ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 12/06/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

حيث غاب الاصلاح وبانت بواكير أزمة نظام

السبت, 11 يونيو 2011

نسيم ضاهر *

الحياة

حين إعداد إعلان بيروت – دمشق/ دمشق- بيروت غداة خروج الجيش السوري من لبنان، كان القصد الرئيس تنقية العلاقات بين جارين شقيقين وارسائها على قاعدة الاحترام المتبادل. ولم يكن السعي المدني ذاك إلا لتوكيد ثورة الشعبين على تخطِّي حقبة عصيبة وترميم ما انقطع من تواصل أدَّى، في ما أدّى إليه الى ظنون وشكوك على خلفية ممارسات قهرية وقمعية كادت ان تطيح بالأخوّة والمعاني الانسانية.

ذيِّل الإعلان بتواقيع عشرات الناشطين اللبنانيين والسوريين، ولقد أصرّ النظراء في دمشق على تدقيق النص تكراراً، يحمله مراسلون جيئة ورواحاً من بيروت الى العاصمة السورية بعناية وتفكر في التبعات بعد أن خبروا أفول ربيع دمشق، الى حدّ إغاظة البعض منا الذي خامره السؤال عن مغزى التأخير، وربما التسويف.

ولكم كان أهل الشام على حق، اذ حالما صدر الإعلان، سارعت السلطات السورية الى تجريم أصحاب الشأن، توطئة لحملة اعتقالات وتضييقات طاولت غالبهم وأودعتهم المحاكم والسجون. وتلك سالفة البارحة، عندما طوي منهج الاصلاح المعلن، وانتهت، عملياً، فترة السماح المعطاة للقادم الشاب على رأس السلطة. مذ ذاك أضحى المسار الرسمي مزيداً من الإغلاق، بحيث استنفد المساحيق والمهدئات، وآل الى مؤثرات صوتية إقليمية الصدى، ومعوَِّقات أيعنت في العزلة، وأنهكت تحديث الاقتصاد، فيما ضاقت حلقة المنتفعين بنعم افتتاح تحدّه السلطة وتحدده، واستبقيت أوسع شرائح المجتمع بلا موارد كريمة ولا شبكة أمان. فلا غروْ أن محبسة نظام أراد لنفسه المراوحة في المكان، والقهقرة في ميدان حقوق الناس والانسان السياسية، قد تحوَّلت ولاّدة أزمات متلاحقة. اليوم، بات النظام أسيراًَ بدوره، يحتجزه من صنعهم درعاً له علّه يفي بوظيفة السلطة العارية، ولربما أحاطَ مربع حديدي بالقيادة، معانقاً إياها الى درجة الاختناق.

ليست الأحداث الكبرى مجرّد تردّدات لبيان نخبوي وإعلان مرصوف بأحلى التمنيات. هي وقائع تكتب راهناً بالدم في الحواضر والأرياف، على مساحة قطر سوري حُرِمَ من مدلول الدولة وكفاية الوطن الجدير بالاعتناء، فما أشبعت سياسة العظمة نَهم جيل باحث عن منجزات وفرص عمل، ولا قضت وثائق حزبية على مجاعة وجفاف.

راكمت دائرة النافذين الأخطاء البائنة في معظم المجالات، وغدت جعالة الاستقرار المقبولة في زمن مضى أتاوة تنتزع من شحيح مخزون ورصيد، والعامة طوابير عاطلة عن العمل، وموجات نازحة تحطّ الرحال في لبنان، لتلف ظروف مأسوية العيش والحريات. بذلك اجتمعت توابل الاحتجاج والانتفاض، وصار المسير فعل مقاومة ومعلم فخار، طالما واجهه قمع وجهاز أمن ورصاص، فانتقلت وقفة الكرامة عدوى أخذت تقترب من الدفاعات والأسوار، لا معين لها، من جانب دعاية متهالكة فقدت صدقيتها سوى رشقات التخويف ومطالعات شكوك في أمر الموكلين بها، تزين المأساة وتفرش الورد لإخفاء الدماء.

ستأتي ساعة الحواصل، وهي ما زالت بعيدة المنال، إنما متوقعة مقرؤة ظاهرة في كتاب التاريخ الحديث. الجاري سورياً ينتمي الى معهود انتفاضات، علاجها الممكن صدمة اصلاحية نظير المقترح من أردوغان، الأمر المفتقد لغايته، والمستبعد لتمادي القمع، مؤشِّر الطريق الخطأ، وسقوط الضحايا يومياً بالعشرات. الكل يعلم، وبالشواهد، أن اسلوب المواجهة بالحديد والنار، لن ينجب سوى المزيد من التأزم والنزاع البطيء وانسداد الأفق سياسياً واقتصادياً على السواء. إن تصميم الانتفاضة قد تخطَّى مرحلة الخوف والتردد، فما عاد يعوزها إقدام وإقبال على التعبئة في الميدان. ولئن طُرِحَتْ أسئلة مشروعة حول هوية المعارضة وأحجام أطيافها، ستأتي الاجابات تباعاً، بدءاً باجتماع أنطاليا الذي يشكل اطلالة أولى تحاكي الداخل والمجتمع الدولي في آن. من هذه المحطة ينطلق قطار التحوّلات على وقع الحراك الداخلي المستمرّ، المخضّب بالدماء. ومنها، تنقلب سطوة الأجهزة فزَّاعَة لا جدوى من التلويح بها والتهويل بذراعها وراء الحدود.

مرَّت سنوات ساد الصمت فيها سورية، حتى لخُيِّلَ أن المجتمع الصابر فقد إمكانية الاستنهاض، فجاءت الأحداث مختلفة، واشتدّت الانتفاضة على غير محتسب. الصحيح، ان عوامل الاسكات والتطويع معطوفة على الضائقة الاقتصادية، اقترنت بظلامة مديدة رافقها شيوخ النظام، ما جعل كمّ الغليان مقدمة احتقان عميق أنجب تغييراً نوعياً غير مسبوق. وحيث جرى التعتيم المتواصل على مجريات الحياة في الداخل، بدا السكون والانصياع مثابة حال مجتمعية راكدة ، إلى أن طفح الكيل. ولقد بان أن المعارضة السورية التي استهان النظام بها، عانت أيضاً من سوء تقدير الديموقراطيين لكيانها وحضورها، فأثبتت أن أهل مكة أدرى بشعابها، وما جانبت الصواب، فتغلَّب التاريخي على الظرفي، وكان الظاهر من هتاف وتصفيق واستفتاء معلوم النتائج سلفاً شبيه السراب.

* كاتب لبناني

================

أين بشار الأسد؟!

الشرق القطرية

فواز العجمي

11-6-2011

ما تتناقله وسائل الإعلام سواء تلك التي يتهمها النظام السوري بالتحريضية أو الإعلام الرسمي السوري تضعنا أمام مشهد مرعب ومخيف وتقودنا إلى طريق مظلم أسود تسير به الشقيقة سوريا وهذا الظلام الذي يلف مستقبل الشعب السوري يدفعنا إلى البحث عن الحقيقة وماذا يحدث هناك.. ومن يقتل من؟!! ومن يحرض من؟!! ومن يتآمر على من؟!!

هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات وتحتاج إلى من يجيب عليها فوراً والإجابة على هذه الأسئلة يبدو أنها حتى الآن صعبة وعسيرة لأن النظام الرسمي السوري منع وسائل الإعلام العربية والأجنبية من نقل الحقيقة واكتفى بإعلامه الرسمي ونحن نعلم أن أي إعلام رسمي عربي يرى بعيون النظام ويتكلم بلسانه ويرى بعينه مما يفقده المصداقية وتأكد ذلك جلياً من ما ينقله التلفزيون السوري من أحداث لا تمس الحقيقة أو تعكس ما يحدث في سورية الشقيقة وقد تأكد أيضا أن وزير الإعلام السوري يعيش في العصور الحجرية وكأنه لا يعلم بأن العالم أصبح بيتاً صغيراً وليس قرية صغيرة كما كان قبل قرن مضى وذلك بفضل التقدم الهائل في تكنولوجيا وسائل الاتصال سواء الإنترنت أو الفيس بوك وغيرها من الوسائل المتطورة والحديثة.

ومما يؤكد فشل هذا الوزير أنه إما جاهل في الإعلام وكيفية التعامل مع الأحداث أو أنه أداة تستقبل ما يأمر به وينفذ فقط أي أنه جهاز لا يختلف عن أجهزة الأمن والاستخبارات التي تفرض عليه ما يقول وما يرسل عبر التلفزيون السوري وعلى سبيل المثال نسمع كثيراً أن بعض "المتآمرين" نفذوا في بعض المدن السورية أعمالاً تخريبية أو أن بعض "المندسين" في صفوف المتظاهرين استخدموا الرصاص ضد التظاهرات أو أن بعض "العملاء" قاموا بحرق المنشآت العامة واعتدوا على أملاك الدولة ويكتفي بهذه الإشارات فقط ولم يضع في اعتباره أن مثل هذه الادعاءات إن صحت لابد من "توثيقها" بالصوت والصورة وهي مهمة الإعلام الحديث اليوم أما أن يكتفي بهذه الأقوال في ظل غياب الشفافية فإن مصداقيته ضعيفة فلابد من كشف الحقائق للرأي العام السوري والعربي والعالمي في حال صحتها ومعرفة هؤلاء ومن جنسياتهم ومن يقف وراء هؤلاء ومن يدفعهم ويدفع لهم.. ولابد أيضا من قول الحقيقة في خروج المتظاهرين وإعدادهم الحقيقية وكم عدد الشهداء منهم وعدد الجرحى ولماذا قتلوا لما جرحوا.. وما هي مطالبهم.. وماذا يريدون وهل مظاهراتهم سلمية.. وهل مطالبهم مشروعة.. هذه الأسئلة لابد أن يجيب عليها الإعلام السوري الرسمي لأن غياب وسائل الإعلام الأخرى التي منعها النظام من العمل بداخل سورية تجعل الصورة كاذبة خاصة إذا جاءت من إعلام رسمي عربي معروف عنه أنه لسان السلطة.

ونظراً لغياب الصورة الحقيقية وعجز الإعلام السوري عن نقل الحقيقة وما نسمعه ونشاهده عبر الفضائيات من قتل ودمار وخراب وهجرة الآن إلى تركيا وما نسمعه من المتظاهرين السوريين بإسقاط النظام بعد أن بدأ هؤلاء احتجاجاتهم بالمطالبة بالإصلاح ولكن هذا الإصلاح لم يأت بعد رغم بعض الفتات الذي سمعنا عنه سواء في رفع حالة الطوارئ أو قانون العفو أو غيره من الإصلاحات التي لم تصل إلى الإصلاح الحقيقي المطلوب وهو حكم الشعب للشعب وليس لحزب واحد وهو حزب البعث والذي فشل حتى الآن أن يكون حزبا قياديا يترجم الحلم الشعبي العربي.

أمام هذه الصورة المرتبكة والضبابية والكاذبة في وسائل الإعلام السورية والمخيفة بالنسبة لنا نحن العرب لأننا ننظر إلى سوريا الشقيقة بقلب العروبة النابض لابد الآن وسريعاً وقبل فوات الأوان أن نرى الرئيس السوري بشار الأسد ويجيب على كل هذه الأسئلة والتساؤلات ويضع الحقيقة أمام شعبه وأمام الشعب العربي ويتحدث عن ما جرى ويجري في سورية ويحدد متى وكيف يمكن أن يحدث الإصلاح في سورية لأن الرئيس بشار يملك من القدرة ما يجعله يصحح المسار بحكم أنه الرئيس الحاكم وتصحيح هذا المسار يحتاج إلى سرعة التنفيذ لأن الوضع في سوريا الشقيقة كما نسمع ونشاهد يسير نحو المجهول ومن أجل ألا تأخذنا رياح أعداء الأمة العربية نحو هذا المجهول نسأل الآن ونتساءل: أين بشار الأسد؟!!

===================

الشعوب العربية ... وداعاً لشماعة الخارج

حواس محمود - كاتب سوري

ينشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»

السبت 11 يونيو 2011

الاتحاد

بعد مرحلة صمت رهيبة مرت بها الشعوب العربية تخللتها محاولات هنا وهناك للإشارة إلى وجود خلل طال سياسات الحكم في أكثر من بلد عربي.

وسبب الخلل الذي طال بعض البلدان العربية يعود إلى مشكلات مزمنة، منها استشراء الفساد والقمع وكبت الحريات العامة والفردية، وبعد أن شبعت شعارات مؤدلجة وخطابات نارية مفتعلة وادعاءات، ومزاعم واهية بتحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة، وبعد أن حدثت ثورات وانتفاضات في دول المنظومة الاشتراكية السابقة وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي السابق، والتي تحولت إلى تسمية روسيا- وبعد تطور التكنولوجيا الحديثة وانتشار الفضائيات والانترنت ببرامجها التفاعلية ومواقعها ومدوناتها التي تفسح مجالاً واسعاً لحرية التعبير السياسي، وكذلك الهواتف المحمولة، والتي سميت بثورة التكنولوجيا.

وبعد الطفرة التقنية التي لعبت دوراً فاعلاً في تسيير دفة التغيرات التي وقعت في بعض البلدان العربية.

أقول بعد كل هذه التطورات والتراكمات الاحتقانية التي تفاعلت مع الوسيلة التكنولوجية القادرة على حمل هموم هذه الشعوب وكشف أستار الاستبداد والقوى التي تستغله، استفاقت بعض الشعوب من نومها الكهفي العميق لتبدأ مرحلة جديدة يسميها المفكر التونسي المنصف المرزوقي "الاستقلال الثاني".

ويبدو أن هذا ما حدث فعلاً في تونس ومصر، وكذلك ما يحصل في ليبيا واليمن، إضافة إلى محاولات أخرى في دول تشهد مطالبات بتعديل دستوري يروم تحديد الصلاحيات التنفيذية.

الكثير من المثقفين مارسوا لعبة الانتهازية والانتفاع من السلطة طيلة عقود...وهؤلاء كانوا نخبويين إلى درجة كبيرة، ولم يستطيعوا مقاربة هموم وأوضاع الشعوب العربية ومعرفة أو استشعار نبضها المناهض للاستبداد والقهر والفساد.

لقد تحول اهتمام الشعوب العربية إلى الشؤون الداخلية من تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وتراجعت لديها الهموم الخارجية إلى الدرجة الثانية، بعد أن فشلت الأنظمة العربية في ترجمة شعاراتها الطوباوية إلى أرض الواقع.

إن اللحظة التاريخية الراهنة هي لحظة مفصلية مهمة وحساسة، ونحن أمام تحول كبير وهائل بانتقال بوصلة الاهتمام العربية إلى الديمقراطية المناسبة للوضع الاجتماعي للشعوب العربية.

ويبدو أن كل هذا سيؤثر على القوى الدولية ليفرض عليها رسم سياسات جديدة بالرضوخ لإرادة الشعوب العربية وفصم العلاقة مع الأنظمة الاستبدادية، التي لم تحظ بقبول داخل مجتمعاتها.

إن التغيرات العربية قد شكلت صدمة للكثير من القوى الإقليمية والدولية، وكذلك قلبت حسابات الكثير من المراقبين والمحللين.

وهذه التطورات أيضاً كذبت تحليلات وشروحات وتفسيرات الكثير من الإعلاميين الذين ربطوا كل ما يحدث في العالم العربي بالتحديات الخارجية غامضين أعينهم عن التحولات العميقة تحت سطح قشرة الواجهات الاستبدادية.

إن الاستحقاق التاريخي الذي ستناله الشعوب العربية استحقاق ضخم والخريطة السياسية ستتغير بصورة سريعة وفاعلة، هذا الاستحقاق يأتي بعد مخاض عسير للأغلبية الصامتة، التي صمتت طويلًا لكنها قالت كلمتها جسداً محروقا لبوعزيزي الذي سنجد له صوراً وتماثيل وكتابات عنه كمشعل للتحولات العربية الحديثة، ثورة الاستقلال الثاني ثورة التغيير والحداثة والتنمية والحرية وانطلاق الإعلام المعبر عن تطلعات الشعوب العربية بالتحول والتطور الواثق المصمم للحاق بركب الحضارة العالمية بكل قوة وتوازن وجدارة.

==================

مفاجآت سورية في «يوم العشائر»

غدي فرنسيس

السفير

11-6-2011

الطقس حار في دمشق... كذلك حال كل شيء آخر. تزامنت التسمية الإشكالية ليوم «جمعة العشائر»، مع ذكرى رحيل الرئيس حافظ الأسد. خلافاً للتقليد السوري بتمجيد «القائد الخالد» في العاشر من حزيران من كل سنة، كانت عيون الشام وحماه وجسر الشغور مختلفة. تركيا، الأمن، الإعلام، المتظاهرون.. كل شيء مختلف، كأن رائحة جديدة بدأت تعبق في السياسة، سواء على مستوى المعارضة أم على مستوى النظام.

حماه: رحيل القائد... وتمثاله

على باب مدينة حماه، كان يقف تمثال ضخم للرئيس حافظ الأسد. ليل الخميس، قام الأمن بإزالته. ليل الخميس، كانت كل سوريا تتوقع جمعة صاخبة في حماه. كان متوقعاً أن دماء الأسبوع الماضي ستزيل التمثال، لكنّ الأمن كان سباقاً في ذلك. ربما كان ذلك لفتة أو كهدية. فبعد سقوط الشهداء، قام المحافظ بجولة على البيوت و«طرّى» القلوب، وحصل كل بيت على مبلغ مالي. كل ذلك لم يسكت حماه، لكنه أعاد الصورة السلمية إلى تحرك أهلها. قدّر الحمويون أن أعدادهم يوم أمس قاربت المئة وخمسين ألفاً، لكن التظاهرة التي تحولت إلى مسيرة حافظت على سلميتها. وعوضاً عن التجمّع في الساحة المرتقّبة، ساحة العاصي، اتجّهت المسيرة مساءً إلى حيث «كان التمثال»، في ما يشبه «الاحتفالية».

الحدود «المسلحة»

ربما لأنه المكان الوحيد حيث يظهر «النظام» ضحية، بعدما سالت دماء الأمن والجيش، وربما لأنه خاصرة سياسية تبث الرسائل إلى الخارج، جرى يوم أمس فتح جسر الشغور أمام الإعلام العربي والأجنبي. وفيما تابع مراسل التلفزيون السوري تغطيته «بالصوت فقط»، كرر عشرات المرّات أن معه زملاء من الإعلام يغطّون الحدث، مردداً «سيرى العالم ما يحدث في جسر الشغور».

منذ أيام، تؤكد المصادر التركية أن المستشفيات التركية والحدود التركية تشاهد ما يحدث في جسر الشغور. معبر واحد ترك للمدنيين ل«الفرار»، وهو المعبر التركي. وبالحديث عن المعبر التركي، تجدر الإشارة إلى أن امتداد الحدود السورية التركية على خط 780 كيلومتراً، يشكل صلب القرابة بين الشمال السوري والجنوب التركي، اجتماعياً واقتصادياً، وبالتالي، سياسياً.

وبالعودة إلى دمشق، فإن غالبية الدمشقيين، ترى أن «السلاح» لم ينته بعد، وأن «دير الزور» الحدودية مع العراق، ستتصدّر خبر «عاجل» على الشاشات السورية عمّا قريب. فهناك، يتربع المعبر الأبرز بين الحدود السورية الممتدة مع الأردن في درعا، وشمال لبنان في تلكلخ، وجنوب تركيا في «مثلّث الموت» بين إدلب وخان شيخون وجسر الشغور، ومن ثم مع العراق من دير الزور.

احتجاج وانقسام غير معلن

عندما ظهرت تسمية «جمعة العشائر»، ساد انقسام بين الشارع المحتج الذي لم يكن أساساً جسماً واحداً. في انطاليا، استهجن البعض التسمية، رفضها بعض آخر، وتمسّك آخرون بها، فسادت الشائعات عن «تضارب» حدث بين المعارضين. في الشارع، كان سؤال أهم: «من يقوم بتسمية أيام الجمعة؟»، فردّت الغالبية، «الصفحة الثورية السورية الأكبر». تتبع الأسئلة والإجابات، لتستخلص الطاولة المعارضة أن «فداء السيّد» الذي يدير الصفحة هو من سمّاها. ثم تعلو الإشاعات حوله. «والده إخوانجي معروف وفي رقبته القتلى»، فيرد آخرون «بغض النظر عمّن يمثّل، الإنترنت جمع كل من يريد إسقاط النظام... وهذا هو المهم».

وبالعودة إلى شارع الميدان، بعد صلاة الجمعة، التي تلتها هتافات إسقاط النظام، التي بدورها ألحقت بالأمن الذي كان يربض منتظراً، ثم بعد مسيرة التأييد «العشوائية» التي تلت ذلك، كان لا يزال «أبو أحمد» يلوّح بصحن بلاستيكي ليخفف الحر عن وجهه، ويقول «ما زلنا نعاني من شلل في الحركة». أيام الجمعة في سوريا، يهجم الشارع إلى الميدان المشهور بالأكل الدسم والحلويات. كان السيّاح لا يغادرون سوريا قبل ان ينفعوا أهل الميدان. اليوم، سرّح أبو أحمد نصف موظفيه. ينظر إلى شاشة التلفزيون السوري، لا يصدّقها تماماً لأنه كان واقفاً وشهد. «لم يخرج المتظاهرون من المسجد هذه المرة. هتف عدد من الشباب من خلف المسجد: «لماذا نسكت؟»، رد المصلون من الداخل «فليسقط النظام... فليسقط». خرجوا ليتلقوا ثلاث قنابل مسيلة للدموع ثم «ينفضّ الاحتجاج». دقائق قليلة، جابت مسيرات التأييد الميدان هاتفة «أبو حافظ». بقي أبو احمد في محله يتابعهم، وهو قلق من الكساد... «خلصونا بقا بدنا نشتغل».

من دمشق إلى حماه وجسر الشغور، ما هو مؤكد ان الشارع قد تحرك في ما يزيد عن المئة موقع في سوريا. ما هو مؤكد ان حماه سلمية، وأن حمص نامت منذ الخميس على صوت الرصاص في حي بابا عمر، وأن المسلحين استهدفوا الأمن والجيش في أمكنة، بينما احتفظوا بالصورة الجميلة في أمكنة أخرى. وتحت المشهد، حركة دبلوماسية هائلة، همس سياسي عن «الإخوان» وتركيا وحلب، وملف مجلس الأمن الجديد... وما يحاول الهمس السوري ان يؤكده أن «دير الزور قد تشتعل قريباً».

==================

لبنان نصير الأحرار لا القتَلَة

علي حماده

النهار

11-6-2011

فيما يواصل النظام في سوريا الغرق في بحر من دماء، ثمة قيادات لبنانية لم تفهم بعد انه لن تقوم في لبنان حكومة يتمترس خلفها النظام، او تكون ورقة بيده في معركته للبقاء. فقد ولّى زمن الانبطاح على ابواب المسؤولين السوريين واولهم الرئيس بشار الاسد، ومن لم يدرك ذلك بعد يتعين عليه ان يحترم دماء السوريين من اطفال ونساء وشيوخ وشباب يواجهون من اكثر من ثلاثة اشهر اعتى آلة قمع مخابراتية – عسكرية في المنطقة لينتزعوا يوما بعد يوم حريتهم وكرامتهم شبراً شبراً.

لقد تغيرت الصورة كليا. ومن كان ينتظر "شرعية" ما من النظام في سوريا ليؤلف حكومة، او يتخذ خيارا سياسيا في لبنان، صار عليه ان يعوّد نفسه التصرف من تلقائه، لأن النظام في سوريا في طور فقدان شرعيته كليا، ولأن العودة الى الوراء، الى ما قبل الخامس عشر من آذار، مستحيلة، فالسيطرة الامنية الدموية على سوريا لا تعني ان الاسد الابن وصحبه قادرون على حكم البلاد بعد هذا الكم الهائل من الدماء ومن "الفظاعات"، كما وصفها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان. ونحن في لبنان يسوؤنا ان يتوهم بعضنا ان بعض شرعيته او كلها منبثقة من قرار النظام في سوريا.

هذا كلام نوجهه الى الجميع من دون تمييز: أتباع النظام القدامى والجدد، على قاعدة ان لا شرعية لأي حكومة تعكس رغبة النظام في سوريا او تخدم مصالحه. وهنا نحن نميز بين مصالح سوريا الوطن والشعب وحتى الدولة بمعناها المدني، ومصالح الفئة التي تقتل شعبها بلا هوداة دون ان يرف لها جفن منذ اكثر من ثلاثة اشهر. وعليه فإن موقف لبنان في مجلس الامن مما يجري في سوريا ينبغي ان يتسم بالحد الادنى، اي انه اذا كان "حزب الله" معتصما بالتحالف مع النظام، فإن لبنان لا يمكنه ان يقف بجانب القتلة، وان يتعامى على المجازر، واكثر من ذلك لا يمكن لبنان بلد ثورة الارز ان يدفع الى موقف "وقح" بالتصويت ضد قرار دولي يقدم لوقف المجازر في سوريا. ان لبنان هو صديق الشعب في سوريا، ولا يسعه إلا ان يقف مع الاحرار في كل مكان، من تونس الى مصر وليبيا وصولا الى سوريا.

في سوريا لن يعود النظام (هذا اذا لم يسقط) الى سابق عهده. ولن ترسو معادلة تعيد إحياء "جمهورية حافظ الاسد". فقد ماتت ودفنها احرار سوريا في اقل من عشرة اسابيع. وتكسرت جدران ذلك "السجن الكبير" كما سماه كمال جنبلاط قبل ان يقتلوه.

اننا في لبنان حلفاء سوريا، ولكننا حلفاء الشعب لا حلفاء قتلة الاطفال والنساء. ولمن خانتهم الذاكرة، فإننا قدمنا للحرية شهداء كبارا، من اولهم كمال جنبلاط الى كبيرهم رفيق الحريري مرورا بكل الكبار الذين سقطوا ب"رصاص الغدر"، أخالها تعتذر منهم...

==================

التمسّك الروسي بسوريا

سميح صعب

النهار

11-6-2011

ليست العلاقات التقليدية والتاريخية بين روسيا وسوريا هي وحدها التي تملي على موسكو موقفها المساند لنظام الرئيس بشار الاسد. والركون الى هذه المقولة وحدها فيه الكثير من التبسيط للامور.

وللإحاطة بالموقف الروسي لا بد اولا من التوقف عند حسابات الربح والخسارة بالنسبة الى روسيا منذ انتهاء الحرب الباردة في المنطقة.

فحرب الخليج الثانية التي قادها جورج بوش الاب عام 1991 لاخراج القوات العراقية من الكويت، تزامنت مع التفكك الدراماتيكي للاتحاد السوفياتي، وتالياً فقدت روسيا دورها التاريخي في العراق مع الحصار الاقتصادي الذي فرض على نظام صدام حسين بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء.

 وأتى الغزو الاميركي للعراق عام 2003 ليخضع العراق كاملا للنفوذ الاميركي، مما قضى على أي فرص روسية لاستعادة دور معتبر في هذا البلد على المدى المنظور. كما ان أي دور تطمح اليه روسيا في العراق سيمر حكماً عبر النفوذ الاميركي.

واستمرت قصة الاقصاء الاميركي لروسيا عن المنطقة. وعبثاً حاولت موسكو استضافة مؤتمر مكمل لمؤتمر انابوليس الذي انعقد في رعاية بوش الابن عام 2007 من اجل احياء عملية التسوية الفلسطينية - الاسرائيلية.

كما وجدت روسيا نفسها بعيدة عن التأثير في ما يسمى ب"الربيع العربي". واذا كانت تونس ومصر من الدول غير الدائرة في الفلك الروسي أصلاً والتي تنتهج سياسة موالية للغرب، فإن ما حصل في ليبيا كان مختلفا. فالوجود الروسي في ليبيا كان أقوى بكثير من الوجود الغربي لأسباب كثيرة.

 لكن موسكو وجدت نفسها فجأة خارج ليبيا. وعلى رغم انها امتنعت عن استخدام الفيتو ضد قرار مجلس الامن رقم 1973 الذي اجاز استخدام القوة لحماية المدنيين، فإنها اختلفت مع الغرب على تفسير القرار.

وكي لا تخسر روسيا ليبيا كاملة، ها هي تبحث الان عن دور من خلال الغرب نفسه، فأرغمت على الاتصال بالمجلس الوطني الانتقالي بعد تردد، محاولة العودة الى هذا البلد من طريق وساطة يبدو انها محكومة بالفشل سلفاً. والنتيجة هي ان ليبيا ما بعد القذافي ستكون غربية الهوى.

وكي لا تخسر روسيا دورها ومصالحها في الشرق الاوسط تماما، تجد نفسها اليوم في الموضوع السوري مضطرة الى عدم تكرار الخطأ الليبي. فالخروج من سوريا يعني خروجاً روسياً كاملاً من المنطقة او البحث عن دور من خلال الغرب نفسه.

لذلك يصير مفهوماً الاعتراض الروسي في مجلس الامن على أي قرار يمهد الطريق لتدخل دولي ستكون حصيلته مشابهة لما جرى في العراق او في أحسن الاحوال لما يجري في ليبيا.

==================

جمعة العشائر دموية ايضا

رأي القدس

2011-06-10

القدس العربي

 جمعة اخرى دموية تشهدها سورية، حيث وصل عدد الشهداء حتى كتابة هذه السطور اكثر من 22 شهيداً سقط 11 منهم في محافظة ادلب، حيث اكد شهود العيان ان مروحيات عسكرية اطلقت النار على المتظاهرين.

من الواضح ان الاجهزة الامنية السورية المدعومة بدبابات الجيش ومروحياته مازالت مصرة على استخدام الرصاص الحي في مواجهة المدنيين، بينما تغيب الحلول السياسية المرتكزة على الاصلاحات كلياً من المشهد السوري.

السلطات السورية تراهن على امكانية انهاء الثورة الشعبية بالقوة، واستعادة سيطرتها على جميع انحاء البلاد مجدداً، واعادتها، اي سورية، الى الوضع الذي كان قائماً في السابق، ولكن هذا الرهان خاسر، لان مؤشر الاحتجاجات في تصاعد مستمر، ولا توجد اي دلائل تفيد بان الشعب السوري قد تعب، وبالتالي تراجع عن مطالبه العادلة في الحرية والشفافية واحترام حقوق الانسان والتغيير الديمقراطي الشامل.

ان الاصرار على صم الآذان في وجه نصائح الاصدقاء، والمضي قدماً، وبوتيرة متسارعة في عمليات القتل، سيؤدي الى جر البلاد الى اتون الحرب الاهلية، وربما التدخل الخارجي بصورة او بأخرى، فمن الواضح ان هناك جماعات داخل سورية وخارجها تدفع في هذا الاتجاه تحت عنوان الدفاع عن النفس.

السيد رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا يعتبر من اكثر القادة الاسلاميين قرباً للنظام السوري ورئيسه بشار الاسد، واستطاع في سنوات قليلة توثيق العلاقة بين بلاده وسورية، انعكست في اقامة مناطق حرة مشتركة، وفتح الحدود امام مواطني البلدين للتحرك بحرية في الاتجاهين، وتدشين مشاريع اقتصادية وتعاون تجاري مشترك.

ولذلك عندما يطفح كيله، وهو الصديق والحليف الحميم، ويتهم النظام السوري بارتكاب 'فظاعات' وعدم التصرف 'بشكل انساني' حيال المحتجين من ابناء شعبه، ويؤكد انه اتصل بالرئيس بشار الاسد قبل ايام ليكتشف انه ومسؤولين آخرين يقللون من اهمية الوضع، فان هذا مؤشر خطير على ان الاوضاع في سورية تنجرف نحو الاسوأ.

رئيس الوزراء التركي لمح في مقابلته التي نقلتها عنه وكالة الانباء الرسمية (الاناضول) الى الدور الذي يلعبه السيد ماهر الاسد شقيق الرئيس وقائد الفرقة الرابعة في التصدي للاحتجاجات بطريقة دموية، وهذه هي المرة الاولى التي يذهب فيها السيد اردوغان الى هذا الحد، ويسمي الاشياء باسمائها بكل صراحة ووضوح، فالرجل الذي يملك حدودا مشتركة مع سورية تزيد عن 800 كيلومتر، يعرف ما لا يعرفه الآخرون حول طبيعة مراكز القوى داخل سورية.

كنا نتمنى لو ان القيادة السورية التي تتحكم بمقدرات الامور في البلاد، استمعت الى نصائح السيد اردوغان مبكرا، وعملت بما ورد فيها من تركيز على ضرورة اجراء اصلاحات سياسية جدية تلبي طلبات الجموع الثائرة المحتجة في العدالة والديمقراطية ومحاربة الفساد والفاسدين، ولكن هذه القيادة كابرت ورفضت العمل بهذه النصائح لانها لا تريد ان تظهر بمظهر الضعف، وتقديم التنازلات تحت ضغط الشارع الغاضب الثائر.

عشرون شهيدا سقطوا في جمعة العشائر بالامس، ويعلم الله كم شهيدا سيسقط اليوم عند تشييع هؤلاء الى مثواهم الاخير. انها دائرة دموية تتسع جمعة بعد جمعة، وتجر البلاد الى حافة الهاوية، ان لم تكن الهاوية نفسها.

=====================

تركيا تحتوي المعارضة في سورية وإيران تنقل نفوذها الى لبنان

السبت, 11 يونيو 2011

سليم نصار *

الحياة

حرص الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشيف أثناء المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي، على إثارة قضية التصفيات الجسدية التي نفذها ستالين بخصومه. وقال ان إرهاب روبسبيير في زمن الثورة الفرنسية، ما كان ليقارن بإرهاب ستالين وبيريا اللذين قاما بتطهير المجتمع على نحو غير مألوف. وعندما انتهى من تعداد انتقاداته لفترة الرعب، اعلن عن استعداده للرد على اسئلة الحضور.

وحدث اثناء فرز الاسئلة التي أجاب عليها خروتشيف بصراحته المعهودة، ان اكتشف سؤالاً غير مذيّل بتوقيع صاحبه. ويقول السؤال: لماذا امتنعت عن مهاجمة ستالين في حياته؟

وعلق خروتشيف على استيضاح السائل، قائلاً: للسبب ذاته الذي منع السائل من توقيع اسمه. عندها، انفجرت القاعة بالضحك، لأن الكل كان يخشى انتقاد ستالين في حياته، بمن فيهم رفاقه.

وقد يكون من المبالغة اجراء مقارنة بين النظام الستاليني الارهابي وسائر الانظمة العربية التي حكمت اكثر من أربعين سنة بواسطة التخويف والترهيب ومراقبة الشرطة السرية.

ويرى المحللون ان اهم منجزات ثورات الربيع العربي، هو ازالة كوابيس الخوف من عقول شعوب المنطقة. ومن ثم تخويف الحكام وتهديدهم بالمساءلة والمحاكمات العلنية وشل الجيوش النظامية. وهكذا اصبح الخوف من نصيب الحكام الذين يتهددهم الشارع بخطر السقوط او القتل، كما في احوال زين العابدين بن علي وحسني مبارك وعلي عبدالله صالح ومعمر القذافي.

الدول الغربية متفائلة بالنتائج المتوقعة للانتفاضات الجماهيرية، على اعتبار انها ستمر في المسارات الصعبة التي مرت بها دول الكتلة السوفياتية سابقاً. اي تجاوز ظلامات العقود السابقة وقيام انظمة ديموقرطية تستبدل القمع بمفاهيم احترام حقوق الانسان. ووفق العناوين التي ملأت اعمدة الصحف، فإن هذا الحراك الحيوي ينبئ بولادة ربيع عربي يرمز الى ولادة عهد جديد وأمل جديد.

ومن المفارقات الطريفة التي تميزت بها هذه الثورات او الانتفاضات، خلو ساحاتها من قيادات علنية او زعامات معروفة. ومثل هذه الظاهرة تمثل نقيض المراحل التي شهدت فيها الشعوب العربية عهود الحاكم الاوحد، وولايات التجديد والتمديد للرئيس المهيمن على اقدار البلاد والعباد.

ولكن هذا التفاؤل المشوب بالحذر لم يمنع بعض كبار المحللين من إبداء مخاوفهم من استمرار تفكك هذه الدول – مثلما حصل في لبنان – والدخول في فوضى عارمة بين المذاهب والقبائل والمناطق والاحزاب. والسبب ان تكوين دول الشرق الاوسط، تم بطريقة تخدم مصالح بريطانيا وفرنسا وكل ما يمثله «سايكس – بيكو». ومعنى هذا ان اعادة صوغ الخريطة الاقليمية في شكل يزيل الخطر العربي عن اسرائيل، سيؤدي حتماً الى إضعاف السلطة المركزية وتفتيت عوامل التماسك للكيانات السياسية القائمة. ويرى هؤلاء المحللون ايضاً، ان 21 دولة عربية ستتحول في نهاية المطاف الى اربعين دولة بسبب الانشطارات المتوقعة. وكما حدث في السودان والعراق او سيحدث في ليبيا واليمن، فإن المتغيرات الطارئة ستجعل من كل دولة «سلة سلاطعين»، ينصرف مواطنوها الى الانشغال بنهش بعضهم بعضاً!

هذا الاسبوع، تعرضت سورية لحملات سياسية عنيفة اقلقت امنها الداخلي وقلصت نفوذها الخارجي. وأعلن وزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار في بيان رسمي يحمل لهجة التهديد والتحذير ان الدولة ستتعامل مع التنظيمات المسلحة بحزم وشدة. وقد صدر كلامه هذا عقب انتشار خبر يتحدث عن مقتل «120 شهيداً» في بلدة جسر الشغور على ايدي تنظيمات مسلحة. وقد اتسع خيال المحللين الذين اعتبروا عملية الاغتيال الجماعي مجرد معركة بين المعترضين السنّة في الجيش النظامي وبين منافسيهم العلويين في الفرقة الرابعة المستنفرة وحدها لقمع المتظاهرين. ويدعي المشككون بتفسير الدولة، ان العناصر السنية بقيت معزولة في الثكنات خوفاً من انضمامها الى المحتجين.

جماعة «الاخوان المسلمين» في سورية لا تخفي سعيها المتواصل الى اظهار النظام العلماني كأنه يتعامل معها بطريقة مذهبية. وفي التظاهرة الضخمة التي شهدتها مدينة حماه حاول «الاخوان» اثارة عاصفة شديدة من الاحتجاج، انتقاماً لمعركة 1982 التي سقط فيها اكثر من 25 الف قتيل. وبدلاً من ان يتعاطى النظام مع الاستفزاز بطريقة الاحتواء، قابل التحدي بحملة قمع راح ضحيتها اشخاص عدة. وكان من نتيجة ذلك ان اصدر مكتب «الاخوان» في الاردن، بياناً هاجم فيه الاعتقالات التي تمت لمحازبيهم في حماه.

وكان من الطبيعي ان يسبب هذا التصرف إحراجاً للعاهل الاردني الذي يهمه كثيراً التعامل مع دمشق بانفتاح وإيجابية. وقد ظهر هذا السلوك بوضوح من خلال المراقبة المشددة على حدود بلاده مع سورية، كما ظهر ايضاً في اللقاء الاخير الذي جرى في البيت الابيض. وقد ذكرت الصحف ان الملك عبدالله الثاني طلب من الرئيس اوباما عدم التسرع في ادانة دمشق، مع ضرورة اعطاء الرئيس بشار الاسد، فرصة كافية لإقامة حوار مع المعارضة وإجراء الاصلاحات المطلوبة.

ويبدو ان واشنطن تركت فسحة زمنية واسعة قبل اتخاذ اي قرار محرج للنظام السوري. ولكن عملية عبور السياج الشائك في مرتفعات الجولان من جانب فلسطينيين ولبنانيين، اثارت حفيظة هيلاري كلينتون التي كررت نداءها السابق بضرورة وقف العنف. ومع ان اسرائيل قتلت في ذلك اليوم 23 شهيداً، الا ان الوزيرة الاميركية امتنعت عن توجيه اللوم الى المحتل، بحجة ان بلادها ملتزمة امن اسرائيل.

وعلى أثر حادثة «ذكرى النكسة»، تطابق الموقف الاميركي مع الموقف البريطاني الذي عبر عنه وزير الخارجية وليام هيغ، بالقول: «ان الرئيس الاسد مدعو للاختيار بين الاصلاح او التنحي». وبالتعاون مع دول الاتحاد الاوروبي، قامت فرنسا بصوغ قرار ادانة، هددت روسيا والصين بنسفه.

ويبدو ان الرئيس باراك اوباما كان يتوقع من نظيره الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، ان يتصرف تجاه سورية مثلما تصرف تجاه ليبيا. علماً ان الدولتين تملكان لدى موسكو رصيداً سياسياً واقتصادياً، يصعب التنازل عنه. ولكن مكانة سورية تظل تحظى بأهمية كبرى نظراً للعلاقة الوثيقة التي اقامها الرئيس الراحل حافظ الاسد مع القيادات السوفياتية السابقة. وقد جدد نجله الرئيس بشار هذه العلاقة بعدما تنازل بوتين عن نصف الديون وأرسل بوارج حربية عدة الى ميناء طرطوس. ومع ان الوجود العسكري الروسي الدائم في المياه الاقليمية السورية، لم يأخذ طابع التحالف الامني، الا انه في نظر اسرائيل يشكل رادعاً معنوياً للحفاظ على قيادة الشواطئ والقطع البحرية المرابطة قبالة اللاذقية وطرطوس. وفي خطوة مماثلة ارسلت طهران قبل اربعة اشهر بارجتين الى الشاطئ السوري كنوع من اظهار تعاطفها وتعاضدها مع دمشق. كذلك ارسلت غواصتين عبرتا هذا الاسبوع البحر الاحمر في طريقهما الى قاعدة طرطوس.

يجمع المراقبون على القول ان مؤتمر انطاليا اثبت وجود تيارات متضاربة داخل قيادات المعارضة السورية يصعب الاتفاق في شأنها. لذلك وجد رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان، ان من الافضل تأجيل هذا الموضوع الى حين انتهاء الرئيس الاسد من تشكيل هيئة الحوار الوطني. ومع انه مقتنع بأن الهيئة المزمع انشاؤها، لن تحل المشاكل العالقة – مثلما حدث في لبنان – إلا انها على الاقل تعطي النظام فرصة التقاط الأنفاس.

ومعنى هذا ان التأجيل لا يمنع تركيا من نشر مراقبين على طرفي الحدود الممتدة على مسافة 800 كلم. وهي حدود مفتوحة شهدت اخيراً زحفاً متواصلاً يضم فلول الهاربين من نيران الدبابات والقناصة. لذلك يرى الحزب الحاكم في انقرة ان مصلحته تقضي باستنباط حل ملائم قبل ان يستفحل النزاع الداخلي، وتصبح تركيا مثل تونس جارة ليبيا. أي ملجأ آمناً للذين يطاردهم النظام او يطردهم من معتقلاته. ويقال في هذا الشأن، ان تركيا ستشكل حكومة انتقالية في حال انهار النظام لتكون جاهزة للاشراف على مرحلة وضع الدستور. ويتردد في انقره ان سعد الدين البيانوني، زعيم «الاخوان المسلمين» سيكون لولب هذه الحكومة بدعم من تركيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

اما بالنسبة الى ايران، فإن غياب نظام الاسد، سيعيد نفوذها وحضورها من البحر الابيض المتوسط قرب لبنان وإسرائيل... الى بحر قزوين على حدود روسيا. وهذا معناه عزلها ومحاصرة نفوذها الاقليمي. وكان هذا بداية الخلاف بين دمشق وواشنطن عندما رفض بشار الاسد مطلب وزير الخارجية كولن باول، بضرورة منع ايران من الوصول الى سورية ولبنان.

ويرى الكثير من المراقبين ان ما ذكره رامي مخلوف حول أن تهديد النظام السوري يمكن أن يزعزع امن اسرائيل، لم يعد صالحاً لمرحلة تكوين الكيانات الجديدة. من هنا البحث عن نظام بديل في سورية يبقي نفوذ ايران في العراق، ويمنع طهران من الوصول الى المياه الدافئة.

وفي ضوء هذه المعطيات يرى بعض النواب ان الانفراج الحكومي الذي اعلنه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، سيكون مرهقاً ومكلفاً على لبنان. والسبب انه اختير ساحة نزال للدول العاملة على طرد نفوذ ايران من لبنان، والإتيان بنظام سوري جديد لا يرسل الفلسطينيين لقطع الاسلاك الشائكة حول مرتفعات الجولان!

==================

90 يوما هزت سوريا

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

11-6-2011

لم نتصور أن أول صور شاهدناها في إحدى ساحات دمشق لا يمكن أن توحي إلا بالخوف، كانت لعشرات من الأشخاص تجمعوا وبدأوا يحتجون بصوت رفيع: «الشعب السوري ما بينذل»، ثم جاءت سيارة وظهر منها مسؤول رسمي بوجه عابس، وفجأة صرنا نسمع الجمهور يقول: «بالروح بالدم.. نفديك يا بشار»!

أحد الزملاء، ونحن نفحص الفيديو لنرى إن كان يوحي ببداية ثورة، قال لي: صدقني.. سوريا ستكون آخر بلدان العالم التي يتجرأ شعبها على تحدي النظام، وهو أكثر أنظمة العالم قسوة وأشهرها بأجهزة أمنه ومخابراته. لكن بعد أيام ثارت بلدة حدودية. في 18 مارس (آذار) انتفض أهل درعا عندما علموا أن المخابرات السورية اعتقلت وعذبت أطفالهم لأنهم كتبوا على أحد الجدران عبارات مسيئة للنظام والرئيس. فقامت السلطات السورية بقمع الأهالي. ولأيام متتالية تابع العالم انتفاضة هذه البلدة التي حيرت النظام الذي ظن - لكونها بعيدة – أنه لن يدري عن أفعاله شيئا، وظن أنه سيجعل منها درسا لبقية المدن والقرى. وفي بداية كل أسبوع كان يظن أن الاحتجاجات ستنتهي بسبب كثرة القتل والاعتقالات. ثم اتضح أن عامل الخوف قد كسر. ومنذ ذلك اليوم وأبواب جهنم تفتح على النظام الذي لا يدري في أي اتجاه يمكن أن يتحرك، فمن درعا في أقصى الجنوب، إلى تلكلخ على حدود لبنان، إلى قامشلي حيث الأكراد، وحديثا جسر الشغور المجاورة لتركيا.

في 3 أشهر خطب الرئيس بشار الأسد لشعبه مرة واحدة، وشاهدوا مسرحا رخيصا يقوم أثناءه أحد النواب - الذي يفترض أنه منتخب من الشعب - فيخاطب الرئيس بقوله: «إن زعامتك للعالم العربي لا تفي بحقك، بل أنت زعيم العالم». لكن كل جمعة جديدة كانت تثبت أن زعامته تتقلص مدينة بعد مدينة ومنطقة بعد أخرى.

وبعد 90 يوما من انتفاضة درعا، ما الذي يمكن أن نتنبأ به للنظام؟ هناك احتمال أن يسقط سريعا خلال أسابيع، خاصة إن صحت روايات الانشقاقات داخل الجيش. والاحتمال الآخر: أن يسقط متأخرا، مثلا في نهاية العام، أو مطلع العام الجديد. والثالث: أن يكون هناك تغيير من داخل النظام، أن يتخلص الرئيس من الرموز السيئة، مثل أخيه ماهر، فيقبل الناس أكباش الفداء. أو أن يحدث تغيير من داخل النظام، ومن خارج الأسرة، بقيادات عسكرية تهدئ من غضب الشارع السوري. والاحتمال الأخير هو: أن ينجو النظام برفع وتيرة القمع أو لأن المظاهرات السلمية استهلكت طاقتها. وفي الحالات كلها النظام ضعف، إن لم يكن قد سقط.

ويُلام النظام الحالي لأنه عجز عن إدارة أزمته ومعالجة الاحتجاجات.

أعتقد أن النظام السوري تعمد رفض الاستجابة للاحتجاجات، على الرغم من أنها سلمية، ومطالبها في الأسابيع الأولى كانت إصلاحية فقط؛ لأنه كان يظن أن الاستجابة تعني الضعف. وبالتالي، اختار أن يظهر النظام قويا عنيدا وكلمته فوق كلام المعارضة. كان يخاف من النموذج المصري؛ حيث إن الرئيس السابق حسني مبارك كان كلما قدم تنازلات زادت المطالب والمظاهرات حتى سقط. وهذه مقارنة خاطئة؛ لأن النظام في سوريا كتلة واحدة، أجهزة الأمن والجيش ملتصقة تماما بالقيادة، بخلاف الوضع في مصر. لو أن الرئيس السوري قدم إصلاحات حقيقية: فتح الباب للأحزاب الأخرى وكسر احتكار حزب البعث، وسمح بانتخابات حقيقية للبرلمان، وأطلق سراح المساجين السياسيين، ربما كان حظ النظام أفضل. كان بإمكانه عندما يواجه المتظاهرين بالقوة أن يدعي أنه قدم كل ما يمكنه تقديمه ولم يعد أمامه من خيار آخر.

اليوم، سوريا بلد مصدوم من حجم القتل والكذب الرسمي، ولن يفيد فيها أي إصلاح، ولن ينجو النظام إلا بمعجزة ما. وكما نرى فإن ارتفاع حجم المظاهرات وانتشارها في كل مكان من البلاد أرهقا النظام، وهذا ما يجعلنا نصدق أنه صار مضطرا للاستعانة بقوات ومساعدات من الخارج لممارسة المزيد من القمع. لكن مهما جلب من إيران وحزب الله لن ينفعه في مواجهة 20 مليون مواطن تحرروا من الخوف، في بلد يقوم أساسه على عامل الخوف وحسب.

==================

وزير إيراني مراسل لصحيفة سورية!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

11-6-2011

كتبت قبل أسبوع وتحت عنوان «الطفل الذي هز سوريا» أن «المفروض على المحطات الإخبارية العربية المحترمة في منطقتنا ألا تقبل بظهور هؤلاء (المحللين)، فإذا كان النظام السوري يريد الدفاع عن نفسه، فعليه تخصيص متحدث رسمي، أو عبر وزير إعلام النظام.. بدلا من خروج (محللين) تعرف المحطات، أكثر من غيرها، أن لا مصداقية لهم»!

ونعود اليوم لنفس الموضوع ولسبب بسيط، فيوم أمس بثت محطة «سكاي» الإخبارية البريطانية خبرا عن قمع النظام السوري للمدنيين، وقالت المحطة: «ومعنا للتعليق المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية السورية»! فالمحطة البريطانية لم تقبل استضافة «المحللين» السوريين لأنها تحترم مهنيتها ومشاهديها، ولا تعرضهم للدعاية الكاذبة، فرضخ نظام دمشق وأرسل لهم متحدثة شقراء، وهذا ما لم تفعله فضائياتنا كلها!

بل الغريب أن النظام السوري يهاجم الفضائيات العربية بدلا من أن يشكرها، فهذه فضائية تمنح مساحة لمن سمته «المحلل»، الذي وجه دعوة على الهواء للوزراء الأوروبيين لزيارة سوريا، من دون أن يسأله المذيع «بأي صفة تدعوهم؟». بل عند البحث عن ذلك المحلل عبر «غوغل» يتضح أنه غير معروف صحافيا، بل مكتوب أنه مقاول عقارات، وتصفه الفضائية العربية بال«إعلامي»، وهذا وصف لا أساس مهنيا له. فإما أن تكون صحافيا أو لا، وليس لذلك المحلل (المقاول) حتى مقالة واحدة، فهو حتى ليس من بين من أسميهم (كتاب «ادعوني أكتب لكم»)، أي وجهوا لي الدعوة مع التذكرة وسأمتدحكم، وما أكثرهم!

والأدهى أن تلك المحطة قامت ببث شريط مسجل لمكالمة بثها التلفزيون السوري، يدعي أنها لجماعات مسلحة تستهدف الجيش، وهو أمر يدعو للسخرية والاشمئزاز، ولا يمكن أن تقدم فضائية محترمة على إعادة بثه، خصوصا بعد فضيحة توريط المحطة الفرنسية في تزوير استقالة سفيرة دمشق في فرنسا، وهي ما سميتها من قبل «عودة شهود الزور». ولأن الحديث ذو صلة، فهذه فضائية أخرى جاءت بمن وصفته ب«المفكر العربي»، ليقول إنه يخشى على سوريا من أن تكون دولة طائفية مثل لبنان الذي باتت الطائفية فيه ممأسسة - بحسب قوله - متناسيا، حضرة المفكر، أن نظام الأسد الأب، والابن - بالشراكة مع إيران - هو من مأسس الطائفية في لبنان؟

وبالعودة إلى موضوع المتحدثة باسم الخارجية السورية، ولأن كثيرا من فضائياتنا تفضل «المعلومة الجاهزة»، أي ما ينشر بالصحف، فإن اسم المتحدثة التي ظهرت على «سكاي» البريطانية هو ريم حداد، وعلى الفضائيات بالطبع أن تسعى للحصول على رقم هاتفها!

وعلى كل حال، فليس المقصود هنا هو تصيد عثرات فضائياتنا، بقدر ما أنها محاولة لحماية إعلامنا كله من خداع النظام السوري الذي لا يتوانى عن استغلال الإعلام، ومنذ عقود، ففي كتاب باتريك سيل «الأسد.. الصراع على الشرق الأوسط»، والمؤلف في عام 1989، يذكر الكاتب البريطاني أن نظام الأسد الأب قام بمنح صادق قطب زاده - أحد الوزراء في بداية الثورة الخمينية، وتم إعدامه بعد ذلك - جواز سفر سوري مكنه من التنقل للعمل ضد الشاه، متنكرا بوظيفة مراسل صحافي لصحيفة «الثورة» السورية!

فهل هذا يكفي أم نزيد؟

=======================

جذع شجرة أهم من الدم الفلسطيني..!!

حسان القطب

المصدر: موقع بيروت أوبزرفر

10/6/2011

فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربي والإسلامية، وتحريرها مسؤولية الأمة جمعاء، وحماية شعبها ومواطنيها سواء في أراضي الداخل المحتل، أو في بلاد الشتات والمهجر مسؤولية مشتركة تتحملها الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، والقوى الفلسطينية وعلى رأسها السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وسائر الفصائل بما فيها حركة حماس الممسكة بملف قطاع غزة المحاصر منذ سنوات.. وقد ربطت بعض الأنظمة العربية مصيرها ومصير قادتها وأنظمتها بالملف الفلسطيني، ورسمت سياساتها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بالقضية الفلسطينية تحت عنوان حماية القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من محاولات الطمس والتهميش والتنازل ومشاريع الاستسلام، التي يحاول المستعمر فرضها برعاية أميركية على الشعب الفلسطيني لتصفية قضيته نهائياً...!!

 

ولكن هذه الأنظمة وعلى رأسها نظام سوريا وبعض التنظيمات الفلسطينية وبالأخص تلك المتحالفة معها، لم تخدم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بما يتناسب أو يتوافق مع الشعارات المرفوعة، فاكتفى النظام السوري برفع الرايات والشعارات التي تتحدث عن التحرير ورفض الوصاية الغربية ورفض المفاوضات المباشرة للوصول إلى تسوية معينة، ولكنه أعطى لنفسه حق الخوض في مفاوضات شبه مباشرة، حين زار فاروق الشرع الولايات المتحدة ليفاوض رئيس وزراء إسرائيل آنذاك (إيهودا باراك) خلال عهد الرئيس الأميركي كلينتون، فحينها أي في كانون الثاني /يناير من عام 2000، أقام الرئيس الأمريكي بيل كلينتون مأدبة عشاء جمعت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود باراك ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع على طاولة واحدة لأول مرة، وقال متحدث باسم البيت الأبيض إن الرئيس يؤمن بضرورة جمع الطرفين معا لمحاولة تضييق فجوة الخلافات بينهما).. وانخرط النظام السوري لاحقاً في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، عبر الوسيط التركي في خضم الحرب الإسرائيلية على لبنان في عام 2006، وعلى غزة مع نهاية عام 2008، ورغم منعه أي النظام السوري الفصائل الفلسطينية من ممارسة أي عمل عسكري عبر جبهة الجولان الصامتة منذ منتصف عام 1974، بعد توقيع معاهدة أو اتفاقية فض الاشتباك بين إسرائيل وحافظ الأسد، والتي أعادت إسرائيل بموجبها بلدة القنيطرة السورية المحتلة للسيادة السورية، فقد اعتبر النظام السوري أن احتضانه لعدد من التنظيمات الفلسطينية غير الفاعلة على الساحة الفلسطينية في الداخل الفلسطيني قمة المقاومة وعنوان الصمود والرفض باستثناء حركتي (حماس، والجهاد الإسلامي) اللتين خرجتا من رحم الحركة الإسلامية الأم (الإخوان المسلمين) لممارسة العمل الجهادي على الأراضي الفلسطينية وليس لخدمة المشروع الإيراني عبر النافذة السورية كما نلحظ الآن..

وهنا يتساءل الكثير من الإسلاميين الحركيين عن حقيقة وطبيعة مواقف حركة حماس مما يجري في البلاد العربية والتي عبرت خلالها بوضوح عن تأييدها ومباركتها لتلك التغييرات والمتغيرات، وعن سبب صمتها إزاء ما يجري في سوريا من انتفاضات وثورات وتحركات شعبية تنادي بالإصلاح والديمقراطية وتداول السلطة واحترام الحريات العامة السياسية منها والإعلامية، خاصةً وأن... خاصةً وان النظام السوري ومع بداية انتفاضة الشعب السوري على النظام قد اتهم بعض أركانه وعلى لسان (بثينة شعبان) بعض القوى الفلسطينية بالتدخل في الشأن الداخلي السوري.. وسبب تساؤل هؤلاء الإسلاميين هو الدور الذي لعبته حركة حماس في التجييش والتحريض داخل المخيمات الفلسطينية لدفع مجموعات من الشباب الفلسطيني للخروج إلى بلدة مارون الرأس اللبنانية وجبهة الجولان السورية بالتعاون مع حزب الله والنظام السوري، مما تسبب في سقوط العديد من الشهداء الفلسطينيين دون تقديم مبرر سياسي من الممكن تفسيره بأنه يخدم القضية الفلسطينية، اللهم إلا انه يهدف إلى لفت الانتباه عما يجري في الداخل السوري من ممارسات أمنية وسياسات قمع وبطش بحق المتظاهرين السوريين العزل من كل سلاح.. كيف يمكن أن تكون سوريا رمز المقاومة والحليف الموضوعي للمقاومة وهي تبقي جبهتها صامته لمدة تقارب الأربعين عاماً.. في حين أنها تنفخ في أبواق الحرب على جبهة غزة ولبنان وتهدد بفتحها مجدداً على لسان حلفائها؟؟

وكيف يمكن أن تكون حركة الإخوان حركة مرتبطة بالنهج الأميركي وهي تقدم حركة حماس نموذجاً مقاوماً..؟؟ وكيف يمكن أن تكون حماس حليفة دولة إيران وحزب الله التي لا ترى من ثورة في البلاد العربية إلا تلك الفوضى التي أشاعها حلفاء إيران في دولة البحرين، ومشاهد اللحم والسمك المشوي، والاحتفالات الاستعراضية والشعارات الفئوية التي أطلقت خلال الاعتصام في دوار اللؤلؤة خير دليل على نفاق زعماء تلك المجموعات وتأكيداً على ارتباطهم بمشروع مذهبي بعيد المدى..؟ وكيف اتفق أن أصبح فجأة أنه من الممكن أن يصل المواطن الفلسطيني في لبنان إلى خطوط التماس مع فلسطين في 15 أيار/مايو، برعاية حماس والجهاد الإسلامي وليس حركة فتح أو منظمة التحرير وهي التي منع اللاجئ الفلسطيني حتى من مراقبتها أو رؤيتها عن بعد إلا بمواكبة أمنية رسمية أو بمشاركة عناصر حزب الله، ليسقط شهداء وجرحى بالعشرات من الفلسطينيين دون أن يتكلف أي مسؤول امني برد العدوان أو حتى بالدفاع عنهم وعلى رأسهم حزب الله، وكلنا يذكر معركة جذع الشجرة التي سقط فيها شهداء وجرحى للجيش اللبناني ومواطنين عزل منذ أشهر قريبة، فهل أصبح الدم الفلسطيني أرخص من تلك الشجرة..؟؟؟ أم أن الدم المطلوب أن ينزف الدم الفلسطيني للفت الأنظار عن الدم السوري الذي يراق بيد النظام في كل يوم وبغزارة..؟؟

ومنذ أيام سال الدم الفلسطيني مجدداً في الجولان وأمام أعين العالم أجمع فكان التصوير مسموح والبث المباشر من سوريا أصبح فجأة متاحاً لمشاهدة عملية قتل جماعية لشباب فلسطيني أعزل على يد محتل غاصب..!! ولكن السؤال الأهم لماذا يمنع البث المباشر عبر وسائل إعلامية عربية ودولية من إمكانية نقل وقائع ما يجري في المدن والقرى والبلدات السورية من مظاهرات شعبية طالما أن النظام مرتاح لموقعه وجمهوره وأدائه؟؟؟ والسؤال الأهم لماذا امتنع الجيش العربي السوري أو كما يطلق على نفسه (حماة الديار) عن الرد على سياسة القتل الإسرائيلية للمواطنين الفلسطينيين وهم لا زالوا على الأراضي السورية ويتمتعون بحماية النظام السوري المقاوم والممانع، ولماذا الآن سمح لهؤلاء الشباب بمواجهة الجيش الإسرائيلي عزل من دون سلاح بعد أن منعوا من بلوغ الجولان لعقود..؟؟

 

عام 2009، في السابع من كانون الثاني/يناير، أصدرت حركة الإخوان في سوريا بياناً جاء فيه:( أنها قررت "تعليق أنشطتها المعارضة للنظام السوري، توفيرا لكل الجهود للمعركة الأساسية" في قطاع غزة التي تسيطر عليه حركة حماس المنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين). ولكن حركة حماس لم تبادل هذه التضحية بالمثل. بل ومن الملفت أيضاً أن حلفاء سوريا في لبنان رغم أنهم يتجنبون حركة حماس، إلا أنهم يكيلون الاتهامات لحركة الإخوان في العالم العربي والإسلامي وبالتحديد لقيادتها العالمية ويتهمونها بالتعاون مع مشاريع الولايات المتحدة الهادفة لضرب النظام السوري، وتقديم حركة الإخوان على أنها بديل موضوعي معتدل تلتزم بالنهج الإسلامي الرافض لنهج المقاومة الذي تتبناه (سوريا النظام) وحلفائها في حزب الله ودولة إيران رأس المقاومة والممانعة..ومع ذلك فإن حماس وخدمة لارتباطها بالنظام السوري وتجاهلها للمشروع الإيراني امتنعت عن الرد على هذه الاتهامات الباطلة بحق حركة الأخوان، والتنظيم الدولي، بل إنها اندفعت أكثر من ذلك فقامت باحتضان كافة حلفاء النظام السوري في لبنان من وئام وهاب إضافةً إلى من هم دون ذلك أهمية، وأعطتهم الإذن بالاتجار زوراً وبهتاناً بالدم الفلسطيني الذي سقط بصدق وإخلاص على الخطوط الأمامية، تماماً كما قام أحمد جبريل باستكمال مسلسل نزف الدم الفلسطيني في مخيم اليرموك في دمشق خدمةً للنظام في سوريا.. فاستقرار نظام سوريا مطلوب وهو الهدف والغاية والقضية ولو تطلب ذلك إسالة دماء كافة أبناء الشعب الفلسطيني..

حقيقةً لقد أصبح جذع شجرة في قرية لبنانية جنوبية أهم من دم الشعب الفلسطيني برمته طالما أن المطلوب هو حماية مشروع أو نظام أو استغلال حادثة لأهداف غير بريئة ولو على حساب دماء الأبرياء

========================

شهادة شاب اعتقل في بانياس: جمعوا آلاف الشبان والأطفال في الملعب البلدي.. وأشبعونا ضرباً وإهانات ..قال إن رجال الأمن أجبروهم على القول إنّ «بشار سينتصر» في النهاية

الشرق الأوسط 31/05/2011

«يوم السبت في الثامن من شهر مايو (أيار) الماضي، داهمت قوة مؤلفة من 10 جنود بكامل أسلحتهم منزلنا الكائن في مدينة بانياس. كنّا والدي وأمي وأنا في المنزل، قال لنا أحدهم: الضابط يريد رؤيتكم لمدة خمس دقائق. فذهبنا معه أنا ووالدي لنجد أنفسنا ضمن ما يقارب 4 آلاف رجل، راكعين إلى الأرض مطأطئي الرؤوس، وقد عصبت أعينهم وقيدت أيديهم خلف ظهورهم. وضعنا في باصات نقلتنا إلى الملعب البلدي، الذي تحوّل اسمه عند أهالي بانياس إلى المسلخ البلدي بعد هذه الحادثة، لتبدأ أسوأ تجربة عشتها على امتداد سنواتي الخمس والعشرين». هكذا يتذكّر محمد ما جرى معه وكأنه حصل في زمن آخر.

يبدو شارداً ولكنه دقيق في تذّكر الأحداث، يحمل معه صورة لقدميه المدميتين وكأنه يريد دعماً ما لذاكرته يقيها من النسيان. ويكمل حديثه: «دخلنا إلى بهو الملعب، لمحت والدي يتلقى صفعة على وجهه بعد أن ردّ على إهانة وجّهها إليه أحد العناصر. كانت تلك آخر مرة أرى أبي فيها خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة.. ركعنا على الأرض مطأطئي الرؤوس وأيدينا مقيدة خلف ظهورنا، وقام الأمن بعصب أعيننا، كل ما كان في رأسي وقتها هو صورة والدي وهو يتلقّى صفعة، كنت شديد الغضب حتى شعرت بالاختناق، لأول مرة في حياتي عرفت حقاً معنى العجز».

يضيف محمد: «كنت أتلقى اللكمات والإهانات دون أن أجرؤ حتى على الردّ، ولم يكن يصدر مني أي صوت، سوى أن دموعي كانت تنهمر وحدها من تحت العصبة. بقينا لمدة أربع ساعات متواصلة راكعين ومطأطئي الرؤوس، دون أن نعلم ما الذي قد يحدث وإلى ما سيؤول مصيرنا؟ أربع ساعات نسمع الشتائم وصراخ الذين يتمّ تعذيبهم، دون أن يوجهوا لنا ولو حتى سؤالاً واحداً. كانوا يضربوننا بشكل عشوائي وكيفما اتفق، تلقّيت عدة ضربات على ظهري بالهراوات، كما صفعني أحد العناصر على وجهي مرات عدة ومتتالية حتى بدأ الدم يخرج من أذني وأنفي وفمي، وحين سقطت على الأرض قاموا بالدوس على رأسي، وسألني: من أسيادك؟ ولم أفهم السؤال فعاد إلى ضربي مجدداً، ووضع قدمه على رقبتي ولم يرفعها حتى قلت له آل الأسد. بقربي سمعت أحدهم يسأل شخصاً آخر من المعتقلين: من ربكم؟ ولم يتوقفوا عن ضربه حتى قال لهم: بشار الأسد، واستمروا في ضربنا، وأخذ أحدهم يصرخ بنا قائلاً: الله ربكم وبشار ربنا وسنرى من سينتصر في النهاية».

يكمل محمد قصته ويقول: «طلبنا منهم الماء، فأتوا بعبوات المياه وأخذوا يرشوننا بها على رؤوسنا ولم يسمحوا لنا بالشرب، وبعد ستّ ساعات على هذه الحال أوقفونا، وبدؤوا بأخذ أسمائنا. بقينا واقفين لنحو الساعتين، طلبت خلالهما دخول الحمام أكثر من عشر مرات، وفي النهاية قالوا لي: (فلتبل في ثيابك)، وبعدها بدقائق أخذوا بعضاً منّا للحمام، وهناك فكّت العصبة عن عيني، فطلبت من أحد العناصر أن يربطها لي، فقام بضربي على قدمي من الخلف بخشبة عريضة كالتي تستعمل في أعمال البناء عند الضربة الثالثة وقعت على الأرض، فقام عنصر آخر بضربي على بطني برجله قبل أن يعيد ربط العصبة على عيني، وقال لنا أحدهم: (تريدون أن تسقطوا النظام؟ إن الله لا يستطيع ذلك، ألا تعلموا أن بشار الأسد هو من نصّب الله إلها؟) وهنا، ساقونا إلى غرفة في الملعب تحت المدرجات معدّة للرياضيين ولا تتسع لأكثر من 100 شخص ولكنهم وضعوا نحو الألف منا فيها. جلسنا على الأرض وأجلسونا بعضنا خلف بعض بشكل خطوط ليفتحوا ممرّات للدخول، بعضنا تبوّل في ثيابه بعدما رفض الأمن أخذه إلى الحمام. ولكن أبشع ما حدث معنا هو حين قامت مجموعة منهم بخلع سراويلهم ليبولوا علينا وهم يشتموننا ويسبوننا، وفجأة لقم أحدهم بندقيته ووجهها صوبنا، لم أعد قادراً على رؤية شيء سوى فوهة البندقية، متخيلاً شكل الرصاصة التي ستخرج منها وتصيبني، فكّرت في والدي وإن كان ما زال حيّاً، عاد إلي صوت والدتي وهي تدعو لنا (الله يحميكم ويرجعكم سالمين) وبدأت أردّد: يا الله يا الله». بقي الوضع على هذا المنوال حتى الثامنة من صباح اليوم الثاني، يقول محمد، «حين دخل ضابط في الجيش وبدأ بتلاوة أسماء أطفال تحت السادسة عشرة من العمر ومسنّين فوق الخمسين من العمر، وقاموا بالإفراج عنهم». ويتابع: «بعدها بساعتين عاد الضابط وقرأ اسم 70 شخصاً واقتادهم دون أن نعرف وجهتهم. قيل لنا إنّ هؤلاء مطلوبون في حادثة رأس النبع التي أعلن التلفزيون السوري عن وقوع شهداء للجيش فيها بعدما تعرّضوا لكمين، والحقيقة كما يعلمها كل أهالي المنطقة هي أن الأمن أطلقوا النار على عناصر للجيش بعدما رفضوا أوامر بإطلاق النار على المدنيين. بعدها لم يقترب أحد منّا طوال ساعات حتى قاموا بالإفراج عنا على دفعات. لم أكن أستطيع السير، كانت قدماي تؤلماني وقد تحوّل لون الجلد إلى الأحمر القاني بعدما تورّمتا إثر نزيف داخلي فيهما، فقام جيراني ممن كانوا معتقلين بحملي وأوصلوني إلى البيت». يضيف محمد بكثير من الألم: «كانت رائحة البول تفوح مني، وأذناي ممتلئتان بالدم، وقد فقدت القدرة على السمع بالأذن اليسرى لعدّة أيام، قبل أن تتحسن تحت تأثير العلاج. وصلت إلى البيت منهكاً، دموعي تنهمر وكأنها تحاول غسل المشاهد العالقة في عيوني، قبّلتني أمي وخلعت عني ملابسي، بينما قام والدي الذي أُفرج عنه سابقاً بتقبيل يدي وفرك جسدي بالماء من أجل تنظيفي. وبعد أسبوع، استطعت أن أعاود المشي بشكل بطيء، فأصرّ والدي على مغادرتي البلاد بينما أنا قادر على ذلك، وبالفعل هذا ما كان، وها أنا ذا أجد نفسي في بلاد لا أعرفها، مفتقداً طعم الحرّية التي تذوّقتها هناك في مدينتي على مدى عدّة أسابيع كنّا نخرج فيها للتظاهر من أجل إسقاط النظام».

 تدمع عينا محمد وهو يظهر آثار الضرب على قدميه، تذكّرت جملة للروائي ميلان كونديرا: «إن صراع الإنسان ضد السلطة، إنما هو بالدرجة الأولى صراع الذاكرة ضد النسيان». هذا ما كان يفعله محمد عندما كان يروي قصته

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ