ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 11/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الأزمة السورية بمنظار اقتصادي

د. صالح بكر الطيار

المدينة 10-7-2011

في حين ان كل الثورات الشعبية التي حصلت في عدة دول عربية كانت كناية عن حركات احتجاجات واعتصامات وتظاهرات يومية ، فإنها في سورية محصورة بأيام الجمعة فقط التي هي اساساً ايام العطلة الرسمية فيما يمارس المواطنون اعمالهم بشكل طبيعي وعادي في ايام الأسبوع الأخرى.

ورغم ذلك فإن القطاع الإقتصادي السوري قد مني بخسائر فادحة بدأت الآن تظهر تداعياتها السلبية بعد مضي نحو اربعة اشهر على انطلاق الحراك الشعبي السوري وهي مرشحة لمزيد من التفاقم في حال لم يتم التوصل الى حلٍ او الى تسوية ما .

فالإستثمارات باتت شبه غائبة وخاصة منها الاستثمارات الخليجية التي توقف اصحاب اكبر ثلاثة مشاريع عن العمل بها تخوفاً من تطورات الأوضاع بعد ان كانت سورية خلال العقد الأخير من الدول الجاذبة للاستثمارات نظراً للفرص المتاحة ولأجواء الاستقرار التي كانت مخيمة على البلاد .

والقطاع السياحي متوقف تماماً عن العمل الآن مما افقد البلاد ما بين 12 و 18 في المائة من اجمالي الدخل الوطني أي ما يعادل نحو 6.5 مليارات دولار ، ومما حرم نحو 11 في المائة من القوى العاملة من عملهم فارتفعت نتيجة ذلك نسبة البطالة بعد ان كانت 8 في المائة قبل نحو العام من الآن .

وعن معدلات النمو فآخر الإحصاءات تفيد ان من المتوقع ان يصل الى 3 في المائة نهاية العام 2011 مقابل 5.5 في المائة عام 2010 .

ومن الطبيعي ان تنعكس الأوضاع في البلاد على قطاعات التجارة والصناعة والزراعة وعلى حركة التصدير والاستيراد بحيث تمر جميعها في حال كبيرة من الركود وعدم القدرة على التصريف الخارجي .

وبما ان الدولة عاجزة الآن عن الزام المواطنين بدفع متوجباتهم الضرائبية فقد اضطرت السلطات المالية الى الإيفاء بالتزاماتها مما تجمع لديها من احتياط من العملات الأجنبية بحيث هبط المبلغ الإجمالي من 40 مليار دولار الى نحو 20 مليار دولار الامر الذي انعكس على القيمة الشرائية لليرة السورية التي خسرت ما بين 15 و 20 في المائة من قيمتها .

وترافق ذلك مع اقدام مصارف سورية خاصة على تحويل نحو 10 في المائة من احتياطها الى مصارف في الخارج الى حد ان هناك تداولا بأرقام تصل الى نحو 20 مليار دولار .

ولعل هذا ما حدا بالرئيس السوري بشار الأسد الى دعوة المواطنين السوريين الى ان يودع كل فرد الف ليرة سورية ( 20 دولارا ) في المصارف السورية دعماً لليرة ولتوفير السيولة للدولة لتفي بإلتزاماتها المالية .

ولا يمكن ان ننكر الانعكاسات السلبية للقرارات التي صدرت عن جهات دولية والتي فرضت عقوبات اقتصادية على رجال اعمال كبار ممن يمتلكون مليارات الدولارات مما افقد البورصة السورية حيويتها وأدى بالتالي الى هبوط في اسعار بعض الأسهم .

هذه الأوضاع ، كما هي الحال في كل الدول ، دفعت بكبار التجار الى احتكار السلع الأساسية والى رفع اسعارها وخاصة المواد الغذائية والأدوية ومواد البناء .

من هذا المنطلق بات محتماً على القادة السوريين الإسراع في ايجاد الحلول الناجعة والبدء في اقرار الإصلاحات المطلوبة شعبياً وإلا فإن البلاد مقبلة على ما هو اسوأ من ذلك اقتصادياً وسياسياً وأمنياً .

==============

لماذا لم تعتقل المخابرات السورية السفير الأميركي ?

داود البصري

السياسة

10-7-2011

لعل واحدة من أهم الصفات و الجينات الوراثية الاستنساخية الرائعة التي عرف فيها النظام السوري و تميز هي صفة الجبن المتوارث أمام الأقوياء و القادرين و الذين يستطيعون تكسير رأس وعظام النظام و "شبيحته" و استئساده على الفقراء و المحرومين و الضعفاء و العزل من النساء و الأطفال و الشيوخ و الشباب الأعزل إلا من قيم العزة و الكرامة و الحرية , وفي تاريخ النظام الطويل طيلة أكثر من خمسة عقود دموية عجفاء تاريخ حي و حافل من أمثلة الخنوع و الإستكانة و الإهانة , فحينما دمرت الطائرات الإسرائيلية قبل سنوات قليلة مفاعل النظام النووي في أقصى شرق البلاد لم نسمع حساً لا خبراً و مرت العملية بهدوء و رخاوة ستراتيجية منقطعة النظير ? وعندما إستهدف الموساد الإسرائيلي المنظومة الأمنية للنظام و أغتال الإرهابي عماد مغنية في قلب المخابرات السورية في كفر سوسة لم نجد ردا و لا حتى تلويحا بالرد أو التهديد الأجوف , بل مر كل شيء بهدوء و محبة ووئام , لكن حينما تحرك الشعب السوري و أنتفض لكرامته و مستقبله و مستقبل أجياله تحركت آلة النظام العسكرية الذليلة المهانة لتمعن قمعا و قتلا و تقتيلا بالنساء و الأطفال و تلجأ للغة الماضي العفنة في المجازر الجماعية و في القمع الإرهابي الشامل , رغم أن الشعب السوري وهو يفجر ثورته الوطنية الكبرى لم يعد يخاف الموت بل أنه يطلبه كثمن واجب الدفع للخلاص من نظام القتلة , و ما الحياة في النهاية إلا موقف عز و كرامة في وجه سلطان ظالم و غشوم و مجرم,و لعل قيام السفير الأميركي في دمشق يتبعه السفير الفرنسي بزيارة مدينة حماة الشهيدة و المراقبة عن كثب لحملة القمع السلطوية هي بمثابة رسالة واضحة المعاني و المباني تقول ان الشعب السوري ليس لوحده و إن العالم في عام 2011 هو غيره تماما ومختلف بالكامل عن عام 1982 حينما إجتاح نظام الأب وعصابات رفعت الأسد وشفيق فياض مدينة حماة تاركين خلفهم عشرات الآلاف من الشهداء وآلاف من المغيبين و المفقودين في زنازين و أقبية المخابرات السورية ? كلا أيها القتلة , قد تغير الزمن و المعطيات وحتى أسلوب إدارة المعركة و الصراع وماعاد ممكنا أبدا الإنفراد بالشعب السوري و إبادته أو حتى تطويعه وفقا لرغبات مماليك الحكم و السلطان الذين يتوجب عليهم دفع أثمان جرائمهم و جرائم النظام القمعي الذي توارثوه و كأن الشعب السوري العظيم مجرد قطعة أثاث يتداولها الورثة , موقف السفير الأميركي هو موقف تاريخي يعيد بكل تأكيد صياغة الحالة الديبلوماسية الدولية التي لم تتغير منذ أيام مؤتمر فيينا عام 1815 وهو يؤكد بصرف النظر عن أي تفسيرات أخرى بأن عمليات قمع الشعوب و إقتراف الجرائم الجماعية ضد البشرية ليست مجرد شأن محلي أو داخلي بل أنها مسؤولية إنسانية كبرى يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليتها و تبعاتها , فالنظام السوري هو في السليقة نظام مجرم ولا يتورع عن إقتراف أبشع المجازر لضمان بقائه رغم أن شرعيته الإعتبارية قد تلاشت تماما منذ أن قتل الأطفال وروع الشيوخ و الآمنين و إستمرارية مثل هكذا أنظمة جبانة هو عار على البشرية و الحضارة , و النظام السوري لا يخاف إلا من الأقوياء و إلا فلماذا لم يستطع منع موكب السفير الأميركي أو حتى إعتقاله و إستعمال الفلقة و دولاب الهوا بحقه ? لأنه يعلم حجم الرد المقابل و المهول , لذلك فإن فحولة و إستئساد قتلة الشام لا يكون إلا على ظهور المحرومين , وطبعا في موازين المقارنة فإن فرقا شاسعا بين موقف السفير الأميركي الذي يراقب القمع عن قرب و بين مواقف حواشي الخنوع و أقصد به سفير حزب "الدعوة" الإيراني و"شبيحة" العراق في دمشق الملا علاء الجوادي الذي لا يخجل من التضامن مع قتلة أشقائنا السوريين! أعتقد أن المسألة السورية قد تحولت شأناً دولياً لشمولية الثورة السورية و تضحياتها الجسام , كما أن أحرار سورية على قدرة تامة ومطلقة بإمتلاك مفاتيح النصر في إدارة الصراع الوطني بطريقة إستشهادية رائعة أذهلت الأعداء قبل الأصدقاء , نتطلع إلى انتصار الثورة السورية الحتمي و القريب , فهي الرد على كل أراجيف الدجالين و المشعوذين و قتلة الشعوب. أما السفراء العرب فكأنهم و الماء من حولهم قوم نيام حولهم ماء, بوركت يا سفير الولايات المتحدة و بوركت كل الجهود الإنسانية التي ستقبر في النهاية الفاشية في الشام العظيمة.. إنها بشائر النصر المؤزر , و إنه الشعب السوري العظيم وهو يصنع التاريخ.. ولا نامت أعين الجبناء.

==============

حنجرة «قاشوش».. حياة أخرى!

وليد الهلال

اليوم 10-7-2011

إبراهيم قاشوش.... اسمه الحركي بلبل الثورة السورية.. صوت حماة ... تاريخ ومكان الولادة: غير معروف!! تاريخ الوفاة 2 شعبان 1432 الموافق 3 يوليو 2011، مكان الوفاة حماة، شواهد: منشد المظاهرات المعارضة في حماة، الديانة مسلم! كم هو مغلوب على أمره المواطن العربي البسيط، ويا لها من سخرية مبكية حيث إننا نعيش في القرن الواحد والعشرين وليس معروفا تاريخ ولادة البعض منا وإنما وفاته توثقها كافة الوسائل الإعلامية والصحية والشبيحية لأنها ببساطة تحددها يد البطش الرسمي الخالي من أية ملمح من ملامح الإنسانية.

أجزاء من المعلومات السابقة نقلها موقع الويكبيديا بالعربي عن الشهيد السوري إبراهيم قاشوش الذي اغتالته قوات الأمن السوري وشبيحته ومثلت بجثته باقتلاع حنجرته التي صدحت في أرجاء حماة وكافة المدن السورية «يلا ارحل يا بشار» في جمعة ارحل التي تعد أكبر تظاهرة مليونية سلمية تطالب بإسقاط نظام الأسد والمطالبة بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

النظام السوري اختار أسهل وأفظع طرق إسكات أصوات المعارضة باستئصال حنجرة إبراهيم من جسده بعد جز رقبته ورميه في نهر العاصي ولكنها للمفارقة أسهمت في تحويل كافة مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت ووسائل الإعلام إلى حنجرة «قاشوشية» حية تردد الأغنية بلا هوادة مما سيسهم بلا شك في تخليدها واعتبارها من أدبيات الثورة السورية!

فكلمات الأغنية الثورية المستلة من عمق الشارع السوري الثائر سلمياً وطريقة أدائها « عراضة حموية» تناقلتها وسائل إعلام شتى لأنها عكست تفاصيل الثورة السورية ومشهدها السياسي الملتهب بلهجة شامية حموية صادقة ومباشرة وعفوية مما سمح لها بالانتشار السريع والتأثير الكبير الذي لم يرق للجهاز الأمني السوري بالطبع.

عند استماعي لكلمات الأغنية لأول وهلة والتي تقول في جزء منها « الحريّة صارت عالباب.. ويلا ارحل يا بشار» تذكرت في الحال مسلسل باب الحارة الذي كان يعرض في رمضان لثلاث سنوات مضت حيث كان يوسف ابني يجبرني على متابعة دقائق معدودة منه قبل التقاط جريدة أو اللاتوب. المسلسل الدرامي السوري في هذه السنة لن يعتمد على الخيال الأدبي أو التأليف وإنما سنشاهده حياً وميتاً على الهواء مباشرة.

فعلى مدى الأربعة أشهر الماضية يجسد أبناء الشعب السوري التواق للحرية والكرامة فصول هذا المسلسل بعدد متزايد من الشهداء يفوق رقمه 1300 حتى الآن. لن تعوزك الحيلة لتقفي فصول وحلقات هذا المسلسل هذا العام لأن المخرج في الحكومة السورية برع بشكل كبير في تسلسل الأحداث وتطورها دراميا إلى الذروة في كافة المدن والمحافظات السورية تقريباً: فقد بدأت بكتابات طفولية بريئة على جدران درعا تطالب بالحرية والكرامة .. قابلها هجوم بالدبابات!... إلى اغتيال الطفل حمزة الخطيب وبتر أعضائه التناسلية.. إلى إنهاء عمل الإعلامية سميرة المسالمة من رئاسة تحرير صحيفة تشرين.. إلى تعاظم دور الشبيحة.. وكذبة العصابات المسلحة ودور السلفيين والإخوان المسلمين... وسقطة أمن سورية من أمن إسرائيل.. قمة الممانعة!! ... إلى الحوار بلا حوار... ليتوقف المسلسل عند لحظة كتابة هذا المقال عند إخراس صوت الثورة إبراهيم قاشوش ... ونزول مسؤولي الحكومة الأمريكية والفرنسية إلى شوارع حماة.. يا له من ذل و مهانة.. وادعاء الحكومة السورية بعدم درايتهم بهذه الزيارة. هذه أحداث كبرى تشهدها سورية تقابل بموقف عربي محير وغير مقنع ومتقاعس مهما سقنا من تبريرات سياسية وجيوسياسية وحسابات الربح والخسارة من سقوط نظام الأسد.

واختم بالقول، كرامة وأمن الإنسان هي الأهم بغض النظر عن موقعه الجغرافي أو دينه أو طائفته. فلو عقدنا مقارنة ما بين أدبيات الثورة المصرية وخفة دمها وما تحمله من روح الدعابة والفكاهة والتندر وبين ما تنز به أدبيات الثورة السورية من لوعة وصور العذاب والمهانة لعرفنا الفرق بين النظامين السابق في مصر والحالي في سوريا في درجة البشاعة وارتكاب الفظائع! على الرغم من رداءة تاريخ النظامين على مستوى حقوق الإنسان العالمية. ومع هذا الصمت العربي المطبق تجاه تجاوزات النظام السوري.

================

السفير وحماة  

الخليج 10/07/2011

حسام كنفاني

هل كان ينقص المحتجين في سوريا ادعاءات إضافية من قبل الحكومة حتى تقوم الولايات المتحدة بإيفاد سفيرها في دمشق روبرت فورد إلى حماة؟ من المؤكد أن الإجابة سلبية، فالمتظاهرون والمحتجون في المدن السورية نالهم ما يكفي من الألقاب والتهم، بداية من كونهم مندسين، ثم سلفيين، وبعد ذلك مخربين وإرهابيين، وتالياً عصابات مسلّحة، وما إلى ذلك من الألقاب التي تفننت السلطات في دمشق بإطلاقها . واليوم ها هو السفير الأمريكي يقدّم للسلطة على طبق من ذهب وصفة جديدة لتدعيم روايتها، وزيادة التهم ووضع المتظاهرين في خانة “المتعاملين مع الأمريكيين” والفرنسيين، على اعتبار أن السفير الفرنسي في دمشق، إريك شوفالييه، زار حماة أيضاً .

زيارة السفير الأمريكي مريبة جداً، فلم يسبق لأي سفير في البلاد العربية التي شهدت ثورات أن زار منطقة معينة وسعى إلى الاحتكاك بالمحتجين . على الأقل لم يحدث هذا في العلن، كما هو حال فورد، الذي أعلنت وزراة الخارجية الأمريكية رسميّاً عن مهمته .

لكن السؤال: ما هي مهمته؟ الأمريكيون أعلنوا أن المهمة هي “إظهار التضامن مع المتظاهرين”، لكن في واقع الأمر فإن الأمور تأخذ أبعاداً مختلفة، لاسيما بعد التقرير الذي نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية عن الدعم الأمريكي للحوار بين المعارضة والسلطة وفق ورقة مفصلة تم تقديمها خلال اللقاء التشاوري للمعارضين في دمشق قبل أيام .

مهمة السفير، الفريدة من نوعها، لا تدخل ضمن “التضامن” فقط . لا شك في أن لها أبعاداً مختلفة كلياً . ومن المعلوم أنه لا يخفى على الأمريكيين أن مثل هذه الزيارة لن تصب أبداً في مصلحة المحتجين، بل سترفع من رصيد نظرية المؤامرة التي يروّج لها النظام السوري . فهل هذا هو المقصود؟

من المؤكد أن الأمر كذلك والدفع باتجاه الحوار بعض ما هو مطلوب بالنسبة إلى الولايات المتحدة، التي خفضت في الآونة الأخيرة من حدة لهجتها في ما يخص سوريا، وباتت تدأب على دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى قيادة الإصلاح، على عكس دعواتها السابقة لمختلف الأنظمة التي شهدت ثورات ب “الرحيل” .

زيارة السفير الأمريكي لا شك مشبوهة، لكن شبهتها الأساس تكمن في كونها تدخل في خانة تدعيم وجهة نظر النظام السوري في مواجهة “المتآمريين” و”المندسين” و”الإرهابيين” و”المخربين” . . واليوم “الأمريكيين”، هكذا يقول بعض المعارضين السوريين ومعهم بعض المحللين السياسيين، لكن الأمر يستوجب في الوقت ذاته الحذر والقلق، فعندما تدخل الولايات المتحدة على خط أزمة داخلية عربية، فالقضية تصبح مقلقة، لأن التدخل الأمريكي في أي شأن عربي داخلي يحمل شبهة، وهذا ليس في مطلق الأحوال لمصلحة المستفيدين لمن تتدخل الولايات المتحدة لمصلحتهم، لأنها دولة لا تبحث إلا عن مصالحها، وبالتالي عن مصالح “إسرائيل” .

==============

الألغاز السورية في سياسة أميركا الخارجية

عيسى الشعيبي

09/07/2011

الغد الاردنية

لم تكن العوارض الخشبية وسائر تلك الحواجز البدائية التي أقامها أبناء مدينة حماة على عجل من أمرهم، هي التي منعت اقتحام جحافل المدرعات السورية لمدينة النواعير الشهيرة. كما لم تكن زيارة السفير الأميركي المفاجئة، ومبيته في الفندق المطل على ساحة العاصي، هي التي ردعت بدورها طوابير الدبابات الحديثة، وحالت دون اجتياح المدينة المتقدمة على شقيقاتها السوريات في حمل لواء الثورة الشعبية.

  ذلك أن ما يكبح نظاما لديه فائض من القوة الوحشية عن معاودة الفتك بحماة مرة أخرى، ويثقل على يديه المثقلتين أساساً بميراث دموي خاص بهذه المدينة، هو هذه الرمزية التاريخية المتربعة في الوجدان السوري العام، إن لم يكن في الوجدان العربي والإسلامي العريض، وهذا الخوف من انبعاث ماضٍ لم يمض تماماً، حتى لدى طيب رجب أردوغان الذي بكر في تحذير الأسد الابن من السير على خطى أبيه في حماة مجدداً.

  غير أن زيارة السفير الأميركي لمدينة حماة ليلة جمعة "لا للحوار" وهي بادرة لم يقم بمثلها إلى مدينة درعا أو جسر الشغور أو غيرهما من المدن المستباحة، بدت وكأنها رسالة ضمانات أميركية لأهل المدينة المطوقة بالآليات العسكرية، ضد أخطار اجتياح مدرع ظل يتهددها منذ أن خرجت في الجمعة السابقة بمسيرة نصف مليونية، وانعقد على ساريتها رهان السوريين الأحرار في تحقيق الفارق النوعي وقيادة لواء الثورة السلمية.

  إلا أنه في ظل ردة الفعل العصبية للنظام المتخبط في دماء شعبه، إزاء هذه المبادرة الملتبسة في مبناها ومغزاها، والدفوعات المتهافتة من جانب واشنطن في معرض تسويغ هذه الزيارة، فقد باتت الألغاز التي ظلت تكتنف الموقف الأميركي حيال الثورة السورية أكثر عدداً مما كانت عليه من قبل، وأشد استعصاء على الفهم من أي وقت مضى، سواء من قبل المراهنين على سياسة أميركية أكثر حزماً مع دمشق، أو من جانب المشككين بها أصلاً. ومع أن تداعيات هذه الزيارة المثيرة للتوقعات، ومضاعفاتها الباعثة على شتى التحسبات لم تتضح بعد، فإن السؤال المطروح هو هل تؤدي إطلالة السفير الأميركي على جموع المحتشدين من نافذة الفندق الملاصق لساحة العاصي، أو النزول بسيارته المصفحة بينهم، إلى تكوين رؤية أميركية جديدة حيال سورية، تقطع مع حالة التردد والارتباك والمراوحة التي وقعت فيها واشنطن طوال أربعة أشهر، وحالت حتى الآن دون مغادرتها سياسة تليين عظام النظام لا كسرها، حتى بعد أن فقد الكثير من مقومات شرعيته.

 قد يكون من المبكر بعد تكوين وجهة نظر موضوعية حول مآلات الموقف الأميركي المحتمل غداة زيارة سفير الدولة العظمى الوحيدة لعاصمة الحراك الثوري السوري المتعاظم، إلا أن ما يدركه الجميع سلفاً هو أن الاعتبارات الإسرائيلية الراسخة في توجيه دفة سياسات أميركا الشرق أوسطية، سوف تظل الناظم الرئيس لكل تطور محتمل في الموقف الأميركي المراوغ إزاء النظام المقاوم لفظياً والمستكين كلياً أمام الغطرسة الإسرائيلية، وذلك على نحو ما يحكيه حال جبهة الجولان لنحو أربعة عقود ماضية.

  وعليه فإن من الأرجح ألا يحدث تحول ذو مغزى في الموقف الأميركي إزاء دمشق في المدى القريب، إلا إذا فقد النظام القمعي رشده وخسر بقية أوراقه الإقليمية، وضعفت مناعته الذاتية، وتبلورت لدى قيادات الثورة المناطقية وقوى المعارضة، قيادة مركزية جامعة، بخطاب وطني ديمقراطي متطهر من كل نعرة طائفية، الأمر الذي من شأنه أن يشجع واشنطن على معرفة البديل مسبقاً، وتطوير موقف يفضي بها في حينه إلى قيادة ضغط دبلوماسي دولي، يتجاوز نطاق حث الأسد على قيادة عملية إصلاح حقيقية.

  وإلى أن تحدث كل هذه التطورات لا سيما في الداخل السوري، فإن الألغاز التي كانت تكتنف الموقف الأميركي حيال النظام المأزوم، ما تزل على حالها عصية على الفهم، قابلة لكل تأويل، مفتوحة على سائر الاحتمالات، بما في ذلك خيار الحفاظ على نظام ضعيف ومعزول، مجرد من كل تلك الأوراق الإقليمية التي أحسن اللعب بها طوال وقت طويل، أي إبقاؤه على قيد الحياة تحت سيف الضغط الخارجي، نظام لا يقدم شيئاً ولا يؤخر في منظومة الاعتبارات الإسرائيلية المهيمنة على أولويات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

==============

والسفراء العرب لم يخرج منهم أحد!

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

10-7-2011

أحرج السفيران الأميركي والفرنسي نظراءهما السفراء العرب القابعين في مساكنهم في دمشق، بعد أن خرجا للاطلاع على مظاهرة حماه أول من أمس. خرجا من العاصمة وغامرا في ظروف خطرة قد تستهدفهما باسم الشبيحة أو المندسين، ودخلا منطقة المتظاهرين الذين قذفوهما بالورود رغم الخذلان الأميركي والعربي لهم في محنتهم الكبيرة.

موقف السفراء العرب الصامت من جنس عمل الحكومات العربية، لم أسمع ولم أر ولن أنطق، وبالتأكيد لن أغادر مبنى السفارة. وموقف الحكومات العربية تقليدي حيث إنها تاريخيا تتجنب الانحياز ضد أي حكومة «شقيقة» مهما كانت أزمتها الداخلية إلا إذا كانت على عداء معها. وهذا سر استثناء ليبيا من الحصانة الرسمية العربية حيث أيدت الحكومات العربية إيقاع عقوبات سياسية وعسكرية ضد «شقيقهم» نظام القذافي، وإرسال قوات دولية لإسقاطه. باستثناء قطر، لم تتبن أي دولة عربية موقفا منحازا للانتفاضة في سوريا رغم أن العالم العربي مصدوم مما يرى ويسمع كل يوم من قتل وتنكيل هناك.

هنا علينا أن نسجل أنه لم يخرج في تاريخ العرب مثلما خرج من المتظاهرين في سوريا، عددا وأياما. لم يحدث قط في الثورات الحديثة أن دامت الانتفاضة بمثل هذه الحدة، والمواجهات، والإصرار، والدم، والاستمرارية لأكثر من ثلاثة أشهر كما نرى في سوريا. احتجاجات سلمية أدهشت العالم بصبرها وإصرارها في مواجهة القتل المؤكد، في كل مرة تخرج مظاهرة يقتل منها لفيف من المحتجين، ثم يعود المتظاهرون غدا لنفس الشارع فيقتل مجموعة أخرى ثم يخرجون، وهكذا. أمر لم نر له مثيلا على مدى ثلاثة أشهر، وقد لا يستمر بهذه السلمية في وقت يصمت فيه العالم ولا بد أن يتحول إلى المواجهة المسلحة. المظاهرات السلمية تستمر في حال شعر المتظاهرون أن العالم يفعل شيئا، وهذا ما لا يحدث هنا!

من الطبيعي أن يتساءل البعض: ما الذي يفيد تدخل الحكومات العربية والضغط على «شقيقاتها» من الأنظمة؟ الأهم كان دفع الحكومة السورية باتجاه الحل السلمي الداخلي بالترغيب والتهديد، بإشعاره أن هذه الأنظمة لديها قوى محلية ضاغطة أيضا لا تقبل منها السكوت عما يحدث لإخوانهم في سوريا. أعتقد أن شعور النظام السوري منذ بداية الأزمة أن ظهره محمي من قبل معظم الحكومات العربية، يدافعون عنه حتى لا يعاقب في المحافل الدولية، هو الذي ورطه في الولوغ في الدم والتنكيل والقتل للمدنيين المتظاهرين المسالمين. ولو أن الحكومات سعت للضغط على النظام السوري مبكرا وحذرته من مغبة التمادي ربما كان سلوكه مختلفا، وربما ما بلغت الحالة نقطة اللاعودة التي وصلت إليها سوريا؛ الشعب يصر على الاحتجاج والنظام يستمر في القتل.

أعتقد لو مورس التدخل والضغوط الحقيقية في بداية الأزمة كان يمكن أن تنقذ النظام من نفسه، أن تردعه عن طريق العنف، وتحمله على التحاور بدلا من إرسال الشبيحة والأمن والجيش لتخويف الناس بقتلهم. فقد شعر النظام أن الجميع مستعد للسكوت عن ما يرتكبه رغم ما تذيعه وسائل الإعلام الملطخة صورها بالدماء السورية والأحداث المروعة. ولم يخرج سوى عمرو موسى، الأمين العام السابق للجامعة العربية، لينتقد ما يحدث ويحذر أنه لا يمكن للجامعة السكوت إلى الأبد عن ما يحدث من مجازر هناك. طبعا، المندوب السوري لدى الجامعة العربية يعرف أن كلام موسى ليس صحيحا، وأن الجامعة سكتت عن المجازر لأن الذي يقرر عقد الاجتماعات، وصياغة البيانات، وإقرار المواقف هم مندوبو الدول الأعضاء في الجامعة وليس الأمين العام. وبالتالي اعتبر تصريح موسى كلاما انتخابيا يريد منه إغواء الشارع المصري المتعاطف جدا مع نظيره الشعب السوري.

==============

لماذا لم تذهب المعارضة إلى اللقاء التشاوري في دمشق؟

فايز سارة

الشرق الاوسط

10-7-2011  

ينعقد اللقاء التشاوري الذي تنظمه هيئة الحوار الوطني السورية في دمشق اليوم بمن حضر، وسط غياب لجماعات المعارضة السورية وللشخصيات الوطنية المحسوبة عليها، في خطوة بدا أنها منسقة ومتفق عليها، ولو أن أمرا بهذا الاتجاه لم يتم بحثه أساسا، مما يؤكد أن إجماع المعارضين موصول بموقف بدا أنه بديهي ومتوافق عليه بصورة ضمنية.

وعلى الرغم من أن ثمة تفاصيل أخرى، فإن السبب الرئيس لمقاطعة اللقاء والحوار تاليا، يتمثل في عدم قيام السلطات بتوفير بيئة مناسبة للحوار، كان المعارضون وجماعاتهم السياسية، أكدوا ضرورة توفيرها من أجل بدء الحوار جدي بين السلطة والمعارضة، وأهم ملامح بيئة الحوار، تتجسد في سحب قوات الجيش من مناطق انتشاره الحالية، وإعادته إلى مواقعه ولا سيما على خط وقف إطلاق النار مع القوات الإسرائيلية، وكذلك سحب القوى الأمنية وإعادتها إلى مراكزها، وإطلاق سراح المعتقلين وسجناء الرأي والموقوفين على خلفية الأحداث والمظاهرات دون استثناء، والسماح بالتظاهر الآمن والمحروس للجمهور، ومحاسبة المسؤولين عن عمليات قتل السوريين وإحالتهم أمام القضاء، لينالوا الجزاء العادل.

وكما هو واضح، فإن توفير بيئة الحوار، التي طالب بها المعارضون أساسا لبدء الحوار، كانت تؤشر إلى وقف مسار الحل الأمني - العسكري للأزمة الراهنة، والتوجه نحو حل سياسي يمثل الحوار أحد أهم ملامحه، خاصة أن الحوار يتطلب تحديدات، تشمل تحديد المشاركين في الحوار بما في ذلك دعوة ممثلين للمحتجين والمتظاهرين، وتدقيق برنامج الحوار في الجانبين الموضوعي والزمني، وتحديد الهدف النهائي لعملية الحوار، الذي لا بد أن يؤكد ضرورة الانتقال من النظام الأمني الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي التعددي.

وعلى الرغم من إلحاح وتأكيد المعارضين، الذين التقوا مسؤولين سوريين في مراحل مختلفة ما بين أوائل أبريل (نيسان) والأسبوع الماضي، ضرورة توفير بيئة الحوار بإجراءاتها العملية وربطها بحزمة القوانين التي جرى إصدار بعضها، بينما جزء آخر تحت الإصدار - فإن السلطات السورية، لم تذهب باتجاه توفير بيئة الحوار، بل إن خطواتها في مجال إصدار القوانين التي تساعد في معالجة الأزمة مثل قانون رفع حالة الطوارئ، لم تجد لها تطبيقا عمليا، الأمر الذي جعل السوريين لا يميزون بين العيش في ظل حالة الطوارئ وفي حالة رفعها، وقد تجاهلت السلطات السورية ما كان مطلوبا منها كأساس لبيئة الحوار، وأمعنت في مسار الحل الأمني فأضافت إلى عمليات إطلاق النار توسيع دائرة حصار واقتحام المدن والقرى وتوسيع عمليات الاعتقال ومطاردة النشطاء.

لقد أضافت تلك السياسة في معالجة الأزمة بعدا جديدا إلى موضوع الحوار. فبعد أن كانت المظاهرات وحركة الاحتجاج لا ترفض فكرة الحوار في معالجة الأزمة، فإنها دخلت على خط الرفض نتيجة تطورات كان بينها توسيع حدود القمع الدموي وخاصة في ضوء ما حدث في الرستن وجسر الشغور وقبلها في درعا وريف دمشق وتلكلخ، وهي عمليات أدت إلى جانب نتائج أخرى إلى تهجير آلاف السوريين وعائلاتهم، وخصوصا نحو لبنان وتركيا في أول سابقة لها، مما جعل الحوار أبعد، بل جعله في مستوى الارتكابات من جانب المتظاهرين والمحتجين.

لقد تغيرت الأجواء المحيطة بعملية الحوار في واقعها السوري الراهن، والأساس في هذا التغيير ناتج عن السياسات والممارسات الجاري تنفيذها، وبصورة عملية يمكن القول، إن هذه السياسات والممارسات دفعت الشارع للضغط على المعارضة في الاتجاه نحو رفض المشاركة في اللقاء التشاوري وبالتالي رفض المشاركة في الحوار إذا عقدت جلساته، خاصة بعد أن جرى إعلان الجمعة الأخيرة باعتبارها «جمعة لا للحوار».

إن الحوار باعتباره طريقا لمعالجة الأزمة، التي تعيشها سوريا، هو طريق مبدئي بالنسبة لأغلبية الجماعات والشخصيات السياسية في المعارضة السورية، بل يمكن القول، إن طريق الحوار قضية مبدئية راهنا ومستقبلا بالنسبة لأغلبية السوريين، والرفض الحالي لا يمثل تحولا جوهريا في موقف السوريين من الحوار، بل هو تعبير عن رفض سياسة السلطات وممارساتها في الموضوع من حيث عدم استجابتها لتوفير بيئة الحوار من جهة، ولعدم تحديدها لما يحيط بالحوار من مضامين وتفاصيل، وتركه فكرة عائمة، يجري تناولها بصورة كيفية وغير منظمة، ولعل الأهم في ذلك إحساس كثير من السوريين، بأن فكرة الحوار بالصورة التي تطرحها هيئة الحوار، ليس هدفها البحث في الأزمة السورية ووضع حلول ومعالجات لها، أو وضع اقتراحات وتصورات تخصها بمقدار ما يمكن أن تحمله الفكرة من رسائل للخارج، تؤكد أن السلطات السورية تسعى إلى الحوار مع السوريين والمعارضين منهم لمعالجة الوضع بغض النظر عن الوقائع والنتائج.

لقد عبر معارضون سوريون ينتمي بعضهم إلى أحزاب وآخرون من شخصيات مستقلة عن اعتقادهم أن غياب المعارضة عن الحوار جعل السلطات السورية تضيع فرصة ثمينة، كان يمكن من خلالها وضع تصورات تساهم في إخراج سوريا من أزمتها. غير أن المعارضين السوريين منقسمون اليوم حول ما إذا كان من الممكن فتح باب للحوار السوري مجددا لتحقيق تلك الغاية، أو أن باب التطورات في البلاد جرى فتحه على المجهول بكل ما في المجهول من مخاوف الصراعات الداخلية أو التدخلات الخارجية، وكلاهما خيار هو الأبعد عن اهتمامات السوريين وطموحاتهم.

==========================

بيوت عزاء خلف القضبان...صدمة موجعة وذكريات تعود إلى الوراء في سجن مظلم

موقع أسرانا 10/7/2011

تقرير: أسماء محسن

الألم فوق التحمل, والبكاء هو الأغلب على الدموع, والآهات هي الوحيدة التي تعبر لمن حوله عما يحرق قلبه, فهو أسيراً تحتجزه قضبان يحرسها سجان, ليس بوسعه فعل شيئاً سوى قلباً محترقاً وبالاً منشغلاً بحال أهله, الخبر جاء كالصاعقة..والجسد اهتز من الصدمة المؤلمة....هكذا حاله حينما يسمع خبر وفاة أحد ذويه, وتبدأ أجواء الحزن ومراسم العزاء تسود المكان.

في السطور التالية نماذج مرت بها تلك المواقف وذاقت ألم الفراق داخل السجن وأوجعتها آلام المفاجأة:

 

أقسى من فقدان بصري

الأسير علاء البازيان محكوم بالسجن المؤبد وهو من سكان البلدة القديمة, مواليد عام 1958 م, قضى داخل السجون الإسرائيلية أكثر من 30 عام, كان له نصيب في أن يذوق مرارة ذلك الموقف وهو محتجز خلف أسلاك لا يملك حريته ليذهب ويفعل شيئاً حينما وصله خبر وفاة والدته الذي وصفه بالقاسي قائلاً:" خبر وفاة والدتي كان أقسى علي من فقدان بصري", حيث فقد بصره إثر إنفجار في عملية فدائية كان يترأسها.

من داخل السجن يقول وهو يتألم لفقدانها:" وسام أمي التي صبرت وأعطت لكنها رحلت دون أن يتحقق الحلم الذي لن نتخلى عنه ", مضيفاً:" إلا أن عزائي هو ما تعلمته من مدرسة الأم من عطاء وتضحية وصبر حتى تحقيق حلم التحرر من نير الاحتلال".

في ذلك اليوم انقلبت الأجواء داخل السجن فالصدمة أوجعته وقد ضاقت به الدنيا قال لمن حوله "أسندوني فأنا غير قادر على الحركة ولا المشي اشعر أني أصبحت أعمى حقاً لا أرى لا ببصري ولا بقلبي ", الكل كان متألماً معه ولكن قوة إيمانهم جعلتهم يهدئونه ويقدمون التعازي, جلسوا والتفوا من حول علاء يمسحون على رأسه يمنعون صوت نحيبهم من الظهور فهو ضرير لا يرى, يمسحون على رأسه يقولون له "رحمها الله يا علاء اصبر عظم الله أجرك".

افتتح العزاء داخل السجن ووزعت القهوة , كانت مراسم عزاء كاملة داخل السجن لكن تزيد عليها آلام الشوق الذي انتهى بذلك فلن يرى والدته فيما بعد.

 

ذكريات أليمة

لعل الحال أكثر ألماً بوفاة أم الأسير عماد القواسمي الذي حمل على كتفيه حكماً ب1700عام, فجاءه خبر والدته كالصاعقة ليست لأمر الوفاة فقط فأشقائه الثلاثة إياد وزياد وطارق كانوا في السجن في تلك اللحظة التي يجب أن يكونوا هناك داخل عزاء والدتهم, لكن القيود الحديدية جعلت كل منهم داخل سجن يتألم فكل منهم جلس وأغمض عينيه يتذكر رحلات أمه الطويلة مع السجون والزيارات التي بدأت قبل 15عام ولم تنته, فهم خلف القضبان كل منهم يفكر من سينزل جثمان والدته إلى القبر, ومن سيفرح روحها بوداعها, لكن الظروف كانت أشد من ذلك فهم داخل السجن متألمين لن يسمح لهم بفعل شيئ لها.

قبل أسابيع كان هناك بيت عزاء داخل السجن, حيث توفيت والدة الأسيرين عايد وموسى دودين المتواجدين في سجني النقب وهداريم, حيث أقيم العزاء وبدأت المراسم وكل منهم جلس حزيناً يتذكر والدته التي تمنى أن يكون موجودة معها ولو في تلك اللحظة فقط, لحظة الوداع الأخيرة قبل دفن جثمانها ولكن السجان حال ذلك, ومن حوله كان يشد أزره ويصبرونه ويذكرونه بالاحتساب بينما النار تشتعل في القلب والجروح تتجدد.

أخذ عايد يتذكر أغاني أمه وقت خروجه من كل اعتقال وحسن استقبالها وطعامها الجميل, وموسى الذي لم يلتقِ أمه من زمن بعيد والذي مضى على اعتقاله ثمانية عشر عاماً عادت به الذاكرة لأيام الصبا واللعب بجوار أمه وهي تخبز له الخبز وتحضر لإخوته الطعام, تذكر لوعتها على شقيقه وقت اعتقالهما حيث كان هو طفل صغير تمنى لو كان بجوارها ومعها وقت مرضها ليقوم ببرها أو يلقنها الشهادة وقت الاحتضار والنزول معها لقبرها ولكن قدر الله نافذ ولا راد لحكمه.

 

بيت العزاء داخل السجن

فؤاد ناظم الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وكان أسير محرر من مدينة نابلس قضى 5 أعوام داخل السجن لكنه عاد للأسر ثانية قبل أيام, عايش تلك اللحظات داخل السجن حينما تلقى زملائه في الأسر أخبار مؤلمة كهذا الخبر, فقد عدها من أصعب اللحظات التي تمر على الأسير والأشد ألماً أنه يقف مصدوماً لا يدري ماذا يفعل فهو لن يتمكن من وداع فقيده أو حتى المشاركة في مراسم دفنه وبيت العزاء, أو مواساه الأهل.

 

يقول الخفش:" إلقاء النظره الاخيره من شأنها أن تخفف عن الإنسان ولكن ابقاء الصوره مفتوحه والذاكره حره في رسم الصوره الأخيره يكون أمر مؤلم عليه كما هو الحال داخل السجن".

أما عن كيفية تلقى الخبر فتختلف في كل مرة, تارة يأتي الخبر من خلال تصفح أحد الاسرى لأحد الصحف فيجد نعي بالجريدة لوفاة أحد ذوي زميله, أو من خلال سماعه لإحدى الاذعات المحلية, وقد يكون من خلال محامي يبعثه الأهل أو من خلال زياره يقوم بها الأسير لأحد أفراد أسرته فينقل له الخبر, وحسب الموقف تكون الفاجعة حيث الألم واحداً ولكن الصدمة درجات فتزداد إن كان المتوفي غير مريض ولم يكن الأسير مهيأ لهكذا حدث.

 

قد يصل الخبر للأسير عبر وصوله رسالة تخبره بالأمر من الصليب الأحمر, وحينها يسمح له الاتصال على ذويه مدة 5دقائق, وتكون في غاية الصعوبة والدموع الحارة, والصوت المتقطع الذي يبكي الحجر.

إن من أصعب اللحظات التي تمر على الأسير هي لحظة وصول خبر وفاة أمه أو أبيه أو أحد أقاربه, حيث السجن والأسرى وكل شيء يتغير شكله في هذا المكان, تزداد ظلمته وقسوته وبرودة المكان تضيق الدنيا, تضغط جدران الزنزانة على صدر الأسير تنساب الدموع من عينيه بحرارة يتمنى الموت أو أي شيء يخرجه من هذه الدوامة.

لم يكن باستطاع زملاء الأسر فعل شيئاً لزميلهم لحظة تلقي الخبر فالجو يختلف عليهم مرة واحدة, وتبدأ آهات بكاء زميلهم تسمعها الآذان والحزن يعم المكان, تغلق التلفزيونات وتسود حالة من الهدوء تسيطر على المكان ويلتف الجميع حول أخيهم المجروح ويتحدثون له بما يصبر ويهون عليه ويطالبوه بالصبر ومن ثم يتم تجهيز القهوه ويتقدم الاسرى حسب العمر والمكانه بالسلام وتقبيل الأسير وتصبيره ومن ثم الجلوس معه.

 

بيت العزاء الذي نشاهده في كل بيت يفقد عزيز نجد مثله تماماً داخل السجن حينما يتوفى أحد ذوي الأسرى, فيقام بيت العزاء والجميع يجلس صامتاً ويتحدث أحد الخطباء عن الموت ويذكر بالجنان والصبر, توزع القهوة على الأسرى في السجن وتشارك الفصائل الأخرى بالعزاء, عبر وفود رسمية تأتي للأسير المصاب وتقدم له العزاء ويتحدث الممثلون عن الصبر والاحتساب.

 

هكذا ننقل صورة من أجواء الحزن والألم الذي يحدث داخل السجن حينما يسمع الأسير خبر وفاة أحد ذويه ويبقى خلف القضبان كالأسد صامداً لكن الدموع والبكاء تغلبه, فأهله محزونون خارج السجن وهو لا يزال داخله لم يتمكن من فعل شيئاً..

=====================

كفى تخويفاً من «البعبع» الإسلامي!

د. فيصل القاسم

الشرق القطرية 9/7/2011

كلما وجد طاغية عربي نفسه على وشك السقوط، لجأ فوراً إلى تخويف شعبه والغرب من وصول الإسلاميين إلى السلطة. لقد تاجر الطغاة العرب وما زالوا يتاجرون حتى الرمق الأخير بالبعبع الإسلامي الذي، حسب كذبهم، سينقضّ على المجتمعات العربية، ويعيدها إلى عصور الانحطاط والظلام، وكأن هؤلاء الطغاة المتعلمنين أنتجوا أصلاً غير الانحطاط والتخلف والتحجر والتصحر السياسي والاقتصادي والثقافي.

فعندما وجد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي نفسه محاصراً بثورة شعبية عارمة، راح كالعادة يحذر التوانسة ومعهم الغرب من الخطر الإسلامي. لكن، ولله الحمد، لم يصدقه أحد هذه المرة، لا شعبه الثائر ولا كفلاؤه في باريس وواشنطن وتل أبيب.

وحدث ولا حرج عن الرئيس المصري المسقط حسني مبارك، فقد تذرع لعقود بخطر جماعة الإخوان المسلمين كي ينهب مصر ويبقى حاكماً وسمساراً للغرب.

أما القذافي، فأول تحذير مسعور وجهه للعالم عندما بدأت ضده الثورة الليبية المباركة هو أن تنظيم القاعدة سيقيم إمارات إسلامية في عموم ليبيا، مما سيهدد منطقة البحر المتوسط وأوروبا بأكملها. يا سلام! ولا داعي للإسهاب في الحديث عن متاجرة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بالقاعدة وأخواتها لسنوات وسنوات للبقاء في السلطة وتمكين الأمريكيين في بلاده. باختصار، فإن معظم الحكام العرب يتحججون بخطر السلفيين كي يُمعنوا في قمع شعوبهم وسحق ثوراتها المباركة ليبقوا جاثمين على صدور العباد والبلاد.

آه كم علقوا من الأكاذيب على الشماعة الإسلامية، بحيث غدت تماماً كالشماعة الإسرائيلية والمؤامرات الخارجية من حيث الاستغلال الذرائعي الساقط لقمع الشعوب والتشبث بالحكم. آه كم مارسوا من السحق والمحق بحجة ملاحقة الجماعات السلفية المسلحة التي لا وجود لها إلا في خطابهم الإعلامي المقيت والحقير والكاذب على مدار الساعة.

ولعل أكثر الأكاذيب التي يسوقها الطغاة العرب ضد الإسلاميين أن هؤلاء أناس يحرّمون ويمنعون كل شيء، وفي حال وصولهم إلى السلطة فإنهم سيتدخلون في كل شاردة وواردة من حياة الشعوب، وبالتالي سيسلبونها الكثير من حرياتها، وسيحولون حياتها إلى جحيم. وهذه بالطبع نكتة سمجة للغاية. ولا أدري لماذا لم يجد الطواغيت العرب غيرها، لأنها تهمة لا تنطبق إلا على الطواغيت والديكتاتوريات الحاكمة دون غيرها. صحيح أن بعض الإسلاميين قد يفرض قوانين اجتماعية صارمة فيما يخص الأخلاق واللباس والعادات، لكن الديكتاتوريين المتعلمنين العرب الذين ما لبثوا يرعبوننا بالخطر الإسلامي لم يتركوا حرية لدى الشعوب إلا وسلبوها تحت حجج واهية منذ عشرات السنين، ولم يتركوا أمراً إلا وتدخلت كلاب صيدهم فيه. فبحجة الصراع الوهمي مع إسرائيل مثلاً، يعيش الكثير من الشعوب العربية محرومين من أبسط حقوقهم وحرياتهم الأساسية، إلى حد أن السفير البريطاني في إحدى الدول العربية تعجب قبل فترة من أن "بعض الثورات العربية الحالية لا تطالب بأكثر من الحقوق الأساسية"، وهو شيء فعلاً عجيب للغاية، إذا ما قسناه بالكم الهائل من الدماء التي تسيل من أجل استرجاع تلك الحقوق البسيطة.

إن من مارس ويمارس القتل والفظائع والمجازر بحق الشعوب ليس العصابات الإسلامية، بل العصابات الأمنية الفاشية، فلم يشهد تاريخ بلاد الشام مثلاً أي اقتتال طائفي إلا عام 1862، أي قبل أكثر من قرن ونصف، عندما هاجم بعض المسلمين كنيسة أو اثنتين. وبالتالي فإن من يمارس التطويف والتحريم والمنع بأبشع أشكاله وأنواعه، ومن يتدخل في أبسط شؤون الشعوب ليسوا الإسلاميين، بل الحكام العلمانيون المزعومون ببلطجيتهم وأجهزتهم الأمنية المتكاثرة كالفئران، فلم يبق إلا أن ينشؤوا جهاز أمن للمزابل كي يراقبوا الفضلات التي يرميها الناس في القمامة. ففي بعض الدول العربية تحتاج إلى موافقات أمنية حتى للزواج أو إقامة حفلة عرس، أو الغناء في زفة، أو فتح محل لبيع السندويشات، أو إقامة منشأة صغيرة لتصنيع النعال أو الأكياس البلاستيكية.

بعبارة أخرى، فالإنسان العربي في ظل تلك الأنظمة التي تدّعي العلمانية والحداثة محروم من أبسط حرياته، ومكبل بمئات القيود والمحرمات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تهون مقابلها أبشع الممارسات الطالبانية. أليس المنع السياسي أشد وأمض من المنع الاجتماعي؟ فما فائدة أن تسمح تلك الأنظمة التي تحكم باسم العلمانية مثلاً ببعض الحرية للمرأة، وفي الوقت نفسه تخنق الحياة السياسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية، وتؤمم كل شيء، وتحوّل البلاد إلى أرض يباب، فلا أحد يستطيع أن ينبس ببنت شفة لا في السياسة ولا في الثقافة ولا في الإعلام ولا في الاقتصاد، خشية أن يجد نفسه على حين غرة وراء القضبان لعشرات السنين تحت حجج واهية من قبيل تهديد الأمن القومجي والنيل من هيبة الدولة وسواها من الخزعبلات المخابراتية السخيفة والمفضوحة. ويحدثونك عن الظلامية الإسلامية. وهل هناك ظلامية أبشع من هذه الظلامية الشمولية الساقطة؟

لم تعد فزاعة الإسلاميين تنطلي على أحد هذه الأيام، بمن فيهم المفكرون والكتاب العلمانيون أنفسهم الذين لطالما هاجموا الخطاب الإسلامي وشيطنوه. وفي هذا السياق يتساءل المفكر العلماني الشهير الدكتور صادق جلال العظم: "لماذا يضع الحكام مجتمعاتنا أمام خيارات قاسية: إما استمرار استبداد دولة الأحكام العرفية وحالة الطوارئ والأجهزة الأمنية، أو حكم القوى الإسلامية الأصولية". وبالرغم من أن العظم على عداء مستحكم مع الحركات الإسلامية بكل أنواعها، إلا أنه هنا يسخر بطريقة غير مباشرة من الخطاب الطاغوتي العربي السائد الذي لا هم له سوى تخويف الشعوب من الإسلاميين. أما المفكر والروائي المغربي الشهير الطاهر بن جلون فليس متخوفاً أبداً من أن تؤدي الثورات الحالية في نهاية المطاف إلى تسلّم المتشددين الحكم. فتوقّف بن جلّون مطولاً عند هذه النقطة مُعتبراً "أنّها مسألة حساسة، ولا بدّ من تفنيدها وفهمها. فاعتبر أنّ "المتشدّدين" كمصطلح وفعل هم ليسوا سوى نتاج الإعلام الأمريكي والأوروبي الذي استغلّ وجود بعضهم في الدول العربية، فعمل على تضخيم الأمر بما يصب في مصلحة دوله". وقد نجح الإعلام الغربي، برأي بن جلون، "في أن يجعل من هؤلاء وحوشاً ضارية في عيوننا، ما دفع بشعوبنا إلى الموافقة على تقديم التنازلات للطغاة عن حقوقها الأساسية في العيش الكريم خوفاً من أشباحهم، أي الإسلاميين".

وفي هذا السياق أشار بن جلّون إلى أنّه جال في مصر، ووجد أنّ نسبة الأصوليين ليست كبيرة ولا مُخيفة أبداً، بل هي لا يُمكن أن تُحقق شيئاً. إلا أنّ الخطر الذي يجري الكلام حوله كان بمثابة الخدعة التي يستخدمها نظام حسني مبارك بالاتفاق مع الغرب من أجل تهديد المعارضين وتخويفهم".

أما في سوريا فلم يفز الإسلاميون بأكثر من ثلاثة إلى ستة في المئة من الأصوات في الخمسينيات بالرغم من أنهم كانوا وقتها حزباً سياسياً شرعياً. وحسب مجلة "الايكونومست" الحصيفة فإن الإسلاميين لن يفوزوا بأكثر من خمسة عشر بالمئة من الأصوات لو جرت انتخابات الآن.

وبالتالي بدلاً من المساهمة في شيطنة الإسلاميين والتحذير من خطرهم، لا بد من الاستفادة من تأثيرهم في الشارع العربي في دعم الثورات وإنجاحها. فلا ننسى أن بعض القادة الإسلاميين المرموقين عبّر عن استعداده "للتعامل حتى مع المجوس في إطار الديمقراطية". ولا ننسى أن أمريكا بدأت اتصالاتها بالإسلاميين في مصر كتأكيد على أنه يمكن التعامل معهم سياسياً. وكذلك الأمر لنظرائهم في البلدان الأخرى. ولا ننسى أن الإسلاميين هم من ارتقى بتركيا في الأعوام القليلة الماضية لتصبح عاشر أقوى اقتصاد في أوروبا، ولتصبح أيضاً مربط خيل الجميع في المنطقة.

كفى تخويفاً من البعبع الإسلامي. وكفى تخوفاً من وصول الإسلاميين العرب إلى السلطة، فالثورات العربية ليست ثورات إسلامية، بل متعددة الأطياف، ولا يدّعي طرف بعينه قيادتها أو تمثيلها، ناهيك عن أن الديمقراطية العربية التي ستنتجها الثورات أصلاً سيكون فيصلها صناديق الاقتراع والدساتير الجديدة وليس الكتب المقدسة أو الفتاوى، وبالتالي لن تسمح إلا للمنتخب وللشرعي والدستوري والأصلح بقيادة المجتمعات الجديدة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ