ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
طاهر العدوان 2011-08-08 العرب اليوم لاول مرة تخرج اصوات عربية تطالب نظام
دمشق بوقف العنف ضد المتظاهرين, الاول
كان بيان مجلس التعاون الخليجي,
والثاني بيان الجامعة العربية. واذا
كانت هذه المواقف تستجيب لمطالب
امريكية - اوروبية بأن على العرب ان
يتحركوا لمساندة الضغوط الدولية على
الرئيس الأسد, فإن الموقف التركي يظل
الأهم, بعد تصاعد اللّهجة التركية ورد
الفعل السوري عليها بموقف أشد حزماً.
فهل ستترجم هذه اللهجة بمواجهات على
الارض? من المستبعد ان تلجأ أنقره الى عمل عسكري
ضد سورية, غير انها هيّأت الأرضية
السياسية والميدانية لامكانية قيام
تحالف عربي - تركي - دولي ضد دمشق. اذا
اصر النظام على مواصلة حربه الداخلية ..
وخطورة مثل هذه التحولات ان حدثت,
ستتخذ طابع المواجهة الاقليمية. لان
ايران, واطراف رئيسية في العراق إضافة
الى حزب الله سيتحركون لدعم نظام الأسد,
فسقوط هذا النظام يعتبر خسارة
استراتيجية لا تحتملها هذه الاطراف. حساسية ودقة وخطورة الوضع قد تترك الثورة
السورية وحدها في الميدان في مواجهة
آلة القمع الدموية. والواقع ان الشعب
السوري مصمم على ان يصنع ثورته
بتضحياته منتظرا تفكك النظام من
الداخل. يبقى الموقف الرسمي الاردني تجاه الاوضاع
في الجارة الشمالية, فمن الواضح ان
عمان في مأزق لا يقل حساسية ودقة, خاصة
بعد ان اعلن مجلس التعاون الخليجي
مواقف حازمة من العنف الذي يرتكبه
النظام السوري. فهل ذلك سيكون اختباراً
للسياسة الخارجية الاردنية وهي تستعد
للالتحاق بالمجلس الخليجي, ام انها
ستعتمد فقط على موقفها المساند
للبحرين لتظهر اهمية انضمامها لمجلس
التعاون. وفي كل الاحوال فإن لسان حال
السياسة الاردنية في الوقت الراهن هو (الصمت
من ذهب). وهذا يعني ان الاردن يكيل
بأكثر من مكيال تجاه ثورات الربيع
العربي. واحد منحاز كما في ليبيا. وآخر
مضاد كما في البحرين, وبينهما حالة
تسكين سياسي في التعامل مع التطورات في
اليمن وسورية. من جانب آخر يخطىء النظام في دمشق ان
اعتقد بأن العالم يقف مكتوفا امام
المجازر اليومية التي يرتكبها ضد شعبه.
فالتدخل الخارجي سيعتمد الى حد كبير
على تصرفات النظام الذي يبدو انه اضاع
الفرصة التي منحها له الصمت العربي
ومواقف اللافعل الدولية حيث اندفع
بقوة خلف الحلول الامنية وتوريط الجيش
(الوطني) في حرب مكشوفة ضد المدن
السورية ولم يعد احد يأخذ جديا مزاعمه
عن الاصلاح والحوار...الخ النظام عينه, وليس غيره من ساهم في تهيئة
الساحة العربية للتدخل الاجنبي سواء
بمشاركة قواته في حفر الباطن من اجل
طرد قوات صدام من الكويت, او ببناء
سياسة المحاور في المنطقة بالاعتماد
على دولة غير عربية هي ايران.فكيف له ان
يعتقد بأنه سيفلت من المحاسبة
الاقليمية والدولية على ما يرتكبه من
حملات حصار وحشية لاسكات صيحات الحرية
والكرامة التي تطالب بها الملايين من
الجماهير تحت شعار »الموت ولا المذلة«.
انه بهذه الاعمال المدانة يهيىء
الظروف العربية والاقليمية للتدخل
الاجنبي خاصة وان شرعية النظام اصبحت
محل تداول«. قد يشعر الرئيس السوري (بالانتصار)
والتفوق ميدانياً على الجماهير
العزلاء في دير الزور وحماه وحمص وادلب
والمدن والبلدات الاخرى, لكن رائحة
الدم وجثث الضحايا بدأت تؤثر بقوة على
الرأي العام للشعوب وعلى مواقف
الحكومات مما ينبىء ببداية ازمة
اقليمية خطيرة ستؤدي الى تدويل الوضع
السوري. ============== هل حان الوقت كي يسدد
الرئيس بشار الاسد فواتير حكمه وحكم
أبيه؟ الطاهر إبراهيم القدس العربي 8-8-2011 أسلحة الميدان الثقيلة من دبابات و
مدفعية ميدان وحاملات جند مصفحة
وراجمات صواريخ، بقيت صامتة على
مدارأربعة عقود في مواجهة إسرائيل
العدو الرئيسي في الجولان المحتلة.
كأنما أراد الرئيس بشار أسد أن يجدد
نشاط هذه الأسلحة فوجه فوهات 'سبطاناتها'
في هجمة شرسة تشنها القوات المدرعة
بقيادة 'ماهر أسد' تجاه مواطنين سوريين
عزّل في رمضان في مدن سورية عدة أهمها
حماة ودير الزور وقرى جبل الزاوية
والبوكمال. هذا الفعل الذي لا يوصف بأقل من الخيانة
العظمى، لأنه يخلي الحدود من القوات
المرابطة فيه ليؤكد بجلاء كأن الرئيس
بشار أسد فقد توازنه، وأن حكمه بدأ
يترنح وماعاد يعرف كيف يتصرف تجاه
الشباب السوري الذين يصعّدون
تظاهراتهم في كل يوم جمعة، تزداد
أعدادهم ولا تنقص، ويبتكرون التكتيكات
التي تؤمن لهم سهولة الكر والفر
والانتقال من حي إلى حي عند مهاجمة
أجهزة الأمن للمتظاهرين. الممارسة الوحشية التي دأبت عليها القوات
التي يقودها 'ماهر أسد' برضى كامل من
الرئيس 'بشار أسد' سوف تضاف إلى ماض
إجرامي عريق صبغ فترة الرئيس 'حافظ أسد'
في عقدي الثمانينات والتسعينات من
القرن الماضي، حيث سجل على ذمة 'حافظ
أسد' قرابة ستين ألف شهيد وأكثر من
خمسين ألف معتقل ومئات الآلاف من
المهجرين القسريين السوريين، هربوا
خوفا من القتل والاعتقال. 'حافظ أسد' لقي ربه، ولن نتكلم عما ينتظره
عند أحكم الحاكمين حتى لا نتألى على
الله. لكن وريثه 'بشار أسد' سوف يدفع
فواتير عهد أبيه كاملة، لأن 'الغنم
بالغرم'. ورث حكم سورية عن أبيه فكان
حقا عليه أن يسدد حساب الأب كاملا، أما
كيف؟ مرة أخرى لا أعرف. وكل ما أعرفه أن
الشعب السوري تواق لكي يقتص ممن حرمه
وظلمه وسوّد عيشه وأفقره، وكان هذا
الشعب قبل حكم حافظ أسد يعيش في بحبوحة
من الأمن والعيش الرغيد. لقد أخطأ حافظ أسد عندما أمضى حياته يمهد
طريق الحكم لورثته، حتى رأينا مجلس
الشعب الذي اختار حافظ أسد أعضاءه
بنفسه يبصمون للرئيس الوريث بعد أن تم
تعديل سن الرئيس في الدستور يوم 10
حزيران من عام 2000، ثم لينتخبوه
بالإجماع أيضا رئيسا للجمهورية بعد
أبيه، ثم ليصبح قائدا للجيش وحاكما
مطلقا لكل سورية. لكن ما نسيه حافظ أسد أن 'الله يمهل ولا
يهمل'، وأن الشعب يصبر لكنه لا يغفر لمن
أهدر كرامته واستبد بمقدراته. وأن الله
سيأتي البنيان الذي بنوه ريبة من
القواعد لتعود للسوريين حريتهم
وكرامتهم. لا نزعم أن حافظ أسد كان سيتصرف بصورة
أفضل مما فعل وريثه عندما حشد الدبابات
والمدفعية واقتحم حماة وجسر الشغور
وهو يستعد الآن كي يقتحم مدينة دير
الزور، لأن حافظ أسد طاغية لا يقبل أن
يلوى ذراعه، ومدينة حماة شاهدة على ما
فعل في مساجدها عندما دمرها وقتل أكثر
من ثلاثين ألفا من سكان المدينة عام 1982. قد يستفظع البعض وصف ما فعله الرئيس بشار
أسد باقتحام المدن السورية بأسلحة
ثقيلة، بأنه خيانة عظمى. في كل شرائع الدول وفي تعليمات الجيش
السوري أن أي جندي يخلي موقعه في
مواجهة العدو أو يهرب من المعركة يحاكم
بتهمة الخيانة العظمى. فكيف إذا استدار
هذا الجندي بسلاحه نحو زملائه؟ لا شك
أن التهمة ستكون أشد. فما بالكم إذا كان
الجندي هو الرئيس نفسه الذي أقسم على
حماية الوطن من أي عدوان أجنبي، فإذا
به يفرط بهذا القسم، بل يدفع بالجنود
الذين أقسموا على أن يحموا الوطن من
العدو، فإذا هم يرغمون على قتل أهلهم
وذويهم؟ لا شك أن الشعب السوري كان يتهيب القيام
بالثورة على النظام بسبب القمع
والتنكيل اللذين كانت أجهزة الأمن
السورية تمارسهما مع المواطنين لأقل
شبهة. وحتى يوم بدأ الشباب الثائر
ثورته، كان شيء من الخوف والرهبة يعمر
أفئدة هؤلاء الشباب، حتى كنا نسمعهم
يشجعون بعضهم بالهتاف: 'ليش خائفين ..
ليش خائفين'. ويوم أن مارست أجهزة النظام القتل في درعا
وأخواتها، وصبغ الدم شوارع البلدات
السورية تجرأ هذا الشباب أكثر، حتى كان
الواحد يخرج من بين أهله وكأنه ذاهب
إلى حضور مباراة كرة قدم، لا يشعر بأي
خوف. ما ينبغي أن يعرفه العالم كله، أن الشباب
السوري ما عاد يرضى بأقل من محاكمة
رموز النظام بتهمة الخيانة العظمى
والقصاص للذين قتلوا بالرصاص الذي
دفعوا ثمنه. ولا يستطيع أحد أن يقول : 'عفا
الله عما مضى' إلا أولياء الدم أي أهل
المقتولين. ============== خولة دنيا 2011-08-07 القدس العربي حماة بحروفها
الأربعة متعبة بحائها التي تصدح من
صماصيم القلب وكأنها تنهيدة أبدية
وميمها وألفها الخفيفة وكأنها تنقلك
من القلب إلى الخلود وتائها التي تبقي
فمك مفتوحاً بدهشة على مجهول ما قد
تجلبه الأيام من جديد. حماة الخفيفة الوطأة في الكلام الثقيلة الهم في القلب وجع العقل الأبدي.. بداية الأحزان ونهاية الآلام حماة التي تتوسط القلب كما توسطت سورية بريفها المتشعب في تاريخ يتلوى بين الجبل
والسهل والنهر والصحراء.. تجدها تجمع
الخلق وكأنها من صنعته.. وتتوسط العقد
وكأنها جوهرته.. حماة التي في الذاكرة لها طعم العرقسوس
الذي يشربه أبي من يد ويمسك بيدي
الطفلة بيده الأخرى وأنا أتلوى من قسوة
الطعم الغريب وأتلفت أحاول النظر فيما
تركته فوهات البنادق والمدافع على
الجدران. حماة التي في الذاكرة ببقايا ابنيتها
المهدمة.. بحكايا بناتها المرعبة...
وببقايا أحزانها التي صادفتها المرة
تلو الأخرى في فروع الأمن العسكري عند
مراجعتي لها... هي حماة اليوم...' حماة بحي حاضرها وكأنها ترمي الماضي
وتبني يومها من جديد... بجوامعها
وكنائسها بحديقتها الجميلة التي بنيت على بقايا
المقبرة القديمة التي هدمتها الدبابات
فوق رؤوس ابنائها الذين اختبأوا فيها
منذ ثلاثين سنة.. فازهرت بسرعة عجيبة
وتطاول الشجر فيها وكأن اجسادهم ابت
إلا معانقة السماء... هي حماة وأيضاً حماة بداية هي... ونهاية النهايات 'من قال ان ثورتنا كانت لتزهر لولا المشهد
الرائع الذي سطره ابناؤها في ساحة
العاصي بمئات الآلاف.. ذاك المشهد'الذي انعش الروح.. فأحسسنا
بفرحة نصر مؤقت.... خلده في الذاكرة
بلبلها الصادح وغناؤه الرائع 'الذي
أصبح رمزاً من رموز ثورتنا العاصية هذه!! تنتابني حماة كذاكرة قريبة بعيدة... أخجل من نفسي لأني غضضت الطرف عنها لسنوات
طويلة .. استطاع خلالها البرابرة بث
الذعر فينا منها' هم البرابرة أولاد البرابرة من قام
بالتدمير في الماضي كان العاصي يعج بالدماء
والأجساد، واليوم عاد ليصطبغ بلون
الدم من جديد حماة التي اختاروها هدية رمضان المباركة،
فتركوها لليلة الأخيرة من شعبان،
ليزفوا ابناءها بالجملة وجبة لإفطار
الأسد... ملك الغابة لا يستريح فكيف إن
اختار وجبته بعناية فائقة من البلد
الأقرب للغابة تلك الغابة التي جففوها
وحولوها لمزارع لابناء المدن الشتى
التي تتكور في وسط سهول حنطتها ...
وتتحول إلى أكداس اسمنت ومزارع خصوبة
دائمة تنتشر من حماة إلى جسر الشغور
وتتوسط الجبل والهضاب وكأن الامتداد
الجغرافي لحماة اصبح اليوم امتدادا
بؤريا لعشرات القرى المتراكمة على
ضفتي العاصي تنهل منه ولا تستريح. هي حماة إذاً من جديد جوهرة العقد السوري وجوهرة ثورته المتوهجة بالدم والإصرار
والعناد هي الجوهرة التي أرادوا النيل منها
لينفرط العقد، فتركوها لوجبة السحور
الأولى هدية' لماذا علينا أن نقدم القرابين تلو
القرابين للأب والابن من بعده؟ لماذا علينا تحمل تكرار المشهد كل ثلاثين
سنة؟ هل كتب علينا الشقاء لهذه الدرجة؟ فتوقف زمن توليد الديكتاتوريين حتى نبتلى
بالأب والعم واليوم بالابن والأخ
وأولاد العمومة والأحفاد والسلسلة
التي لا تنتهي من توالد الديكتاتوريين
الصغار وأحفادهم؟ ولماذا حماة مرة أخرى ايها القتلة
المحاصرون بجرائمكم المرة تلو الأخرى... الدخان يعلو أسطح منازلها.. يعشس في القلب... ويتوزع دموعاً سوداء على
حيطان مساكنها المزروعة بالخوف.. كم لهذا القلب أن يتحمل من تنقلات لا
نستطيع القيام بها في الحقيقة.. فنتوزع على أبواب المدن المحاصرة لنزور
دير الزور وجسر الشغور والبوكمال
والقامشلي واللاذقية.... أصوات المدافع ترافقنا.. واجتياح المدن
يحاصرنا من جميع الجهات.. نتنقل علنا نوزع مشاعرنا مع جميع الأمهات
الثكالى..' وأين منا أحزانهن أو حتى فرحة الشعور
بالحرية في عيون شبانهن الغاضبين
والتواقين لغد بدون أصوات رصاص ومدافع.. أين نحن من كل مايجري على بقاع الروح التي
اسمها سورية نحن المتكورين على أبواب زنازين المدن
نناشد الرب يوماً بدون دماء تحترق الدروب الذاهبة إلى الدمار.. فنرافق الدبابات توجساً.. والخوف يحاصر
العيون من وجهتها التالية.. أين نحن من كل ما يجري وجرى.. تسكننا المدن والبلدات ونحن نتنقل بينها
كحمامات عافت العش واحتارت أين تخبئ
صغارها .. حماة وجع القلب والروح أنا البدوية الريفية ابنة حماة، تغزوني
الذاكرة كما لم 'تفعل كل عواصم الأرض... أحن لأشرب العرقسوس من جديد في ساحة
العاصي، وأركب باص الهوب هوب من
كراجاتها القديمة.. أتوجه إلى حاضرها
علّي أساعد في بناء ما تهدم من
مستقبلها لا نريد حدائق بعد اليوم تبنى فوق المقابر لابنائنا استطالاتهم وأشجارهم الوارفة زهور هم في القلب.. وسيسطعون وهم يغنون
نشيد حريتنا التي يريدون، ونريد.... ============== يفيض بردى دماً... وتصمت
العواصم! محمد حروب 8/8/2011 "أسألكم.. من يرضى أن يسقط طوعاً؟ من
يقدر أن يمنع أُمّاً، معدمة، جوعى، أن
تحمل سيفاً؟ وإذا لزم الأمر، أن تسرق
حليب الطفل الجائع؟ طوبى لأبي ذر... كنا
نعبر في الطرقات معاً، أحزنني وجه
دمشق، بردى كان بلا صوت..." (محمد
القيسي، ديوان "خماسية الموت
والحياة"). برَدَى اليوم تزنر بالدم
وما عاد بلا صوت، صار ينشد بكل
الأصوات، وصار، بخلاف كل الأنهار،
يجري إلى الأعلى. بردى أصبح بركاناً
يهدر، يطير في سماء مدن الشام طولًا
وعرضاً، يتحول غيماً يحضن ناس الكرامة.
يحضن أحفاد أبي ذر ويبعث فيهم عزم
المستحيلات، فينطلقون دفاعاً عن كرامة
آلاف السنين التي توردت مجداً وحضارة
في هذه البقعة من العالم. يفيض بردى دماً ساخناً ووجوهاً وأسماء
ترصع وجه الشمس. بوابات الحرية في
الشام تدق بكل يد مضرجة بالشوق
للانعتاق. ثورة مدن الشام في وجه نيرون
دمشق تنتمي إلى محيط المعجزات. نظام
القمع الأمني الذي ولغ في دم الناس
لعقود طويلة كان قد سمم الماء والهواء
وزرع الشك في صدور الناس تجاه بعضهم
بعضاً وتجاه قدرتهم على قول لا. يجدل
السوريون غدهم المتحرر من الطغيان
بعروق أيديهم العارية، وكل يوم يمر
ينتزعون فيه قمراً جديداً يزينون به
شرفة المستقبل. هي الحرية أغلى غوالي
هذه الحياة تصبح اليوم عروسهم
المُشتهاة. في صناعة حياة الكرامة
والصراع ضد نظام مُستعد لإراقة دم كل
السوريين، ما عاد أبناء سوريا على
استعداد للعودة إلى أيام الاستبداد
والخنوع. في المشهد الأوسع لصناعة غد سوري حر ومشرق
هناك أربع بقع سوداء مريرة. الأولى
والأوسع خاصة بالصمت العربي المخزي
الرسمي، وحتى الشعبي، الذي يراقب
مجازر النظام وقصفه المدنيين بالمدافع
والدبابات. نعرف أن بعض الأنظمة
العربية تتحسس رؤوسها هذه الأيام
وتفتقد الشرعية التي تخولها الوقوف
إلى جانب الشعب ضد جرائم النظام. ونعرف
أن تحالفات بعض الأنظمة العربية قائمة
على الحفاظ على الأمن المُتبادل
للأنظمة وليس الشعوب، وأن آليات
الدفاع عن بقاء نظام هنا تتواءم مع ذات
الآليات للدفاع عن نظام آخر هناك. ولكن
هناك حدوداً لكل شيء، حدوداً منطقية
وأيضاً براغماتية من دون أن نقول
أخلاقية. نظام الأسد لن يدوم حتى لو طال
أمد الثورة السورية. إذ بعد كل الدم
الذي أريق لن يسكت الشعب السوري على
النظام الأمني الذي استباح سوريا
كأنها إقطاعية ومثّل بمواطنيها وقطع
أطرافهم وألقاهم في الأنهر. فعلى ماذا
تُراهن الأنظمة العربية التي تراقب
بتردد صاعق؟ حتى لو كانت من نفس طينة
النظام السوري أليس من مصلحتها
البراغماتية الصرفة الاصطفاف إلى جانب
الشعب الذي سيكنس الوضع القائم
وجرائمه؟ ما نراه الآن هو تخلي الدول
العربية تماماً عن ما يحدث في سوريا
وانتظار المجهول. ومن ضمن هذا المجهول الموقف الدولي
والغربي، وهذا الأخير هو البقعة
السوداء الثانية. يُراقب العالم ودوله
الكبرى على شاشات التلفزيون كيف تقتحم
الدبابات السورية الأحياء المدنية
وتقصفها. ما عاد بإمكان العربية على
غناها وثرائها وصف الجريمة اليومية،
ومع ذلك يتلكأ "المجتمع الدولي"
تاركاً يد النظام مُطلقة في الولوغ
أكثر في دم من يُفترض أن يكون الشعب
الذي يُدافع عنه. وأسوأ ما في الصورة
"الدولية" هو اصطفاف روسيا والصين
إلى جانب النظام والوقوف في وجه أي
إجراء خجول حتى ولو من قبيل قرار إدانة
لفظي للمجازر التي تحدث كل يوم. والبقعة السوداء الثالثة تتمثل في شريحة
المثقفين الذين يلوكون كلاماً
وأعذاراً تدعي الحداثة، يتمنطقون
السماجة الثقافية في ادعاء اتخاذ موقف
وسط بين النظام وثورة "المجتمع
المتخلف". يقول هؤلاء، وسيدهم
أدونيس، إن سقوط النظام يعني اعتلاء
قيم المجتمع المحافظة وسيطرة القوى
الدينية على الدولة. إذن، لنبق الأمور
على ما هي عليه، وليرتح الأدونيسيون
ومن والاهم على أرائك النظام الدموي.
ليس هناك حل وسط بين الاستبداد والثورة
للحرية. وإذا ما خلف الاستبداد البعثي
استبداد ديني فذلك يجب أن يعني أن
الثورة مستمرة حتى يتم تفكيك كل أنواع
الاستبداد. نعم هناك مغامرة كبيرة في
كل الثورات العربية جوهرها التخوف من
سيطرة التعصب الديني على الفضاء
العام، ولكن ليس هناك بد من خوض
المغامرة. هذه هي الطريقة الوحيدة التي
تتعلم فيها المجتمعات والشعوب من
تجاربها وتواصل التسديد والمقاربة حتى
تصل إلى معادلاتها الاجتماعية
والسياسية المتوازنة. والبقعة السوداء الرابعة تتمثل في شريحة
أنصار النظام الذين لا زالوا منخدعين
أو متخادعين بشعارات الممانعة
والمقاومة ومواجهة إسرائيل. ففي أكثر
من بلد عربي ما تزال هناك أصوات تسوق
أفكار الخردة المقاوماتية التي اعتاش
عليها النظام عقوداً وسوغ بها طحن
الشعب وإذلاله. ويتعامى هؤلاء جميعاً
عن المشهد المأساوي والمريع للدبابات
السورية التي تعلن بطولتها وشراستها
في مواجهة ناس حماة ودرعا ودير الزور
وبقية الحواضر السورية، ولم تعرف وجهة
الجولان طوال العقود الماضية. كأن
الحقائق تلك لم تكن كافية على الأرض
ليراها هؤلاء، فجاءهم من هو في قلب
بطانة النظام ليقول لهم إن استقرار
نظامنا يعني استقرار وأمن إسرائيل. ومع
ذلك كله ما زالوا يرددون الأسطوانة
ذاتها. يتعامون عن الدرس البدهي الذي
صارت مُمضة إعادة التذكير به وهو أن
الاستبداد لا يمكن أن يحرز أي انتصار،
وأن جيشاً من المُستعبدين لا يحرر
أرضاً. لكن البهي في الصورة الإجمالية، الذي
يعادل تلك البقع السوداء ويكشف
تفاهاتها، هو التصاعد المدهش للثورة
الشعبية واستمرارها المُعتمد على
الذات أولًا وثانيّاً وعاشراً. كل يوم
تنتشر وتتسع وتقوى ثورة شعب سوريا. وفي
ظلال تعملقها الكبير يتقزم كثيرون:
دول، وأنظمة، ومثقفون، ومنافقون،
ومنتفعون. ============== رؤوف بكر التاريخ: 08 أغسطس 2011 البيان نادرة هي، أو ربما معدومة، الحالات
التاريخية التي وقفت فيها جميع سلطات
الدولة ومؤسساتها وأذرعها، أياً كانت،
بقضها وقضيضها ضد شعبها في معركةٍ
معلنة لا هوادة فيها يتجلى فيها مفهوما
النصر والهزيمة، وما يترتب عليهما من
آثار، بمعانٍ واضحة لا لبس فيها. لم
تشهد أنظمة تونس ومصر واليمن، وحتى
ليبيا عقيد الفاتح، ذلك التكاتف
المتكامل بين أركان الحكم حينما
اندلعت الثورات ضدها. كما نراه اليوم ظاهراً في سوريا، حيث
يتماهى العسكري النظامي مع
الميليشيوي، والعنصر الأمني مع
الدبلوماسي والمثقف؛ في نموذجٍ مستنسخ
تفوق على الأصل المتمثل في حكمي
نيكولاي تشاوشيسكو، الذي وقف جيشه ضده
في نهاية المطاف، وإريك هونيكر،
المطاح به حزبياً؛ علماً أن جهاز ال«سيكيوريتات»
الروماني أو «أمن الدولة» يعتبر إلى
جانب شقيقه «ستازي» في ألمانيا
الشرقية، الأب الروحي للمنظومة
الاستخباراتية السورية المؤسسة منذ 1970،
من حيث التكتيكات السياسية والممارسات. يكمن مفتاح حل معضلة عدم حدوث انشقاقات
على مستوى رفيع في أجهزة الدولة
السورية، حتى اللحظة، في فهم هاجسي «وحدة
المصير» و«مآلات الحكم» اللذين يؤرقان
المسؤولين السوريين على اختلاف
هوياتهم، فالطبيعة التي جبلت عليها
التركيبة الحاكمة حالياً، تشبه إلى
حدٍ بعيد اللغز الميكانيكي المسمى «مكعب
روبيك» الملون، الذي يتوجب لفكه أن
يكون كل وجه من وجوهه الستة بلونٍ
واحد، فيما تمكن آلية محورية من تدوير
كل واجهة بشكلٍ مستقل، ما يعني إمكانية
خلط ترتيب الألوان. ولأن المشهد السوري اصطبغ باللون الأحمر
منذ عقود، فقد الوطن مغزاه وأسباب
وجوده، لأنه في اللحظة التي تلتبس فيها
معاني الأمن، تمسك أنماط مثل زعيم «الخمير
الحمر» في كمبوديا بول بوت، وقائد «الجبهة
الثورية المتحدة» في سيراليون فودي
سنكوه، ورئيس «الإنترهاموي» في رواندا
روبرت كاجوغا، بتلابيب الحل والعقد
ليس فقط في الداخل، بل وفي الإقليم
والمحيط المجاور أيضاً. وفي رواندا نفسها، حيث نجح البشر بامتياز
في شيطنة أنفسهم، تقليد قد ينفع متبع
لشفاء جروحٍ مشابهة، خلفتها الصراعات
والمجازر يدعى «غاشاشا»، وهي محاكم
شعبية تفاعلية في الهواء الطلق، هدفها
تحقيق العدالة وتسريع محاكمة الضالعين
في الجرائم ضد الإنسانية؛ والأهم من
ذلك أن يواجه الضحية جلاده علناً وجهاً
لوجه، ليجادله ويشكوه بحضور العامة
الذين يستمعون إلى دفاع المتهم وتظلم
المدعي. ومن المؤكد أن سوريا، وبعد هذه الحقبة من
العنف، بحاجة إلى «غاشاشات»، بالجمع،
لتسمع البعض في الداخل والخارج قصص
عذاباتٍ تمتد من نهر جغجغ في القامشلي
الكردية، إلى سهول درعا الحورانية،
علهم يدركون أن المعركة ضد الشعوب
خاسرة دائماً. إذاً، لا يزال المشهد في سوريا كافكاوياً
بامتياز. فحينما نهض الشعب السوري من
سباته في ال15 من مارس الماضي، لم يكن
ليتخيل أنه بهبته تلك سوف يخط رواية
كابوسية غارقة في السواد، لا تزال
فصولها تروي حكاية شعبٍ يأبى كل أسبوع،
بل وكل يوم، إلا أن يحث الخطى نحو «الاستقلال
الثاني» بمعمودية الدم الأبدية. وفي المقابل، هناك في الظلمات، من أفاق من
أحلامه ليجد نفسه وقد تحول إلى ذلك
المخلوق الذي تحدث عنه فرانز كافكا في
روايته الأشهر، فتلاشت أهميته بالنسبة
إلى محيطه والمقربين منه لأنه، في
النسخة السورية، أضحى تحوله ذاك
حقيقةً مكشوفة ============== أوراق وحروف / حماة...
تنادي الضمير العالمي! مبارك محمد الهاجري الرأي العام 8-8-2011 250 دبابة «بعثية» تحاصر مدينة حماة
السورية، عشرات الدبابات توجه إلى
مدينة مليئة بالبشر العزل من السلاح،
من شباب وأطفال وشيوخ ونساء، لأنهم
طالبوا بشيء واحد، الحرية فقط، دبابات
بهذا العدد المخيف لقصف ودك حماة التي
سبق أن مسحها عن بكرة أبيها الأب
والعم، والآن الأبناء يكملون المسيرة! مازالت ذاكرة العالم حية تجاه الأحداث
الدموية التي مرت بها حماة العام 82
وإزهاق الأرواح التي تجاوزت ال 70 ألفا،
والتي انتقلت إلى بارئها تشكو ظلم
الطغاة، وتجبرهم على العباد، وها هو
السيناريو يتكرر، أين هذه الدبابات من
الجولان المحتل، أما كان أجدر وأولى أن
تذهب هناك لاسترداد الجزء السليب من
الصهاينة الغزاة، أم أن الجبن والخوف
والرعب الشديد، يتملك نظام «البعث»
عند ذكر كلمة إسرائيل، فلا تقوى قدماه
على المواجهة، كما الأنظمة الأخرى
التي تسببت بتخلف الشعوب العربية
كنظام بن علي، وحسني مبارك، وعلي صالح،
وغيرهم، شجعان على شعوبهم، وعند
مواجهة أعداء الأمة نعامات في ثياب بشر! الشعب السوري الشجاع ليس في حاجة إلى
استنكار الرئيس الأميركي وإدارته
المتواطئة، ولا في حاجة إلى تصريحات
ساسة الغرب، الذين تأخروا كثيرا في
اتخاذ إجراءات بحق مجرمي «البعث»،
وتركوهم يعيثون في الأرض فساداً في
تحدٍ كبير لقوانين حقوق الإنسان التي
أقرتها الأمم المتحدة، ولم يكن ليجرؤ
هؤلاء على سفك الدماء، لولا أن رأوا من
العالم أجمع صمتاً مريباً وصداً عن قول
الحق! وكل هذا من أجل المصالح، التي
غلبت سياسة من تتشدق بحماية حقوق
الإنسان، أميركا، والتي أثار إعراضها
عن الأزمة السورية تساؤلات عديدة،
أولها هل هذا الصدود المتعمد، والطناش
الواضح، من أجل بقاء نظام «البعث» مدة
أطول لضمان أمن إسرائيل؟ فرنسا تستنكر وعلى استحياء، وحتىالرأ هذه
اللحظة لم تتخذ إجراءات فعالة، كما
فعلت سابقاً في الأزمة الليبية، والتي
كان لها الأثر البالغ في هزيمة، وتقهقر
نظام القذافي، وقرب زواله من الخارطة
السياسية، فهل تتخذ باريس خطوات حاسمة
تجاه نظام القتلة «البعثي»، تكون لها
أثراً في مجريات الثورة الشعبية في
سورية، لعل واشنطن تشعر بالإحراج، أو
تخجل من رفعها شعار الاهتمام بحقوق
الإنسان، والتي أثبتت حقيقة أنها
متاجرة لا مبادئ كما تدعي في المحافل
الدولية! صمت الضمير العالمي... يقتل الشعب السوري! ============== علي الرز الرأي العام 8-8-2011 لم يجد النظام السوري أفضل من الناطق «المستقلّ»
باسمه شريف شحاده ليرسل الى دول الخليج
رداً على بيانها الداعي الى وقف حمام
الدم، مفاده أن سورية قادرة على تحريض
شيعة الخليج ودعم تحركهم «لكنها لم
تفعل لأن الرئيس بشار الاسد صاحب فكر
قومي عربي». والى ما تحمل هذه العبارة من إهانات
لأبناء الطائفة الشيعية في الخليج
وغير الخليج، فانها في الوقت نفسه تدلّ
على ان شيئاً لم يتغيّر في اسلوب
النظام السوري وتحديداً سياسة التهديد
والابتزاز التي ما زال يرى أنها يمكن
ان تفيده في العلاقات الخارجية. هو
يقول بكل وضوح لدول الخليج انه يستطيع
ان يُشعل الحرائق فيها وان يصدّر
مشكلته الداخلية اليها وان يثقب كل
الزوارق الاخرى ويُغرقها معه إذا أيقن
ان النجاة صعبة. لم يدرك بعد ان زمن
الابتزاز ولى وان الحل في علاج مشاكله
لا في تصديرها. كان النظام مهّد لتهديده الاخير باتهام
دول خليجية بالمسؤولية عن الثورة
السورية، متناسياً انه المسؤول الاول
والاخير عن وصول الامور الى ما وصلت
اليه، فهل دول الخليج رشَت عاطف نجيب
ابن خالة بشار الاسد ليعذّب اطفال درعا
ثم يطلب من رجال درعا إحضار نسائهم
ليتفاهم معهن؟ هل هي مَن قتل اكثر من
الفي شخص واعتقل عشرة آلاف وهجّر
مثلهم؟ هل هي مَن ذبح الطفل حمزة
الخطيب وأخمد أنفاس الرضيعة ليال؟ هل
ارسلت قواتها الى البيضا للرقص على
اجساد المعتقلين امام الكاميرا؟ هل هي
مَن مثل بجثث ابرياء سقطوا وبدا جنودها
يرفسون الشهداء ويقولون: «بدك حرية يا
ابن...»؟ وهل هي مَن دكّت المدن والقرى
في رمضان بمدفعية الدبابات وأفطرت
أهلها على دم وضحايا؟ اليوم يرسل النظام لدول الخليج، التي
صاغت بياناً يطالب بوقف الحل الامني،
تهديداً بانه قادر على تحريض الشيعة
ودعمهم. هل يدرك مَن قال ذلك حجم
الاهانات التي تتضمنها عبارته بحق
الشيعة؟ هل الشيعة في الخليج جزء من «شبيحة»
النظام السوري لا انتماء وطنياً لهم
ولا قرار سيادياً حتى يتم تحريضهم
ودعمهم من الخارج؟ شيعة الخليج هم اهل الخليج. مواطنون.
اصحاب ارض. اصحاب تاريخ. جمعتهم مع
اخوانهم في المواطنة عوامل التاريخ
والانتماء والانصهار والهموم والآمال
والمصالح المشتركة، يدينون بالولاء
لأرضهم وأوطانهم، وقدموا الغالي
والنفيس دفاعاً عن امن مجتمعاتهم
واستقرارها ووحدة بلادهم. هم ليسوا
جاليات طارئة او وافدة او عابرة وليسوا
احزاباً او جمعيات. ليسوا خلايا نائمة
تحرّكها هذه الدولة او تلك، وليسوا
قنبلة موقوتة يهدد النظام السوري
بتفجيرها «لولا ايمان الرئيس الاسد
بالقومية العربية». اكثر من ذلك، فباستثناء الفئة الملتزمة
خياراً سياسياً معيناً (وهذا موجود في
كل الطوائف)، يتألّم شيعة الخليج لكل
قطرة دم نزفت في سورية، فهم انصهروا
بتاريخ يرفض الظلم وينشد العدالة
ويتطلع الى المساواة ولا يمكنهم ان
يصفقوا لحظة لجلاد يقتل مدنياً بريئاً
لمجرد انه هتف للحرية، ولا يستطيع مَن
انتصرت الدماء على السيوف في موروثه ان
ينتصر لسياف. لا مشروع لشيعة الخليج خارج مشروع الدولة
الواحدة العادلة، وهم يشاركون مع
اخوانهم في المواطنة في مختلف اوجه
الحراك السياسي الكفيل بانتقال هادئ
الى صيغ سياسية اكثر تطوراً، ولم يسئ
لا لشيعة الخليج ولا لسنّة الخليج الا
التدخلات الخارجية الراديكالية التي
اربكت الجميع وأنجبت اخطاء على
المستويين الحكومي والشعبي. وكما ان
سنّة الخليج ليسوا مسؤولين اطلاقاً عن
تصرفات المنتمين الى «القاعدة»، فان
شيعة الخليج ايضاً ليسوا مسؤولين
اطلاقاً عن تصرفات «احزاب الله» في
ايران والعراق وبعض دول الخليج ولبنان.
ثم ان تسمية «شيعة الخليج» وحدها تحمل ما
تحمل من اساءات، فهل ابناء الطائفة
الشيعية متكتلون على اساسٍ فكري
وسياسي واجتماعي واقتصادي... مذهبي؟ هل
هناك حزب تقدمي ويساري ويميني
وليبرالي وقومي واصولي وحزب «شيعي»،
ام ان الشيعي شأنه شأن اي مواطن يمكن ان
تكون له انتماءات سياسية وفكرية
وتوجهات اجتماعية ورؤى اقتصادية؟ لم يكن النظام في سورية ليهدد بتحريض شيعة
الخليج ودعمهم لو لم يقدّم «حزب الله»
اللبناني له نموذجاً في التحالف
والاستذباح لنصرته على حساب شركائه في
المواطنة استناداً الى معايير قائمة
على تلازُم المسارين الى درجة
الانصهار، لكن المسارات غير متلازمة
مع الخليج ومحاولات تصدير «الفوضى»
ستسرّع في... نهاية نظام البعث. =============== حماه ما سرّها.. سَئم
الموتُ وهي ليستْ تموتُ؟! عبد الباسط سيدا المستقبل 8-8-2011 ومرة أخرى تصبح حماه هدفاً لحقد دفين.
ومرة أخرى تقتحم دبابات سلطة لم تمتلك
الشرعية قط مدينة النواعير. ومرة أخرى
تُستباح المدينة رغبة من سلطة
الاستبداد والإفساد في ترويع
السوريين، ودفعهم نحو ملاذات الصمت،
وإجبارهم على القبول بسلطة الأمر
الواقع، سلطة الأسد الابن الوريث؛
سلطة ما زالت تعيش أحلام الماضي،
تستخدم الأدوات ذاتها، والشعارات
ذاتها، والشخصيات ذاتها؛ سلطة لم تدرك
بعد أن الزمن قد تغيّر، لأن المعطيات
الدولية والإقليمية ليست هي نفسها،
كما أن وهج الشعارات الخاوية قد تلاشى
بعد أن بانت العورات كلها، ولم تعد
الفصاحات النارية قادرة على تخدير
العقول بعد أن تحررت الأفئدة من سمومها.
لكن الأهم من هذا وذاك هو أن شعبنا
السوري العزيز قد تمكّن في نهاية
المطاف من استعادة قواه بعد أن تحرر في
داخله من خرافات الطغاة وتعاويذهم؛
فبات الإنسان إنساناً، وباتت الأصنام
أصناماً؛ وقرر شعبنا أن يقدّم وحيداً
إلى العالم بأسره أبجدية الشجاعة
والإصرار؛ أبجدية تُضاف إلى أبجدية
الحَرْف التي أهداها الأسلاف إلى
البشرية، وقبلها وبعدها كانت أبجدية
الزراعة والحرفة. حماه ليست وحيدة هذه المرة. السوريون
جميعهم، بكل مكوناتهم، بكل اتجاهاتهم
وجهاتهم متضامنون متفاعلون معها؛ ولن
تتمكن سلطة الاستبداد ثانية من
الاستفراد بمدينة أبي الفداء والقاشوش
التي هي بمثابة القلب من الجسد السوري
المتلاحم؛ هذا الجسد الذي يستعيد
عافيته بعد أن أنهكته الزمرة
اللامرئية، وعملت على تمزيقه وتفتيته
على مدى عقود طويلة حالكة، هي عمر
سلطتها الرعناء. لقد حدد شعبنا الهدف، وأدرك الوسيلة، ولن
تستطيع أي قوة عاتية أن تقتل فيه توقه
إلى الانعتاق، ورغبته في بناء مستقبل
أجياله القادمة بحرية وكرامة، بعيداً
عن شرور الاستبداد، وقيم الإفساد
المتهالكة. حماه ليست وحيدة هذه المرة، فقبلها
وبعدها ومعها كانت درعا، وداعل وحراك
وحمص، وبانياس، واللاذقية، ودمشق -
عاصمتنا التي بها نتباهى ونعتز- ودير
الزور، والبوكمال، وقامشلي، وعامودة،
وكوباني، وتلبيسة، وعربين،
والمعضمية، ودوما، وحرستا، والكسوة،
وريف حلب، وحلب... سوريا بأسرها مشاركة
في ثورة الكرامة، ثورة الشعب السوري
الكبرى الثانية؛ هذا الشعب المصمم
بعزيمة لا تقهر على القطع مع سلطة
الاستبداد بكل رموزها ومفاسدها؛ ثورة
لن تتمكن رزمة "الإصلاحات"
التضليلية من التعكير على صفوها والحد
من عنفوانها. كما لن تتمكن الصفقات
الأمنية التي يروّج لها بعض ضعاف
النفوس من بلوغ مراميها، لأنها غريبة
على روحية الثورة، متناقضة مع تطلعات
الشعب السوري. ومن هنا لا بد من تذكير كل من يحاول
التذاكي على الشعب السوري، وكل من
يدّعي البراغماتية، وكل من يلتزم
الواقعية الانتهازية، لا بد من تذكير
هؤلاء جميعاً بأنه لم يعد بيننا وبين
هذا النظام سوى الاتفاق على موعد وآلية
الرحيل؛ فالثقة باتت معدومة بالمطلق
بيننا؛ والنظام الذي لا يثق به شعبه لا
يستحق أن يبقى. النظام الذي يقتل شعبه
لا يمتلك أي مشروعية، وكل اتفاق معه
باطل، هذا ناهيك عن كونه غير وطني وغير
أخلاقي. الوحدة الوطنية السورية الفعلية تنجز
اليوم على أرض الواقع في مواجهة
النظام؛ فلأول مرة منذ بداية عهد
الدكتاتورية في سوريا يشعر السوريون
بأنهم بالفعل أبناء وطن واحد، يشعرون
بأن مصيرهم واحد في مواجهة سلطة غاشمة
تعاديهم جميعاً، تفرّق بينهم، تفبرك
الشائعات، تعكّر الأجواء، وتسوّق
النزعات العصبوية ما قبل الوطنية
بمسمياتها المختلفة. وبغية القطع مع
أحابيل السلطة وألاعيبها، لا بد من
الالتزام بالمشروع الوطني السوري
الديموقراطي المدني الذي يقر بكون
الشعب المصدر الفعلي لكل السلطات،
ويلتزم احترام واقع التعددية الدينية
والقومية في سوريا وفق مبدأ احترام
الخصوصيات ضمن إطار وحدة البلاد،
والقطع مع سياسة الإقصاء والتهميش. وانسجاماً مع ما تقدم، نرى أن حالة اللغط
التي سادت لبعض الوقت بين بعض
المتعصبين من العرب والكرد بعد مؤتمر
الإنقاذ الوطني السوري الذي انعقد
أخيراً في استانبول كانت نتيجة أخطاء
خاصة بالمؤتمر ذاته، لذلك لا بد من
تجاوزها، والتأكيد معاً أن سوريا
المستقبل ستكون بجميع ولجميع أبنائها،
وستكون المسألة الكردية في سوريا -
شأنها في ذلك شأن كل المسائل الأخرى
الخاصة بسوريا- مسألة سورية تعكس
مصداقية وجدية المشروع الوطني
الديموقراطي السوري، وستحل ضمن إطار
المشروع ذاته، وذلك على أرضية رفع
المظالم والإقرار بالحقوق القومية
المشروعة. لقد بدأ السوريون ثورتهم من أجل أن يضعوا
الأسس لدولة عصرية، دولة ترتقي إلى
مستوى تحديات العصر. وهي ثورة لن تتوقف
في منتصف الطريق لأن ذلك هو الانتحار
بعينه؛ بل ستستمر بقوة أكبر وزخم أشد،
حتى تتحقق أهداف السوريين جميعاً في
الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. سوريا المستقبل، ستكون عمقاً عربياً،
وعمقاً كردياً، ستكون عمقاً إسلامياً،
وعمقاً مسيحياً. سوريا المنشودة ستكون
جسراً للتصالح والتواصل والتآلف بين
الجميع. الكل في سوريا سيسخّر طاقاته
في مصلحة سوريا لتكون الأخيرة عامل حل
ووئام واستقرار للمنطقة بأسرها. لن
تتنازل سوريا عن حقوقها، ولن تعتدي على
حقوق الآخرين؛ وبدهي أن كل ذلك لن
يتحقق من دون إسقاط النظام الأمني
القمعي القائم، هذا النظام الذي يدير
البلد بذهنية العصابة ومنطق القراصنة. ليس أمامنا سوى التكاتف والاتحاد،
والتعهد المخلص على السير معاً من أجل
الربيع المنتظر. الرحمة لشهدائنا، والعزيمة لشبابنا
وشاباتنا، وعاشت سوريا عزيزة كريمة. ============== أوغلو في دمشق.. ماذا في
جعبة أنقرة؟ محمد خرّوب الرأي الاردنية 8-8-2011 غداً, يهبط احمد داود اوغلو في دمشق بعد «قصف
كلامي» تركي متجدد, نهض به في شكل خاص
طيب اردوغان, الذي قال في غضب ان بلاده
قد «عيل» صبرها حيال ما يحدث في سوريا..
فهل نحن امام مواقف تركية دراماتيكية و«ميدانية»
تتجاوز ما كان سجله من مواقف نارية, كل
من عبدالله غُل واردوغان وصاحب نظرية «صفر
مشاكل», الذي باتت نظريته موضع شكوك
عديدة, بعد ان خرجت انقرة عن الخطوط
التي كانت رسمتها بحذر وتدبر وحكمة
وبعد نظر, عندما يممت نظرها نحو
الجوارين العربي والاسلامي ولم تجد
غير دمشق بوابتها الى تلك العواصم؟ ثمة فائدة في العودة الى التصريحات التي
اطلقها الرئيس غل (قبل انتخابات 12
حزيران الماضي كما يجب التذكير) بأن كل
الخيارات السياسية والعسكرية
المتعلقة بالوضع في سوريا مفتوحة امام
تركية, وذهب اردوغان ابعد من ذلك
بالقول ان ما يحدث في سوريا هو شأن تركي
داخلي, وهي عبارة فتحت-حينذاك والان-الطريق
على قراءات عديدة كانت الصحافة
التركية بجناحيها المعارض لحكومة حزب
العدالة والتنمية, والمؤيد كذلك
سبّاقة في تسريب ملامح الخطط التركية
الطارئة لمواجهة تداعيات الاحداث في
سوريا, من قبيل تحريك بعض قطعات الجيش
التركي الى الجنوب وفي فتح معسكرات
اللاجئين, بل وصل الامر للحديث عن
منطقة عازلة تسعى تركيا الى اقامتها في
شمال سوريا.. زد على ذلك التصريحات
المتوترة التي ادلى بها اردوغان عشية
الاستحقاق الانتخابي الكبير في بلاده
(12/6) عندما قال ان انقرة لن تسمح بحماة
ثانية في استدعاء لاحداث تلك المدينة
اوائل ثمانينات القرن الماضي. فهل ثمة جديد في مواقف تركيا الراهنة؟ كان لافتاً الصمت الذي لاذت به انقرة بعد
الفوز الذي حققه اردوغان في
الانتخابات على نحو اثار التساؤلات
حول ما إذا كانت مواقفه ازاء الازمة
السورية كانت مجرد دعاية انتخابية
لاستدراج المزيد من المؤيدين ام انها
مجرد ركوب لموجة الربيع العربي على ما
فعل في ثورتي تونس ومصر وتلافياً
للارتباك الذي ميز الدبلوماسية
التركية ازاء الاحداث الليبية الدموية
التي تتوالى فصولاً بعد تدويلها
والغياب التام للدور العربي؟ ما علينا.. تعود انقرة الى سيرتها الاولى وكأنها
تستكمل عن كثب مراقبة الاوضاع في سوريا
وبما ينبئ انها على وشك اتخاذ موقف قد
يحدث قطيعة نهائية مع دمشق باعتبار ان
المهمة التي سيقوم بها داود اوغلو غدا
في دمشق هي من قبيل «اللهم اشهد اني قد
بلغت». التلويح باجراء عسكري تركي ما، لن يكون
نزهة، لان اهدافه لن تزيد عن كونها
رغبة في احتلال اجزاء من سوريا لا تشكل
تهديداً للأمن التركي اللهم إلاّ إذا
ابقينا «الهمّ الكردي» على رأس جدول
اعمال حكومة اردوغان, ما يعني
وبالتأكيد، صحة التحليلات والتكهنات
المتواترة حول تخوف انقرة من قيام «كوريدور»
كردي يمتد من شمال العراق الى شمال
سوريا وجنوب تركيا وصولاً الى البحر
المتوسط, ما يخلق وضعاً جديداً متفجراً
ومأزوماً ومفتوحاً على احتمالات عديدة,
لا مصلحة لتركيا في قيامه بالتأكيد
وأيضاً وأساساً يتوجب عليها الحذر من
الخطوات التي ستتخذها للحؤول دون بروز
«كوريدور» كهذا, الامر الذي يدور
الحديث عنه علناً في الاوساط التركية
والذي سيكون مدار بحث وحيد في المناقشة
التي ستجري قريباً بين القيادتين
السياسية والعسكرية التركية الجديدة,
تحت عنوان احتمال تغيير خريطة الشرق
الاوسط, أصحيح اذاً أننا أمام خرائط
جديدة في المنطقة؟ المخاوف نبعت من تداعيات الأزمة السورية
وهي هنا تستبطن احتمال سقوط النظام في
دمشق, وهو أمر لا يبدو وشيكاً رغم تزايد
الضغوط والانتقادات الدولية, وبخاصة
بعد أن فشلت تشكيلات المعارضة في توحيد
مواقفها وتعريف أهدافها ورفضها أي نوع
من الحوار مع النظام, الأمر الذي يعني
حصر حل الازمة في الخيار الأمني الذي
قد يجلب لدمشق المزيد من المتاعب, لكنه
سيضع المعارضة في مأزق خطير اذا ما
واصلت رفض الحوار, لأن البلاد ستكون
ذاهبة الى الفوضى والحرب الاهلية
والتقسيم, ولا نحسب أن أحداً في سوريا
سيكون راضياً عن نهاية كهذه.. قد يكون اردوغان راغباً في الظهور كزعيم
اقليمي يقرر مصائر المنطقة ويستشار في
رسم خرائطها, وهذا طموح مشروع، اذا ما
بقي في اطار القانون الدولي, دون اهمال
أن هناك لاعبين وشركاء اصحاب أوزان
ونفوذ وأدوار يتوجب أخذ ارائهم
ومواقفهم وقوتهم في عين الاعتبار, ولا
تكلّف المسألة سوى التدقيق جيداً في
معادلة موازين القوى الراهنة وفي
طبيعة الانظمة القائمة الان. ============== الشعب السوري...
والتخاذل العربي الإثنين, 08 أغسطس 2011 جميل الذيابي الخليج في صيف 2003 أخرجت القوات الأميركية صدام
حسين بعد سقوط نظامه من وسط حفرة عميقة
بلحية كثّة ووجه أشهب، وفي 30 كانون
الأول (ديسمبر) 2006 أعدم صدام حسين،
وقالت الشعوب عسى أن يكون ما حدث
لديكتاتور العراق عبرة لغيره من
الزعماء الذين يقمعون ويحكمون الناس
بالفأس والقيد والبارود. وفي عام «الربيع
العربي»، في منتصف كانون الثاني (يناير)
2011 هرب زين العابدين بن علي من تونس إلى
جدة من سخط المتظاهرين، بعد أن حكم
بلاده لمدة 23 عاماً بقبضة أمنية
حديدية، وحينها قيل سقط طاغية آخر
ليكون درساً آخر للأنظمة العربية. وفي
25 يناير 2011 انتفضت مصر لتسقط حسني
مبارك في «جمعة الرحيل» في 11 شباط (فبراير)
2011، بعد أن حكم بلاده بقانون الطوارئ
لمدة 30 عاماً، واليوم يلقى المحاكمة
والمحاسبة من الشعب أمام أنظار العالم. في «الربيع العربي» تعرّفت الشعوب على
صفات جديدة في قواميس الأنظمة الأمنية
والاستخباراتية العربية تطلق على
المتظاهرين، مثل «مندسين» و»متآمرين»
و»مسلحين» و»شياطين»، لكونها تقف
صامدة، وتطالب بحقوقها وحريتها في
وجوه سلاح «شبيحة» و»بلطجية» الأنظمة. في ليبيا، لا تزال كتائب القذافي تقتل
الناس وتشنّ الهجمات وتسفك الدماء
البريئة، القذافي يُصر على استسلام
الشعب له ولأبنائه، وإما يخرج كل الشعب
عن بكرة أبيه من أرضه رافضاً التنحي
وهو يحكم البلاد منذ 42 عاماً. وفي
اليمن، يُصر علي عبدالله صالح على
البقاء على كرسي الرئاسة حتى وهو عليل
يُعالج خارج بلاده، ويظهر بوجه محروق
ويدين مربوطتين وإصابات بالغة في
القلب والرئتين، لا يزال صالح يتحايل
على كل المبادرات، على رغم أنه يحكم
اليمن منذ 33 عاماً، اعتقاداً منه أن
النساء اليمنيات لم ينجبن غيره ولن
ينجبن بعده. في سورية، يحكم البلاد نظام دموي، نظام
يقتل ويسجن ويعذب حتى الموت، نظام
يدّعي الإصلاح وهو يجلب الأتراح، نظام
يتجاهل كل الأصوات وينساق وراء شهوات
القتل والقمع. الحركة الاحتجاجية في سورية منذ آذار (مارس)
الماضي، ذهب ضحيتها نحو 2000 متظاهر،
إضافة إلى تعذيب وتشريد وتهجير الآلاف
من الشعب السوري، وجامعة الدول
العربية «صامتة» و»خائفة»، حتى أمينها
الجديد نبيل العربي ذهب إلى دمشق ليبدي
التضامن مع شرعية الأسد ونظامه لا ضد
ممارساته. كم من جمعة مرت على السوريين
وهم يقتلون ويذبحون ويسحلون ويهجرون
ويشردون، فهل يراد لهم الإبادة
الجماعية حتى يتحرك العالم نحو
مساندتهم وحمايتهم من قبضة الأسد
وحزبه وأجهزته الأمنية وشبيحة نظامه؟
الصمت العربي شريك لنظام الأسد في
سياساته وأفعاله الوحشية، وإلا لماذا
لا تتحرك الحكومات العربية لنصرة
المتظاهرين «السلميين»، الذين
يواجهون نظاماً سفاحاً وآلة عسكرية
قمعية قاتلة؟!. في ظل الصمت الرسمي العربي «المخجل» تجاه
ما يحدث في سورية، خرج بيان «خجول»
لدول مجلس التعاون الخليجي، يدعو
سورية إلى الوقف الفوري لإراقة الدماء
والبدء بإصلاحات حقيقية، معرباً عن
القلق البالغ والأسف الشديد حيال
الاستخدام المفرط للقوة في هذا البلد.
الحركة المدنية الشعبية في الدول
العربية تستحق التقدير الكبير ورفع
القبعات حتى تعانق السماء احتراماً
لشعوب «سلمية» تصمد في وجه آلات القتل
وأوامر السفّاحين لتحقيق مطالبها
المشروعة. الأكيد أن البيان الخليجي على رغم أهميته
في ظل الضعف العربي لن يكون مؤثراً،
لضعف صياغته وعباراته، وتجنّبه
الانتقاد المباشر لنظام الأسد، لكنه
ربما يكون مؤثراً إذا تبنّته الجامعة
العربية، وجعلت منه منطلقاً ونواة
نشطة لقرار عربي مشترك يتجاوز العمل
الغربي. المواقف العربية الرسمية «هزيلة»،
ولا تتواكب مع متطلبات الشعوب المنددة
بالمجازر والوحشية، التي يرتكبها
النظام البعثي، كما أن مواقف الدول
الغربية متذبذبة، ولم تتجاوز الدعوات
إلى الإصلاح وفرض العقوبات التي لم
تؤثر في صدام ورجالاته آنذاك، بقدر ما
كان لها تأثير محزن على الشعب العراقي،
وهو ما يتوجب على المعارضة السورية
الاتجاه نحو جدية العمل وتوحيد الرؤية
السياسية ووحدة الخطاب الإعلامي،
والابتعاد عن تصفية الحسابات القديمة
وتجنّب المحاصصة الطائفية والحزبية،
والبدء في صوغ ميثاق شرف وطني، محوره
مطالب الشعب وحقوقه وحريته وكرامته
لبناء دولة المساواة والمواطنة
البعيدة عن الأفق الضيق لتحقيق
الطموحات الشعبية، وحتى لا تتعرض
البنية السورية للانهيار، والدخول إلى
نفق الفوضى والمصير المجهول. ============== هذه هي حمص التي أعرفها
... وهذه شقيقتها حماة الإثنين, 08 أغسطس 2011 عبدالفتاح جندلي * الحياة حماة محفورة في ذاكرتي، أنا الحمصي، منذ
نعومة أظافري. أذكر بمرارة الوجبات
اللذيذة التي كنت أتناولها على ضفاف
نهر العاصي في زياراتي المتكررة مع
والدي إلى المدينة، والتي تنتهي عادة
بالصلاة في أحد المساجد قبل سلوك طريق
العودة الى حمص. أذكر بمرارة أيضاً
طيبة أهلها المحافظين وحسن أخلاقهم...
كانت مدينة مسالمة وهادئة. بمرارة، لأن
المشاهد الواردة من حماة أصابتني
بالصدمة والذهول، إن كان للجثث
المرمية في العاصي، أم لشوارع المدينة
التي يشي الفراغ في أحيائها بما فاتني
من تاريخها اللاحق من دمار وقتل،
وتحديداً المجزرة المروعة التي أطاحت
كثراً من أهلها الطيبين وتراثها
العمراني. يحز في نفسي أنني لم أتعرف
اليها! أما حمص، جارة حماة وتوأمها، فهي الآن،
كما يتواتر إلينا من داخل سورية وعبر
الإعلام، مركز مهم للثورة وفيها بعض من
قيادة الشباب. كما لقيت نصيبها من
القمع. وكلما أسمع بتظاهرة خارجة من «باب
السباع» في شرق حمص، تعود إليّ ذكرى
هذه المنطقة المعروفة عبر التاريخ ب «قبضاياتها».
ولمن ينسى أو لا يعرف، فإن حمص التي
تلقى شطرها الغربي «التجاري» أيضاً
حصته من الرصاص والاعتقال، مثّلت
تاريخياً وإلى حد كبير، نموذجاً
مصغراً للوطن الأم سورية على مختلف
الصعد. كانت المدينة مركزاً رئيساً
لتوزيع الثروة الزراعية السورية،
ويعود ذلك إلى موقعها الجغرافي وسط
البلاد حيث تُنقل منها المنتجات
الزراعية الى حلب ودمشق وبيروت وغيرها.
خلال مختلف المراحل، لعبت دوراً مهماً
اقتصادياً وروحياً وثقافياً
وأكاديمياً، وأذكر في طفولتي خلال
فترة النضال من أجل الاستقلال في
أربعينات القرن الماضي، أن حمص نظمت
تظاهرات ضد الاستعمار الفرنسي، ومثّلت
ثقلاً وطنياً عبر عائلة الأتاسي
وغيرها. كما قدمت رئيساً للجمهورية في
عهد الاستقلال هو هاشم الأتاسي، قبل أن
تأتي الانقلابات العسكرية ويسود زمنها
الرديء. وفي سياق هذا الحديث عن حمص، ينبغي التطرق
إلى الطائفة العلوية التي يشارك
أبناؤها الى جانب السنّة والمسيحيين
في مقارعة الآلة القمعية للنظام.
الثورة ليست لطائفة أو ملّة ضد أخرى،
أو فتنة طائفية كما يدعي النظام، بل
انتفاضة شعب ضد عائلة تتحكم بالمقدرات
المالية والسياسية للبلد. وأنا متأكد
من عدم وقوع أي عمليات أو معاملة
انتقامية في أعقاب الثورة، بل ستعود
الأوضاع الى نصابها ما قبل هذا الحكم
العائلي. أما ادعاء النظام العروبة والدفاع عن
قضايا العرب، فيفنده واقع أن هذا
النظام خال من المبادئ النبيلة وهمّه
الحقيقي البقاء في السلطة. كنت ناشطاً
قومياً خلال خمسينات القرن الماضي،
وترأست جمعية «العروة الوثقى» التي
ضمت كبار القوميين العرب في الجامعة
الأميركية في بيروت. كما تعرفت الى
ميشال عفلق، واستمعت الى عدد من
محاضراته في دمشق خلال خمسينات القرن
الماضي. الرجل مفكر ووطني ونادى
بالوحدة العربية وكان صاحب مبادئ حتى
ولو اختلفنا معه. «حزب الله» و «حماس»،
وبغض النظر أيضاً عمّا إذا كنا نختلف
معهم في الرأي والعقيدة، يحملان مبادئ
يُقاتل ويُقتل أفرادهما في سبيلها. إلا
أن هذا النظام غايته السلطة من أجل
السلطة تماماً كما كان صدام حسين، ولا
تتحكم المبادئ بسياساته بل تهيمن عليه
المصلحة الضيقة لأفراده. أنتظر، ككثيرين غيري، انضمام حلب ودمشق،
أكبر مدينتين في سورية، إلى هذه الثورة.
إذا أغلق أبناء حلب محالهم لأسبوع،
سينهار الاقتصاد، وعندئذ سنرى تحركاً
من داخل الجيش، وكذا الأمر في عاصمتنا
دمشق. على الجيش أن يستيقظ، كما حصل في
مصر. هذا أملنا من أجل سورية. ماذا يسعني أنا السوري إبن الثمانين
ربيعاً أن أقول أمام قتل شعبي وثورته؟
لقد خبرت ورأيت وعاصرت كل عهود سورية
منذ استقلالها. عشنا فترة قصيرة من
الحياة الديموقراطية والبرلمانية قبل
أن يخطفها العسكر. إذا أردنا إيجاز
الحياة السياسية السورية منذ 50 أو 60
عاماً، فإن السوريين عاشوا للأسف تحت
غيوم متتالية من الأنظمة الاستبدادية.
وعلى رغم أن سورية مرّ عليها قادة
انقلابيون عسكريون قبل عائلة الأسد،
إلا أن أحداً منهم لم يقتل شعبه ويقصف
مدنه كما يحصل اليوم. الانقلابيون
كانوا يقمعون حرية الرأي والتجمع
ورموا معارضيهم في السجون، لكنهم لم
يقتلوا 20 ألفاً مرة واحدة ويدمروا
مدناً. كما يصب الصمت الدولي في الخانة
ذاتها، إذ إن العالم يقف متفرجاً ولا
يحرك ساكناً. ماذا يعني أن ترسل
الولايات المتحدة سفيرها الى حماة؟ لا
يعني هذا شيئاً. على الضفة المقابلة من النظام، نرى
اليقظة العربية في أبهى صورها بين شباب
سورية. إنهم الرجال والنساء الذين
يضحّون من أجل بلادهم. إنهم السوريون
الجدد، الجيل الجديد الذي أظهر صلابة
وشجاعة في وجه الموت لم أر لها مثيلاً.
قد تكون ربما وفرة المعلومات في عصر
الاتصالات والانترنت والقدرة على
التنظيم، وراء نشوء هذا الجيل الشاب
الذي بات يعرف ما هي حريات الرأي
والدين والإعلام والتنظيم ولن يقبل
بأقل من ذلك. لا يقاتلون من أجل الوظائف
أو الخبز بل من أجل الحرية، ويضحون
بأرواحهم من أجلها. إنهم ينتمون الى
جيل عظيم، أنحني أمامهم وأهنئهم. لا شك
لدي في أن هناك يوماً قريباً سينتصرون
فيه وسيحظون فيه بحرية وبحياة أفضل،
وسيحتلون الموقع الذي يستحقونه في
العالم. إنه أعظم جيل سوري في مواجهة أسوأ نظام
على الاطلاق. حفظ الله شباب سورية! * أكاديمي سوري في الولايات
المتحدة ============== الإثنين, 08 أغسطس 2011 جورج سمعان الحياة المهم الآن ألا تعلن الديبلوماسية
السورية إلغاء دول مجلس التعاون من
الخريطة، كما فعلت مع أوروبا! المهم أن
تتوقف قليلاً أمام البيان الرئاسي
لمجلس الأمن، وأن تأخذ في الاعتبار
خروج دول الخليج عن صمتها بعد طول
انتظار. والأهم ألا تلجأ إلى ما لجأ
إليه أحد إعلامييها في إحدى الفضائيات
منبهاً دول الخليج إلى قدرة بلاده على
تحريك المواطنين الشيعة في هذه
البلدان! ومتهماً إياها بأن بياناتها
تكتب في واشنطن. ومتناسياً أن هذه
الدول لم تتعامل مع دمشق مثلما تعاملت
مع طرابلس. بل أرسلت أكثر من موفد
ورسالة إلى النظام تعرض المساعدة
لتفادي السقوط في المحظور. لكنها لم
تسمع غير ما سمعت تركيا التي «بدأ
صبرها ينفد»، كما عبر رجب طيب أردوغان. المهم الآن أن تستجيب دعوة أنقرة إلى أخذ
المواقف الدولية على محمل الجد. لن يصل
الأمر بالطبع إلى حد قيام حملة عسكرية
غربية على سورية غداً، كما حصل في
ليبيا، وإن حذّر المندوب الدائم
لروسيا لدى حلف شمال الأطلسي ديمتري
روغوزين من أن الناتو يخطط لحملة
عسكرية ضدها للمساعدة على إطاحة
النظام «مع هدف بعيد المدى، وهو تجهيز
رأس جسر ساحلي لهجوم على إيران». على دمشق أن تأخذ المواقف المستجدة لمجلس
الأمن ولمجلس التعاون على محمل الجد.
فكلما توغلت أجهزتها في قلب المدن
تدميراً وبطشاً، كما في حماه ودير
الزور ودرعا وغيرها، أتاحت للتدخل
الخارجي الاقتراب من أسوارها ودواخلها.
ودفعت الدول العربية إلى الخروج عن
صمتها وحيادها. أراد النظام أن يجعل من
حماه درساً لئلا تتحول مثالاً لباقي
المدن. أراد أن يظهر للعالم الذي كان
يستبعد أن تتكرر مأساة المدينة أنه
قوي، وليس مستعداً لإظهار الحد الأدنى
من الضعف أو التردد والرضوخ. لم يصغ النظام لتحذير تركيا من أنها لن
تسمح بتكرار مأساة حماه. لم يبدل ما
بدأه منذ اليوم الأول للحراك. تعامل مع
المتظاهرين تبعاً لثقافة درج عليها
منذ أربعين عاماً بأركانه الحزبية
وأجهزته الأمنية: لا رحمة ولا تسامح مع
المعارضين. لكن جموع هؤلاء التي تتسع
كل يوم أظهرت أن هذه الثقافة لم تعد
تنتمي إلى هذه الحقبة. فكلما ارتفعت
وتيرة البطش اتسعت ساحات الاحتجاج. بل
ثمة من يخشى أن يؤدي رفع وتيرة القمع
إلى المجازفة في التأثير السلبي في وضع
الجيش. ما يقود إلى بداية انقسامات
تؤدي بدورها إلى نوع من أنواع الحرب
الأهلية. مثلما تدفع بكثير من الفئات
الداخلية الصامتة والمتفرجة، وبعض
الأقليات الخائفة من المستقبل، إلى
التقدم نحو صفوف المعترضين، خصوصاً
إذا بدأت الأزمة الاقتصادية تتفاقم،
وبدأت العقوبات تترك آثارها السلبية. على دمشق أن تأخذ في الاعتبار أن أياً من
الدول الأوروبية والولايات المتحدة
والدول العربية التي بدأت ترفع الصوت
عالياً وتهدد بمزيد من الضغط، لم تقل
علناً حتى الآن بتغيير النظام. انتظرت
طويلاً ترجمة الوعود بالإصلاح.
وانتظرت عبثاً نتائج الحوار الذي
انتهت طاولته كما انتهت طاولات الحوار
في لبنان! أرادت دمشق منه تهدئة الداخل
وطمأنة الخارج ومحاولة زرع بذور
الشقاق في صفوف المعارضين. أرادت كسب
الوقت لعلها تنجح في كسر اندفاعة
الشارع. وتبين لهذه الدول أن النظام لم
يحد عن روايته الأولى عن وجود مؤامرة
خارجية وعن مجموعات متطرفة مسلحة تعيث
فساداً، وهذه موجودة بالتأكيد
والتعجيل بالاصلاح كان كفيلاً بوقف
تحركاتها بدل أن تكون مواجهتها ذريعة
لمواجهة مع الناس، معظم الناس. تبين أن
النظام لم يعترف حتى الآن بوجود أزمة،
وبالتالي لا حاجة إلى تغيير جذري في
هيكليته. تبدلت الحال بعد خمسة أشهر من «السماح».
الولايات المتحدة والدول الأوروبية
وبعض العرب لم تجار تركيا التي اندفعت
في بداية الأزمة نحو مواقف متشددة من
النظام في سورية أثارت جدلاً حتى في
أنقرة. اعتبرها خصوم أردوغان مواقف
انتخابية اضطر بعدها إلى إرسال وزير
خارجيته أحمد داود أوغلو إلى طهران
وبعض العواصم العربية للمساعدة على
إطفاء الحريق في دمشق. لكن عودة تركيا
إلى التشدد ومثلها الولايات المتحدة
وأوروبا وبعض الدول العربية، التي قيل
الكثير في أسباب ترددها في دعم الحراك
السوري، فيها شيء من التجاوب مع شوارع
هذه الدول التي باتت ترفع هي أيضاً
شعار «صمتكم يقتلهم». وفيها استجابة
لضغوط جمعيات ومؤسسات مدنية وحقوقية
لا تعتقد في هذا الزمن بوجود مجتمعات
محلية مغلقة لها الحق السيادي في تعريف
حقوق الانسان وحرياته. العودة إلى مزيد من التشدد لفرض عزلة
سياسية واقتصادية محكمة على النظام في
دمشق، ستفاقم عزلته الداخلية والقطيعة
بينه وبين قطاعات واسعة من الشعب وقفت
وتقف حتى الآن موقف المراقب والمحايد.
وتشكل رسالة دولية وعربية قد تكون
أخيرة بأن فترة الانتظار طالت.
والمطلوب الاستماع إلى صوت تركيا ودول
الخليج، التي نصحته منذ البداية
بالتعجيل في الاصلاحات مبدية كل
الاستعداد للدعم والمشورة والمساعدة.
وليس التعويل على إيران وخوض معركتها
مع الغرب ومعظم الدول العربية. إذ من
الواضح تماماً أن الجمهورية الاسلامية
الايرانية تخوض معركة مصيرية في سورية
وعليها. لم تكتف بتجنيد الساحة
اللبنانية في هذه المعركة، بل تعول على
حكومة بغداد لدعم سورية من أجل تجاوز
صعوباتها الاقتصادية... إن لم نقل تضغط
على حكومة نوري المالكي الذي هدد قبل
سنتين بنقل معركته مع دمشق إلى مجلس
الأمن، بسبب أعمال العنف التي كانت
تجتاح العراق في حينه. وقد تكون هذه «المونة» الإيرانية المفرطة
على بغداد أحد أسباب تحريك المياه
الخليجية. وثمة من يعتقد بأن هذه ليست
مجرد «مونة»، بل تأتي في سياق تشديد
طهران قبضتها على العراق، مخافة أن
تفرض عليها خسارة سورية - ولبنان
تالياً - خوض معركة مصيرية وحاسمة مع
الولايات المتحدة ومعظم «النظام»
العربي في العراق، وعلى موقعه في
النظام الاقليمي الجديد. من هنا ربما
تحذير المندوب الروسي لدى حلف الناتو
من حملة عسكرية على دمشق تكون مقدمة
لإقامة رأس جسر في الهجوم على إيران.
وقبله تحذير رئيسه ديمتري ميدفيديف
نظيره السوري بشار الاسد من «مصير حزين»
إذا لم يستعجل الاصلاحات والمصالحة مع
المعارضة واستعادة السلام وإقامة دولة
حديثة! على رغم كل رسائل التنديد والادانة التي
حملها الأسبوع الفائت إلى دمشق، لا
تبدي الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا
ودول الخليج رغبة صريحة في رؤية «مصير
حزين» للأسد، لأنها لا ترغب في رؤية «مصير
حزين» لسورية على غرار النموذج الليبي.
كما لا ترغب في رؤية المنطقة تقع فريسة
حرب جديدة مع إيران. لكن السؤال القديم
الجديد، هل يقدر النظام على إجراء
إصلاحات جذرية وحقيقية و... الاحتفاظ
بالسلطة؟ منذ البداية سادت شكوك واسعة
في مثل هذا الاحتمال، لذلك لم يكن أمام
هذا النظام خيار سوى خيار اللجوء إلى
الحل الأمني. وتعزز هذا الخيار ويتعزز
أمام تعثر الحلول التي اتبعت في ليبيا
واليمن، وأمام ما يجري في القاهرة
وتونس. ولم يكن أمامه سوى اللجوء إلى
إيران التي لا يمكن أن تهادن أو تسكت عن
فقدان مواقع جهدت طوال ثلاثين عاماً في
بنائها. ============== كيف يدعم النظام السوري
المقاومة.. وكيف يدعمه نتنياهو؟ ياسر أبو هلالة الغد الاردنية نشر : 07/08/2011 من فضائل ثورة الاتصالات أنها وثقت
المرئي والمسموع والمكتوب بشكل مفتوح
للكافة. لا أشعر بالرثاء على أحوال من
وقفوا مع طاغية مصر، وحالهم مثير
للسخرية وأنت تقارن مواقفهم قبل وبعد
انتصار الثورة. وعلى من يقفون مع
الجزار بشار الأسد أن يتنبهوا إلى
المقارنات التي ستنعقد في وقت ليس
ببعيد بين مواقفهم من قبل ومن بعد. فلم
تعرف الثورات العربية انحطاطا في
الخطاب كما في سورية. في مقاطع الفيديو المثيرة للاحتقار
والاشمئزاز المنثورة على "يوتيوب"،
يطالب "الباحث في القضايا
الاستراتيجية" طالب إبراهيم بقتل
المتظاهرين. ويسانده بذلك "أبو عصام"
بطل باب الحارة! وفي قناة دنيا، تُبث
على الهواء اتهامات ب"اللواط" (هكذا
حرفيا!) لسياسيين وإعلاميين ودعاة. هذا
في قناة تلفزيونية مملوكة لماهر
الأسد، فكيف في مواقع التواصل
الاجتماعي؟ يظهر أعوان النظام على
حقيقتهم ولا تملك إلا أن تدعو الله أن
يخلص شعب سورية من فئة لا تملك أي قيمة
أو خلق أو إنسانية. لا يمكن إقامة حوار مع الشبيحة، سواء في
بذاءاتهم على الشاشة أو في ممارساتهم
على الأرض التي أعادت الإنسان إلى
بدائية العبث بالجسد والتمثيل بالجثث.
ذلك لا يمنع من العثور على بعض الأفكار
التي يمكن الرد عليها من بين ركام
القمامة، خصوصا أن بعض الناس قد يقع في
الالتباس والحيرة ويتردد في الوقوف
إلى جانب ثورة شعب سورية، وهي الأكثر
بسالة ونقاء وتضحية. يقال إن سورية تقف في خندق معاد للصهيونية
والإمبريالية، وتدعم المقاومة في
لبنان وفلسطين والعراق. وعلى افتراض
صحة ذلك، فهل هذا يعطي رخصة بالتقتيل
الشنيع والتمثيل بالجثث؟ حتى لو حرر
الجولان والاسكندرون والقدس، فهل يقبل
منه قتل ما يقارب خمسة آلاف مواطن
واعتقال أضعافهم؟ وهل من شروط
المقاومة أن تكون ديكتاتورا ودمويا
وتحكم بلا دستور ولا انتخابات ولا
تعددية؟ ألم يعثر في سورية على حاكم
بعثي آخر قادر على قيادة المواجهة؟ قبل التفصيل في المقاومة والممانعة، لا
بد من التأكيد على مسألة غاية في
الأهمية. فالقمع ليس حالة مطلقة يتساوى
فيها جميع الحكام في كل الظروف. بشار
الأسد قمعي قبل أن يصل إلى الرئاسة،
لكنه لم يكن دمويا مجرما حتى خطابه
الراقص الضاحك في مجلس الشعب، والذي
تبنى فيه كل الجرائم التي كان يمكن أن
تنسب لغيره. وفرق كبير بين مستوى القمع
الذي مورس على الكهول من مثقفين وساسة
في ربيع دمشق الموؤود وبين القمع
الدموي الإجرامي بحق أطفال درعا،
والذي تبين أنه استراتيجية النظام
الوحيدة لصد رياح الربيع العربي. كتبت مثل كثيرين تأييدا لسورية بشار
الأسد في مواقفه الممانعة والمقاومة،
وعملت في سورية وزرتها كثيرا، لكن لم
أكتب يوما مشيدا بأجواء الحرية؛ على
العكس، كتبت من موقع المحب -في حينها-
نقدا قاسيا في مسألتين؛ الأولى ملف
المفقودين بعد صدور تقرير عنهم،
والثانية طل الملوحي، الطفلة المدونة
التي تعرضت لأبشع أشكال التعذيب
والإهانة والاغتيال المعنوي. بعدها
استدعاني اللواء علي مملوك ومساعده
اللواء زهير حمد، ومن نعم الله أن
الوساطات حالت دون المثول أمامهما.
اليوم الموقف مختلف تماما، لا يمكن
الوقوف مع حق الشعب الفلسطيني في
الحياة والوقوف ضد حق الشعب السوري في
الحياة؛ إنه موقف إنساني أولا. في تفصيل المقاومة والممانعة نلاحظ أن
بشار يتعامل معهما بمنطق تجاري صرف،
وهو قبض ثمنهما نقدا وما يزال. وعلى ما
كشفت وثائق "ويكيليكس"، فقد كان
مستعدا لبيع حماس وحزب الله لو حصل على
الثمن المطلوب. هو كمن يملك قطعة أرض،
إن دفع بها مليون باع، أقل من ذلك تظل
ادخارا واستثمارا إلى أن يأتي وقتها.
تلك المقاومة تعطيه الشرعية في الحكم،
فهو يعتاش على حالة الطوارئ الموروثة
لأنه في حرب مع إسرائيل. وهو لا يحارب
ولا يطلق رصاصة ولو قصف مفاعله النووي
قيد الإنشاء، ويحتفظ، كالعادة، بحق
الرد في الوقت المناسب. عندما حاول شاكر العبسي تنفيذ عملية عبر
الجولان اعتقل عامين ثم أفرج عنه ليؤسس
"فتح الإسلام" في لبنان. وفي
تراجيديا العبسي نموذج لحدود المقاومة
في سورية. صدمت عندما عرفت من ضابط الاستخبارات
العسكرية السورية السابق، ورئيس مجلس
مركز الدراسات الاستراتيجية، أن عدد
نازحي الجولان مليون! ولا أحد يسمع
عنهم. قلت له، وهو عضو في الوفد السوري
المفاوض، لماذا لا تبرزون قضيتهم مع كل
زيارة مبعوث أميركي أو أوروبي،
يتظاهرون من أجل حقهم في استعادة الأرض
والعودة إليها، وتلك قضية عادلة
ومقنعة للعالم كله. لم يجب! وجدت
الإجابة على الشاشات عندما استدعى
فصيل فلسطيني من تمكن من إقناعهم من
فلسطينيي سورية لعبور الحدود إلى
الجولان، وأحضر سيارات البث الفضائي
بدون سيارات الإسعاف لإنقاذ من حصدهم
رصاص الإسرائيلي. هذا هو التوظيف الفذ
للمقاومة؛ نسيان مليون نازح سوري
والتذكير باللاجئ الفلسطيني وحده.
السوري يكتفي بالتواصل عبر السماعات
في قرى الجولان! دعمت سورية المقاومة الفلسطينية، ولكنها
ارتكبت أيضا فظاعات بحقها. دخلت لبنان
من أجل تحجيمها والقوى الوطنية
اللبنانية. وقد كشفت الوثائق أنها حصلت
على موافقة أميركية وإسرائيلية قبل
دخول لبنان. وفي لبنان قاتل الجيش
السوري ببسالة في البقاع، وكان من
أبطاله وزير الدفاع الحالي، لكنه أجهز
على المقاومة الفلسطينية واللبنانية
لاحقا. ولزّمها إلى حزب الله وحده دون
غيره. وإلى اليوم لا يعرف مصير مفقودين
من فصائل المقاومة الفلسطينية في
سورية، وهو ما عزز تهمة الطائفية
للنظام السوري. لا يُنكر دور الجيش السوري في دعم حزب
الله، ما يستنكر هو دوره الفظيع في قمع
اللبنانيين، وإفساد الحياة السياسية
والاقتصادية في البلاد. إلى اليوم ملف
المفقودين، وجلهم من تيار حليف سورية
حاليا ميشال عون، مفتوح. هل يمكن أن
ننسى أن النظام السوري هو من جاء بمجرم
مثل إيلي حبيقة بطل مجزرة صبرا وشاتيلا
وزيرا؟؟! هل من خدمة للقضية الفلسطينية
أكثر من ذلك؟؟! وقس على ذلك. يلخص فيصل كلثوم، وهو محافظ درعا وقت
الأحداث الأخيرة، الموقف السوري في
لبنان بقوله عن حرب تموز (يوليو) 2006: "لو
هزم حزب الله لجاء سعد الحريري بسيارة
تكسي ليحكم دمشق"! إذن، المقاومة
تحافظ، بحسابات طائفية، على الكرسي في
دمشق. وفي هذا السياق يُقرأ خطاب بشار
بعد الحرب عن "أشباه الرجال". تدعم سورية المقاومة ولا تقاوم بنفسها،
وهي تفاوض ولا تتوقف عن التفاوض، ليس
من أجل إعادة اللاجئين من مخيم اليرموك
إلى قراهم، بل من أجل حدود الرابع من
حزيران. والذين يهاجمون أردوغان اليوم
عليهم أن يتذكروا أن بشار وسّطه
للتفاوض مع الإسرائيليين. سورية تستضيف حماس والجهاد وباقي الفصائل.
وتلك الفصائل لا تستطيع القيام بعملية
ولا تهريب رصاصة من الحدود السورية،
وسورية مستفيدة استراتيجيا من وجود
تلك الفصائل التي تقاوم، مثل حزب الله،
نيابة عنها، وتبيّض وجهها أمام الشعب
السوري والرأي العام العربي. هذه المقاومة، أما الممانعة، فتلك قصة
أعقد. سورية مصنفة على قائمة الدول
الراعية للإرهاب في الخارجية
الأميركية. ذلك التصنيف يضر بسورية
قليلا، ولا يقارن الضرر بالمكاسب
الكبرى في العلاقة مع إيران اقتصاديا
وسياسيا وعسكريا. وبعد الثورة السورية
ضغطت إيران على رئيس الوزراء العراقي
نوري المالكي من أجل دعم بشار اقتصاديا
وأمنيا. وقد نشرت صحيفة الحياة
اللندنية أن مساعدات عاجلة ستقدم تصل
إلى عشرة مليارات دولار. باختصار،
العلاقة مع إيران أفضل من العلاقة مع
أميركا. وإيران لا تتخلى عن حلفائها،
في المقابل أميركا تتخلى عنهم بسهولة
من شاه إيران إلى حسني مبارك. فوق ذلك،
شاركت سورية أميركا في الحرب على
العراق في حفر الباطن، وقبضت الثمن،
وشاركتها في الحرب على الإرهاب، وما
تزال. كل الموقف الممانع والمقاوم هو اليوم قيد
البيع، والثمن هو الحفاظ على النظام.
وفي مقابلة رامي مخلوف مع صحيفة
نيويورك تايمز كلام قاطع حول "أمن
إسرائيل"، وأنصار بشار لا يجرؤون
على إنكار ما صرح ولا حتى تفسيره. وهم
في سرهم ممتنون لوقفة نتنياهو التي
حركت اللوبي الصهيوني في أميركا
والغرب عموما لصالح النظام الذي يحول
دون وصول الإسلاميين للحكم. هذه هي
حقيقة موقف النظام من المقاومة،
يدعمها من أجل البقاء في السلطة،
ويدعمه نتنياهو كذلك. تلك المفارقة لن
تدوم طويلا في ظل إصرار الشعب السوري
على المقاومة، مقاومة الاستبداد، وهو
الاحتلال محليا. ============== طارق الحميد الشرق الاوسط 8-8-2011 ثلاثة مواقف سورية في 24 ساعة من شأنها أن
تؤكد أنه لا يوجد نظام دولة في سوريا،
بل نظام شبيحة، سواء بالإعلام، أو
السياسة، أو حتى القطاع العسكري. أحد «المحللين» المحسوبين على النظام
السوري، أو شبيحة النظام الإعلاميين،
بحسب ما يصفهم بعض المعارضين
السوريين، يقول، عشية صدور البيان
الخليجي الذي يدين عنف الدولة بسوريا،
لقناة «العربية»: إنه ليس من حق دول
الخليج إدانة النظام السوري. ثم يقول
مهددا: إنه كان بمقدور الرئيس السوري
دعم الشيعة في كل من السعودية والبحرين
والكويت، ضد الأنظمة الخليجية، لكن
عروبة الأسد وقوميته هما ما كانتا
تمنعانه عن ذلك! وهذا يعني أن شبيح
الإعلام السوري يقول إن بعض الشيعة
الخليجيين جاهزون للبيع والشراء، وهذه
إهانة بحد ذاتها للشيعة، ناهيك عن أنها
تهديد واضح من السوريين لدول الخليج! والرد على الشبيحة السوريين، فرع
الإعلام، بسيط جدا، فأوَليس النظام
السوري هو من يدعم حزب الله و«أمل» في
لبنان ضد باقي المكونات اللبنانية؟
وأوَليس النظام السوري هو من ارتمى
بأحضان إيران، وعلى حساب العرب،
والعروبة؟ وأوَليس النظام السوري هو
من دعم تنظيم القاعدة بالعراق منذ سقوط
نظام صدام حسين؟ فكيف يقال إن عروبة
الأسد وقوميته تحولان دون اللعب على
الورقة الطائفية؟ ومن الواجب اليوم
التنبه للتهديد الأخير باستهداف أحد
موانئ الكويت من قبل حزب الله العراقي؛
حيث يبدو أن الخلايا النائمة بدأت
تتحرك بمنطقتنا، خصوصا أن التهديدات
باتت واضحة، وعلى رؤوس الأشهاد. وهذا ما يختص بشبيحة الإعلام، أما
السياسة، فهاهي بثينة شعبان، مستشارة
الرئيس، تهدد تركيا، وتتوعد وزير
خارجيتها بحال زار دمشق؛ حيث أُعلن أن
أوغلو ذاهب هناك من أجل إيصال رسالة «حازمة»،
لكن شعبان قالت إنه هو من سيسمع لغة «أكثر
حزما»، والأدهى من ذلك كله أن شعبان
تلوم تركيا لأنه لم يصدر عنها أي إدانة
بحق «الجرائم الوحشية بحق المدنيين
والجيش»! تخيلوا أن يقال هذا الكلام
لتركيا التي تحتضن على أراضيها آلاف
اللاجئين السوريين الذين فروا لتركيا
بعد موجة القمع والعنف المرتكبة بحقهم
من قبل أمن النظام السوري وشبيحته، فهل
هناك افتراء أكثر من هذا؟! أما الموقف الثالث، فهو ما نُسب لمسؤول
عسكري سوري، يقول فيه إنه حتى تاريخه
لم تدخل دبابة واحدة إلى منطقة دير
الزور، على الرغم من أن عدد القتلى
فيها، من المواطنين السوريين العزل،
حتى كتابة المقال، تجاوز الأربعين
مدنيا، بحسب ما نقلته وكالات الأنباء
العالمية، بسبب العمليات العسكرية
التي تقوم بها قوات النظام السوري في
دير الزور! وعليه، فنحن أمام ثلاثة نماذج محسوبة على
النظام السوري، إعلاميا وسياسيا
وعسكريا، وكلها تهدد وتتوعد، تلميحا
وتصريحا، وتحرف الكلم عن مواضعه؛ حيث
تصور الأمور كيفما ترى، وليس كما يحدث
على أرض الواقع، فكيف يمكن بعد ذلك كله
الوثوق بنظام يتصرف المحسوبون عليه،
على المستويات كافة، وكأنهم شبيحة
الأمن الذين يغدرون بالعزل السوريين؟
حقا إنه نظام الشبيحة وبجدارة. ============== متى يوقف الشعب السوري «عدوانه»
المسلح!!؟ اياد ابو شقرا الشرق الاوسط 8-8-2011 «إنه لا يفقه شيئا لكنه يتوهم أنه يعرف كل
شيء. هذا مؤشر أكيد لمستقبل سياسي» (جورج برنارد شو) متى يكف الشعب السوري عن قتل «الشبيحة»
واستهداف رجال الأمن والجيش؟ رجاء لا تستغربوا طرح هذا السؤال. إنه السؤال الذي يريد الإعلام السوري
الرسمي - وشبه الرسمي - أن يطرحه كل
متابع صبور.. أو ساذج طبعا. فما نسمعه
بكرة وأصيلا من هذا الإعلام أن رجال
الأمن والجيش - رحمهم الله جميعا -
يسقطون برصاص جماعات «إرهابية» و«تخريبية»
منذ نحو خمسة أشهر، من دون أن يجشم هذا
الإعلام نفسه عناء الإشارة، ولو لمرة
واحدة رفعا للعتب، إلى الضحايا
المدنيين.. بمن فيهم الأطفال. خمسة أشهر على «استهداف» الشعب السوري
وأطفاله، بعناد عجيب، رجال أمنه
وعسكرييه بالاغتيال والمجازر! ولكن لتكتمل الصورة «الصادقة»، كان لا بد
من عناصر مساعدة: أولا، لا وجود في روايات الإعلام الرسمي
وشبه الرسمي ل«الشبيحة»، مع أن أحد
الناطقين باسم النظام، وهو على ما أذكر
يعرف نفسه ب«أستاذ علاقات دولية»،
تكلم عبر إحدى المحطات الفضائية
العربية - المتهمة بالتآمر على سوريا و«الممانعة»
- عن شباب «يقومون بواجبهم» في حماية
الثورة والأمن والنظام! ثانيا، وهنا النقطة الأهم، لا ذكر البتة
تقريبا للضحايا المدنيين، مع أن معظم
التقارير الواردة من داخل سوريا تتحدث
اليوم عن تجاوز عدد الشهداء من أبناء
الشعب الأبرياء حاجز ال2000، بل إن ثمة
جهات داخل البلاد تؤكد أن العدد تجاوز
هذا الرقم بأضعاف مضاعفة، ناهيك من
عشرات الألوف من الجرحى والموقوفين. ثالثا، من المثير جدا إطلاق هذا الإعلام
السوري الرسمي وشبه الرسمي نعوتا على
شاكلة «الإرهابيين» و«المخربين» على
أبناء مدن سوريا وقراها. وهذه نعوت
تعيد إلى الأذهان ما كانت إسرائيل
تستخدمه من كلمات لوصف فدائيي
المقاومة الفلسطينية بين 1968 و1990،
وبالأخص، على جبهتها مع لبنان. ولكن قد
تصبح استراتيجية «الأرض المحروقة» على
الطريقة الإسرائيلية التي تمارس اليوم
بحق الشعب السوري، أقرب إلى الفهم لدى
مراجعة تصرفات النظام على امتداد
أربعة عقود.. وهي تصرفات قامت دائما على
الاستئساد على المقاومة وصولا إلى
تصفيتها، والتسليم بل الالتزام بهدوء
جبهة الجولان المحتل. رابعا، في خضم كيل تهم التآمر على المحطات
الفضائية العربية والعالمية، لا بد أن
يتساءل المرء عن سبب إحجام النظام عن
تسهيل وصول «الحقيقة».. كما يراها. لا
بد أن يتساءل عن سبب إصراره على رفض
السماح للإعلام العالمي بالدخول إلى
المناطق السورية حيث ينشط «الإرهابيون»
و«المخربون» عسى أن يساهم ذلك في «فضحهم»
أمام الرأي العام العالمي. بل إن ما
يحصل هو العكس من ذلك، إذ مُنعت قبل
فترة قصيرة صحيفتان لبنانيتان
محسوبتان أصلا وفصلا على «محور دمشق –
طهران» من دخول سوريا! خامسا، لا شك، يتذكر كثيرون منا اتهام
الإعلام السوري «المندسين» و«الإرهابيين»
الأصوليين بإطلاق الرصاص على
التظاهرات السلمية منذ أكثر من أربعة
أشهر، لكن الغريب أن هؤلاء اختفوا
تماما ولم يطلقوا رصاصة واحدة على
تظاهرة واحدة من التظاهرات التي سارت -
أو سيرت - تأييدا للرئيس بشار الأسد
ونظامه. بالأمس، وسعيا وراء مسلسل تلفزيوني
رمضاني، أسعدني الحظ بالاطلاع على
تغطية إحدى الفضائيات السورية شبه
الرسمية، وأتيحت لي قراءة الشريط
الإخباري أسفل الشاشة. وإليكم غيضا من
فيض من آيات الإعلام الذكي الذي يتصور
أنه يفهم شعبه، كي لا نقول يعي ما يشهده
العالم من تحولات. من أهم الفقرات الواردة في الشريط فقرة عن
كيف ساعدت صور المسلحين «الإرهابيين» -
طبعا - في شوارع المدن السورية في «ثبات»
موقف روسيا الرافض للعقوبات خلال
تصويت مجلس الأمن الدولي. وهذا من دون
التوقف عند حقيقة أن الموقف الروسي
تبدل حقا بسبب بشاعة الأخبار والصور
الواردة من مدن سوريا المقموعة
والمحاصرة. وثمة فقرة أخرى لا تقل عبثية وطرافة، تنقل
عن صحيفة لبنانية - هي إحدى الصحيفتين
اللتين منعتا من دخول سوريا - كيف «نجحت»
سوريا في تجاوز مأزق مجلس الأمن. ونأتي إلى أطرف الفقرات على الإطلاق، وهي
عن موقف الأرجنتين الرافض لأي عقوبات
تستهدف سوريا، مع التذكير أولا بأن
الأرجنتين - مع الاحترام الشديد لها
ولشعبها الطيب - ليست قوة عظمى تأمر
وتنهى وتقرر على المستوى الدولي، ثم
إنها ليست بين الدول ال15 الأعضاء في
مجلس الأمن حاليا. مع هذا «العقل» السياسي البائس الذي يضبط
إيقاع التعامل مع إحدى أخطر الأزمات
التي تواجه سوريا منذ استقلالها عام 1943،
قد يصبح من السابق لأوانه التكلم بثقة
كبيرة عن «الربيع العربي»، لكن هذه
الأزمة تؤكد أنه مهما كانت أخطاء قوى
المعارضة ومهما بلغت التضحيات في
الشارع.. لا بد من «ربيع» ولو طال
الانتظار. بعد تجربتي تونس ومصر، حيث بقيت بقية من
مؤسسات حكم أسهمت في مرحلة انتقالية «غير
انتحارية»، تفاءل كثيرون بهذا «الربيع».
ولكن تبين أن ليبيا واليمن ثم سوريا
عاشت وتعيش واقعا مختلفا جدا. ففي هذه
الكيانات ما عاد هناك وجود حقيقي لما
يمكن تسميته «مؤسسات حكم» أو وجود
للمفهوم العلمي ل«الدولة». لقد استحالت الدولة إلى قبيلة أو عشيرة أو
طائفة مذهبية مسلحة، وهيمن أفراد
العائلة على مقدرات أجهزة السلطة
واحتكروا «شرعية» حمل السلاح، ومن ثم
وضع الحاكم شعبه أمام خيارين مريرين لا
ثالث لهما، فإما ديمومة احتكار «القائد
التاريخي» السلطة إلى ما شاء الله.. أو
الطوفان والتقسيم والخراب. هذا ما فعله صدام حسين في العراق بعدما
اكتفى بالإصغاء إلى أصداء ما يستسيغ
سماعه، فكثر المنافقون والوصوليون
والانتهازيون والأغبياء من حوله... حتى
تفاقمت عزلته عن مجريات الأمور في
العالم، واختلت قراءته لما يمكن أن
يتعرض له. اليوم مع سوريا وليبيا واليمن نحن أمام
ثلاث حالات مشابهة لتجربة العراق
وصدام، وهي تتوالى فصولا في ظل واقعين
مأساويين: أولهما العجز العربي المقيم
والمؤلم، وثانيهما خداع النفس الذي
يتمدد بحيث يتوسم في ذاته القدرة على
خداع الآخرين. ولكن لئن كان الواقع
الجيو - سياسي لكل من اليمن وليبيا يسمح
بالتعامل بتؤدة وشيء من الصبر، فإن
نسيج سوريا الاجتماعي ووجودها في قلب «مثلث»
التنافس الإقليمي غير العربي، بأضلاعه
الإسرائيلي والإيراني والتركي، ما
عادا يتحملان أي تردد أو تراخ. إن نظام حكم يصر على ابتزاز شعبه بالفتنة
الأهلية يصبح بقاؤه مصدر خطر على هذا
الشعب.. وعلى شعوب المنطقة ككل. ============== حسين شبكشي الشرق الاوسط 8-8-2011 في عام 1982 كنت في عطلة من دراستي
الجامعية، وعدت إلى بلادي وتوجهت
لأداء العمرة، وبينما أنا جالس مستغرق
في دعائي كانت سيدة مسنة بجواري تبكي
والدموع تنهال على وجهها، وسمعتها وهي
ترفع يديها للسماء وهي تقول: «روح يا
حافظ الأسد، الله يجعلك تطلب الموت ما
تلاقيه». وارتجفت خوفا من الدعاء فلم
أسمع مثله من قبل في حياتي، وسألتها
بفضول وشفقة: «خير يا خالة؟». قالت لي: «هذا
يا ابني أخذ مني زوجي وأبي وأولادي
وإخوتي وخالي وعمي بيومين بحماه».
وتأثرت جدا بهذا الموقف وعدت للجامعة
لأعد بحثا بسيطا عن مذبحة حماه، ووقتها
كانت المصادر ضئيلة ومحدودة، لكنها
فتحت عيني على نظام باطش ومجرم أباد 45
ألفا من مواطنيه بشكل متوحش في أيام
معدودة. نظام «أضاع» الجولان بشكل
مريب، أباد معارضيه كلهم، كان سببا
أساسيا في هدم الوحدة بين مصر وسوريا،
أسهم في الفرقة بين الأطراف اللبنانية
وساعد على تأجيج الحرب الأهلية فيها،
خدع العرب بشعار زائف باسم العروبة
بينما كان يعد نفسه منصة انطلاق لمشروع
طائفي في قلب العالم العربي، فمال
وحيدا في صف إيران ضد النظام البعثي
العربي «الشقيق»، احتضن الكثير من
الخلايا الإرهابية التي أثارت الرعب
في دول الخليج من محاولة اغتيال أمير
الكويت إلى تفجير الخبر إلى أحداث
البحرين الأخيرة، أسهم في تأجيج
الفرقة والصراع بين الفرق الفلسطينية،
وهدد أي فصيل منهم يوافق على اتفاق
ثنائي مع إسرائيل بتصفيته، واستمرت
الفرقة في اتساع بنفس درجة اتساع رقعة
الاستيطان في الداخل الإسرائيلي، كانت
لديه خلية إرهابية بامتياز، بقيادة «مناضل»
فلسطيني تبرأت منه الفصائل الفلسطينية
كلها من دون استثناء، وهو أحمد جبريل،
كان له اليد في عمليات تفجير طائرة
لوكيربي وغيرها من العمليات الإرهابية. أشعر، كعربي ومسلم، بعار شديد وخجل كبير
من نفسي أنني أنتمي إلى جيل سمح بهذا
الإجرام كله وقبل به، وها هي السنون قد
مضت وها أنا أكتب عن جرائم الابن بشار
الذي ورث الرئاسة بشكل كاريكاتيري وسن
سنة بشعة بجرائمه بحق حماه ليعيد
التاريخ نفسه. وأكتب سطوري هذه بينما
دبابات جيشه تدك دير الزور وحمص وإدلب
وتقتل أكثر من 60 شخصا في يوم واحد. هذا
النظام لم يعد معيبا في حق السوريين
وحدهم بل هو عار على العرب والمسلمين،
نظام قتل شعبه أكثر ما قتل القذافي
وصدام حسين وعمر البشير وعلي عبد الله
صالح وعبد الناصر مجتمعين. سينضم نظام
الأسد، عما قريب، لأسماء خلدت على جدار
الشر، أسماء مثل هولاكو وبول بوت وهتلر
وصدام حسين وموسوليني ومنجستو وموبوتو
وغيرهم ممن أبادوا شعوبهم فثاروا
عليهم وانتصروا في النهاية. لم يبقِ نظام بشار الأسد أي خيارات
لبقائه، كل طروحات الإصلاح ووعوده
التي تغنى بها من يوم وصوله للحكم ما
كانت في الواقع إلا محاولة إصباغ مسحة
جمال على وجه نظام قبيح ومقيت لم تتحقق
فيه سوى عبادة الزعيم الأوحد بشكل فعلي
وليس من باب المبالغة، تدعم ذلك كله
آلة أمنية فتاكة سلطت على رقاب
المواطنين ترمي بهم للموت أو المعتقل
الأبدي. على العالم والعرب والمسلمين التعامل مع
نظام بشار الأسد على أنه نظام ساقط
سياسيا وساقط أخلاقيا، وقتها ستكون
مقدرة التعامل مع الوضع أفضل، الخوف من
تهديدات نظام البعث الإجرامي بحق
الحكومات التي ستقف مع الثورة السورية
هو نهج قديم ومعروف ولا تجب الخشية
منه، لكن المطلوب الخشية من رب
العالمين، الذي سيسألنا عن موقفنا من
ذبح السوريين من نظامهم بشكل شيطاني.
إنه صندوق الأسرار القذرة وقد فُتح
للأبد. ===================== هل يتخلى الغرب عن نظام
بشار الأسد ؟؟ كتب: وليد الحاج صحفي سوري مقيم في الخارج 7/8/2011 أرفلون نت سؤال كثيرا ما يتم تداوله اليوم بعد أن
رأى العالم كيف تخلت دول الغرب عن أوثق
حلفائها في المنطقة كنظام حسني مبارك
في مصر وبن علي في تونس، ولم يستغرق
الأمر سوى أيام قليلة حتى أعلنت واشنطن
وعواصم غربية عديدة أنهما قد فقدا
الشرعية وعليهما الرحيل. ولكن في الحالة السورية فإن أكثر ما يثير
علامات الريبة والشك أنه وبعد مضي ما
يزيد على أربعة شهور ونصف وأكثر من 4500
شهيد من المدنيين والعسكريين وعشرات
آلاف المعتقلين وما يقارب الثلاثة
آلاف مفقود فإن الدول الغربية وعلى
رأسها أمريكا لا تزال تأمل في بقاء
بشار الأسد على هرم السلطة عبر إصلاحات
تبقي على حكمه بالتوازي مع انقلاب يطيح
ببعض رموز الفساد وقيادات الأجهزة
الأمنية التي تعيث تدميرا وتخريبا في
طول البلاد وعرضها. مما لاشك فيه أن نظام بشار الأسد قد
استطاع بناء شبكة مصالح وعلاقات مع دول
العالم وخاصة الغربية منها جعلت من
قرار الإطاحة به أمرا في غاية الخطورة
ومجازفة حقيقة لا تحمد عقباها وخاصة في
حال تسلمت حكومة وطنية تراعي مصالح
شعبها قد تكشف أمام الرأي العام حقائق
ومعلومات خطيرة وحساسة حول المدى الذي
بلغه النظام السوري في تقديم خدماته
السياسية والأمنية للعديد من الدول
التي تحاول تسويق نفسها اليوم كدول
مدافعة عن حقوق الإنسان. لاشك أن بشار الأسد قد ورث عن أبيه حافظ
الأسد سياسة المقايضات وتبادل المصالح
والمنافع التي سمحت له بالنتيجة في
الحفاظ على مقاليد السلطة لثلاثة
عقود، وبغض النظر عن صحة ما يشاع بأن
التنازل عن الجولان وإعلان سقوطه في
نكسة حزيران بينما كان الجنود
السوريين - كما روى لي أحدهم - يشربون
ويتوضأون للصلاة من مياه بحيرة
طبرية،كانت صفقة أبرمها الأسد الأب من
أجل مباركة تسلمه لمقاليد الحكم في
البلاد بعد انقلابه على رفاق دربه فيما
سمي آنذاك بالحركة التصحيحية، فإن
مثالا صارخا آخر جرى هذه المرة في حرب
الخليج الأولى حين أيد حافظ الأسد
الحرب على العراق مقابل إطلاق يده في
لبنان وإعطاءه الضوء الأخضر لإنهاء
تمرد الجنرال ميشيل عون والذي فر إلى
فرنسا ولم يسمح له بالعودة إلا بعد
مرور 15 عاما على اثر مقتل رفيق الحريري
وانسحاب الجيش السوري ليصطف الجنرال
عون اليوم وراء مواقف الأسد الابن
وسياساته في لبنان في مشهد يثير العديد
من علامات الاستفهام، هذا فضلا عما
حققه الأسد الأب من مكاسب سياسية
واقتصادية ضخمة جاءت كمكافئة له على
موقفه في حرب الخليج الأولى والتي لا
يزال نظام الأسد الابن يجني ثمارها إلى
اليوم عبر دعم سياسي ومادي يقدم إليه
من بعض دول الخليج في مواجهة الثورة
السورية. واليوم فإن دلائل كثيرة تشير أن الأسد
الابن قد استثمر في هذه السياسة كثيرا
وهو يسير على خطى والده ففي العام 2001م
وعقب شهور قليلة على تسلم بشار لمقاليد
الحكم جاءت أحداث الحادي عشر من أيلول
لتمثل فرصة ثمينة له ولأجهزته الأمنية
التي أذهلت وكالات الاستخبارات
العالمية بمن فيها وكالة المخابرات
الأمريكية CIA
بحجم ما تمتلكه من معلومات ووثائق حول
الحركات الجهادية والأصولية ليس في
سوريا والمنطقة العربية فحسب بل على
مستوى الشرق الأوسط والعالم ، فحجم ما
قدمته دمشق لواشنطن من مستندات ووثائق
فاق 300 ألف- بحسب مصادر أمريكية- تتضمن
معلومات حساسة وخطيرة حول تنظيم
القاعدة والمجاهدين العرب في
أفغانستان و القارة الأوروبية وحتى
داخل أمريكا نفسها، وقد مكّنت هذه
المعلومات من إنقاذ حياة آلاف
الأمريكيين كما صرح به مسؤولون
أمريكيون في أكثر من مناسبة. لقد تعاونت سوريا مع الولايات المتحدة
إلى أقصى الحدود الممكنة في حربها
المزعومة على الإرهاب،ففضلا عن كنز
المعلومات الذي وضعته سوريا تحت تصرف
الاستخبارات الأمريكية ، فتحت سوريا
سجونها ومعتقلاتها لأفراد من القاعدة
تم اعتقالهم من قبل القوات الأمريكية
في أفغانستان وباكستان، حيث يؤكد
مايكل شوير الذي عمل لمدة 22 عاما لدى CIA
وترأس لسنوات طويلة فريقا للبحث عن
أسامة بن لادن لإذاعة BBC في 1-2-2005م وجود صفقة أمنية
سورية أميركية
لنقل معتقلين من سجن غوانتانامو
لتعذيبهم في سورية من أجل الحصول على
اعترافات حول علاقتهم بمنظمة القاعدة. كما نشرت مجلة التايم الأمريكية في هذا
السياق تقريرا سريا للاستخبارات
الألمانية بتاريخ 15-11-2006م مفاده أن 'CIA' استخدمت سجنا سوريا يدعى فرع فلسطين
مشهور باعتماده التعذيب، وذكر
التقرير أن مهندس الاتصالات الكندي من
أصل سوري ماهر عرار كان معتقلاً في
الزنزانة رقم (2) في سجن فرع فلسطين
السوري، بعدما اعتقل في مطار جون كيندي
القريب من نيويورك
وتم ترحيله إلى سوريا، وبعد تعرضه
للتعذيب والضرب وقّع عرار إفادة بأنه
تدرب في معسكر ل'الإرهابيين' في
أفغانستان،كما تشير تقارير أخرى أن
الإدارة الأمريكية قامت بتسليم سوريا
واحدا من أبرز زعماء القاعدة وأهم
المطلوبين لدى المخابرات السورية وهو
مصطفى الست مريم الملقب (أبو مصعب
السوري) ثمنا لتعاونها الاستخباراتي
بعد أحداث 11 أيلول. وقد اعترفت سورية علانية وفي أكثر من
مناسبة بهذا التعاون حيث يقول وزير
الاتصالات السوري الأسبق عمرو سالم
لقناة سكاي نيوز البريطانية بتاريخ
24-7-2006م: "نعلم أين هي مواقع القاعدة
ونستطيع إبلاغكم بذلك" وتابع سالم
أن "سوريا تقترح أن تكون وسيطا بين
إيران والولايات المتحدة" ويمكنها
أيضا أن "تؤدي دورا مهما في العراق",.
ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية
بتاريخ 9-12-2010م وثائق نقلا عن ويكليكس
تناولت محضر الاجتماع الذي كتبه
القائم بالإعمال الأمريكي بدمشق
تشارلز هانتر في 24/2/2010 والموجه إلى
الخارجية الأمريكية حول اجتماع حضره
كلا من اللواء علي مملوك مدير إدارة
المخابرات العامة بتكليف من الأسد
شخصيا ودانييل بنيامين منسق مكافحة
الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية
، حيث قال مملوك : "إن سورية كانت
أكثر نجاحا في محاربة الإرهاب في
المنطقة من الولايات المتحدة, لأننا
كنا عمليين وليس نظريين", مشيرا إلى
أن "النجاح السوري تمثل في اختراقه
المجموعات الإرهابية, وحصول سورية على
ثروة من المعلومات أثناء توغلها في
الجماعات الإرهابية". النماذج العملية لهذه الاختراقات
الأمنية للمجوعات الإرهابية - كما
يصفها مملوك- كانت أكثر وضوحا في
العراق حين تم تجنيد عدد من العملاء
ومنهم الحلبي محمود قول أغاسي (أبو
القعقاع) عميل المخابرات السورية ، حيث
عمل أبو القعقاع على تهريب المقاتلين
العرب إلى العراق بأوامر من المخابرات
السورية ( باعتراف مملوك نفسه) وتم
اتهامه بعد ذلك من قبل مركز خدمات
المجاهدين في العراق ومركز الإعلام
الإسلامي العالمي التابع لتنظيم (القاعدة)
باختراق مجموعات من المقاتلين الذين
قصدوا العراق للقيام بعمليات تستهدف
قوات الاحتلال وبكونه مسؤولاً عن
اعتقال أعداد منهم على يد المخابرات
الأمريكية، وقد تم تصفيته بعد ذلك من
قبل المقاومة العراقية أمام مبنى
أوقاف حلب في وضح النهار وتبنت القاعدة
مسؤولية ذلك في بيان رسمي صادر عنها (موقع
الجمل الالكتروني السوري 3-6-2006). لقد تعاونت سوريا مع الولايات المتحدة
الى حد كبير في الموضوع العراقي فقامت
بتسليم سبعاوي إبراهيم الحسن التكريتي
الأخ غير الشقيق للرئيس الراحل صدام
حسين ومن ثم إعدامه بعد ذلك، كما بعثت
برسالة قوية إلى إدارة جورج بوش حول
العراق، أمنيا بالنسبة للإجراءات التي
اتخذتها عبر ضبط الحدود، وسياسيا من
خلال دعم الانتخابات العراقية
المتتالية عبر الضغط على الأحزاب
والجماعات العراقية الموالية لها
للمشاركة فيها، وتمزيق حزب البعث
العربي الاشتراكي في العراق وإضعافه
وذلك من خلال تأسيس جناح يونس الأحمد
وتمويله وفتح مكاتب رسمية له في قلب
العاصمة دمشق، وثالثا من خلال طرد
جماعات المقاومة العراقية الشريفة غير
المرتبطة بالأجندة السورية
وحساباتها، ورابعا عن طريق تصفية
العديد من عناصر المقاومة العراقية
على الأرض السورية من قبل أطراف قيل
أنها إيرانية وبعلم المخابرات السورية. وفيما يتعلق بالمقاومة والممانعة التي
يرفع شعارها النظام أمام المتظاهرين
ليل نهار ، فقد استعملت سوريا المقاومة
الفلسطينية واللبنانية كورقة تساوم
بها إسرائيل ودول الغرب ،وقد ورد
الكثير من الأدلة على ذلك حيث لعبت
دمشق دورا مهما في تهدئة العمليات
العسكرية في فلسطين وفي تشجيع الحوار
بين الفصائل السياسية الفلسطينية الذي
جرى في القاهرة، واتخذت إجراءات تحد من
الحركة الفلسطينية في الداخل السوري،
وتعمدت الإعلان عن هذه الخطوات، وهي قد
تمضي بتشجيع الانتخابات الفلسطينية في
حال حصلت انفراجات ولو ضئيلة في
علاقتها مع واشنطن.وبحسب إحدى
البرقيات المسربة عبر موقع ويكيلكس
وصف بشار الأسد حماس بالضيف الذي جاء
بدون دعوة، وذلك خلال لقائه مع وفد من
الكونغرس الأميركي عام 2009 مشبها حماس
بحركة الإخوان المسلمين في سوريا
والتي سحقها والده في الثمانينات،
ولمح الى انه قد يقطع علاقته مع الحركة
مقابل حوافز مثل السماح لسوريا بشراء
طائرات مدنية وقطع غيار لها. كما أغلقت دولة الممانعة والمقاومة منذ
أعوام مكتب حركة الجهاد الإسلامي إثر
عملية استشهادية نفذها أحد
عناصرها،وذلك بعد تهديدات إسرائيلية
قوية ومهينة للأسد شخصيا حيث وجه نائب
وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك زئيف
بويم تهديداً مباشرا إلى سورية
بمهاجمتها ،وقال للإذاعة الإسرائيلية
إذا لم يفهم الأسد برأسه فقد يفهم
برجليه (القدس العربي 27-2-2005م). ويتم اليوم تسريب معلومات أن سوريا تضغط
على حماس لتسليم الجندي جلعاد شاليط
الى إسرائيل وتقديم تنازلات مؤلمة فشل
نظام الرئيس حسني مبارك خلال سنوات
عديدة في إجبار حماس على الإقدام عليها
قبيل الإطاحة بحكمه . كما أن هنالك شكوكا متزايدة حول تعاون
أجهزة المخابرات السورية في تصفية
محمود المبحوح أحد أهم قيادات حركة
حماس فيما قيل أنها صفقة سورية إيرانية
اسرائيلية تم بمقابلها تسليم قائد
حركة المقاومة السنية في بلوشستان عبد
الحميد ريغي لإيران وإعدامه بعد
ذلك،حيث أشارت تحقيقات شرطة دبي الى أن
تحركات المبحوح كانت تتم مراقبتها
قبيل مغادرته دمشق ، كما أشارت بعض
المصادر الى أن المبحوح كان متوجها
لطهران بدعوة خاصة منها لترتيب نقل ما
قيل حينها بأنها شحنة أسلحة الى غزة. كما جاء اعتراف دمشق منذ أيام بالدولة
الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران
1967 وعاصمتها القدس الشرقية ب "التطور
المؤلم"كما وصفه سليم الحص أحد أبرز
حلفاء دمشق السابقين ، هذا الاعتراف
الذي جاء عقب تصريحات رامي مخلوف
الشهيرة وربطه لأمن سوريا بأمن
إسرائيل وترجمة النظام لتلك التصريحات
في واقعة اقتحام حدود فلسطين في
الجولان وجنوب لبنان في ذكرى النكسة
واستشهاد العشرات من المدنيين
الفلسطينيين والسوريين بينما كانت
أجهزة الأمن والجيش السوري وقوات حزب
الله اللبناني تراقب ذلك عن بعد. لقد تمت إهانة دمشق سياسيا وأمنيا في
العديد من المناسبات ولرأس هرم السلطة
فيها بينما احتفظ النظام بحق الرد
المشروع في المكان والزمان المناسبين
اللذين لم يأتيا لغاية اليوم رغم مرور
سنين عديدة على تلك الإهانات والضربات
القاسية التي وجهتها اسرائيل له.لقد تم
تحليق طائرات إسرائيلية فوق قصر
الرئاسة في اللاذقية وبشار الأسد
داخله، كما تم قصف معسكرات تدريب
للفصائل الفلسطينية على بعد كيلومترات
قليلة من العاصمة دمشق في منطقة (عين
الصاحب) واخترقت المقاتلات
الإسرائيلية الأجواء السورية وقامت
بتدمير المفاعل النووي السوري المزعوم
في موقع الكبر بدير الزور. لقد استباحت إسرائيل سوريا طولا وعرضا
ويعربد فيها عملاء استخباراتها دون أن
يفكر النظام في وضع حد لهذه التجاوزات
في موقف يثر الريبة والشك، فها هي
صحيفة معاريف الإسرائيلية تنقل بتاريخ
23-2-2005م عن شاؤول موفاز وزير الحرب
الإسرائيلي آنذاك قوله لشخصية سورية
غير رسمية التقاها في لندن حين سألته
تلك الشخصية:«هل تعرف سورية؟ فأجاب
وزير الدفاع: اعرفها جيدا, وفصّل موفاز
مناطق جغرافية كاملة، بينها دمشق وحمص
ومثلث الحدود مع إيران والعراق»،وأشارت
الصحيفة الى أن الشخصية السورية «اهتمت
بمعرفة كيفية إطلاع موفاز على هذه
المناطق، فأجاب وزير الدفاع: قضيت هناك
غير قليل من الوقت لكن ليس كسائح, في
عهد السلام سآتي أيضا في وضح النهار»،
وقد استحق بشار الأسد بذلك لقب ملك
ملوك اسرائيل وذلك بحسب وصف (صحيفة
هآرتس الإسرائيلية). كما يذكر السوريين كيف تمت تصفية العميد
محمد سليمان مسؤول الملف النووي
ومستشار الأسد للشؤون الأمنية، حيث
كشفت مجلة دير شبيجل الألمانية في
العام 2008 أن قناصاً من جهاز الموساد
الإسرائيلي قد أطلق من على سطح يخت فى
مياه البحر المتوسط رصاصة من بندقية
كاتمة للصوت على رئيس اللجنة النووية
السورية بينما كان على الشاطئ فأرداه
قتيلا".كما يعترف خالد مشعل زعيم
حركة حماس أنه قد تعرض إلى عدة محاولات
اغتيال داخل العاصمة دمشق رغم الحماية
اللصيقة التي توفرها أجهزة المخابرات
السورية له؟!. ولو عرجنا على
دعم النظام المقاوم والممانع لحزب
الله اللبناني فقد نشر موقع ويكليكس في
17-1-2011 أن بشار الأسد أبدى استعداده
للتخلي عن حزب الله مقابل السلام مع
اسرائيل وذلك خلال لقاءه مع وفد من
أعضاء الكونغرس الأمريكي، كما يذكر
الجميع تصريحات السيدة سعدى بدر الدين
أرملة عماد مغنية القائد العسكري لحزب
الله الذي تم اغتياله في حي كفرسوسة
الراقي في قلب العاصمة دمشق وقرب مكتب
رئيس شعبة المخابرات العامة آنذاك
اللواء آصف شوكت، هذه العملية التي كان
لها تأثيرا كبيرا وموجعا للحزب ، حيث
اتهمت أرملة مغنية السلطات السورية
بوقوفها وراء اغتيال زوجها من خلال
سيارة مفخخة. ونقل آنذاك موقع "البرز"
المقرب من طهران تصريحا لها تتهم فيه
دمشق صراحة ب"خيانة" زوجها قائلة:
"لقد سهّل السوريون الخونة قتل زوجي"،
وأضافت "إن رفض سوريا مشاركة محققين
إيرانيين في ملابسات واقعة الاغتيال
هو الدليل الدامغ على تورط نظام دمشق
في قتل عماد" بحسب تعبيرها. وحتى طهران حليفة دمشق الحميمة فقد أثبت
النظام الممانع أنه ليس على استعداد
لخوض أية حرب للدفاع عنها في حال
تعرضها لهجوم أمريكي أو إسرائيلي ، وما
يشاع اليوم عن اتفاقيات تعاون عسكري
واستراتيجي ودفاع مشترك إنما هي
للدعاية والإعلام فقط، فقد ذكرت
بتاريخ 8-12-2010م برقية دبلوماسية
أمريكية كشفها موقع ويكيليكس أن سوريا
رفضت (توسّلات) إيرانية بالالتزام
بالانضمام إليها في حال وقوع حرب بينها
وبين إسرائيل أو بين حزب الله وإسرائيل.
ويعود تاريخ البرقية الموجهة من السفارة
الأمريكية في دمشق إلى وزارة الخارجية
في واشنطن إلى كانون الأول/ ديسمبر 2009
وتنقل عن مصدر دبلوماسي سوري أن سوريا
قاومت توسلات إيرانية للالتزام
بالانضمام إلى طهران إذا اندلعت حرب
بين إيران وإسرائيل أو حزب الله
وإسرائيل. وقال المصدر إن مسؤولين إيرانيين كانوا
في سوريا (لجمع الحلفاء) تحسباً لضربة
عسكرية إسرائيلية، مشيراً إلى أن
الإيرانيين كانوا أكيدين من حصول
الضربة الإسرائيلية وكانوا يناقشون
موعدها. وتابع المصدر إن الرد السوري كان إبلاغ
الإيرانيين بألاّ يتطلعوا إلى سوريا
"لخوض هذه الحرب"، وقال: قلنا لهم
إن إيران قوية بما يكفي لتطوير
برنامجها النووي بنفسها ومحاربة
إسرائيل، مضيفاً "نحن ضعفاء جداً". كما نشر الموقع رغبة بشار الأسد في
استئناف المحادثات مع إسرائيل بشكل
غير مباشر عبر تركيا كما أن سوريا أبدت
رغبتها أيضا في قيام دولة عراق مستقر
بعيدا عن هيمنة إيران!!. لقد أثمرت السياسات السورية وتعاونها
منقطع النظير مع الغرب عن غض النظر عن
جرائم النظام وقمعه الوحشي للمتظاهرين
السلميين من خلال دعم بقاء بشار الأسد
في السلطة، وتم تسريب معلومات عبر
وسائل الإعلام أن إسرائيل بعثت موفدين
إلى أوباما بُعيد انطلاق الثورة
السورية بأيام معدودة أبلغته بأن نظام
بشار الأسد هو خط أحمر بالنسبة
لإسرائيل، نتيجة لما يوفره بقاء بشار
الأسد في السلطة من تأمين لحدودها
الشمالية الهادئة منذ ما يزيد عن
أربعين عاما، وقد التقط نظام بشار هذه
الرسالة وترجمها عمليا من خلال
تصريحات رامي مخلوف الشهيرة وتمثيلية
اختراق الحدود التي حدثت في ذكرى
النكسة والتي كانت نتيجتها عشرات
الشهداء والجرحى. لقد أثمرت تلك السياسات السورية اصطفافا
ودعما غربيا وأمريكيا كبيرا للأسد
للبقاء في الحكم فقد شككت أمريكا في
المعارضة السلمية للثورة السورية فقد
نقلت صحيفة نيويورك تايمز في 15-6-2011 عن
مسؤول أميركي قوله: «نحن نرى عناصر
المعارضة المسلحة عبر سوريا». وأضاف: «في شمال غرب البلاد، نحن نرى أنها
تستولي، هناك الكثير منهم». وفيما أكد أن الأميركيين «لا يعرفون حقاً
من هي هذه الجماعات المسلحة»، وأشار
إلى أنهم «على أساس ديني، بالتأكيد». كما قالت صحيفة لوس أنجلوس الأميركية في
19-7-2011م إن الولايات المتحدة بدأت تلطف
من لهجتها ضد سوريا، وأضافت أن الرئيس
الأميركي باراك أوباما توقف عن دعواته
للرئيس السوري بشار الأسد للتنحي عن
منصبه والرحيل وأنه بدأ يخفف ويلطف من
لهجة الخطاب مع الأسد. كما ذكّر نتنياهو الأسد في مرتين على
الأقل وخلال تصريحات صحفية أمام وسائل
الإعلام بأن إسرائيل هي من حالت دون
زحف القوات الأمريكية الى دمشق
للإطاحة بالأسد بُعيد سقوط بغداد حين
هرع أرييل شارون الى واشنطن ليبلغ بوش
بأن نظام الأسد خط أحمر ويجب المحافظ
عليه. وفي 26-7-2011م وصف تقرير استراتيجي إسرائيلي
بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد
بأنه "أهون الشرور" بالنسبة
لإسرائيل، معتبراً أن استمرار الأسد
في السلطة يعني أنه سيكون مشغولاً
بتقوية نظامه بدلاً من مواجهة
إسرائيل، في حين أن سقوط نظامه قد يعني
عدم الاستقرار على الحدود بالنسبة
لإسرائيل أو احتمال أن يصل إسلاميون
إلى السلطة، وحتى لو قام نظام ديمقراطي
على أنقاض نظام الأسد فإنه لا يعني
علاقات أفضل مع إسرائيل. وبالمحصلة وبعد كل ما ذكر آنفا ،فإن الغرب
لازال يأمل في بقاء بشار في السلطة
وسيبقى كذلك إلى اللحظة التي يدرك فيها
أن مركبة بشار بدأت تغرق وأن الرهان
عليه هو رهان خاسر، عندها فقط ستبدأ
الولايات المتحدة والدول الغربية
وإسرائيل وربما روسيا والصين ستقول
بأن بشار الأسد فقد شرعيته وعليه
التنحي، ولكن بعد أن يكون الشعب السوري
قد دفع ثمنا باهضاً جدا في سبيل نيل
حريته وكرامته. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |