ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
الثلاثاء, 17 مايو 2011 داود الشريان الحياة المؤيدون للنظام السوري يصرون على أن
حديث رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار
الأسد إلى صحيفة «نيويورك تايمز» كان
تهديداً لا يقبل الجدل، وهو حين قال «إذا
لم يكن استقرار هنا، فمن المستحيل أن
يكون هناك استقرار في إسرائيل» لم يكن
يقصد أنقذونا، بل كان يهدد الدولة
العبرية، بأنها ستدفع الثمن إذا وقف
الغرب مع المتظاهرين في سورية، مثلما
فعل في تونس ومصر. ويستشهد أصحاب هذا
الرأي بالجزء الآخر من كلام مخلوف، حين
سألته الصحيفة إذا كان كلامه «يعني
التهديد أو التحذير»، فردّ نافياً: «لم
أقل حرباً. ما أقوله هو، لا تدعونا
نعاني، لا تضعوا الكثير من الضغوط على
الرئيس، لا تدفعوا سورية إلى فعل شيء
لن تكون سعيدة بفعله». وهذا تفسيره في
رأيهم ان سورية قادرة على التهديد من
دون حرب، وأن ما جرى في الجولان مثال
لهذا التهديد، ناهيك عن قدرتها على
إشعال الحدود اللبنانية متى أرادت. بصرف النظر عن محاولة بعضهم تحسين صورة
سورية الممانعة، والتشديد على أنها
تهدد إسرائيل، ولا تطلب مساعدتها، فإن
حديث مخلوف جاء بنتائج عكسية على سورية
في كل الأحوال. ولعل أسوأ آثار الحوار
ما أثير في صحف غربية من ان النظام في
دمشق كان وسيبقى يستغل مشاكل المنطقة
وتناقضاتها للضغط على الآخرين من اجل
دعمه، والصمت عن أخطائه، فضلاً عن أن
هذا الحديث بكل تأويلاته السورية
والعربية، كشف أن نظام الرئيس بشار
الأسد لم يتعلم من تجارب الأنظمة
العربية التي سقطت، ولم يدرك أن العالم
تغيَّر. فالدول الغربية ضحت بنظام
الرئيس مبارك، وهي غير قادرة على دعم
أنظمة تواجه المتظاهرين بالرصاص.
الصمت على ما ترتكبه دمشق ضد المواطنين
بات مستحيلاً في عالم السياسة اليوم. لا شك في ان الورقة التي استطاع النظام
السوري أن يلعب بها طوال العقود
الماضية، المتمثلة في «اصمتوا عني او
أثير الشغب»، لم تعد تصلح لمواجهة ما
يجري. وربما وجد الصامتون عن السياسة
السورية في الماضي أنها سياسة مكلفة
ومرهقة، ولا أحد قادراً على المغامرة
بتحملها. الأكيد أن الحديث عن أمن إسرائيل في مقابل
أمن سورية، أمر مبالغ فيه. حتى في
إسرائيل ثمة انقسام على الوقوف مع
النظام السوري. وهناك فريق يرى ان
التعامل مع نظام ديموقراطي في سورية
أقل كلفة ومخاطرة من التعامل مع نظام
يحميك باستخدام خصومك. ================= تاريخ النشر: الثلاثاء 17 مايو
2011 د.طيب تنزيني الاتحاد كتبتُ في الثامن والعشرين من الشهر
الرابع لعام 2007، مقالة نشرتها صحيفة
"الاتحاد"، وكانت بعنوان "وسحبوا
السياسة وكرسوا الكرة". وها نحن الآن
وقد انقضت أربع سنين، لنجد أنفسنا في
لجّة تحولات أفضت في العالم العربي إلى
واحد من الأحداث ربما كان الأهم
والأكثر تأثيراً في ذلك الأخير (العالم)
منذ النصف الثاني من القرن العشرين إلى
يومنا هذا. ولعله كذلك واحداً من أعظم
الأحداث في تاريخ العالم في الفترة
ذاتها. لقد خرج الشباب العرب من
قوقعتهم، التي أرغموا على البقاء فيها
من قِبل نُظم أمنية ظهرت وتأسست وسيطرت
بفعل ركنين اثنين حاسمين. أما أولهما
فقد تجسد في هيمنة قانون سياسي اقتصادي
وثقافي قيمي إعلامي أطلقنا عليه مصطلح
"الاستبداد الرباعي". وهذا يقوم
على أربع، هي الاستفراد بالسلطة و
بالثروة و بالإعلام، وأخيراً
الاستفراد بالمرجعية. أما الركن
الثاني فيتمثل -شيئاً فشيئاً وعلى نحو
انفجاري- في تعاظم حالة راحت تقضي على
الأخضر واليابس، هي حالة الفساد
والإفساد في كل الحقول والمجالات. وقد قادت الحالةُ المذكورة النظمَ
العربية المعنية إلى الخراب بواسطة
نمط من الحكم سمّيناه "الدولة
الأمنية"، التي رفعت شعارها
التأسيسي على النحو التالي: يجب أن
يُفسَد من لم يُفسد بعد، بحيث يصبح
الجميع ملوثين ومُفسَدين تحت الطلب.
وفي السياق سار هذا الخط الدقيق الحاسم
إلى غاياته، حيث مارست قوانين الطوارئ
والأحكام العرفية أدوارها يداً بيد مع
حظر المجتمع السياسي وركائزه من أحزاب
ديمقراطية ومؤسسات أخرى، فغابت حيوية
المجتمع التاريخية، وبرزت نشاطات
وفعاليات أخرى بدلاً من ذلك. ومع أن
مجموعة من هذه النشاطات والفعاليات
ليست، في ذاتها، أموراً مُستنكرة، إلا
أن ممارستها بصيغ من الهوس والمبالغة
وعلى حساب تكامل الحياة المجتمعية
المتوازنة، جعلتها مطلوبة من الدولة
الأمنية المعنية، تسوّقها وتكرّسها
وتشجعها، نعني بذلك تحديداً "رياضة
الكُرة". ويكفي أن نضيف إلى ذلك
ظاهرات أخرى خطيرة، راحت تتحول إلى جزء
من نسيج الحياة الاجتماعية بهدف
تفكيكه، مثل الفقر والإفقار، والفساد
اليومي، وإمكانية الحصول على المخدرات
والهبوط المريع للفئات الوسطى...إلخ. إذن حتى ندرك المستوى المتهاوي للشباب في
مدارسهم وبيوتهم، وفي أحلامهم في
الهجرة من بلادهم ومدنهم، وكذلك في
افتقادهم العمل والكرامة والمرجعية
التي يلوذون بها. نقول، يكفي التذكير
بذلك، حتى نضع يدنا على نقاط التصدع
هذه في حياتهم، ونصل إلى السؤال
التالي، الذي أخذوا يواجهونه: إلى أين
في مجتمعات محظور عليك فيها أن "تُعوي"،
كي تُسمع صوتك من أجل الحرية والكرامة
والكفاية المادية؟ وأخيراً، إذا كانت المرجعيات القانونية
والثروة ومسوِّقي الفساد والإفساد،
فإن خياراً حاسماً هو وحده ما ينبغي أن
يمتلكه الشباب، كي يدافعوا عن حقوقهم
وكرامتهم، ذلك هو خيار الحرية. هكذا،
كان قرار الحرية المشروط بالفعل
السياسي والمدني والأخلاقي، فها هنا
بدأ الكشف عن الأهمية القصوى للعودة
إلى السياسة والمجتمع السياسي بوصفهما
منطلق المشروع الجديد. ================= علي حماده النهار 17-5-2011 لا يحتاج المراقب الى عناء كبير ليدرك ان
ما حصل قبل يومين في ذكرى النكبة
الثالثة والستين عند الحدود اللبنانية
وفي الجولان جاء بتدبير محكم يهدف الى
حرف الانظار عن الوضع الداخلي في
سوريا، ويمثل دفعة على الحساب مما صرح
به ابن خال الرئيس بشار الاسد رامي
مخلوف الذي يمثل خزنة العائلة والحلقة
الضيقة. فقول رامي مخلوف لصحيفة "نيويورك
تايمس" انه لن يكون هناك استقرار في
اسرائيل اذا لم يكن هناك استقرار في
سوريا (الممانعة) يصور بأمانة كبيرة
ودقيقة حقيقة المعادلة القائمة بين
النظام السوري واسرائيل منذ اربعة
عقود، وأتى مخلوف بكلامه ليتجاوز كل
الخطاب الرسمي التافه والشعارات
الاكثر تفاهة التي اشبعت بها المنطقة
على مدى عقود من الزمن، فكان للكلام
الواقعي لرجل اعمال شاب متهور بعض
الشيء، الكثير من الصدقية في ضوء مسار
النظام ايام الرئيس الراحل حافظ
الاسد، ثم في حقبة ابنه في الرئاسة. فلو
كانت لمخلوف فضيلة واحدة في هذه الدنيا
فكانت لتكون تصريحه المشار اليه. يحصل هذا وآلة
القتل لا تتوقف عن الدوران في سوريا.
فالنظام المنتهج مسارا امنيا دمويا
يعمل بطاقة قصوى لكسر شوكة المحتجين في
انحاء البلاد. ومع ارتفاع اعداد القتلى
والجرحى، والآن عدد المهجرين ( تلكلخ)
لا بد من طرح سؤال بسيط: الى اين يسير
هذا النظام؟ فالقتل لا يحل الازمة
التاريخية العميقة التي تفجرت في بلاد
حكمت لعقود طويلة بأسلوب ستاليني كان
يفترض ان يتغير منذ امد بعيد. فالرئيس
بشار الاسد الذي جرى توريثه عام 2000
ابقى البلاد اسيرة المعادلة التي كانت
قائمة ايام والده، ولم تتغير سوى
الاسماء، بل ان طبقة حيتان المال امثال
رامي مخلوف انتفخت في عهده، حتى صار
الحديث عن فساد بارقام فلكية لم تعهدها
سوريا حتى في احلك ايام حافظ الاسد
وطبقة كبار الضباط الفاسدين. في مطلق الاحوال، ما يواجهه الرئيس بشار
الاسد يتجاوز موضوع الفساد، ويتعلق
بطبيعة النظام نفسه. لقد انتهى النظام
بمعنى انه ولو بقي رموزه في السلطة
لزمن معين، فإن سوريا لن تحكم بعد
اليوم بالاسلوب الذي حكمت فيه حتى
الخامس عشر من آذار 2011. فمئات القتلى في
ساحات الحرية صنعوا التغيير بقوة
دمائهم التي رووا بها ارض بلادهم.
والاسد الابن مدعو الى ادراك معنى ان
ترتفع فاتورة الدم المسفوك باسم
الدفاع عن النظام. وهو مدعو الى ان
يتمعن في الخيارات المتاحة، وخيار
الدم الذي اختاره ان لم يتوقف سوف يسرع
في سقوط النظام ورحيله. ومهما فعل فإن
دينامية المجتمع السوري في اتجاه
الحرية ما عاد ممكنا تعطيلها بالقوة
مهما بلغت. ان تغيير طبيعة
النظام لتصير سوريا ديموقراطية حديثة
هو المستقبل. فهل يريد الرئيس بشار
الاسد ان يكون جزءا من المستقبل بعدما
اغرق ماضيه في بحر من دماء الاحرار؟ ================= مهند فراتي القدس العربي 17-5-2011 في ظل الأزمة الكبرى التي يعيشها النظام
السوري تبدو استراتيجيته في النطاق
الإعلامي معتمدة على خطين متوازيين،
الأول منهما كم الأفواه وقمع
الصحافيين الأحرار وزجهم في السجون،
وطرد المراسلين لمنع أي حقيقة من
مغادرة الحدود السورية، وشن حرب على
وسائل الاعلام واتهامها بالعمالة
والتآمر. وفي الخط الثاني يطرح النظام
السوري حملة إعلامية شرسة عبر اعلامه
الحكومي وشبه الحكومي وعبر تجييش
مثقفي السلطة والفنانين وحتى علماء
الدين لترويج رواياته وأكاذيبه عما
يجري في سورية. بعض هذه الروايات تبدو
ساذجة، كاعترافات العصابات المزعومة
التي يظهر فيها بعض البسطاء من الناس
يقرؤون عبارات الإعلام السوري عن
مؤامرات سلفية للتخريب والقتل على
انها اعترافاتهم ومخططاتهم، ومن خبرتي
في الإعلام المرئي أقول إنه من الطرافة
بمكان أن أحدا من هؤلاء المعترفين لم
يظهر على الشاشة من دون ماكياج واضح
على الوجه، لا لأنهم نجوم حريصون على 'البريستيج'،
ولكن لإخفاء معالم التعذيب على الوجوه
التي تحدثت عن نفسها، حتى من وراء
أكوام البودرة والكريمات، إضافة إلى
المونتاج الفاشل والاقتطاع من مشاهد
غالبا ما يزعم التلفزيون السوري أنها
مباشرة. احتجاجات مظلومة عدا ووصفا في دعاية النظام بعض الأمور التي تستحق
الوقوف عندها لتفصيل ما قد يلتبس من
استخدامها وتوظيفها نبدأ من أكثرها
رواجا مؤخرا، وهو الحديث عن نسبة
المتظاهرين في ملايين الشعب السوري
وهو طرح مبني على محاولة القول بان من
لم يتظاهر ضد النظام فهو مؤيد له، وهي
فكرة باطلة من أساسها في لغة المنطق
السليم، فالصمت لا يعني التأييد لا
سيما في مجتمع تحيط بأفراده جدران
الخوف والرعب، لم تغادر الناس فيه
ذكريات المجازر الجماعية على مدار
عقود، ويزداد هذا الطرح فسادا في ظل
الصورة الواضحة لتعامل النظام مع
الاحتجاجات، فالجواب السريع على أي
صرخة بالحرية هو الرصاص الحي
والاعتقال والتعذيب، الذي شاهد
السوريون منه ألوانا تعجز عن مثلها
أعتى أنظمة القمع، وفي هذه الظروف
يواصل السوريون احتجاجهم في مشهد من
البطولة يبدو أشبه بحمل الأكفان في
سبيل الحرية. نضيف إلى هذا نقطة أخرى أن
هذه التظاهرات شملت كامل الرقعة
الجغرافية السورية، وهي تمتد من درعا
ودمشق وريفها في الجنوب وصولا إلى حمص
وحماة في الوسط واللاذقية وجبلة
وبانياس في الساحل وإدلب والقامشلي
والحسكة شمالا ودير الزور والبوكمال
شرقا وترد صور المظاهرات معنونة
بعشرات الاسماء للمدن والقرى التي
يبدو عدها جمعا لمظاهرة من أسماء المدن..
وفي هذه الصورة العامة هناك مشاهد خاصة
لمدن وقرى خرجت بكاملها من دون أن
يتخلف احد من أبنائها، مستعينة
بظروفها الاجتماعية التي يأمن فيها
السكان بعضهم البعض، نذكر منها درعا
وجاسم ونوى وانخل وطفس ودوما
والمعضمية وداريا والرستن وتلبيسة
وتلكلخ وبانياس وغيرها، ولذلك لم يجد
النظام بدا من مداهمة جميع هذه المناطق
بالدبابات لطمس الصورة الحاشدة
لتظاهراتها. أما آخر ما نذكره هنا فهو
غياب التغطية الاعلامية عن سورية وعجز
أبناء الكثير من المناطق، لا سيما
الريفية منها عن إظهار صورة
احتجاجاتهم وقد خرجت بعض المدن والقرى
عن بكرة أبيها في مظاهرات نقلت لنا
بالتواتر السمعي ومقاطع الفيديو، من
دون ان يظهر لها أثر يذكر في وسائل
الاعلام كما هو الحال في الضمير وكناكر.
شعب واحد ام شعوب؟ يبث النظام في دعايته مخاوف من اقتتال
طائفي قد ينتهي بتقسيم البلاد أو
بمعارك للثأر تحاسب فيها الطائفة
العلوية على مجازر النظام وجرائمه..
والحقيقة الواضحة للجميع هي الوعي
العالي لدى الشعب السوري، الذي صدرت
احتجاجاته بشعارات ولافتات الوحدة
الوطنية. ولكن وعي الشعب هذا واحتقاره
للطائفية ونبذها لا يلغي حقيقة أن
النظام قام في بنيته على أساس من
الاوليغاركية العائلية التي صحبت
مسيرته منذ وصول عائلة الاسد للسلطة،
حيث أصبح اكثر من 80 بالمئة من مناصب
القيادة في الدولة والجيش
والاستخبارات بيد عائلة الرئيس
والمقربين منه، ونذكر أسماء بعضهم مثل
العقيد رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد
والعماد إبراهيم الصافي ابن خالته و
ابن عمته العماد علي أصلان وصهره
العماد آصف شوكت والعماد علي دوبا
والعماد شفيق فياض وابن عمه اللواء
عدنان الأسد واللواء علي حيدر واللواء
محمد ناصيف واللواء محمد الخولي
واللواء بهجت سليمان واللواء حكمت
ابراهيم واللواء علي حماد واللواء علي
حوري واللواء عدنان مخلوف، وتمتد
القائمة وتتسع في عهد بشار ليظهر فيها
إلى السطح شقيقه العميد ماهر الاسد في
الحرس الجمهوري وابن خاله العميد حافظ
مخلوف في الاستخبارات العسكرية وابن
خالته عاطف نجيب واللواء علي مملوك في
المخابرات العامة والعماد علي حبيب
وزير الدفاع واللواء ابراهيم حويجة
واللواء حسن خليل واللواء عدنان حسن
وأسماء كثيرة، إضافة إلى تخصيص بعض
الفرق العسكرية لتكون من أبناء
الطائفة العلوية في معظمها كالفرقة
الرابعة (سرايا الدفاع سابقا) والحرس
الجمهوري وهي محاولة من النظام للظهور
بمظهر الممثل للطائفة العلوية أو
المتحدث باسمها، غير أن طائفية النظام
هذه بجمع العائلة وبعض المقربين من
أبناء الطائفة في سدة الحكم تنحصر في
بنيته ولا تتجاوزه لتشمل الطائفة
العلوية التي تعرضت كغيرها بأفرادها
وعائلاتها منذ وصول آل الأسد للسلطة
لجرائم النظام وقمعه، بدءا من شركائه
السابقين كصلاح جديد ومحمد عمران في
بدايات عهد حافظ الأسد، وصولا إلى
اللواءغازي كنعان الذي شكلت طريقة
اعدامه (ما وصف بالانتحار) بذرة
لاشتباكات شهدتها القرداحة معقل
الرئيس بين عائلة كنعان وشبيحة آل
الأسد مع بداية الاحتجاجات. وفضلا عن
عشرات الضباط العلويين الذين تمت
تصفيتهم وقمعهم خلال فترة حكم هذا
النظام تعرض العديد من المثقفين
العلويين للقمع والاضهاد نفسه بين
السجون والتهديد، ونسمع اليوم أصواتا
علوية عالية تعارض سياسات النظام منها
عارف دليلة ونزار نيوف ووحيد صقر وخولة
دنيا وأكثم نعيسة وثائر ديب وغيرهم
كثير، مما يثبت الفرق بين الطائفة
العلوية التي تنتمي للشعب وهي جزء
أساسي منه ومن بعض الفاسدين من أقارب
الرئيس ومحيطه ممن يبني عليهم النظام
كيانه الطائفي الضيق، وهنا لا يبدو
عجيبا أن يحذر الطائفيون في النظام من
حروب طائفية تعاقب على جرائمهم التي
يحاولون تعميمها من منطلق واقعهم
الطائفي لا واقع الطائفة أو الشعب. ' إعلامي من سورية ================= ليس ب 'الممانعة' وحدها
تحيا سوريا سماح إدريس القدس العربي 17-5-2011 (إلى الأصدقاء محمد ديبو وعمر كوش وضياء
الدين دغمش المعتقلين حتى هذه اللحظة
وما بدّلوا تبديلاً) ما يجري في سوريا
من اعتقالٍ وكبتٍ وقتلٍ وتعذيبٍ لا
يمكن تبريرُه ولا السكوتُ عنه، أيًّا
كانت الذرائع. أولاً، لا يمكن التسليمُ بأنّ البديل من
النظام الحاليّ سيكون (بالضرورة) فوضى
مطلقةً، أو بديلاً سلفيًّا، أو
تطبيعًا مع العدوّ الإسرائيليّ.
التسليمُ بهذا الأمر هو من قبيل
الحتميّة التاريخيّة اليسراويّة
المقلوبة (عودة التاريخ إلى الوراء
بدلاً من التقدّم إلى الأمام). وهو
يَنقض ما أفرزتْه، حتى اليوم، ثورتا
مصر وتونس، إذ تَبيّن أنّ 'الفزّاعة'
الإسلاميّة ذابت في ملايين المنتفضين
من كلّ المشارب والاتّجاهات. والأهمّ
أنّ ذلك التسليم الحتميّ إهانةٌ للشعب
السوريّ، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً،
لأنه يكاد يَجْزم أنّ هذا الشعبَ
طائفيّ جينيًّا ومنبطحٌ أمام إسرائيل
بالفطرة، وأنّه عاجزٌ عن أن ينتج شيئًا
إلا نظامًا قمعيًّا جديدًا، أو حربًا
أهليّةً، أو استسلامًا أمام العدوّ
القوميّ. إنّ منطقًا كهذا مستهجنٌ بشكلٍ خاصّ حين
ينطق به قوميّون (عربٌ وسوريّون
اجتماعيّون) لأنهم، دروْا أو لم يدروا،
يَطْعنون كلَّ رموز النضال الوطنيّ
السوريّ والقوميّ العربيّ: من سلطان
باشا الأطرش، قائدِ الثورة السوريّة
الكبرى (1925-1927) ضدّ الانتداب الفرنسيّ،
مرورًا بالمجاهد عزّ الدين القسّام،
الذي ترك 'جبلة' السوريّة ليقودَ ثورةً
فلسطينيّةً عربيّةً
ضدّ البريطانيين في ثلاثينيّات القرن
الماضي، وانتهاءً بالمئات من السوريين
الذين استُشهدوا (أحيانًا على الضدّ من
إرادة نظامهم) دفاعًا عن عروبة فلسطين
والعراق ولبنان، وبمئاتٍ آخرين من
الفنّانين والمثقّفين الذين أفنوْا
حياتهم في تجديد الفكر القوميّ
العربيّ (واليساريّ المعادي للظلم)،
ناهيكم بأهل الجولان الذين يواصلون
منذ أكثر من ثلاثة عقود تمسّكَهم
بهويّتهم السوريّة العربيّة رغم
إغراءات الاحتلال الإسرائيليّ. إنّ عروبةَ سورية، وإيمانَ الشعب السوريّ
بقضيّة فلسطين، ودعمَه الهائل عام 2006
وقبله لنضال المقاومة الوطنيّة
اللبنانيّة، أمورٌ تتخطّى النظامَ
وحزبَ البعث معًا. وإنّ تصويرَ الشعب
السوريّ وكأنّه لقمةٌ سائغةٌ في فم
السلفيين وعملاء الأميركان، لولا
استئسادُ النظام عليه، إنما هو
احتقارٌ ما بعده احتقارٌ ل 'قلب
العروبة النابض،' ونقضٌ صارخٌ لكلّ
المدائح التبجيليّة التي لا ينفكّ
الإعلامُ السوريُّ يقذفها على 'شعب
سوريا.' على أنّ الاستبداد الشامل والمديد (الذي
قزّم الأحزابَ والنقاباتِ إلى درجة
إلغائها أحيانًا)، كما المواجهات
الحاليّة الدامية، لا تلغي إمكانيّة
نشوء 'بدائل' مخيفة (كالفوضى والصراع
الأهليّ). لا حتميّة في أمور كهذه. لكنّ
مسؤوليّة النظام، الذي يُمْسك بتلابيب
الدولة ومقدّراتها الأمنيّة
والماليّة، أكبرُ من مسؤوليّة أيٍّ
كان، ولاسيّما في الحؤول دون أن تنجرفَ
البلادُ إلى ما يُشْبه الاحترابَ
الداخليّ وفقًا للسيناريو اللبنانيّ
أو العراقيّ. والخطواتُ الأولى التي
يمْكنه القيامُ بها لنزع فتيل
الاحتراب المقيت هي: إلغاءُ قانون
الطوارئ فعلاً لا قولاً، وفتحُ تحقيقٍ
نزيهٍ وشفّافٍ في عمليّات قتل الشهداء
من المتظاهرين والجنود ورجال الشرطة
على حدّ سواء، ومحاسبةُ المسؤولين عن
الانتهاكات والمظالم الأخيرة بشكل
خاصّ، ومحاكمةُ رموز الفساد
المحتكِرين لثروات البلاد (أسماؤهم
معروفة وتردِّدُها ألسنةُ المتظاهرين
كلّ يوم)، وتعديلُ المادة الثامنة
الفصل الأول من الدستور (وهي تنصّ
حرفيًّا على أنّ 'حزب البعث العربيّ
الاشتراكيّ هو الحزبُ القائدُ في
المجتمع والدولة...'). وحدها هذه
الخطواتُ يمكن أن تكون بشيرًا
حقيقيًّا ببداية التحوّل من الدولة
الأمنيّة أو دولة النظام، إلى دولة
المواطنين، دولةِ القانون والمؤسّسات.
*** ثانيًا، إنّ الإيحاء أنّ بقاءَ النظام في
السلطة بأيّ ثمن، ولو بالقمع
والتنكيل، خدمةٌ للمقاومة الوطنيّة
اللبنانيّة والمقاومة الفلسطينيّة،
على سبيل المثال لا الحصر، أمرٌ لا
أعتقد أنّ كثرةً من مناضلي هاتين
المقاومتين سيقْبلونه، وإنْ أقرّوا
بديْن النظام عليهم تسليحًا وتدريبًا
وموقفًا سياسيًّا 'ممانعًا.' بل يخيّل
إليّ أنّ أكثر مَن يعي بَهَاءَ
المطالبة المشروعة بالحريّة والكرامة
في سوريا هو مَن لقي في الأمس، أو يلقى
اليومَ، التعذيبَ والأسْرَ
والاعتقالَ على يد الصهاينة في فلسطين
ولبنان، أو على يد قوات الاحتلال
الأميركيّ في العراق. فكيف إذا أُوهِمَ
هذا المقاومُ اللبنانيّ أو الفلسطينيّ
أو العراقيّ بأنّ الدعم الرسميّ
السوريّ الذي يناله يُستخدم اليومَ
ذريعةً لدى حلفاء النظام (في لبنان
بشكل خاصّ) للسكوت عن 'تعفيس'
المتظاهرين في 'البيضا' كالقمل، وعن
تقليعِ أظافرهم، والتبويلِ عليهم،
وإقحامِ أشياء في مؤخِّراتهم...
وتصويرِهم بكاميرات الهواتف الخلويّة
بعد ذلك تبجُّحًا وغرورًا؟ بل لعلّي
أذهب إلى أبعد من ذلك لأقول: إنّ تغاضي
المقاومين في حزب الله عن ممارسات
السلطات السوريّة في حقّ المتظاهرين،
أو التخفيفَ من آثارها، أو تبريرَها
بذريعة أولويّة المعركة ضدّ العدوّ
الإسرائيليّ، يقوِّض شيئًا من صورة
الحزب البهيّة في عيون أنصار المقاومة
اللبنانيّة في كلّ مكان. نعم، إنّ انتصارَنا على العدوّ في
العامين 2000 و2006 ما كان ليتمّ لولا
الدعمُ السوريّ. ونعم، إنّ إسقاطَ
اتفاق 17 أيّار 1983 بين السلطة
اللبنانيّة والعدوّ برعاية أميركيّة
قد تمّ بدعم سوريّ متعدّدِ الجوانب
لقوى 'المعارضة' اللبنانيّة (الملتبسة
دومًا). بيْد أنّ الوفاء لهذا الدعم
وذاك ينبغي ألاّ يكونَ على حساب الشعب
السوريّ الذي فَتَحَ بيوتَه وقلوبَه
وأذرعتَه لاستقبال نازحينا من الجنوب
والضاحية وكافّة أرجاء لبنان صيفَ
العام 2006. الشعبُ السوريّ، بكلّ فئاته،
لا النظامُ وحده، كان أحدَ أبرز
الداعمين لمقاومتنا في لبنان. وواجبُ
المقاومة الأخلاقيّ، وواجبُ إعلامِها
بشكلٍ خاصّ (وتلفزيونِ المنار على نحوٍ
أخصّ)، هو عرضُ المطالب الشعبيّة
السوريّة المحقّة، ولو إلى جانب عرض
موقف النظام أيضًا إنْ كان دعمُها
المباشرُ والصريحُ يسبِّب للمقاومة
إحراجًا تجاه النظام وتجاه إيران. أمّا
أن تصبحَ المقاومةُ وإعلامُها في
لبنان بوقًا لانقديًّا للسياسات
السوريّة الحاليّة، فهو ما سيُضْعف
تأييدَ الشعب السوريّ نفسه لها. *** ثالثًا، إنّ تحميل ما يجري في سوريا
للسلفيّين لا يُقْنع إلاّ الموالين
للنظام ولاءً أعمى. فالتظاهرات
حاشدةٌ، بالآلاف وبعشرات الآلاف
أحيانًا، وشعاراتُها (معظمُها في
الأقلّ) شعاراتٌ غيرُ طائفيّة ولا
مذهبيّة، بل تركِّز على الحريّة
والوحدة الوطنيّة ومكافحة الفساد،
خلافًا لما يزعمه المفكّرُ السوريّ
فراس السوّاح. أمّا انطلاقُ كثيرٍ من
تلك المظاهرات من الجوامع، أيّامَ
الجمعة، فلا يعني أنّ المتظاهرين
سلفيّون، بقدْرِ ما يعني أنّ سدّ
مجالاتِ النقاش العامّ، عملاً بقانون
الطوارئ السيّئ الصيت، جَعَلَ الجامعَ
المجالَ شبهَ الأوحد للتعبير الجماعيّ
الاعتراضيّ 'المرخَّص' له (قبل خروج
المصلّين منه طبعًا). وكلّما ازداد
الكبتُ السلطويّ، اتسع نفوذُ الجامع
والطريقة والزاوية. إنّ خيرَ حليفٍ
للسلفيّة والأصوليّة، ويا للمفارقة،
إنما هو فشلُ السلطة في إرساء دولةٍ
لكلّ مواطنيها، أيْ فشلُها في ترسيخ
العدالة والديمقراطيّة. تريدون،
فعلاً، ألاّ تصبح حمص أو حماه أو درعا (أو
طرابلس) أو ... إمارةً إسلاميّة؟ حُدّوا
من الفقر، ومارِسوا المساواة، واكبحوا
الفسادَ، وأكثِروا من فرص العمل،
وأوقِفوا القمعَ والاعتقال
الاعتباطيّ، وخلّوا بين الشعب وشمسِ
الحريّة! هذا عن السلفيّة في صيغتها السلميّة. أما
في صيغتها القتاليّة فهي أيضًا تقوى
وتزداد شراسةً كلّما ازداد عنفُ
السلطة الحاكمة أينما كانت، في
الجزائر أو مصر أو اليمن أو غيرها. لم
يكن الحلُّ الأمنيُّ نافعًا مع
الأصوليّة الجهاديّة على المدى
الطويل؛ فهذه لم تكفِّر السلطةَ
والمجتمعَ إلا لأنّ 'الجوع كافر،
والمرض كافر، والفقر كافر، والذلّ
كافر' (زياد الرحباني). ولهذا، فإنّ
الحلّ الأمنيّ مع السلفيّة القتاليّة،
إنْ وُجدتْ أصلاً في سوريا، وبالحجم
المعطى لها في الإعلام الرسميّ، لن
يُخْمدها، بل سيزيدها استعارًا. على أنّ هذا لا يمنعنا من السؤال: من أين
نبت السلفيّون في سوريا فجأةً، وبهذه
الأعداد، وبهذه الشراسة، على ما لا
يكفُّ الإعلامُ الرسميُّ السوريّ عن
الترداد؟ لقد صدّع هذا الإعلامُ
رؤوسَنا طوال عقود بأنّ سوريا براءٌ من
لوثة الطائفيّة والمذهبيّة. فإمّا أنه
كان يبالغ في براءة الوطن السوريّ من
تلك اللوثة على امتداد تلك العقود وإلى
ما قبل اندلاع التمرّد الشعبيّ قبل
شهرين، لكي يعزِّزَ الانطباعَ بأنّ
النظام السوريّ نجح في مقاومة
الطائفيّة والمذهبيّة حين فشل كلُّ
الآخرين في المنطقة (مصر، لبنان،
العراق،...)؛ وإمّا أنّه يبالغ اليومَ
في قوّة هذه اللوثة وانتشارها. وهو في
الحالين يُثبت أنّ الحلّ الأمنيّ مع
السلفيّة لم يكن ناجعًا. *** رابعًا، إنّ تحميلَ قناة الجزيرة
مسؤوليّةَ 'الاضطرابات' في سوريا مهزلة.
نعم، على الجزيرة أن تدان بشدّةٍ
لتغطيتها الهزيلة للقمع في البحرين،
تواطؤًا منها على ما يبدو مع سياسة قطر
التي تزداد اقترابًا من المملكة
العربيّة السعوديّة. ونعم، على
الجزيرة أن تدانَ لفتحها (هي ودولة قطر)
البابَ على مصراعيْه أمام التطبيع مع
العدوّ الصهيونيّ. لكنْ هذا وذاك شيء،
ولومُ الجزيرة وكأنها هي التي صنعت
الانتفاضة (أو 'الفتنة' السوريّة
الكبرى) شيءٌ آخر. فلو كانت الجزيرة
قادرةً على صناعة الأحداث لانتصرت
الانتفاضةُ الفلسطينيّة، ولكُسر
حصارُ غزّة، ولاجتاحت سياسةُ التطبيع
القطريّة مع العدوّ مختلفَ البلدان
العربيّة. إنّ تحميلَ فضائيّةٍ واحدة (أو
دولةٍ صغيرةٍ واحدة) أكثرَ ممّا تحتمل
استخفافٌ بالمطالب السوريّة الشعبيّة
المشروعة التي يتخطّى عمرُها عمرَ
الجزيرة (بل يكاد يتخطّى عمرَ إمارة
قطر نفسها!). إنها مطالبُ أيّ شعبٍ يتوق
إلى كسر احتكار السلطة أو 'الحزب
القائد' (ما يسمّيه الصديقُ العزيز
ياسين الحاج صالح 'الأوليغاركيّة
المسيطرة') (1) للقرار السياسيّ ولكلِّ
ما في البلاد من ثرواتٍ وأجهزةِ إعلام.
وبهذا المعنى، فإنّ 'الاضطرابات' في
سوريا انتفاضةٌ روحيّة، ذاتيّةٌ
وجماعيّة، تعبِّر عن التوق العميق
والمديد بعد 41 عامًا من 'العيش' تحت
قانون الطوارئ إلى أن يمتلك الفردُ
والشعبُ أخيرًا القدرةَ على صناعة
حاضره بنفسه. وهذا بالطبع،
وبالمناسبة، مغاير،ٌ قلبًا وقالبًا،
لمنطق الإصلاحات الشكليّة و'الخدمات
الشفويّة' التي لا تُسْمن ولا تغْني عن
جوع. *** إنّ سوريا تطمح فعلاً في أن تكون دولة
حرّةً وعادلةً... ومقاوِمةَ أيضًا (لا 'ممانعة'
فحسب). وإنّ سوريا ليست استثناءً في
دنيا العرب؛ فالشعبُ العربيّ يدقّ
بيده بابَ الحريّة في كلّ مكان. المهمّ
ألاّ تتضرّجَ هذه اليدُ بالمزيد من
الدماء. ' كاتب ورئيس تحرير مجلة 'الاداب'
1) ياسين الحاج صالح ، 'في بعض
أصول الأزمة الوطنيّة السوريّة
الراهنة،' موقع الحوار المتمدن، العدد
3346، 24/4/2011. ================= ميشيل كيلو 2011-05-16 القدس العربي تتصارع في سورية
اليوم خريطتا طريق: واحدة أمنية تقوم
على وجود مؤامرة خارجية ضد النظام
وسورية أداتها الإسلاميون السلفيون
المتطرفون وقطاعات تنقاد لهم من
الشعب، من المحال التصدي لها بالسياسة
وحدها، والمعركة ضدها هي من بدايتها
إلى نهايتها معركة قوة، بما أن النظام
يواجه فيها طرفا منظما وعنيفا، فإن كان
لها من وجه سياسي، فهو لن يبرز إلا بعد
انتهائها، حين تكون قوة الدولة قد
أخمدت الاحتجاجات، التي أخذت شكلا
مضللا اختفى في الظاهر وراء شعار
السلمية والوطنية السياسي الطابع. بالمقابل، هناك خريطة طريق مضادة: سلمية،
سياسية، تنطلق من وجود أزمة مزمنة في
سورية تفاقمت خلال قرابة نصف قرن، لكن
النظام رفض الإقرار بوجودها وامتنع
بالتالي عن حلها، فطاولت جميع جوانب
الحياة العامة ومكوناتها، وتركزت
بصورة خاصة في الموقع الذي أنتجها:
السلطة، وفي نمط علاقاتها مع المجتمع،
فهي أزمة عامة لا تحل بالقوة، لان
مفرداتها غير أمنية، بل هي من طبيعة
تكوينية تتصل بتشوهات عميقة أصابت
الدولة والنظام والمجتمع، همش
استمرارها الإنسان وأبطل السياسة
الحديثة وحواملها من مواطنة وحرية
وعدالة اجتماعية ومساواة، وأفشل
التنمية وعطل الإدارة والقضاء ... الخ.
هذه الأزمة لا يحلها العنف مهما كانا
مكثفا، وستتواصل حتى إن أحرز الداعون
إلى 'الحل الأمني' انتصارا ساحقا يقضي
على حركة الاحتجاج، أي على المحتجين
الذين قد يدفعهم الرعب إلى الإقلاع عن
المطالبة بحل لما يواجهونه من مشكلات،
لكنه لن يزيل الأسباب التي أدت إلى هذه
الحركة، علما بأن الأصل في معالجة
الأزمات التخلص من أسبابها لا نتائجها.
بكلام آخر: يبدو الحل الأمني وكأنه
يريد القضاء على المحتجين، في حين
يتجاهل أسباب احتجاجهم، بينما تريد
خارطة الطريق السياسية القضاء على
أسباب الاحتجاج من خلال تلبية مطالب
المحتجين، بما فيها تلك التي تتصل
بضرورة إجراء تغيير جدي في النظام كي
يحول دون تجدد الأزمة بتجدد أسبابها،
وتاليا دون تجدد الاحتجاج عليها. ثمة، بين هاتين الخريطتين، توجهات
متباينة بدرجات متفاوتة ترى نفسها
بدلالتهما وتعمل على دمج مكونات منهما
بعضها ببعض، تتفق جميعها على إخماد
الاحتجاج وتختلف في نظرتها إلى الحل
السياسي، الذي تريد له أن يكون ترجمة
لانتصار أمني (استبعد شخصيا وقوعه في
مدى منظور)، وأن يمهد لإصلاح تقني
يطاوله، يبقي على أبنيته الجوهرية
ويقتصر على تغيير بعض أشكال إعادة
إنتاجه، بإضافة جديد إليها يمكنها من
احتواء ودمج قوى ورموز سياسية
واجتماعية مختلفة الأطياف توجد خارج
النظام حاليا، يعني احتواؤها توسيع
قاعدته وحرية حركته ونفوذه. يؤمن أنصار
هذه الحل بأن ما يجري في سورية هو
مؤامرة خارجية ويشاركون دعاة الحل
الأمني في اعتبار القضاء عليها شرط أي
حل سياسي لاحق، ويعتقدون مثلهم أن
الحسم الأمني ضروري لتقييد الحل
المطلوب وحصره في حدود ضيقة، وجعل
الإصلاح التقني للنظام محدودا ومقبولا.
نحن هنا أمام موقف يقوم على حد أقصى من
الحل الأمني وحد أدنى من الحل السياسي:
حل أمني كامل وحل سياسي منقوص. ربما فسر
هذا اعتقالات دعاة الحل السياسي
السلميين المتلاحقة، بينما الحل
الأمني يتصاعد، فالأصل هنا هو فصل
العلاقة - القائمة أو الممكنة القيام -
بين عامة المواطنين وبين دعاة الحل
السياسي، بنفي أحدهما والضغط على
الآخر أو بإضعافهما كليهما، فلا يجد
المواطنون في دعاته ممثليهم وقادتهم،
ولا يجد هؤلاء في المواطنين الدعم الذي
يحتاجون إليه، ويسهل بعد إنجاز حل أمني
يقوض الاحتجاج التخلص من دعاة أي حل
سياسي، توافقي وهيكلي، وإجراء إصلاح
يجدد ويوحد النظام، يتم تسويقه كممكن
عملي وحيد في ظرف داخلي وخارجي خطير. يطالب دعاة الحل الأمني بعمل مضاد شامل،
عملا بقاعدة تقول: لا حياد تجاه
المؤامرة، والمحايد متآمر يجب ضربه
وسحقه. في حين يؤمن ما أود تسميته تيار
الوسطية في السلطة بضرورة إرجاء العمل
الواسع ضد جماعة الحل السياسي ريثما
تكون المعركة ضد المتآمرين قد تكللت
بالنجاح، فيمكن عندئذ إخماده أو
احتواؤه بطرق سلمية: بالجزرة والعصا،
علما بأن إغراءه حاليا بوعد التغيير
لشامل قد يؤدي إلى فصل المحتجين عنه ،
وعزلهم، وتركهم يغرقون في الأخطاء
والتجارب. لا يعني هذا أن السلطة تخلو من جهات تدرك
عمق الأزمة وتريد حلا جديا لها. وربما
كان هناك من لا يرى في الاحتجاج الحالي
مؤامرة فقط، يجب أن تحبط بالأمن وحده،
لكونه من تدبير قلة متشددة متواطئة مع
الأجنبي، تسعى إلى قلب النظام والقضاء
على طابعه الوطني والقومي الراهن. لكن
هؤلاء قد يكونون وسيبقون أصواتا
متفرقة، ما دام الحل الأمني يتسع،
وسيتلاشى وجودهم بالكامل، إن قرر
الطرف الآخر اعتماد العنف وسيلة
لتحقيق أغراضه، وتراجع طابع الاحتجاج
السلمي والوطني. نحن في وضع معقد ويزداد تعقيدا بمرور كل
يوم، فالحل الأمني ينتشر والحراك
الاحتجاجي لا يتراجع، رغم ما يصدر عن
السلطة من تصريحات تبشر بقرب انتهائه،
وفتح باب الحوار الوطني، المغلق اليوم
لأسباب تتصل أساسا بنتائج هذا الحل، مع
العلم بأن استمراره سيقوض كل شيء،
وسيجبر دعاة الحل السياسي على إعادة
النظر في حساباتهم، سواء اتسعت دائرة
العنف وتزايد احتمال الرد عليه بعنف
مقابل، واقتربت البلاد من انفلات عام
سيخرج أكثر فأكثر عن السيطرة، سيكون
طلقة الرحمة على الدولة والمجتمع، أو
نجح في تقييد وضرب الاحتجاج ومهد
لتقييد وضرب القوى والتوجهات
الديمقراطية. طمئن أهل النظام أنفسهم
إلى نتائج الحل الأمني، مع أن بعضهم
يقول إنه ليس من أنصاره. يخاف السوريون اليوم على أنفسهم ووطنهم.
ويزيد من خوفهم اعتقادهم أن النظام كان
يجب أن يعالج مطالبهم التي وصفها
بالشرعية وأقر بطابعها السلمي، بحل
غير أمني، خاصة وأنها لا تحل أمنيا،
وأن الحل الأمني حل صفري ستكون له
نتائج مأساوية وإن أخمد الحراك
الشعبي، بينما سيؤدي الامتناع عن حلها
توافقيا إلى تفاقمها وتجددها في
مستقبل غير بعيد، وقد يدفع خصوم النظام
إلى اعتماد حلول أمنية ستقربنا خطوة
أخرى من الهاوية، التي لم نعد بعيدين
جدا عنها، وسننزلق إليها بالتأكيد، إن
تلاشت فسحة السياسة والعقل السياسي
والتوافقي، وسيطرت عوالم العنف والعقل
الأمني والإقصائي، وانتهى الأمر إلى
احتدام ما يتعرض له المواطن السوري من
مشكلات، والمجتمع السوري من أزمات،
والدولة السورية من معضلات وتشوهات. ثمة احتمالات كثيرة لتطور سورية، أكثرها
خطورة ما سينتج عن تكامل الحل الأمني
مع رهانات توظف نتائجه لصالح حل سياسي
ناقص ومحدود، من طبيعة غير هيكلية،
يقوم على شطب الحراك الاحتجاجي أولا،
ثم على حملة وعيه المدني والسلمي، ظنا
منه بأن الأمور تعود بهذا إلى مسارها
الطبيعي، الذي كانت عليه قبل انطلاق
الاحتجاج، بينما يكون كمن يضع حجر
الأساس لازمات أشد تعقيدا وتفجرا، لا
نتيجة لها غير الهلاك الأكيد لمن قد
ينجو من الأزمة الراهنة! سورية على
مفترق طرق، وفي وضع عصيب. كان الله في
عونها! ' كاتب وسياسي من سورية ================= تبادل خدمات بين اسرائيل
و»الممانعين» الثلاثاء, 17 مايو 2011 الياس حرفوش الحياة هذه اسرائيل، تثبت مرة جديدة، لمن ما زال
بحاجة الى إثبات، أن نظامها شبيه كامل
المواصفات بأنظمة القمع وحركات «الممانعة»
العربية، التي تزعم اسرائيل انها
نقيضها فكراً وممارسة، وأنها في
مواجهتها. المتظاهرون الفلسطينيون في وجه اسرائيل
لا يلقون من جنود جيشها، المسمى
تزويراً «جيش دفاع»، سوى رصاص القمع
والقتل. ومواقف سياسييها من المطالبين
بحقوقهم لا تقل تشفّياً وصلافة
واستخفافاً عن مواقف أنظمة العرب التي
تتحرك الانتفاضات ضدها. اذ كيف يردّ
هؤلاء الاسرائيليون على من يتظاهرون
عند حدودهم رافعين شعار حق العودة؟
بالطريقة ذاتها التي تردّ بها انظمة
القمع العربية على المطالبين من
مواطنيها بعودة كرامتهم وباحترام
حقوقهم، أي بنفي الحق برفع المطالب،
على اساس ان لا يوجد حق عودة او من
يحزنون! أو بالقول ان المتظاهرين
مدفوعون بأجندات خارجية، وأن وراء
تظاهراتهم مخططاً لإزالة دولة
اسرائيل؟ ألم نسمع ردوداً مشابهة على
تظاهرات الشبان العرب، في مدنهم
وقراهم، على لسان حكّامهم وقادة
أنظمتهم، من النوع الذي يقول ان
الحريات مؤمنة والحمد لله، ولا داعي
للتظاهر، وان هؤلاء المتظاهرين
متآمرون، مدفوعون من الخارج، وينتمون
الى «عصابات مسلحة»؟ لا يقدم النظام الاسرائيلي فقط في سلوكه
هذا نموذجاً شبيهاً بسلوك انظمة
العرب، فيما هو يصف نفسه بأنه «الدولة
الديموقراطية الاولى» في المنطقة. انه
ايضاً يقدم لتلك الانظمة الخدمة التي
تحتاجها، من خلال اعادة لغة الدم
والنار الى المواجهة الفلسطينية -
الاسرائيلية، بعيداً من توفير شروط
السلام واحترام التزاماته، وهو ما
يقوض حجج «الممانعين» ويحرمهم من
الشرعية التي يسعون اليها. ذلك ان لغة
المواجهة والحرب المفتوحة هي التي
يحتاجها قاموس «الممانعين» العرب
لتوفير الدعم اللازم لشرعيتهم كأنظمة
وحركات «ممانعة ومقاومة». فعندما يقتل
الاسرائيليون فلسطينيين عزّلاً على
حدودهم مع سورية ولبنان، والحدود في
الحالتين معروفة هوية المتنفّذين فيها
والمسيطرين عليها، انما يقدمون هدية
ثمينة لمن يمسكون زمام الامور في
الحالتين، بأن شعاراتهم القائمة على
اسكات كل صوت معارض، باسم المواجهة مع
العدو، يجب أن تتفوق على شعارات
الكرامة والعدل والحرية، التي باتت
مطلب المعارضين العرب. انه اذن الصراع الذي يحتاجه الطرفان،
انظمة العرب والنظام الاسرائيلي،
لابقاء الحال على حاله. فهذا الصراع
المديد هو الذي يتيح للأنظمة التي
نتحدث عنها البقاء، لأن بقاءها ضروري
للتحرير المزعوم الذي لا يأتي، وهو
الذي يتيح لاسرائيل ان تعيش على حال
العسكرة والمجتمع الحربي، الذي لا
يأبه بكل دعوات ومبادرات السلام،
والذي يخشى ان يقوّض احترام مطالب
الشرعية الدولية القواعد التي يقوم
عليها تماسكه الداخلي. وفي الحالتين تكون القضية الفلسطينية
وابناؤها هم الضحايا ووقود المعركة.
الفلسطينيون يدركون، او يفترض ان
يدركوا، ان لا الشعارات ولا التظاهرات
الحدودية هي التي ستعيدهم الى فلسطين.
ذلك أن الذين عادوا الى الضفة الغربية
وقطاع غزة، والذي يرفعون عليها اليوم
علم فلسطين، ويشكّلون خميرة الدولة
الفلسطينية الموعودة، لم يعودوا بهذه
الطريقة. واسرائيل من جانبها، كان
يمكنها ان تتصرف بطريقة مغايرة، غير
طريقة القتل، حيال بضع مئات من الشبان
الذي غامروا بقطع شريط شائك لتحقيق «حلم
العودة». لكن مصالح السياسة، هنا
وهناك، هي التي طغت. فتحقّق للأنظمة
والحركات التي رعت تظاهرات العودة ما
ارادت، مثلما تحقّق لاسرائيل، يوم
دامٍ، أعاد عناصر المواجهة العربية -
الاسرائيلية الى المربع الاول. ================= محمد جميح الشرق الاوسط 17-5-2011 هذه مرحلة تهاوي الشعارات. العبارات
المطاطة عن «العلاقات الأخوية المتينة»
بين الأشقاء في اليمن وقطر - على سبيل
المثال - تتلاشى على وقع الحقيقة
الماثلة للعيان التي تشير إلى خلاف
عميق في وجهة النظر للأحداث في اليمن.
سقوط الشعارات يعني أن الخلافات
الحادة بين «الشقيقتين» تعود إلى
الملف الحوثي ومرورا ب«قمة غزة»
وانتهاء بالثورة الشعبية في اليمن
التي يبدو أن قطر تتخذ موقفا مختلفا
إزاءها. سقط إذن «الغزل السياسي» بين
البلدين الشقيقين أو الحبيبين إن جاز
أن تكون هناك «رومانسية سياسية»،
لينتهي النظام في قطر «الشقيقة» - حسب
الخطاب الرسمي اليمني - متآمرا على
اليمن، وينتهي النظام في اليمن «الشقيق»
إلى «ديكتاتورية تقتل شعبها» حسب
الدوائر القطرية. وفي ليبيا تهاوت
شعارات «الأخ العقيد» مع تهاوي
تماثيله وتطاير صفحات كتابه الأخضر في
الهواء. «الأخ العقيد» يصرح بأن انهيار
الاستقرار في ليبيا خطر على العالم،
وعلى إسرائيل. إسرائيل وليبيا إذن في
خندق واحد ضد التطرف و«القاعدة»
وأسامة بن لادن والجرذان وأصحاب «حبوب
الهلوسة». ذهبت «حكايات الجدات» التي كان «أخونا
العقيد» يحدثنا فيها عن فلسطين والحج
إلى فلسطين، وذهبت أسطورة «إسراطين»
وحق العودة، كلها ذهبت مع أول أصوات
الثورة الليبية. كلها انهارت ليتبين
لنا من تحت الركام أن «استقرار ليبيا
من استقرار إسرائيل»! حقيقة مرة،
لاذعة، صادمة للوهلة الأولى فقط، غير
أنها ليست آخر الحقائق اللاذعة
المتكشفة تحت غبار «الكتاب الأخضر»
الذي حوله الليبيون إلى كومة من غبار
بعد أن تحول فعليا ومنذ فترة طويلة إلى
«كومة من كلام» بين غلافين أخضرين.
وقبل أن تستفيق أيها القارئ المسكين
وأنت تتجرع مرارة هذا المقال، خذ أيضا
حقيقة ناصعة أخرى ظهرت عقب انهيار «منظومة
الشعارات السورية» في «المقاومة
والممانعة والحق العربي وقلب العروبة
النابض». قال: «رامي مخلوف» قريب
الرئيس السوري وأحد أبرز رجال الأعمال
السوريين بالحرف الواحد إن «استقرار
إسرائيل من استقرار سوريا»، حقيقة
مرة، لاذعة صادمة للوهلة الأولى كأنها
إحدى حقائق النظام في ليبيا، بل هي هي
لأن ليبيا هي سوريا وسوريا هي ليبيا في
هذا السياق على الأقل. سقطت إذن شعارات النظام في دمشق كما سقطت
من قبل شعارات «أمة عربية واحدة» التي
كانت ترفع في دمشق وبغداد، في الوقت
ذاته الذي كانت دمشق تقف فيه إلى جانب
طهران ضد بغداد في تناقض صارخ مع
الشعار المرفوع. ومع سقوط شعارات
النظام الرسمي العربي التقليدية، يبدو
أن هذا النظام يحاول إعادة إنتاجها في
شكل آخر باعث على السخرية مثل الشعارات
المسيئة إلى الشعوب التي انتفضت سلميا
والتي وصفت بأنها مجاميع من «الجرذان»
في ليبيا و«قطاع الطرق» في اليمن و«عملاء
إسرائيل» في سوريا في تناقض صارخ مع
الحقيقة المدوية التي تطوع السيد رامي
مخلوف بالكشف عنها والمتمثلة في أن «استقرار
إسرائيل مرتبط باستقرار سوريا» والتي
تفهم على أن «استقرار إسرائيل مرتبط
باستقرار الأنظمة الحاكمة» التي رفعت
شعارات المقاومة فترة طويلة من الزمن،
لا لتحرير الأرض ولكن لتخدير الجماهير
وإطالة فترة بقاء الأنظمة بحجة
التجهيز لتحرير أرض تستمد هذه الأنظمة
شرعيتها من احتلالها. الحقيقة الناصعة
اليوم تحت سماء ثورات الشعوب العربية
تقول إن النظم التي رفعت شعارات معينة
في مرحلة زمنية معينة في هذا الجزء من
الجغرافيا قد استخدمت هذه الشعارات
لتخدير مشاعر شعوبها لصرف هذه الشعوب
عن المطالب الحقيقية القريبة المنال
مثل مطالب التنمية والحرية والعدالة
والمساواة. يقال للنظام السوري مثلا
أفرج عن السجناء السياسيين، فيرد: نحن
دولة مواجهة ولا ينبغي التساهل مع من
يسعى لقلب نظام حكم مقاوم. يقال: على
العين والرأس، اسمح بحياة سياسية
تعددية إذن. يرد: حذار من السعي
بالحزبية إلى خلخلة الوحدة الوطنية
مما يمكن العدو الإسرائيلي من الجبهة
الداخلية. يقال له: قليلا من حرية
الصحافة إذن. يقول: لا. إسرائيل على
الحدود. يقال: ولكن إسرائيل فيها أحزاب
وفيها صحافة حرة وسجونها خلو من سجناء
سياسيين من مواطنيها اليهود على
الأقل، ومع ذلك لم تتعلل يوما أنها «دولة
مواجهة» لكبح جماح الحريات العامة. يرد
النظام: سوريا دولة مستهدفة وظروفنا
مختلفة، لا، لا لسنا مهيئَين
للديمقراطية بعد. هل ولدت هذه الشعارات
ميتة إذن؟ هل استمرت فترة ثم تحولت مع
الزمن إلى «عادة صوتية» اعتادت الآذان
على سماعها حتى اكتفينا من الألسن
بترديدها؟ مهما يكن الأمر فالواقع أن
هذه الشعارات كانت وسيلة من وسائل
أنظمة القمع لإدامة سطوتها على الشعوب
المقهورة، لأنه تأكد اليوم أن الأنظمة
التي ترفع هذه الشعارات هي أبعد ما
تكون عنها. ولعل فهم هذا الواقع هو ما جعل ملايين
المحتجين العرب اليوم لا يرفعون
شعارات معادية لإسرائيل ليس لأنهم
راضون عن إسرائيل ولكن لأنهم ساخطون
أكثر على أنظمتهم القمعية، ولأنه من
وجهة نظر المحتجين فإن رفع الاستبداد
مقدم على دحر الاحتلال، ولأن
الاستبداد الداخلي أصبح صنوا للاحتلال
الخارجي عند المحتجين ولأن - وهذا هو
المهم - شعارات معاداة إسرائيل أصبحت
من وجهة نظر المحتجين «شعارات الأنظمة
القمعية» والتي أصبحت جماهير المحتجين
تبتعد عن رفعها إمعانا في الابتعاد عن
شعارات الأنظمة التي لم تعد أكثر من «فقاعات
صوتية» تنفجر فوق العواصم العربية ولا
تبلغ «تل أبيب». هكذا إذن ذهب «الشعار» وجاءت «الحقيقة»،
وبين حضور «الشعار» وغياب «الحقيقة»
أمضى العرب عقودا طويلة في شبه سبات.
وبين «الشعار» و«الحقيقة» تكمن أزمة
العرب المتمثلة في جانب منها في حضور «الخطاب»
وغياب «الوعي» أو حضور «الخطاب
الشعاراتي» وغياب «الوعي الحقيقي» إن
جاز التعبير. وبعد. فهل العرب اليوم على
أبواب مرحلة «الوعي الحقيقي» مقابل
مرحلة «الخطاب الشعاراتي» التي سادت
خلال العقود الماضية؟ وهل وصلنا إلى
إدراك حقيقة «أن الشعار هو الوجبة
الدسمة للفقراء في الدول التي ليس فيها
غير شعب جائع وحاكم ممتلئ»، وهل نعي
لماذا تخلو شوارع واشنطن وباريس ولندن
من الشعارات وتكتظ بها شوارع صنعاء
ودمشق وطرابلس على سبيل المثال؟
الإجابة عن الأسئلة المطروحة بيد رواد
الحقبة العربية التي يبدو أنها بدأت في
التشكل لحظة أن لوح ذلك التونسي بيده
على رأسه قائلا بصوت متهدج: «هرمنا في
انتظار هذه اللحظة التاريخية»؟ * كاتب وأكاديمي يمني مقيم في
بريطانيا ================= من سوريا إلى لبنان..
الرسالة: أنقذونا علي ابراهيم الشرق الاوسط 17-5-2011 مفارقة في المشهد.. على الحدود اللبنانية
والسورية مع إسرائيل في رأس مارون
والجولان حافلات تنقل شبانا فلسطينيين
محتجين في الذكرى ال63 للنكبة ليحاولوا
اجتياز الحدود، وتحدث معركة يسقط فيها
قتلى وجرحي على الحدود الهادئة منذ 37
عاما التي لا يجرؤ أحد على الاقتراب
منها إلا بإذن السلطات، فما بال سكان
يقيمون في مخيمات بدمشق أو في مخيمات
بعيدة عن الجنوب اللبناني الواقع تحت
سيطرة حزب الله حليف «البعث». وعلى الحدود السورية - اللبنانية سكان
بلدة تلكلخ السوريون يهربون إلى
الأراضي اللبنانية من الحملة القاسية
التي تشنها منذ 8 أسابيع القوات
السورية على المعارضين المصرين على
المطالبة بالحريات، وسط تقارير عن
اشتباكات بالسلاح بين جنود سوريين
منشقين رفضوا إطلاق النار وآخرين في
البلدة الحدودية. مشهد عبثي تظهر فيه حالة نموذجية لسياسات
عربية قديمة جديدة؛ هي الهروب إلى
الأمام في مواجهة الأزمات الداخلية
لإلهاء الناس حتى ولو تسبب ذلك في
إشعال حرب خسارتها مضمونة، فالمهم
المحافظة على السلطة والكرسي وليذهب
الباقي إلى الجحيم؛ ف«إما أنا أو
الخراب».. قالها سيف الإسلام القذافي
في ليبيا حينما خاطب الليبيين قائلا:
انسوا النفط، وانسوا الاستقرار،
واستعدوا للحرب الأهلية، ونراها الآن
في سوريا حينما قال رامي مخلوف، أحد
أعمدة النظام: «لا استقرار لإسرائيل
طالما لا استقرار في سوريا»،
والاستقرار في مفهومه يعني بقاء
النظام. لقد خرجت مظاهرات في الأراضي الفلسطينية
في ذكرى النكبة، وهو تاريخ مؤلم
للفلسطينيين من حقهم أن يبلغوا فيه
العالم غضبهم من المراوغة والإهمال
الدولي لقضيتهم التي لا تجد حلا منذ
عقود طويلة، وجاءت مظاهرات هذا العام
مختلفة، فالشبان متحمسون بما حصل في
دول عربية مجاورة لهم من تغييرات
أحدثتها ثورات شعبية، وكان رد الفعل
الإسرائيلي مفرطا في استخدام القوة،
والموقف الفلسطيني الرسمي مسؤولا على
جانبيه سواء من السلطة في الضفة أو
حماس في غزة التي سعت شرطتها إلى منع
المتحمسين من عبور الحواجز؛ فالسلطة
المسؤولة لا تسمح بإراقة دماء شعبها
بأفعال متهورة أو دون ثمن لمجرد الحصول
على دعاية إعلامية. الموقف في سوريا ولبنان مختلف؛ فالتحرك
من المخيمات بحافلات بإذن، وهي أصلا
مخيمات مسيطر عليها من فصائل تعودت على
تجيير القضية الفلسطينية لصالح آخرين،
وهو أشبه بشوشرة لتشتيت الانتباه
واستغلال قضية عادلة للتغطية على أزمة
داخلية، فنحن أمام حالة غضب داخلية
دخلت أسبوعها التاسع، وأثبت منظموها،
أيّا تكن هويتهم، أن لديهم تصميما
عاليا، رغم أنهم لم يجدوا من يقف معهم
مثلما حدث في مصر وتونس حينما رفض
الجيش إطلاق النار على الناس ووقف معهم.
في المقابل، أدى اللجوء إلى الخيار
الأمني في مواجهتها إلى رفع السقف من
مطالب بسيطة تتلخص في الحرية والكرامة
والعدالة، إلى تغيير كامل النظام، ولم
ينجح استخدام القوة المفرط في إسكات
الناس؛ بل على العكس، أزال الخوف من
قلوبهم. وخلال الأسابيع الثمانية الماضية،
استخدم الكثير من الأوراق في مواجهة
الانتفاضة الشعبية السورية.. الوعود
السياسية، مع إطلاق الرصاص واقتحام
المدن بالدبابات والاعتقالات الواسعة
والحصار الإعلامي الذي نجح المنتفضون
إلى حد ما في اختراقه، ويبدو أن بين
الأوراق أو الكروت الأخيرة التلويح
بإشعال حرب، وهذه هي الرسالة التي جرى
توصيلها إلى الإسرائيليين أول من أمس
عبر الحدود السورية واللبنانية
ليمارسوا ضغوطهم على الإدارة
الأميركية قبل خطاب أوباما الخميس
المقبل حتى لا تصل إلى نقطة المطالبة
بتغيير النظام، أي إنها رسالة مفادها:
تحركوا مع واشنطن وأنقذونا. ========================== سوريا: هل بقي من حوارٍ
وطني مع النظام؟ هوشنك بروكا إيلاف 16/5/2011 كعادته في التفافه على مطالب الشعب التي
وصفها الرئيس بشار الأسد، ربما "لضرورة
الشعر" ب"المحقة"، أطلق النظام
السوري مؤخراً دعوةً جديدة إلى "حوارٍ
وطني شامل". أخبار سوريا الرسمية
تتحدث عن تشكيل الرئيس للجنة "رفيعة
المستوى"، مؤلفة من نائبيه فاروق
الشرع ونجاح العطار، ومستشارته بثينة
شعبان، ومحمد ناصيف. ماهي ملامح هذا الحوار، مع من سيتحاور
النظام، بماذا، وعلى ماذا، ولأجل
ماذا، وتحت أي سقفٍ، وعلى أية أرضية
وطنية سيتحاور النظام؟ كلّ هذا ليس
معلوماً بعد. المعلوم فقط، حتى الآن، هو النظام "الأعلم"
بكلّ شيء، كما هو دائماً، والذي لا
معلومَ فوق معلومه، وكل معلومٍ عداه،
ليس إلا "نكرة" أو "مكتوماً
مندساً". ولكن السؤال الأهم، الذي يمكن أن يطرح
نفسه بعد كلّ هذا القتل وإطلاق النار
"الوطني" تحت حصار شبيحة النظام
ودباباته، هو، هل بقي من حوارٍ وطني معه أصلاً؟ ماذا تبقى من وطنٍ في حوزة النظام،
ليُتحاوَر عليه؟ هذا السؤال المفتاح يفتح الباب على أسئلة
أخرى كثيرة، منها: مَن سيحاور مَن؟ أيّ حوارٍ وطني هو هذا، الذي يطلقه النظام
على ظهر الدبابات؟ هل بقي هناك من شعبٍ سوري، يثق النظام
بوطنيته كي يحاوره أصلاً؟ أليس كلّ الشعب السوري الثائر في الشوارع
الآن، هو "مندسٌّ" و"متآمر" و"مغرر
به"،وفق فقه النظام؟ هل سيعترف النظام بثورة "المندسين"
ويجلس إليهم إلى طاولة الحوار؟ هل سيعترف النظام ب"أخطاء" دباباته
ونيران قناصاته "الصديقة" ضد
شعبه؟ هل سينفتح النظام على العالم ومنظماته
الحقوقية، للتحقيق في أحداث القتل
المنظم التي جرت في درعا وأخواتها
السوريات الأخريات، وما تعرضت لها
مختلف المدن السورية، من حصار وتجويع
وقطع للماء والكهرباء وكلّ وسائل
الإتصال؟ هل سيسمح النظام السوري للعالم ومنظماته
الإنسانية، بالوقوف على حقيقة أوضاع
الإنسان السوري، تحت قصف ونيران
دباباته، وتقييم مأساته، لتقديم ما
يمكن تقديمه من مساعدات إنسانية، كما
طالب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم
المتحدة بذلك؟ هل سيترك النظام ديكتاتورية "الحزب
الواحد"، و"الرأي الواحد"، و"التلفزيون
الواحد"، و"الجريدة الواحدة"،
ويترك للآخر حيزاً ديمقراطياً من
الإختلاف، مع هذا الواحد الأحد، الذي
يحكم سوريا وحيداً، منذ أكثر من أربعة
عقودٍ من ال"نعم" المطلقة، التي
لم تشبها "لا" واحدة؟ هل سيفتح النظام صفحة وطنية جديدة مع
الشعب، ويحاسب مسؤوليه عما جرى من "قتل
وطني"، بأيدي قوى أمنية وكتائب كان
من المفترض بها أن تكون وطنية، تدفع
المواطنين إلى المزيد من الوطن
واللحمة الوطنية؟ هل سيعتذر النظام للشعب السوري، عمّا
اقترفته أجهزته الإعلامية وقنواته
الفضائية من كذبٍ ودفنٍ للحقيقة
السورية، التي باتت بفضل شبكات
التواصل الإجتماعي، ووسائل الإتصال
الحديثة، أكثر من واضحة؟ هل سيبيّض النظام المعتقلات ويفرج عن كلّ
السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي
القدماء والجدد، الذين اقتادتهم
السلطات إلى "تحت الأرض"، لمجرد
أنهم قالوا "لا" لمرّة واحدة،
واختلفوا مع "نعم" رئيسٍ، فُرضت
عليهم منذ أكثر من أربعين سنةٍ؟ هل سيقرّ النظام بالتعددية السياسية،
ويسمح لأحزاب المعارضة، بأن تنافسه
على السلطة، عبر صناديق الإقتراع، كما
هي العادة السياسية في مجمل العالم
الديمقراطي اليوم؟ هل سيسمح النظام بقانون انتخاب جديد،
لإجراء انتخابات ديمقراطية حرّة
نزيهة، ليفوز فيها من يفوز، ويخسر فيها
من يخسر؟ هل سيقرّ النظام بالفصل بين السلطات،
ويطلق الحريات، ويفتح المجال أمام
الكلمة الحرة، لتمارس سلطتها الفعلية
ك"سلطة رابعة"؟ هل سيتخلى النظام عن ايديولوجيا "الدولة
القومية" بمفهومها البعثي القومجي،
كما يقول الدستور السوري، ويعترف
بوجود قوميات أخرى، تمّ اختزال
أبناءها إلى مجرّد "عرب سوريين"
سواء شاؤوا أم أبوا؟ هل سيعطي النظام السوري أبناء القوميات
الأخرى، كالأكراد والآشوريين
والسريان وسواهم، حقوقهم السياسية
والثقافية والإجتماعية والإقتصادية،
على أرضية المساواة الكاملة بين أبناء
الشعب السوري الواحد، بإعتبارهم
مواطنون سوريون، في "أمّة سورية
واحدة"، أولاً وآخراً؟ هل سيتنازل النظام السوري عن "الدولة
الأمنية الإستخباراتية" لصالح
الدولة المدنية؟ هل سيحلّ النظام أجهزته الأمنية المصنّعة
خصيصاً لقمع الشعب، كي تحلّ محلها
مؤسسات الدولة المدنية؟ هل سيسلّم النظام السلطة إلى الشعب،
لينتخب من يشاء ويسقط من يشاء؟ هل سيترك النظام الشعب ليحّب رئيسه كما
يشاء ويكرهه متى وكما يشاء؟ الجواب على كلّ هذه الهلاّت وغيرها
الكثير من الأسئلة السورية المزمنة،
هو بالطبع لا طويلة. ليس لأن الشعب السوري لا يريد الحوار، ولا
يريد الجلوس إلى طاولته، وإنما لأن
طبيعة النظام السوري، المؤسسة على
الرأي الأوحد الممثل برئيسه
الديكتاتور، لا تقبل بالحوار وأسسه. فمتى كان الديكتاتور "متحاوراً"،
حتى يحاور النظام السوري الأكثر من
ديكتاتوري شعبه؟ الديكتاتور والحوار، لا يجتمعان على
طاولة واحدة. الحوار الذي يريد النظام له أن يكون، لن
يخرج في تفاصيله عن "الحوارات"
المتخشبة التي نشاهدها على أثير
فضائياته، حيث لا رأي فيها أكثر من
واحد، ولا رأي فوق الرأي الواحد. الرأي، في مفهوم النظام، هو ك"تحية
العلم"، ومن يخرج على هذه الأخيرة،
هو "مندسٌ" و"عميل" و"خطر
على أمن الدولة". لو كان النظام قادراً بالفعل على الحوار،
ومؤمناً به أصلاً، لكان قد بدأ به، منذ
بداية الثورة السورية، قبل ركوبه
الخيار الأمني والعسكري، طريقاً
لتحقيق الإصلاحات بالدبابات. لو كان النظام واثقاً من خطواته، لكان قد
مشى إلى الحوار كالملك، دون أن يطلق
رصاصة واحدة. لو كان النظام جديّاً في حواره المؤجل إلى
أجل غير مسمى، لكان قد سحب دباباته من
المدن، ليرتفع صوت العقل على صوت
الرصاص. ولكن النظام، إذ يطلق الآن مبادرة "الحوار
الوطني الشامل"، لا يؤمن إلا
بعكسها، ولا يفعل إلا نقائضها. كنت أتمنى شخصياً، أن تنتهي فصول مأساة
الشعب السوري، الذي دفع فاتورة حريته
حتى الآن ما يقارب ال 1000 شهيد، وآلاف
الجرحى والمعتقلين، بجلوس كلّ الأطراف
المعنية إلى طاولة الحوار الوطني،
للعبور إلى سوريا حرّة، يختار فيها
الشعب السوري مصيره بنفسه. كنت أتمنى للثورة السورية، أن تنتهي إلى
حوار وطني حقيقي وشامل بالفعل، من شأنه
أن يخرج سوريا من دوامة العنف المفرط،
الذي تمارسه أجهزة النظام وشبيحته بحق
المواطنين العزّل، الذين لا يريدون
إلا "الله..سوريا..حرية..وبس". كنت أتمنى لصوت العقل أن ينتصر، إلى
الأبد، على صوت الرصاص. ولكن الأرجح هو أنّ "رياح النظام ستجري
بما لا تشتهي سفننا". أهل الثورة يريدون الحرية، أما أهل
النظام فلا يريدون إلا عكوسها. شعب الثورة يريد إسقاط النظام، أما
النظام فلا يريد إلا إسقاط الشعب. ما يجري الآن من قتلٍ للمدن وأهلها على
أيدي النظام وأجهزته، لا يعكس أية نية
"وطنية" لديه، للبدء ب"حوار
وطني شامل"، كما أُعلن عنه. في مقابلةٍ تلفزيونية عاجلة مع إحدى
الفضائيات، قال مواطن نزح إلى لبنان،
من مدينة تلكلخ السورية الحدودية،
التي شهدت خلال الأيام الماضية قصفاً
عنيفاً بالدبابات وقتلاً عشوائياً
برصاص القناصات: "ما تفعله دبابات
النظام بالمدينة وأهلها، لم تفعله
إسرائيل بالفلسطينيين..بس إلنا الله!". هذا الكلام الوطني والمؤثر جداً، يختصر
كلّ "وطنية" النظام السوري، الذي
بات يستحق "وساماً" فاشياً
بإمتياز. النظام السوري "الصديق" ههنا، قتل من
شعبه في يومٍ واحد(الجمعة العظيمة،
22.0411)، وسط تعتيم إعلامي كامل، بعيداً
عن أعين الكاميرات والصحافيين، أكثر
من 100 متظاهر، بينما "إسرائيل العدوة"
هناك، قتلت أمس في ذكرى النكبة ال63،
التي شهدت مظاهرات وفعاليات جماهيرية
حاشدة، على طول حدودها مع فلسطين
ولبنان وسوريا 12 شخصاً، وسط تغطية
إعلامية عربية وعالمية مستمرّة، علماً
أنّ هذه المواجهات وصفت بالأعنف منذ 63
عاماً. لا شكّ أنّ القتل، سواء هنا أو هناك، هو
أكثر من مُدان. العنف غير مقبول، من
أيٍّ كان. ولكن بالمقارنة بين "إسرائيل
العدوة" وسوريا الأسد "الوطنية،
الممانعة والصديقة"، ألا تبدو "العدوّة"
إسرائيل أرحم بكثير من النظام السوري
"الوطني الصديق"، مثلما بدا
للمواطن التلكلخي، ولمواطنين سوريين
كثيرين، عاشوا تحت رحمة الرصاص "الوطني"
في درعا وريف دمشق وحمص تلبيسة
واللاذقية وبانياس؟ من يقتل شعبه، لا يمكن أن يحاوره. من يحاصر مدنه بالدبابات، لا يمكن أن يجلس
إليها في حوارٍ واحد، على طاولة واحدة. ومن يقتل الوطن ويمشي في جنازته، لا يمكن
أن يصنع فيه حواراً وطنياً. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |