ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الثّورة السوريّة:
الثّوابت والتطلّعات الاثنين 03 شعبان 1432 الموافق 04
يوليو 2011 د. عبد
الكريم بكار الاسلام اليوم لا نكاد نختلف في أن الثورة السورية قد
بلغت نقطة (اللاعودة)؛ إذ إنّ من الواضح
أن عزيمة الثّوار تزداد صلابة يومًا
بعد يوم، كما أن تنظيمهم لأنفسهم
ووعيهم بمطالبهم، في تحسّن مستمر،
ويقابل ذلك ضعف متزايد في قبضة النظام
على الحكم ونوع من الحيرة في مواجهة
المدّ الشعبي المتنامي. ويمكن أن أقول:
إنّ الإيجابيّات التي ولَّدتها الثورة
في نفوس السوريّين تفوق كل التوقّعات،
ولو أن عشرة آلاف مربٍ وموجِّه عملوا
على النهوض بالذات السورية عشرين
عامًا لما استطاعوا أن ينجزوا (5%) مما
أنجزته الثورة السورية المباركة، وهذا
على صعيد الوعي والتحرّر من ربقة
الطّغيان، وعلى الصعيد الروحي والخلقي
أيضًا، وأنا أعتقد أنه لم يمرّ على
السوريّين يوم كانوا فيه أفضل تلاحمًا
وتضامنًا، وكانوا فيه أقدر على
التضحية من هذه الأيام، والفضل في هذا
يعود أولاً إلى الله تعالى ثم إلى تيار
التغيير الجارف الذي يجتاح العالم
العربي هذه الأيام. ثوابت الثورة: الثورة السورية ليست ثورة من أجل التحرر
من الظلم والفساد وحسب، وإنما هي ثورة
من أجل البناء والتقدّم أيضًا، ومن ثم
فإن بلورة الثوابت بالنسبة إليها
تُعدّ مسألة في غاية الأهمية، ولعل من
أهم ما تبلور من ثوابت الثورة السورية
خلال الأشهر الثلاثة الماضية الآتي: 1 السلميّة: سلميّة الثورة وجنوحها إلى التظاهر
والاحتجاج، أي إنكار المنكر من خلال
القلم واللسان أهم ثابت من ثوابت
الثورة؛ فقد حرص الثوّار من أول يوم
على الإعلان عن أن حراكهم سلمي
بامتياز، ومازالوا يحتفظون بهذا على
نحو جيّد، وبما أن الثورة هي تيار
إصلاحي عريض جدًا، وليست تنظيمًا، فإن
من المتوقع في هذه الحال أن تحدث بعض
الحوادث الفردية التي لا تعكر المزاج
العام للثورة. إن بعض الناس لديهم
أسلحة فردية، ووجدوا أنفسهم أمام جند
يذلّونهم ويضربونهم أمام أطفالهم، ومن
الناس من وجد من اقتحم منزله وأخذ في
نهبه وسلبه، وبعضهم... فهؤلاء قد يلجؤون
إلى استخدام أسلحتهم للدفاع عن أنفسهم
وأموالهم، ومثل هذه الحالات لا شأن
للثورة بها، وإن كنّا نرجو أن يبقى هذا
عند الحد الأدنى مهما كان ممكنًا. 2 ثورة للجميع: الثّورة السورية ليست ثورة طائفة أو
منطقة أو حزب أو جماعة، إنها ثورة يقوم
بها السوريون جميعًا من أجل جميع
السوريين؛ فقد اكتوى كثير من الناس عبر
العقود الأربعة الماضية بنيران
الطائفية الممنهجة، وذاقوا مرارة
التعامل على غير أساس المواطنة، ولهذا
فإنهم ليسوا مستعدين لتكرار الخطأ
القائل الذي وقع فيه النظام، وأعتقد أن
الثوّار قد أكّدوا بكثير من الوسائل،
ومازالوا يؤكدون على (لاطائفية)
الثورة، ونحن نرجو أن يستمر هذا
المنهج، ويُرسَّخ، ولاسيما بعد أن
رأينا ويلات الطائفية في العراق
ولبنان... إنّ على الثوّار وقياداتهم
الفكرية والسياسية إرسال المزيد من
رسائل التطمين لكل الأقليات في البلد،
بأن الذي نريده ليس هدم نظام، بل إقامة
نظام جديد قائم على العدل وتكافؤ
الفرص، إلى جانب الرحمة والإحسان،
وتعزيز السلم الأهلي، والتعاون والنظر
إلى المستقبل بتفاؤل، ومواساة جراح
الماضي بأكبر قدر ممكن من التسامح. 3 رفض التدخّل الخارجي: كلّ الثّورات الأصيلة والعظيمة ومنها
الثورة السورية تعتمد في أدائها
وإنجازها على المكوّنات الداخلية،
وذلك لأنّ الثّورة لا تكون حقيقيّة
إلاّ إذا نبعت من معاناة الملايين
الذين يشعرون بالظلم والمهانة، وهذا
موجود بامتياز في الشام الجريحة، ولا
بد من القول: إن التدخّل المرفوض هو
التدخل المادي والعسكري، فالثوّار
يرفضون أي مساعدة تأتي من أي حكومة
أينما كانت، ومهما كان قربها من البلد،
أو بعدها عنه، لكننا جميعًا نرحِّب
بالدعم المعنوي للثورة حتى تستكمل
مسيرتها، كما نرحب بالضغط السياسي
والأدبي على النظام كي يوقف آلة القتل،
ويعمل على إيجاد مرحلة انتقالية يعود
فيها الوطن المخطوف إلى أبنائه و أهله. إنّ الثوّار في سورية يملكون كل
الإمكانات والمؤهّلات لجعل ثورتهم
مُلهِمِة لكثير من دول العالم، وهم
ماضون في هذا، وإنّ المطلوب من جميع
المثقفين المساعدة على ذلك؛ فعالم
اليوم في أمسِّ الحاجة إلى النماذج
الإصلاحية التي تحقق النجاح المأمول
بأقلّ تكاليف ممكنة. والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا
يعلمون. ================== الياس خوري 2011-07-04 القدس العربي في مظاهرات جمعة
'ارحل'، التي لم نستطع رؤيتها الا على 'الفايس
بوك' او من خلاله، اتخذ المشهد الشعبي
السوري نصابه. فعشرات الألوف الذين
احتلوا شوارع حماة وحمص ودير الزور
ودمشق وحلب وادلب ومعرة النعمان،
صنعوا فرح الثورة واعراسها. صحيح ان
الدم سال في حمص ودمشق، لكننا رأينا
ايضا الوان الثورة. فالثورة ليست غضبا
فقط، انها الفرح بالتعبير والتواصل
والتحرر. كان لا بد من ثلاثة اشهر من
العذاب والدم، من قتل الأطفال وتشويه
جثثهم، من دوس وجوه الرجال بالنعال،
قبل ان تصير يد الشعب اقوى من يد القمع،
وترتفع الزغاريد ونستمع الى الحداء
الذي يعلن الابداع الشعبي ويصوغ لغة
الشعب التي تنتصر على لغة الاستبداد. في الأيام الاولى من الثورة السورية، حين
اصيب النظام بالجنون، ودخلت الدبابات
درعا، وداست اقدام رجال المخابرات على
الأجساد المكبلة في البيضة، كان
التظاهر اشبه بالأعجوبة. مع كل تجمع
صغير يتحدى آلة القمع الرهيبة التي
صنعها الديكتاتور كان يولد امل غامض
بأن الشعب سوف يكسر قيوده وينتصر لحقه.
كان املنا يتأرجح، بعدما غطت آلة القمع
الوحشية الشوارع بالدم. لكن، وبعد الدبابات التي اجتاحت درعا وتل
كلخ وجسر الشغور، فقد النظام حيلته، او
بدت ممارساته وكأنها تكرار ممل لمسلسل
الدم. فقد النظام كل احتمالات الخيال،
استخدم الكذب كبديل عن خياله الذي جفّ،
وتحول الى آلة مملة تكرر كلاما يتأرجح
بين الكذب الصريح عن امارات اسلامية
موهومة، والوعود الكاذبة التي لم يعد
يمتلك القدرة على الباسها اي صدقية. وبينما كان خيال النظام يجف كانت مخيلة
الشعب تتأجج، وولد جيل جديد من فناني
الشعب وصحافييه، سلاحهم الوحيد
هوالهاتف المحمول الذي سمح لهم بتصوير
المظاهرات وبثها لحظة وقوعها، ومعهم
تفتق الخيال الشعبي عن اشكال
لامتناهية من الأهازيج والهتافات
والشعارات، وامتلأت شوارع سورية بفرح
لم تشهده منذ اعوام طويلة. الشعب الذي يريد اسقاط النظام يريد ان
يتحرر ويشعر بوجوده كأفراد وجماعات.
جيل جديد يكتشف انه ليس اخرس، وان
الخرس فرض عليه ليس عبر تكميم الأفواه
فقط، بل عبر ابتذال اللغة. في المظاهرات تصالح الناس مع اللغة
العربية، واكتشفوا ان الكلمات تحمل
معاني محددة، وان الكلمة لها ثمن.
انزلوا كلمة حرية من مكانها في مقبرة
الكلمات التي صنعتها شعارات مرحلة
الكذب والرياء، واعادوا لها المعنى. في
كل هتاف يردده السوريون والسوريات
يعرفون وهم يلفظون كلمة حرية انهم
يتحدثون عن حريتهم، وان ثمن هذه الكلمة
باهظ، دفعه السوريون والسوريات في
معارك الاستقلال والتحرر من الهيمنة
الاستعمارية، قبل ان يدفعوه من جديد في
الثورة ضد الاستبداد وبهدف استعادة
المعنى والاستيلاء عليه من جديد. الثورة كفعل تاريخي تتجاوز المطالب
السياسية انها فعل انعتاق. شعب استعبد
اربعة عقود وطُرد من الحقل العام
وصودرت لغته، هذا الشعب يستفيق ليكتشف
وجوده وكرامته وحقه في الحياة. السياسة تأتي كاستكمال لهذا الانعتاق كي
تحوله الى نظم وقوانين واعراف ومؤسسات.
ولعل الثورات العربية كلها انطلقت من
هذا المعنى الانعتاقي العميق، قبل ان
تجد اشكالها السياسية الجديدة. خلال ثلاثة اشهر من الدم والاصرار
والبطولات الشعبية التي تشبه المعجزة،
حقق الشعب السوري الخطوة الأولى نحو
انعتاقه، وهو اليوم يفتح احتمالات
السياسة على التغيير الجذري. هنا يقع دور مثقفي المعارضة، في قدرتهم
على التأكيد على وحدة القوى ورفض
الوقوع في شراك النظام الحوارية. شرط
الحوار يتحقق في الشارع وعلى ايقاعه،
وكل كلام عن الاصلاح لا يبدأ بتحقيق
مطلب المعارضة في اسقاط الخيار الأمني
للنظام، وتفكيك آلة القمع، هو اضاعة
للوقت.وهذا ما فهمته النخب السورية
المعارضة، فالسياسة تأتي كي تستجيب
لفعل الانعتاق والتحرر الذي صنعته
الثورة السورية، وليس كمشروع تسوية مع
نظام فقد شرعيته واستباح كل الحرمات
وتلوثت يداه بالجريمة والدم. الثورة السورية هي في مرحلة بلورة قواها
وتأسيس بناها السياسية بالتناغم مع
شعب يواصل ابداع حريته. وهذا يعني ان
السياسة تبدأ حين يتحقق شعار الثورة
المركزي باسقاط النظام. الشعب صاغ
شعاره من الاخر ولا امكانية للعودة به
الى الوراء. اذا كانت الثورة هي انعتاق وحرية وتأسيس
جديد لمفهوم الوطن، فان السياسة لا
يمكن ان تبدأ الا من هنا. المرحلة الجديدة التي دخلتها الثورة
السورية لا تعني انها انتصرت، فقد تكون
في انتظارها تجارب اكثر صعوبة من
الماضي، وقد يدفع فقر الخيال وانعدامه
بالنظام الى ارتكاب المزيد من
الفظائع، وقد نكون امام صعوبات كبرى
على الثوار اجتيازها بالتضحية
والصمود، لكن ما هو مؤكد ان ما صنعه
السوريات والسوريون خلال هذه الأشهر
الثلاثة المجيدة هو علامة كبرى في
تاريخنا المعاصر. الثورة تصالح الشعب
مع التاريخ، جاعلة من الشعب سيد
التاريخ وصانعه. ================= ربيع سورية.. عاصف وقصير
ومثمر! الايام الفلسطينية حسن البطل 5-7-2011 كان الحبيب بورقيبة يعشق حديقة من حدائق
صباه في باريس. على قبره الغريب أوصى
بكتابة موحية على الشاهدة: "هذا قبر
الحبيب بورقيبة، باني تونس ومحرر
المرأة".. وفي باريس، استحق الشاب
بوعزيزي حديقة باسمه، كما في بلاده
تونس الخضراء. بدأنا بتونس، لأنها بداية عدوى "الربيع
العربي" أدرك، أخيراً، سورية، وفيها
غوطة لا نظير لها، في عديد الاشجار
المثمرة وتنوعها، سوى واحتين في
العالم: إحداهما في ايران والثانية في
الولايات المتحدة. "لكل نهر مجرى وحياة" كما قال الشاعر
من الجليل، ومن ثم، لكل انتفاضة من
انتفاضات "الربيع العربي" مجراها
وحياتها. قبل اندلاع انتفاضة سورية،
حاجج رئيسها بخصائص بلاده، التي تدرأ
عنها العدوى التونسية - المصرية -
الليبية - اليمانية..الخ. حقاً، صدق الرئيس في الخصائص، وكذبته
العدوى بخصائصها، ومن أبرزها:
انتفاضات تونس ومصر واليمن اندلعت في
العواصم وساحاتها، لكن الحريق السوري
بدأ في الأطراف، ومن درعا الى قرى
الغوطة وبلداتها، مثل بلدة دوما التي
هي عاصمة الغوطة الشرقية، ثم سرت نارها
الى أقصى البلاد في جسر الشغور وإدلب
والجزيرة السورية. أي من "الحقول" الى "حواكير"
المدن الكبرى.. ومن ثم وصل الحريق الى
"الدار": دمشق الشام وحلب. أسيوط
وأسوان ودمياط بقيت هادئة نسبياً،
وكذا صفاقس ونابل والمونستير، بينما
انتشر حريق الانتفاضة السورية شاملاً
البلاد كلها تقريباً.. ووصل ذروته الشعبية في مدينة النواعير
حماة بالذات، حيث خرج لشوارعها عدد من
المحتجين تراوح تقديره بين مائة ألف
ونصف مليون مواطن، اي بحجم مصري قياساً
لعديد سكان سورية الى سكان مصر (23
مليوناً و80 مليوناً على التوالي). سورية فتية بشبابها أكثر من مصر وتونس
وليبيا.. ربما، وقد تضارعها اليمن في
فتوة المجتمع، ومن ثم فما هو مختلف في
بعض خصائص الانتفاضة السورية نجده
مؤتلفاً في بداياتها الشبابية. أذكر أن
سكان سورية كانوا 3,5 مليون لما كنت على
مقاعد الدراسة الابتدائية في دوما
أوائل خمسينيات القرن المنصرم، بينما
كان سكان مصر آنذاك، حوالي 23 مليون
نسمة. الجيش كان أداة القمع في سورية، خلاف مصر
وتونس، لأنه جيش النظام البعثي -
العقائدي - العروبي من حيث المبدأ،
ولأن "خدمة العلم" العسكرية
إجبارية كما في مصر، لكنه لم ينشق
عميقاً على نفسه كما في ليبيا واليمن.
جيش مصر جيش البلاد. الى ذلك، لا يمكن عقد مقارنات بين الحزب
الحاكم في تونس ومصر والحزب الحاكم في
سورية، لأنه "حزب قومي" من حيث
العقيدة والمنشأ، وإن استحال خلال
أربعين سنة حكم الى ما يبدو "حزب
الطائفة"، خلاف الحزبين في تونس
ومصر - والاحزاب القبائلية في الجيش
والمجتمع في ليبيا واليمن.. وليبيا
تبقى حالة حزبية عربية خاصة (القذافي
قال: من تحزّب فقد خان!) ربيع تونس ومصر كان قصيراً لا يتعدى
الاسابيع. تغيّر رأس الحكم، وتم حلّ
الحزب الحاكم، وسيكون الانتقال إلى
الديمقراطية طويلاً وخطيراً (قيادي في
"تضامن" البولندية قدره بعشرين
سنة في الأقل).. لكن، في تونس ومصر
وسورية إرث ليبرالي قديم. بعد ثلاثة شهور دامية من اندلاع
الانتفاضة السورية، حصلت نقطة
الانعطاف والتحول، بانضمام "مجتمع
المثقفين" إلى "مجتمع
البورجوازية" الشامية والحلبية
لمطالب الانتفاضة، وهي: دولة مدنية
تعددية ديمقراطية. التعددية هنا ليست
حرية تشكيل الاحزاب فحسب، لكنها
مشاركة قوميات وطوائف الشعب السوري. قلتُ، ربما عن حق، إن سورية دولة عربية..
ولكنها ناطقة بالعروبة، خلاف الدولة -
الامة المصرية، وهي تعددية قومياً
ودينياً وطائفياً خلاف دول شمال
افريقيا العربية، مثلها مثل العراق
ولبنان. سورية أقرب إلى "ساحة عربية" وليس
صدفة نعتها من حزبها الحاكم "القطر
العربي السوري"، وعلاقتها بجيرانها
العربيات و(العراق، لبنان، فلسطين
والاردن) ليست كعلاقة مصر وتونس واليمن
بجيرانها، ومن ثم، فإن "العظة"
العراقية واللبنانية (والفلسطينية)،
من حيث حروبها وخرابها لها وقع خاص في
سورية، ودافع قوي لعدم شرب كأس
الاحتراب الداخلي المريرة: "واحد..
واحد الشعب السوري واحد". التراث العلماني في سورية وتونس لن يطوي
أشرعته بسهولة، والمجتمع السوري أقل
محافظة من نظيره المصري.. وبالتأكيد
الليبي واليمني. سيكون ربيع سورية صاخباً وقصيراً، لكن
هذا البلد مرشح للانتقال إلى
الديمقراطية أسرع من بقية بلدان
الربيع العربي. =================== آخر تحديث:الثلاثاء ,05/07/2011 علي الغفلي الخليج تشير التجارب التاريخية إلى أنه على
الرغم من إمكانية أن تستمر أنظمة الحكم
السلطوية سنوات طويلة، إلا أن الحقيقة
هي أنه لا توجد طريقة ذكية لاستدامة
أنظمة حكم الاستبداد السياسي إلى
الأبد . قد يتمكن النظام المستبد من أن
يصمم الترتيبات المؤسسية والمجتمعية
بقصد تعزيز قدرة مؤسسات وممارسات
استبداد السلطة وطغيان الحكم على
الاستمرار رغم إرادة ومصالح الشعب،
ولكن ما تلبث أن تظهر التناقضات
المستفحلة بين مؤسسات نظام الاستبداد
من جهة، وهياكل وقوى المجتمع من جهة
أخرى، وتتضح استحالة التوفيق بينهما،
فتبرز الحاجة إلى التغيير والإصلاح في
مؤسسات الحكم، وحين لا يحدث ذلك بسبب
تجاهل النظام الحاكم أو مماطلته أو
تعنته يحدث الصدام بينهما في شكل
انتفاضة الشعب من أجل إصلاح النظام
السياسي وتغيير النظام الحاكم . وعلى الرغم من توفر بعض المنجزات التي
يمكن أن يتخفى خلفها حكم الاستبداد من
أجل أن يبرر المستبدون السياسيون
استمرار أنظمة حكمهم، أو أن يعتمدوا
عليها بغرض تأسيس جانب من شرعية أدائهم
في ظل الشكوك الجوهرية التي تكتنف
شرعيتهم الدستورية والسياسية، فإنه
سرعان ما تتساقط أقنعة المنجزات هذه،
فتظهر أمام الشعب مثالب الطغيان
وتجاوزاته غير مغطاة بأية ادعاءات من
الإنجازات الوطنية أو الإقليمية أو
الدولية . وفي الوقت الذي يمكن
الاعتقاد أن الحكمة تقتضي أن يكتفي
نظام الحكم المستبد بفترة معقولة من
ممارسة السلطة يقرر بعدها الانسحاب
بشكل سلمي أمام مطالب الشعب من أجل
صيانة جوانب الإنجاز المحدود التي
تمكن من تحقيقها، فإن الأمر المستغرب
أن أنظمة الحكم في كل من ليبيا واليمن
وسوريا تقرر التمسك بالسلطة حتى لو
اقتضى الأمر الاصطدام الدموي مع
شعوبها، إلى درجة تهدد بنسف انطباعات
وإنجازات إيجابية كان النظام قد نجح في
صياغتها خلال عهده . كانت قطاعات كبيرة من الشعب العربي تتلقى
التصريحات الثورية التي ظل العقيد
معمر القذافي يطلقها خلال العقود
الماضية ضد التدخلات الغربية في دول
العالم النامي بشكل عام والعالم
العربي بشكل خاص، وترى جماهير غير
قليلة في العالم العربي في تلك
التحليلات التقييمية التي استمر
القذافي يسهم بها علانية في المحافل
الدولية والإقليمية حالة استثنائية من
الشجاعة القيادية أمام الهيمنة
الغربية والعنجهية “الإسرائيلية” .
ويمكن للأفارقة والعرب احتساب دور
القذافي في بث روح التكاتف بين الدول
الإفريقية ضمن ميزان منجزاته، إضافة
إلى دوره المبكر بالتعاون مع الدول
العربية الأخرى في تقليص هيمنة شركات
النفط الغربية على هذا المورد العربي
الحيوي . بيد أن قدرة الزعيم الليبي على
الاستمرار في نيل التقدير الشعبي
العربي والأفريقي على أساس إطلاق
الأحكام بخصوص تحليل العلاقة العدائية
بين الغرب والعرب، أو العمل على
الارتقاء بالتعاون الأفريقي، أو
محاولة التعامل الندي مع القوى
العالمية قد تلاشت إلى حد كبير في
المرحلة الحالية، وذلك بعد أن لجأ إلى
استخدام منطلقاته الثورية سلاحاً من
أجل تقويض صدقية مطالب الشعب الليبي
بالإصلاح والتغيير السياسيين، وذلك
حين اتهم الثائرين ضده بالهلوسة
والإرهاب والخيانة، وسارع إلى مواجهة
شعبه بالآلة العسكرية المدمرة . لقد
خسر الزعيم الليبي سبب الاهتمام
الشعبي الوحيد بشخصيته وأفكاره
وتوجهاته، وذلك حين قرر أن يوظف رؤيته
النارية من أجل تبرير الطريقة الدموية
التي صار يعالج من خلالها ثورة الشعب
الليبي ضد نظام حكمه . كما كان دور نظام الرئيس اليمني علي
عبدالله صالح واضحاً في السعي إلى
المحافظة على الوحدة الوطنية اليمنية
بأي ثمن، وربما تمادى في فرض هذه
الوحدة وصيانتها ضد الأصوات
والمحاولات المطالبة بالتراجع عن
الشكل الحالي من الوحدة بين الشمال
والجنوب، وفي ظل تطلع الشعوب العربية
إلى تحقيق الوحدة السياسية بين كافة
الدول العربية فإنه كان بإمكان الرئيس
علي عبدالله صالح أن يقدم نفسه مثالاً
معاصراً في إنجاز الوحدة بين الدول
العربية، على الرغم من المثالب
التطبيقية المهمة التي تشوب هذا
المنجز . بيد أن نزعة الاستبداد بالحكم
طغت على حكمة الاعتناء بالمنجز
الوطني، وبدا الرئيس اليمني مهتماً
بالتمسك بالسلطة والبقاء على سدة
الرئاسة على حساب كل شيء، واستخدم
صرامته العسكرية التي فرضت الوحدة بين
شمال اليمن وجنوبه من أجل فرض انصياع
الشعب لمنطلقات وممارسات الاستبداد
السياسي التي تراكمت خلال ثلاثة عقود
من الحكم، وهو لا يعتبر كافة
الاضطرابات الخطيرة المسيطرة على
الساحة اليمنية ثمناً باهظاً من أجل
بقائه في السلطة . كما كان الشعب العربي يثني على صمود
الحكومة السورية أمام الضغوط الدولية
من أجل تقديم تنازلات استسلامية
للكيان الصهيوني في مسار مفاوضات
السلام بين الطرفين، ويلاحظ بإعجاب
عدم استعجال دمشق التوصل إلى أية تسوية
مع تل أبيب وتحليها بالأناة والتريث في
هذا الصدد . بيد أن صفات صمود الحكومة
السورية، وأناتها الاستراتيجية في
التعامل مع عملية سلام الشرق الأوسط،
وتريثها في خصوص عقد اتفاقات سلام غير
عادلة مع “إسرائيل”، والتي كانت في
مجملها صفات محمودة في ما يتعلق بمسألة
علاقة دمشق مع واشنطن وتل أبيب، لا
يمكن أن تعد صفات مقبولة على الإطلاق
حين يتعلق الأمر بمماطلة دمشق في تقديم
التنازلات السياسية أمام مطالب
التغيير والإصلاح التي لم يدخر الشعب
وسيلة في التعبير عنها خلال الشهور
الماضية . لقد خسرت الحكومة السورية
انطباعات الإعجاب الشعبي العربي
بمقاومتها الانجرار في مسار السلام
الاستسلامي مع تل أبيب، والسبب بكل
تأكيد يتمثل في تعنتها الدموي أمام
المطالب السياسية التي ينادي بها
الشعب السوري . لقد نقضت أنظمة الحكم في ليبيا واليمن
وسوريا غزلها، وخسرت أهم منجزاتها
الوطنية والإقليمية والاستراتيجية،
وذلك حين قررت أن تصطدم مع إرادة
شعوبها بقوة السلاح من أجل استدامة
بقائها في السلطة، واغتالت حاضر
مجتمعاتها، وعرضت مستقبل دولها لمصائر
كارثية، تهدد بتدمير كيانها من خلال
مخاطر الحرب الأهلية، والتمزق الوطني،
والتدخل العسكري الدولي . ================ ميشيل كيلو 2011-07-04 القدس العربي في الستينات من
القرن الماضي، كنا شبانا صغارا نعتقد
جازمين أن نجاح الثورة العربية يتوقف
على المظاهرة القادمة. كنا نقرأ كل
شيء، ونحاول معرفة كل شيء، ونؤمن أننا
يجب أن نكون أكبر من جيلنا وعمرنا، لأن
الثورة أمانة في رقابنا، وكذلك الحزب،
والطبقة العاملة، والوطن، والأمة، وكل
هذه الكلمات، التي كانت في حينه مقدسة
وسحرية. بالنسبة لنا، كان من المستحيل أن تكون هذه
الكلمات المقدسة خاطئة، وأن يكون من لا
يؤمن بصحتها مواطنا صالحا، إن كان
يعتبر مواطنا أصلا . بدورها، أضفت
القداسة طابعا سحريا على الكلمات،
بينما طبعت تفكيرنا وسلوكنا بطابع
لاعقلاني ومنجب للعنف، مفعم بنزعة
انفعالية عدوانية وقابلة للتفجر في كل
حين، يفسر التأثير الذي تمارسه كلمات
مماثلة لها اليوم عدوانية نفر قليل من
شباب إحدى 'التنسيقيات ' ضد من حضروا
مؤتمر المثقفين في دمشق، وما خاضه
هؤلاء ضدنا من حرب كلامية. في الستينات كان من الخطورة بمكان أن تشك
ولو بينك وبين نفسك في الحزب أو الأمة
أو الثورة، وأن تحاول تفكيك هذه
الكلمات أو مناقشتها، فذلك كان يعادل
قيام مؤمن بمحو آية عن جدران مسجد أو
نزع صليب عن حائط كنيسة. كان الحزب
وطننا النقي الطاهر، وبديل وطننا
القائم، اللعين والظالم. وكان أداتنا
إلى إقامة مملكة سماوية عادلة وطاهرة
على أرض البشر النجسة، فويل لمن يفكر
ولو مجرد تفكير في الخروج عن نصوص
تراتيل المدائح التي تكال له وطقوس
العبادة التي تمارس حياله. للكلمات المقدسة فعل السحر. إنها تقتل عقل
صاحبها وتعمي بصره وبصيرته، وتمنعه من
رؤية الواقع، لكونها توهمه أنه مضمر
فيها وأنه لا يستطيع أن يكون خارجها أو
أن يفلت من حروفها، وإلا كان واقعا
مزيفا، فإن حفظ المؤمن / المسحور هذه
الكلمات، لم تعد لديه حاجة إلى أي شيء
غير تكرارها. عندئذ، يصير تحققها
الوهمي مساويا لتحققها الواقعي، فيكفي
مثلا أن تقول الثورة حتى تصير ثوريا،
وان تعامل الآخرين وكأنك تعيش في ثورة
تتحقق، أي باعتبارك ثوريا انتمى
وانتهى أمره إلى عالم تحكمه قيم ومثل
عليا يجب أن تصير مطمح الخلق أجمعين،
وإلا فالويل لهم من تهم الرجعية
والخيانة. لا داعي للقول إن الكلمات المقدسة تلغي
بسحريتها السياسة بما هي فاعلية
عقلية، وتضفي عليها هالة انفعالية
تغلفها وتقتل أية قيمة إنسانية يمكن أن
تكون فيها أو تلازمها. ذلك، يجعل من
يرددونها نقيين وخلصا، بغض النظر عن
خلافاتهم وتبايناتهم، ويفرض عليهم
العمل بآليات تفكير وممارسة واحدة،
واستخدام لغة واحدة ومفردات محددة عند
وصف الآخر والتعاطي معه، فهو خائن في
جميع الأحوال، ولا بد من طرده من عالم
الطهر، وضمه إلى مجمع الشياطين
والخونة. لعب تقديس الكلمات دورا هائلا في إفشال
موجة النهوض العربي، التي تلت الحرب
العالمية الثانية، من حيث أوهم قطاعات
شعبية هائلة وسياسيين ومثقفين كبارا
أنهم يقبضون على الواقع والتاريخ،
بينما أخرجتهم في الحقيقة منهما،
ووضعتهما على هامش الواقع الحقيقي. وزاد من عمق وأثر الفشل ما لازم ردود
الأفعال عليه من موجات تطرف أعقبت
الواحدة الأخرى، بلغت ذروتها في
التطرف اليساري الذي اجتاح الأفكار
والممارسات جميعها، ولعب دورا خطيرا
في القضاء على أية فكرة ديمقراطية وعلى
المبدأ الديمقراطي ذاته، وحال دون
توطنها في تربتنا الخاصة، وحرم
الحركتين القومية والاشتراكية من
العمق البشري، الذي كان من شأنه أن
يتفاعل معها ويصير حاملهما الحقيقي. واليوم، ذكرتني حملة شنها نفر قليل من
شباب 'التنسيقيات' السورية على مؤتمر
المثقفين بدمشق بالستينيات، وأفزعتني
لكونها أعادت إنتاج أسوأ ما في تلك
المرحلة : الاعتقاد بإمكانية إنتاج
الواقع انطلاقا من كلمات يضفى عليها
طابع مقدس، يكفي تردادها كي يتخلق
حقيقة فعلية أمام أعيننا، وتحسم
الصراعات الضرورية لوجوده، بينما هي
تحجبه عن أعيننا وتغطيه بأقنعة
الأوهام، وتجعله سحريا فيفلت من
أنظارنا وعقولنا ونكون أول ضحاياه،
رغم توهمنا أننا نقبض عليه بيد من
حديد، ونحيط بجميع جوانبه، ونغوص إلى
أعماقه!. أقول هذا بعد أن استمعت إلى بعض ما قيل على
لسان ناطق باسم واحدة من التنسيقيات،
وما قاله بعض من حضر مؤتمر المثقفين
وهو يكرر مسحورا: الشارع، الشباب،
التنسيقيات، إسقاط النظام... الخ. لقد
اعتقد هؤلاء أن ترداد هذه الكلمات يضع
الشارع وراءهم ويسقط النظام بالفعل،
فهم كمن يكرر في طقوس السحر كلمات
يعتقد أنه يمكن إنتاج الواقع انطلاقا
منها بمجرد تكرارها، مع ما يترتب على
ذلك من آليات مفجعة في الفكر والعمل،
ثم من فشل غالبا ما يكون مؤكدا، خاصة
إذا ما اعتقد المسحورون بالشارع أن
تكرار اسمه على ألسنتهم يعفيهم من كسبه
ووضع خطط تتيح لهم انتزاعه من أيدي من
يمسكون بزمامه منذ قرابة نصف قرن،
ويمكن أن ينازعهم عليه من القوى
المتطرفة، إن سقط النظام، فلا خطة إذن
غير إحلال عبادة رجل الشارع العامي محل
عبادة رجل السلطة السائدة. ينطلق هذا الخطأ القاتل غالبا من بلاهة
إيمانية تجعل عضو ال'تنيسقية على حق
دوما، وغيره على خطأ باستمرار، وتجعل
من يريد إسقاط النظام ثوريا ومن لا
يجاريه خائنا، ومن يقول بالحوار
منبوذا، لأن للحوار هدفا تآمريا
يلازمه بالضرورة هو إنقاذ النظام،
بينما يتكفل شعار إسقاطه بتخليص الشعب
منه في جميع الأحوال. هل يعلم هؤلاء كم من الشارع يقف معهم
فعلا، وكم هي نسبة من يؤيدهم منه ونسبة
من يؤيد غيرهم: النظام والإسلاميون
والمحايدون من أصحاب المصالح
والمعتقدات المتنوعة؟. وكم هي نسبة
المحايدين والواقفين جانبا من
المواطنات والمواطنين، ونسبة
الخائفات والخائفين بينهم؟. هل يعرفون
أن حامل الحركة الشعبية هو حتى الآن
المجتمع الأهلي، الذي ليست مفاتيحه في
يدهم وليس معهم وإن سمح لهم بمشاركته
التظاهر؟ وهل يدرون أن نصف سكان سورية، الذي يعيش
في مدينتي دمشق وحلب هم من الشارع
أيضا، وان كسبهم يتطلب جهدا يختلف عن
تكرار بعض الكلمات الجوفاء؟. وأن هناك
محافظات لم تنزل إلى الشارع بعد كطرطوس
والسويداء والرقة؟. وهل فكروا في سبل
كسب المجتمع الأهلي، الذي يعد حاسم
الأهمية بالنسبة إلى تحييد التطرف
والنزوع إلى العنف والطائفية وإخراج
النظام من مواقعه في الشارع، وكذلك
بالنسبة إلى انتصار القيم الحديثة
وتفادي هزيمة الحراك الشعبي؟ إنهم يقولون 'الشارع 'ويتحدثون عنه وكأنه
في جيوبهم أو موال لهم، ويعتقدون أن
مجرد ذكر الكلمة على ألسنتهم يجعل منهم
ممثلين حصريين لقطاعاته المختلفة، هذا
إن كانوا يعون حقا أنها مختلفة!. مثلما تحدثت الأحزاب الشيوعية في
الستينات عن الطبقة العاملة باعتبارها
ملكا لها وفي جيبها الخاص، يتحدث هؤلاء
الآن عن الشارع وكأنه لهم وفي جيبهم.
ومثلما أحلت نفسها محله في طور تال
لأنها لم تتمكن من كسبه، سيحل هؤلاء
أنفسهم محله مستقبلا دون أن يتمكنوا من
كسبه، وستتكرر في الحالتين التجربة
المرة: تجربة إعفاء الذات من معرفة
الواقع والإقرار باستقلاله عنها،
وإيجاد سبل للتأثير فيه لصالحها،
تجنبا للفشل الذي انتهت إليه الأحزاب
في الستينيات، وأتمنى أن لا ينتهي إليه
من يتحدثون عن أنفسهم باعتبارهم
الشارع، مع أنهم ما زالوا برانيين
بالنسبة إلى قطاعاته الواسعة. لا يطرح
هؤلاء السؤال الجوهري: كيف نكسب
الشارع، بل يكتفون بالحديث باسمه. وهم
يفعلون الشيء نفسه حين يتحدثون عن 'الشباب'،
الذين يختصرونهم في جماعتهم أو
أنفسهم، وعن 'الانتفاضة '، التي
يعتقدون أنها منتصرة لا محالة، مهما
اتخذوا من قرارات خاطئة وتجاهلوا
الواقع. تنتصر الانتفاضة في نظرهم لسبب
أوحد هو أنها انتفاضة من جهة وعادلة من
جهة أخرى، وليس لأن من يقومون بها
يعرفون كيف يتدبرون شروط انتصارها،
كأن جميع انتفاضات التاريخ وحركات
الشباب انتصرت، أو كأنه يكفي لانتصار
قضية ما أن تكون عادلة ومؤيدة من
جماهير وقوى مظلومة!. ليس إلغاء العقل أفضل أساليب النجاح،
عندما يكون للخصم خبرة واسعة في الصراع
ضد الشارع والشعب والشباب. وليس تقديس
الكلمات والخضوع لسحرها حلا لمشكلات
التعامل الصحيح مع الواقع. إن إلغاء
العقل والرضوخ لسحر الكلمات المقدسة
هو بالأحرى طريق الفشل المؤكد، فكيف
إذا كان هذا كله متدثرا بغطاء كثيف من
نزعة ذاتية مرضية، كان أستاذنا الياس
مرقص يعتبرها سببا رئيسيا لما أصاب
العرب من فشل، على مر تاريخهم الحديث. أحببت أن أضع هذه الملاحظات تحت أنظار
شباب سورية، الذين يضعون اليوم حريتهم
فوق حياتهم، ويصنعون لنا زمنا كريما
وإنسانيا، لأنه سيكون من الخطأ أن يحجم
جيلنا عن لفت نظرهم إلى ما قد يشوب
عملهم من ثغرات ونواقص وعيوب، فيها
مقتل القضية التي يدافعون عنها،
ويستشهدون من أجلها، ونؤمن بصحتها
وفرص نجاحها، ليعالجوها قبل فوات
الأوان!. ' كاتب وسياسي من سورية =================== عبد الباري عطوان 2011-07-04 القدس العربي برنارد ليفي
كاتب وفيلسوف صهيوني فرنسي يتباهى
بصداقاته مع القادة الاسرائيليين،
والمتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد
الفلسطينيين خاصة مثل بنيامين نتنياهو
رئيس الوزراء، وايهود باراك وزير
دفاعه، ويعتبر حركة 'حماس' المنتخبة من
الشعب الفلسطيني حركة 'ارهابية'،
ويدافع بشراسة عن الاستيطان
الاسرائيلي في الاراضي المحتلة،
والعدوان الدموي على قطاع غزة. المستر ليفي نصّب نفسه أبا روحيا للثورات
العربية، رغم ان الثورة الوحيدة التي
رحبت به وفتحت له ابواب قلبها وعاصمتها
بنغازي، هي الثورة الليبية، بينما
رفضته وترفضه كل الثورات الاخرى، بما
في ذلك ثورة الشعب التونسي المجيدة
الرائدة التي اطاحت بنظام الرئيس زين
العابدين بن علي الديكتاتوري، فلم
يسمح له ثوار تونس، الذين يعرفونه
جيدا، ويصرّون على فرض محاربة التطبيع
واشكاله كافة مع اسرائيل، كبند في
الدستور الجديد، لم يسمحوا له بان يطأ
تراب بلادهم الطاهر. بعد ان افسد المستر ليفي الثورة الليبية،
ونقل باسم مجلسها الوطني الانتقالي
رسالة الى بنيامين نتنياهو تتضمن عرضا
ضمنيا بالاعتراف والتطبيع، ها هو
يحاول افساد الانتفاضة السورية
وتلويثها من خلال ركوب موجتها،
والترويج لمؤتمر يعقد حول سورية في
باريس، بحضور عدد من رؤساء الوزراء
ووزراء خارجية فرنسا السابقين، وبعض
المعارضين السوريين، خاصة من اعضاء
اللجنة التنفيذية لمؤتمر انطاليا،.
وقد احسن عدد كبير من هؤلاء المعارضين
صنعا عندما تنبهوا الى خطورة هذه
المصيدة وقرروا مقاطعة هذا المؤتمر
المشبوه. فليفي هذا من اشد الداعين
لتدخل حلف الناتو لدعم الثورات
العربية تحت ذرائع عديدة. العداء في سورية لاسرائيل الغاصبة
المحتلة تاريخي متأصل، بل هو ثقافة
محورية، يلتقي حولها اهل الحكم
والمعارضة معا، والدعم السوري
للمقاومة، سواء كانت فلسطينية او
لبنانية، يأتي تجسيدا صادقا ومتجذرا
لقناعات الشعب السوري بكل فئاته
وطبقاته وطوائفه وقومياته، ولا فضل
لاي نظام فيه. ' ' ' ومن هنا، فإن اي شخص يشارك في مؤتمر ليفي
هذا سيتهم بانه من المنفذين لأجندات
خارجية لا تريد الخير لسورية، حكومة
ومعارضة، بل لا تريد خيرا للعرب
والمسلمين معا. فهذه الشخصية التي
تعتبر الجيش الاسرائيلي الذي يحتل
الارض العربية في فلسطين والجولان
ولبنان، هو الاكثر انسانية في العالم،
ويدافع بشراسة عن استخدام قنابل
الفوسفور الابيض لقتل اطفال غزة
ومدنييها، لا يمكن ان يضع مصلحة سورية
وشعبها وانتفاضتها المشروعة طلبا
للحرية والكرامة، على قمة اهتماماته. توقيت تحرك المستر ليفي يفضح اهداف
مؤتمره هذا، مثلما يفضح انتماءات
وهويات كل الذين قبلوا دعوته
للمشاركة، فهؤلاء يسعون لتأسيس 'كونترا'
سورية، ويخططون للاستعانة بقوات حلف
الناتو لتدمير بلدهم، ووضعها تحت
الوصاية الاستعمارية مجددا لعشرات
السنوات القادمة. فليس صدفة ان يتزامن
انعقاد هذا المؤتمر مع صدور القرار
الظني المتعلق بمحكمة رئيس الوزراء
اللبناني الراحل رفيق الحريري، بعد
تأجيل متعمد استمر لأكثر من سبعة اشهر،
وبهدف اشعال نيران فتنة طائفية
ومذهبية في لبنان تمتد الى سورية لاحقا. الشعب السوري، في الحكم او المعارضة، في
الداخل او الخارج، يجب ان يكون على
درجة كبيرة من الوعي بالمؤامرات
الخارجية التي تحاك له في غرف اجهزة
الاستخبارات المغلقة، لتدمير
انتفاضته، وتمزيق وحدته الوطنية
والترابية، وبما يخدم في نهاية المطاف
الاحتلال الاسرائيلي، والمخطط
الامريكي في الهيمنة ونهب الثروات
العربية. إننا امام محاولات شرسة لتفتيت صفوف
المعارضة السورية، وخلق البلبلة في
أوساطها، من خلال إغراقها في 'حرب
المؤتمرات' واتهامات 'التخوين'،
والمواجهات السياسية والاعلامية، ومن
المؤسف ان بعض المحسوبين كذباً على هذه
المعارضة يساهمون في انجاح هذه
المخططات، وبسوء نية في معظم الاحيان. سورية هي لكل ابنائها، ولكن ليس من
ابنائها من يضطهد الآخر ويهين كرامته،
ويسلبه حقوقه المشروعة، ويصادر
حرياته، ويمارس التمييز على اساس
الطائفة او العرق او المذهب. كما انه
ليس من ابنائها من يستعين بالعناصر
الصهيونية، او ينادي بالتدخل الاجنبي. ' ' ' الشخصيات السورية المعارضة والمستقلة
التي عقدت مؤتمرها في فندق سميراميس في
دمشق، وكسرت حاجز الخوف، وتبنت مطالب
الانتفاضة كاملة، وطالبت بالتغيير
الديمقراطي، وأدانت بقوة مجازر الامن
والجيش، وترحمت على الشهداء، وشددت
على انسحاب الجيش من المدن والقرى
والنجوع، هذه شخصيات شجاعة قالت 'لا'
قوية في وجه الديكتاتورية وادواتها
القمعية، وكان مؤلماً بالنسبة الينا
ان تواجه بحملات تشكيك وهي التي سجنت
وعذبت، من قبل اناس لم يعرفوا السجن
والتعذيب. التفريق بين اهل الداخل والخارج هو
الخطيئة الكبرى التي نرى ارهاصاتها
حالياً، من خلال ممارسات بعض المندسين
في اوساط المعارضة السورية في الخارج
خاصة، فالخارج امتداد شرعي للداخل
السوري، والطرفان يكملان اركان المشهد
السوري. الانتفاضة الشعبية السورية المباركة
التي قدمت نحو 1500 شهيد حتى الآن، بدأت
تعطي ثمارها في حصار النظام، وانزاله
من عليائه، واجباره على الاستماع الى
مطالب الشعب في التغيير، وهو الذي مارس
البطش لأكثر من أربعين عاماً ضد أي صوت
حر يرتفع مطالباً بلقمة خبز مغمّسة
بالكرامة. الحوار المطلوب حالياً هو بين اطياف
المعارضة السورية نفسها لتوحيد
صفوفها، وأول خطوة على هذا الطريق
الترفع عن كل اشكال تضخم 'الانا'،
واقصاء الآخر، والتشكيك بأهدافه
ونواياه. فكيف يمكن ان تؤسس المعارضة
للبديل الديمقراطي، وبما يرتقي
لتضحيات الشهداء، والكثير من قياداتها
ترفض الفكر الآخر، او الشخص الآخر، او
المؤتمر الآخر؟ سورية تقترب كثيراً جداً من فجر التغيير
الحقيقي، فالنظام يزداد ضعفاً كلما
ارتفع عدد ضحايا حلوله الامنية
الدموية، والمعارضة تزداد قوة ومناعة
كلما تحلت بالعقلانية والتواضع،
وابتعدت عن اشكال التشنج كافة، ووضعت
مصلحة سورية التي هي للجميع، فوق جميع
الاعتبارات الاخرى. لفظ برنارد هنري ليفي ومؤتمراته، هو خطوة
كبيرة نحو الوصول الى هذا الهدف،
وافشال كل المخططات التي تريد حرف
الثورات العربية عن اهدافها، وتحويلها
الى حروب اهلية طائفية او قبلية او
مناطقية، وصولاً الى التغيير المسيطَر
عليه غربياً، على حد وصف طوني بلير،
المنظر الاكبر للاستعمار الجديد،
وصديق اسرائيل الحميم. ================== ملحمة الشهادة السورية و
تاريخ سورية الجديد د. خولة حسن الحديد 2011-07-04 القدس العربي خلال متابعتنا لما تنشره وسائل الإعلام
العربية والعالمية بخصوص الحراك
الشعبي السوري، يبدو لنا العالم وكأن
ذاكرته مثقوبه إذ غالباً ما تبدأ
التقارير بمقدمات تعبر عن الدهشة
والاستغراب مما يحدث في الشارع السوري
من حراك وما يقدم من تضحيات كما يعبر
بعضها عن حقيقة أن ما يحدث لم يكن أحد
يتصوره ولا حتى في الأحلام ولا شك إن
النظام القمعي الشمولي الذي حكم سورية
لعقود وسمعة أجهزة الأمن السورية التي
بلغت الآفاق بمقدار وحشيتها ودرجة لا
إنسانيتها في التعامل مع أي معارضة أو
انتقاد كانت تلمسه للنظام يعطي تلك
الدهشة وذاك التعجب مبرراً، وفي الآن
نفسه يفصح عن مدى بطولة الشعب الذي نهض
ليتحدى هكذا نظام. لهذه الدرجة وأكثر بات العالم ينظر إلى
المجتمع السوري وكأنه في حالة موات
مجتمع اعتاد التصفيق والتهليل للرمز
الأوحد والقائد الخالد مجتمع مشوه
وممسوخ وكأنه قطيع من الأغنام التي
تسير وراء مرياعها مطأطأة الرأس
مكتفية بحمد ربها بما يجود عليها
قائدها من مكرمات وهذا يشير أيضاً إلى
أن غالبية تلك الوسائل الإعلامية قد
وصّفت الشعب السوري بمعزل عن تاريخه
البعيد والقريب هذا التاريخ الذي يحفل
بقيم البطولة والشجاعة التي سطّرها
السوريون في دفاتر التاريخ بدمائهم
وأرزاقهم منذ الاحتلال العثماني
مروراً بالاحتلال الفرنسي وصولاً إلى
مرحلة ما بعد الاستقال وحتى وصول حزب
البعث إلى دفة الحكم في سورية إذ
بالرغم من كل التدجين والقمع الذي مورس
على السوريين خلال خمسين عاماً لم يخل
المجتمع السوري من بقع الضوء التي كانت
تحاول أن تفتح هوة في الجدار وتخترق
حواجز الصمت وهذا ما تشهد به أقبية
السجون من عدرا وصيدنايا إلى سجن
تدمرالعتيق الذي تشهد جدرانه على مجاز
النظام البعثي الذي صفى في زنازينه
خيرة الشباب السوريين من أطباء
ومحامين واقتصاديين وفقهاء، وعلماء
ومثقفين، وذلك في ليلة غاب بدرها لتحل
العتمة التي جاءت بشائر أطفال درعا
لتزيح ستارها وتعيد إلى سورية ضوء
الشمس الذي غاب. تكاد تقارب ملحمة الشهادة السورية في
تراجيديتها الأساطير اليونانية
القديمة بهيبتها وجلالها وإصرارها على
الحياة من خلال الموت فمنذ انطلاقة
الثورة السورية والسوريون يواجهون
الرصاص الحي بصدور عارية ويتحدون
الدبابات وآليات الجيش الثقيلة بشجاعة
منقطعة النظير في كل أسبوع تتقدم قوافل
الشهداء بالعشرات على امتداد التراب
السوري، والتي تستولد شهداء جدد خلال
تشييعهم ومراسم أعراس شهادتهم، إذ
تأبى أجهزة القمع والإجرام إلا أن
تستولد من الجنازات جنازات ومن
الشهداء شهداء ..هؤلاء الشهداء الذين
يتحدث عنهم أهاليهم بفخر واعتزاز
كونهم يقدمون صورة مشرّفة للمقاومة
السلمية الأسطورية لكل أساليب الإجرام
والتنكيل التي تجسدها الآلة العسكرية
والأمنية، ولم يبق للسوريين إلا هذه
الصورة يتمسكون بها كونها الدواء
الشافي لجراحاتهم النازفة بعد أن تخلى
عنهم العالم كله الصورة التي تؤكد
أيضاً فشل النظام في حلوله العسكرية
والأمنية وفي محاولاته البائسة لإعادة
الوضع إلى ما كان عليه قبل 15 آذار/مارس
الماضي. تتجسد ملحمية الشهادة السورية في صمود
الأهل وتماسكهم أمام ما يحيط بشهادة
أبنائهم من ظروف لا تتوقف عند حد مسألة
قتلهم بل تأبى إلا أن تزيد تنكيلاً
فيهم وتوغل في أوجاعهم من خلال
الاحتفاظ بجثامين الشهداء ولعدة أيام
أحياناً مقابل أن يوقع الأهالي على
وثائق أمنية تقرّ بأن عصابات مسلحة من
قتلت أبناءهم أو التعهد بعدم التظاهر
مرة أخرى، أوعدم تشييع الشهداء في
جنازات جماعية ودفنهم تحت جنح الظلام
وبمرافقة أمنية كونها تمثّل إدانة
فاضحة لكل إدعاءات النظام حول تسلح
المتظاهرين وخوفاً من تحوّل جنازات
التشييع إلى مظاهرات حاشدة إنّ اختطاف
جثامين الشهداء والاحتفاظ بها لأيام
وسرقة أعضاء بعض منها يشكل وصمة عار
على جبين قاتليهم وإنّما يعبرعن هلعهم
ورعبهم من مواكب استشهادهم لأن كل شهيد
أصبح منارة يستضيء بها أبناء حيّه أو
بلدته أو مدينته لتزيد من ثورتهم، ورغم
الحصار ومهاجمة الدبابات والجنود
ورجال الأمن والمرتزقة 'الشبيحة' الذين
باتوا يختبئون في دهاليز العتمة
ليداروا عارهم و قبح أفعالهم بحق أبناء
شعبهم يواصل السوريون الطريق الذي
اختبروه بدماء أبنائهم بتصميم وإرادة
لأنهم اكتشفوا إنه طريق الأحرار ..طريق
دحر الظلم وكسر القيود ورفض الذل
والعار،لذلك تتكثف الملحمة أمام أمهات
الشهداء اللواتي يقفن أمام رؤوس
أبنائهن التي فجرها رصاص الغدر بتماسك
كبير حيث لا نواح ولا بكاء، يغمروهن
بالدعاء أن يتقبلهم الله شهداء
ويودعوهن بنثر الأرز والورود فوق
جثامينهم الطاهرة ليزدن من عزيمة
الأحرار وقدرتهم على مواصلة الطريق
وكم تكبر الملحمة أمام أعيننا عندما
نشاهد إحدى الأمهات الثكالى اللواتي
فقدن أكثر من ابن في يوم واحد كما حدث
مع عدد من العائلات في درعا وحمص وجسر
الشغور .. أي قلب تحمله هؤلاء الأمهات
ليبقين صامتات أمام جثامين الأبناء
وهم في ريعان شبابهم يطلبن لهم الرحمة
والمغفرة، ويعاهدوهم على ألا تذهب
دمائهم هدراً وإن الهدف الذي استشهدوا
من أجله لا رجوع عنه. تلك هي ملحمة الشهادة السورية التي تكتب
لسورية تاريخاً جديداً الملحمة التي
تؤكد إنّ بلوغ الأهداف الكبرى في
الحياة يستلزم تضحيات كبيرة بحجم
سموها ونبلها، ولا شك أنّ حرية
السوريين وأملهم ببناء وطن حر
ديمقراطي جدير بهم وبعصرهم هو هدف سام،
وغاية نبيلة استحقت بنظر كل سوري
التضحية بالنفس، وبذل الروح رخيصة في
سبيل تحقيقه، هنيئاً لأمهات الشهداء
ولهنّ الفخر والعزة، فبالرغم من فجيعة
الفقد وألم وحزن الفراق إلا أنّ
أبناءهن دخلوا وجدان كل سوري حر متطلع
إلى العدالة والحرية والكرامة
الإنسانية .. هؤلاء ماتوا لنحيا .. ماتوا
ليحيا أبناؤههم حياة أخرى خالية من
الذل والمهانة والقهر .. حياة يعيش فيها
الطفل طفلاً دون أن تسرق منه طفولته،
والرجل رجلاً دون أن تهان رجولته،
والمرأة 'امرأة' وسيدة نفسها دوت أن
تثكل بأبنائها أو تقضي عمرها تنتظر
خروجهم من أقبية سجون الظلم
والاستبداد وطن لا يستصرخ شيوخه
ومسنيه الرحمة تحت أحذية العسكر
والجلادين المرتزقة .. إنهم يكتبون لنا
تاريخاً جديداً يتسق مع تاريخنا
العظيم ويستولدون لنا حياة كريمة
عزيزة ... تحية إلى أرواح شهدائنا .. ألف
قبلة على رؤوس أمهات شهدائنا .... أيها
العالم انتظر السوري الجديد فهو قادم
معمّد بجلال الشهادة ..أيها السوريون
لا تنسوا: المجد للشهداء والخلود لهم ..
المجد والخلود لهم. ================= التجربة الحزبية
السورية: التكاثر بالانقسام الثلاثاء, 05 يوليو 2011 عمر قدور * الحياة يكرر المقربون من الحكم في سورية،
والناطقون باسمه على الفضائيات، القول
بعدم وجود معارضة سورية يتم التحاور
معها، وهو كلام محق في ظاهره، وإن أخفى
دور النظام الأمني في القضاء على
الحياة السياسية، وبالتالي دوره في
تضاؤل المعارضة إلى محض أفراد ربما بات
البعض منهم معروفاً أكثر مما تبقى من
أشلاء الأحزاب المعارضة. لكن مسؤولية
النظام الأمني وحده لا تكفي لتفسير
الحالة، ما لم يكن هذا مشفوعاً
بالعوامل الذاتية والتاريخية التي أدت
بالتجربة الحزبية إلى تشظٍّ لامس
الانعدام التام للفاعلية. بوسعنا ردّ تاريخ التجربة الحزبية
السورية إلى ما يقارب قرن مضى، فالبعض
منها نشأ قبل مرحلة الاستقلال، وقد
كانت الفرصة مواتية في مرحلة
الاستقلال الأولى للوصول إلى السلطة
عبر التجربة الحزبية، سواء اتخذت
الطريق السلمي أو سبيل الانقلاب على
التجربة البرلمانية الناشئة كما فعل
حزب البعث. ومن الملاحظ أن انقلاب
البعث قضى نهائياً على الأحزاب التي
كانت ترمز، من وجهة النظر «الثورية»،
إلى الإقطاع والبرجوازية، فخلت الساحة
للأحزاب الأيديولوجية سواء منها التي
تحالفت مع حكم البعث في ما بعد أو التي
عارضته. وقد توزعت الأحزاب الباقية أو
التي نشأت لاحقاً على ثلاث زمر هي:
الأحزاب القومية العربية والكردية،
الأحزاب الشيوعية، وجماعة الأخوان
المسلمين. لم تكن الأيديولوجيات التي اتخذت طابعاً
شمولياً وحدها ما يجمع هذه الأحزاب، بل
تضافر معها انعدام الديموقراطية ضمن
التنظيمات ذاتها تزامناً مع شيوع
الفكر «الثوري» الانقلابي الذي يسعى
إلى التغيير من فوق. وانعكست البنى
الأيديولوجية المتشابهة صراعاً على
الأحقية. فالعروبيون مثلاً نسب كل
تنظيم منهم إلى نفسه جدارة تمثيل
القومية العربية مقارنة ب «أخوته
الأعداء»؛ هذا الصراع أقصى عملياً
الحراك الفكري المثمر لمصلحة «الأمانة»
الفكرية التي يدعيها كل طرف، والتي
تجلت جموداً عقائدياً ابتعد عنه
الواقع باطراد. وقد استقرت البنية
الهرمية المتشابهة للأحزاب على نحو
كرس هيمنة القائد الفرد، وأعاق بروز
كوادر جديدة شابة في وقت عانت من
انحسار حضورها الشعبي. بغياب الديموقراطية داخل الأحزاب صار
الانشقاق وسيلة التغيير، فحيث سُدّت
السبل أمام التنوع الفكري، وتالياً
أمام تداول المسؤوليات، لم يبق سوى
تحول الاختلاف إلى خصومة نهائية. شهدت
سورية تنظيمات عدة تحمل اسم الحزب
الشيوعي مثلاً، وللتمييز بينها كان
التعبير الدارج الذي لا يخلو من
الدلالة هو أن يُلحق كل واحد منها باسم
زعيمه فيُقال: جماعة فلان!. المفارقة أن
انقسام الأحزاب وتكاثرها قابله انحسار
لحضورها في المجتمع، أي أنه لم يأت
نتيجة لدخول قوى جديدة إلى الحياة
السياسية بل كان محصلة لترهل الموجود
أصلاً وتفككه. لم يكن تأصيل التجربة الحزبية في الحياة
السياسية متاحاً بسبب عوامل عدة، في
طليعتها غياب التجربة الديموقراطية
وغياب مفهوم الدولة، لكن هذه العوامل
لا تعفي التجربة الحزبية السورية من
المساءلة لجهة تقصيرها الذاتي وعدم
تقديمها النموذج البديل لتجربة
السلطة، بخاصة لجهة بنية الخطاب
السياسي. مع ذلك سيكون من الإنصاف أن
نأخذ بالحسبان طبيعة المرحلة
التاريخية التي أفرزت بنى متشابهة في
الخطاب والتنظيم، فالمجتمع السوري لم
يشهد تحولات ملحوظة حتى مطلع تسعينات
القرن الماضي، وفي هذه الأثناء كانت
التجربة الحزبية قد سُحقت وعُزلت
تماماً عن الحراك الاجتماعي، فضلاً عن
اعتيادها الاضطراري على أساليب النضال
السري التي لم تعد تتماشى مع المرحلة
التاريخية الجديدة. بدءاً من التسعينات سنجد المعارضة
السورية أكثر انفتاحاً على مفاهيم
المجتمع المدني وقضايا حقوق الإنسان
مع بقاء الممارسة السياسية دون
المستوى المفاهيمي الجديد، إذ انتقلت
خلافات الماضي الأيديولوجية إلى بعض
الأطر الجديدة، وبدا واضحاً أن العمل
السري السابق ترك آثاراً سلبية يصعب
التخلص منها، ومنها عدم القدرة على
التواصل مع الشريحة الشابة في المجتمع
التي لم تعِ المرحلة السابقة. لكن أهم
شوائب المرحلة الماضية ظهر بشخصنة
العمل السياسي وغياب الديموقراطية
الفعلية عن ممارسته، لذا تعرضت الأطر
الجديدة إلى الانقسام أيضاً أو
الانسحابات المؤثرة؛ حدث هذا في لجان
إحياء المجتمع المدني مثلاً، أما
منظمات حقوق الإنسان التي أسسها على
الأغلب حزبيون سابقون فتعرضت إلى
انقسامات متتالية أدت إلى وجود ما يقرب
من عشر منظمات متنافسة. بالمحصلة تم
التسليم بأن وجود المعارضة في سورية
رمزي يعتمد على وجود معارضين لا على
حضور التنظيمات، أضحت المعارضة يائسة
من إمكاناتها ومشتتة بفعل خلافاتها،
وبالتأكيد بفعل القمع. قد نقول إن الانتفاضات العربيّة الحالية
كشفت عموماً تهافت الأحزاب العربية
المعارضة وقلة حيلتها، أو عدم قدرتها
على ملاقاة الشارع الذي تجاوزها
فعلياً، ومن باب أولى أن ينطبق هذا على
الأحزاب السورية التي تم القضاء عليها
فعلياً منذ منتصف ثمانينات القرن
الماضي، وبذلك أفلحت السلطة في إفراغ
الساحة من أي بديل محتمل لها. هكذا
افتقدت الانتفاضة الشعبية وجود مظلة
سياسية منظمة تتكامل معها، وحيث لا
يمكن الانتظار طويلاً لتفرز الانتفاضة
حركات سياسية جديدة. في واقع الأمر،
وبحكم الضرورة، يقع جزء من مسؤولية
قيادة المرحلة الانتقالية على عاتق
المعارضة، ما يحتم عليها «بالضرورة
أيضاً» التخلص من العيوب السابقة. لا شك في أن قسماً كبيراً من الشخصيات
المعارضة ارتقى بخطابه ليلاقي مطالب
الشارع في الحرية والديموقراطية، إلا
أن التحدي الكبير المطروح هو في القدرة
على الاشتباك الفعلي بالشارع، ونسج
تحالفات وطنية واسعة، أي أن المعارضة
مطالبة الآن بالسير عكس مسارها السابق
والتحلي بروح المسؤولية الجادة، لأن
زمن المعارضة من أجل المعارضة قد
انتهى، على الأقل هذا ما يقوله إصرار
الشارع على نيل مطالبه على رغم أعتى
أنواع القمع. =================== مشاري الذايدي الشرق الاوسط 5-7-2011 أصبح من الواضح تماما أن الموقف الدولي
والإقليمي تجاه الأزمة السورية، موقف
مراوغ، وربما هو محرج ومأخوذ بتصميم
الشعب السوري على الانتفاض والثورة،
هناك فرق يراه الأعشى بين الموقف
الدولي والعربي تجاه ما جرى في ليبيا
ومحاربة سلطة القذافي، وما يجري الآن
في سوريا، من كلام هين لين: و«لعل» بشار
يصلح، و«ربما» النظام يفلح، و«ريثما»
الشعب ينصح، «حيثما» الكفة ترجح.. ربما
وريثما وحيثما.. هذه خلاصة الموقف
الخارجي تجاه مطالب الثائرين في جل
المدن والأرياف والسواحل السورية. أميركا تهلل لحوار فندق سميراميس داخل
دمشق، وروسيا تقرع المعارضة التي لم
تمد يد الترحيب لحوار النظام معها في
دمشق، بينما دبابات النظام تدك إدلب
ومعرة النعمان، وشبيحته يفعلون
الأفاعيل في حمص وحماه وحلب. النظام
يحاور في دمشق بلسانه، ويحاور في بقية
المدن بسنانه! السوريون الثائرون يقرعون العرب
الصامتين، ويتحدثون بمرارة عن التخاذل
العربي من قبل الجامعة العربية التي
قال أمينها العام المساعد، أحمد بن
حلي، مؤخرا إننا لا نقدر على اتخاذ
موقف مساند لثورة الشعب السوري على
غرار موقفنا تجاه ثورة الشعب الليبي
لأن الدول العربية، رسميا، تمتنع من
ذلك. إذن لا غبش ولا ضباب، الرؤية واضحة، صمود
السوريين المذهل هو الذي، ربما، يجبر
المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن
ودوله القوية، والدول العربية ودول
الإقليم الكبرى بالذات تركيا، على
تغيير المواقف، وكذلك سلوك النظام
السوري المراهن حتى آخر الخط على
استخدام القوة والترويع وإراقة الدماء
الغزيرة متكئين على موقف دولي مرتبك
وغير حاسم تجاه مستقبل النظام السوري. لم نجد لغة «الآن يعني الآن» التي
استخدمها أوباما وفريقه في الإدارة
الأميركية تجاه حسني مبارك في مصر، ولا
لغة ساركوزي الحربية تجاه القذافي، بل
ولا حتى اللغة الخشنة المستخدمة تجاه
الرئيس اليمني علي عبد الله صالح والتي
تطالبه بالرحيل الفوري. لماذا هذا الاختلاف في الموقف من الأزمة
السورية؟! هناك عدة تفسيرات لهذا التخاذل والخوف. هناك من يقول إن العرب غير مستعدين لتكرير
الفوضى العراقية بعد سقوط نظام صدام
حسين، وإن لديهم الاستعداد للتعايش مع
نظام كنظام بشار الأسد في سوريا على أن
يروا سوريا تقع في مستنقع الفوضى
والفشل التام، مثل الجار العراقي،
خصوصا أن النظام حتى لو بقي بعد هذه
الثورة، فسيكون نظاما مدجنا وغير قوي،
وهذا ربما يكون أفضل من البقاء مع حالة
اللانظام، وهنا نكون ضربنا عصفورين
بحجر واحد، النجاة من الفوضى التامة في
سوريا، وإضعاف قدرات نظام الأسد على
المشاغبة والسياسات الإقليمية
الموالية لإيران. وهناك من يقول بل الخوف هو من تسليم البلد
بعد رحيل نظام الأسد، كما يجري الترتيب
له الآن في مصر، إلى جماعة الإخوان
المسلمين، باعتبار «الإخوان» هم الطرف
الأقوى في المعارضة السورية، وهناك
نكون أمام حالة تسابق أصولي سياسي خطير
في المنطقة، بما ينعكس على الدواخل
العربية التي ما زالت مستقرة في الخليج
وغيرها. وهناك من يرى أن سبب الحذر الدولي الحقيقي
من اتخاذ موقف حازم تجاه النظام
السوري، رغم خطابه الثوري ضد إسرائيل
واحتضانه لحماس وحزب الله، وتحالفه مع
إيران، هو إسرائيل نفسها! نعم، فهي ورغم انزعاجها من النظام الأسدي
وسياساته، فإنه يمكنها التعايش معه،
عوض القفز في المجهول، وفتح جبهة
الجولان مع دمشق، خصوصا أن سقوط نظام
حسني مبارك المفاجئ لم يكن سارا لها،
بل وكان له وقع الصاعقة، بعد أن انفتح
المستقبل المصري في السياسة الخارجية
على المجهول. نعم، صدرت عدة تصريحات متناقضة في
إسرائيل حول الأحداث السورية، منها
الذي يقول إنه يوجد بديل لنظام الأسد،
ولا داعي لخوف إسرائيل من الحراك
الشعبي السوري المطالب بالديمقراطية،
وإن ذلك في العمق هو من صالح إسرائيل،
كما هو رأي إيهود باراك، وهناك أيضا
داخل إسرائيل وخارجها من حلفاء الدولة
العبرية من حذر من البديل الغامض. في إسرائيل، التي هي قوة كبرى مؤثرة على
صناعة القرار الأميركي الخارجي، هناك
اعتباران أساسيان في صناعة السياسة
الخاصة بها في الإقليم، هناك الاعتبار
الأيديولوجي القائم، في العمق على
الأساطير التوراتية التاريخية، لحدود
أرض الميعاد، وهناك الاعتبار العملي
البحت القائم على التخطيط الامبريالي
لضمان التفوق الإسرائيلي في المنطقة،
دون نظر للمحدد الأيديولوجي، وهما
اعتباران متجاوران ولديهما القدرة على
التعايش مع بعضهما بشكل مذهل كما يشرح
المؤرخ والباحث الإسرائيلي الشهير
إسرائيل شاحاك. وكما يفصل شاحاك، فقد اعتمدت استراتيجية
إسرائيلية كبرى، لا تستند إلى مفاهيم
الإيديولوجية اليهودية بل إلى
الاعتبارات الامبريالية
والاستراتيجية البحتة منذ قيام
الدولة، وقد قدم الجنرال احتياط «شلومو
غازيت» وهو مدير سابق للاستخبارات
العسكرية وصفا رسميا واضحا للمبادئ
التي تحكم هذه الاستراتيجية وقال: «مهمة
إسرائيل الأساسية لم تتغير قط منذ
انهيار الاتحاد السوفياتي وما زالت
ذات أهمية بالغة، والموقع الجغرافي
لإسرائيل في مركز الشرق الأوسط العربي
- المسلم، يجعل قدر إسرائيل أن تكون
حارسا مخلصا للاستقرار في جميع البلاد
المحيطة بها، ودورها هو حماية الأنظمة
القائمة، ومنع أو وقف التوجهات
الجذرية ومنع انتشار الأصولية الدينية
المتطرفة، ولهذه الغاية ستمنع إسرائيل
التغييرات الحاصلة خارج حدودها إذا
اعتبرتها لا تطاق لدرجة الشعور بأنها
مضطرة لاستعمال قوتها العسكرية لمنعها
واستئصالها». («يديعوت أحرونوت» 27
أبريل/نيسان 1992). ويعلق على ذلك إسرائيل شاحاك، الباحث
والمؤرخ الإسرائيلي المعروف بآرائه
الناقدة للتصور الإسرائيلي لطبيعة
ودور الدولة العبرية، بقوله في كتابه «التاريخ
اليهودي والديانة اليهودية، وطأة
ثلاثة آلاف سنة»: «لا حاجة بنا للقول،
في رأي غازيت، إن لإسرائيل مصلحة خيرية
في المحافظة على استقرار الأنظمة
العربية، وتقدم إسرائيل، في رأي
غازيت، بحمايتها الأنظمة القائمة في
الشرق الأوسط خدمة هامة للدول
الصناعية المتقدمة التي تحرص كلها على
ضمان الاستقرار في الشرق الأوسط، ويرى
أنه لولا إسرائيل لانهارت هذه
الأنظمة، وقد بقيت بسبب التهديد
الإسرائيلي فقط، وإذا كان هذا الرأي (مرائيا)
على ما يبدو، وجب على المرء أن يتذكر
مقولة لاروشفوكو: الرياء هو الضريبة
التي تدفعها الرذيلة للقضية»!. هذا هو العامل الإسرائيلي الأساسي في
بناء الموقف الغربي تجاه الأزمة
السورية، وهذه هي حساباته الحاكمة له،
رغم مضي نحو عشرين عاما على كلام
الجنرال الإسرائيلي الاستراتيجي
شلومو غازيت، لكن النظرة الكبرى هي هي.. ولكن علينا أن نتذكر، قبل هذا كله، وبعد
هذا كله، أن هناك أمورا تحدث خارج إطار
التخطيط، وخارج إطار الحسبة بالقلم
والورقة، هناك مشاعر تنفلت من عقالها،
في لحظات معينة، تصنع مصائر الشعوب
والأمم، وهناك قوة الأحلام التي ترى أن
الفرصة قد حانت لتجسدها على الأرض،
وهذا ما لا يرى بالعين المجرة، أو حتى
العين المجازية المخططة. هذه أمور تحدث كما يحدث البرق في لمحة
مبهرة من الضوء المتدفق الساطع.. في سوريا ما زالت الأمور بين حدود التخطيط
والمفاجأة، والكل يريد توجيه مسار
سفينة بلاد الشام إلى مرافئه وموانئه،
لكن القرار الأول والأخير بيد بحارة
السفينة وركابها وربانها.. ومجرى
الرياح والأمواج. =================== طارق الحميد الشرق الاوسط 5-7-2011 إثر نزول قرابة 700 ألف سوري للتظاهر في
حماه، أصدر الرئيس بشار الأسد مرسوما
يقضي بإعفاء أحمد خالد عبد العزيز من
مهمته كمحافظ لحماه، فما معنى ذلك؟ صحيح أن محافظ حماه هو ثالث محافظ سوري
تتم إقالته منذ اندلاع الانتفاضة غير
المسبوقة، إلا أن لهذا القرار الأخير
مدلولات تستحق التوقف عندها، الأول: أن
وعود النظام بدمشق لإنجاز الإصلاح بات
من الصعب تصديقها، والمراهنة عليها؛
فمظاهرات حماه، بجمعة «ارحل»، كانت
طاغية، وعدد المشاركين فيها غير
مسبوق، لكن العلامة الفارقة فيها أيضا
أنه لم يكن هناك قمع لأهل حماه، مثل
باقي المناطق الأخرى، وذلك لسبب بسيط،
هو أن الأمن والجيش لم يتدخلا لتفريق
المتظاهرين وقمعهم، مما يعتقد أنه أدى
إلى إعفاء محافظ المدينة من منصبه، أي
أنه لم يُعفَ بسبب وقوع عدد كبير من
القتلى والجرحى، بل إن كل ذنبه هو أنه
سمح بمظاهرات سلمية. وهذا ليس بسرٍّ؛ حيث رصدت تقارير
إعلامية، بعد مظاهرات حماه، أن
السوريين لم يفاجأوا بمرسوم إقالة
محافظ حماه؛ إذ سبقته شائعات عن عدم
رضا بعض الدوائر الرسمية، لا سيما
الأجهزة الأمنية، عن طريقة إدارة
المحافظ للأزمة بحماه. وبحسب
التقارير، فقد اكتسب محافظ حماه، إلى
حدٍّ بعيد، ثقة الأهالي؛ حيث منحهم
وعودا بالسماح لهم بالتظاهر السلمي،
والتعهد بألا تقترب منهم قوات الأمن
مقابل عدم ترديد الأهالي لهتافات
مسيئة لرأس النظام، أو تدعو لإسقاطه،
ناهيك عن أن محافظ حماه قد قام بإزالة
صور وتماثيل رموز النظام من المدينة كي
لا يقوم المتظاهرون بتحطيمها. لذا فمن السهل أن نستنتج هنا أمرين مهمين؛
الأول هو أنه بات من الصعب القول
اليوم، بعد إقالة محافظ حماه، إن
النظام بدمشق حريص على تلبية مطالب
الشعب، وإنه سيقود عملية الإصلاح
بنفسه، فكيف يمكن ذلك ما دام النظام
يقوم بعزل رجل كل خطئه أنه لم يسمح
للأمن بأن يفتك بالمتظاهرين السوريين
في مدينة حماه يوم جمعة «ارحل»؟ الأمر الآخر المهم، الذي يتوجب على
المعنيين بالشأن السوري تأمله جيدا،
هو أن تصرف محافظ حماه مع أهالي
المدينة، مما جعله يحظى بثقتهم، يوحي
بأن بين المسؤولين السوريين اليوم من
بات يعيد النظر جديا فيما يحدث بسوريا،
إما بدافع صادق؛ حيث يتعاطف مع المطالب
الشعبية الجامحة، وإما بدافع الحذر من
عواقب الأمور التي قد تؤول إليها
الأوضاع في سوريا في حال سقوط النظام،
بأي طريقة كانت، خصوصا أن المسؤولين
السوريين يرون اليوم بأم أعينهم ما
يحدث للمحسوبين على نظام حسني مبارك في
مصر، وكيف أن المحسوبين على القذافي
باتوا يقفزون من سفينة العقيد الليبي
واحدا تلو الآخر خوفا من عواقب الأمور. وعليه، فإن هذه هي مدلولات عزل محافظ حماه
التي يجب التنبه لها بدلا من الانشغال
بوعود النظام بدمشق، خصوصا أنه لم ينفذ
منها شيء إلى الآن، بل وقام بعزل محافظ
حمى المتظاهرين العزل من البطش الأمني. ========================= انهيار الاقتصاد يدفع
المحايدين للمطالبة بإسقاط النظام
السوري المصدر: الشبكة العربية
العالمية نقلا عن شبكة سورية الحرة 05/07/2011 هل فكر النظام السوري الأمني بأن عدد
المتظاهرين الحالي سيتضاعف تدريجياً
بسبب انتقال الحياديين من ذوي الدخل
المحدود كالعمال و أصحاب الحرف
والمتعيشين وغيرهم من صغار الكسبة،
إلى الجهة الأخرى نتيجة البطالة و ضغط
مطالب الحياة الضرورية ؟ كما نرى ونلمس إن الوضع الاقتصادي الآن
مشلول تماماً، فقد أعلن وزير الاقتصاد
والتجارة السوري محمد نضال الشعار أن
الاقتصاد السوري تضرر كثيراً جراء
الأزمة التي تمر بها سورية ويحتاج إلى
وقت لتحسينه، فيما رجح تقرير غربي أن
تلجأ دمشق إلى المساعدات الخارجية
لمنع الاقتصاد من الانهيار. بطبيعة الحال، تواجه سورية تحديات
اقتصادية واجتماعية حرجة. فمعدلات
الفقر فيها لا تزال مرتفعة فواحداً من
كل ثلاثة سوريين يعيش تحت خط الفقر و
يدخل مئات الآلاف من الباحثين عن وظيفة
سوق العمل سنوياً ،فيما الفوارق
الاجتماعية والمناطقية آخذة في
الازدياد، والعقد الاجتماعي الذي كان
سائداً في الثمانينات والتسعينات
وكانت الدولة تضمن بموجبه فرص عمل
للخريجين وتقدّم خدمات عامة مجانية
وغذاءً رخيصاً لسكانها، لم يعد قائماً. وهذه التحديات الاقتصادية التي تواجه
سورية تغذي الغضب المتنامي للسكان،
والذي أدى بالأصل ،إلى احتجاجات
انطلقت في الجنوب وامتدت إلى مناطق
واسعة كان سببها سياسة أمنية قمعية
تسيطر على جميع مفاصل الحياة. و لكن ثمة عدة عوامل اقتصادية تثير القلق
في شكل خاص، جزء منها هو من طبيعة
الاقتصاد السوري والباقي نشأ كرد فعل و
نتيجة لما تشهده البلاد من اضطرابات و
هي: 1- مع نسبة النمو السكاني المضطردة التي
تصل إلى 2.5 في المائة سنوياً، يدخل
حوالي 250 ألف باحث عن وظيفة سوق العمل
سنوياً. يؤمن القطاع العام 20 ألف فرصة
عمل جديدة سنوياً و القطاع الخاص 40-60
ألف فرصة عمل و القطاع الزراعي حوالي 40
ألف فرصة عمل و الباقي إما يهاجر أو
يبقى عاطلاً عن العمل ،حيث تتجاوز نسبة
البطالة بين الشباب 30 في المائة. 2- أدّت مواسم متتالية من الجفاف إلى
انخفاض إنتاج القطاع الزراعي بنسبة 25
في المائة، وهو القطاع الذي يؤمّن فرص
عمل لنسبة 20 في المائة من القوى
العاملة. 3- تتحدث الإحصائيات عن 35.8% من الشباب بين 15
و24 عاماً يعملون وهذه الفئة العمرية
تشكل 22% من السوريين. 4- نسبة الشباب العامل في القطاع العام
وصلت إلى 10.3% وما تبقى لتساوي النسبة هم
بعض العاملين في القطاع الخاص والذي
يضم 66.3% من الشباب العاملين، والبقية
يتوزعون على القطاع التعاوني والمشترك
والعائلي والأهلي. 5- بوادر انهيار الليرة السورية، حيث تشير
تقارير اقتصادية لخسارتها 12 بالمائة
من قيمتها خلال 4 اشهر تقريبا، رغم تعهد
عدد من التجار والبنوك لرئيس
الجمهورية بأن يعملوا على دعم الليرة
السورية في أي وقت تطلب ذلك، إلا أن
خبراء الاقتصاد يشككون في مصداقية هذه
الوعود معتمدون على مقولة اقتصادية
شهيرة "رأس المال جبان" وأي تعهد
خارج المصلحة المباشرة هو ليس أكثر من
مجاملات لتحقيق مكاسب من النظام. 6- يُعدّ الاتحاد الأوروبي مجموعة من
العقوبات الاقتصادية الجديدة التي
ستطال الشركات السورية المرتبطة بنظام
الرئيس بشار الأسد وإضافتها إلى قائمة
العقوبات الأوروبية، حسبما أفادت
مصادر دبلوماسية أوروبية. و أوضحت
المصادر أن دول الاتحاد الأوروبي تفكر
بتشديد العقوبات على سوريا لإرغام
النظام على وقف القمع ضد الاحتجاجات
المطالبة بإسقاطه. 7- تعطيل المشاريع الاستثمارية الكبرى
لدول الخليج العربي و مستثمرين دوليين
آخرين حيث تؤكد شخصيات من قطاع الأعمال
أن الاحتجاجات ضد الرئيس السوري عطلت
ثلاثة مشاريع استثمارية خليجية كبرى
في سوريا على الأقل. 8- انخفاض احتياط النقد الأجنبي و الخشية
من عدم القدرة على تمويل المستوردات،
خصوصاً بعد موجة سحب الإيداعات من
البنوك الخاصة التي قدرت بالمليارات
،و يذكر أنه في بداية السنة الجارية
قدر الاحتياطي الأجنبي ب 17 بليون
دولار، وهو ما يكفي في ظروف عادية
لتمويل سبعة شهور من الواردات فقط. كل تلك العوامل و المستجدات ستؤدي إلى
نتائج سلبية بعيدة و قريبة المدى مع
جمود الإصلاحات الموعودة و عدم فعالية
أي قرار حكومي و تزايد القمع و توسيع
العملية العسكرية. وأقرب هذه النتائج، أن تشهد البلاد موجة
ارتفاع للأسعار و قلة في المحاصيل
الزراعية و أيضاً زيادة بطالة جديدة
تنتج عن توقف العديد من المعامل و
الشركات الخاصة عن العمل كلياً أو
جزئياً و توقف التوظيف خوفاً من
المستقبل. وكما يقول علماء النفس الاجتماعي فإنه، و
نتيجة لظروف المعيشة السيئة، خصوصاُ
للمنتقلين إلى البطالة بعد عملهم،
يتولد عند هؤلاء ميل لا شعوري إلى
التطرف بالأفكار تجاه المجتمع المحيط
و نقمة و غضب على الدولة و تصبح عندها
خياراتهم أضيق و أضيق. وإذا أسقطنا هذا التحليل العلمي على
مجتمعنا السوري فنستطيع القول بأن تلك
الخيارات هي: 1- إما المجاهرة بمعارضة النظام و
اللامبالاة بالقوانين و الأنظمة 2- أو الالتجاء إلى التطرف الديني 3- أو سلوك طريق الإجرام خصوصا السرقة و
النهب 4- أو الهجرة خارج الوطن بشكل شرعي أو غير
شرعي وبعد كل ما سبق، لندع النظام السوري
الحاكم و الذي طالما قلل من خطورة
التظاهرات، أن يقوم باحتساب الأعداد
الضخمة للمتظاهرين و المعارضين الجدد
الذي لن يسكتوا عن سوء حالاتهم بسبب
البطالة و العَوز و الحاجة. ======================= كتب أ. علي حسين باكير* "قاوم" 29/06/2011 يراهن النظام السوري على أنّ الولايات
المتّحدة منهكة عسكرياً ومستنزفة
اقتصادياً وفي فترة ضعف وانقسامات
سياسيا، ولذلك يعتقد انّه مهما فعل في
الداخل السوري فان التحرك الأمريكي لن
يتجاوز الكلام بسبب هذه المعطيات، أضف
إلى ذلك أن لا حوافز تغري واشنطن
للتدخل. ناهيك عن أنّ نظام الأسد يراهن
أيضا على "العقلانية" الأمريكية،
فهو في النهاية يظل قادراً على تسويق
بضاعته لهم في مجال مكافحة الإرهاب أو
ضبط الجماعات المسلحة ... أكثر من مئة يوم مرّت على انتفاضة الشعب
السوري للمطالبة بحقوقه المسلوبة.
بدأت بشعارات عادية واجهها النظام
بعنف ووحشية كان له سابق خبرة فيها
وتجاوزت كل معقول باستهداف النظام
للأطفال والنساء فما لا يمكن لإنسان أن
يتصور أو يعقل! على الصعيد الداخلي، ينتمي النظام السوري
إلى قائمة الأنظمة الحديدية في إحكام
قبضته الأمنية والاستخباراتية على
كافة نواحي الحياة والمجتمع. ومقارنة
بالنظام المصري على سبيل المثال والذي
تمّ الإطاحة به، فالنظام السوري لا
يسمح بأي شكل من أشكال المعارضة ولو
شكليا، ولا يسمح بتعدد حزبي ولو مصطنع،
ولا يوجد حريات إعلامية وصحفية ولو
مفبركة علما أنّ الرئيس المصري كان يسب
علنا في الصحف المصرية على سبيل المثال. على الصعيد الإقليمي، يعد النظام السوري
أحد أعمدة صناعة ما اسميه "الفوضى
المضبوطة" في المنطقة. فهو التاجر
الخبير بها وفيها والذي لطالما تلاعب
بالمكونات الداخلية والمعطيات
الخارجية الإقليمية لصالح هدف واحد
فقط وهو تمتين نظام حكمه وتعزيزه
والحفاظ عليه بأي وسيلة كانت. - هذا النظام شأنه في ذلك شأن جميع الأنظمة
التي تفتقد إلى شرعية داخلية بحاجة إلى
غطاء يدرأ عنه هذا الخلل الخطير الذي
يهدد زوال ملكه، فيلجأ إلى اكتساب
شرعية خارجية سياسية واجتماعية ودينية
وإقليمية ودولية. تحت شعار "الممانعة"
و"القضية الفلسطينية" كسب قطاعا
عريضا من العوام الإسلاميين والقوميين.
ثم تحت شعار أنّ حكمه علماني وليس
إسلامي كسب قطاعا واسعا من الأقليّات
الطائفية والمذهبية والدينية. - هذا النظام الذي يصنع الفوضى ويوجد
المشكلة ثم يفاوض الأمريكي
والإسرائيلي على حلها ليأخذ مكافأة
عليها، استطاع أن يكسب الأمريكيين
بتسويقه محاربة الإرهاب والإرهابيين (الذين
يصنعهم بنفسه لاستخدامهم عندما يواجه
ضغطا، ولمقايضتهم عند وجود تفاوض
وحالة العراق خير دليل على ذلك). وأمن
جانب اسرائيل بتنازله عن الجولان التي
ما زالت محتلة منذ أكثر من 40 سنة دون
طلقة رصاصة واحدة وهو يحاضر على غيره
بالمقاومة وبالتحرير. - هذا النظام متمرس في الاستفادة من
التناقضات وتوظيفها لصالحه. فبعد
الاستفادة من كل المكونات السابقة
يستخدمها ضد بعضها البعض ليحمي نفسه،
فهو استخدم الإخوان في مواجهة
السلفيين، ويستخدم الآن الشيعة في
مواجهة الإخوان، والمسيحيين في مواجهة
المسلمين، واستخدم قبلا السلفيين في
مواجهة الأمريكيين والإخوان في مواجهة
إسرائيل. ويستخدم الشعوب العربية
وقودا لبقائه فاستخدم اللبنانيين
والفلسطينيين والعراقيين كما استخدام
بلدان هذه الشعوب كساحات له لممارسة
ألعابه مع الآخرين والمساومة عليهم.
وهكذا... في مواجهة انتفاضة الشعب، يستخدم النظام
السوري خبرته العريقة أعلاه ويوظفها
في استراتيجية تقوم على ثلاثة مستويات: أولاً: المستوى العسكري فقد بدا واضحا من اللحظة الأولى بأنه حسم
خياره وانّه اتجه لاستخدام الخيار
العسكري متبوعا بالسياسة الأمنية في
قمع انتفاضة شعبية وفرض هيبة النظام
داخليا وإخضاع الجمهور المعارض لعامل
اليأس، وفرض سياسة الأمر الواقع لاحقا
على الجوار الإقليمي والدولي على أساس
أنّهم سيضطرون الى التعامل معه إذا نجح
في ذلك. ثانياً: المستوى الإعلامي ولا يقل أهمية أبدا عن المستوى العسكري.
وعلى عكس نظام بن علي ومبارك وحتى
القذافي، فان نظام الأسد يعتمد على آلة
إعلامية محترفة ومنتشرة في العالم
العربي كانت قد بنت أمجادها وتغلغلت في
الناس عبر وهم "الممانعة". وتضم
هذه الشبكة الإعلامية عددا من القنوات
والصحف والإذاعات والمحللين
وغالبيتهم من اللبنانيين الحلفاء
والموالين لنظام الأسد أو المحور
السوري-الإيراني أو ما يصفهم
عبدالوهاب بدرخان "الخبرات
اللبنانية التي تعمل كأبواق مرتزقة"،
وهؤلاء اكثر راديكالية في الدفاع عن
النظام السوري من بعض السوريين
التابعين للنظام أنفسهم. ويديرها هؤلاء الحلفاء الشبكة الإعلامية
هذه بهدف: 1- تجريد الانتفاضة من مصداقيتها بربطها
بأطراف أخرى: وجرت محاولات حثيثة
لربطها بعصابات مسلحة ومن ثمّ
بالسلفيين والإرهابيين، وبعدها
بالإخوان والمتطرفين وعملاء إسرائيل
ومنفذي الأجندة الأمريكية
وبالمخابرات الأردنية والتركية
والسعودية والإماراتية وبعض الجهات
اللبنانية، ولم يبق جهة الا وتم ربط
الانتفاضة بها لتشويهها. 2- تخويف الأقليات من التطرف القادم:
ويتفاعل مع هذه الحملة بعض مسيحيي
لبنان سيما التيار العوني ولهذا بالغ
الأثر لدى الغرب. وهي ورقة مهمة يعرف
النظام كيف يوظفها على الصعيد
الإقليمي والدولي. فيما يتولى حلفاء
النظام الطائفيين ك"حزب الله" و"حركة
أمل" تغيير صورة المواجهة من اضطهاد
أقلية طائفية فئوية عائلية داخل
الطائفة العلوية (النظام السوري)
لأغلبية الشعب السوري إلى مواجهة بين
"الممانعة" وعملاء المشروع
الأمريكي-الإسرائيلي التفتيتي في
المنطقة، ثم تأتي بعض مخلّفات
الثورجية اليسارية! والقومجية العربية!
للتغطية على المنطق الطائفي لهؤلاء. 3- ترسيخ نظرية المؤامرة وارباك الوضع
العام: ويركز هؤلاء بما لهم من خبرة في
الحرب النفسية وفي الترويج لنظرية
المؤامرة بمزج بعض المعطيات الحقيقية
من تجارب أخرى مع كثير من الكذب
المتعلق بالحالة السورية على طريقة
المثل القائل "أفضل كذبة هي التي
تتضمن شيئا من الحقيقة" خاصة أنّ
لنظرية المؤامرة أنصار كثر في العالم
العربي بما يساعد على التأثير في الرأي
العام العربي والإقليمي والعالمي من
الموقف تجاه الشعب السوري والانتفاضة
السورية، فان ليس بتغييره كلّه فبشقّه
وتشتيت جمعه وهو في حد ذاته انتصار
للنظام السوري على قاعدة "إن لم
تستطع إقناعهم، فأربكم على الأقل". ثالثا: على المستوى السياسي يعتمد النظام على خطاب يهدف إلى التسويف
وكسب المزيد من الوقت وتمييع القضية
الأساسية وتنفيس الضغط الإقليمي
والدولي للوصول إلى مرحلة ييأس فيها
الجميع من متابعة مواجهته. فالنظام لا
يقول علنا وبشكل مباشر انه يرفض إجراء
إصلاحات، لكنه واقعيا وعمليا وعلى
الأرض يعمل بشكل معاكس كليا، وهو "يقول
نعم علنا ومن ثمّ يعمل بالعكس ضمنا". وهذه السياسة تخلق نوعا من الإرباك
الداخلي والإقليمي والدولي في التعامل
مع النظام. وعلى الصعيد الداخلي يخلق
هذا الخطاب شرخا بين المعارضين الذين
يرون إمكانية إجراء حوار بناء على ما
يطرحه وبين من يعرفون نوايا النظام
جيدا وخبروه على مدى العقود الماضية.
فإذا لم يخلق مثل هذ الشرخ يتحول
النظام إلى الخطة (ب) وهو الجاري
تطبيقها، فيعمل على خلق تشكيلات
معارضة صورية يختار شخصياتها بنفسه
ويضرب بهم المعارضة الحقيقية وبعد
الانتهاء منهم يقوض كل ذلك بضربهم
بنفسه فنعود إلى المربع الأول. ويراهن النظام السوري على في استراتيجيته
على عدّة عناصر أساسية: النموذج الإيراني في سحق الانتفاضة: اذ
يراهن النظام على نجاح سياسة سحق
الاحتجاجات مستلهما النموذج الإيراني
الذي تبع الانتخابات الرئاسية
الإيرانية في حزيران من العام 2009. فإلى
الآن، لم ينجح أي نظام في مواجهة ثورة
شعبية على الطريقة التي تشهدها سوريا
باستثناء النظام الإيراني. المقايضة الأمريكية: الولايات المتّحدة
وعلى عكس ما يعتقد كثيرون، تعتمد نظام
مفتوح يستطيع أي أحد أن يؤثر فيه (بنسب
متفاوتة) لخدمة مصالحه، لكن عليه أن
يعرف كيف يفعل ذلك وكيف يوظفه. وللأسف
فان أكثر الدول معرفة بالأسلوب
الأمريكي داخليا وخارجيا هي سوريا إلى
جانب إيران. والشواهد على ذلك كثيرة، فهذه البلدان
تتعامل بمنطق الخدمات مقابل المكافأت،
والحالات أشهر من أن تعد أبرزها
الاتفاق السوري سابقا مع الأمريكي
والإسرائيلي على إخراج حركة منظمة
التحرير(المقاومة) من لبنان، وأيضا
الاتفاق السوري مع أمريكا في حرب
الخليج الثانية مقابل شرعنة وضع الأسد
في لبنان. يراهن النظام السوري على أنّ الولايات
المتّحدة منهكة عسكرياً ومستنزفة
اقتصادياً وفي فترة ضعف وانقسامات
سياسيا، ولذلك يعتقد انّه مهما فعل في
الداخل السوري فان التحرك الأمريكي لن
يتجاوز الكلام بسبب هذه المعطيات، أضف
إلى ذلك أن لا حوافز تغري واشنطن
للتدخل. ناهيك عن أنّ نظام الأسد يراهن
أيضا على "العقلانية" الأمريكية،
فهو في النهاية يظل قادراً على تسويق
بضاعته لهم في مجال مكافحة الإرهاب أو
ضبط الجماعات المسلحة في لبنان
وفلسطين والمساعدة في العراق ..الخ وهي
أمور تستعمل في وجه آخر كورقة عندما
يشعر النظام السوري بأنه تحت الضغط،
ولطالما نجح النظام في استخدام هذه
الأوراق على مر السنين ولا زال لديه
أمل بنجاعتها. المصالح المشتركة مع الكيان الصهيوني: من
المفارقات أنّ كلا النظامين
الإسرائيلي والسوري يساهمان في تعزيز
"شرعيتهما الوجودية" من خلال
العداء الافتراضي الذي لا يتجاوز
الكلام. إسرائيل تشكو عدوانية سوريا
وحلفائها للحصول على تعاطف الغرب
والدعم المالي والعسكري وتعزيز اليمين
المتطرف الداخلي، وفي المقابل سوريا
تروج للعداوة مع إسرائيل "الممانعة"
لكسب تعاطف الشعب العربي والتغطية على
حقيقة التحالف الطائفي الفئوي (سوريا-إيران-حزب
الله) باسم القضية الفلسطينية ومحاربة
إسرائيل، وبالتالي تتجاوز عدم شرعية
النظام في الداخل السوري للحصول على
شرعية من خارج الحدود. وضمن هذه المعادلة يتبادل الطرفان
الخدمات وندور في حلقة مفرغة، كل من
يريد أن يعزز منطق الآخر ويمدّه بأسباب
البقاء والحياة بشكل مختلف. الصحافة
الإسرائيلية كتبت سيلا من التقارير
والمقالات وما يدور في كواليس السياسة
الإسرائيلية عن "ضرورة الحفاظ على
نظام الأسد" مرور ب"النظام الذي
تعرفه خير من الذي لا تعرفه" وليس
انتهاء بانّ "وجود الأسد ضرورة ملحة
لإسرائيل فحدود سوريا (العدو المفترض)
لإسرائيل أأمن من حدود مصر والأردن (موقعين
على اتفاقية سلام مع تل أبيب)!!. فالنظام
السوري حافظ على الهدوء في الجولان
الذي تحتله إسرائيل ولم يطلق طلقة
واحدة على مدى أكثر من أربعين عاما ما
جعل كثيرين يفترضون انه تم بيع هذا
الجزء من سوريا والذي تبلغ مساحته
تقريبا حوالي 60% من إجمالي مساحة كل
جنوب لبنان إلى إسرائيل كضمانة لبقاء
النظام "العقلاني" السوري حاكما. ويراهن النظام السوري الذي كان أرسل عدّة
رسائل لإسرائيل في الآونة الأخيرة
أهمها رسالة مخلوف الذي فضح مشكوراً
هذا الترابط في المصالح بين النظام
السوري والإسرائيلي، انّه ما زال
بالإمكان المحافظ على هذه المعادلة
الذهبية لما فيه مصلحة الطرفين
بالإبقاء على رأسه حاكما في دمشق. التحالف الطائفي: النظام السوري يعرف أنّ
حلفاءه في الحلف الطائفي المقدّس (إيران
وحزب الله) لن يتركوه وسيساندوه ويمدوه
بكافة أسباب الدعم والبقاء. ومكمن قوة
هذا التحالف البيني انه تحالف طائفي
فئوي ما يعني انّه كالسبحة حال انقطاع
الحبل ينفرط العقد وتسقط جميع الحبات،
لذلك فدعمهم لبعضهم البعض سيكون حتى
النهاية ولا يمكن السماح بسقوط أحد هذه
المكونات. أمّا إقليميا، فهو يختبئ خلف
القضية الفلسطينية ويستغل عاطفة
وإخلاص الشعوب العربية للقضية من اجل
توظيف ذلك في الترويج للمؤامرة على
الممانعة وبالتالي التضحية بالشعب
السوري. الموقف الروسي والصيني: يعتقد النظام
السورية بأنّ الموقف الروسي والصيني
سيحميه من أية مضاعفات دولية على مستوى
مجلس الأمن في حال فكّرت الولايات
المتّحدة أو الاتحاد الأوروبي في
تجاوز اللعبة التقليدية وتوسيع نطاق
الضغط. فالنظامان (روسيا والصين) لا
يؤيدان في الأصل أيّة تحركات شعبية
سواء كانت ثورات أو انتفاضات ويخافان
من أن تؤثر الحركة على مناطق نفوذهما
ليس في الشرق الأوسط بل في آسيا الوسطى
وأيضا في داخل كل منهما. وبغض النظر عن هذه المعطيات وهذه
السياسات وهذه الحسابات، فإن الكلمة
الأولى والأخيرة تبقى للشعب السوري
المنتفض والثائر، وبقدر ما يصمد الشعب
في المواجهة غير المتكافئة والباهظة
التكاليف (أودت إلى الآن بحوالي 1500
شهيد وأكثر من عشرة آلاف سجين) بقدر ما
ينجح في كسر رهانات النظام وإفشال
إمكانية عقد أي صفقة بينه وبين الخارج.
وبقدر ما توسع الانتفاضة من رقعة
انتشارها وتكثف من تحركها بقدر ما
تستنزف النظام. باحث في العلاقات الدولية. ========================= جميل حامد الجديدة 5/7/2011 لن
يستطيع أهل غزة رمي شباكهم في
البحر،فالضفادع البشرية الإسرائيلية
طردت الأسماك خارج
المساحات التي
حظرها طغيان البحر على الغزيين
والأسماك على السواء،ولن يستطيع أهل
غزة التلويح من بعيد لأساطيل فك الحصار
عن بحرهم أيضا فقد أعلن المجلس الوزاري
الإسرائيلي المصغر عزمه على إغراق
الأسطول في قاع البحر إن لم
يستطع ثني المرابطين على متن السفن
المشاركة عن هدفهم بالوصول الى شواطئ
غزة…! إسرائيل
اللعبة الإنسانية في المسرح
الديمقراطي الرسمي للدول الغربية
وأمريكا،وإسرائيل ملهاة العالم الحر
شأنها شأن الفلسطينيين فكلاهما
مرتبطان بقضية واحدة أرادها الله
رباطا للقوم الجبارين ،مثلما أرادها
مكبا ليهود العالم وملاذا لهم من وراء
جدر محصنة …. أمريكا
التي تستطيع نزع فتيل قنبلة الفيتو بأي
وقت تشاء في مجلس الأمن الدولي لإفشال
أي مسعى عربي يتعلق بالحقوق العربية في
فلسطين هي أمريكا التي وقع قبطانها جون
كلسماير في اسر قوات خفر السواحل
اليوناني الذين اعترضوا سفينة “جرأة
الأمل” إحدى السفن المشاركة ضمن أسطول
الحرية 2 لفك الحصار البحري عن غزة…. تستطيع
أمريكا فعلا إفشال أية مشاريع يسعى
العرب لتمريرها عبر بوابة الشرعية
الدولية،لكنها وقفت عاجزة أمام
النشطاء الأمريكيين
الذين ضربوا بالسياسات الحكومية
عرض الحائط واجتهدوا للوصول الى بحر
غزة المحاصر بالقوارب والسفن والبوارج
الحربية الإسرائيلية وبالدعم
الأمريكي ..لكن هل سيقف أسطول الحرية
عند اعتقال “كلسماير” أم أن اللون
الأحمر سيطغى على لون البحرفي نهاية
الأمر ….!؟ وماذا
سيكون موقف أمريكا الرسمي لو قدر
لسفينة جرأة الأمل التي تقل النشطاء
الأمريكيين الاشتباك
مع قوات الحليفة إسرائيل؟ وكيف
سيتعامل الشعب الأمريكي مع راعية
إرهاب الدولة العبرية ومشرعة الحصار
وتجويع الأطفال إذا ما سقط نشطاء الأمل
برصاص النيران الصديقة؟ قد لا
تختلف ردة فعل أمريكا وشعبها نهائيا عن
تلك التي واكبت
مقتل الناشطة الأمريكية راشي كوري
التي قتلتلها مدرعة إسرائيلية أثناء
محاولتها منع الجنود
الإسرائيليين من هدم منزلا في مدينة
رفح عام 2003.،وقد لا تحمل الذاكرة
الأمريكية أي ذكرى لفقيدتهم
التي قتلتها المدرعات الصديقة
،على عكس الفلسطينيين الذين يخلدوا
ذكرى راشيل كوري كل عام وذهبوا الى
تسمية بعض مسارحهم وجمعياتهم باسم
الناشطة الأمريكية…فهل راشيل كوري
كانت بمهمة قتالية مدفوعة الأجر على
غرار الجنود الأمريكيين في العراق
الذين جاءوا من كل الجنسيات للبطش
بالشعب العراقي لأجل المال،أم هي
إنسانة غلبت ضميرها الإنساني على
سياسات دولتها فاختارت الوقوف الى
جانب المظلومين في معادلة الصراع
العربي الإسرائيلي….!؟ قد تكون
اليونان من أكثر الدول التي تتحرش
بالذاكرة الفلسطينية لارتباطها
بالعلاقة الوثيقة التي كانت تربط
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات
بــ أندرياس بباندريو في وقت تمتع به
القائد الفلسطيني بعلاقة ممثالة بل
أقوى مع المستشار النمساوي الراحل
برونو كرايسكي الذي حاول إبراز القضية
الفلسطينية في الغرب على أنها قضية
عادلة برغم المقاومة الشديدة التي
واجهها والتهديدات العنيفة التي تعرض
لها شخصيا إبان محاولاته فكفة العزلة
عن ياسر عرفات وعن منظمة التحرير
الفلسطينية، لكن اليونان تساهم اليوم
في تخريب السفن المشاركة في أسطول
الحرية 2 متمثلة بخطوتها هذه بالضفادع
الإسرائيلية التي طردت الأسماك والبشر
وكل من اقترب من المياه الدولية..فلماذا
تتخذ اليونان موقفها المناهض لفك
الحصار عن غزة في وقت يشيد به
الفلسطينيون بالمواقف اليونانية
وبالصداقة المتينة بين الشعبين
الفلسطيني واليوناني وبالعلاقات
التاريخية بين الكنيسة اليونانية
وبالأراضي المقدسة …؟ هل يمثل
منع اليونان لإبحار السفن من موانئها
الى المياه الدولية إذعانا للضغوط
الأمريكية والإسرائيلية أن وجدت،أم أن
خطوتها تأتي في إطار التعاون الأمني
المشترك ؟ لكن ما
الذي يجبر اليونان على التخلي عن
رسالتها الإنسانية في سبيل نيل الرضا
الإسرائيلي؟ هل يقف
الوضع الاقتصادي اليوناني المتردي
عائقا أمام استقلالية اليونان في
تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط؟ قد تمثل
الأساطيل التي تنادي بالحرية وفك
الحصار في نظر بعض الجهات نوعا من
الاستعراض،وقد أميل الى الجزء المدني
في السياسات الأمريكية التي تسعى
لإيجاد مساحة من القبول العربي وخلق
نوعا من التوازن في صفوف المجتمعات
العربية وخاصة تلك المنظرة للنضال
السلبي،وإلا ما معنى أن يهدد مجلس
الشيوخ الأمريكي بقطع المعونات عن
الفلسطينيين إذا نفذوا قرارهم بالتوجه
الى الأمم المتحدة في السادس من سبتمبر
القادم ؟ هل غزة
بحاجة الى آلاف الأطنان من المعونات
الغذائية لفك الحصار
عنها أم الى قرار أممي
يجبر إسرائيل على الانسحاب وفك
الحصار البري والبحري والجوي عن غزة؟ وهل
ستقبل غزة بعلب السردين القادمة من
الشواطئ الأمريكية ومن خليج المكسيك
على حساب طرد الضفادع
الإسرائيلية للأسماك من بحر غزة؟ ألم
يطرد سكان مخيم جنيين قوافل المساعدات
الأمريكية خارج المخيم ويرفض المعونات
الأمريكية عقب مجزرة جنين
عام 2002 ؟ لماذا
أصبحت المساعدات الأمريكية وغيرها
احد أسلحة المقاومة الشعبية التي
تتغنى بها الفصائل والحركات
الفلسطينية لتغزيز الصمود الفلسطيني؟ لماذا
يقبل الفلسطينيون بنقل معركتهم
مع الاحتلال من ميناء رفح الى
ميناء لارنكا؟ هل
تتحرك هذه الأساطيل بدراية القيادة
الفلسطينية أم أن القضية الفلسطينية
أصبحت مشاعا ومسرحا لكل القوى
والأجهزة العالمية؟ لماذا
ينتظر الفلسطينيون أساطيل الحرية من
أمريكا وتركيا وغيرها ولم يتحرك العرب
لفك العزلة عن معبر رفح الذي أغلقه
نظام مبارك بقرار من جامعة عمرو موسى
في خطوة اقل ما يمكن
وصفها بالحصار البري لغزة ؟ لنقف
على ما كتبه ايتمار آيخنر في صحيفة
يديعوت الإسرائيلية: عندما ظهرت
الصدوع الأولى في العلاقات مع تركيا،
بدأت إسرائيل في تطوير علاقاتها
السياسية والعسكرية مع اليونان، الخصم
التقليدي للأتراك. في نهاية الأسبوع
أثمر التحالف بواكيره، حين منع مقاتلو
الكوماندو اليونانيون سفينة “جرأة
الأمل” من الإبحار نحو غزة. وعلى
مدى السنين ساد حلف استراتيجي بين
تركيا وإسرائيل. ولكن عندما بدأت حكومة
اردوغان تهاجم إسرائيل، ولا سيما بعد
حادثة “مرمرة” التي جعلت التوتر بين
الدولتين شرخا حقيقيا، بدأت إسرائيل
تبحث عن حليف جديد في المنطقة.
الدبلوماسية الإسرائيلية، بإبداعية
لا تتميز بها عادة، بدأت بنسج شبكة
العلاقات. الكيمياء
التي سادت قبل ذلك بين رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو وبين نظيره اليوناني
جورج بابندريو شقت الطريق الى حلف
حقيقي بين الدولتين: فقد باعت إسرائيل
سلاحا متطورا للجيش اليوناني، طائرات
سلاح الجو تدربت في سماء اليونان،
ومئات آلاف السياح الإسرائيليين بدلوا
النوادي التركية بالجزر اليونانية…!! السؤال
هنا للقيادة الفلسطينية هل
تتلقى هذه القيادة تقارير من
سفرائها في الخارج؟ وما دور
هؤلاء السفراء ؟ بكل
بساطة الكاتب الإسرائيلي يفضح
الدبلوماسية الفلسطينية ويعريها من
مقومات تأثيرها في الدول التي يتراكض
القادة الفلسطينيون لاستجدائها
بالاعتراف بالدولة الفلسطينية،فإذا
كانت إسرائيل تعمل على توظيف الدول
التي كانت بالأمس القريب متهمة
بولائها للقضية الفلسطينية ومعاداتها
لإسرائيل قد انقلبت 180 درجة أن لم يكن 360
درجة للوراء فمن يتحمل مسؤولية هذه
الانقلابات الدولية على الحقوق
الوطنية الفلسطينية؟ من
الواضح أن سياسة اللهو التي تشهدها
المرحلة الحالية ستستمر الى ما بعد
أيلول سبتمبر القادم،ومن الواضح أن
أسطول الحرية 2 سواء كانت قوافله مكونة
من ثمان سفن أو ثمانين سفينة يدخل في
نفس إطار تأجيل الملفات الى ما بعد
أيلول،ومن الواضح أن أسطول الحرية هو
تعزية على ما فات من ويلات إسطبلات
التحقيق والاعتقالات،ومن الواضح أن
القضية الفلسطينية طوت مرحلة العصر
الذهبي في
تاريخها وأنها على أبواب عصر آخر قطعا
لا ولن تحمد عقباه لسبب واحد ليس أكثر
أن فلسطين بحاجة الى من يحررها، لا الى
مّن يتحرر منها…!؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |