ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مشاري الذايدي الشرق الاوسط 24-6-2011 وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، عقد
مؤتمرا صحافيا بعد خطاب رئيسه بشار
الأسد، خلاصة ما فيه أن سوريا تعلم
غيرها الدروس ولا تنتظر من غيرها أن
يعلمها هذه الدروس. والغمز واضح من
قناة تركيا، وكان مما قاله «المعلم»
ضمن هذه الدروس، أن سوريا قررت أن تلغي
أوروبا من الخريطة تماما، وأن تنظر في
الخريطة إلى جهات أخرى في الشرق
والجنوب. هذا هو خلاصة درس المعلم، وليد، في مؤتمره
العتيد. والحق أن الخرائط أمرها صعب
وشاق، فلو كان الأمر بهذه البساطة لكان
بالإمكان إلغاء إسرائيل من الخريطة،
وكفى الله المؤمنين القتال! ولكن الأمر
أصعب بكثير من قصة المحو والإثبات في
ورق الخرائط، ف«خرائط الوطن الكبير
فضيحة»، كما قال ذات مرة الشاعر السوري
الأبرز نزار قباني. كلام الوزير «المعلم» وليد، يثير في
الخيال صورة تشبيهية، وهي صورة الطفل
الصغير حينما يزعجه أمر حوله، كأن
يقرعه والداه، فيقرر أن يضع أصابعه على
عينيه وأذنيه، باعتبار أن هذا الفعل
كفيل بإلغاء المشهد تماما من عالم
الحقيقة، كلنا نصف هذا الفعل بأنه تصرف
طفولي. الغريب أنه تصرف انفعالي طفولي من رجل «شيخ»،
وهو بحكم العمر في منزلة الوالد للسيد
بشار الأسد، وهو بحكم المنصب في موقع
الناصح الأمين لرئيسه يفترض به أن يكون
عينا أمينة ولسانا صادقا يقف برئيس
دولته على حقيقة الموقف الدولي من حوله. الحقيقة هي أن كلام وزير الخارجية السوري
عن إلغاء الاتحاد الأوروبي من الخريطة
لا يعني إلا الخيال الكاذب والمكابرة.
فأوروبا هي لاعب رئيسي في المشهد
الدولي، وقبلها طبعا أميركا، والاتحاد
الأوروبي وأميركا هما الأساس في
موازين القوى الدولية، ولولا أوروبا
وأميركا لما عانى القذافي في ليبيا،
ومبارك في مصر، وبن علي في تونس، هذه
المعاناة التي «حاضر» علينا فيها بشار
الأسد، في حواره «الشامت» الشهير قبل
أن تقع الواقعة في بلاده بأسابيع. الآن
أصبحت أميركا وأوروبا لا قيمة لهما في
نظر «المعلم» وليد! الحق أن خطاب السلطة في سوريا أكثر رثاثة
من خطاب الصحاف، صاحب «العلوج» في نظام
صدام حسين، المغالط والمستغبي للناس،
برطانة العروبة والمقاومة والعمالة،
وهو الخطاب الذي كان مما أودى بنظام
صدام، وربما هو الذي سيودي بنظام الشاب
المتعلم في الغرب بشار الأسد،
ومستشاره المعلم وليد. المشكلة التي يجب أن يعاينها «المعلم»
وليد، هي أن «شعب» سوريا لديه مظالم
حقة لا علاقة لها بأجندات أوروبا
وتركيا وأميركا. وما لم يقلع خطاب
السلطة عن استغباء الناس واختراع هذه
الرطانات، فلن تصل سفينة الدولة
السورية والمجتمع إلى بر الأمان. هل كل من خرج في هذه المدن السورية
والأرياف، وهل كل هؤلاء الذين يصرخون
في الفضائيات ووكالات الأنباء من هول
حوادث القتل والتنكيل، كذبة وعملاء
لجهات خارجية؟! هناك أزمة بنيوية يجب أن يراها أهل السلطة
في بلاد الشام، بلاد داهية السياسة
العربية، معاوية، الذي قال أعظم حكمة
في ثقافتنا السياسية العربية: «لو لم
يكن بيني وبين الناس إلا شعرة لما
قطعتها»! سيدي الوزير، وليد «المعلم»، قال أحمد
شوقي، أهم شاعر للعربية في القرن
الأخير: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا لكن ربما يزل المعلم زلة عظمى.. فيا ترى لو
كان شوقي موجودا، ماذ سيقول عن هذا
المعلم؟! ============= عينٌ
على سورية... عينٌ على الحرية الجمعة, 24 يونيو 2011 عماد شيحة * الحياة تجتمع الغالبية العظمى من السوريين على
عدم التفريط بوحدة اجتماعهم البشري
وجغرافيتهم الطبيعية، واستقلالية
القرار الوطني/ القومي لبلدهم، كما
تجمع غالبيتهم اليوم على ضرورة إجراء
إصلاحاتٍ عميقةٍ تغيّر من بنية نظام
حرمهم لعقودٍ من الحرّية والكرامة
والعدالة، ولو أنّ جزءاً كبيراً منهم
تسيطر عليه اليوم المخاوف من عواقب هذا
التغيير والمجهول الذي قد يدفع إليه! ينقسم المجتمع السوري اليوم أفقياً
وعمودياً في موقفه من حركة الاحتجاجات
الواسعة ومشاركته بها أو انضمامه
صراحةً إليها، وهي التي استحالت مع
الزمن وضريبة الدم إلى انتفاضةٍ تقترب
على نحوٍ حثيثٍ من المدينتين
الكبيرتين اللتين نأتا نسبياً، حتى
الآن، عن الحراك الاجتماعي الذي هزّ
البلاد من أقصاها إلى أقصاها. لم تخرج الانتفاضة في كتلتها الرئيسة عن
ثوابت شعب سورية. هي تصرّ صراحةً على
سلمية تحرّكها وترفض بحزمٍ التدخّلات
الخارجية وتنأى بنفسها عن أيّ توجّهٍ
طائفيٍّ أو مذهبي أو إثني يدفع نحو
اقتتالٍ أهلي أو تقسيمٍ للتراب
الوطني، وتستنكر بوضوحٍ ما يترافق معه
من تحريضٍ أياً كان مصدره. أمّا
متغيّرها الوحيد، الذي اعتبر خروجاً
على القانون، فجوهره المطالبة
بالانتقال السلمي إلى دولةٍ تصون حقوق
مواطنيها وتضمن لهم المساواة أمام
القانون وتشرعن لهم حق المشاركة في صنع
القرار. في المقابل، لم تثبت نتائج اختبار خيار
الحسم الأمني/ العسكري عجزه عن اقتلاع
جذور الانتفاضة وتجفيف تربتها،
وإخفاقه في محاولة إعادة إنتاج الرعب
على المستوى الجمعي فحسب، بل إنّ خوف
خسارة السلطة بكل ما يعنيه هو الذي
استفحل وأضحى الذين انحازوا إلى هذا
الخيار رهينة مصيدة خيارهم الذي
استحال رمالاً متحرّكة... تفاقم يوماً
إثر يوم مخاطر التدخّل الخارجي وقلقلة
البنى الاجتماعية المتماسكة، وتكبّد
الاقتصاد المنهك أصلاً مزيداً من
الأعباء التي تعرض معاش الناس اليومي
للتدهور. كما أنّ ماكينة الإعلام التي تساوقت مع
ذلك الخيار وحضّت عليه فشلت في تقديم
روايةٍ معقولةٍ تغني عن تغييب وسائل
إعلامٍ مستقلةٍ وحيادية، ولم تحقّق
نجاحاً يذكر في تشويه سمعة المحتجّين
والحط من شأنهم وتحريض الناس عليهم،
لكنّها نجحت مع ذلك في إثارة قلقٍ
عميقٍ من المستقبل في صفوف فئاتٍ
وشرائح اجتماعيةٍ لا يستهان بها. على
رغم هذا وذاك، اتسعت رقعة الانتفاضة
واشتد عودها، ومع تصاعد أعداد
المتظاهرين ومؤيديهم توالدت قياداتها
الميدانية التي راحت تعبّر بوضوح عن
توجهاتها، علاوةً على تصورها لحل
الأزمة السياسية/الاجتماعية التي
استحالت مأزقاً عصيّاً على الحل. أمام هذا الزخم، وخارج الفئات التي ترتبط
مصالحها الاقتصادية مباشرةً مع النخبة
الحاكمة/المالكة القائمة، أو تلك التي
تخشى الملاحقات القضائية التي قد
تتسبّب بها عملية التغيير المنشود،
تترقّب الكتلة الاجتماعية المترددة أو
الحيادية أو المؤيدة للوضع القائم
والتي يتناهشها القلق مما قد تؤول إليه
عملية التغيير، وما قد يرافقها من
تزعزع الأمان النسبي الذي تعيش وسطه،
على رغم إحساسها الممضّ بالغبن، تترقب
بحذرٍ الصراع القائم، منتظرةً تطوراته
ونائسةً بين الخشية ممّا قد تجرّه
عملية التغيير من عواقب على أمانها
الاجتماعي/الاقتصادي والرعب من عواقب
تواصل حملة تطويع بؤر الانتفاضة في
مختلف المدن والأرياف، وبين الاحترام
العميق لشجاعة أولئك الذين يواجهون
الموت بصدورهم العارية من أجل أن
يعبّدوا الدرب نحو مستقبلٍ أفضل
لبلدهم وأطفاله. ما من منطقٍ سويٍّ يعارض بين الحرّية
والكرامة والعدالة من جانب، وإمكانية
التخلي عن الثوابت الوطنية/القومية أو
بعضها (التي لم تتزعزع من حيث الجوهر في
أوساط غالبية المحتجين على رغم عدائية
بعض المواقف الإقليمية والدولية من
الانتفاضة ومطالبها المشروعة) وضمان
حقوق مختلف التكوينات الثقافية أو
الدينية أو الإثنية. إذاً، يمكن وفق
المنطق السوي عينه جمع ثلاثية المتغير
الجديد مع ثلاثية الثوابت الراسخة:
وحدة سورية أرضاً وشعباً واستقلالية
قرارها السياسي وموقفها الوطني القومي.
فما يضمن دمج الثابت القديم بالمتغيّر
الجديد إجماع الغالبية بمختلف
مكوّناتها وانتماءاتها على ذلك كلّه. هذه المرّة، لا يلعب الوقت لمصلحة الحلّ
الأمني/العسكري، بل إنّه، فضلاً عن
ذلك، يعرّض فرص الحلّ السياسي/السلمي
الداخلي لمزيدٍ من التآكل ويزيد من
مخاطر تدخّلٍ خارجي يكون استصدار
قرارٍ من مجلس الأمن أولى خطواته،
ويفاقم في الوقت نفسه الاحتقان
الداخلي ومضاعفات مفاعيله المحتملة.
ناهيك عن أنّ الضغوط الاقتصادية
المتصاعدة قد تدفع الشرائح التجارية
الوسطى والعليا لإعادة حساباتها، ما
ينذر بتصدع التحالف معها والذي لن يبقي
بدوره المدينتين الرئيستين خارج
الحراك الاجتماعي، من المرجح وقتها أن
تضع محاولة سحقه داخلهما البلادَ أمام
كارثةٍ حقيقية. يمكن مرحلة انتقالية أن تعبر بالجميع إلى
دولةٍ تخضع فيها حتّى السلطة لسيادة
القانون ويتساوى مواطنوها أمامه لأنّه
الضامن الأساس والوحيد لحقوقهم جميعاً
من دون استثناء. تبرهن الانتفاضة في شهرها الرابع أن
سورية تشق دروب التغيير بمشقةٍ ولكن
بإصرار، وأن هذا التغيير يحدث وفق
أجندة مصالح شعبها وليس وفق أجنداتٍ
إقليميةٍ أو دولية. يمكن هذا المخاض
العسير أن ينتهي بولادةٍ طبيعيةٍ من
دون حاجةٍ الى تدخلٍ قيصري، يمكن
السوريين أن يفعلوا ذلك بملء إرادتهم
ومن دون إملاءاتٍ من الخارج وما يعتري
مواقف شتى أطرافه من تبدّلات تمليها
اتجاهات رياح المصالح. ما من تغيّرٍ جوهريّ يحدث من دون ثمن،
لكنّ التخلي عن موقف الانتظار سيحدّ من
الكلفة وسيختزل الزمن اللازم للتغيير.
يمكن سورية أن تبقى مستقلةً وموحدةً،
لكنها ينبغي أن تكون حرّة كذلك،
والأكثر أهميةً أن تعبر ذلك المسار
بأقلّ الخسائر الممكنة. وعي ذلك يدفع
كلّ من يريدها معافاةً وحرّةً معاً
للمساهمة في مخاض ولادتها. * كاتب سوري ============= الخميس، 23 حزيران 2011 23:37 د. إبراهيم الدعمة السبيل حالة الطفل البريء براءة طفولته، الشهيد
على ظلم أعداء الإنسانية، المُتَّهَم
من قبل فاقدي الحس والعقل والانتماء
للبشرية فضلاً عن أمتهم وبلدهم،
المُتَّهِم للأمة المتقاعسة وللشعوب
المُحايدة بالانسلاخ عن انتمائهم
لتاريخ سلفهم وعزة وكرامة خَلَفهم. لا أعتقد أن بشراً يملك أدنى متطلبات
بَشَرِيَّتِه يمكنه تبرير ما حصل لهذا
الطفل المَثَل والمُمَثِّل
والمَثُلَة والمِثال، هذا الطفل هو
مَثَل لصفاء وبراءة الطفولة، هذه
الطفولة التي تنطلق من عقالها صادقة
عند أي وقفة حق يراها بصفاء بصيرته،
وهو مُمَثِّل لكل إنسان مقموع ومقهور
ومنبوذ ومُهَمَّش على مساحة أوطاننا
من مشرقها لمغربها، وهو مَثُلَة
أُفْرِغت في جسده كل زفرات الإجرام
والحقد والخسة لمرضى البشرية بدءً من
ميلازوفيدش وبوش وشارون وحتى آخرهم
الذي أمَر ونَفَّذ وساهم بهذه الفعلة
التي لا تنتمي لإنسانية أبداً، وهو
مثال على عقلية حُرّاس هذه الأنظمة
الجاثمة على صدور شعوبها وهي تَدّعي
الممانعة والثورية والتقدمية وغيرها،
وهي منها براء. لله درك يا حمزة علي الخطيب، ابن الثلاثة
عشر عاماً، سبقتك إيمان حجو بالقتل على
يدي محتليها برصاصة حاقدة غادرة، ولو
كان مقتلك مثلها لهان الأمر، سبقك
أطفال غزة الذين قضوا بالرصاص
المصلوب، هؤلاء قضوا على مذبح الشرف
والعزة على يدي مُحْتَلّيهم، سبقوك
أطفال الفلوجة وهؤلاء قضوا على يدي
مرتزقة يَدَّعون أن مجيئهم هو للتحرير
وليس للتقتيل، ولكن ميتتك مختلفة كل
الاختلاف، فسؤالنا على يدي مَنْ كان
مقتلك، ومن الذي أمر ونفذ ورأى، أعندهم
شيء يمكن أن يبرروا من خلاله فعلتهم
تلك؟!. يا لهم من أوغاد مجرمون، يا لهم من بشر
مشوهين ممسوخين، يا لهم من حاقدين
مأفونين، ضاقت الصدور بالحديث عنهم،
وانقطعت الأنفاس بذكرهم، ودارت العقول
باستحضار فعلتهم، من أجل ماذا؟!، وماذا
كنت تُمَثِّل لهؤلاء؟!، وهل قتلك سينهي
ثورة شعب خرج ليقول: لا للطغيان، لا
للفساد، لا للعمالة المتدثرة بلباس
التجويع والتركيع. ماذا فعل هؤلاء لشعوبهم وأوطانهم، وبدل
أن تتحرك دباباتهم وبلطجيتهم وأمنهم
لحماية أوطانهم تتحرك للقتل والخطف
وهتك العرض والفساد في البلاد وإهلاك
العباد، لو كان عندهم أدنى ذرة من
انتماء لما أطلقوا من رصاصهم طلقة لقتل
(مندس أو متآمر أو عميل)، فأوطانهم
وشعوبهم هي الباقية، وهم الطارئون
بممارساتهم وأفعالهم، لو كان عندهم
أدنى انتماء لأمتهم وأوطانهم لما بقيت
جبهاتهم عشرات السنين آمنة مطمئنة
وأطفال ونساء فلسطين يُقْتَلون، وبلاد
الفرات وبردى وغيره تستورد الكثير من
سلعها من الخارج، ويعيش موظفيها على
الرشاوى وشراء الذِمم. الذي يقتل شعبه فقد مبرر وجوده، الذي
يستهين بدماء أهله انسلخ من إنسانيته،
الذي يقتل الآلاف في سبيل عرشه
المتهاوي لا يستحق البقاء، ورحيله أو
خلعه أو زواله قريب إن شاء الله،
فالظلم مرتعه وخيم، والدم يطلبه دم،
والمظلوم سيجعل الله سبحانه وتعالى
سلطاناً يتولى الحكم على من سفك دمه
ولو بعد حين، وحينها سيتم استحضار دمك
ودماء الآلاف ممن قضوا نحبهم قبلك. ما أغبى من يحاول أن ينسى أو يتناسى مصير
الكثير من الطغاة والجبابرة السابقين
والحاليين كشارون ومصيره، وتيتو
ومذابحه وكيف كانت نهايته، وبوش
الصغير ووداعه، ومبارك وما آل إليه،
هذه أمثلة وكثير غيرها كلها تبين أن
الظلم لا بد له من نهاية مهما رآها
البعض بعيدة تعتبر قريبة بميزان
الزمن، لا يستحق مرتكبوها إلا اللعنة
والتَشَفّي. السكوت عن هذه الجريمة التي ارتكبت بحق
هذا الطفل البريء وأمثاله، لا يمكن أن
تبرر تقاعس كل من يستطيع أن يغير هذا
الواقع الآسن لكل فرد أو مجموعة أو جهة
نَصَّبَت نفسها قائدة ورائدة وراعية
لمصالح الشعب والوطن أو للشعوب
العربية والإسلامية. اللهم إنّا نبرأ إليك من أفعال هؤلاء
المجرمين، ونسألك ألا تؤاخذ شهداءنا
ومستضعفينا بتقاعسنا، وأن تصون دماءهم
وأعراضهم ونفوسهم، وأن تجعل الفرج
عليهم قريب. ============= سورية: المسكوت عنه في
خطاب الرئيس د. عبد الباسط سيدا القدس العربي 24-6-2011 وانتظر السوريون الرئيس للمرة الثالثة
منذ بداية ثورة الكرامة السورية التي
دخلت شهرها الرابع قبل أيام؛ وقد تأخر
هذه المرة أكثر من شهرين، كانت المدن
والبلدات السورية خلالها عرضة لكل
أنواع القتل والتجاوزات والاعتقالات
من قبل وحدات من الجيش والأجهزة
الأمنية وشبيحة السلطة. وقد سوّغ عدم
ظهوره كل هذه المدة برغبته في التحدث
عن المنجز، أو ما هو في طريقه نحو
الانجاز، وذلك تحاشياً لإطلاق الوعود
بشأن ما سينجز، على حد تعبيره. لكن المتابع العادي، هذا ناهيك عن المدقق
المتمعن، يدرك - من دون أي جهد- أن
الرئيس كان يراهن مع مجموعة القرار في
سورية على نجاح الحل الأمني في إرغام
الناس على العودة مجدداً إلى دائرة
الخوف والخنوع، والإقرار بسلطة الأمر
الواقع المفروضة عليهم منذ عقود. ولكن
لما بيّن استحالة إجبار الشعب السوري
بكل مكوناته على العودة إلى القمقم
ثانية، جاء الرئيس ليلقي خطابه
الإنشائي الطويل الممل؛ خطاب خلط
الحابل بالنابل، حاول صاحبه إعطاء
انطباع زائف لغير المطلع على الشأن
السوري بأن الرئيس هو بالفعل في طريقه
نحو الإصلاح الحقيقي؛ وكل ما يحتاج
إليه هو بعض الوقت والجهد، بالإضافة
إلى الدعم الشعبي، ليتمكن من قيادة
سورية نحو شاطئ الأمان. وحتى لا نظلم الرجل، لا بد من الاعتراف
بأن هذا الخطاب كان متقدماً من جهة
الشكل على الخطابين السابقين؛ ولا
غرابة في الأمر، طالما أن أنهاراً من
الدماء، وجبالا من الآلام والعذابات
تفصل بينه وبينهما. الأمر الإيجابي في الخطاب الثالث هو
إقرار الرئيس بوجود ما يشبه الأزمة في
سورية - وفق وجهة نظره بطبيعة الحال -
ولكن من دون تشخيص الأزمة كما هي
فعلاً، وهذا فحواه الإصرار على التهرب
من الاستحقاقات. فالرئيس لم يتجرأ على
الاعتراف بوجود أزمة بنيوية عميقة
تتصل بماهية النظام نفسه وهيكليته. كما
أنه تجاهل واقع أن ما يدعو إليه الشعب
السوري لا يتعدى مجرد مطالب وحاجات
يريد أصحابها أن تقوم الدولة بتلبيتها.
وحقيقة لا نعلم عن أية دولة يتحدث
الرئيس، وهو يعرف - قبل غيره - آلية
اتخاذ القرار في سورية، بعيداً عن
المؤسسات الكلاسيكية التي من المفروض
ان الدولة تقوم عليها، ونعني بها مجلس
الشعب، ومجلس الوزراء، والمجلس الأعلى
للقضاء. ولكن إذا تركنا هذه الإيجابية الجزئية
الشكلية جانباً، نرى أن الرئيس سرعان
ما عاد مجددا إلى سياسة توجيه
الاتهامات، ومحاولة إقناع الذات - قبل
السوريين والعالم- بأن ما يجري إما هو
بفعل الخارجين على القانون؛ أو بفعل
أصحاب الفكر المتطرف والتكفيري، وأكد
أن هذه المجموعة الأخيرة هي الأخطر على
الرغم من صغر حجمها التي قال عنها: أننا
اختبرناها منذ عقود وتخلصنا منها بفضل
وعي الشعب وحكمته. وهنا من الواضح أنه يشير إلى جماعة
الإخوان المسلمين التي أعلن النظام
عليها حرباً ضروسا في الثمانينات،
وارتكب خلالها مجازر حماة، وأخرى في
جسر الشغور، وهي المجازر التي ما زالت
تبعاتها تلاحق بطانته، وتجعلهم
يرتعدون هلعاً لدى مجرد تفكيرهم
بفاتورة الحساب. ويقر الرئيس بان هذا الفكر تغيّر بعض
الشيء، لكنه - وفق ما يذهب إليه - تغيير
في الشكل دون المضمون؛ ويتهم أصحاب هذا
الفكر بأنهم شوهوا صورة الوطن
خارجياً، وفتحوا الأبواب، بل دعوا إلى
تدخل خارجي، وهنا لا بد للمرء أن
يتساءل: من الذي شوه بالفعل صورة
الوطن؟ أهم أصحاب الفكر التكفيري - كما
يسميهم في خطابه- أم أن أدوات القمع
السلطوي هي التي شوهت الصورة المعنية،
كما شوهت - وما زالت تشوه - نفسية وجسد
الإنسان السوري؟ وبمناسبة الحديث عن
الفكر التكفيري، يبدو أن الرئيس
يتجاهل التمايزات الموجودة بين
الحركات الإسلامية، ليختار من جانبه
أشد وجوهها تطرفاً، بغية إلصاق التهمة
بجماعة الإخوان المسلمين، التي هي في
نهاية المطاف حزب وطني سوري سياسي،
يؤمن بالعمل الوطني، ويقر بالدولة
المدنية. أما الجماعات التكفيرية التي
يتحدث عنها، فهي التي كانت - وربما ما
زالت - تقيم أوثق العلاقات مع الأجهزة
الأمنية السورية، خاصة في مرحلة تصدير
فرق القتل إلى العراق. ويتابع الرئيس خطابه موضوع البحث هنا،
ويضيف: إن 'أصحاب الفكر المتطرف هؤلاء
هم الذين عملوا على استحضار خطاب مذهبي
مقيت لا ينتمي إلينا ولا ننتمي إليه،
ولا نرى فيه سوى التعبير عن فكر قبيح،
حاشى ديننا وتاريخنا وتقاليدنا أن
تربط به....'. كلام مقبول بالنسبة إلى غير المطلع على
الواقع السوري، وعلى ألاعيب مجموعة
القرار التي تدير السلطة السورية؛ هذه
المجموعة التي استولت على السلطة
بالسلاح تحت شعارات قومية كبرى،
ولكنها ما أن تمكنت من الإمساك بمفاصل
الدولة والمجتمع، حتى عملت في الوطن
تقسيماً وتفتيتاً بين ولاءات بدائية
لا تتقاطع البتة مع الولاء الوطني
السوري العام، الذي من المستوجب أن
يكون موضع اعتزازنا جميعاً. فالسلطة
ذاتها هي التي اختارت الطائفة لتتمترس
خلفها، ولتغرقها في أوحال شراهتها
وجشعها، حتى غدت الطائفة العلوية
الكريمة - وهي جزء عضوي فاعل من النسيج
الوطني السوري الذي نتباهى بتنوعه
وتميزه - في وضع لا تُحسد عليه. سلطة
تتخذ منها وقوداً لتسلطها؛ وغالبية
تعاتبها لسكوتها وسلبيتها إزاء جرائم
رؤساء الأجهزة القمعية والوحدات
المختارة من الجيش، كونهم ينتمون في
غالبيتهم إليها، وذلك بناء على حسابات
خاصة بمجموعة القرار. وبطبيعة الحال
فإن الاقدام على أعمال القتل والإذلال
والإهانة والملاحقة والاعتقال بصورة
منهجية في المدن والبلدات السورية
المنتفضة يُحدث شرخاً - شعبويا إذا صح
التعبير- بين مكونات المجتمع السوري،
شرخ تسعى السلطة من أجل ترسيخه وتعميقه
في إطار لعبتها القديمة - الجديدة،
ومحورها ضرب المكونات السورية بعضها
ببعض، حتى تتمكن من الاستمرار في الحكم
والتسلط. ومن هنا فإننا نرى أن ما هدد
به الرئيس في خطابه - ونعني بذلك مسألة
الطائفية والمذهبية - إنما هو في أساسه
جزء من إستراتيجية السلطة المعنية. وهي
الإستراتيجية التي نبذها شعبنا
باستمرار، وأعلنت ثورة الكرامة
السورية إدانتها لها بوضوح وقوة عبر
شعارها الوطني المعبر: 'واحد واحد
واحد، الشعب السوري واحد'، وذلك في سعي
أكيد هدفه القطع مع الذهنية الطائفية
التي تمارسها السلطة وتكرسها في
الداخل السوري، الأمر الذي يتناقض
بالمطلق مع المصالح الوطنية العليا
السورية التي تراعي بطبيعة الحال
خصوصيات المكونات المجتمعية بجوانبها
المختلفة. وبعيداً عن الطائفية البغيضة المقيتة،
يُلاحظ أن ما تحكّم بخطاب الرئيس هو
تناقض أساسي تجسد في اتهام المتظاهرين
من جهة بأنهم ينفذون أجندة خارجية،
ويقبضون مقابل ذلك من الخارج. لكنه من
جهة أخرى اعترف بأن التركة ثقيلة يمتد
تاريخها إلى خمسين سنة مضت، وهي مدة
حكم حزب البعث في سورية، وأقر بضرورة
الإصلاح، ووعد بالحزمة ذاتها من
الإصلاحات التي بشرنا بها منذ بداية
الثورة. وهي إصلاحات - إذا كانت جادة
كما يطالب بها الشعب - ستؤدي إلى تغيير
بنية النظام. تحدث عن قانون الأحزاب،
وتعديل قانون الانتخاب، وعن عصرنة
الإعلام، ومكافحة الفساد وتغيير
الدستور والنظام الاقتصادي...الخ، وفي
ذلك كله إقرار ضمني بضرورة تغيير بنية
النظام بصورة جذرية. لكن اللافت الغريب في الخطاب المعني، أن
صاحبه، وهو رئيس البلاد، والقائد
الأعلى للجيش والقوات المسلحة، ورئيس
مجلس الأمن القومي.. الخ لم يلتزم
بصراحة قطعية بضرورة وقف أعمال القتل
والتعذيب والملاحقة بحق المتظاهرين
السلميين من جانب قوات السلطة؛ ولم
يتحدث عن ضرورة معالجة وضع الأجهزة
الأمنية من جهة إبعادها عن الدولة
والمجتمع، وتفكيكها، كونها مجرد
إمارات سلطوية تستهلك طاقات البلد
وتقمع تطلعات المواطنين في الحرية
والكرامة والعدالة الاجتماعية؛ وهذا
فحواه أن مصطلح الدولة الذي شدد عليه
الرئيس - لتيّقنه من عدم وجود دولة
بالمعنى المتعارف عليه قانونياً في
سورية - كان المعني به الدولة الشكلية
التزيينية التي تظهر أمام وسائل
الإعلام، وتخاطب العالم الخارجي؛ في
حين أن الدولة العميقة التي يتحكم
بمفاصلها الأمراء اللامرئيون هي
الدولة الفعلية التي يبدو أن الرئيس
تحاشى ذكرها، أو حتى مجرد تناول فكرة
الحد من سلطانها. أما قوله بأن 'الشيء
الطبيعي هو أن يتعامل مع المواطن جهاز
الشرطة والقضاء'، فهو قول يتناقض
بالمطلق مع بنية السلطة التي أسس لها
الأسد الأب، وتعامل معها الأسد الاين
من دون أي تغيير، على الرغم من مضي أحد
عشر عاماً على حكمه. فالسلطة المعنية
تقوم على الأجهزة القمعية التي لا تخضع
لأية مساءلة أو محاسبة، وذلك بناء على
قواعد وضعت على مقاسها، وهذه الأجهزة
هي التي تختار المسؤولين في الدولة
والمجتمع من القمة إلى القاعدة بما
يتناسب مع مصالحها. هذا في حين أن جهاز
الشرطة بات موضعاً للتندر والسخرية من
قبل السلطة ذاتها قبل المواطنين. من جهة أخرى، يبدو أن الرئيس يحسب حسابه
ليحكم سنوات طويلة؛ ولذلك فهو قلق على
مصير الأطفال الذين عاشوا أيام
الثورة، فهؤلاء سيمثلون مشكلة
مستقبلا، لأنهم لن يكونوا موالين مثل
أولئك الذين تخرجهم دورات الطلائع
والشبيبة والصاعقة، وبالتالي لن يكون
التعامل معهم سهلاً كما يرغب الرئيس. ولم ينس الرئيس الدعوة إلى إصلاح
المخربين أو عزلهم، ويبدو أن مصطلح
المخرب هو الآخر هلامي ضبابي لدى
الرئيس، وذلك تبعاً لأهواء وفبركات
الزمرة اللامرئية المحيطة به. فيبدو أن
كل مطالب جاد بالحرية والكرامة إنما هو
مخرب حتى يثبت العكس. إن طول الخطاب، وأسلوبه الإنشائي،
وإغراقه في تفاصيل توجيهية مملة، كل
ذلك يوحي بأن صاحبه لا يعيش الواقع كما
هو، كما أنه لا يدرك أن بلاده تعيش حالة
ثورية استثنائية لم تشهدها قط؛ حالة
جرّب معها الحل الأمني على مدى أكثر من
ثلاثة أشهر وأخفق بصورة كارثية؛ وهو
يحاول أن يجرّب حلاً مختلطاً يجمع بين
السياسي والأمني. فهو من ناحية يعد
بحزمة من الإصلاحات المراوغة
التضليلية؛ لكنه من ناحية ثانية لا
يتخلى عن الحل الأمني؛ وهذا مؤداه أن
الإصلاحات المعنية لا مصداقية لها،
طالما أن الأجهزة الأمنية القمعية
فاعلة، تمارس إجرامها من دون أي رقيب
أو حسيب ضد السوريين والسوريات في
مختلف المدن والمناطق والبلدات. لقد كان من المفروض بالرئيس - إذا أراد أن
يكون بالفعل رئيساً لكل السوريين من
دون استثناء - أن يعتذر للسوريين عن كل
الجرائم التي اُقترفت من قبل أجهزة
حكمه؛ ويأمر قطعات الجيش بالعودة إلى
ثكناتها، ويقوم بحل الأجهزة الأمنية
القمعية، ويعمل من أجل تعزيز دور جهاز
الشرطة عبر زيادة إمكانياته المادية،
ورفع رواتب عناصره، وتحسين مواقعه،
ومده بعناصر إضافية مؤهلة نظيفة.
والإقرار بالتعددية الحزبية القائمة
واقعا، والإعلان الفوري عن تأسيس هيئة
مؤقتة موسعة للحكم، تكون بمثابة حكومة
وحدة وطنية، تضم الممثلين الحقيقيين
لسائر مكونات وشرائح المجتمع السوري،
وذلك بعد حل مجلس الشعب والحكومة. تقوم
هيئة الحكم المعنية بتسيير أمور
البلاد خلال المرحلة الانتقالية إلى
حين كتابة دستور جديد، وعرضه بكل
شفافية على الاستفتاء الشعبي العام،
ليكون من ثم أساساً لانتخابات تشريعية
ديمقراطية حقيقة بمراقبة عربية ودولية
محايدة، انتخابات تؤدي إلى بروز
برلمان يمثل بالفعل - لا بالقول- إرادة
السوريين، ومن ثم تتشكل حكومة تحظى
بثقة البرلمان، وتكون خاضعة باستمرار
للمساءلة والمحاسبة وفق القواعد
الديمقراطية المتبعة في سائر الأنظمة
الديمقراطية في العالم؛ وكل ذلك يتم
بإشراف قضاء سوري وطني نزيه. إننا إذا شئنا إنقاذ البلد، وإنقاذ شعبنا
بكل مكوناته، بكل طوائفه ومذاهبه
وقومياته وتوجهاته، علينا أن نختصر
الطريق؛ ونبحث عن الأنجع والأسلم،
ولدينا الكثير من الكوادر المؤهلة
القادرة على إيجاد المخارج للمسائل
التي قد تبدو مستعصية اليوم. الداء الأكبر الذي يعاني منه السوريون
جميعاً منذ عقود، يتمثل في السلطة
العميقة اللامرئية التي تتحكم بكل
شيء، لا تتورع عن أي شيء، ولا تخضع لأي
شيء. جوهر الموضوع هو هذا، وكل ما عداه
يأتي لاحقاً. وكل الحلول المقترحة من
قبل الرئيس بخصوص إمكانية تجاوز
الأزمة من دون تناول موضوع الزمرة
اللامرئية والأجهزة الأمنية إنما هو
في خانة المماحكات اللفظية التي لا
تمتلك أية قيمة فعلية. السوريون قالوا كلمتهم بحزم، ودفعوا
ضريبتهم بالدم. تحرروا من عقدة الخوف
التي كانت السلطة اللامرئية قد
أصّلتها في نفوسهم على مدى عقود.
واليوم، وبعد تلاشي هذه العقدة، لم تعد
هناك أية قوة قمعية في مقدورها قهر
السوريين من جديد. وما يستشف من
المعطيات والقرائن هو أن زمرة القرار
تحاول بكل السبل تجاهل هذا الموضوع، أو
القفز من فوقه. وهي تناور وتماطل على
مختلف الجبهات، علها تفلح في الحصول
على مدة حكم إضافية؛ ولكنها تنسى، أو
تتناسى، أن الأفضل بالنسبة لها
ولأبنائها وأحفادها وللسوريين
جميعاً، بل وللمنطقة بأسرها، هو
الاعتراف صراحة بأن الثورة حقيقية،
وأن القديم يحتضر كونه لا ينتمي إلى
العصر. لنجنب شعبنا المزيد من المآسي والعذابات.
هذا الشعب الذي أثبت وفق كل المقاييس
أنه بات الرمز في ميادين البسالة
والإباء؛ شعب جدير بسورية الحضارة
والتاريخ والمستقبل. الشعب بدأ ثورته
ولن ينتحر في منتصف الطريق، ولن تنطلي
عليه الوعود والمجاملات الخاوية من أي
مضمون. فالثورة إما أن تنتصر أو تكون
الكارثة. والرئيس - انطلاقاً من موقعه
وصلاحيات مسؤولياته - إما أن يكون
قادراً على قيادة السوريين إلى بر
الأمان ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه؛
وإما أن يكون غير ذلك؛ وحينئذ عليه أن
يعلن عن عجزه ويتنحى. أما إذا استمر
بموجب شروط الزمرة اللامرئية - سواء من
موقع القادر أو العاجز- فهو يتحمل
المسؤولية الأولى والأخيرة أمام الله
والتاريخ والشعب. ============= هيثم المالح: لم يعد سقوط
النظام السوري بعيداً حوار شيخ الحقوقيين السوريين
مع (إسلام أون لاين) 15/6/2011 المصدر: http://www.islamonline.net/ar/IOLArticle_C/1278408 698409/1278406725244/IOLArticle_C أكد المعارض السوري المحامي هيثم المالح
أن النظام في سوريا، لم يتقدم بأية
خطوة حقيقية باتجاه الإصلاح، منوها
إلى أن رفع حالة الطوارئ لم يكن سوى
خداعاً للمواطنين. وحول دعوة النظام إلى الحوار قال المالح،
الذي يلقب ب "شيخ الحقوقيين
السوريين" في لقاء مع "إسلام أون
لاين" إنه لا يمكن إجراء هذا الحوار
إلا بعد كفّ تغوّل الأجهزة الأمنية على
حياة المواطنين والتدخل في شؤونهم،
وكذلك إطلاق سراح معتقلي الرأي
ومعتقلي الاحتجاجات كافة. ولم يستبعد المعارض السوري أن تغيّر
روسيا موقفها من نظام الأسد، وفيما إذا
كان ممكنا اشتعال حرب ما مع الكيان
الصهيوني قال: "لا أعتقد أن النظام
في سوريا يفكر بشن حرب، والأسباب
يعرفها هو جيدا". وفيما يلي نص
الحوار: حوار عبثي سؤال: هناك تسريبات عن نية النظام اتخاذ
خطوات إصلاحية جديدة في الأيام
القادمة، قد تتمثل في إلغاء المادة
الثامنة من الدستور التي تنص على أن
حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع،
فضلا عن القانون 49 الذي ينص على حكومة
الإعدام بحق أي منتسب إلى الإخوان
المسلمين. ما رأيك، وبالتالي كيف تنظر
إلى مجمل الخطوات الإصلاحية التي
اتخذها النظام؟ جواب: تسأل عن الزيادة في الإصلاحات، مثل
إلغاء المادة الثامنة من الدستور
والقانون 49، فهل كان هناك بداية لأي
إصلاح، في رأيي لم يتقدم النظام بأي
خطوة باتجاه الإصلاح، ودليلي على ذلك
أن الرئيس أصدر مرسوماً برفع حالة
الطوارئ، بينما أصدر المرسوم 55 بتعديل
المادة 17 من قانون أصول المحاكمات
الجزائية التي سحبت البساط في التحقيق
فيما يسمى جرائم أمن الدولة، من تحت
النيابة العامة لتعطيها إلى ما يسمى
الضابطة العدلية وهي جهاز وزارة
الداخلية وبموجب هذا التعديل يستطيع
أي شرطي أن يوقف أي شخص مدة أسبوع فيما
يندرج تحت هذه المادة فأي إصلاح هذا؟
وقد كتبت مفصلاً حول هذا التعديل
مقالاً تحت عنوان الخداع فيمكن الرجوع
إليه. سؤال: كيف تنظر إلى جلسات الحوار التي
بدأت في اتحاد الكتاب العرب بمشاركة
بعض أشخاص من المعارضة؟ جواب: في رأيي ليس هناك حوار إلا إذا بدأ
بين أطراف المعارضة أنفسهم وفي جو من
العلانية والشفافية، ولا يمكن أن يتم
ذلك إلا بعد كفّ تغوّل الأجهزة الأمنية
على حياة المواطنين والتدخل في
شؤونهم، وكذلك إطلاق سراح معتقلي
الرأي ومعتقلي الاحتجاجات كافة
والسماح بهذه الاحتجاجات السلمية دون
تدخل، بل وحمايتها، وإحالة المسؤولين
عن جرائم القتل والتعذيب إلى القضاء
بعد إيداعهم السجون، وقبل هذه الخطوات
أي حوار يتم إنما هو حوار عبثي لا يمكن
أن يفضي إلى شيء. فرق تسد سؤال: يحاول النظام السوري التفرد بكل طرف
من أطراف المعارضة السورية على حدة،
ومن هنا نسأل عن رأيك بدعوته الأحزاب
الكردية للقاء الرئيس الأسد وموافقة
بعضها على اللقاء. ومن قبل جاء العفو عن
المعتقلين من جماعة الإخوان المسلمين
قبيل يوم من عقد مؤتمر انطاليا؟ جواب: إن استراتيجية هذا النظام منذ عهد
الرئيس السابق حافظ الأسد كانت تقوم
على قاعدة "فرق تسد"، وكلنا يعلم
كيف تم تمزيق سائر الأحزاب السياسية
إلى فروع بصورة أضعفت هذه الأحزاب، كما
لعب النظام بورقة التفريق بين أطياف
المجتمع، طائفياً وإثنياً وما شابه
ذلك، وبالتالي فلا يعول على النظام
فيما يتعلق بدعوة الأخوة الأكراد
الذين رفضوا من حيث المبدأ لقاء
الرئيس، أما مسألة العفو عن الإخوان
المسلمين فهل تعلم أن أحداً منهم لا
زال في السجن؟ سؤال: هذا يجرنا إلى الحديث عن مؤتمرات
المعارضة سواء في انطاليا او في بروكسل..
كيف تنظر الى هذه المؤتمرات والنتائج
التي صدرت عنها؟ جواب: لقد تحدثت مباشرة مع مؤتمر انطاليا،
كما أرسلت ورقة عمل إلى مؤتمر اسطنبول،
ولخصت رأيي بأنه يحق لكل السوريين
الموجودين خارج سوريا والمعارضين
للنظام السوري أن يجمعوا أنفسهم
ويعقدوا المؤتمرات من أجل دعم الثورة
السورية في الداخل سياسياً وإعلاميا
ومالياً مع عدم الادعاء بأن هذه
المعارضة تمثل الداخل، ذلك أنني أعتقد
أن المعارضة الحقيقية هي الموجودة في
الساحة الداخلية التي لها الدور الأول
في تأسيس التحول نحو الحرية
والديمقراطية في سورية. سؤال: يقال: إن هناك نية لعقد مؤتمر علني
للمعارضة في الداخل، ما مدى صدق هذا
الكلام وماذا يمكن القول؟ جواب: لا اعتقد أنه يمكن فعلا عقد مؤتمر
علني للمعارضة في سوريا بسبب القمع
الوحشي لكل حراك في الشارع السوري، ولا
أدل على ذلك من اتساع رقعة المعتقلين
الذين تجاوز عددهم حتى الآن أكثر من
خمسة عشر ألف معتقل، فضلاً عن
الملاحقين والمختفين عن الأنظار. سؤال: تردد أن بعض التنسيقيات في الداخل
قد أصدرت بيانا مشتركا أعلنت فيه العمل
المشترك.. ما رأيك. وما مدى التنسيق بين
رموز المعارضة في الداخل مع هؤلاء
الشباب؟ جواب: لقد اطلعت على بيان نسب إلى
التنسيقيات، وقد اجتهدوا فيما رأوه من
أجل مستقبل البلد وهم يقدمون جهدهم،
ويتم بصورة أو بأخرى الاتصال ببعضهم
والمذاكرة حول مشكلات البلد. سؤال: ما يقال عن الانقسام الحاصل في قوات
الجيش وتشكيل ما يسمى كتيبة الضباط
الأحرار.. كيف ترى هذا الأمر، والى أي
حد يمكن المراهنة على تمرد في الجيش
وانضمام أعداد منه إلى المتظاهرين؟ جواب: كل من يعمل على الساحة السورية في
جانب المعارضة ينتظر من الجيش أن يخذ
موقفاً كموقف الجيش المصري والتونسي،
وعلى أقل تقدير أن يكون حيادياً، أما
وأن بعض فرق الجيش أضحت تستعمل لقتل
المدنيين وقصف بيوتهم وتدمير حياتهم،
فانشقاق بعض فرق الجيش وانضمامها إلى
الثورة أضحى أمراً مستحباً وقد يكون لا
غنى عنه في الوقت الحاضر. الضغط الدولي سؤال: كيف ترى مواقف الدول الغربية مما
يحدث وهل ترى أن العقوبات التي فرضتها
على النظام كافية لإحداث تغيرات
حقيقية في مواقفه؟ جواب: لقد كتبت مقالاً تحت عنوان "وليد
المعلم متحدثاً"، أوضحت فيه وجهه
نظري حول حق الشعب في ممارسة الشكوى
على النظام إلى المنظمات الدولية
التابعة للأمم المتحدة وسوريا هي عضو
فيها، وبالتالي فإن صدور قرارات من أجل
التضييق على بعض عناصر النظام ضمن
مفهوم القانون الدولي يعطي الثورة في
الداخل بعضاً من حرية الحركة، مع
قناعتي بأن النظام حتى الآن لا يتبصر
بما هو مقدم عليه من كوارث ومآسٍ تحيط
بسوريا نتيجة قمعه الحراك الشعبي على
الأرض. سؤال: كيف يمكن فهم الموقف التركي من
الأحداث السورية ولاسيما تصريحات غول
الأخيرة حول استعداد تركيا دبلوماسيا
وعسكريا؟ جواب: أنت تعرف أن المصالح هي التي تحرك
الدول، وتركيا دولة مجاورة ولها
مصالحها الحيوية في سوريا. وتخشى
الانفلات الأمني على حدودها، وهذا ما
دفع الحكومة التركية إلى التحرك على
الشكل الذي تم حتى الآن وتصريحات
أردوغان الأخيرة إنذار للنظام السوري. سؤال: هل تتوقع أن يتم تغيير في الموقف
الروسي والصيني من النظام السوري؟ جواب: إن كل شيء ممكن، وفي الوقت الحاضر
فإن روسيا دعت بعض المعارضين السوريين
في الخارج لزيارتها وسماع أقوالهم وقد
يكون هذا تمهيداً لتغيير الموقف
الروسي، وقد سمعنا مندوب روسيا حين
أعلن عن سبب فقدان معمر القذافي
لشرعيته، أن سبب ذلك هو استعمال السلاح
من جانب السلطة لمواجهة الشعب وقتل
المدنيين، وهو السبب نفسه الموجود
الآن في سوريا فالسلطة بوسائلها
المتعددة تقتل المدنيين وتحاصر المدن
وتقصفها بالدبابات والطائرات فما
الفرق بينهما؟ إضافة إلى ذلك فإن الموقف الأخلاقي يلزم
سائر دول العالم، أن تتخذ موقفاً في
حده الأدنى أن تكون على حياد أما أن
تدعم نظاماً استبدادياً قاتلاً فهو
أمر غير مفهوم. سؤال: ما الذي نريده من الغرب وأميركا في
ظل رفض المعارضة التدخل العسكري؟ جواب: المطلوب من سائر دول العالم ممارسة
الضغط الدبلوماسي في الجانبين السياسي
وحقوق الإنسان، وإن ما بدأته الدول
الأوروبية من منع سفر بعض المسؤولين
السوريين يساوي تماماً ما يمارسه
النظام من منع السوريين من السفر خارج
بلادهم كما هو حقهم الطبيعي. سؤال: يلاحظ عدم إعطاء أي دولة عربية
موقفا من الأحداث التي تشهدها سورية
بالرغم من مضي ثلاثة أشهر على بدايتها..
كما اعترضت منظمة المؤتمر الإسلامي
على إدانتها في مجلس الأمن.. وكيف نفهم
شبكة علاقات سورية مع هذه الدول. وما
الذي يمنعهم أو يخيفهم من إعطاء موقف
كما حدث مع ليبيا مثلا؟ جواب: من المؤسف أن لا تقف الدول العربية
وجامعتها ومنظمة المؤتمر الإسلامي مع
الشعب السوري، وتتخذ قراراً بإدانة
النظام الليبي ولا تنتقد توأمه النظام
السوري، وكما يبدو لي أن خدعة
المقاومة، ودعمها هي ما يتستر به
النظام لاعباً بهذه الأوراق كي يستمر
في الحكم ويعيث في الأرض فساداً ويقمع
الشعب، وأنا أسأل هل إذا كان النظام
مقاوماً يباح له أن يكون مفسداً في
الأرض ويتعدى على حريات الناس
وأموالهم وأعراضهم؟ وهل يعني أن النظام وحده هو الذي يدعم
المقاومة، بينما الشعب السوري لا
يندرج تحت هذا الشعار، وفي هذا افتراء
كبير على شعبنا الذي قاد كل حركات
التحرر في العالم العربي ولا زال. سؤال: لا تستبعد بعض الأطراف أن تقوم
سورية بافتعال حرب بشكل ما مع "إسرائيل"
كي تخرج من ورطتها الداخلية؟ جواب: لا أعتقد أن النظام في سوريا يفكر
بشن حرب، والأسباب هو يعرفها جيداً. حاجز الخوف سؤال: ما آفاق المستقبل برأيك وما
السيناريوهات المتوقعة.. بمعنى إلى أي
مدى يمكن أن يذهب النظام في قمعه
الانتفاضة أكثر مما ذهب، والى أي مدى
يمكن لحركة الاحتجاج ان تصمد في وجه
آلة القمع الرهيبة هذه؟ جواب: لم يعد سقوط النظام بعيداً،
والحوارات الجانبية التي تجري هنا
وهناك تتجه إلى وضع الخطوط العريضة من
أجل الانتقال إلى نظام ديمقراطي يلبي
حاجات الشعب ورغباته، وطبعاً لا يمكن
الإيضاح أكثر من ذلك حرصاً على السلامة
العامة. وأعتقد أن الشعب كسر حاجز
الخوف وصمم على انتزاع حقه في الحرية
والكرامة التي لا رجعة عنها مما كلف
ذلك من ثمن. سؤال: يحاول بعضهم التأكيد على وجود أطراف
إيرانية ولبنانية من حزب الله تشارك في
قمع التظاهرات، ما مدى معلوماتك. وهل
ترى انه يمكن لإيران أو ل حزب الله أن
يتورطا إلى هذا الحد؟ جواب: باعتقادي أن النظام الإيراني يساعد
النظام السوري في قمع الاحتجاجات
والتصلب في مواجهة الحراك في الشارع
السوري تماماً مثلما فعل هو مع
المعارضة الإيرانية، ومن مقارنة بسيطة
بين ما يجري الآن في سوريا وبين ما جرى
ويجري على الساحة الإيرانية نجد
تشابهاً كبيراً فضلاً عما سمعناه من
إلقاء القبض على بعض عناصر غير سورية
مشاركة في قمع المتظاهرين، كل ذلك
يندرج في إطار مصلحة إيران التي ترى
النظام السوري جسر عبور إلى القاعة
الإيرانية في لبنان. ======================= منطق النظام وإعلام
النظام في دمشق الشام 23 حزيران 2011 د. أحمد نوفل السبيل 1- قدرات الإعلام.. يستطيع الإعلام ببساطة -متى أراد- أن يقلب
الحقائق، وأن يشوه الخصوم أياً كانوا،
وأن يحسّن من وجهه ومن صورته لدى
الداخل والخارج، ويستطيع بهذا القصف
الإعلامي أن يزود أتباعه بحجج
يجترونها، ومنطق يروجونه، وشقشقة
يتسلحون بها لإسكات الخصم، كما كانت
تفعل وسائل فتح وغيرها سواء من الحركات
أو من الدول. كل ذلك في ظل تراكم
الخبرات الإعلامية وترداد الكذب -ولو
مكشوفاً مفضوحاً- يمكن أن يغطي الحقيقة
ولو إلى حين، لكنه على المدى البعيد
ينقلب إلى النقيض. ألم تخض أمريكا حرب
العراق في ظلال قصف إعلامي، وهجمة على
العقول، وترويج جندت له أقوى وأكبر "وأخبر"
(من الخبرة ومن المخبرين) وسائل
الإعلام. ثم ماذا؟ ثم ذاب الثلج وبانت
القبائح التي كانت لهذه الحرب
والفضائح التي تضمنتها، وأين الآن
رامسفيلد، وأين جورج بوش الصغير،
فلينزلوا إلى الشارع ليراهم الناس
فقط، كانوا "سيشرشحونهم"،
ويمزقون جلودهم، والذي اصطنع البطولة
منهم أصبح الآن طريدة لا يكاد يظهر ولا
يستبين ولا يسمع له صوت، فالمهم إذاً
النتائج والنهايات والعواقب
والخواتيم. والنظام السوري يستطيع أن يقنع نفسه بما
يروج وأن يخدع قليلاً أو كثيراً الناس،
لكن هذا الخداع على المدى الطويل (نسبياً
طبعاً قد يكون شهوراً) لا بد أن ينكشف
ويتجلى ما كان مخفياً ومختبئاً ومغطى.
والإنسان أعلم الناس بحقيقة ما يخفي
وما يعلن وإن تفنن في التبرير لنفسه
وصفق انتصاراً بعد مرافعته الخادعة،
لكنه في الداخل وفي أعماقه وخبيئته لا
يحترم نفسه ولا يقر بعدالة موقفه فهو
في الداخل مهزوز وإن تصنع الثقة
والطلاقة.. وصدق مولانا في كتابه
العزيز إذ قال: "بل الإنسان على نفسه
بصيرة ولو ألقى معاذيره". 2- حكاية المندسين لا أدري من هو الشيطان "الداسوس"
الذي دس في القاموس الإعلامي وقواميس
اللغة مفردة "المندسين". فما إن
اندست ثَم حتى تدسست في كل قناة عربية
ومحطة إذاعية ووسيلة إعلامية مقروءة
أو مرئية.. وتدسست في تلافيف خلايا
الدماغ في عقل كل مواطن عربي وعربية.
وصارت مشجباً أو شماعة أو علاقة أو
فزاعة أو تعلة أو ذريعة أو تكؤة أو
ستاراً أو قناعاً..الخ. (هل لاحظت غنى
اللغة وغزارتها ومرد كل ذلك إلى
الاستخدام لأن المفردة التي لا تستخدم
تموت وتعيش أنت، فكان أن أحيا إعلامنا
هذه المفردة وإلا كانت ماتت وكان اللفظ
قضى ومضى أو "يدسه في التراب"
داسوس الأعراب وأداً بلا رحمة، لكن من
أحيا مفردة فكأنما أحيا اللغة، فجزاهم
الله(..) كل من أسهموا في إحياء لفظة
فمنعوها من الموت أو الانتحار أو الوأد
أو الدس والاختفاء والانزواء.. فكان
هذا الإبقاء والإحياء لكلمة "التدسس"
والاندساس وما اشتق من هذا الأساس). هؤلاء المندسون لا ندري أياً منهم من
يكون، هل هم من الجن أم من الشياطين أم
من الملونين أم من المنافقين أم من
الشبيحة شبحهم الله في لظى أو سجّين،
أم هناك فعلاً ما يسمى جماعة المندسين،
لكن الحيرة تلف العرب أجمعين من يدس
هؤلاء المندسين، فلا يستطيع الإمساك
بهم أحد في العالمين.. فيا أخي الشبيح
الشبح.. على رأي حليم: "مَن تكون"؟
اظهر وبان عليك الأمان حتى يعرفك
العربان. وكيف لا تصل إليك اللواقط والرواصد
وجماعة القرين؟ ومن يجرؤ أن يكذب
الإعلام الرسمي؟ ومن يستطيع أن ينفي
فكرة وجود هؤلاء؟ والعرب قالت من قديم
ما قالت: "إذا قالت حذام فصدقوها فإن
القول ما قالت حذام" وإلا فإنه الضرب
من تحت الحزام!؟ فاهم إنت وهوّه؟ 3- الجماعات المسلحة لا أدري هذه الجماعات من المندسين فهي كما
يقال في البلاغة بعض من كل أو في النحو
بدل اشتمال أو بدل كل من كل، أو بدل ما
تحيّرونا دلونا على الصافي وهاتوا
مرادكم بلا لف ولا دوران: نحن نريد
إسكات الشعب ألم يرفع الشعب: الشعب
يريد إسقاط النظام.؟ ونحن نريد إسكات
الرأي العام. والطلق اللي ما يصيب يا
خيّوه.. يصيب بالدوار! والكذبة لو "صدقا"
عشرة في المية خير وبركة.. وصحتين على
قلبك.. "مانن عاطلين". وما هذه الجماعات المسلحة الموجودة في كل
قرية ومدينة، وعندها القدرة على العيث
والعبث والترويع وأحياناً احتلال
المكان؟ وأين كانت أجهزة الدولة؟ ومن
أين جاء هؤلاء المسلحون؟ أعبروا من
كوكب آخر غير دري، الله لا يضرك؟ أم
جاءوا من عند الجيران كما زعمتم؟! واضح أن فكرة السلاح والتسليح استحياء
لفكرة عسكرة الهبة الشعبية لتبرير
البطشة النظامية الكبرى واستخدام
الدبابات والمدفعية؟ ألم يستمت
القذافي في جر الثورة السلمية إلى
السلاح؟ ولو لم ينشق عناصر من الجيش
لشقهم هو وأمرهم بقتل بعض الجنود،
ليلجأ إلى الطيران والصواريخ والزوارق
الحربية! ألم يستمت الصالح في فعل
الشيء نفسه؟ بالمناسبة لقد اكتشفنا
الآن سر الغرام بين النظام والعم سام
وأن المذكور السامّ كان يدير البلاد
بالتمام.. وما زال كما كان على الدوام! 4- اللعب على البعد الطائفي. هذه لعبة قذرة مدمرة لا تقبل من أحد.
وبخاصة إذا لعبها النظام. فهو مقتدر
ويملك الوسائل والإعلام والمال
والتعبئة والتجييش.. ويملك التزوير،
والأنظمة متخصصة في هذا الشيء، بدءاً
من تزوير الانتخابات في أتفه شأن إلى
الانتخابات على مستوى رئيس الدولة! فما
الرادع والمانع من التزوير في هذه
القضية؟ ومن الخطأ والخطر الشديد
الانجرار إلى هذا الشرك الذي قد يستهوي!
وقد زلقت فيه بعض الأقلام، وضلت فيه
بعض "الأعلام"! النسيج الوطني لا يجوز العبث بمكوناته
وتفكيك البنيان وتوهين الأوطان. هذا
مقتل وجريمة لا تغتفر. وقد أحسن شباب
الثورة إذ جعلوا شعار الثورة: "جمعة
صالح العلي"، (ليس علي صالح). وصالح
العلي هو أحد رموز العلويين. إشارة إلى
أنها ليست ثورة طائفية، وإنما هي ثورة
شعب مظلوم بكل تلاوينه وأطيافه. 5- التفريق بين ثورة سوريا والبحرين. دأب الإعلام الدائر في فلك إيران على
اعتبار الثورة في سوريا شأناً
داخلياً، أي من حق سوريا أن تسكته
وتعيد النظام على سابق عهده، دون أن
يجوز لأحد أو يكون له حق التدخل. فإذا
جئنا إلى ثورة البحرين ركزت الوسائل
نفسها على العنف والقتلى والجرحى
والرصاص.. علماً بأنه لا يقاس ما يجري
في البلدين.. والظلم واحد.. وهو ظلمات
على كل حال. وفي المقابل فإن الإعلام
العربي الذي يقبع في الجهة المقابلة
يعتبر ما يجري في البحرين تدخلاً
أجنبياً يقتضي هبة عروبية واحدة (لم
نعهدها ولم نشهدها عند أحد في أقدس
قضايانا!!) وأما الشأن السوري فيغض
الطرف عنه حتى يتم إسكات الأنام في
دمشق الشام.. لتنام الأنظمة في العسل!
وهنا يجتمع أهل السنة والشيعة تبارك
الله! فلماذا هذا الازدواج؟ الحال في
البلدين من بعضه، والشعب في البلدين
مضطهد مقهور مظلوم. فلماذا إذا كان
المظلوم شيعياً غضضنا الطرف معشر أهل
السنة (جماعة علوش والقباني والحريري
وفتفت ومن لف لفهم من السنيورة وكل
المندسين زوراً في أهل السنة!)؟ وإذا كان المظلوم سنياً غضضنا الطرف
معاشر الشيعة أفراداً وكتلاً
وتنظيمات، وهذا الذي أفقد حزب الله
كثيراً من الصدقية والرصيد! فكيف يناصر
الثوارُ قاهرَ الشعوب؟ وقاتل الأبرياء
الأحرار الذين أعلى مطالبهم: الحرية؟
هذا يجعل المرء يشك في المنطلقات
والثوابت والتوجهات! وبعد فإن الله تعالى تعهد أنه "لا يهدي كيد
الخائنين" وتعهد أن "الزبد يذهب
جفاء" "وأما ما ينفع الناس فيمكث
في الأرض" وجعلها قوانين في كونه
الذي هو حق ككتابه. وتعهد أن يميز
الخبيث من الطيب.. وتعهد أن العاقبة
للمتقين، والفلاح للصابرين، والفوز
للمتوكلين العاملين، وكم كرر القرآن
"ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً"؟
قرابة من عشر مرات يجمع بين الظلم
والكذب. وكم طمأننا أنه ليس "غافلاً عمّا يعمل
الظالمون"؟ وكم حذر من سوء عاقبة
المكذبين: "فانظروا كيف كان عاقبة
المكذبين" وحسمت الأمر سورة يونس:
"قل إن الذين يفترون على الله الكذب
لا يفلحون" 69. والعجيب أن رأس الصفحة ذاتها التي قبسنا
منها الآية أعلاه، جاء في أعلى الصفحة
من ذات السورة: "ألا إن أولياء الله
لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين
آمنوا وكانوا يتقون. لهم البشرى في
الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل
لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم. ولا
يحزنك قولهم، إن العزة لله جميعاً، هو
السميع العليم." يونس 62-65. وليس بعد كلام الله كلام. فلتسكت كل
الأصوات. وليسكت كل الإعلام. وليسقط
كذب الإعلام. ====================== جمال أحمد الحوار 24/06/2011 لقد كان الجميع ينتظر خطاب الرئيس السوري
بشار الاسد لاعتبارات أهمها طول غياب
الرئيس عن المشهد وتأخر ظهوره بعد وصول
الانتفاضة الشعبية السورية مستوى بات
مطلبها الأساس اسقاط النظام ورحيل
الرئيس ومن جهة أخرى باتت نظرية
المؤأمرة الخارجية بأدوات المندسين
المسحلين وعصباتهم الاجرامية العنوان
التبريري الوحيد للنظام الرسمي
وإعلامه وراجت شائعات قبل الخطاب ان
يغيرالرئيس تلك الرواية او يعدلها
اوحتى يخفف من حدتها .ولأن كان وصول
آلاف اللاجئين السوريين خارج بلادهم
هربا من قمع الجيش أجدى بأن تنهار له
حكومات لا أن يفرد بخطاب وكلا الأمرين
لم يحصل. ومما زاد من أهمية التطلع إلى الخطاب هو
رد الرئيس على ما طالبت به لجان
التنسيق السورية في بياناتها من وقف
القتل والاعتقال التعذيب والعنف ضد
المتظاهرين السلميين ووقف الدعاية
الإعلامية ومحاسبة المسؤولين عن ذلك
وانتظار "حسم" الرئيس للتساؤل
الأبرز والأهم هل سيقدم على اتخاذ
خطوات عملية للتغيير مثل إطلاق سراح
الآلاف من السوريين وسحب الجيش الى
ثكناته وإعلان الغاء المادة الثامنة
وتبليغ المواطنين بنتائج عمل ولو لجنة
واحدة من اللجان الكثيرة التي شكلها؟ يبدو أن شيئاً من هذا لم يتحقق بل وخيل
للمرء وهو يتابع الخطاب كمن يستمع الى
درس في التربية الوطنية والثقافة
القومية أمام بعض التلاميذ. بل ان
الرئيس استعار من خلفيته الطبية
تشبيهات شخص بها رؤيته للمرحلة ووصف
"المؤامرات كالجراثيم تتكاثر في
لحظة وفي كل مكان وأنه لا يمكن ابادتها
وانما يمكن العمل على تقوية المناعة في
اجسادنا لصدها" وغاص خطاب الأسد
بالتأكيد على الثوابت والوحدة والوطن
...الخ واللجوء إلى العموميات عند
الحديث عند مخرجات الإصلاح السياسي
على الأرض والتغيير المطلوب. لقد انتقد الرئيس في سابقة بعض سياسات
النظام الخاطئة في العلاقة مع الاخوان
المسلمين وما أسماه الصدام مع الاخوان
المسلمين في الثمانينات عندما ذكربأن
تراكمات منذ تلك المرحلة "السوداء"
ما زال البعض من الأجيال الجديدة يدفع
ثمنها من عدم توظيف وعدم إعطاء موافقات
أمنية وهذا يحملهم ذنبا لم يقترفوه
وهنا يبرز أن اقصى ما يمنحه الرئيس في
ملف الاخوان هو وقف المتابعات لذوي
اعضاء الاخوان لا الإخوان أنفسهم
وبهذا رسالة واضحة بأن إلغاء القانون 49
لعام 1980 والذي ينص على عقوبة الإعدام
لمن انتسب إلى هذه الجماعة ما زال
بعيدا عن اجندة الرئيس "الاصلاحية"
أو أن لغة التسطيح هي السمة الغالبة
عليه بهذا الخصوص. لقد اكثر الرئيس من استخدام مفردات
الاحتماليات عند الحديث عن كُنه
التغيير المطلوب ومادته فقال مثلاً
بأنه سيطلب (بدلاً من طلب بالفعل أو أقر
وفقاً لصلاحياته) سيطلب من وزارة العدل
دراسة توسيع نطاق العفو الحالي مع
ضرورة التفرقة بين "المخربين"
وبين أصحاب المطالب المشروعة.قال بأن
اللجان المختلفة مازالت تعمل ويجب
انتظار نتائج عملها بل وأعلن عن تشكيل
لجنة جديدة لدراسة تعديل الدستور
السوري وأن هذه اللجنة ستطرح توصياتها
في غضون شهر.كل هذه اللجان المهمة من
حيث الشكل لم تلج إلى جوهر مخاطبة
المفاصل الملتهبة في جسد الدستور
السوري ليس أقل تلك المفاصل المادة
الثامنة التي يحكم من خلالها حزب البعث
الدولة والشعب تلك المادة التي جاء على
ذكرها متسائلا ضمن سياق الحديث عن
التعديل الجزئي أو الكلي للدستور
والذي لا يجادل أحد بأهمية إجرائه أو
ضروة إيكاله لذوي الاختصاص لصياغته
إلا أن أس ذلك التغيير هو إعلان إلغاء
المادة الثامنة بوضوح لا لبس فيه. الاسد أكد على أهمية الحوار في تقرير
مستقبل سوريا وقال إن هيئة شكلت
للإشراف على الحوار مشدداً أن الحوار
الوطني الشامل بات عنوان المرحلة
الحالية وهنا يتساءل الكثيرون مع من
سيكون هذا الحوار؟ إذا كان كثير من قاد
أو شارك بالحركة الاحتجاجية إما مندس
او مغرر به أو إرهابي أو مسجون "بجرم
مشهود" وفق تعبير الإعلام الرسمي.إن
الحوار عملية مهمة جداً كما قال الرئيس
ولكن من أراد الحوار عليه أن يعد له عدة
ومن عدته تبييض السجون ومد اليد
للمعارضة الحقيقية داخل الوطن وخارجه. ثمة تلميحات في خطاب الأسد على إجراء
انتخابات مجلس الشعب في شهر (اغسطس) آب
حتى قبل إقرار قانون الأحزاب الجديد ثم
يناط بهذا المجلس إقرار دستور جديد أو
تعديله وهذا ضرب بعيد في تجاهل ما يجري
على الارض من انقاضة شعبية حقيقية تحل
البرلمانات والحكومات ويستقل الرؤساء
لوقعها لا أقل من ذلك. ذكر الرئيس أن اعداد الخارجين على
القانون والمطلوبين للعدالة ...في
بداية "الازمة" 64400 شخص وقال
تخيلوا هذا الرقم من المطلوبين بقضايا
مختلفة تصل من بضعة اشهر حتى الاعدام
احكامها وهم فارون من وجه العدالة و
كان يقصد هنا دورهم "التخريبي"
المفترض في الأحداث ولكن تساؤلا آخر
يبدو أكثر أهمية يطرح عن دور الأمن
السوري بأجهزته المختلفة والشرطة
والجهاز القضائي الذين سمحوا بمثل هذا
الوضع أن يحدث؟ ويفوت في خطاب الرئيس إنكار الإعتراف
بعمق الأزمة التي تعيشها البلاد و
المكابرة عليها ومواجهتها بشكل مباشر
وواضح لا لبس فيه فمسار الأحداث بعد
الخطاب لن يكون كما كان قبله
والاستجابة لمطالب الشعب هي أسمى
وأنبل رد ولا ريب أن كثيرين سيرون في
كلمة الاسد الثالثة فرصة وضاعت. ====================== الفوضى الإقليمية: ورقة
بشار الأسد الأخيرة آلان فراشون – (لوموند) – 16/6/2011 ترجمة: مدني قصري الغد 21/6/2011 لا يمر أسبوع واحد من دون أن تطول قائمة
الضحايا- في تكرار حِدادي كئيب يرسم
إيقاع الأحداث في سورية. وهناك، يحافظ
نظام بشار الأسد على نفسه بالترهيب
والتدمير، ويمارس الحرب بالسلاح
الثقيل أحيانا. وقد قارب عدد القتلى من500
شخص، أما عدد الجرحى فهو بالآلاف. "لم نر مثل هذا الرعب من قبل قط"،
هكذا قالت المنظمة غير الحكومية "هيومن
رايتس ووتش". لكن السوريين يواصلون
نزولهم إلى الشارع. إنهم يريدون تغيير
النظام، والقمع لا يصدهم عن ذلك، بل
يغذي تمردهم واحتجاجهم. ومن بين كل
ثورات "الربيع العربي"، كانت
الثورة السورية الأكثر تعرضا للقمع.
ومع ذلك، تظل ردود الأفعال أقل بكثير
مما شاهدناه في تونس، ومصر، وأكثر من
ذلك في ليبيا. لقد فرضت الولايات المتحدة الأميركية
والاتحاد الأوروبي عقوبات ضد سورية.
لكن الصين والاتحاد السوفياتي يضعان
حواجز منيعة في الأمم المتحدة ضد هذه
العقوبات: لا تقربوا دمشق! هناك إذن
مماطلة إزاء المأساة السورية؛ وذلك
لأن الرهان كبير ومهول. فالأمر لا
يتعلق فقط بمستقبل دكتاتورية عربية من
بين دكتاتوريات أخرى كثيرة، حيث إنه
ولأسباب أكثر تعقيدا ومرتبطة ارتباطا
وثيقا بتعقّد الطوائف السورية،
وبالتحالفات الإقليمية المتشابكة في
آن واحد، فإن جزءا كبيرا من مصير
المنطقة مرهون في النهاية بالأوضاع في
سورية. ثمة أوّلاً الاتفاق الاستراتيجي الذي
أبرم قبل 30 عاما ما بين دمشق وطهران.
وهو نوع من بوليصة تأمين لحماية النظام
السوري الذي يتحكم فيه العلويون. ويشكل
هؤلاء المنشقون عن الشيعة، وهم الفرع
الأقلية في الإسلام، يشكلون 12 %من
مجموع سكان سورية البالغ عددهم نحو 22
مليون نسمة. ويتكون أكثر من نصف السوريين من السنّة،
طائفة الأغلبية في الإسلام: وحتى
يمارسوا سلطتهم، يستند العلويون إلى
الأقليات الأخرى في البلاد، من
مسيحيين، ودروز على الخصوص. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن سورية
هي البلد العربي الوحيد الذي أبرم
تحالفا مع الجمهورية الإسلامية في
إيران، البلد الشيعي. وهذه الجمهورية
التي تتشكل من مزيج من القومية
الإيرانية ومن الحماسة الثورية، تزلزل
اليوم باقي المنطقة العربية السنية
التي تخشى العدو الفارسي القديم
وتطلعاته الإمبريالية الإقليمية. والحال أن دمشق هي بوابة التأثير
الإيراني في العالم العربي. فمن دون
التحالف مع سورية تظل أهداف إيران في
المنطقة مجرد أهداف كامنة، أي في حيز
الإمكان ليس إلا. ولذلك، وبفضل تواطئها
مع سورية، تموّل طهران وتزود بالأسلحة
والصواريخ حليفها العربي الثاني في
المنطقة، ألا وهو الحزب الشيعي
اللبناني: حزب الله. ومن خلال حزب الله تفرض سورية وصايتها على
لبنان. وكان لدمشق وطهران منذ وقت طويل
حليفٌ مقرّب آخر، هو حركة حماس
الفلسطينية. وهذه التشكيلة السنية
تهرب اليوم من حالة عدم استقرار السلطة
السورية، وتسعى للتقرب أكثر من دول
الخليج العربي ومصر. ويا له من زواج
مصلحي غريب! ويا له من اقتران ما بين
الدكتاتوريات: فمن ناحية، هناك حزب
البعث الحاكم في دمشق، وهو "جوهر
القومية العربية"، ومن الناحية
الثانية هناك الثيوقراطية الشيعية ذات
الميول الشمولية. لقد حاولت الولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي، في الفترة الأخيرة، أن
يتملقا الرئيس بشار الأسد، لجعله
يبتعد عن إيران، مع الأمل في تغيير
ملامح الشرق الأوسط. ذلك لأنه من دون
الدعم الذي يتلقاه من إيران، وهو الدعم
الذي يأتيه من خلال سورية، لما استطاع
حزب الله أن يصبح قوة للترهيب الذي
يمارسه اليوم في لبنان، وفي ذلك تكمن
إمكانية تحقيق الديمقراطية في لبنان.
ومن دون إيران، سيعود النظام السوري
إلى أحضان العرب التقليدية. وفي ذلك
أيضا إمكانية لعودة سورية إلى التفاوض
مع إسرائيل. وفي المقابل، ستفقد إيران
من دون سورية بوابة نفوذها إلى العالم
العربي، أي انها ستفقد جزءا من قدرتها
على إلحاق الضرر في المنطقة. لا شك بأن سقوط البعث السوري سيؤدي
بالأغلبية السنية في البلاد إلى
ممارسة السلطة في دمشق. فالصراع الشيعي
السني يتعرض اليوم للشرخ، إلى الحد
الذي سيجعل أول قرارات السلطة الجديدة
هو الابتعاد عن الجمهورية الشيعية
الإيرانية، أو إعلان القطيعة معها.
وبذلك ستتغير ملامح الشرق الأوسط… نحو
الأفضل بالتاكيد! إذن، لماذا لا تثير آفاق انهيار نظام
الأسد المحتمل اليوم الكثير من
الحماسة في الغرب؟ ففي أوروبا
والولايات المتحدة الأميركية، وفي
إسرائيل، وحتى في العالم العربي، نرى
ردود الفعل نفسها؛ مثل انتظار حذر
وقلِق، وخوف من رؤية القوة الوحيدة،
غير القانونية، وقليلة التنظيم، أي
الإخوان المسلمين، وهم يستلمون السلطة
في دمشق. فإما الفوضى العارمة، أو
الاسلاميون السنة – أو الاثنان معا! وهناك أيضا الرئيس العراقي. فقد جر سقوط
نظام الأقلية السنية لصدام حسين في
العام 2003، العراق إلى حرب أهلية عنيفة
دامت 7سنوات، في بلد لا يقل انقساما
عرقيا ودينيا عن سورية. ولذلك، فإن شبح
حرب أهلية طويلة المدى –الحرب التي
تستمتع دمشق باستثمارها بالطبع–
يخيّم اليوم على أحداث سورية. وفي هذا
الشبح ما يفسر السبب في أن جزءا من
الطبقة الوسطى السنية في سورية كثيرا
ما كانت تدافع عن البعث. ومن جهتها، تخشى الولايات المتحدة
الأميركية أن تؤدي الاضطرابات السورية
إلى انعكاسات مشؤومة على العراق، وأن
تُعقّد انسحابَها منه. أما إسرائيل
التي اعتادت استقرار النظام العلوي،
فقد عقدت "تسوية مؤقتة" مع عائلة
الأسد، التي تفضلها على الإخوان
المسلمين. وقد كشفت صحيفة "واشنطن
بوست" في نهاية شهر أيار (مايو)
الماضي أن أحد الإيرانيين، ويُدعى
محسن شيرازي، قد أُدرج اسمُه على قائمة
الشخصيات التي تستهدفها العقوبات
الأميركية ضد سورية.ويُعد محسن شيرازي
واحدا من قادة وحدة النخبة، وهي "قوة
القدس" العسكرية التي أنشأها الحرس
الثوري، الذراع المسلح للجمهورية
الإسلامية، للدفاع عن مصالح إيران في
الخارج. وقوة القدس هذه هي التي تُدرب
عناصر حزب الله، وقد أرسلت العشرات من
المستشارين إلى دمشق لمساعدة النظام
السوري على سحق "الربيع السوري". لا شك بأن إسقاط معسكر الأسد سوف يكون
كارثة استراتيجية على إيران، وانقلابا
مهما في تطلعاتها في المنطقة. وذلك هو
ما تسعى إيران إلى تفاديه بأي ثمن، حتى
وإن اضطرت لأن توجه أوامر إلى حزب الله
بأن يقوم ببعض العمليات الاستفزازية
ضد إسرائيل، ومن ثم تفجير حرب جديدة ما
بين لبنان وإسرائيل. وهنا تحديدا تكمن
ورقة بشار الأسد الأخيرة. فهو يضع فوق
الطاولة خيارا مستحيلا: أنا، أو الفوضى
الإقليمية! *نشر هذا المقال تحت عنوان: Syrie:
la dernière carte de Bachar Al-Assad =================== معلومات حصرية ومؤكدة ل
"فلسطين": لم يكن يوماً ضحيّة
"للنازية"!! "إيلي فيزيل".. العدوّ الذي
لا يعرفه العرب! (1) المصدر: صحيفة فلسطين 21/6/2011 • مصر: (إسرائيل)تتجسس
على اتصالاتنا • (إسرائيل) ترحب
بتولي تركيا دور الوسيط • عادل إمام يسطو
على بنك إسرائيلي • (إسرائيل)
مستعدة لاعتراض "أسطول الحرية 2" • صدمه تسود محبي
برشلونة في الوطن العربي الثلاثاء, 21 يونيو, 2011, 16:00 بتوقيت القدس لو نزلنا إلى الشارع الفلسطيني، وسألنا
مختلف المارة هذا السؤال: "ماذا
تعرفون عن إيلي فيزل؟!"، فإن الأمر
متوقع سلفا: لن تعرفه الأغلبية الساحقة
من الفلسطينيين. لكن يكفي أن تعلم بأن
هذا الشخص عزيزي القارئ واحد من أخطر
الشخصيات الصهيونية التي خدمت (إسرائيل)،
وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين
نتنياهو جعله وسيطا بينه وبين الرئيس
الأمريكي، باراك أوباما، بحكم أنه "صديق
فيزل الصدوق" من أجل "تخفيف
الضغوط الأمريكية عن (إسرائيل) لتجميد
الاستيطان بالضفة الغربية!" وقد نجح
في ذلك! كما يتم تسويق فيزل عالميا على أنه "أهم
شخصية يهودية معاصرة نجت من
الهولوكوست"، قبل أن تكشف مصادر
خاصة ب"فلسطين" أنه كان "أحد
أكبر النصابين على وجه الأرض"، وأن
روايته بالنسبة لدخوله المعتقلات
النازية كاذبة تماما! ولكي يفهم القارئ
الكريم المفارقة، يمكننا أن نقدم
المقارنة الآتية: تخيل أن القائد صلاح
الدين الأيوبي – عذرا على المقارنة!-
كان حيا، وأن يدعي مؤرخ ما بأنه –معاذ
الله- كان "نصابا كبيرا" ولم يدخل
بيت المقدس في حياته، وأنه لم يخض أي
معركة ضد الصليبيين، بما فيها معركة
حطين ذاتها! "القصة" التي يعرفها الجميع لو أردت تتبع السيرة الذاتية لإيلي فيزل
–تبعاً لما روجت لها مختلف اللوبيات
والأقطاب الصهيونية- فستجد أنها تخبر
بأنه "أستاذ جامعي مرموق وكاتب في
رصيده على الأقل 57 كتاباً -كتب أربعين
منها على الأقل خلال وجوده في الولايات
المتحدة- فضلا عن أنه ناشط سياسي ولد في
30 من أيلول/ سبتمبر عام 1928 في منطقة
رومانية تقع على الحدود بين رومانيا
والمجر إلا جل سكانها من المجريين، وقد
ادعى فيزل بأنه "اعتقل هو ووالده
ليتم نقلهما إلى معتقل أوشفيتز ومن ثم
معتقل بوخنفالد خلال الحرب العالمية
الثانية"، حيث دون فيزل هذه الأحداث
في كتاب دونه بالفرنسية وأسماه "لانوي"
(وتعني "ليلة") ونشره عام 1960، حيث
ترجم الكتاب إلى أكثر من ثلاثين لغة،
ونشرت منه ما لا يقل عن عشرة ملايين
نسخة في مختلف أرجاء العالم! أما القصة المتداولة التي يزعمها فيزل في
كتابه أنه تم نقله ووالده، ولم يزد
عمره وقتها عن خمسة عشر عاما، من
بلدتهما التي وقعت تحت الاحتلال
الألماني والقوات المجرية الموالية
لها إلى معتقل أوشفيتز، حيث أصبح رقم
فيزل في ذلك المعتقل هو "A
- 7713"،
وتم وشم ذلك الرقم على ذراعه اليسرى،
مثلما كانت تفعل السلطات النازية مع
كافة المعتقلين بأوشفيتز. ثم نُقل
الاثنان بعدها إلى معتقل نازي آخر اسمه
بوخنفالد، حيث توفي والد فيزل هناك،
ليرسل في وقت لاحق إلى محرقة الجثث،
وذلك قبل أشهر فقط من تحرير المخيم على
يد قوات الجيش الأمريكي يوم 11 ابريل 1945.
ولكي تعرف أهمية فيزل فيكفي أن نأخذ هذا
المقطع من مقال للكاتب صبحي حديدي عنه،
تحت عنوان "إيلي فيزل وصناعة
الهولوكوست.. الكل وحوش خارج الشرنقة"،
مع تصرف بسيط: "لو دخلت إلى صالة
سينما عامّة، في قلب مدينة أوروبية مثل
باريس، فيباغتك وجهه بطلاً في شريط
دعائي صرف، تماماً مثل أيّ شريط يمتدح
معجون أسنان أو شركة تأمين أو مستحضر
تجميلَ! وحين تصعقك فقرات في خطاب رئيس
الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أمام
الكونغرس الأمريكي، شديدة الوقاحة في
إنكار الحقّ الفلسطيني وشديدة التبجح
في امتداح العنف الإسرائيلي النازيّ
ضدّ الفلسطينيين، تكتشف أنّ معظم تلك
الفقرات من صياغة فيزل نفسه! إيلي فيزل، الكاتب والروائي والأستاذ
الجامعي، الذي لا يفضّل لقباً آخر على
صفته الأقرب إلى امتياز فريد: "عميد
ضحايا الهولوكوست من اليهود"،
والقيّم على شؤونهم الدنيوية والروحية.
والرجل، لمن لا يعرفه جيداً، ولد في
رومانيا، وعاش في باريس ونيويورك،
وعمل مراسلاً لصحيفة "يديعوت
أحرونوت" الإسرائيلية، وفي عام 1963
حصل على الجنسية الأمريكية، ثمّ مُنح
جائزة نوبل للسلام عام 1986. رواياته
ومقالاته أعادت إنتاج ذكرياته عن
سنوات معسكرات الاعتقال. وفي الولايات المتحدة، بدا فيزل وكأنه
مندوب غير مباشر عن منظمة "إيباك"،
أشهر هيئات اللوبي الإسرائيلي في
الولايات المتحدة، وأشدّها شراسة، في
"تأثيم" عدد من كبار الكتّاب
والصحافيين والفنّانين الأمريكيين
اليهود، واتهامهم ليس بالتخاذل والخور
في الدفاع عن دولة اليهود فحسب، بل
كذلك بالتهمة العظمى: العداء للسامية!
بين هؤلاء الممثل والسينمائي المعروف،
وودي آلن، الذي شُنّت ضدّه حملة تشهير
شعواء لأنه أعلن العجز عن هضم مشهد
الجندي الإسرائيلي وهو يدقّ بالحجارة
عظم فتى فلسطيني أعزل، الحاخام
المستنير ورئيس تحرير المجلة اليهودية
الثقافية الفكرية
Tikkun، مايكل ليرنر، لأنّ خطّ
التحرير فيها ينتقد (إسرائيل) بشدّة
ويؤيد الحقّ الفلسطيني!". وصل نفوذ إيلي فيزل إلى أن يستطيع تعديل
فقرات بأكملها في إحدى خطابات "صديقه
الأمريكي الحميم"، باراك أوباما،
الذي يعتبره "شخصية قدوة"، كانت
تمس ب(إسرائيل)، ووافق أوباما على ذلك
بأريحية! وعندما أراد نتنياهو شخصاً
مُهما كي يتولى الوساطة بينه وبين
أوباما، لم يجد أفضل من فيزل! ففي كل
خدمة تقدم إلى (إسرائيل) على الصعيد
العالمي ستجد بصمة فيزل في كل مكان،
لذا فقد كان أوفر المرشحين حظا لتولي
منصب "رئيس دولة (إسرائيل)"، إلا
أنه رفض بدعوى أنه "كاتب ليس إلا"! كما أن الحقيقة التي حاول فيزل إخفاءها هي
مشاركته في حرب النكبة عام 1948، قبل
سفره لفرنسا لاستقراره هناك! نقطة أخرى
هي الأكثر أهمية: إن فيزل هو الشخصية
الصهيونية "المركزية" المشرفة
على جمع التبرعات من مختلف أنحاء
العالم ل"صهينة القدس"، كما أنه
مؤسس متحف الهولوكوست عام 1979م بأمر من
الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر. سقوط الأقنعة..! - هذا الرجل لم يكن ليوم واحد في حياته في
معتقل أوشفيتز كما يقول! لو قال هذه المقولة أي صحفي أو كاتب مهما
علت أهميته، لقذف به سريعا إلى قاعات
المحاكمات ومن ثم إلى السجون لأنه تعدى
على "هالة ومصداقية أكبر منظري
الهولوكست في العالم أجمع". لكن
القائل هنا هو مايكل نيكولاس غرينر،
سجين سابق في معتقل أوشفيتز النازي،
وكان في ذات الحجرة التي قال فيزل بأنه
كان موجودا بها! بل وكان أحد الموجودين
في صورة تم تناقلها عالميا لعدد من
المعتقلين بأوشفيتز زعم فيزل أنه
أحدهم! وقد حصلت "فلسطين" على تفاصيل القصة
كاملة بحذافيرها من مؤسسة "عالم
واحد"، بعد بحث كامل قامت به المؤسسة
طيلة عامين كاملين في أرشيفي أوشفيتز
وبخنفالد... أما الحقيقة كاملة فتنشرها
"فلسطين" حصرياً يوم الثلاثاء
القادم في "زاجل غزة".. انتظرونا.. ==================== ما هي العلاقة بين قانون
الأحزاب وتعديل الدستور والحوار
الوطني؟ السبت, 25 يونيو 2011 دمشق - ابراهيم حميدي الحياة ما هي العلاقة بين إقرار مسودة قانون
للاحزاب السياسية وتعديل الدستور
السوري الحالي الذي يعود الى عام 1972 من
جهة والحوار الوطني من جهة ثانية؟ انجزت قبل يومين اللجنة المكلفة اعداد
مسودة لقانون الاحزاب، برئاسة استاذ
القانون الدستوري فاروق ابو الشامات،
مسودة قانون الاحزاب السياسية. وبمجرد
وضعها على موقع الكتروني تفاعلي، دخل
اكثر من عشرة آلاف شخص للتعليق عليها. وعُرف الحزب بأنه «كل تنظيم سياسي» يؤسس
وفقاً لأحكام القانون للمساهمة في
الحياة السياسية بالعمل بالوسائل
السلمية والديموقراطية ل «تدوال
السلطة والمشاركة في مسؤوليات الحكم»،
على ان يحترم «أحكام الدستور ومبادئ
الديموقراطية وسيادة القانون
والحريات والحقوق الأساسية
والإعلانات»، اضافة الى «عدم قيام
الحزب على أساس ديني أو قبلي أو مناطقي
أو فئوي أو مهني، أو على أساس التمييز
بسبب العرق أو الجنس أو اللون، وألا
تنطوي وسائل الحزب على إقامة أي
تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية علنية أو
سرية، أو استخدام العنف بأشكاله كافة
أو التهديد به أو التحريض عليه». و «يجب» ان يتضمن طلب التأسيس المرفوع الى
«لجنة شؤون الاحزاب»، وتضم وزير
الداخلية وشخصيات مستقلة يسميهم رئيس
الجمهورية، توقيع 50 عضواً مؤسساً
تتوافر فيهم شروط، بينها ان يكون عمر
كل منهم اكثر من 25 سنة و «غير منتسب الى
حزب غير سوري»، وأن يكون الحد الأدنى
لعدد الأعضاء لدى التأسيس، ألفي عضو من
نصف محافظات سورية «على الأقل». كما
تضمنت المسودة ان تكون وثائق الأحزاب
ومراسلاتها «مصانة ويجب عدم الاطلاع
عليها، ولا تجوز مراقبتها أو تفتيشها
أو مصادرتها إلا بقرار قضائي». واذ اقترحت «تمكين الأحزاب بالتساوي من
السماح لها بالافادة من وسائل الإعلام
حتى تكون هناك مساواة»، طلبت ان تسوي
الأحزاب القائمة أوضاعها «وفقاً
لأحكام هذا القانون خلال مهلة ستة أشهر»
بعد اقرار القانون. يذكر ان «الجبهة الوطنية التقدمية» تشكلت
في عام 1972 من الاحزاب المرخصة بقيادة
حزب «البعث» الحاكم، وتنص المادة
الثامنة من الدستور على انه «الحزب
القائد في المجتمع والدولة»، ما طرح
اسئلة عن العلاقة بين إقرار قانون
للاحزاب والدستور السوري والاحتمالات
الممكنة. وكان وزير الخارجية والمغتربين وليد
المعلم اعتبر حديث الرئيس الأسد في
خطابه قبل يومين عن تعديل الدستور او
تغييره «أمراً مهماً وجديداً» على
اساس ان دستور اي بلد يمثل «الإطار
الذي يرسم الحياة السياسية في المجتمع».
وفيما اكد عضو اللجنة حسن البحري ان
القول انه «خطأ كبير» والقول ان تعديل
المادة الثامنة من الدستور «يمكن
بدقائق»، اوضح ابو الشامات: «إذا أردنا
أن نلغي المادة الثامنة، فيجب تعديلها
أو إلغاؤها. لكن المادة 149 من الدستور
تقول إن لرئيس الجمهورية أو ثلث أعضاء
مجلس الشعب (البرلمان) حق طلب تعديل أي
مادة في الدستور شرط أن يتضمن هذا
الطلب الأسباب المعللة لإلغاء هذه
المادة أو مواد عدة. في ضوء ذلك، يشكل
المجلس لجنة خاصة لدرس هذا التعديل.
وإذا نال التصويت ثلاثة أرباع اعضاء
المجلس، عندها يصدّق رئيس الجمهورية
على هذا التعديل ويصبح سارياً». وزاد
ان الخيار الثاني هو تغيير الدستور،
الامر الذي يتطلب إجراء الاستفتاء.
وتنص المادة 114 على انه يحق لرئيس
الجمهورية أن يشكل هيئة تقوم بدراسة أي
موضوع معين. وقال الاسد انه سيشكل هيئة
لتقديم مقترحات لتغيير الدستور أو
تعديله. وأضاف ابو الشامات: «نحن
بانتظار إما انتخابات مجلس الشعب أو
تطبيق أحكام المادة 58 من الدستور التي
تقول إذا لم يدع رئيس الجمهورية مجلس
الشعب إلى الانتخابات، فإن المجلس
يجتمع حكماً بعد انقضاء مدة 90 يوماً»،
علماً ان ولاية مجلس الشعب الحالي
انتهت في ايار (مايو) الماضي. الى ذلك، اوضح البحري انه اذا تبين للجنة
المختصة بقضايا الاحزاب ان حزباً ما
تقدم بطلب فيه «مخالفة للأحكام
الواردة في القانون، كأن يكون هذا
الحزب مؤسساً على أساس ديني أو قبلي أو
مناطقي أو فئوي أو يقوم على التمييز
على أساس العرق أو الجنس أو اللون،
فسيكون قرار اللجنة رفض (منح) الترخيص».
لكنه قال انه اذا كان هناك شعور ب «الإجحاف
في حقه ففي إلامكان اللجوء إلى القضاء
والمحكمة الإدارية العليا كي تنصفه». ولا تضم «الجبهة الوطنية» التي تشكلت في
بداية السبعينات عدداً من الاحزاب
الناصرية والشيوعية التي كانت موجودة
وقتذاك. وتشكل لاحقاً ائتلاف معارض غير
مرخص باسم «التجمع الوطني الديموقراطي»
في عام 1979. وضم عدداً من الاحزاب
الناصرية والشيوعية، بينها «الاتحاد
الاشتراكي الديموقراطي» برئاسة حسن
عبدالعظيم. وعلم ان احزاب «التجمع»
والاحزاب الوطنية الكردية، غير
المرخصة، ستجتمع مساء السبت في دمشق
بحضور شخصيات اخرى. وقال عبدالعظيم ان
اللقاء يرمي الى اقرار وثيقة سياسية
وتشكيل هيئة تنسيق في البلاد تمثل
الداخل. وزاد ان الهيئة ستتخذ موقفاً
من موضوع الحوار الوطني الذي تعمل «هيئة
الحوار الوطني» برئاسة نائب الرئيس
فاروق الشرع على الإعداد له. كما وجه
الكاتب لؤي حسين الدعوة الى نحو 200
شخصية لحضور لقاء تشاوري يوم الاثنين
المقبل. وكانت هيئة الحوار اقترحت تشكيل لجنة
تحضيرية تمهد للقاء تشاوري يعقد في
الايام المقبلة، بمشاركة نحو مئة
شخصية، تمهيداً لمؤتمر شامل يناقش
مسودات القوانين الاصلاحية (الاحزاب،
الانتخابات، الاعلام، الادارة
المحلية)، وأجرى اعضاء من هيئة الحوار
اتصالات مع مدعوين للمشاركة. وكان الاسد اكد في خطابه ان الحوار الوطني
«بات عنوان المرحلة الحالية» وأنه «عملية
مهمة جداً ويجب أن نعطيه فرصة لأن كل
مستقبل سورية إذا أردناه أن ينجح، فيجب
أن يبنى على هذا الحوار الذي تشارك فيه
مختلف الأطياف الموجودة على الساحة
السورية». ودعا المعلم السوريين «المطالبين
بالتغيير» للدخول في الحوار الجامع ل «المشاركة
في صنع» مستقبل سورية و «امتحان جدية
وإرادة» الاصلاح. وقال: «سنقدم نموذجاً
غير مسبوق للديموقراطية» من دون تدخل
خارجي اعتماداً على «الروح الوطنية
للشعب السوري». ====================== يديعوت 22/6/2011 2011-06-22 القدس العربي هل هو ضعيف وفزع،
أم هو كذاب كبير لا يعتزم الايفاء بأي
من كومة الوعود التي نثرها أول امس
أمام الكاميرات؟ منذ أربعة أشهر والرئيس السوري، بشار
الاسد، يغرق ابناء شعبه في بحر من
اللجان: هناك لجنة انتخابات للبرلمان،
لجنة تغيير الدستور، لجنة شؤون
الديمقراطية وحقوق الانسان، لجنة حل
الازمة الاقتصادية، اللجنة الفرعية
لشؤون البطالة، ولجنة اخرى لحرية
الصحافة، وكذا لجنة هامة للتعليم.
وفوقها جميعها، اللجنة للحوار الوطني.
هذا الاقتراح الجديد من معمل الاسد،
الذي يكذب دون خجل عن 'حوار' يديره (من
رأى؟ لمن توجد أدلة؟) مع 'آلاف' من كل
شرائح الشعب السوري، ممن يسكبون امامه
قلوبهم بالطبع، ويروون له، دون ان
يرتعدوا خوفا، من يزعج ومن يضغط. 'الرئيس'
يتعلم أخيرا كيف يتعرف على شعبه. كله، يا بشار، قصص الجدة. لا أحد يصدقك. لم
نرَ منذ اندلاع المظاهرات ضدك، حتى ولا
مواطن سوري واحد ووحيد خرج ليعلن امام
الكاميرات، مثلما تحب انت، بانه كان
محظوظا في أن ينفس على مسمعك.
بالمقابل، اكتشفت في هذه اللقاءات،
كما تدعي، كم أنت زعيم محبوب ومعجب بك.
أحقا. عصر أول أمس عندما أدخلك الانذار الذي
وجهه رئيس وزراء تركيا اردوغان في حالة
ضغط حقا، خرجت لتدعو اللاجئين الى
العودة الى الديار، الى سورية. وعدت
بألا ينكل الجيش بهم. والعجب هو أنهم
يفضلون الجفاف في الخيام البيضاء على
الحدود على أن يصطدموا بزعرانك. لو انك
قصدت اعادتهم حقا، يا بشار، لتركت
القاعة المكيفة في جامعة دمشق، والتي
كان فيها حراس اكثر مما كان فيها من
طلاب، وقفزت الى خيمة في تركيا أقل من
ساعة سفر في السيارات المحصنة لتقول ل
11 الف مواطن فروا منك من شدة الخوف،
عودوا، اعطيكم كلمتي، سيكون الامر على
ما يرام. انت ضعيف ومنقطع، يا بشار. بعد 11 سنة في
القصر لم نجد لديك حتى اليوم كاريزما،
تصميماً، زعامة وسياقاً حقيقياً
لاتخاذ القرارات. انت الطبيب الذي لم
يعمل أبدا في ممارسة الطب، ولكنك تثبت
كل يوم من جديد بأنك تخون قسَمَ
الاطباء. كيف قلت أول امس في خطابك
المشوش؟ توجد مؤامرة ضد سورية، عصابات
مسلحة تقتل المواطنين وتسمم الشباب
بمرض بشع، ينتشر مثل الجراثيم الخطيرة.
لا أحد يشتري هذه القصص، يا بشار. العالم المتنور قرر وضع رجل على رجل وعدم
التدخل. يبدو أنهم لم يقتلوا عندك بعد
ما يكفي من المواطنين، ولا أحد يعرف كم
بالضبط اختفوا في الطريق الى السجون.
أول أمس القي بعدد، 64 الف 'ارهابي'
يتجولون في سيارات جيب داخل سورية، مع
سلاح اتوماتيكي ومعدات اتصال متطورة.
لعلنا نفحص اذا كانوا يتحدثون،
بالصدفة، الفارسية؟ أم ربما هؤلاء هم
زعران شرطة الباسيج ومقاتلي الحرس
الثوري من طهران، ممن تلقوا الامر
بإنقاذ نظامك. كم بائس تكتيف اليدين من جانب العالم
المتنور، الذي يكتفي بالتهديدات
بعقوبات اقتصادية. بعد خطاب أول امس
يعرفون انك لا تنوي اجراء التحول، وأن
أخاك ماهر سيواصل الرقص على دماء
البؤساء الذين لم يتمكنوا من الفرار.
أنت تبقى حاليا في الحكم، مثل القذافي.
مثلما هو مريح لآيات الله في طهران: اذا
سقطت، ستتعزز عزلة ايران. هكذا، مع
اللجان، ومع التصفيق الذي نظم لك،
الجيش والزعران سيديرون سورية الى أن
ينتصر السأم. =============== د. أميمة أحمد 2011-06-22 القدس العربي دخلت الانتفاضة السورية شهرها الثالث
ولازالت وسيلة النظام الحل الأمني
لقمعها، ويعامل الشعب معاملة السيد
للعبد، معاملة تستحي منها عهود
العبودية، القتل والمهانة لمن تمرد
على طاعة السيد، ونسي الرئيس بشار
وحاشيته أننا في الألفية الثالثة،
ألفية الديمقراطية والحرية وكرامة
الإنسان، الأثافي التي جعلت الشباب
السوري ينتفض على عبوديته لينال حريته
ويصون كرامته. وفي ظل غياب غير مبرر لرئيس الدولة بشار
الأسد، لدرجة لم يعد يرد على هواتف
الأمين العام للأمم المتحد بان كي مون،
وغاب معه الموقف الرسمي تماما مما
يجري، وأطلق أبواقه ذات البلطجة
الصوتية، العاجزة حتى عن إقناع نفسها
لما تريد أن تقنع به السوريين والرأي
العام الدولي، ومعظم هؤلاء يقدمون
أنفسهم ب'دكتور في جامعة دمشق ومتخصص
في الدراسات الإستراتيجية، أو رئيس
مركز للدراسات الإستراتيجية أو كاتب
صحافي' أساؤوا للنظام أكثر مما دافعوا
عنه، ولو كانت لدى سورية سياسة إعلامية
لكان التلفزيون استضاف الرأي الآخر
كبرهان على إصلاحات الرئيس التي أعلن
عنها، ولكن الصحافة السورية كانت طرفا
في القمع، لذا أتوقف عند الصحافة
كإعلامية، فقد أذهلني تصريح الدكتور
أحمد الحاج علي الكاتب الصحافي،
للجزيرة عن غياب الإعلام الدولي عن
الأحداث، فقال بالحرف 'طبعا يغيب حتى
لا يفبرك أخبارا ليست على أرض الواقع'،
الدهشة لأن الصحافي المهني يدافع عن حق
الصحافيين باستقاء المعلومات من عين
المكان ومن مصادرها، بينما أحمد الحاج
علي يخون زملاءه ببساطة 'فبركة الخبر'،
لست أدري من يفبرك الأخبار هؤلاء الذين
يعتمدون على وسائل الاتصال الاجتماعي (الفيسبوك)
وما تجود به من أفلام فيديو صورها
متظاهرون هم مشروع شهداء، وقبل
استشهادهم التقطوا بهواتفهم النقالة
بعضا مما يجري بالواقع، ليصبح هو
الصحافي، ولولا المواطن الصحافي لكانت
تلك الجرائم التي تُرتكب طي الكتمان،
جراء التعتيم الإعلامي الرسمي، حيث
استأسد التلفزيون السوري في تزوير
الحقائق. ولعل المضحك المبكي تلك
المكالمة التي زعم أن 'السلفيين يتصلون
بالإعلام ويفبركون أخبارا'، وكانت
القناة التي يتصلون بها تريد شاهد عيان
على حادثة البنت المخطوفة في جسر
الشغور، حيث المجتمع كما نعلم محافظ،
ويصبح الدم للركب عند الاعتداء على
الأعراض، لكن التلفزيون السوري ' فلتة
زمانه بالمهنية' يستضيف عم البنت
المخطوفة ليتحدث هاتفيا (وما أدرانا
كمشاهدين أن المتحدث هو عم البنت؟)
تحدث الضيف وكأن اختطاف ابنة أخيه حدث
عابر وهو يردد 'نحن بأمان والله يخلي
الجيش اللي حمانا، خطفوها لما كانت
رايحة مع ابن اختها ...'، إلى هذا الحد
بلغ غباء الإعلام السوري؟ هذا غيض من
فيض في التجييش ضد الشعب السوري برمته،
لم يترك هذا الإعلام المنحاز بغباء صفة
قبيحة إلا وصف فيها المتظاهرين، 'سلفيين،
مندسين، إرهابيين، عملاء، خونة،
يعملون لأجندة خارجية ..'، ولم يقولوا
عنهم انهم سوريون، وهذا مؤسف جدا. بعد ثلاثة أشهر من هذا العهر الإعلامي
والفجور الأمني لم يستطع النظام قمع
الانتفاضة، وكانت الدكتورة بثينة
شعبان المستشارة بالرئاسة قد صرحت في 10
ايار/مايو الماضي'لقد تجاوزت سورية
الأزمة وأصبحت من الماضي، ونحن مقبلون
على إصلاحات أقرها الرئيس بشار الأسد'،
يومها خرج الجيش من درعا وتوجه إلى
تلكلخ، حيث ارتكب مجازر مروعة، جعلت
الأهالي يفرون حفاة عراة إلى لبنان
الجار، الذي وقف الشعب السوري الى
جانبه عند محنته خلال العدوان
الإسرائيلي عليه عام 2006، فقد استقبلت
العائلات السورية مئات الآلاف من
اللبنانيين في منازلها وأكرمتهم، لكن
عند نزوح السوريين للاحتماء بأشقائهم
اللبنانيين تصدت لهم شبيحة حزب الله
وطردتهم وسلمتهم للنظام السوري
كمطلوبين فارين، والتلفزيون السوري
وقناة الدنيا لرامي مخلوف مع قناة
المنار وقناة بري تعرض شهود الزور عن
سلاح دخل سورية من جماعة تيار المستقبل
14 آذار، وان الحريري وراء هؤلاء
السلفيين، والغريب حد الدهشة أن زملاء
نكن لهم كل الود والاحترام تخلوا عن
مهنيتهم وراحوا يطبلون على هوى المنار
والتلفزيون السوري وتلفزيون حركة أمل
وتلفزيون دنيا، عمليا هذه المواقف
إدانة لمصداقية أصحابها، وتشكيك
بمهنيتهم، كان بإمكانهم الصمت أفضل من
أن ينطقوا كفرا، وتصبح شهادتهم محل
ترويج إعلامي لتجييش الحقد والضغينة
ضد أبناء سورية، الذين طفح كيلهم من
الذل فخرجوا بصدور عارية يواجهون
الموت، وكل متظاهر مشروع شهيد أو معتقل
سيموت تحت التعذيب، لم يسلم من هذا
القمع الوحشي حتى الأطفال، فحمزة
الخطيب هزت جثته المشوهة الضمير
العالمي، في وقت راح التلفزيون يشرح
ببذاءة لا تحترم الموت 'أن الجثة
تأخروا بتسليمها فانتفخت'، ولكن لماذا
الرصاص في صدر الفتى، ولماذا قطعوا
عضوه؟ هل خافوا أن ينجب ثائرا في قبره
وهو لم يبلغ الحلم بعد؟ ولم يكتف بعض المثقفين بتزوير حقائق ما
يجري في المدن والبلدات السورية من قتل
واعتقال واغتصاب وانتهاك حرمات وتخريب
وحرق، بل تطوعوا لتوزيع الوطنية على
زملائهم ممن اتخذوا موقفا إنسانيا
إزاء أهالي درعا بأخذ الحليب والدواء
للأطفال. منى واصف سيدة الدراما
العربية، وأصالة نصري سيدة الغناء،
وكتّاب وصحافيون وقعوا على بيان يرفض
العنف، فانبرى هؤلاء 'المثقفون' أتباع
النظام بهجوم غير مسبوق، وبصفاقة
ووقاحة قل نظيرها، راحوا يصفون هؤلاء
الذين انتصروا للإنسان وحقه بالحياة 'بالخيانة'،
ومنهم من تمادى وطلب تجريد السيدة منى
واصف من وسام الجمهورية، الذي قلدها
إياه الرئيس بشار الأسد، وكأنه أعطاها
الوسام مزية ومنّة وهي التي رفعت رأس
سورية شامخا في كل ساحات الفن بالعالم،
لاعليك سيدتي الرائعة منى واصف، موقفك
الشجاع وسام على صدورنا جميعا، وأنت
نجمة لا تطالك ألسنة السفهاء. هؤلاء ديدنهم منذ بدء الانتفاضة تبرير
سياسة الحل الأمني التي اتخذها النظام
لقمع الانتفاضة، لكنها فشلت، وما جرى
في درعا وتلكلخ وجسر الشغور، يدلل على
إفلاس النظام تماما في إيجاد حل للخروج
من الأزمة السورية. وإذا أراد الخروج
الآن من الأزمة عليه وقف أعمال العنف
فورا، بسحب الجيش وقوات الأمن من
الشوارع والمدن السورية، وإطلاق سراح
سجناء رأي الانتفاضة والقدماء وعودة
المنفيين من دون شروط، فهذا عربون
النية الصافية للحل، وبعدها الدعوة
لمؤتمر حوار وطني يشارك فيه كل الطيف
السياسي والاجتماعي السوري، جدوله
نقطة واحدة: كيف نوصل مركب سورية آمنا
وسلميا إلى الديمقراطية، ونعتقد أن
بيان التنسيقيات المحلية قد وضع خارطة
طريق، تخرج سورية إلى بر الأمان. نأمل
أن يستمع العقلاء في النظام إلى صوت
العقل لإنهاء هذه المأساة الوطنية . ' كاتبة سورية مقيمة في الجزائر =============== طارق محمد الناصر الرياض 23-6-2011 قرأتُ الرسالة
التالية لسوري يحاكي فيها خطاب الرئيس
بشار الأسد يوم الاثنين الماضي: "أصدرت
القيادة اليوم القرار القاضي بالبدء
الفوري بوضع مسودة لإعداد مشروع ورقة
متعلقة بتشكيل لجنة خاصة لدراسة
متطلبات العمل على آليات إعداد جدول
زمني لاستصدار مدونة لسبل إنشاء مجلس
معني بحل المعوقات التي تعرقل عملية
تداول القضايا المرتبطة بالحوار
الوطني". خطاب الرئيس السوري كان بالفعل مشابهاً
لما ورد في الرسالة أعلاه. إذ لم يتسم
بالوضوح ولم يقدم إلا الوعود بالنظر في
مطالب المحتجين عبر حوار وطني. ورغم أن
المطالب واضحة ويمكن اختزالها في
الشعار المرفوع من السوريين "الحرية
والكرامة" إلا أن الرئيس الأسد
اختار تجاهل ذلك. خطاب الرئيس الأسد يثبت أنه لم يستفد من
خطأ الرئيس المصري السابق في خطابه
الأخير عندما جعل وسائل الإعلام
المصرية تروج لخطابه قبل إلقائه واصفة
إياه بالخطاب المهم وجاعلة الملايين
يتسمرون أمام الشاشات في انتظاره.
فالإعلان مسبقا عن الخطاب جعل
الجماهير ترفع سقف توقعاتها لدرجة أن
أقلها تفاؤلا كان يتوقع قرارات جدية
تتجاوب مع مطالب الشارع السوري. ولم يقتصر خطأ الخطاب على فراغه من
المضمون بل تعداه إلى استخدام لغة تتهم
المحتجين بالإرهاب والضلوع في مؤامرة
خارجية، والى تقزيم ما يجري في الشارع.
فتقسيم المحتجين إلى طلاب حاجات
ومجرمين فارين وتكفيريين جعل
المحتجين، كما هو متوقع، يشعرون
بالاهانة ويخرجون للتظاهر، مجددا،
بمجرد انتهاء الخطاب. لا يبدو أن الرئيس السوري يعي ما يدور
حوله ولا المصير الذي ينتظر نظامه ما
لم يصغ إلى أصوات السوريين المطالبة
بالإصلاح الشامل. وهو في تجاهله
لأصواتهم يجعل من المحتم بلوغ الأزمة
في سورية لنفس الخواتيم التي يتجه
إليها نظام ملك ملوك أفريقيا. مازال بإمكان الرئيس الأسد تدارك الوضع
وإنقاذ نظامه وإنقاذ سورية. سيكون
الثمن غاليا لكنها فاتورة يمكن دفعها
الآن مع ملاحظة أن التأخير سيضاعفها مع
تراكم الفوائد. سيتوجب عليه، أولا،
الاعتذار عن محاولة إسكات المحتجين
بالقوة، والإعلان عن إعادة الجيش إلى
ثكناته، وإطلاق سراح جميع المعتقلين
في غير الجرائم الجنائية. يتعين عليه بعدها تعديل الدستور بما يلغي
المادة الثامنة المتعلقة بقيادة حزب
البعث للدولة والمجتمع في سورية، وحل
الأجهزة الأمنية وإحالة المتورطين في
جرائم قمع السوريين إلى القضاء. ويتعين
عليه، أيضا، حل مجلس الشعب وإجراء
انتخابات نزيهة، ومعالجة الفساد
ومعاقبة المفسدين. مسار الأمور ينبئ بأن الرئيس السوري لن
يستجيب للإصلاح إلا بعد أن تكون مطالب
السوريين، للأسف، قد تجاوزته. النافذة تضيق مع الوقت، فهل يفعلها الأسد
ويبادر ؟ =============== هكذا تكلَّم الرئيس
بشار ! ( 2 -2 ) 2011-06-23 جواد البشيتي العرب اليوم لو كان لطبيب العيون بشار الأسد أنْ
يتحدَّث بلغة سياسية تشبه ولو قليلاً
لغة العِلْم الذي إليه كان ينتمي لخاطب
شعبه قائلاً: إنَّ كل شيء في سورية قد
اختلف; وإنَّ عليَّ, من ثمَّ, وبصفة
كوني قائداً على هيئة رئيس أنْ أنْظُر
إلى ما اختلف بعينين مختلفتين. لكنه أبى بسبب مصالحه الشخصية والفئوية (السياسية
وغير السياسية) الضيِّقة إلاَّ أنْ
يَنْظُر إلى كلِّ هذا الذي اختلف في
سورية بعينيه السياسيتين القديمتين
نفسيهما. بحسب نظرية تستهوي الحكَّام العرب, هي
نظرية "الرئيس ملاك; لكن بطانته من
الأشرار", كان ينبغي للرئيس بشار أنْ
يقود ثورة في داخل نظام حكمه, فيزيح
هؤلاء الأشرار (الفاسدين المفسدين
المتصالحين مع مصالحهم الشخصية
والفئوية الضيِّقة بما يجعلهم معادين
دائماً للشعب ومطالبه وحقوقه
الديمقراطية) من طريقه, ليتحالف مع
الشعب, وليَخْطُب فيه, من ثمَّ, قائلاً:
سورية لن تستخذي للضغوط الخارجية, ولن
تتنازل عن مواقفها القومية ضدَّ العدو
الإسرائيلي, وحلفائه; لكنَّه, أي
الرئيس بشار, في الوقت نفسه,
سيَنْتَصِر للمطالب والحقوق
الديمقراطية لشعبه, وسيتخلَّى, وإلى
الأبد, عن "الاستبداد" أسلوباً في
الحُكْم, فلا تَعارُض بين أنْ تظل
سورية "قلعة" للقضايا والحقوق
القومية العربية وبين أنْ تصبح "واحة"
للديمقراطية في العالم العربي. لو فَعَل الرئيس بشار ذاك, وقال هذا, من
ثمَّ, لصفقَّنا له قائلين: لقد
عَرَفْتَ كيف تُقوِّي وتُعزِّز جهاز
المناعة الداخلي لسورية, وتَجْعَل كل
المؤامرات الخارجية كرعدة في سماء
صافية الأديم. بدلاً من ذلك, شرع الرئيس بشار يُصنِّف
الشعب السوري, مُصوِّراً الغالبية
الشعبية التي لم تَنْزِل, أو لم
تَنْزِل بَعْد, إلى الشارع لتنادي
بالحرِّية والديمقراطية, على أنَّها
شعبه الطيِّب الوفي الذي يَقِف معه في
السرَّاء والضرَّاء, ضارباً صفحاً عن
حقيقة أنَّ لهذه السلبية الشعبية (التي
هي الآن قَيْد التحوُّل إلى إيجابية)
أسباباً عدة ليس من بينها الحب
والتأييد له; ولا ريب في أنَّ الخوف (مِنْ,..
أو على..) هو سببها الأهم. أمَّا أولئك الذين نزلوا إلى الشارع,
وثاروا وانتفضوا ضد نظام حكمه, فَهُم
ثلاث فئات: فئة ضئيلة طيِّبة من ذوي
الحاجات (الخاصَّة) ولها مطالب يمكن
تلبيتها ضمن نظام حكمه, وفئة أوسع من
المجرمين والمخرِّبين, وفئة تمثِّل
"الفكر السلفي"; ثم استعار من
القذافي قوله "إنَّكم تشوِّهون صورة
الوطن خارجياً". ومع ذلك, حدَّثنا الرئيس بشار عن "مشروعه
الإصلاحي", وأضاف وعوداً (إصلاحية)
جديدة إلى وعوده القديمة, فلم يَقَع
كلامه على أسماع شعبية تشبه سمعه;
لماذا? لأنَّه يريد الحفاظ على آلة الحكم نفسها,
وعلى مكوِّنها الأمني على وجه الخصوص,
والاحتفاظ بسيطرته التامة (مع عائلته
وأقاربه وشركائه) عليها; وكأنَّه يريد
إصلاحاً لأحوال مواطنيه على أنْ يبقوا
جميعاً في داخل سجن كبير; فلو ذهب
الرئيس بشار مع شركائه, ومع آلة حكمه
هذه, إلى السويد ليَحْكُمها, مستبقياً
لأهل السويد دستورهم الديمقراطي وكل
ما يتمتَّعون به من حقوق ديمقراطية,
لأصبحت الديمقراطية في السويد كظلٍّ
فَقَد جسمه. =============== سوريا الأسد تعيد رسم
النظام العالمي علي حماده النهار 23-6-2011 أكثر ما أضحك مراقباً أوروبياً التقيته
اثر انتهاء المؤتمر الصحافي الذي عقده
وزير خارجية سوريا وليد المعلم
البارحة، قول الاخير رداً على
العقوبات الاوروبية ضد النظام: "سوف
ننسى ان اوروبا على الخريطة"!
وذكّرنا بما قرره النظام قبل ثلاثة
ايام رداً على الموقف التركي بتعميم
اعادة وضع لواء الاسكندرون على
الخريطة الرسمية لسوريا في الدوائر
والمناهج التعليمية! ما اضحك المراقب
الاوروبي لم يفاجئني، بل احببت ان
اذكره ب"زعيق" احد "عباقرة"
مجلس الشعب السوري مع انتهاء الرئيس
بشار من القاء خطابه الاول نهاية آذار
الفائت، اذ قال له "يا سيادة الرئيس
ان الوطن العربي قليل عليك لازم تحكم
العالم"! وكما يقولون، "فرط"
المراقب الاوروبي ضحكاً وزالت عن وجهه
علامات الاستغراب والتعجّب ازاء قول
وليد المعلم انه سينسى ان اوروبا على
الخريطة. أكثر من ذلك، ان من يسمع الرئيس بشار
الاسد في خطابه الاخير في جامعة دمشق (في
الليلة نفسها جرى قتل طلاب في المدينة
الجامعية) عندما قال رداً على النصائح
التي وجهت الى النظام: "بدلاً من
تلقي الدروس سوف نلقنهم دروساً"،
يدرك مدى غربة النظام من قمته الى
قاعدته عن الواقع في المحيط والعالم.
فالاعتماد على الموقف الروسي ومن خلفه
الموقف الصيني، يمد النظام بصورة
مشوّهة عما يجري من حوله، وادعاء وليد
المعلم ان كل الدول العربية من دون
استثناء تقف مع سوريا (النظام) ضرب من
ضروب الخيال، وهو اول العارفين بحقيقة
الامر ولا سيما في الخليج العربي، حيث
اوصدت من الناحية العملية كل الابواب
تجاه النظام. ومن يعتبر انه يمكن
البناء على صلابة الموقف الروسي
لاستكمال حملة دموية ضد شعبه يكون كمن
يعيش على كوكب آخر غير الارض. فالموقف
الروسي متحوّل ومتدرّج وسوف ينتهي الى
الاصطفاف خلف الموقف الدولي، فضلاً عن
ان اوروبا واميركا وحدهما قادرتان على
فرض عزلة اقتصادية شبه تامة على النظام
في سوريا. فمقاطعة سوريا اقتصادياً
ووقف التعاملات معها لا يمكن روسيا
والصين تعويضه، ولا سيما على مستوى
الاسواق المالية التي تتركز تعاملاتها
بنسبة 98 في المئة على الدولار والاورو.
فهل يمكن النظام ان يمضي في طريقه
المجنونة محملاً "شوادر" من
الدولارات على الطريقة الايرانية؟ وهل
يمكن طبقة التجار في دمشق وحلب
المتحالفة مع النظام حتى الآن ان تكمل
المشوار مع نظام آيل الى ان يصير طريد
العدالة في كل مكان؟ ان استمرار القتل لن يؤدي الا الى الخراب.
وما يحكى عن اصلاحات يقوم بها الرئيس
الاسد على الورق يفقد قيمته مع هذا
الدفق من الشهداء الذين يسقطون منذ مئة
يوم برصاص النظام في كل مكان. لقد توسعت
الثورة وتعمّقت في نفوس السوريين،
وصارت واقعاً لا يمكن انكاره، تارة
بتجاهل الناس وطوراً بقتلهم. وكل يوم
يمر ويتخلّف فيه الاسد الابن عن
التغيير الجذري الذي يقطع مع "السجن
الكبير" الذي بناه حافظ الاسد يكون
بمثابة الاستثمار في خراب سوريا، من
دون ان يفلت نظامه من السقوط. =============== النار السورية...
والأصابع التركية ! راجح الخوري النهار 23-6-2011 يعرف رجب طيب أردوغان انه لكي تكون تركيا
فعلاً "النموذج الذي يحتذى" في
العالم العربي، كما قال، عليه الآن
ايجاد مداخل ذكية وذات جدوى الى الأزمة
السورية، تساعد النظام في دمشق على
ايجاد الحلول التي تعيد الاستقرار بعد
تأمين الاصلاح الحقيقي الذي يطالب به
الشعب السوري. هذه المسألة صعبة قياساً بتطور الامور،
وخصوصاً الآن بعد استمرار التظاهرات
ورفض الخطاب الثالث للرئيس بشار الأسد
الذي قدم وعداً بتسديد الدين ولم يدفع
نقداً وعدّاً من حساب الاصلاحات كما
انتظر الكثيرون. لا يجادل احد الآن في ان تركيا تقف في عين
العاصفة السورية، لا بل ان البوابة
التركية الى الأزمة السورية تمثل
المدخل الوحيد الذي يريد الكثيرون
العبور منه. ففي غياب الجامعة العربية
مثلاً، ليس ثمة مرجعية مسموعة وكل
الأنظار مركزة على أنقرة. وفي ظل "سياسة
المواكبة والتردد" التي تطبقها
واشنطن حيال التطورات العربية، لا
يملك باراك اوباما غير البقاء على الخط
مع اردوغان للتنسيق بشأن التطورات
السورية. وفي آخر اتصال بينهما اتفقا
على ضرورة انخراط نظام الأسد في
اصلاحات سريعة خلال ايام تحت طائلة
التلويح بتشديد العقوبات. ورغم تصاعد الموقف الأوروبي المصطدم
بالضوء الأحمر الروسي والصيني في مجلس
الامن، فإن تركيا تبقى الشرفة التي
يحتاج اليها الغرب لكي يطل على المسرح
السوري الملتهب. إن بوابة العبور
التركية الى الازمة السورية لم تنشأ
اصلاً نتيجة العوامل السياسية المتصلة
بالتطورات الاخيرة، فالواقع الجغرافي
بين البلدين جعل انقرة تستشعر النار في
اذيالها الجنوبية باكراً، وإذا ذهبت
الامور في اتجاهات مذهبية، لا سمح
الله، على نحو ما حصل في طرابلس ويا
للاسف، فإن تركيا ستقع في صداع أليم! ولكن ماذا يعني الآن كلام انقرة عن
استعدادها لكل الاحتمالات بما في ذلك
العسكرية؟ هل يعني هذا الذهاب الى "الخطة
– ب" التي تردد منذ مدة انها تهدف
الى اقامة حزام داخل الاراضي السورية
للاجئين السوريين سرعان ما قد يتحول
نسخة عن بنغازي الليبية؟ طبعاً ليس سهلاً على القادة الاتراك
الاندفاع في سياسات من هذا النوع لأن
النسيج الاتني في جنوب تركيا، وخصوصاً
في لواء الاسكندرون، يشكل مادة قابلة
لامتصاص النار السورية بسرعة. ثم ان
ايران، التي تقيم تحالفاً استراتيجياً
مع سوريا، لن تتوانى عن بذل كل ما
تستطيع لمواجهة أي تدخل يؤذي النظام
السوري. وفي هذا السياق تعرف انقرة ان
مصالحها الاقتصادية الواسعة مع ايران
المطوقة بالعقوبات لن تلبث ان تصاب
بأذى عميق. واذا كانت الازمة السورية الى تصاعد، فإن
وصول اللهب الى البوابة التركية، مع
تصاعد لهجة التراشق بين دمشق وانقرة،
ينذر بتوسيع حلقة التأزم سواء في سوريا
او على المستوى الاقليمي. =============== الامير الحسن بن طلال الدستور 23-6-2011 يبدو أن التغييرات التي تجتاح مختلف
بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
الآن تحتمل ألف تفسير وتفسير. ومن بين
الاستجابات التي كثيراً ما تتردد على
مسامعنا تلك النبرة العامرة بالتفاؤل
الحذر، والتي كانت واضحة في الخطاب
الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك
أوباما مؤخراً في وزارة الخارجية
عندما أشار إلى "وعد المستقبل". بيد أننا في بعض الأحيان نستمع أيضاً إلى
تلك الافتراءات الشعبوية التي طالما
أطلقت على الشرق الأوسط حتى بات الأمر
وكأن لا شيء قادر على إسكاتها
ولا حتى أي قدر من التغيير غير
العادي. فبعد الثورتين الناجحتين في
القاهرة وتونس، خفتت الافتراءات، ولكن
سرعان ما بدأت الرسائل القديمة التي
تَصِم الشرق الأوسط بالتطرف والأصولية
ومعاداة الديمقراطية في التسلل من
جديد إلى الغرب. ومن ناحية أخرى، يبدو أن الرجال والنساء
العاديين في الغرب يشعرون بتعاطف
غريزي تجاه نظرائهم في الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا، والذين يدفع العديد
منهم الثمن الأقصى والأعظم في النضال
من أجل انتزاع حقوقهم. والواقع أن هذه
التضحيات أقنعت العديد من أهل الغرب
بأن خلاص الشرق الأوسط ليس بالأمر
المتعذر أو المستحيل، وبأن شعوب
المنطقة لابد وأن تحظى بالفرصة للتمتع
بنفس القدر من الحرية الذي يتمتعون به. لقد باغت هذا الصِدام بين المفاهيم خبراء
السياسة والمحللين في العالم. وهذا
أيضاً ليس بالأمر المستغرب، لأن
الموقف يظل عبارة عن مزيج غير متبلور
من الأمل والدمار. ولكن اليوم في عمّان، كما هي الحال في كل
العواصم العربية تقريبا، تعقد
اجتماعات وتدور مناقشات حول الكيفية
التي يمكن بها المضي قدما، في المعارض
الفنية ومراكز البحوث والصالونات
الثقافية، بل وبين أفراد الأسر
العادية، والأهم من كل ذلك على شبكة
الإنترنت. إن المنطقة التي تصوَّر
غالباً بأنها "متخلفة" تناقش الآن
مصيرها وجهاً لوجه، وعبر الشبكات
الاجتماعية في كل ثانية من كل يوم. ولكن إرسال الإشارات والرسائل القصيرة (على
موقع تويتر) ليس بديلاً للفكر. والواقع
أن الأحداث والشخصيات التي حظيت حتى
الآن بالاهتمام والانتباه تبدو وكأنها
تملأ الفراغ الذي كان من الواجب أن
تشغله إعلانات الحرية والدراسات
والأطروحات والأفكار
بشأن الحقوق. والنتيجة هي ما نشهده الآن من تخبط
والتباس. والمتناقضات كثيرة. فقد
اعتُبِرَت الحكومات في مختلف أنحاء
المنطقة أساساً للمشكلة، ورغم ذلك فإن
الدولة مطلوب منها أن تتولى تنفيذ
أجندة اجتماعية سياسية لم يتم تحديد
معالمها بالكامل بعد. والواقع أننا
نشهد اليوم ميلاد روح أكثر ديمقراطية
بين شعوب المنطقة، ولكن الشعور
المقابل بالمسؤولية الديمقراطية لا
يزال غير ناضج إلى حد كبير. وأياً كان المدى الذي بلغته وسائل
الإعلام الجديدة من نفوذ وتأثير،
فإنها لا تستطيع أن تحل محل الحاجة إلى
"بيان من أجل التغيير" يستطيع أن
يتبناه كل من يبتغي الحرية، على مستوى
المنطقة بالكامل. وأي بيان من هذا
القبيل لابد وأن يتصدى لأضخم مشكلتين
في المنطقة فلسطين
وأسعار النفط فضلاً
عن تحديد المدى الذي يتعين وفقاً له
تقاسم موارد المياه والطاقة
الإقليمية، التي تتجه الآن نحو النضوب
السريع. (في هذا السياق، دعوتُ أنا
ومجموعة من الخبراء من مختلف أنحاء
العالم إلى إنشاء لجنة فوق قُطرية
للمياه والطاقة بهدف ضمان الإدارة
المستدامة للموارد، والتي أسمتها
مجموعة الاستبصار الاستراتيجي "السلام
الأزرق"). إن الحديث عن توليد الأفكار أسهل كثيراً
من تنفيذها بطبيعة الحال. ففي ظل تقييد
حرية التعبير وإرغام الملايين من
الشباب على البقاء في منازلهم بلا عمل،
أصبح الحيز العام الوحيد المتاح
للعديد من الناس هو الحيز الافتراضي.
لقد تجاهلت الحكومات العربية شعوبها،
فلم يجد الناس سبيلاً سوى الهجرة إلى
العالم الافتراضي على شبكة الإنترنت.
والنتيجة هي أن الحرس القديم أصبح الآن
في مواجهة موجة جديدة، حيث يفكر كل من
الجانبين على نحو مختلف تماماً عن
الآخر، ويتحدث الطرفان عن أهداف
وأغراض متضادة. ولكن أياً كانت القيود التي تحد من حركة
الموجة الجديدة، فإن أحاديثها التي لا
تحدها حدود على شبكة الإنترنت تعمل على
التعويض عن محاولات بلقنة المنطقة على
المستويات السياسية والدينية
والاجتماعية والثقافية. فالشعوب في
غرب آسيا وشمال أفريقيا تتبادل
الأحاديث فيما بينها، حتى ولو ظلت
حكوماتها متنائية متباعدة. وهذا هو
مصدر الأمل، وإن لم يكن بعد المصدر
للأفكار المنهجية المترابطة حول كيفية
إعادة تشكيل المجتمعات، وهو ما تحتاج
إليه المنطقة بشدة. إن قدرة الفضاء الإلكتروني الافتراضي
ليست بلا حدود؛ فهو غير قادر في
النهاية على جلب الديمقراطية أو
الرخاء. وربما أصبحت القدرة على
التواصل الآن فورية، ولكن في غياب
آيديولوجيا محرّكة متماسكة، تتقدم
الثورة ببطء. ومن غير الممكن أن يتأتى
النصر في المعركة التي تُخاض الآن من
أجل روح الشرق الأوسط عن طريق شبكة
الإنترنت، ولا يمكن إخضاعها من خلال
التلاعب المشين بعناصر الثقة والخوف.
إن نوعية الحرية في الشرق الأوسط، كما
هي الحال في أماكن أخرى، سوف تعتمد على
مدى التزام أنصارها بالقيم الليبرالية
والديمقراطية. رئيس ومؤسس منتدى الفكر العربي ومنتدى غرب آسيا وشمال أفريقيا.
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت،
2011 التاريخ : 23-06-2011 =============== إلى المكبلين
المتلعثمين عن نصرة الشعب السوري الأربعاء، 22 حزيران 2011 23:47 سالم
الفلاحات السبيل المكبلون بخيوط رفيعة تكاد تكون خفية عن
الناس، وإن كانت مكشوفة لدى الكثيرين،
والتي تمنع هؤلاء من الانسجام العام مع
ما يتحدثون به تجعل مواقفهم متناقضة،
فبينما هم محل احترام واعتزاز
لثوريتهم التي لا تعرف المهادنة مع
الظلم والاستعمار، وسلب الحريات،
والروح التقدمية المنشودة أو هكذا
يفترض تجد لهم ميزاناً آخر في قضايا
مطابقة تماماً، لكن الأحكام بشأنها
مختلف والموقف مغاير.. فيا للعجب !! تُشفق عليهم، وتجهد نفسك لتجد تسويغاً
لغضبة البعض المضرية لمنع عرب أردنيين
من التضامن مع عرب ثوريين من أبناء
جلدتهم لا يفصلهم عنهم بحر ولا نهر ولا
لغة ولا جبل، بل هم من الأمة الواحدة
ذات الرسالة الخالدة التي يتحدثون
عنها، وبخاصة في ربيع حرية الشعوب التي
تتجاوب نداءاتها، ويتردد صداها في
أرجاء الوطن العربي كله، وتحقق نجاحاً
متوالياً وتتمتع بمستوى راقٍ من الوعي
والحضارية حيث انتهجت المنهج السلمي،
وعصبت جراحاتها حفاظاً على السلم
المجتمعي، ولتفويت الفرص على الأنظمة
التي تبحث عن ذرائع واهية لوأد تطلعات
الشعوب لحرياتها وسيادتها تمهيداً
لنهضتها ووحدتها القومية. يفجعك اليوم موقف شريحة من أبناء مجتمعنا
العروبي القومي الإسلامي الانساني،
الذي ما توانى يوماً عن مناصرة قضايا
الشعوب العربية والإسلامية وحتى
الإنسانية، غير آبه بخلافه العقدي أو
الأيديولوجي معها ما دامت قضية حريات
عامة أو قضايا إنسانية عامة، والأمثلة
على ذلك كثيرة ومتعددة، ولم يختل يوماً
موقف الذين ينطلقون من ثوابت محددة،
وليس في ذلك مَنّة على أحد، بل هو واجب
واستحقاق لا فكاك منه. إنّ المواطنين السوريين المقهورين هم
كبقية الشعوب العربية المقهورة التي
تقع تحت حكم شمولي أو تحت حكم الحزب
الواحد حسب الدستور والقانون أو حكم
الفرد الواحد، أو المجموعة الواحدة أو
العائلة الواحدة. تفهم أن يسكت الحكام العرب أو يتعاونوا
فيما بينهم لإيقاف تسونامي الإصلاح
الشعبي أو التغيير الذي يعم المنطقة.
أمّا أن ينضم لمناصرة الحكام على
الشعوب البعض المثقف أو المسيس أو
الحزبي الذي صَدَّع رؤوس الناس
بالحديث عن الحرية والعدالة والحياة
الكريمة والثورات والنهوض العربي
وتحرير فلسطين والوحدة العربية وهكذا،
فأمر نأمل أن يكون طارئاً ويستدعي
المراجعة والتصحيح. إذا كان في صلب
النظام السوري من يقول قبل أيام إنّ
سقوط النظام تهديد لأمن إسرائيل
واستقرارها؟ إذن ما هي الممانعة
الحقة؟ وما هي المؤامرة الحقة؟ إن
المؤامرة الحقة هي استمرار تغييب
الشعوب، واستمرار الحكم الفردي أياً
كان شكله حتى لو كان حكم أتقى الأتقياء
وأطهر الناس، ولكن هل من مبرر للأنظمة
أن تستمر في استعباد شعوبها وتحرمهم من
حقوقهم الأساسية وتصادر إرادتهم، وهل
سيصدقها أحد؟ وإلى من لا يزال له ضمير حيّ، ويستطيع أن
يرى الأشياء على حقيقتها دون تلوين أو
تجميل للقبيح..السوريون عرب أقحاح
ونساؤهم وأعراضهم وأطفالهم من صلب أهل
الشام، وهم الذين سطروا الصفحات
المضيئة في التاريخ العربي قبل أن تسلب
إرادة الشعوب من الحكام الذين انقلبوا
أو تسلطوا عليها، فيهم صالح العلي
ويوسف العظمة وعز الدين القسام ، وهم
الذين طردوا المستعمر الفرنسي. نقول لهؤلاء الذين اختلفنا معهم في قضية
ذبح الشعب السوري: إن كنا نعفيكم من أن
تنتصروا للإخوان المسلمين الذين صدر
بحقهم قانون عربي ممانع بحكمهم
بالإعدام وتشريدهم في الأرض شذر مذر
وتعرضهم للقتل والتشريد والمطاردة
وتدمير البيوت. ولو أعفيناكم -حسب شعاراتكم- بحرمان
المواطنين من أصل كردي من أدنى حقوقهم
الإنسانية في الجنسية السورية أو
اعتبارها منةً من النظام السوري،فإن
التاريخ والضمير والحس القومي،
والضمير الإنساني، وروح الانسجام مع
المطالبة بالحريات العامة، لا يعفيكم
من الانتصار لهؤلاء المشردين وهم
مواطنون مظلومون، وقد بدأوا بالمطالبة
بالإصلاح أو ببعض الإصلاح، ولكنهم
دفعوا ثمناً لذلك أرواح أطفالهم،
وكرامة وجهائهم في درعا أولاً، ثم في
مناطق أخرى. «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» على ظاهره
منهج جاهلي فاسد، أصله عربي قديم قبل
أن تضيء له شمس الحضارة الإنسانية
الإسلامية ليصبح الشعار نصرة الظالم
بمنعه من ظلمه، وهكذا يجب أن يكون
اليوم، فإن من حق النظام السوري عليكم
أن تمنعوه من ظلمه لا أن تناصروه عليه. إنّ ما جرى من بعض رفاقنا في النقابات
الأردنية قبل أيام من محاولة منع
التضامن مع المذبوحين السوريين يدعو
للأسى والألم، لأن الحرية لا تتجزأ تحت
أي ذريعة، وكيف سيصدقكم الناس إن
طالبتم بالإصلاح الشامل هنا في الأردن
ومن سيقف معكم!! ارحمونا وارحموا القيم
والأخلاق الإنسانية العامة، ولا
تهدموا هذا التفاهم الذي حصل بين
توجهات الأمة القومية والإسلامية خلال
سنوات مضت، حيث ردمت فجوات كبيرة
استبشرنا بها جميعاً، سيما والقضية
المطروحة اليوم هي أطفال يذبحون ومدن
تهرب بجلدها خوفاً من القتل ونساء
هائمات على وجوههن... فهل من وقفة؟! وهل
من مراجعة جريئة وجادة؟ =============== د. بشير موسى نافع 2011-06-22 القدس العربي تحدث الرئيس
السوري بشار الأسد يوم الأثنين
الماضي، 20 حزيران/يونيو، مرة أخرة منذ
اندلاع الحركة الشعبية. تحدث الرئيس
طويلاً كعادته. تحدث حول ما تشهده
بلاده من أحداث، حول المؤامرات التي
تحاك ضد سورية، حول الإصلاحات التي
تعهدها نظامه خلال الشهور الثلاثة
الماضية، وتلك التي يعتزم تعهدها
للانتقال بالبلاد إلى حقبة جديدة. بل
وتحدث بفخر مبالغ فيه حول أن تعطي
سورية بقيادته دروساً في الإصلاح
والتغيير للجوار، لا أن تتلقى منه
الدروس. ولكن الرئيس لم يكن مقنعاً، لا
لشعبه، ولا لدول الإقليم ورأيه العام،
ولا لأغلب دول العالم الذي يراقبه.
فإلى أين تمضي سورية من هنا؟ اختار الرئيس الأسد جامعة دمشق لتوجيه
خطابه الثالث منذ بدء الأزمة، ولعل
الاختيار لم يخل من دلالة؛ فهنا في
جامعة دمشق ألقى الرئيس كلمة هامة
ومدوية بعد اغتيال رئيس الوزراء
اللبناني رفيق الحريري في شباط/فبراير
2005 وإجبار سورية على الانسحاب الكامل
من لبنان. كانت دمشق حينها تتعرض لضغوط
غربية - أمريكية هائلة، بغض النظر عن
المسؤولية عن اغتيال الرئيس الحريري،
والعالم العربي كله ينظر إلى وضع سورية
بقلق هائل، سيما بعد أن تصاعدت
المقاومة العراقية ضد الاحتلال
الأجنبي. اختار الأسد يومها الصمود في
وجه الضغوط، واكتسب بذلك موقعاً خاصاً
لدى الرأي العام العربي. ولكن التاريخ
ليس من عادته أن يعيد نفسه، إلا في صورة
مشوهة أو مثيرة للسخرية، كما لاحظ
ماركس. منصة جامعة دمشق لم تستطع أن
توفر للرئيس المجد الذي وفرته في 2005،
ليس فقط لأن المناسبة لا تستدعي الصمود
والعناد والمغالبة، ولكن أيضاً لأن من
يقف في مواجهة الرئيس اليوم ليس
التهديد الأمريكي، بل الشعب السوري
نفسه وحركته المطالبة بالحرية
والكرامة. ولم يظهر الرئيس في مظهر المطمئن أو
الواثق بالنفس، بالرغم من لجوئه
المعتاد إلى الفكاهة والسخرية؛ بل لم
يظهر حتى قادراً على الإقناع. وقد بدا
حريصاً على توكيد محبة الشعب له،
وإيمانه بقيادته؛ ربما لأن الرئيس لم
يكن مقتنعاً تماماً بمصداقية ما يقول،
أو أنه بات مدركاً لصرخات الرفض
الشعبية لاستمراره في الحكم والسلطة.
ولكن سيكولوجيا الخطاب ليست هي
المسألة بالتأكيد، المسألة هي جوهر
الخطاب ومادته، الرسالة التي أراد
الرئيس إيصالها، والجهة التي أراد
الرئيس أن يوصل لها الرسالة، ومستوى
ارتقاء الرسالة لحجم الأزمة التي
يواجهها نظام الحكم. وهنا بالتأكيد محك
الخطاب ومدى قدرته على رسم خارطة
الخروج من الأزمة. المؤكد أنها المرة
الأولى منذ اندلاع الحركة الشعبية
السورية، التي تعامل معها النظام من
البداية بقدر كبير من العنف، التي يقف
فيها الرئيس ليظهر أسفاً على أرواح
أبناء شعبه المهدورة. وللمرة الأولى
أيضاً يتحدث الرئيس عن برنامج إصلاحي
ضمن أفق زمني، ويشير إلى مواعيد محددة.
وبالرغم من ذلك، لم يكن الرئيس مقنعاً. المشكلة أن بشار الأسد، مرة أخرى، تحدث
كمراقب محايد وليس قائداً لمسيرة
إصلاح، وتحدث كشخصية تقنية، تغرق في
التفاصيل، وليس كزعيم سياسي يتعامل مع
المسائل الكبرى. ولكن مشكلة المشاكل أن
خطاب الرئيس استبطن رسالة للخارج وليس
للشعب السوري. بذل الرئيس جهداً هائلاً
ليؤكد أن نظامه لم ينكسر أمام الحراك
الجماهيري، وأنه لا يقدم تنازلات ما
للمطالب الشعبية. الإصلاحات المعلن
عنها، سواء ما قيل أنها أنجزت بالفعل
أو ما وعد بأن تدرس لإقرارها، كان
مخططاً لها من قبل، ولا تمثل تراجعاً
ما أمام الحركة الشعبية. وقد بدا أن
الرئيس يريد أن يؤكد مصداقية نواياه
الإصلاحية لجهات مثل تركيا أو
الولايات المتحدة، ليتجنب أي تصعيد
محتمل في الضغوط الإقليمية والدولية،
أو أنه يريد أن يوفر لدول مثل روسيا
والصين ما يبرر معارضتيهما لأي تصعيد
محتمل. لهؤلاء، قال بشار ان هناك
برنامجاً إصلاحياً بالفعل؛ صحيح أنه
ليس بالسرعة المتوقعة، ولكنه برنامج
واقعي على أية حال، وأن هناك مواعيد
محددة لهذا البرنامج. أما الرسالة الموجهة إلى الشعب فمن صنف
آخر مختلف تماماً. ففي قلب وعود
الإصلاح التي طرحها الرئيس يقف مؤتمر
للحوار الوطني، ليس من الواضح كيف
سيعقد، ومن هو المؤهل لعضويته، وكيف
ستحدد هذه العضوية، أو الكيفية التي
سيدار بها المؤتمر، ومدى الحرية
والضمانات التي ستوفر للمشاركين في
مجرياته. وإن كان للسوريين تقدير
الأمر، فهناك إشارات لما يمكن أن تكون
الإجابة على هذه الإسئلة. فسواء في
خطاب الرئيس إلى مجلس شعبه أو في
الخطاب الأخير، لم يشهد الشعب السوري
إلا مجاميع من المصفقين وأصحاب
الهتافات، الذين صفقوا لكل صغيرة
وكبيرة من كلمات الرئيس وهتفوا له
باعتباره رباً معبوداً. وفي جلسات
الحوار التي عقدها الرئيس مع فئات
مختلفة من الشعب السوري خلال الأسابيع
القليلة الماضية، لم ير السوريون
معارضين حقيقيين، ولا حتى شخصيات
معتبرة من أبناء المجتمع السوري. الذين
دعوا لهذه الحوارات كانوا في أغلبهم من
حزب البعث الحاكم، أو من المعروفين
بارتباطهم بالنظام وأدواته. وعندما
تحدث الرئيس عن الحراك الجماهيري
الواسع الذي تشهده أنحاء البلاد، لم
يتردد في تقسيم الشعب السوري إلى فئات
من المخلصين البسطاء، والمجرمين
المرتبطين بمخططات التخريب الخارجية،
ودعاة الانتقام من الإخوان المسلمين
والسلفيين. وإلى جانب هذه الإشارات، وخارج قاعة
جامعة دمشق اللافتة في وقارها
وأناقتها، كان ثمة اشارات أخرى لا تقل
دلالة. فقد استمرت الحملة العسكرية
الأمنية بلا هوادة ضد المدن والبلدات
السورية، واستمرت معها حملات الاعتقال
العشوائية وغير العشوائية، والخسائر
المتزايدة في الأرواح. وبعد أن كانت
سورية ملجأ للفارين من الموت والخراب،
باتت مصدراً للاجئين الناجين بأرواحهم
وأبنائهم من الموت والخراب. ويعمل
النظام بجهد فائق في تعزيز الخطاب
الطائفي، وحشد أبناء الطائفة العلوية،
الذين يعاني أغلبهم، كما أغلب
السوريين، من الضائقة الاقتصادية
والهيمنة الأمنية والسياسية على شؤون
الدولة والبلاد من قبل شريحة حاكمة
صغيرة. أنتج هذا التحشيد في المناطق
المختلطة ميليشيات طائفية، تعمل إلى
جانب القوى العسكرية والأمنية. وربما
سيمر زمن طويل قبل أن يستطيع السوريون
بناء الثقة بين فئات اجتماعهم
المختلفة. مثل هذه الإشارات، سواء في مادة خطاب
الرئيس، في سياق الخطاب، أو في السياسة
التي يتبعها النظام في التعامل مع
الحراك الجماهيري، لا توحي بالثقة،
ولا تترك مجالاً لأخذ مشروع الحوار
الذي يتبناه النظام مأخذ الجد. الجدية
الوحيدة التي يراها السوريون الآن هي
جدية النظام البالغة في مغالبة شعبه،
قرية قرية، بلدة بلدة، ومدينة مدينة،
تماماً كما هي السياسة التي تبناها
النظام الليبي في التعامل مع الحراك
الشعبي الذي انفجر في وجهه قبل شهر
واحد من اندلاع الحركة الشعبية
السورية. ما توحي به هذه الإشارات في
الحقيقة أن الاستراتيجية الوحيدة
المتماسكة التي يتبعها النظام هي
استراتيجية كسب الوقت: تقديم تصور ما
للإصلاح للخارج، يعمل على ثلم حدة
الضغوط الدولية والإقليمية، وتقديم
وعود إصلاح فضفاضة، غير ملزمة، في سياق
إجرائي مبهم، للشعب السوري. وفي الوقت
ذاته، تستمر الحملة الأمنية العسكرية
بلا هوادة لكسر إرادة الشعب، بحيث
تنتهي وعود الإصلاح إلى شيء ما، لا يمس
القواعد التي يستند إليها النظام، ولا
الخصائص الرئيسية لتحكمه في، وسيطرته
على، مقاليد الحكم والسلطة ومقدرات
البلاد. بحديث الرئيس للمرة الثالثة لم يعد ثمة من
مجال للشك في أن الأزمة السورية تزداد
تعقيداً. ما أراد الرئيس الأسد من
خلاله التوكيد على أن النظام قد تجاوز
مرحلة الخطر وأن الأمر ليس سوى مجرد
الوقت قبل أن تعود سورية إلى وضعها
السابق على 15 آذار/مارس، تحول إلى دليل
جديد على تفاقم الأزمة وتعقيدها. ولكن
ذلك لا يعني أن النظام في طريقه
للانهيار. الحراك الشعبي يتصاعد بلا
شك، وقد باتت بعض المدن السورية في
حالة ثورة حقيقية، ولكن الدولة
الحديثة هي دولة مركزية، لا يمكن تهديد
وجودها بالفعل بدون تحديها في قلب
عاصمتها. ولأسباب متعددة، وخاصة
بالسياق السوري، لم تشهد العاصمة دمشق
بعد حراكاً جماهيرياً ضخماً، يطرح
مركز شرعية النظام للتساؤل. ولأن الجيش
السورية لم يكن يتوقع له أن يسلك سلوك
الجيش المصري أو التونسي، فإن تقويض
آلة القمع التي يوظفها النظام ضد
الحركة الشعبية لا يمكن أن ينجز بدون
تدخل خارجي أو تشظي المؤسسة العسكرية.
الخيار الأول مرفوض، سورياً وعربياً،
والخيار الثاني لم يتجل في شكل ملموس
بعد، بالرغم من التشققات المستمرة في
وحدات الجيش. ولا تقل مسألة مواقف
القوى الإقليمية وخارطة علاقات النظام
تعقيداً؛ فإلى جانب أن إيران تتعامل مع
المسألة السورية كما يتعامل معها
النظام، أي باعتبارها مسألة وجود، لم
تقرر تركيا بعد المدى الذي يمكن أن تصل
إليه في رفضها لسياسة القمع التي
ينتهجها النظام ضد شعبه. أما على
المستوى الدولي، فلم تزل القوى الكبرى
عاجزة عن حزم أمر موقفها من الحدث
السوري. على نحو ما يمكن القول أن التدافع المحتدم
بين النظام والشعب وصل إلى منتصف
الطريق، حيث لم يعد النظام قادراً على
قمع الحراك الشعبي بدون ارتكاب مجازر
واسعة النطاق، ولا أن خلخلة أركان
النظام تبدو ممكنة بدون تدخل خارجي.
لحماية سورية من مثل هكذا تدخل، ينبغي
الثقة في قدرة الشعب السوري على تقرير
مستقبل بلاده. =============== موفق ملكاوي 22/06/2011 الغد الاردنية لم أدرك بعد كيف تغيب الذاكرة إلى جهة غير
معلومة، لذلك فما يزال بي بعض تذكر عن
أيام قديمة ساقت خطاي إلى مدن لم
أعهدها من قبل. كتب الكثيرون عن كيف أن الأردنيين
استغلوا فرصة الأحداث في سورية،
فراحوا يسنون سيوفهم للانتقاص من
الجارة الشقيقة. آخرون كتبوا عن عمالات إمبريالية،
ومقالات مدفوعة الأجر ب"الدولار"
الأميركي من أجل إسقاط جدار الممانعة
الأخير. زملاء أيضا، كتبوا عن "تصدير الافتراء"،
وتأليف البيانات الكاذبة لتزوير "الحياة
الهانئة" التي يعيش في كنفها
الأشقاء السوريون. ذوو بصيرة أبعد من غيرهم، دعوا على شراذم
"الكتبة المستأجرين" بالعار إلى
يوم القيامة، إذ لا يمكن أن تكون سورية
إلا الدولة التي عرفناها بمقاومتها
وممانعتها.. وبقمعها وحقوق شعبها
المنقوصة. فئة خامسة، اختارت الرد على الكتّاب ب"الخفية"،
وبأسماء مستعارة، فراحت تبعث لهم
تهديدات وشتائم على بريدهم
الإلكتروني، يستحي منها الورق والحبر
والفضاء الإلكتروني. جميعهم كتبوا عن زوايا تخصهم، وربما عن
"هِبات دورية" يتنعمون بها في ظل
نظام مجرم لا يراعي حرمة طفل ولا امرأة
ولا مسن ترك السلاح، وربما ترك
الهتافات منذ زمن بعيد. أما أنا فسأكتب عن درعا. عن المدينة
الأولى التي اختبرت فيها السفر إلى
خارج حدود الأردن للمرة الأولى. مثل أي إربدي حفر على ملامحه وشم حوران،
كان لا بدّ لدرعا أن تكون الوجهة
الأولى إلى خارج الحدود.. وهكذا كان. قبلها بليلة، وعندما أخبرني والدي بأنني
سوف أذهب برفقته إلى درعا، لم أستطع
النوم. وضعت في مخيلتي صورا عديدة للمدينة التي
سأحلّ فيها ساعات طويلة، قبل أن تعيدني
الطريق مرة أخرى إلى إربد من جديد. رسمت في مخيلتي صورا لبحر عريض تختال قربه
نساء جميلات يتخففن مما ثقل من
الملابس، ومطاعم مضاءة بالكهرباء،
وليست مثل بيوتنا التي لم تكن قد تشرفت
بها بعد. رسمت صورا لرجال تعلو رؤوسهم القبعات
الأنيقة، ونساء يرتدين الفساتين
القصيرة، وشوارع بها خليط من بشر
يشبكون أيديهم ببعضها بعضا، ويتضاحكون
طوال الوقت. ولكن، في اليوم التالي اصطدمت بصور أخرى
تكاد تكون مكرورة في ذاكرتي الطفولية
الحديثة. واصطدمت قبلها أكثر بالمسافة
التي لم أشعر بها وأنا أقطع حدودا
وأعبر أخرى. أين درعا يا أبي؟ تبسم والدي وهو يشير بيده إلى شوارع لم
أحسب أنني سأشاهد مثلها. كانت ممتلئة
ببقايا العلب الكرتونية من أصناف
وأحجام مختلفة. أما الناس الذين يمرون
بها، فقد كانوا رجالا "إربديين"،
بملامحهم وألبستهم ونزقهم. أوشكت أن أشك في كلام أبي، وأظن للحظة
بأنه أخذني إلى حيّ آخر من إربد
المدينة التي احتضنت سني طفولتي، غير
أنه تطوّع أن يشرح لي. قال إنهما مدينتان متشابهتان في العادات
والتقاليد وأشكال البشر، وحتى في
أسماء الناس والعائلات. قال إننا
حورانيون من نفس الدم، نمتلك القسمات
نفسها في المدينة الشمالية وفي
الشقيقة الجنوبية، ووجودنا سابق لوجود
الحدود التي قسموا فيها الأهل إلى
جنسيات مختلفة. وقتها لم أفهم جميع ما عناه أبي، غير أن
لهجته الحميمية وكلماته الدافئة التي
ما أزال أتذكرها إلى اليوم، منحتني
اطمئنانا غريبا، وإيمانا عميقا بأنني
غادرت إربد إلى مدينة أخرى تشبهها
تماما.. تلك كانت درعا. غير أن الأهم من كل ذلك، هو أن تلك "الخطبة
الأبوية" القصيرة، قد حفرت عميقا في
جَوّانيتي، لتظل درعا من أعز المدن إلى
قلبي حتى اليوم، فهي المدينة التي عبرت
إليها حدودا.. واحتضنتها. تلك قصتي مع درعا، وربما قصتي مع سورية
كلها. لم أحاول أن "أسدد" فواتير
لأحد وأنا أكتب عن الدم السوري
المستباح من النظام، كما اتهمنا زملاء
مهنة، ولا حاولت أن "أنتقم"، أو
"أثلمَ" مسننات المقاومة
والممانعة. كل ما حاولت فعله هو أن أستذكر أنني
حوراني لا يجوز له الصمت وأهل درعا
يقتلون. ولا يجوز لي الصمت وأهل درعا
يتألمون على إخوانهم الذي يذبحون بدم
بارد في المدن السورية الأخرى.. فيما
المجتمع الدولي يحاول أن يعيد ترتيب
أولوياته في المنطقة من جديد. =========================== محمد كريشان القدس العربي 21/6/2011 لعله جزء من 'المؤامرة'!! الباحث في ردود
الفعل على خطاب الرئيس بشار الأسد
الأخير يجد عناء كبيرا في العثور على
كلمة طيبة واحدة في حقه. الكل تقريبا لم
ير منه و فيه إلا كل سلبي. السياسة لا ترحم، ليست بحثا أكاديميا
يقلب الأمر من أوجهه كافة فيتطرق إلى
دفوعات هذا الطرف ودفوعات خصمه ليصل في
النهاية إلى خلاصة هي أقرب ما تكون إلى
النزاهة العلمية في قضية ما من القضايا
الفكرية الشائكة. السياسة وخاصة عندما تقترب من مناطق
النزاعات والثورات والحروب لا تحبذ
اللون الرمادي فتركن إلى أحد لونين
الأبيض أو الأسود. وعندما تمتد
احتجاجات السوريين ضد نظام حكمهم
لأكثر من ثلاثة أشهر الآن من الصعب جدا
أن تجد الكفة مرجحة لعشاق لون الثلج. بعض المنتقى من ردود الفعل هذه يشير إلى
أن وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه
قال مثلا إن الرئيس السوري بلغ 'نقطة
اللاعودة' فيما رأى نظيره الألماني
غيدو فسترفيلي خطابه خطاب شخص 'لا رجاء
منه ولم يفهم إشارات الزمن على ما يبدو'. المتحدثة باسم الخارجية فيكتوريا نولاند
قالت إن الخطاب 'ليس سوى كلمات'. وزير
الخارجية البريطاني ويليام هيغ اعتبره
'مخيبا للآمال وغير مقنع'. الرئيس
التركي عبدا لله غول قال إن على الأسد
أن يكون 'أكثر وضوحا بكثير' في كلامه عن
التغيير الديمقرطي في بلاده. أما
السوريون، و هم الأساس، فقالت منهم
مثلا الناشطة المعارضة سهير الأتاسي
إن خطاب الأسد 'لا يرقى إلى مستوى
الأزمة' فيما ذكر عبد الرزاق عيد، رئيس
المجلس الوطني ل'إعلان دمشق' في
المهجر، أن الرئيس الأسد 'كلما قال
قولا جديدا أو اتخذ قرارا جديدا عمّق
الانتفاضة ضده'. أما الحقوقي أنور
البني فاعتبر الخطاب 'مخيبا للامال كما
سابقيه'. قلة من رأوا في الخطاب عكس ذلك، وأغلبهم
للمفارقة من اللبنانيين ، من نوع ما
قاله الوزير اللبناني السابق ألبير
منصور أن 'النهج الذي تكلم به الرئيس
السوري بشار الأسد في خطابه نهج
إيجابي، ووضع العناوين الكبرى
الأساسية والتي من الممكن أن تؤدي إلى
إقفال الثغرات الموجودة'، أو ما قاله
الصحافي رفيق نصر الله من أن ما سمعناه
الاثنين في جامعة دمشق 'كان خطاب ثقة
ورسم خريطة طريق وجدولا زمنيا للإصلاح
وقدم اقتراحات أفضل مما تقدمه
المعارضة في الداخل' (هكذا!). في عالم السياسة ليس مهما ما كنت تنوي
قوله في كلامك أو كيف عبرت عنه ولكن كيف
استقبله الناس وكيف فهم في الداخل قبل
الخارج . هنا يمكن القول بلا مواربة بأن
الرئيس السوري أضاع على نفسه وعلى شعبه
فرصة أخرى قد تكون الأخيرة. كثيرون
حائرون من ثورة تونس إلى ما أعقبها في
مصر وليبيا واليمن والبحرين وسورية
كيف يضيع قادة هذه الدول بشكل غريب فرص
الحديث إلى شعوبهم وكيف يعجزون عن فهم
مزاج من يفترض أنهم يعرفون عنهم كل
كبيرة وصغيرة. ليس عيبا من زعيم، جدير بهذا اللقب، أن
يتواضع قليلا ويتراجع أو يعترف بأخطاء
ارتكبها ويقول إنه مستعد لتحمل
مسؤولياته كاملة. العناد والمكابرة
داء قاتل والتناغم مع ما يريده الشعب
يزيد القائد تقديرا ولا ينتقص من قدره
أو صلابته. العكس هو الصحيح تماما. مثال بسيط: في يناير 1984 اشتعلت تونس
بانتفاضة الخبز الذي رفع عنه بالكامل
الدعم الحكومي. سقط قتلى و جرحى ونزل
الجيش إلى الشارع ثم خرج الزعيم الحبيب
بورقيبة وقد ظل محافظا على حس رجل
الدولة رغم شيخوخته وتخبطاتها ليقول
في كلمة مرتجلة لم تتجاوز الدقيقة
الواحدة بأنه أعاد أسعار الخبز كما
كانت وسيحاسب من تسبب في تضليله بشأنها.
لم تمض دقائق حتى خرج مئات الآلاف
يهتفون بحياته!! انتهى هذا المعدن من القادة العرب و لم
يبق إلا كل مدع حكمة وسداد نظر إلى أن
يدفع بعضهم بعد بلادهم الثمن غاليا فلا
يذكرهم أحد بعد ذلك بأي خير مع أنه كان
بإمكانهم فعلا أن يجعلوا الناس تهتف
بحياتهم من جديد'. إنك لا تهدي من أحببت
ولكن الله يهدي من يشاء' صدق الله
العظيم. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |