ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
سعيد علم الدين حزب لبنانيون الجدد 4/6/2011 ويا فجر سوريا القريب بانتصار ثورة
الاحرار السلمية على دولة الاشرار
الأسدية. وتخضبت الارض السورية بدماء
اطفال الحرية. حمزة يا من غدوت رمزا للثورة السورية
السلمية ، انت لم تمت وستبقى ببسمتك
البريئة الواعدة، وروحك المشرقة
الخالدة حيا فينا الى الأبد والذي مات
وسينتهي قريبا ويرحل هو قاتل الأطفال
الهمجي بشار الأسد! حمزة الخطيب أنت يا فجر الصبح يا ابن صباح
سوريا الحرة تقول لك أمك سوريا الأبية: نم قرير العين يا ولدي الحبيب فأنت يا
ربيع الورد ويا عطر الندى أقسم لك
بيوسف العظمة وأبطال الوغى بأن روحك
الغالية التي قدمتها من أجل تحريري من
عصابة آل أسد لن ولن ولن تذهب سدى! فصورة حمزة الخطيب الطفل اليافع الحي
ببسمته العفوية الحيوية الصافية
الصادقة الرقيقة الوديعة القريبة الى
القلب المشعة بالأمل والحنان والمشرقة
بالمحبة والفرح هي انعكاس لثورة الشعب
السوري السلمية المدنية الديمقراطية
الناضجة وانتفاضته الحضارية الرائعة
الراقية في وجه ثقافة الموت والقمع
والقتل والفساد والاستبداد، وهي
بالتالي صورة حقيقية لربيع سوريا
الحرة ومستقبلها الشبابي الديمقراطي
القادم. وصورة حمزة الخطيب الطفل الشهيد المشوه
المقتول الجسد بوجهه الساكن المتفحم
المدمى المعذب وثبته المكسورة وصدره
المخترق بالرصاص وجسمه الغض المنتفخ،
وعظامه المهشمة من جراء التعذيب
الرهيب الذي تعرض له على أيدي وحوش بلا
قلوب هي صورة حقيقية لخريف سوريا
الأسدية وموت هذا النظام الدموي الذي
لم يوفر لا الاطفال ولا النساء ونهايته
المرسومة بحكم التطورات قريبة جدا. كيف لا وحمزة الخطيب وباقي شهيدات وشهداء
انتفاضة الكرامة السورية هم فجر سورية
القريب الذي سيتفجر يوميا بالثورة
السلمية الحضارية براكين غضب ستعيد
سوريا الحبيبة منصورة من جديد الى قلب
العرب. ولكي تكون سورية قلب العروبة
الإنسانية المستنيرة الديمقراطية
الحضارية النابض وليس ذنبا لإيران
الهمجية المذهبية وقلبها الأسود
الشمولي الثأري البربري الحاقد. فتجلِّي يا روح الشهيد حمزة في عليائك ،
اهزجي بأغاني الوطن والحرية ، عانقي
سماء البطولة والمجد ، وتكللي بأكاليل
الغار بعد ان حققت يا حمزة الانتصار
التاريخي الخالد لسورية الحرة على
الصنم المتهاوي بشار! انت حي فينا الى الابد والصنم بشار الاسد
سيتحطم كالصنم صدام وباقي رؤساء العرب
الدكتاتوريين الأقزام. روح حمزة وأرواح كل شهداء الثورة السلمية
الحضارية السورية ستنتصر على القتلة.
لعنة تاريخية ستلاحق قبيلة آل اسد
الوحشية. المستقبل الزاهر بأزهار الربيع هو لسوريا
الديمقراطية وشعبها الهادر من تلكلخ
الى درعا ومن بانياس الى القامشلي. وللقاتل بشار الاسد المغيب ولنظامه
الهمجي الخزي والعار المستقبل لزهرات وازهار الشوق الفواحة
الى الشهادة من اجل الحرية. شوق في سورية الحرة الى الحرية هو أقوى
بكثير من الموت! ألا تعلم يا بشار أن ارادة الشعب أقوى. ولن
تستطيع كسرها يا جبان ! انت يا قاتل النساء والشباب والأطفال ،
وبدل أن توجه طاقات سوريا العظيمة
لتحرير أرضك المحتلة في الجولان أعلنت
حربك القذرة على سوريا الحرية
والإنسانية والأحرار بعد عثت خرابا في
لبنان! انت يا مدان ! يا قاطف زهرات سوريا والأزهار ، ماذا تركت
لشارون وأولمرت ونتنياهو؟ هم مدانون
بقتل أعدائهم في حرب لا ترحم. أما أنت
فإنك ترتكب بحق السوريين الأحرار
الإجرام الهمجي الأعظم! انت يا قاتل الصغيرات والصغار ، ماذا تركت
للاستعمار؟ يا للعار يا بشار. قريبا مع
نظامك الدموي الى مزبلة التاريخ
والاندثار! أما انت يا حمزة يا برعم الحرية! يا ابن
سورية الحرة الأبية. انت لم تمت وانما
من مات هو بشار ومعه النظام وكامل
العائلة المجرمة الأسدية. وإذا كان أسد الغابة وملك الحيوانات
يمارس سلطته الحيوانية الوحشية
المطلقة بقوة عضلاته ويختار فريسته
على هواه ويفترسها بنهم ليشبع بطنه دون
رقيب أو حسيب أو قانون أي فيما يسمى
شريعة الغاب، فإن المجتمعات الإنسانية
ارتقت بشرائعها خلال التاريخ وتحضرت
لتصل الى أنظمة ديمقراطية انسانية
سامية تراقب وتحاسب وتفرض القانون على
الحاكم قبل المحكوم. حتى أنه في النظام
الديمقراطي لا يوجد في الحقيقة حاكم
ومحكوم، وإنما يوجد شعب حر يمارس
السلطة على حكامه من خلال اختياره لهم
ووضعهم في المؤسسات الدستورية تحت
تجربة الحكم فإن نجحوا في عملهم
انتخبهم من جديد وان فشلوا خذلهم
لينتخب البديل. إلا في المجتمع السوري الذي ابتلي منذ 40
سنة عجاف بعائلة الاسد المتوحشة والتي
تمثل افضل تمثيل لشريعة الغاب التي
تحدثنا عنها، حيث تمارس سلطتها
الحيوانية الوحشية المطلقة بقوة
عضلاتها أي دباباتها وقواها
المخابراتية والأمنية المختلفة
فتختار فريستها على هواها وتفترسها
بنهم لتروي حقدها دون رقيب أو حسيب أو
قانون. باسمك يا حمزة ستهزج سورية بأناشيد
الحرية! ستُكتبُ لك الأشعار والأغاني وروايات
البطولة التي ستقرؤها الأجيال القادمة. اسمك هو الخالد في ضمير سوريا وتاريخها
وفي ضمير الأمة العربية وبطولات
أطفالها في مواجه طغاتها الأشرار! واسم بشار الأسد عار وخزي وذل وانهزام
واندثار! ========================= اللغز السوري الحاسم في
انتفاضة الشباب لافا خالد لست بمخطئة حينما أقول للثائرين جميعا من
ابناء وطني أطفالا وشبابا رجالا ونساء
إنكم كلكم شبيبة الوطن علينا أن نعيد
حسابات الخطأ الذي خلق جيل الهزيمة .
علينا أن نعيد صياغة المفاهيم
والمفردات ونعلن إن الثورة ليست بؤرة
أو غابة تضم الأنصار، الثورة ليست
اختلاط وتفاعل العامل الذاتي
بالموضوعي واكتمالهما، الثورة لا تعني
ضرورة الحزب الطليعي لا تعني كاريزما
جيفارية معبقة ببارود طبقي... باختصار
هي ( ثورة بلا حدود ) هي ثورة جديدة ولن
أجازف حينما أقول إنها أهم منقطع حلقة
سلسلة النظام الرأسمالي بالمفهوم
اللينيني او تهدم الجار البرليني الذي
فصل عالمين وأسلوبين للإنتاج، هي ثورة
رفضت أحادية الهوية لأنها جمعت
الهويات ، هي ثورة أعادت للمساجد صوت
الرب الذي صادره الحكام وجاور الصليب
بالهلال، هي ثورة عملت العالم مفردة
كوردية فأدرك العالم إن ازادي هي
الحرية وان اختلفنا في الكلمة
واشتقاقها ولفظها فلم ولن نختلف بأنها
ضفتنا المشتركة حيث نكتشف الوطن من
جديد؟ ماذا يريد شبيبة سورية ؟ نريد وطنا بعيد
عن الغابة المحكومة بالأسد وقانون
غابته، نريد ان نعيش في مشترك وطني لن
يلغي خصوصياتنا، نريد أن نعيش كبقية
البشر وندخل التاريخ بعد أن همشنا في
مفاصل زمنه. نريد دستورا يكون فيه
الإنسان مركزاً والشعوب تحاوراً، نريد
فصلا للسلطات وليس فصلا بين الهويات،
نريد قوانين إنسانية وبشرا يلفظون
كلمة الحرية الحق والمساواة بتعدد
اللغات في تعدد هواياتنا وثقافاتنا
المتجاورة كقزح يضفي اللون على
المجاور الق. لدرعا وشقيقاتها ( كل سوريا هي درعا ،
فاللغز السوري، هو أن نختصر الوطن في
مدينة وها نعلن نحن الشبيبة إن حدود
درعا هي حارات مدن الأكراد والسريان
والاثوريين والعرب وكل مكونات وطننا
الغالي للشهداء ( لن نعاهدكم بأننا نواصل مسيرتكم
بل نبشركم بالنصر وسنحمل اجمل زهور
سوريا ونقبل التراب حيث قدمك الذي أعلن
للشبيحة وعميد عمداء الشبيحة ( نموت
واقفين ولن نركع). لجيش الشعب السوري " نكرر ندائاتنا لكم
لأنكم نقطة الفصل بمساندة الثوار في
الإنقضاض على بقايا النظام المتهالك ,
كونوا بحق الجيش الذي يحمي الشعب ويوقف
شلالات الدماء الغزيرة التي يفجرها
نظام العبث هنا وهناك , كونوا اللغز
وكلمة السر في حماية الثورة ضحايانا وشعبنا يستغيثون بكم انتصروا
لإرادة الشعب المنادي بالكرامة
المسلوبة والحرية دماء شهدائنا وفي مقدمتهم دماء سيد شهداء
سوريا حمزة الخطيب أمانة في أعناقكم للاحزاب ( حركتنا ليست ضد الأحزاب ولسنا
بحزب، حركتنا بوصلة للجميع ومسيرة بلا
انتهاء.. حدودا الهدف من خلال صوت اطفال
درعا وشقيقاتها ، جددوا خطابكم، عجلوا
فنحن والشعب نسير بلا توقف، وعن
الأحزاب التي مازالت في خيمة الجبهة
القومية والوطنية لعائلة الأسد....الم
يحن الأوان كي تعودوا لشعبكم قبل
خطابكم المساواتي. للجماعة العربية ودولها:- قدموا لنا كشفا
بالمطلوب من أطفال الذين يقتلون في
شوارعنا وأمهات يثكلن وأطفال يتيتمون
، اخبرونا أي نهر للدم المراق في شوارع
مدننا مطلوبة كي تتخذوا الموقف
وتتخندقوا مع شعبنا. للعالم ( إنهم يقتلون أطفال سوريا
والطفولة في وطني متهمة بالإرهاب
والسلفية وتحت هذا الغطاء السافر
يمزقون أشلاء الطفولة وهم أحياء
ويمثلون بجثمانهم وهم شهداء .. أيها
العالم نظام البعث يعبث بقرانا ومدننا و
يتحالفون مع قوى الظلام لقتل
شعبنا،فهل تتحالفون مع شعبنا ضد
الظلام. مطالب لن نسكت عنها نحن شباب الثورة ماضون حتى الرمق لحين
إسقاط عصابة قصر المهاجرين نظام
المقابر الجماعية , نظام الظلم
والتهميش والإقصاء نظام الحزب الواحد
والقائد الواحد والعائلة الواحدة ماضون في ثورتنا لحين إنشاء البديل
الديمقراطي ودولة القانون الذي يضمن
للجميع حقوقهم بما فيها الحقوق
القومية العادلة للكورد في دستور
ديمقراطي حضاري. نحن كل السوريين نصنع الحياة من الموت
شعارنا ننتصر أو ننتصر صامدون في وجه عصابة الوحش وشبيحتهم لحين
رحيلهم صامدون لحين تطهير البلاد من هؤلاء
المجرمين والفاسدين ومن رجسهم الذين
لاتربطهم بسورية أي علاقة وطنية
وأنتماء للوطن ========================= د. شملان يوسف العيسى تاريخ النشر: الأحد 05 يونيو 2011 الاتحاد "إن اهتمام تركيا بما يجري في سوريا
يختلف عن اهتمامها بما جرى في مصر أو
تونس، لأن الوضع بالنسبة لسوريا مختلف
تماماً، وتركيا تعتبر ما يجري في سوريا
مسألة تمس تركيا لأن سوريا دولة مجاورة
وهناك حدود ممتدة بمسافة 850 كليومتراً".
(رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا
2011/6/1). ويعود اهتمام تركيا بسوريا إلى اعتبارات
استراتيجية عديدة، وقد أوضح وزير
خارجية تركيا، أحمد داود أوغلو، في
كتابه "العمق الاستراتيجي"، أن
تركيا تسعى لإعادة تأسيس العلاقات
العربية التركية على أرضية عقلانية
تأخذ في الاعتبار الأوضاع العالمية
والإقليمية الجديدة في فترة تشهد
تحولات جادة في تركيا والدول العربية.
لذلك تركز تركيا في سياستها على منطقة
المشرق العربي، خصوصاً سوريا والعراق،
وتأتي بعدهما لبنان والأردن والسعودية
ومصر، فقد ألغيت تأشيرات الدخول بين
تركيا وكل من سوريا ولبنان والأردن. وتتعرض حكومة أردوغان إلى ضغوط محلية
ودولية داخل تركيا، ويأتي الضغط
الداخلي الأهم من قواعد "حزب
العدالة والتنمية" الإسلامي السني
الحاكم، حيث قادة الحزب بأن
الانتخابات القادمة قريباً في تركيا
تتطلب اتخاذ مواقف واضحة تجاه سوريا.
كما تتعرض حكومة أردوغان لانتقادات
قوية من قبل الصحافة اليسارية. أما
خارجياً فتأتي الضغوط من الاتحاد
الأوروبي وحلف شمال الأطلسي الذين
اتخذا مواقف متشددة من سوريا بسبب
معاملتها المتظاهرين المطالبين
بالحرية. هذا علاوة على أن تركيا لا
تريد أن ترى تكراراً للتجربة الليبية
على حدودها الجنوبية. لكن ما هي الخيارات المفتوحة أمام تركيا
اليوم؟ الخيار الأول هو الاستمرار في
دعم الحليف والشريك الاستراتيجي
القديم والمراهنة على مقدرة الأسد على
الخروج من الأزمة التي تعصف بنظامه،
لذلك حرص أردوغان على الاتصال به لحثه
على إجراء الإصلاحات المطلوبة، حيث
حثه مراراً على اتخاذ خطوات حاسمة
وشجاعة، وأكد أردوغان بأن الأسد أصدر
بعد يومين من هذا الاتصال قراراً
بالعفو العام عن السجناء السياسيين. الخيار الثاني هو خيار التغيير الذي
تمثله المعارضة السورية الواسعة، وقد
عقدت هذه المعارضة مؤتمرها في مدينة
انطاليا بجنوب تركيا، وواضح جداً بأن
تركيا تحاول إرضاء الحكومة السورية
والمعارضة في نفس الوقت لضمان مصالحها
في الجار القريب. تتمتع سوريا بتنوع قومي وديني وإثني
وثقافي، ففيها مسلمون ومسيحيون ودروز
وعلويون وأكراد وأقلية يهودية.. وتعدد
يفترض أن يعطي الحكومة السورية دفعة
قوية لتحقيق التنمية والتطور
الاقتصادي المطلوب، ركيزته حكم
ديمقراطي يضمن مصالح الجميع ولا يصادر
حرية أحد. فبشار عندما ورث الحكم عن
والده عام 2000 أعطى الوعود الكثيرة
بإطلاق الحريات والسماح بتعدد الأحزاب
وإلغاء حالة الطوارئ وفتح الاقتصاد
السوري، لكن هذه الوعود لم تتحقق،
وعندما طالب الشعب السوري بالإصلاحات
التي وعد بها الرئيس، استخدمت الحكومة
السورية الدبابات لاقتحام المدن وقطع
الكهرباء والماء والمواصلات، وقيل إنه
تم السماح للاستخبارات بقتل الأطفال
وتشويه جثثهم. أما من جانبها فقد أعلنت تركيا على لسان
وزير خارجيتها، بأنها كانت تتوقع
انطلاق عجلة الإصلاح قبل أشهر طويلة،
لكن الآن يصعب التأكد مما إذا كان
الأتراك، والسوريون أيضاً، سيستمرون
في المراهنة على قدرة الأسد على
الإمساك بزمام الأمور. ========================= الثورات تكشف العملاء
الحقيقيين للصهيونية! السبت, 04 حزيران 2011 20:58
د. فيصل القاسم السبيل لا شك أن الأنظمة العربية قدمت "لشيطانها
الصهيوني" خدمات جليلة يعجز عن
وصفها اللسان، ولا تقدر بأثمان بشهادة
علية القوم من العرب، هذا في الوقت
الذي كانت أبواقهم الإعلامية على مدى
عقود تكيل له اللعنات، وتقذفه بكل
أنواع الجمرات ربما كنوع من التغطية
على تواطئها وعمالتها له، وحتى لو لم
يكن التواطؤ مباشراً، فما الفائدة أن
تلعن الصهيونية ليل نهار في أبواقك
الإعلامية وأدبياتك السياسية، ثم تحقق
لها على أرض الواقع عملياً كل ما
تبتغيه من خلال سياساتك البائسة التي
تصب في نهاية النهار في مصلحة عدوك؟ إن معظم السياسات العربية بحق الشعوب
والأوطان تبدو وكأنها كانت مصممة
لخدمة إسرائيل بشكل مباشر أو غير
مباشر، فلا تغترّن بالحملات الإعلامية
العربية التي تهاجم الصهيونية صبح
مساء، فكثرة الشتائم ضد الدولة
العبرية لا تعني بالضرورة أن أنظمتنا
تناصبها العداء فعلاً. فهناك مثل صيني
جميل يقول: "إن الكلاب التي تنبح
كثيراً لا تعض". وبالتالي فقد تكون تلك الحملات ضد ما كنا
نسميه ب"الكيان الصهيوني" لذر
الرماد في العيون لا أكثر ولا أقل، إن
لم تكن لمجرد التغطية على الخدمات التي
تسديها بعض أنظمتنا "للعدو"
المزعوم وتمكينه في المنطقة. سمعنا قبل عقود كلاماً مفاده أن السياسات
التي تنتهجها معظم الدول العربية
هدفها بالدرجة الأولى تحطيم مجتمعاتها
وشعوبها وإبقائها في حالة تخلف وجمود
كي تظل إسرائيل الدولة الأولى في
المنطقة عسكرياً واقتصادياً
وتكنولوجياً وصناعياً وديمقراطياً،
لكننا كنا نعتبر مثل هذا الكلام مجرد
إشاعات مغرضة ومحاولات مشبوهة لتشويه
سمعة الأنظمة العربية والنيل من
وقوفها في وجه الأعداء، غير أن ما كنا
نظنه خيالاً مريضاً بدأ يظهر بمرور
السنين على أنه أقرب إلى الحقيقة منه
إلى الأوهام، والأمور دائماً
بخواتيمها. فالحال الذي آلت إليه معظم
مجتمعاتنا العربية من بؤس وتخلف
وانهيار وتدهور، وأدى إلى الثورات
الحالية، يؤكد تلك النظرية، فليس
المهم ما تقول بل ما تفعل. وما فعله
الكثير من الحكومات العربية خدم "العدو"
أكثر بكثير مما أضره، والأمثلة لا تعد
ولا تحصى. إن السياسات الشمولية والاستبدادية
العربية جعلت إسرائيل تبدو في عيون
العالم على أنها الديمقراطية المحترمة
الوحيدة في المنطقة العربية، فهي لم
تقم يوماً بقتل أحد مواطنيها اليهود،
ولم تنكل بعائلته، ولم تزج به في سجون
وزنازين تحت الأرض لا تليق بالحيوانات
الضارية لمجرد أنه ذم رئيس الدولة في
جلسة خاصة أو انتقد ارتفاع أسعار
البطاطا "القومية"، ولم تحرمه من
حقوقه الوطنية لأتفه الأسباب، ولم
تبعده خارج البلاد ولم تمنعه من العودة
إلى إسرائيل لأن أحد ضباط الأمن مستاء
منه، ولم تتفنن في إيذاء شعبها، ولم
تستخدم كل أجهزتها الأمنية والعسكرية
وكلابها البوليسية لإخضاع مواطنيها
وإهانتهم وإذلالهم وتعكير حياتهم
وإفسادهم وتدمير مدنهم وقراهم وتخريب
السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة
والفكر والحرث والزرع والضرع وتحويل
البلاد إلى مزرعة لحزب الليكود أو
العمل أو لأجهزتها القمعية. لقد كانت الصهيونية حريصة على كل يهودي في
العالم، وتعمل على حماية الإسرائيليين
حتى من النسيم العليل، ولا تألو جهداً
في البحث "بسراج وفتيلة" حتى في
مجاهل إفريقية عن كل من قال إن أصله
يهودي كي تجلبه إلى إسرائيل وترعاه. لم نسمع يوماً أن أجهزة الاستخبارات
الإسرائيلية قد أخذت على عاتقها تحويل
حياة الإسرائيليين إلى جحيم مقيم. صحيح
أنها عملت "السبعة وذمتها" خارج
البلاد، لكنها لم تقترف يوماً خطأً
بسيطاً بحق أي يهودي حتى لو كان
قاتلاً، فحتى الذي اغتال رابين يحظى
بمحاكمة قضائية مثالية. على العكس من
ذلك نجد أجهزة الاستخبارات في معظم
الدول العربية، العسكرية منها
والمدنية، تحقق كل انتصاراتها "التاريخية"
على المواطن العربي المسكين والذليل،
بحيث حولت الناس إلى ثلة من العبيد
والمتذللين، ولم نسمع يوماً أنها نفذت
عملية يُعتد بها خارج أسوار الوطن
المطوّب باسمها. وكلنا يعلم أن العبيد
لم يحرروا يوماً أرضاً محتلة، ولم
يبنوا مجتمعاً قوياً ولا حضارة. عجباً
كيف تحارب أعداءك بشعوب مقهورة
ومجتمعات مخرّبة ومتخلفة ونفوس
منهارة؟ من الواضح أن الذي يتصرف مع
شعبه بهذه الطريقة ليس عدواً
للصهيونية، بل أكبر خادم لها وهي سعيدة
بأمثاله، إن لم يكن موضوعاً في منصبه
لتحقيق غايات الأعداء أصلاً، فمحاربة
أقوى حركة في العالم الآن تتطلب سياسات
وتصرفات غير التي نراها في هذا البلد
العربي أو ذاك على مدى عقود. لا أحد يستطيع أن ينكر أن الحركة
الصهيونية تعتبر أخطر وأقوى حركة
شهدها القرن العشرون، لكن ماذا فعل
أعداؤها من العرب؟ بدلاً من أن يباروها
في الإنجازات الاقتصادية والإعلامية
الهائلة راحوا يدمرون مجتمعاتهم بشكل
منظم كي يجعلوها في نهاية المطاف لقمة
سائغة في فم الصهيونية التي يزعمون
أنهم يناصبونها العداء. وبدلاً من خلق
مجتمعات صناعية وتكنولوجية
واقتصاديات حديثة لمنافسة التطور
الصهيوني الخطير فقد حولوا بلدانهم
إلى "سكراب" اقتصادي وعسكري
وسياسي، فعادوا بالسياسة إلى عهد
معاوية ويزيد والحجاج بدلاً من
عصرنتها، وبدلاً من تكوين جيوش تنافس
جيش الاحتلال الإسرائيلي حولوا الجيوش
إلى مطايا للقمع والإرهاب الداخلي
وبؤر للاسترزاق، فتحول الضباط إلى
تجار ومتعهدين وأصحاب أرزاق وقصور
منيفة وسيارات فارهة، كما لو أنهم
يطمئنون العدو بأن ينام قرير العين،
فيما غدا الجنود المساكين عبارة عن
أقنان مستعبدين، إذ يُحكى أن أحد وزراء
الدفاع العرب زار ذات مرة فيلقاً
عسكرياً، فسأل الجنود عن احتياجاتهم
فقالوا له: "إنهم لا يحصلون على ما
يكفي من الطعام، وإن بعضهم يعاني من
سوء تغذية، وإن ثكناتهم أقرب إلى حظائر
الأبقار"، فرد الوزير: "وما
المطلوب إذن؟"، فأجاب الجنود: "نريد
جملاً". فسأل الوزير: "أليس الجمل
أكبر بكثير من أن يتناوله عدد من
الجنود في وجبة واحدة"، فأجاب
الجنود: "نحن يا سيادة الوزير نطالب
بالجمل لأننا على يقين بأنه لن يصلنا
منه بعد الذبح إلا أذنه". وكذلك
الأمر طبعاً لبقية الشعب الذي لم يرم
له جلادوه وجلاوزته سوى الفتات، بينما
استأثروا هم بالقسم الأعظم من إجمالي
الناتج القومي، أو بالأحرى بالقمح
والزيوان. هل كانت إسرائيل تريد منكم غير أن تعاملوا
شعوبكم كالأنعام، وتسوموها سوء
العذاب، وتقمعوها، وترهبوها،
وتدوسوها، وتجوعوها، وتحاربوها بلقمة
عيشها، وتحولوا الأوطان إلى مزارع
خاصة؟ آه لو كان لديك ذرة عرفان
بالجميل أيتها الصهيونية لشيدتي
تماثيل من ذهب مرصعة بالألماس
والأحجار الكريمة لمعظم الأنظمة
العربية التي زعمت يوماً أنها ناصبتك
العداء، ووضعتيها في كل الساحات
والميادين الإسرائيلية إكراماً لها
على خدمتك، فهي التي مكنتك، وجعلتك
تتربعين فوق عرش الشرق الأوسط، بينما
ما زالت مجتمعاتنا، حسب كل تقارير
التنمية البشرية الدولية، تعيش في
غياهب القرون الوسطى تربوياً وصناعياً
وتكنولوجياً وسياسياً. آه كم هي مضحكة
بعض المزاعم العربية التي تعزو تأخرنا
"للعدو الصهيوني"! ألم يحذر
القذافي وأمثاله عندما أوشكوا على
السقوط تحت ضغط الثورات المباركة من أن
سقوطهم سيؤثر على استقرار وأمن
إسرائيل، وكأنهم يؤكدون النظرية
القائلة إن تلك الأنظمة البائسة لم تكن
لتستمر كل هذه العقود لولا خدماتها "التاريخية"
العظيمة للصهاينة؟ آه كم أنت ناكرة
للجميل أيتها الصهيونية!! ========================= من مرحلة الديكتاتورية
إلى مرحلة الإجرام الأحد, 05 يونيو 2011 خالد الحروب * الحياة ما يحدث من سفك لدماء الأبرياء ودكّ للمدن
بالدبابات في ليبيا وسورية واليمن
ينقل توصيف السلطات الاستبدادية فيها
من مرحلة الدكتاتورية الصارخة إلى
الإجرام الدموي. الاستبداد
والدكتاتوريات لها سمات يمكن تعريفها
بها، ويمكن توقع سلوكها عبرها، إذ يقوم
جوهرها على الحفاظ على الوضع القائم (الشعب
والنظام والبلد) والتمترس به والتربع
على رأس السلطة فيه. عندما تنتقل هذه
الدكتاتوريات إلى تحطيم شعوبها،
وبلدانها، وإراقة الدماء بلا هوادة،
ودفعها إلى حرائق الحروب الأهلية
فإنها تقفز إلى أقصى مراحل الطغيان:
إلى الإجرام العاري الذي لا هدف له سوى
الانتقام واستدعاء الطوفان. ليس الانتقال من مرحلة الدكتاتورية إلى
مرحلة الإجرام بجديد في تاريخ
البشرية، هذا مع اندراجها في منحنى
متناقص الشواهد في الزمن الراهن بسبب
ليّ ذراع الحكام الذي وفره التقدم في
وسائل السياسة الجماعية والإعلام
والتضامن العالمي وانتقال مفاهيم
الحداثة والحرية السياسية. تاريخ
البشرية يعج بأفواج الطغاة
والدكتاتوريين في كل الحقب ممن
تنافسوا على إبقاء أسمائهم «حية»
كنماذج في البشاعة وفي انحطاط شريحة من
الحكام إلى مراتب مدهشة في قمع شعوبهم
والتحكم بها. بيد أن أعلى مرتبة من
مراتب الدكتاتورية تتمثل في الإجرام
العاري حيث تصل درجة سفك الدم بنيّة
وقصد وعبر تبني أساليب وسياسات تعجز
التحليلات التقليدية التي تحوم حول حب
السلطة والتمسك بها عن تفسيرها. التشبث
بالحكم و «حب الرياسة» ترافقا ونشوء
التجمعات الإنسانية من فجر التاريخ،
وصراعات البشر في ما بينهم، والحروب،
والمصالحات، والتآمر، والمناورات،
وشطر كبير من التسيس الإنساني دار
وتناسل عن جذر الصراع على السلطة.
يُفهم ذلك كله من منظور الواقعية
السياسية الفجة، وهي التي اختزلتها
المقولة المريرة في التاريخ العربي
والإسلامي التي قررت «أن الحكم عقيم». أحد الأمثلة التاريخية التي ظلت «حية»
دوماً ودالّة على وحشية الانتقال من
الدكتاتورية إلى الوحشية تجسد في
الإمبراطور الروماني نيرون في القرن
الأول الميلادي، وهو الإمبراطور الذي
اشتهر بإحراقه روما عاصمة إمبراطوريته.
نيرون الذي بدأ حكمه مراهقاً
ودكتاتوراً «عادياً» سرعان ما استبد
به جنون العظمة وتحول إلى مجرم حقيقي
سام شعبه وأهل روما بالذات كل أنواع
العذاب. تلذذ نيرون بممارسة القتل
يميناً ويساراً ولم يفلت من سيفه
الجزار أقرب المقربين إليه بمن فيهم
أمه وزوجته ومعلمه الكبير الذي عمل
طويلاً على لجم نزوات الإجرام فيه إلى
أن انفلتت ولم تبقِ على أحد. لم يكتفِ
نيرون بالقتل الفردي بل بلغ ذروة
السادية الجماعية والتلذذ بالإبادة في
إحراقه روما والآلاف من سكانها، فيما
ربض على برج عال يراقب شواء اللحم
البشري واختناق الناس وهو يقرأ الشعر
ويدندن غير عابئ. اكتشف كثيرون منا «نيرون» عندما كنا نقرأ
ونحن في عمر اليفاعة قصائد محمود درويش
في ديوان «أوراق الزيتون» (الصادر عام
1964) وفيه قصيدة تمجد بسالة وصمود «إنسان
ما». في تلك القصيدة وفي معرض تحريضه
للمعذبين بأن يصمدوا، تغنى درويش في
مقطع منها ببقاء روما وفناء نيرون الذي
أحرقها، ببقاء الناس وروحهم وفناء
الطاغية الذي عذبهم. درويش قال: «يا
دامي العينين والكفين، إن الليل زائل،
لا غرفة التوقيف باقية ولا زرد
السلاسل، نيرون مات ولم تمت روما
بعينيها تقاتل، وحبوب سنبلة تجف ستملأ
الوادي سنابل». كثيرون منا، وفي عمر
فتي، تعرفوا على نيرون المجرم كأسطورة
في تاريخ سحيق وجغرافيا بعيدة، وما خطر
في بالنا أن نعيش اليوم الذي نرى فيه
سباقاً محموماً بين «نيرونات» حكام
عرب للظفر بلقب التفوق «النيروني» عبر
سحق الشعوب وتدمير الأوطان. كنا نغني
لحياة روما وعيننا على انبعاث فلسطين،
وكان نيرون بالنسبة إلينا هو الرمز
المباشر والمؤشر على الحركة الصهيونية
وسحقها للشعب الفلسطيني وتهجيرها له. اليوم تفجعنا حالة مختلفة تماماً إذ
يحاصر «نيرونات» العرب مدناً صامدة
عصية على الاحتراق وترفض أن تفنى في
ليبيا وسورية واليمن. إذا كان نيرون
روما قد أراد حرقها بأساليب النار
التقليدية، فإن «نيرونات» العرب
يريدون إحراق عواصم شعوبهم وبلدانهم
بنار الدبابات والمدفعية والطائرات.
روما التي احترقت عادت إلى الحياة، أما
نيرون فقد انتفض ضده الشعب وطارده إلى
أن ألقي القبض عليه وقطّعه جنوده
بسيوفهم كما قيل، أو إلى أن قتل نفسه
كما قيل في رواية أخرى. لم تكن ثمة
نهاية متوقعة لنيرون روما غير تلك التي
واجهها. والدرس الذي أبقاه خلفه لجحافل
الطغاة من بعده رسم حداً باهتاً بين
الدكتاتورية والإجرام. الدكتاتور يقمع
شعبه لكنه يبقي على خطوط رجعة أو في
أقصى الظروف وأسوأها يترك لنفسه
مهرباً آمناً. الدكتاتور المتحول إلى
نيرون مجرم يفقد كل ما له علاقة
بالعقلانية ويتحول إلى وحش ينهش ويقتل
وحسب، غير عابئ بانسداد أي أفق من آفاق
الظفر أمامه. هو ببساطة يعمى أو يتعامى
عن السؤال المسطح والمباشر الذي ينتصب
أمام مرأى الجميع ويقول له: ماذا ستفعل
بنصرك العسكري لو انتصرت وأعلنت صرخة
الظفر على حطام الجثث والبلد الذي
دمرته؟ ما هو شكل «النصر» الذي يمكن أن
يحققه أي من «نيرونات» العرب أمام
شعبه، وأمام العالم، وهو ملاحق بقضايا
لا أول لها ولا آخر. رأينا كيف تساقطت كل الشرعيات المزعومة
عن أكتاف هذا النيرون أو ذاك، ورأينا
خواء شعارات الاعتياش السلطوي
والانتهازية السياسية سواء كانت
مقاومة إمبريالية أو ممانعة أو وحدة أو
سواها. ورأينا كيف انتصبت على بقايا
تلك الشعارات المتهاوية تهديدات الطحن
الجماعي للشعوب، إما بإبادة كل ما
يعارض أنظمة النيرون، أو بإعادتها إلى
مكوناتها الإثنية والدينية والطائفية
المتصارعة، أو بتقسيمها جغرافياً
وإقليمياً. شهدنا كيف أن نيرون طرابلس
وابنه هددا الشعب بأن تقسيم ليبيا إلى
أجزاء ومحميات، وقبليات متحاربة سيكون
هو نتيجة التضحية بالقائد الملهم.
وشهدنا كيف أن الرئيس السوري وأجهزة
أمنه تخيف الناس من مواصلة الثورة و «الانزلاق
إلى المجهول». ثم شهدنا مؤخراً كيف أن
حاكم صنعاء هدد بترك اليمن حطاماً
مقسماً ومحترباً كما وجده يوم استلم
الحكم، بحد زعمه. كل أنواع الدكتاتوريات مرفوض جملة
وتفصيلاً ومن دون أي تحفظ كان وليس
فيها أي صنف حميد. لكن البشرية والشعوب
تعاملت مع واقع دكتاتوريات مختلفة بل
وتعايشت معها في كثير من الأحيان
وللطويل من الأوقات. ما لم تصبر عليه
البشرية والشعوب معاً أبداً هو انتقال
الدكتاتورية إلى مرحلة الإجرام. عند
هذه اللحظة يصل الناس، أفراداً
ومجموعات، إلى درجة مدهشة من التضحية
بالنفس، ويكتسبون جرأة خارقة في
مواجهة آلة البطش والقمع الإجرامي،
لأن الموت بكرامة يتجاوز كل خطوط
الحياة بمذلة. وعندما يتم الانتقال إلى
مرحلة «نيرون» عند كل حكم ديكتاتوري
فإن الجميع يصل إلى نقطة اللاعودة،
تحرق كل السفن، وتقطع كل خطوط الرجعة،
وتتجه بوصلة النهاية إلى حيث اتجهت
بوصلة «نيرون» الأول، فلا بوصلة غيرها. * محاضر وأكاديمي - جامعة
كامبردج، بريطانيا =========================== جابر حبيب جابر الشرق الاوسط 5-6-2011 عندما يصرخ المتظاهرون في البلدان
العربية: «سلمية.. سلمية»، فإنهم
يعبرون عن وعي وإدراك جيدين بأن ما
يحمي احتجاجاتهم ومظاهراتهم هو
سلميتها. المتظاهرون العرب يتعاملون
مع أنظمة جهزت أنفسها للتمرد العنيف،
بنت أجهزة أمنها لإخماد عصيانات مسلحة
وقمع معارضات سرية، أنظمة افترضت أنها
في حالة حرب غير معلنة مع شعوبها،
وجهزت نفسها بالتالي لخوض هذه الحرب. «سلمية..
سلمية»، هو شعار بمثابة إعلان هدنة من
الشعب ينطوي على تعويل بأن هنالك قدرا
من الحكمة مهما كان ضئيلا قد تبقى في
قلوب الحاكمين، فتدفعهم سلمية
الاحتجاج إلى التفكر مرتين قبل
استخدام الرد الوحيد الذي يعرفونه:
العنف. في السابق كانت أي معارضة جدية وليس
ديكورية في المنطقة لا تستطيع أن تجد
فرصة للحياة إن لم تكن قد أعدت نفسها
للمواجهة المسلحة. لم تكن هنالك قنوات
فضائية لتنقل الاحتجاجات إلى العالم
وبالتالي تفرض ضغطا أخلاقيا على
المنظمات الدولية وبعض القادة لاتخاذ
إجراءات معينة، ولم يكن هنالك إنترنت
أو شبكات للتواصل الاجتماعي يمكنها أن
تسمح لكلمة بعض الناشطين بالانتشار
إلى عشرات الألوف من مواطنيهم حاملة
موعد ومكان التظاهر بلا حاجة إلى عقد
اجتماعات سرية. في العراق السابق، مر
وقت على بغداد كان فيه تجمع ثلاثة
أشخاص أو أكثر في مكان عام يمكن أن يوصف
بأنه تجمع غير قانوني وقد يستدعي تدخلا
من الأمن إن كان لديهم شك في واحد من
هؤلاء الأشخاص. اليوم لا يستطيع أي
نظام أن يمنع تواصل آلاف الأشخاص عبر
الإنترنت، فالفضاء الافتراضي عوض عن
الحاجة إلى التجمع، كما لا يستطيع
النظام زج كل من يفتح حسابا على «فيس
بوك» في السجن، لأنه في هذا العالم
الافتراضي صار بإمكان الناس أن
يختبئوا خلف أسماء مستعارة في الوقت
الذي لا تستطيع فيه أجهزة الأمن على
ضخامتها الانصراف إلى قراءة كل تعليق
أو خبر يكتب على الإنترنت وتتبع صاحبه. مع ذلك، يظل الاحتجاج في حاجة للانتقال
إلى الفضاء الفيزيائي من أجل أن يصبح
حقيقة. كانت الأنظمة قد أعدت أجهزة
مخابراتها لمواجهة التمردات المحتملة
قبل وقوعها، والكثير من هذه التمردات
أو الانقلابات قتلت في مهدها بفعل
اختراق بعض الخلايا المخططة لها. أما
اليوم فإن الأنظمة في مواجهة شيء مختلف
لا يحتاج الناس معه إلى تشكيل خلايا
سرية وعقد اجتماعات قابلة للاختراق،
بل هم يتوافدون فجأة على مكان المظاهرة
ليعبروا عن الاحتجاج. قوة هذا الاحتجاج في أنه لا يلعب وفق
القوانين الأمنية المعتادة لدى
الأنظمة، ولا يقدم نفسه كتمرد لخلايا
سرية تبغي الاستحواذ على السلطة
بالعنف، قوته تكمن في علنيته، في قدرته
على جذب كاميرات التلفزيون وتغطية
الصحافة، وبالتالي تشجيع من كان
مترددا على كسر حاجز الخوف والخروج إلى
الشارع. شعار «سلمية.. سلمية»، هو جزء
من اللعبة الجديدة، حيث المحتجون
يضعون الأنظمة أمام خيار تغيير سلوكها
مع تغير قواعد اللعبة، بينما اللجوء
إلى العنف لا يقدم لهذه الأنظمة سوى
انتصار مزيف ومؤقت، لأنه مع سقوط مزيد
من الضحايا يزداد السخط الشعبي وتتعرى
الأنظمة أكثر أمام أولئك الذين ما
زالوا خائفين أو مترددين، في الوقت
الذي يجذب فيه هذا الشعار تعاطفا
خارجيا أكبر. لذلك فإن تلك الأنظمة لا تريدها سلمية، بل
تفضلها عنيفة ودموية. هي تريد أن تخوض
المباراة بقوانينها، وأن تنزل إلى
الملعب بفريقها المجهز لتلك المباراة.
العنف يرفع عن المتظاهرين الحصانة
الأخلاقية التي تحميهم ويؤدي قبل كل
شيء إلى إخلاء الشوارع من الناس وتركها
لمن يحمل السلاح ويطلق الرصاص. العنف
يحجب الكاميرات، ويشوش الصورة، ويقود
الصراع إلى ساحة السرية حيث الملثمون
ومجهولو الهوية الذين يرفعون البندقية
بدلا من «اليافطة»، ويشدون أحزمة
الرصاص بدلا من الإعلام. المواجهة مع
تمرد عنيف هي ما تدربت عليه هذه
الأنظمة طويلا، الصدام العسكري هو
لصالحها لأنها أنشأت جيوشا من الأجهزة
الأمنية والاستخبارات والقوات الخاصة
لمثل هذه المناسبات.. من هنا المراهنة
على «القاعدة»، وعلى المتعصبين
الدينيين، وعلى كل أنواع العصابات
التي تشرع العنف ولا تتردد عن اللجوء
إليه، وهذه الجماعات إن لم تكن موجودة
تتم صناعتها. إنها الوسيلة المثلى
لتخريب الاحتجاج ولتفريق المحتجين
ولتحقيق رغبة الأنظمة في ألا يكون
الصراع سلميا. لذلك ليس هنالك من مخرج سوى مقاومة رغبة
الأنظمة في اللجوء إلى العنف،
والإصرار على سلمية الاحتجاج حتى
بمواجهة رصاص رجال الأمن والمرتزقة
والميليشيات شبه الحكومية. النزول إلى
لعبة الأنظمة وخوض المباراة وفق
قوانينها قد يخلط الأوراق ويجعل
التغيير أكثر صعوبة، كما أن طبيعته
ستكون مغايرة تماما لتغيير يأتي عن
طريق الاحتجاج السلمي. الاحتكام
للميليشيات، وعسكرة الاحتجاج سيهمش
صوت المجتمع المدني الذي قاد
الاحتجاجات في معظم البلدان التي
شهدتها، وسيدفع إلى الواجهة بحملة
السلاح من المقاتلين وزعمائهم من
أمراء القتال، وستحل التوازنات
العسكرية وتكتيكاتها، محل التحركات
المدنية والمظاهرات. في ليبيا تم إيقاف
تفوق قوات النظام عبر تدخل «الناتو»،
لكن هذا التدخل لن يكون ممكنا في كل
مكان، وهو وإن أوقف نجاح القذافي
وقواته في استعادة السيطرة على
البلاد، فإنه لم يحل الإشكالية
الناتجة عن مواجهة عسكرية بين أبناء
البلد الواحد تأخذ تدريجيا في تعميق
الشروخ الاجتماعية، وقد تنتهي إلى حرب
أهلية طويلة، أو تقسيم. بالطبع ليس الأمر دائما في يد
المتظاهرين، والخيار السلمي قد يكون
مكلفا جدا، لا سيما عندما تغيب
الكاميرات والتغطية الصحافية، لكن
حيثما كان هذا الخيار قائما، ولو بشروط
صعبة، فإنه يظل أفضل من العنف، وقوته
تكمن في علنيته التي ستسهم دائما في
كسر حاجز الخوف والحفاظ على الطابع
الشعبي والجماهيري للاحتجاج. نحن
نتعامل مع أنظمة ظل رموزها لسنوات
طويلة ينامون ومسدساتهم إلى جانب
وساداتهم، ليس أيسر عليهم من الضغط على
الزناد، فتلك هي ردة الفعل الوحيدة
التي يجيدونها في مواجهة خطر يتهددهم.
لذلك لا بد دائما من مفاجأتهم عبر خطر
من نوع آخر لم يعدوا العدة له ولم
يدربوا أجهزتهم على مواجهته. التغيير
الذي تصنعه ثورة سلمية أقدر على إنتاج
واقع أفضل في المستقبل، لأن المجتمع
يدخل المرحلة الجديدة بانقسام أقل
وبجروح غير غائرة. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |