ـ |
ـ |
|
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الوضع السوري والموقف
العربي المنتظر تاريخ النشر: الأربعاء 03 أغسطس
2011 محمد حماد الاتحاد إيران تهدد والنظام السوري يقتل شعبه،
والعرب عاجزون والغرب يتفرج، ولا حل في
سوريا ولا شيء بيد الشعب السوري إلا
الموت! فربما وصل السوريون إلى مرحلة
اللاعودة مع نظامهم، ولا يبدو واضحاً
كيف يمكن أن يواصل النظام حكمه
مستقبلاً؟ فبعد آلاف القتلى والجرحى،
وآلاف المعتقلين الذين اختفوا منذ
أسابيع، هناك آلاف النازحين، وملايين
المتشككين الذين يتساءلون: كيف يمكن
إصلاح ما تم تخريبه خلال الأشهر
الماضية؟ وهل سيتم التخلص من
المعارضين السياسيين والمواطنين
البسطاء الذين اتهموا بأنهم مندسون
وإرهابيون ومخربون، فقط لأنهم خرجوا
في مظاهرات سلمية؟ منذ بدأت الاضطرابات في سوريا في مارس
الماضي والكل يترقب وينتظر ماذا سيحدث
في هذا البلد الذي كل ما فيه حساس
ودقيق، الدولة التي تعاملت معها كبرى
الدول العربية بحذر شديد، حتى تحافظ
على شعرة معاوية بينها وبين نظامها،
وحتى لا تخرج سوريا عن السرب العربي،
فهي بموقعها الجغرافي وتأثيرها
السياسي والأمني وتاريخها وشعبها... لا
يمكن الاستهانة بها. وقد شهدت علاقات
سوريا بعمقها العربي شداً وجذباً كما
أدى الموقف السوري من بعض القضايا
الإقليمية إلى تصنيف العرب في
معسكرين، "اعتدال" و"تشدد"،
وأدى التقارب السوري مع إيران إلى
زعزعة الموقف العربي تجاه التدخلات
الإيرانية في شؤون المنطقة الداخلية. اليوم تبدو سوريا في وضع صعب لا تحسد
عليه، وهو وضع تتأثر به الدول العربية
بشكل مباشر، وهذا ما يفترض أن يجعل
دمشق تعيد النظر في موقفها السياسي
وعلاقاتها الإقليمية، فمصيرها مرتبط
بالدول العربية وليس بغيرها، فعندما
اندلعت الثورات العربية وصلت إليها،
وعندما تزعزع الأمن فيها أصاب جيرانها
وأشقاءها العربُ القلقَ، ولم يصب
الآخرين غير الترقب والخوف على
مصالحهم وخسارة نفوذهم في المنطقة! التدخل الإيراني في الشأن السوري لا يخفى
على أي مراقب للأوضاع، ومنذ أيام كشف
مصدر بارز في كتلة "دولة القانون"
العراقية عن أن إيران ضغطت على حلفائها
في بغداد لدعم سوريا ب10 مليارات دولار،
وأن المالكي رضخ للمطلب الإيراني، كما
أن إيران أطلقت تهديدات جادة منذ
اندلاع الاضطرابات في سوريا، وإن لم
يكن بعض التهديدات مباشرة ومعلنة، إلا
أن أغلبها كانت معلنة والرسالة التي
أرادت إيصالها وصلت إلى دول الجوار
والدول العربية والمجتمع الدولي. أما بالنسبة للغرب فلا شك أن أكثر ما يهمه
هو أن يحافظ على مصالحه في المنطقة وأن
يضمن أمن إسرائيل ويحمي أراضيه من
الإرهاب الذي طالما أقلقه منذ سنوات،
لذا فمواقفه وخطواته في دعم أي طرف ضد
الآخر في بلاد الاضطرابات العربية هي
مواقف وخطوات مبينة على ذلك الأساس،
وهذا ما بدا واضحاً في ليبيا، فبعد
التأييد الكبير للمجلس الانتقالي
والثوار، تمهل الغرب وتوقف للتأمل في
هذا الدعم ولإعادة النظر فيه بعد مقتل
عبدالفتاح يونس على يد مجموعة من
الثوار الإسلاميين. الغرب يريد ضمان مصالحه -حتى وإن كانت مع
الإسلاميين- لذا فإنه يترقب مع من
ستكون الكفة في سوريا حتى يبدأ بإعلان
مواقفه. هذا بالنسبة للغرب أما الدول
العربية التي تتعامل مع الوضع السوري
بنفس المنطق تقريباً فما تقوم به قد لا
يكون صواباً، ذلك أن مصالح العرب
مرتبطة بمصلحة سوريا، لذا فعلى العرب
أن ينطلقوا في الأزمة السورية من
نقطتين: الأولى دعم حق الشعب السوري،
والأخرى تقديم النصيحة الصادقة
لقيادته. لماذا لا يقول العرب للنظام السوري بكل
وضوح بأن هناك تخوفاً لدى المجتمع
الدولي من أن انهيار السلطة قد يؤدي
إلى صعود التيار الديني المتشدد
ليسيطر على الدولة؟ لماذا لا يقولون له
إن التدخل الإيراني في الشؤون السورية
والشؤون العربية غير مقبول ويجب
إيقافه، وإن عدم اتخاذ موقف هو رغبة
منهم في عدم انتشار الفوضى في المنطقة؟
لماذا لا يقولون له إن الحل العربي هو
الذي سيخرج سوريا من أزمتها الحالية؟
لماذا لا يقولون له إن استهداف
المعارضين لا يمكن أن يستمر طويلاً؟
لماذا لا يطلبون منه أن يتعلم من أخطاء
من سبقه، ويوضحوا له أين وصل عناد
القذافي وأبناؤه بليبيا وماذا فعلوا
بها؟ كما أنه من المهم أن يعترف النظام السوري
أن الذين يتظاهرون منذ أشهر ليسوا
مندسين وليسوا إرهابيين وليسوا
مخربين، وإنما أبناء الشعب السوري
الذين يريدون التغيير والإصلاح… يجب
أن يعترف النظام السوري أن الأمور
تغيرت عما كانت عليه قبل مارس 2011، وأن
الشعب أصبحت لديه مطالب واضحة، وأن
النظام عليه أن يستمع للمعارضة وألا
يستمر في اتهامها وإقصائها... يجب أن
يعترف بأن هناك انشقاقات في الجيش، وأن
الضباط والجنود المنشقين ليسوا مندسين
ولا مخربين ولا خونة، بل هم جزء من
الشعب السوري رفض المشاركة في قتل
السوريين... يجب أن يعترف بأخطائه ويبدأ
بالتصحيح. لم يعد من الحكمة العناد
والتمسك بالماضي، فالشعب السوري لن
يقبل ذلك بعد أن أصبح واثقاً بأن لا شيء
لديه سيفقده بعد أن صارت أرواح
السوريين رخيصة، لذا فهو سائر في طريق
التضحية ولو بأرواحه من أجل حلم لا
يمكن العيش بدونه. لقد تعقدت الأوضاع في سوريا، وما قامت به
قوات الأمن والجيش السورية يوم الأحد
الماضي في حماة وبعض مدن سوريا الأخرى،
والذي راح ضحيته أكثر من 140 شخصاً أمر
هز ضمير العالم، وجعل الوضع أكثر صعوبة
ووجّه الأنظار نحو الدول العربية
وموقفها تجاه الأحداث هناك. العرب يرددون أنهم في وضع لا يمكنهم فيه
اتخاذ قرار واضح، فالوقوف إلى جانب
الشعب قد يثير إيران ولا أحد يعرف ماذا
ستكون عليه ردة فعل طهران، كما يعتقدون
أن الوقوف مع الشعب قد يؤدي إلى صعود
نجم الإسلاميين كما حدث ويحدث في تونس
ومصر... وفي المقابل لا يستطيعون الوقوف
إلى جانب النظام لتورط في سفك الدماء،
ولكونه عاجزاً عن السيطرة على الوضع
وإعادة الأمن والاستقرار. لذا فالبعض
يعتقد أن الأمر مربك ومقلق للدول
العربية.. لكن الحقيقة أن سوريا "مربط
الفرس" بالنسبة لمستقبل العرب الذين
هم أمام فرصة تاريخية لتعديل الكفة
لصالحهم وإنهاء حالة الإرباك التي
تسببها بعض القوى الإقليمية. ================== فواز طرابلسي السفير 3-82-2011 منذ بداية حركات الاحتجاج السلمية في
سوريا لخمس أشهر خلت، لم يكن خيار
النظام في مواجهتها غير خيار القمع
والعنف. هذا هو الجواب على من لا يزال يتساءل عن
لغز التناقض بين اقوال النظام السوري
وأفعاله. وظيفة الأقوال صرف الأنظار عن
الأفعال ريثما تحقق الأفعال المرجو
منها. ومن يرد إثباتاً على هول هذا
التناقض ما عليه إلا ان يقارن اعلان
نائب رئيس الجمهورية العربية السورية
عن تقديم اقتراحات لتعديل للدستور
خلال شهر ودعوة «مؤتمر للحوار الوطني »
للانعقاد خلال ثلاثة اشهر- على ما في
ذلك من تسويف وتأجيل اصلا- مع ما تلاه
بعد ايام معدودة من اقتحام مدينة حماه
وسقوط اكبر عدد من الضحايا في يوم واحد
حتى الآن. منذ الأسابيع الاولى للاحتجاجات، عندما
تزامن استبدال قانون الطوارئ بقانون
مكافحة الارهاب مع قمع اعتصام «ساحة
الساعة» في حمص، صار للوعود بإجراءات
قانونية، او الاقدام على تلك
الاجراءات، وظيفة التسويف والاستمهال
والمماطلة والتذاكي بانتظار ان ينجح
القمع الأمني العسكري في إخماد
الانتفاضات والتظاهرات والاعتصامات.
ولم تكن تلك الوعود والاجراءات من غير
ما «شيفرة»، إذ كانت موجهة بالدرجة
الاولى الى الخارج على شكل رسائل تطمين
او تهدئة او استمهال لقوى غربية مشغولة
بما فيه الكفاية من افغانستان الى
ليبيا أسقط في يدها حجم الانتفاضات
السورية وعجز النظام عن التعاطي معها.او
هي استخدمت لإعطاء الدول الرافضة
لتدخل الامم المتحدة في الشؤون
الداخلية لسوريا، حججاً إضافية لعرقلة
مشاريع استصدار القرارات والعقوبات. هذا هو منطق اللألأة الإصلاحية - الدموية -
الثرثرة الاصلاحية والافعال الدموية -
يطلق سراح المئات من المعتقلين على
دفعتين، او يعِد بذلك، ثم يعود لاعتقال
الألوف المؤلفة، في طول البلاد
وعرضها، تفيض بهم السجون والمعتقلات،
ويضيف اليهم نوعاً جديداً من الضحايا
هم فئة المفقودين الذين يربو عددهم على
ثلاثة آلاف. وهذا هو منطق اللألأة الاصلاحية - الدموية
يغرق حماه بالدم، ويأمر الجيش باقتحام
دير الزور والبوكمال ودرعا وغيرها من
المدن والقرى والضواحي والأحياء
ويصدر، في الوقت نفسه، قراراً رئاسياً
بتخفيض قيمة البدل المالي للخدمة
العسكرية الالزامية. وهذا هو منطق اللألأة الاصلاحية - الدموية
يرطن ب«الفتنة» وبمسيرة «الاصلاح
الشامل » على لسان واحد. يعلن «وأد»
الفتنة فيما تتسع دائرة القمع
والاعتقالات والاقتحامات وإطلاق
الرصاص على التظاهرات المدنية
السلمية، في وضع انتقلت مواجهة السلطة
من اعتماد القمع الامني - العسكري الى
حرب دبابات ومدفعية يزجّ فيه جيش ضد
شعبه. وهي حرب بدلا من ان تنجح في إخماد
الانتفاضات على مدى خمسة اشهر، ادت
بالعكس الى توسيع نطاقها وامتدادها
الجغرافي وعمقها البشري وجذرية
مطالبها. بل اسوأ من ذلك: بات هذا النوع
من العجز الدموي حاضنة لتفقيس كل انواع
الاصوليات والتكفيريات والعصبيات
المذهبية بحجة مكافحتها. وفي الوقت
الذي تتمخض به «مسيرة الاصلاح الشامل»
عن مشاريع تعديل لقوانين الاحزاب
والانتخابات والإعلام التي لم تقنع
حتى من طبّل لها وزمّر من المجتمعين في
«اللقاء التشاوري»، بات القسط الاوفر
من الرأي العالم السوري موقناً ان ادنى
إجراء او اصلاح بات يتطلّب التغيير
الشامل للنظام. لم يتجاوز الوضع مثل هذه الإجراءات وحسب
بل انه يفرض اعادة النظر في مركزية
مطلب تعديل المادة الثامنة من الدستور
المتعلّقة بالدور القيادي - الوحداني
عملياً - لحزب البعث في الدولة
والمجتمع. نتحدث عن مركزية المطلب من
دون التقليل من اهميته بقدر ما نتوخى
عدم تحويله الى ما يختزل الازمة ويترأس
الحلول. فهناك من يريدنا ان نصدّق ان
حزب البعث يحكم في سوريا وأن خطأه هو
قلة علمانيته او ان المعركة هي بين
الحزب والشعب في سوريا. ان المعركة
الدائرة رحاها الآن في سوريا هي بين
الشعب والنظام، وما حزب البعث، في احسن
الاحوال الا جزء من ذلك النظام وليس
كله، وهو ليس بالتأكيد مركز القرار
الفصل فيه. وطالما ان الموضوع مطروح
على هذا النحو، لا بد من التحذير من
تكرار التجربة العراقية بتحميل حزب
بأكمله وإدارة بأكملها وقوات امنية
وعسكرية برمتها ومذهب بأكمله جرائر
قلة حكمت باسم هذه وتحكمت بها جميعا. للنظام السوري بنيانه وللحكام أسماء.
ليتحمّل الحكام مسؤولياتهم عن افعالهم
وعنفهم والفساد. وقد دلّت التطورات
الاخيرة انه لا يوجد في هذا النظام من
هو فوق النظام او خارجه. بالتالي ليس
فيه من يريد او من يستطيع ان يقود عملية
الانتقال من النظام الحالي الى تعاقد
جديد بين الشعب السوري ودولته. من هنا
الحاجة الى مؤتمر تأسيسي يتفق على
شكليات العلاقة الجديدة بين الحكام
والمحكومين. قاعدة النظام الحالي دستور يمحض صلاحيات
استثنائية شبه مطلقة لرئيس الدولة. فلا
معنى لأي بحث في الخروج من الازمة، ولا
في صياغة تعاقد سياسي جديد بين
السوريين، الا اذا قلب الدستورُ
الجديد المعادلة السياسية رأساً على
عقب. اي ان يشرّع لتحويل نظام رئاسي
يرتكز الى غلبة السلطة التنفيذية، في
ظل صلاحيات شبه مطلقة لرئيس
الجمهورية، الى نظام برلماني قائم على
الشرعية الشعبية المعبّر عنها بواسطة
الانتخابات الحرّة، نظام تخضع فيه
السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية
التي تختارها وتمنحها الثقة وتسائلها
وتحاسبها وتقاضيها وتستبدلها عند
الحاجة. هذا هو التطبيق العملي لشعار «الشعب يريد».
================== انهم يعتنقون الخرّافية
السورية معن البياري الدستور 3-8-2011 لا تدري، تحزنْ أَم تضحَك، وأَنتَ
تُصادِف، مساءً، على شاشةِ الفضائيةِ
السوريةِ شابّةً أُردنيةً مهندسة، في
محيّاها خفرٌ وحسنٌ رائقان، تتحدَّث
عن قدومِها إِلى سوريا لتُسانِدَ شعبَ
هذا البلدِ الصامدِ في مواجهةِ «المؤامرة
الصهيونية» التي يتعرَّض لها. تستمعُ،
أَيضاً، إِلى زميلةٍ لها، في وفد ال 120 (أَو
80) أُردنياً الذي زار دمشق للغرضِ
نفسِه، تتكلمُ بفرحٍ وحماسٍ، مضحكيْن
ومحزنيْن معاً، عن سوريا الجميلةِ
الوادعةِ التي ليس فيها شيءٌ من «الكذب»
الذي ينشرُه الإِعلام المُغرِض الذي
يستهدفُها. أُردنيون آخرون في الوفد
يتحدثون، على الشاشةِ نفسِها، عن
صمودِ سوريا التي تعملُ على إِفشال «المؤامرةِ
الدولية» التي تتعدَّدُ أَطرافُها،
وتحاولُ النيلَ من المقاومةِ
والممانعةِ اللتين تُمثلهما القيادةُ
السوريةُ. صادفَ «الروموت كونترول»
هؤلاء في يديْك، بعد وجبةٍ إِخباريةٍ
عن قتلٍ غزيرٍ قضى فيه أَكثر من 140
سورياً في حماةَ الجريحة ومدنٍ
وبلداتٍ أُخرى. جاءَ سؤالٌ إِلى البال
عمّا إِذا كان الأُردنيون الذين
قُدّامك عرفوا بتفاصيلِ النهارِ
الدّامي، أَم اكتفوا بخبرٍ اندسَّ
بينَها، وأَشاعتْه السلطةُ هناك، عن
مقتلِ عساكرَ سوريين في حماة برصاصِ «مجموعاتٍ
إِرهابية». بصراحة، لم تعد أَعصابُنا تحتملُ، ومن
أَيٍّ كان، ترديدَ خُرّافيةِ المقاومة
والممانعة التي يعتُنقها مشايعو الحكم
العائليِّ في دمشق، والمصابون بالخرس
بشأنِ استبدادِه، ومن دون حرجٍ من
عماهم عن كلِّ جولاتِ التقتيلِ التي لا
يُريدُ أَهلُ القرار الأَمنيِّ
وعصاباتُه وقفَها. ... ببساطة، على
هؤلاء، ومنهم أَصدقاءُ وشخصياتٌ
مُقدَّرة، أَنْ يَفضّوها هذه السيرةَ
غير الظريفة، فالحكمُ في البلد الجار
لا يُمانع في فتحِ سفارةٍ إِسرائيليةِ
في دمشق في مقابل عودةِ الجولان كاملةً
إليه، بموجب ما أَلمح إِليه إِلى حدِّ
التصريح فاروق الشرع في مفاوضات
شيبرزد تاون، وبحسبِ مبادرةِ السلام
العربيةِ التي وافق عليها الرئيس بشار
الأَسد في قمة بيروت. وممّا يعنيه هذا
أَنَّ إِسرائيل هي الممانِعة، حين لا
تُعيد الجولان وتكسب «علاقاتٍ طبيعية»
مع دمشق التي يعرفُ الحكمُ فيها،
أَكثرَ من غيره، أَنَّ الهضبةَ
المحتلة لن تعودَ في أَيِّ مفاوضات، ما
يجعلُه لا يصرِفُ وقتاً في الجريانِ
وراءَ أَيِّ تفاوضٍ لا نتيجةَ مرضية
منه، فيوفِّر وقتَه لافتعالِ
البطولاتِ في افتتاحياتِ «تشرين»
ومثيلاتها، وفي صرفِ صكوك الوطنية
لهذا وذاك في لبنان وغيره. يُمثلّون أَنفسَهم ناسُ الوفد الأُردني
الذي تصادفت رحلتُهم إِلى دمشق مع
مذبحةٍ جديدةٍ اقترفتها السلطة
السورية في حماة، وفي يوم عيد الجيشِ
هناك، لكنَّ ذلك لا يعني تعامينا عن
تفشّي ظاهرة مناصرةِ الجلاد، بدعاوى
متهافتةٍ، بين كثيرين من نخبٍ
أُردنيةٍ لها مواقعُها في النقاباتِ
والهيئاتِ والتجمعاتِ المهنية
والثقافية، وبين كتّابٍ وأَهلِ رأيٍ
طالما طافوا على المنظوماتِ القوميةِ
واليسارية، كان طريفاً من أَحدِهم،
رأيُهُ أَنَّ الصحافةَ المحليةِ إِذ
تكثرُ فيها المقالاتُ المناوئةُ
لأفعالِ الحكمِ في دمشق، إِنما
تُشاركُ في تواطؤٍ أُردنيٍّ مع «المؤامرة»
الجاريةِ على سوريا الممانِعةِ
والمقاوِمة. ثمَّةَ في بلادِنا من
يقولون هذا التخريف، ولا تلحظ لديهم
احتراماً لآدميةِ المواطن السوري،
وإِنْ أَخبروك أَنهم ضد كل قتلٍ في
سوريا وغيرِها. ... لا نُؤلبُ أَحداً ضد
هؤلاء، بل نحسبُهم ضحايا كذبةٍ سوريةٍ
طالت عقوداً، أَشاعت تلك الخرّافيات
البائسةَ، منهم الشابة الأردنية بين
المائة وعشرين، وقد صودفتْ على شاشةِ
التلفزةِ السوريةِ تُشهرُ تصدّيها ل«المؤامرةِ
الصهيونية» هناك. ================== عن الحامل الاجتماعي
للثورة السورية د. عبدالله تركماني 2011-08-02 القدس العربي لم يكن روبرت
مالي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية،
مجافياً للحقيقة حين قال: 'إن النظام
يقوم، خطوة خطوة، بالابتعاد عن دعامات
تأييده الرئيسية: قاعدته الاجتماعية (الأغلبية
الصامتة في البلاد وقواته الأمنية
ذاتها). إنه يحوّل، من خلال أفعاله،
أزمة قابلة للإدارة إلى شيء أكثر خطورة
بكثير على نفسه وعلى المجتمع بصورة
عامة'. فبعد ما يزيد عن أربعة أشهر من
انطلاق الحركة الشعبية السورية تكشفت
محدودية القاعدة الاجتماعية التي
يرتكز إليها نظام الحكم، وحجم الخراب
الذي أوقعه في الدولة السورية. وفي المقابل تكبر كرة الثورة، وتنضم فئات
جديدة من المجتمع السوري إلى المناخ
الثوري. ويبدو أنّ الحامل الاجتماعي
للثورة السورية سيكون العامل الحاسم
في سيرورتها وآفاقها المستقبلية، بعد
أن تجاوزت مرحلة الاحتجاجات
والتظاهرات المحدودة، التي بدأت
بعشرات أو مئات الأشخاص، لتتحول إلى
تظاهرات تضم مئات الآلاف، مما يدل على
اتساعها وانتشارها الواضح أفقياً
وعمودياً، وبعد أن استطاعت كسب تعاطف
فئات اجتماعية واسعة في مختلف أنحاء
البلاد. وتكمن أهمية مؤشر انخراط
مكونات وفئات جديدة في فعاليات
الثورة، في إمكانية إعطاء الثورة
هوامش حراك ومناورة ضرورية وحيوية،
تخرجها من وصف 'ثورة الريف'، أو 'ثورة
المساجد'، أو 'ثورة الأحزمة العشوائية'،
وهو الأمر الذي بقدر ما يعطيها القدرة
على الاستمرار والتواصل، يمنحها أيضاً
القدرة على تحقيق التمثيل لأكبر فئات
المجتمع ومكوناته، على طريق الحالة
الوطنية الشاملة، التي ترتكز إلى
استنهاض الشعب، ككتلة سياسية فاعلة،
لها مطالب واضحة تخص الجميع وترتبط
بالإطار الوطني الجامع وبالمشاركة
السياسية. إنّ الثورة السورية، كبقية الثورات
العربية، لا تقتصر على لحظة انفجار
محددة بزمان ومكان معينين، لكنها مسار
تصاعدي يمتد وفق زمنيته الخاصة ليشمل
مناطق وأماكن جديدة. وما يبدو اليوم
تلكؤاً لمدينة حلب قد ينقلب في أية
لحظة انخراطاً متسارعاً لها، ولنا في
حماه خير دليل على الكيفية التي قد
تتسارع فيها الأحداث، فهذه المدينة
الثكلى انتظرت عشرة أسابيع قبل
التحاقها، لا من باب التمرد الإسلامي
المسلح كما في بداية ثمانينات القرن
الماضي، ولكن من باب الحرية والكرامة
والوطنية السورية الجامعة والتحرك
السلمي. أما في دمشق، فقد نجحت السلطة في إبعاد
الاحتجاجات عن الجامع الأموي، وأغلقت
بقوة الحديد والنار ساحات دمشق العامة
في وجه المتظاهرين، كما حدث في المناطق
المحيطة بساحة العباسيين حيث سقط
عشرات الشهداء. لكنّ التظاهرات امتدت
إلى بعض أحياء دمشق الشعبية كالميدان
والقابون والقدم وركن الدين وشملت
معظم ريفها وضواحيها، والتي لا تزال
عصية على القبضة الأمنية. ومن يعرف
خصوصية التداخل والتكامل بين دمشق
وغوطتها وريفها القريب، حيث يقيم
العديد من سكانها، يدرك أنّ دمشق
الحقيقية، التي تتقطع أوصالها
بالحواجز الأمنية ويُرَاقبُ سكان
ضواحيها أثناء الدخول إليها، إنما
تتظاهر وترفع شعاراتها وتعبّر عن
مدنيتها، خارج الأسوار، بعدما أحكمت
الدولة الأمنية قبضتها على المجالات
العامة داخلها. وهكذا، فإنّ السوريين الجدد، حسب تعبير
الكاتب والناشط فايز سارة، هم أبناء
الحراك الشعبي، وغالبيتهم من الشباب،
وقسم كبير منهم من المتعلمين، وعلى رغم
أنّ أكثرهم من الرجال، فإنّ قسماً
مهماً منهم من النساء، ويتركز وجود
هؤلاء جغرافياً بصورة أساسية في
الأرياف وفي المدن المتوسطة وعلى حواف
المدن الكبرى، ولهذا الانتشار
الجغرافي ما يبرره. ففي غالبية هذه
المناطق كان السكان مهملين أو على هامش
الحياة العامة بمناحيها وأنشطتها، حيث
لا أنشطة ولا مشاركة سياسية، وإن حضرت
فإنها أنشطة ومشاركات للتسبيح بحمد
وشكر السلطة وحزبها، في وقت لا تتوافر
فيه الفرصة لأنشطة من ألوان سياسية
وأيديولوجية أخرى، كما لا تتوافر
الفرصة لأنشطة عامة في إطار المجتمع
المحلي أو منظمات المجتمع المدني
ومنها الجمعيات التي تهتم بالبيئة أو
التنمية وحقوق الإنسان وغيرها. إنّ الطيف الشبابي أعاد السياسة إلى
الفضاء السوري العام، بعد أن غابت
لعقود، والحرية تعني له آفاقاً مفتوحة
أرحب تحيل إلى سورية كمجال عمل، وإلى
خبرات اجتماعية وسياسية واقتصادية
مشتركة، أساسها الشعور بحصار السلطة
وضآلة الفرص، وإلى قيم إنسانية عامة
كالمساواة والاحترام.'لقد أعلنها
واضحة جلية أنّ الوحدة الوطنية هي قدس
الأقداس، وأنه لا جدوى من أي شحن
طائفي، أو غرس الرعب في أفئدة الناس
عبر إيحاءات تمتد خيوطها إلى مكاتب
المسؤولين في أجهزة المخابرات.
فالوحدة الوطنية السورية المبنية على
قاعدة احترام الخصوصيات، وتأمين
الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية
لجميع المواطنين من دون أي استثناء،
مثل هذه الوحدة الوطنية هي التي تعد
الحاضنة الكبرى القادرة على جمع كل
السوريين، بعيداً عن روحية الأحقاد،
وعقلية الانتقام والإقصاء، وسياسة
اعتماد الولاءات ما قبل الوطنية،
المتناغمة مع النزعات الاستبدادية. وهكذا، يبدو أنّ الثورة السورية قد
تجاوزت مرحلة الخطر، بعد أن حققت
الانتشار، وصنعت الديمومة، وأفرزت
قياداتها، وباتت تملك الهوامش
الضرورية للمناورة والمساومة وتحقيق
الإنجازات. فالعامل الرئيسي في
النهاية هو الشعب السوري، تصميمه على
خوض معركة الحرية والكرامة إلى
نهايتها، ووعيه بحقيقة الفرصة
التاريخية المتاحة أمامه اليوم،
ومخاطر تفويتها على مستقبل سورية
وحريتها، كما على وعيها بذاتها ودورها
العربي. نحن أمام ثورة وطنية تجمع فقراء المدن
والأرياف إلى أبناء الطبقة الوسطى،
للمطالبة بالحرية والمشاركة السياسية
والتقاسم العادل للثروة. والحل في
سورية اليوم هو في انخراط جميع مكونات
المجتمع السوري في عملية التغيير،
لإعادة بناء وتشكيل دولة الحق
والقانون المدنية التي تضم كافة
مكونات المجتمع دون استثناء ودون خوف
أو قلق. إنّ القراءة المتأنية تثبت نجاح الثورة
في صراعها مع السلطة على الصعيد
الموضوعي من خلال اكتسابها قطاعات
واسعة من الشعب السوري وتفكيك الخطاب
الرسمي السياسي والإعلامي، وعلى
الصعيد الذاتي عبر بناء شبكات تنظيمية
فاعلة على امتداد القرى والمدن
السورية، وبلورة رؤى سياسية واجتماعية
لدى تيارات معارضة جديدة للمرحلة
الانتقالية، ومرحلة ما بعد الاستبداد.
وهي مقومات تدفعنا إلى الاعتقاد بأنه
طالما حمت الثورة نفسها من خطر التسلح
والطائفية، فإنّ ما اكتسبته من قوة
وتنظيم وخبرة يكفيها لإكمال مشوارها
اعتماداً على طاقتها الذاتية. ومهما
حاولت السلطة المكابرة فإنّ الحقائق
على الأرض راسخة، تؤكد أنّ الثورة
تتمدد في الجغرافيا السورية كلها،
وأنها تأخذ مظاهر العصيان الشامل في
العديد من المدن. ' كاتب وباحث سوري مقيم في تونس ================== محمد كريشان 2011-08-02 القدس العربي ما الذي يمكن أن
يقوله الآن كل الذين اختاروا الوقوف مع
النظام السوري منذ بداية الاحتجاجات
الشعبية ضده في آذار/مارس الماضي؟!! كم
يشتاق المرء الآن إلى جلسة مع أحد
هؤلاء المثقفين أو الإعلاميين أو
الفنانين، من السوريين ومن والاهم من
اللبنانيين وغيرهم، عساه يلمس منهم
تعديلا صغيرا أو كبيرا في معزوفة
المؤامرة التي يتعرض لها نظام
الممانعة ضد إسرائيل وواشنطن وقوى
الاستكبار العالمي كما يحلو للبعض
تسميتها. لا يدري المرء بعد كل ما حدث
في الأيام القليلة الماضية من قتل مروع
للمدنيين، بمن في ذلك الأطفال وبعضهم
ذبحا، كيف يمكن لكائن من كان أن يركن
باقتناع وطيب خاطر إلى تبرير هذا القمع
الأعمى من نظام ضد شعب يطالب بالحرية
والكرامة؟ أكثر من ذلك هؤلاء المهووسون بنظريات
المؤامرة ضد دمشق والذين لا يعلو صوتهم
مدويا إلا ضد إسرائيل هم أنفسهم من
كانوا يطربون لثورة التونسيين ضد بن
علي والمصريين ضد مبارك واستاءوا من
التخاذل في الوقوف مع احتجاجات
البحرينيين فإذا بهم اليوم يتخندقون
مع حكم عربي قتل من أبناء شعبه إلى حد
الآن أكثر مما قتله بن علي ومبارك
مجتمعين. وطالما أن هؤلاء يعشقون
التنديد بإسرائيل، في كل شاردة
وواردة، فبكل حزن وأسى ما قتله نظام
الممانعة في سورية من أبناء شعبه يفوق
ما قتله العدو الإسرائيلي في حرب تموز/يوليو
2006 في لبنان وما قتله بعد ذلك في حرب
غزة أواخر عام 2009. الأقسى والأمر هو
القول بأن ما قتله الحكم السوري الحالي
من أبناء البلد زمني الأسد الأب والابن
يفوق ما قتلته إسرائيل في حروبها جميعا
ضد سورية!. عام 1982 وبعد ما ارتكب من مذابح مهولة في
حماة على يد القوات السورية كتبت مقالا
في جريدة 'الرأي' التونسية بعنوان 'حماة
عوض الجولان!!'. لم يكن يخطر ببالي أبدا
أن مثل هذا العنوان يمكن أن يصلح لمقال
يتناول نفس الملابسات ونفس النظام
ونفس المأساة بعد ثلاثين عاما كاملة!!.
ما زالت حماة مستهدفة وغيرها من المدن
في حين ينعم الجولان المحتل بأمان لا
مثيل له في أي مكان له في العالم.
الشراسة والتصميم اللذان أبدتهما
القوات السورية في قمع وقتل مواطنيها
في حماة عشية شهر رمضان المبارك كان
يكفي أقل من نصفه لاستعادة الجولان.
غريب أن يكون لأي نظام، يقدم نفسه
نظاما ممانعا وعصيا على الخضوع
لإسرائيل، نفس طويل وصبر أطول في تحمل
ذل احتلال أراضيه ولا يبدي من سعة
البال مع شعبه مثقال ذرة. هو لا يتصور
هذا الشعب قادرا على فهم أي شيء إلا لغة
القمع والإذلال لكن السوريين تخلصوا
من هذه العقدة ولم يعد الخوف يكبل
ألسنتهم أو تحركاتهم. الرد على مطالب
شرعية بديهية لعموم السوريين يستحق
القصف بالمدافع وإطلاق الرصاص على
الصدور العارية أما انتهاك إسرائيل
للمجال الجوي السوري، بما في ذلك فوق
أحد قصور الرئاسة، وقصف مشاريع كتلك
التي أنشئت في دير الزور، واغتيال قادة
من المقاومة على أراضيها.... كل ذلك لا
ترى دمشق الرد عليه إلا 'في الوقت
المناسب والمكان المناسب' كما دأبت
البيانات الرسمية السورية على إعلانه
حتى صار محل تندر لأن هذا الرد قد لا
يأتي إلا مع قيام الساعة. هؤلاء الذين اختاروا الوقوف مع نظام دمشق
في مواجهته مع شعب لا يطالب سوى
بالحرية والكرامة وبعثوا المشاريع
الإعلامية الجديدة لشد أزره وأزر
حلفائه لا أستطيع أن أتخيلهم في مستقبل
الأيام يقفون للتنديد بوحشية قمع
إسرائيلي مقبل هنا أو هناك اللهم في
مشهد درامي مثير للشفقة والسخرية في آن
واحد. كيف يمكن لهؤلاء، ولأي متخاذل
آخر عما يجري الآن، أن يخرجوا ليرفعوا
عقيرتهم ضد ممارسات الاحتلال
الإسرائيلي مع أنهم التزموا صمت
القبور تجاه ما يقوم به نظام عربي
ممانع ضد أبناء شعبه!! إذا كان من حق
النظام في دمشق أن يطلق على نفسه
الأوصاف التي يراها، وأولها المقاوم
والممانع، فكيف يمكن أن يصل عمى
الألوان ببعض مناصريه إلى هذا الحد؟!! ================== من للمستضعفين في سورية...
العرب أم الصليبيون؟ خضير بوقايلة 2011-08-02 القدس العربي إخواننا العرب
لا يريدون تدخلا أجنبيا في شؤونهم
الداخلية ولو تعلق الأمر بإنقاذ النفس
التي حرم الله قتلها إلا بالحق،
فالأجانب أو الغرب بصفة خاصة يبقى عدوا
أزليا، فإذا تحرك إزاء أي بلد عربي
دبلوماسيا أو سياسيا كان ذلك محاولة
منه للتدخل غير الشرعي في شؤون دولة
مستقلة وإذا بادر إلى عمل عسكري فإنه
يصنف تلقائيا ضمن قائمة الحملات
الصليبية الحاقدة علينا، وفي كلتا
الحالتين فإن الغرب لا يتحرك أبدا حبا
فينا بل فقط خدمة لمصالحه الحيوية.
هكذا كان الحال في العراق وهو الآن في
ليبيا وغدا ربما في بلاد أخرى. الأنظمة العربية الفاسدة اجتهدت كثيرا من
أجل تقبيح فكرة التدخل الغربي عند
الرأي العام العربي، وقد نجحت في ذلك
واطمأنت إلى أنه صار بإمكانها الآن
العبث كما شاءت بشعوبها دون خوف من أن
تتوجه هذه الشعوب إلى طلب النجدة
والمساعدة من الخارج، فذلك جرم عظيم
وخيانة ما بعدها من خيانة. صدام حسين عاث في شعبه فسادا وطغيانا ولم
تفلح كل المحاولات الداخلية في تغيير
شيء من ذلك الوضع الصعب لعقود طويلة،
وعندما تدخل الغرب للإطاحة به هب العرب
يصرخون وينددون بالتدخل الأجنبي
والحملة الصليبية الحاقدة ضد عراق
العزة والشهامة. نفس الشيء تقريبا نشاهده ونسمعه الآن
إزاء الوضع في ليبيا والعمليات
العسكرية التي يشنها حلف الناتو ضد
طاغية نجح بامتياز في وضع شعب ليبيا
تحت نعله وأبقاه في ظلمات الجاهلية
الأولى، ولم ينفع أن بادرت بعض الدول
العربية إلى التنديد بالإبادة التي
شرع فيها القذافي ضد المدنيين العزل في
ليبيا لمجرد أنهم خرجوا في مظاهرات
سلمية يطالبون فيها بشيء من الحرية
والكرامة، بل تحولت قطر والإمارات
مثلا في نظر جزء هام من الرأي العام
العربي إلى بلدين عميلين لحلف الناتو
وجميع قوى الشر والإمبريالية العالمية
لا لشيء إلا لأنهما تحركا جديا ضد سفاح
طرابلس وانخرطا في مساعي دعم ومساندة
المستضعفين في ليبيا. شعب سورية الآن يتعرض لأشنع عملية إبادة
جماعية من طرف نظام فرض نفسه حاكما
أبديا في البلد، ولأن تهمة الخيانة
والعمالة صارت جاهزة فإن جميع الأصوات
أحجمت عن الاستنجاد بالخارج لوقف بحار
الدم التي يريقها الجيش العربي السوري
في بلد الممانعة والمقاومة، إنها ليست
دماء العدو ولا دماء المحتلين أو
العملاء، بل دماء نساء وأطفال وشيوخ
وشباب أغلبهم لم يكن يعرف في حياته
شيئا آخر غير بلده بل ربما قريته التي
ولد واستشهد فيها. حتى دول مجلس
التعاون الخليجي والجامعة العربية
التي خرجت عن المألوف قبل أشهر عندما
قادت قاطرة المواجهة الحازمة ضد نظام
عميد الحكام العرب وملك ملوك وسلطان
سلاطين إفريقيا صارت تستحيي الآن من
الجهر بكلمة الحق ضد مجرمي الحرب في
دمشق، لعله الخوف من تهمة التخوين أو
ربما الخوف من تكرار مبادرة لم تؤت
أكلها في حينها، وفي كلتا الحالتين فإن
ذلك سيبقى وصمة عار سيخلدها التاريخ
مثلما سيخلد أصحاب المواقف المشرفة.
الأنظمة الظالمة مهما طال بها الزمن
ستزول والشعوب ستتحرر لا محالة اليوم
أو غدا وتبقى الأعمال والمواقف مسجلة
بتفصيل ودقة. من حق الشعوب العربية أن ترفض التدخل
الأجنبي وتبغض كل محاولات الاحتلال
الصليبي الظالم الذي لا يرى في الرقعة
العربية إلا آبار النفط ومكبًّا
لسلعها ومحرِّكا لاقتصادها، لكن هل
يسمح لنا هذا بالمقابل أن نبقى نتفرج
حول موائد الإفطار الشهية على
فيديوهات شباب الثورة السورية ونتحسر
على ما يجري أو في أقصى الأحوال نذرف
الدموع ونرفع أيدينا في صلاة التراويح
من أجل أن يمحق الله الظالمين وينصر
إخواننا المستضعفين هنا أو هناك؟ القذافي قال يوما إن ما يفعله اليوم هو ما
كان يفعله في السابق فقط هذه المرة
هناك كاميرات التلفزيون والهواتف
الجوالة ترصد وتبث ذلك إلى العالم، نفس
الكلام ينطبق على مجازر حماة اليوم
وفظائع حافظ ورفعت الأسد قبل تسع
وعشرين سنة في نفس المدينة، لكن هناك
فعلا فرق بين الحقبتين؟ الجرائم في
السابق كانت ترتكب في جنح التعتيم
بينما تكشفها الآن الكاميرات التي
اخترعتها لنا القوى الصليبية
الاستعمارية، لكن هل أضرت تلك
الفيديوهات نظام الأسد الابن وهل
انتصرت تلك الصور الفظيعة لشعب سورية؟ لحد الآن الشعب السوري يتعرض لعملية
إبادة جماعية وسط الصمت الجبان للدول
والشعوب العربية، تماما مثلما كان
الأمر خلال سنوات حكم البعث النارية
الأولى أيام الرئيس الخالد. الناتو يخوض حرب استنزاف في ليبيا ستنتهي
لا محالة بسقوط طاغية طرابلس وكثير من
الشعب العربي غير راض على هذا التدخل
الصليبي في بلد عربي مسلم، لسنا الآن
بصدد الجدل حول هذه المسألة، لكن الشعب
السوري يباد بطريقة بشعة من طرف جيشه
الباسل والناتو لم يتحرك بعد مثلما أن
مجلس الأمن والقوى الصليبية الحاقدة
لا تزال تتحدث من وراء حجاب، فماذا
يفعل العرب؟ هل نحن راضون بما يجري في
سورية وحتى في اليمن؟ هل ما يفعله
النظام هو عين الصواب وعلى الذين ثاروا
أن يتحملوا وحدهم وزر ما فعلوا، أم أن
هناك شيئا يتعين على الرأي العام
العربي أن يفعله لوقف المزيد من إراقة
الدماء البريئة وأيضا لتجنب أي تدخل
محتمل لقوى الاحتلال الصليبي؟ لا نطلب اليوم من الشعوب العربية أن تنتفض
ضد حكامها حتى تكتمل مسيرة الربيع
العربي الديمقراطي، بل فقط ندعو هذه
الشعوب إلى الخروج إلى الشوارع
للتنديد بهول ما يتعرض له إخوانهم في
حماة ودير الزور وحمص، تلكم هي أولى
خطوات الضغط على نظام الممانعة
والمقاومة ليعلم أنه لم يعد هناك مجال
للضحك على الرأي العام العربي ولينتبه
إلى أن للمستضعفين من النساء والولدان
أنصارا من إخوانهم وأبناء جلدتهم،
وهذا من شأنه أن يجبر الطاغية على
التراجع أو على الأقل أن يعلم أن ما
يرتكبه من منكرات من أجل الاستمرار في
الحكم لم يعد عملا مستساغا في أوساط
الشعوب العربية، كما أن الشعب السوري
الثائر سيزداد إيمانا وعزيمة من أنه
يناضل من أجل قضية عادلة ومشروعة
ستقوده حتما إلى نصر عظيم. على شعبي
تونس ومصر أن يبادرا إلى تحريك شعلة
التضامن الشعبي مع إخوانهم السوريين
واليمنيين والليبيين أيضا في انتظار
أن تلتحق بالركب باقي الشعوب التي لا
تزال ترزح تحت هيمنة الحكام الفاسدين،
وإذا لم يتحقق ذلك فلا لوم للسوريين
عندما تتقطع بهم السبل أن يمدوا أيديهم
إلى الغزاة والمحتلين والحاقدين
لنصرتهم. ================== الاربعاء, 03 أغسطس 2011 نديم قطيش * الحياة نهضت ثقافة حماية النظام السوري على
دعائم، يكتشف المرء في ضوء الازمة
الحالية في سورية أنها كانت مجرد أوهام. كان موقف وزيرة الخارجية الاميركية
هيلاري كلينتون في الايام الاولى
لثورة الشعب السوري واضحاً في تعيين «خصوصية»
سورية مفترضة، إذ لم تتأخر عن تأكيد أن
ما اتخذه الغرب من خيارات حيال ليبيا
لن يأخذه حيال سورية، ثم ما لبثت أن
ذهبت باتجاه وصف الرئيس بشار الاسد
بالإصلاحي. بموازاة ذلك، كان كبار بيروقراطيي
الاتحاد الاوروبي يبحثون في كيفية
فرملة الاندفاعة الفرنسية ضد سورية
والتي يقودها وزير الخارجية الفرنسية
آلان جوبيه، الذي نجح في الختام في
تسويق رؤيته وإعادة إنتاجها على شاكلة
موقف أوروبي موحد. المواقف السياسية الاولية، الاميركية
والاوروبية، كانت تتقاطع عند رأي شائع
في أوساط النخبة البحثية والإعلامية
بأن حماية النظام السوري ضرورية من أجل
تفادي قدراته التخريبية في أربع ملفات
حساسة في الشرق الاوسط وهي: أمن
إسرائيل، عملية السلام، العراق ولبنان. في البند الأول، يتبين يوماً بعد آخر أن
حماية إسرائيل لا تتأتى عن توازن هش
على حدودها تحميه أنظمة ديكتاتورية،
في الوقت نفسه الذي تغذي فيه هذه
الانظمة والسلوك الاسرائيلي مشاعر
العداء العميقة بين العرب
والاسرائيليين. فأن يخرج الفلسطينيون
والسوريون الى الجولان في أكثر لحظات
النظام ضعفاً بعد أربعين عاماً من
الهدوء غير المسبوق على هذه الجبهة،
يعني للشعبين السوري والفلسطيني أن
استعادة الحقوق لا تأتي من طريق النظام
الممانع، بل تحديداً من ضعفه وترنحه.
حتى ولو كان النظام السوري هو من فبرك هذه التظاهرات، إلا أن
معانيها العميقة تعريه أكثر مما تخدم
دعايته المقيتة عن دوره الاستقراري. بل
يتبين أن تأمين شرق أوسط مسالم ومستقر
لن يولد إلا من طريق أنظمة ديموقراطية
تتفاعل سلمياً مع إسرائيل في بيئة
منتجة للطرفين. هذا الشرق الاوسط
الجديد يحتاج الى سورية جديدة بقدر حاجته الى اسرائيل جديدة. ثانياً، يتبين أن شرط المصالحة
الفلسطينية الذي يشكل مقدمة منطقية
للانخراط في أي مفاوضات سلام مع
إسرائيل بات ممكناً فقط في لحظة ضعف
النظام السوري وليس العكس. يتضح أكثر
فأكثر أن الادوار التخريبية التي كان
يخشى منها والتي أمنت للنظام موجبات
الحماية كانت مجرد أوهام. فالحكمة التقليدية كانت تقول إن تلمس
النظام السوري اي محاولات لإضعافه
ستجعله يشعل الملف الفلسطيني -
الفلسطيني، وإذ بهذا الملف يتجه نحو
مصالحة تؤسس لدفن اخطر انشقاق داخل
الحركة الوطنية الفلسطينية، وإن كانت
هذه المصالحة لا تزال متوقفة عند
بدايات البدايات. ثالثاً، يتضح أكثر فأكثر حجم الادعاءات
السورية عن نفوذ نظام الاسد في العراق.
ليس لأن العراق ينعم بالامن
والاستقرار اليوم بل لأن الازمة التي
يغرق فيها هذا البلد هي في الواقع ازمة
داخلية صرفة تتصل بصراع سياسي اجتماعي
مذهبي حول مستقبل العراق ما بعد صدام
حسين. طبعاً لا تتجاهل هذه القراءة
الدور الايراني في الازمة العراقية
ولكنها قراءة تنظر الى هذا الدور الايراني بصفته دوراً داخلياً في
العراق بمعنى ما اكثر منه دوراً
خارجياً لما لإيران من امتداد
سوسيولوجي ومذهبي في هذا البلد. أضف أن
الأزمة الناشئة داخل النظام الايراني
نفسه حول مستقبل إيران ستخفف حكماً من
وطأة الحضور الايراني في أزمة العراق
وتتيح لهذه الازمة أن تتفاعل أكثر بدفع
شبه مستقل من مكوناتها الداخلية بحثاً
عن توازن يؤسس لعراق جديد. رابعاً، يكتشف اللبنانيون ومعهم العالم
زيف المعادلات التي حكمت العلاقات
اللبنانية - السورية. مرة جديدة كانت
الحكمة التقليدية تقول إن أمن لبنان
متلازم مع أمن سورية مع ما يعنيه ذلك
بالنسبة الى الحرصاء على لبنان، أو
أدعياء الحرص، من ضرورة عدم استفزاز
سورية. غير أن الواقع يكشف أن النظام
القوي في سورية لم يمثل إلا قوة اعتداء
دائمة على لبنان كان آخر تجلياتها في «طرد»
الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة
اللبنانية قبل ايام قليلة من اندلاع الازمة الاخطر في
تاريخ نظام آل الاسد. أما النظام
السوري المهتز، فهو غير قادر على
استكمال الانقلاب في لبنان والبادئ
بإسقاط حكومة الحريري وتشكيل حكومة
بديلة تكاد لا تقوى على صوغ موقف واحد
يترجم اتساقها وائتلاف قواها. كما يثبت خطأ المعادلة الممجوجة عن تلازم
أمن لبنان وأمن سورية. الواقع أن أمن
لبنان استقر مرتين، إما حين كان لبنان
في ستينات القرن الماضي وخمسيناته
مصدر لا استقرار في سورية وحاضنة لمعظم الانقلابات في البلد الجار،
وإما حين كانت سورية تهيمن هيمنة مطلقة
على لبنان. بل يمكن القول إن استقرار
سورية كان على الدوام نتيجة موضوعية
لهز أمن لبنان وإدارة عدم استقراره.
وإلا كيف يمكن تفسير غرق لبنان طوال
عشرين سنة في حرب اهلية وحشية من دون أن
تتأثر سورية، أوأن تتخبط سورية في
أزمتها الأخطر منذ استلام حافظ الأسد
الحكم فيها عام 1970 فيما ينعم لبنان
باستقرار نسبي يمتلك عناصر جادة ترشحه
للاستمرار. الواقع أن سقوط هذا الوهم يعيد الاعتبار
الى معادلة الحبيب سمير قصير. ديموقراطية سورية واستقلال لبنان. لا
تؤسس هذه المعادلة لعلاقات سورية -
لبنانية جديدة فقط، بل تلعب دوراً في
تغيير الانتهازية الطوائفية
اللبنانية المانعة لقيام الدولة والتي
لطالما بنت حضورها ومشاريعها السياسية
على ارضية ادارة الخوف من سورية. يترتب على تبدد هذه الاوهام الاربعة
انفتاح الأزمة السورية على تصادم قريب
بين حسمين. حسم دولي حيال نظام الأسد
تقوده بتفاوت بريطانيا وفرنسا
والولايات المتحدة وتركيا وروسيا وحسم
ميداني تقوده الآلة الامنية لنظام
بشار الأسد. والواقع أن توقع نتيجة
تصادم هذين الحسمين لا تحتاج الى
عبقرية في التحليل. ================== الاربعاء, 03 أغسطس 2011 رندة تقي الدين الحياة شباب حماة وحمص ودرعا والمدن السورية
الصامدون في وجه قوات الامن والجيش
السوري يستحقون ان ينحني كل مواطن عربي
امامهم. فالمتظاهرون في المدن السورية
يطالبون بالحرية والعيش الكريم
واحترام حقوقهم. ويُقمعون وتتم
تصفيتهم والعالم العربي في صمت مريع.
الشعب السوري يتكل على شجاعته لنيل ما
يطلبه. فالتاريخ شهد ثورات شعبية غيرت
الانظمة الى ديموقراطيات بفضل انتفاضة
شعوب طامحة الى الحصول على حقوقها
ومحاسبة قياداتها. وها هي انتفاضة سكان
المدن السورية الباسلة تعطي حلفاء
النظام السوري في لبنان درساً في
الوطنية. فالمقاومة ضد العدو
الاسرائيلي مشروعة عندما يحتل العدو
الاراضي العربية ويتوسع ويتدخل ويقمع.
ولكن كيف تتواطأ هذه المقاومة مع نظام
عربي يقتل ابناءه من دون تردد؟ ما جرى
في حماة ودرعا وغيرهما مجازر لا يمكن
السكوت عنها. وينبغي هنا ان يحيي
المشاهد العربي التكنولوجيا الحديثة
التي تمكّن من تصوير وبث مشاهد العنف
بعيداً من رقابة لم تعد فاعلة. فهذه
الوسائل المعلوماتية والهواتف
النقالة كشفت عن الجرائم بحق الشعب
السوري. والانظمة العربية تتفرج تاركة
الاوروبيين والاميركيين يعاقبون.
والديبلوملسية الروسية تمنع معاقبة
سورية في مجلس الامن. ان روسيا تعتقد ان
بامكانها ان تستعيد الدور الذي كان لها
ايام الاتحاد السوفياتي الا ان الشعب
السوري وسورية المستقبل لن يغفرا لها
هذا الموقف. ان استراتيجية القتل والقمع الجماعي تخلق
شعوراً مزدوجاً لدى ضحايا القمع
والقتل. الخوف من جانب، وهو طبيعي
وانساني، وفي نفس الوقت الشعور
بالمزيد من الغضب والكراهية امام
تصفية ابرياء. والثورة تتغلب على الخوف
وتعطي كل الزخم لأبناء سورية
المنتفضين في مقاومتهم وصمودهم. اما
حلفاء سورية في لبنان فهم يقفون الى
جانب حليفهم النظام السوري لأنهم
انتهازيون يطالبون بسلطة هشة ومناصب
من قش لا جدوى منها الا الفساد وتقاسم
ما تبقى من البلد. ان اللبنانيين دفعوا الكثير من دماء
شهدائهم الذين ذهبوا ضحية الارهاب
نفسه الذي ينال من ابناء سورية، وعلى
رغم ان من قاد قمع حماة كان نفسه الذي
قام بتصفية شعب المدينة في 1982 فمن
الغباء الاعتقاد ان التصفية والقتل
سيسكتان الثورة لان الاحداث ستولد
المزيد من الغضب، ومحاصرة حماة اليوم
ليست كما في 1982 فهي تنقل على شاشات
تلفزيونات العالم. وفي الغرب هناك اصوات تتساءل عن البديل في
سورية وان المعارضة ليست منظمة، ولكن
الثورة على الارض هي التي ستخلق
البدائل ولو ان ذلك لن يكون سهلاً، الا
ان القمع والقتل لا يمكن ان يمثلا حلاً.
وان كانت سورية الرسمية تعتمد على
حليفها الايراني ووكيله في لبنان
لإلهاء العالم بأحداث اخرى في المنطقة
بحيث تستمر في مسارها القمعي في الداخل.
فهذه استراتيجية خاسرة للنظام الذي لا
يمكنه كما في الماضي لعب دور اطفاء
الحرائق واشعالها في الوقت ذاته.
والمرجو ان يتجنب الشعب السوري الوقوع
في فخ الحرب الاهلية التي وقع فيها
لبنان لانها خسارة للجميع. صحيح ان
هناك اقليات ما زالت مؤيدة للنظام
السوري لانها متخوفة على مصيرها
ومستفيدة منه. وعلى المعارضة السورية
ان تطمئنها ان القمع الحالي لن يحمي
استقرار مستقبلها الذي سيكون افضل في
ظل نظام ديموقراطي حر لا يعتمد القتل
لمعاقبة المواطن المطالب بالحرية
والاصلاح. اما الاعلام اللبناني الموالي للنظام
السوري فهو مخيب لآمال الاعلامي
الصادق والوفي لمهنته. فكيف بإمكانه
تأييد قيام جيش بلد عربي جار وشقيق
بتصفية ابناء بلده؟ اين قيم الصحافي
الذي تحتم مهنته تغطية الامور بصدق
والاحداث من دون غش وتلفيق؟ ان استشهاد
صحافيين كبار مثل كامل مروة مؤسس صحيفة
«الحياة» وسليم اللوزي وسمير قصير
وجبران تويني ومي شدياق التي نجت من
اليد القاتلة، كلها خلدت اسماء شهداء
صحافيين ناضلوا في سبيل عقيدتهم. فكما
كتب كامل مروة «قل كلمتك وامش» هكذا
يجب ان تكون عقيدة الصحافي الحر. فمن
واجبه ان يقول كلمته فيما يحصل في
سورية ويدين بشدة قتل المتظاهرين
الابرياء. ان سورية جديدة قد ولدت وعلى حلفاء النظام
السوري في لبنان ان يفكروا بعمق
ويدركوا التغييرات القادمة وان كانت
ستأخذ وقتاً وتواجه مصاعب، ولكن لم يعد
بامكان النظام السوري ان يبقى كما كان
منذ عام 1970. والمطلوب الآن موقف عربي قوي يوقف العنف
ازاء الشعب السوري كما فعلت الجامعة
العربية بالنسبة الى نظام القذافي. اما
المقاومة اللبنانية فعليها ان تتساءل
كيف يمكنها ان تتواطأ مع اعمال يقوم
بها جيش عربي وطني ضد ابناء بلده؟ ================== ميشيل كيلو الشرق الاوسط 3-8-2011 وأنا وحق الله لا أجد جديدا فيه، لأنه
يسير على نهج آيديولوجي سبق لي أن أكدت
عليه، عندما كتبت الأسبوع الماضي عن
قانون الأحزاب «الجديد»، وقلت إنه
يقوم على الأخذ بمستويات مختلفة
للحرية، وإنكار تساوي خلق الله جميعهم
فيها، كي يكون بعضهم حرا أكثر من بعضهم
الآخر، بعضهم حرا وبعضهم أقل حرية أو
بلا حرية، باسم معايير ليست من الحرية
في شيء، كما سأشرح في التالي من كلام.. يعرف أرسطو الإنسان بأنه «ذات حرة وجديرة
بالحرية بغض النظر عن تعييناتها
الموضوعية». في هذه العبارة الرائعة،
يعرّف الإنسان بالحرية وحدها، فهي
الصفة التي يتساوى فيها مع الآخرين،
الذين يمكن أن يختلف معهم في كل ما يخطر
على البال من تعيينات موضوعية، فإن تم
تعريفه بهذه التعيينات، كنا أمام
تغليب الثانوي من صفاته الكمية على
صفته الوحيدة النوعية: حريته، أو
الحرية. عندما يضيع هذا التعيين، لا
يبقى الإنسان ذاتا حرة ولا يتحدد
بإنسانيته، بل يصير عاملا أو فلاحا أو
رأسماليا أو عالما أو مطربا أو مثقفا
أو متشردا، طويلا أو قصيرا، جميلا أو
قبيحا... إلخ، فإن نحن ربطنا وجوده
الاجتماعي بهذه الصفات الكمية،
الثانوية، التي لا يجوز ولا تستطيع أن
تعرفه كاسم نوع، دخلنا في فضاء
اللاحرية، وفي السياسة: في نظام يفرق
بين البشر ويقوم على إنكار الحرية
باعتبارها صفة نوعية وحيدة يتعرفون
ويتعينون من خلالها كبشر، وصار من
المفهوم - وغير المقبول طبعا - أن يغطي
غياب الحرية عبر تصنيفات تضفي شرعية
مزعومة على نقص حريته أو حتى عبوديته،
تتصل جميعها بتعيينات وجوده
الموضوعية، فهذا عامل أو فلاح ويجب أن
ينال الحرية بصفته هذه وليس لأنه ذات
حرة، بصفته حامل رسالة تحررية أو
تقدمية مزعومة، لصيقة بهويته هذه
ومستقلة عنه بغض النظر عن موقفه
الحقيقي، وذاك رجعي لأنه لا ينتمي إلى
هذه الفئة أو تلك من المراتب
المجتمعية، كأن ينتمي مثلا إلى
البرجوازية، حتى إن كان من أمثال
الرأسمالي فريدريك إنجلز، شريك كارل
ماركس في وضع أسس النظرية الشيوعية،
فلا بد إذن من إبعاده عن فردوس النظم
السياسية، التي تأخذ بهذه الترهات، أو
من حرمانه من الحقوق التي تمنح لغيره،
وتنتقص من حقه في الحرية، وبالتالي من
التساوي في الإنسانية مع العامل
والفلاح. هذا التفاوت بين البشر في حيثية الحرية،
يفسر تمسك قانون الانتخاب الجديد
بإعطاء العمال والفلاحين نصف مقاعد
مجلس الشعب على الأقل، وستين في المائة
من مقاعد مجالس الإدارات المحلية،
علما بأن العامل ليس هنا ذاك الذي يعمل
بيده وجبينه كي يكسب رزقه، بل هو عضو
الحزب الذي يعتبر نفسه ممثلا للعمال
والفلاحين، وعضو جهاز الدولة الذي
يسيّر الحزب. عندما نقول إن نصف مقاعد
البرلمان - ومجلس الشعب ليس برلمانا -
يجب أن تكون للعمال والفلاحين، فكأننا
نقول إن النصف الآخر لا يمتلك الحقوق
عينها التي لهؤلاء، ولا يمثل الشعب ولا
يجوز أو يستطيع أن يكون مؤتمنا على
مصالحه، ومن الضروري تقييد حريته في
تقرير أمور البلاد والعباد بتقييد عدد
من يمثلونه في المجلس. بذلك، ينجم عن
تصنيف المواطنين إلى أشخاص يستحقون
قدرا من الحرية أكبر من الذي يستحقه
غيرهم، تصنيف آخر يجعل بعضهم موثوقا
وطنيا وسياسيا وبعضهم الآخر لا يستحق
القدر نفسه من الثقة، مع أنه منتخب
مثله من الشعب، الذي تقلع إرادته عن أن
تكون مصدر شرعية النائب المنتخب، ولا
تمنحه الحق في أن يكون لديه قدر من
الحرية مماثل لما لدى العامل والفلاح،
علما بأن الأخيرين لا يجب أن يكونا
بالضرورة عاملين وفلاحين بالفعل،
وإنما يكفي أن يعينهما النظام السياسي
في هذا الموقع ويطلق عليهما هاتين
الصفتين، فلا عجب أن «مجالس الشعب»
العربية، المماثلة لمجلس الشعب
السوري، ضمت أخلاطا من أغنياء جدد
ومطربين ومهربين ومسؤولين وجنرالات
سابقين ودبلوماسيين متقاعدين وملاك
أراض كبار ومخبرين، بينما غاب عنها
العامل والفلاح الحقيقي، خاصة بعد أن
أخرج النظام هذين من العمل العام، ونزل
بهما إلى درك اجتماعي فقير ماديا
وروحيا، وجعلهما يكدحان ليل نهار من
أجل تأمين لقمة عيش أحبائهما، فالعامل
يشتغل قبل الظهر في مصنع، ويعمل بعد
الظهر أو في المساء بائع خضار على
عربة، أو حمالا أو صاحب بسطة أو حتى
عاملا زراعيا، وهو غائب غالبا عن الوعي
والواقع، تراقبه في المعمل اللجان
النقابية، والإدارة بأصنافها
المختلفة، السرية منها والعلنية،
بينما يلاحقه المشرفون المباشرون على
عمله... إلخ، الأمر الذي يجعل مأساة
العمال والفلاحين مع قانون الانتخاب
الجديد مزدوجة: فهو يمنحهم 50 في المائة
من مقاعد البرلمان، لكنه يغيب أي عامل
أو فلاح حقيقي عن مجلس الشعب، ويحل
محلهم عمالا وفلاحين مزيفين هم بعض
أكثر الناس كرها للعمل المنتج في
الصناعة والزراعة ونفورا منه.
وبالمقابل، فهو ينكر باسمهم حقوق
المواطن الذي يصنفه القانون في غير
خانتهم، ويعامله كمواطن درجة ثانية
يجب أن يقيد انتخاب ممثليه عدديا
بتقييد حقه في انتداب من يريد إلى
المجلس. عندما قيل إن السلطة ستصدر قانون انتخاب
جديدا، ظننت أنهم سيعترفون بمساواة
المواطنين في الحرية، وسيلغون المادة
التي عبرت عن إنكار مساواتهم بحجة
أولوية تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية.
لكن النظام استعاد مبدأ التمييز بين
المواطنين وأقام منظومة الحياة
السياسية بكاملها عليه أيضا، بعد أن
كان قد ميز بالأمس بين نمطين من
الأحزاب في «قانون الأحزاب الجديد»،
ومنح الأول منهما، أي حزب البعث، الحق
في أن يكون قوميا وصاحب تنظيمات عسكرية
وخارج رقابة لجنة الإشراف على
الأحزاب، بينما سلب الأحزاب الأخرى
هذه الحقوق. ترى، أي تغيير أو إصلاح يمكن أن يترتب على
قوانين تميز بين المواطنين، وتجعل
التمييز بينهم أداة وإطارا لانتقاص
حقوقهم، التي لا يقوم أي قانون في
الدنيا كلها إلا على مبدأ تساويها
أمامه، سواء انتسبوا إلى أحزاب
وشاركوا أم لم يشاركوا في انتخابات
مجلس الشعب؟ وما الفائدة من أن يكون حق
الاقتراع عاما وسريا ومباشرا ومتساويا
– كما يقول القانون في مادته الثانية -
إن كان من ينتخبهم المواطن ليسوا
متساوين، وكانت إرادته ليست مساوية في
حقوقها لإرادة غيره، ولا تبطل النقص في
حقوقهم؟ يكون الإصلاح، حين يمليه عقل إصلاحي
يتعالى على المصالح الضيقة والشخصية،
سلطوية كانت أم طبقية أم فئوية أم
فردية. حين تهيمن هذه، وتنتج الواقع
الذي يجب إقامته أو بقاؤه، لا يكون
إصلاحا. عندئذ، يصير التمرد لغة
المظلومين الوحيدة! * كاتب سوري معارض ======================= هكذا قاد وزير التعليم
العالي السابق وزارته ... فلماذا
لايحاسب ليكون عبرة لغيره عكس السير 1/8/2011 انتهت حقبة الدكتور غياث بركات وزير
التعليم العالي السابق و لكن عشرات
المشاكل العالقة نتيجة القرارات
اللاموضوعية و الكيدية و التي لاتراعي
دائما المصلحة العامة التي اتخذت في
عهده مازالت ترمي بظلالها على كل من
يرتبط عمله او وضعه بهذه الوزارة
المفصلية و تزيد معاناته سوءً و نقمته
نقمة. و لعل حجم القرارات الترميمية و
الاسعافية التي اتخذها وزير التعليم
العالي الحالي الدكتور عبد الرزاق
الشيخ عيسى منذ قدومه الى مكتبه تعكس
بعضاً مما نعنيه بكلماتنا السابقة
وتدل على مقدار الخطأ و التراكم الذي
خلفته وزارة الدكتور بركات. فقراراته
تحاول أن تعيد شيئا من التوازن و
المنطقية الى هذه المنظومة التعليمية
ابتداءً من تعديل وضع المعيد الموفد و
تعديل الشهادات و نسبة القبول الجامعي
و النقل بين الجامعات و انتهاء"
باعادة علامتي المساعدة للطلاب اذا
كان هذا يساهم في انتقالهم من سنة الى
سنة دراسية أعلى أو يساهم في تخريجهم
من الجامعة و معادلة الدرجات العلمية
لمرة واحدة لتخدم جميع الأهداف و
القائمة تطول. و لاشك أن مثل هذه
القرارات أنصفت الطالب و الأهل و
الموفد و بعض الشرائح الأخرى و مازلنا
بانتظار قرارات أكثر حسما" تعيد
الحياة الى مفاصل الجامعات بعد أن عانت
من تصلب شرايين مزمن. فقد قام الوزيرالسابق بتعديل الكثير من
قرارات مجلس التعليم العالي و كأنه
أراد القول ان كل من سبقوه لم يكونوا
على قدر التطلعات و أن مايفعله سيكون
مفصلياً. و بالفعل فقد تراجع أداء
الجامعات السورية قاطبة في عهده حتى
خرجت عن الترتيب العربي و العالمي
مخلفةً أمامها جامعات عربية صغيرة
حديثة النشأة مقارنة مع عمر جامعات
كجامعة دمشق و حلب. و تراجع البحث
العلمي بسبب عدم ربط الشبكة
العنكبوتية و تخديمها بشكل فعلي داخل
الجامعات و تدريب الكادر التدريسي على
استخدامها و الاشتراك في الدوريات
ورفد مكتبات الأقسام بالمراجع
التخصصية الحديثة وربط الجامعات
السورية مع جامعات عالمية من خلال
اتفاقيات تبادل طلاب و خبرات و معلومات
بما فيها الاطلاع على آخر الابحاث التي
تكتب في كافة المجالات و تحفيز
الاشتراك في المؤتمرات المحلية و
العربية و العالمية و القيام بتمويل
المتقدمين بأبحاث للمشاركة في هذه
المؤتمرات أو تشجيع النشر في دوريات
عالمية محكمة. رغم أن الوزير كان
نشيطاً في السفر و زيارة أغلب الجامعات
العربية و الأجنبية و لكن على أرض
الواقع لم تترجم هذه الزيارات عملاً. كما تراجعت السوية العلمية للطلاب بفضل
سياسية الأتمتة التي اتبعت دون منهجية
و تدريب واضحين للمدرسين العاملين بها
أو تغيير في المنهاج بما يتماشى مع
تغير طريقة الاسئلة و بالتالي نوعية
المعارف التي يتم قياسها سيَما في
الاقسام النظرية. و عانت الجامعات و
مازالت تعاني من نقص هائل في الكوادر
التدريسية بفضل تعديل الوزير بركات
لمعايير الدخول الى سلك التدريس
الجامعي و افتتاحة لعشرات المسميات
العلمية دون التفكير بمن سيدرس طلابها
و الشهادات التي منحت و مازالت تبحث عن
معادلة و عن اعتراف من وزارة التعليم
العالي السورية نفسها صاحبة المسمى و
الاختراع سيما في أقسام الآداب
الأجنبية. و في هذا السياق لايسعنا الا ان نتساءل عن
الكيفية التي كانت تفصل فيها قرارات
مجلس التعليم العالي و كيف كانت مواده
تشرع و خصوصا فيما يتعلق بقبول أعضاء
الهيئة التدريسية و الفنية و يوافق
عليها المجلس و بعد فترة قليلة تعدل
لخدمة أشخاص بذاتهم و يوافق ذات المجلس
على التعديل و بعد ذلك يطوي التعديل
حتى لاتستفيد منه شرائح لايرغب الوزير
بها و يوافق نفس مجلس التعليم العالي
على طي ذلك التعديل!!! كانت المخالفات تمر مرور الكرام و بتوقيع
الوزير الأخضر فيتحول الممنوع الى
مسموح و المخالف الى قانوني . فمثلا في
الأمس غير البعيد قامت الجامعة
السورية الدولية الخاصة للعلوم و
التكنولوجيا و التي كان يرأسها
الدكتور العراقي السعدون بتسجيل 383
طالبا زيادة عن العدد المخصص للجامعة
بموجب الترخيص الممنوح لها و بما يخالف
المرسوم رقم 70 تاريخ 1/2/2009 و معايير
الجودة الاعتمادية التي اقرتها وزارة
التعليم العالي. و نتيجة الأعداد
الضخمة فقد عمدت الجامعة الى وضع
مايقارب على 150 طالبا في المحاضرة
النظرية الواحدة في الوقت الذي يجب
الاتتجاوز فيه هذه الاعداد 40 طالبا. الجدول الأول
المبين أدناه يظهر عدد الطلاب
المقبولين حسب الترخيص و مقدار
التجاوز بعدد الطلاب و العائدات
المالية التي جبتها الجامعة نتيجة
لذلك. كما يظهر مقدار الربح جراء
الزيادات المخالفة في أعداد الطلاب و
التي تبلغ 42 مليون و 140 ألف فقط لكلية
الطب البشري وحدها. بينما يعرض الجدول
الثاني مقارنة بسيطة بين أعداد الطلاب
في هذه الجامعة و الجامعات الحكومية في
القطر: الجامعة
السورية الدولية الخاصة للعلوم و
التكنولوجيا (لمالكها الدكتور السعدون) عدد
الطلاب المقبولين حسب الترخيص و مقدار
التجاوز بعدد لطلاب و العائدات
المالية
يظهر الجدول حجم المخالفات والمفارقات
بين أعداد الطلاب المقبولين في هذه
الجامعة خلال عدة سنوات و بين الجامعات
الحكومية حيث ان عدد طلاب الطب البشري
لجميع السنوات ماقبل 2008-2009 هو 498 طالب
وطالبة. وفي عام 2008-2009 وحده تم قبول 398
طالب وطالبة وهو أكبر من عدد الطلاب
الذين تم قبولهم في جامعه حلب أو تشرين
أو البعث. كذلك الأمر بالنسبة لطب
الأسنان حيث تم قبول 406 طلاب وهو رقم
أكبر بكثير من المقبولين في أي من
الجامعات الحكومية وكلك الأمر بالنسبة
للاختصاصات الأخرى الواردة مثل
الصيدلة والتي تجاوزت أعداد المقبولين
فيها تلك المقبولة في جامعات القطر
مجتمعة (دمشق –حلب –تشرين – البعث –
الفرات) أخذين بعين الاعتبار عدد أعضاء
الهيئة التدريسية و الفنية و المعيدين
اللذين يعملون فيها و أولئك اللذين
يعملون في جامعات القطر كافة فهل تم
أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار بالطبع لا.
فعدد المدرسين للطلاب في تلك الجامعة
لم يتجاوزا أصابع اليد و هذه كانت
المخالفة الكبرى الثانية التي وقع
فيها الوزير. و ربما فندت بعض هذه الارقام سياسة رفع
معدلات القبول في التعليم الحكومي و
اقصاء أكبر عدد ممكن من الطلاب خارج
حلقة التعليم الحكومي المجاني مما
يضطرهم الى النزوح لقطاع الجامعات
الخاصة لاغناء موارد البعض بطريقة غير
مباشرة. و لتغطية نفسه قانونياً و بعد انتهاء
التسجيل في الجامعة بشهرين ودوام
الطلاب فقد أقر مجلس التعليم العالي
بقراره رقم 127 الصادر في الجلسة رقم 9
تاريخ 26/12/2009 على أولاً: تحديد أعداد
الطلاب المسموح بتسجيلهم في الجامعة
السورية الدولية الخاصة للعلوم و
التكنولوجيا وفقاً لما هو وارد في
الجدول المرافق و ذلك للعام الدراسي
2009/2010. ثانياَ: تطبق احكام قرار مجلس
التعليم العالي رقم /18/ تاريخ 16/9/2009 على
العام الدراسي 2009 و 2010 فقط !!! هذا من ناحية عدد الطلاب أما بالنسبة
لتعيين رئيس الجامعة فقد وافق الوزير
السابق بركات على تعيين الدكتور
السعدون رئيساً للجامعة و التمديد له
ثلاث سنوات مخالفاً بذلك قوانين مجلس
التعليم العالي التي تنص على أن رئيس
الجامعة يجب أن يكون غير المالك أو
لديه أسهم أو أصول أو فروع في تلك
الجامعة. فياترى ماهو المقابل الذي تم
من أجله التغاطي عن هذه التجاوزات؟؟؟ و على نقيض هذا التصرف فقد قام مجلس
التعليم العالي بفرض عقوبات على جامعة
ايبلا الخاصة حين قامت بتسجيل 40 طالب
فوق الحد المسموح به. اذا قام الوزير
بركات بفرض غرامة مالية قدرها 400.000 الف
ليرة سورية على كل طالب مخالف أي أن
مجموع الغرامات تجاوز 16000000 مليون ليرة
سورية فلو تساءلنا عن كم المرابح التي
يمكن لأي جامعة ناشئة في سوريا أن
تحققه لأدركنا مقدارا الظلم و عدم
الموضوعية و الرغبة الانتقامية الذي
وقع على جامعة ايبلا. فمقارنة بسيطة
لما دفعته جامعة ايبلا يدل على أن
المبلغ الذي يجب أن تدفعه الجامعة
السورية الدولية الخاصة للعلوم و
التكنولوجيا على مجموع الطلاب
المخالفين في كل الاقسام هو: 153.200.000 ل.س
فقط !!! فهل تم فعلا استيفاء مثل هذا
المبلغ. و المخالفات لم تقتصر على الجامعات
الخاصة التي ذكرنا مثالا عنها كيلا
نطيل بل تعدتها الى الجامعات الحكومية.
فلا أحد ينسى في كلية الصيدلة في جامعة
دمشق الكرم الحاتمي الذي أغدقته عليهم
الوزارة متجاوزة التوقع و المألوف في
تعيين معيدين لصالح الكلية. فقد أعلنت
الجامعة عن حاجتها لتعيين معيدين
بالقرار رقم 18960/ش.ع و أقر مجلس جامعة
دمشق بقراره رقم 487/5 الحاجة الى تعيين 13
معيدا لصالح كلية الصيدلة وفق
اختصاصات تم تحديدها. و بعد صدور أسماء
المقبولين من المتقدمين تبين أن عدد
المقبولين قد بلغ 28 معيداً في اختصاصات
مختلفة عما أقره مجلس جامعة دمشق في
قراره الانف الذكر. و أرسل الدكتور
وائل معلا حينها للوزيركتاب برقم 1/م
بتاريخ 21/1/2008 مستوضحا عما يحدث و لم يرد
جوابا من الوزارة. المشكلة في هذا الموضوع أنه قد تم رفع
العدد من قبل الوزارة دون طلب الكلية
بينما جرت العادة في عهد الوزراء
السابقين أن يتم تقليص عدد المعيدين لا
زيادتهم بسبب قلة الاعتمادات المالية.و
لو سلمنا بحسن النوايا الوزارية و بأنه
لم يكن هناك من يريد الوزير تمريرهم
عبر رفع هذه النسبة و تغيير الاختصاصات
فمن سيدفع تكاليف دراستهم؟ أليست
ميزانية الوزارة و هذا بالطبع سيؤثر
سلباً على عدد المقبلون من المعيدين في
باقي الكليات في جامعات القطر سيما
الأحدث منها نشأة و الأفقر بأعضاء
الهيئة التدريسية مثل كليات التربية و
الآداب و المعلوماتية و الصيدلة في
باقي جامعات القطر سيما البعث علماً
أنه كان يوجد أنذاك في كلية الصيدلة في
جامعة دمشق 32 معيداً على رأس عملهم و 51
عضو هيئة تدريسية و 14 عضو هيئة فنية و
فوق هذا تم قبول 28 معيداً جديداً!!!
الجداول التالية توضح التفاوت الشديد
في عدد أعضاء الهيئة التعليمية في كلية
الصيدلة في جامعات القطر:
تبدو المفارقة شديدة في الأرقام بين
كليات الصيدلة في جامعات القطر ففي حين
كان أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة
البعث 3 فقط و الفنية 2 و المعيدين 2 و
يعتمد على كادر تدريسي من كلية
البتروكيمياء للتدريس في كلية الصيدلة
كانت جامعة دمشق متخمة لاتعرف ما تفعله
بطاقمها التعليمي. و مقارنة الارقام مع
الجامعات السورية الأخرى تشير الى
مفارقة كبيرة و ظلم شديد فبينما كان
أدنى معدل مقبول في جامعة دمشق هو 69.89
كان أدنى معدل مقبول في جامعة حلب هو
79.44 و حمص 80.79 و تشرين 77.7 اي بفارق معدل
علامات يقارب %9-10 و هذا يعكس تفاوتاً
كبيراً في السوية العلمية للمعيدين
بين الجامعات. كما أنه يظهر أن جامعة
البعث التي لديها أقل كادر هيئة
تعليمية (7) شهدت أعلى معدل علامات
للقبول في المعيدية . كما أن مقارنة
البيانات بين عدد أعضاء الهيئة
التعليمية في جامعة ضخمة مثل جامعة حلب
تشير الى أن عدد أعضاء الهيئة
التعليمية فيها لم يتجاوز 34 بينما وصل
في جامعة دمشق الى 97 و هذا يدل على غياب
الموضوعية و الشفافية العلمية في آلية
عمل الوزارة السابقة. من المؤسف حقا أن نتحدث بهذه الطريقة في
تداولات وزارة مسؤولة عن العلم أي عن
صناعة الموارد البشرية و الكفاءات
العلمية و العقلية في البلد. فهل يجوز
لمسؤول أن يشخصن وزارةً بأكملها و يجند
كوادرها لمراعاة مصالحه و مصالح
أصدقائه الشخصية؟ لا بل و يستمد شرعيته
من الوطن و ينتهك القانون باسم الوطن
ومجلس التعليم العالي و الشؤون
القانونية دون أن تنهاه مصلحة الوطن
العليا و ضميره المهني عن اتباع ذات
المعايير مع كل المؤسسات التعليمية و
الأفراد العاملين فيها مهما كانت
صفاتهم؟ ألم يوجه مجلس الشعب في احدى
جلساته 72 تساؤلاً للوزير بركات و قال
له بعدها رئيس مجلس الشعب "لو كنت
حديث العهد لعذرناكّ"؟ أو لم يقول
العطري أنه غير راض عن أداء الوزير
بركات لأنه يتدخل مباشرةً في عمل
المؤسسات؟ أو لم تقول الحكومة السابقة
أنها أهدرت 132 مليار ليرة سورية على
التعليم و بالطبع الكثير الكثير منها
ذهب لوزارة التعليم العالي التي كان
يتضخم انفاقها و يتضاءل أداؤها؟ أو لم
تشهد الوزارة السابقة أكبر كم من
الانتقادات الصحفية و المقالات عن سوء
التخطيط و التنفيذ و التشريعات
الخاطئة و الممارسات اللامسؤولة و
التعيينات لادارات غير قادرة على
قيادة نفسها وأولها و ليس آخرها فضحية
اعطاء الموافقات للحصول على أدوية
معالجة السرطان المجانية لبيعها في
السوق السوداء و شراء مواد تعقيم سببت
حروقا للمرضى في المشفى الجامعي
بدمشق؟ و لايجب أن ننسى فضيحة مشفى
التوليد و أطفال الانابيب في جامعة
حلب؟ أو لم يشتكي الطالب و المدرس و المعيد
العائد و الموفد من الروتين القاتل
والمحسوبية و الرشاوي و الكيل بمكاييل
مختلفة و القرارات الجائرة في عهد هذا
الوزير؟ القائمة تطول و لاتنتهي ألا
ترزخ الوزارة الحالية تحت كم هائل من
تراكمات العمل و النقص في الميزانية
بسبب أموال لم يعرف كيف تم صرفها في عهد
الوزير السابق؟ كم يجب أن يرتكب
المسؤول من المخالفات حتى يحال
للتحقيق؟ نتمنى من المعنيين متابعة
الأمر و فتح باب التحقيق على الاقل في
المخالفات التي وردت في هذه المقالة
موثقة بالأرقام و الحقائق التي تقبع في
أدراج وزارة التعلم العالي أو فتح باب
لتلقي الشكاوي و الاعتراضات للمواطنين
للابلاغ عن التجاوزات و المظالم التي
حدثت في عهد الوزير السابق وكلي ثقة من
أن العجب سيظهر للعيان. ان القرارات الرشيدة للوزارة الحالية
مازالت تحتاج لمتابعة و مازال مشوار
النضال طويل أمام الوزير الحالي
فمازال يحيط به كل الطاقم الاداري
القديم ابتداء من أصغر الهرم على صعيد
الموظفين و الاداريين و الكوادر
الادارية العلمية في الجامعات و
انتهاء بطاقم الوزارة الاعلى. فلاشك في
أن من بين هذه الكوادر من هو كفوء و لكن
كل من ساعد الدكتور بركات على تبني
قرار او استخدمه الدكتور بركات لتمرير
قرار سيدافع عن الكثير من الأخطاء حتى
لايدان بل و سيحاول أن يضفي عليها صفة
القانونية في وقت كان فيه الوزير هو
المشرع و رغبته هي القانون. قد يتساءل البعض و لماذا تثار الان هذه
المواضيع. ببساطة لأن مثل هذه
المعلومات لايمكلها الا المعنيين
بالمواضيع المثارة هنا و يتبعون قطاع
وزارة التعليم العالي. وبالتالي
تحريرها سابقا كان سيعرضهم لنقمة
الوزير السابق المعروف للجميع بردات
فعله الانتقامية. و لكن كلنا ثقة بأن
الاصلاح الحقيقي بيدأ من محاسبة
فاسدين أبعدوا للتو أو تم اعفائهم من
منصب و مازالت الاحلام تراودهم
لاعتلاء منصب جديد. كلنا ثقة بأن لا أحد
فوق القانون و أن المحاسبة أتية
لامحالة لكل من أساء باسم المنصب و
مازال يتدخل في الكثير ليغلب سيطرة
الباطل على الحق. فمازال البعض مما أتى
بهم الوزير السابق الى الادارة في
الجامعات يسيؤون و يترصدون لكل من
يحاول أن يتكلم عنه ...و مازال بعض
المتنفذين ممن يحفظون له ود يمنعون
الكلمة الحرة من أن تنشر اذا كانت
تستعرض شيئا مسيئاً من ممارساته بحجة
أنه كان مسؤولا و أن العصى ستكون في
دوالييب كل من يحاول أن يسبح عكس تياره. لكننا نتكلم لأن
الوطن يسير في مسيرة التطهير و الاصلاح
و لأننا بصمتنا سنستمر في قتل الوطن و
سنساعد هؤلاء و أمثالهم على التمادي في
الطغيان و الفساد. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |