ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
تاريخ النشر: الأربعاء 04 مايو
2011 برهان غليون الاتحاد كنت دائماً أقول إن مشكلة النظام السوري
هو أنه يفتقر إلى الحلقة الرئيسية التي
تجعل من أي حكم حكماً سياسياً. وكل
سياسة قائمة، بعكس الحرب، على تفاعل
بين أطراف يعترف كل واحد منهم بالآخر،
حتى لو فرض عليه صورة مشوهة لهويته، أو
تعامل معه بأقل مما هو عليه بالفعل. وكل
تفاعل يفترض الأخذ والعطاء، أي حد من
المرونة لا يمكن من دونها التوصل إلى
حلول سياسية، أي سلمية لا تستدعي
استخدام العنف والقوة. وكل مرونة قائمة
على قدر من الاستعداد للتراجع
والتقدم، كما وصفها معاوية عندما تحدث
عن الشعرة التي لو كانت بينه وبين
الناس، أي الطرف الآخر، وبشكل خاص
معارضيه في ذلك الوقت، لما انقطعت.
باختصار السياسة تقدم للحكم القائم
بالضرورة على هيمنة طرف على طرف آخر
والتحكم بالقرار المتعلق بحياة
المجموع أو المجتمع أو الشعب،
استعدادات ومبادئ وقواعد ومؤسسات
للتوسط بين الأطراف، وللمناورة
والمداورة بحيث يصل فيه كل طرف من
الأطراف المتنافسة إلى أهدافه، كلها
أو بعضها، من دون الاضطرار إلى استخدام
القوة أو تعريض نفسه لسيف العنف. وهي
تفترض قبل هذا وذاك الاعتراف بأن هناك
أطرافاً مختلفة، أي اعتراف الطرف
السائد والحاكم بوجود الطرف الآخر،
وأن له حقوقاً ومصالح مشروعة، حتى لو
كان هدفه إخضاعه وفرض تسويات مجحفة
بحقه. بهذا المعنى وجدت السياسة لتكون بديلاً
للحرب في علاقة الأطراف والجماعات
والطبقات والطوائف والعشائر فيما
بينها. وتبدأ المدنية عند الشعوب في الوقت الذي
تبدأ هذه الشعوب بالكف عن اللجوء
السريع والسهل إلى القوة لحل
نزاعاتها، سواء من أجل تأمين الموارد
اللازمة لمعيشتها، أو لفرض قسمة
تمكنها من الحصول على حصة الأسد من
الموارد المتاحة وحرمان الآخرين منها
أو من القسم الأكبر منها. وهذا يفترض أن
شروط الفعل السياسي (التفاوض) المختلف
تماماً عن الفعل العسكري (استخدام
العنف) قد توفرت، وأن الشعوب قد نضجت،
بعد معاناة طويلة، في ميدان الوعي
وإدراك وحدة المصالح والأهداف.
وبالدخول في مشروع بناء الدولة،
الممالك الصغيرة أولاً، ثم
الامبراطورية الواسعة التي تعني قبل
أي شيء آخر وجود سلطة مركزية مسلحة
بقانون أو بشرعة مقبولة تشكل مرجعاً
للسلطة والشعب معاً، تضبط من خلالها
النزاعات وتنازع المصالح، وتجعل
الخضوع للقانون، أي لإرادة الدولة
التي تطبقه، منطلقاً للسلام
والاستقرار والسلم الأهلي. وعندما نتحدث عن القانون الذي هو أهم
مقتضيات السياسة ومكوناتها فنحن نتحدث
في الوقت ذاته عن الحق الذي يدور حوله
الفعل السياسي بأكمله، أي حق كل فرد
تجاه الجماعة وتجاه الأفراد الآخرين،
ونتحدث أيضاً من ورائه عن مفهوم
العدالة التي هي احترام الحق، كما حدده
القانون، وهو ما ينظر إليه المجتمع، في
حقبة معينة، كتجسيد للعدالة. وكل نظام وجدت فيه أداة التوسط السياسية
هذه، أي حقل سياسي متميز عن حقل الحرب
ومستقل عنه، مهما كانت مساحته، قادر
على التحرك والتفاعل والتطور. لأنه
يملك الجهاز الذي يسمح له بقياس موازين
القوى ونوعية الضغوط التي قد تقود إلى
العنف وتلك التي يمكن التغاضي عنها من
أجل تجنبه. من هنا لا تستقيم السياسة من
حيث هي إيجاد الحلول للنزاعات
والخلافات عن طريق التفاوض لا عن طريق
العنف من دون تطوير نمط من المنطق
والعقل السياسيين، أي من فهم شروط
العمل لتوحيد المجتمعات أو ضمان
استقرارها مع الاعتراف بحق كل طرف في
النزاع السلمي والتنافس لضمان مصالحه
والدفاع عن حقوقه، ولتحسين شروط حياته.
فالسياسة وحدها هي التي تضمن الوحدة
داخل التعدد، وتمنع النزاع من التحول
إلى انقسام ومواجهة شاملة في مجتمع هو
بالضرورة متعدد المصالح والأطراف
والتشكيلات. وكلما تطورت بنية العمل
السياسي في نظام اجتماعي تعمق
الاستقرار، وابتعد احتمال النزاع
العنيف والمسلح، ونعم أفراد المجتمع
بدرجة أكبر من الثقة والأمل الضروريين
لتشجيع الاستثمار وبذل الجهد والإبداع. وبالعكس، يشكل تفكيك البنية السياسية
وتفريغ الأجهزة المرتبطة بها من
مضمونها الهدف الأول لأي نظام اجتماعي
قائم على الاحتكار وسيطرة فئة واحدة
على حساب الفئات الأخرى، وتحويل
السياسة إلى استيلاء والشرعية إلى
خضوع بالقوة. في هذه الحالة تعود
العلاقة بين الأطراف إلى مستوى الصفر
السياسي، ولا يضمن استمرارها سوى
الاستخدام المنظم أو الاعتباطي للعنف،
وهدم القانون أو تفريغه من مضمونه،
ومعه مبادئ الحق والعدالة وأدوات
التفاوض السلمية من حرية التعبير
والتنظيم والتظاهر وغيرها. في هذه
الحالة تتوحد السيطرة القائمة مع
مصالح طرف واحد وتتطابق معها، ولا تبقى
وسيلة لتنظيم العلاقات الاجتماعية سوى
العنف، وأسوأ أشكاله العنف الأعمى
والمجاني، أي الفوضى. وهو ما تلجأ إليه
عادة سلطة النظم القهرية عندما تمر
بأزمة خطيرة. بغياب بنية سياسية تسمح بالتوسط بين
السلطة والشعب وبين فئات المصالح
المختلفة والمتعددة يختصر النظام إلى
حلقتين مترابطتين: مركب من المصالح،
وهنا مصالح فريق يجمع أصحاب السلطة مع
أصحاب الثروة مع أصحاب السلاح مع أصحاب
الحزب والإدارة البيروقراطية، وذراع
أمنية مكونة من أجهزة متعددة الأشكال
والوظائف تؤمن لهذا المركب سيطرة
شاملة وكاملة ومستمرة، لا تقبل النقاش
ولا المراجعة ولا المنافسة ولا
الاعتراض. هذا هو الذي يفسر المكانة الاستثنائية
الطاغية التي تحتلها أجهزة الأمن أو
الترويع، والجاهزية والشمولية
والسرعة التي تتحرك بها أذرعها
المتعددة في كل لحظة يشعر فيها النظام
بالتحدي. والتحدي لا يعني هنا وجود خطر
يهدد النظام، ولكن كل ما لا يصدر عن
النظام أو لا يكون تحت إشرافه وسيطرته،
ربما مقالة نقدية لكاتب أو انتشار خبر
أو كتابة شعار على جدار، فما بالك
عندما يتظاهر آلاف الناس في الشوارع.
هذا في منطق النظام القائم على الحرب
ومنع أي تعبير مهما كان ضئيلا ًعن
الخلاف والاختلاف عما يقوله النظام،
مؤامرة حقيقية. وهذا هو الذي يفسر
ظاهرتين مترابطتين ومتكاملتين في هذا
النوع من الأنظمة: التقديس الكلي لشخص
الرئيس، يمنُ ويفرض ولا يحاور ولا
يناقش، وهوس التآمر والمؤامرة
الخارجية الذي رافق النظام منذ نشأته
ولا يزال. فالاستقرار قائم على منع أي
تعبير عن الاختلاف مهما كان حجمه،
وظهور الاختلاف لا يمكن إلا أن يكون
نتيجة مؤامرة، وهو ما يبرر عمليات
التطهير السياسي، والتي تشكل السياسة،
أو الفعل السياسي الأصيل الوحيد في
النظام. فبغياب البنية السياسية كحلقة
توسط بين سلطة المصالح والمجتمع، لا
يبقى سوى منطق الحرب الدائمة
والمستمرة كوسيلة لضبط الأوضاع
وتجميدها ومنع أي طرف اجتماعي، بل حتى
فرد، من حيازة أي موارد يمكن أن تقلل من
احتكار النظام الحصري لموارد القوة: من
الكلمة إلى المعلومة إلى المناصب
الإدارية والحريات السياسية. =================== أحداث سوريا: العقوبات
الأميركية على الخط جوبي واريك - ليزي سلاي واشنطن الاتحاد تاريخ النشر: الأربعاء 04 مايو
2011 أصدرت الولايات المتحدة يوم الجمعة
عقوبات على ثلاثة من كبار مسؤولي
الاستخبارات السورية، وعلى
الاستخبارات ذاتها كجهاز، فيما وصف
بأنه طلقة تحذيرية موجهة لنظام الرئيس
بشار الأسد بعد أسابيع من العنف
المتزايد باطراد، والذي تمارسه
السلطات السورية ضد المتظاهرين. وهذه الإجراءات التي تستهدف أعضاء
رئيسيين في جهاز استخبارات الرئيس
الأسد تأتي وسط أنباء عن سقوط المزيد
من الضحايا يقدر عددهم بالعشرات في
المدن الواقعة بمختلف أنحاء البلاد،
والتي نظم فيها السكان اجتماعات
حاشدة، بما في ذلك مدينة دمشق عاصمة
البلاد، وذلك للمرة الأولى بمناسبة ما
عرف ب"يوم الغضب" الذي نُظم
احتجاجاً على وحشية التعامل مع
الاحتجاجات السلمية المطالبة
بالإصلاح والتغيير في الأيام الأخيرة. وتبين أفلام الفيديو التي صورها الهواة
في المدن السورية، متظاهرين يبحثون عن
مكان يحتمون فيه من القنابل المسيلة
للدموع التي اُطلقت عليهم من قبل قوات
الأمن السورية، عندما تظاهروا مطالبين
بالتغيير في العاصمة دمشق أثناء ما
اصطلحوا على تسميته "جمعة الغضب".
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن 42 شخصاً
على الأقل قد قتلوا، وأن هذا العدد
مرشح للزيادة. وكان عشرات الآلاف من السوريين قد تدفقوا
من المساجد إلى الشوارع، عقب صلاة
الجمعة، في أكبر مظاهرات من نوعها
تشهدها البلاد منذ عقود طويلة. وخروج
هذا العدد الكبير، بعد أيام من
المصادمات الدموية، يشير إلى أن إرادة
المتظاهرين لم تنكسر، على الرغم من
الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة
السورية لسحق الانتفاضة وتحطيم
معنويات المتظاهرين. وقالت جماعات حقوق الإنسان إن ما لا يقل
عن 48 شخصاً قد قتلوا في مختلف أنحاء
البلاد، وذلك عندما فتح الجنود النار
على المتظاهرين يوم الجمعة الماضي. وقد
قتل 25 شخصاً من بين هذا العدد خارج
مدينة درعا الجنوبية، مركز
الاحتجاجات، ونقطة التجمع والانطلاق
للانتفاضة السورية الحالية، وذلك بعد
أن حوصر المدنيون من قبل دبابات الجيش
يوم الاثنين الماضي. ويشار في هذا
السياق إلى أن مجلس حقوق الإنسان
التابع للأمم المتحدة قد أدان سوريا
لاستخدامها القوة الباطشة ضد المحتجين
المسالمين، كما أمر بفتح تحقيق في
حوادث القتل وغيرها من الجرائم
المرتكبة خلال هذه الأحداث. وأعلنت إدارة أوباما التي تواجه ضغطاً في
الداخل والخارج لاتخاذ إجراءات ضد
نظام الأسد، أنها بصدد تجميد الأصول
المالية التابعة للاستخبارات السورية
ولمديرها "علي مملوك"، وماهر
الأسد شقيق الرئيس السوري، بالإضافة
إلى الأصول المملوكة لقائد أحد
الألوية التابعة للفرقة المدرعة
الرابعة في الجيش. وقال مسؤولو البيت الأبيض إن كتيبة الجيش
المشار إليها، وجهاز الاستخبارات قد
لعبا دوراً رئيسياً في الهجمات
الوحشية، التي أسفرت عن مصرع مئات
الأشخاص منذ السادس عشر من مارس الماضي
وحتى الآن. وجاء القرار مبرراً ب"قمع الشعب السوري
واستخدام العنف والتعذيب وعمليات
الاعتقال العشوائي للمتظاهرين
السلميين، والذي تمارسه الشرطة وقوات
الأمن وغيرهما من الأجهزة المشاركة في
انتهاك حقوق الإنسان". وتشمل العقوبات كل الممتلكات التابعة
للأشخاص والكيانات المفروضة عليها،
سواء في الولايات المتحدة أو خارجها. كما أعلنت الإدارة الأميركية عن فرض
عقوبة على عاطف نجيب، ابن عم الرئيس
والمسؤول السياسي في محافظة درعا،
وعلى ما يعرف ب" قوة القدس"
الإيرانية، وهي وحدة شبه عسكرية تابعة
للحرس الثوري في إيران. وكان بيان صادر
عن وزارة الخزانة الأميركية قد أعلن أن
القرار الصادر بفرض عقوبات، قد اتهم
القوة الإيرانية المذكورة بتقديم دعم
مادي لجهاز الاستخبارات السوري
لمساعدته على تنفيذ حملته ضد
المتظاهرين السوريين. ويشار في هذا السياق أيضاً إلى أن
الولايات المتحدة كانت قد أدانت في وقت
سابق، و"بأشد العبارات"، ما يجري
في سوريا من أعمال قمع وحشي، في نطاق
العملية العسكرية التي ينفذها الجيش
وأجهزة الأمن في المدن التي تشهد
مظاهرات معارضة للنظام السوري، ووصفت
المصادر الأميركية ما يجري هناك بأنه
"عنف وحشي تستخدمه الحكومة ضد شعبها". وأدلى "جيك سوليفان" مدير التخطيط
السياسي بوزارة الخارجية الأميركية،
عقب إعلان العقوبات مباشرة بتصريح قال
فيه: "إن ذلك يضيق الخناق على
المسؤولين السوريين المتورطين في
اتخاذ القرارات". إلى ذلك صرح مسؤول
آخر لديه اطلاع على المناقشات التي
تدور في الولايات المتحدة حول السياسة
السورية بالقول: "إذا ما استمر الأمر
على ذلك النحو، فإن الرئيس السوري بشار
الأسد نفسه يمكن أن يكون الشخص التالي
الذي تفرض عليه عقوبات مماثلة". وكان البيت الأبيض يشعر بالإحباط بسبب
الافتقار إلى الخيارات الدبلوماسية في
التعامل مع سوريا، الدولة المحرومة من
إجراء معظم أنواع التعاملات التجارية
مع الولايات المتحدة، والموسومة بأنها
دولة راعية للإرهاب من قبل وزارة
الخارجية الأميركية. وما زالت واشنطن،
على الرغم من ذلك، تحتفظ بعلاقاتها
الدبلوماسية الرسمية مع دمشق، كما
أنها حتى الآن لم تطالب الأسد بالتنحي،
كما فعلت في حالة الزعيم الليبي معمر
القذافي، والرئيس المصري السابق حسني
مبارك. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز
سيرفس» =================== تاريخ النشر: الأربعاء 04 مايو
2011 خالص الجلبي الاتحاد الظاهرة الأمنية والثورة العربية الكبرى
في ربيع 2011، تحتاج إلى شيء من التفكيك
النفسي. ينص علم النفس على أن الإنسان
يتغير بامتلاكه القوة من إنسان طيب الى
شيطان مريد، ومن يقرر الطغيان ليست
الأخلاق الفردية بل الوسط الاجتماعي.
إن قصة فرار بن علي من تونس وجلوسه فوق
رقاب العباد ربع قرن هي مظهر مهم من
علاقات القوة بين البشر، أو بكلمة أدق
علاقات السيطرة والانصياع وكيف يمكن
لفرد أن يتحكم في رقبة أمة تعدادها
ملايين ما يشبه السر المغلق الذي يجب
فتحه وكسر مغاليقه. كما أن فراره
المشين يروي ضعف الطغيان كما أنها أمل
البشر في التحرر، وهي أكبر من تونس
البلد الصغير الشجاع، أن يمتد أثره إلى
زوايا العالم العربي المظلمة المشبعة
بعفن الديكتاتورية. إن أول سورة نزلت
من القرآن ناقشت مشكلة الطغيان:كلا إن
الإنسان ليطغى.. ووضعت الحل في كلمتين لا تطعه ولم تقل
اقتله؟ كما أنها ربطت الكرامة
بالقراءة اقرأ وربك الأكرم الذي علم
بالقلم؟ ولكن النخب السياسية
والقيادات الحزبية لم تتفطن لهذا مع
أنها تدين بالإسلام ولا تتعلم إلا
بالعذاب المهين. المهم ما حدث في تونس هو بداية النهاية
للأنظمة الطاغوتية، وفي تقديري أن
العالم العربي برمته مقبل على التغيير
في مدى قصير ربما لن يتجاوز 10- 20 سنة.
المهم إذ أن نستوعب ونفكك هذه الظاهرة
على نحو علمي وليس ديماغوجي سياسي؟ أي
نقل المسألة إلى حقل البحث العلمي أو
هكذا أزعم؟ روى لي معتقل سياسي يساري في بلد عربي لبث
في السجن مدة 12 عاماً بسبب تورطه في
تنظيم سري، وكان أفضل حظاً من آخرين
كثر؛ فقد قضاها في زنزانة جماعية،
وهناك من بقي في الإفرادية أطول فخرج
يترنح بين الجنون والعبقرية. قال لي السجين السياسي: في إحدى الليالي
أراد أن يعاقبنا السجَّان لسبب فلم
يعثر عليه، ولكنه رأى أحد الناس يصلي؛
فلما طلب منه المثول بين يديه وترك ربه
الأعلى، استمر الرجل في عبادته، فلم
يشأ أن يقطع صلاته؛ فكلفه هذا أن يسحبه
السجَّان، ويرمى به الليالي ذوات
العدد في إفرادية مظلمة. كان من يحكم وينفذ هذا جلاد برتبة عريف
يملك من الصلاحية أن يتصرف في مصائر
الأفراد كيفما يحلو له بالتعذيب
والإذلال. إن هذه القصة تحكي مرض (علاقات
القوة) بين الناس وتتبدى في صورتها
العارية في السجن. وكما قال (أتيين لابواسييه) في كتابه (العبودية
المختارة عام 1562 م):(يجب أن لا نراهن على
الطيبة الموجودة في الإنسان طالما
يمكنه أن يؤذي، ومعه مفاتيح القوة). نعم يجب عدم المراهنة على طيبة الإنسان بل
فرامل تكبحه كما في تركيبة السيارة بين
دعسة البنزين والفرامل، وإلا كان مصير
السيارة في أول خروج كارثة. وهو ما يحدث من الكوارث اليومية في العالم
العربي فيموت البشر دهساً وقتلاً
ونفياً وهجرة وموتاً في الحياة. =================== تاريخ النشر: الأربعاء 04 مايو
2011 محمد الحمادي الاتحاد الأمور التي تحدث في العالم العربي، ومن
حولنا هذه الأيام يمكن أن نصنفها على
أنها من الأشياء التي لا تحدث إلا في
الأحلام، فلم يستفق العرب من ربيع
ثوراتهم التي ما أن تنتهي واحدة إلا
وتكون الأخرى قد اندلعت، ليصبح العالم
أمام خبر مهم. ففجأة ومن دون أية مقدمات
نستيقظ صباح الاثنين الثاني من مايو
على خبر مقتل بن لادن على أيدي القوات
الأميركية التي عثرت عليه في بلدة أبوت
آباد شمال باكستان. وقبل أن تغيب شمس
ذلك اليوم، تعلن الولايات المتحدة
أنها قامت بدفن جثمانه في شمال بحر
العرب بعد عدم قبول أية دولة استقبال
جثمانه، ولم يتسن للولايات المتحدة أن
تؤكد إنها دفنته على الطريقة
الإسلامية... فمن كان يحلم بهذه النهاية
وفي هذا التوقيت. تطورات دراماتيكية لم يكن ليتوقعها حتى
أذكى المنجمين -الذين كانوا قد توقعوا
موته في 2010- فلم يتم إعلان موته إلا في
هذا العام المليء بالأحداث التاريخية
العظيمة… كما أنه لم يكن، ولا في
الأحلام، أن يتوقع العرب أن يروا سقوط
نظامين عربيين عتيدين في مصر وتونس
بتلك البساطة والسرعة، كما لم تكن
تتوقع تلك الأنظمة، ولا في الأحلام، أن
تتخلى عنها الولايات المتحدة حليفتها
القوية بتلك البساطة وتنقلب عليها بعد
أسابيع قليلة وتطالبها بالرحيل. فمن كان يتوقع أن يصبح رئيسان عربيان خارج
اللعبة السياسية بعد أسابيع قليلة من
اندلاع الثورة في بلادهما ويتبعهما
ثلاثة رؤساء تهتز كراسيهم من تحتهم
آلان بقوة، ولا أحد يعرف ماذا تخبئ لهم
الأيام، وماذا تخبئ للمنطقة؟ ولا في الأحلام كان يخطر ببال مواطن عربي
سوري أن يرى ويعيش، بل ويشارك في تلك
المظاهرات الحاشدة في أغلب مدن سوريا،
كما أنه لم يكن، ولا في أحلام الرئيس
السوري، أن يتظاهر ضده شعبه، وأن
يُقتلْ من شعبه أكثر من خمسمائة خلال
ثلاثة أسابيع… كما أنه لم يكن، متوقعاً أن يفقد الرئيس
اليمني سيطرته على اليمن، وأن يخذل دول
مجلس التعاون الخليجي في مبادرتها
للصلح بينه وبين المعارضة. ولا في الأحلام كان ينتظر أحد أن يرفض
الرئيس اليمني اليد الخليجية التي
طالما مدت له بالمساعدات والدعم،
ويتراجع عن وعوده لها، ويتراجع أكثر من
مرة عن وعده بالجلوس على طاولة الصلح،
وقد يخسر بذلك من بقي له من أصدقاء
كانوا يريدون حمايته. ولا في الأحلام كنا لنسمع أن شخصيات
نخبوية كويتية تدعم المعارضين في
البحرين وتشجعهم على معارضة النظام
الشرعي فيها، وتساعد على الفوضى داخل
المنطقة. ولا في الأحلام كان الفلسطينيون يتوقعون
أن تجلس السلطة الفلسطينية وحركة "حماس"
على طاولة الصلح، وأن تنتهي الأزمة
الفلسطينية الداخلية، بعد أن مارس
الطرفان جميع أنواع الخلافات السياسية
والاقتصادية والثقافية بل وحتى
العسكرية ضد بعضهما بعضاً. لم يكن أحد يتوقع أن يتصافحا، بل وأن
يجلسا على طاولة الصلح. لكننا نراهما
اليوم وقد جلسا وتصالحا وتصافحا
وأعلنا فتح صفحة جديدة... إنه شيء، ولا
في الأحلام، أن يحدث بهذه السرعة. ولا في الأحلام كان العرب يتوقعون أن يروا
إسرائيل تعيش رعباً حقيقياً، فهي
تراقب الثورات العربية بعين القلق،
وتشعر لأول مرة منذ بدأت "لعبة
السلام" مع العرب أنها في خطر حقيقي،
وبأنها قد تصبح وحيدة، حتى الولايات
المتحدة قد لا تتفهم تخوفها… ربما
تشعر إسرائيل اليوم أكثر من أي وقت مضى
بأنها قد تندم على عدم قبولها بمبادرة
السلام العربية، وقد يكون هذا الندم
قريباً وليس بعيداً… فهل كان أحد
ليتوقع ذلك؟ لأول مرة بعد قرن مليء بالسواد وبالهزائم
وبالإحباط يعيش العرب أيام التغيير،
بعد أن كان ذلك مقصوراً على أحلامهم
السرية، التي لا يمكنهم حتى أن يجاهروا
بها. إنه واقع عربي جديد ومع كل ما يحمله من
تحديات ومخاطر ومفاجآت إلا أنه واقع
يريده الإنسان العربي ويشعر فيه
بالراحة. ==================== آخر تحديث:الأربعاء ,04/05/2011 ميشيل كيلو الخليج هناك من يحاول اليوم أيضاً، في القرن
الحادي والعشرين وزمن التحول العربي
والعالمي الجارف والعميق، حل مشكلة
الحرية بوسائله القمعية التقليدية،
التي لو كانت صالحة وفاعلة لما وصلت
أحواله إلى ما هي عليه من تهافت وبؤس،
ولما عفا عليها وعليه الزمن . يتصدى من
يفعل ذلك للحرية بالقمع، ويعتقد أن
الأخير كفيل بتخليصهم منها أو من
المطالبين بتحقيقها، كأن الحرية شيء
يمكن قمعه، أو كأن القمع ينفع معها . ومع أن معارضي الحرية يبررون موقفهم منها
باعتبارات تبدو في أحيان كثيرة جذابة،
منها أسبقية المهام الوطنية على أي شيء
عداها، وبالتالي ضرورة إرجاء مسألة
الحرية إلى ما بعد إنجاز هذه المهام
والانتهاء منها، فإن تبريرهم غالباً
ما يكون مضحكاً وسخيفاً، أقله لأنهم
يقيمون تعارضاً بين الوطنية والحرية،
ويجعلون للأولى رجحاناً على الثانية،
كأن الوطن والمواطن يمكن أن يوجدا، إذا
كانا غير حرين أو ناقصي حرية، أو كأن
الحرية تقبل الإرجاء والتأجيل
والتعطيل بقرار يتخذه أحد، أو كأنه
يمكن، أخيراً، استعادة استقلال ضائع
أو أرض محتلة أو وطن فقد سيادته
بمواطنين عبيد . وبما أن مبدأ المفاضلة بين القيم التي
تنهض عليها الدول والمجتمعات ليس
صحيحاً جملة وتفصيلا، فإنه لا بد من
التذكير بأن نقصان أية قيمة من هذه
القيم أو الافتقار إليها يقوضها
جميعها، فلا وطنية حيث لا توجد حرية،
ولا عدالة حيث تغيب المساواة، ولا
مساواة حيث تنتهك المواطنة . . إلخ، ولا
مفر من اعتبار القيم الناظمة للوجود
الإنساني رزمة واحدة تكون ناقصة وبلا
فاعلية في غياب أي منها، أو إذا تم وضع
بعضها في مواجهة بعضها الآخر، أو وقع
تلاعب فيها، أو تحولت من قيم إنسانية
سامية إلى شعارات سياسية ظرفية أو آنية
يسهل الحد منها باسم ضرورات عابرة تسوق
وتباع للشعب باعتبارها أساسيات حياته
ومقومات وجوده، التي لا يبقى شعباً إن
هو فقد أياً منها، أو رفض الانصياع
الأعمى لها، بالطريقة التي تراها
السلطة القائمة . مرّ العرب المعاصرون في معظم بلدانهم
بهذه الأنواع المختلفة من الاحتيال
واللعب السلطوي، الذي وضع لفترة طويلة
الحرية في مواجهة الوحدة، والوحدة في
مواجهة العدالة الاجتماعية، وفشل بسبب
هذه الألاعيب في تحقيق أي واحد من هذه
الأهداف، حتى أن أستاذاً كبيراً هو
الراحل أنطوان المقدسي كان لا يكل من
تكرار التحذير مما كان يسميه “اللعب
النجس بالقضايا المقدسة”، في إشارة
إلى نسخ الحرية بحجة الوطنية، وتقويض
القومية باسم الاشتراكية، والفصل بين
العدالة والمساواة بذريعة التنمية،
واضطهاد الفرد باسم الدفاع عن الجماعة
. . إلخ . وها هو هذا النهج المدمر يبلغ
اليوم نهاية الشوط بتفاهاته التي كانت
تسمي نفسها سياسة، بعد أن انكشف الستر
وبان المخفي، وهو أنه لم يكن يريد
الدفاع عن الوطن أو تحقيق الوحدة، وكان
همه الوحيد الدفاع عن أمره القائم
المرفوض، الذي استباح كل قيمه وأباح
ارتكاب جميع أنواع القبائح والجرائم
من أجل حماية وإدامة مصالح جزئية أفاد
منها نفر قليل من اللصوص، ضربوا عرض
الحائط بأي عرف أو تقليد أو قانون أو
أخلاق، وتدثروا برداء لا يناسبهم هو
المصلحة العامة والوطنية، وحين تبين
للشعب كذبهم ودجلهم شرعوا يقمعونه
باسم الأمن والنظام، ويتهمونه
بالعمالة والسلفية، بدل أن يقروا بأن
العميل لا يقاوم الظلم بل يسعى إليه
بيديه ورجليه، ولا يثور ضد الاعتداء
على كرامته لأنه بلا كرامة، ولا يطلب
حقاً لأن حقه الوحيد يكمن في انتهاك
حقوق غيره، وفي العيش في مجتمع لا
تحكمه القيم، كالذي عاش معظم العرب فيه
خلال نصف القرن الماضي، وذاقوا
الأمرين من ظلمه وجوره . واليوم، لم يعد أحد يشك في أن مشكلة
الحرية لا تحل بالقمع بل بالحرية
ذاتها، وأنها مسألة لا بديل لها ولا
تعويض عنها، بدلالة أن إنساناً لا
يستطيع العيش من دونها أو الاستغناء
عنها، وأنها روح الحياة وجوهر الوجود،
من يفقدها لا يبقى له كرامة أو حق أو
خلق، ومن يتنازل عنها يخسر معها كل
شيء، بما في ذلك شرفه الشخصي ومصالحه
والنبيل من عواطفه . لذلك كان حل
مشكلتها عصياً دوماً على القمع أو
بواسطته وفي إطار نظمه، ونسف تحققها
سائر العقبات والعراقيل التي وضعت في
وجهها أو حاولت الحيلولة بينها وبين
الإنسان، الكائن الوحيد الذي يعرف
قيمتها ويحيا منها ولها، ولم يصمد في
وجهها أحد أو شيء، حتى صار مسار
الإنسان في الوجود مسار حرية، وغدا
مطلبها محور جميع مطالبه الأخرى، وفشل
كل ما ابتكره الحكام على مر العصور من
قمع روحي ومادي في وقف تقدمها، وانطلق
موكبها مخترقاً الأزمنة متوطناً
النفوس والعقول، فتبدت في شتى الصور
والأشكال خلال شتى الأزمنة والظروف،
حتى ليمكن القول إنها نقطة البداية
التي انطلق منها كل سعي بشري إلى
الكرامة والتفتح والعقل، والضوء الذي
اهتدى بنوره الضائعون والمظلومون
والمغيبون عن الوجود، ونقطة النهاية
التي قصدها بشر بلا عدد ضحوا في سبيل
بلوغها بالغالي والنفيس، فالتقدم
البشري ليس غير سعي إلى الحرية وابتعاد
عن العبودية والذل والعنف، والقمع هو
آخر شيء يستطيع حجب المطالبة بها أو
الحيلولة بينها وبين التوطن في حياة
ووعي الإنسان، ومنعها من التحول إلى
هدف له، يرى في تحققه خلاصه إن كان
مظلوماً، واستعادة إنسانيته إن كانت
منتهكة أو منتقصة . لو شاء المرء القيام بدراسة إحصائية
للكلمة الأكثر جرياناً على ألسنة
الخلق عبر التاريخ كله، لوجد أنها كلمة
الحرية . ولو أراد معرفة مضمونها، لوجد
أنها شكل أي مضمون ومضمون أي شكل، وأن
الحرب ضدها هي حرب ضد الحياة والعقل
بأوسع وأنبل معانيهما، وأن كل من
قاومها جرفته أمواجها، حتى صار ممكناً
القول بوجود نوعين من الساسة: واحد
ملعون لأنه حاربها وقمع المطالبين
بها، وآخر مبارك ومحبوب، لأنه سعى
إليها مع الساعين وناضل في سبيلها مع
المناضلين، فكان جزاؤه التكريم
والخلود في ذاكرة بني البشر، بمن فيهم
أولئك الذين لا ينتمون إلى قومه أو
جنسيته . واليوم، والعرب يذهبون إلى حال جديدة
لحمتها وسداها حريتهم، التي غدت مطلب
البسطاء والمظلومين وقطاعات واسعة
جداً من غير المهتمين سياسياً، يعتقد
بعض أهل الحل والعقد أن بوسعهم الإبقاء
على أوضاعهم المانعة للحرية، وحجر
شعبهم في معزل قمعي لن يكون غير سجن
كبير، يعرفون هم أنفسهم أن جدرانه
ستغريهم بتحطيمها، وأنهم سيحطمونها في
أقرب فرصة تتاح لهم، وأن هناك مشكلات
تكوينية تتصل بقيام ووجود الدول
والشعوب والمجتمعات، وتتخطى في مجالها
وطابعها المجال السياسي، الذي ينهض
عليها بينما لا تنهض هي عليه، فالدولة
نتاجها وتعبير عنها في آن معاً، لذلك
يستحيل حل مشكلاتها بغير وسائل سياسة
محددة يجب أن تفهم كفاعلية تكثف علاقات
المواطن التعاقدية مع المجتمع
والدولة، والتفاعلات التي تترتب عليها
انطلاقاً منه وبالعكس، ضمن حاضنة تمد
هذه العلاقات والتفاعلات بالروح
الضرورية لاستمرارهما وارتقائهما
يسمونها الحرية، فمن يسعى إلى قتلها
يكون كمن يريد قتل المواطن والمجتمع
والدولة جميعاً، علماً بأنه لن ينجح
على الأمد الطويل مهما فعل، بدلالة
تاريخ وواقع البشر، الذي هو أيضاً
تاريخ تفتح الحرية وتحققها الواقعي . ليست الحرية ترفاً يمكن التخلي عنه،
وليست مسألة يمكن القفز عليها أو تأجيل
تحققها بقرار أو سوط . إنها الزاد الذي
لا يكون الإنسان إنساناً من دونه،
والروح التي تبعث الحياة في بؤس وجوده
فتجعله قابلاً للعيش والتطور، فلا
علاج لمشكلاتها الكثيرة والمتشعبة
بغير المزيد من الحرية، كما قال معظم
الفلاسفة والمفكرين عبر الزمن . كان أحد كبار مساعدي هتلر يقول: “كلما
سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي” . وربما
كان لسان حال المستبدين العرب يكرر
القول نفسه، ولكن بعد استبدال كلمة
ثقافة بكلمة حرية . مشكلة هؤلاء أن
الحرية لا تعالج بالقمع، وأنها هي التي
تقضي عليه وتطيح رموزه وحملته . =================== سليمان تقي الدين السفير 4-5-2011 عادت تيارات الإسلام السياسي إلى واجهة
الأحداث في المنطقة. «الإخوان
المسلمون» حاضرون بقوة في مصر وتونس
إلى الحد الذي يقال إنهم والمؤسسة
العسكرية في كلا البلدين، يشكلون
العصب الذي يستطيع أن يحدد الوجهة
العامة للمسار السياسي. استعاد «الإخوان»
دورهم العلني المباشر في سوريا بعد طول
انكفاء، وهم يبحثون عن شرعية وفّرتها
تركيا برعايتها لاجتماعات قياداتهم
الموجهة نحو التطورات السورية. في أكثر
من عاصمة قرار غربي في احتضان لقيادات
إسلامية معارضة وكذلك ليبرالية.
الحوار الأميركي مع هذه الحركات يمتد
من طالبان إلى إخوان مصر، ويبدو أنه قد
بلغ حركة «حماس» بطريقة غير مباشرة.
كأنها مرحلة تقتضي في السياسة
الأميركية التركيز على استيعاب هذا
الإسلام السياسي بالذات الذي يمكن
بواسطته تجديد النظام العربي وإعطائه
قاعدة شعبية أوسع. نحن أمام ظاهرة عربية موضوعية هي انحسار
التيارات القومية والليبرالية
واليسارية لمصلحة تيارات الإسلام
السياسي على الأقل منذ ثلاثة عقود. تعطيل الحياة السياسية أو احتكارها من
أحزاب السلطة أفسح المجال لثقافة
الجمهور التقليدية أن تصبح ملاذاً
وحيداً لشكل النشاط الاجتماعي
والسياسي. لكن الأهم من ذلك هو
الإحباطات والخيبات والإخفاقات التي
عززت العودة إلى الحالة الإيمانية
الدينية الأصولية والسلفية احتجاجاً
على أوضاع مزرية على صعيد الكرامة
الوطنية والإنسانية ومقاومة لهيمنة
ثقافة الاستبداد. في النظام العربي
بجميع أشكاله، مفارقات عجيبة. حداثة
مفرطة لدى بعض النخب أو ادعاء خادع
بالسلفية لدى نخب أخرى، وجمهور مقموع
في الاختيار أو ممنوع واقعياً من
امتلاك شروط الحداثة وثقافتها، ولو
أُتيحت له بعض وسائلها. الإسلام
العقيدي استُخدم في مواجهة الداخل
والخارج، والإسلام السياسي تحول إلى
فزّاعة بتناوب بين النظام العربي
والغرب. لم يعد الإسلام ثقافة شعبية
عفوية يمارسها المؤمنون كهوية لهم، بل
صار مسألة سياسية أبعد من الإيمان
الديني. لم ينشق المسلمون على العقيدة
في التاريخ المعاصر بل على الخيارات
السياسية التي ألبسوها أثواباً
عقائدية لم يسبق لها أن كانت في الماضي
على هذا النحو. هذا الاستخدام العقائدي
المفرط لتبرير خيارات سياسية قاد إلى
ظاهرة تطييف وتمذهب عصبوي طاول هويات
الدول ومواقفها. افتتح الاحتلال
الأميركي للعراق معركة نفوذ وتنافس
سلطوي بين الجماعات، ثم صارت لغة
النزاع الاقليمي توصف بهلال مذهبي
هنا، وكتلة مذهبية أو تجمع إقليمي هناك.
لا نزعم ان النزاعات المذهبية أو الدينية
أو الاثنية والجهوية نزاعات هامشية أو
لا قيمة ولا أهمية لها، لكن المذاهب
تبادلت وتتبادل أدوار الهيمنة
والتهميش أو تتبادل أدوار الشكوى بحسب
ما انتهت إليه الأوضاع العربية من
تضييق لنطاق السلطة وقاعدتها. فليس
هناك من قاعدة عامة أو منطق للتعامل
على مستوى العالم العربي في مشكلة
الامتيازات والحرمانات. ما يمكن أن يكون امتيازاً في مكان هو
حرمان في مكان آخر، والعكس صحيح، حتى
تهافت منطق التلازم بين المذاهب
ومشكلات الدولة في العالم العربي. في
هبّة الشعوب العربية اليوم، أكثر من
دليل على الآليات المشتركة التي تدار
من خلالها المنظومة السلطوية التي
جنحت وتجنح نحو اختزال الشعب في مجموعة
من النافذين والمستفيدين، التي تشد
أواصر لحمتهم المصالح أكثر من الهوية
أو القرابة من دون إغفال وجودهما.
ينخفض منسوب القدرة على التغيير أو
ينخفض تبعاً لمكونات السلطة والمجتمع.
تتزايد إشكالات التغيير كلما ازدادت
عناصر التعدد والتنوع وتساندت أو
تباعدت. ومن نافل القول أن السلطة تنبع
من علاقات المجتمع وهي تتكون في رحمه
وفي توازناته وعناصره. كبت النظام العربي المسألة الطائفية
بسيطرة الفكر الشمولي، ثم تلاعب بها
لحظة اندلعت أزمات كيانية في لبنان
والعراق. أولوية المصالح السياسية
والمكاسب الظرفية في التناقضات
العربية أدت إلى ممارسات حمائية
للتيارات المذهبية أو للجماعات
الدينية. وضع النظام العربي نصب عينيه
عدواً يتمثل في قوى التغيير ذات
الملامح المدنية والعلمانية
والديموقراطية. مخاصمة الديموقراطية
بمضامينها التقدمية والتحررية كانت
القاسم المشترك بين العرب المحافظين
التقليديين والعرب القوميين. مارس
العرب السياسة بمنطق التبعية والولاء
والاعتصاب لا بمنطق الحوار والإقناع
والشراكة. كانت أشد خصوماتهم بين
الأقربين من الحزب الواحد والفكر
الواحد. لم تعرف السياسة العربية
الحديثة تجربة التنوع في الوحدة. شخصن
العرب السلطة حتى صارت ملكاً خاصاً.
يفاجأ بعض العقل العربي من ظاهرة حركات
التغيير التي لا يقودها رمز أو زعيم أو
قيادة تاريخية. أدمن هذا المنطق
التفكير الانقلابي لا التغيير
الديموقراطي. يسأل بعض العرب عن «خيارات
الثورة الحاسمة التي لم تظهر بعد»
لأنهم لم يستوعبوا معنى الممارسة
الديموقراطية المفتوحة على الجدل
والتنوع. من طبيعة الخيار الديموقراطي
انه حصيلة لاتجاهات لا إجماع فيها. لا
يقبل الخيار الديموقراطي زعيماً يأخذ
شعبه إلى الحرية وآخر يأخذه إلى
العبودية. ما يصنعه العرب اليوم هو
بناء هذه الثقافة، وهذه الثقافة يجب أن
تقبل الآخر قبولاً وجودياً كشرط
للحرية وكشرط للتقدم بين خيارات
متنافسة، وليس بين أصحاب سلطات تلغي
الآخر. يقلقنا الإسلام السياسي ما دام
يحمل ثقافة الإلغاء بالعنف المعنوي أو
المادي. يكون الإسلام السياسي
استبداداً آخر إذا لم يقبل النظام
الديموقراطي. نعرف أن كل ثقافة عصبوية أو شمولية تحمل
بذور إنكار الآخر. لكن الآخر بسلوكه
فاعل في إرساء العلاقة على حد الإنكار
المتبادل أو الحوار. ظاهرة الإسلام
السياسي تاريخية اجتماعية، لم تكن في
الماضي كما هي اليوم ولن تكون في
المستقبل كذلك. هذه مسألة مجتمع كي
يؤمن شروط معالجة مشكلاته بالسياسة لا
بالإنكار ولا بالإلغاء. =================== عبد الوهاب بدرخان النهار 4-5-2011 لا بأس ببعض المعادلات في ضوء الحدث:
التدخل اللبناني (اذا وجد) في الشأن
السوري ممنوع، والتدخل السوري (الموجود
طبعاً) في الشأن اللبناني ممنوع...
العبث اللبناني مع الوضع السوري
تشفياً أو تحريضاً او حتى ابداء رأي
ممنوع، والعبث السوري بالوضع اللبناني
انقلابات وتشكيل حكومات وازكاء
انقسامات ممنوع... التضامن مع الشعب
السوري ممنوع، والتظاهر تأييداً
للقيادة السورية ممنوع... التعرض
للاستقرار في سوريا ممنوع، واستخدام
الاتهامات السورية الملفقة لافتعال
مشاكل داخلية في لبنان ممنوع... لا شيء
افضل من الانصاف، ويكون الجميع راضياً
ومطمئناً. طالما ان ليس هناك ما هو مسموح باستثناء
ما يتفضل به موظفو التضليل الاعلامي
اللبنانيون لمصلحة النظام السوري،
لماذا لا يكون اتفاق مبادئ بين الاطراف
اللبنانية على اعتبار الشأن السوري
خارجا عن اختصاصاتهم وخصوماتهم.
الاكيد انهم يستطيعون الاتفاق على ما
هو مثبت في الوقائع: فلا القيادة
السورية تحتاج الى اي خبرة لبنانية
لمعالجة مأزقها، ولا الشعب يرهن
انتفاضته بتضامن اللبنانيين معه. اذا كان الحوار متعذراً بين اللبنانيين
فانهم، رغما عنهم، وكل لاسبابه، يبدون
قلقين من تداعيات الوضع السوري. ماذا
لو استعاض رئيس الجمهورية عن الحوار
المباشر بآخر غير مباشر لبلورة "توافق"
على عناصر المصلحة الوطنية في هذه
المرحلة: اولوية للاستقرار في سوريا
كضرورة لازمة للاستقرار في لبنان،
والاهم عدم الركون الى محاولات دفع
لبنان الى مواجهات اقليمية على خلفية
التفجر في الوضع السوري. واذا كانت
انقرة تحذر دمشق، باسمها وباسم
واشنطن، من افتعال فتنة في لبنان،
فالاحرى باللبنانيين ان يحاذروا
الانجرار اليها. لكن، ينبغي القول، للتاريخ، ان لا مصلحة
للبنانيين، ايا تكن مواقفهم في ان
يخذلوا الانتفاضة السورية، فالانظمة
زائلة كما نعلم والشعوب باقية. اذ كيف
يوفق "حزب الله" بين حماسه للثورة
المصرية وتأييده لقمع السوريين
وقتلهم؟ وكيف ترجم ادعاء ايران ان
الثورات العربية مستوحاة من الثورة
الايرانية، وهل استثنت طهران ثورة
السوريين لتعتبرها وليدة مؤامرة
خارجية؟ وكيف يوفق التيار العوني بين
شعاره "التغيير والاصلاح" وعزوفه
عن تأييد مطلب الشعب السوري بالاصلاح
وكيف يوفق تيار "14 آذار" بين
اعتباره الثورات مستوحاة من "ثورة
الارز" وبين امتناعه عن قول كلمة
مدوية تأييدا لثورة الحرية والكرامة
في سوريا. أليس تحرر السوريين من ربقة
هذا النظام تحرراً للبنانيين ايضا؟ ليس اللبنانيون مدعوين للتظاهر ولا
للتدخل، ولا طبعاً لارسال اسلحة،
فعظمة الثورات في سلميتها. لكن الواقع
المؤلم ينبئ بان جميع القوى السياسية
باتت تعبر عن لبنان المنكفئ الخانع
للقمع والترهيب، لا لبنان كما كان او
كما يجب ان يكون وطناً للحق والحرية
والعدالة. =================== رولا زين القدس العربي 4-5-2011 قال احد المعلقين على اذاعة (فرانس اينتر)
الحكومية التابعة لراديو فرنسا
الاسبوع الماضي، انه عندما يرى وجوه
الذين يتظاهرون في انحاء سورية، وعلى
الرغم من مساندته لربيع الثورات
العربية، يخشى من وصول هؤلاء الى الحكم
في سورية. هذا المعلق لخَّص في ساعات الصباح الاولى
ذاك اليوم مواقف باريس واوروبا معها
مما يجري في سورية منذ اسابيع، وهو
تخوف العواصم الغربية من سقوط نظام
الأسد لما له من تبعيات على استقرار
البلدان المجاورة، وعلى رأسها لبنان
واسرائيل والعراق. وها هو الغرب وقع في شرك حملته العسكرية
على ليبيا وانكشف وجهه الحقيقي بعد أن
تستَّر تحت غطاء قرارات مجلس الأمن
الداعية لمسؤولية المجلس بحماية
المدنيين. فلا هو تراكض يوماً لحماية مدنيين ولا
ساهم فعلاً في نشر أسس ديمقراطية
يعتبرها حكراً عليه وحده دون غيره،
خاصة في البلدان العربية. أهالي طرابلس الغرب وتعدادهم مليونا نسمة
من أصل خمسة ملايين
عدد سكان ليبيا
لا ينامون منذ اكثر من شهر، او
يحاولون على وقع ضربات حلف شمال
الأطلسي الذي دمر البنية التحتية لبلد
سجل عام 2010 أعلى نسبة نمو انساني في
افريقيا، حسب التقرير الأخير لبرنامج
الأمم المتحدة، متقدماً على جنوب
افريقيا ومصر ونيجيريا. قرار مجلس الأمن الذي يحمل الرقم 1973،
والذي صوتت عليه تحت الفصل السابع كل
من فرنسا وبريطانيا ولبنان وجنوب
افريقيا والبوسنة والهرسك والبرتغال
ونيجيريا وكولومبيا والغابون،
وامتنعت عن التصويت عليه روسيا والصين
والهند والبرازيل والمانيا يوم 17 آذار/مارس
الماضي، كان يقضي بفرض منطقة حظر جوي
على الاراضي الليبية. وبحماية المدنيين.. لكن الاهداف تغيرت..
اليوم تعيش ليبيا حرباً أهلية بين
أبنائها، وتقصف طائرات الأطلسي منازل
فيها اناس آمنون لا يهتم الغرب
بمصيرهم، ان كانوا أحفاد القذافي أو
أولاده أو أقرباءه، فقد نجحت الحملات
الدعائية بتصوير الرجل وعائلته مهما
كانت أعمارهم بسلالة ارهابية تهدد أمن
واستقرار العواصم الغربية، وتهز مضاجع
النائمين في باريس ولندن! كان الجنرال ويسلي كلارك رئيس أركان
قيادة الناتو بين 1997
2000 قد كشف بعد أيام من احداث الحادي
عشر من ايلول/سبتمبر ان مسؤولاً مهماً
في البنتاغون أطلعه على لائحة بلدان
عربية تريد الولايات المتحدة
الامريكية قلب النظام فيها، ومن هذه
البلدان ليبيا. ولا غرابة في ان يكون اليوم الجنرال خليفة
حفتر الذي قضى عشرون عاماً في الولايات
المتحدة الامريكية هو القيادي الفعلي
للمجلس الوطني الانتقالي في بنغازي
ومنسق انشطة المعارضة الليبية لدى
المخابرات الامريكية. هذا الرجل يعتبر
عميلاً بالنسبة الى اهالي طرابلس وعدد
كبير من الليبيين. ولنسلم ان القذافي رحل او تنحى او قتل ما
الذي سيجري في طرابلس وبين الأهالي و'الثوار'؟ الأمر الأكيد هو دخول الضفة المقابلة
لأوروبا على المتوسط، اي بلدان المغرب
العربي في حالة عدم استقرار واضطرابات
لفترة طويلة من الزمن، الأمر الذي يعيه
المسؤولون في كل من الجزائر ومصر
والمغرب. اما سورية فليست دولة نفطية، غير أن
اهميتها الاستراتيجية وموقعها
الجغرافي يجعلان منها دولة لا تقل
أهمية في اسيا الصغرى عن ليبيا
وشواطئها الممتدة على الفي كيلومتر
على المتوسط. اعترف نيكولا ساركوزي بانه من الصعب
استصدار قرار اممي ضد سورية لعلمه
المسبق باستحالة موافقة الصين وروسيا
على مثل هذا القرار. كذلك هو لم يخف
يوماً اعجابه بحالة التعايش الطائفي
التي تسود سورية، وكان قد ذكر ذلك في
كتابه (انا حر) قبل ان ينتخب رئيساً
لفرنسا. كما انه وطَّدَ العلاقات
الشخصية مع الرئيس الأسد الذي استقبله
في كانون الاول/ديسمبر الماضي في باريس
وتفَّهم وجهة النظر السورية بخصوص
لبنان واسرائيل وحتى ايران
نقطة الخلاف الجوهري بين
العاصمتين. الإجراءات التي اتخذتها الدول الاوروبية
ضد سورية حتى الآن اقتصرت على الحد من
بيع الاسلحة لسورية، ودمشق لا تشتري
السلاح من اوروبا، وعلى عدم دعوة
السفير السوري في لندن الى حفل زفاف
الامير وليام، وهذا الأمر يستخف به
السوريون لأنهم يتمنون لو يستنسخ
السفير الذي يقيم في لندن في الخارجية
السورية ليرسل أمثاله الى عواصم اخرى
في العالم.. أما قضية العقوبات الامريكية وتجميد
الأموال وإدراج اسماء الشخصيات فأمور
شكلية اعتادها النظام السوري
والسوريون. حتى الآن لم تسحب واشنطن ولا العواصم
الغربية سفراءها من دمشق واكتفت
بتحذير رعاياها من السفر. وعندما ستنتهي السلطات السورية من عمليات
'التمشيط' كما يقول الاعلام الرسمي
وستقضي على 'الخلايا السلفية' سينسى
العالم الصور التي تبثها التلفزيونات
العربية والغربية. لأن معلق فرانس
اينتر قال انه لا يرغب برؤية هؤلاء
يحكمون سورية! ' كاتبة لبنانية ==================== الاربعاء, 04 مايو 2011 سيرغي بلماسزوف * الحياة تسعى دمشق الى كبح «التمرد الإسلامي» من
طريق انتهاج سياسة «العصا والجزرة»،
أي توسل القوة والعنف والقتل، وإطلاق
وعود إصلاحات تطعن المعارضة في جديتها. وإلغاء قانون الطوارئ هو إجراء وهمي، في
وقت يقمع جيش النظام المتظاهرين. وهو
لم يترافق مع إرساء نظام قضائي مستقل
وتقييد تعسف القوى الأمنية. وليست المراهنة على إصدار مجلس الأمن
قراراً حكيماً وفاعلاً في محلها، في
وقت تتباين مصالح أعضائه. والغرب لم
يحسم قراره إزاء الرئيس بشار الأسد،
على رغم أنه يميل الى احتمال رحيله من
السلطة. وإذا سقط الرئيس السوري، فقدت
إيران حليف سياستها في العالم العربي. والأولوية اليوم هي فرض عقوبات على سورية.
وقد توجه ضربات جوية إليها، على ما حصل
في ليبيا. وعلاقات سورية التجارية
بالغرب ضعيفة، وتربطها بروسيا والدول
الآسيوية علاقات تجارية قوية. ووسائل الإعلام الغربية غاضبة من وقوف
الولايات المتحدة موقف المتفرج، وهي
دعتها الى إجراءات صارمة. والمعارضة
السورية أيضاً تطالب بالتدخل الدولي. والحق أن الحكم حرق جسور الحل إثر إرسال
قواته الى درعا. فإنجاز الإصلاحات
وإبرام اتفاق مع المعارضة لم يعد
ممكناً جراء العنف. ويبدو أن الحكم
يفتقر الى الخيال السياسي في كيفية
التعامل مع قوى الانتفاضة. ولكن ما البديل عن نظام بشار الأسد إذا
رحل؟ يبدو أن الإسلاميين هم البديل.
وبؤرة الانتفاضة في درعا هي المسجد
التي انطلقت منه الدعوات الى مواجهة
السلطة. وخلص المراقبون الغربيون الى أن توسل
القوة ضد المعارضة يفضي الى نهاية
النظام. ويأخذ الإسلاميون عليه عدم
تحريره مرتفعات الجولان. ومن المستبعد
أن يبادر نظام آخر يتربع مكانه الى
السلام مع إسرائيل. ومهما آلت إليه
الأمور، لن يسع سورية بعد اليوم إرساء
الاستقرار من طريق الجيش وقوى الأمن.
وإسرائيل تطعن في احتمال توقف سورية عن
دعم «حماس» و «حزب الله» إذا تغير
النظام السوري، وترى أن السلطة
الجديدة ستطالب باستعادة مرتفعات
الجولان. وتوجه دول ضربات الى الحكم السوري من طريق
الإسلاميين انتقاماً لسياسته في لبنان.
وتصيب الضربات هذه عصفورين بحجر، أي
إيران الى سورية. وتؤدي السلطة التركية
الإسلامية دوراً بارزاً في الحوادث
السورية. فهي عارضت توسل القوة.
والموقف هذا يحقق لها المكاسب. ودور الأكراد ضعيف في سورية، وهم غير
محبوبين. وعلى رغم أن معظم الدروز
السوريين لا يملكون أسباباً وجيهة
لتأييد الحكم، فانهم ينتظرون الوقت
المناسب للتحرك، ويراقبون تطور
الحوادث. وقياداتهم تدرك أن سقوط
النظام يسبب مشكلات كثيرة لهم(...) والنظام السوري راسخ وقوي، ويحظى بتأييد
أجهزة القوة، وأبرزها الجيش. وإذا سقط
النظام هذا، انقسمت سورية الى مناطق
اتنية ومذهبية، ولقيت الأقليات مصيراً
محزناً، وخصوصاً الأقلية المسيحية،
يشبه مصير المسيحيين في فلسطين بعد
بلوغ «حماس» السلطة. * صحافي وكاتب، عن «برافدا»
الروسية، 25-27/4/2011، إعداد علي ماجد =================== اضطرابات سورية تهز
إيران و«حماس» الاربعاء, 04 مايو 2011 الحياة ديفيد إغناتيوس * تبدو اضطرابات سورية، منذ الآن، كأنها
تعدل خريطة الشرق الأوسط الاستراتيجية
– على نحو تتآكل معه مواقع إيران وحركة
«حماس» الفلسطينية المتشددة. ويرى المسؤولون الأميركيون أن الرئيس
السوري بشار الأسد، قد استنتج أن نجاته
من الاحتجاجات الكثيفة ضد نظامه والتي
تتواصل في أرجاء البلاد، تتطلب أن ينأى
بنفسه على نحو ما، عن إيران. ويُنظر إلى
المحتجين على أنهم من المسلمين السنة
الذين ينتقدون تحالف الأسد مع القيادة
المسلمة الشيعية في إيران. وتنامى
الغضب الأسبوع الماضي بعدما كشفت
تقارير للاستخبارات الأميركية أن
إيران زودت سورية سراً بغاز مسيل
للدموع ومعدات ضد أعمال الشغب وغيرها
من أدوات القمع. وبغض النظر عما يجري في التظاهرات
المناهضة للأسد، تبدو إيران كأنها
ستخسر بعضاً من مداخلها السهلة الى
سورية، حليفها العربي الأهم. ويعتقد
المسؤولون الأميركيون أنه إذا نجا
الحكم، سيكون عليه الابتعاد بقدر ما عن
إيران لتهدئة المحتجين... أما إذا أطيح
به، فالأرجح أن يحكم سورية نظام يهيمن
السنة عليه ويكون أكثر عداء لإيران. ويحذر بعض المحللين العرب، مع ذلك، من أن
ارتباط النظام السوري بإيران عميق إلى
الحد الذي يجعل من هامش المناورة لديه
هامشاً ضيقاً. وتواجه «حماس» التي يقع مقرها في دمشق
وجذورها في غزة، مشكلات مشابهة. فقد
دُفعت المجموعة الفلسطينية المتشددة
نحو مصالحة مع حركة «فتح» الأكثر
اعتدالاً بسبب من العقد في العلاقات مع
الأسد، وفقاً لمصدر عربي أكد معلوماته
مسؤول رسمي أميركي رفيع المستوى. وقدمت
«حماس» التي ضعفت أخيراً قاعدتها
السورية، عدة تنازلات مهمة في الاتفاق
مع «فتح» وفي قلب التوتر بين «حماس» وسورية تقع
حقيقة أن الحركة تتلقى دعماً قوياً من
الإخوان المسلمين- الذين يعتبرون من
الأصوات البارزة في الحركة الرامية
الى الإطاحة بحكومة الأسد العلمانية.
وقال مصدر أن زعيم «حماس» خالد مشعل
عرض التوسط بين الأسد وبين أصدقاء «حماس»
في الإخوان المسلمين ما أثار غضب دمشق.
ويقال إن مشعل أدرك أن قاعدته في سورية
لم تعد آمنة وأنه وافق على تقديم
تنازلات لمنافسته الفلسطينية «فتح». وذكر مسؤول أميركي، كدليل على ضعف «حماس»،
قبولها في الاتفاق الذي رعاه
المصريون، طلبين ل «فتح»: الأول تراجع
«حماس» عن موقفها الرافض لتوقيع ورقة
المصالحة المصرية التي وضعت عام 2009 من
دون تعديل؛ والثاني هو قبولها بخطة
لتشكيل حكومة من «مستقلين» غير منتمين
الى الحركة، أما ما لم تقبله فهو
الموافقة على حق إسرائيل في الوجود. ويعتقد بعض مسؤولي إدارة أوباما أنه على
رغم قلق إسرائيل، فإن حركة «حماس»
ضعيفة، قد تعتبر فرصة لمفاوضات
السلام، على رغم أن هذه المسألة لم تسو
بعد مع البيت الأبيض. وقد أرجأ الرئيس
باراك أوباما خطاباً كان من المقرر أن
يخصصه للشرق الأوسط ويلقيه (الأسبوع
الجاري) ويتناول فيه «محددات»
المفاوضات من أجل اتفاق سلام، في
انتظار تقييم تأثير مصالحة «حماس» و «فتح». * معلق، عن «واشنطن بوست»
الأميركية، 29/4/2011، إعداد حسام عيتاني =================== الاربعاء, 04 مايو 2011 رامي الأمين * الحياة ثمة حذر مفرط لدى كثير من اللبنانيين في
طريقة تعاطيهم مع ما يحدث في سورية.
وينسحب هذا على تجنّب هؤلاء اتخاذ أي
موقف من المجازر التي يرتكبها النظام
السوري بحق معارضيه الذين قاموا طلباً
للحرية، فتضرجّت الأيدي التي تطرق
بابها، وأريقت الدماء على جوانب الشرف
الرفيع الذي «لا يسلم من الأذى»، على
ما يقول المتنبي. فالأحزاب السياسية
المناوئة لسورية وحلفاؤها في لبنان،
حجتها في حذرها أنها لا تريد لسورية ما
لا تريده للبنان، بمعنى أنها لا تقبل
التدخل في سورية كما تتدخل سورية في
لبنان. لكن الحجة هذه تسقط بمجرد أن سورية، عبر
إعلامها الرسمي الذي يديره جهابذة
لبنانيون استعانت بهم القيادة في
أزمتها، تتهم هذه القوى مباشرة بتحريك
ما تسميه ب «جماعات إرهابية» داخل
سورية، وتزويدها بالمال والسلاح.
والحجة الثانية، خوف هذه القوى من
تعرضها، إذا ما اتخذت موقفاً مما يحدث
في سورية، إلى حملة شعواء من حلفائها
في لبنان، الذين لا يقبلون أن يتعرض
لها أحد، ولو بإضاءة شموع، إذ حدث في
شارع الحمرا أن هاجم حلفاء سورية
مسلّحين بالعصي وصور بشار الأسد،
مجموعة من الصحافيين اللبنانيين
المستقلين أرادوا إضاءة شموع لراحة
نفس ضحايا درعا والمدن السورية
الأخرى، الذين سقطوا على طريق الحرية.
لكن هنا أيضاً يظهر الضعف لدى القوى
المناهضة لنظام سورية، وأعني هنا قوى
الرابع عشر من آذار، التي قامت قائمتها
على الاعتراض على الوجود السوري في
لبنان وعلى سياسات حزب البعث العربي
الاشتراكي وممارساته الإجرامية بحق
اللبنانيين. وإذ جرى الحديث آنذاك عن ربيع بيروت، جرى
ربطه تلقائياً بربيع دمشق، بقلم سمير
قصير، الذي اغتيل بسبب مواقفه، وليس في
حادث سيارة، لتنشيط ذاكرة البعض. لكن
هذه القوى تتصرف استناداً إلى قول علي
بن أبي طالب، بأن لا تطمع بصيد الأسد،
إذا سلمت منه. لكن ليس المطلوب الطمع في
صيد الأسد، بقدر التضامن مع ضحاياه
وطرائده المساكين. دائماً يحق لقوى الثامن من آذار
اللبنانية الموالية لنظام سورية ما لا
يحق لقوى الرابع عشر من الشهر نفسه
المناوئة له. يحق للأولى أن تعلن
تضامنها مع القيادة السورية، ووقوفها
صفاً واحداً إلى جانبها، ولا يحق
للثانية أن تقف إلى جانب الشعب السوري
ولا أن تقف صفاً واحداً إلى جانبه في
مواجهة النظام القمعي الذي يستخدم
الدبابات لإسكات المعارضين. يحق
لحلفاء سوريا أن يشتموا المعارضة
السورية ويصفوها بالعميلة والخائنة
والمندسّة والمتآمرة، ولا يحق لمناوئي
سوريا في لبنان أن يضيئوا شموعاً من
أجل مئات القتلى الذين سقطوا لأن ذنبهم
الوحيد مطالبتهم برحيل نظام نخر عظام
سوريا لأكثر من أربعين عاماً. الوقوف
إلى جانب النظام ضد المعارضة ليس
تدخلاً في شؤون سورية. الوقوف إلى جانب
المعارضة ضد النظام، ذلك هو التدخل
السافر المرفوض في شؤون سورية. من هاتين المعادلتين، تأتي نتيجة واحدة:
سورية لا تزال بالنسبة إلى اللبنانيين
نظاماً بعثياً قمعياً لا شريك له. لم
يستطع العقل الجماعي اللبناني،
بطرفيه، أن يفهم حتى الساعة أن في
سورية مواطنين لا يقبلون بحكم البعث،
ولا يريدون له الاستمرار. يقتصر إلى
الآن التضامن «السافر» والجريء مع
الشعب السوري على مجموعتين صغيرتين:
واحدة تضم صحافيين وناشطين في المجتمع
المدني، وثانية تضم سلفيين إسلاميين
من حزب التحرير الذي ينادي بالولاية
الإسلامية في بلاد الشام. ليس المطلوب تشكيل خلايا لدعم «ثوار
سورية». حتى المعارضون السوريون لا
يريدون أن يكونوا ثواراً على غرار
ثوّار ليبيا. كل ما يطلبونه هو فرصة
للتعبير بحرية عما يريدون، ويطلبون
التغيير ديموقراطياً، لكن الدبابات لا
تفهم، والرشاشات لا تعرف إلا لغة
الرصاص، والبعث لا يعرف إلا العسس
والمخابرات. ليس مفهوماً بعد ما يحدث
هناك، وما التفسير المنطقي لسقوط قتلى
في جانب الجيش السوري الذي يدير آلة
القمع العسكرية في المدن الخارجة على
طاعة النظام. لكن الصور التي تنقلها
الفضائيات، والمقالات التي يكتبها
مراسلون أجانب على دراية بالواقع
السوري، تؤكد وجود جرائم حرب بحق
المدنيين العزل في سوريا. أفلا يستحق
هؤلاء الضحايا لفتة واحدة من قوى
الرابع عشر من آذار؟ ألا يستحقوا،
مثلهم مثل شهداء انتفاضة الاستقلال،
إضاءة شموع وإطلاق «لا» ناهية للقتل،
بدل السكوت عن الحق؟ ألم ينته زمن الشياطين الخرس؟ * صحافي وكاتب لبناني. =================== طارق الحميد الشرق الاوسط 4-5-2011 بعد تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية
في أميركا، قالت المستشارة الإعلامية
للحكومة البريطانية، وقتها، جو مور،
عبارة ذهبت مثلا، حيث أرسلت بريدا
إلكترونيا للعاملين معها تقول فيه: «إنه
يوم جيد لدفن الأخبار السيئة». فهل دفن
خبر مقتل بن لادن أخبار القمع في
سوريا؟ الإجابة لا، لم يؤثر خبر بن لادن، ولم
يغير شيئا. على العكس تصاعدت المواقف
الداخلية والخارجية ضد النظام السوري،
خصوصا أن عدد القتلى من المحتجين قد
بلغ قرابة ستمائة، ناهيك عن اعتقال
قرابة ألف شخص، لقمع الاحتجاجات غير
المسبوقة في معظم المدن السورية، لكن
كل ذلك لم يثن السوريين عن التظاهر
والاحتجاج، بل يبدو أن النظام السوري
بات يبحث عن مبررات جديدة لحملته
العسكرية والأمنية، مما يوحي بقلق ما
لدى الأمن السوري، ويظهر ذلك من إعلان
الداخلية عن مهلة 15 يوما ليقوم من
وصفتهم بالمتهمين بتسليم أنفسهم
ليستفيدوا من عفو وعدوا به، إلا أن
المظاهرات لا تزال مستمرة في عدة مدن،
كما أن هناك دعوة جديدة للتظاهر
والاعتصام، في الأماكن العامة بكافة
المدن السورية. هذا داخليا، أما خارجيا، فانشغال العالم
بخبر مقتل بن لادن لم يحُل دون تصاعد
المواقف الدولية، وتحديدا الأوروبية،
تجاه النظام السوري، حيث صرح وزير
الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، أمس،
بأن أي حكومة تفتح النار على شعبها «تفقد
شرعيتها»، ومضيفا أن فرنسا ترغب
بإدراج اسم الرئيس السوري في قائمة
العقوبات، التي يعكف الاتحاد الأوروبي
على صياغتها ضد النظام. وسبق لوزير
الخارجية الفرنسي أن صرح قائلا «إذا
استمر النظام السوري في هذه الطريق (القمع)
فإنه سيسقط هذا اليوم أو ذاك، لكنه
سيسقط». ولم يتردد نائب وزير الخارجية
الألماني عن القول بأن الوقت قد حان
للتحرك، حيث قال «التصرفات الوحشية
المستمرة للحكومة السورية لا تترك
للاتحاد الأوروبي خيارا سوى الضغط
بقوة لتطبيق عقوبات موجهة ضد النظام».
وهو الموقف الذي يبدو أن البريطانيين
يؤيدونه، ناهيك عن دعوة اللجنة
الدولية للصليب الأحمر النظام السوري
إلى ضرورة السماح للعاملين في مجال
الصحة بالوصول بشكل آمن وفوري إلى
الجرحى الذين أصيبوا في درعا والسماح
لهم بزيارة المعتقلين أيضا. كل تلك التطورات تثبت أن دمشق لم تستفِد
من اليوم الجيد، يوم مقتل بن لادن،
لدفن الأخبار السيئة، وهي القمع بحق
السوريين العزل، كما يردد البعض.
والسبب بسيط، وهو أن المظاهرات ما زالت
مستمرة، والنظام لا يزال يكابر
باستخدام القمع، وهذا ما لمحنا إليه
الخميس الماضي، بأن استمرار المظاهرات
وارتفاع عدد القتلى في سوريا سيكسران
حتما الصمت الدولي. فحتى إسرائيل خرجت
عن صمتها، فها هو إيهود باراك يتحدث عن
سقوط النظام، بل ويقول إنه يجب على
إسرائيل ألا تخشى التغيير في سوريا! ملخص الحديث أنه لا يدفن الأخبار السيئة
إلا الأخبار الجيدة، ولا يفيد أي دولة
إلا تماسك جبهتها الداخلية، وهذا لا
يتحقق بالقمع، بل باحترام كرامة
المواطن وحقوقه. ==================== الثورة السورية ..
وازدواجية المواقف بسام المسلماني لها اون لاين 4-5-2011 ازدواجية المواقف المتأمل للمشهد السوري المحتدم في أعقاب
المظاهرات التي عمت البلاد، يستطيع أن
يلاحظ مفارقة عجيبة يمكنها أن تكشف
طبيعة الأزمة المتفجرة والمتصاعدة،
ونعني بها حالة الازدواجية الثلاثية
التي يتم التعامل بها مع الحالة
الثورية في سورية. الازدواجية المحلية فعلى المستوى المحلي هناك حالة من
الازدواجية بين الخطاب السياسي المعلن
والواقع على الأرض، فمنذ البدايات
الأولى للثورة أعلن النظام حزمة من
الإصلاحات المزعومة في محاولة لتهدئة
الشارع، لكن الواقع على الأرض يكشف زيف
هذه المزاعم، فعلى الرغم من إعلان
إنهاء حالة الطوارئ، و إلغاء محاكم أمن
الدولة، والسماح بتنظيم المظاهرات، ظل
النظام في قمعه واعتقال الآلاف وقتل
المئات، حتى بدا الأمر وكأن هذه
الإصلاحات المزعومة محاولة للالتفاف
على الموقف! وتخدير الشعب بقرارات لم
تتجاوز الورق الذي كتبت عليه. منهج تخدير الجماهير والالتفاف على
مطالبهم استخدمه من قبل النظام
التونسي والمصري؛ في محاولة لكبح جماح
الثورات، ولكن الشعوب العربية لم
تنطلِ عليها مثل هذه الأساليب، وأثبتت
أنها أكثر وعيا من حكامها، لكن يبدو أن
النظام السوري لم يستوعب الدرس جيدا. الازدواجية الإقليمية وعلى المستوى الإقليمي كانت هناك حالة من
الازدواجية الصارخة في الموقف
الإيراني، ففي الوقت الذي يصرخ فيه
الساسة في طهران منددين بما زعموا أنه
قمع للحريات في البحرين، في حين أن
القتلى لم يتجاوزوا بضعة عشرات، نجد
طهران تصف مظاهرات الشعب السوري
المطالبة بالحرية والكرامة،
والتي سقط فيها ما يزيد عن 700 شهيد
بحسب بعض التقديرات الحقوقية
بأنها (فتنة) و(مؤامرة) و (فوضى)
نتيجة لتدخل خارجي؛ بدون أي اعتبار
لحقوق الشعب السوري، وإرادته وحريته
المغصوبة. هذا النفاق السياسي والازدواجية
المكشوفة دفعت أحد المراقبين(*) لوصف
الفضائيات الإيرانية بأنها تحولت إلى
فضائيات سورية منحازة، الأمر نفسه لا
يختلف بالنسبة ل"حزب الله" في
طهران، بل إن الأمر تجاوز مجرد الدعم
المعنوي للنظام السوري إلى عرض بتقديم
مساعدات، والوقوف إلى جانب النظام
العلوي النصيري في سوريا، بحسب بعض
المراقبين. هذه المواقف المخزية كشفت للشعب السوري
وللشعوب العربية والإسلامية الأبعاد
الطائفية التي توجه الساسة في طهران
وقيادات "حزب الله"، وكان من نتاج
ذلك أن خسرت من تعاطف معهم في الماضي،
وزاد من تماسك وتعاضد أهل السنة في
المنطقة في مواجهة محاولات الاختراق
الرافضية. الازدواجية الدولية وعلى المستوى الدولي كان هناك حالة
الازدواجية في تعامل مجلس الأمن مع
المشهد السوري، فعلى الرغم من حالة
عمليات التنكيل والقمع والإبادة التي
يمارسها النظام السوري ضد المدنيين
العزل الذي يطالبون بأبسط الحقوق، وهو
العيش بحرية وكرامة، فقد فشل مجلس
الأمن في اتخاذ قرار أو حتى توجيه
إدانة لسورية؛ وذلك بسبب اعتراض كل من
الصين وروسيا وهما من الدول التي تملك
حق الفيتو لوقف أي قرار يصدر من مجلس
الأمن. هذا الفشل في إصدار قرار الإدانة يتعارض
مع المواثيق المزعومة لهذه المنظمة
الدولية في حق الشعوب في تقرير مصيرها
ونيل حريتها، كما أن هذا العجز عن
إصدار قرار هو بمثابة ضوء أخضر للنظام
السوري في استمرار حملاته العسكرية
لقمع المتظاهرين! وتعبيرا عن رضا
المجتمع الدولي بالانتهاكات التي تجري
في سورية ودعما لهذا النظام
الديكتاتوري. أخيرا على الرغم من حالة التواطؤ الدولي
والإقليمي مع النظام الاستبدادي في
سوريا، فإن التجارب الثورية في مصر
وتونس أثبتت أن الشعوبهي التي تحدد
المستقبل، وأن الكلمة هي للشعب
السوري، وأن إرادة الشعوب المسلمة لا
يمكن أن تقف أمامها أعتى الأنظمة. *انظر "الجمهورية
الإيرانية ... بعد خمس مئة شهيد"،
زهير سالم، مركز الشرق العربي. =================== The
Economist
: الثورة والقمع في سورية... هل يسقط
نظام الأسد؟ الجريدة الكويتية GMT 0:00:00 2011 الأربعاء 4 مايو قبل أن يطلق الجيش السوري هجومه على درعا،
قُطعت الكهرباء والاتصالات عنها ومُنع
الناس من الدخول إليها، وتراجعت كمية
المياه والخبز المتوافرة، وحُرم
المحتجون الجرحى من العلاج، وقد حُجزت
أعداد كبيرة من الناس هناك وفي مناطق
أخرى، ويشعر مواطنون في بعض أنحاء
البلد بأنهم يعيشون تحت الحصار. بعد التخبّط بين تطبيق الإصلاح وتنفيذ
أعمال القمع، قرر الرئيس بشار الأسد شن
حملة قمعية بحق المحتجين ضد النظام
بزخمٍ متجدد ينم عن يأس واضح، في 22
أبريل، قُتل أكثر من مئة سوري في 14 بلدة
مختلفة على الأقل، مما أدى إلى رفع
حصيلة القتلى، منذ بدء التظاهرات قبل
شهر تقريباً، إلى أكثر من 450 شخصاً. في 25 أبريل، بلغت أعمال القمع مستوى
جديداً من الوحشية، فقد دخلت الدبابات
إلى مدينة درعا الجنوبية التي شكّلت
نقطة انطلاق الاحتجاجات، ويمكن أن
ترتفع حصيلة القتلى إلى مستويات أعلى
تزامناً مع تراجع شرعية الأسد بسرعة
فائقة. قبل أن يطلق الجيش هجومه على درعا، قُطعت
الكهرباء والاتصالات عنها ومُنع الناس
من الدخول إليها، وكذلك، تراجعت كمية
المياه والخبز المتوافرة، ويُحرَم
المحتجون الجرحى الآن من الحصول على
العلاج الطبي، وقد حُجزت أعداد كبيرة
من الناس هناك وفي مناطق أخرى، منها
دوما، إحدى ضواحي العاصمة دمشق، كما
انتشرت الحواجز في شتى المناطق، ويشعر
المواطنون في بعض أنحاء البلد بأنهم
يعيشون تحت الحصار. بعد رفع حالة الطوارئ التي استمرت في
سورية طوال نصف قرن تقريباً، يبدو أن
الأسد لم يعد يستطيع تقديم أي تنازلات
أخرى إلى المحتجين الذين يطالبون
برحيله وبسقوط نظامه بإصرار غير
مسبوق، لكن قد يفكر الأسد بأنه يستطيع
استخدام الوسائل نفسها التي ضمنت بقاء
والده حافظ الأسد في السلطة طوال 30
عاماً حتى وفاته في عام 2000. حين شن
الإسلاميون ثورتهم في عام 1982 في بلدة
حماة، يعرف الجميع أن الأسد الأب أمر
جيشه بقصف المدينة، مما أسفر عن مقتل 20
ألف شخص. لقد أظهر الرئيس الراهن أيضاً أنه يستطيع
التعامل مع الوضع بكل صرامة: عند قمع
الانتفاضة الكردية في شمال شرق سورية،
عام 2004، قُتل 30 شخصاً، ولكنه يبدو
مستعداً الآن لقتل أعداد إضافية. الأمن و«البلطجة» لايزال الأسد يعتمد على ولاء قواته
المسلحة والشرطة، وقد حصلت مجموعة
منظمة من 'البلطجية' على العصيّ
ومسدسات الصعق الكهربائي، في البلدات
الساحلية، مثل اللاذقية، أقدمت عصابة
معروفة باسم 'الشبّيحة'- وهي على ارتباط
بالنظام- على إطلاق النار على
المتظاهرين أثناء مرور عناصرها
بالسيارات، ويدير الجيش أشخاص
مُنتَقون بعناية بسبب ولائهم للنظام،
وكذلك، تضم المخابرات، أو الشرطة
السرية، عدداً هائلاً من الموظفين
الحكوميين. لقد كان جهاز الأمن، الذي يضم 65 ألف عنصر
يعملون بدوام كامل، مسؤولاً عن معظم
أعمال العنف، فقد أسس حافظ الأسد هذا
الجهاز الأمني بعد فترة قصيرة من
الانقلاب الذي نفذه في عام 1970، وتخضع
فروعه الخمسة عشر لسيطرة أربع مؤسسات
استخبارية أساسية: الاستخبارات
العامة، والسياسية، والعسكرية،
والقوات الجوية، وهذه المؤسسات، التي
ترتبط بشكل طفيف بأي مؤسسة مدنية أخرى،
هي فوق القانون وهي التي تتخذ جميع
القرارات المهمة، ويقوم كبار
المسؤولين فيها بإبلاغ الأسد
بالمستجدات مباشرةً. يشرح أحد المسؤولين المحليين هذه
التركيبة قائلاً: 'هم يوفرون الأمن
للنظام، لا للدولة، وبالتالي، لا يمكن
أن ينشقوا عن النظام مطلقاً'، كما أنهم
يتجسسون على بعضهم بعضا، وكان لافتاً
خلال حملة القمع الراهنة أن يقوم عناصر
تلك الاستخبارات باعتقال أو إطلاق
النار على أشخاص منتمين إلى فروع
منافِسة لهم. قد يكون الأسد واثقاً بجهاز أمنه النافذ،
لكن يجب أن يقلق من التقارير التي تشير
إلى أن بعض الجنود قُتلوا لأنهم رفضوا
إطلاق النار على المحتجين، إذ يقول
البعض إن الوحدات العسكرية في درعا
شهدت انقسامات وانقلابات داخلية، لكن
من المستبعد أن يحصل أي انشقاق واسع
النطاق، إذ ينتمي عدد كبير من الضباط
إلى الطائفة التي ينتمي إليها الأسد أو
إلى أقليات أخرى، ويبدي هؤلاء ولاءً
استثنائياً للنظام، وحفاظاً على بعض
الشكليات، عادةً ما يكون وزير الدفاع
سنياً، لكن في عام 2009، أصبح علي حبيب
محمود أول شخص علوي يتولى ذلك المنصب
منذ سنوات. الجدل الساخن في الماضي، كان البعض يشعر بانعدام الثقة
بين الحرس الرئاسي والفرقة الرابعة من
الجيش، ويسود اعتقاد الآن بأن الطرفين
يخضعان لأوامر ماهر الأسد، الشقيق
النافذ الأصغر للرئيس، وتُعتبر الفرقة
الرابعة موازية لأي ميليشيا خاصة،
ويُذكَر أن عدداً كبيراً من الضباط
فيها هم أبناء ضباط مخضرمين كانوا في
السابق موالين لشقيق حافظ الأسد
الأصغر، رفعت الأسد، الذي كان يقود
القوات المسؤولة عن قمع تحركات حماة في
عام 1982، وهو يعيش الآن في المنفى. صحيح أن جميع المستأثرين بالسلطة يخضعون
لجماعة من المقربين من عائلة الأسد،
لكن لم يتضح بعد ما إذا كان الرئيس نفسه
هو المسؤول الوحيد عن مجريات الأمور،
فيقول البعض إن ماهر الأسد هو من يتخذ
القرارات المهمة من وراء الكواليس،
وتشير تقارير كثيرة إلى نشوب جدل محتدم
داخل الأوساط الحاكمة بين من يريدون
الإصلاح من جهة ومن يفضلون التمسك
بالنظام القديم من جهة أخرى، ولطالما
ظهر الرئيس بصورة الرجل الإصلاحي الذي
لا يميل إلى استعمال القوة. لكن سرعان ما ثبت العكس! بعد أن انشق نائب
الرئيس السابق عبدالحليم خدام عن
النظام، في عام 2005، وأعلن انضمامه إلى
صفوف المعارضة في باريس، قام الأسد
بتطهير نظامه، فطرد أو استبدل عدداً من
كبار رجال الأمن وتخلى عمن يشغلون منصب
نواب الرئيس، وفي عام 2005، بعد اغتيال
رفيق الحريري الذي كان رجل أعمال
نافذا، تولى رئاسة الحكومة في لبنان
خمس مرات، ألقى كثيرون اللوم على الأسد
أو على المقربين منه على الأقل. بعد تلك
المرحلة بفترة قصيرة، انتحر غازي
كنعان في ظروف غامضة، بعد أن كان
وزيراً للداخلية وقد أدار الاستخبارات
السورية في لبنان طوال سنوات عدة. احتكارات الأهل في مطلق الأحوال، تشمل أوساط النظام
الداخلية اليوم ماهر الأسد، وآصف
شوكت، صهر الرئيس الذي كان سابقاً رئيس
الاستخبارات العسكرية وهو الآن نائب
رئيس هيئة أركان الجيش، ورامي مخلوف،
ابن خال الرئيس الذي يُعتبر حتى الآن
أغنى رجل أعمال في سورية. وراء هذا الثلاثي النافذ ضمن العائلة
الحاكمة، نجد مجموعة من أهم رجال
الأعمال الأثرياء المعروفين باسم 'أبناء
السلطة'، وهم ينتمون في معظمهم إلى
عائلات ضباط عسكريين كانوا مقربين من
حافظ الأسد، فكان هؤلاء يسيطرون على
قطاعات النفط والغاز والسياحة
والاتصالات، وكذلك، من المعروف أن ابن
رئيس الاستخبارات السابق، بهجت
سليمان، هو قطب إعلامي بارز، ويحتكر
ابن مصطفى طلاس- وزير دفاع سابق خدم
لسنوات طويلة- سوق السكر في سورية،
وحتى الآن، يتمتع الرئيس الراهن
بشعبية أكبر من الثلاثي الآنف ذكره
وأصدقائهم من رجال الأعمال في أوساط
السوريين العاديين. القفز من السفينة لكن النظام لا يقتصر على العلويين،
فيعتمد الأسد أيضاً على ولاء التجار
السُنّة في دمشق وحلب، فضلاً عن دعم
الدروز والمسيحيين المختلفين الذين
يتولون مناصب عليا، لكن تبرز مؤشرات
على تراجع قوة هذا التحالف الواسع
الآن، فقد انشق أخيراً عضوان من
البرلمان على الأقل، فضلاً عن شيخ قبلي
وعدد من الشخصيات المنتمية إلى حزب
البعث الحاكم في درعا، وفي 27 أبريل،
سرت أخبار مفادها أن 200 عضو من حزب
البعث، معظمهم من درعا، استقالوا من
الحزب، ويتوقع البعض أن ينشق نائب
الرئيس فاروق الشرع عن النظام أيضاً،
كونه في الأصل من درعا. لقد نجح الأسد في توسيع قاعدة نفوذه، وفي
هذا الإطار، يقول أحد كبار
الدبلوماسيين: 'النظام عزز قوته عبر
شراء دعم شريحة واسعة من فئات الشعب،
فإذا اعتبر بعض هؤلاء الموالين أنهم لا
يملكون شيئاً ليخسروه، فقد تتحول هذه
الاستراتيجية إلى نقطة ضعف'. لطالما اعتمد النظام على استراتيجية 'فرِّقْ
تَسُدْ'، وبالتالي، يتم تعيين حكام
المحافظات في بلدات لا ينتمون إليها،
ويميل المجندون في الجيش إلى العمل في
مناطق لا يعرفونها، على صعيد آخر، ظهرت
ملصقات على الجدران للتحذير من انتشار
الفتنة. غير أن السبب الرئيس للاضطرابات التي
تجتاح سورية الآن يتعلق بالشرخ الكبير
بين ما يجب فعله وما يجب الامتناع عن
فعله، ولا علاقة له بالجماعات الدينية
أو العرقية، إذ راح المحتجون يهتفون
بالشعار الشهير: 'واحد! واحد! واحد!
الشعب السوري واحد!' معظم السوريين هم
من المسلمين المؤمنين، لكن تُعتبر
شبكة الإنترنت، لا الدين، صلة الوصل
الأساسية بين المحتجين والمواطنين
الآخرين. ربيع دمشق وخريفها في هذا السياق، تقول ريم علاف، خبيرة في
الشؤون السورية في معهد 'تشاثام هاوس'
الملكي للشؤون الدولية، في لندن: 'إن
المخاوف من اندلاع صراع طائفي أمر
مبالغ فيه، فلا أحد يدعي أن جميع
المذاهب تحب بعضها بعضا، لكن لا وجود
لأي تاريخ من الصراعات الطائفية في
سورية ولا أحد يتوق إلى شن صراع مماثل
الآن'، وتجدر الإشارة إلى أن ثلاثة
أرباع السوريين هم من السُّنة، بينما
يشكل العلويون عُشر عدد السكان
والمسيحيون عُشراً آخر منهم. لكن تبرز مشكلة أكبر بالنسبة إلى
المعارضة الآن، وهي تتمثل بغياب أي
تماسك واضح أو قيادة فاعلة فيها، إذ
لطالما كانت الأحزاب السياسية غير
شرعية، فقد اعتُقل معظم السوريين
الذين أسسوا جماعات مدنية، وفي عام 2001،
بعد أن تنفس الشعب الصعداء لفترة وجيزة
بعد وفاة حافظ الأسد، في ما يُعرف باسم
'ربيع دمشق'، سرعان ما ضيّق الرئيس
الجديد الخناق على المعارضة، وفي عام
2005، انطلق جدل محتدم آخر تزامناً مع
إطلاق سراح بعض المعارضين المعروفين،
لكن سرعان ما هدأت الأوضاع مجدداً كما
يحصل في الأحوال الطبيعية. النزول إلى الشارع لكن لم تختفِ المعارضة في المنفى، وهي تضم
خدّام في باريس، و'الجماعة الإسلامية
للعدالة والتنمية' في لندن، و'حزب
الإصلاح' برئاسة فريد غادري في واشنطن،
وداخل سورية، بدأ بعض الموقعين على
إعلان دمشق- وهو عبارة عن تحالف بين
السوريين العلمانيين والأكراد
والإسلاميين الذين اجتمعوا في عام 2005-
بالتعبير عن مواقفهم وهم على اطلاع تام
على الأوضاع، وكذلك، وقع أكثر من 150
شخصاً على مبادرة وطنية جديدة لإحداث
تغيير ديمقراطي. بعض هؤلاء الأشخاص كانوا قد وقعوا سابقاً
على إعلان دمشق، ويضم هؤلاء أفراداً
علمانيين، وإسلاميين، وأكراداً،
وناشطين شباباً نزلوا في الفترة
الأخيرة إلى الشوارع في مدن سورية
المختلفة، وقد اضطرت شبكة من الناشطين
الشباب، منهم سيدات بارزات مثل سهير
الأتاسي، إلى الاضطلاع بدور سياسي
علني أكبر، وكذلك، عاد الكتاب الشباب
والناشطون في مجال حقوق الإنسان إلى
الواجهة بعد أن كانوا يمارسون الضغوط
في قضايا عدة مثل اللاجئين العراقيين،
ويُعتبر رياض الترك، رجل الأعمال
السُّني الذي أمضى 25 عاماً في السجن،
أحد الشخصيات المحترمة التي تدعم
المعارضة. للمرة الأولى منذ سنوات، قدّم المحتجون
للسوريين فرصة مناقشة مستقبلهم خارج
إطار حزب البعث، وقد وافقوا جميعاً على
ضرورة وضع حد لحكم الحزب الواحد. لا شك أن 'الإخوان المسلمين' سيستفيدون من
سقوط الأسد، إذ لايزال بعض أعضاء هذه
الجماعة محكومين بالإعدام، لكن يجد
قادتهم المنفيّون صعوبة في نشر رؤية
تناهض استعمال العنف. يقول محمد رياض
الشقفة، قائد الفرع السوري ل'الإخوان
المسلمين'، مقره لندن، إنه لا يريد
قيام دولة إسلامية، لكن يخالفه الرأي
الإسلاميون والسنّة في سورية، إذ يرفض
معظمهم مفهوم الإسلام السياسي،
ولطالما اضطرّت الأحزاب السنية
المتطرفة إلى العمل سرّاً، لكن يشك
معظم المراقبين في أن تلك الأحزاب
ستحظى بشعبية واسعة في حال أصبحت شرعية. لقد انتقدت الولايات المتحدة والحكومات
الأوروبية النظام السوري بسبب
استهدافه للمحتجين، في حين فضّلت جميع
الحكومات العربية تقريباً التزام
الصمت، خوفاً من اندلاع صراع طائفي في
حال تدهور الوضع أو توسع الاضطرابات،
وتتشارك تركيا من جهتها الحدود مع
سورية على طول مسافة 900 كلم وهي تخشى
تدفق اللاجئين إليها، ولاسيما الأكراد
منهم، وقد تمتعت الحكومة التركية
بعلاقات حسنة مع الحكومة السورية في
السنوات الأخيرة، ومع ذلك، حث رئيس
الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان،
الرئيس الأسد على الالتزام بأقصى
درجات ضبط النفس للتعامل مع المحتجين،
ولكن من المستبعد على ما يبدو أن يصغي
الأسد إلى تلك الكلمات، لكن حتى لو
استمر بقتل عدد إضافي من المحتجين،
سرعان ما ستنقلب حدة الأحداث
المتسارعة ضده. =================== الاربعاء, 04 مايو 2011 عبدالله أمين الحلاق * الحياة التشهير والقدح من سمات ضعاف النفوس،
وضعاف الحجة، ممن ينطلق بهم عنان
الانحطاط خارج المألوف والمقبول
منطقياً وأخلاقياً، ظناً منهم أنهم
يسترون عورة طرف هو غالباً الطرف
الأقوى في نزاع سلمي أو عنفي، وظناً
منهم أيضاً أنهم «ينشرون عِرض وأخلاق»
طرف هو المتضرر من الطرف الأقوى عنفياً
لا سلمياً على الأغلب. واليوم، بات الإعلام السوري الرسمي
الكاريكاتوري جداً بحاجة على ما يبدو
إلى مِخيال يُغني قنواته الأرضية
والفضائية، أضف إليها فضائية «الدنيا»
التي تدور بدورها في فلك السلطة، فعاد
إلى مسرح التهريج مؤخراً مسلسل سوري
كنا قد شهدنا حلقات منه قبل حوالى
عامين أو ثلاثة، ليعود اليوم في جزئه
الثاني منذ بدء الاحتجاجات المطالبة
بالحرية في سورية، وبنفس الحلة التي
عرفناه بها سابقاً. هذا المسلسل الجيمس بوندي عبارة عن مدونة
إلكترونية اسمها «فيلَكا إسرائيل»،
وهي مدونة دأب الإعلام الممانع على
تلقف أخبارها ونقلها لمعلومات وأخبار
عن شخصيات سورية ولبنانية معارضة
للنظام السوري. إن نَسب هذه المدونة
إلى العدو الإسرائيلي واستخباراته
يحاول إضفاء صدقية على الاتهامات التي
كيلت لتلك الشخصيات وتسويق فكرة
ارتباطها الاستخباراتي بإسرائيل، على
ما جرى مثلاً لا حصراً مع حازم صاغيّة
وياسين الحاج صالح وزياد ماجد وحسام
عيتاني وبلال خبيز ووسام سعادة وآخرين.
يحاول التهريج الفيلَكاوي عبر أخباره
الركيكة منطقياً ولغوياً نشر فكرة
تستند إلى ما مفاده «شهد شاهد من أهله».
فهؤلاء الأشخاص وغيرهم «عملاء
ومرتبطون بالاستخبارات الإسرائيلية
وليس لإسرائيل ومخابراتها غرض أو نفع
قد يعود عليها من اتهام عملاء ومرتبطين
بها كذباً وبمعلومات غير دقيقة».
المعلومات صحيحة إذاً! وإذا ما سَأل
القارئ محرك البحث غوغل عن هذه
المدونة، وجد أمامه ما معناه «نحن
الصهاينة نجد أنفسنا مضطرين لأن ننشر
على مدونتنا مقالة لصديقنا الدكتور
والأكاديمي (...) وهو صهيوني مثلنا...». لنلاحظ درجة استغباء البشر، العرب
والإسرائيليين منهم على حد سواء،
والاستخفاف بقدرتهم على تمييز الغث من
السمين. واللافت أن تهمة الارتباط
بالعدو الإسرائيلي هي أخطر ما قد يوجه
إلى كاتب أو مثقف أو حتى مواطن عادي
بعيد عن السياسة ومنصرف إلى همومه
وحياته اليومية، وما أكثر تلك الهموم.
ونتيجة الاتهام ذاك هي الحكم عليه
بالموت، سواء ثبت عليه الارتباط هذا أم
لم يثبت. كان الأحرى بإسرائيل واستخباراتها أن لا
تذيع ارتباط هؤلاء وغيرهم بها لو كانت
هي من يقف وراء مدونة فيلَكا، على
الأقل لكي تستفيد أكثر في حال بقي
هؤلاء على «ارتباطهم» معها، لا أن تذيع
أسماءهم عبر مدونة تكشّف لاحقاً أنها
تنتمي إلى التيار الجارف الذي يهيمن
على الساحتين السورية واللبنانية، وهو
تيار حاول التشهير بمثقفين ومعارضين
له، حتى بعد أن بدأت الاحتجاجات
المطالبة بالحرية والإصلاحات ورفع
قوانين الطوارئ في سورية. فها هي فيلكا
إسرائيل تطل عبر نشرة وُزعت في سورية
ولبنان دونما تحفظ وبسهولة وتسهيلات
رسمية منافية لتحفظ أو منع يتعلق بكون
معلوماتها صادرة عن العدو الإسرائيلي
والصهاينة، وقد حملت تلك النشرة عنوان
«من اجل أن نعرف ماذا يخطط لسورية
وليكون الشعب السوري يداً واحدة».
وبمقدمة هوليودية تقول: «كشف موقع
فيلكا إسرائيل الاستخباراتي
الإسرائيلي عن تفاصيل خطة محكمة قال إن
بندر بن سلطان وضعها بالتعاون مع
السفير الأميركي السابق في لبنان
جيفري فيلتمان... لتحويل سوريا إلى
العصر الحجري». لا يعني دحض الادعاءات الفيلكاوية أنه
ليس ثمة مؤامرة أو استهداف لسورية
وبلدان عربية ومشرقية عديدة، بل لا بد
من التأكيد على وجوب وقوف جميع
الوطنيين والشرفاء من سائر شرائح
المجتمع السوري ضد أي مخطط تقسيمي أو
طائفي في سورية، لكن الخلفية
الاتهامية لدى فيلكا وشاشات التلفزة
الرسمية في سورية والصحف السورية
الرسمية، البعث وتشرين والثورة، «وهي
الصحف التي لا تخالف إحداها الأخرى إلا
مخالفة المبتدأ للخبر في الجملة
الاسمية» لا تنطلق من هذا المنطلق بقدر
محاولتها (وهي مسيَّرة ومرسوم خطها
مسبقاً) اتهام كل من يرفع الصوت
منادياً بالحرية والإصلاح والسِّلمية
في التظاهر وحرية التعبير، بالارتباط
بالعدو. وغني عن القول إن الشعب السوري
ونخبه المعارضة لم ترفع يوماً راية
التدخل الخارجي أو الاستعانة بالعدو
الإسرائيلي، بل كان الجولان في صلب
اهتماماتها ودعواتها على ما نشاهد
اليوم من مطالبات في التظاهرات
السِّلمية التي يقوم بها أبناء سورية
الصابرة بحرية الجولان والتراب السوري
بأسره. يبدو أن الاتهام والتخوين والتشكيك
بوطنية وشرعية المطالب التي يرفعها
الشعب السوري اليوم هو المسيطر
كالعادة على خطاب النظام ونهجه في
التعامل مع الراهن السوري. ففي حين
تتاح المنابر العربية والأجنبية
لكتّاب ومنظّرين ومحللين سياسيين من
داخل النظام، تتهم المنابر ذاتها
بالانحياز والتصهين لدى استقبالها أي
معارض سوري أو كاتب أو مثقف من خارج
النسق السلطوي، أو حتى شاهد العيان. واستطراداً، أطرح سؤالاً برسم حزب ولاية
الفقيه في لبنان: منذ متى هذه الثقة
المطلقة بإسرائيل لكي تقوم قناة
المنار وفضائية العالم الإيرانية
بتداول أخبار مدونة فيلكا إسرائيل،
وحزبكم الإلهي على قطيعة مطلقة مع
إسرائيل ولن يرضى كما نعرف بأقل من
تحرير فلسطين من البحر إلى النهر؟ إذاً، المعارضون والمثقفون السوريون
مشهَّر بهم من قبل فيلكا إسرائيل،
وآخرهم الكاتبة والروائية المحترمة
سمر يزبك، وهي ممن تعتز الساحة
الثقافية والفكرية السورية بانتمائهم
لها، وتهمة السيدة سمر هي قيادة مجموعة
مسلحة، كما يشهّر اليوم بالشعب السوري
السلمي والمطالب بالإصلاح والحرية،
وبحبكة متهافتة تحاول عبثاً أن تقول إن
كل من يصيح اليوم في سورية «حرية حرية...
سِلمية سِلمية» مرتبط بمؤامرة خارجية. الإعلام السوري لا يزال يمارس التعتيم
وخنق الأصوات المعارضة وتقديم رؤية
بيضاء ومشرقة لواقع سورية رغم الآلام،
وهذا امتداد لإعلام الثمانينات
والتسعينات، قبل بزوغ فجر الصحون
اللاقطة والإنترنت وخدمات الموبايل
والفايسبوك، في حين لا يزال البعض
يتوهم وسط كل هذه الثورة المعلوماتية
والإعلامية أنه يستطيع «أن يحبس الشمس
في يده، أو يسكب البحر في فنجان». * كاتب سوري. =================== الثورة السورية..
المسارات المحتملة مركز الجزيرة للدراسات 4-5-2011 انطلقت الانتفاضة السورية ضد نظام حزب
البعث بمظاهرة صغيرة في حي حريقة
الدمشقي، استمرت زهاء نصف الساعة قبل
أن تفرقها قوات الأمن وتعتقل عدداً من
النشطاء الذي شاركوا فيها. ولكن
المظاهرة الصغيرة سرعان ما أطلقت
عشرات المظاهرات الأخرى في أنحاء
مختلفة من سورية خلال الأسابيع
التالية. وكانت مدينة درعا الجنوبية، واللاذقية
وبانياس في الشمال، ودوما في ريف دمشق،
أبرز مواقع الاحتجاج، حيث ووجهت
الحركة الشعبية بقدر هائل من عنف أجهزة
الأمن، أدت إلى مقتل ما يقارب
الثلاثمائة من السوريين خلال شهر واحد
من الاحتجاجات. ولكن لا عنف الأجهزة
ولا رواية إعلام النظام بوجود اختراق
أجنبي مسلح من إرهابيين أو سلفيين نجح
في إخماد الانتفاضة أو حصرها. وهذا ما دفع الرئيس بشار الأسد، ربما، إلى
محاولة احتواء الموقف بخطابين لمجلس
الشعب ومجلس الوزراء، والإعلان عن
إلغاء حالة الطوارئ ومحاكم أمن
الدولة، إضافة إلى تقديم وعود مبهمة
حول إصلاحات تالية. وليس ثمة شك أن يوم الجمعة 15 إبريل/ نيسان
مثّل انطلاقة جديدة للانتفاضة
السورية، سواء من حيث أعداد المشاركين
في المظاهرات الشعبية أو من حيث انتشار
التظاهرات في كافة أنحاء سورية
تقريباً، بما في ذلك مدن ذات أغلبية
كردية ودرزية ومسيحية. في الأثناء،
صادق الأسد، يوم الخميس 21 إبريل/
نيسان،على قرار مجلس الوزراء بإلغاء
حالة الطوارئ ومحاكم أمن الدولة،
وتسربت تقارير تفيد بأنه أصدر أوامره،
مقابل ذلك، بقمع التظاهرات الشعبية
التي دعا لها نشطون سوريون لليوم
التالي. وهذا بالتأكيد ما حدث، فقد
كانت الجمعة 22 إبريل/ نيسان يوماً
مشهوداً في مسار الانتفاضة السورية،
عندما وجهت قوات الأمن رصاصها
للمتظاهرين كما لم تفعل من قبل، موقعة
أكثر من مائة قتيل في يوم واحد. بذلك، تكون سورية قد تخطت مرحلة كاملة من
انتفاضة شعبها من أجل بناء دولة
الحريات والديمقراطية والقضاء
العادل، ومضت نحو مرحلة أخرى. - الحركة الشعبية: اتساع جغرافي وتنوع
اجتماعي منذ انطلاقة رياح الثورة العربية في
أواخر ديسمبر/ كانون أول الماضي، وحتى
بعد سقوط نظام الرئيس مبارك بمصر، قلة
توقعت أن تندلع حركة شعبية سورية بمثل
هذه السرعة. ولكن الحراك السوري
الجماهيري، تصاعد في صورة ملموسة،
وطال كافة أنحاء سورية تقريباً في
مظاهرات الجمعة 22 أبريل/ نيسان. في
الجمعة التالية، 29 أبريل/ نيسان، شهدت
سورية مظاهرات في العديد من أنحاء
البلاد، أطاحت بآمال النظام في احتواء
الحركة عن طريق نشر قوات الجيش وتصعيد
حملة القمع في درعا وريف دمشق. الواضح، أن كافة طبقات الشعب السوري
وفئاته قد انخرطت في المظاهرات، وأن
عدد الفعاليات السورية السياسية
وقيادات المنظمات المدنية
والأكاديميين، المؤيدين للمطالب
الشعبية، كبير ومتنوع كما الحالة
المصرية، لا يمكن القول أن ثمة حزباً
أو حركة سياسية واحدة تقف خلف هذا
الحراك، كما أنه لا يدين لقيادة فردية
بعينها. الواضح، أن كافة طبقات الشعب
السوري وفئاته قد انخرطت في
المظاهرات، وأن عدد الفعاليات السورية
السياسية وقيادات المنظمات المدنية
والأكاديميين، المؤيدين للمطالب
الشعبية، كبير ومتنوع. وحتى مناطق
الأغلبية الكردية، التي برزت فيها
نزعات قومية انفصالية خلال السنوات
القليلة الماضية، سرعان ما تناست
مطالبها القومية الفئوية، ورفعت
شعارات الحرية والكرامة التي رفعتها
مظاهرات المدن السورية الأخرى. ليس من
الواضح بعد ما إن كانت المناطق ذات
الأغلبية العلوية قد حسمت موقفها
بالوقوف مع الحركة الشعبية، ولكن
قيادات سورية علوية الانتماء معروفة
بمعارضتها للنظام لم تتردد في دعمها
للشعب ومطالبه. وقد أدرك السوريون من البداية حساسية
التنوع الإثني والطائفي، فرفعت
المظاهرات شعارات تؤكد على وحدة الشعب
والوطن، وعلى أن مطالبها لا تتعلق بفئة
واحدة. وبالرغم من أن حجم الحركة
الشعبية في دمشق وحلب كان أقل بكثير من
حجمها في مدن مثل درعا وبانياس وحمص
ومدن ريف دمشق الصغيرة، إلا أن ما سجل
من حركات احتجاجية في المدينتين
السوريتين الرئيستين يشير إلى أن
التظاهرات لم تقتصر على طبقات
اجتماعية محددة؛ وهي ظاهرة شبيهة
بالثورات العربية في تونس ومصر واليمن
وليبيا. بيد أن الحراك السوري لم يفرز حتى الآن
هيئة تتحدث باسم الحركة الجماهيرية
وتبلور مطالبها في صورة واضحة. - نظام الحكم: وعد ووعيد خلال الأسابيع القليلة الأولى، لم تجد
الحركة الشعبية من نظام الحكم سوى
التجاهل السياسي، ورد الفعل الأمني
المعتاد من اعتقال عناصر المعارضة
النشطة. ثم حاول الرئيس الأسد احتواء
الموقف بتقديم بعض التنازلات ذات
الطابع السياسي والاجتماعي، في نهاية
مارس/ آذار وبداية إبريل/ نيسان، عندما
بدأت حركة التظاهر في الاتساع وأعداد
القتلى في التزايد. الواضح أن النظام قد تبنى سياسة تقوم على
تقديم وعود بإصلاحات محدودة وغامضة،
ترافقها حملة قمع واسعة، تطال كل مراكز
المعارضة الشعبية ودوائرها (خيار
حماة، كما يوصف أحياناً). فرفعت السلطة رواتب موظفي الدولة، ومنحت
آلاف الأكراد الجنسية السورية التي
كانوا محرومين منها منذ عقود، وأقيلت
الحكومة. كما خرج الرئيس بخطاب ألقاه
أمام مجلس شعبه، وعد فيه بتبني خطوات
إصلاحية، مثل بحث رفع حالة الطوارئ
والنظر في تعديل دستوري، مؤكداً على أن
هذه الخطوات كانت قد أقرت في مؤتمر حزب
البعث القطري قبل ست سنوات ولكن
تطبيقها تأخر لتغيير في أولويات الحكم. في ظهور الرئيس العلني الثاني، وجّه
الأسد تعليماته وتوصياته للحكومة
الجديدة بإعداد قرار رفع حالة
الطوارئ، وتحدّث حول مسائل جزئية
بحتة، تتعلق بكيفية تعامل الوزراء
وموظفي الدولة مع المواطنين، وبضرورة
مواجهة ظاهرة الفساد. ولكن الأسد لم
يوجه حديثاً مباشراً للشعب السوري،
ولا قدّم اعتذاراً له عن أعداد القتلى
المتزايدة. كما أنه أكد على أن سورية
تواجه مؤامرة خارجية، وحاول الظهور
بمظهر الواثق المقتدر على الحكم في
مواجهة الأزمة ووضع نهاية لها. باتساع حركة التظاهر، تصاعدت معدلات
العنف الذي وظفته أجهزة النظام لقمع
المتظاهرين. ومع منتصف إبريل/ نيسان،
كانت منظمات حقوق الإنسان السورية قد
نشرت أسماء أكثر من مائتي قتيل. وفي
العديد من المدن التي شهدت تظاهرات
شعبية، سجل حضور مجموعات مدنية مسلحة،
وصفت أحياناً من قبل النظام بمجموعات
إرهابية مدفوعة من الأردن أو تيار
المستقبل اللبناني، وقالت مصادر
المتظاهرين أنها مجموعات مرتبطة
بالأجهزة الأمنية. والواضح أن النظام قد تبنى سياسة تقوم على
تقديم وعود بإصلاحات محدودة وغامضة،
ترافقها حملة قمع واسعة، تطال كل مراكز
المعارضة الشعبية ودوائرها (خيار
حماة، كما يوصف أحياناً). ولتسويغ إجراءات القمع، لجأ النظام، حسب
عدد من المصادر، كما لجأ النظامان
المصري واليمني، إلى تسليح مجموعات
أمنية (لا يستبعد أن تكون قطاعات منها
من غير السوريين) لقمع المتظاهرين
ووحدات وعناصر الجيش على حد سواء.
فتحرك مجموعات المسلحين بحرية غير
معهودة، في بلد مثل سورية، مع تجنبها
كلية للمظاهرات المؤيدة للنظام،
ووجودها في أغلب الأحيان قرب أو على
أسطح بنايات رسمية، يشير بوضوح إلى أن
هذه المجموعات ترتبط ارتباطاً وثيقاً
بالنظام وأجهزته. وقد لوحظ أن مظاهرات الجمعة 15 إبريل/
نيسان، التي سبقها توجيه من الرئيس
الأسد بعدم استخدام القوة ضد
المتظاهرين، لم تشهد حادثة قتل واحدة،
لا للمتظاهرين ولا لقوات الجيش. فعندما
عقد الرئيس عزمه على تجنب استخدام
القوة، ولو ليوم واحد، اختفت
المجموعات المسلحة كلية. وصلت سياسة القمع ذروتها الأولى خلال
الأسبوع التالي لمظاهرات الجمعة 22
إبريل/ نيسان، عندما سقط أكثر من مائة
قتيل في سلسلة الاحتجاجات في كافة
أنحاء البلاد، أغلبهم في ريف دمشق
ودرعا. وفي اليوم التالي، أعطيت
الأوامر لقوات الجيش، لاسيما الفرقة
المدرعة الرابعة التي يقودها شقيق
الرئيس، بإخضاع مدينة درعا ومدن ريف
دمشق، في إشارة واضحة إلى أن النظام
عقد العزم على قمع الحركة الجماهيرية
بكل ما أوتي من قوة، بما في ذلك
المغامرة بإنزال قوات الجيش إلى شوارع
المدن الثائرة. فطالما لم تنجح وعود
الإصلاح المحدودة والغامضة في احتواء
الحركة الجماهيرية، أطلق النظام
العنان لحملة القمع الشاملة. وحتى
نهاية إبريل/ نيسان، كان القمع ولم يزل
سيد الموقف. - الموقف الإقليمي والدولي: انقسام وحذر كانت تركيا، التي ترتبط بروابط سياسية
واقتصادية وثيقة بسورية، أول من طالب
الرئيس السوري بتعهد برنامج إصلاحي
شامل لتلافي تفاقم الحركة الجماهيرية.
وقد تجلت المطالب التركية في اتصالين
على الأقل بين رئيس الوزراء التركي طيب
أردوغان والرئيس السوري الأسد، وفي
زيارة قام بها وزير الخارجية التركي
أحمد داود أوغلو لدمشق، وعدة زيارات
قام بها رئيس جهاز المخابرات التركية (ميت). يبدو الموقف التركي أكثر حذراً حتى الآن
من موقف إيران، الحليف الرئيس لنظام
الحكم السوري، التي أعلنت دعمها
للنظام وتبنيها لروايته القائلة بأن
سورية تتعرض لمؤامرة خارجية. ولكن
تباطؤ إجراءات الإصلاح وتصعيد
الإجراءات القمعية جعل لغة المسؤولين
الأتراك أكثر حدة في انتقادها لسياسة
الرئيس السوري، بدون أن تحدث قطيعة
نهائية بين أنقرة ودمشق. ويبدو الموقف
التركي أكثر حذراً حتى الآن من موقف
إيران، الحليف الرئيس لنظام الحكم
السوري، التي أعلنت دعمها للنظام
وتبنيها لروايته القائلة بأن سورية
تتعرض لمؤامرة خارجية؛ بل إن ناطقاً
باسم الحكومة الإيرانية قلل من شأن عدد
ضحايا الانتفاضة السورية، عندما قارنه
بضحايا الاحتلال الأميركي للعراق. من جهة أخرى، تجاهل أغلب الدول العربية
الحدث السوري، وهو ما انعكس أيضاً على
غياب الشأن السوري عن بيانات ومواقف
الجامعة العربية. والأرجح أنه حتى
الدول العربية التي تود رؤية تغيير
النظام في دمشق، أو تلك التي لا تكترث
لمثل هذا التغيير، ليست واثقة تماماً
بعد من أن التغيير ممكن. ولكن الموقف
الرسمي العربي الحذر لم يمنع أغلب
وسائل الإعلام العربية، لاسيما تلك
المملوكة للعربية السعودية، من تكريس
مساحات واسعة لتغطية الحدث السوري. أما الدول العربية التي أبدت تعاطفاً مع
النظام السوري فشملت تلك التي تواجه
انتفاضات جماهيرية، أو تتوقعها، مثل
ليبيا واليمن والجزائر. كما أن هناك
مؤشرات على أن قلق القوى السياسية
الشيعية الحاكمة في العراق من تطورات
الوضع السوري لا يقل عن قلق الجارة
إيران. على المستوى غير الرسمي، يبدو أن هناك
ارتباكاً في الساحة السياسية العربية
في الموقف من الحدث السوري. فالقوى
والشخصيات العربية التي عرفت
بمناهضتها للنظام السوري، صعّدت من
انتقاداتها وإدانتها لسياسته، وأعلنت
دعمها للحركة الجماهيرية. ولكن تلك التي عرفت بتضامنها مع مواقف
سورية في دعم المقاومة اللبنانية
والفلسطينية ومعارضة السياسية
الأميركية، فقد انقسمت إلى معسكرين
رئيسيين: الأول، ويشمل أولئك الذين
رأوا أن سورية تشهد ثورة شعبية مشابهة
لما شهدته وتشهده دول عربية أخرى، وأن
من الضروري تأييد الحراك الجماهيري
وإدانة سياسة القمع التي يتبناها نظام
الرئيس الأسد؛ والثاني، ويشمل أولئك
الذين يرون أن الحالة السورية تختلف عن
مصر وتونس، وأن من الضروري الدعوة إلى
الإصلاح والتضامن مع النظام في الآن
نفسه. على المستوى الدولي، لم يكن ثمة من ردود
فعل ملموسة من القوى الغربية
والمنظمات الدولية تجاه الحدث السوري
طوال النصف الثاني من مارس/ آذار. على
العكس، أكدت التصريحات الصادرة من
باريس وواشنطن على أن تدخلاً غربياً في
سورية مشابهاً للتدخل في ليبيا لن يقع.
وبدا وكأن القوى الغربية تخشى مواجهة
المجهول الذي يمكن أن ينجم عن التغيير
في سورية. على أنه يستشف من تصريحات
الرئيس الأمريكي أن الولايات المتحدة
تسعى إلى فك ارتباط سوريا عن إيران
والتأثير على سياستها تجاه قوى
المقاومة في المنطقة. ومع تصاعد الحركة الجماهيرية ومعها سياسة
القمع الرسمية، وزيادة أعداد الضحايا،
اضطرت الدول الغربية إلى اتخاذ
إجراءات عقابية ضد المسؤولين السوريين
وإلى تصعيد لغة الشجب الرسمية لسياسة
القمع السورية، بدون أن تعلن الدول
الغربية الرئيسية عن المطالبة بتغيير
النظام. لكن روسيا، من ناحية أخرى،
تبدو أكثر تعاطفاً مع نظام الأسد
ورفضاً لأي تدخل خارجي. وقد لعبت روسيا
والصين دوراً رئيساً في تعطيل صدور
بيان رئاسي عن مجلس الأمن الدولي يشجب
نهج القمع في سوريا، بالرغم من أن
البيان الرئاسي هو أضعف ما يمكن أن
يصدر عن المجلس. فالموقف الدولي الوحيد
حتى نهاية إبريل/ نيسان الذين يدين
السياسة السورية صدر في قرار عن مجلس
حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. - سورية إلى أين؟ الواضح بعد مرور شهر ونصف على أولى
التظاهرات السورية أن الشعب السوري
ليس في وارد القبول بالعودة إلى الوضع
السابق على اندلاع حركة الثورة
العربية. لا وعود الرئيس بشار الغامضة
والجزئية تبدو مقنعة لشعبه، ولا هو نجح
في توكيد مصداقيته. كما لا يبدو أن
الشعب السوري على استعداد لقبول
روايات النظام المتضاربة والتي تفتقد
إلى التماسك المنطقي والأدلة في تفسير
ما يحدث في البلاد. لا توحي طبيعة الشريحة الحاكمة في سورية،
ولا سوابق نظام الحكم وسجله، أن من
الممكن أن تحقق الثورة السورية
أهدافها بالسرعة التي حققتها كل من مصر
وتونس، أو حتى بقدر الخسائر المحدودة
نسبياً في صفوف المصريين والتونسيين.
فالشريحة السورية الحاكمة تدافع عن
مصالح بالغة التعقيد، سياسياً
واقتصادياً وطائفياً، محلياً
وإقليمياً وليس ثمة شك في أن الأرقام المتزايدة لعدد
القتلى والجرحى والمعتقلين باتت أكثر
دلالة على نوايا النظام من وعود
الإصلاح الذي طال انتظاره. ولم يعد من
المتيقن أن ينجح النظام في احتواء
الحركة الشعبية، حتى إن أعلن عن برنامج
إصلاح شامل وجذري، بجدول زمني؛ إذ ربما
كانت الأحداث قد تجاوزت احتمال قبول
الشعب باستمرار النظام مهما كانت
خطواته. النظام في مأزق يزداد تفاقماً. فالواضح
أنه قرر منذ الجمعة 22 إبريل/ نيسان
اللجوء إلى ما يعرف بخيار حماة، بمعنى
إطلاق يد قوات الجيش الموالية لقمع
مدينة درعا التي أصبحت رمزاً
للانتفاضة، مهما كان حجم الخسائر في
صفوف الأهالي والدمار الذي يمكن
إيقاعه بالمدينة. وبإخضاع درعا، يعتقد
أركان النظام، أنه يمكن تلقين المدن
السورية الأخرى درساً كافياً لإخماد
الحراك الشعبي، تماماً كما وقع في مطلع
الثمانينات من القرن الماضي. مشكلة النظام أن ما تشهده سورية ليس "حماة"،
بمعنى أن الظروف الدولية والإقليمية
الحالية، وسياق وعناصر وتوجهات وحجم
ومطالب الثورة السورية اليوم، تختلف
كلية عن تلك التي واجهها النظام السوري
في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات.
ما يحتاجه النظام اليوم ليس قمع درعا
وحسب، بل ربما قمع كل المدن السورية
الثائرة، قبل أن يتمكن من الاطمئنان
إلى العودة بسورية إلى ما كانت عليه.
لكن مثل هذا الخيار بات مستحيلاً. من جهة أخرى، لا توحي طبيعة الشريحة
الحاكمة في سورية، ولا سوابق نظام
الحكم وسجله، أن من الممكن أن تحقق
الثورة السورية أهدافها بالسرعة التي
حققتها كل من مصر وتونس، أو حتى بقدر
الخسائر المحدودة نسبياً في صفوف
المصريين والتونسيين. فالشريحة
السورية الحاكمة تدافع عن مصالح بالغة
التعقيد، سياسياً واقتصادياً
وطائفياً، محلياً وإقليمياً، وترى بأم
عينها مصير من خلعوا في تونس ومصر،
وستجد داخل سورية وخارجها من يستميت في
الدفاع عن الوضع الراهن. ما يساهم في تعقيد الوضع السوري أن القوات
المسلحة السورية موزعة إلى قطاعات
مختلفة، سواء من جهة القيادة والدور أو
من جهة الولاء للنظام، وهو ما سيجعل
احتمال أن تلعب القوات المسلحة
السورية، ككتلة واحدة، دوراً شبيهاً
بدور الجيشين التونسي والمصري، أمراً
مستبعداً. الأرجح أن النظام يتمتع بولاء وحدات
معتبرة في القوات المسلحة حتى اللحظة
الأخيرة من وجوده. ومع أن ثمة جدلاً
واسعاً حول استناد النظام إلى الطائفة
العلوية السورية، فالمؤكد أن الطائفة
العلوية ليست موحدة في كليتها خلف
النظام، وأن حجم المنفضين من العلويين
عن النظام ستتزايد مع تصاعد واستمرار
الحركة الشعبية المعارضة. بيد أن مصير النظام في النهاية، سيكون
مرهوناً بتصميم الشعب السوري على
التغيير وقدرته على مواجهة آلة القمع
الهائلة، وبموقفي إيران وتركيا على
وجه الخصوص، والموقفين العربي والدولي
في مرتبة تالية. وفي حين أعلنت إيران عن
دعمها الصريح للنظام، وتهوينها من حجم
ضحايا الشعب السوري، فإن المتغير
الهام الذي ينبغي انتظار تبلوره هو
موقف تركيا، الحليف الإقليمي الثاني
الذي ساهم في توفير مظلة حماية للنظام
السوري خلال العقد الأخير، والذي
ترتبط به سورية بروابط اقتصادية
وثيقة، ويشارك سورية خط حدود طويل. ============================= العجمي الوريمي المصدر: جريدة الفجرلسان حركة
النهضة(أسبوعية-تونس) عدد 4 الجمعة 29 أفريل 2011 ) منذ يوم 17 ديسمبر 2010 هبّت رياح التغيير
على المنطقة العربية وقد انطلقت
بشائرها من أرض تونس. انطلقت من سيدي
بوزيد لتبلغ أصداؤها أرجاء الوطن
العربي. جاءت البشائر بعد طول انتظار
ليحقق شباب الثورة حلما عزيزا لأجيال
متعاقبة من المناضلين والدعاة
والوطنيين وليتوّج تضحيات عقود عديدة
بتحقيق الكرامة والحريّة وعمّا قريب
سلطة الشعب ووحدة الوطن واكتمال
التكوين الجديد للأمّة. سوريا على طريق التغيير «لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا»
هذه المقولة تصوّر لنا أهمية سوريا
الجيوستراتيجية في منطقتنا العربية
وفي الشرق الأوسط بعامّة. ولسوريا مكانة خاصّة في قلوب العرب لما
تمثّل وترمز إليه من إسناد للمقاومة
ومن ممانعة في زمن هرول فيه الكثيرون
نحو التطبيع وقبلوا بتسويات مُخِلّة
تحت عنوان مبادلة الأرض بالسلام أو
سلام الشجعان لم يجن منها الشعب العربي
إلا مزيدا من التراجع والهزائم ولكن
الدور السوري الذي نكبره قدر التزامه
بالدفاع عن الحق العربي يضعنا في حرج
كلما تأملنا الوضع الداخلي في سوريا
زمن الرئيس الراحل حافظ الأسد وخلفه
الرئيس الحالي بشار الأسد. فالنظام
السوري من أكثر أنظمة المنطقة شمولية
واستبدادا وإصرارا على الانغلاق ورفضا
للإصلاحات السياسية الضرورية لدورٍ
سوري استراتيجي لا يكتب له النجاح
والتوفيق إلاّ بجبهة داخلية متلاحمة
حول الثوابت متضامنة في مواجهة
التحديات ولا يكون ذلك إلا بإطلاق
الحرّيات واحترام إرادة الشعب السوري
الذي وجد نفسه يعيش في سجن كبير في ظل
نظامٍ يحكم بالرعب وبسيطرة الأقلية
واحتكار حزب واحد للسّلطة والقرار. تحرك الشارع السوري بنفس إيقاع الشارع
العربي من تونس إلى صنعاء واليمامة
مرورا بالقاهرة والرباط، رافعا نفس
الشعارات ومقدما نفس المطالب متوسلا
بنفس المنهج السلمي عبر المظاهرات
والاعتصامات. وبعد عناد دخل النظام
السوري مرحلة تقديم التنازلات ودخلت
الثورة الشعبية السورية مرحلة جني
الثمار وتحقيق المكاسب بعد أن كسرت
حاجز الخوف والصمت واقتحمت الجماهير
الشوارع والساحات في مدن اللاذقية
وحمص ودمشق ومحافظة درعا الصامدة. لكن
التجربة اليمنية والليبية أظهرت رغم
تطوّر الأحداث في اليمن وليبيا بأن هذه
الأنظمة والحكومات لا تكفّ عن
المناورة لربح الوقت وتقسيم المعارضة
وإرباك الثوار وتخذيل المنتفضين وجعل
التغيير أملا بعيد المنال. فهل أن
النظام السوري يجري إحدى مناوراته
للالتفاف على مطالب الثورة أم أنه بدأ
في تصريف الأزمة أملا في الخروج بأقل
الأضرار؟ إنّ النظام السوري يخشى أن لا تتوقف
المظاهرات والاحتجاجات وأن يزداد
اتساع الحركة ويقرون بصعوبة الموقف إذ
أن متظاهرا واحدا في سوريا يساوي ألف
متظاهر في مصر كما يقول المختص في
العلوم السياسية "يوسف عون" لأنّ
المتظاهر في سوريا هو بكل بساطة مشروع
شهيد كما أنّ العواصم العربية
والغربية لم تطالب بتنحّي بشار الأسد
وجزء من السوريين لا يزال يتكتم ويتحفظ
بل يظهر مساندة لبشار خشية الفراغ
والفوضى رغم أن الثورات لا تخشى ذلك بل
تطلبه. لكنّ الإصلاحات لا بدّ منها وهي
عاجلة وملحّة من ذلك ضرورة رفع القبضة
الأمنية الحديدية على الحياة السياسية
وتحرير الإعلام والفضاء العمومي
وإلغاء البند في الدستور القاضي
باحتكار حزب البعث للسلطة فقد قتل إلى
حد الآن أزيد من مائتي معارض ما يذكّر
بتصفية المعارضين طيلة العقود الماضية
حين استشهد الآلاف بل دُمّرت مدينة
بأسرها على ساكنيها هي مدينة حماة
الشهيدة مما يؤكد الصورة الدموية
لنظام كان على الدوام متيقظا تجاه
المخاطر الخارجية يتفاداها
بالتحالفات المثيرة للجدل وبالصمود
أمام الضغوط ومتيقظا تجاه الأخطار
الداخلية يتهيأ لها ويجابهها بالضربات
الاستباقية والآخذ بالشبهة والقتل على
الانتماء والهوية السياسية. إن الثورتين التونسية والمصرية قد منحتا
فرصة إلى محمد السادس في المغرب وبشار
الأسد في سوريا للتفكير في تدارك
الأمور عبر الإعلان عن إصلاحات واسعة.
وكان الملك أسرع في الاستجابة وأكثر
جذرية في مجالات الإصلاح وقد يعود
السبب إلى الفارق في تعاطي النظامين
المغربي والسوري في نوعية التعاطي مع
الأوضاع السياسية. لذلك تتخذ تنازلات النظام المغربي طابع
المبادرة لا المناورة في حين تظهر
المبادرات السورية كأنها هزيمة وركوع
أمام مطالب الجماهير حتى وإن كانت
الإجراءات المتخذة جزئية وتجميلية
ويغلب عليها مقصد المناورة والخديعة
مثلما يفعل علي عبد الله صالح في اليمن
الذي نادى الشعب اليمني بالإجماع في
حقّه «علي صالح يا كذاب». فالمغرب
يحتاج إلى مزيد من الحرية والعدالة
وتحتاج سوريا إلى إنهاء احتكار حزب
وطائفة يمثلان الأقلية للسلطة والقرار
على حساب غالبية الشعب السوري. ويصعب
ذلك كلما تعمقت الأزمة واتسعت رقعة
الأحداث وارتفع عدد الضحايا والشهداء
ونحَت الثورة منحى جذريا راديكاليا في
مطالبها واشتراطاتها.. والنظام السوري بسبب حدة الأزمة والخلاف
مع خصومه وتصلب أركانه يواجه صعوبة في
مدّ الجسور مع المعارضة مع ضمان حفظ
ماء الوجه للقيادة الماسكة بالسلطة إذ
أنّ هناك خشية حقيقية من أن تؤدي
الإصلاحات والتنازلات إلى مزيد من
الضغط الشعبي وإلى رفع سقف المطالب
وهذا هو مأزق الأنظمة التي تحتقر
شعوبها وتراوغ وتماطل لتأخير إدخال
بلدانها في الحداثة السياسية وتكرس
الاستبداد. فكل انفتاح حقيقي يمكن أن
تكون عاقبته سقوط النظام وانهيار
بنيانه. لقد دخلت سوريا طورا حاسما في طريق
التغيير وقد قطع الشعب السوري شوطا لم
يعد معه الرجوع إلى الوراء أمرا ممكنا. ======================== إجماع في إسرائيل: بقاء
الأسد ثروة ثمينة لأمن تل أبيب المصدر: إيلاف أعربت أكثرية الدوائر السياسية في
إسرائيل عن قناعتها بأن بقاء النظام
السوري، ينعكس ايجاباً على استقرار
الامن القومي للدولة العبرية، فيما
إعتبرت الاقلية ان حالة الهدوء على
الجبهة السورية سمحت للأسد ببناء
برنامج نووي، الا ان الفريقين استبعدا
احتمالات وصول الاخوان المسلمين للحكم
بعد بشار الأسد. تراقب الدوائر السياسية الاسرائيلية ما
يجري في سوريا بحذر بالغ، إذ يسود
الاعتقاد لدى الأكثرية ان بقاء نظام
بشار الاسد يصب في صالح الامن القومي
الاسرائيلي، وان الاطاحة به قد تشكل
تهديداً غير مسبوق على استقرار جبهة
اسرائيل الشمالية، التي تعتبرها
حكومات تل ابيب المتعاقبة من اكثر
الجبهات المأمونة منذ حرب (يوم الغفران)
تشرين الاول/ اكتوبر عام 1973، بينما يرى
فريق آخر من الأكاديميين
الاسرائيليين، ان التعويل على بقاء
الاسد الابن للحفاظ على هدوء جبهة
اسرائيل الشمالية ليس مضموناً، لاسيما
ان بشار الاسد يستغل هذا الهدوء غطاء
لتمرير برنامجه النووي، الذي سبق
وقصفته اسرائيل في منطقة دير الزور
بحسب تقارير غربية. وان فرص سيطرة
الاخوان المسلمين على سوريا ما بعد
الاسد ضئيلة للغاية. نظرية "من تعرفه افضل من غيره" وبحسب صحيفة يديعوت احرونوت يرى المستشرق
الاسرائيلي، خبير الشؤون السورية "موشي
ماعوز": "ان الحلبة السياسية في
اسرائيل باتت على قناعة بنظرية "من
تعرفه افضل من غيره"، لاسيما ان هناك
فرصة للتوصل الى تسوية مع بشار الاسد،
على خلفية ميوله العلمانية، فضلاً عن
انه سبق وعرض على اسرائيل امكانية
التوصل الى اتفاق سلام، ولعل ذلك هو ما
يجعلنا في اسرائيل نقف امام علامة
استفهام كبيرة وهي، ما الذي يمكن ان
يشهده الواقع السياسي الجديد في سوريا
اذا سقط نظام بشار الاسد". واضاف ماعوز استاذ العلوم السياسية في
الجامعة العبرية ان السيناريو الاكثر
سوءاً، الذي قد تؤول اليه الامور بعد
سقوط نظام الاسد، هو بزوغ نجم جماعة
الاخوان المسلمين السورية، واحتلالها
المقاعد الامامية في النظام الجديد،
الامر الذي يحول دون التوصل الى تسوية
سلمية بين دمشق وتل ابيب. والمح الخبير
الاسرائيلي الى انه من غير المضمون ان
يخلف نظام الاسد الابن نظاماً
علمانياً، يدعم وجود الدولة العبرية
في منطقة الشرق الاوسط، ولهذا السبب
يرى ماعوز ضرورة بقاء بشار الاسد،
للحيلولة دون زعزعة استقرار امن
الدولة العبرية. ووفقاً لما نقلته الصحيفة العبرية عن
الخبير الاسرائيلي، اكد الاسد الابن
منذ بداية حكمه، اعتزامه مواصلة
الطريق الذي بدأه والده مع اسرائيل،
وعلى حد رأي ماعوز: "من الممكن
التوصل الى تسوية مع الاسد الابن، خاصة
ان جهاز الامن القومي الاسرائيلي ادرك
ذلك خلال الاونة الاخيرة، وتطلع الى
عزل النظام السوري عن الحلف الايراني".
كما ان وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود
باراك فطن الى تلك الحقيقة، وتمكن خلال
رئاسته للحكومة الاسرائيلية من التوصل
الى تفاهمات مع سوريا بخصوص التسوية،
الا انها فشلت في نهاية المطاف، ولذلك
فإن رأس النظام السوري الحالي افضل
لاسرائيل بكثير عن الحالة الضبابية
التي قد يؤول اليها الوضع حال سقوطه. ثروة ثمينة لاسرائيل اما البروفيسور "غوشوع لنديس"
الخبير العالمي في الشأن السوري،
ورئيس تحرير مدونة syriacomment.com،
فيقول في سياق حديثه للصحيفة العبرية:
"انه من خلال وجهة النظر
الاسرائيلية، يعتبر بشار الاسد ثروة
ثمينة لاسرائيل". واوضح لنديس الذي
اقام لسنوات طويلة في سوريا، ويعلم
جيداً واقع المشهد السياسي في دمشق، ان
سقوط نظام بشار يعد خسارة فادحة للدولة
العبرية. ويعتقد لنديس رئيس مركز
دراسات الشرق الاوسط في جامعة
اوكلاهوما: " ان غالبية الخبراء
السياسيين يدركون ان اندلاع حرب اهلية
في سوريا سيفتح الباب امام نمو ميليشيا
راديكالية او تنظيم اسلامي مقابل نظام
ديمقراطي ضعيف، الامر الذي يحفز
الولايات المتحدة على العمل لاعادة
هضبة الجولان الى سوريا، في مسعى لحصول
واشنطن على الشرعية، وفي اي حال من تلك
الاحوال ستصبح اسرائيل هي الخاسر
الاول، لذلك تفضل اسرائيل نظام الاسد
"عديم الانياب" على اي تحول مفصلي
في خارطة السياسة السورية". على صعيد ذي صلة اعرب البروفيسور غوشوع
لنديس في حديثه ليديعوت احرونوت عن
توقعه، عن أن طبيعة المشهد السياسي في
سوريا بالغة التعقيد، إذ تعتقد
الأغلبية في الخارج والداخل السوري،
ان الاسد الابن هو احدى اسوأ الاقليات
في سوريا. وعلى خلفية حمامات الدم التي
يشهدها العراق، يبدو انه حال سقوط بشار
الاسد، ستخوض العشائر والطوائف
السورية حربا اهلية ضارية، الامر الذي
يقود الى حالة من الفوضى لن تقتصر على
سوريا، وانما سيطول مداها منطقة الشرق
الاوسط، بما في ذلك المنطقة الحدودية
"الهادئة" حتى الان بين اسرائيل
وسوريا. وعلى اية حال - كما يقول الخبير
العالمي لنديس - فإن بشار الاسد هو افضل
النماذج التي يمكن التعويل عليها عند
الحديث عن استقرار الامن القومي
الاسرائيلي، لما يمتلكه من قوة وما
يحافظ عليه من مناخ مستقر، فإذا زال
نظام الاسد فستجد اسرائيل نفسها امام
عراق جديد، ولن يكون ذلك افضل من الوضع
الراهن بالنسبة إلى الدولة العبرية. من جانبه يحاول "إيال زيسر" خبير
الشؤون السورية، عميد كلية الاداب في
جامعة تل ابيب الإجابة على سؤال محدد،
وهو: ما الانعكاسات التي ستعود على
اسرائيل في ما يخص التطورات الحاصلة في
سوريا؟، فيقول زيسر: "إذا كنت اعتقد
في الماضي ان نظام بشار الاسد يعني
الاستقرار بالنسبة إلى الجبهة
الشمالية لاسرائيل، فإنه ينبغي في
الوقت الراهن خلق نوع من التوازن في
طبيعة المشهد، في ظل اصرار النظام
السوري على البقاء في كنف الحلف
الايراني، ودعم علاقاته بحماس وحزب
الله". واقع هادئ وآخر مشتعل ويعتقد زيسر انه انطلاقاً من تلك
الازدواجية، باتت اسرائيل امام واقعين
في سوريا، احدهما هادئ ويخص الجبهة
السورية، والاخر مشتعل ويخص العلاقات
السورية بحزب الله وحماس". غير انه
المح الى ان حالة الهدوء التي تخيم على
المشهد السوري منذ حرب الغفران، تمكن
الاسد من استغلالها في تطوير برنامجه
النووي، ومن هذا المنطلق يجزم الخبير
الاسرائيلي: "ان نظام الاسد لم يعد
ثروة بالنسبة لاسرائيل كما كان الحال
عليه في الماضي". وفي ما يتعلق بامكانية سيطرة الاخوان
المسلمين على نظام ما بعد بشار الاسد،
لم يبد الخبير الاسرائيلي زيسر وجود
مؤشرات تؤكد تلك الامكانية، مشيراً في
حديثه مع صحيفة يديعوت احرونوت الى ان
تركيبة المجتمع السوري تنطوي على عدة
طوائف: "لا اعتقد ان هناك فرصة جادة
امام سيطرة الاخوان المسلمين في سوريا
على النظام حال سقوط بشار الاسد، فعلى
الرغم من ان تلك الجماعة قائمة ومنظمة،
الا ان 40% من الشعب السوري ينتمون الى
اقليات متباينة". لم يكن الخبير إيال زيسر وحده صاحب هذه
القناعة، وانما شاركه فيها المعارض
السوري "فريد غادري"، رئيس حزب
الاصلاح السوري، الذي يتخذ من
الولايات المتحدة مقراً له، ففي حديثه
مع يديعوت احرونوت، أوضح: "ان
السوريين يعلمون جيداً ان ايران باتت
تفرض نفسها على سوريا وسياستها، وان
حكومة طهران مسؤولة مثل الاسد عن
عمليات القتل، التي تُرتكب اليوم تلو
الاخر ضد الثوار في مختلف المدن
السورية"، فالخيار الذي لا يزال
باقياً امام الاسد هو "ديمقراطية
الغليان"، التي لن يتم التوصل اليها
الا اذا رفض الغرب التنازل للاخوان
المسلمين، ودافع عن حق كل سوري في ان
يكون صوته مسموعاً. الى ذلك ترى عناصر المعارضة السورية،
بحسب ما نقلته عنهم الصحيفة العبرية،
ان القوات الايرانية وغيرها التابعة
لحزب الله، يدعمون الاسد في قمع
التظاهرات، خاصة ان الولايات المتحدة
اتهمت بشار الاسد بذلك مباشرة، ولعل
ذلك كان واضحاً لدى الثوار السوريين
انفسهم، عندما رددوا هتافات مناهضة
لحزب الله وايران. وتعتقد المعارضة
السورية ان بقاء نظام بشار الاسد يخدم
اسرائيل قبل اية جهة اخرى، غير ان فصيل
آخر من المعارضة يعتقد ان سقوط الاسد
سيؤدي الى حالة من الفراغ السياسي،
الذي قد يسمح بدخول عناصر راديكالية
الى المشهد السوري، ويقود حتماً الى
حرب اهلية سيكون لها بالغ الخطورة على
سوريا والمنطقة بما في ذلك اسرائيل. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |