق المواطنين الشيعة ومطالبهم في البحرين، وفي غيرها من دول المنطقة. فهذه حقوق ومطالب لا يمكن، ولا يجوز التقليل من مشروعيتها. وذلك تمشياً مرة أخرى مع مفهوم المواطنة بكل حقوقها وواجباتها، وتهميش مسألة الانتماء الطائفي للمواطن. وهذه مسألة أخرى تستحق معالجة منفصلة أيضاً. في كل الأحوال، كشفت الثورات العربية حقيقة السياسة الإيرانية، وأن مشكلة المنطقة الرئيسة مع إيران تكمن في سياساتها الطائفية التي تغذي الانقسامات المذهبية، المتجذّرة من أصلها في ثقافة أهل المنطقة، بما فيها الثقافة الإيرانية.

عندما نأتي إلى تركيا نجد أنها في خضم الثورات العربية تخرج من مأزق لتدخل في آخر. كان مأزقها الأول مع ليبيا. سياسياً كان المنتظر من أنقرة أن تقف مع الشعب في ثورته على واحد من أسوأ الأنظمة السياسية في التاريخ العربي الحديث. لكن يبدو أن المصالح الاقتصادية لم تسمح بمثل هذا الموقف. وفق صحيفة «حريت» يبلغ حجم التجارة مع ليبيا أكثر من بليون و500 مليون دولار. وعدد الشركات التركية التي تعمل في ليبيا 220 شركة. لم يكن من السهل على حكومة أردوغان التضحية بمصالح هذه الشركات، بخاصة في بداية الثورة الليبية، وعدم وضوح مآلاتها. حاولت تركيا أن تقف في الوسط: تؤيد من ناحية مطالب الثوار بالديموقراطية، وترفض من ناحية أخرى فكرة الحظر الجوي. بقي موقفها من إسقاط النظام الليبي مبهماً حتى الآن. إلا أنها اضطرت في الأخير إلى مجاراة حلفائها في «الناتو»، مع بقاء موقفها السياسي في منزلة بين المنزلتين. وقد صوّر المأزق التركي مع الثورات العربية الكاتب التركي سميح إديز. حيث يقول في صحيفة «حريت»: «الناس في المدن المحاصرة في ليبيا وسورية هم في الأخير عزّل ولا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم. مثلهم في ذلك مثل شعب غزة، عندما كان في مواجهة القوة العسكرية المبالغ فيها للجيش الإسرائيلي... لكن لسبب أو لآخر لم تجد حكومة حزب العدالة والتنمية ما تقوله عن هذا الوضع، على رغم أنها لا تفوّت فرصة تشجب فيها إسرائيل حول الأوضاع في غزة...». في هذا اتهام لأردوغان بالنفاق.

تحقق المأزق الأكبر لتركيا عندما وصلت موجة الثورات العربية إلى سورية. هذه دولة تشترك مع تركيا بحدود تمتد ل800 كيلومتر، وترتبط معها باتفاقيات سياسية واقتصادية وثقافية كبيرة، وتمثّل لها، في ظل عدم استقرار العراق، البوابة الأهم إلى الأسواق العربية. مسار الانتفاضة في سورية يوحي بأنه سيأخذ وقتاً طويلاً، وربما مؤلماً. الأسوأ، وهنا يأتي المأزق التركي وقبله المأزق العربي، أن الإصلاح الحقيقي والجاد في سورية يكاد يكون غير ممكن، لأنه ضد طبيعة ومصلحة النظام السياسي مباشرة. فالحكم في هذا النظام محصور عملياً وليس قانونياً، بعصبية عائلية واحدة، تستخدم اسم الحزب لتغطية هذه العصبية. وقد وفرت المادة الثامنة من الدستور هذا الغطاء لأنها تنص على أن حزب البعث هو الحزب القائد في المجتمع والدولة معاً. وهو نص غير قانوني وفضفاض، عدا عن أنه يتناقض مع الفقرة الأولى من المادة الأولى للدستور، والتي تنص على أن سورية دولة ديموقراطية، ومع الفقرة الأولى للمادة الثانية التي تنص على أن نظام الحكم في سورية نظام جمهوري. طبيعة النظام السياسي التي تضرب مواد الدستور ببعضها، تجعل من هذا الدستور ورقة لا قيمة لها. وهذا تحديداً ما يجب أن يتغيّر. لكن هنا يتبدى المأزق التركي، وهو امتداد لمأزق النظام السوري نفسه في مواجهة الانتفاضة. والمخرج لا يعدو واحداً من خيارين: إما توقف الانتفاضة عن النمو والتوسّع إلى ثورة تشمل المدن إلى جانب الأرياف، أو قبول النظام بتغيير طبيعته العصبية، والتخلي عن بنيته الأمنية، وبالتالي الأخذ بإصلاح حقيقي يبدأ بإعادة صوغ الدستور بما يحقق ويحمي خضوع الجميع لحكم القانون والمساءلة، وصيانة حرية الرأي والتعبير، وأن تكون هناك تعددية حزبية، وتداول سلمي للسلطة، وأن يختار الشعب ممثليه بحرية كاملة من دون رقابة أو تهديد من أحد. تبدو سورية، ومعها تركيا والمنطقة، في سباق بين هذين الخيارين.

وفق الصحف التركية بدأت أنقرة تقديم استشاراتها لدمشق حول كيفية السير في طريق الإصلاح للخروج من المأزق. وقد أشارت صحيفة «حريت» الجمعة الماضية إلى أن تركيا بدأت تأخذ في اعتبارها إمكانية سقوط النظام في دمشق. وهذا يوحي بأنه إذا كانت الثورات العربية كشفت ما هو معروف عن الدور الإيراني، فإنها بالنسبة إلى تركيا، مثلت من ناحية مصدر إرباك في الحالة الليبية، وخلقت من ناحية ثانية عبئاً سياسياً وأخلاقياً في الحالة السورية. وكلاهما لم تتحسب له أنقرة من قبل.

* كاتب وأكاديمي سعودي

===================

العودة إلى وراء ممتنعة ... التقدم إلى أمام صعب و لكن لا بد منه

الأحد, 01 مايو 2011

ياسين الحاج صالح

الحياة

لا يبدو مرجحاً أن يتمكن النظام من تحطيم حركة الاحتجاج الشعبي التي تواجهه منذ ستة أسابيع. لهذا التقدير مسوغات. أولها أن النظام لا يملك قضية إيجابية يقترحها على قطاعات متوسعة من السوريين. «الإصلاحات» ليست شيئاً تجاوزه الوقت والتضحيات فقط، بل هي إجراءات شكلية تقف دون الاعتراف بالسوريين كشعب ومواطنين. معلوم أن أياً من تلك الإصلاحات المزعومة لا يمس بنية ونمط ممارسة السلطة، وبخاصة سلطان الأجهزة الأمنية وحزبية الدولة والحكم الأبدي واحتكار الإعلام والاتصال. إلغاء حالة الطوارئ لا محصلة له إن لم يطل هذه الهياكل. معلوم أيضاً أن عدد من قتلوا من السوريين بعد إقرارها أكبر ممن قتلوا قبل ذلك.

وفي المقام الثاني اعتبار يتعلق بالكلفة. لا يحتاج السوريون إلى من يقول لهم إن من شأن كلفة احتجاجاتهم أن تكون عالية، لكنهم يدركون أكثر أن من شأن توقفها الآن أن يكون أعلى كلفة بكثير. وليس هناك ما يدعوهم للثقة بأنه لن يجرى سحق من تجاسروا على الاحتجاج، ولن يكون ثمة انتقام رهيب، فردي وجماعي، ممن «كفروا» بهذا «المقدس السياسي» المفروض منذ عقود.

لكن التحليل «العقلاني» الذي يتوقف هنا يغفل الشيء الأساسي في الانتفاضة: الروح الجديدة، الفتية، الإيجابية التي تحرك المشاركين فيها. فعبر الانخراط في نشاطاتها، من الخروج الجماعي إلى الشوارع في مواجهة الخوف، والموت ذاته، إلى أشكال متنوعة من التضامن الحي بين جمهور المحتجين، إلى إبداعات فنية وإعلامية على هامش الانتفاضة، تبدو الانتفاضة فاعلية محررة، يبني كثير من الشابات والشبان عبرها هوية جديدة مفتوحة وذاتية جديدة حرة. وتتاح لهم فيها خبرات إنسانية رفيعة، ما كانت لتتاح لولا هذه التجربة التي تمتزج فيها الشجاعة بالغيرية بالخطر. ليست الحرية هدفاً خارجياً للانتفاضة بمقدار ما هي روحها المحركة. فمن خلال الانفلات من الإيقاع الرتيب للحياة اليومية، والخروج من أسر العادة، وتحدي الخوف، يمارس كثير من الشباب السوري الحرية كفعل حي لا كعنوان لوضع مرغوب فقط. وعبر الذهاب إلى مناطق جديدة في البلد تشهد احتجاجات نشطة، وعبر التعرف إلى أناس آخرين ومشاركتهم، يكتشف سوريون متزايدون أنفسهم وغيرهم وبلدهم. هذه تجارب مُكوِّنة ثمينة، لم يتح ما يدانيها على هذا النطاق الوطني العام منذ زمن الاستقلال.

في المقابل، ما يجعل النظام السوري واحداً من أكثر النظم استبداداً في العالم ليس انفراده المطلق بالسلطة والإعلام، ولا قسوته النادرة في معاملة محكوميه، بل ما يتضمنه ذلك من التضييق على أية تجارب جديدة، ومن تقييد الانتظامات المستقلة للسوريين وتفاعلاتهم الحرة، ومن تطلع إلى الرقابة المطلقة بحيث يكون النظام مطلعاً على أفئدة السكان، ومرجعية حصرية لكل تواصل في ما بينهم. ليس الاستبداد في سورية مجرد نظام سياسي ثقيل الوطأة، وإنما هو كذلك حياة يومية خالية من الشجاعة والخيال والكرم، ومن العفوية والمبادرة.

وضد وجهيه معاً تثور أعداد متزايدة من السوريين. وربما يغلب الوجه الثاني، المتصل بحياة أكثر غنى وحرية، عند المحتجين الشباب مما عند الكهول والمعارضين التقليديين. وهذا بالذات ما يجعل الانتفاضة في سورية شريكة لثورتي مصر وتونس في حساسية أكثر تحرراً وتفتحاً على الحياة مما يُفترض أنه يميز المزاج الإسلامي العام، ومن باب أولى التكوين المعتاد للإسلاميين. هناك الكثير مما تتعين مراجعته وإعادة النظر فيه في هذا الشأن، لكن لا يبدو لنا تناقضاً عميقاً وصف الانتفاضات والثورات الجارية بأنها تحيل إلى ضرب من دنيوية إسلامية ومن فردانية إسلامية (لا تقتصر عليها بحال) تجمع بين الليبرالية السياسية والمحافظة الاجتماعية. ولا يتمايز هذا التكوين عن دنيوية استبدادية جمعت بين التسلطية السياسية وبين حداثية شكلية وجمعوية شبه فاشية، وإنما يتمايز كذلك عن الإسلامية السياسية كما عرفناها خلال العقود الثلاثة الأخيرة. في تكوينها العام لا تزال هذه أقرب إلى الأنظمة التي تخاصمها سياسياً مما هي إلى الحساسية الجديدة للثورات العربية. وهذه حساسية مدنية ووطنية وليبرالية، منفتحة على المطالب الاجتماعية والسياسية لجمهور متنوع من الطبقة الوسطى وشرائحها الفقيرة.

ولا يبعد أن تكون التناقضات المتصلة بظهور وتطور هذه الحساسية وقاعدتها الاجتماعية أحد محركات الحياة الاجتماعية والثقافية، والسياسية، في سورية ما بعد البعثية، على نحو ما يبدو أنه الحال اليوم في مصر. هذا أفق يتعذر استكشافه اليوم، لكن الأكيد أن هياكل السلطة الراهنة، المغلقة سياسياً والعقيمة ثقافياً وأخلاقياً، تحول دون تحرر هذه التناقضات. تُحوِّلها، في المقابل، إلى تناقض آخر بين «أمتين»، «أمة الحداثة» التي تجد سندها في «النظام»، وأمة اجتماعية مبعثرة لا سند لها، يرتكز بعض طيفها إلى مفاهيم الإسلام. لا مجال للتوسع هنا في هذه القضية، لكن تغذية هذا التناقض كانت مصدراً لتثبيت البنى الاستبدادية وإعادة إنتاج مستمرة للتفكك الوطني.

وما يظهر اليوم بجلاء هو أنه تتعذر نسبة أي معنى تقدمي الى هذا التناقض «الثقافي» الذي له نظائر في أكثر الدول العربية. ليس الأمر أنه لا ينفتح على اندماج أوسع، ولا على درجة أكبر من المساواة والحرية للسكان، بل يبدو بمثابة نفق كلما طالت الإقامة فيه ازداد الخروج منه تعذراً. قد يمكن وصفه بالتناقض الجامد أو التجميدي، وربطه ب «ثقفنة» الصراعات الاجتماعية والسياسية وتطييفها. وهذا مقابل تناقضات متحركة، أوثق ارتباطاً بالقضايا الاجتماعية والسياسية العامة، هي التي تحرك الانتفاضة السورية اليوم، وهي التي يعول عليها من أجل وطنية سورية جديدة.

والحال أن المعنى الذي تمكن نسبته إلى التغيير السياسي المنشود في سورية ليس الحيلولة دون ظهور التناقضات المتصلة بتكوين البلاد الاجتماعي والثقافي والجغرافي السياسي، بل بالعكس، تحريرها والخروج من منطق «الأمتين» العقيم والموافق لديمومة الاستبداد. المسألة ليست أن يتغير هذا النظام، بل أن تطور البلاد نظاماً للتغيير، يُمكِّنُها من السيطرة على تناقضات وفيرة متصلة بتكوينها التاريخي وبنيتها الاجتماعية ووضعها الجيوسياسي. تغيير النظام مدخل إلى تطوير آليات ومؤسسات تتيح مواجهة مشكلات طال أوان تجميدها، ومن غير المحتمل أن تجرى مواجهتها من دون مصاعب كبيرة. أمام البلاد أوقات شاقة في كل حال. لكنها ستكون أشد مشقة كلما طال الأمد بالأوضاع الراهنة.

===================

كيف تصبح الديمقراطية مصدراً للاضطراب؟

تاريخ النشر: الجمعة 29 أبريل 2011

الاتحاد

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط المعسكر الشيوعي تعالت بعض الأصوات في الغرب مبشرة بنهاية التاريخ وانتصار الليبرالية الديمقراطية كنموذج عالمي مهيأ لاكتساح العالم وتحقيق النمو والرخاء للدول. لكن بعد مرور كل هذه السنوات على إطلاق الوعود الديمقراطية ومحاولات المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الترويج لها ونشرها حول العالم، يأتي الكتاب الذي نعرضه هنا لبول كوليي، "الحروب والسلاح والانتخابات"، ليفند ادعاء مروجي الديمقراطية وليشرح كيف يمكن لهذا النظام الذي بات رديفاً للانتخابات لدى المسؤولين في الغرب، أن يتحول إلى أحد عوامل زعزعة الاستقرار في الدول الهشة التي لم تطور بعد مؤسسات مجتمعية قوية قادرة على احتضان الفكر الديمقراطي وترجمته عملياً إلى ازدهار اقتصادي واستقرار سياسي.

وينطلق الكاتب لتوضيح رؤيته من عدة نماذج منتشرة حول العالم، مثل روسيا التي تبنت في عهد بوتين ديمقراطية الواجهة الحريصة على تنظيم انتخابات دورية، لكنها في الوقت نفسه تضيق الخناق على حرية الصحافة وتلاحق المعارضة، كما تركز السلطات في يد الكرملين على حساب المحافظات التي بات المسؤولون عنها يُعينون مباشرة من قبل بوتين نفسه بدل انتخابهم من قبل الشعب في انتكاسة واضحة للديمقراطية.

والأمر لا يقتصر على روسيا، بل يمتد إلى الدول الفقيرة التي تعاني من فشلها في خلق بيئة ملائمة لانتعاش الديمقراطية واستتباب الأمن والاستقرار، رغم مظاهر ديمقراطية سطحية لا تنفذ إلى عمق المجتمع ولا تؤثر فيه.

ويرجع الكاتب هذه المسرحية التي تنخرط فيها العديد من الدول، لاسيما في أفريقيا، إلى الغرب نفسه الذي تعامل مع الديمقراطية بانتهازية ففقد مصداقيته في الدفاع عنها، بل أسسها على مصالح اقتصادية واستراتيجية غالباً ما تقود إلى التغاضي عن الاستبداد في البلدان المعنية حفاظاً على مصالح غربية ضيقة. وبدلاً من التركيز على عناصر الديمقراطية الحقيقية؛ كحرية الصحافة، وتعزيز المجتمع المدني، وتكريس حكم القانون، وتثبيت آلية واضحة لفرز الأصوات وضمان الشفافية... يحصر الغرب اهتمامه في تنظيم انتخابات يسهل تزويرها، مختزلين الديمقراطية في ممارسات وطقوس لا تتجاوز الواجهة الأمامية. وفي الأخير تؤدي هذه الديمقراطية المصطنعة إلى تأجيج الصراعات وتغذية عدم الاستقرار.

وحسب المؤلف، تقود الديمقراطية المنشغلة بالمظاهر على حساب الجوهر والمهتمة بعملية انتخابية ناقصة ومزورة في أغلب الأحيان إلى "زيادة العنف السياسي بدل تقليصه والحد منه". فبدون قواعد واضحة، وتقاليد ديمقراطية راسخة، وفي ظل غياب تام لنظام المراقبة وتوازن السلطات لحماية الأقليات، وتوزيع عادل للموارد، وإخضاع المسؤولين لحكم القانون، والمساءلة القضائية... تعجز الحكومات التي تسم نفسها بالديمقراطية عن منع الانتفاضات الشعبية، بسبب افتقادها المصداقية والشرعية، وهو ما نراه حالياً في بعض البلدان العربية، لاسيما بعد أن تحولت مسألة تداول السلطة إلى مجرد صراع سياسي وانتخابي يسعى المنتصر من خلاله إلى إدامة سلطته وإطالتها بدل خدمة الصالح العام، فيما يتم إقصاء المعارضة، والتنكيل بها أحياناً. ومع أن الأطراف المتصارعة في بلد ما قد تلجأ إلى تدبير اختلافها سياسياً عبر القنوات الانتخابية، فإن الصراع يعاود الظهور مجدداً ما أن تنتهي الانتخابات ليرفض المنهزم النتائج، فيما يلجأ الطرف المنتصر الذي استخدم الرشاوى والابتزاز إلى تكريس حكامة سيئة لأن ما يهم في النهاية هو الاستفادة من السلطة.

ومن العوامل الأخرى التي يوردها الكاتب كعقبات أمام إرساء الديمقراطية الحقيقية في البلدان النامية، الانحياز إلى الهويات الإثنية المختلفة في الدول المتعددة عرقياً، وهو ما يعفي القادة من المساءلة والكفاءة، لأن ما يهم الناخب في مثل هذه الحالات هو الانتماء العرقي وليس كفاءة المسؤولين.

ويلفت الكاتب النظر إلى أنه في الحالات التي تغلب فيها السياسات المستندة إلى الهوية على السياسات الموحدة لأبناء الوطن، لا يجدي النظر إلى المشاركة الكثيفة للناخبين، والتعامل معها على أنها إنجاز؛ لأنها في المحصلة النهائية ليست أكثر من تعبير عن حرية مكبوتة لا تعني بالضرورة إفراز حكومة جيدة، أو ظهور كفاءات وطنية قادرة على إدارة الشأن العام. لذا يرى المؤلف أنه لكي تنتعش الديمقراطية في البلدان النامية يتعين عليها أولاً "أن تقوض تدريجياً الهويات الإثنية وتستبدلها بهوية وطنية".

ومع أن الموارد الاقتصادية تساعد أحياناً في دعم الديمقراطية، فإنه في الدول التي تمزقها الاختلافات العرقية تصبح تلك الموارد عاملاً مؤججاً للصراع وعنصراً مشجعاً على الاستئثار بالسلطة.

زهير الكساب

الكتاب: الحروب والسلاح والانتخابات

المؤلف: بول كوليي

الناشر: هاربر كولينز

تاريخ النشر: 2011

===================

الشرق الأوسط والبحث عن سياق معاصر

تاريخ النشر: الجمعة 29 أبريل 2011

الاتحاد

في كتابها "السياسات المعاصرة في الشرق الأوسط"، تقدم بيرلي ملتون إدواردز، أستاذة العلوم السياسية بجامعة كوينز -بلفاست، عرضاً شاملاً للسياسات المعاصرة في هذه المنطقة من العالم، وذلك بتوظيف بنية موضوعية، وتضمين سلسلة متكاملة من دراسات الجدوى، والرسومات البيانية، كما تحلل الموضوعات والقضايا الكبرى في المنطقة.

وهي تبدأ الكتاب بشرح المفاهيم الرئيسية، وقواعد البيانات، ثم تبين تأثير الاستعمار والإرث الذي تركه. بعد ذلك تتناول القضايا السياسية التي تؤثر على المنطقة، مثل السياسة الخارجية للولايات المتحدة، والحروب والصراعات، والتحرير الاقتصادي، والتحول الديمقراطي.

وفيما يتعلق بتأثير الاستعمار على المنطقة، تبدأ المؤلفة سردها من تاريخ سقوط الإمبراطورية العثمانية التي حكمت المنطقة لما يزيد عن أربعة قرون، وتركت العديد من الشروخ والتمزقات التي جعلت المنطقة تتأخر عن ركب العالم المتقدم. وتدعي المؤلفة أن الاستعمارين البريطاني والفرنسي أحدثا تغييرات مهمة في المنطقة، وساهما في تقدم مجتمعاتها. ورغم أن المؤلفة تدعي كراهيتها للاحتلال، فإن هذه الكراهية اقتصرت على الاحتلال التركي العثماني ولم تشمل الاحتلال البريطاني والفرنسي اللذين تحاول أن تجد لهما بعض المبررات، ومنها أن المنطقة العربية كانت بحاجة ماسة إليهما عقب الحرب العالمية الأولى التي سقطت في أعقابها الإمبراطورية العثمانية وتوزعت تركتها على الدول الأوروبية. ويبدو في هذا الجزء من الكتاب مدى نفور المؤلفة من نظرية نقد الاستشراق لإدوارد سعيد والتي فضحت الخلل في دراسات المستشرقين الذين يعبرون عن نظرة مشابهة، ومؤداها أن أي تقدم أو حضارة لابد أن تكون قادمة من الغرب بالضرورة!

وفي محاولتها تفنيد طرح "سعيد"، لم تتورع المؤلفة، وهي الأستاذة الجامعية المرموقة، عن اقتباس مقتطفات كاملة من الدراسة التي أجراها أستاذ جامعة برينستون "إدوارد لويس" في الرد على نظرية "سعيد".

وتتناول المؤلفة -بأسلوب غير نقدي- "النظرية التصحيحية" للمؤرخ الإسرائيلي "بيني موريس"، والتي تقوم على مراجعة التاريخ الإسرائيلي، والكتابة بصراحة عن التجاوزات التي ارتكبها اليهود في صراعهم مع العرب، ثم العودة بعد ذلك لالتماس الأعذار لليهود بالقول إنه لم يكن أمامهم سوى أن يفعلوا ما فعلوه، والأمر يتعلق بالعقلية العربية "المتخلفة" وليس بالأفعال الصهيونية، وهي النظرية التي تجد رواجاً لها في الوقت الراهن لدى تلك الطائفة من المؤرخين الإسرائيليين الجدد الذين يهتمون بالجوانب السياسية في التاريخ، وخصوصاً تلك التي تخدم الفكر الصهيوني أكثر من الحقائق التاريخية ذاتها.

الفصول التالية في الكتاب تتناول شؤون السياسة، والاقتصاد، والحرب وهذا الجزء أيضاً حافل بالتحيزات فهو يركز على فشل عملية التحرير الاقتصادي في البلاد العربية، لكنه لا يعالج دور الفساد في ذلك، ولا تقاعس المنظمات الدولية عن تقديم النصح والمعونة الصائبة، كما يتجنب انتقاد السياسة الخارجية الأميركية، وتحالفها مع الأنظمة.

وتذهب المؤلفة إلى أنه من الأسباب التي أفشلت عمليات التحرير الاقتصادي، والتحول الديمقراطي، أن الصراع العربي الإسرائيلي قد شغل مكانة مركزية في اهتمامات العرب، بل إن ديناميات هذا الصراع هي التي سادت الحقل السياسي العربي لعقود عديدة، ما أدى إلى تعطيل جهود العرب لبناء الدولة ودعم الاقتصاد وإصلاح التعليم. وتقول الكاتبة إن الهزائم التي تعرض لها العرب في ذلك الصراع، قد أثرت على روحهم المعنوية، وكانت سبباً في ضياع الكثير من مواردهم. كما كان الصراع العربي الإسرائيلي سبباً للعديد من الخلافات في العالم العربي الذي انقسم إلى أنظمة تقدمية وأنظمة محافظة. ثم ساهمت الانتكاسات التي تعرضت لها القضية الفلسطينية خلال العقود المتتالية، في تغذية السخط لدى الشعوب العربية وكانت سبباً لموجة الانتفاضات التي تجتاح العالم العربي حالياً.

سعيد كامل

الكتاب: السياسات المعاصرة في الشرق الأوسط.

المؤلفة: بيفرلي ملتون إدواردز

الناشر: بوليتي

تاريخ النشر: 2011

===================

فلنقف إجلالاً أمام أحرار سوريا

علي حماده

النهار

1-5-2011

كل رصاصة يطلقها أمن النظام في سوريا على الثائرين العُزّل يقصّر من عمر النظام نفسه. وكلما اطلقت النيران على المدنيين في مدنهم وقراهم اتجه النظام إلى منزلق خطير. وفي النهاية لن يبقى النظام بعد كل القتلى الذين يسقطون كل يوم في كل مكان من سوريا. فلقد بدأت الأزمة بحد أدنى من المطالب السياسية المحقة التي طال انتظارها، ولذلك قرنت المطالب بالحرية و الكرامة اللتين يفتقر اليهما السوريون في وطنهم. ومع انتهاج النظام القوة سبيلا للتهرب من الاستحقاق وسقوط القتلى بالعشرات بداية، ثم بالمئات، تحولت الأزمة والمطالب المحدودة ثورة حقيقية. فلنتصور ان السوريين قادرون اليوم على النزول الى الشارع بحرية من دون أن يطلق عليهم الرصاص الحي، او من دون ان يعتقلوا، فلربما كانت البلاد شهدت نزول الملايين. وكم صَدَق من قال إن كل الرجال والنساء الذين يخرجون للتظاهر هم مشاريع شهداء لانهم يعرفون تمام المعرفة انهم ربما لن يعودوا الى منازلهم. وكم صدق من وصف هؤلاء بابطال الحرية الذين نتعلم منهم منذ الخامس عشر من آذار الماضي، و مع كل إشراقة شمس كيف يكون النضال في سبيل الحرية والكرامة. هؤلاء نتعلم منهم كيف يواجه الرصاص الحي ونيران الدبابات بالصدور العارية، وببيارق الوطن، واللافتات المكتوبة بحبر الشجاعة والإيمان بالحق فترفع شعارات تدعو الى الحرية ووحدة الشعب. ولعل أكثر ما يستوقفنا هو هذا الشعار القوي الذي تتردد اصداؤه في ارجاء بلاد الشام: الموت ولا المذلة. انه درس تاريخي آخر لكل عربي من المحيط الى الخليج يأتينا من بلاد سلطان باشا الاطرش، وابرهيم هنانو والشيخ صالح العلي... وخلاصته ان الشعوب لا تموت... تغرق في سبات عميق وطويل، ولكنها لا تموت ابدا...

ونحن في لبنان، شأن العرب كلهم، نقف وقلوبنا تدمى لكل مواطن سوري، لكل ثائر او ثائرة تسقط في ساحة الحرية والكرامة من درعا الى دمشق وحمص، ومن ريف دمشق الى مدن الساحل اللاذقية، بانياس، طرطوس، ومن دير الزور الى القاملشي فحلب. وبقدر ما تدمى قلوبنا لشهداء الحرية والكرامة، نشهد لهؤلاء الذين يزرعون في ارض عربية الامل في غد افضل، حيث لا يعود ثمة من يقتل الانسان في الانسان على النحو الذي شهدته سوريا مدى اربعة عقود.

ان النظام في سوريا قرر اسالة دماء الاحرار لخنق... ولذلك لا شك في ان الحرية التي يدفع ثمنها الشعب اليوم بالدم والدموع سيفوز بها في نهاية المطاف، وإن طال الزمن، وكبرت المعاناة.

كلامنا هذا ليس "رهانا مجنونا" كما يحلو لبعض الهلعين في لبنان ان يصفوه، انه الانحياز الى الحق والعدالة، مع الحرية والكرامة... فما نفع الحياة بحدودها "البيولوجية" في ذلك "السجن العربي الكبير"؟

هذا بالضبط ما يثور ضده احرار سوريا اليوم... فلنقف لهم اجلالا.

===================

حيث يرقد الكواكبي بسلام

الدستور

1-5-2011

هل كان «عبدالرحمن الكواكبي» يرى بعين بصيرته ما سيحل بأحفاده السوريين الأحرار من حيف و ظلم؟ و هل كان يدرك بثاقب نظره أنهم سينتفضون على الظلم و الظلام و انهم سيكونون بأمس الحاجة إلى دليل نظري يقود خطاهم على طريق الحرية و التحرر؟ ولد في حلب العام 1848م و تعلم فيها فلما شب أنشأ جريدة (الشهباء) التي لم يطل بها الوقت فأقفلت، ثم أنشأ جريدة (الاعتدال) فلم يطل بها الوقت أيضاً فأقفلت. و على كثرة المناصب التي اسندت إليه إلا أنه لم يغفل عن هدفه الأسمى: الإصلاح.. ثم الإصلاح.. ثم الإصلاح، و هو ما دفع بأعداء الإصلاح إلى محاصرته و سجنه و تجريده من كل ما يملك، فاضطر إلى أن يضرب في أرض العروبة و بلاد الهند حتى استقربه المقام في القاهرة، فراقه ما كانت ترفل به من حرية فكرية عز نظيرها آنذاك و بادر إلى نشر عدد من المقالات عن (الاستبداد) في جريدة (المؤيّد) تناول فيها: ماهية الاستبداد و تأثيره على الدين وعلى العلم و على التربية و على الاخلاق و على الاقتصاد، و قد أحدثت هذه المقالات دويّاً هائلاً في أوساط الشباب المصري فطالبوه بالتوسع وأجابهم لما طلبوه و زاد على ذلك مقالة في كيفية التخلص من الاستبداد، ثم جمع هذه المقالات في كتاب بديع أسماه (طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد) و أهداه للناشئة العربية المباركة الأبية المعقودة آمال الأمة بيمن نواصيها.. و لا غرو فلا شباب إلا بالشباب! بعد أن افتتحه بعبارة استشرافية مؤثرة تصف ما أودعه في كتابه من تشخيص نادر (كلمات حق و صيحة في واد، إن ذهبت اليوم مع الريح، فقد تذهب غداً بالأوتاد)!! في مقالته التي أفردها للإجابة عن سؤال: ما هو الاستبداد؟ يؤكد الكواكبي حقيقة أن الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان، فعلاً أو حكماً، التي تتصرف بشؤون الرعية كما تشاء بلا خشية من حساب و لا عقاب محققين، أو على أمثلة تقليدية، أو على إرادة الأمة – و هذه حالة الحكومات المطلقة- و إما هي مقيدة بنوع من ذلك لكنها تملك بنفوذها إبطال قوة القيد بما تهوى، و هذه حالة أكثر الحكومات التي تسمي نفسها بالمقيدة! و في مقالته الختامية التي أفردها للإجابة عن سؤال: كيف نتخلص من الاستبداد؟ يعود الكواكبي لتأكيد حقيقة أن الاستبداد هو الحكومة التي لا توجد بينها و بين الأمة رابطة معينة معلومة مصونة بقانون نافذ الحكم، لذلك فإنه يسترعي نظر القارئ إلى ضرورة عدم الوثوق بوعد من قفز إلى كرسي السلطة، و لا بعهده و يمينه على مراعاة الدين و التقوى و الحق و الشرف و العدالة و مقتضيات المصلحة العامة، و أمثال ذلك من القضايا الكلية المبهمة التي تدور على لسان كل (بر و فاجر) و ما هي في الحقيقة إلا كلام مبهم فارغ، لأن (المجرم) لا يعدم تأويلا و لأن من طبيعة القوة الاعتساف ولأن (القوة لا تقابل إلا بالقوة)! و في ثنايا كتابه الفذ لا يمل الكواكبي الذي التحق بالرفيق الأعلى العام 1902م من تأكيد حقيقة أن أصل الثراء هو الاستبداد السياسي و أن دواءه هو الشورى الدستورية، وان المستبد فرد عاجز لا حول له و لا قوة إلا بأعوانه من أعداء العدل وانصار الجور، و أن الإقراط في مراكمة الثروات مولّد للاستبداد ومضر بأخلاق الأفراد. لا يمل من تأكيد ذلك كله و كأنه يقرأ خريطة الشقيقة العزيزة الغالية «سورية» التي رفض أحرارها استقبال قادة المستعمر الفرنسي و لسان حالهم يقول: اليد التي ودعت فيصل حرام عليها أن تصافح خصمه، سورية التي أوقف نظامها –عشية انتصار الثورة المصرية- بث البرامج التلفزيونية المعتادة و اقتصر على إعادة بث محطة الجزيرة تحت عنوان (سقوط نظام كامب ديفيد)... فلما كتب بضعة أطفال من درعا على الحائط: (جاييك الدور يا دكتور) لم يتردد الأعوان في قطع أصابعهم، و ما علموا أن الأصابع التي قطعت مثّلت الزناد الذي قدح و ما زال يقدح شرارة الثورة على الاستبداد التي بشر بها الجد الأكبر «السيد الفراتي» عبدالرحمن الكواكبي الجد الذي لم يكتف بتشخيص (طبائع الاستبداد) فقط بل زاد على ذلك تأكيده (مصارع الاستعباد) أيضاً! و قد آن له أن يرقد بسلام بعد أن تحقق له ما أراد في تونس و مصر، و قريباً في ليبيا و اليمن و سورية.

التاريخ : 01-05-2011

===================

دول الممانعة العربية للديمقراطية

نصوح المجالي

الرأي الارنية

1-5-2011

الاحتجاجات الشعبية الاخيرة في الاقطار العربية اثبتت بما لا يقبل الشك, ان هناك محور ممانعة حقيقيا للديمقراطية والتغيير في الساحة العربية يفرض نفسه بقوة.

فعندما تواجه المطالب الشعبية بالتغيير والاصلاح الداخلي بالدبابات والجيوش وقوى القمع الأمني وحصار المدن وترويعها والقتل العشوائي تصبح الصورة الحقيقية والنهج السياسي لمن يتبع هذا الاسلوب واضحا, وعندها تسقط الذرائع والعناوين الايديولوجية والحزبية والثورية, وتسقط هالة الثوار عن وجه من حكموا بهذا الشعار طويلاً, وتصبح الثورة الحقيقية تلك التي في الشارع وفي ضمائر الناس المطالبين بالحرية والعدالة والاصلاح السياسي في أوطانهم, الذي يعيد تنظيم العقد الاجتماعي والسياسي بين الانظمة والشعوب.

وعندما تتسع دائرة الحكم بالرعب والقمع وقوى الامن وصولاً الى القتل بالجملة تسقط الاقنعة, ويصبح حديث المؤامرات الخارجية مجرد ذريعة لمنع التغيير, ولجر عجلة الزمن الى الوراء حتى تضمن الانظمة العودة الى الحال السائد الذي لا يقبل التغيير.

لقد قبلت الشعوب العربية طويلاً السكوت على مصادرة حرياتها وحقوقها تحت شعار الاولوية لمواجهة الخطر الصهيوني والمواجهة هذه لم تحقق سوى استمرار الانظمة على حالها واستمرار الاحتلال على حاله وتجذره في الاراضي المحتلة.

فلماذا تتعارض الحرية واحترام حقوق المواطنين مع مناهظة الاحتلال, ولماذا تتعارض الديمقراطية والاصلاح السياسي ومنع استبداد الانظمة السياسية في الساحة العربية مع كرامة المواطنين وحقوقهم وحرياتهم وفرص العيش الكريم لهم؟

ألا يكون النظام السياسي اكثر مناعة واكثر قدرة على الصمود عندما يكون الشعب حاصلاً على حريته وحقوقه السياسية, الا يكون الشعب اكثر قناعة بمواقف بلاده ونظامه عندما يكون مشاركاً في القرار السياسي, الا يكون الشعب اكثر التفافاً حول نظامه لأنه جزء كريم منه؟

الذين خرجوا مطالبين بحريتهم وحقوقهم وتوازن أنظمتهم السياسية واصلاح الانظمة من الداخل في الساحات العربية خرجوا بصدور عارية وأيد عزلاء في تظاهرات سلمية وبدل ملاقاتهم في منتصف الطريق بحوار وطني يتفهم ويلبي مطالب الاصلاح ويمهد طريق التغيير الذي ينقل الحالة السياسية ويؤهلها لمواكبة التغيير والاصلاح وضعت هذه الانظمة نفسها في مواجهة شعوبها وخوّنت المجتمعين ووضعتهم في مصاف المتآمرين مع الخارج, هل يعقل ان مئات الالوف وملايين المحتجين خونة متآمرون مع الخارج, وهل يعقل ان المندسين والعصابات يطلقون النار فقط على المعارضين ولا يطلقون النار على الموالين، أليس في ذلك ما يشير ان هؤلاء جزء من أجهزة وأدوات أجهزة الأمن في الساحات العربية؟!

هناك قوى مسيسة حزبية واجتماعية لها ثارات قديمة مع الانظمة العربية الممانعة للتغيير الديمقراطي وقد تحاول استغلال حالة الثورة الشعبية لصالحها، وقد ثبت في مصر وتونس وليبيا وغيرها ان هذه القوى رغم قدمها في هذه الساحة ليست سوى قوى هامشية وان المحتجين مواطنون من سواد الناس غير الحزبيين الذين سحقتهم السياسات الامنية الصارمة والسياسات الاقتصادية الفاشلة، والاستئثار الطويل بالسلطة الذي اوصل القائمين عليها الى تحويلها الى شركة تدار كإرث عائلي.

المؤسف ان اكثر الدول العربية ممانعة للديمقراطية وحقوق الشعوب والحريات العامة والاصلاح السياسي اليوم هي الانظمة الثورية التي اكتسبت شرعيتها ووجودها في الحكم من الثورة، والانقلاب على الاحوال السابقة وهذه الانظمة لم تتقدم ببلادها الا لحال اسوأ قادت الى الازمة الحالية بين هذه الانظمة وشعوبها.

الشعار الذي يجب ان يسود في جميع الساحات العربية اسقاط الاستبداد والتفرد بالسلطة كاسلوب حكم واستعادة المساحة المشروعة لمشاركة الشعوب في صياغة النظام السياسي الديمقراطي والمشاركة فيه ومراقبته وتداول السلطة في اطاره بحرية وديمقراطية ومواطنة كريمة.

===================

سوريا.. على خطى القذافي ولكن

طارق الحميد

الشرق الاوسط

1-5-2011

حسنا، سندافع عن قناة «الجزيرة»، فهل يعقل أن يهاجم السوريون القناة القطرية وهم يمنعون الإعلام من العمل على الأرض، وتغطية ما يحدث هناك، خصوصا في المناطق الملتهبة، ولو تحت رقابة رسمية؟ فلماذا لا يكمل السوريون نسخة القذافي التي بدأوها عندما حركوا دباباتهم ضد شعبهم الأعزل؟

بالطبع لم يصل السوريون إلى بشاعة نظام القذافي الذي يمول المرتزقة بحبوب فياغرا لاغتصاب النساء والأطفال، كما يقول الأميركيون، وهو ما يؤكده مصدر عربي، خصوصا اغتصاب النساء، حيث ذكر أن تقارير مؤكدة تشير إلى انتشار حالات الاغتصاب في ليبيا، فالنظام السوري لم يصل لذلك المستوى، لكن ورغم قباحة وشناعة ما يفعله نظام القذافي فإنه يسمح للإعلام الغربي بالوجود حتى في طرابلس العاصمة، بينما نجد أن النظام السوري يمنع ذلك تماما، ويستخدم الأسلوب الإيراني الذي قام بطرد الإعلام الدولي عند اندلاع احتجاجات الثورة الخضراء بإيران، حيث طالب الصحافيين بمغادرة البلاد، وهذا ما لم تفعله مصر مبارك، أو البحرين وقت المظاهرات الشيعية المدعومة من إيران، ولم تفعله كذلك السعودية في الجمعة المزورة التي سميت بهتانا «يوم حنين» حيث قال لي مصدر أمني سعودي رفيع المستوى مساء تلك الجمعة: «هل رأيت كيف سمحنا للإعلام الغربي بالحرية الكاملة»؟

فلماذا لا يسمح السوريون للإعلام بالوجود في درعا، ودوما، وبانياس، وحمص، وغيرها من المدن السورية لنقل الحقائق كما هي؟ ولماذا لا يتركون قناة «الجزيرة»، مثلا، ترصد بكاميراتها السلفيين المزعومين بتلك المناطق، بل وتدخل مع القوات السورية لترصد أسلحتهم إن وجدت، حسب الرواية السورية الرسمية؟ فالإعلام اليوم، بكل وسائله، والمحترم منه تحديدا، لا يصدق «المحللين» السوريين، أو الرواية السورية الرسمية، وكيف يصدقها وها هو صاحب قصة الشيكات الكاذبة يعتذر في لبنان عن أنه لا أساس لصحة روايته حول الشيكات المزعومة التي اتهم بها زورا وبهتانا الأمير تركي بن عبد العزيز، وكذلك النائب عن تيار المستقبل جمال الجراح، حيث يقول صاحب القصة، الذي اعتذر قبلها بأسابيع عن وصفه للمرأة السعودية بأكياس النفايات، إن الشيكات التي اطلع عليها وتتهم الأمير تركي كانت مزورة، وإنه يعتذر، فكيف يصدق الإعلام كل الروايات المدافعة عن سوريا بعد ذلك؟

بل كيف يمكن لأي إعلام محترم، إذا كان أصلا محترما، خصوصا في لبنان الذي يحتوي على أكبر كمية من الإعلام المزور بمنطقتنا، إعلام ما وصفته مرارا بغسل الأخبار، كيف له أن يستضيف أو يتبنى روايات من عرف عنهم الكذب؟ فللأسف فإن ذلك الإعلام لا يكترث بالمصداقية التي تعتبر آخر هم كثير من إعلامنا العربي، ومنذ زمن جمال عبد الناصر، والطائرات التي قيل إنها تتساقط كالذباب، ومرورا بكوبونات صدام، وجواسيس إيران بالعراق، وإلى اليوم.

ولذا فقد بات على إعلامنا، وخصوصا الفضائيات، وتحديدا «العربية» و«الجزيرة»، أن يعلنوا موقفا واضحا بمقاطعة الرواية السورية الرسمية طالما لم يسمح لكاميراتهم بالوجود بكافة المناطق السورية المعزولة، مثل درعا ودوما وغيرها، وإلا كانوا شهود زور عن حق وحقيق.

==================

السياسة الخارجية التركية في المرآة السورية

سولي اوزال- كاتب وصحفي تركي يهودي الديانة ومدير صفحة الاخبار الخارجية في صحيفة خبرتورك

المقالان نشرا على يومين متتاليين في صحيفة خبرتورك

السياسة الخارجية في المرآة السورية -1

ترجمه بتصرف فواز زاكري

لايوجد شك في أن السياسة التركية تمر بمرحلة صعبة في مرآة التطورات الحالية في سوريا حيث أن رؤية تركيا أسست على : دولة يسمع صوتها في الاحداث العالمية، دولة تتنبأ بالحوادث قبل وقوعها ودولة ذكية لديها القدرة على ايجاد حلول مختلفة. كما وإن سياستها قامت على رهان : لن نبحث عن حلول للازمات فحسب بل سنكون في إطار منع حدوث الازمات ولكن تركيا ترسم الان صورة مشوشة تجاه التطورات في سوريا. في النهاية لم يمكن من متوقع للثورات التي قامت في البلاد العربية وكل الدول الان تعيش حالة العجز في كيفية التصرف مع الحالات كل من اولوياته. في حين يتم التدخل عسكرياً في ليبيا تحت مسميات انسانية يتم الصمت على التطورات في البحرين وأما عن سوريا فلايوجد خيار اخر غير التحدث عن التطورات. إن القضية الان هي الفرق العميق بين استطاعة كل دولة مابامكانه فعله وبين خطابها. إن أكثر دولة استثمرت فيها تركيا سياسياً في السنوات الثمانية الماضية هي سوريا وكل تطور في سوريا يحمل أهمية كبيرة وعلى تركيا متابعته بحرص. إن احتمال حرب أهلية في سورياسيؤثر بشكل مباشر على تركيا وسيضع تركيا أمام مسائل مثل أزمة ملتجئين أو أزمات انسانية أخرى ومن الأكيد بأن أنقرة لم تتوقع الانفجار في سوريا مثلما لم تتوقعه في تونس ومصر قبلها وعلى فرض أنها توقعته فليس لديها قوة إقناع أو قوة ردع لايقافه

لايظهر أن النظام في سوريا يريد سماع نصائح التأني والاعتدال الصادرة عن تركيا منذ بداية الاحداث ولايمكنه ذلك حيث أن اختيار استخدام القوة هو الخيار الوحيد الباقي امام النظام وهو افضل طريق يعرفه النظام في حرب الحياة او الممات

 وكما أن تركيا لاتستطيع التأثير على النظام فهي أيضاً لاتستطيع دعمه بصوت عال بسبب قيم حقوق الانسان والديمقراطية وكل مايمكن فعله الان هو من صلاحية المؤسسات الاهلية وما اجتماع المعارضة السورية في استانبول الا جهد في هذا التوجه ولكنه لايكفي

إن الازمة التي تعيشها السياسة الخارجية التركية ماهي الا نتيجة اختلاف التوازن في المنطقة بسبب الثورات العربية وعلى تركيا القيام بتغيير بعض العوامل في سياستها الخارجية لانعدام الوضع الثابت القديم والذي احبته تركيا. على تركيا ايجاد التوازن بين سياستها مع حلفائها في الغرب ونهجها الجديد في الشرق الاوسط في ظل الازمات التي تعصف به

 السياسة الخارجية في المرآة السورية - 2

 قام اردوغان بافتعال فرصة لزيارة سوريا بعد انفجاري تونس ومصر وكان بالامكان فهم هذه الزيارة بمعنايين اثنين: الاول ارسال رسالة للنظام في سوريا بدعمهم والثاني وكما قام رئيس الجمهورية كول بذكره لاحقاً رسالة موجهة للشعب السوري بأن لاتحزنوا ولاتهتموا فسنقوم بإقناع الأسد بالقيام بالاصلاحات ويمكن فهم زيارتي رئيس المخابرات التركي ووزير الخارجية التركي لدمشق في هذا الاطار. أما اليوم فيمكن القول بأن اقتراحات تركيا لم تفيد بأي شئ وبأنه ليس لأنقرة أي تأثير موجه على دمشق وحسب أخر تحليل فيمكننا القول بأنه ومهما كانت نظرة بشار أسد الشخصية فإنه جزء من كيان عائلي/مذهبي يؤمن بأنه يمكن إخماد هذا العصيان إذا استخدم قوة كافية ولكن ليس بالامكان الان العلم إن كانت هذه النظرية ستكون ناجحة أم لا. إن المجموعات غير السنية في سوريا بالاضافة الى النخبة الغنية السنية لن يكون بإمكانها سحب دعمها للنظام بسهولة بسبب علاقتها الرابحة معه بالاضافة الى انها لن تنظر بحرارة الى معارضة تتكئ على الاخوان المسلمين لعلمها بالحرب المذهبية في العراق وللعنف الذي تعرضت له الاقليات المسيحية في الشرق الاوسط

تصل بعض الاخبار عن وجود انشقاقات جدية في الاقلية النصيرية الحاكمة الفعلية للنظام وبحسب صحيفة الفينانشيال تايمز فإنه يوجد بعض القطعات العسكرية من الجيش ذو الغالبية السنية رفضت اوامر اطلاق النار ولهذا فإن الامر سيقع على القوات الخاصة التابعة لماهر شقيق بشار

مهما حدث فلن يكون بامكان النظام القيام بجريمة كمجزرة حماة قبل 20 عاماً والاستمرار بالحياة وكأن شيئأً لم يحدث

إن الحكومة التركية في وضع بين نارين لاتحسد عليه فقد انشأت سياستها على استمرارية الانظمة في الشرق الاوسط وانشأت علاقتها بالكتل الجماهيرية على أسس العداوة لاسرائيل ولهذا لاتستطيع رسم وجهتها هذه الايام لأن الطلبات الرئيسية للجماهير الثائرة اليوم ليس الحق الفلسطيني وإنما الحرية والعدالة وانهاء الفساد

إن الكتلة الداعمة للحزب الحاكم في تركيا تشعر عقائدياً بالقرب من الاخوان المسلمين كما وبسبب خطابه الديمقراطي عليه (حزب العدالة والتنمية ) دعم المعارضة بصوت أعلى لكن سوريا تتواجد في صلب سياسة تركيا في الشرق الاوسط حيث استفادت دمشق من الرعاية التركية لها منذ 2005 بالاضافة الى ان حجم التجارة معها ازداد بنسبة 43 بالمئة في العام الماضي بسبب ازدياد امكانية التجارة والاستثمار بإلغاء تأشيرات الدخول فيما بين البلدين

إن انهيار النظام في سوريا بشكل مفاجئ سيسبب فوضى سيصعب على تركيا التغلب عليها. في حالة انهيار النظام بشكل مفاجئ فعلى أقل تقدير ستواجه تركيا تدفقاً للاجئين ولكن إذا تحول الأمر الى حرب أهلية فلن يستطيع أحد ايقاف مليون ونصف المليون كردي في سوريا من التمرد. إن موقع سوريا على خط الانكسار المذهبي في المنطقة وكون جغرافية سوريا في عهد العثمانيين أكبر منها الان يعقد الامور أكثر ى انهيار نظام البعث سيوسع الفوضى لتصل الى لبنان والاردن ولكنني لااؤمن بالرأي القائل بإن: الغرب واسرائيل تدعمان انهيار النظام بدعو ى أن انهياره سيكون بمثابة ضربة لايران

إن خيارات تركيا ليست بالكثيرة ولن تكون الخيارات مريحة. في المنظور القريب لن يكون هناك أي خيار من دون تكاليف أما في المنظور البعيد فإن الاختيارالحالي بين النظام من جهة أو المعارضة والثوار من جهة أخرى سيلقي بظلاله عليها

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ