ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 30/05/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

هل يشكّل الجيش السوري “حلاً أخيراً” للأزمة؟

(أ .ف .ب)

29/05/2011

الخليج

رغم إجماع خبراء دوليين وسوريين على أن الجيش السوري يبرهن منذ بدء حركة الاحتجاج الشعبي على ولاءٍ لا يتزعزع للرئيس بشار الأسد، إلا أنه من غير المستبعد أن يتخلى عن النظام في نهاية المطاف .

ويرى محللون أمريكيون أن وفاء المؤسسة العسكرية مرده تفسير واحد، هو أن الذين يشغلون المناصب الأساسية ينتمون إلى الطائفة العلوية، والبقية من السنة .

وقال اندرو تيريل المدرس في معهد “يو اس ارمي وور” الكلية العسكرية الأمريكية إن “الجيش مبني ليكون موالياً للنظام” . وأضاف أن القوات الخاصة في الفرقة الرابعة للجيش والحرس الجمهوري المشاركين في قمع التظاهرات يقودهما ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري وتضمان بالكامل تقريباً علويين . وتابع إن “الجيش يخضع أيضاً لمراقبة قوات الأمن السورية” التي تقودها عائلة الأسد “والفاعلة جداً جداً في ما تفعله” .

ورأى تيريل أن “الأمر لن يحدث كما في مصر حيث بدأ الجيش يصدر صوتاً مستقلاً ويقول للنظام ما عليه فعله” .

وقد تنضم بعض العناصر إلى المتظاهرين الذين يمدون لهم أيديهم، لكن “مجموعة غير منظمة” من المنشقين يمكن أن تصطدم مع الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري .

ورأى هذا المحلل “قد يصبحون في وقت ما وبعد نضال طويل قادرين على دحر العلويين، لكنه ليس أمراً سيحدث بين ليلة وضحاها”، مشيراً إلى أن ذلك يمكن أن يسبب حرباً أهلية دامية .

من جهته، قال المنشق السوري عمار عبدالحميد الذي يدير مؤسسة “ثورة” المتمركزة في واشنطن إن “الجنرالات قد يبدأون مراجعة حساباتهم وعلاقاتهم مع نظام الأسد”، إذا اتخذت الولايات المتحدة موقفاً مباشراً مع المتظاهرين .

وأشار عبد الحميد إلى أن واشنطن والعواصم الغربية دعت إلى الآن الأسد إلى قيادة الإصلاحات أو مغادرة السلطة، ما يتطلب تعزيز الإصلاحات . وقال “إنها ليست ثورة للسنة ضد العلويين . إنها ثورة سورية ضد فساد عائلة الأسد، ونريد أن يؤدي الجيش دوراً في العملية الانتقالية” . وأضاف أنه يستطيع أن يكون “حامي مصالح الأقلية” العلوية خلال الانتقال .

أما عهد الهندي من منظمة حقوق الإنسان “سايبر ديسيدنت .أورغ” فتذهب أبعد من ذلك . وتقول إن “الجيش يمكن أن يكون العنصر الأكثر رغبة في الانضمام إلى الانتفاضة في النظام” .

وتضيف في مقال في مجلة “فورين افيرز” أن “عدداً كبيراً من كبار الضباط علويون لكن أغلبية الجنود ليسوا كذلك” . وتتابع إن “الجنود يمكن أن يقوموا بعصيان ويجبروا قادتهم على الانقلاب على الأسد . ويمكن للقادة العلويين أن يخافوا انقلاب الوضع بسبب سياسة الأسد” القمعية مؤخراً .

ورأت عهد الهندي أنه “لإقناع الجيش بتغيير موقفه يحتاج المنشقون إلى مساعدة الأسرة الدولية”، التي عليها فرض عقوبات محددة الأهداف للتسبب في فرار عناصر وتعزيز الانقسامات بين الجيش وفرق النخبة التي يقودها ماهر الأسد .

================

رسالة من الثورة السورية إلى حماة الديار: الجيش والشعب يد واحدة

خالد ممدوح العزي*

الشبكة العربية العالمية

السبت, 28 مايو 2011

الشبكة العربية العالمية - بالرغم من الحالة الأمنية والعسكرية التي يحاول النظام السوري، وأجهزته الأمنية، وأعوان النظام المستفيدين منه، من فرضها على المدن السورية المحاصرة، أو المقسمة عسكريا، كما هو حال المناطق الفلسطينية مع الاحتلال الصهيوني،

في فرض حواجز ونقاط تفتيش ومناطق محذوره، من شل حركة المواطنين الفلسطينيين للسيطرة عليهم.

هذه هي أحوال المناطق والمدن السورية اليوم التي تحاول الدولة من السيطرة على حركة الاحتجاجات لمنع المظاهرات من الخروج إلى الشوارع لتعبر عن غضبها من النظام التي باتت تطالب بإسقاطه،بالرغم من القبضة الحديدية السورية استطاع الشعب السورية من تلبية نداء الشباب السوري الداعي إلى خروج جديد في هذه الجمعة التي أطلق عليها "جمعة حماة الديار"والتي تعتبر رسالة واضحة إلى الجيش العربي السوري،ومخاطبته من اجل اخذ موقف جدي من الأحداث السورية ،ومطالبته بالوقوف إلى جانب الشعب الذي هو جزاء منه،كي يكون الجيش الوطني والشعب المحتج يد واحدة كما كان موقف الجيوش العربية الأخرى التي أخذت موقف مستقل وانحازت إلى جانب الثوار في ثوراتها،،لان الجيش هو الحل الوحيد لضمان الأمن الحرية، والحفاظ على المواطنتين المتظاهرين،بدل الدخول في مواجهة مع الشعب السوري لكي يقوم بحماية النظام وعصاباته.

إذا رسالة واضحة للقوات المسلحة السورية من اجل أن تحدد موقفها الملتبس من الحركة الاحتجاجية، والذي زج بها، لقمع الشعب المنتفض،ووضع القوات العسكرية بمواجهة علنية مع الشعب والذي عليها يترتب بالدرجة الأولى الحفاظ على الأمن والدفاع عن الشعب.

طبعا زجت القيادة السورية السياسية والأمنية بالجيش العربي السوري،بالوقت الذي يملك النظام السوري أجهزة استخبارات مع الحرس الجمهورية وفرق خاصة تستطيع بدورها قمع شعوب الشرق الأوسط بأكملها وليس فقط سورية،لكن النظام السوري خاف من أي دور مقبل للجيش و تجنب سيناريو تونسي ،مصري، في دور الجيش الوطني الذي رعى الانتقال السلمي لخروج الأنظمة،ولكي لا يكن للجيش السوري أي دور في انتفاضة سورية،ويتحول إلى مركز القرار الحاسم في تغير النظام السوري كما حصل مع الثورات العربية الأخرى، لذا، زج بالجيش العربي في المركة لهدفين :

-الأول يرتكز على فكرة تدور على خلق عدوة وقطع كامل مابين الشعب والجيش وفقدان الثقة بين الطرفيين.

-الثاني تحويل الجيش إلى أداة يستخدمها النظام في قمع الشعب ،من اجل الدفاع عن بقاءه في سدة الحكم ، اعتبارا من الجيش يدافع عن الدولة من خلال قوة إرهابية متطرفة لذا يستعمل الجيش في قمع الشعب بطريقة بشعة من اجل أن يصبح الجيش قوة خوف .

 فالنظام السوري يقود معركة في سورية على كونها معركة مصير بقاء أو عدم بقاء،لأنه إذا استطاع النظام، في قمع الانتفاضات والاحتجاجات، بواسطة الجيش الذي يعتبره الذراع التنفيذي للنظام،سيكون قد حسم المعركة الذي أعطاها لون إرهابي وسلفي"محاربة عصابات "، من اجل كسب ود الأنظمة الغربية في معركته الذي يقودها ضد الإرهاب ، فالنظام السوري هو شريك للتحالف الغربي في قمع ومحاربة الإرهاب وبالتالي سورية هي جزء وشريك معهم. أما من الناحية الداخلية فالنظام يحاول قمع الشعب من اجل إسكات صوتها،من خلال إصلاحات كرتونية يفصلها على مقاصه.

لكن الشعب الذي ينظر إلى الجيش ودوره في معركة التغير في الحياة السورية العامة ،كشريك يضمن حق الشعب في التظاهر والتعبير ،ويؤمن الأمن ،الداخلي والخارجي الذي لان الجيش السوري هو المسؤول الفعلي،وليس أداة في القمع والبطش والتنكيل من خلال محاصرة المدن واحتلالها، بآلياته العسكرية.

لقد أتت هذه الجمعة التي تحمل دعوة صريح للقوات المسلحة السورية وكبار الضباط والأفراد،من اجل تحديد المواقف الملتبسة لهذه المؤسسة، بالوقت الذي لايزال النظام السوري يراوغ من خلال عرض مواضيع مختلفة لحل الأزمة،و تنفيذ أفكار أخرى،طبعا هذه هي أحوال النظام السوري منذ القديم، لكن العالم يجهله بسبب عدم المعرفة الجيدة لطبيعة نظام ألا الأسد، نحن اللبنانيون لنا الخبرة والمعرفة الجيدة مع هذه النظام ،طوال الفترة السابقة،التي بسط نفوذه الأمني والعسكري على الأراضي اللبنانية .

النظام السوري لم يتغير ولن يتغير، ولايزال يطرح شعارات قومية ممانعة سقط هي أصلا،وبالرغم من لغة العقوبات الاقتصادية والأخلاقية،الذي بداء العالم يتكلم بها مع نظام الأسد بسبب ضيق صدرهم من تصرفات النظام وعنجهيته،الذي يتعامل بها مع أهله وشعبه،الذي ينزل بهم اشد الظلم والقهر. لقد ضاق صدر العالم الغربي والأجنبي، وحتى العربي من تصرفات النظام السوري ومراوغته ووعوده الذي لا يلتزم بها.

عقوبات اقتصادية تلو العقوبات على الرئيس وأركان نظامه ،الآمنين والعسكريين،والسياسيين،لكنه لم يهتم لم يحدث من بطش ومجازر وقتل وتعذيب يمارس بحق المدنيين المتظاهرين ،يخاطب زميله الرئيس الروسي "ميدفيديف "،بان سورية مصرة على مواصلة الحرب ضد الإرهاب"العصابات المشبوه" حتى اقتلعه نهائيا ولن يمنعها شيء عن ذلك، وستعمل سورية كل ما بوسعها لتأمين الحرية لشعبها .

الأسد يخوض حرب تحريرية مع الشعب السوري،من خلال قتله واعتقاله التعسفي واحتلال القرى والمدن،وسيؤمن الحرية المفقودة الذي سلبها منهم هو وأجهزته الأمنية والقمعية .

الخطاب السوري يمتلك ازدواجية رفيعة في التعبير ،يطلق العنان لتصريحات كثيرة، "إصلاحات،آمن،حوار".

الإصلاحات:هذا النظام لا يستطيع العمل على انجاز أية إصلاحات كانت، والإصلاحات هي أمنية كل الدول العالمية ألمطلبه النظام بانجاز إصلاحات،لان إصلاحاته كلها كرتونية،فالنظام السوري بهيكلته الهرمية عاجزة عن تقديم أية مشاريع جدية تناسب التطورات العالمية،لان الإصلاح يلزمه رؤية جديدة للمستقبل،تشارك بها فئات الشعب عامة، وليس حزب شمولي استبدادي،هرم يضع تصورات تطويرية للبلاد.

الأمن: هو مطلب شعبي عام توفره الدول الديمقراطية لشعوبها،من خلال خطط ومشاريع تحترم حرية الشعب وتؤمن بوجودهم ودورهم، وليس قمعهم وقتلهم وزجهم بالسجون ذات الأرقام التابعة لأجهزة المخابرات السورية كما هو الحال مع مقبرة الأسماء في الأراضي الفلسطينية المحتلة . حيث لا مكن بوجود الإنسان نفسه

الحوار : النظام السوري مع من يتحاور طالما لا يعترف بالشعب المتظاهر والمنتفض،هويطرح الحوار ليس من اجل الحوار، إنما من اجل كسب الوقت لكي يتمكن من الفتك بالشعب المنتفض،وعندما يسأل شبيحة النظام الإعلاميين مع من يمكن التحاور يهربون إلى الأمام بطريقة" ديماغوجية، معهود الجميع من قبلهم، يمكن أن يتحاور كل الشعب. لأنه ليس هناك أية أسس للحوار في مفكرة النظام السوري لا يوجد لدى النظام خارطة طريق يمكن التحاور عليها. الشعب هو المعارضة الفعلية لأنه هو الذي يقود الاحتجاجات،ومع ممثليه يتم الحوار وليس مع فعاليات يتم استقدامهم إلى القصر الجمهوري،هؤلاء ليس الممثلين الفعلين للشعب ،وإنما التفاوض ليس من خلال وثيقة نصية تقدم للسفير الأمريكي أو الفرنسي.

النظام السوري لا يمكن أن يغير في العقلية القديمة ، والعادات التي تربى عليها منذ50 عاما في التعامل القمعي مع الشعب السوري،النظام لايزال يستقدم مجموعات قبلية من المناطق السورية المختلفة ويدعي بأنها معارضة شريفة ،ويحاورها وتطلب منه هي بدورها ،مزيدا من الخبز،والأكل.

لقد صنف النظام السوري الشعب المنتفض بوجود معارضة شريفة وأخرى وسخة ،وهو نظام طاهر وشريف يتحاور مع الشرفاء والطاهرين ،الشعب السوري المنتفض والذي يهدر دمه يوميا هو معارض غير شريف،لم نعهد في التاريخ الحدث أبدا لوجود لنظام غبي مثل النظام السوري، "مستشارين وخبراء وقيادة".

لقد دق النظام السوري إسفينين في نعشه نتيجة الغباء السياسي الذي يتميز به، مما جعل العالم فعليا يفكر برحيله ، من خلال الضغط الاقتصادي والعقوبات الشخصية الأولية والتي شملت رأس الهرم:

1-الأسلوب القديم الجديد الذي اعتمده النظام السوري في قمعه للحراك الشعبي ،من خلال نظرية المؤامرة التي تقوم على ضربه واقتلاعه وتخريب البلد من خلال قوة إرهابية إسلامية متطرفة.

2-الخرق الأمني في 15ايار"مايو"،والذي حاول نظام الأسد من تخريب خطوط حمراء وضعت سابقا ،وتم العمل عليها طوال 40 عاما"هدنة غير معلنة"، حاول الأسد أن يستنجد بالقوى الخارجية، من اجل البقاء في السلطة وكأنه نفذ فكرة سياسية طرحت سابقا من إحدى أفراد أهلي بيت العائلة الحاكمة.

إمام هذا العرض للحالة السورية لا نرى أية حلول يمكن ان ينفذها نظام بشار الأسد سوى المزيد من المجازر الجماعية والاعتقال التعسفي والبطش في المدنيين ،وهنا ليس أمام الثوار مجال للعودة إلى الوراء لأنه في حركات التاريخ الثورية لا توجد نصف ثورة،فالمسألة قريبة جدا بالنسبة للشعب السوري مهما حاول النظام التوجه نحو الحل العسكري لعسكرة الانتفاضة. لن ينجح النظام في قمع الشعب أبدا لان الشعب السوري واعي لما يخططه النظام، ويدرك جدا بأن نهاية النظام قريبة جدا .ومهما رفعت روسيا الصوت عاليا لكنها لن تحمي نظام الأسد وتخبئ جرائمه،وتقف بوجه الشعب لتحمي نظام.

"جمعة حماة الديار"هذه الجمعة التي أطلق عليها هذا الاسم لدعم الجيش العربي السوري...ودعوتهم الصريحة للقادة العسكريين والضباط والأفراد في عدم الدخول في حرب خاسرة ضد الشعب السوري، لان الشعب خرج متحديا كل القيود وكل الحضر المفروض عليه، لان معركتكم خاسرة مع الشعب في الدفاع عن نظام راحل.

لقد أصبحت المظاهرات أكثر تنظيما وأكثر اتساعا، وصرخة يومية قوية بوجه النظام السوري التي تقول له: ارحل، ارحل ، ارحل.

لم تهتم الجماهير السورية المنتفضة لأزيز الرصاص وأصوات المدافع ،لم يعد يخيفها القتل والموت والاعتقال بالرغم من أن جمعة حماة الديار لم تترك لتكون سلمية كما يهتف المتظاهرون فيها، بل تركت وراءها العديد من القتلة والجرحى على أيدي رجال الأمن والشبيحة،والتي ستتحول الأيام القادمة مظاهرات شعبية عارمة أثناء تشيع الشهداء الجدد ،لقد استطاع المتظاهرين من تطوير عملهم وتنظيمه من خلال الخروج المتعدد للتظاهر وخوصا في الليل على ضوء الشموع ،لقد استجابة الشعب السوري في كافة المدن السورية نداء المعارضة التي دعت للتظاهر ،نجحت جمعة حماة الديار من الخروج إلى الشوارع السورية بتاريخ 27ايار 2011 ،بالرغم من تأزم وشراسة القوى الأمنية .

لننتظر الأيام القادمة كيف سيكون رد النظام السوري مع حركة الشعب ،وأية مدن سورية سوف تكون موضوع على لائحة المعاقبة من اجل مهاجمتها والبطش بأهلها . القطر والشعب السوري كلهم أصبحوا بخطر فعلي من خلال المرض النفسي الذي أصاب النظام .

*كاتب صحافي، محلل سياسي، وخبير في الإعلام السياسي

================

الصمت على الجريمة جريمة!

حلمي الأسمر

 الدستور

29-5-2011

ما يجري في الشقيقة سوريا وصل حدا خانقا حتى أصبح السكوت حياله مؤامرة دنيئة، وتواطؤا مبرمجا، ومن يشاهد الفيديوهات التي ينشرها أبناء الشام عن ثورتهم تصيب المرء بقشعيرة في ضميره، ويطير النوم من عينيه!

لم يعد مقبولا تحت أي مسمى سكوت العرب عما يجري، وانتظار ما يقرره العجم من تحركات تأخذ طابع الضغط الناعم أحيانا، والضغط المتناغم مع همة ابناء الثورة حينا آخر، مطلوب صوت عربي ضاغط يقول للقتلة كفى، فقد بلغوا مرتبة جعلت من جرائم إسرائيل تبدو وكأنها «قتلا» رحيما، إن جاز التعبير والتقاء الرحمة مع القتل!

ما ينشر حول هذه الجرائم قليل جدا، وهو محصور بما يستطيع أن يسربه أبناء الثورة من فيدوهات وصور واخبار عبر ستار النظام الفولاذي، فما بالنا إن عرفنا الحقيقة كاملة؟

قبل فترة وصلتني رسالة من امرأة سورية حرة، تصف فيها هول ما جرى ويجري، وتأكد لي صوابية كل ما تحدثت عنه، عبر ما بثه ابناء الثورة من صور وأفلام، سجلت هذه الحرة بعضا من مشاهداتها، وقالت أن درعا تنزف وتدمر وترتكب فيها مجازر وحشية، الجيش لم ينسحب اولا لا تدريجيا ولا غيره، القبضة الحديدية ما زالت قوية تعتصر اهلنا، الملعب البلدي محاط بالدبابات والجثث على المدرجات والمعتقلون على ارض الملعب ينهالون عليهم بالضرب والتعذيب (رأينا طرفا من هذه الجرائم عبر يوتيوب) المشفى ثكنة عسكرية واي مريض مصيره الموت ان احتاج لأي علاج، امرأة تحتاج غسيل الكلى اخذها ابنها وراءه على الدراجة النارية اطلق عليه احد الشبيحة طلقة دخلت في صدره خرجت من ظهر أمه، (هذا المشهد رأيته بأم عيني عبر فيلم بث في موقع على اليوتيوب، ولم يزل موجودا على الموقع)، الدبابات و35 باص أمن تحركت من دمشق لمحاصرة قرى جاسم- نوى – طفس، أما بالنسبة الى نثر الورود والرياحين على جيشنا الباسل الذي يفتك بنا: باصات دخلت درعا كلها نساء والأهالي يتابعون من الأباجور المغلق كيف صفر أحدهم بصافرته فخلعن ملابسهن (التي عالموضة) ولبسن اللباس الحوراني والجلابيات ثم مرت سيارات والجيش وبدأ التصوير وهن ينثرن الأرز والورود على الجيش، أما بالنسبة الى لجنة التحقيق التي استخدمت الجمل كوسيلة مواصلات لتصل الينا لكثرة ما تأخرت، فقط تم أخذهم الى حي السبيل وهي منطقة أبنية حديثة جديدة لم يطلها تدمير وقد أوصلوا لها الكهرباء وجعلوا الأولاد يلعبون بالكرة فيها، وصوروا وشاهدوا كيف أن الأمور بخير ثم طلبوا مشاهدة الجامع العمري فأخذوهم الى جامع بالسحاري واطمأنت لجنة التحقيق وذهبت، الجامع العمري تبث فيه أغاني فيروز واغاني تمجيد للزعيم، وحوران كلها لا يرفع بها الآذان تخيلوا ذلك، الأهالي والشباب يسحبون ما استطاعوا ان يسحبوا من الجثث ويدفنونهم في حدائق منازلهم، برادات الخضار ممتلئة بالجثث (هذا المشهد بثته فضائيات ووسائل إعلام) المقبرة الجماعية في منطقة غرز تشهد ايضا على كم هائل من الجثث وقد دفن معهم جرحى ما زالوا أحياء (مشهد نبث القبر الجماعي شاهده الملايين) !!

هذا غيض من فيض مما ورد في رسالة المرأة، وكله شاهدناه بالصوت والصورة، فماذا تخفي الأسوار العالية وأقبية التعذيب والقتل، وماذا نقول للطفل الذي شيع بالأمس بعدما رأينا جميعا آثار التعذيب المريع على جثته؟؟

الصمت على الجريمة جريمة، من يمتلك صوتا فليرفعه عاليا، ومن يمتلك سلطة فليشهرها في وجوه القتلة!

================

اضحك مع الفضائيات الحكومية في زمن الثورات!

الأحد, 29 أيار 2011 00:44

د. فيصل القاسم

السبيل

لا يستطيع المرء وهو يشاهد بعض الفضائيات العربية الرسمية والخاصة الدائرة في فلكها، وهي تغطي أحداث الثورات المباركة، إلا أن يضحك ملء شدقيه رغماً عنه، لأن تلك الفضائيات بفبركاتها الهزلية، وحركاتها الغوبلزية، وأكاذيبها الثخينة جداً، تفرض عليك أن تضحك ضحكاً مجلجلا لكوميديتها الهابطة وصبيانيتها الصارخة، وتشويهها السخيف للوجه الجميل للثورات. فعلاً تلفزيونات «هبلة ومسكت طبلة».

لا شك أن معظمنا شاهد بعض التلفزيونات العربية قبل أشهر أثناء إحدى الثورات وهي تعرض لنا صوراً للشوارع والساحات والميادين في بعض البلدان وهي تنعم بسكينة وهدوء تامين، لا بل إن أحدها كان يركز كاميراته على ضفاف أحد الأنهار الشهيرة في المدينة وقد جلس على مقاعدها الوثيرة العشاق في جو رومانسي بديع، بينما كان الملايين من الثائرين في واقع الأمر يصرخون بأعلى أصواتهم في مختلف المدن والمناطق الأخرى، مطالبين بسقوط النظام على الشاشات العالمية. وفي بلد عربي آخر سمع أحدهم من التلفزيون المحلي أن إحدى المناطق الملتهبة جداً التي تشهد يوميا مظاهرات عارمة وأحداثاً مأساوية، سمع أنها أصبحت هادئة جداً، فذهب إليها ليجدها في حالة رهيبة، بحيث بدا المشهد وكأنه ساحة حرب، فسأله الجنود لماذا أنت قادم إلى هنا، فقال: «لقد سمعت من الفضائية الفلانية أن الوضع هنا هادئ جداً»، فأجابه الجندي: «إلى جهنم أنت وتلك الفضائية، ألا ترى يا مجنون أننا في حالة حرب مع الشعب هنا؟».

لقد استماتت بعض القنوات الرسمية والخاصة التابعة لبعض الأنظمة المحاصرة بالثورات كي تعطي المشاهدين انطباعاً أن البلاد في حالة عادية جداً، وأن ما تبثه القنوات «المغرضة» مجرد تلفيقات، مع العلم أن الحقيقة على الأرض أفظع بعشرات المرات مما يبثه الإعلام الخارجي بسبب منعه من التغطية. وكم يضحك المشاهد عندما يستمع إلى أحد الأبواق الحكومية وهو يخبر المشاهدين بأن الناس سيخرجون يوم العطلة ليس للتظاهر، بل للنزهات وشرب الشاي وتدخين الشيشة، فلما جاءت تلك العطلة، انطلقت المظاهرات في مدن عديدة لتتحول البلاد إلى ساحة وغى. وبينما كانت عشرات المناطق تشتعل بالتظاهرات الصاخبة والدموية بسبب وحشية السلطات، كانت التلفزيونات المحلية تصور مشاهد لأناس يشترون البقدونس والخس في محاولة مفضوحة للغاية للضحك على ذقون المشاهدين.

لقد حاولت بعض الفضائيات الرسمية تغطية عين الشمس بغربال فعلاً، إلى حد أن أحد المذيعين فيها وصف ملايين الشباب الذين كانوا يتجمعون يومياً في أحد الميادين الشهيرة بأنهم حصلوا على وجبة دجاج «كنتاكي» مقابل المشاركة في المظاهرات المليونية، وأن جهات أمريكية كانت تدفع للواحد منهم دولاراً مقابل إطلاق شعارات مناهضة للنظام الحاكم.

وفي بلد آخر، تخبرنا الفضائيات الرسمية بأن كل المتظاهرين عبارة عن إرهابيين خطرين لا بد من سحقهم إلى جهنم وبئس المصير، مع العلم أنها كذبة من العيار الثقيل. لا عجب أنها عللت الاجتياح العسكري لبعض المناطق ومحاصرتها وترويع أهلها بالجيش وفرق الموت بأنه جاء استجابة لدعوات ومناشدات سكان المنطقة لتخليصهم من هؤلاء المتطرفين، وكأن السكان هناك من النوع السادي الذي يستمتع برشقات المدفعية الثقيلة وجنازير المدرعات وبلطات القتلة.

ولا شك أن المشاهد سيضحك كثيراً عندما يستمع إلى إحدى الفضائيات الحكومية وهي تقول إن القناصة الذي يقتلون المتظاهرين استطاعوا دخول أحد السجون ثم اعتلوا سطح السجن وراحوا يقتنصون المتظاهرين، وكأن السجن عبارة عن مقهى يمكن للقاصي والداني أن يدخله. أما المشاهد المروعة التي ترتكبها القوات الحكومية وبلطجيتها السفلة بحق بعض المتظاهرين، فهي مشاهد حدثت في بلدان أخرى. يا سلام!

ولعل أكثر المشاهد إثارة للضحك تلك التي ظهر فيها ثلاثة شبان مع مذيع، فسألهم الأخير عن عشرات الألوف من الشبان الذين كانوا يصرخون في أحد الميادين المجاورة، فأجابوه بأن مطرباً مشهوراً سيحيي حفلة غنائية هناك، لهذا تجمع الناس هناك بأعداد غفيرة لمشاهدة مطربهم المحبوب. لا بل إن الشبان الثلاثة برروا حمل الجموع المحتشدة للأعلام الوطنية بأن المطرب معروف بوطنيته الشديدة، فلهذا جاء محبوه إلى الحفلة ليحيوه على مواقفه الوطنية «الشريفة». وانتهى اللقاء بين المذيع والشبان الثلاثة بأنهم جميعاً راحوا يكيلون الشتائم إلى قناة فضائية عربية مؤثرة جداً كانت تقض مضاجع النظام الحاكم بتغطيتها المباشرة والعظيمة للثورة في ذلك البلد.

إنها أشبه بمباراة بين الفضائيات الرسمية وشريكاتها في فن التزييف والهزل والكوميديا السوداء والاستخفاف بعقول الناس. فقد وصل الأمر ببعض الفضائيات المحسوبة على إحدى الحكومات إلى استضافة رهط من المطبلين والمزمرين والمأجورين والكذابين المحترفين من داخل البلاد وحتى خارجها للردح ضد هذه الفضائية أو تلك، لا لشيء إلا لأنها كانت تنقل عشرة بالمئة فقط، وليس كل ما يحدث من جرائم فاشية على أيدي الأنظمة العربية الفاشية والوحشية هنا وهناك بحق المتظاهرين السلميين.

ولعل أكثر ما يضحك أن بعض الفضائيات الرسمية كانت تتحدث دائماً عن الشرف والمصداقية في مهاجمتها للقنوات الأخرى التي كانت تصفها دائماً ب»المغرضة وغير الشريفة»، وكأن الإعلام الرسمي يمتلك ذرة شرف أو صدق. لا أدري لماذا تناسى ذلك الإعلام أنه كان وما زال يكذب حتى في إعلان درجات الحرارة، فما بالك الآن والأنظمة التي يتبع لها تخوض حرباً شعواء ضد الشعوب الثائرة للبقاء في السلطة. إن اتهامات بعض الفضائيات الرسمية العربية للإعلام الحر أشبه بالعاهرة التي تحاضر في الشرف والعفة. طبيب يداوي الناس وهو عليل. رمتني بدائها وانسلت. أو بالأحرى لا يسع المرء إلا أن يقول للقنوات الرسمية: إذا أتتك مذمتي من ناقص.

تصوروا أن إحدى الفضائيات الرسمية الهزلية عرضت مشاهد لرجال جمارك وهم يعرضون أكياساً من حبوب الهلوسة التي زعموا أن إحدى القنوات الفضائية «المغرضة» أرسلتها للشعب في ذلك البلد كي يهلوس ويدمن المخدرات.

وقد وصل الأمر ببعض الفضائيات الحكومية إلى قمة الفكاهة، حيث عللت خروج مئات الناس إلى الشوارع ليس للمطالبة بإسقاط النظام، بل للدعوة إلى الله لإسقاط المطر. وبعد أن سقط المطر، جاء في خبر عاجل لتلك الفضائية أن الألوف خرجت لتشكر الله على الاستجابة لطلبها بهطول الخير. هل هناك كوميديا أحط وأردئ من هذا النوع من الفبركة المفضوحة؟

ولعل أكثر ما يثير الضحك في روايات وأخبار الفضائيات الرسمية أنها تستطيع بأريحية منقطعة النظير أن تختلق نعوتاً ما أنزل الله به من سلطان للمتظاهرين السلميين كي تبرر للدولة سحقهم تحت جنازير المدرعات والدبابات، لا لشيء إلا لأنهم طالبوا بمجرد استعادة حقوقهم المهدورة منذ عشرات السنين لا أكثر ولا أقل.

ما أسهل أن تقوم بعض الفضائيات الرسمية بكوميدية هابطة للغاية بتقزيم ثورات الشعوب وأحلامها في التحرر من ربقة المستعمر الداخلي إلى مجرد مؤامرة خارجية وتزوير جموع الجماهير إلى مجرد عصابة شريرة من الخونة والمخربين، وكأنها توحي لنا بأن الشعوب العربية تعيش في نعيم ما بعده نعيم، فهي لا تعاني من الفقر والفاقة والفساد الرهيب والقهر والظلم والاضطهاد والقمع والسحق والمحق. ولو انتظرتا قليلاً لربما سمعنا تلك الفضائيات تؤنب الشعوب قائلة: «عيب عليك أيتها الشعوب. لماذا تثورين على النعمة التي تعيشينها»؟

لقد ظننا أن جوزيف غوبلز وزير إعلام هتلر الشهير قد نفق مع سيده بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه في الواقع يعيش بيننا هذه الأيام مستنسخاً بالفضائيات الحكومية وبعض الفضائيات التي تزعم أنها خاصة، بينما هي في الواقع أردئ من الحكومية في دفاعها عن الطغيان. غير أن غوبلز يبدو هذه المرة معتوهاً ومهزوزاً ومضحكاً وركيكاً في أكاذيبه وفبركاته. حتى إنه أصبح كذاباً فاشلاً بامتياز. وحسبه أن ينجو من سخرية الناس وضحكهم عليه وازدرائهم واحتقارهم الشديدين له.

أخيراً نصيحة لوجه الله: إذا كنتم من هواة النكات السمجة والمبتذلة لا مانع من متابعة ما تبثه الفضائيات الحكومية العربية في زمن الثورات. وإذا كنتم لا تطيقون الكذب مهما كان شكله، وهو الأرجح بالنسبة للسواد الأعظم من الجماهير العربية، فأنصحكم بتجنب مشاهدة تلك الفضائيات وذلك كي تحافظوا على أعصابكم من التلف السريع، وكي لا تصابوا بارتفاع الضغط الشديد والسكري وغيره من الأمراض الخطيرة، لأنها تستطيع وبقدرة قادر أن تزور حتى لون الثلج من أبيض فاتح إلى أسود غامق. وبإمكانها أيضا أن تبرهن لك ببراعة فائقة أن لون الدم ليس أحمر أبداً، بل يمكن أن يكون أخضر فستقياً.

أما إذا كنتم تتابعون وسائل الإعلام العربية الرسمية والفضائيات التي تدعي الاستقلالية الدائرة في فلكها لمعرفة ما يجري على صعيد الثورات المندلعة في أكثر من مكان، وتصدقون ما تبثه من سخافات وترهات وفبركات وتلفيقات عجيبة غريبة، فهذه كارثة عظمى بكل المقاييس.

================

السوريون يستبسلون، ويحتاجون الدعم

28/05/2011

(لوموند)

ترجمة: مدني قصري

ما انفكت سورية تحصي موتاها ومفقوديها. والقمع الوحشي والمخيف الذي يمارَس بلا هوادة، وبالسلاح الثقيل أحيانا، ضد متظاهرين مسالمين، بات اليوم أمرا لا يطاق. وقد تحدثت التقارير عن اكتشاف مقابر جماعية، وهناك لاجئون يصلون اليوم إلى لبنان، فارين من اندلاع العنف الوحشي الذي يمارسه نظام البعث. ولذلك، بات ترهل وفتور ردود الفعل الدولية أمام هذه الأحداث أمراً غير مقبول.

فقرارات مجلس الأمن التي دانت النظام السوري، ما لبثت أن جمدتها الحكومتان الروسية والصينية. ومع ذلك، فإن الاعتقالات وقصف المدنيين، عندما تأتي بموجب سياسة مخططة -وليس ثمة شك في هذا الشأن- قد تشكل جرائم ضد البشرية. وفي هذا الوضع ما يبرر قيام مجلس الأمن بتقديم التماس في هذا الشأن إلى محكمة الجنايات الدولية.

كان مجلس حقوق الإنسان، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، هو وحده الطرف الذي ندد بالقمع الذي يمارسه النظام السوري على شعبه. والحال أنه، على عكس ليبيا، لم يتم استبعاد سورية من هذه الهيئة. لذلك ينبغي العمل على استبعادها من هذه الهيئة من دون تأخير. أما هيلاري كلنتون التي حيّت قبل وقت قصير شخص الرئيس السوري بوصفه "الرجل المصلح"، ثم الرئيس ساركوزي الذي استضاف بشار الأسد في يوم 14 تموز (يوليو)، فينبغي عليهما أن يضعا هذه المسألة على جدول الأعمال على وجه السرعة. وهما معرّضان لحكم قاس من قبل الرأي العام العالمي، ومن التاريخ، فيما يتصل بتهاونهما إزاء نظام يجلد شعبه!

لقد قررت الولايات المتحدة الأميركية، والمجتمع الأوروبي، تجميد أصول بعض كبار الشخصيات في النظام السوري. والغريب أن الرئيس السوري غير معني بهذا الإجراء، ولا الأشخاص الذين يمارسون القمع؛ أمثال وزيري الدفاع والداخلية. فلماذا يتم إعفاء المسؤولين الكبار عن الهمجية في سورية؟

وفي هذه الحالة، كيف يمكن الاستمرار في إقامة علاقات طبيعية مع نظام يضحّي بشعبه؟ ينبغي للدول الديمقراطية، على الأقل، أن تستدعي سفراء سورية للمطالبة بوقف العنف، ولفرض عقوبات جادة. أما تصريحات السفير الفرنسي في سورية في شهر نيسان (أبريل) التي تبنت الدعاية التي يروجها حزب البعث، والتي لا تستبعد "ضلوع أياد أجنبية وراء المظاهرات"، فتصريحات مرفوضة وغير مقبولة. وهي تذهب أبعد بكثير من التصريحات التي أدلت بها ميشيل إليوت ماري؛ وزيرة خارجية فرنسا السابقة، حول الانتفاضة التونسية.

في المدن المحاصرة، أو التي داهمتها الدبابات وقوات الجيش، يعيش المواطنون في كوابيس مرعبة. فقد انقطعت عنهم الكهرباء والغاز، وكذلك الماء أحياناً، ناهيك عن أن المؤن الغذائية والدوائية التي تشهد نقصا ملحوظا. فيما الجنود والميليشيات يضربون ويقتلون ويرهبون السكان. ولذلك، يطالب الصليب الأحمر محقاً بوصول المساعدات الإنسانية إلى مدينة درعا من دون قيد أو شرط. وعليه، يجب على المنظمات الإنسانية الكبرى أن تكثف هذا المطلب وتسانده لفائدة المدن كافة التي يقع عليها القمع، مثل حمص وبانياس.

وفضلاً عن أعمال قصف وقتل المتظاهرين، هناك حالات عديدة من "الاختفاء" التي تثير مخاوف ومكامن قلق قوية. وهناك المئات من ناشطي حقوق الإنسان، ومن السياسيين، ممن تم اعتقالهم. ولذلك ينبغي على الدول الديمقراطية أن تساند وبقوة المحامين، والمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان، الذين يطالبون بالالتقاء بهؤلاء الأشخاص من أجل إنقاذهم من التعذيب والموت.

لا بد من توجيه كل التحية لبطولة المتظاهرين السوريين الذين يطالبون بالحرية، وبوضع نهاية لنصف قرن من دكتاتورية العائلة التي تحكم البلاد. لكن الشجاعة والبطولة وحدهما لا تكفيان لمواجهة العنف الوحشي الذي يمارسه نظام شرس وبالغ القسوة. وقد قدم المجتمع المدني مبادرات كثيرة، مثل النداء الذي وجهه الفنانون السوريون، وآن الأوان لكي يدعمهم ويساندهم نظراؤهم الفنانون في العالم أجمع، وليس السينمائيين فقط. فالأمر ملح، ولا شك!

=================

الأسد ليس في منأى عن انقلاب الجيش السوري ... خبراء يقولون إن الجيش قد ينضم للانتفاضة

لندن: «الشرق الأوسط»

29-5-2011

قال خبراء إن الجيش السوري يبرهن منذ بدء حركة الاحتجاج الشعبي على ولاء لا يتزعزع للرئيس بشار الأسد، لكن من غير المستبعد أن يتخلى عن النظام في نهاية المطاف، وذلك بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. ويرى محللون أميركيون أن وفاء المؤسسة العسكرية مرده إلى تفسير واحد هو أن الذين يشغلون المناصب الأساسية ينتمون إلى الطائفة العلوية (10 في المائة من السكان) والبقية من السنة.

وقال أندرو تيريل، المدرس في معهد «يو إس أرمي وور» الكلية العسكرية الأميركية، إن «الجيش مبني ليكون مواليا للنظام». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن القوات الخاصة في الفرقة الرابعة للجيش والحرس الجمهوري المشاركين في قمع المظاهرات يقودهما شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد وتضمان بالكامل تقريبا علويين. وتابع أن «الجيش يخضع أيضا لمراقبة قوات الأمن السورية» التي تقودها عائلة الأسد «والفعالة جدا جدا في ما تفعله». ورأى تيريل أن «الأمر لن يحدث كما في مصر، حيث بدأ الجيش يصدر صوتا مستقلا ويقول للنظام ما عليه فعله».

وقد تنضم بعض العناصر إلى المتظاهرين الذين يمدون لهم أيديهم، لكن «مجموعة غير منظمة» من المتمردين يمكن أن تصطدم مع الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري. وتابع هذا المحلل «قد يصبحون في وقت ما وبعد نضال طويل قادرين على دحر العلويين (...)، لكنه ليس أمرا سيحدث بين ليلة وضحاها»، مشيرا إلى أن ذلك يمكن أن يسبب حربا أهلية دامية.

من جهته، يقول المنشق السوري عمار عبد الحميد، الذي يدير مؤسسة ثورة المتمركزة في واشنطن، إن «الجنرالات قد يبدأون بمراجعة حساباتهم وعلاقاتهم مع نظام الأسد» إذا اتخذت الولايات المتحدة موقفا مباشرا مع المتظاهرين. وأشار إلى أن واشنطن والعواصم الغربية دعت حتى الآن الرئيس الأسد إلى قبول الإصلاحات أو مغادرة السلطة، مما يتطلب تعزيز الإصلاحات. وأضاف «أنها ليست ثورة للسنة ضد العلويين. إنها ثورة سورية ضد فساد عائلة الأسد، ونريد أن يلعب الجيش دورا في العملية الانتقالية». وتابع أنه يستطيع أن يكون «حامي مصالح الأقلية» العلوية خلال الانتقال.

أما عهد الهندي من منظمة حقوق الإنسان «سايبر ديسيدنت أورغ»، فتذهب أبعد من ذلك. وتقول إن «الجيش يمكن أن يكون العنصر الأكثر رغبة في الانضمام إلى الانتفاضة في النظام». وتضيف في مقال في مجلة «فورين أفيرز» أن «عددا كبيرا من كبار الضباط علويون، لكن غالبية الجنود ليسوا كذلك». وتتابع أن «الجنود يمكن أن يقوموا بعصيان ويجبروا قادتهم على الانقلاب على الأسد. ويمكن للقادة العلويين أن يخافوا انقلاب الوضع (...) بسبب سياسة بشار الأسد» القمعية مؤخرا. وقالت عهد الهندي «لكن لإقناع الجيش بتغيير موقفه يحتاج المنشقون إلى مساعدة الأسرة الدولية» التي عليها فرض عقوبات محددة الأهداف للتسبب في فرار عناصر وتعزيز الانقسامات بين الجيش وفرق النخبة التي يقودها ماهر الأسد.

================

ألا تخجلون من حمزة الخطيب؟!

جمانة غنيمات

المدينة

29-5-2011

ألا تخجل "المقاومة والممانعة" العربية من روح الطفل السوري الشهيد حمزة الخطيب، ألا ترتبك أمام براءة جسده الغض الذي اخترقته رصاصات "شبيحة" النظام السوري.

لا أظن أن ثمة ما يستفز أكثر من الدماء التي نزفت من جسد الطفل البريء، وأعتقد أن العذابات التي تعرض لها قبل أن يرحل وقبل أن يكتمل وعيه بما يدور حوله تكفي لإدانة من ارتكب هذه الجريمة.

حمزة الذي تفاجأ بصحوة عربية عنوانها الربيع العربي، تعلم مبكرا معنى المطالبة بالحق والحلم بالحرية، وُئدت أحلامه مبكرا بأسلحة نظام مأزوم وجد في جسد الطفل مستقرا لحقده، ولم يبال لحظة واحدة ببراءة حمزة الذي خرج احتجاجا على اعتقال أبناء مدينته درعا.

حمزة، ومن دون أن يدري، قدم لنا نموذجا شامخا في المقاومة الحقيقية للظلم والاستبداد، وعرّى مقاومات طالما باعت شعارات زائفة للناس واختبأت وراءها، ها هي اليوم تبدو هزيلة وضعيفة أمام جسده الذي تظهر آثار الرصاص في ذراعه وصدره وفي بطنه، ولا تخفى الكدمات في وجهه وفي قدميه.

ما حصل لحمزة الخطيب وصمة عار في وجه من قتله، وفي وجه الأنظمة الدموية التي تاجرت طويلا بالمقاومة والممانعة، وباعت واشترت بمشاعر العرب جميعا حينما سوقت لنا مشروعا وهميا استغل طموحات الأمة ورغبتها بالمقاومة وباستعادة حقوقها.

الرصاصات التي استقرت في جسد حمزة لم نر منها واحدة تتجاوز حدود الجولان، رغم المزايدات الكثيرة التي أشبعنا إياها النظام السوري منذ الأزل، والذي بقي يلعب دورا جسّده رامي مخلوف بعبارة واحدة حين أكد للإعلام العالمي بأن "أمن إسرائيل من أمن النظام السوري".

كل هذه الدماء وكل هذا القمع ولم تكتشف المقاومة العربية حتى اللحظة أينما حلت أن المقاومة الحقيقية لا تخرج من رحم أنظمة ديكتاتورية بل تولدها أنظمة ديمقراطية حرة تعبر عن تطلعات الشارع ومصالحه.

كل هذا الظلم وما تزال المعارضات التقليدية تدافع عن نظام دموي وظالم وديكتاتور، يستقوي على جسد طفل بريء رحل وفي خياله حلم بسورية لا تتواطأ مع العدو المحتل ولا ترتكب المجازر تلو المجازر في حق شعبها.

يا معشر "الممانعين"؛ ألا يكفي كل هذا الدم لترفعوا الغطاء والشرعية عن نظام فقد شرعيته منذ أول قطرة دم سالت على أرض سورية.

 ويا أيها الثوريون؛ ألا يقنعكم كل هذا الدم وهذا القتل وهذه المجازر لتعترفوا أن الشرعية تمنح من الشعوب وليس من خطاباتكم الرنانة وتدليسكم.

حمزة وآلاف السوريين دفعوا الثمن واستشهدوا في سبيل غد مشرق سيأتي من دون أدنى شك، ومن أجل ربيع مؤجل لن يجف قبل أن يحل على كل المنطقة، وسيعلم كل المقاومين والمعارضين أنهم خسروا ثقة الناس جميعا، فالمقاومة لا تُجزأ بحسب المصالح والأهواء.

================

المعلم السوري في البيت القطري!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

29-5-2011

كم هو عجيب أن يعاتب وزير الخارجية السوري «الأشقاء» العرب، وفي منزل السفير القطري في دمشق، على عدم وقوف العرب مع سوريا، بحسب قول وليد المعلم، الذي يعتب أن العرب لم يدينوا العقوبات الغربية على النظام السوري ورموزه!

وعندما نقول: عجيب، فلأن العكس هو الصحيح، فالسوريون هم العاتبون اليوم على العرب، جميعا، لأنهم لم يقولوا كلمة إدانة واحدة بحق ما يفعله بهم نظامهم من قمع وحشي وقتل واعتقالات، فعدد المعتقلين وصل إلى الآلاف، ناهيك عن المفقودين من السوريين، وعدد القتلى تجاوز الألف قتيل، ومنهم أطفال مثل الطفل حمزة الذي تدمي قصته القلوب، بل ما هو الفرق بين الطفل المغدور حمزة والطفل الفلسطيني محمد الدرة؟

كما أن المفروض أن يكون السفراء العرب قد عاتبوا المعلم، بل احتجوا عليه، حول ما يقوله المحسوبون على النظام السوري في حق العرب، ومحاولة إلصاق التهم بالدول العربية زوراً على أنهم هم الذين يتآمرون على سوريا، فما دام رأس النظام يقر بأن مطالب المحتجين مشروعة، وأن أخطاء أمنية قد وقعت، فلماذا يقول الإعلام السوري تارة إن الأردن هو من يقف خلف انتفاضة سوريا، ومرة أخرى يقال الأمير بندر بن سلطان، ثم يقال إنه سعد الحريري، ثم يخرج التلفزيون السوري شيخا مغلوبا على أمره، ورجلا مكلوما، ليدين أهله وناسه في تمثيلية مكشوفة، ليقول إنه تلقى اتصالا من الرياض، وهذا الرجل هو الشيخ أحمد الصياصنة إمام المسجد العمري بدرعا، وقصته وحدها تروي كل الحكاية، وأكثر.

فهل يعقل أن الشيخ الصياصنة، الذي قتل الأمن السوري أحد أبنائه لأنه لم يدل على مكان والده، يخرج بطوعه ليعترف بخطئه.. ما هذا الظلم، والقهر؟! وهذا ليس كل شيء، فها هي مذيعة سورية في قناة «الجزيرة» القطرية رفضت أن تستقيل استجابة لضغوط النظام، فيخرج أهلها في سوريا ليتبرأوا منها ويعلنوا وقوفهم مع «القائد»، فهل نحن أمام مشهد من مشاهد البعث العراقي، لكن بنسخة البعث السوري؛ ففي فترة صدام حسين كانت العشيرة تجبر على قتل ابنها، ليخرج نظام صدام قائلا إن العشيرة قد قررت أن تغسل شرفها بالدم، لأنه «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى.. حتى يراق على جوانبه الدم» كما قال الشاعر العربي، في لحظة غابرة من لحظات تاريخنا؟

ولذا، فكان يفترض أن يعترض السفراء العرب، ومنهم القطري والسعودي والأردني واللبناني، على المعلم ويطالبوه بأن يكف النظام السوري عن تلك الأفعال المسيئة، بدلا من أن يعاتب المعلم «الأشقاء» العرب، وكان يجب أن يذكّر السفراء العرب المعلم بأن مستشارة رئيسه هي التي قالت ذات يوم إن المصريين قالوا كلمتهم عندما أسقطوا نظام مبارك، فلماذا عندما قال السوريون كلمتهم أصبحوا عملاء، ومندسين، خصوصا أن جمعة «حماة الديار» قد أجمعت على شعار واحد، وإن تباينت التعابير، وهو المطالبة بإسقاط النظام؟

وعليه، فإن السؤال اليوم للعرب، وهو مكرر ومستحق، خصوصا بعد «جمعة حماة الديار»: إلى متى سيستمر صمتكم؟

============================

عن مسيحيي سوريا اتحدث

حازم صاغية

أرفلون نت 9/5/2011

هناك اليوم مَن يستخدم “تأييد المسيحيّين السوريّين لنظام الأسد” حجّةً تُدان بها الانتفاضة السوريّة، ومن خلالها يُصار إلى توكيد “دور الإسلاميّين والسلفيّين” في الانتفاضة، وإلى توكيد “علمانيّة النظام” في المقابل.

وبالطبع، ليس لدينا ما يؤكّد أو ينفي هذا “التأييد” وحدوده. لكنّ وجوده، في حال صحّته، ليس سوى دليل آخر على ما زرعه نظام البعث منذ قيامه في 1963، ولا سيّما منذ “حركته التصحيحيّة” في 1970، وعلى ما تجنيه سوريّا اليوم.

فأن يكون خوف المسيحيّين هو ما قادهم إلى ما انقادوا إليه، فهذا إنّما ينمّ عن حجم التخريب الذي ألحقته العقود البعثيّة بالنسيج الاجتماعيّ السوريّ، بحيث باتت الجماعات لا تتبادل في ما بينها إلاّ الريبة والخوف، ولا ترى في المستقبل إلاّ حقول القتل المفتوحة.

وتقضي الأمانة القول إنّ الطائفيّة ومخاوف الأقليّات ليست بالطبع من إنتاج البعث وحكمه. فهي تضرب في تاريخ الملل والنحل وفي التراكيب والثقافات العصبيّة التي ازدهرت في منطقتنا. مع هذا يصعب القفز فوق ذاك الواقع المرّ القائل إنّ 48 سنة من سلطة “الوحدة والحريّة والاشتراكيّة” أطلقت هذه المشاعر وفاقمتها، بدل أن تحدّ منها وتحاصرها.

وما يمكن استنتاجه تالياً أنّ المزيد من حكم البعث هو مزيد من التفتّت الاجتماعيّ والمجتمعيّ، ومزيد من مخاوف الأقليّات التي تطالب الحاكم ب”حمايتها”، بل مزيد من مخاوف الجميع حيال الجميع.

فإذا صحّ أنّ المسيحيّين “يؤيّدون” نظام الأسد، صحّ القول إنّهم يخطئون لأنّهم، بهذا، يؤسّسون لأوضاع أسوأ ترتدّ عليهم في مقبل الأيّام. أمّا مخاطر الانتقال، ويمكن أن تكون هناك مخاطر فعليّة على الأقلّيّات وأيضاً على الأكثريّات، فوجهها الآخر هو التأسيس لبدايات جديدة. وتبقى أكلاف عدم التسامح المصحوب باحتمالات التحوّل أقلّ من أكلاف عدم التسامح المثبّت والمكرّس والمغلق والمتعاظم.

لقد قيل سابقاً إنّ مسيحيّي العراق يؤيّدون صدّام حسين ونظامه لأنّه “يحميهم”. وهذا، أيضاً في حال صحّته، دليل على الدور الذي تلعبه الأنظمة البعثيّة في تفتيت النسيج الاجتماعيّ لبلدانها وفي مقايضة ولاء الجماعات الأقليّة بحمايتها، بدلاً من تحكيم معايير المواطنة بديلاً عن ثنائيّ الخوف والحماية.

ألم يكن عهد صدّام حسين، بتمييزه وبكبته المديدين، هو نفسه السبب وراء انفجار الأحقاد الدمويّة والمتعصّبة التي تبادلها العراقيّون بعد إطاحة صدّام؟.

إنّ أنظمة كهذه تنهض على نوع من عقدة استوكهولم، حيث يقع السجين في حبّ سجّانه. يكفي السجّان، في هذه الحالة، ألاّ يقضي على حياة السجين كي يبدو هو من يمنحه الحياة. والمسيحيّ السوريّ، بل أيّ كائن انسانيّ، يُفترض به أن يكون أذكى من ذلك وأعرف.

============================

الثورات الشعبية العربية: الديناميكية والآفاق

جواد الحمد[1]

المصدر: صحيفة الغد الأردنية، 29/04/2011

تشهد المنطقة العربية اليوم ثورة شعبية سلمية تؤسس لأمة عربية ونظام عربي جدي، يتعامل بسياسات ومفردات جديدة تقوم على قاعدة الإعتراف بسلطة الامة، وأن الشرعية الشعبية هي الأساس لاستقرار أنظمة الحكم وليس الشرعيات الخارجية، كما تؤسس لمرحلة من محاربة الفساد وتوجيه ثروات الأمة لخدمة نماء شعوبها كما لدعم قضاياها، وأنها تعمل على إستعادة الأمة لدورها الإقليمي والدولي، وأن تستعد الأمة لتكون شريكاً في رسم مستقبل العالم وسياساته تجاه منطقتنا وغيرها.

إن أصداء التغيير والحراك والثورة الشعبية في هذا الوطن الذي يعيش في قلب التغيير والتطور، والذي يشهد حراكات لا تزال تنتظر الإجراءات والتغييرات الدستورية كما القانونية لتحقيق الاستقرار والنماء والحرية والعدالة والمساواة في داخل البلاد.

لقد رصدنا منذ الأيام الأولى للثورات في تونس ومصر ومن ثم في ليبيا واليمن، والحراك الشعبي في عدد آخر من الأقطار العربية، وتبين لنا بوضوح العجز الأمريكي عن إدراك طبيعة المتغيرات والمفاجآة التي منيت بها أجهزتها المختلفة، كما تبين لنا أن الولايات المتحدة تأخذ بعين الأعتبار مصالحها فقط، وتتخلى عن حلفائها من النخب الحاكمة ومن حولهم في حال تبين لها أنهم غير قادرين على خدمة استراتيجياتها وسياساتها، وقد تنبهنا إلى صحة هذا الاستنتاج بالاستقراء التاريخي لحراكات وثورات شعبية أخرى في آسيا وأوروبا وأفريقيا، ولذلك فإن الشرعية اليوم هي الشرعية الشعبية وأن غيرها ليس شرعية، وعلى النخب الحاكمة أن تسارع لتلبية مطالب الشعوب قبل أن تضطر للخضوع لها بشكل أو بآخر، وأن يكون التغيير جاداً وحقيقياً فأن قدرة الشعوب اليوم على التمييز والفهم والإدراك للحقائق أصبحت أكثر بكثير مما كان يتوقع الحكام والنخب الحاكمة ومن حولهم.

إن النظام العربي اليوم برمته أمام أختبار صعب يوفر له فرصة تحقيق الشرعية الشعبية والتحلل بل والتبرأ من فساد الماضي وظلمه واستبداده، ويتحرر من الاملاءات الغربية المشينة لكثير من حكومات العرب في مفاصل تاريخية مهمة سابقة، وهي فرصة كذلك لإعطاء الفرصة للقوى السياسية والحركات الشبابية حتى تشارك في صناعة المستقبل، وتلزم الحكومات بالشفافية المطلقة، وأن تستبعد الفاسدين على أي مستوى، وأن توقف الهدر في المال العام، وأن يشعر الشعب بأنه من يرسم مستقبل الأجيال من أبنائه، وبالتالي يبدي استعداده لتحمل المسئولية في تحقيق ذلك.

إننا أمام ثورة شعبية قوية تستمد وقودها من التصميم والإصرار الذي فاجأ الجميع ولكنه غير غريب على الأمة في مفاصل سابقة من تاريخها أبان الاحتلال الصليبي ومن الحديث أبان إنتفاضة الشعب الفلسطيني عام 1987 وعام 2000، ولذلك فإن المؤشرات الأولية تشير إلى الديناميكية العالية والقدرة الفائقة لهذه الثورات على صناعة ورسم المستقبل، رغماً عن كل الجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية للتدخل في رسم المشهد النهائي حفاظاً على مصالحها، وأن الفزاعات التي استخدمتها الحكومات لتخويف الغرب وتبرير استبدادهم وفسادهم لم تعد تجدي نفعاً، والشعار اليوم تَغير قبل ان تُغير، والأيام حبلى بعشرات المتغيرات في مختلف أنحاء العالم العربي وربما العالم الاسلامي، ليتشكل عالم جديد كما حصل أبان انتهاء الحرب الباردة ولكن اليوم بهزيمة السياسة الأمريكية وليس بانتصارها، وبسيادة إرادة الشعوب وليس حكوماتها الدكتاتورية والبوليسية.

ــــــــــــ

 [1] مدير مركز دراسات الشرق الاوسط-الاردن

=========================

محاولة لرؤية ما يدور داخل الصندوق السوري الأسود

بكر صدقي *

الحياة 23 مايو 2011

بعد مرور أكثر من شهرين على بداية انتفاضة الشعب السوري، ما زالت النخبة الحاكمة تحافظ على تماسكها، وما من إشارة إلى احتمال تفككها قريباً. بغياب الشفافية، لا يسع المراقب إلا قراءة السلوك على الأرض للتكهن بما يدور داخل الصندوق الأسود، بهدف الحصول على كود للسلوك المتوقع في المرحلة المقبلة. ونتحدث عموماً عن سلوك لا عن سياسة، لأن هذه غائبة تماماً بما في ذلك ما يمكن أن نسميه «سياسة أمنية» على تناقض هذه العبارة المنطقي.

اعتمدت النخبة الحاكمة منذ بداية أزمتها مجموعة من المبادئ لم تحد عنها إلى اليوم، وهي أولاً مواجهة الانتفاضة السلمية بالعنف وما يتضمنه ذلك من رهان على كسر شوكة العدو وتحطيم إرادته. فإن لم ينفع العنف فسينفع المزيد منه. وثانياً، عدم تقديم أي تنازلات للعدو حتى لو كانت لا تمس جوهر دوام النخبة الحاكمة في الحكم. لأن أي تنازل وإن كان شكلياً سيرفع من معنويات العدو ويزيده قوة. ثالثاً، تطوير رواية إعلامية رسمية تبرّر هذا العنف، بصرف النظر عن تماسكها، والتمسك بهذه الرواية إلى النهاية. رابعاً، فرض تعتيم إعلامي شامل لإخفاء الجرائم المرتكبة بحق المحتجين السلميين ولتسويق الرواية الرسمية باعتبارها الحقيقة الوحيدة، مع محاربة الروايات المخالفة أو المحايدة. خامساً، المحافظة على وحدة النظام مهما تقلبت الأوضاع ومهما اختلفت الاجتهادات في المعالجة التنفيذية للخطة. سادساً، عدم التهاون مع النصائح المقدمة من أي جهة خارج النخبة الحاكمة، من حلفاء أو أصدقاء أو أتباع، حتى لو انطوى ذلك على المجازفة بتلك العلاقات المهمة. على القوى والجهات الحليفة والصديقة أن تتبنّى سلوك النخبة الحاكمة في الأزمة بلا نقاش أو تنتقل إلى جهة العدو، فأهل مكة أدرى بشعابها.

هامش المناورة خارج هذه المبادئ الأساسية يتضمن الحديث عن إصلاحات وحوار وتمييز بين مطالب مشروعة وتخريب ومؤامرات خارجية. على أن لا تجازف المناورات بأي من الثوابت، بل تقوم بوظيفتها في تفكيك وحدة العدو. فحين يتم الحديث عن إصلاحات، ليست الغاية كسب قسم من الرأي العام بتقديم إصلاحات جزئية، بقدر ما هي محاولة لشق صفوف العدو بين داعين لإصلاحات وداعين لإسقاط النظام. وكذا حين يتم الترويج لحوار، فالغاية من ذلك فتح معركة بين مرحبين بالحوار وخصوم له، أو بين معتدلين ومتطرفين. وفي الحالتين يكسب النظام بعض الوقت يستثمره في مزيد من القمع الوحشي على أمل أن تتحطم إرادة العدو ويستسلم.

هل هناك من خطة ب؟ لا نملك أية مؤشرات الى ذلك، وهذا ما يكشف بصورة إضافية عن غياب السياسة في مواجهة الأزمة. تتعامل النخبة الحاكمة مع الوضع بصفته صراعاً وجودياً ضد عدو لا محل للتفاوض معه على أية حلول وسط. حتى تأمين منفى لأفراد النخبة الحاكمة يحصنهم ضد المساءلة يبدو أنه غير مطروح. لا خيار غير الانتصار التام على إرادة الشعب وتركيعه مرة وإلى الأبد. ولكن ماذا إذا فشلت في ذلك؟ لا شيء. نموت ولا نستسلم. ندمر البلد ولا نعطيه لغيرنا. هذا هو الخيار الشمشوني الذي اختارته النخبة الحاكمة. من آيات ذلك الوحشية المفرطة في القمع المجنون الذي بلغ حد الإجهاز على الجرحى وإطلاق النار على خزانات المياه بعد قطع كل أسباب الحياة عن المدن المحاصرة بالدبابات، الأمر الذي لم نشهد مثيلاً له حتى في ليبيا القذافي أو عراق صدام حسين.

غياب السياسة عند نخبة الحكم في أخطر أزمة تواجهها منذ الانتقال الوراثي لمنصب الرئاسة من الأب إلى الابن، حتى في إدارة غريزة البقاء، يشير إلى جوهر المشكلة السورية: غياب الدولة، ناهيكم عن الشعب و «الوطن»، لمصلحة نخبة حاكمة - مالكة خارج أي قانون وضعي أو سماوي، تتصرف في الأرض وما عليها من بشر وشجر بالنزوات والغرائز العارية. وهذا هو الوضع الوحيد الممكن. أي تغيير في هذه المعادلة غير مقبول. إما الدوام هكذا وإما الخراب.

والآن في ضوء المبادئ المذكورة أعلاه، هل تم كل شيء على خير ما يرام؟ هل نفذّت جميع الأدوات ما هو مطلوب منها على أكمل وجه؟

المراقبُ سلوكَ النخبة الحاكمة يلاحظ تخبطاً شديداً وأخطاءً جسيمة في التنفيذ. ففي خطابه الأول أمام مجلس الشعب في الثلاثين من آذار الماضي، لم يكن الرئيس مضطراً إلى خسارة الأسطورة القائلة بأنه رئيس إصلاحي تعيقه حاشيته المحافظة، الأمر الذي رفع من منسوب خيبة الأمل لدى قطاع واسع من السوريين كان يؤمن فعلاً بهذه الأسطورة. لعله وقع في هذا الخطأ لأن رهان الحكم في حينه على تحطيم الإرادة الشعبية بسرعة كان كبيراً، فأراد الحكم أن يؤكد للمحكومين أن خيارهم الوحيد هو الركوع التام أمام نظام خالٍ من أي نقطة ضعف «إصلاحية». لكن الخطأ ارتد عليه بسرعة غير متوقعة حين خرجت التظاهرة الاحتجاجية في اللاذقية بمجرد انتهاء الرئيس من إلقاء الخطاب.

كذا لم يكن الرئيس مضطراً للوعد مرتين بعدم إطلاق النار على المتظاهرين العُزَّل من قبل الأجهزة الأمنية، لتستأنف الأجهزة تلك قتلها المتظاهرين في اليوم التالي. الأمر الذي انطوى على مدلولات خطيرة منها أنه لا يسيطر على أجهزته أو أنه لا يعني ما يقول.

كذا فشل النظام في فرض التعتيم الإعلامي الشامل، فانعكس ذلك في فشل آخر في تسويق روايته الأحداث. فلم تقطع خدمة الانترنت إلا بصورة متأخرة، في أوائل أيار (مايو) الجاري، وبصورة جزئية، فاستمر تسريب مقاطع الفيديو التي تكذِّب الرواية الرسمية، فبدا قطع هذه الخدمة من شركة الاتصالات التي يملكها ابن خال الرئيس، عقاباً جماعياً أكثر من كونه وسيلة للعفة الإعلامية.

وتمادى النظام في المجازفة بخسارة حلفائه وأصدقائه من دول وقوى وأفراد، فضلاً عن المجتمع الدولي. فخسر باستهتار غريب تركيا وقطر وحركة حماس وجريدة الأخبار اللبنانية وعزمي بشارة وعبدالباري عطوان، على سبيل المثال لا الحصر. صحيح أن بعض هؤلاء الحلفاء والأصدقاء تطاولوا عليه بالنصح من موقع الحريص، فانتقدوا شيئاً من سلوكه، لكنه كان يمكن أن يكتفي بتجاهلهم بدلاً من تخوينهم وإعلان حرب إعلامية عليهم.

الخلاصة أن نظاماً يقوم على حكم أجهزة الأمن لا يمكن أن يملك سياسة - وجوهر الحكم هو السياسة، فلا مناص من سقوط نظام لا يملك أي سياسة، بصرف النظر عن حجم الاحتجاجات الشعبية عليه. ولا يملك الشعب السوري بالمقابل إلا مواصلة كفاحه البطولي لنيل حريته المسلوبة.

* كاتب سوري

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ