ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
سورية وليبيا وخطر (القاعدة)
الموهوم ! مراد بطل الشيشاني 2011-05-24 العرب اليوم أحد أكثر التبريرات التي يسوقها النظامان
الليبي والسوري, في مواجهة الاحتجاجات
المطالبة بالديمقراطية في البلدين, هو
أن السلطات تواجه "القاعدة", و"سلفيين",
و"متشددين"..وغيرها من توهيمات
متداخلة غير مفهومة. كلا النظامين ينفذان مجزرة بحق شعبيهما,
ولكن التبرير باستخدام شماعة "القاعدة"
هو مخاطبة للغرب, كي يغض البصر عما
يقترف النظامان. الأسلوب نفسه يستخدمه
الرئيس اليمني علي عبدالله صالح, وإن
كان الفرق بأن القاعدة موجودة باليمن
حقيقة, وطبعاً لا يعني هذا بحال من
الأحوال, الاتفاق مع ما يقول بأن اليمن
ستقع بيد القاعدة إن سقط نظامه. يستدعي الافتراض بوجود "سلفيين-جهاديين"
يديرون الحركات الشعبية المطالبة
بالإصلاح في العالم العربي, ملاحظتان
أساسيتان تساهمان في فك الاشتباك ما
بين الحقيقة والوهم في هذا الافتراض. الملاحظة الأولى أن الأنظمة الغربية,
وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية,
كانت خلال السنوات الماضية, خاصة بعد
الحادي عشر من سبتمبر تستمع لافتراضات
الأنظمة العربية فيما يتعلق ب "الحرب
على الإرهاب", وهو ما يفسر الفشل
المتتالي في هذه الحرب, حتى بتنا أمام
"قاعدات" لا قاعدة واحدة تنتشر في
أمكان عدة, ولا يبدو أنها ستنتهي بمقتل
زعيمها أسامة بن لادن. هذه الملاحظة
تؤكد أن الأمريكيين فضلوا دوماً "الخدمات
الأمنية" التي كانت الانظمة العربية
تقدمها على الضغط عليه للتحول
الديمقراطي الحقيقي. وبالتالي كانت تكلفة "الحرب على
الإرهاب" فيما يتعلق بحقوق الإنسان
باهظة للغاية. وأما الملاحظة الثانية فتتلخص بأن
النظامين في ليبيا وسورية سيكون
شأنهما شأن "الراعي والذئب" إذا
ما جاءهما السلفيون-الجهاديون حقيقة.
حالياً لا يمكن الحديث عن وجود سلفي-جهادي
في كلا البلدين, والحركات الشعبية في
العالم العربي, وعلى العكس فإن
الجهاديين يشعرون بأنهم خارج هذا
التحول في العالم العربي, ولذا باتوا
يقدمون خطاباً "سياسياً", كما برز
في سلسلة أيمن الظواهري حول الثورة في
مصر, وفي تظاهرات الأردن, وفي تركز
العنف في المناطق الطرفية من العالم
الإسلامي. ولكن لا يمكن أخذ هذا الغياب على عواهنه.
نعم الثورات العربية سلمية, وتعبر عن
تحول في البنية الديمغرافية, والفكرية
في العالم العربي, عبر حركات يقودها
الشبان. فاستمرار النظامين السوري
والليبي باستخدام العنف في قمع
الحركات الشعبية سيخلق حالة من الفوضى
والتوتر, بشكل يجعل من البلدين جاذبتين
للمجموعات المسلحة, التي تنجذب دوماً
لمناطق التوتر والتي تغيب فيها السلطة
المركزية (أفغانستان, وحدودها مع
باكستان, والصومال...الخ). ومما يزيد من خطورة الوضع أن سورية شهدت
تحشيداً إيديولوجياً منذ الغزو
الأمريكي للعراق عام ,2003 ولكن النظام
في سورية كان يغض الطرف عن انتقال
المقاتلين من حدوده للعراق, وبالتالي
يلاحظ المتابع أن هناك العديد من
الأدبيات الجهادية التي ستشكل إطاراً
لنشاط الجهاديين فيها إذا ما تغلغلوا
باستمرار الأزمة في البلاد. وفيما يتعلق بليبيا فإن الحركة الجهادية
الليبية كانت قد قمعت من قبل النظام
منذ بدايات الألفية الثالثة, وبدأت
حوارت السجون معها, والحركة ذاتها
اتخذت نهجاً سلمياً في التغيير ورفضت
العنف كأسلوب, وبالتالي لا يمكن الحديث
عن حركة جهادية ليبية محلية, ولكن
استمرار وضع ليبيا كمنطقة حرب وفي ظل
وجود "قوات أجنبية", ستبقى ليبيا
عرضة لتغلغل الجهاديين, خاصة من شمال
أفريقيا ودول الساحل جنوب الصحراء,
اضافة لانجذابها لمناطق التوترات,
فإنها في تلك المنطقة تبحث عن مساحات
جغرافية لتتوسع فيها. ولكن مهما يكن من أمر هذه السيناريوهات,
فإن الأنظمة, في سورية وليبيا واليمن
ستكون هي المسؤولة, عن مثل هذه
السيناريوهات السوداء لا الحركات
الشعبية والديمقراطية. ================== (الحرِّية) هي مجتمع لا
يُنْتِج ظاهرة (مخلوف) (2-2) جواد البشيتي العرب اليوم 2011-05-24 أسَّس شركة "شام القابضة", ويملك
الجزء الأكبر من أسهم بنك المشرق
الاستثماري, وشركة "الكورنيش
السياحية", واستولى على وكالة BMW, مُلْزِماً وزارة الدفاع أنْ
تشتري منه هذا النوع من السيَّارات
للضباط المسرَّحين والمتقاعدين برتبة
لواء وعميد. وبعد اغتيال الحريري,
حوَّل قسماً من أمواله إلى دبي, واشترى
برجين, سجَّل أحدهما باسم زوجته,
والآخر باسم أولاده; وهذا كلُّه إنَّما
هو جزء من الإمبراطورية المالية
للعائلة الحاكمة. و"الحرِّية (الكلمة الثانية من شعار
"البعث")" إنَّما تعني, بحسب "نظرية"
رامي مخلوف, الذي يُوْصَف بأنَّه "مصرف"
العائلة الحاكمة, اجتماع "الاستبداد
السياسي" و"الحرِّية الاقتصادية",
أي حرِّية هذه العائلة في استثمار
سلطانها السياسي والأمني بما يعود
عليها بمزيد من الثروة والثراء; فحاكم
مصرف العائلة رامي مخلوف يؤكِّد أنَّ
الأولوية تبقى (ويجب أن تبقى) لما يسميه
"الإصلاح الاقتصادي", أي لكل "إصلاح
اقتصادي" يوسِّع ويُقوِّي هذه
الإمبراطورية; أمَّا "الإصلاح
السياسي" فهو شَرٌّ ينبغي للعائلة
الحاكمة اجتنابه ما استطاعت إلى ذلك
سبيلاً. ثمَّ بسط لنا رامي مخلوف معنى "الوحدة (الكلمة
الأولى في الشعار نفسه)", وحدَّثنا
عن أهميتها قائلاً: "الاتِّحاد
قوَّة". إنَّها ليست وحدة الشعب السوري, ولا وحدة
الأُمَّة "ذات الرسالة الخالدة";
وإنَّما وحدة "العائلة الحاكمة"
نفسها. مخلوف اكتشف "نافعةً" في تلك "الضارة"
المسمَّاة ثورة الشعب السوري على نظام
الحكم الاستبدادي, فقال هذا "المُكْتَشِف":
"إنَّنا (أي العائلة الحاكمة)
متَّحِدون الآن, وفي هذه الأزمة, أكثر
من ذي قبل. على الرغم من أنَّ للأسد
الكلمة النهائية فإنَّ السياسة
تُصْنَع بقرار مشترَك. إنَّنا نؤمِن
بأنَّ بقاءنا جميعاً مُتوقِّف على
وحدتنا; لن نغادر, ولن نترك مَرْكبنا;
ولسوف نقاتل حتى الرَّمق الأخير; وإنَّ
لدينا كثيراً من المقاتلين". هذه هي "الوحدة" في أصدق وأنبل
معانيها; إنَّها وحدة "النخبة
الحاكمة" في مواجهة "الخطر
الخارجي", الذي هو "الشعب"! مخلوف إنَّما يعبِّر عن المصالح الحقيقية
للنخبة الحاكمة, ولا يجيد تغليفها, أو
تغليف التعبير عنها, بمفردات وعبارات
دبلوماسية, معتبِراً, من ثمَّ, أنَّ
لإسرائيل (ولحلفائها في الغرب) مصلحة
حقيقية وكبرى في بقاء نظام الحكم
السوري, وفي بقائه آمناً مستقراً,
فإطاحته, أو السعي في إطاحته, لن يأتي
إلاَّ بما يعود بالضرر على أمن إسرائيل
واستقرارها; فإمَّا بقاء هذه النخبة
الحاكمة وإمَّا سيطرة "السلفيين",
وما أدراك ما "السلفيون", على
سورية, وجَعْل أمن واستقرار إسرائيل,
من ثمَّ, عرضة لمخاطر جمَّة. وهذا "التحذير" يُذكِّرنا بتحذير
سيف الإسلام القذافي من مغبة سقوط نظام
الحكم الليبي; فسقوطه, وعلى ما أوضح
وأكَّد النجل الأكبر للعقيد, سيعود
بالضرر على أمن واستقرار إسرائيل. الشعب إنَّما يريد "الحرِّية", التي
هي مجتمع لا مكان فيه أبداً لظاهرة "رامي
مخلوف"; فهل ذَنْب الشعب إذا ما نجح
حاكمه في إقناعه بأنَّ إطاحة نظام
الحكم, لا إصلاحه من الداخل, هي طريقه
إلى "الحرِّية"?!. ================== السوريون فرضوا التغيير
في الموقف الأميركي! خيرالله خيرالله الرأي العام 24-5-2011 مع دخول الثورة في سورية شهرها الثالث
تحدّث الرئيس باراك اوباما عن الوضع في
هذا البلد العربي المهمّ. هناك للمرة
الأولى تغيير حقيقي في السياسة
الأميركية تجاه سورية. وحده الوقت
سيحدد إلى أين سيصل هذا التغيير. لكن
الواضح أن الولايات المتحدة لم تعد
مقتنعة بأن من الأفضل الابقاء على
الوضع الراهن بكل سيئاته من منطلق أن
سقوط النظام يمكن أن يؤدي إلى مجيء آخر
متطرف لا يمكن التكهن بطبيعة السياسات
التي سيتبعها. ربما كان التغيير
الأميركي عائداً إلى اقتناع واشنطن
بأن السوريين جادون في التغيير وأن
هناك شعباً مصرّاً على نقل البلد إلى
مرحلة أفضل في ضوء إدراكه لعمق الأزمة
التي يمرّ بها سورية نتيجة ثمانية
وأربعين عاماً من حكم الحزب الواحد.
إنه حزب لا يؤمن سوى بالشعارات والقمع
ويعتقد أن السوريين من الغباء إلى درجة
سيصدقون أن هناك شيئاً اسمه ممانعة أو
مقاومة اضاعتا عملياً الجولان وكل
فرصة اتيحت من أجل التطور. لم يبق من
الجولان سوى المتاجرة به. انها تجارة
تستخدم لتغطية الفشل السياسي
والاقتصادي والتنموي والاجتماعي على
كل الصعد. هناك، بكلام أوضح شعب سوري فرض التغيير
على أميركا، هناك بقعة زيت تتسع
مساحتها يومياً لتشمل كل المحافظات
والأراضي السورية. في المقابل هناك
نظام غير قادر على معالجة أي مشكلة من
أي نوع كان، بدءا بالنمو السكاني ذي
المعدلات غير الطبيعية مروراً
بالعشوائيات التي تطوق المدن وانتهاء
بالبرامج التربوية والصعود المستمر
للنفوذ الإيراني الذي بلغ ذروته مع
قبول دمشق بالتحول إلى تابع لطهران في
لبنان اثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق
الحريري واضطرارها إلى سحب قواتها من
الأراضي اللبنانية. لم يكن الحقّ على الرئيس بشّار الأسد الذي
ورث نظاماً غير قابل للتطوير يعتقد أن
الانتصار على لبنان بديل من الانتصار
على إسرائيل. الحقّ كل الحقّ على
التركة الثقيلة التي لا يستطيع أي رئيس
لسورية أن يفعل بها شيئاً إذا لم يتخذ
قراراً واضحاً بالطلاق مع الماضي. بدل
أن يتخذ الرئيس السوري مثل هذا القرار
ويفكّر ملياً في المشاكل الحقيقية
لسورية بصفة كونها تحولت إلى رجل
المنطقة المريض، راح يقرأ من كتاب قديم
عفا عنه الزمن لا علاقة له بالقرن
الواحد والعشرين وما بعد انتهاء الحرب
الباردة. لم يفكر يوماً على سبيل
المثال لماذا هناك مليون ونصف مليون
عامل سوري في لبنان، البلد ذي الموارد
المتواضعة، بدل أن يكون هناك عشرات
آلاف اللبنانيين يعملون في سورية ذات
الموارد الكبيرة والقدرات الهائلة في
مجالات الزراعة أو السياحة على سبيل
المثال وليس الحصر. لماذا لا خدمات من
أي نوع كان في سورية في حين أن بعض افضل
رجال المصارف في لبنان هم من السوريين
الذين هربوا من نظام «البعث» ليجدوا في
لبنان وطناً يوفر لهم جواً من الحرية
يسمح لهم باستخدام ما يمتلكونه من
طاقات. يمكن وضع كتاب من مئات الصفحات لتعداد «انجازات»
النظام السوري الذي لم يلتفت يوماً إلى
خطورة تدني مستوى البرامج التربوية
ولا إلى أسباب هجرة العقول من سورية أو
حتى سبب عدم وجود مستشفى لائق في بلد
لديه بعض أفضل الاطباء في العالم
يعملون في أرقى مستشفيات الولايات
المتحدة أو كندا، أو في بلدان اوروبية. في حال كان مطلوباً أخذ عبرة من تطورات
الأسابيع القليلة الماضية، فإن أقل ما
يمكن قوله هو أن النظام السوري غير
قابل للإصلاح. ولذلك، من مصلحة
السوريين العمل على انقاذ بلدهم من
النظام وهو ما يفعلونه يومياً. فالسوري
العادي يدرك، بعيداً عن المشاكل
الخاصة ببلده، أن التخلص من كمال
جنبلاط في العام 1977 في عزّ الحرب
الباردة سيسمح للنظام في دمشق بإخضاع
لبنان. لكنه يدرك أيضاً أن التخلص من
رفيق الحريري في العام 2005، لن يؤدي إلى
النتائج نفسها. على العكس من ذلك، كانت
النتائج مختلفة تماماًَ لأسباب مرتبطة
بتغيّر العالم والمنطقة وليس فقط لأن
الحريري كان زعيماً وطنياً يمتلك
رصيداً عربياً ودولياً... ولأنّ اهل
السنة لن يقبلوا بالإهانة والذل
والتبعية إلى ما لا نهاية، لا في لبنان
ولا في سورية! مرة أخرى، النظام السوري غير قابل
للإصلاح. السؤال هل يمكن إنقاذ سورية؟
الأكيد أن الكلام عن مقاومة أو ممانعة
لا يقدم ولا يؤخّر وأن الاعجاب بتجربة
«حزب الله» في لبنان هو الطريق الأقصر
إلى الوصول إلى حائط مسدود، نظراً إلى
أن ليس لدى «حزب الله» ما يقدمه للبنان
سوى نشر البؤس والتخلف وتدمير مؤسسات
الدولة وإثارة الغرائز المذهبية
وتكريس الوطن الصغير «ساحة» للنظام
الإيراني لا أكثر. من الآن، يفترض في القيمين على النظام
السوري التفكير بطريقة مختلفة يكون
التركيز فيها على إنقاذ سورية. من
حسنات سيف الإسلام القذّافي، بغض
النظر عن الرأي السلبي لكثيرين في
شخصه، أنه سعى في مرحلة معينة إلى
إصلاحات في ليبيا وفشل في ذلك فشلاً
ذريعاً تدفع ثمنه اليوم ليبيا كلها.
اصطدم سيف بوالده «القائد» وصار ضحية
من ضحايا هذا الاصطدام، خصوصاً في
مرحلة ما بعد اندلاع الانتفاضة
الأخيرة عندما راح يقرأ في الكتاب الذي
حكم من خلاله العقيد معمّر القذافي «الجماهيرية».
المؤسف أنه لم تحصل في سورية أي محاولة
للقيام بإصلاحات. بقي النظام يعيش في
ظلّ الأوهام التي يؤمن بها بما في ذلك
قدرته على استخدام الفلسطينيين
وقوداً، كما حصل الأحد الماضي في جنوب
لبنان والجولان. كان النظام دائماً
عصياً على الإصلاح. المخيف أن الثمن
الذي قد تدفعه سورية سيكون غالياً، بل
غالياً جداً. في هذا الجوّ المكفهر، تبقى البارقة
الوحيدة إصرار الشعب السوري على
مقاومة النظام. هذه المقاومة هي التي
فرضت التغيير في الموقف الأميركي. فبعد
نصف قرن تقريباً من حكم «البعث» الذي
أسست له مرحلة الوحدة مع مصر، أي دولة
المخابرات، بين العامين 1958 و1961، لا
تزال هناك نواة سورية مصرّة على الخروج
من الظلم والظلام والظلامية. لا يزال
هناك سوريون يؤمنون بأن بلدهم يستحق
الحياة وأن الشعب السوري يستأهل العيش
في دولة ديموقراطية تبيع بضاعة أخرى
غير تأمين الأمن للآخر بعيداً عن كل
نوع من أنواع الابتزاز، خصوصاً أن
الابتزاز شيء والسياسة شيء آخر... في
القرن الواحد والعشرين! أخيراً أدركت
واشنطن هذا الواقع الذي فرضه السوريون
وبدأت في التعاطي معه بشكل جدّي. خيرالله خيرالله كاتب لبناني مقيم في لندن ================== الإثنين, 23 أيار 2011 23:16 د. ارحيّل غرايبة السبيل لقد كانت المفاجأة عظيمة وعظيمة جداً،
بما أقدم عليه الشعب السوري العظيم من
الثورة السلميّة على الظلم والقمع
والكبت والفساد، وانطلق بجرأة منقطعة
النظير لوضع حد لهذه الحقبة المظلمة من
حكم الفرد المطلق المستبد القائم على
أجهزة الأمن القمعية المرعبة. إنّ هذا التحدّي المتعاظم سوف يؤتي أكله
في درعا وحمص وبانياس وتلكلخ والصنمين
والشيخ مسكين وحلب وغيرها، الذي أسفر
عن حصيلة كبيرة من الشهداء العظام
الذين سيعبّدون طريق الحريّة
والديمقراطية، وسيعيدون للشعب السوري
كرامته وإرادته المسلوبة، من أجل
إعادة بناء سوريا العظيمة، القائمة
على سيادة الشعب السوري وامتلاكه
السلطة الكاملة، والتخلص من نير
الاستبداد المتحالف مع الفساد الذي
صادر الحريات، وأهدر الطاقات
والمقدرات الإنسانية لدى شعب سوريا
العظيم. لقد شبعت شعوبنا العربية من الخطابات
والشعارات الجوفاء، وملّت لغة
الثورجية الفاسدة المستبدة، ووعت
اللعبة تماماً، واستيقظت على أصوات
الممثلين والمطبلين والزاعقين الذين
يصمّون الآذان بالصراخ الكاذب والدجل
الذي لم يرجع أرضاً ولم يقهر عدوّاً. لكن المفاجأة الأعظم والأشد غرابة هي تلك
البلادة المتلبدة لدى الشعوب المجاورة
وما تزخر به من قوى سياسية وأحزاب
وفعاليات من ممارسة الصمت الرهيب
المريب إزاء ما يجري على الأرض السورية
من مجازر ومذابح للمدنيين والأطفال،
ومقابر جماعية لعائلات بأكملها وهم
مقيدون لا يحملون سلاحاً ولا سكيناً،
بل يحملون قلوباً تنبض بحب بلادها
وأوطانها. لا أدري كيف يشعر كل مسلم وكل عربي
بالراحة، وكيف يستسلم للنوم وهو يسمع
الهدير المتعاظم لنهر الدم الثائر عبر
الحدود، بل الغرابة المدهشة أن ينبري
من يدافع عن مجازر النظام، ويتهم بكل
صفاقة انتنفاضة الشعب السوري بأنّها
مؤامرة، وفعل مندسين قادمين عبر
الحدود، ويبرّرون لفعل «الشبيحة»
المجرم الجبان. من أعطى الحق لهؤلاء الزعماء الذين لم
ينتخبهم الشعب أن يقتلوا وأن يعذبوا
وأن يرهبوا من أجل البقاء في السلطة؟
ومن أعطاهم الحق بسفك قطرة دم واحدة من
الشعب المطالب بالحريّة والإصلاح
والديمقراطية من أجل التشبث بكرسي
الحكم؟. من أعطى الحق لهؤلاء الزعماء أن يورثوا
السلطة لأبنائهم؟ ومن أعطاهم الحق
بمصادرة حق الملايين بالانتخابات
والاختيار؟ ومن أعطاهم الحق بتحويل
الأوطان إلى مزارع خاصة يتصرفون بها
كما يشاؤون ويفعلون ما يحلو لهم بلا
مراقبة ولا محاسبة ولا شريك؟ ومن
أعطاهم الحق بالاستيلاء على جهد
العاملين والمكدّين والفلاحين
والتجار ومقاسمتهم لقمة العيش بلا
مسوّغ ولا شرعية؟. لقد سقطت الأقنعة، وانتهت اللعبة،
وانكشفت الأستار، وذاب الثلج، وانقشع
الضباب، وبانت العورات، واستيقظت
الشعوب وقالت كلمتها، وما على
الفاسدين إلا الرحيل. أيها الزعماء العرب، أيها الجنرالات، يا
أنصاف الآلهة، كفاكم نصف قرنٍ وأكثر من
مص الدماء، والتسلط على رقاب الخلق،
والاستيلاء على أموال الأمّة، ارحلوا
غير مأسوف على رحيلكم، ارحلوا بلا
وداع، وارحلوا بلا دماء، وارحلوا بلا
عويل ولا خداع ولا تضليل، فقد انتهى
زمن الخداع والتضليل، ابحثوا عن بقعة
تؤويكم بعيداً عن مقصلة العدالة،
وقبيل إلقاء القبض عليكم بتهمة
الخيانة العظمى، والاستيلاء على
مقدرات الأمّة، ونهب المال العام،
والأمر بقتل المتظاهرين والمعتصمين
الأحرار. ================== سورية على المفترق:
إصلاح هيكلي ام تقني؟ ميشيل كيلو 2011-05-23 القدس العربي ليست الثورة
السياسية فعلا قصيرا ينجز بضربة واحدة.
وليست انقلابا يطيح بما هو قائم خلال
زمن محدد لا يتعداه، يحل محله واقع
بديل هو نقيضه الذي لا يشبهه في أي شيء.
ومع أن هناك من رسم هذه الصورة للثورة،
وقال إنها فعل انقلابي نوعي يتم بضربة
واحدة، يعقب مرحلة تراكم كمي طويلة،
ويتم بصورة مخططة أي واعية، تتبدل قبل
وقوعه موازين القوى السياسية
والاجتماعية، وتنجزه تنظيمات متفوقة
في النظر والعمل على مثيلتها لدى
الخصم، كما في أدوات التغيير. قبل حدوث فعل الثورة، يمر النضال من أجلها
في طور يشبه محاصرة القلاع، التي كانت
نتائج الحروب تتوقف على إسقاطها، فكان
من الضروري أن يتم الاقتراب منها بحذر
شديد وأن تتم محاصرتها من بعيد في
البداية، بعد عمليات تمويه وحفر خنادق
وإقامة سواتر تحمي المهاجمين، الذين
ما أن يحكموا حصارهم عليها ويقتربوا
إلى مسافة كافية منها، ويبدلوا ميزان
القوى بينهم وبين المحاصرين داخلها،
حتى يبدأ اقتحامهم لها، ويتركز على
نقاط ضعفها والتغلغل عبر ثغراتها. هذه كانت خطة لينين في الثورة، أما ماوتسي
تونغ، قائد الثورة الصينية، فقد قلدها
ونقلها إلى الظروف الصينية الخاصة،
فاعتبر المدن قلاع النظام والفلاحين
جيش الثورة الذي يحاصرها إلى أن يسقطها.
في الحالتين، كانت الثورة عملية نمو من
الضعف إلى القوة، ومن طبقة إلى مجتمع،
ومن حزب إلى دولة، ومن نظرة ضيقة إلى
رؤية واسعة، ومن مكان محدد إلى كل
مكان، ومن جهات يتسم وجود الدولة فيها
بالضعف البنيوي إلى حيث تتركز الدولة
وتفرض سيطرتها، بما أن الثورة تعني
إسقاطها وإحلال دولتها الجديدة محلها.
بعد التراكم الكمي يأتي التحول
النوعي، الذي يعبر عن انقلاب موازين
القوى، واكتشاف نقاط ضعف القلعة،
وتبلور نواة الدولة البديلة، فتكون
الثورة فعلا انقلابيا قصيرا وحاسما. يقول العلماء وكثير من الفلاسفة إن
الثورة لا تحدث في الحقل السياسي وحده،
وإن ثورات متعددة وقعت في الطبيعة
أيضا، حيث أخذت شكل تراكم بطيء وغير
منظور، دام في حالات كثيرة بضعة مئات
أو آلاف السنين، في كل ثورة، أي في كل
انقلاب نوعي عبر عن نفسه في ظهور جديد
تخلق تدريجيا. وقد قيل إن الزراعة كانت
ثورة، وكذلك الصناعة، ومثلهما ظهور
الأديان ... الخ، لذلك لا يشبه نمط
الثورة السياسية في الظاهر نمطها
الطبيعي / المجتمعي، مع أنه يستعير منه
في المضمون مسألة التراكم الكمي الذي
ينقلب إلى تحول نوعي، بعد نقله إلى
فسحة المجتمع، حيث يتحول الفعل الثوري
إلى توجيه مقصود وواع للتراكم يجعله
يذهب عن وعي وبإرادة البشر، وبأقصى
سرعة ممكنة، نحو انقلاب نوعي هو الثورة.
بقول آخر: للثورة مرحلتان، تبدأ
أولاهما في بلورة منظومة وعي بديل ضمن
واقع تتراكم أحداثه وتتبدل بتأثير
الفاعلية الإنسانية التي يطلقها،
وتبلغ ذروتها، أي تنجح، حين يعاد
إنتاجه انطلاقا منها، كتراكم محكوم
بها، يذهب نحو تأسيس حاضنة نوعية هي
المجتمع الجديد، الذي أنتجه التحول
النوعي الواعي، الإرادي. ليست الثورة العربية، التي نعيش فصولها
الأولى اليوم، غير نتاج أخير لهذه
المعادلة، مع تعديل جدي يطاول العديد
من جوانبها، دون أن يبطل طابعها
باعتبارها نفي جوهر ما هو قائم
والإبقاء على بعض مظاهره وجوانبه،
ودون نفي إمكانية الارتداد (الانتكاس)
إليه، الذي يقع حكما إذا ما تضاربت
إصلاحات الثورة مع طابعها، أو وسائلها
التقنية مع هويتها الاجتماعية، أو
تفككت عرى التحالف السياسي / الطبقي /
المجتمعي الذي أنجزها وتضاربت
اتجاهاته ووجدت أطرافه نفسها متناقضة
المواقف والمصالح، أو عجزت رؤيتها
الأيديولوجية التي أنتجت الواقع عن حل
ما يظهر فيها من مشكلات، أو حالت دون
بلورة تعبيرات نظرية عن ما يتخلق في
هذا الواقع، الذي كان عند بدية الثورة
جديدا، وتقادم بمرور الزمن إلى أن صار
عقبة تجمد التطور أو تسد دروبه، فيتوقف
مصير الثورة عندئذ على التخلص منه ...
الخ. تجد سورية نفسها اليوم أمام حالة كهذه،
فقد أنتج نظامها نفسه انطلاقا من خلطة
أيديولوجية قومية / اشتراكية تجد
نفسيها عاجزة الآن عن إعادة إنتاجه
وضمان استمراره في ظل الركود الذي أفضى
التقيد بها إليه، والظرف الذي يتخلق من
انتقال العالم العربي إلى طور يختلف عن
الطور الراهن، الذي أنتج النظام قبل
قرابة نصف قرن، والمشكلات التي نتجت عن
تطبيقها، وعن عدم القدرة على ملاقاة
الجديد والتعبير عنه. يضع هذه الواقع
النظام أمام مسألة مهمة تتعلق بضرورة
الإصلاح، والقطع مع سياسات تقطيع
الوقت، عله يجد سبلا تحرره من ضغوط هذه
الضرورة، التي تزداد إلحاحا كل يوم،
ويجدها اليوم أمامه وقد تضخمت وتعددت
جوانبها وتعقدت، وصار التملص منها
يتطلب اللجوء إلى العنف ضد المواطنين
الذين يريدون الاستجابة لها من خارج
النظام الحالي، ممن فقدوا الثقة
بقدرته على التفاعل الجدي مع المسعى
الإصلاحي الهيكلي، وخرجوا يطالبون
بإصلاحه في حاضنة جديدة عليه هي
الحرية، وحين بدا لهم أنه يرفض ما
يقترحونه ويريد إعادتهم إلى بيت
الطاعة، بادروا إلى رفع سبابتهم في
وجهه والمطالبة برحيله، خاصة وأنه كان
قد شرع يستخدم الشدة ضدهم، لاعتقاده أن
إخراجهم من الشارع سيتيح له ما يكفي من
الوقت لبلورة حلول تحد من خسائره، ومن
التغيير الذي عليه إجراؤه في كيانه
الذاتي وخياراته السياسية، لإيمانه
أنه الجهة التي ستدفع من الآن فصاعدا
ثمن التطورات الداخلية والعربية
والإقليمية والدولية الجارية. باختصار شديد: بدا مطلب الحرية وكأنه يشير
إلى نوع التغيير الذي يريده الناس : إنه
تغيير هيكلي يطاول أسس النظام وركائزه
وخياراته، سيغير قبول النظام بإجرائه
الحاضنة القومية / الاشتراكية، التي
نمت وتطورت خارج مفهوم الحرية وعلى
النقيض منه، رغم أنها من شعارات وأهداف
البعث المعلنة كحزب. بالمقابل، بدا
النظام وكأنه يركز على إصلاح تقني
سيكون في حالة إجرائه الثاني خلال عشرة
أعوام، إلا إذا اعتبرنا الانتقال من
الاقتصاد المركزي المخطط إلى اقتصاد
السوق أمرا قليل الأهمية وليس خطوة
إصلاحية بدلت واقع سورية الاجتماعي
والاقتصادي تبديلا شديد العمق خطير
النتائج. بما أن نتائج الإصلاح الأول كانت سلبية
جدا بالنسبة إلى معظم أبناء الشعب، فإن
وعود الإصلاح الثاني لاحت غير جدية
بدورها، وعمقت أزمة الثقة بين السلطة
وقطاعات واسعة من الناس، وأدخلت
البلاد في ما يشبه حوار طرشان، تعالت
خلاله أصوات القوة من جهة والرفض من
جهة أخرى: أصوات القوة السلطوية
الراغبة في إصلاح تقني غير هيكلي،
والرفض الراغب في إصلاح هيكلي يتخطى أي
إطار تقني، ودخلت سورية في متاهة أعتقد
أنها اشد خطورة بكثير مما يلوح على سطح
الأحداث، رغم ما تحمله من دلالات
مستقبلية ونتائج عملية تتجاوز ما
ستنتجه القوة في مواجهة الرفض،
والطريقة التي يرد من خلالها الرافضون
على القوة. هل توجد طريقة يمكن من خلالها إقناع
النظام بتلبية مطلب الحرية، أي
بالتغيير الهيكلي، في إطار يتعاون
داخله مع قوى المجتمع السوري ويتخطى
الإصلاح التقنوي؟. وهل توجد طريقة يمكن
من خلالها إقناع الناس بقبول أو بوجود
طريقة تقنوية يطبقها النظام تحقق مطلب
الحرية؟. أعتقد أن مستقبل البلد
والصراع الحالي يتوقف، بين أشياء
أخرى، على نوع الإجابة على هذين
السؤالين الجوهريين، اللذين أظنهما
سؤالا واحدا، منظورا إليه من جهتين!. وأعتقد أن أية حلول تسعى إلى الخلط بين
الإصلاح الهيكلي والإصلاح التقنوي لن
تنجح على المدى البعيد وستؤدي إلى
انطلاق الأزمة من جديد، في مدى قريب،
لأن الإصلاح التقنوي سيظهر الحاجة إلى
إصلاح هيكلي كامل وناضج، مثلما حدث في
تجارب الدول الاشتراكية السابقة، التي
لعب هذا الضرب من الإصلاح دورا مهما في
انهيارها وقيام إطار هيكلي مختلف هو
الإطار الرأسمالي. ولعله ليس سرا أن الإصلاح التقنوي الأول،
الذي أخذ شكل انتقال إلى اقتصاد السوق،
قد أسهم كثيرا في نشوب حركة الاحتجاج
الراهنة، وأنه هو الذي فتح لأول مرة
خلال خمسين عاما ونيف أعين قطاعات
واسعة من أبناء الأرياف وفقراء المدن
على ضرورة الإصلاح الهيكلي، الذي عبر
عن نفسه في مطالبتهم العفوية
والجماعية بالحرية، مع أنها كانت على
مر التاريخ مطلبا مدينيا صرفا!. هل سيجد السوريون جوابا صحيحا على هذه
المعضلة، بعد توقف أعمال العنف وإطلاق
سراح المساجين والموقوفين، وتأسيس
بيئة حوارية من شأن توفرها تطبيع
العلاقات بين المتحاورين وبالتالي
إنجاح الحوار؟. هذا هو السؤال، الذي لا
بد أن نجد جوابا عليه، مع أنه يبدو
اليوم كأحجية لا حل لها، إلا إذا تغير
الوضع، ووجد أحد الطرفين نفسه مجبرا
على أو راغبا في قبول ما يقترحه الطرف
الآخر. عندئذ، سيكون الإصلاح التقنوي
ردا مأزوما وناقصا على الأزمة، التي
ستتفاقم من خلال أشكاله الجديدة،
والهيكلي ضرورة لن ينجح أحد في
تحاشيها، أقله إلى أمد طويل!. سورية على مفترق طرق سيقرر مصيرها، قد
تكون تكلفته قاتلة في حال فشلنا
كسوريين في الارتقاء إلى ما يفرضه
الواقع والعقل علينا جميعا من خيارات
مؤلمة!. ' كاتب وسياسي من سورية ==================== لماذا يحتج السوريون:تركيز
على الخارج وتجاهل الداخل الثلاثاء, 24 مايو 2011 بهاء أبو كروم * الحياة سورية واحدة من الدول العربية التي
تتخطّى تطلعاتها الحدود، وموقعها
الجيو - استراتيجي يترافق مع طموح
أيديولوجي عادة ما يفضي إلى تمدد
عقائدها القومية باتجاه عدد من
الأقطار العربية وإلى التدخل في الدول
المحيطة كما هي الحال في لبنان والعراق
وفلسطين. وسورية تأخذ موقعاً لنفسها في
الصراع الإقليمي بالوقوف إلى جانب
إيران وتلعب دوراً «ممانعاً» في
المنطقة من خلال دعمها حركات المقاومة
وتتبنى سياسة وحدة المسارات في
التفاوض مع إسرائيل على رغم أنها خاضت
مفاوضات منفردة وغير مباشرة برعاية
تركيا. هذا الموقع المعروف لسورية يكسب حركة
الاحتجاج الجارية هناك أبعاداً تتخطى
الحدود أيضاً، ولا بد لتطور الأحداث،
أياً كانت النتائج، أن ينعكس على دور
سورية في المعادلة الاستراتيجية في
المنطقة، وقد تكون ادعاءات النظام
واتهامه الخارج بالاستفادة من حركة
الاحتجاج صحيحة في جزء منها، مع العلم
أن الخارج لا يزال يعجز عن مواكبة
الحراك الداخلي بالوتيرة ذاتها. هذا
الجانب من الصراع يعطي النظام
امتيازات على خصومه الداخليين فيصبح «الصراع
على سورية» ذريعة تستعملها السلطة
لطمس «الصراع في سورية». ومن التبسيط القول إن ما يجرى هناك هو فقط
امتداد لثورة تونس ومصر وللحراك
العربي الآخذ في التمدد في شكل عام.
فهذا إن صح فهو جزءٌ من كلٍ يتغيّر،
ويفرض نفسه على معظم المكونات العربية
بدرجات متفاوتة، ويتأثر بمواقيت ربما
استدرج بعضها بعضاً أو تأثر بشعارات
ومطالبات تتشابه فيما بينها. إنما
الموضوع لا تمكن مقاربته فقط من هذه
الزاوية، فللصراع الداخلي في سورية
جذور سياسية مزمنة، يأخذ اليوم طابعاً
إصلاحياً لافتقاد المعارضة لبرنامج
وطني يكون بديلاً عن النظام الحاكم
وتزيده أخطاء السلطة تسييساً لأن
كبرياءها يقودها إلى تجاهل مطالبة
الشعب في المشاركة السياسية، فهي لا
زالت ترفض الاعتراف بالمعارضة، ولا
تقيم وزناً للاتجاهات السياسية
الداخلية ولتطور حركة المجتمع المدني
الذي أقصي عن الحياة العامة لعقود. أضف
إلى أن السلطة مسكونة بالأداء الأمني
الموروث من حقبة الحرب الباردة. من الصعب على القيادة السورية السير في
الإصلاحات في شكل جدي من دون أن يكلفها
ذلك تغييرات بنيوية في هيكلها، إذ إن
التكلفة التي ستؤمن للسوريين حزمة من
الإصلاحات لا بد أن تُدفع من جيب
النظام لا من دماء الشعب، وهذا من أبسط
البديهيات التي أثبتته تجارب العالم،
فسورية ليست استثناء وشعبها لا يختلف
عن باقي الشعوب. أضف إلى أن الأداء الخارجي لسورية، والذي
أكسب النظام «امتيازات» إقليمية
لإمساكه بأوراق رئيسة في المنطقة،
وإتقانه لعب دور الضامن للاستقرار
الإقليمي الذي يتقيد بالشروط
والتوازنات، لم يكن موفقاً هذه المرة
إذا ما قيس من زاويتين الأولى القبول
الداخلي والثانية الرضا العربي عن
سياساته، وذلك بالنسبة إلى تعاطيه مع
عدد من القضايا أهمها الشأنان
اللبناني والعراقي، إضافة إلى تفضيله
وانصياعه للخيارات الإيرانية في
المفاصل المصيرية. وربما آخر هذه
الأخطاء كان في تبني إسقاط حكومة زعيم
الغالبية السنّية في لبنان وافتراقه
عن المملكة العربية السعودية في
العراق، وتجاهله نصائح وتوجهات
السياسة التركية في المنطقة. مشكلة الأنظمة عندما تهرم أنها تبقى تقيم
في التاريخ ولا تبرحه إلا وتكون
الأحداث تجاوزتها، فهي لا تقدم على
التنازل بخيار حرٍّ منها، وعندما تقدم
عليه يكون الوقت قد فات. خطأ الحكم في
سورية يكمن في فائض الثقة الذي يدفعه
إلى الاعتقاد بقدرته على إدارة
الصراعات الداخلية واللعب على
متناقضاتها، فيما هذه المتناقضات
تتوحد في معاناتها من نظام حكم الحزب
الواحد، كذلك الأمر بالنسبة إلى
الإدارة الخارجية للأمور، عقله يقيم
في الجزئيات الأمنية، وتجربته في
لبنان تعيد نفسها في سورية، فالرئيس
الأسد يعترف بأخطاء لكنه لا يبادر إلى
تصحيحها. سورية استفادت من الجغرافيا السياسية في
تقوية دورها الإقليمي إلى أبعد
الحدود، لكنها أغفلت أنها أصبحت محاطة
بديموقراطيات في لبنان وتركيا والعراق.
فالفوارق بدأت تضيق بين الشعوب
المتجاورة، وشعبها لا يستطيع أن
يتخلّى عن حقوقه من أجل مشروع ممانعة
استهلك مقدراته وثبت أن الديموقراطية
لا تتعارض معه. فقد رسم النظام السوري خطوطاً دفاعية
تجاه ديموقراطية كل من لبنان والعراق،
فاعتبر الأولى متآمرة طالما لا تخضع
لنفوذه أو لإدارته، وشكك بالثانية على
أنها قامت تحت الاحتلال وترافقت مع
فوضى كبيرة، لكن انفتاحه على تركيا
أفقد سورية صفة النظام المغلق وعطل
الاستثناء الذي أباح أمامها ساحات
الدول المجاورة، فتركيا ليست صغيرة
كما لبنان ولا ضعيفة كما العراق ولها
سياسات ومصالح عبّرت عنها في شكل
مباشر، كما عبّر العرب عن حاجتهم إليها
في مواجهة إيران. وفيما إذا قورنت
مساهمتها (تركيا) في دعم القضية
الفلسطينية بغيرها من الأنظمة المغلقة
فإن نموذجها يتفوق ويثبت أن اتباع
الديموقراطية في الداخل لا يتعارض مع
السياسات القومية أو الممانعة في
الخارج. لن تتنتهي الأزمة طالما بقيت
السلطة تدفن رأسها بالرمل وتعتمد على
إعلام هزلي يقتبس نموذج «الصحّاف» في
تغطيته الأحداث، فالسلطة تخسر في
الداخل ولا تربح في الخارج، والعكس
صحيح، وهذا لوحده يكفي لأن يرسم خيارات
محدودة جداً أمام النظام الذي عليه أن
يعيد الاعتبار للداخل من خلال إصلاحات
جدية وسريعة ووقف حمام الدم، لكن قبل
ذلك عليه الاعتراف بأن هناك في سورية
نزاعاً داخلياً متجذراً، وسياسياً في
مضمونه. ================== ماهر أبو طير الدستور 25-5-2011 إذ تنتقد مايجري للشعب السوري من مذابح،
ينتقدك بالمقابل أردنيون، يرون في
الرئيس الأسد رمزاً من رموز الممانعة
والمقاومة. تكتشف ببساطة ان للرئيس السوري، معجبين
كثرا في الأردن، يسخطون عليك؛ لانك
دافعت عن دم السوريين،وهكذا تتنازل
نخبتنا عن دم السوريين المسفوك، مقابل
عدم تعكير مزاجها، لأنها تريد الذهاب
إلى دمشق نهاية الأسبوع دون مشاكل. في حالات اخرى يريدون ان ُيقنعوك ان سفك
دم المصريين والتوانسة واليمنيين
والليبيين وغيرهم حرام، وفي الحالة
السورية حلال، لان المؤامرة كبيرة على
دمشق الرسمية!. السؤال الذي لا يريد ان يقف عنده أحد يقول
لماذا يقبل الأسد الذي يتسم بالذكاء كل
هذه التداعيات،إذا كانت هناك مؤامرة
على سورية، وبدلا من استيعاب شعبه،
والتصالح مع قواه، يعمد الى قتل المئات
وجرح الالاف،واعتقال ماتوفر؟!. المساجد هوجمت وتم هدم بعضها،وسكت بعض
مشايخنا الكرام،الذين يقيمون الدنيا ،
لتطبيق سنة تحنية اللحية واليد، ودخول
البيت بالقدم اليمنى، ويسكتون على هتك
الحرمات والاعراض والدماء. مصيبة نخبتنا انها مصابة بأنفصام في
الشخصية، والذين ُيهللون للثورات
العربية في كل مكان، يصابون بعقد في
اللسان، امام الحالة السورية،وكأن
الدم السوري رخيص، والشعب السوري
لايساوي فرنكاً فرنسياً. الاعجاب بكريزما الرئيس الاسد، لايعني
التسامح ازاء سفك الدم السوري، لاننا
لسنا كالمعجبات المذهولات في هوليوود
اللواتي يفقدن العقل امام هذا النجم او
ذاك،وهذه قضية شعب لن ينسى الذين سكتوا
امام سفك الدم. الملف السوري لايعالج بدعوة عشاء من
السفير السوري في عمان، لمن يراهم
أصدقاء دمشق في عمان، وفقا لتصنيفاته،
لاننا كلنا أصدقاء دمشق، بمعاييرنا
نحن، التي ليست بالضرورة تتطابق مع
معايير دمشق الرسمية والسياسية
والامنية. واشنطن أساساً، قررت منح النظام السوري
فرصة لاحتواء الوضع في سورية، ولهذا
لانسمع تصعيداً حقيقياً ضدها، من
عواصم غربية، ويريدون اليوم من النظام
السوري ان ينهي حراك شعبه بأسرع وقت
ممكن. يقال هذا الكلام حتى لاتبيعنا النخبة في
عمان قصة "الممانعة والمقاومة"
باعتبارها سبباً كما يقولون يسمح بهتك
شرايين السوريين. نخبة مريضة ومفصومة حقاً. كل دماء
السوريين واللبنانيين والفلسطينيين،
يتم بيعها اليوم، من اجل الاعجاب
بكاريزما الرئيس، أو لاجل التسلل
نهاية الأسبوع إلى دمشق،في اجازة
ممتعة، أو من أجل دعوة على عشاء. لم نرَ الطيران السوري ولا الدبابات،لا
في الجولان ولا في لبنان، ولا في
فلسطين، وكنا دوما نسمع عن "ضبط
النفس" الذي اشتهرت به دمشق تجاه كل
التحرشات الإسرائيلية، لكننا افتقدنا
ذات "ضبط النفس" تجاه أهلنا في
سورية. الأسد شخصية بارزة ولامعة، وعلى جماعته
ان ُيميّزوا بين النقد المستند إلى
اجندة، والنقد الذي يستند الى مرارة في
القلب، سرها اننا لم نتوقع منه ان يدير
المشهد بهكذا طريقة دموية، وهذا نقد
سببه خيبة الامل،لا الحقد ولا التآمر. تذكرني كل القصة، بقصة صدام حسين الذي كان
معجبوه في عمان،أكثر من محبيه ومعجبيه
في بغداد والسليمانية والبصرة
والانبار، في مفارقة غريبة حقاً. وإذا
كان للاسد جماعته في عمان، فأن الأهم
ان يكون له جماعة في دمشق. إذ يتعشون على مائدة السفير غداً، فعليهم
ان يتذكروا دماء السوريين المسكوبة،
قبل الحساء الساخن المسكوب في اوانيهم!. ============= أوباما.. بين إسرائيل و«الممانعة»
السورية خالد الدخيل 24 أيار 2011 القدس بعد خمسة أشهر من
انفجار الثورات والانتفاضات الشعبية
العربية كان من المتوقع أن يلقي الرئيس
الأميركي، باراك أوباما، خطاباً عن
موقف الولايات المتحدة تجاه ما يحدث في
المنطقة. وهذا ما فعله مساء الخميس
الماضي. اختار الرئيس مبنى وزارة
الخارجية لإلقاء هذا الخطاب. بدأ
أوباما خطابه بالقول إن «وزارة
الخارجية هي المكان المناسب لإعلان
فصل جديد في الديبلوماسية الأميركية». هل تضمن الخطاب حقاً ما يؤيد ذلك؟ تعبير «فصل
جديد أو New
Chapter» الذي استخدمه الرئيس يعني
شيئاً واحداً، وهو أننا بإزاء مواقف
أميركية مختلفة تجاه القضايا الرئيسية
في العالم العربي: حقوق الإنسان،
والأمن، والنفط، والإرهاب،
والديموقراطية، والصراع العربي -
الإسرائيلي. خطاب الرئيس. حقيقة الأمر أن خطاب أوباما أكد أن
السياسة الأميركية تجاه المنطقة تعاني
من حالة جمود، من دون أن نستبعد شيئاً
من الارتباك أمام متغيرات لا تزال في
حراك مستمر. اقرأ مثلاً ملاحظة أوباما
الدقيقة جداً عن السبب الجوهري لما
يحدث في العالم العربي، وذلك في قوله: «حصلت
دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على
استقلالها منذ زمن بعيد، لكن الشعوب في
كثير من هذه الدول لم تحصل على ذلك بعد. في كثير من هذه البلدان لا يجد المواطن ما
يلجأ إليه: لا قضاء نزيها ينظر حالته،
ولا إعلام مستقلا يعطيه صوتاً
مسموعاً، ولا حزبا سياسيا ذا مصداقية
يمثل رؤيته، ولا انتخابات حرة وعادلة
تسمح له باختيار قائده.» تعبر هذه
الملاحظة عن إدراك عميق للمأزق الذي
تعانيه الدول العربية. وهو إدراك يعكس رؤية أوباما الإنسان
والمثقف. ثم استمع إليه يعيد ما أكده في
خطاب القاهرة قبل سنتين عندما قال: «اعتقدت
آنذاك، وأنا أعتقد الآن، أن مصلحتنا
تكمن ليس فقط في استقرار الدول، وإنما
في حرية الأفراد، وفي قدرتهم على تقرير
مصيرهم». يطرح الخطاب سؤالاً آخر: ماذا عن أوباما
السياسي؟ ففي الجزء الذي تناول فيه
الصراع العربي - الإسرائيلي قال أوباما
عن الفلسطينيين إن «محاولاتهم نزع
الشرعية عن إسرائيل سوف تنتهي إلى فشل»،
وإن «خطوات رمزية لعزل إسرائيل في
الأمم المتحدة في أيلول لن تؤدي إلى
قيام دولة مستقلة»، مشيراً إلى خطة
السلطة الفلسطينية عرض الاعتراف
بالدولة الفلسطينية في حدود 1967 على
الجمعية العامة في دورتها في ايلول
المقبل. لا أظن أنه يغيب عن بال الرئيس أن عمر ما
يسمى ب«عملية السلام» يقترب الآن من 35
سنة، وأن المنطقة بعد كل ذلك تبتعد عن
السلام، وأن السبب في ذلك هو رفض
إسرائيل القاطع لفكرة السلام في
المرحلة الحالية، وإصرارها على وضع
شروط تعجيزية أمام الفلسطينيين مثل
مطالبتها إياهم بتنازل عن القدس، وعن
حق العودة، وعن كل الأراضي التي تم
استيطانها من المتطرفين
الإسرائيليين، وقبول دولة منزوعة
السلاح، ومن دون حدود مع الأردن، وفوق
ذلك قبولهم أن إسرائيل دولة حصرية
للعنصر اليهودي. مقابل ذلك ترفض إسرائيل قطعياً تقديم أي
مبادرة للسلام مقابل المبادرات
العربية. كما ترفض أن تقدم الولايات
المتحدة بدورها أية مبادرة، مؤكدة ترك
الأمور تراوح في مكانها حتى تستكمل
إسرائيل استيلاءها على الأرض. منذ 1948
والفلسطينيون يعيشون تحت اطول احتلال
عرفه التاريخ الحديث. ومع ذلك يصر
أوباما على أن يقبلوا بذلك، من دون أن
يقول لهم إلى متى، ومن دون أن يقدم لهم
بديلاً، أو مبادرة قابلة للتفاوض. كيف يمكن التوفيق بين هذا الموقف المنحاز
ضد الشعب الفلسطيني الذي لم يعرف
الحرية، ولا حق تقرير المصير، وبين
تأكيد الرئيس في الخطاب نفسه على أن
المصلحة الأميركية تكمن أيضاً في حرية
الأفراد، وفي قدرتهم على تقرير
مصيرهم؟ لدي شعور بأن الرئيس يدرك في
أعماقه أن خطابه متناقض من الداخل،
وأنه لا يمكن تجزئة الموقف من حرية
الإنسان. هل الوقوف مع حق المواطن
العادي في الحرية في بلد مثل تونس أو
مصر، يغني عن التنكر للحق ذاته في
فلسطين؟ هل يدرك أوباما أن إسرائيل تمثل عبئاً
سياسياً وأخلاقياً على الولايات
المتحدة؟ الفصل الجديد للديبلوماسية
الأميركية يقتضي مواجهة هذه الحقيقة. الغريب والمدهش أن الموقف الأميركي من
الصراع العربي - الإسرائيلي كما عرضه
الرئيس أوباما يكتمل بموقف إدارته من
أحداث الثورة في سورية. وهو موقف بقي
ملتبساً حتى هذه اللحظة. كانت وزيرة
الخارجية هيلاري كلينتون ترى أنه لا
يزال أمام الرئيس السوري، بشار الأسد،
فرصة للإصلاح وتجاوز المحنة. وفي خطابه
كرر أوباما تقريباً الموقف نفسه،
مبتعداً عن مطالبته الرئيس السوري
بالتنحي. لا يتسق هذا الموقف أبداً مع
مواقف أوباما الواضحة من الرئيس حسني
مبارك، والرئيس علي عبدالله صالح،
والعقيد معمر القذافي. شاب موقف إدارة
أوباما شيء من الالتباس مع بداية
الثورة التونسية. لكن مرد ذلك على الأرجح أن هذه كانت
الثورة الأولى في العالم العربي، وقد
فاجأت الجميع، بمن فيهم الرئيس زين
العابدين بن علي نفسه. أما الحالة
السورية فلم تفاجئ أحداً، خصوصاً أنها
جاءت في ترتيبها الزمني آخر موجات المد
الشعبي. يضاف إلى ذلك أن رد فعل النظام
السوري على التظاهرات كان ولا يزال
الأعنف، والأكثر دموية من حيث عدد
القتلى بين المدنيين، وعدد السجناء
الذي تقول منظمات الحقوق المدنية إنه
تجاوز ال 10000 سجين. ورغم أن حجم التظاهرات في سورية يعتبر
محدوداً مقارنة بمصر واليمن، تقدر
المنظمات الحقوقية أن عدد القتلى هناك
يقترب من الألف قتيل، خلال شهرين فقط.
قارن ذلك بالثورة اليمنية التي تدخل
الآن شهرها الخامس، ولم يتجاوز عدد
القتلى فيها مئتين، رغم أن السلاح
منتشر في اليمن، على العكس من سورية.
واللافت في الموقف الأميركي المتسامح
مع سورية، حتى الآن على الأقل، لا يتسق
أبداً مع حقيقة أن واشنطن تعتبر النظام
السوري يقود جبهة الممانعة لسياساتها
ومخططاتها في المنطقة، وأن النظام
ينظر إلى دوره من الزاوية نفسها. تساءل كثيرون عن هذا الاختلاف في الموقف
الأميركي بين حالة حسني مبارك الحليف،
وحالة بشار الأسد «الممانع»؟ هل يعود
ذلك إلى براغماتية سياسية؟ أم أنه
مسايرة للهواجس الإسرائيلية التي تخشى
من البديل الذي قد يأتي مكان الأسد،
وأنها لا تحتمل أن يسيطر الغموض على
المستقبل السياسي لدولتين عربيتين
كبيرتين مجاورتين لها من الشرق
والجنوب. ما العلاقة بين الموقف الأميركي وما قاله
رامي مخلوف، ابن خال الرئيس الأسد،
لصحيفة «نيويورك تايمز» عن أن استقرار
سورية مرتبط باستقرار إسرائيل؟ هل
يمكن تفادي ملاحظة التداخل بين انحياز
واشنطن للدولة العبرية، من ناحية،
وبراغماتية «ممانعة الشام» من ناحية
أخرى؟ الغريب أن «ممانعة الشام» حاضرة
بقوة في تعامل النظام مع الاحتجاجات في
الداخل، وتغيب تماماً عن تعامله مع
إسرائيل في الخارج. وهذا على العكس من
براغماتية واشنطن التي غيبت أي فصل
جديد في ديبلوماسية أميركا عن خطاب
الرئيس. كان وزير الخارجية الأميركي في عهد جورج
بوش الأب، جيمس بيكر، قال يوماً إن «مهمة
السياسة الخارجية لأي دول هي خدمة
المصالح الوطنية لهذه الدولة». لا يعني
هذا التعريف العملي لمهمة السياسة
الخارجية أن تبقى سياسة الدولة جامدة
من دون تغيير بذريعة المصالح الوطنية.
فهذه المصالح تتغير تبعاً للتغيرات
التي تصيب الدول، والأنظمة السياسية،
ومواقعها، وتصيب المرحلة التاريخية
أيضاً. في هذه الحالة: هل يشير عدم تغير السياسة
الأميركية بعد خمسة أشهر على موجة
الثورات الشعبية العربية إلى حالة
جمود في السياسة الأميركية؟ أم إلى
حالة ارتباك أمام متغيرات لا أحد يعرف
كيف، ومتى سوف تستقر على حال سياسة
واضحة؟ يجوز أن نضع السؤال على الجانب الآخر: هل
جمود السياسة الأميركية يعكس قناعة
أميركية بأنه رغم كل هذه الثورات
والانتفاضات الشعبية، ليس هناك ما
يشير بشكل واضح، إلى أن تغيراً سياسياً
حقيقياً يأخذ طريقه، ويفرض نفسه على
الجميع، وبالتالي ليس من الحكمة أن
تستبق واشنطن الأحداث بمواقف مختلفة
أمام حالة سياسية تتسم بالسيولة، وقد
لا تختلف في نهاية المطاف كثيراً عمّا
كانت عليه قبل انفجار هذه الثورات؟ ============= Michael Broening - Foreign Affairs الجريدة الكويتية 24-5-2011 تتحدث تقارير حقوقية دولية عن مقتل نحو 800
سوري منذ منتصف شهر مارس، فضلاً عن
اعتقال الآلاف، وها هم اليوم محتجزون
في سجون بدائية، وهكذا، عكست مقاربة
الأسد ما اعتمده معمر القذافي، الذي
أخفق رد فعله العنيف تجاه التظاهرات في
ليبيا في إسكات المعارضة، لا بل أججها
وأرغم المجتمع الدولي على التدخل. في الحادي والعشرين من أبريل، أعلن
الرئيس السوري بشار الأسد نهاية
السنوات الثماني والأربعين التي طُبق
فيها قانون الطوارئ، وعلى الرغم من
جهوده لإخماد التظاهرات فإنها لاتزال
تتصاعد بصورة متواصلة، لذلك، تخضع
دمشق اليوم لحالة طوارئ لم يسبق لها
مثيل، ولا شك أن المسار الذي سلكته
التظاهرات السورية فاجأ كثيرين، فقد
ذكرتُ على موقع ForeignAffairs.com في
شهر مارس عام 2011 أن 'تهديدات النظام
الجدية باللجوء إلى القوة' والتحالف
الذي شكلته الأقلية الحاكمة المناهضة
للولايات المتحدة مع الجيش ونخبة هذا
البلد لدعم حكمها 'سيحولان دون تنامي
حجم القوى المعارضة في المستقبل
القريب'. وأشرتُ أيضاً إلى أن الخوف من
أعمال القمع العنيفة والتوتر الطائفي
سيشجع السوريين على 'تعليق آمالهم على
عملية إصلاح بطيئة وراسخة'. لا شك أن هذه العوامل أخرت النشاط الداعم
للديمقراطية، ففي حين نجحت الشبكات
الاجتماعية في حشد مئات آلاف
المتظاهرين بسرعة كبيرة في مصر وتونس،
تنامى الزخم في سورية تدريجياً. ومع أن
التظاهرات عمت البلاد، لم يشارك بعض
الناشطين فيها خوفاً من لجوء الجيش إلى
القوة، وعلاوة على ذلك، لم يتجاوب
الشعب مع الدعوة إلى الإضراب العام،
لكن الأمثلة الإيجابية على التغيير
الحاصل في مصر وتونس أشعلت غضب الآلاف
الذين نزلوا إلى الشارع، وزادهم رد فعل
النظام العنيف تجاه مطالبهم الأولى
المتواضعة تصميماً وعزماً، وبمرور
الوقت، انتقلوا من المطالبة بإنهاء
قانون الطوارئ وإدانة فساد النظام إلى
الدعوة صراحة إلى تفكيك نظام الحكم،
وهكذا، تنامى الزخم المناهض للنظام
السوري. وأظهر الأسد أنه عاجز عن
التهرب من الدعوة إلى التغيير
السياسي، التي تتفشى في أرجاء المنطقة
المختلفة. اتبع الأسد المقاربة الفاشلة عينها التي
اعتمدها نظيراه المخلوعان في تونس
ومصر، فحاول سلب هذه التظاهرات
شرعيتها، معتبراً إياها 'مؤامرة
خارجية'، وقدم أيضاً تنازلات محدودة
على أمل استرضاء الشعب من خلالها،
ولربما كانت الوعود برفع حظر ارتداء
المدرسات الحجاب في المدارس الرسمية،
ومنح الجنسية للأكراد الذين لا دولة
لهم، وإقالة الحكومة، وإنهاء قانون
الطوارئ المكروه ستنجح في تهدئة
الأصوات المطالبة بالتغيير لو أنها
طُرحت في البداية، ولكن بما أن ردود
فعل النظام جاءت متأخرة، بدت هذه
الوعود غير صادقة. علاوة على ذلك، افتقرت تنازلات الأسد إلى
الصدق والجدية، فبعد حله الحكومة في 29
مارس، شكّل حكومة جديدة تألفت من 25
وزيراً، تسعة منهم خدموا في الحكومة
السابقة، وعندما رُفع قانون الطوارئ،
أعلنت الحكومة نيتها سن قانون 'لمكافحة
الإرهاب' يضم مواد مشابهة، إن لم تكن
متطابقة، وقد ساهمت هذه التدابير غير
المدروسة في إذكاء النار التي كان
يفترض بها إخمادها، بالإضافة إلى ذلك،
خصص نظام الأسد رأسمالاً سياسياً
كبيراً لإعلانات فارغة، مفوتاً فرصة
نزع فتيل الصراع بتبنيه إصلاحاً
حقيقياً. وكما توقعتُ، جاء رد فعل الأسد تجاه
الأصوات المتنامية المطالبة بتغيير
النظام عنيفاً وبلا رحمة، ففي أواخر
شهر أبريل، أرسل مجموعات من الجنود
المدججين بالسلاح إلى مراكز المعارضة (درعا
ودوما وبانياس)، مما أدى إلى خسائر
بشرية كبيرة. فقبل أيام، أشار المفوض
السامي لحقوق الإنسان في الأمم
المتحدة إلى تقارير تتحدث عن مقتل نحو
800 سوري منذ منتصف شهر مارس، فضلاً عن
ذلك، اعتُقل الآلاف، وها هم اليوم
محتجزون في سجون بدائية، وهكذا، عكست
مقاربة الأسد ما اعتمده معمر القذافي،
الذي أخفق رد فعله العنيف تجاه
التظاهرات في ليبيا في إسكات
المعارضة، لا بل أججها وأرغم المجتمع
الدولي على التدخل، ومع أن الضغط
يتزايد على المجتمع الدولي للتدخل في
سورية، يصر السوريون على رفض أي مساعدة
خارجية، ولا شك أن موقفهم هذا مختلف
تماماً عن موقف الليبيين. يتساءل كثيرون اليوم: إلى متى سيبقى الجيش
السوري وفياً للأسد؟ تحدثت المعارضة
عن عمليات فرار وتمرد متقطعة في صفوف
الجيش، ولكن من الصعب التحقق من هذه
التقارير نظراً إلى غياب التغطية
الإخبارية الموضوعية في هذا البلد،
فلايزال حرس النخبة الجمهوري مستعداً
وجاهزاً لقمع أي انتفاضة بالقوة، لكن
السؤال الذي يطرح نفسه: هل يرضى الجيش،
المؤلف بمعظمه من مجندين، أن يبقى أداة
للظلم؟ صحيح أن من المستبعد راهناً أن
نشهد عملية عصيان واسعة أو انقلاباً
عسكرياً، إلا أن سفك الدماء المتواصل
قد يحوّل هذا السيناريو إلى حقيقة
بمرور الوقت، وتشير محاولات النظام في
الأيام الأخيرة إلى التصدي للتظاهرات
بالحد الأدنى من القوة (مثل عمليات
اعتقال واسعة عشوائية) وإصداره
الأوامر للجنود بعدم إطلاق النار على
المتظاهرين بعد صلاة الجمعة أنه يعي
جيداً احتمال تزايد عمليات الفرار في
صفوف الجيش، وعلى الرغم من ذلك، لم
تتوقف حتى اليوم عمليات القمع العنيفة. على الرغم من التصعيد الذي شهدته
التظاهرات، لايزال الأسد يتمتع بدعم
قوي بين أقليات مثل المجتمع العلوي
والمجتمع المسيحي الواسع النفوذ،
ولربما مازال أمام النظام فرصة لإنقاذ
نفسه باعتماده حملة انفتاح سياسي
سريعة وشاملة، تشمل تغييرات دستورية
وقوانين حزبية جديدة تحد من احتكار حزب
البعث السلطة، لكن الأهم من إطلاق
المزيد من الوعود اتخاذ خطوات واضحة
نحو تطبيق الإصلاحات بفاعلية، أمر لم
يقدِم عليه النظام السوري حتى اليوم. قد يكون على الأسد أن يحذو حذو العاهل
الأردني الملك عبدالله الثاني بن
الحسين الذي يتقن فن المناورة بمهارة،
إذ واجه هذا الملك الأردني تحديات
مماثلة، فكما في سورية، ركزت
التظاهرات في الأردن بادئ الأمر على
القضايا الاجتماعية والفساد المتفشي،
إلا أنها سرعان ما تطورت لتدعو إلى
إصلاحات دستورية، وعلى الرغم من ذلك،
تعامل الملك عبدالله مع القضايا
الملحة بإقناع أكبر، مقارنة بنظيره
السوري، فتواصل مع القبائل واللاجئين
الفلسطينيين، كذلك زار المناطق
المهمشة، وأشرف شخصياً على لجان ملكية
تُعنى بشؤون الإصلاح والحوار الوطني،
ولم يتضح بعد مدى جدية الإصلاحات التي
سيتخذها، ولكن تبين أن مقاربته أكثر
نجاحاً من الوعود الغامضة التي أطلقها
الرئيس السوري والقمع الذي لجأ إليه
القذافي، ولابد من الإشارة في هذا
الصدد إلى أن إعلان يوم الجمعة الماضي
تطبيق 'حوار وطني شامل' في سورية صدر عن
أحد الوزراء في الحكومة، لا عن الرئيس،
مما يشير إلى عدم جدية هذا الأخير في
التعاطي مع الإصلاح. صحيح أن وزير الخارجية البريطاني، وليام
هيغ، أصاب في قوله في شهر أبريل إن
الباب مازال مفتوحاً أمام سورية 'للقيام
بالصواب' بتبنيها الإصلاح، إلا أن هذا
الباب بدأ يُقفل بسرعة، فمع تواصل
العنف وارتفاع حصيلة الضحايا
المدنيين، يتضاءل احتمال أن يظل الشعب
السوري متمسكاً بالرأي الذي طرحته
الحكومة البريطانية. نتفهم الدعوات الحماسية 'للتهليل فيما
يهز الشعب السوري الصرح الذي بناه
النظام السوري'، كما ذكر جف جاكوبي في The Boston Globe في الثلاثين من مارس في إشارة
إلى مقالي في موقع ForeignAffairs.com.
ولكن من الضروري الموازنة بين ضرورة
دعم المتظاهرين الشجعان من جهة وبصيص
الأمل المتبقي (والذي يخبو بشكل متواصل)
بأن تنجح عمليات الإصلاح من جهة أخرى. كذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار الأسباب
المنطقية التي تجعلنا نشعر بالخوف من
انهيار السلطة في مجتمع متعدد
الإثنيات والأديان، مثل سورية، فنظراً
إلى غياب معارضة موحدة في سورية، قد
يؤدي انهيار النظام إلى انفجار الصراع
الطائفي، ولاشك أن محاولات الأردن
وتركيا حض الأسد على القيام بتغييرات
جذرية في اللحظة الأخيرة لم تأتِ من
باب المصادفة، إذ تنتاب أنقرة وعمان
شكوك كثيرة حيال مدى استعداد النظام
السوري لإجراء الإصلاحات، إلا أنهما
تدركان أن انهيار نظام الأسد سيكون له
تداعيات إقليمية. فضلاً عن الخوف من المجهول، تفرض قدرات
الغرب العسكرية المستنفدة وطبيعة
الانتفاضة السورية قيوداً كبيرة تكبّل
ما تستطيع القوى الغربية تقديمه لتعزز
موقف المعارضة، ولا شك أن العقوبات
التي فرضتها أوروبا والولايات المتحدة
على القادة السوريين خطوات رمزية
بالغة الأهمية، غير أنها لا تمد
المتظاهرين بدعم ملموس، وعلى نحو
مماثل، أدى فرض منطقة حظر جوي على
ليبيا دوراً أساسياً في وقف غارات
القذافي الجوية على الثوار الليبيين،
بيد أن هذه الخطوات غير فاعلة في
التصدي لاستراتيجيات الأسد المفضلة:
توقيف عدد كبير من الناشطين، كما حدث
في دمشق وحمص واللاذقية، ولا شك أن
الأوضاع التي يمر بها هذا البلد اليوم
مخيبة للآمال، ولكن لا يمكن تحقيق
التغيير في سورية بتدخل عسكري سريع، بل
يلزم مواصلة تقويض صرح النظام السوري
من أسسه. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |