ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
السبت, 25 يونيو 2011 علي العنزي الحياة يبدو أن شهر العسل بين تركيا وإيران شارف
على الانتهاء، بعد فترة من التفاهم
والانسجام والدعم التركي السياسي
لإيران، وتطور التبادل التجاري بين
البلدين ليتخطى حاجز المليارات،
واستغلالهما للظروف الإقليمية
والدولية في تنمية مصالحهما الفردية
والمشتركة مع الدول الأخرى، وكذلك
تعزيز مواقعهما التفاوضية أمام
خصومهما، أي كانت نوع الخصومة، ولكن في
الفترة الأخيرة، لاحظ العديد من
المراقبين بداية التباعد في المصالح
والعلاقات بين الجهتين وظهور التباين
بينهما بشكل واضح جداً، خصوصاً في فترة
الستة شهور الأخيرة. لذلك بنظرة
تحليلية فاحصة لعدد من المؤشرات،
يتبين للمراقبين أن هناك اختلاف بين
التوجهات التركية والإيرانية بشكل
واضح، وهذه الاختلافات التي تحتم
التباعد هي: إن هناك فرقاً بين البلدين في عدد من
العوامل، فتركيا دولة عضو رئيس ومهم في
حلف الناتو منذ تأسيسه، ساهمت في
بنائه، وله قواعد عسكرية فيها، وتساهم
في قواته المنتشرة في أفغانستان،
وتنفذ سياسات الحلف الإقليمية
والدولية، وكذلك تطمح لعضوية الاتحاد
الأوروبي، لتكون أحد أقطابه الرئيسة،
على رغم معارضة فرنسا بقوة، وغيرها من
الدول الأوروبية التي تخشى على هويتها
الثقافية من انضمام تركيا المسلمة،
بسبب عدد سكانها وديانتها، وكذلك ما
زالت تحتفظ بعلاقات جيدة مع إسرائيل،
وعلى المستويات كافة، خصوصاً ما يتعلق
منها بالجانب العسكري، علىرغم كل
الأزمات والنكسات التي أصابت العلاقة
بين البلدين، لما تعرض له أفراد أسطول
الحرية من قتل واحتجاز، بسبب حصار غزة،
وأدى إلى توتر وفتور في العلاقات
الدبلوماسية لفترة بين الطرفين. أما ما يتعلق بإيران، فتوجهها يختلف
تماماً عن التوجه التركي، فهي دولة
تعتبر نفسها في مواجهة مع عالم
الاستكبار العالمي، وحامية
للمستضعفين في العالم، تسعى لامتلاك
القوة العسكرية، والاقتصادية، ولذلك
خصبت اليورانيوم وعاندت في ملفها
النووي، ودعمت كل الحركات في المنطقة
المناهضة للتوجهات الغربية كحزب الله
وحماس، وطورت علاقاتها مع دول إقليمية
إلى درجة التحالف كسورية وفنزويلا،
وتبنت خطاباً ثورياً موروث من أيام
بداية الثورة الخمينيه، هدفه الرئيس
مواجهة الغرب وإبعاده عن المنطقة،
وكذلك نشر مبادئ معينة مبنية على
الطائفية. التقت مصالح البلدين وأهدافهما لتحقيق
طموحهما وتحقيق ما يسعيان له
باستغلالهما لعلاقاتهما المتبادلة
أمام الآخرين، فتركيا سعت من وراء
تطوير علاقاتها مع إيران وعدد من دول
الشرق الأوسط وغيرها من الدول، لتوجيه
رسالة إلى الاتحاد الأوروبي، من أجل
تخفيف معارضته لانضمامها له، وكذلك
طلبت مساعدة الولايات المتحدة للضغط
على الأوروبيين. أما إيران فسعت من
علاقاتها مع تركيا، لتخفيف وطأة
العقوبات والضغوط الغربية بسبب ملفها
النووي، وسياساتها في المنطقة، مما
يجعل المراقبون يجزمون باستخدام
الدولتين ورقة الدولة الأخرى لتحقيق
أهدافها التي تسعى لها لدى الدول
الأخرى، مما يجعل هذا التحالف أو
التفاهم هو مرحلي وليس استراتيجي. الاختلاف في المصالح والرؤى بين الطرفين
بدأ يتضح بشكل جلي، خصوصاً مع اندلاع
ما يطلق عليه ثورات الربيع العربي، حيث
بدأت تركيا تتصرف كدولة قوية لها تأثير
في القرارات الدولية وفي المنطقة،
ولكن مع تغير في الاتجاه، حيث كانت في
بداية الأزمة الليبية، مترددة في دعم
الثوار، ثم ما لبثت أن خضعت للضغوط
الغربية وغيرت رأيها، على عكس الموقف
من الثورة المصرية، التي دعمتها منذ
البداية، مما جعل المراقبين يفسرون
ذلك على أنه استغلال الفرصة لسحب
البساط من تحت مصر كقائدة للعرب بحجمها
السياسي والسكاني وموقعها المتميز،
وباحثة لها عن دور مؤثر وقوي يحل محل
الدور المصري، وكذلك تصريحاتها حول
أحداث سورية. أما الموقف الإيراني، فهو
يحاول استغلال الأحداث في الوطن
العربي، ما عدا الأحداث في سورية، إلى
صالحه وتشجيعها، وتصويرها على أنها
انعكاس للثورة الإسلامية في إيران،
وهذا غير صحيح، خصوصاً بعد الغزل
السياسي بينها وبين مصر، مع محدودية
القدرة على التدخل السياسي المباشر. برز عدد من المؤشرات على أن شهر العسل بين
تركيا وإيران انتهى من خلال عدة أفعال
قامت بها تركيا، أولها كان اعتراض عدة
طائرات إيرانية مدنية في الأجواء
التركية وتفتيشها ومصادرة الحمولة غير
المفصح عنها، بناء على قرار أممي
بالتحقق من تطبيق قرارات الحظر على
إيران، التي هدفت إلى ضرب عصفورين بحجر
واحد: الأول إرسال رسالة للغرب بأنه من
دون تركيا لن تستطيعوا تطبيق أي قرار
أممي ضد تركيا، والثاني لإيران بأن
تركيا تستطيع أن تعطل المصالح
الإيرانية بشكل كبير، خصوصاً بينها
وبين مصالحها في لبنان وسورية. والمؤشر
الآخر هو التحرك التركي بشكل قوي تجاه
سورية ولبنان، بشكل يهدد المصالح
الإيرانية بشكل مباشر، وبغطاء إقليمي
ودولي إن لزم الأمر. وفي المقابل أظهرت
إيران عدة مؤشرات تؤكد أن التنافس على
المنطقة قد بدأ بقوة، ومنها إرسال
قطعتين بحريتين إلى ميناء اللاذقية
السوري، وكذلك غواصتين إلى البحر
الأحمر في محاولة لإثبات أنها قوة
إقليمية لا يمكن تجاهلها، إضافة إلى
التصريحات السياسية تجاه المنطقة،
التي تتعارض مع التصريحات التركية
تماماً، خصوصاً ما يتعلق بأحداث سورية. عزز فوز حزب الرفاه التركي فرصة تركيا،
للقيام بدور سياسي مؤثر جداً في
المنطقة، فيما يحتدم الصراع في إيران
بين المحافظين في مجلس الشورى والرئيس
أحمدي نجاد على عدد من المسائل، ولذلك
سنرى تقدماً سياسياً لتركياً في
المنطقة مدعوماً من الغرب، يمكن أن
يمكنها من لعب دور كبير في الصراع
العربي الإسرائيلي، خصوصاً في ظل غياب
عربي شبه كامل. والسؤال المطروح هو: هل سنرى صداماً بين
النموذج التركي والنموذج الإيراني في
المنطقة العربية؟ أم أن العرب سيظهرون
نموذجهم ويبعدون شبح التدخلات
الخارجية؟ * أكاديمي سعودي. ================ ما هي العلاقة بين قانون
الأحزاب وتعديل الدستور والحوار
الوطني؟ السبت, 25 يونيو 2011 دمشق - ابراهيم حميدي الحياة ما هي العلاقة بين إقرار مسودة قانون
للاحزاب السياسية وتعديل الدستور
السوري الحالي الذي يعود الى عام 1972 من
جهة والحوار الوطني من جهة ثانية؟ انجزت قبل يومين اللجنة المكلفة اعداد
مسودة لقانون الاحزاب، برئاسة استاذ
القانون الدستوري فاروق ابو الشامات،
مسودة قانون الاحزاب السياسية. وبمجرد
وضعها على موقع الكتروني تفاعلي، دخل
اكثر من عشرة آلاف شخص للتعليق عليها. وعُرف الحزب بأنه «كل تنظيم سياسي» يؤسس
وفقاً لأحكام القانون للمساهمة في
الحياة السياسية بالعمل بالوسائل
السلمية والديموقراطية ل «تدوال
السلطة والمشاركة في مسؤوليات الحكم»،
على ان يحترم «أحكام الدستور ومبادئ
الديموقراطية وسيادة القانون
والحريات والحقوق الأساسية
والإعلانات»، اضافة الى «عدم قيام
الحزب على أساس ديني أو قبلي أو مناطقي
أو فئوي أو مهني، أو على أساس التمييز
بسبب العرق أو الجنس أو اللون، وألا
تنطوي وسائل الحزب على إقامة أي
تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية علنية أو
سرية، أو استخدام العنف بأشكاله كافة
أو التهديد به أو التحريض عليه». و «يجب» ان يتضمن طلب التأسيس المرفوع الى
«لجنة شؤون الاحزاب»، وتضم وزير
الداخلية وشخصيات مستقلة يسميهم رئيس
الجمهورية، توقيع 50 عضواً مؤسساً
تتوافر فيهم شروط، بينها ان يكون عمر
كل منهم اكثر من 25 سنة و «غير منتسب الى
حزب غير سوري»، وأن يكون الحد الأدنى
لعدد الأعضاء لدى التأسيس، ألفي عضو من
نصف محافظات سورية «على الأقل». كما
تضمنت المسودة ان تكون وثائق الأحزاب
ومراسلاتها «مصانة ويجب عدم الاطلاع
عليها، ولا تجوز مراقبتها أو تفتيشها
أو مصادرتها إلا بقرار قضائي». واذ اقترحت «تمكين الأحزاب بالتساوي من
السماح لها بالافادة من وسائل الإعلام
حتى تكون هناك مساواة»، طلبت ان تسوي
الأحزاب القائمة أوضاعها «وفقاً
لأحكام هذا القانون خلال مهلة ستة أشهر»
بعد اقرار القانون. يذكر ان «الجبهة الوطنية التقدمية» تشكلت
في عام 1972 من الاحزاب المرخصة بقيادة
حزب «البعث» الحاكم، وتنص المادة
الثامنة من الدستور على انه «الحزب
القائد في المجتمع والدولة»، ما طرح
اسئلة عن العلاقة بين إقرار قانون
للاحزاب والدستور السوري والاحتمالات
الممكنة. وكان وزير الخارجية والمغتربين وليد
المعلم اعتبر حديث الرئيس الأسد في
خطابه قبل يومين عن تعديل الدستور او
تغييره «أمراً مهماً وجديداً» على
اساس ان دستور اي بلد يمثل «الإطار
الذي يرسم الحياة السياسية في المجتمع».
وفيما اكد عضو اللجنة حسن البحري ان
القول انه «خطأ كبير» والقول ان تعديل
المادة الثامنة من الدستور «يمكن
بدقائق»، اوضح ابو الشامات: «إذا أردنا
أن نلغي المادة الثامنة، فيجب تعديلها
أو إلغاؤها. لكن المادة 149 من الدستور
تقول إن لرئيس الجمهورية أو ثلث أعضاء
مجلس الشعب (البرلمان) حق طلب تعديل أي
مادة في الدستور شرط أن يتضمن هذا
الطلب الأسباب المعللة لإلغاء هذه
المادة أو مواد عدة. في ضوء ذلك، يشكل
المجلس لجنة خاصة لدرس هذا التعديل.
وإذا نال التصويت ثلاثة أرباع اعضاء
المجلس، عندها يصدّق رئيس الجمهورية
على هذا التعديل ويصبح سارياً». وزاد
ان الخيار الثاني هو تغيير الدستور،
الامر الذي يتطلب إجراء الاستفتاء.
وتنص المادة 114 على انه يحق لرئيس
الجمهورية أن يشكل هيئة تقوم بدراسة أي
موضوع معين. وقال الاسد انه سيشكل هيئة
لتقديم مقترحات لتغيير الدستور أو
تعديله. وأضاف ابو الشامات: «نحن
بانتظار إما انتخابات مجلس الشعب أو
تطبيق أحكام المادة 58 من الدستور التي
تقول إذا لم يدع رئيس الجمهورية مجلس
الشعب إلى الانتخابات، فإن المجلس
يجتمع حكماً بعد انقضاء مدة 90 يوماً»،
علماً ان ولاية مجلس الشعب الحالي
انتهت في ايار (مايو) الماضي. الى ذلك، اوضح البحري انه اذا تبين للجنة
المختصة بقضايا الاحزاب ان حزباً ما
تقدم بطلب فيه «مخالفة للأحكام
الواردة في القانون، كأن يكون هذا
الحزب مؤسساً على أساس ديني أو قبلي أو
مناطقي أو فئوي أو يقوم على التمييز
على أساس العرق أو الجنس أو اللون،
فسيكون قرار اللجنة رفض (منح) الترخيص».
لكنه قال انه اذا كان هناك شعور ب «الإجحاف
في حقه ففي إلامكان اللجوء إلى القضاء
والمحكمة الإدارية العليا كي تنصفه». ولا تضم «الجبهة الوطنية» التي تشكلت في
بداية السبعينات عدداً من الاحزاب
الناصرية والشيوعية التي كانت موجودة
وقتذاك. وتشكل لاحقاً ائتلاف معارض غير
مرخص باسم «التجمع الوطني الديموقراطي»
في عام 1979. وضم عدداً من الاحزاب
الناصرية والشيوعية، بينها «الاتحاد
الاشتراكي الديموقراطي» برئاسة حسن
عبدالعظيم. وعلم ان احزاب «التجمع»
والاحزاب الوطنية الكردية، غير
المرخصة، ستجتمع مساء السبت في دمشق
بحضور شخصيات اخرى. وقال عبدالعظيم ان
اللقاء يرمي الى اقرار وثيقة سياسية
وتشكيل هيئة تنسيق في البلاد تمثل
الداخل. وزاد ان الهيئة ستتخذ موقفاً
من موضوع الحوار الوطني الذي تعمل «هيئة
الحوار الوطني» برئاسة نائب الرئيس
فاروق الشرع على الإعداد له. كما وجه
الكاتب لؤي حسين الدعوة الى نحو 200
شخصية لحضور لقاء تشاوري يوم الاثنين
المقبل. وكانت هيئة الحوار اقترحت تشكيل لجنة
تحضيرية تمهد للقاء تشاوري يعقد في
الايام المقبلة، بمشاركة نحو مئة
شخصية، تمهيداً لمؤتمر شامل يناقش
مسودات القوانين الاصلاحية (الاحزاب،
الانتخابات، الاعلام، الادارة
المحلية)، وأجرى اعضاء من هيئة الحوار
اتصالات مع مدعوين للمشاركة. وكان الاسد اكد في خطابه ان الحوار الوطني
«بات عنوان المرحلة الحالية» وأنه «عملية
مهمة جداً ويجب أن نعطيه فرصة لأن كل
مستقبل سورية إذا أردناه أن ينجح، فيجب
أن يبنى على هذا الحوار الذي تشارك فيه
مختلف الأطياف الموجودة على الساحة
السورية». ودعا المعلم السوريين «المطالبين
بالتغيير» للدخول في الحوار الجامع ل «المشاركة
في صنع» مستقبل سورية و «امتحان جدية
وإرادة» الاصلاح. وقال: «سنقدم نموذجاً
غير مسبوق للديموقراطية» من دون تدخل
خارجي اعتماداً على «الروح الوطنية
للشعب السوري». ================ روسيا حارس مشتقات
الشمولية والاستبداد السبت, 25 يونيو 2011 نسيم ضاهر * الحياة يكاد المراقب أن يتبيَّن سلفاً ما يمكن أن
تكون عليه سياسة موسكو حيال جديد
العالم وربيع الشعوب. فروسيا الراهنة،
وريثة القيصرية والاتحاد السوفياتي
معاً، تشيخ بنظرها عن الحراك المجتمعي
العابر للقارات، وتتبنَّى مناهج
الأنظمة المتهالكة، وتحكّمها بالبلاد
والعباد. ولئن يُعنى معظم الدراسات
بمواقف الولايات المتحدة من المجريات،
قلما تجد اهتماماً بحثياً بمتابعة
أحوال وتقلبات الديبلوماسية
المسكوبية، الذي غدا مشاغبة تشاغل
الغرب بجناحيه، الأميركي والأوروبي،
غالباً ما تنتهي الى مساومة أو جائزة
ترضية في غير مجال ومكان. الى ذلك، ليس
ما يشير الى حضور روسي فاعل لدى نمور
آسيا الجيران من جهة الشرق، ناهيك عن
مغادرته القارة الأفريقية وابتعاده
الملحوظ عن مسارها ومشاغلها ومصاعبها. تقلص الدور الروسي إثر انقضاء عقدين على
تفكك الاتحاد السوفياتي، وبان ذلك على
صعيد الجغرافيا والتاريخ بسواء. فعلى
تخوم روسيا الحالية، خلّفت الحقبة
السابقة جملة من الضغائن وسوء الفهم،
لخّصها اغتراب دول البلطيق، وتأمرك
مجموعة دول آسيا السوفياتية (سابقاً)
وعزوف الاشقاء السلاف عن صداقة الاخ
الاكبر، بعد أسرهم طويلاً في كنف حلف
وارسو، وخضوعهم المديد (الى جانب
رومانيا وألمانيا الشرقية) لارادة
المركز. إذ نزعت روسيا الجديدة ثوب
الاتحاد السوفياتي، فهي لم تقرن القول
بالأفعال في حقل العلاقات الدولية،
وسرعان ما استعارت بعض ادوات الماضي
وتوليفاته، فيما أحيت مفهوم المشاكسة
القطبية من دون لوازمه وذخائره
المادية والعلمية والاقتصادية. في
المجمل، تعيش الديبلوماسية الروسية
حالياً مؤيدة برافعات ثلاث تحفظ لها
مقداراً من الوزن الاممي والفعل في
المحافل، أولاها الترسانة النووية (وان
المتقادم حاملها) وثانيتها العضوية
الدائمة في مجلس الامن مع حق الفيتو،
وثالثتها حجم مشاركتها في نادي الطاقة
واختزان المعادن والمواد الخام. غير
ذلك شبكة ضعيفة من الوشائج مع مشتقات
الانظمة الشمولية، لا تحقق رؤى
مستقبلية ولا تغني عن شراكة ضرورية
ماسّة مع عواصم الاقتصاد والمال
والقرار. في مقاربة التحولات، يلفت انحياز روسيا
الدائم والمحافظ الى القائم من أنظمة،
قياساً بتغييب العامل الارادي القاعدي
من مفكرتها، كأنما الأمر مخافة
الاخلال بالتوازنات او ايقاظ شبح
الحروب الأهلية والمسّ بالحدود. تعود
هذه العلَّة في الأساس، الى أصل، تحاشى
خلال صعود الاتحاد السوفياتي الى
واجهة القطبية، الظنّ به متلاعباً
بالترسيمات الخارجة من الحرب العالمية
وتصفية الاستعمار من جهة، ومُحرَِّضاً
مباشراً للارهاصات والاحتجاجت
المجتمعية في ما وراء منطقة نفوذه
المباشر، يثير حفيظة الدول الرأسمالية
ويؤجج العداء. وعليه، حافظ بوتين
ومدفيديف على تنافسية صراعية المظهر،
معاندة تقتنص عثرات السياسة
الاميركية، وتتكئ على محور هجين،
مبعثر دولياً، قوامه المناهضون
لهندسات واشنطن الاقليمية من أميركا
اللاتينية الى قلب آسيا، مروراً
برواسب حركة التحرر الوطني الممسكين
بالسلطة في افريقيا. كان نصيب الشرق
الاوسط من انشغالات موسكو على قدر
الممانعة وحاجات مناوءة الغرب على
اختلاف نوازعها وتلاوينها، معطوفة على
عقود جارية وتفاهمات تسدّ فراغاً
منشأوه العقوبات أو تؤهِّل لحيازة
منظومة سلاحية والحصول على تقنيات. أما في الشأن الفلسطيني، فبخلاف صورة
موسكو كسند متين، راوحت الأخيرة في
المكان والمراد وما عُرف لها مبادرة
تكسر جمود المفاوضات، ولا استوت في
مقعد القيادة العائد للرباعية. في المحصلة العامة، تفادت موسكو الحدث
التونسي وبقيت غير فاعلة إزاء التغيير
في مصر، بيْدَ أنها انتفضت حيال ما
أسمته التدخل الاجنبي في ليبيا، محذرة
من الاستنساب في تفسير القرار الدولي
في محاولة للابقاء على القذافي. إنما
تجلَّى موقفها صريحاً مُناهضاً للحراك
الشعبي العريض في سورية، ومؤيداً
للنظام البعثي، بذريعة التوازن
الاقليمي وضرورة الزود عن حليف قديم
يتعرض للمؤامرات. في هذا الصدد، يسجل
احتضانها الكامل للرواية الرسمية
الخارجة من دمشق، في معادلة فات زمانها
تغلب منطق القوة على نازع الحرية وطلب
الحياة الكريمة والمساواة في مواجهة
بطش الاجهزة والتنكيل بالمواطنين. إنّ هذا السلوك قد آل الى معارضة صدور
قرار مؤاتٍ عن مجلس الامن، عبر التلويح
باستخدام حق النقض، لن يكتب له الاّ
استئخار الادانة الدولية وازدياد عزلة
روسيا عن ركب المجتمع الدولي. فالرهان
على مقولة استقرار سورية، موقف
المُتلطين وراء أهل السلطة، يوازي
اجازة استخدام العنف لاخماد لهيب
الثورات، ويقود الى تعضيد الجمود
وطبائع الاستبداد. بالتأكيد، فإن هكذا خيار يسقط المفاهيم
القيمية الخالصة، جاعلاً من روسيا
نصير مشتقات الشمولية وراعيها، على
غرار النظام السوري، بعد ان لفظت موسكو
بالذات الطبعة الاصلية، وآثرت مبدئياً
طريق الديموقراطية بديلاً عن الحزب
الاوحد والقبضة الحديد وذراع
الاستخبارات. تقارب موسكو الاحداث من أضيق زاوية فتخسر
سياساتها بعد النظر المطلوب، ويفتقد
قاموسها معنى الأسى والتعاطف مع قضايا
الشعوب المحقة، القاعدة الذهبية
لإثبات النفوذ الجدي وبيان الوجود. * كاتب لبناني ================ الى أي مدى ستصمد
العلاقات السورية - التركية؟ رجب طيب أردوغان 2011-06-25 الوطن السعودية شهدت العلاقات السورية
التركية في الفترة الأخيرة توتراً
وتراجعاً ملحوظاً بسبب الموقف الذي
اتخذته تركيا من الاضطرابات في سورية
والسماح لآلاف النازحين السوريين
بدخول الأراضي التركية وتوفير الملاذ
الآمن لهم. هذا الموقف التركي صاحبه
تصعيد واضح في الخطاب التركي تجاه
النظام في سورية ومطالبته بتطبيق
إصلاحات سريعة وحقيقية تتيح للشعب
السوري حرية التظاهر وتحقق مطالبه دون
اللجوء إلى الحل الأمني الذي أودى
بحياة مئات السوريين حتى الآن. ومع أن
الرئيس السوري بشار الأسد أرسل
مبعوثاً خاصاً لمقابلة رئيس الوزراء
التركي رجب طيب إردوغان، إلا أن استياء
الصديق القديم للأسد بدا واضحاً عندما
لم يسمح لأجهزة الإعلام بتصوير اللقاء.
وفي تطور آخر، سمحت السلطات التركية
مؤخراً لأجهزة الإعلام الدولية بزيارة
مخيم اللاجئين السوريين على حدود
البلدين بعد أن كانت قد حظرت ذلك في
الفترة السابقة تفادياً لإحراج سورية. وقد نشر "معهد واشنطن لدراسات الشرق
الأدنى" في يونيو الحالي دراسة
تحليلية لتطور العلاقات السورية
التركية في العصر الحديث. يقول
كاتب الدراسة ديفيد شينكر إن العلاقات
التركية السورية اتسمت خلال الجزء
الأكبر من القرن الماضي بالتوتر بسبب
النزاع الحدودي المستعصي بين البلدين،
ومشكلة المياه، وتأييد دمشق لجماعات
كردية مسلحة كانت تشن هجمات عبر الحدود
على الأراضي التركية. وكاد ذلك الصراع
أن يتطور تقريباً إلى حرب في عهد
الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد،
وذلك بسبب دعم الأخير لحزب العمال
الكردستاني وتقديمه الملاذ الآمن
لرئيسه عبدالله أوجلان. ومع أن علاقات
البلدين شهدت تحسنا في نهايات حُكم
الرئيس الأسد (الأب)، إلا أن العلاقات
بين البلدين لم تتطور على نحو جذري إلا
بعد تولي بشار الأسد السُلطة في سورية
عام 2000، ومن ثم انتخاب حكومة ذات جذور
إسلامية في تركيا بقيادة "حزب
العدالة والتنمية" عام 2002. ومع ذلك،
فمن المفارقات أنه بينما مهَّد
الانتقال السياسي الطريق للتقارب قبل
نحو عقد من الزمن، إلا أن احتمالات
التغيير في سورية في الوقت الراهن هي
التي تهدد بتقويض أسس التحالف الوليد
بين دمشق وأنقرة. يضيف ديفيد شنكر أن الوضع الحالي على
الحدود السورية التركية
يُسلط الضوء على العلاقات المتدهورة
بين البلدين. فخوفاً من وقوع مذبحة
أخرى ترتكبها حكومة دمشق، يتدفق مئات
السوريين المدنيين إلى داخل الأراضي
التركية، وهو تطور سيؤدي على الأغلب
إلى تفاقم التوترات ويدفع أنقرة إلى
اتخاذ موقف أكثر تشدداً من دمشق، ومن
ثم زيادة عزلة نظام الأسد في النهاية.
إن التحول في سياسة تركيا يمكن أن يعطي
واشنطن والدول الغربية الفرصة لتبني
موقف أكثر حزماً بشأن سورية. سرعة في الصعود كانت سرعة تطور العلاقات السورية
التركية، بعد سنوات عديدة من
العداء بين البلدين، ملفتة للنظر بكل
معنى الكلمة. فبين عامي 2002 و2009، أبرم
البلدان ما يقرب من 50 اتفاقية تعاون
بينهما، وأعلنا عن إنشاء "المجلس
الأعلى للتعاون الاستراتيجي"
وأجريا أول مناورات عسكرية مشتركة في
تاريخهما. وفي عام 2010، وقعت تركيا
وسورية اتفاقية تاريخية لمكافحة
الإرهاب وأتبعتاها، بعد نحو شهرين
فقط، بمعاهدة لمكافحة التمرد. وبحلول
عام 2011 كانت تركيا قد أصبحت أكبر شريك
تجاري لسوريا. وقد كانت العلاقات بين
البلدين مُبشرة إلى درجة كبيرة بحيث أن
وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو
كان قد صرح في عام 2009 بأن الدولتين
تشتركان في "مصير وتاريخ ومستقبل
مشترك". وتكرر مسار علاقات تركيا الناشئة مع دمشق
من خلال صلاتهما المزدهرة مع المنافس
الإقليمي السابق، الجمهورية
الإسلامية الإيرانية، مما سهل تطبيق
سياسة خارجية تتبع نهج "تفادي
المشاكل مع الجيران". وربما ليس من
المدهش أن يتزامن تنامي علاقات أنقرة
مع هاتين الدولتين، اللتان تعتبرهما
الولايات المتحدة داعمتين للإرهاب، مع
تبريد العلاقات التركية مع كل من
واشنطن وتل أبيب. وسرعة في الهبوط كانت الأمور تسير بشكل إيجابي متسارع إلى
الأمام، إلى أن وصلت شرارة "الربيع
العربي" إلى سورية. عندئذ شهدت
العلاقات بين دمشق وأنقرة تدهوراً
بنفس السرعة التي كانت قد تحسَّنت بها.
لم تصدر عن تركيا انتقادات للموقف
السوري في بداية الأمر، ولكن عندما
تزايد عدد القتلى من بين المحتجين
المدنيين الأبرياء في سورية، خرجت
تركيا عن صمتها إزاء التطورات التي
بدأت أساساً تحدث في مدينة درعا جنوب
البلاد. وفي مارس، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب
طيب إردوغان أنه كان "من المستحيل أن
نبقى صامتين في وجه هذه الأحداث".
وبإشارته إلى أنه كان بالفعل قد تحدث
مع الأسد مرتين، صرح إردوغان أنه كان
يأمل أن يتبنى الأسد "نهجاً
إيجابياً وإصلاحياً" لتجنب تكرار
"الأحداث المؤلمة" في ليبيا. وفي
أبريل، أرسلت تركيا وزير خارجيتها
داود أوغلو لمقابلة الأسد في دمشق حيث
عرض عليه "كل مساعدة ممكنة"
لتنفيذ الإصلاحات التي تعهد بها الأسد
للمساعدة على تثبيت استقرار سورية
وتأمين النظام. ولكن كل ذلك لم يُجدِ
نفعاً. وأخيراً في مايو، ومع تصاعد الفظائع
اليومية، صرح إردوغان علناً عن وقوف
تركيا إلى جانب المحتجين الذين وصفهم
بأنهم قد انخرطوا في "كفاح من أجل
الحرية". وحذَّر إردوغان النظام
السوري قائلاً "لا نريد أن نرى مجزرة
أخرى مثل تلك التي وقعت في حماة"، في
إشارة إلى الأحداث التي جرت في عهد
نظام حافظ الأسد في مدينة حماة في شهر
فبراير من عام 1982، التي ذهب ضحيتها
آلاف الضحايا المدنيين الأبرياء. وفي حين أشاد المحتجون السوريون بموقف
إردوغان، هاجمت الصحافة الحكومية
السورية موقف أنقرة واعتبرته منافقاً
و"متسرعاً ومرتجلاً". الموقف التركي بين المبدأ والسياسة ليس من الواضح ما السبب الذي استحث
السياسة الخارجية الأخلاقية المفاجئة
التي اتخذتها تركيا. وكان رئيس الوزراء
التركي إردوغان قد هنَّأ علناً الرئيس
محمود أحمدي نجاد على إعادة انتخابه في
الانتخابات المثيرة للجدل في عام 2009،
كما أنه لم يُعلق عندما قمع النظام في
طهران المظاهرات السلمية التي أعقبت
تلك الانتخابات بقوة مميتة. وعلاوة على
ذلك، وفي وجه الفظائع الواضحة التي
ارتكبها العقيد الليبي معمر القذافي
بحق شعبه، عارضت أنقرة، على الأقل في
البداية، مهمة منظمة حلف شمال الأطلسي
(الناتو) في ليبيا. وربما كان موقف إردوغان غير المسبوق تجاه
سورية متأثراً بالسياسات الانتخابية.
فقد كانت تركيا تقف على أبواب انتخابات
نيابية (جرت في 12 يونيو)، وبالتأكيد كان
"حزب العدالة والتنمية" يدرك أن
الأحداث في سورية هي مسألة مثيرة
لعواطف الناخبين، وبالتالي قد يكون
قرار التغيير في سياسة أنقرة قد اتخذ
خصيصاً من أجل أن يستثمره إردوغان
سياسياً. ويُشير الاستغلال الواضح من
قبل إردوغان في قضية أسطول "الحُرية"
حول تقديم المساعدة إلى قطاع غزة في
مايو 2010، إلى أن هذا النوع من
الاستغلال للمشاعر الشعبوية ليس
مستبعداً عند حزب العدالة والتنمية. ومن ناحية ثانية، فحتى بالنسبة لحزب
العدالة والتنمية من الممكن أن يكون
التصعيد الأمني في سورية قد تخطى بصدق
ما يمكن قبوله. وبالنسبة للإسلاميين
السُنة في أنقرة، من المرجَّح أن تكون
فكرة إمكانية قيام النظام العلوي في
دمشق بقتل ألف سُني أمر غير مقبول. فمع
أن القذافي قتل آلاف الليبيين
السُنَّة في أوائل هذا العام، وهو أمر
مزعج للغاية، إلا أن مرتكبه على الأقل
من الطائفة السُنية، ومن ثم فإنه لم
يثر نفس الغضب في أنقرة. وينطبق الشيء
نفسه على الأعمال الوحشية التي قام بها
النظام في إيران ضد المحتجين على
الانتخابات، حيث إن بعض الإسلاميين
السُنة ربما يعتبرون موت الشيعة على يد
إخوانهم الشيعة أمراً لا يدعو إلى
الكثير من القلق. وربما يكون حزب العدالة والتنمية حزباً
انتهازياً فقط، بحيث يأمل أن توفِّر
نهاية النظام العلوي في دمشق فرصة لكي
يصل إلى السُلطة نظام ذو تفكير إسلامي
مماثل لفكره في هذا البلد المجاور. وبغض النظر عن السبب الحقيقي الذي جعل
أنقرة تغيِّر نبرتها تجاه الرئيس
السوري بشار الأسد، إلا أن هذا التطور
أمر يرحب به الغرب بكل تأكيد. فبدون
تركيا يكون الأسد في الوقت الراهن أقل
حصانة وأكثر عرضة للضغوط الخارجية،
كما يكون النظام السوري أقل أمناً.
وبالفعل لا تبتعد تركيا فقط عن نظام
الأسد بل تتطلع إلى المساعدة على تنظيم
من سيخلفه. فمنذ فترة، وفي خطوة جريئة
واستشرافية للمستقبل، استضافت تركيا
مؤتمراً للمعارضة السورية على
أراضيها، كان بمثابة تصريح واضح من
جانب حزب العدالة والتنمية بأنه قد
اعتبر بأنه ليس هناك سبيل لإصلاح الأسد.
وبجهدٍ قليل وحظ أوفر سوف تحذو واشنطن
حذو تركيا في قيادتها لهذا التغيير. ================ تاريخ النشر: السبت 25 يونيو 2011 د. عبدالله جمعة الحاج الاتحاد وصل النظام السوري إلى السلطة، من واقع
مجتمع كانت تفصل بين مكوناته الصراعات
الفئوية والطبقية وتصادمات الحضر
بالريفيين، ومنغلق في صراع وطني ضد قوى
خارجية قوية، وتحكمه أوليجاركية (قلة)
تقليدية ذات قواعد اجتماعية ضيقة
شرعيتها محدودة. هذا النظام يقوم على
أسس من أيديولوجية حزب "البعث
العربي الاشتراكي"، و"البعث"
هو أحد أهم الأحزاب الأيديولوجية التي
تم الدفع بها بقوة من قبل مشاكل
المجتمع السوري، وتم اقتراحه أو
الاعتقاد بأنه كان سيحلها عبر خليط من
الشعارات القومية العروبية وخلق دولة
وطنية قوية قائمة على الشعبية
الجماهيرية والإصلاح الاجتماعي
الثوري. لقد طور "البعث" لنفسه
طبقة وسطى ترتكز على الزُرّاع، لكنه لم
يتمكن قط من تحقيق التأييد الجماهيري
اللازم لحيازة السلطة عبر أصوات
الجماهير، لذلك فقد وصل إلى السلطة عام
1963 عن طريق انقلاب عسكري. منذ البداية خطط "البعث" لإقامة دولة
"بعثية" خالصة، وفرض الثورة من
فوق، لكن ذلك المخطط تم تحديه مباشرة
من قبل مجموعة من المعارضين أهمهم
الأوليجاركية التقليدية، و"الإخوان
المسلمين" والليبراليين
والناصريين، ولكل طرف كانت توجد
قواعده الاجتماعية الخاصة به. وتمكن
"البعث" من تقوية نظام حكمه عن
طريق القبضة الحديدية التي فرضها
الضباط "البعثيون" في داخل الجيش.
وفي الوقت نفسه فإن التغييرات
الاشتراكية، بما في ذلك عمليات
التأميم وإصلاح ملكية الأرض أضعفت
النخب التقليدية، وأخضعت مفاصل
الاقتصاد الاستراتيجية لسيطرة الحزب.
لكن من المؤكد أنه لا يمكن إخضاع الجيش
بشكل كامل لسلطة الحزب خاصة، عندما
يتزامن تمرد المعارضة الشعبية مع
الهزيمة العسكرية في الحرب ضد
إسرائيل، وتقوم النخبة العسكرية
بإخضاع الثورة لمتطلبات الوحدة
الوطنية ودعم المجهود الحربي. عندها
أصبح "البعث" ضعيفاً وغير قادر
على إيقاف استيلاء ضباط الجيش على
مقدرات البلاد. النظام الحالي تمكن من السيطرة على
السلطة عام 1970 عبر انقلاب عسكري غير من
مضمون الدولة "البعثية" عن طريق
شخصنة السلطة، وتركيزها في يد سلطة
شمولية تتمتع بصلاحيات واسعة ذات
مضمون فردي. لقد ارتكزت هذه السلطة على
شبكة من الولاءات الشخصية من قبل أتباع
ينتمون إلي طائفة اجتماعية واحدة
يسيطر أفرادها على كافة أجهزة الدولة
الأمنية مع وجود أتباع موالين للرئيس
ضمن القيادة العليا للجيش. ووفقاً لذلك
تم تقزيم دور "البعث"، لكي يصبح
أحد الأعمدة فقط التي يرتكز عليها
النظام الرئاسي المسيطر، وتم تقليص
دور الأيديولجية "البعثية" كمقرر
للسياسات عن طريق انتهاج سياسة خارجية
خففت من الروح الوطنية القتالية، وعن
طريق سياسة تحرير اقتصادي ألغت سياسات
"البعث" الاقتصادية، وتحولت
النخبة الحزبية ذاتها إلى بيروقراطية
دولة عبر الفساد الإداري والمالي
وصفقات الأعمال التجارية، همها الأول
هو المحافظة على الأوضاع القائمة
والدفاع عنها. وفي نفس الوقت قام النظام بتهميش وإقصاء
كافة الفئات الاجتماعية الأخرى التي
يشكل البعض منها السواد الأعظم من
الشعب السوري، مستفرداً بذلك بالسلطة
والثروة. هذا المسار ولّد معارضة
متنامية، وإن كانت هادئة في بداياتها
من قبل جميع فئات المجتمع الأخرى. ورغم
أنه تمت السيطرة عليها واحتواؤها في
البداية عن طريق القمع واستخدام القوة
المفرطة، لكن ليس من الممكن للأمور أن
تستمر إلى ما لا نهاية، فالشعوب قد
تقمع وتصبر في البداية، لكنها تتحرك في
نهاية المطاف، لكي تعيد الأمور إلى
نصابها وواقعيتها، وربما أن هذا هو ما
يحدث في سوريا الآن بعد أن امتدت
اللاوقعية السياسية بينها لما يزيد
على الأربعين عاماً. ================ ميشيل كيلو السفير 25-6-2011 تتصارع في العقل السياسي السوري أولويات
تبدو في الظاهر متناقضة، مع أنها في
الواقع مترابطة/ متكاملة، أهمها قاطبة
المفاضلة بين الاستقرار والإصلاح.
يقول العقل الرسمي: إن الاستقرار شرط
الإصلاح، فلا إصلاح دون استقرار. هذا
ما كانت قد قالته قبل نيف وشهر
الدكتورة بثينة شعبان، مستشارة الرئيس
للشؤون الإعلامية والسياسية، وأكد
عليه في خطبته الأخيرة الدكتور بشار
الأسد، وهو يستعرض أوسع برنامج إصلاح
قدّمه النظام منذ عام 1966 إلى اليوم. الاستقرار شرط الإصلاح، فهو يجب أن يسبقه
إذن، وإلا كان الإصلاح محالاً، خاصة أن
من يطالبون بتحقيقه من المواطنين لا
يمنحون الجهات الرسمية الفرصة الكافية
لإنجازه، بسبب نزولهم إلى الشارع. هذا
ما يقوله كثير من المسؤولين. بالمقابل،
تبين الوقائع أن الاستقرار دام في
سوريا طيلة نيف وثلاثين عاماً من دون
أن تكون هناك أية محاولة من جانب
النظام للقيام بأي إصلاح. أما أسباب
الامتناع عن الإصلاح فقد تباينت، بعد
عام 2000، بين الهجوم على برج التجارة
العالمي، والجفاف، والغزو الأميركي
للعراق، وعدوان تموز الصهيوني على
المقاومة ولبنان، ثم على حماس في غزة،
ومثلت مسوغات تم إيرادها بذريعة
الحفاظ على الاستقرار. ومع أنني أعتقد
أن النظام قام بإصلاح جدي بين عامي 2003 و2006،
أدى إلى تحول جذري في سياساته الخارجية
وخياراته الداخلية، فإن هذا لا يغير
شيئاً من حقيقة أنه كان هناك استقرار
خلال نيف وثلاثة عقود لم يستغله النظام
كي يقوم بإصلاح «هادئ ومتدرج وآمن
ومدروس وبطيء»، حسب ما قاله في وصف
الإصلاح المنشود كاتب هذه المقالة في
آب من عام 2000، بعد شهرين على وصول
الدكتور الأسد إلى سدة الرئاسة.
واليوم، يقدم الاستقرار باعتباره
شرطاً لا غنى للإصلاح، مع أنه كان
سائداً إلى ما قبل أشهر قليلة فقط،
عندما أحال الرئيس الإصلاح إلى الجيل
التالي، وتحدّث عن صعوبة تحقيقه على
الصعيد السياسي بصورة خاصة، ودليله أن
مجتمعنا ليس جاهزاً بعد للإصلاح ولا
يطالب بإنجازه أصلاً. قال الرئيس هذا
وهو ينفي أن تكون سوريا تونس أخرى! ... واليوم، والمجتمع يطالب بأعلى صوته
بالإصلاح وينزل إلى الشارع من أجل
تحقيقه، وبينما يقرّ الرئيس بشرعية
المطالب الإصلاحية، يكرر الوزير
المعلم الفكرة التي تقول بأولوية
الاستقرار على الإصلاح في مؤتمر صحافي
عقده يوم الأربعاء الماضي، اتسم
بطريقة غريبة في التفكير عبرت عن اليأس
أكثر مما جسدت التبصر، عندما قال إننا
سننسى وجود أوروبا على خارطة العالم،
وسنتجه جنوباً وشرقاً - كأن خصمه
الغربي ليس موجوداً بقوة هناك أيضاً -
وأردف رداً على سؤال حول مطالبة
المعارضة بوقف العنف: «إن كانوا حريصين
على وقف العنف، فليوقفوه»، في اتهام
مباشر للمعارضة بالوقوف وراء العنف،
في حين كرر مرات متعددة مطالبتها
بالاشتراك في الحوار الوطني، وأنكر أن
تكون هناك أزمة في سوريا، عندما سأل
صحافياً ذكر الأزمة: عن أية أزمة
تتحدث؟ فكأننا مع الوزير أمام الصيف
والشتاء على سطح واحد، أو كأن أولوياته
تداخلت بعضها مع بعض، فصارت
إستراتيجيته الجديدة، التي وعد بأن
تحقق لنا النصر، تتجسم في القطيعة مع
الجزء المتقدم والقريب من العالم،
شريكنا التجاري الأكبر، الذي كنا نقول
إلى البارحة إنه لا يستطيع الاستغناء
أو الابتعاد عنا، بعد أن أرغمناه على
الانصياع لنا بالطريقة التي أردناها
بعد عام 2008! ما علينا. هناك مشكلة في الرؤية تترتب
عليها مشكلة في الأولويات، تعبر اليوم
عن نفسها من خلال القول بأسبقية
الاستقرار على الإصلاح. بينما يسارع
النظام إلى تقديم مشروع إصلاح هدفه
الرئيس استعادة الاستقرار، كأنما يقرّ
ضمنا أن الإصلاح شرط الاستقرار وليس
العكس، كما قال الصوت السوري الآخر،
المعارض، مراراً وتكراراً منذ عام 2000
إلى اليوم، ويقول في أيامنا هذه أيضاً،
مع الشارع . لم يكن ما عاشته بلادنا استقرارا بمعنى
الكلمة الحقيقي، فالاستقرار لا يعني
الصمت والخمود، بل هو نتاج تفاعل أساسه
الحرية التي تنضوي في إطار مشتركات
جامعة يحترمها الفرد، وتلتزم بها
الجماعات المجتمعية والسياسية، وتسهر
على رعايتها وتطويرها الدولة، وتخدمها
السلطة. هذا النمط من الاستقرار هو ما
كانت بلادنا تفتقر إليه، بينما كانت
تعيش في صمت الخائف، الذي لا يطالب
بحقوقه ليس لأنه بلا حقوق، بل لاعتقاده
أن المطالبة تهدد أمنه الشخصي ووجوده،
وتفقده ما بقي له من هوامش ضيقة للعيش
والعمل. ومع أن «سوريا المستقرة»، التي
لم يقلع نظامها عن التغني باستقرارها
مرّت بأوقات شديدة الاضطراب بين عامي
1963 و1982، ثم أخذت أشكالاً غير عنيفة
تمثلت في قطيعة حقيقية بين النظام
وأقسام متزايدة من الشعب في الحقبة
التالية لها، بينما وصلت أواخر
السبعينيات إلى صدام مسلح دام نيفاً
وعامين، ولعب دوراً خطيراً لم يدرس بعد
في التطورات التي عاشتها سوريا منذ ذلك
التاريخ إلى الآن، وترك بصماته على
طابع السلطة ومراكز القرار فيها،
وعلاقات مكوناتها الداخلية مع بعضها
من جانب ومع الشعب من جانب آخر، مع أنها
بقيت حية في نفوس السوريين، الذين
استعادوها بقوة خلال الأحداث الأخيرة،
فغدت موضوعاً دائماً في أحاديثهم
وتحليلاتهم ومواقفهم. خلال تلك الفترة الطويلة، لم يعتقد
النظام بضرورة الإصلاح، لأن تجربته في
«البناء الاشتراكي» كانت في مراحلها
الأولى، ولأن الجيش آمن أنه ناب عن
الشعب وحقق كل ما كان يمكن أن يريده من
إصلاح، عندما قام ب«الحركة التصحيحية»،
وأن الأولوية يجب أن تكون من ذلك
التاريخ فصاعداً للاستقرار، ما دام
الإصلاح قد أنجز وحقق ليس ما كان
السوريون يطلبونه، بل كل ما كان يمكن
أن يطمحوا إليه. الغريب أن هذه القناعة
الخاطئة، التي لم تهزها أحداث 1979-1982
المأساوية، استمرت حتى بعد أن بدأ
الرئيس الراحل حافظ الأسد يتحدث عن
ضرورة «تصحيح التصحيح»، وأبدى تذمره
واستياءه من أوضاع البلد وسيطرة
الأجهزة على الدولة والمجتمع في خطبة
ألقاها أمام مجلس الشعب. والأغرب أن
الأسد الابن بقي صامتاً طيلة قرابة
خمسة أعوام على الإصلاح، الذي أجراه في
السياستين الخارجية والداخلية، ولعب
دوراً كبيراً في إثارة حركة الاحتجاج
الراهنة، أي في تقويض «الاستقرار»
المطلوب سلطوياً، بما أنه توجه بقوة
نحو مالكي الثروة والمال في الداخل،
قربهم أحدهم من الآخر إلى درجة
التحالف، وأدار ظهر سوريا للمجال
القومي ودمجها في سياق إقليمي تصدّرته
دولة بنت حساباتها جميعها على ضعف
العرب وإضعافهم، فبدا وكأن سياسة
العهد الجديد تقطع مع الداخلين السوري
والعربي - يعدنا المعلم الآن بقطيعة
إضافية مع الجزء الأكبر من العالم -
وتبدل دور سوريا التاريخي، وتعتدي على
مصالح الكثرة الشعبية العاملة
والمنتجة في الريف والمدينة، وصولاً
إلى الحال الراهن. يقول النظام بأولوية الاستقرار، ثم يناقض
نفسه حين يسارع إلى تقديم عروض الإصلاح
ومسوداته، كأنه يؤمن بعكس ما يقول. بقي
أن يقبل النظام ما تقوله احتجاجات هذه
الكتلة الكبيرة من المواطنات
والمواطنين السوريين، وملخصه رفض أي
إصلاح يعيدها إلى نمط الاستقرار الذي
كان سائداً قبل منتصف شهر آذار الماضي،
وقام على ضرب من موت شتوي مديد حرمت
قطاعات شعبية واسعة خلاله من حقوقها
الرئيسة، بما في ذلك حقها في أن يكون
لها صوت مسموع. من هنا، تريد هذه
القطاعات الشعبية إصلاحاً يتيح لها
أعظم قدر من الحرية والعدالة
والمساواة، تكون هي لا السلطة حامله
والمنتفع الأكبر منه، تنطوي معه، وإن
بصورة تدريجية وخلال فترة متوافق
عليها صفحة السلطوية: صفحة إنتاج
المجتمع انطلاقا من السلطة وبدلالتها،
وتنفتح صفحة المجتمعية: إنتاج السلطة
انطلاقا من المجتمع المدني، مجتمع
المواطنين الأحرار والمنتجين
وبدلالته، فيكون الاستقرار مصلحة
شعبية ووطنية أكيدة، أرضيته إصلاح
يعزز الاستقرار، ويخرج البلد من أزمته
الكبيرة التي تفرخ أزمات لا تنقطع
حلقاتها، ويعيش المواطن في نظام
ديموقراطي آمن وحر، يجعله صاحب صوت
مسموع وإرادة وطنية جامعة. في الخطاب السائد، يسبق الاستقرار
الإصلاح. في الواقع: لا استقرار بلا
إصلاح: يسبق الإصلاح الاستقرار ويصير
شرطاً له. عندئذ، لن نكون مخطئين إن نحن
كررنا للمرة الألف: الإصلاح وليس العنف
المنظم مدخلنا إلى الاستقرار، والعنف
يقوض الاستقرار لأنه يقيد فرص
الإصلاح، ويضع السلطة في مواجهة
قطاعات متزايدة من الشعب، ويعيد إنتاج
الأزمة من حيث يظن أنه ينهيها، بعد أن
يزيدها عقيداً وخطورة. أخيراً: أليس
تخبطاً ما بعده تخبط أن يريد بعض أهل
النظام الإصلاح سبيلا إلى الاستقرار،
وإن قالوا غير ذلك، بينما يقوض بعضه
الآخر الاستقرار، بمحاولته فرض
الاستقرار بالقوة على من يطالبون
بالإصلاح، مع أن هؤلاء لا ينتهكون
الاستقرار بنزولهم إلى الشارع، وإنما
يعيدون تعريفه في ضوء إصلاح لم تعد
الأسلحة والرؤوس الحامية قادرة على
منعه أو قهر المطالبين به؟ لا استقرار بلا إصلاح: هذه هي المعادلة
التي ستفتح أبواب سوريا نحو حوار وطني
جدي فيه نجاتها. بغير ذلك، لن تقود
الرغبة في فرض الاستقرار بالقوة إلا
إلى تدمير فرص الإصلاح والمصالحة
الوطنية، وتقويض وجود الدولة
والمجتمع، وتالياً الوطن! ================ علي حماده النهار 25-6-2011 يعتبر اختيار الثورة السورية شعار "جمعة
اسقاط شرعية النظام" لتظاهرات
البارحة دلالة واضحة على ان كلا النظام
والثورة بلغ نقطة اللاعودة في المعركة
القائمة في سوريا. ففي الوقت الذي يبلغ
فيه عدد الشهداء ما يفوق 1500 برصاص
الامن والجيش واعوان النظام، ويتجاوز
المهجرون من منطقة ادلب الى تركيا
العشرة آلاف، ومع إلقاء الرئيس السوري
بشار الاسد خطابه الثالث في جامعة دمشق
مطلع هذا الاسبوع من دون أن يحقق
اختراقا ايجابيا في الداخل او في
الخارج، يمكن القول ان شرعية النظام
مطروحة اكثر من اي وقت مضى. وقد تآكلت
بفعل توسع حركة الاحتجاجات، وتجذر
الشعارات المطالبة بإسقاط النظام،
وتنحي الرئيس، وازدياد حدة الانتقادات
والمواقف الدولية لسياسة النظام
الامنية. ويمكن القول ان ثمة شيئا
كبيرا تغير في سوريا ولن يعود الوضع
الى الوراء مهما اوغل النظام في سياسة
القتل المتعمد. ومن نافل القول ان صدقية الرئيس السوري
صارت على المحك، وقد تراجعت الى حدود
خطرة ان في الداخل او في الخارج. وأهم
ما يملكه رجالات الدولة هو صدقية
كلامهم ووعودهم. والاسد الابن الذي
اورثه والده حكم سوريا، يعاني ازمة
صدقية كبيرة تجعل كل موقف وكلمة ينبس
بهما محط تشكيك على كل المستويات. حتى
اصدقاء النظام السابقون كالاتراك
والقطريين والفرنسيين (ساركوزي)
يعتبرون ان احد أسباب انقلاب مواقفهم،
إلى القمع الوحشي للمدنيين العزل، هو
فقدان الرئيس بشار الاسد كل صدقية،
وذلك بناء على تاريخ من التعامل
المباشر معه. هذه نقمة على كل رئيس دولة.
والاسد مدعو الى التفكير مليا في هذه
النقطة لأنها مكلفة جدا. في "جمعة اسقاط شرعية النظام" تتأكد
معطيات عدة، اهمها: 1 - ان التغيير في المشهد السياسي السوري
ترسخ نهائيا، ولا عودة الى الوراء مهما
صار. وامام الثورة هوامش شعبية
وجغرافية كبيرة للتوسع، على العكس من
النظام، الذي يتقوقع في مربع العنف
المفرط. 2 - الحل الامني يكسب النظام وقتا لكنه لا
ينقذه من أجل محتوم. 3 - العزلة الدولية كبيرة وتتوسع، فضلا عن
عزلة عربية غير معلنة رسميا. 4 - مع تسارع الاحداث وازدياد عزلة النظام
بتدرج العقوبات الخارجية المعلنة وغير
المعلنة (العربية)، تتسارع ايضا خطى
النظام نحو المنحدر الاقتصادي
والمالي، فالأزمة آتية بأسرع مما
يُعتقد، وخلال فترة قصيرة ستجف موارد
الدولة بما يهدد انفراط عقد فريقين
كبيرين يعول عليهما، الادارة الرسمية
التي تضم مئات آلاف الموظفين، مدنيين
وعسكريين، وطبقة التجار في المدن غير
المتحمسة للتغيير تعريفا، ولكنها
جاهزة للانقلاب بسرعة متى تعرضت
مصالحها مباشرة. في الخلاصة، ان شرعية الانظمة التي تعتمد
قتل مواطنيها آيلة للسقوط، والنظام في
سوريا ليس استثناء. ================ السبت, 25 يونيو 2011 فايز سارة * الحياة تميل اوساط سياسية الى القول ان سورية
تتعرض لمؤامرة تتجسد في ما تشهده سورية
من احداث، وما يحيط بالاحداث من تطورات
اقليمية ودولية، وتتوزع الاوساط
القائلة بالمؤامرة على سورية على
ثلاثة مستويات: محلية تجسدها السلطة
الحاكمة وانصارها، واقليمية تتمثل
بحلفاء سورية وبخاصة ايران و «حزب الله»،
ودولياً، والابرز في هؤلاء روسيا
والصين وفنزويلا، مع مراعاة ان ثمة
اختلافات وتمايزات في النظر الى
المؤامرة على سورية والتفاصيل المحيطة
بها بين الاطراف وفي داخلها. والاهم في فكرة المؤامرة عند الاطراف
جميعاً، انما هي القكرة السورية، ليس
بصفتها الاساس والموقع الذي تتجسد فيه
المؤامرة فقط، انما باعتبارها التي
تحدد حيثيات وتفاصيل واطراف المؤامرة،
والتي يمكن القول، انها في حالتها
الراهنة، كانت ذات طبيعة متنامية، اذ
انها بدأت بملامح معينة، ثم اخذت تتخذ
ملامح تالية وصولاً الى صورتها
الراهنة، وهي مفتوحة على تطورات لاحقة. لقد بدأت اولى اشارات المؤامرة على سورية
عشية اندلاع الاحداث في مدينة درعا،
التي شهدت اول تظاهرات الاحتجاج، واول
عمليات قتل المتظاهرين، والتي اشير في
اعقابها الى تدخلات عناصر غربية من
خارج المتظاهرين بينهم فلسطينيون في
اشارة الى الفلسطينيين المقيمين في
درعا، وهو ما دعا جماعات فلسطينية من
حلفاء دمشق الى نفي ذلك علانية، ثم
اضيف الى الفلسطينيين حديث عن تدخلات
عناصر عربية من مصر ولبنان ومن العراق،
كان من تعبيراتها حكاية المهندس
المصري الذي تم اطلاق سراحه بعد ان
اتهم بالتعامل مع اسرائيل، والعراقي
الذي قيل انه ادخل سيارة اسلحة الى
سورية، اضافة الى ما قيل عن اللبنانيين
المرتبطين ب «تيار المستقبل» ورئيسه
سعد الحريري وبعض نوابه، قبل ان يتم
الانتقال الى خطة بندر بن سلطان الامير
السعودي الهادفة الى التدخل الفاعل في
سورية. وبطبيعة الحال، فانه لا يمكن القول
بأطراف خارجية للمؤامرة من دون تحديد
ادواتها المحلية، والتي تضمنت وفق
التأكيد الرسمي «مندسين» و «ارهابيين»
و «سلفيين» وصولاً الى الجماعات
المسلحة، وقد كانت تشير في كل الاحوال
الى المتظاهرين والمعارضين ونشطاء
العمل العام من المثقفين والحقوقيين،
وكلهم كانوا في عداد الاهداف التي
شملها الرد العنيف للاجهزة الامنية
ولعناصر الشبيحة، قبل وفي خلال تدخلات
قوات الجيش في الاحداث بهدف استعادة
النظام العام واعادة الاستقرار الى
المناطق السورية، فكان منهم قتلى
وجرحى ومعتقلون وملاحقون نتيجة عمليات
القمع العاري الواسعة. لقد تطور الحديث السوري عن المؤامرة مع
مرور الوقت واستمرار حركة الاحتجاج
والتظاهر، فصدرت اشارات من جانب
النظام واجهزة الاعلام وشخصيات مقربة
من النظام الى اطراف جديدة باعتبارها
في اطار المؤامرة مثل الاشارة الى قطر
وتركيا اضافة الى اسرائيل والولايات
المتحدة، كما تمت اشارة الى شخصيات
عربية ودولية لمجرد اطلاقها تصريحات،
لا تتوافق والموقف السوري الرسمي من
الاحداث. لقد اكتملت فكرة المؤامرة على سورية من
خلال وجود ادوات محلية بما فيها جماعات
مسلحة واطراف خارجية هدفها اخضاع
سورية والتأثير على مواقفها والسيطرة
عليها من خلال تقديم المال والسلاح
والتدريب والدعم السياسي اضافة الى
الدعم الاعلامي الذي جسده اداء
فضائيات عربية واجنبية، سعت الى تغطية
احداث، جرى منع الاعلام الخارجي من
تغطيتها من داخل سورية. وفي الواقع، فإن الكلام عن ادوات داخلية
للمؤامرة يحتاج الى تدقيق كبير،
والامر في هذا لا يستند الى تأكيدات
سلمية حركة التظاهر المستمرة، بل الى
شبه اجماع السوريين وبخاصة من
المحتجين والمعارضة على رفض العنف
واللجوء اليه في مواجهة عنف السلطة،
يضاف الى ما سبق من تشدد امني مارسه
النظام واجهزته حيال التنظيمات
المعارضة والجماعات المسلحة
والمتشددة، مما يجعل من شبه المستحيل
مرور اسلحة وذخائر من دون معرفة تلك
الاجهزة وبمساعدتها، ومن المستحيل
أكثر قيام واستمرار هكذا جماعات وعلى
المستوى المعلن عنه من التدريب
والتنظيم والعدد في سورية. ان كل ما ظهر من دلائل ومعطيات، تتصل
بوجود وعمل «جماعات مسلحة»، لا يتعدى
تقدير ان ثمة افراداً او جماعات محدودة
ومحلية، قاوموا افراداً او دوريات
امنية/عسكرية في مواقع معينة على الطرق
او في احياء داخل مدن او قرى، وقد يكون
الامر قد تجاوز ذلك في بعض الحالات الى
قيام افراد او مجموعات محدودة من الامن
او القوى العسكرية بالتمرد على
الاوامر، او الانشقاق عن مؤسستهم
الامنية/ العسكرية والاشتباك مع
مجموعات من مؤسستهم، والامر في كل
الاحوال لا يمثل ظاهرة عامة، كما تؤشر
معطيات الاعلام السوري. كما ان المعطيات الاقليمية والدولية، لا
تؤشر بالفعل الى وجود مؤامرة على سورية.
والموقف الاقليمي – باستثناء الموقف
التركي الحاد - يتجاهل التطورات
السورية على نحو عام، وليس من دولة
عربية واحدة، اظهرت موقفاً قوياً او رد
فعل مؤثراً على قيام السلطات السورية
باعتماد الحل الامني للازمة، ولا
جامعة الدول العربية اتخذت موقفاً
ملموساً. بل ان مقارنة سريعة بين
المواقف العربية من تطورات تونس ومصر
وليبيا واليمن، تدفع الى قول، ان ردود
تلك الدول كانت اقوى وأكثر حدة في
الموقف من التطورات السورية، وكان
التشدد في الموقف الاسرائيلي من سورية
في الفترة الاخيرة ناتجاً عن الخروقات
التي تمت على جبهة الجولان، أكثر مما
كان يتصل بالتطورات الداخلية، التي
كانت اسرائيل تراقبها بحذر. كما ان الموقف الدولي من جانب الدول
والمنظمات الدولية حيال الوضع السوري
وتطوراته، لم يتسم بالشدة المتوقعة.
والعقوبات التي شملت مسؤولين سوريين،
لم تكن جديدة، وان تم توسيعها، وجوهر
الموقف الدولي والاممي، والاهم فيه،
انه ركز على ضرورة القيام بإصلاحات
تستجيب لمطالب حركة الاحتجاج السورية،
والتوقف عن استخدام القوة العارية ضد
المتظاهرين والمعارضين، ووقف
الاعتقالات ضد المعارضين. ان القول بوجود مؤامرة على سورية انما
يستند الى امرين اثنين، اولهما مرض
تكرس في سياسة سورية منذ عقود طويلة
وهو تفسير اية تحركات داخلية لا تتوافق
مع سياسات السلطات السورية، وقد تكرس
هذا المرض مع سلطة البعث، والامر
الثاني، ان القول بوجود مؤامرة على
سورية، يمكن النظام من عملية تحشيد
قوته الكاملة في الداخل والخارج
لمواجهة التحديات الراهنة، بل ان
القول بوجود مؤامرة، يعطي النظام حق
استخدام القوة الى اقصى الحدود، وهو
الاهم في الظرف الحالي. * كاتب سوري ================ السبت, 25 يونيو 2011 الياس حرفوش الحياة واضحٌ من كلام رأس الديبلوماسية السورية
الوزير وليد المعلم، ومن خلال
التحركات العسكرية قرب الحدود
التركية، أن دمشق اختارت في هذه
المرحلة اتباع سياسة المواجهة مع
الخارج، الذي يرفع صوته احتجاجاً على
سلوكها الأمني ضد معارضيها في الداخل،
بدل الاستجابة للأصوات الاوروبية
المعترضة والاصوات التركية الناصحة. فما قاله المعلم في مؤتمره الصحافي هو ما
أغفله رئيسه بشار الاسد في خطابه، وهو
ما يمكن ان يُستنتج منه ان هناك تقاسمَ
ادوار بين الخطابين: فبينما قصد خطاب
الاسد التعاطي مع مشاكل الداخل ورفض
التفصيل في نظرية «المؤامرة»
الخارجية، وركّز بدلاً من ذلك على
الإصلاحات الموعودة ومشاريع القوانين
الجديدة التي قال إنه يجري إعدادُها،
كان المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية
موجَّهاً اكثر الى الخارج، فمَسَح
اوروبا من خريطة العالم، ونبّه الجارة
تركيا الى انها هي التي تحتاج الى دروس
في الديموقراطية، كما ذكّر من نسي، أن
سورية لا تحب التدخل في لبنان، وذلك
تعليقاً على الاشتباكات الاخيرة في
مدينة طرابلس بين متظاهرين ضد النظام
السوري وآخرين مؤيدين له. غير أن من يملك النية والجدية للتغيير
والانفتاح في الداخل، لا يجب ان يقلق
من الاصوات التي تطالبه بالإصلاح، حتى
لو أتت من الخارج، خصوصاً أن هذا
الخارج لا يطالب النظام بالرحيل، حتى
الآن، بل بالتجاوب مع مطالب الاصلاح
هذه والتوقف عن مواجهة من يتظاهرون
للمطالبة بها بالسلاح. لذلك، شكّك
الذين سمعوا الخطابين في النوايا
الاصلاحية للنظام، وكان ردُّ
المسؤولين في الاتحاد الاوروبي هو
المبادرة الى تشديد العقوبات على عدد
من الشخصيات السورية والايرانية، التي
قالوا انها تدعم عملية قمع الاحتجاجات
في سورية، كما أطلق الامين العام للامم
المتحدة ذلك التقويم الاستثنائي في
صراحته لمواقف الاسد، بالقول إنها «تفتقر
الى الصدقية». إلى جانب اعتماد التصعيد مع الخارج، يبدو
ان النظام السوري اختار ان يمارس لعبة
الرهان على الوقت، التي يتقنها جيداً،
فهو يراهن على ان التماسك الخارجي في
وجهه مفقود، وذلك بسبب المواقف
الروسية والصينية، التي رفضت الى الآن
اي تحرك ضد دمشق في مجلس الأمن. كما
يراهن على صعوبة القيام بعمل عسكري ضد
سورية، على غرار ما حصل في ليبيا، وهو
ما أكده الوزير المعلم في مؤتمره
الصحافي، مبرراً ذلك بأن سورية لا تملك
الثروات التي لدى ليبيا، والتي تدفع في
رأيه المتدخلين الى التدخل، على أمل
استثمار مواقفهم الى جانب المعارضة من
خلال مبيعات النفط، بعد سيطرة
المعارضين على النظام. ومع ان المعلم
كان صريحاً في القول ان من «حظ» سورية
انها لا تملك مثل هذه الثروات،
وبالتالي لا تشكل هدفاً للتدخل
الخارجي، فإن ما كان يمكن ان يضيفه
أيضاً، ان من سوء حظ المعارضين
السوريين أنهم ابتلوا بنظام يراهن على
غياب الثروات الطبيعية في بلده ليستمر
في سحق معارضيه، من غير ان يكون أحد في
الخارج قادراً على وقف ذلك. كما قلنا، ليس رهان سورية على الوقت
جديداً، هي تراهن على ان يفقد
المعترضون صبرهم، وأن تفقد الحملة
الخارجية زخمها، وأن يعيد الغرب
حساباته في تقدير ما تسميه سورية دورها
«المركزي» في المنطقة، وهو ما فعله
الغرب في مواجهات سابقة مع دمشق. غير ان
ما يبدو ان النظام السوري لا يدركه
اليوم، هو ان هذه المواجهة هي من طبيعة
أخرى، فالضحايا هذه المرة سوريون،
وليسوا لبنانيين او عراقيين او
فلسطينيين، كما كانت التضحيات في
السابق، كما ان الغرب، الذي كان
مستعداً لعقد الصفقات في الماضي، لن
يكون قادراً عليها اليوم، مع نظام
يمارس ما مارسته دمشق مع شعبها. ================ سمير عطا الشرق الاوسط 25-6-2011 منذ اليوم الأول لأحداث سوريا تمنيت، سرا
وكتابة، أن تستوعب دمشق حركة الاحتجاج
وتبعد عن نفسها وعن العالم العربي
متاهة أخرى في الدماء والعبث. ومن أجل
احتضان المطالب، سواء كان أصحابها
صادقين أو متآمرين، كان على الدولة أن
تسبقهم لا أن تترك لهم التقدم عليها من
مدينة إلى مدينة ثم من قرية إلى قرية. كان من المتوقع أن يتجاوز الرئيس بشار
الأسد «صقور» النظام وبيروقراطية
الحزب ونجوم الفولكلور في مجلس الشعب،
لكي يقدم للسوريين ما يتوقعونه منه،
وأن يعاقب مطلقي الرصاص وليس فقط أن
يأمر بعدم إطلاقه. فالتنازل إلى الناس
نصر لا انكسار. والإصغاء إلى المطالب
ربح لا خسارة. لكن اعتماد المواجهات أدى إلى تفاقمها.
وعلى الصعيد الخارجي فقدت الدبلوماسية
السورية أقرب الحلفاء.. من فرنسا إلى
قطر إلى، خصوصا، تركيا، التي سلمتها
سوريا الكثير من المهام، بما فيها
المفاوضات مع إسرائيل، بدل إبقائها في
الأمم المتحدة. وعلى الصعيد الإعلامي
تحولت صداقة «الجزيرة» إلى عداء،
وأخذت المظاهرات تصفها ب«العبرية»
بعدما كان ذلك مخصصا ل«العربية». توقعت، أمام هذا الواقع، أن تتمهل
الدبلوماسية السورية قليلا لتتأمل ما
يحدث: عداء أميركي متوقع. هبوب أوروبي.
صمت عربي محرج (بضم الميم). نزاع معلن مع
تركيا بعد ودّ لا يصدق. وما من صديق إلا
إيران. وما من مؤيد إلا بعض الأصوات
اللبنانية فاقدة الصدى. ألم يكن كل ذلك
يستدعي إعادة نظر شاملة في السياسة
الداخلية والعلاقات الخارجية معا؟! المفاجأة الأهم كانت في كلام الدكتور
وليد المعلم يوم الأربعاء. فالمعروف أن
الدبلوماسي العتيق من «حمائم» النظام.
ويساعده خفوت صوته على انتقاء كلامه
بدقة. لكن ها هو يقف معلنا أن أوروبا لم
تعد على الخريطة، ويكرر قول أحد
المفوضين السامين أيام الانتداب «الكلاب
تنبح والقافلة تسير». وبعدها يعلن أن
سوريا سوف تتجه شرقا نحو روسيا والصين. لا تستطيع دولة في موقع سوريا وفي مركزها
السياسي، أن تكون كل تحالفاتها قائمة
على إيران وهوغو شافيز، وصداقاتها على
روسيا. وماذا تفيد هذه المواجهة
اليومية في الداخل والخارج؟! ولماذا؟!
هذه السرعة في فقدان الأصدقاء
واستعداء الحلفاء يمكن الاستبدال بها
وقفة هادئة أمام وقائع العالم الجديد.
ليس من أجل التنازل، بل من أجل حماية
سوريا ووقف محنتها وعدم الولوغ في
النفق حتى نهايته. تواجه المؤامرات بكسب الأصدقاء وتحصين
الداخل والعودة إلى الناس، باعتبارهم
القلاع الأولى والأخيرة. والدول لا
تستطيع أن تعاند مثل الأفراد. وربما
كانت مصلحة سوريا في مصالحتين كبريين:
في الداخل والخارج. ================ محمد الرميحي الشرق الاوسط 25-6-2011 التواضع سمة الدبلوماسي الحصيف، ووليد
المعلم وزير الخارجية السوري، بعد
استخدامه لبعض الألفاظ الخارجة عن
الدبلوماسية في لقاء الصحافيين، قرر
أن ينسى أن أوروبا موجودة على الخريطة!
وهو تعبير مجازي، بجانب أنه بعيد عن
التواضع، يحمل تصورا عن النفس مكذوبا
يزيد من الأعداء. السؤال: وهل الاستغناء عن أوروبا لو تم،
سوف يحل المشكلة السورية؟ بالطبع لا. لا أحد يحسد النظام السوري في هذه
المرحلة، فهو إن تحرك إلى الأمام زادت
المظاهرات المطالبة برحيله، وإن تحرك
إلى الخلف تعاظمت المصاعب حوله، وإن
بقي مكانه صوبت تجاهه نيران معادية
ونيران صديقة في الوقت نفسه، أي إن
الوضع ذاك، يوصف، عادة، بالفشل في
إدارة الوقت السياسي. القضية في سوريا تكمن في شقين، التوقيت
والقراءة. من حيث التوقيت لم يلاحظ
النظام، مثله في الغالب مثل غيره،
تنامي التوتر البنائي بين مكونات
المجتمع المدني الذي يتطور، وبين بناء
الدولة المستقر في سبات. تنامي الوعي
الاجتماعي في سوريا ليس سرا، فقد أسر
لي صديق سوري بعثي، ومنذ سنوات طويلة،
بقوله لو حدثت انتخابات حرة ونزيهة في
سوريا اليوم، لما حصل حزب البعث على
أكثر من 10 في المائة من الأصوات. هذا
الحديث مر عليه أكثر من عشر سنوات،
وفرق الزمن يحسب إلى جانب الخسارة لا
إلى جانب الربح. لقد قال الرئيس الأسد
في خطابه الأخير إن بعض القوانين «الإصلاحية»
كانت جاهزة منذ زمن، والسؤال: لماذا لم
تفعّل؟ موضوع التوقيت واحد من
المواضيع المسكوت عنها في هذا العالم
الذي نعيش فيه، في الحقيقة ليس في
سوريا فقط، ولكن في الكثير من العواصم. لو - وهي تعبير شرطي، يفتح بابا للشيطان -
أدير الوقت السياسي بحصافة لما واجهت
لا سوريا ولا غيرها هذه الأزمات الحادة. الشق الثاني هو القراءة، بمعناها الحقيقي
والرمزي، فلو قرر الرئيس المصري
السابق أن يعلن أن له موقفا ضد التوريث
واضحا وجليا، وقرأ فقط - من بين كتابات
أخرى - كتاب «وجع المصريين» للدكتور
خليل فاضل الذي صدر قبل ثلاث سنوات من
الانتفاضة المصرية، لعرف أن هناك
قنبلة موقوتة، هي الشباب المصري
الحديث الذي وصفه خليل بهذا الوصف. كما
أن النظام السوري لو وزع الكتاب الذي
صدر منذ أكثر من مائة عام، وحسنا فعلت
مجلة «الدوحة» بإعادة نشره وتوزيعه مع
العدد الأخير، وهو كتاب السوري الكبير
عبد الرحمن الكواكبي «طبائع الاستبداد»،
لاستغنى عن معظم التقارير التي تصل
إليه. في هذا الكتاب، الذي مر عليه أكثر
من قرن، التوصيف لما هو قائم والترياق
للخروج منه. وترياقه قول سوري آخر
بلدته ليست بعيدة عن الانتفاضة
الحالية، هو المعري الذي قال: إذا لم تقم بالعدل فينا حكومة فنحن على تغييرها قدراء المشكلة موصوفة منذ زمن طويل، والحلول
للعقلاء معروفة أيضا. إنما ما يلفت
النظر هو أن البعض لا يريد أن يقرأ
قراءة حقيقية ما يحدث في بداية القرن
الحادي والعشرين، قرن التقنية الهائلة
والتواصل الإنساني العظيم. ما يحدث ليس له علاقة بالتطبيع مع إسرائيل
أو موقف الممانعة تجاههها، أو حتى
الموقف المعادي أو المهادن للغرب، هنا
إسرائيل والغرب متفرج خارج الملعب،
هذا ملف وجب عدم التخفي خلفه، لأنه لم
يعد يقنع العقلاء، بدليل أن النظامين
التونسي والمصري السابقين، كانا
أصدقاء للغرب وفي هدنة مع إسرائيل، ومع
ذلك حدث لهم ما نعرف. من جهة أخرى، فإن
الهلامية التي تسيطر على الخطاب
السياسي في دمشق لا تتعامل مع العقل
وواقع الأمور، بل تسدل الستار عليه،
مثلها، مع الفارق، مثل خطابات وعمل
القذافي، أي اللجوء إلى الحل الأمني
المفرط. أتفق مع السيد وليد المعلم في جزئية مر
عليها في مؤتمره الصحافي قبل أيام، قال
إن الغرب لن يكرر سيناريو ليبيا مع
دمشق، تلك حقيقة، لا لسبب إلا لأن
الغرب ليس لديه القدرة، حتى لو توافرت
الرغبة، فسوريا تختلف كثيرا لا بسبب
تفسيرات المعلم، ولكن لأنه ما زال هناك
بعض من الوقت للخروج الآمن، فقط يحتاج
إلى شجاعة في القرار. المزاج السوري
العام ليس المطالبة بأسلمة الدولة،
ولا عولمتها، ولا حتى «تطييفها» (من
الطائفية). مرة أخرى ننظر في الكواكبي،
وهذا النص الذي يتجاوز الزمان والصادر
من مواطن حلب الشهباء، يقول «الحكومة
المستبدة تكون مستبدة في كل فروعها، من
المستبد الأعظم إلى الشرطي إلى كناس
الشوارع»، كما يقول في علاقة المثقف
بالسلطة، إنها إن عجزت عن إفسادهم (المثقفين)
تبادر إلى إبعادهم وتنكل بهم! عجيبة
تلك النصوص، وكأنها تفوقت على الزمن،
أم ترى أن الزمن العربي قد تجمد في
مكانه؟! على الرغم من بلاغة الرئيس بشار الأسد
وقدرته اللغوية وفصاحته، فإن لديه
مشكلة مع اللغة السياسية التي تأخذه في
كثير من الأوقات إما للمبالغة في ما
يرى أنها قوته، وإما لتسفيه الآخرين
والتهوين مما تواجهه سوريا، بينما
المطلوب هو بناء سياسي جديد في سوريا
يساير الوضع العالمي والإقليمي، دون
أن يصغي، وهو الرجل الذكي، إلى تبريرات
المحيطين، من أن «الجراثيم» هي
المشكلة، القضية أكبر من الجراثيم.
القضية هي فقع العين الخلفية التي قال
عن أهميتها في الحكم المرحوم الحسن
الثاني، أي المعارضة، هي عين خلفية،
تنجي من المآزق حتى لو كرهت من البعض،
لقد فقعت العين الخلفية السورية
واختفى قادتها إما في المهاجر وإما خلف
بوابات السجون، فأصبح التعامل مع
أشباح، جماهير تخرج للتظاهر دون رأس.
وهو موضوع ليس سهلا التعامل معه. في
سوريا بعض من رؤوس المعارضة، وفي
خارجها أيضا، تلك العين، حتى لو كانت
عوراء في رأي البعض، فإن ما تراه قد
يقدم بصيصا من أمل للخروج من هذا
المأزق. آخر الكلام.. نقلت وسائل الإعلام للجميع في الأسبوع
الماضي غضب أحد الأطباء في مستشفى
بريطاني كان يزوره رئيس الوزراء،
امتثل رئيس الوزراء لاحتجاج الطبيب
الغاضب، وترك المكان هو وطاقمه.
بالمناسبة الطبيب ما زال يمارس عمله! ================ كل ما يطلبه الشعب
السوري هو حقوقه الأساسية سايمون كوليس الشرق الاوسط 25-6-2011 أوحى وزير الخارجية السوري في 22 يونيو (حزيران)
الحالي بأن بريطانيا وغيرها من الدول
الأوروبية تحرض على الفرقة في سوريا.
بينما في واقع الحال نحن نسعى لما هو
عكس ذلك. حيث اجتمع وزراء خارجية
الاتحاد الأوروبي في 20 يونيو واتفقوا
على أن «السبيل الوحيد لتحقيق
الاستقرار في سوريا على المدى الطويل
يكون عبر الانتقال السلمي للديمقراطية
المبنية على الوحدة الوطنية واحترام
حقوق جميع المواطنين». وأكد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ
وغيره من الوزراء الأوروبيين على أن
السبيل الوحيد لهذا الاستقرار يكون
عبر عملية سياسية. وطالبوا مجددا
السلطات السورية بإجراء حوار وطني
حقيقي ذي مصداقية يشمل الجميع، والمضي
في إصلاحات سياسية دون تأخير. كما أكدوا أن البدء في هذه العملية يتطلب
أن توقف السلطات السورية العنف،
وتتوقف عن اعتقال وترهيب المواطنين
السوريين، وتفرج عن كافة المعتقلين
الذين لهم صلة بالمظاهرات إلى جانب
غيرهم من السجناء السياسيين الذين ما
زالوا في السجن رغم العفو الذي صدر
مؤخرا. إن العفو الثاني الذي أعلن عنه الرئيس
الأسد في كلمته الأخيرة يعرض فرصة
للإفراج عن شخصيات مثل كمال لبواني،
والذين لم يتم الإفراج عنهم بموجب
العفو الأول. وآمل جدا أن تنتهز هذه
الفرصة. كما قال السيد المعلم أيضا إن عقوبات
الاتحاد الأوروبي تستهدف سبل معيشة
المواطنين السوريين. بينما واقع الأمر
أن المشكلات الكبيرة التي تواجه
الاقتصاد السوري اليوم ناتجة عن
انهيار السياحة والاستثمارات،
والانخفاض الكبير في التجارة العابرة
وفي ثقة المستهلكين. هذه المشكلات هي
نتائج مباشرة ومتوقعة للطريق الذي
اختارته السلطات السورية لمعالجة
الأزمة، وذلك بلجوئها للاستعانة
بالأجهزة الأمنية لوقف المظاهرات
السلمية بالقوة. والعقوبات الموجهة
التي فرضها الاتحاد الأوروبي حتى الآن
تستهدف 30 شخصية و4 مؤسسات، لهم صلة
بالعنف الذي تمارسه السلطات السورية
ضد شعبها. ولا يمكن اتخاذ ذلك ذريعة
لإلقاء اللوم على جهات خارجية بسبب
المشكلات الاقتصادية التي تواجهها
سوريا الآن. لقد أسعدني سماع مطالبة السيد المعلم
جميع الدبلوماسيين في سوريا أن يكونوا
موضوعيين ويرسلوا تقارير عما يشاهدونه.
وقد استجاب الدبلوماسيون البريطانيون
لعرض لزيارة جسر الشغور في 20 يونيو. كما
دأبنا على المطالبة بالسماح لوكالات
إغاثة إنسانية دولية ووسائل الإعلام
الدولية ودبلوماسيين بزيارة مناطق
أخرى وقعت فيها أعمال عنف في سوريا،
مثل درعا وحمص وتلكلخ وتلبيسة والرستن
وبانياس، حيث وردت أنباء عن سقوط قتلى
بين المدنيين السوريين خلال المظاهرات
في هذه المدن. ويشير تقرير للأمم
المتحدة إلى أن ما يفوق 1,000 مواطن سوري
قتلوا في سوريا خلال الشهور الأخيرة،
بينما تم اعتقال ما يربو على 10,000 شخص.
هذا رد غير متكافئ نهائيا مع حركة
مظاهرات سلمية في الغالب. ما شاهده الدبلوماسيون في جسر الشغور
يظهر هجوما شنه مسلحون على نقطة عسكرية
سوريا ومبانٍ حكومية أخرى. ونحن ندين
العنف من كافة الأطراف، ونطالب
المتظاهرين في سوريا بالمحافظة على
الطبيعة السلمية للمظاهرات. لكن حق
قوات الأمن بالدفاع عن أنفسهم لا يمكن
أن يبرر إطلاق النار على متظاهرين غير
مسلحين. والسبيل الوحيد لضمان إرسال
تقارير موضوعية حول الوضع المعقد عادة
في سوريا يكون بالسماح بزيارة المناطق
دون عراقيل. لدي انطباع، منذ أن زرت سوريا لأول مرة
قبل ما يفوق ثلاثين عاما، بأن الشعب
السوري مستقل معتزّ بنفسه ويرحب
بالأجانب. وغالبية السوريين الذين
أعرفهم لا يريدون تدخلا أجنبيا، وهذا
ليس ما تنتهجه بريطانيا. لكنهم يريدون
أن يعرفوا بأن سائر العالم يقف إلى
جانبهم في صراعهم الحالي السلمي لأجل
الحصول على نفس الحقوق والفرص
الأساسية التي يتمتع بها الشعوب في كل
مكان، والتي يطالب بها حاليا شعوب
المنطقة. * السفير البريطاني في دمشق ====================== باتريك سيل * صحيفة الحياة 24/6/2011 سيشعر كل من يحلم ويسعى إلى «تغيير النظام»
في سورية بالإهانة بعد سماع خطاب
الرئيس بشار الأسد يوم الاثنين
الفائت، في 20 حزيران (يونيو). يريدون
إسقاطه من الحكم، هو والشخصيات
المكروهة المحيطة به التي كانت تمارس
أعمال القمع الوحشية للحركة
الاحتجاجية. لكنه لن يتنحى، بل ينوي
التمسُّك بالسلطة ومواصلة المواجهة. لم يتراجع الأسد في وجه أعدائه السياسيين.
وفي الحقيقة، لم يكن الخطاب موجهاً
لهم، إنما كان موجهاً إلى «الأكثرية
الصامتة» في سورية التي، أو هذا الذي
لايزال يعتقده الرئيس، تتوق إلى الأمن
والاستقرار والوحدة الوطنية،
وتروِّعها، قبل كل شيء آخر، حرب طائفية
تستحضر النموذج العراقي. وشرح الرئيس أنه من أجل فهم طبيعة الأزمة
كان بدأ سلسلة لقاءات في الأسابيع
الأخيرة مع مواطنين من كل أنحاء البلاد.
وأراد الاستماع مباشرةً إليهم. أما
الاستنتاج الذي توصَّل إليه فكان وجود
عناصر مختلفة عدة في الحركة
الاحتجاجية. أولاً، كان ثمة أصحاب المطالب المشروعة
الذين أرادوا العدالة والديموقراطية
وفرص العمل، فضلاً عن إيجاد حلول
للمشاكل التي تراكمت طوال عقود من
الزمن، وكان يتعذَّر تجاهل مطالب هذه
الفئة. كان يعتزم التطرق إلى مطالبها
وهذا ما كان باشره، ولكن سرعان ما ظهر
الآخرون، الخارجون عن القانون، وأصحاب
الفكر التكفيري الذين تحدَّثوا باسم
الدين، والمخرِّبون والمتآمرون
والعملاء المأجورون لقوى خارجية. وتحت
غطاء الحركة الاحتجاجية، حملوا السلاح
في وجه الدولة! وقد استدعى هؤلاء المتآمرون، وفق خطاب
الأسد، التدخُّل الأجنبي. لقد شوَّهوا
صورة سورية ودمروا الممتلكات العامة
والخاصة. ولم يظهروا أي احترام لمؤسسات
الدولة أو سيادة القانون. وكان يستحيل
تطبيق أي إصلاحات مع هؤلاء المخرّبين. كما استخف بالحجج القائلة بأن سورية لا
تواجه مؤامرة. وأكد وجود مؤامرة، حيكت
في الخارج وتنفَّذ في الداخل. كيف
تفسِّرون إذاً الهواتف العاملة عبر
الأقمار الاصطناعية، والأسلحة
المتطوِّرة، والرشاشات الموضوعة على
مركبات، في أيدي أعدائه؟ لطالما شكلت
سورية هدفاً للمؤامرة. وكان يواجه منذ
فترة طويلة الضغوط للتخلي عن مبادئه. (ولا
شك في أنه كان يقصد في ذلك قناعاته
القومية العربية، وتحالفه مع إيران و»حزب
الله»، ومناهضته لإسرائيل والولايات
المتحدة). وأصرّ على أن سورية بحاجة إلى
تقوية مناعتها في وجه مؤامرات مماثلة. وفي خطابه المليء بالتحدي، لم يأتِ الأسد
على ذكر التجاوزات التي ارتكبتها
أجهزته الأمنية، كاستخدام الذخيرة
الحية دون أي رأفة ضد المدنيين، وقتل
ما يفوق الألف متظاهر، ونشر الدبابات
لمحاصرة المدن المتمرِّدة، وأعمال
التوقيف الجماعية وأعمال الضرب
والتعذيب، وفرار اللاجئين المروّعين
إلى ما وراء الحدود السورية، وهي قائمة
طويلة من الأعمال المثيرة للسخط لطّخت
سمعة سورية وجعلتها تستحق الإدانة
الدولية. ودعا الأسد اللاجئين الذي نزحوا إلى
تركيا للعودة إلى ديارهم، مؤكداً عدم
تعرضهم لإجراءات عقابية وأن الجيش
سيوفِّر لهم الحماية. إلا أن أولئك
الذين ذاقوا وحشية الجيش قد لا تقنعهم
تطمينات الرئيس. بيد أنه قدَّم التعازي
للأمهات الثكالى. وكان صلب الخطاب الذي ألقاه الأسد
تعبيراً عن تطلعاته إلى صياغة رؤية
جديدة لمستقبل سورية، معلناً أن
الإصلاح هو قناعته المطلقة. أما فكرته
الرئيسية، ومحور خطابه، فكانت إطلاق
خطة حوار وطني. وقد تم تشكيل هيئة خاصة
من أجل صياغة الترتيبات اللازمة لهذا
الحوار الشامل، الذي أمل بأن يحظى
بأكبر مشاركة ممكنة من أطياف الشعب. أما الغاية من ذلك فكانت إرساء منتدى يمكن
أن تُناقش فيه الإصلاحات السياسية
والاقتصادية الشاملة من أجل التمكُّن
من وضع مسودة قانون وإقرارها. ولا يصح
في رأيه القفز في المجهول لأن القرارات
التي تُتخذ الآن ستؤثر على سورية لعقود
عدة قادمة. سيخيِّب خطاب الأسد آمال كل مَن كان يأمل
بتحقيق إصلاحات فورية وواسعة النطاق.
لقد قدم الرئيس لشعبه جرعة من الكلمات
بدلاً من الأفعال. لكنه ذكر، في
المقابل، أن الانتخابات ستحصل في آب (أغسطس)
وأنه من بين مسودات القوانين التي
ستكون قيد المناقشة، ثمة قانون
انتخابي جديد، وقانون يتيح تشكيل
الأحزاب السياسية، وقانون إعلام،
وقانون يمنح سلطات أكبر للسلطات
البلدية، والحاجة إلى تعديل دستور
البلاد أو حتى إعادة صياغته بالكامل.
وبدا أنه يشير إلى إمكان إلغاء المادة
الثامنة الشهيرة من الدستور التي تمنح
حزب البعث الدور الريادي في الدولة
والمجتمع. قد يبدو تنفيذ هذه القرارات مهمة عسيرة،
إذ إن حزب البعث السوري، وبعدما احتكر
المشهد السياسي بدءاً من العام 1963،
تحوَّل منذ هذه الفترة إلى حزب متحجِّر
وستاليني، وبات عاجزاً على الأرجح عن
مشاركة السلطة مع أحزاب أخرى. ويلوح
بالتالي المزيد من المعارك في أفق
سورية. وبدا الرئيس الأسد مراعياً لمشاعر
الآخرين ومتحدثاً حتى بنبرة تصالحية
مع الجميع باستثناء أعدائه المتطرفين.
ولم يبدُ بتاتاً زعيماً يكافح
للاستمرار في تأدية دوره. وحتماً، زاد
رصيد الأرباح على رصيد الخسائر في
حسابه الشخصي. فهو يدرك أنه لن يتعرض
لتدخل عسكري أجنبي، فبعد تجربة ليبيا،
لن تُقدم أي قوة غربية حتى على البحث في
هذا الاحتمال. لقد انضم بعض الجنود
حقاً إلى الثوار، ولكن لم يُسجَّل أي
انشقاق كبير في الجيش أو الأجهزة
الأمنية، أو في النظام نفسه. وقد حُجبت
عن الأنظار، بعناية كبيرة، أي خلافات
أو خصومات قد تكون نشأت في الدائرة
الحاكمة. وهو يعلم أنه طالما ستبقى هذه
الأجهزة موحَّدة، سيكون من الصعب، لا
بل من المستحيل، للمعارضة أن تطيح به. في الأمم المتحدة وخارجها، تحظى سورية
بحماية روسيا، القلقة ربما إزاء
قاعدتها البحرية في طرطوس، والتي ترى
أن الأزمة السورية لا تشكل أي تهديد
للسلام والأمن الدوليين. كما أن الصين
والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل تقف
جميعها إلى جانب سورية. وفي الداخل، لن
تواجه البلاد موجة جوع، حيث تقدَّر
محاصيل القمح هذه السنة بنحو 3.6 مليون
طن، ولم يتأثر تصدير النفط والغاز حتى
الآن. ولكن، على صعيد رصيد الخسائر، فقد انهارت
السياحة، واستُنزفت الاستثمارات
الوافدة، وتُقدَّر تكاليف زيادة رواتب
موظفي الحكومة التي أصدر الأسد
مرسوماً بشأنها بنحو بليون دولار
سنوياً، ما يدفع بالعجز الحكومي إلى
مستويات مرتفعة خطيرة. وإن طالت
الأزمة، ستكون سورية بحاجة إلى ضخ
سيولة من مصدر ما. ولا يجب أن ننسى العامل الذي يتعذر التنبؤ
به. ماذا يحصل لو تواصلت الاحتجاجات
وزادت حدةً وعنفاً؟ هل ستبقى الطبقة
الوسطى من التجّار، التي تشكل عِماد
النظام الحاكم، مخلصة ووفيّة له؟ هل
سيتمكن الاقتصاد من التصدي للضغوط
التي سيرزح تحتها؟ وماذا يخبئ يوم
الجمعة المقبل لسورية؟ اتصلت بي هذا الأسبوع عبر الهاتف شخصية
سورية بارزة مقرَّبة من النظام،
واستشاطت غضباً قائلةً إن «إدانة
الغرب لسورية هي مجرد رياء ونفاق.
سيسعى كل نظام في العالم إلى تدمير
أعدائه. هل سبق لك أن سمعت بمكان يُدعى
أبو غريب؟ أو بمئات الآلاف الذين قتلهم
الأميركيون في العراق؟ أو بمجازر
إسرائيل في غزة؟ أو بالفلسطينيين
العشرة آلاف القابعين في السجون
الإسرائيلية؟ إذا كان بمقدور الولايات
المتحدة وإسرائيل الإفلات من أعمال
القتل والتعذيب على نطاق واسع، لماذا
يتعذر علينا ذلك؟ هم يزعمون أنهم
يقومون بأعمالهم دفاعاً عن النفس،
وهذا ما نفعله نحن أيضاً!» يبدو أن الخروج عن الشرعية واحتقار
الحياة البشرية ينتقلان بالعدوى. * كاتب بريطاني متخصص بشؤون
الشرق الأوسط =========================== إيران: حماية أسوار دمشق
دفاعاً عن بيروت وطهران إيلي شلهوب صحيفة الأخبار 2011/06/24 كعادتها عند كل منعطف، تتحرك طهران
مباشرة على مستويين: الأول، ميداني
عملي يستهدف احتواء ما يجري والحد من
تداعياته والسعي إلى الاستفادة منه.
حراك يصعب على المرء أن يراه وإنما
يشعر بنتائجه، وخاصة لدى الحلفاء
والأصدقاء الذين تجهد طهران لحمايتهم
عند تعرضهم لخطر، أو تطلب عونهم إن
احتاجت إليه. لا تبخل عليهم ولا يبخلون
عليها. في النهاية، كل مكسب يتحقق مكسب
لمعسكر المقاومة كله، وكل خسارة خسارة
له. أما الثاني فنظريّ، يستخدم المعلومات
الاستخبارية المتوافرة لرسم صورة
شاملة وقراءة مكتملة يعود ويستخدمها
دليلاً عاماً لحركته الميدانية. هذا
كان ديدنها مع متغيرات المنطقة التي
بدأت «ثورات» في تونس ومصر وتحوّلت «حرب
استنزاف» في ليبيا واليمن قبل أن تصبح
«ثورة مضادة» في سوريا، حيث الهدف
الأساس، على ما تراه الجمهورية
الإسلامية، ضرب المقاومة الإسلامية في
لبنان. على الأقل، هذا ما تفيد به مصادر إيرانية
قريبة من أروقة صناعة القرار في طهران
ترى أن «كتف المقاومة (إيران) ثابتة
كالصخر، وقبضتها (حزب الله) فولاذية،
لذلك يتركز الاستهداف على سوريا،
الكوع الطري للمقاومة. من هنا، نرى أن
المقصود في استهداف سوريا هو حسن نصر
الله، وليس بشار الأسد. هي عملياً
محاولة لتوظيف الفضاء العام لربيع
الثورات العربية في ثورة مضادة تكون
زمام المبادرة فيها للخارج وليس
للداخل، بدأت من لحظة الشروع
بالسيناريو الليبي». وتؤكد هذه
المصادر «أننا لن نسمح بكسر كوع سيد
المقاومة. بالنسبة إلينا، الدفاع عن
أسوار دمشق هو دفاع عن أسوار بيروت
وطهران»، مشددة في الوقت نفسه على أن «ذلك
لا علاقة له بعملية الإصلاح والحراك
الداخلي السوري. عملية كهذه شأن داخلي
محض تقرر آلياته القوى السورية مجتمعة
في الدولة والمجتمع». وتضيف «من هنا،
فإننا لن نتدخل أبداً في ما يجري بين
المعارضة والموالاة. لكننا سنتدخل
بحزم ضد من يريد أن يوظف الحراك السوري
باتجاه قرصنة ربيع الثورات العربية». وتتحدث هذه المصادر باستفاضة عن الدور
التركي في هذا السياق، كاشفة عن أن
طهران هددت تركيا بأنها «إذا جعلت
أرضها مقراً لاستنساخ السيناريو
الليبي على الحالة السورية، فإن
القوات المسلحة الإيرانية ستقصف
القواعد الأميركية وأي وجود أطلسي على
الأراضي التركية. الرسائل الإيرانية
لتركيا لم تكن أقل حزماً على مستويي
الخارجية والأمن، والتحذير واضح:
إياكم والوقوع في الفخ الغربي في سوريا».
تهديدات بلغت أوجها مع معركة جسر
الشغور في الشمال السوري. «من هنا كبح
الأتراك اندفاعهم في السيناريو الذي
كان معدّاً للحالة السورية»، وبينه
منطقة عازلة وتدخّل أطلسي. ومع ذلك، تشير هذه المصادر إلى أن علاقة
إيران بتركيا «لم تتأثر سلباً على
المستوى الاستراتيجي، لكن الأتراك
منزعجون جداً من الضغط الإيراني عليهم».
وتوضح، في تفسيرها لحراك أنقرة حيال
الملف السوري، أن «التركي مستعجل. يطمح
الى أن يؤدي دوراً إقليمياً كبيراً من
دون أن ينتبه إلى أن الأحجام والأدوار
في الافئدة والقلوب، لا تأتي بالرغبات
ولا تُشترى ولا تُستأجر، بل تأتي بالدم
ومجبولة بالمعاناة والمثابرة على
المواقف لعقود». تضيف «الدليل على ذلك
أن مصر، رغم موقعها الاستراتيجي
المهم، بمجرد أن وقعت في أيدي آخرين لم
يثابروا على المواقف تحولت إلى شيء
أشبه بالصفر، على مستوى الحجم والدور.
التركي فكر على ما يبدو أنه بوابة
أوروبا إلى الشرق ويمتلك غطاءً
أطلسياً ومساحات شاسعة من الأراضي
والإمكانات. هذا وحده لا يكفي، يجب أن
يثابر على مواقفه التي بدأها في دافوس،
مروراً بقضية السفينة مرمرة وما إلى
ذلك». وفي حديثها عن تركيا، تلفت هذه المصادر
إلى وجود بعض سوء التقدير لدى أنقرة
حيال عدد من المسائل، بينها «حقيقة
لجوء عشرات آلاف الأكراد من خارج سوريا
إلى الشمال السوري في أعقاب غزو العراق.
هناك حاولوا تكريد شريط موازٍ للحدود
مع تركيا عبر العمل على طرد المسيحيين
وتهجيرهم في محاولة لإقامة منطقة تصل
حتى البحر المتوسط، على أمل أن تكون
منفذاً على البحر لأي دولة كردية
مستقبلية. هناك قلق إيراني وسوري من
هذا الأمر، واعتقاد بأن جسر الشغور ليس
سوى مشروع إقليمي بإدارة كردية ورعاية
أميركية، شيء شبيه بإمارة تلكلخ.
التركي يستهين بهذا الموضوع، ظناً منه
أنه قادر على استخدامه مع أوروبا وفي
الانتخابات وما إلى ذلك». وفي تعليقها على ما يشاع منذ مدة عن توافق
ضمني أميركي مع «الإخوان المسلمين»
تتصدره تركيا في محاولة لبناء أنظمة
قائمة على تحالف الجيش مع الإسلاميين
في العالم العربي، تقول هذه المصادر «إننا
لا نرى هذا الكلام دقيقاً. ليس هناك
إخوان بمعنى الحركة المتجانسة، بل فرق
متعددة يمكن إحداها أن تكون في هذا
المناخ، لكنه ليس مهيمناً». وبالحديث عن مصر، تقول المصادر نفسها إن
ما حصل في هذا البلد أن «طاغية وعصابة
أكلت اللحم المصري الحي وكانت تكسر
هيكله العظمي. ثورة يناير أو 11 شباط
أوقفت التآكل الذي كان يحصل وأخرجت مصر
من الحضن الإسرائيلي. نحن مرتاحون.
الآن مصر تعيد ترميم هيكلها العظمي،
وعندما تكتسي لحماً وجلداً وتستعيد
عافيتها، عندها سنجلس وإياها كفؤاً
لكفؤ. لا نريد الآن إحراجها ولا
استعجالها على شيء هي ترى أن أوانه لم
يأت بعد. نتمنى ألا تطول هذه الفترة،
وفيها نستعيد علاقاتنا الطبيعية بمصر
التي تكون قد استعادت موقعها ودورها
المهيمن. لكن هذا قرار مصري بالدرجة
الأولى، وأي كلام عن عودة مصر سيكون
على حساب إيران أو التقليل من حجمها
ودورها، هذا كلام هراء لأن دور مصر
سيكون مكملاً للدور الإيراني». وفي قراءتها للتطورات الجيواستراتيجية
في المنطقة، تقول هذه المصادر «نعتقد
أن الغرب وصل إلى قناعة بأن المارد
الإيراني خرج من القمقم ولم يعد
بالإمكان إعادته إليه، وبالتالي هو
الآن يريد أن يضع حداً للتمدد
الجيواستراتيجي الإيراني. باتت اللعبة
محصورة بالإجابة عن السؤال الآتي: من
يمسك بالمنطقة: نحن أم هم؟». وتضيف «من
هنا، اعتمد الغرب استراتيجية ثلاثية
المراحل: وقف التمدد ومن ثم التحجيم
فالتهميش بعد أن يضمر النفوذ الإيراني
ويخف أثره إلى الحد الأدنى. كان هذا
الغرب يعتقد بأنه يكتفي بحصر الإيراني
داخل إيران، لكنه اليوم بات مقتنعاً
باستحالة ذلك، في ظل الأصابع
الإيرانية الواضحة في كل مكان، من
العراق إلى لبنان وفلسطين وأفغانستان
والخليج…». وتتابع «فات على الغرب أن
الأحجام والأدوار، كما أسلفنا، لا
تُباع ولا تُستأجر ولا تُهدى. إيران لم
تصبح على ما هي عليه بالصدفة. هناك مسار
غاب عنه البعض مثل مصر، فملأت الفراغ
إيران. انكسرت أميركا فملأت الفراغ
إيران. نجحت إيران في مواجهة ما، فأخذت
جائزة نفوذ أو دور…»، مشيرة إلى أنه «من
هنا جاءت مقولة أن ثورات الربيع العربي
هي استمرار للثورة الإيرانية. لم يكن
المقصود أبداً، كما فهم البعض، أننا
علّمناهم أو دربناهم أو أعطيناهم. هذه
إهانة للتونسيين والمصريين واستهانة
بالعقل الإيراني. ما عنيناه أنه،
ونتيجة للتحول الجيواستراتيجي
المتمثل بأفول النجم الأميركي وصعود
الإيراني، بدأ أبناء المنطقة يطرحون
أسئلة من نوع أن هذا الإيراني المشرقي
من عالم الجنوب فعل كذا وكذا ولم تتمكن
واشنطن من أن تفعل أي شيء معه. ما
ينقصنا لنقوم بالشيء نفسه؟ 30 عاماً
وأنظمتنا راكبة على أكتافنا، في وقت
انظروا ما فعله الإيرانيون». وتؤكد هذه المصادر أن «الولايات المتحدة
كانت تتوقع سقوط الأنظمة العربية
لأنها كانت تطلب منها أموراً كثيرة لم
تتمكن من تلبيتها. غدرته ثورتا تونس
ومصر. يومها شكّل خلية أزمة قبل أن
يفتعل حرب استنزاف في ليبيا واليمن
أراد منها التأكيد أن نزهة تونس ومصر
باتت الآن مكلفة جداً وقد تؤدي إلى
زوال دول». وتوضح أن واشنطن «أدارت
أزمة في تونس ومصر، وحرب استنزاف في
ليبيا واليمن، وقطعت (حسمت) في
البحرين، قبل أن تنتقل إلى المبادرة في
سوريا حيث وظفت كل ما هو قابل
للاستخدام. المرحلة الرابعة هذه هي
الأخطر وفيها الأميركي هو من يصنع
الحدث. وليس في ذلك استهانة بالشعب
السوري الذي لا شك في أن لديه مطالب
مزمنة». وتخلص المصادر إلى أن «ما حصل في تونس
ومصر شيء نحن معه ولن نسمح للأميركي
بأن يدخل على الخط. سنساعد المصري في كل
ما يريده منا. أما حرب الاستنزاف في
ليبيا واليمن فنعمل جاهدين على وقفها
والحد من أضرارها. أما القطع في
البحرين فنعالجه بالصدمة. الحوار
مقطوع مع السعودية ولا تسوية لا يقبل
بها الشعب البحريني. أرادوها (الأميركيون)
مواجهة إيرانية سعودية في البحرين قد
تتدحرج إلى حرب إقليمية وتدويل للملف
البحريني من أجل الاجهاز على المشروع
الإيراني. أرادونا أن نقع في فخ إرسال
قوات إلى البحرين فيبدأ النباح: الخطر
الإيراني أتى إلى صدوركم. لم نقع في هذا
الفخ بل تحركنا على أطرافه. استعرضنا
قوتنا في كل مكان. بوارج عبر قناة
السويس وغواصات في البحر الأحمر
وفتشنا سفناً، وغيرها أمور كثيرة مما
لم يُعلن عنه». وتضيف «كانت رسالتنا
واضحة للأميركي: لم نتدخل في البحرين
ليس لأننا خائفون بل لأننا كشفناك،
والدليل، هذه غواصاتنا في باب المندب.
وهذا تعبير عن حنكة ودراية وفطنة». وتتابع المصادر «قطعنا العلاقات مع
السعودية، لكننا عززناها مع سلطنة
عمان واستعدنا المبادرة مع الكويت. حتى
الإمارات، فقد أعادت قبل نحو أسبوع
سفيرها إلى طهران، بعد غياب دام نحو
تسعة أشهر. انتهى التردد الإماراتي
بتصريح للسفير أحمد الزعابي بأنه مصمم
على إقامة أفضل العلاقات مع إيران».
كانت طهران قد بعثت برسالة تهديد إلى
الإمارات، قبل فترة، أكدت فيها
للإماراتيين أن «عملكم مع السعودية في
مناطق تعدّ عمقاً استراتيجياً لإيران
سيكلفكم كثيراً». كذلك بعثت رسالة إلى
السعوديين أكدت لهم فيها «أخطأتم في
لبنان. أخطأتم في العراق. أخطأتم في
البحرين. عودوا إلى صوابكم». أما العلاقة مع قطر فهي «مجمدة بسبب
الانقلاب المفاجئ غير المبرر وغير
المقبول من البحرين إلى سوريا». وتضيف
المصادر «لدينا معلومات عن إشارات
خضراء من إمارات خليجية صغيرة
للأميركيين لتقسيم اليمن مقدمةً
لتقسيم السعودية لأن ذلك يريحها ويجعل
الخليج إمارات صغيرة متكافئة»، مشيرة
إلى أن توجهاً كهذا هو «استمرار لنهج 16
عاماً القائم على إضعاف العرب
الرسميين الذين كان خط الدفاع الأخير
عندهم مثلث الإسكندرية الذي جمع مصر
والسعودية وسوريا أيام الراحل حافظ
الأسد. مصر أضعفوها بالكنز
الاستراتيجي الذي يسمى حسني مبارك،
والآن بمحاولة مصادرة الثورة المصرية،
والسعودية من خلال اللعب باليمن عن
طريق الدخول على خط الثورة واستنزاف
القوى اليمنية الحيّة عبر إدخال
القبائل على الخط وشق الجيش ومنع تكريس
إنجازات الثورة الشبابية بانتقال سلس
للسلطة، والآن جاء دور سوريا». وتتابع
«هي إمارة تعتقد أنها بالمال والإعلام
وطموح الزعامة والحماية الأميركية
تستطيع أن تشتري نفوذاً وتبدل في أحجام
الدول وأدوارها». ==================== وصفي قبها في ذكرى
ميلادك ....فرج الله كربك بقلم/ فؤاد الخفش كاتب وباحث مختص في شؤون الأسرى
الفلسطينيين موقع اسرانا الفلسطيني 19/6/2011 مئات التهاني والتبريكات زينت صفحة
الوزير الأسير وصفي قبها على صفحة
الفيس بوك الخاصة به في ذكرى ميلاده
الموثقة في المعلومات الخاصة به
وتمنيات من شباب تعرف على الوزير وعشقه
بالفرج العاجل ودعاء لا ينقطع بعودته
سالما غانما لشعبة وأسرته وكل محبيه وفي ذات الوقت صفحات تضامن لا عد لها تعلن
تشكيل صفحات تضامن مع السيد الوزير
المعتقل محبوب الشباب وصوتهم المختطف
في سجون الاحتلال مع دعوات لتوحيد
الصفحات بصفحه حتى لا تضيع الجهود ولا
تتبعثر التضامنات وهو اقل ما يمكن
تقديمه للأسير الوزير وصفي قبها لم تكن ليالي المهندس وصفي قبها بالليالي
الهادئة .. فهاتفه النقال لا يتوقف عن
الرنين طوال النهار والليل يستقبل
الاتصالات من قبل المظلومين في الضفة
يبثون له همومهم ويسألونه عن حالة
الحال ومن غيبوا قسراً في السجون ومن
يتعرضون للأذى والمضايقات ، وعلى
الدوام يجيب على الاتصالات ويبث الروح
في قلوب من اتصل تارة ، ويعد بمتابعة
قضيه أخرى تارة ، ويتحدث عن تصوره
ويقدم النصح فهو حال من كان نبضه نبض
الناس . ولكن ليلة 10/6 من هذا العام لم تكن ليلة
عادية للمهندس الذي اعتاد الأسر
والاختطاف ، بل كانت ليلة بدّد صمتها
بساطير المحتل وأصوات صراخهم بأن اخرج
وارفع يديك فعصبت عيناه ، وقيدت يداه
الطاهرتان وتم انتزاعه من بين أطفاله
حاملاً بيديه كيس الدواء ومتمتماً
ببضع كلمات استودع خلالها الزوجة
والولد لمن لا تضيع ودائعه . مضى أبو أسامة إلى حيث اعتاد أيمضى وإلى
المكان الذي ما إن يخرج منه حتى يعود
إليه ... السجن ولكن شتان ما بين سجين
وسجين فأبو أسامة الذي حول سجنه إلى
مكتبة يكتب فيها سير الرجال ويوثق كل
صغيرة وكبيرة ويمضى الساعات يستمع
للشباب عن تجاربهم وعن بطولاتهم يقدم
الرشد تارة ويشيد بالنجاحات أخرى
ويصوّب البوصلة تارة أخرى فهو في سجنه
وخارج سجنه شعلة لا تنطفئ وروح لا تخمد
. لا أعلم في ما حصت ذاكرتي رجلاً بصفاته
وجلده على العمل وعدم تمكن التعب من
جسده ، رجل لا يكلّ ولا يملّ من
الاستماع للآخرين والتواصل مع الآخرين
، جاب الضفة من شمالها لجنوبها يهنئ
هذا بالإفراج ويستقبل هذا من على باب
السجن ويقدم واجب العزاء لآخر ، ويهنئ
عريساً بالزفاف ، وكلهم من شريحة
الشباب ليسوا أصحاب نياشين ومسميات . رجل الضفة وصقر الضفة مسمّيات أطلقها
الشباب عليه عبر الفيس بوك ، ومنهم من
شبهه بالرنتيسي رحمه الله الذي كان لا
يخشى في اللومة لائم ، حاد وقت أن يحتاج
الأمر إلى حدة ، وجادّ اذا ما اقتضت
الضرورة لذلك ، لا يستطيع أن يتحمل
تقصير من يجب أن لا يقصر ، فتراه ينتقد
المقصرين ويحثهم على الوقوف عند
مسؤولياتهم ، وكان على الدوام يردد :
ليغضب من يغضب، المهم أن نرضي الله
ونراعي الله فيما استأمننا الناس عليه
. كنت على الدوام أطلب منه أن يخفف من
تصريحاته حتى لا يعجل في اعتقاله فكان
يجيب لست أنا من أخشى السجن أو السجّان
لست أنا من أخذل من يتصل بي ويتواصل معي
طالباً المساعدة ، لن أكون نسخة مكررة
عمّن يرن هاتفه الجوال أياماًَ وليالي
دون أن يتصدع بالرد وأقسم أن أبقى صوت
المظلومين في الضفة وقد كان كذلك
والجميع يشهد . قوة الرجل كانت تكشف ضعف الآخرين ، الأمر
الذي كان يزعج البعض ، ومطالبته بالصدح
في الحق والتعليق على الأحداث كانت
تغضب البعض الذي يدعي الحرص على عدم
توتير الأجواء مرة أو قلة الحيلة مرة
أخرى فكان وصفي قبها الحاضر في كل
مناسبة والمعلق على كل حدث والمستنكر
لكل شانئة . وصفي قبها كما قلت في يوم من الأيام نوع
فريد من الرجال يأبى أن يتحرك أي مشوار
أو مكان على حساب الآخرين أو من
الميزانية العامة فقط من ماله الخاص
وبماله الخاص يتحرك والكل يشهد بما
أقول ، لم يأخذ في يوم من الأيام بدل ما
كان يقوم به من المال العام ، وكان يقول
لزوجته الله سيبارك لنا في مالنا الذي
ننفقه في سبيل الله . بعد توقيع اتفاقية المصالحة وبعد حديثه
المتكرر في الإعلام بضرورة احترام
الاتفاق وتطبيق بنوده ، علم أبو أسامة
أن أيامه خارج السجن باتت معدودة ، ومع
المساء كان يجهز نفسه لاحتمالية
الاعتقال وما أصعبها من لحظات تلك التي
يجلس فيها الإنسان ينتظر مصيره ، وأي
مصير ، السجن والبعد عن الأهل
والارتماء في أحضان الزنزانة في هذا
الصيف اللاهب ولكنها الطريق . نعم الطريق التي اختارها أبو أسامة يعلم
أنها محفوفة بالشوك بالدم بالرماح
ولكنه الدرب الذي عشقه قبها خادم
الأسرى وصوت المظلومين في الأرض . سيدي وصفي قبها أعلم أنك تعلم محبة الشباب
لك وتقديرهم لك فأنت خيارهم في كل
المدن لذلك لم يكن مستغرباً أن ترشحك
خمس محافظات بشبابها وقادتها لتمثيلها
بالحكومة القادمة فهذا جزء من الوفاء
والحب والتقدير من قبل هؤلاء الناس
الذين وقفت بجوارهم في الشدة ووقت
اشتداد الخطب وتخلي القريب والبعيد . سيدي وصفي قبها أعلم أيضاً مدى انزعاجك من
بعض الأصوات التي لا يعجبها الصدق
والصراحة في قول الحق ، ولكني أقول لك
كما علمتني: فقط من هم في المقدمة
يُنتَقدون ، فقط العاملون هم من يوجه
لهم النقد هل رأيت أحداً يركل جيفة
ميتة ، وإن للنجاح ضريبة يدفعها فقط من
ينجحون ، فماذا عسانا نفعل مع (الطفيليات)
التي لا ذكر لها إلا في الفتن . نعلم أخي أن أيامك في سجنك لن تكون قصيرة
ولكننا على يقين أنك ستنجز خلالها
الكثير من الأعمال التي سيسعد بها كل
محبيك وسيغاظ منها كل من كرهوا صراحتك
وقوتك يا محبوب الشباب وصقر الضفة وسيد
فلسطين . =========================== العرب 25/6/2011 ياسر سعد سوريا تختلف عن غيرها، هذا ما قاله بشار
الأسد لصحيفة «وول ستريت» الأميركية
تعليقا على الثورات في مصر وتونس. وفي
هذه لم يبتعد عن الحقيقة، فسوريا التي
ترزح تحت حكم الأب والابن منذ أكثر من
أربعة عقود تميزت عن غيرها بازدواجية
صارخة في الخطاب وبباطنية سياسية حادة.
فالهزائم تتحول إلى انتصارات،
والكوارث إلى إنجازات، كما أن تدمير
الوطن وتمزيق المجتمع وإهانة المواطن
تجعل من صانعيها أبطالا بل ترفعهم إلى
مصاف الأوثان ليسجد لهم الأتباع
ويفدوهم بالدماء والأرواح. ولأن قدر
سوريا أن تتعرض للمؤامرات بحسب بشار
ومن قبلِه والده، وحتى لا أتهم بأني
جزء من هذه المؤامرات، سأنقل حرفيا ومن
موقع وكالة الأخبار السورية الرسمية «سانا»
مقتطفات من خطب بشار الثلاث يصف فيها
سوريا وأحوالها وأهوالها، مع تعليق لي
موجز ما بين الأقواس. • معظم الشعب السوري لديه حاجات لم تلب
وكنا نختلف ونتناقش وننتقد لأننا لم
نلب حاجات الكثير من المواطنين (تعاني
الأغلبية من نقص في حاجاتها الأساسية). • نستطيع أن نؤجل بيانا يصدره حزب, نؤجله
أشهرا أو سنوات ولكن لا نستطيع أن نؤجل
طعاما يريد أن يأكله طفل في الصباح.
نستطيع أن نؤجل أحيانا معاناة معينة قد
يسببها قانون الطوارئ أو غيره من
القوانين أو الإجراءات الإدارية التي
يعاني منها المواطن ولكن لا نستطيع أن
نؤجل معاناة طفل لا يستطيع والده أن
يعالجه لأنه لا يمتلك الأموال والدولة
لا يوجد لديها هذا الدواء أو هذا
العلاج. وهذا شيء نتعرض له بشكل مستمر (هناك
معاناة إنسانية مستمرة لقطاعات من
المواطنين والدولة عاجزة عن حلها). • الأمور لدينا تسير ببطء. • القضية قضية روتين وإهمال وقضية تأخر
وبطء (فشل في الإدارة). • هناك فجوة بدأت تظهر بين مؤسسات الدولة
وبين المواطنين (اعتراف بانقطاع الصلة
بين النظام والجماهير). • المواطن بحاجة إلى خدمات. بحاجة إلى أمن.
وبحاجة إلى كرامة (نقص في الحاجات
وانتهاك للكرامات). • الكرامة لا تعني بالضرورة أن يهان
الشخص بشكل مباشر من قبل شخص آخر في
الدولة أو خارج الدولة وإنما قد تعني
إهمال المواطن. قد تعني تأخير معاملة
له في دائرة. قد تعني طلب الرشوة منه (الدولة
تتفنن في أساليب إهانة المواطن
المسحوق). • في القضايا التي تهم المواطنين وهي
كثيرة ولا مجال لحصرها وتعدادها.
المواطن يريد عدالة. يريد طرقاً. يريد
مياه. يريد تنمية. يريد صحة. يريد
تعليماً (الدولة غائبة في جميع
القطاعات ما عدا الأمني منها والقمعي). • لا شك أن البطالة هي المشكلة الأكبر
التي تواجهنا في سوريا (واحدة من
المشاكل الكثيرة). • إن المواطنين يتحدثون عن العدل
والعدالة. هم يريدون العدالة في توزيع
الدخل والثروة, وفي الوقت نفسه بين
المناطق وليس فقط بين الأشخاص. بين
المناطق كما قلت بين الريف والمدينة
وبين المدن الكبرى والمدن الصغرى.
ويريدون قضاء متطوراً (سوريا تعاني من
ظلم ومظالم وقضاء متخلف). • ولدينا مشكلة كبيرة في التعاون بين
الوزراء (سوء في الإدارة). • المهم أن يشعر هذا المواطن بمواطنيته
بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى (المواطن
يشعر بالغربة في وطنه). • عدد من الخارجين على القانون
والمطلوبين للعدالة بقضايا جنائية. قد
يكون السؤال ما عدد هؤلاء؟ أنا شخصياً
فوجئت بهذا العدد كنت أعتقد أنه بضعة
آلاف في السابق، العدد في بداية الأزمة
64 ألفاً و400 وكسور (رقم كبير يدل على خلل
اجتماعي وتقصير أمني، فالأجهزة
الأمنية مهتمة بالنواحي السياسية وليس
الجنائية). • دولتهم ابتعدت عنهم سواء ببعض السياسات
أم ببعض الممارسات. ولمست معاناة
مرتبطة بجوانب عدة. بعضها مرتبط
بالجانب المعيشي والخدمي وبعضها متعلق
بالمساس بكرامة المواطن أو بتجاهل
آرائه أو إقصائه عن المشاركة في مسيرة
البناء التي يعتبر هو غايتها وجوهرها (الدولة
بعيدة في الخدمات وقريبة في الإهانات
والانتهاكات). • أما الفساد فلمست الرغبة العارمة
باجتثاثه كسبب رئيسي من أسباب عدم
تكافؤ الفرص وافتقاد العدالة. وما
يولده من شعور بالغبن والظلم والقهر.
عدا عن تداعياته الأخلاقية الخطيرة
على المجتمع (من المفسدون ومن عينهم
ومن يحميهم؟). • ما أوجده الفساد في بعض الحالات من
تفرقة وتمييز غير عادل بين بعض
المواطنين على أسس ضيقة بغيضة. وهذا
بحد ذاته كاف لتقويض أشد الأوطان مناعة
(تفرقة وتمييز وتمزيق للوحدة
الاجتماعية). • فالفساد هو النتيجة لانحدار الأخلاق
وتفشي المحسوبيات وغياب المؤسسات
والتي بغيابها يغيب الضامن والحامي
للحالة الوطنية لتحل محلها الانتماءات
الضيقة (أخلاق منحلة ومحسوبيات متفشية
وغياب للمرجعية). • كما كان الوضع منذ عقود خلت عندما كانت
سوريا كرة لم تكن لاعباً (ازدراء
بتاريخ سوريا). • بالإضافة لاعتماد المعايير السليمة
لاختيار الكوادر وتقييم الأداء. أي أن
نمنع الوساطات. هناك إجراءات تمت. الآن
ألغيت حوالي 120 موافقة أمنية كانت
تعتبر جزءا من الروتين بالنسبة
للروتين أو الإجراءات الموجودة داخل
الدولة وفي الوقت نفسه فصلت العلاقة
بشكل كامل مؤخراً بين الأجهزة الأمنية
والمؤسسات المدنية (دولة أمنية من
الطراز الأول، تقتل الإبداع وتخنق
المواطن وتحوله إلى آلة مسكونة بالخوف
وتجيد التملق). • في السابق كان هناك نموذجان اشتراكي
ورأسمالي, الكثيرون يعتبرون أو
يعتقدون أن هذه النماذج نماذج سقطت.
اليوم لا يوجد أمامنا تجارب نأخذها كما
هي ونطبقها. لا بد من البحث عن نموذج
يناسب سوريا (بعد أكثر من نصف قرن من
حكم حزب البعث الاشتراكي وبعد أحاديث
عن المشاريع والإنجازات، تقف الدولة
السورية بقيادة الأسد تائهة حائرة
تبحث عن نموذج اقتصادي). هذا غيض من فيض، ومقتطفات من أحاديث لرئيس
نظام شمولي يصف الحالة المزرية التي
وصل إليها العباد والبلاد تحت قيادته
وقيادة والده من قبل. فهل يوافق المنطق
أن يقود الإصلاح (إذا افترضنا جدلا
الصدق في الطرح) من أدت قيادته إلى هذا
الدرك من الفساد والإفساد؟ وإذا كانت
هذه إنجازات الأسد، فلماذا يحبه
مواطنوه ويفدونه بالروح والدم إلا إذا
كان هذا الحب بالإكراه أو من زمر
المنتفعين والشبيحة وأدوات الموت
والقتل. النظام السوري عار على الإنسانية وعلى
العرب بفساده وقمعه وجرائمه. الانتصار
للشعب السوري المقهور في ثورته
لاسترداد حريته وكرامته وتطهير بلاده
من الفساد والمفسدين واجب إنساني
وأخلاقي. كما أن مساندة نظام الأسد
والوقوف معه تعد مشاركة له في جرائمه
وفساده ومظالمه. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |