ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
الإثنين, 16 مايو 2011 ميسر الشمري الحياة مع كل قطرة دم تُراق على الأراضي السورية
على أيدي قوات الجيش والأمن
والشبّيحة، تتجه سورية إلى المجهول.
الرواية الرسمية لا أحد يعتد بها،
لكونها تأتي متناقضة ولكأن من أخرجها
تلميذ في السنة الأولى في معهد الفنون.
كان الأجدر بكتبة وزارة الإعلام
السورية أن يستعينوا بخبرات المخرج
نجدة أنزور. شباب «يوتيوب» تفوقوا على
وسائل الإعلام الرسمية، وبثوا على
مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع يندى
لها الجبين، ومن بين أبشعها، مقطع
مذبحة النساء في بانياس. أربأ بالجيش العربي السوري، إن لم يكن فقد
عقيدته الوطنية في العقود الأربعة
الأخيرة، أن يقوم بقتل أربع نساء
سوريات بالقرب من بانياس، وأرجح ان من
قام بتلك المجزرة البشعة هم الشبيحة
الذين أطلق لهم النظام العنان للقتل في
جميع أنحاء سورية. ما نعرفه عن الجيش
السوري هو انه جيش وطني عقيدته
العسكرية راسخة، ولا يمكن ان يوجه
أسلحته إلى صدور السوريات، ليس هذا
فحسب، بل إن كثيراً من أحرار سورية
يعولون عليه بالقيام بدور وطني في هذه
المرحلة، أسوة بالجيشين التونسي
والمصري اللذين حسما الأمور لصالح
الشعب، وهو الدور المطلوب من أي جيش
وطني تأسس في الأساس لحماية الوطن
والمواطن. أياً كان من قام بقتل النساء في بانياس
فإنه عمل غير أخلاقي، ويجب أن يحاسب من
قام به، أسوأ من قتل النساء التصريح
الذي أدلى به رامي مخلوف (خال الرئيس)
إلى صحيفة «نيويورك تايمز» في العاشر
من الشهر الجاري، وربط فيه بين
الاستقرار والأمن في إسرائيل وسورية،
لافتاً إلى أن ما تقوم به بلاده «حرب
قرر النظام خوضها حتى النهاية ضد
السلفيين»، وهو اللقاء الذي اضطر
النظام السوري معه إلى ان يتبرأ منه
على لسان وزير الإعلام السوري، الذي
أشار إلى ان تصريحات مخلوف تمثله وحده،
وذلك بعد أن سرت تعليقات لاذعة حول أن «دول
الصمود.. والتصدي... والممانعة... وحاضنة
المقاومات، أصبحت حارساً لحدود الكيان
الصهيوني». تبرير وزير الإعلام لتصريحات مخلوف، غير
منطقي، إذ ما الذي يدفع بصحيفة بحجم
وشهرة «نيويورك تايمز» أن تأتي من وراء
المحيط الأطلسي لتجري حواراً مع رامي
مخلوف لو لم تكن تدرك انه جزء من
النظام، ومن غير المنطقي أن تقطع «نيويورك
تايمز» الأطلسي لتجري حواراً مع رامي
مخلوف بصفته رجل أعمال، وهي تعلم أن
ثروة مخلوف التي سرقها من أفواه الشعب
السوري (مهما كبرت) لا تساوي ميزانية
الدعاية والإعلان لإحدى شركات بيبسي
كولا الأميركية، التي من المتوقع أن
يكون مخلوف وكيلها في سورية. جاء البعثيون الأول في بداية الستينات من
القرن الماضي، وهم يرفعون شعارات
تطالب بحقوق العمال والفلاحين والثورة
ضد الإقطاعيين، وكان واحداً من أقوى
شعاراتهم «حيدوه وإحنا البعثية حيدوه..
والإقطاعي بالشوارع نشحطه»، فقاموا
بمصادرة أراضي الإقطاعيين وتوزيعها
على الفلاحين (هذا أمر جيد)، ولكن بعد 40
عاماً من حكم البعث تدهورت الزراعة،
ومن ثم الثروة الحيوانية، وأصبح
الفلاحون والعمال تحت خط الفقر، وذلك
بسبب أنهم أزالوا إقطاعاً وتحولوا مع
الزمن إلى إقطاعيين. البعثيون الأول
يعتبرون كل من يملك أكثر من ألف دونم
إقطاعياً، اليوم أبناء أولئك البعثيين
الأول وأحفادهم لديهم مزارع خاصة تزيد
مساحة المزرعة الواحدة على 10 آلاف
دونم، ليس هذا فحسب، بل إن بعضهم لديه
مزرعة للربيع على طريق حمص وأخرى للصيف
في بلودان وثالثة للشتاء على طريق حلب
ورابعة للزهور على طريق بيروت، وهو
الأمر الذي اضطر معه عضو لجنة صياغة
قانون الانتخابات الجديد محمد الحسين
للإعلان أول من أمس عن انه يفضل إعطاء
الفلاحين والعمال 50 في المئة من مقاعد
مجلس الشعب، وهو ما يعني أن اللجنة
أدركت أن المادة 14 من قانون الانتخابات
الحالي، والتي تنص على تقسيم أعضاء
مجلس الشعب إلى عمال وفلاحين بنسبة 50
في المئة لكل منهما لم تطبق، بعدما
سيطر البعثيون وأحزاب الجبهة على
البرلمان ومن ثم سلموه للتجار. ==================== الإثنين, 16 مايو 2011 جميل الذيابي الحياة كم هو مخجل ومريب ومثير للشفقة موقف الدول
العربية من الأوضاع الإنسانية في
سورية. كم هو محزن ومخزٍ صمت جامعة
الدول العربية وأمينها العام عمرو
موسى، الذي انتفض بشأن الوضع في ليبيا
ثم «تبلّم» و»تلعثم» عما يتعرض له
الشعب السوري من سحل وركل وقتل. يواجه الشعب السوري آلات قتل وقمع وظلم
وإهانة ومهانة ومذلة، من دون أن يجد أي
مؤازرة من أي دولة عربية واحدة. ماذا
يحدث؟ ولماذا التنكّر بهذه الصورة «المخجلة»
لشعب عربي يخرج بصدور عارية بلا سلاح
ينشد الإصلاح ويطالب بالحرية والكرامة
بكل سلمية ثم يقابل بأسلحة البلطجية
والشبّيحة؟! دعاني الزميل حازم الأمين إلى قراءة كتاب
تُرجم حديثاً، يتحدث عن الحالة
السياسية في سورية. الكتاب بعنوان «السيطرة
الغامضة» لرئيسة قسم العلوم السياسية
في جامعة شيكاغو الأميركية ليزا وادين.
تعمل الباحثة على تفكيك مفاصل السياسة
والخطاب والرموز في سورية المعاصرة.
وقام بترجمته أستاذ دراسات الشرق
الأوسط في جامعة آركنسا نجيب الغضبان،
ويبدو أن له من اسمه نصيباً، خصوصاً
وهو يستخدم التعاريف والترجمات بطريقة
جذّابة، ويستعرض المواقف في الداخل
السوري بشكل لافت. تُحلل المؤلفة كيفية توظيف النظام السوري
خلال حكم حافظ الأسد الخطاب البلاغي
والعروض والرموز كآليات للسيطرة
والتحكم في المجتمع، وتبحث في ظاهرة
تمجيد الحاكم، والتي وصلت إلى حد «التقديس»
عند الأسد. وعلى رغم أن الكتاب أُعد
أصلاً كأطروحة للحصول على درجة
الدكتوراه في العلوم السياسية، إلا
أنه يعكس حال الداخل السوري بعيداً عن
«الماكياج» وما ينقله الإعلام الرسمي
السوري، فهو يركز على فترة حافظ الأسد،
إلا أنه ينطبق إلى حد كبير على نظام
ابنه بشار. تراجعت أحلام التغيير في سورية ورغبة
الابن بشار في انتهاج خط سياسي جديد،
على رغم ظهور بوادر مشجعة في الشهور
الأولى من حكمه، لكنها سرعان ما تراجعت
لتنتهج سياسة الأب «القاسية» نفسها. ظلّ نظام بشار يرفض على مدى السنوات
الماضية كل استحقاقات الإصلاح الداخلي
وتبني أي شكل من أشكال الليبرالية
السياسية والاقتصادية والاجتماعية،
واستمرت ظاهرة «التعظيم» والمبالغة في
تعليق صور الابن كما كان يفعل الأب مع
استخدام عبارات مثل «قائدنا للأبد». يستعرض الكتاب جزءاً من «النكات» التي
تدور بين السوريين في الغرف المغلقة،
بعيداً عن أسماع رجال الأمن
والاستخبارات، حتى لا يتعرض «المنكت»
والسامعون للقمع والسجن وربما خنق
الضحكة للأبد. فمثلاً تورد الباحثة بعض النكات
المتداولة منها، انه في أحد لقاءات
الأسد مع الرؤساء، التقى ريغان
وميتران، وبدأ يتباهى كل بنفسه، إذ قال
ريغان: «مواطني موالون جداً، لدرجة أن
فرقة عسكرية كاملة مستعدة للتضحية من
أجلي، فنظر القائدان الآخران إليه
بشيء من الدهشة، فأصدر ريغان لفرقته
الأوامر لإثبات ذلك، فسارع الجنود
بالانتحار، تعبيراً عن ولائهم
لقائدهم، لكن ريغان أصيب بالهلع وأمر
جنوده بالتوقف فتوقفوا»، ثم تباهى
ميتران أيضاً، وقال: «رعاياي موالون
جداً لدرجة أن فرقتين كاملتين
مستعدتان للتضحية من أجلي، لكن الأسد
وريغان غير مقتنعين بذلك، فأمر ميتران
أفراد الفرقتين بالتنفيذ، وبدأ الجنود
بالانتحار، لكن ميتران المذعور أمرهم
بالتوقف»، ثم تباهى الأسد «بأن رجاله
موالون له لدرجة أن ثلاث فرق مستعدة
للموت من أجله، وعندما رأى نظرة ميتران
وريغان تأكد أنهما يشكّان في الأمر،
فأمر رجاله بالتنفيذ، وبدأ رجاله
بالانتحار الواحد تلو الآخر، ثم يأمر
رجاله بالتوقف، لكنهم لا ينصاعون
لأوامره ويستمرون في عمليات الانتحار،
ولم يتبق منهم سوى الجندي الأخير،
فيصرخ فيه الأسد بالتوقف. ليرد عليه
الجندي وهو ينتحر: من قال لك إنني أريد
البقاء وحيداً معك». وهو يعني أن
التضحية العظمى عند هؤلاء الجنود ليس
الموت، ولكنه البقاء في أرض يعيش فيها
أو يحكمها نظام الأسد. ومن النكات الظريفة التي تعبر عن مصادرة
رأي الشعب وحقوقه التي وردت في الكتاب،
حول تعليق صور الأسد على الجدران في
أنحاء سورية، أثناء الحملات
الانتخابية، وفبركتها عبر الادعاءات
البلاغية، والوظائف المتعددة، فهو
الصيدلي الأول والطبيب والمحامي
والمقاوم، إذ يروى أن رجلاً ذهب إلى
طبيب العيون أثناء الانتخابات
الرئاسية، قائلاً: «إلحقني يا دكتور
هنالك شيء غلط في نظري، فأنا أرى كل
الصور متشابهة». ما يعني ان الجمهوريات
العربية التي من المفترض ان يحكمها
الجمهور عبر الانتخابات أصبح الحكم
فيها وراثياً أكثر من الملكيات. الشعب السوري متعلم وحضاري، وقادر حتى
وإن كان عبر الصور الكوميدية التعبير
عن مواقفه وتأكيد وعيه بما يدور حوله،
ولا يحتاج إلى أبواق تجمّل قبح الأنظمة
مثلما يفعل إعلاميون سوريون ولبنانيون
وعرب آخرون، أعماهم الكذب والانتهازية
والرغبة في الانتفاع من الأنظمة عبر
تسويق الأكاذيب ضد الناس والمدائح
للأنظمة والابتعاد عن قول الحقائق كما
يقال على قنوات سورية ولبنانية. يفترض أن تهب ألسنة «فزاعة» النظام إلى
الدفاع عن المواطن السوري «المسحوق»
والمغلوب على أمره، والذي يقتل في
الشوارع علناً برصاص الشبيحة
والبلطجية ورجال الأمن إلى المطالبة
برفع الظلم، والدعوة إلى الإسراع
بالإصلاحات وحض النظام على الاستجابة
لمطالب شعبه، لا دعوة الناس إلى
الإذعان والطأطأة بالرؤوس، وإعادة
إنتاج نفس لغة السلطة بإشارات فارغة
وكلمات باهتة وأساليب تمويهية كريهة
تفتقد الصدقية. ==================== أيّ أعصاب يحتمل كلّ هذا
الكلام عن المؤامرة في سورية؟ الإثنين, 16 مايو 2011 معن البياري * الحياة ليس الذي يجري في سورية احتجاجاً شعبياً،
ينشط فيه مواطنون يكسرون الخوف،
ويجدون أنه آن انتهاء الاستبداد
والتجبّر في بلدهم، ويطالبون بالحرية
والكرامة ورفع الذل. إنه تآمر يستهدف
سورية، الصخرة التي تتحطّم عليها
المخططات الصهيوأميركية في المنطقة،
وتنفيذ لمخطط يستكمل العدوان
الإسرائيلي والفاشل على المقاومة
اللبنانية في تموز 2006، لفك التحالف
الوثيق بين هذه المقاومة وسورية
الممانعة. تشترك في ارتكاب المؤامرة من
الداخل عصابات مسلحة، سلفية وإرهابية
وإخوانية، تقترف جرائم القتل ضد أفراد
الجيش والشرطة والمواطنين الذين
يسقطون شهداء. ومن الخارج، الولايات
المتحدة التي لا تخفي نيّاتها
العدوانية ضد النظام، لأنه العقبة
الصلبة أمام مخططاتها في المنطقة،
وتعمل فيها على جرّ لبنان وسورية إلى
الارتهان لإرادتها، ما يعني الاستسلام
أمام إسرائيل والامتناع عن مقاومتها. وتشترك مع واشنطن وتل أبيب في المؤامرة،
الواضحة التفاصيل، دول خليجية لا
برلمانات فيها أو أحزاب حتى تعلم سورية
الديموقراطية، يمول أمراء فيها
المؤامرة بأموال يدفعونها إلى
لبنانيين وسوريين مخرّبين. ولتكتل «14
آذار» في لبنان مساهمته السوداء فيها،
وهو الذي لن يهدأ بال لمكوناته الحانقة
على حزب الله إلا بسقوط النظام في دمشق. وثمّة مشاركة من سلطة محمود عباس التي ترى
سورية الأسد جداراً وحيداً أمام
تنازلاتها عن القدس وحقّ عودة
اللاجئين الفلسطينيين. وتتوسّل
المؤامرة، المفضوحة، التضخيم
الإعلاميّ لحوادث معزولة، تقوم به
فضائيات مشبوهة، تستأجر شهود عيان
يفبركون روايات كاذبة، وبعضهم يوجد في
غرفة مجاورة للاستوديو الذي تبثّ منه «الجزيرة»
(مثلاً) أكاذيبها، وهي التي تدفع أيضاً
لمن يعتبرون أنفسهم من أهل حقوق
الإنسان ليقولوا المزاعم المطلوبة. وحتى تبدو المؤامرة على سورية في سياق
مشاهد ثورية عربية، كان لا بدّ من
التمهيد لها بحوادث وصفت بأنها
ثوريّة، فيما هي ليست كذلك، في تونس
أولاً ومصر ثانياً وليبيا واليمن
تالياً. فالذي جرى في البلدين الأولين
تدبير استطاعت أن تحدثه الولايات
المتحدة بدعمها منظمات وتجمعات ناشطين
في البلدين، وبصلاتها الوثيقة بقيادات
عسكرية في جيشي البلدين. وما إن أنهت مهمّتها المزدوجة، حتى عمدت
إلى التخريب الحادث في ليبيا، بعد
تحريك تظاهرات في بنغازي، تعمّدت
تهويلها لتسوّغ لاحقاً تدخّل حلف
الناتو، وليكون هذا السيناريو ماثلاً
أمام القيادة السورية، وهي تواجه ما
يتمّ تصنيعه من تظاهرات في بلدها، من
الميسور تنظيمها بعد صلوات أيام
الجمعة. وعلى هذه القيادة أن تسلك مسار
الوجهة المطلوبة، فتفك صلاتها مع حماس
وحزب الله، وتتفاوض مع إسرائيل فوراً
للوصول إلى توقيع معاهدة سلام، وليس
إلى شيء آخر، وهذا ما وصل إلى القصر
الرئاسيّ في دمشق من رسائل خليجية
وأجنبية في الأسابيع الماضية. لا ينفرد التلفزيون السوري، وضيوفه من
فنانين ومحللين سياسيين من مواطنيه،
بإشهار الكلام أعلاه، ولا يردده فقط
ضيوف لبنانيون غير قليلين على شاشته،
يفاجئونك بأنهم أعلى كعباً من مضيفيهم
في تشبيك خيوط المؤامرة، المكشوفة،
ببعضها. إنّك تجد بعض هذا الكلام، أو
كله أحياناً، في مقالات لأصحابها
قراؤهم، ويتبنّاه أيضاً عاملون في
الشأن العام وكتاب وأصحاب رأي غير
قليلين، في مصر والأردن والخليج
والمغرب، إذا حدث أن أشاروا إلى نصرتهم
الشعوب العربية في تطلعاتها نحو
الديموقراطية والحرية، وإن جازفوا
أحياناً بالتنويه إلى «موافقتهم» على
حقّ السوريين في التظاهر، فإنهم
يقرنون تلك النصرة وهذه الأحقية
بالتشديد على ما يرونها مواقف ممانعة
تتخذّها سورية في مواجهة إسرائيل، وفي
إسنادها المقاومتين اللبنانية
والفلسطينية، على ما فعل، مثلاً،
المذيع غسان بن جدو، في تأشيره الموجز
إلى أسباب مغادرته «الجزيرة»، وعلى ما
جاء في بيان مثقفين مصريين. أمام ذيوع هذه القناعات المتوطنة عند
هؤلاء، وهي التي تتّصف، ابتداءً،
بانعدام الحسّ الإنساني والأخلاقي في
شأن قتل مواطنين سوريين بالرصاص الحي،
وتالياً، بالكاريكاتورية غير
المضحكة، المحزنة على الأصح، يجد
المتفحّص لخوائها وسوئها نفسه أمام
أحد خيارين. أولهما، أن يبعدها عن
باله، فلا يلتفت إليها، بداعي أنّ
الهذر فيها ثقيل، ويكشف استسهال
الركاكة الوطنية فيها عن فظاظة رديئة.
أو يحاول أن يدرّب أعصابه على التحمل،
فيذهب إلى الخيار الثاني، فيناقش هذا
الكلام، بتفنيد الكذب الغزير الذي
فيه، بالشواهد والحجج أولاً، وبلغة
المبادئ والأخلاق تالياً، وبشيء من
السياسة إن لزم الأمر، مع الغياب
المفضوح للسياسة في القصة كلها.
وبالمفاضلة بين الخيارين، قد يصير
التالي أوجب، لا سيما وأن أصحاب ذلك
الكلام صاروا يتسلحون بالقناعة إياها،
وهي أن دسّ الأنف الذي تقوم به واشنطن
وباريس ولندن في الشأن السوري لا يحيل
إلى غير رغبة بالتدخل السياسي، وربما
شهية العمل العسكري تالياً. ويزيد هؤلاء سلاحهم مضاءً، بالحكاية
إياها عن الكيل بالمكيالين، فلا يجوز
لأميركا التباكي على أرواح سوريين
يسقطون في درعا وغيرها، فيما تمالئ
جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين
واللبنانيين، ما ينمّ عن أنّ كل غرضها
من فرض عقوبات على دمشق، وعلى مسؤولين
سوريين قد تطاول الرئيس بشار الأسد، هو
الوصول إلى سورية نفسها، لتلتحق
بالسياسة الأميركية في المنطقة، فلا
تبقى في موقع الممانعة، الداعم
المقاومة اللبنانية التي انفردت وحدها
بالانتصار على إسرائيل. ويضيف هؤلاء
إلى هذا الكلام بثّ مخاوف عن تقسيم قد
يلحق بسورية إذا سقط نظام الحكم فيها،
وعن مواجهات أهلية مسلحة بين طوائف
مجتمعها، بالنظر إلى احتكار طائفة
بعينها السلطتين الأمنية والعسكرية
فيها، على ما يشيع. يردّدون مخاوفهم
هذه، متناسين أنّ الوحدة العربية
واحدة من ثالوث مبادئ حزب البعث
الحاكم، ما لا يستقيم مع هشاشة مفترضة
ومتوقعة بين أهل الوطن السوري، إذا نظر
إليهم كطوائف وملل ونحل، لا كشعب موحد،
إيمانه بالوحدة العربية عتيد وعتيق. ليس مهماً مقتل مئة سوري في نهار واحد،
ولا حصار درعا وتجوال الدبابات فيها،
وفقدان أطفالها الحليب، ولا اعتقال
ثمانية آلاف سوري في أقل من أسبوع،
وبينهم مثقفون معتدلون وآخرون غير
معارضين. لا مطرح لمطالبة النظام بأن
يسمح لوسائل الإعلام والفضائيات
العربية بتتبع الأخبار بنفسها، فيتبين
الصح والغلط في الذي يصل إلى أسماعنا.
لا يعني شيئاً لهؤلاء أن المواطنين
السوريين لا يملكون أمام رصاص النظام
سوى كاميرات الهواتف المحمولة،
يصوّرون بها جثثاً في ثلاجة خضروات في
درعا، وحين تصوّر الدعس بالبساطير على
مواطنين في البيضا. ليحاول أصحاب تلك الرطانة المقرفة عن
الممانعة ودعم المقاومة والمؤامرات
والأصابع الخارجية أن يحصوا القتلى
والجرحى والمعتقلين (والمفقودين)، فقد
تقلّل هذه المحاولة، إن بادروا إليها،
من العنصرية المقيتة في أمخاخهم تجاه
السوريين، لأنّ الكلام الإنشائيّ إياه
عن تلكما المواجهة والممانعة، وتقديمه
على أيّ كلام عن الجاري من تقتيل، لا
سيما إذا فاض التخريف فيه إلى حدود
مؤذية للعقل، لا وصف له سوى أنّه عنصري. ولأنّ كاتب هذه السطور تعوزه الأعصاب
اللازمة لتحمل الأخذ والعطاء مع
الرداءة المستفزة في ذلك الكلام
الشديد التفاهة، يأخذ بالخيار الأول،
فينصرف عن جدال لا يدعي طاقة لديه
ليخوضه، فيما معلقون غير قليلين أكثر
أهلية وكفاءةً منه في مزاولة الخيار
الآخر. * كاتب فلسطيني ==================== لماذا لا تكترث روسيا
لدم السوريين؟ زين الشامي الرأي العام 16-5-2011 رغم سقوط ما يقارب ألف سوري برصاص قوات
الأمن وقذائف دبابات الجيش منذ منتصف
مارس الماضي وحتى اليوم، ورغم اعتقال
نحو تسعة آلاف شخص آخر، فإن الموقف
الرسمي الروسي استمر في تأييده للنظام
في دمشق بخلاف مواقف كل من الولايات
المتحدة والاتحاد الاوروبي وغالبية
المجتمع الدولي. موسكو وحسب مسؤول في وزارة الخارجية
الروسية تعتبر الموضوع كله مجرد «لعبة
غربية» تستهدف المصالح الروسية في شرق
البحر الأبيض المتوسط، وهي لا تريد
أبداً اجراء مناقشة في مجلس الأمن حول
الوضع في سورية «كما يرغب الغربيون»،
لا بل إن ذلك المسؤول اعتبر أن
المعارضة السورية «مسؤولة عن العنف»
في موقف هو الأغرب والأكثر انحطاطاً من
الناحية الأخلاقية كونه يتجاهل حقيقة
أن الضحايا جميعهم قد قتلوا برصاص قوات
الأمن السورية وبسبب قذائف الدبابات
التي دكت مدن درعا وبانياس وحمص
واللاذقية وبلدات المعضمية ودوما
وغيرها، وقد سقط جميع اولئك الضحايا،
ومن بينهم نساء وأطفال وطاعنون في
العمر، خلال الاحتجاجات في الشوارع. نعرف تماماً أن الموقف الروسي لا ينطلق من
اعتبارات أخلاقية أو أخرى تتعلق
باحترام حقوق الإنسان، فموسكو نفسها،
لا تختلف كثيراً عن نظام دمشق في
انتهاج أساليب عنفية وترويعية بحق
معارضيها حتى وإن كانت أكثر ذكاء وأقل
فظاظة، إن خلفية الموقف الروسي من
الحركات الاحتجاجية في سورية ينطلق من
هواجس كبيرة تتعلق بالخوف على سورية
كحليف تاريخي استراتيجي في البحر
المتوسط في مواجهة الولايات المتحدة
وبعض الدول الغربية التي تحتفظ هي
الأخرى بعلاقات مصلحية مع بعض الأنظمة
في الشرق الأوسط. لكن الفرق بين روسيا والولايات المتحدة
مثلاً، أن الأخيرة تمتلك إرثاً
أخلاقياً ورأياً داخلياً عاماً يولي
مسألة حقوق الإنسان أولوية كبيرة، وما
الموقف الأميركي من تطلعات الشعب
المصري ودعم ثورته ضد نظام الرئيس
السابق حسني مبارك الذي كان حليفاً
وثيقاً وأساسياً لواشنطن، إلا برهان
أكيد على هذه الأولية في السياسة
الخارجية للولايات المتحدة. أما روسيا
ونظراً لإرثها كدولة غير ديموقراطية
منذ الحقبة القيصرية ومروراً بالحقبة
الشيوعية ووصولاً إلى حقبة مدفيديف -بوتين،
لا تنظر إلا إلى مصالحها كدولة عظمى،
وهي ترى الأمور فقط من زواية الصراع
والتنافس مع الغرب. بناء على ذلك لا
يمتلك الخطاب الروسي اليوم أي جاذبية
شعبية ليس في المنطقة العربية فحسب بل
في العالم كله. العلاقة السورية - الروسية ترسخت بعد طرد
السوفيات من مصر حين اضطرت موسكو للبحث
عن بدائل أخرى في الشرق الأوسط، آنذاك
كان كل من العراق وسورية اللذين
يحكمهما حزب «البعث العربي الاشتراكي»
أفضل تلك البدائل فتدفق السلاح إلى
هذين البلدين، وبالإضافة إلى الدعم
العسكري قدمت القيادة السوفياتية
دعماً سياسياً مشهوداً لسورية في
المحافل الدولية وساهم الاتحاد
السوفياتي في بناء البنية التحتية
للاقتصاد السوري، كذلك اعتمدت دمشق في
تسليح جيشها على الصديق والحليف «الاشتراكي».
وفي عام 1963 اقيم مركز الدعم المادي
التقني للأسطول البحري السوفياتي في
ميناء طرطوس السوري. وكان الاتحاد
السوفياتي يورد إلى سورية أسلحة
وغيرها من السلع بكميات كبيرة ما أدى
إلى تراكم المديونية السورية. ورغم أن الولايات المتحدة لا تحتفظ
بعلاقات ودية مع النظام في دمشق، كما
أنها في الوقت نفسه لا تملك قنوات
اتصال مع المجتمع السوري بسبب الجفاء
في العلاقة الرسمية عبر عقود، فقد
لمسنا تحسساً إنسانياً أميركياً
لمعاناة السوريون وإدانة كبيرة
للمجازر التي ارتكبت بحق المتظاهرين
العزل، ولعل هذا ما كان ينتظره
السوريون من الرأي العام الدولي رغم
أنهم لا يعلقون الآمال على التغيير من
خلال التدخلات الخارجية. وبخلاف روسيا
«الصديقة لسورية والشعب السوري» كما
يردد مسؤولو البلدين، فقد شددت
الولايات المتحدة انتقاداتها القاسية
للحكومة السورية، ووصفت إجراءاتها
القمعية لتظاهرات الاحتجاج بأنها «بربرية».
هذا الموقف الأميركي أتى متزامناً
تماماً مع تصريحات المسؤول في وزارة
الخارجية الروسية الذي اتهم المحتجين
بممارسة العنف! ليس الأميركيون وحدهم من يمتلكون حساً
ديموقراطياً واحتراماً لحاجات
وتطلعات الشعوب في التخلص من القهر
وأنظمة القمع، بل الاوروبيون أيضاً
الذين عبروا عن مواقف مؤيدة لتطلعات
السوريين في الحرية، ففي ستراسبورغ،
دعا النواب الاوروبيون الممثلة العليا
للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية
والسياسة الأمنية كاثرين أشتون إلى
بذل مزيد من الجهود كي لا يبقى الاتحاد
الاوروبي «قزماً سياسياً» في وقت يبزغ
فيه «الربيع العربي»، حتى أن زعيم
الخضر دانيال كون بنديت سأل أشتون
قائلاً: «من يمنع في اوروبا وضع الأسد
على لائحة العقوبات؟». الموقف الروسي من الأحداث في سورية يعكس
ضيق أفق شديداً ويفتقد الديناميكية
المطلوبة لأي دولة عظمى تريد الحفاظ
على مصالحها وتكسب احترام الشعوب في
الوقت نفسه. ودلالة على ذلك، نرى كيف أن
تركيا، قد انتقلت في مواقفها ازاء
الاحداث في سورية من موقف الناصح إلى
موقف المنتقد لجرائم النظام. هذه
المواقف التركية تشير إلى صعود في
الدور التركي الإقليمي والدولي، ويعكس
ديناميكية مطلوبة لأي دولة أو قوة
عالمية تبحث عن مكانة لائقة على
الخارطة الدولية. ==================== الأحد, 15 أيار 2011 20:00 د. امديرس القادري السبيل يبدو أن جميع الأبواب قد أغلقت، ولم يعد
أمام المثقفين العرب سوى رفع الرايات
البيضاء تعبيرا عن الاستسلام في معركة
الدفاع عن سوريا ودورها الممانع
والحامي للمقاومة، بأعلى درجات الأسى
والأسف نكتب ذلك، فالأقلام جفت،
والأصوات بحت، ونحن نطالب النظام في
سوريا بالاستماع والانصياع لمطالب
الجماهير الغاضبة والمنتفضة في مختلف
المدن والقرى والأرياف، عشرات
المقالات التي كانت تنشر يوميا في
وسائل الإعلام المختلفة ولم يكن يجمع
بينها سوى قاسم مشترك واحد يطالب
الرئيس بشار بإنقاذ سوريا الدولة
والمقاومة عبر الاستماع الجاد
والمسؤول إلى صوت ومطالبات الشعب. ولكن الرئيس وكل الدوائر التي تتحمل
المسؤولية إلى جانبه لم يحسنوا
الإنصات لمطالب الناس الذين كسروا
أخيرا عنق الزجاجة، وخرجوا على طريق
البحث عن الحرية والانعتاق من الظلم
والقهر والاستبداد، لقد قابل الرئيس
مطالب الإصلاح التي تفجرت في محافظة
درعا بادئ الأمر بالسخرية والتهكم،
وذلك عبر الخطاب الذي ألقاه في مجلس
الشعب الذي لا حيلة له سوى التصفيق
والهتاف الهزلي التمثيلي والذي شب
وشاب عليه. إلا أن المطالب زادت واستمرت فكان الرد
عليها بالرصاص وسقوط الدماء، وبدل من
أن تضيق دائرة الاحتجاج اتسعت وامتدت
إلى محافظات ومدن جديدة، فكان أن تقدم
الرئيس بالإلغاء الشكلي لقانون
الطوارئ، ومحكمة أمن الدولة، وإعادة
تشكيل الحكومة بهدف تقديم المزيد من
الحريات، وهو أول من يعلم بأن ذلك لم
يعد كافيا لمعالجة الأزمة التي اشتعلت
نارها في كل أرجاء البلاد. المحطة التالية التي انتقل إليها النظام
ووظف كل إمكانياته الإعلامية للترويج
لها انصبت على أن البلاد أصبحت في حالة
مواجهة مع زمر العصابات المسلحة،
والمندسين والإرهابيين، والسلفيين
والأصوليين، وبالتالي جاء نزول الجيش
والدبابات وفي حرب مواجهة ظهرت كأن
المطلوب هو إعادة تحرير المحافظات
السورية من قوى احتلال أجنبية هبطت من
السماء، هذا الوضع نتج عنه طغيان صورة
«العسكرة» لكل ما يجري على الأرض وهذا
ما أراده وسعى اليه النظام لدرجة أصبحت
معها جنازات العسكريين من القتلى
تتفوق على نظيرتها من الضحايا
المدنيين!. الآن نستطيع الجزم والقول بأن دمشق
الرسمية بكل ما لديها من قدرة
وإمكانيات فشلت وللأسف في تقديم تفسير
مقنع لكل تلك التطورات والأحداث،
وأصبح الاستقرار السوري بناء على ذلك
في مهب الرياح التي ما عدنا نعلم أين
ستكون ضربتها القادمة، وإلى جانب فشل
العاصمة، فقد ثبت للقاصي والداني ذلك
الفشل الذريع لحزب البعث القائد
للدولة والمجتمع والذي اختفى دوره
وبطريقة أظهرت هامشية تأثيره ومكانته،
فتحول بالتالي إلى حاضر وغائب في ذات
الوقت. الغيرة على دمشق كقلب نابض بالعروبة
والتي كنا نتعلق بحبالها ما عادت تجدي
للتغطية على مساحات الدماء النازفة،
ولأن الغيرة على العروبة والممانعة
والمقاومة وفلسطين لا يجوز أن تتعارض
ولا بأي شكل من الأشكال مع الانحياز
للحرية والعدالة، ولذلك فإنني أعتقد
بأننا أصبحنا مجبرين على إعادة
المراجعة للكثير من المفاهيم،
والثوابت والمبادئ، التي تمسكنا بها
انطلاقا من حبنا الصادق لسوريا
ولدورها الذي كنا ننحاز له انطلاقا من
عتم الليل الحالك الذي كان يغطي سماء
هذه الأمة وقبل أن تندلع ثورات هذا
الربيع العربي التي اشتعلت نارها في
العديد من العواصم. بالأمس خرجت علينا المستشارة الإعلامية
للقصر الجمهوري السيدة بثينة شعبان
ابنة قرية المسعودية التابعة لمحافظة
حمص بكلام هو أقرب إلى المضحك والمبكي
في آن واحد، فالمستشارة قالت لصحيفة «نيويورك
تايمز»: «إن الأصعب قد مر، وكل شيء بات
تحت السيطرة»، وهنا كان بودنا تصديق
كلام المستشارة وعلى قاعدة المثل الذي
يقول «وعند جهينة الخبر اليقين» وذلك
انطلاقا من مكانة المستشارة وقربها من
المراكز الساخنة التي يأخذ فيها
القرار السوري اليوم، ولكن الوقائع
والأحداث تشير إلى عكس ذلك، وبالتالي
فإن السيدة بثينة ستكون مرشحة للجلوس
قريبا على ناصية الطريق لتسأل المارة
عن الذين قتلوا الحصين!. الآن لم يعد مقبولا أن ينتظر الرئيس بشار
نزول الوحي لكي يبلغه بما يجب عليه
القيام به، إن مائدة الحوار الوطني
الواسعة والشاملة والصادقة هي المخرج
الذي يؤدي الى إنقاذ البلاد والعباد،
فالوقت أصبح محسوبا بالساعات وليس
بالأيام والأسابيع، ولكن عليه أن يعلم
بأن الملايين من أحرار هذه الأمة
يتألمون ويبكون لهذا الذي يجري على أرض
الشام. ومهما كنا على
يقين وقناعة بأن جهات لا حصر لها سوف
تواصل التربص بسوريا لصب الزيت على
نارها المشتعلة، إلا أننا ما عدنا
قادرين على إخفاء خوفنا وقلقنا من هذا
الظهور الجديدة للسيدة بثينة شعبان،
والتي ما عاد كلامها يقنع الأطفال
الرضع في دمشق، وباقي محافظات الوطن
التي صامت وصبرت طويلا وما عاد يشبعها
أن تفطر على تصريحات المستشارة
الإعلامية الجوفاء، فهل سيوجه الرئيس
الدعوات ليجمع الفرقاء على المائدة؟!. ==================== استقرار إسرائيل يرتبط
باستقرار سورية 'الممانعة' د. أميمة أحمد القدس العربي 16-5-2011 صرح العقيد القذافي أمين القومية
العربية، في بداية الثورة الليبية (بأن
أمن إسرائيل مرتبط بأمن ليبيا) قلنا من
فانتازيا العقيد، فله خرجات خارج
المألوف، بل استقبلها الكثيرون
باستخفاف وبكثير من الاستهزاء، لأن
ليبيا ليست حدودية مع فلسطين المحتلة،
هذا فضلا عن ان ما فعله العقيد القذافي
بالفلسطينيين عجزت عنه إسرائيل، بطرده
35 ألف فلسطيني أعقاب اتفاقية أوسلو،
وقال 'يروحو عبلادهم صارت لهم دولة'.
وبقي الفلسطينيون المطرودون مع
عائلاتهم عالقين على الحدود الليبية
المصرية شهورا عديدة في أبشع
الظروف الإنسانية. لذا لم نستغرب تصريح
العقيد بحرصه على أمن واستقرار
إسرائيل، لكن الكثيرين استغربوا أن
يصدر نفس التصريح من النظام السوري؟ 'سورية
الممانعة، المقاومة، المواجهة'
الشعارات التي ملأت سماءات المؤتمرات
العربية والإقليمية والدولية. قال المليادير رامي مخلوف (41 سنة) في
مقابلة مع صحيفة 'نيويورك تايمز' إذا لم
يكن هناك استقرار هنا في سورية فمن
المستحيل أن يكون هناك استقرار في
إسرائيل. ولا توجد طريقة ولا يوجد أحد
ليضمن ما الذي سيحصل بعد، إذا لا سمح
الله حصل أي شيء لهذا النظام'. فنرى أن النظامين الليبي والسوري أرادا
توجيه رسالة سياسية للغرب، التخويف من
الإمارة الإسلامية، فلم تنفع أمام
شرعية المطالب الشعبية بالحرية،
فأطلقوا رسالة حرصهم على أمن إسرائيل،
وهو هدف إستراتيجي للولايات المتحدة
الأمريكية والغرب عموما . والآن نتجاوز العقيد القذافي، أمين
القومية العربية، ونتحدث عن سورية 'الممانعة،
دولة المواجهة، والمقاومة' التي تربط
استقرار العدو الإسرائيلي
باستقرارها، ومفترض أن تعمل على عدم
استقرار إسرائيل طالما لازالت تحتل
الجولان منذ 1976. فالأمر ليس مدهشا لمن
يتتبع مسيرة النظام السوري منذ
استيلائه على السلطة بانقلاب أبيض في
تشرين الثاني (نوفمبر) 1970 وحتى اليوم،
نجد تصريحات مخلوف تتوافق مع مهمة
النظام السوري التي جاء لأجلها، وهي
إجهاض المشروع الوطني في المنطقة، حيث
قامت حرب تشرين 1973 بمباركة عربية
أمريكية إسرائيلية لفتح طريق التسوية
السياسية للصراع العربي الإسرائيلي،
من نتائج تلك الحرب 'المظفرة' اتفاقيات
'السلام' الفردية مع إسرائيل، بدأت
باتفاقية كامب ديفيد مع مصر السادات،
واتفاقية وادي عربة مع الأردن،
واتفاقيات أوسلو مع الفلسطينيين، التي
لازالت حبرا على ورق، بينما سورية بقيت
'ممانعة'، ولهذه الممانعة هدف إضعاف
الحركة الوطنية في لبنان وسورية
وفلسطين بما يحقق أمن إسرائيل. وعليه
دخل الجيش السوري لبنان في كانون
الثاني (يناير) عام 1976، تحت مظلة جامعة
الدول العربية لانهاء الحرب الأهلية
التي كانت مستعرة بين الأخوة الفرقاء،
فرحبت بدخوله أحزاب اليمين اللبناني
المسيحيين والمسلمين، ورفضت تدخله
الفصائل الفلسطينية والحركة الوطنية
اللبنانية، وهي لفيف من الأحزاب
اليسارية والقومية . وبدلا من لغة الحوار بين الفرقاء، تقوده
سورية كأخت كبرى دخلت للصلح، راحت
باصطفافات مع هذا الفريق ضد الفريق
الآخر مستخدمة لغة السلاح، ولازالت في
الذاكرة مجازر تل الزعتر، وبرج
البراجنة وغيرهما نفذها الجيش السوري
بغطاء لبناني، والنتيجة خرجت المقاومة
الفلسطينية من لبنان عام 1982 إلى شتات
جديد، وبعد عشر سنوات من الاقتتال
الأهلي بين اللبنانيين جاء اتفاق
الطائف 1992 'ليقنن الطائفية بعدما كانت
عرفا'، حسب تصريح وليد جنبلاط ، وبموجب
اتفاق الطائف كان على القوات السورية
الخروج من لبنان، لكنها بقيت حتى عام
2005، لتخرج بعد اغتيال رئيس الوزراء
رفيق الحريري، وبقي الوجود السوري عبر
أتباعه في لبنان (حزب الله وحركة أمل،
ومؤخرا ميشيل عون) ودورهم غير خاف في
ضرب الوفاق الوطني اللبناني، بانقسام
الساحة اللبنانية إلى 'فسطاطين'
المعارضة فريق 8 آذار أتباع النظام
السوري وإيران، والموالاة فريق 14 آذار
أتباع الغرب والولايات المتحدة
الأمريكية، وأصبح الصراع بين
الفريقين، قد وصل لكسر العظم عندما 'احتلت'
قوات حزب الله بيروت في ايار (مايو) 2008،
وايلول (سبتمبر) 2010، والمراقب كان يرى
الفريقين يخوضان معارك سياسية وعسكرية
بالنيابة طرفاها: إيران والولايات
المتحدة الأمريكية بسبب الملف النووي
الإيراني. وفي الساحة الفلسطينية كان النظام السوري
راعيا جيدا للشقاقات الفلسطينية، فرحل
الشهيد أبو عمار وقلبه محروق على زيارة
مخيمات الفلسطينيين في سورية، حيث
استضاف النظام الفصائل الفلسطينية
المناوئة للرئيس عرفات والمنشقة عن
الفصائل في منظمة التحرير، كما تدخل
بالشأن الفلسطيني داخل فلسطين
المحتلة، فتبنى موقف حماس والجهاد (الإسلاميتين)
وهو الذي سن قانون (49) يجيز الحكم
بالإعدام لكل من يثبت انتماؤه للاخوان
المسلمين في سورية. مساندة حماس
والجهاد كانت لمواجهة الرئيس محمود
عباس (أبو مازن) الذي ساندته مصر حسني
مبارك، وبقي الفريقان خصمين لدودين،
وأذكر لقائي الصحافي مع ممثلين عن فتح
وحماس على هامش المؤتمر الدولي للأسرى
بالجزائر العام الماضي، اندهشت لحجم
الخصومة بينهما، فلم أنشر المقابلتين
احتياطا لصلح محتمل في رحم المستقبل،
وتحققت المصالحة في بداية مايو
الجاري، أغضبت إسرائيل، وبنفس الوقت
أسقطت توظيف الورقة الفلسطينية من يد
النظام السوري، الذي استقبل الاتفاق
بفتور شديد لفت أنظار الكثيرين ممن
دافعوا عن سورية 'الممانعة' التي ينبغي
عليها الترحيب بالوحدة الفلسطينية،
واكتشفنا أنها حريصة على استقرار
إسرائيل وتربطه باستقرارها. يبرر النظام السوري قمع انتفاضة السوريين
على عبوديتهم لأربعة عقود بالحرب على 'السلفية'،
وإعلامه وأبواقه من الإعلاميين
والفنانين والمثقفين
للأسف الشديد الذين
تشدقوا طويلا بالحرية، لا يدخرون الآن
جهدا في ترويج دعاية النظام 'المؤامرة
الخارجية والامارة الإسلامية'،
ويصرخون بالويل والثبور وعظائم الأمور
إذا سقط النظام السوري، فسيحكم
السلفيون سورية، وأنا واثقة من أنهم
غير مقتنعين بما يقولون، لأني في ما
مضى أجريت مقابلات صحافية مع عدد منهم،
كان كلامهم غير ما يقولونه الآن، هل هو
الخوف؟ في لحظة الاختيار ما من حياد
إما مع قناعتك وإلا بعت نفسك . حمدا لله أن وسائل الاتصال الجديدة،
الفيس بوك وتويتر ويوتيوب، جعلت 'المواطن
صحافيا'، ونقلت الجزء اليسير مما حدث
ويحدث من مجازر في سورية منذ منتصف
اذار (مارس) الماضي، والنظام لازال
مُصرا على 'تيس حلبوه'، مندسون، مؤامرة
خارجية لضرب موقف سورية الوطني،
الممانعة، المقاومة، خاصة إذا تولى
الدفاع منافقو النظام في لبنان . أبعد هذا يا من ملأتم العالم ضجيجا 'ممانعة،
مقاومة، مواجهة' هل يصدقكم أحد بعد
تصريح رامي مخلوف. ' اعلامية سورية مقيمة في
الجزائر ==================== صبحي حديدي 2011-05-15 القدس العربي 'شبّيحة القلم'،
أو Shabbiha
of the pen في
الصياغة الإنكليزية الأصلية، هو
التعبير الذي ابتكرته الأكاديمية
والإعلامية السورية رنا قباني، لتوصيف
ثلّة من المعلّقين في الغرب، بريطانيا
والولايات المتحدة بصفة خاصة، على
رأسهم أمثال باتريك سيل وأليستير
كرووك وجوشوا لانديز. وهؤلاء، في
رأيها، يسوقون ومن
جانبي، شخصياً، أستطيع القول إنهم
أيضاً يسوّقون 'الحجة
العتيقة القائلة بأنّ الأسد وأسرته
الموسّعة المؤلفة من القتلة واللصوص
هم الأفضل للبلاد، أو للبنان، أو
الفلسطينيين، أو حتى للحدّ من التسلّط
الإسرائيلي أو الأمريكي'، كما كتبت
قباني في صحيفة ال'غارديان'، تعليقاً
على مقال نشره سيل بعنوان'إذا سقط
الأسد فسنشهد تفكك جميع تحالفات
المنطقة'. 'وحين يعيدون التشديد على هذه الحجة
الخادعة، التي توجّه الإهانة إلى دم
كلّ شهيد سوري سقط في غمرة سعي الأسد
اليائس إلى سحق الثورة بالقوّة، فإنّ
هؤلاء'، تتابع قباني، 'أظهروا أنهم
ناطقون باسم النظام السوري، وليسوا
مراقبين محايدين. وهم، مثل الأسد نفسه،
عاجزون عن إصلاح أدمغتهم، التي
تجاوزتها الأحداث منذ زمن بعيد. نعم،
لقد آن الأوان لكي تتغيّر التحالفات في
الشرق الأوسط! وكلا، ليس بعبع الإخوان
المسلمين هو الإستبدال الحتمي لمافيا
الأسد العلمانية، كما تساجل هذه
المقالة الكسولة (...) إنّ سورية تتغيّر
أمام أعيننا، وحين تتخلص من آل الأسد،
فإنها لن تكون بحاجة إلى هؤلاء الأدوات
الفكرية، شبّيحة القلم على نحو بالغ
الإحراج، ممّن ما يزالون يعيشون في
رواسب الثمانينيات العتيقة'. وإذْ أسجّل إعجابي، الشديد في الواقع،
بهذا التعبير اللاذع والموفّق تماماً،
وأبصم بالأصابع العشرة على جدارتهم
بصفة 'شبّيحة القلم'، فإنّ بعض الفوارق
في تقاليد 'التشبيح'، تميّز هؤلاء عن 'شبّيحة'
مالك الأسد ومنذر الأسد وفواز الأسد
ورامي مخلوف وإيهاب مخلوف وإياد مخلوف...
ثمة فارق أوّل هو أنّ سيل وكرووك
ولانديز (وفي الوسع إضافة أسماء أخرى
كثيرة، بالطبع، مثل الأمريكي فلنت
ليفريت، مؤلف كتاب 'اختبار النار'،
ومواطنه دافيد ليش، صاحب 'أسد دمشق
الجديد: بشار الأسد وسورية الحديثة'،
والبريطاني جيمس دنسلو، الذي يكتب في
صحيفة Syria
Today السورية الحكومية، والفرنسي
بيتر هارلينغ، من 'مجموعة الأزمة
الدولية')... ليسوا 'بلديات'، بل 'خواجات'،
لكي نستخدم تعبير أهلنا في مصر. وهم، في جانب آخر، متطوعون من تلقاء
أنفسهم، أياً كانت منافعهم الغثة أو
السمينة وراء هذا التطوّع، ومهما
تنوّعت بواعثهم المعلنة أو الخافية،
وتلوّنت ذرائعهم في تمويه الدفاعات عن
نظام وراثي إستبدادي عائلي فاسد، لم
يكن ينقص انكشاف سوءاته، كافة، إلا
إراقة دماء المئات من الأطفال والشيوخ
والنساء والرجال، وتفريق التظاهرات
السلمية بالدبابة والمدفع الثقيل
وراجمة الصواريخ، وحصار المدن
والبلدات والقرى. لا ريب أنّ واحدهم
يمتلك الحقّ، كلّ الحقّ، في أن يفكّر
كما يحلو له بصدد تحليل المشهد السوري،
مثلما يحقّ لأيّ قارىء، والسوري بصفة
خاصة، أن يتفق أو يختلف مع تحليلاتهم
تلك، أو أن يرى فيها الرأي الذي يشاء،
بما في ذلك ازدراء مقولاتها السياسية
والأخلاقية، ووضعها في سياقات الوقائع
الفعلية على الأرض، بما ينطوي عليه هذا
من تأطير لمقدار الخدمة التي يسديها
أولئك السادة للجلاّد، ومقدار ما
يوجهونه من إهانة للضحية. ولكن، في المقابل، هل يحقّ لأي منهم أن
يلوي عنق الحقائق البسيطة، فيتعمد
تسمية الأشياء بغير مسمّياتها
الحقيقية الفعلية، كأن يصف الإنتفاضة
أو التظاهرة أو الإعتصام بأنها 'أعمال
شغب'، كما يفعل باتريك سيل مثلاً، أو
يرى أنّ أيّ تغيير في سورية سوف يخلّ
بتوازناتها الإثنية والدينية
والمذهبية، وبالتالي خير للأمور أن
تبقى على حالها، ثابتة لا تتحوّل، كما
يوحي جوشوا لانديز، أو يصرّ، رغم نفي
صاحب العلاقة نفسه، على أنّ الأسد راغب
في الإصلاح ولكنّ بطانته هي الفاسدة،
ولهذا فإنّ النظام دكتاتوري بلا
دكتاتور، كما في المساجلة السقيمة
التي يعتمدها جيمس دنسلو؟ وكيف،
والحال هذه، يكون هؤلاء السادة أحفاد
توماس جيفرسون، وأوليفر كرومويل،
وفولتير؟ وكيف ينتسبون إلى أيّ نظام
أخلاقي إذا كانت الشفقة، أو الإعراب عن
الأسف تجاه الأعداد المتزايدة من
القتلى والجرحى، أو نصح النظام
بالتخفيف من قبضة العنف في أفضل
الأحوال... هي كلّ ما يقترحونه على
الشعب السوري، الذي يزعمون معرفته،
وحبّه؟ أغلب الظنّ انّ 'الشبّيح/ الخواجة' هو
مستشرق أزماننا الراهنة، وهو لا
يتردّد في انتحال صفة خبير لا يُشقّ له
غبار في تشخيص أمراضنا السياسية
والاجتماعية والثقافية والنفسية،
وذلك بالرغم من اعتماده شبه الكليّ على
معرفة بائسة، جاهزة، سطحية، أو قائمة
على الكليشيهات وحدها أحياناً. في
المقابل، لا نعدم ضميراً حيّاً مثل
السينمائي الأمريكي الكبير مايكل مور،
يُخلص لأصفى ما في التراث الإنساني من
تقاليد تضامن، فيقول لطغاة سورية: 'لقد
انتهى وقتكم. كفى. إنها النهاية!'، كما
يقول للشعب السوري: 'لا تستسلموا!
التاريخ في صفكم! كلّ دكتاتور وكلّ
طاغية على مرّ التاريخ سقط واحترق.
كلّهم يرحلون عاجلاً أم آجلاً، مهما
بلغ شرّهم. التاريخ يتقدم، والبشرية
تتطور، وهذا هو ما يحدث الآن في سورية'. لا ريب. ولا عزاء للخواجة، الشبّيح بالقلم! ==================== حمد الماجد الشرق الاوسط 16-5-2011 في تونس ومصر كان لكل من بن علي ومبارك
عينان، كما خلق الله: عين على الشعب
ترقبه مبهورة، وعين على الجيش تخافه
مذعورة.. أما في سوريا فللأسد، طبيب
العيون، خمس عيون: عين على شعبه
المنتفض، وعين على طائفته، وعين على
الحرس القديم، وعين على إيران، وعين
على حزب الله.. أما العين التي على
إسرائيل فلم نذكرها؛ لأنها مخصصة
للغمز اللطيف، فجيش ألجم فوهات مدافعه
ضد «العدو الحبيب» أربعين عاما يستحيل
أن توجه له المدافع والشعب يثور؛ لهذا
كانت إسرائيل أحد أضلاع المعادلة
الخاسرة مع إيران وحزب الله لو سقط
النظام، صمتت فوهات مدافع الجيش
السوري أربعين عاما لتنطق في بانياس
ودرعا وحمص وحلب وحماة، هل أدركنا الآن
لمن تجهز الجيوش في نظم الحكم
الشمولية؟ وما دمنا في عالم العيون وطبيب العيون،
فلعلكم لاحظتم المفارقة العيونية
اللافتة بين مصر وتونس من جهة وسوريا
من جهة أخرى، عيون الجيوش في هذه
البلدان الثلاثة كانت كلها حمراء
متوترة ومستيقظة، ترقب بن علي ومبارك
والأسد، لكن الفرق الشديد أن احمرار
عيون الجيشين في كل من تونس ومصر كان
على الرئيسين ألا يتعديا الخط الأحمر
فيقتلا شعبيهما وإلا هلكا، وعين الجيش
السوري حمراء على الرئيس لكي لا يخور
ويضعف عن قتل شعبه وإلا هلك. هذا عن المفارقات، لكن هناك تشابهات مع
أنظمة أخرى؛ فأعراض الموت عند حكام
الديكتاتوريات واحدة.. فصدام، الذي
ألهب جلد شعبه بالسياط أكثر من ثلاثين
عاما، لم يصب إسرائيل منه غير فقاعات
إعلامية واهية، لكن حين تعرض نظام حكمه
لتهديد خطير بعد غزوه للكويت أقحم
إسرائيل في محاولة يائسة فأرسل صواريخ
تنكية بالية ليس هدفها تدمير نصف
إسرائيل، كما زعم، وإنما لإبقاء نظامه
حيا يرزق، ومعمر القذافي لم ينتبه إلى
صليبية الغرب إلا بعد أن دكوا منزله في
العزيزية، لعل الدعاية ضد الصليبيين
هذه المرة تنقذ ما يمكن إنقاذه، ونظام
الأسد منذ أربعة عقود يوجه لإسرائيل «هوشات»
إعلامية يسوق بها شعبيته في الداخل
والخارج ويبرر بها جبروته وتسلطه على
شعبه و«زعرنته» على الحكومات الضعيفة
والأحزاب المسكينة، وحين تعرض لخطر
شعبي داخلي التفت النظام للترياق
الإسرائيلي، لكن تهديد إسرائيل صدر
هذه المرة من رامي مخلوف، ابن خال
الرئيس، الذي لا يشغل أي منصب، وهو ما
يذكرنا بسيف الإسلام القذافي، الشخصية
الليبية التي على الورق ليست مسؤولة عن
أي شيء، لكنها في الواقع مسؤولة عن كل
شيء، بل وأخطر شيء: الحرب والسلم.. رامي
قال لصحيفة «نيويورك تايمز»: «إذا لم
يكن هناك استقرار داخلي هنا (في سوريا)،
فمن المستحيل أن يكون هناك استقرار في
إسرائيل»، هذا هو المنطوق، أما
المفهوم فلكِ يا إسرائيل كل الأمان ما
دام نظام الحكم في أمان، وهو ما طبقه
النظام قولا وعملا منذ عام 1976. المطلوب من طبيب العيون أن يتدارك الأمر،
هذا إن كان ثمة وقت لتداركه، ليوجه
عينا حانية مشفقة لشعبه تحفظه وتمنحه
حقوقه المشروعة، وإلا فالشعب، أي شعب
في الدنيا، قادر على أن يفقأ كل عين لا
ترحم، وللجميع عبرة في العينين
المصريتين والتونسيتين المفقوءتين،
وكذا العين الليبية التي يجري فقؤها،
ومصيرها إلى العمى الكامل تلاحقها
أصابع الشعب «ملجأ ملجأ.. حفرة حفرة..
قبوا قبوا..»، طال الزمان أو قصر. ==================== طارق الحميد الشرق الاوسط 16-5-2011 التحرك في الجولان، وجنوب لبنان، ولأول
مرة، إحياء لذكرى النكبة الفلسطينية
الثالثة والستين، يعني أن رجل الأعمال
السوري رامي مخلوف كان يعني ما قاله
عندما صرح بأن استقرار إسرائيل من
استقرار سوريا. النظام السوري، وعلى لسان وزير إعلامه
أراد التقليل من تصريحات مخلوف بالقول
إنها لا تمثل وجهة نظر النظام، لكن
الوقائع والتاريخ يقولان عكس ذلك.
فدمشق مستعدة بالتضحية حتى آخر
فلسطيني لخدمة أغراضها دون أن تخسر
رصاصة واحدة، ولو بالهواء. وها نحن
اليوم نرى المحاولة المفضوحة لاستغلال
ذكرى النكبة من خلال اقتحام فلسطينيين
للحدود الإسرائيلية - السورية عبر
الجولان المحتل، وكذلك الجنوب
اللبناني، مما يعني أن دمشق قد قررت
صرف أنظار العالم عما يحدث في أراضيها
من قمع وحشي للاحتجاجات السلمية عبر
اللجوء إلى الشماعة الجاهزة وهي
الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وكذلك
لإرسال رسالة لإسرائيل تؤكد ما قاله
مخلوف بأن لا استقرار في إسرائيل طالما
لا استقرار للحكم في سوريا. وطبيعي أن هذا أمر محبط، حيث تشتعل
الصراعات ليس للتحرير وإنما لإطالة
عمر النظام في سوريا، لكن هذا الأمر
يعد دليلا فاضحا على حجم استغلال
القضية الفلسطينية، كما أن فيه مؤشرا
مهما وهو أن سوريا لم تستطع، إلى الآن
على الأقل، تحريك صواريخ حماس هذه
المرة في غزة، كما أن حزب الله لم يطلق،
إلى الآن، كاتيوشا أو خلافه من جنوب
لبنان. وهذا بالطبع له دلالات مهمة
تعني أن حماس لا تراهن اليوم كثيرا على
النظام السوري، كما تعني أن حزب الله
يعي جيدا أن لا تعاطف معه اليوم في
العالم العربي. وبالتالي فإن حزب الله
يعي تماما أن فتح جبهة الآن من لبنان مع
إسرائيل سيكون أمرا مكلفا ومفضوحا،
أمام الرأي العام العربي، لأنه يأتي
دفاعا عن النظام السوري أمام مطالب
الشعب السلمية والحقيقية، وحزب الله
يعي أن جزءا من الاحتجاجات في سوريا
اليوم هو ضد إيران وضده، كما أن العالم
العربي لن يكون مستعدا للدفاع عن حزب
الله في حرب عبثية جديدة، بل وليست
لديه المقدرة. وهذا الأمر يجب أن يكون بمثابة تعليق
الجرس ليس في منطقتنا وحسب، بل وحتى في
أميركا عندما يلقي أوباما خطابه
للعالم العربي، فاللعبة هي نفسها، أي
استغلال القضية الفلسطينية. لكن
الجديد أن اللعبة باتت على المكشوف،
وبشكل فج، ولتكون الأمور واضحة هنا فلا
مشكلة أن يتظاهر الفلسطينيون في ذكرى
النكبة في الأراضي الفلسطينية
المحتلة، لكن الجديد هو دخول
فلسطينيين إلى إسرائيل من سوريا وعبر
الحدود مع الجولان، وكذلك التحرك من
جنوب لبنان. لذا، فإن الرسالة واضحة،
والهدف مفضوح، فمن خلال تهديد
إسرائيل، يهرب النظام السوري إلى
الأمام، ويتسنى له قمع السوريين تحت
الشعار البالي «لا صوت يعلو فوق صوت
المعركة». عليه، فإن الأوراق اليوم باتت مكشوفة ولا
تحتاج لنابغة، كما يقال، ليفسرها أو
يفهمها، وبالتالي فإن رسالة رامي
مخلوف قد وصلت، لكن هل وصلت للعرب
والغرب بالوضوح نفسه، هنا السؤال؟ ===================== المتظاهر العربي بعشرين
ألف متظاهر! السبيل 15/5/2011 فيصل القاسم من أكثر ما يضحك في تصريحات المسؤولين
العرب المحاصرة بلدانهم بثورات شعبية
تركيزهم المسعور على أن عدد
المتظاهرين قلة قليلة من المخربين
والمهلوسين والجرذان والإرهابيين
والمتطرفين. قلما تجد مسؤولاً عربياً
يعترف بوجود متظاهرين، وإذا اعترف على
مضض فإنه يعتبرهم مجرد مجموعات صغيرة
للغاية لا تمثل إلا نفسها، كما يريد أن
يراها هو. وقد وصل الأمر بأحد الزعماء
العرب إلى نفي وجود أي مظاهرات في
بلاده غير تلك المؤيدة لسيادته طبعاً.
وقد شاهدنا على الشاشات صحفياً
إنجليزياً يسأل قائداً عربياً عن تلك
المظاهرات الصاخبة الخارجة في الشوارع
ضد نظام حكمه، فما كان من القائد، إلا
أن ضحك بملء شدقيه ناكراً وجود أي
احتجاجات. طبعاً هو يعرف ضمناً أن هناك
متظاهرين فعلاً، ويهددون عرشه، لكن
سياسة الإنكار هي جزء من اللعبة لتقزيم
الثورات والإجهاز عليها. ولو سلمنا جدلاً أن المتظاهرين في
الشوارع العربية ليسوا غالبية الشعب
كما يتشدق الحكام العرب والمعتوهون
الناطقون باسم أنظمتهم المتهالكة،
فهذا لا يقلل من قيمة المظاهرات ولا من
مشروعيتها قيد أنملة. فكلنا يعرف أن
الثورات تاريخياً لا تقوم بها كل
الجماهير، بل إن الذي يخطط للثورات
وينفذها هم الطلائع الشعبية التي قد لا
تمثل أحياناً واحداً بالمائة من
الشعب، إن لم يكن أقل. هل خرج ستة
وثمانون مليون مصري للثورة على نظام
حسني مبارك، أم فقط حوالي مليون مواطن
مصري أو أكثر قليلاً، فتمكنوا من إسقاط
واحد من أعتى الأنظمة في المنطقة؟ ألم
تكن أكبر مظاهرة في تونس خمسين ألف
متظاهر أمام وزارة الداخلية، لكنها
أجبرت بن علي على إطلاق العنان لقدميه
هرباً من غضبة المتظاهرين؟ ليست العبرة أبداً في عدد المتظاهرين
الذين يخرجون إلى الشوارع في الدول
العربية هذه الأيام، بل في المطالب
والحقوق التي ينادون بها؟ أليست
مطالبهم هي مطالب السواد الأعظم من
الشعوب المغلوبة على أمرها؟ ناهيك عن
أن الأغلبية الصامتة تكون غالباً
قلباً وقالباً مع الطلائع الثائرة.
وبالتالي، يكفي أن يخرج خمسة آلاف
متظاهر كي تفهم النظم الحاكمة الرسالة
الشعبية. ناهيك عن أن دراسة اجتماعية
أجريت في الولايات المتحدة قد أظهرت
بأن كل شخص يخرج في مظاهرة تأييداً
لقضية معينة يكون هناك عشرون شخصاً على
الأقل يشاركونه نفس الحماس والاندفاع
للقضية المعنية، لكنهم لا يشاركون في
المظاهرة لسبب أو لآخر. وهذا يعني أنه
علينا أن نضرب عدد المتظاهرين إذا
كانوا عشرة آلاف بعشرين، فيكون العدد
عملياً مائتي ألف متظاهر. وقس على ذلك.
فلو خرج مثلاً في مظاهرة عربية خمسة
آلاف متظاهر فهذا يعني في واقع الأمر
أن المشاركين الفعليين مائة ألف
متظاهر وهو عدد ضخم جداً بكل المقاييس.
وهذه العملية مثبتة علمياً بالورقة
والقلم، وليست من بنات «هلوسات»
الثوار والمتظاهرين العرب كما يزعم
أعداؤهم من أزلام الأنظمة الحاكمة.
بعبارة أخرى فإن العملية الحسابية
والاجتماعية تدحض دحضاً قاطعاً تخاريف
الأنظمة العربية والمتحدثين باسمها
الذين لا هم لهم وهم يجعرون على شاشات
التلفزيون سوى التقليل من أهمية عدد
المشاركين في المظاهرات وتسخيف حجمهم. وكلنا يعرف من واقع التجربة الحياتية
واليومية أنه إذا اشتكى شخص واحد بصوت
عال فيجب أن نعلم بأن خلفه الألوف
تشتكي، وتتألم، وتصرخ، ولكن بصمت، فمن
له عقل، كما يرى الكثير من المعلقين
والباحثين، عليه أن يفهم الرسالة كيف
تسير الأمور، وأين يتجه الرأي العام،
بغض النظر عن القلة أو الكثرة، فما
نشهده اليوم هو أكثر مما شهده الأمس.
حينها على الحاكم أن يدرك أن رصاصه
وصواريخه قد تقتل أشخاصاً، لكنها لا
تستطيع أن توقف الفكرة والرأي الذي من
أجله قتل الكثير. وبالتالي ستنتصر
الفكرة وستهزم الرصاصة. وإذا كان الحاكم العربي وأجهزة أمنه
وجيشه لا يفهم لا لغة علم الاجتماع ولا
لغة الحساب ولا لغة الصمت، فنحيله إلى
لغة الشجاعة. هل يعلم الحكام العرب أن
المتظاهر الواحد الذي يخرج إلى
الشوارع هذه الأيام ضد أنظمة حكمهم
الفاشية والإرهابية بامتياز يساوي
عشرين ألف متظاهر في العالم الذي يحترم
نفسه. كيف؟ إن الشاب العربي قبل أن يخرج
من بيته يطلب من والديه أن يقرؤوا
الفاتحة على روحه قبل التوجه إلى
المظاهرة. وأحياناً يقبل أهله وذويه
قبلة الوداع، لأنه يدرك بأن رصاصات
الغدر التي ستطلقها عليه أجهزة الأمن
أو الجيش أو البلطجية أو القناصة
ستعيده إلى أهله جثة هامدة. إن
المتظاهرين العرب هذه الأيام يعرفون
جيداً أنهم يواجهون أعتى أنظمة القهر
والطغيان في التاريخ بصدورهم العارية،
مع ذلك لا يتورعون عن الخروج في
تظاهرات تنادي بالحرية والكرامة
والعيش الكريم. وهذا يعني أن المتظاهر
العربي الواحد يساوي في هذه الحالة
عشرين ألفاً أو أكثر من المتظاهرين
الذي يتظاهرون في ظروف مريحة. ولو كانت
الظروف طبيعية، ولم يكن هناك آلة بطش
مرعبة لخرج الملايين من العرب في
المظاهرات. صحيح أن مئات الألوف من المتظاهرين
يخرجون في هذه العاصمة الأوروبية أو
تلك، لكن هؤلاء المتظاهرين يعرفون
أنهم خارجون فيما يشبه النزهة،
وسيعودون إلى بيوتهم بعد أن يكونوا قد
قضوا وقتاً ممتعاً في المظاهرات مع
رفاقهم وأصدقائهم. أما المتظاهر
العربي، فهو يتحدى الموت عندما يخرج في
مظاهرة، مع ذلك يخرج. وهذا يجعله من
الناحية المعنوية يساوي الكثير
الكثير، كما يجادل الناشطون في مجال
حقوق الإنسان. إن مشكلة النظام الديكتاتوري العربي مع
الثائرين على طغيانه لا تبعث إلا على
الضحك والسخرية في واقع الأمر. فالطغاة
العرب لا يؤمنون بالنسبية السياسية،
فهم لا يقبلون مثلاً بنصف أصوات الشعب
أو أكثر قليلاً، فكما أنهم جاءوا إلى
الحكم بنسبة تسعة وتسعين فاصلة تسعة
وتسعين بالمائة من الأصوات(المزورة
طبعاً) فإنهم صدّقوا الكذبة، وبناء على
تلك الكذبة، فهم يصرون على أن يخرج
تسعة وتسعون بالمائة من الشعب إلى
الشوارع ضدهم كي يقتنعوا بالتنحي عن
السلطة. لقد خرج الملايين في أحد
البلدان العربية، ومازالوا يخرجون
يومياً ضد رئيسهم، مع ذلك فإن الرئيس
التعيس ما زال يعتبرهم أقلية. بعبارة
أخرى، فهذا الشاويش وغيره من
الشاويشات العربية الجاثمة على صدور
الشعوب بالحديد والنار يأبى الخروج من
السلطة إلا بعد أن يرى الشعب عن بكرة
أبيه في الشارع، بما فيه العجزة والصم
والبكم والكسيح والطريح والفسيخ
والرضع وربما الأموات. شر البلية ما يُضحك. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |