ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
J
الإثنين, 06 يونيو 2011 ميسر الشمري الحياة أجمل شعار رفع في الثورة السورية، هو
الشعار الذي رفعه أهالي كفر نبل في
محافظة أدلب، وجاء فيه: «اللهم فك عقدة
لسان جامعة الدول العربية الخرساء»،
ولي أن أضيف إلى هذا الشعار «اللهم فك
عقدة لسان بعض الكتاب العرب الذين
تجاهلت أقلامهم قتلة الأطفال والنساء».الاتحاد
الأوروبي - وهو على الضفة الأخرى من
البحر الأبيض المتوسط - اتخذ موقفاً
متقدماً من الثورة في سورية، وكذلك
فعلت الولايات المتحدة، بينما جامعة
الدول العربية ما زالت تدفن رأسها في
الرمل وتغمض عينيها عن الأطفال الذين
قُتلوا في درعا ودوما وحمص، وهي أغمضت
عينيها في وقت سابق عن مذبحة النساء في
بانياس. شباب سورية كسروا حاجز الخوف
وهم يواجهون القتل، بينما الجامعة
العربية – التي يفترض فيها أن تنتصر
للشعوب - ما زالت خائفة من الدعوة
لاجتماع على مستوى المندوبين لبحث
الوضع في سورية. هذا أمر مخجل وأستطيع
أن اعتبره وصمة عار في تاريخ جامعة
الدول العربية. سعدنا – كمواطنين – عندما تنادى وزراء
الخارجية العرب لاجتماع طارئ في
القاهرة ودانوا خلاله نظام القذافي
ودعوا مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة إلى فرض منطقة حظر للطيران فوق
ليبيا، وهو ما رفع معنويات الثوار في
ليبيا وحد كثيراً من قدرة كتائب
القذافي على التحرك على الأرض، لكن هذه
السعادة التي انتابتنا سرعان ما تلاشت
أمام الصمت المُخزي الذي مارسته جامعة
الدول العربية بشأن ثورة السوريين. إذا كان الأمين العام السابق عمرو موسى
انشغل بترتيب أوراق ترشحه لرئاسة
الجمهورية في مصر في شهر أيلول (سبتمبر)
المقبل، فما الذي يمنع الأمين الجديد
نبيل العربي من ممارسة دوره، ليس في
حشد رأي عربي رسمي ضد القمع وقتل
الأطفال والنساء في سورية فحسب، بل
بطرد مندوب سورية في الجامعة، أو تعليق
عضوية النظام السوري، وهذا أضعف
الإيمان. ليس هناك ما هو أبشع من السكوت
على قتل المدنيين العزل، وإذا كنت
أستطيع أن أبرر الصمت الرسمي العربي
بالخوف من تبعات أي قرار يتخذ ضد دمشق
في هذا الوقت، فإنني لا أجد مبرراً
لبعض الكتاب العرب الذين «دوخونا
السبع دوخات»، وهم يتحدثون عن الحرية
والديموقراطية وأنهم بحكم عيشهم في
المهجر أصبحوا أكثر استقلالية من كتاب
الداخل، بينما الواقع أن كتاباً في
الداخل أصبحوا أكثر جرأة واستقلالية
من كتاب المهجر وانحازوا للثورة في
سورية. هناك كتاب عرب كبار ويحملون أكثر من جنسية
غربية، كافية لحمايتهم من بطش مخابرات
أي دولة عربية، لكنهم ما زالوا يراوحون
مكانهم في اتخاذ الموقف الصحيح، ليس من
الثورة السورية فحسب، بل من جميع
الثورات العربية، باستثناء موقفهم
المعلن من معمر القذافي، لأنه رجل لا
صديق له ولا يدعو الكتاب العرب ويغدق
عليهم ساعات الرولكس والمجوهرات. موقف بعض الكتاب العرب من الثورة السورية
وتجاهلهم لها وعدم إدانة قتل الأطفال
والنساء، أبشع من موقف جامعة الدول
العربية التي تدفن رأسها في الرمل كلما
وقعت محنة لأحد الشعوب العربية،
وكأنها جامعة أنشئت لحماية الأنظمة لا
الشعوب، تماما كما يفعل بعض الكتاب
العرب فهم في بداية كل ثورة يلتزمون
الصمت، وبعد أن تستعر الميادين
بالمتظاهرين والثوار يبدأون يكتبون عن
اللقاءات السابقة مع الرئيس المطالب
بالرحيل، ولما تشتد الثورة يكتبون عن
الفاسدين حول الرئيس، لكنهم لا يكتبون
عن فساد الرئيس إلا بعد سقوطه، خوفاً
من أن يفتح وزير إعلامه عليهم أجهزته
الإعلامية ويبدأ ينشر التسجيلات
الخاصة ونوعية الهدايا والرشى وربما
التجسس لمصلحة الرئيس لدى دول أخرى. هذا النوع من الكتاب لا أحد يستطيع تشخيص
مرضه، لكن الزميل محمد بن عبداللطيف آل
الشيخ تمكن وبحرفية عالية من وصفهم
بدقة وتحديد هوياتهم الفكرية والنفسية
في مقال له قبل أسابيع جاء بعنوان: «ملهي
الرعيان وأبو حقب»، وكنت كتبت عنهم قبل
نحو سنة مقالاً بعنوان: «العيال كبرت»
وطالبتهم بالكف عن التطاول علينا
والمزايدة على مواقفنا الوطنية. ================= الشرق القطرية خالد هنداوي 6-6-2011 النظام السورى يسير على خطى القذافى
وصالح فى قمع المتظاهرين يعجز المرء حقاً أن يعبر ويبين عما يحدث
اليوم في وطننا الغالي سوريا من جرائم
يندى لها جبين الإنسانية جمعاء وكلما
ظننا أن سيول الدماء قد تتوقف يخوننا
الظن لينقلنا إلى اليقين أنه إذا عرف
السبب بطل العجب، فما جرى قبل ثلاثة
أيام في جمعة أطفال الحرية من قمع وحشي
للمتظاهرين الذين امتدوا هذه المرة
ليشملوا البلاد بطولها وعرضها وفي كل
بؤرة انتصار الاستشهاد الطفل التاريخي
في أيامنا هذه حمزة علي الخطيب وغيره
واستنكاراً لما حدث له من قتل همجي
وتعذيب ساديّ وتمثيل وصل إلى كسر عنق
الرقبة وقطع عضوه التناسلي.. مما لا
يخطر على بال إنسان لفتى حدث لم يزد
عمره على ثلاثة عشر ربيعا والذي يتبادر
إلى الذهن هو ما الذي استفزهم به حتى
فعلوا ما فعلوا أو أننا يجب ألا نسأل
هذا السؤال فإنه إذا عرف السبب كما
قلنا بطل العجب فإن قوما تربوا من
صغرهم على الحقد الدفين وإيذاء الآخر
بأشنع الأساليب لا يستغرب أن يصدر منهم
مثل هذه البشائع فكل إناء ينضح بالذي
فيه نعم لقد هب أسود سوريا بقلوبهم
وحناجرهم ومشاعرهم ولم يأبهوا
لتهديدات القتلة ونيرانهم الجبانة
ولقد كانت التظاهرات أكثر امتدادا
واحتدادا واشتدادا هذه الجمعة في
مدينة حماة الشهيدة منذ مجزرتها
الأولى في القرن الماضي عام 1982 فبلغت
الأعداد الثائرة سلميا ضد آلات القمع
الأسدي أكثر من مائة ألف، نعم هذا هو
الصحيح وليس كما قيل: خمسون ألفا أو
يزيد فلقد حدث التبيّن من ذلك تماما
وبينما الحناجر والمشاعر تهتف بسقوط
النظام المتآمر على شعبه والذي فقد
شرعيته بإهدار أو لقطرة دم ترصد
القناصة الجبناء ووقف الشبيحة الأجراء
المجرمون وانهالوا بالرصاص الحي على
المتظاهرين فقتلوا أكثر من مائة شهيد
من الشباب الطاهر المسالم وصبوا جام
حقدهم على أهل هذه البلدة الطيبة
الأبية لما حملوه من غل قديم كان قد
تعاطى حافظ الأسد معه بإجراء البلد
نهرا من الدم حتى احمر ماء نهر العاصي
وقتل ثمانية وثلاثين ألفا من الأحرار
والأبرياء على مدى سبعة وعشرين يوما
على ما أقر به رفعت الأسد شقيق حافظ
الذي كان قد تولى تنفيذ العملية
الوحشية بقرار أخيه وهذا الخبر كانت
جريدة الإندبندنت البريطانية ذكرته
نقلا عن رفعت نفسه ثم على تقدير منظمات
حقوق الإنسان فقد قُتل أربعون ألفا
بينما كان العدد على تقدير روبيرت فيسك
الذي زار البلد بعد انتهاء الأحداث
عشرة آلاف وعلى أية حال فإنها مجازر لا
يمكن أن تمحى ندوبها من قلوب أهل حماة،
هذه المدينة التي هدم ثلثها وهدمت
كنائسها الأربع وستة وستون مسجدا فيها
بالقصف المدفعي الذي تم بعد تطويق
المدينة من كل الجهات، فحدث ولا حرج عن
الأهوال الجسام التي تمت فيها ثم فقد
أكثر من سبعة عشر ألفا لا يدري أين هم
وهاجر منها إثر ذلك أكثر من مائة ألف
إلى بلاد الله الواسعة، وهكذا يريد
بشار الابن البار لوالده أن يكون سر
أبيه وكيف لا وهو الذي صرح للإعلام أنه
مستعد أن ينجز كالذي أنجزه والده في
حماة ألا بئس ما تنجزون يا أيها
السفاحون الدمويون، من كان يتوقع أن
تدك مدينة حماة التي يكتب عنها
الجغرافيون أنها أقدم مدن العالم كما
أن دمشق هي أقدم عواصم العالم، لو
رأيتم كيف تحولت آثار الرومان الضخمة
الهائلة التي تطل على نهر العاصي
الجميل خرابا يبابا لعلمتم فداحة
المأساة ولو عرفتم ماذا شكا هذا النهر
لأخيه بردى دمشق وما حل أيضا بأهلها
ويحل اليوم خاصة في متظاهري الميدان في
جامع الحسن وفي أحياء وأرياف دمشق
لأدركتم أن فاقد السلام والمحبة لشعبه
لا يعطيها أبداً وأن الذي حكم ويحكم
ابنه الوريث بالنار والدمار لن يمحو
التاريخ صفحاتهما ومن لف لفهما من
العار والشنار.. يا شام فؤادي محترق هل لي من نبع الفيجة ماء ولظى الحرمان شوى كبدي هل من عين الخضرة أفياء بردى والعاصي هل وقفا من عين الحب همت بسخاء أم أنهما حقا جريا من أجساد الشهداء دماء هذه المدينة الساحرة حماة كيف حولها
الحقدة الموتورون إلى ما آلت إليه ويا
ليت الشاعر محمد الصافي النجفي رحمه
الله كان حيا ليرى ما دهاها إذ هو الذي
كان يتعشقها من بين آلاف الشعراء: هذي حماة مدينة سحرية وأنا امرؤ بجمالها مسحور أنى اتجهت فجنة وخمائل أو أين سرت فأنهر وجسور ويا ليت الأيوبيين وقد كانت مملكتهم التي
نشأوا فيها ويا ليت أسامة بن منقذ ينظر
إلى ما نكبت به ليبكي دما كما تبكي
النواعير التي عرفت أيضا حماة بها
ويبكي صلاح الدين.. أم النواعير لا نابتك أخطار ولا تمادى على الأحرار فجار وأبعد الله عنك الشر من عصب شبوا على الحقد بئس الإثم والعار نوحي نواعيرنا الثكلى فقد قطعت من البساتين حول النهر أزهار إن الذين يقتلون اليوم هم الذين قتلوا أمس
وكلاهما يرفعون شعار الصمود والتصدي
والمقاومة والممانعة وهم هم في
الحقيقة حماة إسرائيل الحقيقيون وإنما
يوفرون جيوشهم لنزال شعبهم لا غير
والوقائع أكبر الأدلة ولأنه كما قال
عبدالرحمن الكواكبي في كتابه طبائع
الاستبداد إن الاستبداد والمقاومة لا
يجتمعان أبدا، حقا كيف تكون مستبدا
بشعبك ثم تكون مقاوما لعدوك فلا الأب
استطاع ولا الابن أن ينشرا الحرية في
سورية ولا هما استطاعا أن يحررا شبرا
من الجولان المحتل فأي حرية يدعون وأي
صمود ومقاومة يتشدقون بها ثم أي عروبة
يزعمون وقد رهنوها بالتحالف مع
الشعوبيين أهكذا تصاب دمشق قلب
العروبة وعاصمة الأمويين، ثم أين
الاشتراكية التي تدعونها وقد سحقتم
الطبقة الوسطى في سوريا وهي التي تمثل
سواد الشعب، أين الحرية التي تزعمون
وتهتفون بها في وسط شعاركم وحدة حرية
اشتراكية، أليست حرية السجون والمجازر
التي اعتدتم عليها حتى أصبحتم تستلذون
بها وتتمتعون وكما قال رولان: أيتها
الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك وهو
ما أكده الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو:
إن قوما يسفكون دماء خصومهم وشعوبهم
باسم الحرية مع أنه لا تلازم البتة بين
حرية الرأي والعنف، ثم يأتون
ليتفيهقوا علينا أنهم هم وحدهم الذين
يفهمون الحرية! يا عجبا من صبر هؤلاء المتظاهرين على
آلامكم المصبوبة عليهم في كل مكان سوري
خاصة اليوم في حماة الشهيدة وجسر
الشفور حيث قتل ستة وثلاثون شهيدا
وأطلقت الطائرات المروحية حممها من
الجو عليهم كأنك في حرب مع بني صهيون
استغفر الله فهم أصدقاء في النهاية لأن
النظام إنما يحمي بسبب حمايتهم وإدامة
التهدئة معهم إلى أجل غير مسمى، أما
شعبنا السجين فإنه لم يذق إلا الذل
والهوان مؤخرا منذ أحد عشر عاما أسودا
أو كما قال الكاتب طارق الحميد في
الشرق الأوسط أمس حيث إن النظام السوري
منذ أربعة عقود لم يقاتل إلا شعبه
وكذلك الشعب اللبناني أما إسرائيل فلا
وعندما ينادي السوريون اللهم احم
البلد فهذا دليل على أن ثمة أزمة حادة
فيه كما قال الكاتب حسان القالش في
صحيفة الحياة أمس ولكن لشدة الخوف فقد
بلغ الأمر بالفنان السوري علي فرزات أن
يدعو إلى التظاهر على الورق عبر النشر
الإلكتروني وذلك بعد إغلاق صحيفة
الدومري الساخرة منذ عام 1963 من قبل
وزارة الإعلام لأنها لا تتماشى مع
سياسة النظام بل زاد الكاتب أحمد
الراشد من صحيفة الشرق الأوسط أن
المجاهرة بمخالفة النظام أمر محفوف
بالمخاطر لا للشخص وحده بل للأنظمة
المجاورة لسوريا فهي قادرة على
الإيذاء والاغتيال ولذلك لم تجرؤ
معارضة أن تقف بقوة إلا الإخوان
المسلمون، ومع أن المتظاهرين آمنوا
بسياسة اللاعنف فإنهم قتلوا حتى عرف
الجميع أن معزوفة هذا النظام كمعزوفة
نظام القذافي وصالح: إما أن نحكمكم
ونقتلكم ولابد لكم أن تأكلوا من الطبخة
التي نطبخها نحن ولذا فأسود حماة
وأخواتها لن يستجيبوا أبداً حتى تعود
سوريا للسوريين جميعا. ================= الأهرام المصرية التاريخ: 06 يونيو 2011 خيل للبعض أن قطار الديمقراطية توقف في
محطة مصر ولن يغادر, إلا أن الربيع
العربي عاد ثانية كي يزدهر بقوة,
فبعد طول معاندة, والكثير من
المعاناة خرج الرئيس علي عبدالله صالح
من المشهد السياسي اليمني وأصبحت صفحة
صالح من بقايا تاريخ أسود مر علي اليمن
السعيد, إلا أن في النهاية أجبر صالح
علي أن يترجل وهو يحمل إصابات بالغة من
جراء دفعه الأمور الي حافة الهاوية,
ومحاولة جر اليمن الي مستنقع الحرب
الأهلية. والآن, مع اختفاء صالح فإن
جميع الفرقاء في اليمن, وجميع الأشقاء
في الخليج خاصة في المملكة العربية
السعودية عليهم
أن يرتفعوا الي مستوي اللحظة
التاريخية, وأن يتدبروا مصير صالح, وأن
يضعوا مستقبل الناس في اليمن في
الحسبان, والحقيقة الوحيدة في هذه
الدراما اليمنية هي أن الشعب يبقي
والطغاة راحلون. وإذا كانت
التطورات في اليمن قد قطعت تدهور
الأوضاع واتجاهها الي الحرب الأهلية,
فانها تبعث برسالة مهمة لأهالي ليبيا
بأن نهاية حقبة القذافي قد أوشكت, كما
أن العقيد الليبي معمر القذافي عليه أن
يستوعب الموقف, ويترجل من المسرح بسرعة
وبشروط معقولة الآن, وذلك قبل أن يخرج
محمولا أو يلقي مصير دكتاتور رومانيا
شاوشيسكو! ويبقي في
النهاية أن الربيع العربي جاء هذه
المرة ليبقي, ولكي يبدد ظلام الذل
والقهر, وأن النخب العربية الحاكمة
تواجه الآن لحظة الحقيقة, فإما اعادة
اختراع أنفسهم أو الرحيل الآن أو غدا,
ولن يطول الوقت أمام حزب البعث السوري,
ولا الرئيس بشار الأسد, فها هي الحكمة
المتأخرة تفرض نفسها عليه وعلي دائرة
حكمه بأنه يواجه غضب الجماهير, وليس
مؤامرة خارجية!, والأغلب أن الأمان
الحقيقي يتحقق برضا الناس, ولذا فإن
القادة العرب جميعا سواء الذين ينتمون
الي الحرس القديم أو الحرس الجديد
عليهم أن يدركوا أن الربيع العربي
يزدهر, وأن صوت الجماهير لابد أن يسمع
من الآن فصاعدا. ================= أوراق وحروف .. أسدٌ عليّ
وفي الحروب نعامة! مبارك محمد الهاجري الرأي العام 6-6-2011 أسود على شعوبهم، وفي الحروب أجبن
الجبناء، هكذا هم زعماء الشعوب
العربية المتعطشة للحرية، مارسوا
القتل والسحل والترويع، لا فرق بين
كبير وصغير، فالكل سواء، إبادة جماعية
أو فردية، المهم إزهاق الأرواح، ليتعظ
الأحياء! فالحاكم بأمره، هو الآمر
الناهي، ومن يجرؤ على عصيانه لابد أن
يذوق العذاب مرات ومرات، ليعرف حجم
جريمته في حق الزعيم المطلق، ولك أن
تنظر عزيزي القارئ إلى الخارطة، وتبدأ
ببلاد الثورات، إن بدأت بإفريقيا سترى
جحيماً في ليبيا، وأزمة لم تنته بسبب
المساومات السياسية التي تمارسها
الصين وروسيا من وراء الكواليس مع
الثوار لضمان مصالحهما في المستقبل،
وإلا فالفيتو سيكون بالمرصاد لتطلعات
الشعب الليبي! هذه هي روسيا والصين،
بلدان قمعيان وتاريخهما مليء بتجاوزات
لا تعد ولا تحصى في مجال حقوق الإنسان
والحريات والديموقراطية! وإن ذهبت إلى البوابة الخلفية لجزيرة
العرب، فمازال رئيس اليمن مكابراً
وحتى هذه اللحظة في وجه المطالبات
الشعبية، التي تدعو إلى تنحية سلمياً
من دون اللجوء إلى السلاح، إلا أن
فخامته يأبى أن تمر الثورة سلمية،
فأهدر دماء شعبه، بالقصف الجوي،
والمدفعي، واستخدامه قوات النخبة
والمدربة أميركياً لمكافحة الإرهاب،
وليس مكافحة الشعوب الآمنة! وها هي سورية، تعاني هي الأخرى من قبضة «البعث»
الدموية، وتفننه في تعذيب البشر،
وقتلهم بطرق متعددة، سواء أكان
الإنسان كبيراً أم صغيراً بعمر الشهيد
حمزة الخطيب! الذي تم تعذيبه بوحشية لا
مثيل لها، وقتله بطريقة أقل ما يقال
عنها بشعة! نظام جبان أخافه طفل صغير،
هل تعتقد عزيزي القارئ أنه قادر على
استرداد الجولان المحتل؟ تساؤل محرج،
بل ويضعف حجة البقاء لهذا النظام، فمن
يدعي الممانعة لا يجلس مع الصهاينة من
وراء الأبواب المغلقة، ولا يساوم على
أراضيه مقابل مكوثه فترة أطول على كرسي
الحكم! سقوط «البعث» آتٍ لا محالة، فمن ثار شعبه
عليه، لابد له أن يرحل إلى حيث ذهب
الطغاة، لا سمعة مشرفة، ولا مواقف
محمودة، تلحقهم اللعنات أينما حلوا! إلى حكام الأمة العربية المستبدين، عليكم
أن تعوا جيداً أن العالم تغير، وذهب
مسافات أبعد مما تتوقعون في الحريات
والديموقراطية، وبقيتم أنتم الوحيدون
في العالم تمارسون فجوركم، واستبدادكم
في حق شعوبكم المستضعفة، مستغلين ما في
أيديكم من أجهزة قمعية، غير مدركين أن
الأيام دول، يوم لك ويوم ستعلق على
المشانق، أو ستذهب إلى المنفى خاوي
اليدين، مفلسا، تبحث عن صدقات تسد بها
رمقك ورمق عائلتك، ولك في الزعامات
المقيمة في المهجر خير دليل، وعظة،
وعبرة، قبل فوات الأوان! مبارك محمد الهاجري كاتب كويتي ================ الإثنين, 06 حزيران 2011 03:04 جمال الشواهين السبيل إلى كم ينبغي أن يصل عدد الضحايا قبل أن
يرحل أي زعيم أو رئيس عن كرسي الحكم،
بعد أن رحل حسني مبارك مخلفاً 850 شهيداً
وآلاف الجرحى، وذلك طالما أن عديدهم
يفوق الآن أضعاف الرقم الذي سجله حسني
مبارك. وإلى متى ينبغي القول بالرحيل الذي لا يتم
إلا بقارب يطفو على بحيرة دم من شلالات
لا تتوقف عن تغذيتها بوقود رصاصات
العسكر من حرس خاص وجمهوري، وما شئت من
مسميات. من مصر تجري الاستعدادات لمحاكمة حسني
مبارك باعتباره قاتلاً بإعطاء
الأوامر، وذات الأمر بالنسبة لنجليه،
وقد سبقهم وزير الداخلية وغيره. وفي تونس ذات الأمر لمحاسبة زين
العابدين، أو لنقل ليلى والذئب. وفي الأخبار يتصدر المطلوب الصربي
ميلاديتش النشرات، وهو يمثل أمام
محكمة الجنايات الدولية في لاهاي مجرم
حرب وقاتلا ومنفذا لمجزرة سربينيتسا،
وقد سبقه لذات المحكمة زميله سلوبدان. كم من الوقت سيمضي إذاً، لنرى محاكمات
لقاتلي الشعوب، وأين ستجري محاكمة
هؤلاء. الأحداث في ليبيا تصل إلى نهاياتها، ولن
يكون للقذافي وفريقه مكان في ليبيا،
وهو وهم إن لم يحاكموا في ليبيا، فإن ما
اقترفوه كفيل ليكونوا مطلوبين في
لاهاي. بطبيعة الحال، فإن صدور مذكرة توقيف بحق
عمر البشير، ليس نفسه الواقع الذي
سينال غيره. ويكفي العلم أن الإدارات الدولية التي
تسحب بساط الشرعية، قد فعلت الأمر
بالنسبة للقذافي، وتلوح به بالنسبة
للرئيس السوري بشار الأسد، وتضعه
بوضوح أمام علي عبدالله صالح. إعلان أوباما للرئيس السوري محدد بوقف
أعمال العنف، وأنه إن لم يكن قادراً
فإن عليه الرحيل، ومثل هذا الإعلان
يشير إلى عدم مسؤولية الأسد عن أعمال
العنف مباشرة، وأن هناك أجهزة أخرى
تمارسه، وأنه طالما لا يستطيع منعها
فليترك لغيره الأمر. وقد عززت هيلاري كلنتون إعلان أوباما
بالقول إن الأسد يشارف على فقدان
الشرعية، وهو قول فيه تأكيد على
الإعلان الأول، ويؤهل لتوسعة دائرة
الموقف الدولي من الأحداث في سوريا
بغية توجيهها وفق ما تراه مناسباً لها،
وفي إطار التشارك قسراً بعمليات
التحول وقطف ما أمكن من زهور ربيعها. لم يعد القذافي محل قبول من أي جهة، ولن
يكون على عبد الله صالح إلا محل رحيل في
أي تسوية، في حين ما زال الوقت متاحاً
للرئيس الأسد من وجهة النظر الأمريكية. كان الأجدر عدم دخول بوابة محكمة لاهاي،
غير أنها أمام الجميع، فإن هناك من
يريد ولوجها بأكبر قدر من الضحايا، كأن
الحال من أجل دخول موسوعة غينتس في هذا
المجال. ================= معن البياري الدستور 6-6-2011 مؤكدٌ أَنَّ صديقَنا ورئيسَنا في رابطةِ
الكتاب الأُردنيين، القاص سعود
قبيلات، مع الديمقراطيةِ لكلِّ
الشعوبِ العربية، وأَنَّه وزملاءَه،
أَصدقاءَنا في الهيئةِ الإِداريةِ
للرابطة، ضدَّ كل قمعٍ وعسفٍ يرتكبه
أَيُّ نظامٍ عربيٍّ ضد شعبِه، ومع
مطالبةِ الشعبِ السوريِّ بالحريةِ
وحقوقِ الإنسان، غير أَنَّ المشكلةَ
معهم، في هذه الأَيام، ليست في هذا
المطرح، بل في أَنهم لم يُصدروا بياناً
يُؤَكِّد التضامنَ مع هذا الشعب
الأَسير، ويدينُ توَحش النظام في دمشق
في مواجهةِ الاحتجاجاتِ ضد استبداده.
والمشكلةُ، أَيضاً، في توضيحِ قبيلات،
في «الدستور» في 24 الشهر الماضي، أَنَّ
«الهيئةَ الإِداريةَ للرابطةِ تناقشُ
صيغةَ بيانٍ يُعبِّر عن رأْيِِها
المشترك في هذا الشأْن الذي يُنظر
إِليه من زوايا متعدِّدةٍ في الهيئةِ
العامةِ للرابطةِ وهيئتِها
الإِدارية، رغم الاتفاقِ عموماً على
تأييدِ المطالبة بالديمقراطيةِ
للشعوبِ العربيةِ جميعاً، ومن ضمنِها
الشعبُ السوريُّ الشقيق». يبدو أَنَّ نحو ثلاثةِ شهور من جرائم
القتل والتنكيل، الموثقِ بعضُها
بالصورة والصوت، والتي تُواصلها
الأَجهزة السورية، ليست كافيةً لعثور
أَصدقائنا على الصيغةِ التي يُفتشون
عنها ولا يفلحون. وكانوا، بعد أَيامٍ
من بدءِ حربِ النظام الليبي ضد شعبِه،
قد وقعوا على صيغةٍ لبيانِ إِدانةِ
النظام المذكور وممارساتِه، طالبت
جامعةَ الدول العربية بإِجراءاتٍ
ملموسةٍ لإنقاذ الشعب الليبي،
وأَكَّدت وجوبَ أَنْ تتجاوزَ الطلائعُ
الثقافيةُ للأُمةِ الفرجةَ على ما
يرتكبه النظام الدمويُّ هناك بشعبِه
الأَعزل، وشجبَت صمت المجتمع الدولي.
ومن المفارقة أَنَّ الجامعة والمجتمع
الدولي، بعد البيان، استنفرا التدخل
العسكريَّ إِيّاه. البادي أَنَّ بصلةَ أَصدقائِنا في قيادة
الرابطة محروقةٌ في الموضوع الليبي،
فيما لا بصلَ لديهم بشأن سوريا،
صدوراً، والله أَعلم، عن قناعةٍ
متوطنةٍ لدى بعضِهم بصحَّةِ ما يُشيعه
النظام في دمشق عن مؤامرةٍ تتعرض لها
سوريا، يشترك فيها عبدالحليم خدّام
وبندر بن سلطان وسعد الحريري في ركاب
أَميركا وإِسرائيل، لإِنهاء
ممانعَتها ومقاومتها. وفي مقالتِه
الانفعاليةِ والاتهامية في «الرأي»
يوم الجمعة الماضية، يُلمح رئيسُنا
سعود قبيلات إِلى شيءٍ من ذلك، إِذ
يُخاصِمُ من يُريدُه أَنْ يهجرَ
الديالكتيك، وأَنْ يَنظر إِلى
الأُمورِ بمنظارٍ ميتافيزيقيٍّ قاصرٍ
وباللونين الأَبيض والأَسود،
ويُؤَشِّر إِلى من يقفزون كالملسوعين
إِذا ما وردت على لسانِك، في الموضوعِ
السوري، سيرةُ المقاومة والممانعة،
ويريدون تصفيةَ حسابٍ معهما. بلا أَيِّ تأتأة، لم يُثْبت النظام
السوريُّ يوماً أَنه مقاومٌ وممانع،
لا في التزامِه الذي يحتفي به الجيش
الإسرائيليُّ بالسكوتِ في الجولان،
ولا في امتناعِهِ عن أَيَّ ردٍّ على
اعتداءاتٍ إِسرائيلية في دير الزور
وفوق قصر المهاجرين مثلاً، ولا في عدم
إِشهارِهِ أَيَّ نتائجَ لتحقيقٍ في
اغتيال عماد مغنية. وللنظامِ المذكورِ
أَنْ يتوهَّمَ نفسَه مقاوماً
وممانعاً، فسؤالُنا، من دون أَيِّ
ديالكتيك، عن علاقةِ هذا الوهمِ
بتضامنٍ مع الشعب السوري، ينبغي،
أَخلاقياً، أَنْ نجهرَ به، وبتنديدٍ
واجبٍ بحصارِ دباباتِ النظام مدناً
وبلداتٍ سورية، وبتقتيلِ المتظاهرين،
قبل الطفل حمزة الخطيب وبعدَه؟. إِذا أَرادَ الحكمُ في دمشق أَنْ
نُبارِكَ ما يقترفُه، بدعوى استضافتِه
قيادةَ «حماس»، وتأمينِه إِيصالَ
السلاح إِلى حزب الله والغطاءَ
السياسيَّ للحزب، فإِنه يضحكُ على
نفسِه، والمرجوُّ من الهيئةِ
الإداريةِ لرابطةِ الكتاب أَنْ تبقَّ
البحصةَ وتُشْهِرَ بيانَها المُشتهى
صريحاً، أَبيضَ أَو أَسود، مع الشعب
السوري أَو مع النظام وممانعته
المزعومة، ولكلِّ مقامٍ مقال. ================ صبحي حديدي 2011-06-05 القدس العربي خلال الأشهر
الأولى التي تلت توريث بشار الأسد، ثمّ
'التصويت' على ترقيته إلى رئاسة
الجمهورية العربية السورية، بنسبة 92،79
' كما يتوجّب التذكير، اعتبر رهط من
المتفائلين أنّ علائم العهد الجديد
الإيجابية تتجلى في تخفيف مظاهر عبادة
الفرد، التي اقترنت بعقود حكم أبيه
الثلاثة. اختفت، تدريجياً، الصور
العملاقة المنصوبة في الساحات
الرئيسية، وتناقصت الأغاني
التمجيدية، وهدأت نبرة الشعارات
التأليهية، وتراجعت التظاهرات
الحاشدة التي كانت تمرّ أمام شرفة قصر
الروضة كلّما حلّت ذكرى 'الحركة
التصحيحية'، أو اقتضت المناسبة
استعراض العضلات وتبيان القدرة على
حشد 'الشارع' الشعبي. لكنّ نظام الوريث سرعان ما استأنف
العادات القديمة ذاتها، بل زاد على
الماضي في معدّلات عبادة الفرد
تحديداً، وزاود في الهبوط بأنساق
ابتذال كرامة الإنسان الفرد أمام
القائد الأوحد. ولعلّ الابتكار الأحدث
في هذا المضمار هو المشهد المسرحي الذي
شاع خلال ما سُمّي ب'المظاهرات
المليونية'، بعد الأسبوع الأوّل
لاندلاع الإنتفاضة السورية، والذي
مورس على نحو موحّد متماثل في جميع
مظاهرات السلطة على امتداد محافظات
القطر، ممّا برهن على أنّ الأداء كان
وحياً من أجهزة السلطة الأمنية
والحزبية، وأقرب إلى الأمر. والمشهد،
المشروط بوجود العدسة التي تسجّل
بالطبع، يتضمن قيام المواطن بتقبيل
صورة بشار الأسد، مراراً وتكراراً،
ثمّ وضعها بعناية على الأرض، والسجود
أمامها، وتقبيلها مجدداً، مع هتاف
هستيري يقول: 'مطرح ما بتدوس/ نحنا
نوطّي/ نحنا نبوس'! وكانت الشعارات السابقة، التي جرى
تفريخها ابتداء من 'المظاهرات
المليونية' في آذار (مارس) 2005، ثمّ صارت
'لازمة' لا غنى عنها من أجل تطريب
المتظاهرين في السنوات اللاحقة، قد
ضمّت هذه النماذج، على سبيل الأمثلة:
الترنيمة الأزلية 'بالروح! بالدمّ!
نفديك يا بشار!'؛ والأخرى، التي لا تخلو
من دموية منفّرة: 'يا بشار لا تهتم/ عندك
شعب بيشرب دمّ'؛ والثالثة، التي سجّلت
العودة الأوضح إلى عبادة الفرد: 'الله!
سورية! بشار وبسّ!'، وهذه استُخدمت خلال
الأسابيع الأخيرة ردّاً على هتاف
الإنتفاضة المركزي: 'الله! سورية! حرّية
وبسّ!'. وعند كلّ مظاهرة سلطوية، كانت
وكالة الأنباء السورية، 'سانا'، تعيد
تكرار الأكذوبة الفاضحة حول هوية
الجهات المنظّمة للمظاهرة: 'فعاليات
اجتماعية وثقافية واقتصادية خاصة'،
ثمّ، وهنا طامّة التكاذب، 'مؤسسات
المجتمع المدني'! أثناء الفترة ذاتها، كان ممثّلو 'المجتمع
المدني' السلطويون، إياهم، يرسلون
أعوانهم وأزلامهم لكي يخترقوا صفوف
اعتصام مدني أمام قصر العدل في العاصمة
السورية دمشق، احتجاجاً على استمرار
فرض حالة الطوارىء والمحاكم والقوانين
الاستثنائية والعرفية. ولكي تختلط
المأساة بالمهزلة، رفع المخترقون
شعارات المظاهرات المليونية ذاتها،
وشقّوا حناجرهم بالهتافات التي تفدي
بالدم، ولا تشرب إلا الدمّ، بل لجأ
بعضهم إلى انتزاع العلم السوري من أيدي
بعض المعتصمين، واستبدلوه بصورة بشار
الأسد! وأمّا القادة الشباب لهذا 'المجتمع
المدني'، فقد كانوا أنجال تماسيح النهب
والفساد والتجارة القذرة، فضلاً عن
قطعان 'الشبّيحة' الذين يتوجب أن يكون
لهم في كلّ عرس قرص. والحال'أنّ استئناف العادات القديمة
الذميمة كان سيجد بعض مسوّغاته لو أنّ
النظام واجه تهديداً جدياً داخلياً،
من معارضة منظمة قادرة على الذهاب
بالسلطة إلى خطوط الدفاع الدعاوي
والتعبئة الشعبوية، أياً كان مقدار
الديماغوجية في تنظيم تلك الخطوط. ورغم
أنّ 'ربيع دمشق' لم يكن يندرج في خانة
الأزمات التي يمكن أن تهزّ أركان
النظام وتكشف طبيعته الإستبدادية،
القديمة والمتجددة، فضلاً عن حقيقة
أنّ ذلك 'الربيع' كان في الأساس قد أطلّ
على حياء؛ فإنّ السلطة لم تحتمله إلا
بضعة أسابيع. ونتذكّر أنّ ذلك 'الربيع'
كان أقصر بكثير من أن يسمح بعبور
سنونوة واحدة، وأضيق نطاقاً من أن
يستوعب نقاشاً سياسياً معمّقاً، مثل
ذلك النقاش حول مفهوم المجتمع المدني
ذاته، والذي بدأ صادقاً ومتواضعاً،
لكي يتوقف غائماً وسفسطائياً. اليوم، وطيلة الأسابيع العشرة من عمر
الإنتفاضة السورية، أخذت ثقافة
المقاومة'الشعبية السلمية ترتقي
بالنقاش، على قدم المساواة مع ارتقاء
أساليب التظاهر وأنساق الاحتجاج،
وصارت دينامية الحراك تتجلى بصفة خاصة
في الهتافات والشعارات المرفوعة، وما
تستولده هذه من خطاب وعي ذكيّ اللغة،
ورفيع من حيث محمولاته السياسية. وبين
أذكى اللافتات تلك التي تقول: 'أنت في
المكان الخطأ، هنا درعا (أو بانياس،
دوما، حمص، اللاذقية، القامشلي...) وليس
الجولان'؛ أو أخرى تقول: 'الرجاء
استخدام الرصاص المطاطي، إسوة بالجيش
الإسرائيلي'؛ وثالثة: 'هذا هو الإصلاح/
طلقة لكلّ مواطن'. وبين أذكى الهتافات
ما يشدّد على الوحدة الوطنية، مثل 'واحد
واحد واحد/ الشعب السوري واحد'، أو يبرز
الكرامة الوطنية: 'الشعب السوري ما
بينداس/ والسوري مرفوع الراس'، و'من
القامشلي لحوران/ الشعب السوري ما
بينهان'؛ أو يدين النظام: 'خاين يللي
بيقتل شعبه'؛ أو يفضح إعلام السلطة: ' لا
إخوان ولا سلفية/ هاي الكذبة الإعلامية'. وتبقى، لا ريب، تلك الأغنية البارعة
اللاذعة، التي تؤديها مجموعة أطلقت
على نفسها اسم 'فرقة المندسّين
السوريين'، في غمز ساخر من أكاذيب
النظام، ويسير مطلعها هكذا: 'قالوا
عنّا مندسّين/ قالوا عنّا مخرّبين/
قالوا عنّا مسلّحين/ قالوا عنّا سلفيين/
قالوا عنّا وياما قالوا/ ونسيوا يقولوا
سوريين... سوريين... سوريين!' ================= السياسة السورية: من «حافة
الهاوية» إلى أين؟ الإثنين, 06 يونيو 2011 عمر قدور * الحياة قد لا يكون تعاطي الحكم السوري مع الأزمة
الداخلية مفاجئاً بمقدار ما هي مفاجئة
السياسة الخارجية التي اتبعها منذ
بداية الأزمة. فقد تراجع النشاط
الدبلوماسي إلى أدنى درجاته، في الوقت
الذي تُرك فيه للماكينة الإعلامية
التعبير عن أزمة السياسة الخارجية،
ولا يخفى أن دخول الإعلام على خط
الأزمة بهذه القوة يدل على عجز
الدبلوماسية عن إدارتها بالطرق
المعهودة. وإذا كانت المواجهة الأمنية
المتبعة الآن في الداخل تذكر بحقبة
مضت، وكان البعض يعتقد أنها انقضت
نهائياً، من عمر الحكم فإن الأزمة
الخارجية بدورها تعيد إلى الأذهان
العزلة السياسية التي عاشتها البلاد
لفترات ليست بالقصيرة ولا بالسهلة
خلال العقود الثلاثة الماضية. فور اندلاع التظاهرات بادرت الماكينة
الإعلامية للحكم باعتماد نظرية
المؤامرة الخارجية، وهي نظرية لا تغيب
عن الأدبيات السياسية السورية إلا
لتطل كلما لاحت بودر أزمة ما، أما في ظل
التظاهرات الشعبية التي انطلقت واتسعت
منذ ذلك الوقت فقد عكست اتهامات التآمر
عدم احترام للإرادة الشعبية، أو
بالأحرى استصغاراً لقدرة المواطنين
على تقرير ما يريدونه بأنفسهم
ولأنفسهم، ودون إيعاز أو توجيه من أية
جهة. بصرف النظر عن ذلك تدحرجت كرة
الاتهامات لتعكس رد فعل على مواقف
الدول مما يجري في الداخل، دون النظر
إلى أن مواقف الكثير من الدول تحركت
تحت ضغط ما يجري في الداخل السوري لا
العكس، بل إن الجهات الخارجية التي قد
لا تضمر الود للحكم في سورية تريثت
كثيراً قبل أن تبدي امتعاضها أو
إدانتها لأعمال القتل التي ترتكب،
وبعد أن وصل عدد الضحايا إلى حد يصعب
السكوت معه. تقفز نظرية المؤامرة عن بديهيات السياسة
الدولية، ويسترجع الإعلام الحكومي
العوامل التي تضع السياسة السورية تحت
الاستهداف الخارجي، مع أن العوامل
التي يشير إليها ليست طارئة، ولم تمنع
في فترات سابقة وجود علاقات دافئة مع
دول تُتهم الآن بالتآمر. ويتجاهل هذا
المنطق عدم وجود ثوابت في سياسات الدول
باستثناء مصالحها، أي أن وجود صداقات
وخصومات متبدلة هو من طبيعة الأمور،
والصداقات بين الدول لا تحتم على أي
منها محاباة الأخرى حتى إن ارتقت
الصداقة إلى مستوى التحالف، مثلما
الخصومات التي إن تكاثرت على بلد فهي
لا تعني التآمر والاتفاق بين جميع
الخصوم. وحتى إذا أقررنا بوجود خصوم
دائمين للحكم فهذا يعني عدم وجود
متغيرات على هذا الصعيد سوى التغير
الذي طرأ في التعاطي معهم، وجعلهم
يستنفرون عداواتهم، لكن التهرب من
المسؤولية على هذا النحو لا يلغي وجود
متغير أهم وهو العامل الداخلي الذي فرض
نفسه على الحكم وعلى خصومه وأصدقائه في
الخارج. لطالما وصِفت السياسة الخارجية السورية
خلال عقود بأنها «سياسة حافة الهاوية»،
وفي هذا إشارة إلى الأزمات الشديدة
التي مرت بها، وإلى المهارة في تجاوزها
كما يرى البعض، بل إن الفخر بكسر
العزلة الدولية كلما حدث ذلك بات من
الفلكلور السياسي والإعلامي السوري
دون التوقف عند الثمن الباهظ للعزلة في
عالم يزداد انفتاحاً. وفي كل أزمة يركز
الإعلام المحلي على موقع سورية
الاستراتيجي ومواقفها الممانعة
اللذين يجعلانها عرضة للاستهداف، وعند
تراجع الأزمة يشيد بمهارة السياسة
السورية التي استطاعت كسر الطوق دون
الإشارة إلى الموقع الاستراتيجي الذي
يتم استثماره، وطبعاً دون الإشارة إلى
الأخطاء التي تسببت ببعض الأزمات. لقد
دفع السوريون مراراً ثمن سياسة حافة
الهاوية، فالعقوبات التي فرضت مراراً،
ولا يزال بعضها سارياً، أعاقت
الاقتصاد وأعاقت أحياناً حركة الأشخاص
بالإضافة إلى مجمل الإعاقات في
التركيبة الداخلية، أي أنهم بدلاً من
أن ينعموا بموقع بلادهم الاستراتيجي
دفعوا دائماً ضريبة وجودهم فيه. ما سبق يوحي بأن الحكم يركز اهتمامه
حالياً على ترتيب البيت الداخلي، أما
الأزمة المتزايدة في علاقاته الدولية
فهو كفيل بحلها استناداً إلى خبرته
السابقة في ما يوصف بسياسة حافة
الهاوية، لكن هذا الرهان تعترضه
معوقات جمة لم يختبرها من قبل. في كل
الأزمات السابقة كان الحكم ممسكاً
جيداً بالوضع الداخلي، هذا إن لم يلقَ
دعماً أو تعاطفاً شعبياً، ولم تكن هناك
خلافات بارزة بين الحكم ومعارضيه في ما
يخص السياسة الخارجية، أي أن الوضع
الداخلي لم يكن مصدر قلق أو ضعف أثناء
تلك الأزمات. في غياب الاعتراض الداخلي
كان بوسع الحكم التفرغ للأوراق
الإقليمية التي يمسك بها، في الوقت
الذي لا يجد فيه الخارج بداً من
التفاوض وإن على مضض مع من يحتكر
القرار السوري. لكن ما يثير الاستغراب هو أن يبادر الحكم،
في مرحلة دقيقة كهذه، إلى استثارة
القوى الخارجية مع أن أغلبها اعتمد
جانب المرونة تجاهه. لقد أهدر هذا
التوجه مكتسبات السياسة الخارجية خلال
السنوات الخمس الأخيرة، ولا شك في أن
ذلك سيكون مصدر ارتياح كبير للخصوم.
صحيح أن الحكم تمكن من تجاوز أزمات
خارجية عديدة في السابق، آخرها أزمة
عام 2005، إلا أن ذلك قد لا يكون متاحاً
دائماً. ثمة استهانة غير مفهومة
بالعوامل الخارجية، وإذا كانت القوى
المتنفذة لا تبدي حماساً للتدخل
المباشر في الشؤون الداخلية فهذا لا
يلغي قدرتها على الاستثمار في الشأن
الداخلي والمثال السوداني ليس بعيداً
جداً. إن نجاح سياسة حافة الهاوية سابقاً لا
يعني تلقائياً نجاحها الدائم، بخاصة
عندما تطبق داخلياً وخارجياً في الوقت
نفسه، وحتى إن استتب الوضع للحكم في
الداخل فسيخرج من الأزمة مثقلاً
بتبعات الحل الأمني الذي اعتُمد حتى
الآن. لقد ضيقت الدبلوماسية السورية
على نفسها هامش المناورة بشكل غير
مسبوق، وفي أحسن الحالات أعطت القوى
الكبرى فرصة ذهبية لابتزازها فيما لو
تم لها الإمساك بالوضع الداخلي
مجدداً، وعلى ذلك ستضطر إلى تقديم
تنازلات إقليمية كبيرة لم تكن لتقدمها
لو اعتمدت خيار التفاوض والتسوية
داخلياً. هذه المرة لم تعد حافة
الهاوية مجازاً، ثمة اندفاع يصعب فهمه
باتجاهها؛ اندفاع لا يشي بالقدرة على
التوقف. * كاتب سوري ========================= أفكار ميثاقية لأي ثورة
عربية ديمقراطية عزمي بشارة الجزيرة نت 3/6/2011 تلح ضرورة توفر أفكار ومبادئ ميثاقية لأي
ديمقراطية عربية قادمة يقوم على
أساسها عهد بالالتزام بقيم الثورة بين
قوى الثورة وجمهورها وبين القوى
السياسية المتنافسة المؤهلة للحكم.
وليس المقصود هو مبادئ دستورية أو فوق
دستورية، بل ترويج أفكار ومبادئ وقيم
تستند إليها عملية صياغة مبادئ الدولة
الديمقراطية العربية. بعضها يصلح أن
يكون في الدستور، وبعضها قيم ثاوية في
أساسه، وأخرى لا يمكن أن يشملها دستور،
ولكنها توجه السياسات إذا ما تحولت إلى
شبه مسلمات يمكن أن تكنى ب "قيم
الثورات العربية الديمقراطية
ومقاصدها". ونحن نستخدم هذه العبارة مع درايتنا
بالنقاش الدائر بعد كل ثورة حول تغير
مصادر الشرعية. ما هو المصدر الجديد
للشرعية؟ هل هي مبادئ فوق دستورية، أم
هي إرادة الأغلبية؟ فالمبادئ فوق
الدستورية تحتاج لمن يضعها، وإرادة
الأغلبية تصلح لتغيير الحكومات مرة كل
بضعة أعوام وليس لوضع الدستور. فلا يجوز تغيير الدستور بشكل متواتر،
وذلك ليس فقط لأن الأغلبية متقلبة، بل
أيضا لأنه يجب أن يستند إلى مبادئ
راسخة. ومهما قلبنا بسؤال الدجاجة
والبيضة هذا وبحثنا عن مصادر مطلقة فوق
الآني والراهن، فإنه لا بديل عن ترسخ
مبادئ وقيم متفق عليها تحكم الحياة
السياسية. ولا بديل عن محاولة صياغتها
والتناقش حولها. مصادر للقلق وعدم اليقين توجب أفكارا
ميثاقية: هنالك مصادر عديدة للقلق بشأن قدرة مرحلة
ما بعد الثورة على تطبيق أهدافها، من
دون نشوء تفاهم عام بين الأوساط
السياسية والثقافية والاجتماعية
الفاعلة حول الأهداف غير المصاغة
للثورات. ونعدد هنا بعض مصادر القلق
التي تدعو إلى اقتراح صياغة مثل هذه
الأفكار: 1- ليس للثورات العربية حزب سياسي, تفجرت
الثورات على أساس برنامجه المفترض أن
يطبقه حينما يستلم الحكم بعد الثورة.
فالقوى التي قادت الثورات هي قوى تراوح
نشاطها بين التنظيم والعفوية. وهي خططت
لأعمال احتجاج أو خرجت مستمدة شجاعتها
من نجاح ثورات أخرى في إسقاط الحكم،
وذلك قبل أن يشكل أي منها نموذجا في
الحكم أو في إدارة البلاد. ومن هنا منبع القلق أن تقوم قوى سياسية
قديمة، سواء أكانت في الماضي في الحكم
؟ أم في المعارضة؟ بتنفيذ برامج لم
تصنع الثورة ولم تقم الثورة عليها. وإن
قوة الإلزام الوحيدة المتوفرة هي تبني
مبادئ الثورة في دستورين: دستور القلوب
والضمائر التي رنت للتخلص من حكم جائر،
والدستور الذي ينظم أسس إدارة الدولة
من جهة، والذي تقوم عليه التشريعات
المقبلة بوصفه"أبو القوانين" كما
يقال من جهة أخرى. وتضغط المبادئ القائمة في دستور الضمائر
والقلوب على القوى السياسية، بما في
ذلك القديمة منها، لكي تعدّل نفسها
وسلوكها بموجبها وتتكيّف معها. ويأتي
الضغط من الرأي العام، ومن جمهور
مؤيديها، وحتى من قواعدها الحزبية. ومن
هنا أهمية تعميمه. 2- الاحتمال قائم بأن تكيّف الطبقات
القديمة الحاكمة نفسها للتعاون مع
قيادات سياسية جديدة، لأهداف وغايات
مختلفة تتصل بمحاولة تعويم نفسها في
الفضاء الجديد الذي خلقته الثورات
وحتى لاحتواء هذه الثورات، من دون تبني
مبادئ الثورة، وخاصة فيما يتعلق
بمبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق
المواطن. 3- ليس بالضرورة أن تشكل الأغلبية التي
دعمت مبادئ الثورة الأساسية التي شكلت
روحها أغلبيةً انتخابية في كل لحظة
زمنية معطاة. لقد قادت الثورات العربية
ومازالت تقودها قوى شبابية ونشطاء
دعمتهم لاحقا قوى سياسية مختلفة
متفاوتة القوة، ولكن لم يكن بوسع أيٍ
منها أن يقود الثورة لوحده، حتى لو
افترضنا توفر قوة انتخابية عددية
مفترضة لديه في تلك اللحظة. فهو وحده لا
يصنع الثورة، والدليل أنه لم يصنع ثورة
حتى نشبت الثورة من دونه، ثم استمرت
بمشاركته. أما الأغلبية الانتخابية ما بعد الثورة
فقد تنتج عن ظروف أخرى، وعن معطيات لم
تكن قائمة في الثورة. ففي الثورة لا
تصوت غالبية السكان، بل تدعم بالفعل أو
بالقول أو بالصمت القوى التي تحركت
وقادتها. 4- ليست الديمقراطية حكم الأغلبية، بل هي
حكم الأغلبية بموجب قواعد وأسس
ديمقراطية تضمنها مبادئ ينص عليها
الدستور صراحة أو تستمد من روحه، وهي
الأسس التي لا يقوم من دونها أي نظام
ديمقراطي. قد تدعم الأغلبية في لحظة ما
حزبا في الحكم يطبق سياسة ما تمس بحقوق
المواطن وحرياته، وقد تدعم الأغلبية
حزبا يمس باستقلالية القضاء ولا
يحترمها، أو يعمل بشكل حزبي داخل الجيش
فيقوض أسس وطنية الجيش، ويلحقه بحزب
بدل أن يتبع الوطن والشعب والسيادة. وقد تدعم الأغلبية في لحظات تاريخية
محددة فعلا غير ديمقراطي. ويبدو هذا
تناقضا ولكنه ليس كذلك. فالأغلبية قد
تكون غير ديمقراطية إذا منحت ثقتها
لرئيسٍ ما مدى الحياة، أو إذا دعمت
تقييد حقوق المواطن، أو إذا أيّدت
التمييز بين المواطنين بسبب العقيدة
أو الجنس أو الأصل. وقد لا تدعم
الأغلبية الفعل غير الديمقراطي بذاته،
ولكنها قد تدعم لأسباب معينة حزبا
يتبنى سياسات غير ديمقراطية لأسباب
أخرى. 5- ربما تكون مطالب الجمهور عادلة، ولكن
هذا لا يعني أنه دائما على حق.
والجماهير المتحركة في ثورة ضد نظم
الحكم الجائرة هي على حق بالتأكيد.
وهذا هو المبدأ في الموقف من حركات
الجماهير. ولكن هذا لا يعني أن هنالك
عدالة جماهيرية، أو أن العدالة هي
ظاهرة جماهيرية. فالعدالة تتم بموجب قواعد القانون ونصوصه.
والقانون في النظام الديمقراطي هو
نتاج تشريع غالبية ممثلي الشعب في جلسة
حوار ونقاش بموجب قواعد متفق عليها،
وليس في مظاهرة في ساحة عامة. وهي تشرّع
القانون بشكل لا يتناقض مع مبادئ عامة
تحافظ على النظام الديمقراطي ذاته. ولا
تمس بالحقوق المدنية والسياسية
والاجتماعية التي يضمنها هذا النظام. 6- في الدول ذات التنوع الهوياتي الذي
تداخل مع السياسة، ينشأ خطر اعتبار
الديمقراطية حكم الأغلبية على أساس
هويةٍ فرعيةٍ معطاةٍ مفروضةٍ على
الفرد مثل المذهب والطائفة والناحية،
وليس على أساس الرأي والمصلحة. وهو ما
ينتهي عموما إلى حكم أقلية نافدة تدعي
تمثيل جماعة الهوية. وهذا ما يترك
الناس مع طغيان من نوع جديد، وهو طغيان
أقلية تدعي الحديث باسم أكثرية
هوياتية، غير ديمقراطية. وهو يؤدي إلى
المس بحقوق المواطن المنتمي لهذه
الأغلبية، أو للأقلية، لأنها تفرض
عليه الانضواء في إطار هويته الطائفية
أو المذهبية أو العشائرية أو الجهوية.
واستبدال حكم طائفي أو جهوي بآخر هو ما
تنجبه الحروب الأهلية وليس الثورات،
وبالتأكيد ليس الثورات الديمقراطية. وقد برز في سوريا مؤخرا، إضافة لعنف
الدولة القمعي بعض حالات العنف الجسدي
البدائي المجهول المصدر الذي لا يميّز
عنف الدولة، بل يميز جرائم الحقد
المعروفة في الصراعات الأهلية، ما
يؤكد على ضرورة منازعة أي صبغة طائفية
للصراع ونفي الصفة الأهلية عن النضال
من أجل الديمقراطية. 7- نشأت في المعارضات العربية في عهود
الاستبداد تيارات سياسية تدعو إلى
تنظيم المجتمع بناء على مبادئ شمولية
دينية أو علمانية، وكانت الدينية
أبرزها في العقود الأخيرة. ولكن
الديمقراطية ليست حكماً بموجب
أيديولوجية دينية، ولو كانت الشريعة
ذاتها، ولا هي "تنافس حر " بين
أحزاب في إطارها وتحت سقفها. إنها
الحكم بموجب قوانين مدنية تحترم مبادئ
محددة. وهي لا تتناقض مع الشرائع
السماوية، ولكنها لا تتم في إطار يمنح
الحق لرجال الدين في تفسير ما يتطابق
وما لا يتطابق معها بهدف فرضه على
الدولة أو المجتمع. ويمكن القول بوثوق إنه من الأسباب التي
دعت فئات واسعة ومؤثرة من الشعب إلى
عدم الثورة على الاستبداد و"الرضا
بواقع الحال" هو خوفان، الخوف من
الفوضى، والخوف من البديل الديني في
الحكم. ولو صرّح أحد في ساحات الثورات
أن البديل للاستبداد هو البديل الديني
السياسي كما طرح في السبعينات
والثمانينات لانهار التحالف المدني
ولفشلت الثورات في إسقاط أي نظام حكم
قائم. ولا يغير في الأمر شيئا إذا سمي الحكم
الديني مدنيا بحجة أن مصدر شرعيته هو
غالبية الشعب، أو لأنه لا يؤمن بالحكم
بالحق الإلهي. فليست هذه قواعد الدولة
المدنية. الدولة المدنية هي الدولة
التي تقوم على أساس المواطنة والحقوق
المدنية. ولا يهم أن يكون الحزب الذي
يحكم قد تبنى في السابق، أو يتبنى
حاليا أيديولوجية دينية أو يسارية أو
ليبرالية. المهم أن يلتزم بشكل واثق
وموثوق بالمبادئ الديمقراطية التي
تشكل أساسا لأي دستور ديمقراطي. الدولة
المدنية ليست دولة دينية. ولكنها أيضا
ليست الدولة العلمانية العسكرية. وإن
أي استناد إلى حكم العسكر لتجنب
التيارات الدينية هو عودة للاستبداد. 8- بالإضافة للمعارضة الوطنية نشأت في
المعارضات العربية قوى سياسية تفرط
بالقضايا الوطنية والقومية، أو ترى
فيها جزءاً من سياسات النظام القائم،
وقد تكون مرتبطة بدعم أجنبي ما يجعلها
تميل إلى تجاهل الدور الهدام لعلاقة
الوصاية مع الولايات المتحدة والدول
الصناعية الكبرى بشكل عام. وهي لا ترى
أهمية جوانب مهمة في تأسيس مسار التطور
وسيادة الأمة، مثل الحفاظ على اللغة
العربية وتطويرها، والموقف القاطع من
احتلال أي أرض عربية، وبناء الاقتصاد
الوطني من دون إملاءات أجنبية وبموجب
حاجات السكان وليس بموجب مصالح
الآخرين. ولا يمكن أن ينص أي دستور على مثل هذه
القضايا. ومن هنا الحاجة لمبادئ
ميثاقية تشكّل أساسا لأي فهم ذاتي
للديمقراطيات العربية المقبلة وتوجه
تطورها. أما الدستور فيمكن على الأقل
أن يثبت هوية الدولة كجزء من الوطن
العربي وبالتالي يؤسّس فكريا وروحيا
لمثل هذه المبادئ. تثبت الدول هويتها الوطنية والقومية (كدولة/أمة)
في الدساتير، كما تتفق أحزابها وقواها
السياسية على مجموعة "مسلمات إجماع
قومي" لا حاجة لتوثيقها دستوريا
لأنها محفورة في النفوس عبر صياغات
التجربة الجماعية من مناهج التدريس
وكتابة التاريخ التقليدي والحوار
بشأنه في نقد الأساطير التاريخية،
وحتى الخدمة العسكرية. أفكار ميثاقية: 1- يقوم ميثاق الثورة العربية على
الموازنة بين التطلع إلى الحرية
والمساواة، فحرية من دون مساواة بين
المواطنين هي مقولة نظرية. ومساواة من
دون حرية هي مساواة في الذل. تشكل قيم
المساواة والحرية إذا ما اقترنت
بإدارة عقلانية وسياسة رشيدة أساسا
للعدالة والكرامة, وأحدهما لا يدوم من
دون الآخر. 2- يتطور التوازن بين الحرية والمساواة في
مبدأ جديد للمواطنة يقوم على الحقوق
السياسية والاجتماعية. 3- الدولة العربية الديمقراطية هي دولة
لجميع مواطنيها. 4- الشعب هو مجموع المواطنين وهو مصدر
السلطات. 5- إن شكل ممارسة الحرية اجتماعيا وسياسيا
هي الدولة التي تضمن الحريات المدنية
للمواطن والعدالة. لا يمكن حماية هذه
الحريات من دون قانون. ولكي يلتزم
القانون بالحريات المدنية لا بد من
مبادئ متفق عليها لا يجوز أن يخرج
القانون ذاته عنها. 6- لا تقوم العدالة من دون سيادة القانون،
والمساواة تكون أمام القانون على أساس
مبادئ تشريعية عادلة تشتق منها. 7- إن مساواة المواطنين أمام القانون،
ومساواة القانون بين المواطنين هي
مبادئ تكمل بعضها بعضا. وهي مساواة لا
تأخذ بعين الاعتبار أصل المواطن وجنسه
وقوميته ودينه ومذهبه. 8- تقوم ديمقراطية الدولة العربية على
الفصل بين السلطات والتوازن بينها في
الوقت ذاته، وعلى استقلال القضاء،
وعلى التداول الدوري للسلطة بين قوى
سياسية منظمة تطرح برامجها لنيل ثقة
المواطنين في عملية انتخابات حرة
ونزيهة. 9- النظام الذي يضمن الحريات المدنية
يراقب ذاته ويراقبه الجمهور. النظام
الذي يراقب ذاته ويراقبه الجمهور هو
نظام منتخب دوريا. ولكي يمكن انتخاب
النظام دوريا لا بد من حريات سياسية:
حرية الرأي، وحرية الوصول للمعلومات،
وحرية الاجتماع والتنظيم. 10- يراعى في الانتخابات مبدأ نسبية
التمثيل بحيث يمنح تمثيلا لأكبر قدر
ممكن من التيارات السياسية
والاجتماعية والفكرية، وبحيث لا يصادر
حق أحد بالتمثيل النيابي لأنه أقلية في
منطقة ما. ولا بد من تمثيل التيارات
السياسية والاجتماعية والفكرية ذات
الوجود ولو كأقلية على المستوى الوطني.
كما يراعى حيث يلزم مبدأ التوافق لمنع
حرمان فئات واسعة من التمثيل
والمشاركة. وتبقى الأولوية هي لمبدأ النسبية القائم
على تمثيل المواطنين بواسطة مواطنين
آخرين منتظمين في جماعات واتحادات
سياسية طوعية بناء على مواقف وبرامج
سياسية تخص المجتمع ككل، وليس بناء على
هويات خصوصية. لا بد من تجنب أي نظام
انتخابي يؤدي إلى اصطفاف هويات مقابل
بعضها البعض، أو إلى تغييب تمثيل كتل
سياسية كاملة. 11- إن أي حركة سياسية ترغب بالمشاركة في
إدارة شؤون البلاد من خلال وجودها في
الحكم أو في المعارضة المؤهلة للحكم هي
حركة تلتزم بميثاق الثورة ومبادئها،
ألا وهي مبادئ الديمقراطية. 12- تعترف الثورة بحق المواطن في بيئة
إنسانية آمنة تقوم على الحرية والحق
بالعيش الكريم اللازمين لممارسة
إنسانيته الفردية والجماعية. 13- تشمل الحرية حرية الإنسان من القسر
الجسدي وحرية الحركة والتنقل، وحرية
الرأي والمعتقد والكلمة. ولا يجوز حجب
الحرية من دون محاكمة عادلة. 14- لا يمكن ممارسة الحرية اجتماعيا في
انتخابات وغيرها من دون حد أدنى من
التوزيع العادل للثروة، ومن دون إدماج
الفئات الضعيفة والمهمّشة في الحياة
العامة. وتشمل حقوق المواطنة في الدولة
الديمقراطية العربية حقوقا اجتماعية،
لا تقوم إلا على الربط بين النمو
والتنمية الإنسانية الشاملة, ولا
تتحقق إلا بإدماج جميع الفئات
والجماعات المحرومة والمهمشة مجتمعيا
وتمكينها من أن يكون لها صوت سياسي
مسموع ومؤثر. 15- تتشكل الأمة ذات السيادة من مجمل
المواطنين بغض النظر عن طوائفهم
وقومياتهم. وترتبط ببقية الشعوب
العربية برابطة الثقافة واللغة،
وبرابطة القومية العربية التي تتشكل
منها أغلبية السكان في الدول العربية. 16- حق التجمع والاتحاد والتنظيم مكفول
لجميع المواطنين على أساس طوعي لغرض
تحقيق نفع عام خيري أو تنموي، سياسي أو
اجتماعي، وبحيث لا تتناقض هذه الأهداف
مع مبادئ الدستور. وتشجع الدولة
المبادرات الاجتماعية والثقافية التي
تغني الحياة العامة، وتساعد المواطنين
على أخذ دور في تصميم حياتهم وتقرير
مصيرهم. وتعزّز الدولة عملية نشوء حيز
عام بين الدولة والمواطنين يصممه
المواطنون ويحيونه بمبادراتهم
التعاقدية المنظمة واتحاداتهم
الطوعية وجمعياتهم ومنتدياتهم
وحواراتهم. 17- يحظى المواطنون غير العرب بحقوق
المواطن كافة. إنهم جزء من الشعب، ومن
الأمة المواطنية، أو من الدولة الأمة.
ولهم حقوق ثقافية خاصة تشمل الحق
باستخدام لغتهم والتعليم بها وكتابة
آدابها إضافة إلى اللغة العربية. 18- يكفل للمواطن حرية الفكر والمعتقد
والضمير. ويحظر استخدام أجهزة الدولة
لغرض التدخل في معتقدات الناس لإملاء
سلوك عليهم يدعي أنه مشتق من الدين، أو
أنه التفسير الوحيد الصحيح للدين
القويم. ليست هذه وظيفة الدولة
الديمقراطية. 19- توجد الدولة الديمقراطية العربية
البنى لفصل مجال الأعمال بهدف الربح عن
مجال السياسة, كما توجد الآليات
القانونية اللازمة لمكافحة الفساد
وإدخال اعتبارات من خارج الموضوع في
عملية صنع القرار والتخطيط وتحديد
السياسة الاستثمارية, وعطاءات الدولة
ومشاريعها, والترخيص, والتوظيف, وغيرها.
كما تحارب الإثراء غير المشروع داخل
جهاز الدولة وخارجه, وتحاسب عليه. 20- ترتبط الديمقراطية العربية بتقاليد
تاريخية عربية إسلامية ولا تتنكر
لميراثها التشريعي بما فيه الشريعة
الإسلامية بل تبني عليه كمصدر تشريعي
وكثقافة. وترتبط الديمقراطية العربية
بالتقاليد الديمقراطية كما طبقت في
العديد من دول العالم، وتتبنى الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان. وهي لا تحاول
اختراع ديمقراطية عربية في كل موضوع،
فلا حاجة لاختراع العجلة من جديد في كل
موضوع. وتنطلق من أن الديمقراطية
والعدالة الاجتماعية لا تتناقض مع
الشرائع السماوية، وأنه حيثما يقام
العدل تكون شريعة الله الحق. 21- إن الأكثرية في الدولة الديمقراطية
العربية هي الأكثرية الديمقراطية وليس
الأكثرية الدينية أو المذهبية أو
القومية، وإن الأقلية هي الأقلية
الديمقراطية، وليس الأقلية الدينية أو
القومية. وهي أكثريات وأقليات متقاطعة
بالطبع، ولكنها ليست متطابقة، لا في
الواقع ولا في المفهوم والمصطلح. 22- الكفاءة والاعتبارات المهنية هي أساس
التعيين في الوظائف الحكومية وغير
الحكومية. ولا توزع وظائف الدولة أو
هيئاتها المنتخبة وغير المنتخبة بموجب
مواقف الناس السياسية أو هوياتهم
الخصوصية أو الفرعية. ويخلق الجو
اللازم لكي يتم التعيين بموجب الكفاءة.
كما تمنع ممارسة التمييز بين الناس عند
التعيين في المؤسسات غير الحكومية.
وترفض الدولة العربية الديمقراطية أن
تكون جماعة الهوية وسيطا بين المواطن
والدولة، سواء كانت المذهب أو الطائفة
أو العشيرة. 23- تنتخب دوريا إدارات محلية ذات صلاحيات
محددة لإدارات ذاتية لامركزية للمدن
والبلدات (بلديات) والأقاليم (محافظات
أو ولايات) في كل ما يمس شوؤن الحياة
المحلية. ويحافظ القانون على التوازن
بين صلاحيات هذه الإدارات وصلاحيات
المركز. 24- الدولة الديمقراطية العربية جزء من
الوطن العربي وتعمل على تعزيز روابط
الأخوة والتعاون مع الدول العربية
الأخرى، كما تعمل على تعزيز قوة ونشاط
المنظمات العربية، وتفي بالتزاماتها
لهذه المؤسسات. وتعمل الدولة العربية
مع بقية الأقطار العربية على إقامة
اتحاد عربي يشكل كيانا سياسيا
واقتصاديا مؤثرا على الساحة الدولية. 25- تلغي الدولة العربية الديمقراطية
القيود على حركة البضائع والأشخاص بين
الدول العربية، وفي مقدمتها
التأشيرات، كما تعمل على التعاون مع
الدول العربية الأخرى في مشاريع
اقتصادية ومشاريع بنى تحتية وغيرها. 26- لا مواطنة حرة من دون أمة حرة. المواطنة
الكاملة ممكنة في الأمة الحرة ذات
السيادة. إن المواطنية هي التجسيد
الحقوقي الفردي لتشكل الأمة ذات
السيادة. والديمقراطية هي أرقى أشكال
ممارسة المواطنية بتجسيدها للمواطنية
عبر الأمة الديمقراطية سيدة ذاتها
ومصيرها. 27- تعتبر الدولة العربية تحرير أي جزء
محتل من الوطن العربي قضيتها. 28- ترى الدولة العربية الديمقراطية نفسها
جزءا من الدول والقوى الديمقراطية في
العالم، ولا تدعم أي نظام يقوم بخرق
حقوق الإنسان. 29- ترفض الدولة العربية الديمقراطية أي
تواجد عسكري غربي على أرضها, ولا تقبل
بأي مساعدة خارجية مشروطة بتدخل في
سياسة البلد الداخلية أو في قراراته
السيادية الخارجية. وتسعى الدولة
العربية إلى تصميم اقتصادي تنموي
يستغني عن المساعدات الأجنبية. وتوجه
الاستثمارات الأجنبية المباشرة
لأغراض التنمية الوطنية وتدعيم
ركائزها. 30- تعتبر الدولة العربية الديمقراطية
قضية فلسطين قضيتها. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |