ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 02/08/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

أيهما أبقى: صورة الرئيس على الحائط أم في القلب

محمد عبدالله محمد

الوسط

1-8-2011

رَوَى لي أحد الأصدقاء، أنه كان بداخل أحد المحال التجارية في سوق عامة بسورية. ولأن الحالَ موسمٌ، والناس في تبضِّع ومساومات محمومة، فقد أدَّى ذلك إلى أن تزلَّ يد نجل صاحب المحل، فتسقط صورة رئيس الجمهورية من الحائط إلى الأرض، فما كان من الأب، إلا أن صفعَ ابنه على وجهه بقوة عقاباً على فعلته، مُتبِع ذلك بتعنيف وتقريع له. استنكر صاحبي هذا الفعل القاسي من الأب تجاه ابنه. رد الأب بحذر وهمس: لو لم أفعل ذلك، لأتاني رجال الأمن المتربصين بالجميع في الخارج، وفعلوا بي وبابني أضعاف ما فعلته أنا الآن من أداء مسرحي!

إنه حقاً تصرف غريب من هذا الرجل تجاه ابنه، يعكس مأساة سياسية واجتماعية كانت ومازالت تختنق بها سورية العزيزة علينا جميعاً. فحين يلجأ الفرد إلى إظهار الولاء المطلق تجاه زعامة بلده السياسية، ولكن بخوف شديد ورعب لا حد له، فهذا يعني أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم هي في أقصى مراحل الوهمية والنفاق، لأنها مصنوعة في الأساس من ورق هَش سيتمزَّق عند أول اختبار له. والأكثر من ذلك، فهي تعني أن كل لحظة تمر على البلد، وكل سلوك يُمارسه الناس المغلوبون على إظهار ذلك الولاء عنوة وبتلك الطريقة البدائية الفجَّة، ما هو إلا تراكم من البارود، في طريقه إلى الانفجار، في أي لحظة يتلقى فيها شرارة الإيقاد، بالضبط كالهدوء القاتل الذي يسبق العاصفة الهوجاء.

وربما صَدَق المعارض السوري الثمانيني رياض الترك، عندما قال في مقابلة معه في صحيفة «الحياة» اللندنية قبل أيام: «صدقاً لم يفاجئني اندلاع الثورة (في سورية)، وإن كنتُ في البداية، كما هو حال أي إنسان، غير قادر على تحديد أين ومتى وكيف ستندلع الثورة كحدث. مع ذلك، لقد بدا الأمر واضحاً بالنسبة لي، أن هذا المجتمع لن يبقَ بمنأى عن حركة التغيير». فمجتمع بذاك المنسوب من الانغلاق على الحرية، لا يُمكنه أن يستمر طِلقاً لجو قمعي، ليس به أية تشريبات ساقية، أو مراوح تهوية. فالحريات، وتحديد شكل الحكم، هي أبسط حقوق البشر.

اليوم ما يجري في هذا البلد مُؤلم لِحَد الصراخ. تطويق عسكري/ أمني شبه يومي لمدن، وقرى، وأحياء سورية للتعامل مع المتظاهرين. لكن أكثر الأمور إيلاماً، هو توريط الجيش في هذه المعالجة الأمنية القاسية. فما عرفناه هو أن جيوش الدول، تكتسب رمزية وطنية غير عادية لدى الشعوب، باعتبارها، القيمة المادية والمعنوية التي بها تُحمَى البُلدَان من اعتداء الخارج. لكن عندما يُزَج بالجيش، ليعضَّ جزءاً، أو كُلاً من أبناء شعبه، فإنه يتحول بالنسبة لشعب ما كالعدو الخارجي، الذي لم يعُد يحمل أي صفة وطنية بالنسبة للناس، لأنه وباختصار أخَلَّ بأبسط واجباته الحقيقية التي وُجِد وشُكـِّل من أجلها، فضلاً عن ارتكابه القوة تجاه المدنيين.

لقد استبسل الجيش السوري في معارك عربية مُشرفة منذ بداية القرن، من معركة ميلسون في يوليو/ تموز من العام 1920 ضد الفرنسيين، إلى حروب العرب الثلاث مع إسرائيل، وانتهاءً بلبنان، كالتي جَرَت في الضواحي الشرقية لبيروت وطرابلس نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وفي انتفاضة السادس من فبراير/ شباط التي ميَّعت ثم أسقطت اتفاق 17 مايو/ أيار بين حكومة أمين الجميل وإسرائيل، لذا فمن الخطأ الجسيم اليوم، أن يُشوَّه هذا السِّجل العسكري المُشرِّف عبر توريط هذا الجيش الكبير في مشاكل السياسة الداخلية. نعم، هي مشاكل سياسية بامتياز، حتى ولو جاءت على شكل مظاهرات واعتصامات تطالب بالتغيير، والانتخابات العادلة، وهي بالتأكيد ليست تآمراً من الخارج، ولا عمالة للغرب، ولا أصحابها جراثيم كما وُصفوا، ولا هم قتلة، ولا مأجورون، ولا هم طائفيون ولا عَبَثِيُون ولا طامعون في حكم.

قبل مدة قال لي أحد الأصدقاء: يبدو أنه ليس هناك إجماع في الداخل السوري على مطالب المعارضة، سواء التي وردت في إعلان دمشق، أو في رؤية لجان التنسيق المحلية لمستقبل سورية السياسي. قلتُ له: حسناً. ربّ الخلائق والعباد ورسله وأنبيائه لم يُجمَع عليهم رغم أحقيتهم بالاتباع. هذا الأمر غير مقبول، وحُجَّته أوهَن من بيت العنكبوت. ثم إن التشاور والتنسيق والاتفاق بين الفرقاء ليس في الأمور المتعلقة بالديمقراطية والحرية والمساواة؛ لأنها السقف الذي يُسلِّم به العقلاء، بل هي في الأمور التي تعلو ذلك، فمعارضو الديمقراطية ليس في موقفهم غرابة إذا ما رُبِط بخوفهم على مصالحهم الشخصية والعائلية الضيقة.

ألوفٌ مُؤلفة، يعرضها التلفزيون السوري يومياً وهي تهتف باسم الرئيس السوري بشار الأسد وحكم البعث، لكن الحقيقة لا تنبع من هؤلاء أبداً (رغم أنهم مُقدَّرون إنسانياً) لأن المنطق يقول: إن تفضيل هؤلاء للقمع على الحرية، والاستبداد على الديمقراطية، مرتبط بشكل أصيل بنواحي تمس المادة والغريزة البشرية. فالامتيازات الممنوحة، وسياسات التفضيل تعطي هؤلاء شعوراً، بأن الوضع القائم هو أفضل الأحوال الذي ستوفر لهم حياة أفضل، لكن هذا الأمر بعيد عن أي حس بالمسئولية والوطنية الرشيقة الشاملة والعامة.

ليس المعنى في أن يتظاهر ضدك ألف أو مليونان، وإنما المعنى في أن هناك من يرفض سياساتك وطريقة تعاملك للأمور. وليس المعنى أن يُواليك عشرة ملايين ويُخالفك ألف، فالمعيار هو العدل، وليس الظلم. فإن قبل العشرة ملايين بالظلم فسيبقى الظلم ظلماً، وإن لم يَرض الألف فرد إلا بالعدل فسيبقى العدلُ عدلاً. ولا أظن أن الفرق بين الاثنين (الظلم والعدل) صعب إلى هذه الدرجة

===============

هل سيفعلها الأسد يا ترى؟

الجريدة الكويتية

13-7-2011

صالح القلاب

لا أحد يستطيع التكهن، وبما في ذلك العرافون وأشهر ضباط المخابرات في العالم بأسره وأهم المحللين السياسيين في الكرة الأرضية، بما إذا كان نظام الرئيس بشار الأسد وعائلته وأخواله سيصمد أمام هذه الثورة الشعبية الهائلة التي باتت تجتاح سورية، محافظة محافظة ومدينة مدينة وبلدة بلدة وقرية قرية وضيعة ضيعة و«زنقة» زنقة وفرداً فرداً، فالأرياح تصافقت والدروب تشعبت والأمور ازدادت تعقيداً وباتت غير ممكنة العودة وعلى الإطلاق… على الإطلاق إلى ما كان عليه الوضع يوم الخامس عشر من مارس الماضي.

عندما تسيل الدماء بكل هذه الغزارة وعندما يركب مراهقو النظام رؤوسهم على هذا النحو ويتمسكون بدرس حماة في عام 1982 الذي كانت محصلته إزهاق أرواح أربعين ألف مواطن سوري فإنه لم تعد هناك إمكانية للملمة الأمور، ولا لانتظار لا وساطة عربية ولا دولية على غرار ما جرى وما يجري في اليمن، غير السعيد، وفي «الجماهيرية العظمى»… التي يبدو أنها ستفقد هذا الاسم قريباً، والخوف كل الخوف أن تمزقها لعبة الأمم إلى ثلاثة أجزاء.

لقد استخدم مراهقو نظام الرئيس بشار الأسد أقصى أشكال القوة المفرطة، وعمت عمليات التدمير والذبح العشوائي كل المدن السورية بدون استثناء، وبما في ذلك دمشق وحلب اللتان كانتا توصفان بأنهما معقل البرجوازية المتحالفة مع النظام، والتي بحكم تكوينها تتحالف مع كل من له الغلبة، ولكن ومع ذلك فإنه لا توجد مؤشرات على وجود أي نية للتراجع، وأيضاً على عدم وجود أي مؤشرات على أنه لدى هذا النظام أي استعداد لمراجعة مسيرة الأربعة أشهر وأكثر الماضية، والبحث عن حلول غير حلول العنف الدموي، وهذا يجعل هذا البلد بانتظار كارثة محققة.

كيف يستطيع الرئيس بشار الأسد، حتى وإن تمكن من قمع هذه الثورة المتعاظمة وإطفاء لهيبها وبقي في الحكم، أن يضع رأسه على وسادة من ريش النعام وينام ليله الطويل وهو يعرف بحكم أنه قرأ تاريخ الانقلابات العسكرية كلها، بما فيها انقلاب أبيه على رفاقه، أن ثأر جبل العرب (السويداء) لاحق أديب الشيشكلي حتى البرازيل، وأن نهايته كانت هناك برصاصة أطلقها على صدره شاب درزي من الذين فقدوا الكثير من ذويهم في عمليات قمع كعمليات القمع التي يقوم بها ماهر الأسد الآن بأوامر صارمة من شقيقه رئيس الجمهورية…؟!

كان الشعب السوري قد راهن على بشار ذات يوم عندما خلف والده، الذي ستبقى مجازر حماة تلاحقه وتلاحق ذريته إلى الأبد، بأنه سيخرج سورية من عصر الظلمات والشمولية والقمع وحكم الحزب، الذي لم يعد حزباً أولاً بعد حركة فبراير (شباط) 1966، ثم بعد الحركة التصحيحية 1970، إلى عصر النور والتعددية والديمقراطية وكرامة الإنسان المواطن، لكن هذه المراهنة فشلت وللأسف، وثبت أن الخل أخو الخردل وأن الشبل من ذاك الأسد.

والآن ورغم هذه التجربة السابقة المحبطة فإن الأفضل لهذا الشاب الذي هو أب لأطفال في أعمار الورود أن يغتنم هذه الفرصة التاريخية ليؤكد أن انحيازه لشعبه، الشعب السوري، يتقدم على تمسكه بالحكم وعلى عرش أصبح يرتكز على جماجم الأبرياء، وليبادر إلى التنحي وتحديد فترة انتقالية يرعى خلالها انتخابات ديمقراطية بالفعل، تشريعية ورئاسية، يقول فيها السوريون رأيهم ويختارون من يريدونه… وحقيقة… حقيقة إنه إذا فعل هذا فإن التاريخ سيدون اسمه كأهم من مرّ على سورية من حكام من معاوية بن أبي سفيان حتى الآن… فهل سيفعلها بشار الأسد يا ترى…؟!

===============

في سوريا نريد الحرية.. العدالة.. التسامح.. لا ثأراً ولا انتقاماً

المستقبل - الاثنين 1 آب 2011

العدد 4073 - رأي و فكر - صفحة 19

ميشال شماس()

الرسالات السماوية قامت على المحبة والرحمة والتسامح، ونبذت الكراهية والعنف والقتل، يسوع المسيح عندما كان على الصليب طلب من ربه أن يغفر لمن صلبوه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون، وهو الذي قال أمام حشد من الناس "من ضربك على خدك الأيمن فحول له الأيسر". وقال أيضاً أحبوا أعداءكم وباركوا لأعينكم وأحسنوا معاملة الذين يبغضونكم.. والنبي محمد لم ينتقم من جاره اليهودي الذي كان يرمي داره بالأوساخ، بل قدم له الطعام والدواء عندما مرض تأكيداً لقوله في القرآن "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".. وقوله: "ادخلوا في السلم كافة" (البقرة: 208). وقوله أيضاً: "خلقناكم قبائل وشعوب لتعارفوا وإن أقربكم إلى الله هو اتقاكم" (الحجرات 208).

والعظيم نيلسون مانديلا رغم سجنه سبعة وعشرين عاماً وضع مصلحة بلده فوق رؤيته الشخصية الضيقة باعتباره زعيم السود في جنوب أفريقيا، ووضع أيضاً مصلحة واستقرار جنوب أفريقيا فوق رغبة الانتقام التي كانت تعم بين السود من عنصرية البيض تجاهه شخصياً وتجاه أغلبية شعبه من السود، وفتح قلبه وعقله ويديه لزملائه وكذلك للذين ظلموه من البيض، وأسس ما أسماه بلجان الحقيقة والتسامح، وقال يجب أن نعرف حقيقة ما حدث وبعد ذلك نسامح من ظلم. فنجت جنوب أفريقيا من حرب أهلية بين السود والبيض رغم الاضطهاد الكبير الذي عانى منه السود على يد الأقلية البيضاء التي كانت تحكم في جنوب إفريقيا.. واحتلت مكانة مرموقة في العالم بفضل سياسة التسامح التي اتبعها نليسون مانديلا.

ومن هذا المنطلق أود أن أناشد من بيده القرار اليوم أن يعي جيداً أن مصلحة سوريا وشعبها لا يمكن أن تتحقق بالحل الأمني ولا بالاعتقالات، بل بالحل السياسي والاعتراف بأننا نعيش في أزمة وطنية، وفتح الإعلام أمام الرأي الأخر إعلام يكشف لنا بصدق وشفافية حقيقة ما يجري على الأرض..

كما أناشد الذين يتحدثون اليوم عن تغيير الدستور وعن تحقيق الحرية والديمقراطية، وأولئك الذين يتحدثون عن إسقاط النظام وإسقاط الرئيس، وأرجو هؤلاء الذين يطالبون بالقصاص والانتقام أن يضعوا مصلحة سوريا فوق أي اعتبار، فمصلحتي ومصلحتك ومصلحة جميع السوريين لا يمكن أن تتحقق من خلال التجريح والسباب والشتائم والتوعد بالانتقام، بل تتحقق بالتسامح والمحبة والتعالي على الجراح.

وإن مصلحة سورية سوريا لا تتحقق بسعي كل منّا لتطبيق رؤيته وآرائه الشخصية الخاصة، بل تتحقق عندما أضع رؤيتي وتضع رؤيتك الشخصية في خدمة مصلحة سوريا، وفي خدمة مصلحة جموع الشعب السوري بمختلف تلاوينه وأطيافه فوق أي شخصية.

إن تحقيق ذلك سيمنحنا القدرة والقوة على مسامحة من ظلمني ومن ظلمك.. وبناء سوريا على أساس من الحرية والكرامة والعدالة والتسامح .. سوريا خالية من الكراهية والحقد والانتقام... خالية من الاستبداد والظلم والقهر.

لا شك في أن حجم الظلم الذي لحق بأغلبية الشعب السوري كان كبيراً، وأدرك جيداً مدى حجم الأسى والألم الذي يعتصر قلوب السوريات والسوريين الذين ظلموا وعذبوا وعانوا القهر والاستبداد، إلا أن كل ذلك يجب أن يدفعنا إلى إن ننظر إلى المستقبل والتعامل معه بواقعية حتى نتمكن من تجاوز تفاصيل الماضي المؤلم بأقل الخسائر والآلام ، وننطلق باتجاه بناء سوريا العزة والكرامة والعدالة والتسامح.

إن سوريا يجب ان تتسع لجميع بناتها وأبنائها دون تمييز، وبصرف النظر عن ميولهم السياسية والدينية وألوانهم وأجناسهم وأعراقهم.

==============

المحرّم حزبياً في سوريا.. حلال في لبنان!

المستقبل - الاثنين 1 آب 2011

العدد 4073 - رأي و فكر - صفحة 19

خيرالله خيرالله

من اطرف ما يمكن ان يسمعه المرء او ان يقرأه هذه الايام النص المرتبط بقانون الاحزاب الذي اقرّه مجلس الوزراء السوري قبل ايام. في حال كان على المرء ان يكون منصفا، فان مشروع القانون جيّد عموما ويستجيب لما يمكن ان تكون عليه القوانين في دولة حديثة تسعى الى ان تكون ديموقراطية. الأكيد ان هناك ما هو في حاجة الى توضيح على وجه السرعة. هل لا يزال حزب البعث الحزب "القائد" بموجب الدستور المعمول به والذي لم يعدّل بعد؟

في حال كان قانون الاحزاب خاضعا للدستور، لا حاجة الى الكلام عن اصلاحات في سوريا ما دام الدستور يعلو على القانون، اي قانون، ويتجاوزه. كل ذلك يدل على ان لا رغبة في اصلاحات حقيقية نظرا الى ان النظام المعمول به غير قابل للاصلاح اصلا. كلّ ما في الامر ان هناك محاولة للضحك على المواطن العادي الذي يعرف تماما طبيعة النظام الذي يتعاطى معه. هذا المواطن ما كان ليقوم بثورته المستمرة منذ ما يزيد على اربعة اشهر لو كانت لديه اي قناعة من اي نوع كان بانّ النظام السوري قادر على اصلاح نفسه.

حسنا، لنضع جانبا الكلام عن قانون عصري للاحزاب في سوريا فيما الدستور فيها لا يزال على حاله ويدعو الى هيمنة حزب متخلف مثل حزب البعث على الحياة السياسية في البلد. ماذا عن طريقة تعامل النظام السوري مع لبنان والحياة السياسية في لبنان؟ هل يمكن لنظام في دمشق ان يكون ديموقراطيا وان يدعم في الوقت نفسه احزابا شمولية لا علاقة لها باي نوع من الديموقراطية من قريب او بعيد في بلد جار؟

هل يمكن لنظام ديموقراطي في سوريا ان يقف على رجليه وان يكون في الوقت نفسه متحالفا مع حزب لا يؤمن سوى بالسلاح وبفرض رأيه على الآخر عن طريق السلاح؟ اكثر من ذلك، هل يمكن ان تكون سوريا ديموقراطية وان تكون تحت رحمة حزب معاد لها ولا يؤمن بها اصلا؟

تقول وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان مجلس الوزراء "اقرّ مشروع قانون الاحزاب في سوريا وذلك في اطار ترجمة توجهات برنامج الاصلاح السياسي وبهدف اغناء الحياة السياسية وتنشيطها والمشاركة في مسؤولياتها وتداول السلطة". واضافت ان مشروع القانون "يمنع قيام اي حزب على اساس ديني او قبلي او مناطقي او فئوي او مهني على اساس التمييز بسبب العرق او الجنس او اللون " كما يحظر ان يكون الحزب" فرعا او تابعا لتنظيم او حزب سياسي غير سوري". وتابعت الوكالة الرسمية السورية ان من الشروط المفروضة بموجب مشروع القانون لتأسيس اي حزب "التزامه احكام الدستور ومبادئ الديموقراطية وسيادة القانون واحترام الحريات والحقوق الاساسية والاعلانات العالمية لحقوق الانسان والاتفاقات المصدق عليها من الجمهورية العربية السورية". واشارت الى انه "يشترط ان يحافظ الحزب على وحدة الوطن وترسيخ الوحدة الوطنية للمجتمع وان تكون مبادئه علنية، كذلك اهدافه ووسائله ومصادر تمويله وان تتم تشكيلات الحزب واختيار هيئاته القيادية ومباشرته نشاطاته على اساس ديموقراطي، وان لا تنطوي وسائل الحزب على اقامة اي تشكيلات عسكرية او شبه عسكرية علنية او سرية او استخدام العنف بكل اشكاله او التهديد به او التحريض عليه".

كيف يمكن للنظام السوري فرض كل هذه الشروط على اي حزب جديد في سوريا وان يكون في الوقت ذاته حليفا، بل تحت رحمة حزب يرفض كليا كل هذه الشروط ويعاديها. هل يكفي ان يكون مثل هذا الحزب في لبنان حتى يصبح مقبولا في سوريا؟ ان كل كلمة تضمنها قانون الاحزاب الذي اقرّه مجلس الوزراء السوري على تناقض تام مع ما يمثله "حزب الله" الذي تحول الى راس حربة النظام السوري في لبنان وحاميه. كيف يمكن لنظام القيام باصلاحات ما دام كل همه محصور في التعاطي مع حزب مذهبي ومناطقي وطائفي لديه ميليشيا مسلحة، بل هو ميليشيا مسلحة، ويشكل لواء في "الحرس الثوري الايراني". ليس ما يدعو بالطبع الى التساؤل عن مصادر تمويل هذا الحزب وهل هي لبنانية ام لا؟ ما الذي يدفع النظام السوري الى اعتبار الحزب المذهبي حراما على سوريا وحلالا على لبنان؟

مرة اخرى، يتبين ان البهلوانيات شيء والسياسة شيء آخر. لا يمكن اتباع سياسة ذات صدقية تحظى باحترام المجتمع الدولي واعتماد البهلوانيات في الوقت ذاته. لا يمكن الاعتماد على ميليشيا مذهبية حزبية في لبنان للقيام بانقلاب في هذا البلد وتحريم مثل هذا النوع من الاحزاب في سوريا. يفترض في من يدعم احزابا مذهبية وطائفية تمتلك ميليشيات وسلاحا في لبنان ان لا يتفاجأ بان هذا الدعم سيرتد عليه يوما.

من حسن الحظ ان الشعب السوري يعتمد الوسائل السلمية في مواجهته مع النظام. ما قام به حتى الآن، من خلال ثورته، يؤكد انه لن يسقط في لعبة اللجوء الى السلاح وانه سسيستمر في رفض الازدواجية بكل وجوهها. ما يريد الشعب السوري قوله ان ليس في استطاعة النظام في دمشق ان يكون ضد المذهبية والطائفية في سوريا وان يكون معها في لبنان وانه لا يستطيع ان يكون ضد الاحزاب المسلحة في سوريا وان يكون معها في لبنان. نعم ثمة فارق بين السياسة والبهلوانيات!

===============

رمضان العربي يطل دموياً: أين مؤتمر الحوار الوطني من حماه؟!

طلال سلمان

السفير

1-8-2011

يطل شهر رمضان المبارك، هذا العام، بوجه مجرّح وفؤاد مكلوم، على أرض عربية تغطيها دماء فتيتها الأبرار الذين انتفضوا ـ أخيراً وبعد صبر على الظلم والتهميش طال أكثر مما يجوز ـ ضد أنظمة القمع التي صادرت بلادهم، وسدت أمامهم الطريق إلى المساهمة في بنائها وفي تقدمها بقدرات أهلها الذين صاروا غرباء فيها، يتجرعون إذلال «الأجهزة» التي تصادر حقوقهم وتسعى لإلغاء عقولهم وتعطيل قدرتهم على الفعل.

لن يكون رمضان هذا العام، في معظم الأرض العربية، شهر التوبة والتسامح، بل إن أنظمة القمع تعد لتزيد من عنفها خلاله، ولمد أذرعتها الأخطبوطية إلى بيوت الله، تحاول إغلاقها حتى لا تكون ملاجئ للثائرين الساعين إلى الاعتراف بهم كشعب له حقوقه في بلاده، وأوله حقه في الحرية.

ولن يتلاقى الناس، أقله في اليمن أو البحرين أو سوريا أو ليبيا، من حول موائد الإفطار والسحور، في هذا الشهر الكريم، تظللهم المحبة وأفياء الأمان... بل على الأرجح إنهم سيواجهون المزيد من عمليات القتل والمطاردة في الميادين والساحات والشوارع والأحياء الداخلية حتى يتعذر اجتماعهم، ويتعذر ـ إذا ما اجتمعوا ـ توافقهم على خطة التحرك للتعجيل بفجر الحرية.

وطبيعي أن أهل مصر وتونس يعيشون حالة من القلق على الثورتين الشعبيتين المجيدتين فيهما، خصوصاً أن مهمات إنجاح الثورة وضمان استمراريتها لإنجاز مهمتها التاريخية تكون ـ في العادة ـ أصعب وأقسى من تأمين بزوغ فجرها الباهر.

وبالنسبة إلينا، في لبنان، فمؤكد أن جميعنا ـ وعلى اختلاف الانتماءات السياسية ـ نعيش حالة قلق مصيري، ونحن نتابع أخبار المواجهات الدموية في العديد من المدن والقصبات السورية، بين القوى الأمنية وشباب الانتفاضات المطالبة بالتغيير وإسقاط النظام، ممن يئسوا من احتمالات الإصلاح بالحوار.

ولقد تهاوت الآمال التي عُقدت على الحوار، ليس فقط لأن الدعوة إلى «مؤتمر الحوار الوطني» قد تأخرت بأكثر مما يجوز، في حين تزايدت أعداد ضحايا العنف الرسمي المنظم حتى كادت تشمل معظم أنحاء سوريا، مع الأخذ بالاعتبار الخسائر الجسيمة التي لحقت بالمؤسسات العامة ومراكز الإنتاج، فضلاً عن تقطع سبل التواصل بين المواطنين في المناطق المختلفة التي فرض على بعضها ما يشبه حالة الطوارئ، ولو من دون إعلان.

فالأحداث الدموية الخطيرة التي شهدتها مدن سورية عديدة، أمس، وحماه على وجه الخصوص، توحي بأن النظام قرر الاستمرار في عمليته العسكرية «التأديبية»، متخلياً عن مشروعه لعقد مؤتمر للحوار الوطني تجري فيه إعادة صياغة النظام، بما ينهي موضوعة الحزب ـ قائد الدولة والمجتمع ـ، عبر إصدار دستور جديد، وسلسلة من الخطوات الإصلاحية التي تمكّن الشعب من أن يكون مصدر السلطة فعلاً، في مناخ من حرية الرأي والعمل السياسي والنقابي. وكل ذلك من حقوقه الطبيعية.

وبديهي أن ما كان مأمولاً أن يحسمه مؤتمر الحوار الوطني متصلاً بإعادة صياغة نظام الحكم بما يتلاءم مع الإرادة الشعبية ومصلحة البلاد لن تنجح الدبابات في حسمه، بل إن اللجوء إليها يسقط ذلك المؤتمر تحت جنازيرها.

ليس الحوار جبهة حرب ينتصر فيها الأقوى بسلاحه.

بل إن الحوار أول ضحية للسلاح.. والنظام الذي كان يمكن أن يكون الرابح الأكبر من الالتزام بمقررات ذلك المؤتمر العتيد، مجهول المصير الآن، لأنه صاحب الإمرة على السلاح الذي اعتمد في الأيام الأخيرة كبديل من الحوار.

والسؤال الذي يفرض نفسه، الآن: هل توقف أركان النظام ليسائلوا أنفسهم: على فرض أن السلاح قد انتصر على جموع المواطنين الذين نزلوا إلى الميادين والشوارع في معظم أنحاء البلاد، فأية سوريا ستكون تلك البلاد الخارجة من حمام الدم مهشمة الوجه، مجرحة القلب، مفككة الأوصال، مخربة مدنها، محروقة مؤسساتها، منهك جيشها في غير الميدان الذي أعد له أصلاً وبالأساس؟!

بديهي، أيضاً، أن ليس الرصاص لغة للحوار، وليس بدماء الأهالي والجنود تكتب مشاريع الإصلاح والتطوير واستدراك الوقت الفائت على الوطن في معركة بناء مستقبله.

ولن يستقيم الحوار، إذا كانت تبقت له فرصة، طالما اعتبر النظام نفسه المرجعية الشرعية المطلقة، ومن تبقى من القوى السياسية والاجتماعية مجرد أطراف لهم وجهات نظر قد يكون فيها ما يفيد ولكنهم ليسوا بالقطع شركاء في القرار.

[ [ [

المشهد السوري الذي بلغ، أمس، واحدة من ذراه المأساوية، لا يبشر بحلول مقبولة وسريعة، كما كان يتمنى العرب الذين طالما اعتبروا سوريا قلعة من قلاع نضالهم، ونموذجاً في صلابة الوحدة الوطنية والترفع عن العرقية والطائفية والمذهبية.

أما اليوم فصورة سوريا تثير الحزن والنقمة على من تسبب في ما أصابها: يقفل الدم الطرقات. يعطل اللغة. يقفل أبواب الحوار. يخلخل ركائز الأخوة بين الأهل. يجعل الجيران أغراباً أو خصوماً. يمتد الخلاف إلى ثوابت اليقين: تتهافت الهوية الجامعة. يتخذ كلٌ من انتمائه البدائي هوية تميزه عن غيره وتبعده عنه. يعود الناس إلى قبائلهم، جهاتهم، أديانهم، طوائفهم، مذاهبهم والأعراق، فيتبدى وكأن افتراضهم أنهم شعب واحد موحد أسطورة تجيء من السياسة وليس من واقع حياتهم.

والنظام ليس الوطن ولا يمكن أن يكونه.

والوطن لأهله وبأهله. هم بُناته، وهم حماته، وهم صناع نهضته، وهم حماة دوره، ولطالما دفعوا من حقوقهم في حياة أفضل ضريبة الوصول إلى هذا الدور وتأمينه في وجه مختلف أنواع الأعداء والخصوم الذين قاتلوا شعب سوريا في رغيفه لشطب دورها في محيطها.

ومن حق شعب سوريا أن يبني مستقبله بإرادته، خصوصاً أنه دفع ثمناً ثقيلاً ـ بالدم ـ من أجل هذا الهدف الطبيعي والبسيط والضروري لحفظ كرامة الإنسان.

هل ما تزال ثمة فرصة، أم أن أحداث الأمس، وبعنوان حماه الثانية، قد أسقطتها تماماً، تاركة سوريا أمام مخاطر غير محدودة، تتصل بوحدة شعبها التي كانت مؤكدة فاهتزت، ووحدة دولتها التي كانت منيعة فارتجت أركانها، وكانت ذات دور مفصلي حاسم في منطقتها فتهدد الدور لانشغال أهله عنه بما يلغيه؟!

ليس من العرب من يتمنى لسوريا إلا الخير، ولشعبها إلا التقدم والرفعة والمنعة، وهو قد أثبت جدارته وقدرته على البناء وعلى التقدم نحو مستقبله بخطى واثقة.

لكن التمني لا يكفي... والجواب عند النظام الذي يملك، بعد، أن يفتح الباب على المستقبل، أو أن يقفله على الماضي، فارضاً على الشعب أن يقاوم لكي يفتحه على مصراعيه، بقوة إرادته في أن تكون له حقوقه في وطنه.

===============

حماة : إطلاق النار على الأذان!

حلمي الأسمر

 الدستور

1-8-2011

رأيت بالأمس قوات الأمن السوري وهي تطلق النار على مئذنة ينطلق منها الأذان، كأن المجرم يريد أن يُردي الأذان!

ورأيت واستمعت إلى طفل سوري صغير، أصابته رصاصة ابن بلده في الكتف فدخلت من جهة وخرجت من الجهة الأخرى، لأنه كان يهتف: الله أكبر..!

ورأيت كما هائلا من الأفلام التي نقلها أحرار سوريا من مذبحة حماة الجديدة، وكلها تؤكد أن النظام قرر بشكل لا يقبل الشك إعادة إنتاج مذبحة حماة التي ارتكبتها قوات حافظ الأسد عام 1983 وراح ضحيتها زهاء ثلاثين ألف مواطن سوري!

قبل بضعة أسابيع كما أذكر، قال أردوغان بالحرف الواحد: لن نســـمح بمجزرة حماه ثانية، ويبدو أن قوات الأسد الابن، تعيد ارتكاب نفس ما ارتكبته قوات الأسد الأب، دون أن تطلب الإذن من أردوغان، فبدأت بارتكاب مذبحتها على أعتاب شهر الصوم، ففي الوقت الذي يعد العرب والمسلمون أنفسهم للدخول في رمضان الخير، فيشترون الأكل والشرب، ها هم أهل حماة يلملمون أشلاء ضحاياهم من الأرصفة والطرقات ومن تحت الأنقاض، على وقع جعجعات الإعلام السوري الرسمي بالإصلاح وقوانينه الفارغة!

الجمعة الماضية أطلق أحرار سوريا حراكاتهم تحت اسم: صمتكم يقتلنا، فقتل الأمن السوري وزعرانه نحو عشرين سوريا، وحين تأكد له أن أصوات الضحايا لم تتجاوز شبكة الإنترنت، وأن أمين عام الجامعة العربية، الناطق باسم النظام العربي الرسمي، لم يزل ينتظر إصلاحات النظام السوري ، وأيقن أن صوت العرب والعالم كله مبحوح أو مفقود، قرر أن يدخل حماة، ويفتح عليها مدافع الدبابات، وقد رأيت بنفسي كيف يقصف من يفترض أنه جيش سوري بيوت الناس بمنتهى الحماس، وكيف يخرج القوم من تحت الأنقاض!!

مدينة حماة السورية عاشت بالأمس يوما استثنائيا، ومن قرأ ما بثته وكالات الأنباء يوقن أنها تعيش حالة حرب حقيقية، وإلا ماذا نقول حينما نرى دبابات الجيش «السوري» تقتحم المدينة في وقت مبكر من يوم الأحد، بعد حصار للمدينة دام شهرا تقريبا، ثم تبدأ بقصف الأحياء السكنية بمنتهى الوحشية؟ وماذا فعل سكان حماة كي يحاورهم النظام بهذه الطريقة الهمجية الحاقدة؟ وهم لم يفعلوا شيئا إلا أنهم خرجوا في مظاهرات احتجاجية تطالب بالكرامة والحرية؟؟ تخيلوا لو ان كل مجموعة من الناس خرجت في تظاهرة واجهها جيشها بمثل هذه الطريقة «الحضارية» !!

جنود الأسد يطلقون النار على المآذن لأنها ترفع ذكر الله صادحة: الله أكبر، والله أكبر منهم ومن كل المخلوقات والقوى، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون!

أما أولئك الصامتون، الذين صرخ بهم أحرار الشام: صمتكم يقتلنا، فلم ينبسوا ببنت شفة، فسيكون لهم شأن آخر، حينما تتحرر الشام !

===============

صمتٌ مريبٌ ومُدان !

الرأي الاردنية

1-8-2011

صالح القلاب

لأن الجامعة العربية ,وكان على رأسها حين ذاك الدبلوماسي المخضرم والعريق والقومي العربي المتدفق حماساً عمرو موسى ,كانت قد سارعت مع انطلاق أول شرارة تمردٍ شعبي في مدينة بنغازي على نظام معمر القذافي, الذي كان المفترض أن يتمرد عليه شعبه قبل ثلاثين عاماً ,إلى استدعاء حلف الأطلسي ليتدخل عسكرياً في شؤون هذه الدولة العربية وحماية شعبها من بطش «الأخ قائد الثورة» فإن سكوتها الآن إزاء ما يجري في سوريا لا يمكن فهمه ولا يمكن تبريره وهو سيسجل تاريخياً ضد هذا الكيان العربي الذي خُلقَ عاجزاً وبقي عاجزاً منذ لحظة إنشائه وحتى الآن.

غير مطلوب ,بل أنه مرفوض رفضاً مطلقاً, أن تفعل هذه الجامعة العربية بالنسبة لسوريا ما كانت فعلته بالنسبة لـ»الجماهيرية العظمى» لكن ما هو غير مقبول بل هو موضع شبهة وإدانة وتنديد أن يبقى كل هذا الصمت المريب فعلاً الذي إن هو يدل على العجز والشلل فإنه يدل أيضاً على التخاذل ويدل على أن هذه المؤسسة لا تأخذ بعين الاعتبار أن احدى دولها الرئيسية آخذة بالتآكل الداخلي والتفسخ بينما الدول الشقيقة لا تسمع ولا ترى وكأن كل هذا العنف يجري في «ماكرونيزيا» أو في جزر «واق الواق»!!.

كانت هناك مراهنات في البدايات على إمكانية استيعاب ما حدث في درعا وما تلاه وإنهاء هذا المأزق المتفاقم بينما كان في بداياته بالعقل والحكمة والوسائل السلمية وربما أن هذا هو الذي جعل أمين الجامعة العربية الجديد نبيل العربي مع انه ذهب إلى دمشق متأخراً وبعد «خراب البصرة» يتحدث عن زيارته وعما سمعه من كبار المسؤولين السوريين بدبلوماسية ناعمة لم يُفهم منها شيء ولم تُعطِ أي انطباع بالنسبة لما إذا كان لهذه «الجامعة» موقف فعلي إن سلباً وإن إيجاباً وإن في هذا الاتـجاه أو ذاك.

لا يجوز أن تبقى «الجامعة» تلوذ بكل هذا الصمت المريب فسوريا العزيزة والحبيبة والتي هي أكثر من رقم رئيسي في المعادلة العربية تتآكل على هذا النحو وتتفسخ بطريقة مرعبة ومخيفة ولهذا فإن المفترض أن يكون هناك تحرك على غرار ما جرى تجاه اليمن على الأقل أما «التطنيش» على هذا النحو فإنه مُدان ومرفوض وأنه سيضيف مبرراً جديداً للمطالبين بالتخلص من هذه «الصيغة» التي لم تستطع تجديد نفسها وبقيت وفية للمحددات التي وضعها لها الانكليز قبل نحو ستين عاماً ونيف.

لماذا كانت تلك المسارعة المشبوهة للاستنجاد بحلف شمالي الأطلسي لحماية أهل بنغازي من عقيدهم الذي لم يَجُدْ الزمان بمثله على أي شعب آخر؟!!ولماذا كل هذا الصمت المريب تجاه ما يجري في سوريا..؟إن هناك مثلاً يقول إن السكوت دلالة الرضى..فهل أن العرب الرسميين راضون عن كل هذا الذي يجري في واحدة من أهم الدول العربية من عنف وإراقة دماء؟!

===============

صمتنا يقتلهم؟!

رجا طلب

الرأي الاردنية

1-8-2011

بعد اكثر من اربعة شهور وسقوط آلاف القتلى والجرحي في المواجهات بين الجماهير وقوات الامن والجيش في العديد من المدن والقرى السورية، صرخ السوريون يوم الجمعة الفائت بصوت مؤلم مضرج بالحسرة والعتب الشديد على اخوانهم العرب واسموا جمعتهم « صمتكم يقتلنا «، انه عنوان سياسي رغم كل ما يحمله من معان اخلاقية وقيمية، فلسان حال صوت الشارع السوري يقول «هل دماؤنا رخيصة عليكم الى هذا الحد، الم نكن نحن معكم دائما في كل شيء، فلماذا تتركونا لآلة القتل دون حتى ان تذرفوا الدموع علينا؟» انها اسئلة مشروعة ومؤلمة حد الموت.

اما مشروعية هذه التساؤلات فانها تأتي من الوقائع التالية:

اولا: لماذا تدخل العرب بعد اسابيع قليلة على بدء المواجهة بين مرتزقة القذافي والشعب الليبي واتخذوا قرارا لم يتخذ من قبل حتى بحق اي نظام عربي بما في ذلك نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين عندما احتل الكويت في 2 اغسطس من 1990 ونزعوا عنه الشرعية ومهدوا بذلك لقرار مجلس الامن رقم 1970 الذي مهد لضرب قواته من قبل الناتو.

ثانيا: لماذا كان العرب الرسميون حساسين دائما حيال كافة القضايا الداخلية في اوضاع عربية اخرى يمكن وصفها بالخلافات او الصراعات كما كان وضع لبنان مع بدء تفجر الحرب الاهلية عام 1975 ودخول القوات السورية الى لبنان باسم الجامعة العربية لوقف تلك الحرب، واحتلال العراق للكويت عام 1990 ومثل التدخل في اليمن بعد الحرب بين الشمال والجنوب عام 1994، والتدخل في الصراع السوداني، والصراع بين فتح وحماس وغيرها من القضايا التى وجد العرب الرسميون لانفسهم مساحة من الحق والشرعية للتدخل بها هذا بالاضافة الى التدخل الخليجي في قضية امن البحرين عبر تدخل قوات درع الجزيرة، لماذا يكون الوضع الدموي الحاصل في سوريا حالة شاذة يمارس حياله العرب الرسميون والى حد ما الشعبيون لعبة القرود الثلاثة «لا ارى، لا اسمع، لا اتكلم»؟

انه سؤال برسم الالم السوري وبرسم الوجع الذي لم يقترف فيه ابناء سوريا الذين هم اخوتنا وابناء عمومتنا شيئا سوا المطالبة بالحرية، ولكن هل من المصادفة ان يتوحد الصمت العربي مع الاسرائيلي مع الاميركي في وقت واحد حيال الوضع الدموي في سوريا ؟

وهل من المصادفة ان يكون مسموحا فقط لكل من ايران وحزب الله وحكومة المالكي وهم اصحاب لون طائفي واحد التدخل في الشأن السوري من زاوية دعم الة القمع واستباحة دماء المطالبين بالحرية ؟

ان كل ما سبق يؤكد على ان الوضع السوري سياسيا وجيوسياسيا هو وضع مهم لكل المنطقة والاقليم وهو ما يتطلب سياسة اكثر انتباها وتعقبا لتطورات الوضع في سوريا، فسياسية « لنبعد وننتظر النتائج « هي سياسة مأساوية لانها تسمح بمزيد من العنف والدماء وفي كل الاحوال لن ٌترصد هذه السياسة اي نوع من الثقة لدى النظام في سوريا الذي بات متيقنا بان حلفاؤه التقليديون هم معه فقط، وان الآخرين ان لم يكونوا اعداءه هم ليسوا حلفاءه، وهو ما يعني ان النظام في سوريا بات عمليا بحاجة الى نصائح صادقة على غرار النموذج التركي من اجل رسم خارطة طريق تعفيه وتعفي المنطقة من نتائج الفوضى المحتملة من استمرار شلال الدم في المواجهة المفتوحة بين النظام والشعب التي تنذر بخطر التقسيم وتعميق التناحر الطائفي ليس داخل سوريا فحسب بل داخل لبنان والعراق.

في كل الاحوال مازال هناك متسع من الوقت لمبادرة عربية او لغطاء عربي لمبادرة دولية تنهي حالة القتل في سوريا وهذا هو الامر الاهم، لكي نستطيع غدا القول لاهلنا في سوريا اننا لم نصمت اننا مع دمائكم ضد آلة القتل وهذا اقل الواجب، حمى الله سوريا وحمى الله الشعب السوري.

===============

التضامن مع السفاح

الإثنين، 01 آب 2011 00:59 

السبيل 

عمر عياصرة

أنا من الاشخاص الذين لم يصنفوا يوما سوريا على أنها دولة ممانعة أو دولة صمود، بالمعنى المبالغ فيه الذي يجعلني اقبل وأسوغ لها الفتك بأبنائها تحت حجج واهية مكشوفة لم تعد تنطلي حيلتها على طفل صغير.

لكن سوريا ونظامها البعثي القمعي الشمولي، أقنعت الكثيرين أنها نمط مختلف عن الانظمة العربية الاخرى، وقد استخدمت لذلك بعدا ايدلوجيا ثقافيا لدى البعض، كما استخدمت بعدا آخر، يعتمد على الحسابات البنكية عند آخرين.

ثم جاءت الاحداث الاخيرة التي واكبت وتماهت مع الربيع العربي المدشن في تونس ومصر، هنا كشف النظام السوري عن وجه قبيح احمق سادي، لا يملك ان يدافع عنه الا مؤدلج اعمى، او متكسب معتمد كما اسلفنا على حسابات بنكية لا اخلاقية.

سوريا البعث والاسد، كانت مكشوفة في احيان كثيرة، لكننا كنا نرفض الرؤية لأننا في حينها لم نكن نملك ادواتها الكافية.

ألم يقتل الاسد الاب مواطنيه في حماة 1982، ألم يؤمّن لـ"إسرائيل" حدودها منذ اتفاقية وقف اطلاق النار عام 1973، ألم يساهم النظام الاسدي بالفتك بفلسطيني لبنان والمقاومة، ألم يكتف بالمتفرج على القوات الاسرائيلية وهي تحتل جنوب لبنان، الم يذهب الى حفر الباطن ليقاتل تحت إمرة الامريكيين، الم يفعل كل ذلك.

رغم ذلك، يفاجئنا البعض هنا في الاردن، بمواقف غير مقنعة تحاول الدفاع عن النظام السوري، وذلك من بوابة انه مستهدف من الامبريالية الامريكية الصهيونية.

والمؤلم الاضخم هنا، ان من بين هؤلاء من يمكن تصنيفه على انه مطالب شرس بالاصلاح واقرار الديمقراطية في الاردن، فأي تناقض هذا الذي نعاينه، ديمقراطي هنا وشمولي قمعي هناك.

هم قلة في العدد، لكنهم بفعل الاعلام يشعرونك انهم اكبر من حجمهم، وهؤلاء لو تابعوا تعليقات الناس على سفرهم كمؤيدين للنظام في سوريا، لعلموا كم هم معزولون، وكم لا يمثلون الا انفسهم وحساباتهم التائهة بين الايدلوجيا والمنفعة.

إذا كانت كل هذه الدماء التي تسيل في مدن سوريا على ايدي اجهزة الاسد وعائلته وحزبه، لا تكفي لإقناعنا بان النظام السوري لا يصلح لكل الاوهام التي رددناها سابقا (الممانعة والصمود والتحرير)، فإننا حينها مدعوون لمراجعات نفسية تضبط التشوهات التي احدثها التاريخ والمنافع بنا.

===============

بن لادن حماة وزرقاوي دير الزور

صبحي حديدي

2011-07-31

القدس العربي

 مع دخول دبابات ماهر الأسد إلى مدينتَيْ حماة ودير الزور (باتفاق تامّ مع، أو بأمر مباشر من، شقيقه بشار الأسد... لكي لا يظنّ أحد أننا نضع الأخير في صفّ حمائم النظام، وهو رئيس الجوارح ورأس الكواسر)؛ في إطار تنفيذ عمليات وحشية، وانتحارية يائسة، ضدّ الحمويين والديريين، أهل التظاهرات المليونية؛ تترافق قذائف الدبابات مع قصف إعلامي يتولاه أزلام النظام، وكأنهم ينفخون الأكذوبة ذاتها، عبر البوق الواحد، بالنشاز المنكَر إياه. المهمة هذه تنقلب إلى ما يشبه نقيق الضفادع، خاصّة حين يجترّ بوق أوّل كلاماً هالكاً عن 'مندسين' و'إمارات سلفية' و'مخرّبين'، أو يلعب بوق ثانٍ على مخاوف مستهلَكة مثل تخريب سكة قطار أو تفجير أنبوب نفط.

آخر منتجات ذلك القصف هو القول بأنّ 'الجيش الوطني' إنما يدخل إلى حماة بناء على طلب 'الأخوة المواطنين' (وهذا نغم ابتدائي في الأسطوانة المشروخة)، لتطهير المدينة من 'فلول المخرّبين' (وهنا تنويع مملّ على النغمة الإبتدائية)، و... القضاء على 'خلايا منظمة القاعدة' التي تحتلّ المدينة (وهنا أقصى التطوير في النغم)! المرء، بادىء ذي بدء، يتذكّر ما كشفت عنه وثائق 'ويكيليكس'، عن الاجتماع المشهود الذي شهدته العاصمة السورية، في شباط (فبراير) العام الماضي، بين دانييل بنيامين، منسّق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، وفيصل المقداد، نائب وزير الخارجية السوري. التفصيل المثير هو حضور اللواء علي مملوك، مدير إدارة المخابرات العامة، على نحو لم يكن مقرراً في الأصل، وكيف بدا انضمامه إلى الاجتماع بمثابة 'اقتحام مباغت'، كما سيقول بنيامين؛ بأمر مباشر من الأسد، كما ستقول برقية الخارجية الأمريكية بعدئذ.

ولأنّ واشنطن كانت على علم بأنّ مسائل ضبط الحدود مع العراق ليست في عهدة إدارة مملوك، وأنّ سيّد الملفّ الفعلي هو العميد ذو الهمة شاليش، مرافق الأسد وابن عمّته؛ فإنّ حضور مملوك كان يبعث برسالة المقايضة التالية: هذا اجتماع في الوقت الضائع، وحين تكون إدارة أوباما جادّة في تحسين العلاقات مع النظام، عندئذ سوف يكون شاليش حاضراً في أيّ اجتماع قادم! الدليل على هذا هو الكلام الفجّ الذي صدر عن اللواء مملوك أثناء الاجتماع، وصار ذائع الصيت اليوم: 'في محاربة الإرهاب على نطاق المنطقة، كانت سورية أكثر نجاحاً من الولايات المتحدة، لأننا كنّا عمليين وليس نظريين'. ذلك لأنّ 'النجاح السوري تمثل في اختراق المجموعات الإرهابية، وحصول سورية على ثروة من المعلومات. نحن من حيث المبدأ لا نهاجمهم أو نقتلهم، بل نتمدد داخل هذه المنظمات عن طريق اختراقها بعناصرنا'. خاتمة المداخلة كانت أشبه بإطلاق رصاصة الرحمة على المقاربة الأمنية الأمريكية بأسرها: 'الفارق بيننا وبينكم هو أنكم تحاربون الإرهاب وجهاً لوجه، أمّا نحن فنخترق صفوفه'!

جانب آخر من المسألة تكفّل سيمور هيرش، المحقق الصحافي الأمريكي الشهير، بتسليط الأضواء على وقائعه، في تقرير مأثور نشرته مجلة 'نيويوركر: الأمريكية، صيف 2003. لقد روى الرجل أنّ المخابرات المركزية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي عملتا في مدينة حلب، ضمن ما يشبه تفويض الـ'كارت بلانش' من السلطة، على دراسة وتدقيق آلاف الملفات الوثائق والمستندات السرية التي تخصّ رجالات 'القاعدة'. كذلك كان للأجهزة السورية فضل إفشال عمليتين ضدّ القوّات الأمريكية: واحدة ضدّ الأسطول الخامس في البحرين، والثانية ضدّ هدف في أوتاوا بكندا. وهيرش يؤكد، استناداً إلى معلومات متعددة المصادر، وإلى مقابلة مباشرة مع بشار الأسد، أنّ النظام السوري كان يسعى إلى بناء 'قناة خلفية' للحوار مع البيت الأبيض، مستغلاً استماتة الأجهزة الأمنية الأمريكية في حيازة معلومات ملموسة عن كوادر 'القاعدة' وخلاياها.

فكيف حدث أنّ منظمة 'القاعدة' صارت تحتلّ حماة ودير الزور، رغم دبابات العميد الأسد، ومفارز اللواء مملوك، و'شبّيحة' شاليش ومجموعات مهــــرّبي السلاح، لكي لا يتساءل المرء عن عناصر المخابرات العسكرية، والأمن السياسي، ومخابرات القوى الجوية؟ وإذا كانت حماة قد انقلبت إلى 'قندهار جديدة'، في توصيف منحطّ أطلقته صحافة رقيعة، يحكمها بن لادن الحـــموي؛ وتحوّلت دير الزور إلى 'بعقوبة ثانية'، بإمرة الزرقــــاوي الديــــري مثلاً... فأين ذهب 'اخــــتراق' صفوف الإرهابيـــين، و'التمدّد' داخل منظماتهم، و'ثروة' المعلومات التي جمعــها العباقرة من ضباط أمن النظام؟ وإذا صـــحّ أنّ النظام أفشل عمليـــتين لـ'القــــاعدة' ضدّ أهداف أمريكية، فكيف عجز عن إحباط مخططات منظمة 'القاعدة'، ويحتاج اليوم إلى عشرات الدبابات لمحاربتها؟

حبل الكذب، هنا، ليس قصيراً فحسب، بل هو فحشاء قصوى ينحطّ إليها نظــــام استنفد أغراض وجوده جمعاء، وصار نقيض الحياة وخصمها، وبات عاجزاً حتى عن استثمار سبطانة الدبابة وبوق الأكذوبة.

وللصامتين أن يلوذوا برهاب من أيّ نوع، في تصديق ما تنفخه الأبواق من مخاوف كاذبة؛ وللدجالين المتذرعين بالحرص على 'علمانية' البلد، أن يتواطأوا مع ما يرتكبه نظام الإستبداد والفساد من مجازر. ولكن... إذا كانت العدالة تنتظر مجرمي الحرب، على اختلاف مواقعهم، ذات يوم قريب آتٍ لا محالة؛ فإنّ مزبلة التاريخ، وازدراء الملايين، فضلاً عن خسران شرف المشاركة في صناعة سورية المستقبل، هي مآل الصامت ومصير الدجال.

===============

القتل مستمر والانتفاضة ايضا

عبد الباري عطوان

2011-07-31

القدس العربي

 لنفترض جدلا ان بعض الفضائيات العربية تبالغ في تضخيم اعداد الشهداء الذين يسقطون برصاص قوات الامن السورية، في حماة وحمص ودير الزور، وقبلها درعا وريف دمشق، ولنفترض ايضا ان بعض شهود العيان ليسوا دائما، او بعضهم، في مكان الحدث الذي يقدمون وصفا عن وقائعه، مثلما يقول المتحدثون والمسؤولون السوريون، ولكن الصورة لا تكذب، وحتى نصف عدد الضحايا (140 شهيدا) مرعب في حد ذاته، وكذلك منظر دبابات الجيش السوري وهي تقتحم المدن السورية لتقمع الانتفاضة الشعبية العارمة التي تجتاح مختلف انحاء البلاد، للمطالبة بالتغيير الديمقراطي المشروع، وتطلق حمم مدافعها، وبشكل عشوائي، على المواطنين، وبهدف القتل، في محاولة يائسة لفرض السيطرة بالقوة.

اصبحت المجازر قدر مدينة حماة واهلها، لانها دخلت التاريخ السوري الحديث كرمز للتحدي، وعنوان للتضحية والتمرد على الظلم والطغيان، فهناك اصرار على تركيع هذه المدينة، وبصورة اكثر شراسة من المدن الاخرى، ولهذا لم يكن مفاجئا ان يكون زوار فجرها هذه المرة، هم ابناء زوار فجرها في المجزرة السابقة قبل نحو ثلاثين عاما، فالمجازر تتناسل، وضحاياها اليوم هم ابناء واحفاد ضحاياها بالامس.

السلطات السورية التي تتمسك بصلابة وعناد بحلولها الامنية لم تتعب من القتل وسفك الدماء، فيما يبدو واضحا من مجازر الامس في اكثر من مدينة، واكثر من بلدة، ولكن المؤكد ان قطاعا عريضا من ابناء الشعب السوري الذي يتعطش للتغيير والعدالة والحد الادنى من الحقوق الانسانية، لم يتعب من التضحيات ايضا، مهما بلغت ضخامتها، مثلما هو واضح من خلال ما يصلنا من تفاصيل المشهد الدموي السوري عبر وكالات الانباء والمحطات التلفزيونية العربية والعالمية.

تخطئ السلطات السورية اذا اعتقدت، انها بمثل هذه الهجمة المرعبة، تستطيع انهاء الانتفاضة، وقبل بدء شهر رمضان الفضيل بالذات، لان خمسة اشهر من تجريب الاسلوب الدموي نفسه، مدعوما بالشبيحة والقناصة، اعطت نتائج عكسية تماما، ففي كل مرة تعتقد انها سيطرت على الوضع، وفرضت قبضتها الحديدية، تزداد الاحتجاجات ضراوة، وتزداد معها مهرجانات الجنائز.

كان اجدى، وربما اكثر نفعا للسلطات، لو انها مدت غصن الزيتون لشعبها في هذا الشهر الفضيل، وقررت ان تجعله مناسبة تعلن فيها هدنة من القتل، تمنح خلالها جنودها وقناصتها إجازة، وللشعب فسحة لالتقاط الانفاس، وتضميد الجراح، ولكنها للاسف لم تفعل والغت فضيلة التسامح كليا من قاموسها ولو بشكل مؤقت، لافساح المجال للعقلاء، اذا بقي منهم احد، لعقلنة هذه الاجهزة الامنية المسعورة والمتغولة، واعطاء فرصة للتأمل والبحث عن حلول اخرى تحقن الدماء، وتجنب البلاد خطر الانزلاق لهاوية الحرب الاهلية الطائفية، التي قد يحرق لهيبها ليس سورية فقط، وانما المنطقة بأسرها.

' ' '

كيف يمكن الحديث عن الحوار ومدافع الدبابات هي التي تتفاوض مع ابناء الشعب بقذائفها؟ وكيف يمكن الحديث عن التعايش مع اطار التعددية الحزبية واطلاق الحريات، والسجون ملأى بأصحاب الرأي الآخر. والمستشفيات تغص بمئات القتلى وآلاف الجرحى؟

سورية تحولت الى مأتم كبير، الى جنازة تمتد نعوشها من اقصى شمالها الى اقصى جنوبها، ومن ساحلها الى آخر نقطة في حدودها الجنوبية، ولا تلوح في الافق اي اشارة الى وقف قريب لمثل هذا المشهد المأساوي.

المعارضة تعارض، تعقد المؤتمرات في هذه المدينة او تلك، يتحدث رموزها بلا انقطاع عبر شاشات التلفزة، يكررون الكلام نفسه، والشعارات نفسها كل يوم.. كل اسبوع، بحيث جفت قرائحهم، وعجزت مواهبهم عن ايجاد تعبيرات جديدة، والنظام في المقابل يواصل نهجه، ويتمسك بسياساته نفسها، بعناد غير مفاجئ، وغير مفهوم او مقبول في الوقت نفسه، والنتيجة في نهاية المطاف دمار شامل لهذا البلد العربي الاصيل الذي كان دائما رأس حربة في الدفاع عن هوية هذه الامة العربية، والاندفاع في نصرة قضاياها الوطنية المشرفة.

لا نعرف اذا كان المسؤولون السوريون، في قمة الاجهزة الامنية خاصة، الذين يصدرون اوامرهم بالمزيد من القتل دون رحمة او شفقة بهذا الشعب العربي الاصيل المثالي في صبره وتحمله، لا نعرف اذا كان هؤلاء يشاهدون جثامين الضحايا مثلنا عبر شاشات التلفزة، وما هو رد فعلهم تجاه شلال الدماء النازف ليل نهار دون انقطاع منذ اندلاع الانتفاضة؟ فهل يتألمون مثلنا، وهل يكتئبون مثلنا، وهل تذرف عيونهم الدموع وهم يرون ابناء شعبهم، واشقاءهم في الدين والعقيدة ينزفون حتى الموت في مطلع هذا الشهر الفضيل وبعضهم ربما كان عائدا من محل بقالة حاملا ربطة خبز او بعض الفواكه المجففة (قمر الدين) او بعض الخضار واللحم، مثلما يفعلون كل عام وفي مثل هذا اليوم.

' ' '

اعترف بان تكرار فصول المشهد الدموي السوري، جعل الكتابة صعبة، علاوة على كونها مؤلمة، وباتت عملية التحليل الموضوعي للأحداث، وتقديم الحلول والمخارج شبه مستحيلة، ان لم تكن مستحيلة، ولهذا لم يبق لنا الا ان نكتب بطريقة عاطفية. فالنظام لا يريد ان يرحل مثلما يطالب قطاع عريض من الشعب، والشعب لا يريد ان يتوقف ويعود الى اذعانه السابق الذي استمر اربعين عاما مثلما يريد النظام، اما الوسطاء فمعدومون، ولا وجود لهم، لا في المجتمع الدولي، ولا في الجوار العربي، الجميع يقف موقف المتفرج، وكأنهم يريدون لهذا الشعب الفناء، ولهذه الدولة الانهيار، بل وربما الذوبان والاختفاء عن الخريطة كعامل فاعل ومؤثر في المنطقة والعالم.

ما نعرفه، بل وشبه متأكدين منه، ان الانتفاضة ستستمر، وان الحلول الامنية لن تعطي ثمارها في كسر كرامة هذا الشعب، واعادته الى حظيرة السكينة والخنوع مجددا، الا اذا حدثت معجزة، ولسنا في زمن المعجزات على اي حال.

مرة اخرى نقول إننا كنا نتمنى ان يكون شهر رمضان المبارك إيذانا بصفحة جديدة من الرحمة والتسامح، وحقن الدماء، فإذا كانت حركة طالبان التي يصفها اعمدة النظام في سورية بالظلامية والتخلف، تدرس وقف كل عملياتها العسكرية ضد القوات الامريكية المحتلة طوال ايام الشهر الفضيل، فقد كان الاجدر بهذا النظام ان يكون سباقا في هذا الاطار، فهو لا يرسل الدبابات لمواجهة عدو محتل، وانما ابناء شعبه الذين لا يريدون اكثر من العيش في أمان في دولة يسودها العدالة وحكم القانون والحد الادنى من الحريات والحقوق الانسانية.

===============

حماة: مذبحة جديدة بمباركة عربية

موفق ملكاوي

نشر : 31/07/2011

الغد الاردنية

يبدو النظام السوري راضيا عن نفسه و"جهوده"، وهو يشاهد الوفود العربية تترى إلى بابه، في "موسم حجّ مشبوه"، لا يمكن أن تسوّغ له جميع مقولات "الممانعة" و"المقاومة" التي يتم اتخاذها ذريعة لقتل طالبي الحريّة.

وفي الوقت الذي يستصرخ فيه السوريون الضميرين؛ العربي والعالمي، ما يزال هناك من يحاول تسويق تلك المقولات التي تخطتها الأحداث على الأرض، وباتت في حكم الميتة التي يحرم "تناولها" حتى في الأحاديث الضيقة.

أمس، كانت دبابات النظام السوري تعلن عن مذبحة جديدة وهي تجتاح مدينة حماة التي ما تزال تداري جراحها، وتبحث عن أبنائها في قوائم القتلى والمفقودين منذ المذبحة الأولى العام 1982.

وقبلها بساعات، كانت عاصمة الأمويين تستقبل وفودا عربية، باركت للقاتل جهده، ولعنت الضحية، واصفة إياها بأنها تنفذ مخططا إمبرياليا يستهدف "الجهد الحربي" الذي يشرف النظام السوري عليه.

"التضامن" حق محفوظ لكلّ شخص، مع من يراه أهلاً للتضامن، وليس يعنينا في هذا المقام أن بعضهم استغلق عليه الأمر، فعانق الجلاد، ونحر الضحية. غير أن الدم السوري الذي تمّ هدره في جميع المدن والقرى والأرياف، ما يزال يسأل الضمير العالمي عن مغزى صمته، بعد أن كان "حاميا" لفترة ما!

الدم البريء، يسأل كذلك، الضمير العربي، من الإنسان البسيط الذي لم يعد يلقي بالا لما يحصل في سورية العظيمة، إلى الأحزاب "الثورية" العربية التي "جعجعت" بياناتها في مناسبات أقل تراجيدية.

والأحزاب التي تنسب نفسها إلى الله.. كيف تتخطى حاجز البصر، وتغمض على "نظرية مؤامرة" لا يستقيم وزنها!

ويسأل النقابات العربية "الفاعلة"، التي لم تترك "دفّا" إلا ورقصت على وقعه، ما الذي يخرسها عن دم عربي بكل هذا الوضوح!

والجامعة العربية.. أينها اليوم، ولماذا تختلف الحالة السورية عن الحالة الليبية، يوم تداعى العرب في "وقفة رجل واحد" منددين بالطاغية الليبي، بينما لا تحرك الجامعة العربية اليوم إصبعا، لمجرد الإشارة إلى النظام السوري.

بل إن الجامعة العربية تزيد من مأساوية الوضع بزيارة أمينها العام نبيل العربي إلى دمشق، وتصريحاته التي أطلقها بعد لقائه بشار الأسد حول تفاؤله بالإصلاحات التي ينتوي الرئيس القيام بها، وكأنما تلك الإصلاحات التي يتحدث عنها العربي، هي الولوغ في دم الشعب السوري إلى ما لانهاية!

أو ربما هي "الإصلاحات" التي "انتهجها" النظام الملهم المقاوم الممانع بعطفه على شعبه، من خلال استهدافه الأطفال بالتعذيب والقتل، وترويع الشعب بعصابات القتل والسلب التي لا ترحم، وباقتلاع حناجر الفنانين الذين لا يسبحون بحمده!

المجزرة في مدينة حماة متواصلة، وهي تستمد وقود شرّها من مباركة وفود التضامن العربية لنظام دمشق، تلك الوفود التي تخلّت عن سورية الحقيقية وشعبها، وانحازت للجلاد بكل ما يملكه من احتراف للقتل.

المجزرة متواصلة، والعالم الإسلامي، ومن ضمنه العربي، يدخل في الساعات الأولى لشهر رمضان، مستفتحا شهرا طويلا وحارّا من العبادة. وحماة وحدها، تقف عارية أمام جزارها، بعد شهر طويل من الحصار، تعرض أبناءها للقتل عن طيب خاطر، ما دام العالم لا يفهم اللغة الصريحة.

==============

بشار والقذافي وصالح.. أين سيكونون في 2012؟

ياسر أبو هلالة

نشر : 31/07/2011

الغد الاردنية

يستحق زين العابدين بن علي الشكر على عقلانيته في التعامل مع الثورة التونسية. إنه الوحيد الذي صدق بقوله "فهمتكم". قلل خسائره وخسائر الشعب التونسي ليقضي "شيخوخة صالحة" في جدة. كان الأذكى في الانسحاب بالوقت المناسب. حسني مبارك كان أكثر عنادا وأقل ذكاء، وهو يموت في كل يوم مرات ومرات وهو رهين محبسه منتظرا القصاص العادل منه ومن عائلته.

لكن مبارك يظل أكثر ذكاء من الثلاثي بشار والقذافي وصالح. وسيثبت التاريخ أنهم الأغبى في التعامل مع شعوبهم. وكل عنادهم سينقلب على رؤوسهم، وقد انتهوا عمليا وحالهم كمن دخل في "كوما" وينتظر إعلان الوفاة رسميا. إنهم محاصرون من شعوبهم، ينظر إليهم العالم جناة بانتظار تقديمهم إلى العدالة. معزولون لا يستطيعون القيام بزيارة خارج بلادهم، حتى للدول التي تحسب حليفة لهم. في المقابل، تنفتح قلوب الناس وسائر الدول لمعارضيهم.

مشكلة العرب أنهم يقيسون على الثورة التونسية، ويترقبون تكرار مقولة "بن علي هرب". وهي صحيحة بعمومها، فتلك الأنظمة غير قابلة للبقاء ولا يتوقع أن يدخل أي منهم العام 2012. وتتنوع النهايات، فقد تكون هروبا إن وجد ملاذا آمنا، أو اختفاء من المشهد، أو محاكمة عادلة، أو انتحارا أو اغتيالا. والمسألة ليست شخصية أيا كانت النهاية.

القياس مع الفارق، وهو كبير بين ثورة وأخرى. ولك أن تقارن بين بلد موحد طائفيا مثل تونس، وبلد متعدد الطوائف مثل سورية. في تونس الجيش وطني وإن كان يمثل نظام الحزب الواحد. في سورية نظام طائفي استغل التعدد الطائفي لتحريض الطوائف الصغيرة على الطائفة الكبرى. قدم نفسه باعتباره حامي الأقليات، وشطب مرة واحدة كل إرث سورية القومي منذ عهد الاستقلال.

صحيح أن النظام نجح في صناعة مزاج طائفي في سبيل البقاء، لكنه فشل في نقل هذا المزاج إلى الثورة السورية. ولم يتمكن على قوة جهاز الأكاذيب والتشبيح الإعلامي التابع له في سورية وخارجها من وصم الثورة بالطائفية. وما انفكت الثورة في أدبياتها تروض الغريزة الطائفية، وترقى بها من خلال وعي وطني بأفق عربي وإسلامي. ولم يكن اكتشافا وجود نخب عابرة للطوائف، سواء في الفكر والثقافة أم الفن والأدب. وما خربه النظام في عقود أربعة لا يتوقع أن تصلحة الثورة في أربعة أشهر.

تبدو حماة تجسيدا لمقولة القيامة من الرماد. وهي شاهد حي لمن كان له عقل على أن الحلول الأمنية والعسكرية لا تسحق الشعوب. فمجزرة حماة الثانية التي بدأت فصولها أمس، نظرا لغياب السفير الأميركي! لن تكون كحماة الأولى. وسيثبت نهر العاصي حقا أن أهلها عصاة على الطغاة. وإن كان لدرعا شرف شرارة الثورة، فحماة وقودها.

يواجه النظام البدائي بأجهزة وأسلحة من مخلفات الحرب الباردة ثورة تنتمي لكل ما هو حديث في عالمنا. يعبر عن الثورة مشهد ساخر يقال إنه وقع فعلا: على حاجز التفتيش وجد جندي سوري قطعة غريبة، فسأل الشاب عن ماهيتها، فقال له إنها حاسب محمول. فسأله: "وين الفيسبوك"؟ وليس صعبا معرفة من الذي يواجه خطر الانقراض، الشاب أم رجل الأمن؟

لا شك أن للنظام السوري أوراق قوة؛ بدءا من التجار الانتهازيين الذين يبيعون دم الشعب السوري مقابل شراكات من رامي مخلوف وماهر الأسد، أو المخبولين الذين يعتقدون أن بشار الأسد حرر الجولان "في الوقت المناسب"، فضلا عن المصابين برهاب الإسلام ويعتقدون أن بشار هو إله العلمانية وحامل مفاتيح جنتها. لكن الورقة الأولى لديه هي الطائفة، فقد أقنعهم أن بقاءه شرط بقائهم، ولو انتهى نظامه فهم منتهون.

في النهاية، ستنجح تلك الأوراق، بما فيها وفد الثمانين الذي شكل في الأردن، في تمديد عمر النظام لأمد قصير. وفي النهاية سيصحو العرب يوما بدون بشار، وستكون حالهم أفضل، وستكون حال الإسرائيليين الذين يدافعون عن نظام بشار بشراسة أسوأ. ولا شك أن من أسباب تمادي النظام وأنصاره معرفتهم أن الثورة إنسانية، ولن تفعل بهم بعد انتصارها ما فعلوا. في أسوأ الأحوال يعتقدون أنه سيقال لهم "اذهبوا فأنتم الطلقاء".

لا يخوض الشباب في سورية ثورة من أجل مستقبلهم فقط، إنها ثورة من أجل العالم العربي والبشرية عموما. فبقاء نظام بدائي كهذا لا يقتصر ضرره على الشعب السوري. وهو ما ينطبق على شباب ليبيا واليمن. ولا توجد ثورات في التاريخ البشري تسير وفق مخطط هندسي، وأي قارئ للتاريخ يلحظ أن ثورات الشعوب العربية كانت الأكثر سلمية وتنظيما. لا تحمل الثورات أخبارا سارة دائما، فيها مد وجزر، ولكنها ستبلغ مداها بأقرب مما يعتقدون. ورمضان شهر الانتصارات في أيامنا كما في التاريخ.. رمضان كريم!

===============

رحلة الصيف إلى الشام

فؤاد أبو حجلة

الغد الاردنية

نشر : 31/07/2011 ا

ودعت سورية أمس مائة وستة وثلاثين شهيدا سقطوا برصاص قوات "الأمن" في حماة وحمص وريف إدلب ودير الزور والبوكمال، ومائة وعشرين زائرا أردنيا شاركوا في "رحلة ميمونة" إلى الشام لتأكيد تضامنهم مع النظام!..

كان الشهداء يموتون بصمت، وكان الزائرون يثيرون الضجيج أمام مقر اتحاد نقابات العمال في دمشق، وهم يدلون بتصريحاتهم ويقدمون تحليلاتهم الفذة لدوافع "المؤامرة الإمبريالية" على سورية الحاضنة للممانعة وقيادتها الراعية لمشروع المقاومة، أو مشاريع المقاومات العربية بحسب تأكيد أحد المشاركين في "رحلة الصيف". وانساق مشارك آخر لحماسته حين أكد أن النظام السوري يقف في طليعة المشروع النهضوي بمواجهة المشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة!

مشارك آخر أعلن عن اكتشافه المبكر للتضليل الإعلامي الذي تعمل عليه قنوات عربية وغير عربية قال إنها تعطي جرعات تحريضية غير مقبولة ضد سورية. ولم ينس هذا الشخص أن يشيد بمهنية الإعلام السوري (يقصد الإعلام الرسمي طبعا) الذي قال إنه انتقل من موقف الدفاع إلى الهجوم متسلحا بالدقة والموضوعية والحقائق!

لم تفاجئنا الزيارة بقدر ما فاجأنا هذا الحماس في الدفاع عن القمع، وتبرير قتل شعب تحت الشعار الكاذب القائل بممانعة نظام اقترف عشرات المجازر بحق السوريين واللبنانيين والفلسطينيين، ولم يطلق طلقة واحدة على عدو الأمة منذ ما يقرب من أربعة عقود.

لا بأس في هذه المناسبة القومية العزيزة أن نذكر ذوي الذاكرات المثقوبة بمجزرة تل الزعتر، وهو اسم لمخيم فلسطيني في بيروت وليس مستوطنة إسرائيلية قرب تل أبيب، ولا نقصد أن نجرح شعورهم بتذكيرهم أيضا بانسحاب القوات السورية من لبنان أمام الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، وليس مؤذيا ولا خادشا للحياء القومي التذكير بتبني هذا النظام كبار مجرمي الحرب اللبنانية أمثال إيلي حبيقة بطل مجزرة صبرا وشاتيلا والأب شربل الذي كان يوزع صكوك الغفران للسفاحين الكتائبيين والقواتيين المدعومين بالجيش السوري على أبواب المخيم الأسطورة، أعني تل الزعتر.

في الذاكرة جرائم أخرى كحرب رمضان في مخيمات بيروت، وحرب مخيمات الشمال التي نجحت فيها القوات السورية في "تطهير" المنطقة من الوجود الفلسطيني.

وفي الذاكرة مواقف كثيرة ليس بينها مناسبة واحدة تصدى فيها النظام المقاوم لإسرائيل، بل إننا نخجل كثيرا من رد الفعل الممانع الذي مانع الرد على الوقاحة الإسرائيلية عندما حلقت طائرات "العدو" فوق القصر الرئاسي في دمشق، وعندما قصفت موقع مشروع المفاعل النووي، وعندما اغتالت إسرائيل مهندس هذا المشروع بطلقة قناص من زورق معاد في المياه السورية.

نعود إلى حاضرنا المحزن لنسأل أصدقاء النظام السوري في عمان: هل يمكن لنظام يحكم سورية بثلاثة عشر جهازا أمنيا خلال أربعين سنة ويفتش حتى في نوايا مواطنيه أن يكتشف "فجأة" وجود عصابات مسلحة في البلاد؟

ونظل في حاضرنا المخجل لنسأل أصدقاء النظام: ألم يكن حريا بكم أن تسألوا أصدقاءكم في الشام عن مصير المعتقلين العرب في السجون السورية؟..

===============

سوريا.. سقط النظام!

حسين شبكشي

الشرق الاوسط

1-8-2011

يستقبل العالم الإسلامي شهر رمضان المبارك هذا العام بنكهة الدم، كيف لا وبلد إسلامي عظيم كسوريا يبيد جيشُ نظامه شعبَه في مدينة تلو الأخرى في غرة هذا الشهر الفضيل؟! كانت أرتال الدبابات السورية تدك حمص وحماه ودير الزور وإدلب ومعرة النعمان والبوكمال ودرعا، وكانت حصيلة المقتولين فوق مائتي شخص.. مذابح وحشية، مصابون يمنعون من إدخالهم المستشفيات، ومبان تدك عن بكرة أبيها، مساجد تقصف بالصواريخ، مخازن المياه تهدم والكهرباء تقطع والطرقات تسد!

لم يعد الحديث مجديا أن يكون – بسخافة – عما إذا كان نظام بشار الأسد قد فقد شرعيته أم لا، ولكنه حتى اليوم فقد هذا النظام أخلاقه ودينه وإنسانيته. كذلك لم يعد من الممكن فهم صمت الدول والمنظمات العربية والإسلامية (وأولها تركيا) إزاء المذابح والمجازر التي ترتكب في حق السوريين (على الأقل مقارنة بالتنديد للحادث الإرهابي الذي حصل من مجرم النرويج أو المجاعة التي تحصل على أرض الصومال)، لم تعد مجدية قراءة المسألة من الجانب السياسي والأمني والحديث عن المبادرات والحوارات والقرارات الإصلاحية الكاذبة. فلقد أبان هذا النظام المجرم عن وجهه الحقيقي، وكشف عن توجهه المتواصل، فهو لم يتعلم ولم يحد عن خط أبيه الذي تسبب في إبادة أهل حماه وأسقط 45 ألف قتيل فيها، وكذلك فعل في تدمر وحلب وفظع في معتقلاته بعشرات الآلاف عبر السنين، وها هو بشار الأسد يسير على نفس الخط ويقوم بمجازر مذهلة ولا يرحم النسوة ولا الأطفال ولا الشيوخ بشكل تعجز الكلمات عن وصفه والتعبير عنه، ولكن اليوم يدخل في مواجهة مع عباد الله في شهره الفضيل، فهو تعدى النواميس واخترق الحرمات ولم يعد أمره قاصرا على إدانة أوباما ولا على احتجاج كلينتون عليه ولا على عقوبات الاتحاد الأوروبي بحقه ولا تخدير أردوغان له ولا شجب جامعة الدول العربية (الذي لن يحصل)، هناك دم استبيح في شهر عظيم، هناك جرائم تحدث في شهر فضيل، أمهات ثكلى تصيح وترفع أياديها إلى عنان السماء تدعو وتستغيث، أطفال يملأ صراخهم المدى من الخوف والذعر، رجال خالطت أدمعهم كلماتهم وهم يرون أشلاء أقربائهم وأهليهم وأحبتهم ممزقة على الطريق بعد أن قتلوا من قذف الصواريخ وسير الدبابات عليهم.

في ظل الصمت الدولي المتآمر والعربي والإسلامي المعيب الذي يوضح كله أن هناك «اتفاقا ما» ربما تم لصالح النظام السوري الذي «وافق» على الاعتراف بإسرائيل وحدود «جديدة» لها مقابل السماح له بتنظيم شؤونه الداخلية (وهو الأمر الذي فضحه ابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف حينما قال إن أمن سوريا من أمن إسرائيل).

بشار الأسد الذي كان فرحا برفع أكبر علم في تاريخ سوريا تأييدا له وهو الذي لم يستطع نظامه ولا نظام أبيه لمدة أربعين سنة أن يرفع راية طولها نصف متر على الجولان، أو أن يسمح بأن يرمى حجر واحد باسم المقاومة من حدوده مع إسرائيل لاستعادة أرضه؛ لم يعد يقاتل ثوارا ولكن اليوم يعادي كل عباد الله السوريين في هذا الشهر الفضيل. وعليه لم تعد مسألة سقوط النظام من عدمه مسألة قابلة للبحث، لقد سقط النظام في الناموس الإلهي، وهذه العمليات الإجرامية التي قام بها البارحة هي تأكيد على أن النظام فقد صوابه تماما ولم يعد لديه القدرة على التصرف بالعقل ولا بالحكمة، وأن الخوف من شهر رمضان عمى بصر النظام وبصيرته.

أبشروا يا أحرار سوريا بالفرج والنصر المبين، أبشروا بالحرية والكرامة والخلاص العظيم.. النظام سقط ومات ولا رحمة عليه!

===============

النظام السوري يفطر في نهار رمضان

حمد الماجد

الشرق الاوسط

1-8-2011

يبدو مع تصاعد وتيرة المذابح التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه مع إطلالة الشهر المبارك، أن النظام قرر أن يواصل إفطاره في نهار رمضان، ومائدته البلدات السورية. وإذا كان مشروب السوريين المفضل على مائدة الإفطار قمر الدين، فإن مشروب النظام قمر بلا دين ولا مروءة ولا رأفة ولا رحمة، النظام اختار مجزرة حماه، أمس (الأحد)، لتكون إنذاره المبكر بعقده العزم على تكبير لقمة إفطاره ومذابحه، وليثبت أن الذي لم يكترث بحرمة الدماء لن يكترث أبدا بحرمة الشهر الكريم. رمضان في حسابات النظام أوله «مشبحة» وأوسطه «مذبحة» وآخره «قذف في النيران».

شهر المذابح للنظام السوري ليس له هلال واحد يشاهده ليقرر الصوم، بل خمسة وعشرون مليون قمر هي عدد أفراد الشعب السوري، كلما طلع قمر سوري يطالب بكرامته الإنسانية وفك القيد عن حريته قال جلاوزة النظام: أهل علينا باستحقاق الظلم والطغيان. وعند الإفطار وحين ينجحون في قتل سوري شجاع، يتمتم كل جلاد: على رزقك يا زعيمنا أفطرنا، ذهب الظمأ من تعطش الدماء وابتلت العروق من سيلانها، وثبت الأجر والأعطيات والبخاشيش، إن شاء الزعيم، في رمضان تصفد شياطين الجن، إلا في سوريا، فشياطين الإنس من قوات الزعيم والشبيحة ستنطلق بلا أصفاد، والفرصة مواتية، إذ أن فرصة النظام في الأشهر الأخرى لمواجهة الناس وقتلهم وسفك دمائهم هو يوم الجمعة، وأما في رمضان فتجمع التراويح اليومي كأنه جمعة يومية، فرصة ذهبية لا تقاوم لتقديم القرابين لماهر ودراكيولات الدماء السورية.

كل المسلمين يتلون آيات القرآن في هذا الشهر الكريم، وجلاوزة النظام يتلون كتاب البعث المقدس آناء الليل وأطراف النهار يرتشفون منه ما يملأ قلوبهم من خشية النظام، يرجون مغفرته ويخافون عذابه، المعذرة أنا قلت البعث؟ أي بعث؟ حزب البعث السوري أكبر خدعة ماكرة انطلت على العالم، البعث غلاف تسجى به النظام ليخفي طائفيته، وإلا كيف يكون هذا التحالف الوثيق العرى لحزب خصمه الدين، مع ملالي الدين الإيراني؟ وأن يكون الراعي الرسمي لقائمقام إيران في لبنان حزب الله وسيده نصر الله الذي وإن لبس الجبة والمشلح والعمامة، فقد عرته الانتفاضة الشعبية السورية، فأظهر مرغما مواقفه المخزية من شعب يتعرض لأبشع أصناف التقتيل والتعذيب.

الشعب السوري قدم ملحمة باسلة على الثرى السوري مع أن أمد انتفاضته طال، وتحمل من دموية النظام وقسوته وجبروته ما لو وضع على جبل لانصهر، ولا يلام لأن التراجع في هذه المرحلة معناه أن يستفرد الجزار بالضحية، فليس ثمة طريق سالك غير المواصلة، لكن هذا لا يكفي وحده، الشعب السوري هذه الأيام في أشد الحاجة إلى السند العربي والإسلامي، والثاني لن يتحرك حتى ينطق الأول، كما حصل في ثورة الشعب الليبي ضد جلاده المعتوه. «صمتكم يقتلنا» صرخة استغاثة مدوية وبليغة أطلقها الشعب السوري لم تجد لها في العالم العربي آذانا صاغية، آن الأوان لتحرك عربي يجبر النظام على الصيام عن دماء شعبه وأن يصفد شياطينه في الشهر الكريم وإلى الأبد.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ