ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الحوار الوطني
الديمقراطي والسلاح د.طيب تيزيني العرب اليوم 2011-07-12 تدور الان في سورية مجموعة من الحوارات
حول مسائل راهنة ذات حساسية داخلية
وخارجية. بل ان هذه الحساسية تصل في
دقتها وخطورتها الى درجة قصوى
واستثنائية بحيث ان نجاح الحوارات
المذكورة واخفاقها قد يعادلان بقاء
سورية نفسها او تفككها بصيغة او اخرى.
تلك الصيغ التدميرية مثل الاولى
الطائفية والاخرى الاثنية الأقوامية (القومية)
والثالثة الدينية الاعتقادية
والتشريعية الخ, ذلك لان الامر لم يعد
يحتمل, بعد دخول الانتفاضة الشبابية
مرحلة نوعية خطيرة, هي تلك التي بدأت
بجعل السلاح حكما لها من قبل النظام
الامني القائم, بالرغم من بقاء الفريق
الثاني الشبابي ملتزما مبدأ سلمية
المواجهة عموما واجمالا. ان هذه
المسألة التي نحن بصددها اصبحت تتطلب
بحثا علميا معمقا من قبل الباحثين
والسياسيين وغيرهم. ولعل احد وجوه ذلك
الكبرى يتمثل في تحديد ناحيتين كبريين
تمثلان "متن" الحوار الذي نحن
بصدده. اما اولاهما فهي ضبط آلية هذا
الحوار في حين تتحدد ثانيتهما في
اكتشاف "مسائله ومفصلاته" التي
يدور الاختلاف حولها. اما المعنى
بالآلية المذكورة فهو تلك القواعد او
الضوابط التي يحتكم اليها الحوار
المذكور في مساره المنهجي. وبتحديد
اكثر, تندرج في اطار تلك الضوابط مثل
الاسئلة التالية: هل هناك طرف معين من
اطراف الحوار هو الذي يقوم بمهمات
تأسيسها وكذلك تشكيلها (تسمية اعضائها)?
وهل ذلك الطرف المعين هو الذي يمثل "بيضة
القبان" في سير الحوار كما في نتائجه
واستحقاقاته? بل ثمة- على صعيد الواقع
السوري القائم- سؤال ساخن ومفعم
بالاخطار, اذا اجيب عنه بكيفية خاطئة,
وهو: هل يتم هذا الحوار الوطني تحت وقع
السلاح الناري القاتل, ام يتم اللجوء
الى حل سلمي وصريح وملزم وربما برعاية
طرف ثالث محايد, اي بشرط ايقاف السلاح
الذي يملكه ويستخدمه طرف النظام
القائم? انها,اذا شروط ذات طبيعة تأسيسية. وفي ضوء
ذلك, ظهر اتجاه فريق المعارضة
والمستقلين ليعلن- على الاقل في عدد من
ممثليه- رفضه للمشاركة في الحوار
المعني, وذلك بصيغة المفارقة القائلة
بقيامه مع بقاء السلاح. في هذه الحال,
اتضح اتجاه افشال الحوار, والاستمرار
الخطير في استخدام السلاح. انها نتيجة
خطيرة وغير حائرة على الحد الضروري من
العقلانية السياسية والاحتمالية
المفتوحة. واذا بقي الامر على ذلك النحو, فان البلد
ومصيره يبقيان في مهب الريح; هذا مع
الاشارة الى ان القسم الثاني من الحوار
الوطني ذي القدم الواحدة, وهو المتصل
بالمعضلات التي ستكون موضوع الحوار,
سيجري التفريط به, او على الاقل, جعله
اسير السلاح نفسه. ============== د. طيب تيزيني الاتحاد تاريخ النشر: الثلاثاء 12 يوليو
2011 لم يعد خافيّاً أن العالم العربي أو
معظمه، على الأقل، يعيش أزمة بنيوية
تتصل بهويته المجتمعية، فلقد جاءت
الأحداث في العراق ومصر وسوريا
والبحرين والسودان ولبنان وغيرها منذ
سقوط بغداد وما قبله، لتُظهر أن ناراً
تكمن تحت الرماد، وتخصيصاً تحت رماد
الاختلافات الطائفية والإثنية
والمذهبية وغيرها. ومنذ وقت قريب ظهرت علائم ذلك في مصر، وهي
تظهر الآن في سوريا، ولكن بطريقة قد
تكون مخترقة بالمخاطر الكبرى، ويُشتم
من ذلك، خصوصاً، تلك الرائحة، التي تشي
بما هو على أرض الواقع باسم الدعوة إلى
مشروع تقسيمي جديد، بعد مشروع "سايكس
- بيكو" في العقد الثاني من القرن
العشرين، وكأن الأمر يفصح عن نفسه في
المقولة السياسية التفتيتية الشهيرة،
وهي تفتيت المفتَّت وتجزئة المجزأ. والملاحظ أن نقاط الغليان البارزة في
مرحلتنا تتجسد في الطوائف والمذاهب
خصوصاً، وهذا ما نتبيّنه في سوريا، حيث
يتضح للباحث أن هنالك مظاهر تشي بذلك.
ففي سياق الانتفاضة الشبابية الكبرى،
التي تطورت مطالبها إلى مطلب تغيير
النظام الأمني القائم فيها، نشأ نوع من
الرعب في هذا الأخير، جعله يصعّد الحل
الأمني، بحيث وصل إلى مرحلة الصراع
المسلح، ليحول دون السقوط. وأضاف إلى
ذلك لَعِباً خطراً بالمسألة الطائفية
وبإمكانية تفجيرها، بحيث قد تقود إلى
تقسيم سوريا وفق التعددية الطائفية
فيها. وبذلك، دلّل النظام على أنه -بحسب
الظروف التي تحيط به- لا يكتفي بأن حكم
سوريا على مدى أربعين عاماً، بمقتضى
قانون الاستبداد الرباعي (الاستئثار
بالسلطة وبالثروة وبالإعلام
وبالمرجعية)، وإنما هو يحتاج الآن إلى
الانعطاف باتجاه خطوة جديدة ربما تضمن
له استمرار وجوده، وهي تجاذب سوريا حسب
تعدديتها الطائفية. فيكون -بذلك- قد وقع
في مشروع "سايكس - بيكو" المذكور
رقم (2). وأمام تلك المعطيات الكبرى والخطيرة،
يظهر المطلب التاريخي بالعودة إلى
الوحدة الوطنية المؤسَّسة على كل
مكوٍّنات المجتمع السوري، من أقصاها
إلى أقصاها. ومن شأن ذلك أن يُفضي إلى
النتيجة التالية، وهي إعادة بناء
المجتمع السوري عبر العودة إلى "الموزاييك"
المكوِّن له في تشكيلة عصرية متقدمة،
وفي ضوء مفهوم "العقد الاجتماعي".
أما هذا الأخير فهو الذي يمثل حجر
الزاوية لمجتمع مدني ديمقراطي قائم
على تعددية سياسية ثقافية، وعلى
احترام المكوٍّنات المجتمعية
المذكورة في نسيج وطني دقيق، وكذلك على
مبدأ تداول السلطة...إلخ. ونحب أن نضيف
أن "السياسة"، التي سُحبت من
المجتمع السوري، ينبغي إعادتها إليه
في إطار حراك سياسي وثقافي شامل وعميق.
وذلك هو ما يمكن أن يحافظ على الوحدات
الوطنية في العالم العربي المضطرب. ============== آخر تحديث:الثلاثاء ,12/07/2011 إيان بوروما الخليج إن أغلب المواطنين الأوروبيين (على سبيل
المثال، أكثر من 60% في فرنسا وألمانيا)
يعتقدون أن تركيا ينبغي لها ألا تصبح
جزءاً من الاتحاد الأوروبي . وهناك
أسباب متعددة لهذه المعارضة بعضها
صحيح، وبعضها الآخر يستند إلى تحيز
واضح: فتركيا كبيرة للغاية؛
والمهاجرون الأتراك قد يغرقون البلدان
الأعضاء الأخرى؛ وسجل تركيا في مجال
حقوق الإنسان متقلب؛ وتركيا تضطهد
الأكراد؛ وتركيا لم تحل مشاكلها مع
اليونان بشأن قبرص . ولكن السبب الرئيسي بكل تأكيد هو أن تركيا
بلد أغلب سكانه مسلمون ويحكمه حزب
مسلم، ويُنظَر إليه باعتباره بلداً
أجنبياً غريباً إلى حد كبير . وعلى حد
تعبير الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري
جيسكار ديستان، وهو أحد واضعي دستور
الاتحاد الأوروبي، فإن “تركيا ليست
دولة أوروبية” . من الصعب أن نتحدث بهذه النبرة إلى النخبة
العلمانية التركية المستغربة، التي
أمضت عشرات السنين، إن لم يكن أكثر من
ذلك، في محاولة إثبات إخلاصها
الأوروبي . وكما أعرب لي مؤخراً أحد
الأتراك من ذوي التعاليم الراقي،
والذي يعمل في منظمة دولية: “نحن نلعب
كرة القدم معهم، ونغني معهم في برامج
التلفاز، ونتبادل معهم التجارة، وكنا
حريصين على تحسين وضع حقوق الإنسان،
وانتهجنا نهجاً ديمقراطياً في إدارة
سياستنا . ونحن نفعل كل شيء يطلبونه
منا، ورغم ذلك فهم لا يريدوننا” . وقالت امرأة تركية تتحدث اللغة
الإنجليزية بطلاقة وأمضت زمناً طويلاً
في لندن حيث عملت مع منظمة غير حكومية
تروج لحقوق الإنسان: “هذا صحيح، أنا
أكره أوروبا، أنا لست أوروبية، ومن
الذي يحتاج إلى أوروبا على أية حال؟” . سؤال وجيه . ففي حين تمزق الأزمة
اليونانية عُرى منطقة اليورو، يزدهر
الاقتصاد التركي . لا شك في أن “أوروبا”
كانت لسنوات عديدة رمزاً ليس للثروة
فقط بل أيضاً للسياسة الليبرالية،
والمجتمعات المفتوحة، وحقوق الإنسان .
ولقد استفاد المجتمع التركي إلى حد
كبير من المحاولات التي بذلها وهي ليست
مثالية أو مكتملة حتى الآن لبلوغ مستوى
المعايير الأوروبية . ولكن المزيد والمزيد من الأوروبيين
تحرروا من أوهامهم في ما يتصل بالاتحاد
الأوروبي . فبعيداً عن كونه نموذجاً
للديمقراطية، يرتبط الاتحاد الأوروبي
بجهاز بيروقراطي قوي ومتغطرس ويفتقر
إلى الحداثة، ويصدر القوانين
والمراسيم بقدر عظيم من التجاهل
الأبوي المتكبر للمواطنين العاديين .
حتى إن بعض بلدانه الجديدة العضوية
رومانيا وبلغاريا والمجر، على سبيل
المثال ليست نموذجاً للديمقراطية
الليبرالية المنفتحة . لذا، فإن كان الأوروبيون لا يؤمنون حتى
باتحادهم، فما الذي قد يجعل تركيا
راغبة في الانضمام إليه؟ الواقع أن
المرأة التي احتجت قائلة إنها تكره
أوروبا لا تزال في قرارة نفسها تود
كثيراً لو ترى تركيا وقد انضمت إلى
الاتحاد الأوروبي . وكان حديثها اللاذع
نابعاً من مشاعر “المحب المهجور” . إن أعضاء النخبة العلمانية التركية
المؤيدة لأوروبا، والذين حكموا تركيا
بشكل يكاد يكون متصلاً منذ أسس كمال
أتاتورك الجمهورية التركية في عام ،1923
يتحملون الآن الضغوط من اتجاهين . فإلى
جانب الاتحاد الأوروبي الذي يعترض
سبيلهم، فإنهم يزحزحون أيضاً عن
مواقعهم المتميزة على يد نخبة جديدة
أضيق أفقاً، وأكثر تديناً، وأقل
ليبرالية، ولكنها ليست بالضرورة أقل
ديمقراطية المجموعة التي يجسدها رئيس
الوزراء الذي يحظى بقدر كبير من
الشعبية، رجب طيب أردوغان . وبالنسبة لهؤلاء الأتراك المستغربين،
فإن قبول الاتحاد الأوروبي لهم يمثل
شريان حياة يستعينون به على تيارات من
الشعبوية الإسلامية التي يمثلها
أردوغان . وهم يحتاجون إلى التشجيع،
فقد يكون الإسلاميون من أتباع أردوغان
ديمقراطيين، ولكن العلمانيين على وجه
العموم أكثر ليبرالية . إن حجم تركيا الهائل وعدد سكانها يثير
مخاوف الأوروبيين، وهي مخاوف مبررة
بعض الشيء . ولكن ربما كان هذا الخوف
مبالغاً فيه . فالآن في ظل ازدهار
الاقتصاد التركي، تصبح الأسباب التي
قد تدفع الأتراك الفقراء إلى البحث عن
عمل في بلدان أخرى أقل كثيراً، ناهيك
عن “إغراق” تلك البلدان . وإذا كانت
عضوية الاتحاد الأوروبي المفرطة
التوسع تقف في طريق دولة فيدرالية في
المستقبل، فإن ذلك قد لا يكون أمراً
سيئاً إلى هذا الحد . ولن تحدث إضافة
تركيا فارقاً حاسماً في هذا السياق على
أية حال . ومن منظور الأتراك من ذوي العقلية
الغربية، فربما كان الفخر بعضوية
الاتحاد الأوروبي أقل أهمية من آلام
الرفض . ولكن الشيء نفسه ينطبق على
الأوروبيين . فإذا امتلأت أنفس الناس
بمشاعر مناهضة لأوروبا في الجمهورية
الأكثر حداثة وديمقراطية وميلاً إلى
الغرب في العالم الإسلامي، فمن غير
الممكن أن تكون هذه نتيجة طيبة بالنسبة
للغرب بل بالنسبة لبقية العالم . إن تركيا في وضع جيد يسمح لها بتوجيه
البلدان الإسلامية نحو طريق أكثر
ليبرالية وديمقراطية . فضلاً عن ذلك
فإن تركيا، في ظل احتمالات حقيقية
بالانضمام إلى أوروبا، سوف تكون في وضع
أفضل لنزع فتيل التوترات الفعلية
والمحتملة بين أوروبا والشرق الأوسط . إن احتمال التحاق تركيا بعضوية الاتحاد
الأوروبي من شأنه أيضاً أن يبدد الفكرة
العتيقة القائلة إن أوروبا ترمز
للعالم المسيحي . لا شك في أن الديانة
المسيحية ساعدت على تشكيل الحضارة
الأوروبية . ولكن ليس كل المواطنين
الأوروبيين يمارسون طقوس الدين
المسيحي، بل إن الكثير منهم ليسوا
مسيحيين على الإطلاق . وإذا كان بوسع دولة ديمقراطية كبيرة،
وغالبية سكانها من المسلمين، قادرة
على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي،
فسوف يكون من الأسهل أن نتقبل المسلمين
الفرنسيين والبريطانيين والهولنديين
والألمان كمواطنين أوروبيين مثلنا .
وهؤلاء الذين يعتقدون أن المصالح
المشتركة والمؤسسات الليبرالية لابد
أن تحدد شخصية أوروبا سوف يكسبون بقبول
عضوية تركيا . أما أولئك الذين يسعون
إلى هوية أوروبية قائمة على الثقافة
والعقيدة الإيمانية فسوف يقاومون
عضويتها . من المؤسف أن احتمالات التحاق دولة مسلمة
بعضوية الاتحاد الأوروبي، في هذا
الوقت من الأزمة الاقتصادية والنزعة
القومية المتنامية والشعبوية
المنغلقة على ذاتها، تصبح ضئيلة على
أقل تقدير . فمن غير الجائز أن تفرض
عملية كهذه على الناس فرضاً . والإصرار
عليها ضد رغبات أغلب المواطنين
الأوروبيين يكاد يماثل فرض السياسات
الأبوية غير الديمقراطية التي ألّبت
العديد من الأوروبيين ضد الاتحاد
الأوروبي بالفعل . ولكن الغالبية ليست دوماً على حق . وقد
يتغير الزمن . ولكننا من ناحية أخرى قد
نعيش يوماً نندم فيه لأن الزمن لم
يتغير بالسرعة الكافية . ============== غسان حجار النهار 12-7-2011 قرأت الأحد الفائت عن حديث متوقع يدلي به
الرئيس السوري عبر المؤسسة اللبنانية
للإرسال، وتساءلت ماذا يعني ان يختار
الرئيس بشار الأسد هذا التوقيت
تحديداً؟ وان يعتلي المنبر اللبناني
"مفضلاً" اياه على محطات بلاده
أولاً، وعلى محطات فضائية عربية أو
أجنبية يمكن ان تحمله على أجنحة الطير
بعيداً وربما أسرع من دون الإقلال من
أهمية LBC وقوة انتشارها. هل يهدف الرئيس السوري
الى محاكاة الجمهور اللبناني وعبره
العالم؟ هل يريد ان يكشف عما يتردد من
دعم لبناني للتحركات في بلاده؟ أم يريد
ان ينفي عن "حزب الله" والحرس
الثوري الإيراني دعم أجهزته الرسمية
في مكافحة هذه التحركات؟ وهل يريد ان
يدعو اللبنانيين الى مناصرته في الحرب
الدائرة على أرض سوريا؟ في منطق الأمور ان صلة القربى الجغرافية
والتاريخية بين البلدين "الشقيقين"
توجب على كل منهما نصرة الآخر في المحن
والتجارب التي يمر بها، وتقديم الدعم
اللازم لشقيقه لإمرار الأزمات بأقل
خسائر ممكنة. وهذه حال دول متفقة
ومتعاونة برضاها، لكنها ليست حال
البلدين "الشقيقين" اللذين ترجم
تعاونهما باتفاقات- حتى لو ثبت انها
تصب في مصلحة لبنان كما يقول مسؤولون
سوريون- صيغت ووقعت في زمن الوصاية،
وبطريقة فوقية، لم تفسح مجالاً لأي نقد
أو ابداء رأي سلبي فيها، مما جعلها في
نظر كثيرين من اللبنانيين في وضع
مشبوه، ويتوجب تعديلها، ان لم نقل
نقضها في الأساس. وهي أيضاً ليست حال
بلد مثل لبنان تعرض للحروب
الإسرائيلية ولم تتحرك الآلة العسكرية
السورية للدفاع عنه رغم اتفاقات
الدفاع المشترك. اليوم تعيش سوريا، بل نظامها البعثي،
أزمته المصيرية، ورغم تقرير معهد
ستراتفور للدراسات الإستخباراتية
الأميركية، الذي لا يرجح ان يواجه
النظام السوري انهياراً في الفصل
الثالث من السنة الجارية، فإن "الكفاح
المستمر في مسألة السيطرة على
المنشقين" بالأسلوب المتبع حالياً،
والحوار الذي انطلق من دون مشاركة
المعارضة، كأنما النظام يحاور نفسه،
كلها أمور لا توحي بأن العقلية الأمنية
التي حكمت وتحكم في دمشق قد تبدلت،
وبالتالي فإن كل كلام موجه الى
اللبنانيين، وعبرهم الى المجتمع
الدولي لن يلقى الصدى الإيجابي
المطلوب، والمأمول ربما من الحديث
المتوقع عبر شاشة لبنانية، لأن
اللبنانيين، أو بعضهم، يأمل كما معظم
السوريين، في ان يجدوا أمامهم، وفي عهد
الثورات العربية، خطاباً ثورياً
جديداً، ومعاملة ثورية تخرج عن
المألوف، والذي على سواده صار لدينا
مألوفاً. واذا لم يكن ذلك فسيظل لبنانيون كثر
يفكرون، كما بعض مراكز القرار الدولي،
في ان الأمور لن تسوى بغير تدبير
انتقالي للسلطة، سلمياً كان أو غير
سلمي. ماذا سيقول الرئيس الأسد في اطلالته
المرتقبة؟ لا جواب، سننتظر اذا ما قرر
الكلام أم عاد الى الصيام عنه. ============== تركيا تسعى إلى تغطية
عربية وإيرانية لجهودها .. مخاوف من
تفاقم الأزمة السورية خلال رمضان روزانا بو منصف النهار 12-7-2011 اتخذت التطورات في سوريا في الساعات
الاخيرة منحى دراميا مضاعفا بعد
الاعتداء الذي تعرضت له سفارتا
الولايات المتحدة وفرنسا في دمشق، في
وقت رسم الحوار الذي بدأ في العاصمة
السورية قبل يومين تجاوبا مع المساعي
والضغوط المتنوعة ومنها الاميركية
والفرنسية، علامات استفهام كبيرة
ومقلقة حول تطور تسارع الامور بسرعة
غير متوقعة وفي اتجاه نتائج مجهولة.
وقد استحوذت هذه التطورات على متابعات
المتابعين في بيروت إذ انها قد تمهد
لمرحلة مختلفة يمكن ان تدخلها سوريا في
حين كان الانشغال منصبا على الاتصالات
التي أجراها وزير الخارجية التركي
داود أوغلو في عدد من العواصم العربية
وحتى طهران في ظل معلومات تتحدث عن سعي
تركي الى الحصول على تغطية عربية لمخرج
مشترك للوضع في سوريا. وبحسب هذه
المعلومات فان الاتصالات تبدو في سباق
مع الوقت في ضوء مخاوف من تفاقم الامور
ووصولها الى درجة عالية من التوتر إبان
شهر رمضان بحيث يصعب بعدئذ التعامل
معها. فالاتراك وفق ما ينقل بعض المتصلين
بالدول العربية يسعون الى الاضطلاع
بدور أساسي سبق أن اضطلعوا به خلال
الاشهر الماضية لكنهم لا يرغبون في ان
يكونوا وحدهم في الواجهة علما أنهم
يبقون الاقدر على التواصل مع القيادة
السورية والمجتمع الدولي رغبة منهم في
عدم توتر علاقاتهم مع دمشق اكثر مما
حصل حتى الآن وتاليا فان أوغلو يسعى
الى تأمين تغطية عربية لا يمكن ان
توفرها سوى الرياض والقاهرة اضافة الى
محاولة اشراك ايران من أجل المساهمة في
اقناع القيادة السورية بالخطوات
الواجب اتباعها قبل فوات الاوان في ما
يتردد انه سيكون رعاية اقليمية لمرحلة
انتقالية ينبغي ان تحصل في سوريا في
المدى المنظور. ويعود ذلك الى رغبة في
مساعدة القيادة السورية التي لا يعتقد
انها مستعدة لاجراء التغييرات
الضرورية لوقف ما يحصل ولا تعرف على
الارجح كيف تبدأ. اذ تقول مصادر
ديبلوماسية ان العالم لا يراقب او
يتفرج على ما يحصل في سوريا من دون ان
يسعى الى ايجاد الحلول وهو لم يفعل ذلك
خلال الاشهر الماضية بدليل الاجراءات
التي اتخذها الولايات المتحدة
والاتحاد الاوروبي من اجل الدفع قدما
نحو تغيير لا بد منه. ولكن بعض المواقف
العلنية تراجع في الايام العشرة
الاخيرة مفسحا في المجال امام
الاتصالات الناشطة على هذا الصعيد
علما ان مناسبتين قريبتين على الاقل
ستوفران المجال لتناول الموضوع
السوري، احداهما زيارة وزير الخارجية
الروسي سيرغي لافروف للعاصمة
الاميركية ومن ثم اللقاء المتوقع
للأسرة الدولية حول الوضع الليبي
والذي سيعقد في اسطنبول قريبا ويحضره
للمرة الاولى موفدان روسي وصيني نظرا
الى ان روسيا والصين كانتا قد عارضتا
التدخل الاممي في ليبيا ثم اعترفتا
بالمجلس الانتقالي للثوار فيها، اضافة
الى حضور وزيرة الخارجية الاميركية
هيلاري كلينتون. وبحسب هذه المصادر فان ثمة سعيا لمعرفة
امكان وجود افكار اضافية يمكن ان تساعد
في هذا الاطار خارج النموذج الليبي وفق
ما بات معروفا علما ان هذا النموذج لم
يرد اطلاقا بالنسبة الى سوريا وخارج
الصيغ التي عرضت حتى الان. فهناك مخاوف
من تصاعد الامور خلال شهر رمضان في ظل
غياب دولي قسري نتيجة العطلة الصيفية
على مستوى دول عدة اقليميا او عربيا أو
دوليا مما يترك الامور على حالها من
التأزم الى ما بعد شهر رمضان. علما ان
الاجتماعات الدولية على اي مستوى لا
يعني انها تستطيع ان تنهي الوضع السوري
وخصوصا ان هذه الدول اجتمعت اكثر من
مرة من اجل انهاء الوضع الليبي ولا
يزال هذا الاخير مستعرا بعدما تراجع
رؤساء الدول الاوروبية عن التبشير
بقرب نهاية العقيد معمر القذافي. وما كان ملحا في
الايام الاخيرة هو معرفة ما ستؤول اليه
محاولة اجراء حوار بين النظام
ومعارضيه ولا يزال المجال مفتوحا من
اجل اتخاذ اجراءات ووضعها موضع
التنفيذ بما يمكن ان يوقف التظاهرات في
الشارع. لكن فشل هذه المحاولات وفق ما
اتضح على رغم استمرار وجود فرصة، يفيد
بعدم القدرة على المعالجة الداخلية
التي ترك لها المجال واسعا حتى الان
ولا يزال في ظل اعتقاد بعدم قبول
القيادة السورية بأي مساعدة خارجية. ============== في شؤون الحوار بين
النظام والمعارضة في سورية فراس قصاص القدس العربي 12-7-2011 بعد تأخر بلغ أكثر من ثلاثة أشهر على
اندلاع التظاهرات المطالبة بالحرية في
سورية، وبعد ترحيل إلى لجان مختلفة
وحديث بالعموميات من قبل الحكومة
السورية، بدأت تظهر في الآونة
الأخيرة، إرهاصات مباشرة ولقاءات
تشاورية ممهدة لمرحلة تقول عنها
السلطة السورية، أنها مرحلة حوار وطني
يمكن للمعارضة السورية التي تعرضت
لتغييب طويل ومنع سياسي كامل،
المشاركة فيها. بالتأكيد الحكومة السورية التي اختبرت
الحلول الأمنية، وضخت جرعات هائلة من
العنف في المجتمع السوري، من اجل
القضاء على حركة الاحتجاجات السلمية
المطالبة بالديمقراطية من بدايتها،
أدركت أن الحوار ربما يكون مدخلها
الوحيد لتجاوز الأزمة الحاصلة في
سورية هذه الأيام، أو ربما للالتفاف
عليها واحتوائها، أيا تكن أهداف
السلطة من عرضها الحوار، فإن ذلك لا
يغير من حقيقة أن استمرار التظاهرات
المطالبة بالتغيير في سورية، واتساع
رقعتها ومن ثم رسوخها يوما بعد يوم،
وفشل خيارات السلطة العسكرية والأمنية
رغم فداحة آثارها، ووصول الضغط الدولي
على النظام في سورية حدا حرجا، وبدء
ظهور التداعيات السلبية على الاقتصاد
السوري نتيجة لعوامل مختلفة جميعها
مرتبط باستمرار حركة الاحتجاجات وما
يحمله ذلك من مخاطر مستقبلية، هي
الإكراهات التي أجبرت النظام على
البدء في جس الحالة السورية التي يمكن
أن يخلقها الحوار، خصوصا موضوع السلطة
وموقعه منها، ومصيره في حال الدخول
الفعلي في مرحلة التحول الديمقراطي
الذي تستدعيه الانتفاضة السورية والذي
تدل كل المؤشرات على أنه لم يعد ممكنا
بقاء الوضع السوري بمعزل عنه. أما موقف المعارضة السورية الرسمي فيبدو
حتى الآن غير واثق من جدية دعوة الحوار
التي يتحدث عنها النظام، ولا من جدوى
هذا الحوار مع سلطة كتلك، لم تتوقف قط
عن زج جميع أدواتها القمعية في مواجهة
هذه الاحتجاجات، بل لعل موقف المعارضة
الذي لا يزال يرفض الجلوس مع نظام يوجه
السلاح ضد مواطنيه، ويقتل المئات منهم
دون رادع يبدو منشدا وعاكسا لإرادة
السوريين الرافضة للحوار مع من تورط في
قتل شعبه وقمعه دون رحمة، إن الجلوس مع
السلطة بالنسبة لهؤلاء، هو في الواقع
خيانة لدم من سقطوا في حركة الاحتجاجات
واعتراف بشرعية تلك السلطة التي فقدت
شرعيتها في نظر المحتجين، وما الدلالة
التي تحملها جمعة 'لا للحوار' مع النظام
الأخيرة، سواء من الاسم الذي اختير
لهذه الجمعة، أو من وصول زخم
الاحتجاجات فيها حدا غير مسبوق، إلا ما
يؤكد رفض المحتجين للحوار مع السلطة
بشكل تام. على أن موقف المعارضة السورية المتماهي
مع مطالب حركة الاحتجاجات السورية، لم
يمنع من وجود أصوات أخرى لا زالت
تتفاعل في الأروقة الداخلية لتلك
المعارضة وفي كواليسها، ترى أن دحر
الاستبداد وإنهاء حالته في البلاد
إنما يعني في واقع الأمر تغييرا
للنظام، وأنه بتوافر مقدمات محددة
وبيئة مناسبة بالتزامن مع الاستمرار
والترسخ المتوقع لحركة الاحتجاجات
سيفرج الحوار مع النظام عن نتائج تطيح
ببنية النظام القمعية وتفككها تماما
ونهائيا. ما يشجع هذه الأصوات، على
تبني هذا الفهم يتمثل في أن المعطيات
الحالية المتعلقة بالوضع السوري
الناشئ عن حركة الاحتجاجات السورية،
تؤشر إلى امتناع الحسم النهائي لمصلحة
أي من الفريقين، السلطة السورية
والمحتجين، على حساب الآخر،
فالمتظاهرون السوريون الذين أثبتوا
قدرة فائقة على استيعاب كم القمع
الهائل الذي تعتمده السلطة في
مواجهتهم، ونجحوا في توسيع قاعدة
الاحتجاجات ومساحاتها الاجتماعية
والجغرافية، الأمر الذي أدى إلى
استمرار التظاهرات السورية واكتسابها
زخما إضافيا كل يوم، هؤلاء لا يتوفر
لديهم ما يضمن إسقاط النظام على
الطريقتين التونسية والمصرية، في ظل
غياب أي مؤشر على احتمال حصول تصدعات
عسكرية أو سياسية أو أمنية مهمة في جهة
السلطة السورية، فالحكومة السورية لا
زالت متماسكة بشكل كبير ولم تشهد
انشقاقات سياسية أو عسكرية ذات تأثير،
وقد لا يقود خروج الملايين إلى الشارع
في كل من دمشق وحلب المدينتين
الرئيسيتين في حا ل حصوله إلى سقوط
النظام، في ظل التركيبة العسكرية
والأمنية الحالية الموالية طائفيا
للنظام السوري، لقد أثبتت قوى الأمن
وفرق الجيش السوري خصوصا الفرقة
الرابعة وبعض المجموعات المسلحة
الموالية للسلطة التي استخدمتها في
قمع المحتجين، أنها تكن الولاء للنظام
وتنفذ أوامره، حتى في إطلاق النار على
المتظاهرين وإن كانوا عزلا وسلميين. هذه الصورة التي يرسمها الوضع السوري
الحالي ويكملها إصرار المعارضة على
الطابع السلمي لحركتها وعدم رغبتها في
تكرار السيناريو الليبي ورفض غالبيتها
الساحقة للتدخل الخارجي العسكري،
ستجعل من تبني خيار الحوار الجدي في
الأمد القريب مع النظام، الأسلوب
الوحيد المناسب لتحقيق التغيير
الديمقراطي دون دخول البلاد في نفق
مظلم يصعب الخروج منه. يبقى الثابت من وجهة نظر كاتب هذه السطور
،أن الحوار الذي يمكن أن ينطلق لاحقا
بين السلطة والمعارضة في سورية، في حال
حدوثه، لن يغير كثيرا، بل ربما لن يغير
شيئا في تفاصيل الأحداث اليومية التي
تشهدها سورية منذ اندلاع انتفاضة
الشعب السوري في الخامس عشر من آذار/مارس
الماضي، ستستمر التظاهرات المطالبة
بالحرية وإسقاط النظام، وسيزداد زخمها
وإن على نحو بطيء، لأنها في الواقع هي
وحدها الضامنة لتحقيق تغيير حقيقي
وجذري يتطلع إليه الشعب السوري. كذلك
استخدام العنف والقمع والاعتقالات
واستهداف المتظاهرين العزل واقتحام
المدن من قبل فرق الجيش الموالية
للنظام كل ذلك سيستمر هو أيضا، لان هذه
الأساليب ،هي الوحيدة التي تكفل
للنظام السوري تأخير خروج الملايين من
السوريين والتحاقهم بالتظاهرات، فهي
على ما يبدو خيار السلطة الوحيد لمنع
تطور الاحتجاجات إلى النقطة التي يفقد
النظام فيها سيطرته نهائيا على الوضع
في البلاد، وما يحمله ذلك من ضغوط
إضافية عليه، اقتصادية وسياسية،
داخلية وخارجية، تضعفه بشكل كبير وتضع
حدا لمناوراته ومقايضاته الهادفة إن
لم يكن احتلاله موقعا رئيسيا في المشهد
السياسي الجديد، فبقاءه شريكا مهما
وفاعلا فيه. لكن الثابت من نفس وجهة النظر المشار
إليها أعلاه، يتلخص في حقيقة أن سقوط
النظام السياسي في سورية بالمعنى
المفتوح للكلمة هو قدر الحال السوري في
المستقبل القريب، ولا يبدو أن أحدا
يمكنه إعاقة ذلك. ============== ميشيل كيلو 2011-07-11 القدس العربي عندما كنت طفلا
صغيرا ثم شابا يافعا، كان حنا كيلو،
أبي رحمه الله، يقول لي، كلما نطق
لساني بحماقة: هل تعلم ما هي أكبر مصيبة
يمكن أن تحل بالإنسان؟. إنها قلة العقل!.
واليوم، أنا أعتقد أن أعظم مصيبة تمكن
أن تحل بحركة سياسية أو بدولة هي قلة
العقل: قلة عقل من يتولون أمورها
ويمسكون بأعنتها، وبالمقابل، قلة عقل
من يعارضونهم أو يواجهونهم. ولعل أعظم مظاهر قلة العقل أن يكرر الناس
في سلوكهم الخاص ما يرفضونه لدى
خصومهم، وأن تتبنى معارضة آليات
اشتغال عقل سلطة يعطله الفساد والقمع.
ومن مظاهر قلة العقل أن لا يلفت أحد نظر
هؤلاء إلى ما يفعلونه، ويسميه باسمه ك 'قلة
عقل'، ويطالبهم بالتخلص منه قبل فوات
الأوان ووقوع المصائب، إما خشية أن
يؤثر في ما يبذلونه من جهود مفعمة
بالتضحية والفداء والصدق من اجل
تحررهم، أو خوفا من أن يفضي إلى
إحباطهم وتاليا إلى إطالة عمر الأوضاع
التي يثورون عليها ويضحون بحياتهم من
أجل التخلص منها. إنهم يخشون أن لا يبلغ
هؤلاء أهدافهم في الحالة الأولى، وأن
يقوضوها بأيديهم في الثانية، فتتحول 'ثورتهم'
إلى تمرد قد ينجح في إسقاط أشخاص، لكنه
لا ينجح في التخلص من أبنية سياسية
واقتصادية واجتماعية قائمة، يبقي
استمرارها كل شيء على حاله، وإن تغيرت
أشكاله. ما العمل إذا كان من يثورون ضد واقعهم
يفكرون بالآليات عينها التي يتبناها
ويعتمدها الذين صنعوه؟. كان أستاذي
الياس مرقص يتحدث في حالات كهذه عن
ضرورة 'صفع الديماغوجيا (الغوغائية)'،
وحتمية مواجهة 'الثوار' بالحقائق التي
تساعدهم على التحرر من قلة عقلهم،
وبالنقد الذي يبين لهم ما يمكن أن
يترتب من فشل على طريقتهم في التفكير،
قبل أو بعد نجاحهم. وكان ينتقد عبد
الناصر لأنه يساير البعث، ولا ينتقده
ويبين 'قلة عقل' قادته، ويعتبر ذلك سببا
لفشل الناصرية الآتي، عن استمر قائدها
على موقفه . - في الغوغائية: كانت النظم القائمة تقمع
خصومها وتشوه سمعتهم باسم شرعية ما:
إلهية أو قومية أو تنموية... الخ. في
الغوغائية أيضا: يقمعك 'الثوري' باسم
الشعب، الشارع، الحرية، الدم، الضحايا
... الخ. وعلى سبيل المثال، فإن اجتماع
المثقفين في دمشق واجه تهما رسمية جعلت
من شاركوا فيه 'خونة للتحرير'، بينما
جعلتهم إحدى تنسيقيات الشباب 'خونة
لدماء الشهداء'. في نمط الغوغائية
الرسمي، لا داعي لأن للتحذير من الفشل
ولا بد من الترحيب به، فقد أخفقت النظم
العربية وانتهى أمرها ولم يعد ينفع
فيها نصح أو إصلاح. أما في نمطها
الثاني، فمن الضروري والمفيد لفت
أنظار الشباب خاصة إلى ما قد يكون
بعضهم نسيه، وهو أنه صاحب عقل وعليه
استعماله بحرص ودقة قدر الإمكان، وأن
لاستخدامه أصولا وقواعد من الخطأ
الجسيم /القاتل الاستهانة بها، وإلا
كان أداة ضارة أو عديمة الأهمية في
صراعهم النبيل والمعقد في سبيل
أهدافهم السامية. إذا تجاهل الشباب
عقولهم وأحجموا عن الإفادة منها وعن
تعلم استخدامها، حلت بهم كارثة أكيدة،
وعجزوا عن تغيير أي شيء في الواقع،
وكانوا كمن يثورون ضدهم، مهما وقفوا
على الجانب الآخر من المتراس، وقاتلوا
من أجل قضية عادلة قولا وفعلا، ما دامت
عدالة قضيتهم لا تكفي إطلاقا
لانتصارها، إن كان المناضلون في
سبيلها غير عقلانيين (كان كارل ماركس
يقول: إن العقل وجد دوما لدى الإنسان،
لكنه لم يوجد دوما في صورة عقلانية). - في الغوغائية: تنتج آليات التفكير
الواحدة قراءة واحدة أو متشابهة
للواقع، يتقاسمها أهل النظام وأهل
الثورة، مهما كانت المسافة بعيدة
بينهم. كل ما في الأمر أن قراءتهم تكون
واحدة جوهريا في البنية متعارضة
ظاهريا في الاتجاه. في الماضي، عندما
كنا فتية أغرارا ومتحمسين بصدق
لقضايانا النبيلة، كان يثير دهشتنا ما
تؤدي إليه أفعالنا وأفعال خصومنا
لعقائديين من نتائج متماثلة أو واحدة.
كانت أحزابنا تختلف عقائديا إلى درجة
التعارض والتناقض، وكانت سياساتها
وشعاراتها متباينة إلى حد التناقض،
لكن النتائج العملية لتصرفاتها كانت
تلغي تبايناتها، وتنتج الواقع عينه،
بينما كانت تستخدم لغة وحججا متقاربة
لتبرير مواقفها وخياراتها، أو لمهاجمة
خصومها. كنا ننكر كشيوعيين أن غيرنا
سيتمكن من إنتاج نظام يشبه ما سنقيمه
نحن، وكان الإسلاميون والقوميون
يرددون ما نقوله حول مشاريعهم. ثم جاء
الواقع يكذبنا: بتشابهه وتطابق جوانب
كثيرة منه، رغم اختلاف المنطلقات التي
أدت إليها. ثمة إذن شيء في العمق يتخطى
الظاهر اللفظي، أنتج في الماضي بنية
موحدة أو متشابهة في عالم العرب يثور
الشعب عليها الآن، ويرجح أن ينتج في
المستقبل شيئا مماثلا لها، بنية
استبدادية أشد فتكا من بنيتها، إذا لم
يفكر المناضلون الجدد بهذه الظاهرة،
ويفهموا أن التعامل مع الواقع من خارج
عقلانيته الخاصة، وعقلانية عقولهم
الموضوعية، سيؤدي إلى فشلهم في مقبلات
الأيام، حتى إن نجحوا في إسقاط النظم
القائمة. - في الغوغائية: ليس هناك ولا يمكن أن يكون
هناك غير وجه واحد للحقيقة هو الذي
نراه نحن وننفرد به دون خلق الله جمعيا.
بما أننا نمتلك الحقيقة ونعمل على
هديها، فإننا نكون على حق في كل ما نفعل
ويكون غيرنا على خطأ دوما. لذلك، يحق
لنا إنقاذه، بالكلام وإلا فبالكرباج،
فإن لم يقبل الهداية، كان من حقنا
إخراسه واضطهاده لمنعه من نشر ضلاله
وكفره، علما بأن الوسائل التي نختارها
تكون كلها شرعية، ما دامت تخدم أمرا
ساميا هو الحقيقة: حقيقتنا. عند هذه
النقطة تبلغ اللاعقلانية قلة العقل
أوجها، ونكون حيال جهة تمارس الإجرام
المنظم وتحترفه، مهما كان اسمها وكانت
رسالتها وأهدافها، باسم قيم يفترض
أنها تقوض أسسه في الفكر والواقع. هنا،
في هذه النقطة يعني نجاح 'الهداية' خصي
الآخرين عقليا وإنسانيا والشروع في
إبادتهم، فالحقيقة هنا ذاتية، ومن لا
ينتمي إلى الذات لا ينتمي إلى الحقيقة
ولا يستطيع حملها، لذلك يعتبر قتله
واجبا إنقاذيا ورسالة سامية. عند هذا
الحد، ينقلب حامل الحقيقة المزعوم إلى
مجنون، بكل معنى الكلمة، ويتحول بلده،
إن كان حاكما، إلى شيء يشبه مستشفى
المجانين والمرضى العقليين. - وفي الغوغائية: ليس للواقع تفاصيل ولا
يكون مستقلا عن صاحب الحقيقة، وإنما
تصير حقيقته نابعة من خارجه: من رغبات
ونزوات وأوهام ووساوس قلة أو شخص واحد
تجافي غالبا الواقع جملة وتفصيلا،
وتنأى بنفسها عن حقائقه وماهيته. عند
هذا الحد: يصير الكذب سيد المواقف
وناظمها ومرجعيتها، ويكون على من لا
يكذبون أن يذهبوا إلى المنافي أو
السجون أو الموت، باعتبارهم كاذبين
ومجرمين ومعادين للحقيقة. لم أضرب أمثلة تؤكد صحة ما قلته، لأنه جلي
وواضح في تصريحات وأفعال ألفناها لدى
حكامنا خلال لعقود الكثيرة الأخيرة،
وبدأت تبرز بدورها عند حملة الجديد
والنبيل في زمننا الراهن.. تبقى ملاحظات ختامية قليلة لا بد من
إيرادها، هي: - لا توصل هذه الطريقة اللاعقلانية إلى
الحرية، لسبب رئيسي هو أنها، على عكس
ما تدعي، لا تنشد الحقيقة. وعلى من
يطلبون بالأولى ويسعون إلى الثانية
هجر هذه الطريقة دون ندم، خاصة وأنهم
لن يحققوا شيئا غير الفشل من خلالها،
وإن بدا لوهلة أنها مربحة هنا أوهناك.
لا يوصل التعالي على الواقع واحتقار
الوقائع إلى الحرية، ولا يسهم في
بلوغها تحويل الحقيقة إلى قراءة ذاتية
حصرية لا تقبل أي تفسير أو تأويل غير
الذي يعتمده صاحبها، الذي يجعل منها
ملكية خاصة يمنع الغير من بلوغها إلا
عن طريقه، الأمر الذي يتعارض مع أي عقل
عقلاني، كائنا ما كانت هويته. - لا تجوز الاستهانة بدور العقل في انتصار
الإرادة البشرية والتحرر الإنساني. في
الثورة، ينتج الإنسان الواقع الجديد
انطلاقا من رأسه: من أفكاره ونظرياته
وبرامجه ورؤاه. إذا كانت هذه خاطئة أو
لاعقلانية، كان ما ينتج عنها
لاعقلانيا وخاطئا بدوره، وأعاد إنتاج
ما ناضل وضحى في سبيل التخلص منه، ووجد
نفسه أسير ما كان يرفضه، أو رهينته.
وهناك أمثلة لا تعد أو تحصى على فواجع
عاشها من أرادوا تغيير واقعهم
واستبداله بواقع مغاير، فوجدوا أنفسهم
بعد حين أسرى جديد أعاد إنتاج ما ظنوا
أنه صار وراءهم. - لن يبلغ الحرية من ينكر حق غيره في
الخطأ، وفي الاجتهاد، والتفكير
المستقل، ومن يرفض قولة الأشعري:
الحكيم الإسلامي الكبير: 'رأيي صواب
يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب'.
إذا كانت البداية إنكار حق الآخرين في
الخطأ، فإن النهاية لن تكون غير فشل أي
جهد ينشد الحرية، أقله لأنها لا تقوم
وتعيش إلا على الاختلاف والمغايرة،
ولأن البشر بطبيعتهم مخلوقات اختلاف
ومغايرة!. شن نفر قليل من شباب إحدى التنسيقيات حملة
تخوين ضارية على من حضروا 'لقاء السمير
أميس' من المثقفين السوريين
المعارضين، انطلاقا من وساوس وأوهام
انتابتهم حول ظروف ومكان عقده. ماذا
كان سيفعل هؤلاء بمثقفي سورية، لو
كانوا في السلطة؟. ومن كان سينجو من
هؤلاء برأسه، إن كان طالب الحرية يرمي
بالخيانة كل من لا يسلك سلوكه أو يختلف
عنه في هذه الخطوة أو تلك؟. بصراحة: إذا كنتم، أيها الشباب، تعتقدون
أن وجهة النظر الأخرى لا يمكن أن تكون
غير خيانة، فإنكم ستعيدون إنتاج
الاستبداد تحت شعارات ومسميات جديدة
وأشكال أخرى. ومثلما اضطهد من تثورون
عليه الشعب باسم القومية والاشتراكية
والعدالة والأمة والحزب والقيادة
الحكيمة، ستضطهدونه أنتم باسم الحرية،
التي لن تكون عندئذ غير أداة
أيديولوجية تشبه أية أداة أخرى كنا نظن
فيها خلاصنا فجاءتنا بالقمع والخراب!. ============== الحرية أولاً ... والبقية
تأتي تباعاً الثلاثاء, 12 يوليو 2011 عبدالله أمين الحلاق * الحياة بقدر ما شكلت ثورات الكرامة العربية
قلباً لبنى ومفاهيم سياسية، وانهياراً
لِطُغم حاكمة فاسدة ومستبدة بشعوبها،
فإنها أسست لروابط ونماذج من العلاقات
العربية العربية تقوم على أسس ما كانت
موجودة قبل هذه الثورات، ففي حين كان
الخطاب الرسمي العربي منذ عقود يجتر
خطاباً عروبياً قومجياً طالما كانت
القضية الفلسطينية ممرَّه الإجباري
لتبرير استبداده بالشعوب واستعبادها،
كانت ثورات الكرامة بداية علاقات
عربية بين دول قيد التشكل على أسس
مدنية ديموقراطية حديثة، رغم صعوبات
المراحل الانتقالية، وهي صعوباتٌ
جُلُّها من مفرزات استبداد العقود
الطويلة. لكن إنجاز الديموقراطيات التي طالما
صادرتها حجج وأوهام التضامن مع القضية
الفلسطينية، قد لا يعجب البعض، ومن هنا
خرج علينا كتّاب ممانِعون كُثر في
منابر طالما عُرفت بانتصارها للنصر
الإلهي وأنظمة الاستبداد، ليتنطحوا
للدفاع عن النظام السوري ويكيلوا
الشتائم المباشرة وغير المباشرة
للانتفاضة السورية التي رفض أحدهم أن
يمنحها اسم «ثورة أو انتفاضة»،
وللمتظاهرين الذين تجتاح جموعهم
الشوارع مطالبين بالحرية، وبشكل سلمي،
لا يواجهه إلا رصاص الأمن وأكاذيب
الروايات حول المسلحين والجماعات
الإرهابية التي يسوّقها النظام
وأبواقه الإعلامية، والتي يبدو أنها
انطلت على هؤلاء، أو أنها لم تنطلِ
عليهم وإن لم يبح لسان حالهم بالحقيقة. من يتابع كمّ المقالات الممانِعة تلك
وفحواها، من دون ان يكون منساقاً
غرائزياً نحو قضيتهم المركزية التي
طالما دغدغت الغرائز والعواطف، لا بد
له أن يلحظ نقاطاً خطرة تضمنتها مقالات
هؤلاء الكتّاب العائمين في اليمّ
المقاوِم، وهي انزلقت بأفكار كاتبيها
وأقلامهم إلى مصاف التبسيط والدفاع عن
ممانعة ومقاومة، تتلازم مع تخوين
واتهام المنتفضين بالارتباط بجماعات
إسلامية كجماعة الإخوان المسلمين. هكذا صارت الممانعة للمشروع الأميركي أو
الإسرائيلي من كوبا إلى كوريا
الشمالية، مروراً بإيران وسورية وحزب
ولاية الفقيه، متلازمة مع تخوين الآخر
وقمع الشعوب وتعطيل الحياة السياسية،
بما يشوّه كل مشروع مقاوِم وفق أسس
سلمية ديموقراطية بعيدة عن الشعارات
الجوفاء، التي تجعل من قتل الآلاف
تفصيلاً أو هامشاً إذا ما قورن بالمتن
الذي تشكله الممانعة «للخارج»، وهذه
إشكالية أضعها برسم هؤلاء المدافعين
عن أنظمة الاستبداد والأحزاب الشمولية
في هذا العالم. بالعودة إلى فلسطين ومركزيتها التي انطلق
منها أحد الكتّاب للنيل من الانتفاضة
السورية، جاعلاً منها منطلقاً لمهاجمة
المنتفضين ضد استبداد العقود الخمسة
الماضية في سورية... فالشعوب الحرة التي
تعيش في أجواء من التعبير وحرية العمل
السياسي الديموقراطي هي التي تحدد
آليات مقاومة العدو الاسرائيلي، ولذا
كان الشعب الفلسطيني رغم الصعوبات
التي واجهها والمتعلقة بغياب الدولة،
سبّاقاً لجلّ الشعوب العربية في اتخاذ
قراره وتقرير مصيره، في حين كان الموات
السياسي هو المخيِّم على الشعوب
العربية، ومنها سورية، باسم القضية
المركزية التي قتل واتهم بسببها
معارضون وسياسيون بتهم أقلها «وهن
نفسية الأمة»، دون التوقف عند حدود «إضعاف
الشعور القومي ومحاولة اقتطاع أجزاء
من الأراضي السورية وضمها إلى دول
معادية»، على ما كانت تتحفنا محكمة أمن
الدولة وأجهزة الموت والقمع
الاستخباراتي، والتي يراها كاتب ذلك
المقال على ما يبدو تفصيلاً يُمر عليه
مرور الكرام، هذا إذا ما نيط بتلكم
الأجهزة ورموزها حمل لواء الممانعة
ودعم المقاومة التي يتشدق بها
الكثيرون ومنهم كاتبنا الممانِع. وبالنسبة لتاريخ المقاومة الفلسطينية،
وحتى المقاومة اللبنانية التي بدأت في
بداية الثمانينات بشكل منظم مع
الاجتياح الاسرائيلي لبيروت، يفترض
ألا تغيب عن الذاكرة تلك المنهجية
والآليات التي وصلت بالمقاومة
اللبنانية إلى ما وصلت إليه، وكيفية
إلغاء كل الأطياف اللبنانية وغير
اللبنانية والأحزاب اليسارية
العلمانية وإبعادها عن ساحة الصراع مع
اسرائيل، بالاغتيال والتصفية، بعد
عودة المقاومين الشيوعيين والقوميين
من عملياتهم ضد العدو، إلى أن صار أصفر
النصر الإلهي هو الوحيد الذي يحتكر
المقاومة ويخوِّن ويوزع شهادات
الوطنية على تيارات وتكتلات، وحتى
أفراد، هم بطبيعة الأحوال لا يقلون
تنظيراً للاستبداد والتطبيل والتزمير
له في جوقات الممانعة اللبنانية
والعربية. ... وثمة من يطالب الشعب السوري برفع
شعارات داعمة لفلسطين وقضيتها، حيث «لا
مكان لفلسطين» كما يقول، وكأن الشعب
السوري المعروف بتاريخه الوطني بحاجة
إلى دبلوم في الممانعة أو ماجستير في
علوم النصر الإلهي المتلازم بالضرورة
مع الاستبداد وتلك الممانعة. ثم ماذا يعني رفع هكذا شعارات في معركة
سِلمية مع نظم استبدادية تشكل معركة
الحرية في مواجهتها القضية المركزية
دونما مجاملة، هكذا انطبق على ذلك
الرأي قول شاعر فلسطين الأول محمود
درويش: «في كل مئذنةٍ حاوٍ ومغتصبُ يدعو لأندلسٍ إن حوصرت حلب». الشعب السوري اليوم أيها السادة أعزل إلا
من هتافات حناجر أبنائه، ووحيدٌ إلا من
وقفات مشرِّفة معه لمثقفين وسياسيين
وإعلاميين ومسيرات تضامنية في عواصم
عربية وغير عربية، يقابل هذا الشعب
الأعزل نظام استبدادي وأنصار لهذا
النظام ينتمون إلى خندق ظلامي ممانِع
يرى في الحرية حقاً لشعب البحرين دون
شعب سورية، وكأن الحرية تتجزأ، أو أنها
مشكلة بيولوجية ذات علاقة بهرمونات
ومورثات يمتلكها شعب ولا يمتلكها
غيره، وفي هذا فاشية ما بعدها فاشية. أخيراً، ومن دون مزاودة، فلسطين في قلب كل
سوري وتونسي ومصري وبحريني ويمني
وليبي، وهي ليست قضية سياسية مركزية
بقدر ما هي حالة إنسانية وحدت ضمير
العرب والعالم حولها ذات فترة، قبل ان
يقود العنف والاقتتال الفلسطيني -
الفلسطيني، والاقتتال العربي –
الفلسطيني، والعمليات الانتحارية ضد
المدنيين الاسرائيليين، تلك القضية،
إلى حالة من الاستهلاك، وربما كان في
انتفاضات الشعوب العربية ما يحفز
الفلسطينيين على رأب صدعهم وإعادة
إنتاج انتفاضة سِلمية مشاركةً في
الربيع العربي الذي يليق بفلسطين كما
يليق بسورية والبحرين وغيرهما.. أما لكتّاب الممانعة، ممن يعتبرون أنفسهم
ناطقين رسميين باسم قضية فلسطين،
ويتبدون ملكيِّين أكثر من الملك، فلهم
أن يسمعوا لسان حال المنتفضين
السوريين وهدير هتافاتهم من قلب ثورة
الكرامة وعلى لسان الشاعر أحمد مطر: «ارفعوا أقلامكم عنا قليلا سوف لن ننسى لكم هذا الجميلا». ============== السفير الأميركي في حماة..
عار جديد على النظام ياسر أبو هلالة 11/07/2011 الغد الاردنية لا يستطيع أن يفعلها السفير الأميركي إلا
في لحظة انهيار النظام. فمع كل
استغاثات درعا وأخواتها، وجسر الشغور
وحمص وغيرها، اللواتي شهدن تدخلا
عسكريا دمويا، لم يتحرك السفير. من
الواضح أن النظام فقد مهابته
واحترامه، سواء على مستوى الشعب
السوري أم على مستوى الأميركيين. قبل تحليل الزيارة لا بد من وضعها في
سياقها. فأهل حماة لم يطلبوا تدخلا
أجنبيا، ولا استغاثوا بالسفير. هو بادر
وفق مصالح بلاده إلى زيارة المدينة
لأنه يدرك أن النظام آفل والشعب باق،
ولا يمكن لدولة عظمى أن تفرط بمصالحها
في دولة مثل سورية. ولا يحتاج المحلل
لذكاء شديد ليكتشف أهمية سورية
بالنسبة للإدارة الأميركية، إن اتجهت
عينها إلى الإسرائيليين أم إلى العراق
أم السعودية، بلد بين النفط وإسرائيل. يرعى السفير مصالح بلاده فيزور المدينة.
يصل جامع السرجاوي الذي شكل بؤرة
للاحتجاجات، فيرفض إمام الجامع
مقابلته. وفي الغضون يهدد مدير فرع
الأمن العسكري العميد محمد مفلح، قادة
التظاهرات بإحراق المدينة لو وصلت
التظاهرة إلى ساحة العاصي. يتجه السفير
إلى فندق أفاميا الشام ويقابل وجهاء من
المدينة ويستمع لهم. اختفى الأمن رعبا،
ليس من نصف مليون متظاهر بل من سعادة
السفير. وهو ما دفع متظاهرا إلى الصعود
على سيارة السفير والقول إنه نظام جبان
يخاف من سفير ولا يخاف من شعبه. كل من يحترم نفسه لديه حساسية تجاه التدخل
الأجنبي، وكان مصدر فخر في الثورة
التونسية والمصرية غياب التدخل. على
العكس كان لصالح النظامين. في اليمن
تنعقد التظاهرات الجمعة المقبلة تحت
عنوان لا للتدخل الأميركي، وهذا يغري
بالمقارنة مع زيارة السفير. لكن
الزيارة باعتبارها تدخلا تحسب على
النظام انهيارا ودموية. أكثر من ذلك تحسب على أنصار النظام السوري.
لماذا لا تقوم اللجنة الأردنية
المناصرة لبشار الأسد بزيارة حماة
بدلا من السفير الأميركي، استيضاحا
لما يجري وتثبتا من وجود السلفيين
الإرهابيين والقاعدة (القاعدة لا
تستهدف سفير واشنطن؟)، أو مساهمة في
جهود الحوار والمصالحة، أو مشاركة
للنظام في حربه ضد المشروع الإمبريالي
الأميركي الصهيوني؟ لا يقومون بذلك، ويكتفون بمشاهدة قناة
دنيا وترديد أكاذيبها. إننا أمام
اختبارات أخلاقية وسياسية قاسية. هل
يقبلون بتكرار مجزرة حماة بحجة رفض
التدخل الأجنبي؟ ألم يوقف الأميركيون
مجازر الصرب في البوسنة؟ كيف يمكن
انتصار الثورة من دون انحياز الجيش لها
أو التدخل الأجنبي؟ ما يشفع للثوار أنهم شباب أنقياء يبذلون
عزيز النفوس طمعا في الحرية لشعبهم، لا
يتطلعون إلى مناصب ولا مكاسب شخصية.
وإذ تنقصهم الخبرة والتجربة، فهذا
يلقي بالعبء على مناصريهم لتقديم
النصح والمشورة والدعم والرعاية حتى
لا يخترقهم الأميركيون أو الصهاينة.
وباستثناء النموذج الليبي، فإن
التجارب الثورية العربية كشفت رفضا
للتدخل الأجنبي أيا كان مصدره. إن النظام الذي تجرأ على ارتكاب أبشع
الفظاعات بحق شعبه، جبن في الرد على
السفير الأميركي، مذكرا بجبنه
التاريخي بعد حرب تشرين، فمن يومها
يحتفظ بحقه في الرد بالوقت المناسب
الذي لا يأتي. ما يمكن الجزم به أن شعبا
بهذه الشجاعة لا يحتاج تدخلا أجنبيا. ============== الثلاثاء, 12 يوليو 2011 حسام عيتاني الحياة ليست قليلة الملاحظات التي يمكن التوقف
عندها في ما خص يومي الاجتماعات التي
شهدتها العاصمة السورية، وتميزا
باللقاءات التشاورية لهيئة الحوار
الوطني. ربما يصدم النظر والعقل تزامن افتتاح
الجلسات مع حملة مداهمات جديدة تعرضت
لها مدينة حمص وأسفرت عن عدد من
المعتقلين. فينهض السؤال عن معنى
الحوار في ظل إفراط السلطة في اعتماد
الحل الأمني. بيد انه يجوز (لغايات
البحث، على ما يقال) تجاوز هذه الحقيقة
والانتقال إلى ما تم تداوله في
اللقاءات. وإذا أراد القارئ الوصول إلى خلاصة
وإيجاز لكلمة نائب رئيس الجمهورية
فاروق الشرع، أمكن لمس تراجع في نبرة
الخطاب السلطوي واعتراف بعمق الارتباك
وفقدان البوصلة التي يعاني منها الحكم
في محاولته انتزاع المبادرة من
المعارضة. ولعله ليس من الظلم الكبير
القول إن كلمة الشرع لم تطرح أفكاراً
سياسية واكتفت بنوع من الطواف حول
المسائل الإجرائية، كرفع الحظر عن
عودة السوريين المعارضين في الخارج،
في حين ظلت مقولات «الانتقال إلى
الإيمان أن الشعب هو مصدر السلطات
كباقي الدول المتقدمة»، غائمة المعنى. وتقدم كلمة الشرع عينة على ما اتسمت به
كلمات أكثر المتحدثين ومنهم المفكر
الطيب تيزيني الذي أشاد كثر بدعوته إلى
تفكيك الدولة الأمنية. بيد أن للقارئ
أن يتساءل ما إذا كان تيزيني يجهل أن
هذا النوع من الدعوات غير قابل للتنفيذ
من دون الأدوات اللازمة، وتحديداً من
دون وجود توازن قوى في المجتمع يفرض
على الدولة تفكيك أجهزة أمنية باتت
تسمي الدولة باسمها. وليس كشفاً القول إن تفكيك الدولة
الأمنية يتطلب فض التشابك بين أجهزة
الأمن وبين المصالح الاقتصادية
والمادية والقوى الاجتماعية التي تمسك
الأجهزة بها وإن خطوات من هذا النوع
تفترض وجود قضاء مستقل وصحافة حرة
يمكنهما التدخل للمراقبة ولتصويب أي
خلل قد يقع في سياق هذه العملية التي
ستكون معقدة وطويلة وقد لا تخلو من دم
ومن عنف. يمتد هذا التشخيص إلى اللقاءات ذاتها
التي جرت في معزل عن اعتراف السلطة
بحصول تغير جذري في الشارع بات من
المكابرة الفارغة إنكاره. فنزول مئات
الآلاف في حماة وغيرها من المدن
السورية يطالبون بسقوط النظام، لا
يمكن تجاهله والتعامل معه على انه لم
يكن. والقول، على ما ذهب الشرع، إن
الحوار «ليس تنازلاً من السلطة للشعب»
لا يفيد سوى في بث قناعة عند المعارضين
السوريين أن النظام لم يتعلم بعد من
الدروس التي لم تتوقف منذ منتصف آذار (مارس)
الماضي وأنه ما زال متمسكاً برواية
الإمارات السلفية والعصابات المسلحة
والتآمر الخارجي. ولعل هذه هي «عقب أخيل» في مقاربة النظام
للأزمة التي تعيشها سورية: عدم القدرة
على الاعتراف بوجود قوى في الشارع
استطاعت بعدما دفعت دماً غزيراً
وتضحيات آلاف المعتقلين أن تحوز ثقة
شريحة لا يستهان بها من السوريين. لقد
أثبتت هذه القوى الشبابية الحيوية
والواعية لتعقيدات الموقف السوري (وفق
ما أثبتت ورقة العمل التي نشرتها
التنسيقيات المحلية)، إنها مؤهلة أكثر
من القسم الأكبر ممن حضر مؤتمر منتجع «صحارى»،
لتكون شريكاً حقيقياً في السلطة
والحكم. وقد لا يطول الزمن قبل أن تصبح
القوى الشابة هذه «بديلاً» ناجزاً
وتاماً... ============== علي ابراهيم الشرق الاوسط 12-7-2011 يذكرنا مشهد مؤتمر الحوار الوطني الذي
عقد في دمشق وقاطعته شخصيات كثيرة من
المعارضة بالمرحلة الحرجة التي سبقت
إعلان تنحي الرئيس السابق مبارك في مصر
عندما أدار وقتها اللواء عمر سليمان
حوارات لإنقاذ الموقف مع قوى من
المعارضة المصرية، ولكن أوان الحوار
كان قد فات وسقف مطالب الشارع قد
ارتفع، والمحاورون لا يمثلونه، ولم
تعد هناك سوى كلمة واحدة هي «ارحل»..
واضطر بعدها رأس النظام إلى الرحيل. في دمشق رأس الحوار نائب الرئيس، فاروق
الشرع، وفي القاهرة كان الذي يدير
جلسات الحوار أيضا نائب الرئيس، عمر
سليمان. الفارق أن الشرع نائب قديم
بينما كان سليمان نائبا حديثا عُيّن
تحت ضغط الأزمة كإشارة وقتها من النظام
إلى استعداده لعملية نقل قريبة للسلطة
بعد أشهر تستبعد سيناريو توريث الحكم
من الأب إلى الابن، والذي جرى في سوريا
قبل سنوات. هذا التشابه في المشهد العام لا يعني أننا
أمام سيناريو متشابه على الأقل زمنيا،
فالظروف على الأرض مختلفة تماما، ففي
مصر كان الشارع يتمتع بحماية الجيش
الذي وقف معه، وأصبحت مؤسسة الرئاسة
تحت ضغط الشارع والجيش معا ولا يوجد
معها سوى بلطجية، بينما في سوريا
الشبيحة (المرادف السوري للبلطجية) يد
واحدة مع القوات العسكرية التي تقوم
بالقمع، وكان الرصاص لا يزال يسمع في
مدن سوريا التي تقع تحت القمع بينما
ينعقد مؤتمر الحوار، وهو ما عبر عنه
أحد المشاركين من الكتّاب، الطيب
تيزيني. مع ذلك فقد سمع وشاهد السوريون مباشرة على
شاشات تلفزيونهم مؤتمرا يعقد في بلدهم
توجه فيه انتقادات مباشرة للنظام
وتجري فيه مطالبات بتفكيك الدولة
البوليسية، وهو حدث غير مسبوق بالنسبة
لهم، ولو كان وقع قبل 4 أشهر لكان ثورة
في حد ذاته، لكنه لم يعد هكذا الآن،
ومدينة مثل حماه أخرجت نصف مليون في
جمعة «لا للحوار». وفي المؤتمر قال الشرع كلاما يستحق
الانتباه إليه، فقد اعترف بأنه لولا
الدماء والتضحيات الكبيرة التي قدمها
السوريون في مدن كثيرة لما حدث هذا
اللقاء، ولا يتصور أنه كان يقصد بذلك
ما يروجه النظام عن سقوط رجال أمن
برصاص عصابات مسلحة، كما قال إن اللقاء
بداية حوار وطني للانتقال إلى دولة
تعددية ديمقراطية يتمتع فيها جميع
المواطنين بالمساواة. وإذا نحينا جانبا كلامه الذي قاله ويعكس
وضعيته كأحد شخصيات النظام الرئيسية
لفترة طويلة عن وقف التظاهر غير
المرخص، لأنه يؤدي إلى عنف غير مبرر
على قوله، فإن الجزء الأول من كلامه
يمثل اعترافا بمطالب الشارع الذي يريد
إنهاء احتكار حزب البعث للسلطة
والحصول على الحرية، لكن المشكلة أن
فارق التوقيت عدة شهور، فمثل هذا
الكلام كان يمكن أن يحل الأزمة في
بدايتها، لكن الآن مع سقوط نحو 1500 قتيل
وآلاف المعتقلين أصبحت عملية تهدئة
الشارع وإقناعه بالحوار حتى يتحمل
مسؤوليته - على حد قول بثينة شعبان في
المؤتمر - تحتاج إلى أن تتحمل السلطة
مسؤوليتها إذا أرادت إقناع الشارع،
فتضحي ببعض رموزها التي يكرهها الناس
لتشعرهم بأن هناك تغييرا، وإذا كان
الشرع هو الذي سيقود الحوار فإن الشارع
يجب أن يشعر أنه رجل لديه سلطة حقيقية
وليس مجرد مندوب عن الرئيس، وطبعا
الأهم هو سحب القوات الحكومية من المدن
المحتجة ووقف أعمال القتل والقمع
الدموية مثل ما حدث لصاحب شعارات
الثورة في حماه إبراهيم قاشوش الذي
وُجد مذبوحا من حنجرته كما قالت مواقع
المعارضة. لا نعرف ما إذا كانت هناك أصوات تفكر بشكل
مختلف داخل الحكم في سوريا، فهو نظام
مغلق، وإن كانت هناك بعض الإشارات على
وجود ذلك مثل محافظ حماه السابق الذي
أقيل، كما أن كلام الشرع فيه اعتراف
صريح بفشل الحل الأمني، وكذلك بأن دماء
المحتجين هي التي فرضت الحوار نحو دولة
تعددية. المشكلة أن عملية الإنقاذ في اللحظات
الأخيرة بعد انهيار الحل الأمني لا
جدوى منها ما لم تكن بحجم ما حدث وتتسم
بالسرعة والحسم، لأن أزمة الثقة أصبحت
كبيرة، ومقولة «نصف ثورة تعني حفر قبرك
بنفسك» أصبحت هي السائدة. لقد حاول عمر
سليمان في اللحظات الأخيرة في مصر
القيام بالإنقاذ وفشل، وفي سوريا لا
شيء يدعو للاعتقاد بعكس ذلك حتى الآن. ============== سوريا ومهاجمة السفارة
الأميركية طارق الحميد الشرق الاوسط 12-7-2011 يوم الأحد الماضي، قالت دمشق إنها تفضل
الحفاظ على شعرة معاوية مع واشنطن، بعد
زيارة السفير الأميركي لحماه الجمعة
الماضية، ثم ما لبث النظام السوري أن
أرسل محسوبين عليه ليتهجموا على
السفارتين الأميركية والفرنسية في
دمشق.. فكيف يفهم ذلك؟ قبل التعليق، لا بد من مشاركة القارئ
بعبارتين مهمتين سبق أن سمعتهما من
مسؤولين في المنطقة حول طريقة تفكير
النظام السوري، وذلك لتسهيل فهم
تصرفات النظام. ذات يوم قال لي مسؤول
عربي «عندما تتأمل تصرفات النظام
السوري، فلا تخضعها للمنطق السياسي..
فهذا خطأ، بل دائما حاول أن تفكر
بالطريقة التي يفكر بها النظام نفسه
لتفهم طبيعته»، مضيفا «لو كان النظام
يتعامل بمنطق دولة لما كان هذا حال
سوريا، أو حال المنطقة مع هذا النظام».
كما سمعت من مسؤول عربي رفيع، تعامل مع
الموضوع السوري، ومنذ الأسد الأب، أن «أفضل
طريقة للتعامل مع النظام السوري أن
تبني على أخطائه، فهي كثيرة، والنظام
هو أبرز أعداء نفسه». ومع استحضار هاتين القراءتين نستطيع
القول إن النظام السوري لم يعد حريصا
اليوم على وجود السفير الأميركي في
دمشق، بقدر حرص الشعب السوري والرئيس
أوباما. فالسوريون يجدون في حضور
السفير الأميركي حماية لهم من القمع،
وهذا ما حدث في الجمعة الأخيرة بحماه.
بل إن المعارضة السورية طالبت باقي
السفراء الأجانب بفعل ما فعله
السفيران الأميركي والفرنسي. وبالنسبة
لأوباما، فإنه يواجه ضغوطا متزايدة من
قبل الكونغرس لسحب السفير، على غرار ما
فعله بوش الابن عندما سحب سفيره من
دمشق بعد اغتيال رفيق الحريري عام 2005،
إلا أن إدارة أوباما تدافع عن وجود
سفيرها في دمشق على أنه الفرصة الوحيدة
لمعرفة حقيقة ما يدور داخل سوريا، وهذا
صحيح، ولذا قام السفير الأميركي
بتحركات جادة في سوريا ليحرج
الكونغرس، لكنه وطأ على أطراف أصابع
النظام السوري بشكل مؤلم. وعليه، فإن رد فعل النظام السوري على
زيارة السفير الأميركي لحماه يأتي
طبيعيا، وإن تأخر. فهذا النظام يعاني
بشكل مرعب من عدم مراعاة فارق التوقيت،
فزيارة السفير الأميركي لحماه تعتبر
صفعة للنظام السوري ليس خارجيا، بل
داخليا، خصوصا أمام الجيش، الذي حتما
فيه من كبار الضباط - أيا كانت طائفتهم -
من لا يروق لهم ما يحدث اليوم، ومن شأن
هذا الأمر أن يقلق النظام، فتاريخ
الانقلابات السورية كله يشتمل على
عبارات الحفاظ على الكرامة، وهكذا. ولذا، فإن تصعيد النظام السوري اليوم ضد
السفير الأميركي ما هو إلا دليل على
ربكة النظام وضعفه وتخبطه. فكما قلنا
سابقا إنه من غير المعقول أن يكون سفير
واشنطن قد توجه إلى حماه دون علم
النظام السوري، وهو ما اتضح لاحقا حيث
كانت دمشق على علم بذلك، إلا أن
المظاهرات الحاشدة التي حدثت في حماه
الجمعة الماضية، واستقبال السوريين
للسفير الأميركي بالورود قد أفقدا
النظام صوابه كما نرى اليوم. وهذا أمر
طبيعي لنظام كثيرة أخطاؤه، وبعيد كل
البعد عن امتلاك أي رؤية حقيقية
للتعامل مع الأزمة التي يواجهها مما
جعل ورطته متزايدة. =================== من سليم اللوزي إلى
إبرهيم قاشوش! علي حماده النهار 10 تموز 2011 في الرابع من آذار 1980 ، بينما كان راع في
منطقة عرمون يتسلق مرتفعات المنطقة
اذا به يعثر على جثة... كان لافتا انها
كانت لرجل في منتصف العمر، ولفت الراعي
ان احدى يدي الضحية كانت متحللة. كان
هذا سليم اللوزي احد عمالقة الصحافة
العربية لثلاثة عقود. كان قد خطف قبل
ذلك بثمانية ايام على طريق المطار وهو
يهمّ بمغادرة لبنان بعدما حضر (وكان
مقيما في لندن) لتقبل التعازي بوفاة
والدته. كان اللوزي يصدر مجلة الحوادث
من لندن بسبب الحرب في لبنان. وحاول
ياسر عرفات العثور عليه لأنه كما نقل
عنه "في ما بعد" كان يعرف ان قرار
تصفية سليم اللوزي اتخذ، ولن يقدر على
انقاذه. أسرّ عرفات لعدد من أصدقائه
الصحافيين اللبنانيين بعد ذلك، أن
قرار قتل سليم اللوزي اتخذ في دمشق على
أعلى مستوى، ونفذته منظمة "الصاعقة"
بقيادة زهير محسن. كان اللوزي تميز
بمقالاته المعارضة للنظام السوري، وقد
اغتيل شقيقه مصطفى لهذا السبب في
طرابلس. وبدل ان يتراجع ويستكين قرر
اللوزي المواجهة، فكتب احدى اجمل
المقالات في رثاء شقيقه مصطفى وكأنها
تتضمن استشرافا لاغتياله ووصية سياسية
لما بعد اغتياله. وختم المقالة بهذه
الكلمات: "وغداً إذا نجحت المخابرات
العسكرية في تنفيذ الحكم الذي أصدرته
باغتيالي، وهي قادرة على ذلك بوسائلها
المختلفة، فإني أكون قد استحققت هذا
المصير، وعزاء زوجتي وبناتي وأولاد
مصطفى التسعة أنني أحببت بلدي وأخلصت
لمهنتي". عرف اللوزي انه وضع على
لائحة الاغتيالات ولم يغير قيد انملة
في مواقفه. ولما عُثر على جثته كانت يده
التي يكتب بها محروقة متحللة من أسفلها
بفعل مادة الاسيد التي وضعت فيها فترة
لتذويبها. كانت رسالة القتلة بتذويب يد
سليم اللوزي "الجانية "بالأسيد،
معاقبة كل الاقلام المعارضة! لم تكن
هناك محاكم دولية كمحكمة رفيق
الحريري، تماما مثلما لم تكن من محاكم
يوم قتل كمال جنبلاط برصاصات عملاء فرع
"المخابرات الجوية السورية" قبل
ذلك بثلاث سنوات. مساء 6 تموز الجاري
عثر على جثة مرمية في مجرى نهر العاصي
قرب حماه. تبين انها عائدة ل"بلبل
الثورة السورية" ابرهيم قاشوش صاحب
اغنية "ارحل يا بشار" التي غناها
ملايين السوريين في الشوارع ليل نهار،
ولاسيما في "جمعة ارحل". اللافت ان
قاشوش ذبح من حنجرته واقتعلت الحنجرة
من مكانها ثم رميت الجثة في العاصي.
وكان في طريقة ذبح قاشوش ما ذكرني بما
جرى لسليم اللوزي ايام الاسد الاب، اي
قبل 31 عاما. وكأني باللافتات التي رفعت
في حماه قبل ايام حاملة شعار "حافظ
قتل جدي سنة 1982 ، وبشار قتل والدي سنة
2011 " ما يعكس صورة حقيقية لمأساة شعب
عاش اكثر من اربعة عقود في ظل ستالينية
دموية. وها هو يثور اليوم ويقينه ان لا
عودة الى الوراء. وان الفرصة التاريخية
اما ان تفضي الى الحرية والكرامة او
يستمر هذا النهج الذي احرق يد سليم
اللوزي قبل ثلاثة عقود، واقتلع حنجرة
ابرهيم قاشوش... الى ما لا نهاية. ========================= حنان كامل الشيخ الغد 11/07/2011 حين شاهدتها على شاشة التلفاز، أدركت أنه
لا حوار بيني وبينكم! خيمتكم الظليلة
الكبيرة البيضاء الفخمة الرهيبة
العتيدة الصلبة، والتي تتوسطها على
الأرض تحفة فنية رائعة الجمال، وفي
السقف ثريا لم أر ببهاء شكلها وسطوع
نورها مثيلا من قبل. وأسركم القول،
إنها المرة الأولى التي أحببت فيها
اسمي الذي طالما لمت أهلي على انتقائه
لي... ثريا. عشت في قريتي الصغيرة الطيبة، سنين عمري
الصغيرة الطيبة، لا ألوي على شيء،
اللهم إلا الدعاء المتكرر بانتهاء
الدوام المدرسي سريعا كل نهار، ليتسنى
لي الركض بين أشجار اللوز على راحتي،
وتفقد ضفادعي على طرفي عين الماء.
اليوم وبعد أن فرق التهجير واللجوء
والدم بيني وبين قريتي، أراني أستهل
دعاء المساء ب"يا رب.. أعدني إلى صفي
قبل نهاية العام الدراسي"!. قبل يومين، لم أصدق عيني وأنا أراكم
تجتمعون في العاصمة حول تلك الطاولة
التي لم أر أكبر منها في حياتي،
تتناقشون قضيتي وتتناولونني كوجبة
خفيفة، في فترات استراحتكم! تستريحون
من ماذا بالله عليكم؟ هل أتعبتكم
الجلسة الطويلة على مقاعد الحوار
الوطني؟ أم أنهكتكم دقيقة الصمت على
أرواح اخوتي؟ أم لعلها مداخلة وقف
الرصاص التي أحرجت تعهدكم بعدم
المساس؟ يا الله ما أحلى ملابسكم وما
أنقى وجوهكم وما أروع عطوركم.. وما
أكذبكم! اسمعوا.. وخذوها من فم طفلة كبرت أسرع
كثيرا منكم: لا حوار بيننا وبينكم منذ
عشرات السنين، وليس فقط من لحظة تشردنا
هربا من الموت المحتم على البؤساء. بل
هي هوة أوسع من قاعة الاجتماع العظيمة
التي صففتكم، وأوهمتكم بأنكم أوصياء
على الفقراء و"المضلَّلين". كيف
نتحاور ولا أرضية مشتركة تجمعني بكم؟
أرضكم رخام ومرمر، وأرضي مليسة وزعتر.
أنتم "بييركاردان وغوتشي"، وأنا
قطن حلبي من الدرجة الممتازة. أنتم
زجاجات المياه المعدنية وصحن بتيفور،
وأنا الفيجة وسلة خبز الطابون. أنتم
سلاف فواخرجي ودريد لحام، وأنا سفيرة
النوايا الحسنة. أنتم التكييف
المركزي، وأنا الشمس والسماء. أنتم
الخطابات الكذابة، وأنا الممانعة.
أنتم الميكرفونات الحساسة، وأنا
الحناجر المقتلعة. وعلى السياق نفسه، أحب أن أنوه لمفارقة
غريبة! كنتم تخافون على الموسم
السياحي، ومقاطعة الاخوة الخليجيين
والعرب لزيارة فنادقكم الفارهة
ومصايفكم البديعة. أحب أن أطمئنكم، أن
الأخوة الحقيقيين أطلوا على خيمنا
وأقاموا بيننا. احتضنوا خوفنا،
وطبطبوا على نزوحنا. والعجيب أنهم لم
يمروا على متنزهاتكم في طريقهم إلينا! عرفتم الآن لماذا لا ينفع الحوار بيني
وبينكم؟ لأن خديعتكم لم تعد تنطلي على
العقل. واكتشف الجميع زيف ادعاءاتكم،
وفهموا كم أنتم الثرى، وكم أنا الثريا. ===================== ماذا كنت سأقول في مؤتمر
الحوار الوطني؟ بقلم: د. ناهد غزول عكس السير 11/7/2011 لم يدعني أحد لمؤتمر الحوار الوطني
اللقاء التشاوري و لم أعرف أين أنا
خلال الاربع أشهر الماضية. فلا أنا
نزلت للشارع و لا أنا تحدثت عن موقعي
بجرأة و صراحة رغم أنني في حواراتي مع
الاصدقاء و عبر مواقع التواصل
الاجتماعي كنت أقول أحبوا سورية و من
يحب لايؤذي محبوبه فحين نريد ان نصلح
بيتنا الذي يحتوي على ذكرياتنا و
مقدساتنا و تاريخنا لانهدمه و انما
نصلحه و في أسوأ الاحوال نعيد اعمار
جزء منه. و رغم ان رأيي بيني و بين نفسي
تغير مرات و مرات حسب الاحداث و اختلاط
الامور فمظاهرات و سلاح و قتل و اضراب و
تكفير و تخوين و خلط الدين بالسياسة و
معارضة في الداخل و أخرى في الخارج الا
أنني بقيت صامتةً فخونني الشارع و
المعارضة التي لم نعرف شخصوصها و لا
وزنهم السياسي على ارض الواقع و اعتبرت
الحكومة صمتي في صالحها. و ربما في زحمة
الاشياء نسي الجميع أنني صمت لانني
أريد أن احيا بسلام و أمان. لأنني سورية
تنضح كرامة و لاتحب ان تعيش لاجئة في
أية جنة على هذه الأرض غير سورية . و
لأاعرف كيف يمكنني أن ألملم الأزمة
التي تستمر يوما بعد يوم و تمزقني معها. لم يسألني أحد عن رأيي و مع ذلك فالكل
يتحدث باسمي و يريد التغيير و الإصلاح
من أجلي. لاأعرف من اختار الأشخاص
اللذين يحضرون اللقاء التشاوري و أين
الفئة الشابة من هذا اللقاء و رغم ذلك
لو دعاني أحد لمؤتمر الحوار الوطني و
سألني عما أريد و كيف أتمنى أن تكون
سورية غداً؟ لأجبت و دون أدنى تردد
اتمنى أن يكون هناك اصلاح شامل و أن
أبتدأ الاصلاح من نفسي فأرفض الرشوة و
اتحدث بصوت عال ضد المحسوبية و الفساد
و لايهمني في قول الحق لومة لائم. أتمنى
أن أحب و نحب جميعا سوريتنا و
الممتلكات العامة و نحافظ علبها و
نصونها لأننا من يدفع ثمنها من أموال
الضرائب كما نصون اموالنا و ممتلكاتنا
الخاصة. أتمنى أن تنتفى بيروقراطية المكتب و
مركزية القرار و تؤتمت كافة دوائر
الدولة فلا نضطر أن نسافر من محافظة
الى أخرى من أجل الحصول مثلاً على ورقة
" لاحكم عليه" أو "شهادة من
دائرة حكومية أو وثيقة و نقف على باب
المسؤول نستجدي لقاءه. و لربما قلل هذا
من كم الرشاوي الهائل التي يجب أن
يدفعها المواطن في كثير من الاماكن
ليحصل على هذه الأشياء و الا اضطر أن
ينتظر طويلا للحصول على مطلبه. أتمنى أن يتم توظيف العاطلين عن العمل لأن
البطالة و الفقر يدفعا بالانسان الى
اليأس و الاحباط و الجريمة و السرقة و
فعل اي شئ ليغير حاله. أتمنى أن يحاسب كل وزير أو محافظ أو مسؤول
حجب وظيفة شاغرة ينتظرها انسان يحلم
براتب يسد رمقه و رمق عائلته. و مثال
على ذلك محاسبة من جمد الجمعيات
السكنية في مدينة حلب و غيرها من
المحافظات الامر الذي جعل ملايين
الليرات السورية التي دفعتها شريحة
لاحلم لها الا ببيت عن طريق الجمعية
تضيع و تفقد قيمتها بسبب تعنت هذا
المسؤول. و لاشك ان مثل هذه الجمعيات
كانت ستحتاج الى أيدي عاملة تعدادها
الاف و تؤمن سكن لآلاف أخرى. و مثال أخر
لمن حاول أن يعرقل أية مشاريع
استثمارية عربية محلية أو أجنبية
ليضغط على أصحابها حتى يدخل شريكا أو
يحقق بعض المكاسب الشخصية فأفقد البلد
فرص توظيف و استثمار و عملة صعبة و
مشاريع حضارية كمشروع بناء جامعة و
مدينة طبية قرب حلب باستثمار عربي و
غيرها كثير ..كثير. أتمنى أن توجد هيئة مكافحة الفساد
الإداري و القضائي و تتبع لرئاسة
الجمهورية مباشرة و تكون احكامها
رجعية لتحاسب كل مسؤول اعتلى منصبا و
لم يحسن له و لم يستقيل منه و اعتبره
مكرمة رئاسية على اسمه او على نبل
محتدمه فصال و جال و سخر جيشاً من
السيارات لخدمتة وعائلته ووظف كل
نفوذه للانتقام ممن لايطيب مزاجهم له و
استبعد الكوادر العلمية و الاداريه و
الطاقات البشرية التي كان البلد بأمس
الحاجة لها و ترك شواغر وظيفية أو وظف
اتباعه التي نهلت تشكره فنسي انه ينتمي
لعالمنا و امتلات جيوبة بمئات
الملايين من الليرات السورية في حين
كان الاقتصاد السوري يئن تحت وطأة
الازمات المالية و العقوبات و الحصار
الامريكي و الاوربي. نتمنى ان يتم
الحجز على أملاكهم المنقولة و غير
المنقولة بعد العودة لسجل العقارات و
الكشف عما كانوا يملكون قبل ان يعتلوا
المنصب و تسترجع كل الاموال التي تم
اختلاسها من وراء سلطة المكتب ونفوذ
المهمة. أتمنى أن يكون القضاء مستقلا محايداً
حراً نزيهاً مرتبطا برئاسة الجمهورية. أتمنىأن تستعيد مؤسساتنا التعليمية و
جامعاتنا عافيتها بعد أن غابت شمسها عن
الترتيب العربي و العالمي. أتمنى أن يكون لدينا اعلام حر مستقل
موضوعي بكل ماتعنيه الكلمات و تضبطه
قوانين و قواعد دون أن تفرغه من مضمونه.
فالاعلام الحر قادر على أن يكون شريك
الحكومة في عملية البناء و مكافحة
الفساد و لايتعرض أفراده للضغوط و
المحاربة حين ينشر تحقيق مبني على
الوقائع و المستندات و أن يكون القضاء
هو السلطة الوحيدة المعنيه بملاحقة
مايتعلق بالمواد المنشورة. و هذا
بالطبع يعني أننا نتمنى ان يكون هناك
مساحات لحرية التعبير رغم أنني لاانكر
وجودها الان الا أننا نطمح بالمزيد
الذي يتيح لكل محب للوطن أن يتحدث عن
موطن خلل و يشير اليه دون أن يتعرض
لانتقام المسؤول و حاشيته. أتمنى ألا يسمح لأي مدير أو مسؤول أو عضو
مجلس شعب بالبقاء لاكثر من دورتين
متتاليتين في منصبه فهذا يسمح للوطن
بالاستفادة من الكفاءات الاخرى و يمنع
الكثير من المحسوبية و البيروقراطية. و
ترفع الحصانة عن أي برلماني في حال
ادانته بما يسئ لمنصبه أو الوطن. أتمنى أن يكفيني راتبي لاخر الشهر و أن
استطيع أن أوفر مايعنني و عائلتي على
نوائب الايام و أن يكون هناك ضمان صحي
شامل و كامل لجميع أفراد الشعب السوري
دون استثناء. حصلت المرأة السورية في ظل الحكم الحالي
على مكاسب أتمنى أن تتوج بالمزيد من
الحقوق على الصعيد المدني و السياسي و
الاداري. فقوانين تحمي قتلة النساء
باسم الشرف يجب أن تلغى و قوانين تفرض
موافقة الأب على مغادرة الاولاد للبلد
مع الأم لشئ مهين للأم والأمومة و
قوانين تخفف العقوبة على الاعتداء على
المحرمات لجريمة بحق الدين و الاسرة و
الوطن.و حرمان أولاد المرأة السورية من
أب غير سوري من الجنسية لاهانة لقانون
الاحوال المدنية. كما أن المرأة تشكل
نصف المجتمع و لكن حصتها في المناصب
السياسية أو الادارية و العلمية
لاتعادل المستوى الثقافي الذي تتمتع
به و لا تعكس مكانتها التاريخية في
المجتمع السوري و لاتتناسب مع التعداد
السكاني. أضف الى ذلك أن المرأة قد تكون
أقل جرأة على الفساد و السرقة و تقبل
الرشوة و اقل شجاعة لتتبنى المحسوبية
لذلك لو تم رفع رصيد المرأة السورية في
مواقع العمل و الادارة لتحققت فرص
مساواة أكبر لبناء الوطن . و بما أنني لن أن أكتب عن الامور السياسية
و الأمنية الا أنني أتمنى في حال دخلت
أحزاب أخرى في نسيج الدولة أن يكون لها
دور فعال في عملية البناء و يكون لها
برنامجا سياسياً و اقتصادياً واضحاً
يتماشى مع مواقف السياسة القومية
للحكومة الراهنة التي جعلت من سوريا
معادلة صعبة باعتراف اعدائها قبل
اصدقائها. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |