ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المصدر : مدونة نوال السباعي 21/8/2011 حوار أجراه موقع "الداعيات" مع
الأديبة والصحفية نوال السباعي وقد
نشر الحوار بتصرف ، وأعيد هنا نشر نص
الأجوبة الأصلية التي كتبتها كإجابات
على هذا الحوار. هل حقاً نعاني من أزمة مثقفين؟ وما سبب
اغتراب كثير من المثقفين عن واقع أمتهم
وقضاياها وتحولهم إلى أبواق للنظام؟ ما هي مسؤولية المثقف تجاه قضايا أمته؟
وكيف تقوِّمين أداء النخبة المثقفة من
ناحية بثّ الوعي في صفوف الشعوب في ظل
الثورات التي تشهدها الدول العربية؟ كيف تتابع الجالية الإسلامية في بلاد
الاغتراب ما يجري من أحداث على أرض
سوريا؟ ماذا قدّم المغتربون للثورة؟ وهل من
تحركات تقوم بها الجالية السورية
دعماً لإخوانهم في سوريا؟ ما تقويمك لدور المرأة المسلمة في ثورات
التغيير في البلدان العربية وسوريا
خاصة؟ قلتِ في إحدى مقالاتك: (الثورة التي
تشهدها المنطقة العربية اليوم، تعتبر
واحدة من أكثر الظواهر البشرية
السياسية العالمية إدهاشاً)؛ فما سبب
ذلك؟ ما انعكاسات هذه الثورات واقع المنطقة
بأكملها؟ وما هي أبرز التحديات التي
تواجهها؟ الإعلام: كيف تقوِّمين دوره وتأثيره في
الثورات العربية؟ جواب السؤال الاول : نعاني مشكلة حقيقية في تعريف كلمة "الثقافة"
، فهي مقارنة بالحضارة والمدنية ،
مجموعة السلوكيات والافكار السائدة في
جماعة من الجماعات البشرية تميزها عن
غيرها وتشكل معالم هويتها ، وهي كائن
معرفي متغير ومتطور . أما معنى
الثقافة الوارد في السؤال فيشمل
مجموعة المعارف والعلوم التي توجه
التفكير لدى شخص من الأشخاص أو مجموعة
"ما" ،وامتلاك الآليات الضرورية
لتحويل هذه المعلومات إلى سلوك ، وفكر . القدرة على إيصالها إلى الناس وتحويلها
لدى صاحبها ولدى الآخرين إلى سلوك
وتوجه فكري أو سياسي أو اجتماعي معين ،
يعني أن صاحبها هو "مثقف" بامتياز
، والقدرة على تحويل المعارف إلى منتج
ثقافي تعني "الإبداع" ، والقدرة
على هضمها ودعمها بالتجارب لإنتاج فكر
جديد ، تعني أن صاحبها "مفكر" ،
والقدرة على تسخيره للقضاء على
الثقافة والإبداع والفكر تعني ان
صاحبها "شبيح ثقافي"!!..إننا نعيش
في أيام ثورة ، والثورة ولدت لدينا كما
كبيرا وهاما من المصطلحات ، وعلينا أن
نستثمرها ونستعملها ونتعلمها ونتعلم
منها !. جواب السؤال الثاني : المثقفون هم دماغ الأمة ، لسان حالها ،
والمرآة التي نستطيع من خلالها معرفة
وضعها الصحي ، وتشخيص أمراضها
ومعاناتها ، لاأرى أن القضية قضية
مسؤولية المثقف تجاه قضايا أمته ، بل
على العكس تماما ، إنها حالة الأمة ،هي
التي تفرز هؤلاء المثقفين ، لايمكن أن
ندخل كل قضايانا من زاوية الالتزام ،
ولكن يجب أن تكون كل النوافذ والأبواب
مفتوحة لكل إنسان ليعبر عن موقفه ورأيه
، ومن خلال هذه الآراء وهذه المواقف
يمكننا أن نفهم وضع الأمة. هنا في اسبانيا يذكر بعض المواقع
الالكترونية ، أن اللوبي الصهيوني
اشترى مايقارب من ثلاثين ألف قلم ناطق
باللغة الاسبانية ، لم يشتر "أقلاما"
من محال القرطاسية !!، ولكنه اشترى
أقلاما بأيدي أصحابها!!، لااعلم إن كان
هذا الرقم مبالغ فيه ، ولكنني أذكر
لوائح المثقفين "العرب" الذين كان
صدام حسين يمولهم ، والذين لم يستحوا
عندما كشف القناع عن هذه الكارثة
الأخلاقية الثقافية في المنطقة
العربية ، بل إن بعضهم مازال يمارس
الكتابة وفي أكبر المنابر ودون حياء
لامن التاريخ ولامن الناس ، وبعضهم ،
برر : من اين يعيش المثقف إذن؟! وأنهم
كانوا يتقاضون مساعدات من النظام
العراقي ، ولكنهم كانوا يكتبون ماهم به
مقتنعون. هذا المشهد يضعنا أمام حقيقة خطيرة فيم
يتعلق بعلاقة المثقف بأمته ، أي امة
كانت ، ويطرح علينا سؤالا بالغ الأهمية
: هل يقود المثقف عمليات التغيير في
المجتمع ، أم أن المجتمع هو الذي يفرز
مثقفيه؟!. وسؤال آخر على هامش سؤالكم هذا الخطير :
"دور المثقف التاجر" في عمليات
الترويج الفكري والثقافي ، وصياغة
العقلية الجماعية لأمة ما ومجتمع ما ،
ودور "المثقف الحر" في قيادة
المجتمع والأمة!. ليس إلا أن نراجع المنظومة الفكرية التي
تقف وراء اندلاع هذه الثورة العظيمة
الإنسانية السلمية التي تشهدها
المنطقة العربية ، والتي انطلقت من
تونس بحادثة احتراق البوعزيزي. لقد قاد "المثقفون الأحرار"عملية
إعادة صياغة كثير جدا من عقول شبابنا
المثقف في طول المنطقة وعرضها ، قضية
"سلمية الثورة" ، موضوع "لا
للطائفية ولا للفسيفسائية الإثنية
والدينية" ، موضوع "التغيير من
الداخل" ، من أنفسنا ، سلوكيات شباب
الثورة في تونس مع الجيش وقوى الأمن ،
تصرفات شباب الثورة المصرية في ساحة
التحرير …..إذا أجرينا مسحا عاما لكل
ماكتب خلال الثلاثين عاما الأخيرة ، من
قبل المثقفين الأحرار ، لما استغربنا
ولادة هذه الثورة ، بالشكل الذي ولدت
فيه. وأشدد على المثقفين الأحرار ، من هم هؤلاء
المثقفون الأحرار ؟! إنهم أولئك الذين
لايباعون ولايشترون ! يعني لايمكن
بيعهم ولاشراؤهم ! طبعا لكل إنسان ثمن !
ولكن هنالك فرقا كبيرا بين أن يكون
ثمنك أجرا مقبوضة أو دارا أو وسام "شرف"
، وبين أن يكون ثمنك تكريما واعترافا
بالفضل والجميل . سأضرب مثالا واحدا عل هؤلاء المثقفين :
الفيلسوف "عابد الجابري " رحمه
الله ، البحاثة ، صاحب "نحن والتراث"
، مات في بيت متواضع ، وفوق مكتبه
بللورة واحدة ، مدها بسلك يخترق فضاء
الغرفة ، وهو الذي رفض استلام جوائز
فكرية وفلسفية هائلة بمئات الآلاف من
الدولارات من هذا النظام أو ذاك. هناك نخبة من أمثال "خالص جلبي " ،
" جودت سعيد" ، "عبد الوهاب
المسيري" ، "عمر عبيد حسنة" ،
"مطاع الصفدي" ، "طه عبد الرحمن"
، وغيرهم المئات ، ولاأقول العشرات ،
من كل الأقطار في المنطقة العربية ، من
كل الانتماآت الدينية والقومية
والسياسية والفكرية ، مئات من الأقلام
الحرة التي كان همّّ الأمة يؤرقها ،
وقد عملت هذه الفئة ليلا ونهارا
للتمهيد لهذه الفترة التاريخية ، وهذه
الثورة العظيمة المذهلة التي نعيشها،
والتي قام بها الشباب ولكنها ثورة أمة
!. جواب السؤال الثالث والرابع: كثيرون جدا من سكان المنطقة العربية
والمهاجرين منهم إلى أوربة وغيرها ،
كانوا مخدوعين تماما بالنظام السوري ،
الذي طبل وزمر طويلا باسم المقاومة
والممانعة ، والتي تمخضت عن مقاومة
وممانعة شعبه أن يتململ طلبا للحياة
الحرة الكريمة ، وقد قضى أربعين عاما
يعد ويستعد للمعركة الفاصلة التي ثبت
أنها كانت معركته مع الشعب ، الذي كان
يعامل معاملة السوائم التي تحلب وتجبى
خيراتها لجيوب البعض . لذلك فقد تأخرت ..وجداً، الجاليات العربية
في دعم الثورة في سورية ، وبعض الاخوة
من بعض الدول الشقيقة حتى الآن غير
مقتنعين بنضال الشعب السوري ، وذلك على
الرغم من المتابعة الدقيقة لكل مايحدث
، شخصيا ، ولأول مرة منذ أكثر من خمسة
عشر عاما يفطر بيتنا على نشرة الأخبار
، كنا ودائما نفطر في رمضان ونحن نستمع
إلى إمام الحرم المكي في صلاة التراويح
. منذ اليوم الأول للثورة ، تمخض الحال عن
بعض السوريين ممن وقفوا مع الثورة دون
قيد أو شرط ، ومازالوا حتى اليوم على
دأبهم ونشاطاتهم الكبيرة جدا ، وتزداد
الأعداد بازدياد إصرار النظام على
القتل والذبح والفرم والبطش ، قام شباب
الجالية من الداعمين للثورة بتأسيس
تنسيقية "مدريد " لدعم الثورة
السورية ، المظاهرات كل أحد أمام
السفارة السورية ، لم تنقطع ، وهناك
اعتصام يومي كذلك يقوم به بعض الشباب
بشكل دوري ، نشاطات ثقافية وبعض
النشاطات السياسية ، لدينا كثيرون في
التنسيقية من البحاثة في الجامعات
الاسبانية ، اثنان منهم من الكتاب
الأكاديميين في البحوث السياسية
والإنسانية، إحداهما استُكتِبَت عن
سورية في صفحات الرأي في صحيفة مثل
الباييس والموندو الاسبانيتين
الشهيرتين ، ولدينا كاتبا رأي في صفحة
ويب إسلام الناطقة بالاسبانية التي
يطلع عليها الملايين من المسلمين
الناطقين بالاسبانية ، وكلهم يكتبون
عن الاوضاع في سورية ، بقية الشباب
ومعظمهم من طلبة الطب والدراسات
العليا في الجامعة ، يجرون المقابلات
بشكل دائب مع مختلف وسائل الإعلام
الإسبانية ، والتنسيقية على اتصال مع
مكتب الشرق الأوسط في وزارة الخارجية
الإسبانية..لقد زرت ورأيت بعض النشاطات
في بلدان أوربية أخرى ، وتكاد
التنسيقية السورية في مدريد تكون من
أفضلها وأكثرها تنظيما ، وذلك على
الرغم من افتقار مدريد للشخصيات
السياسية أو الفكرية أو الثقافية
السورية المرموقة ، وليس كما هو الحال
في باريس أو لندن على سبيل المثال. جواب السؤال الخامس : لاأجد للمرأة دورا خاصا يختلف عن دور
المجتمع كله والشعب بكل مكوناته ،
رجالا ونساء ، صغارا وكبارا ، أحفادا
وجدودا ، أنا لاأحب تمييز المرأة بشيء
لاسلبا ولاايجابا ، إنها نصف المجتمع ،
جاهدت وكافحت وناضلت واعتُقلت
واستشهدت وتظاهرت وعُذبت واغتُصبت
وأهينت وانتفضت وخرجت وثبتت وتحدت
وصمدت ،جدة وأما وزوجة واختا وابنة ،
بالضبط كالرجل الذي جاهد وكافح وناضل
واعتُقل واستشهد وتظاهر وعُذب واغتصب
وأهين وانتفض وخرج وثبت وتحدى وصمد ،
جدا وأبا وزوجا وأخا وابنا…إنها ثورة
أمة ، في كل أقطارها ، في كل مجتمعاتها
، بكل انتماآتها الإنسانية ، فلا أجد
شيئا خاصا بالمرأة ، هنا في اسبانيا ،
مايفتأون يسألوننا عن دور المرأة في
الثورات ، ولماذا لم يكن لها دور ؟؟!!
وهذا شيء غريب ، فمن دعا الى النزول الى
ميدان التحرير في مصر؟؟ فتاة لاتتجاوز
الرابعة والعشرين من عمرها!! ، كانت
النساء جنبا الى جنب مع الرجال في
الثورة تصديا وثباتا، كما عملاً
تنظيميا وتقنيا ، كنّ هناك بمقشاتهم
كما كن هناك بكاميرات التصوير ونقل
الحدث الى العالم، كما بآلامهن
وآمالهن ، جراحهن ومن قتل منهن. من دعا الى الثورة اليمنية ؟؟الاستاذة
"توكل كرمان" التي لم تتجاوز
الخامسة والثلاثين من عمرها ، وهل
رأينا مظاهرات اليمن المليونية
الحاشدة بغير نسائها ؟ من بدأ الثورة
في سورية ؟ أليست الاستاذة "سهير
الأتاسي" الصابرة الصامدة . كانت النساء مع الرجال في كل خطوة وكلمة
وفعل في هذه الثورة الإنسانية الكبرى ،
التي لم تهدف ولاتهدف إلى إسقاط رؤوس
الفتنة والفساد والظلم السياسي فحسب ،
بل الى جرف كل المنظومة الفكرية التي
أسست لكل هذا الفساد والاستبداد
والاستعباد في منطقتنا ، إنها الثورة
التي يجب أن تطهر حياتنا الاجتماعية من
الظلم المربع الذي كنا نعيشه وخاصة في
بيوتنا ، لقد شغلنا الاستبداد السياسي
والتفكير في طرق الخلاص منه كثيرا جدا
عن رؤية الظلم الاجتماعي الذي عمّ
مجتمعاتنا ، وخاصة فيم يتعلق بموضوع
المرأة بالذات والأطفال ، وهذه الثورة
فرصة وحيدة وفريدة ، لإجراء هذا
التغيير في حياتنا ، نحو التطهير
الاجتماعي ، والارتقاء بثقافاتنا
المهترئة إلى مستوى حضارتنا وقيمها
الأخلاقية الإنسانية الفريدة . ثقافاتنا في المنطقة العربية بعيدة كل
البعد عن الاسلام وعن روح الاسلام ،
ونحن نعيش وفق ماتمليه علينا العادات
والتقاليد وأضيق النظرات الفقهية
الممكنة للحياة والانسان والمجتمع ،
وهذا يجب ان يتغير جملة وتفصيلا ،
الاسلام مانزل لتعذيب الانسان
وامتهانه ، ليس سياسيا فقط ، بل
إنسانيا واجتماعيا . لااستطيع ولااريد أن ارى المراة كيانا
منفصلا عن المجتمع إنها إنسان في
المجتمع ، إنها مكون من مكونات الحياة
البشرية ، إنها فرد يجب أن يتمتع
بالكرامة والحرية والحصانة ، بالضبط
كالرجل الذي يجب ان يتمتع بالحرية
والكرامة والحصانة ، وعندما نصل فعلا
إلى هذه السوية من فهم ديننا وحضارتنا
نكون فعلا قد تحررنا ، ووصلت الثورة
إلى حيث يجب أن تصل ، لقد ملئت بيوتنا
ظلما واستبدادا في طول المنطقة
العربية وعرضها ، فوُلِي أمرنا من
لايخاف الله فينا ولايرحمنا ، والظالم
سوط الله في ارضه ، ينتقم به ثم ينتقم
منه ، ومالم ترتفع هذه المظالم من
حياتنا الاجتماعية ، فلن ترتفع في
حياتنا السياسية. جواب السؤال السادس : سمعت وزير خارجية مصر المؤقت البارحة
أثناء حديث له في استامبول يقول :" إن
المنطقة تشهد اوضاعا غير طبيعية"!! ،
وعجبت لذلك ، فالمنطقة العربية ولأول
مرة تقريبا منذ نصف قرن تشهد أوضاعا
طبيعية تماما، هذا هو الوضع الطبيعي ،
الثورة!! ، وإرادة التغيير!! ، أن تخرج
الجماهير لتقول كلمتها ، ولتؤكد على
حقها ، ولتزيل الطغاة القتلة الذين
استبدوا بالبلاد والعباد عقودا
يسيمونهم مر العذاب . الثورة تعني التدمير بقصد إعادة البناء ،
وتعني التغيير الجذري ليخرّ السقف من
القواعد – حرفيا-، لم يكن من الطبيعي
ان تثور الجماهير المغلوبة على أمرها
في العالم العربي ، بهذه الطريقة
الحضارية الإنسانية المذهلة ، كان من
المنتظر ان تتفجر المجتمعات من داخلها
، ولايحدث التغيير إلا بمخاضات عنيفة
وطويلة الأمد ، أو عن طريق كوارث
طبيعية أو سياسية خارجية أو حروب
عالمية ، أما أن يأتي التغيير بهذا
الشكل الإنساني المذهل فهو ظاهرة
مذهلة بحاجة إلى الدرس والتمحيص
والمراقبة ، بصرف النظر عن هذه الاغوال
التي تريد أن تنحرف بالثورة وترغمها
على حمل السلاح أو تغيير مسارها . انظروا معي الى ثورة اليمن ، هذا الشعب
الذي أثبت أنه من أكثر شعوب العالم
تحضرا ، والذي يمتلك أكثر من خمسين
مليون قطعة سلاح ولكنه لم يستعمل أيا
منها على الرغم من ضغط "الأسرة
المتحكمة " في البلاد لدفع الناس نحو
حرب أهليه ، وهذا هو الشعب السوري الذي
يذبح ويفرم ويغتصب على مرأى ومسمع من
العالم ، وهو ثابت محتسب ، يقوم بثورته
في أجواء احتفالية تنسي المراقب هول
الفظائع التي ترتكب بحقه، ومثله الشعب
الليبي المغلوب على أمره بسبب الطبيعة
الجغرافية لليبيا وقلة عدد السكان
وقيامها على بحر من النفط ، ولولا ذلك
ماحمل الليبيون السلاح ، ولاكانوا
عرضة للاختراق الدولي المستكبر الذي
انقض على الثورات وركب قطارها وهو ليس
صاحب فضل فيها ألبتة. إن هذه الثورة الإنسانية العظمى في
المنطقة العربية ، لهي ظاهرة
استثنائية في التاريخ البشري اليوم ،
من حيث الأهداف ، والدوافع ، والأبعاد
الاستراتيجية لأمة مللت من أن تكون
مستعمرة ، وهذا على الرغم من أن تحررها
الكامل من الاستعمار لن يكون قريبا ،
"بفضل" هذه الغيلان التي كانت
تحكمها بالنيابة ، والتي تتشبث
بالكراسي تشبث الروح بالجسد ،– في
غيبة من الشعوب التي اشتعلت بسفاسف
الأمور وتخلت عن منظومتها الاخلاقية
الحضارية ردحا من الزمان- استولت أسر
"مجرمة" هنا وهناك على مقاليد
الحكم ، فحكمتنا تارة باسم القبيلة
وتارة باسم الطائفة، وكثيرا مافعلوه
باسم القضية المسكينة والقضية منهم
براء ، والأصل هو اختطاف أسرة لشعب
وبلد والاستيلاء على مقدراته وثرواته
واستعباد اهله . إنها ثورة جديرة بالاحترام والاعجاب
والدهشة ، لانها فعل إنساني سلمي حضاري
في منطقة طالما اختطفت باسم التدين
والعنف والطائفية والفسيفسائية ، إنها
ثورة الإنسان عندما يشب عن طوق المعتاد
في حياته البائسة ، وينمو بسرعة رهيبة
، ليتجاوز الحركات الدينية والسياسية
والمخططات الاستعمارية والاستيطانية
والاستلابية والاستكبارية ، ويخالف
فطرته ،كالليل يخالف فطرته ويضيء .."كما
يقول تميم البرغوثي الشاعر الشاب
الفلسطيني". ثورة لايد فيها للخارج ولا للحركات
السياسية ولا الدينية ولا الأشخاص لا
الكبار منهم ولا المرموقين ولا
المعروفين ، ثورة الشعب بأبنائه
بأمواجه التي تكتسح كل شيء، بروحه
المتطلعة إلى الخلاص من الأدران
السياسية والاجتماعية بأبطاله
المغمورين الذين لاأسماء لهم ، يظهرون
لنا في نشرات الأخبار وقد اجتثت حنجرة
هذا، وفجر وجه ذاك ،وقتلت الغيلان في
ليبيا ذلك وهو يرفض ان يقول "الله
ليبيا معمر" ، وتتلوى أجسادهم الغضة
النحيلة تحت ضغط الغازات السامة في تعز
وصنعاء!!.. ..بشبابها ونسائها وأطفالها
ومساجدها وكنائسها واهازيجها
واناشيدها ودمائها واختراعاتها
المبدعة المذهلة وقد أخرجت لنا من
طاقية الإخفاء الاستبدادية أسماء
مدننا وشوارعنا وساحاتنا وقرانا ،
ووجوها ليبية ، وسورية ، ويمنية ،
وتونسية ، ومصرية ، ماكنا نظن وجودها ،
ثورة اعادت الحياة للأمة ، وأعادت لها
وجودها على خارطة العالم كما على خارطة
قهرنا الممتدة من المحيط إلى الخليج،
ثورة بأسلحتها العجيبة : لا للعنف ، لا
للطائفيةوالفسيفسائية العرقية
والدينية ، لا لطلب التدخلات العسكرية
، نعم للاخلاق ، نعم للثبات والرباط
والصبر ، نعم للمصداقية والطهر والغد
والفجر والتحرر والكرامة والحياة. نعم لتغيير كل شيء في حياتنا بدءا من
إفهام الرؤساء انهم خدم لدى الامة إلى
إفهام الشعوب بانهم ليسوا عبيدا لأحد. جواب السؤال السابع: هذه الثورة بدات من سيدي بوعزيز في تونس ،
وشبت نيرانها في هشيم حياتنا الكئيبة
المستنقعية ، ولن تتوقف ..ستغير وجه
المنطقة كلها بإذن الله ، سلبا أو
إيجابا ، هذا يتوقف على قدرة الشعوب
على الصمود والرغبة في التغيير ، لن
يكون هنالك أحد في المنطقة العربية
كلها بمنأى عن هذه الثورة ، ومهما فعلت
هذه الانظمة لتلافي أن تشب النار في
أطراف ثيابها ، ستصل الثورة الى كل بيت
وزنقة ومسجد وكنيسة ورأس وفكر وسلوك
وحكومة ومجلس شعب وكتاب وعمود صحفي ،
ستصل بإذن الله الى كل مدرسة سوق
ودبابة وبندقية ، وسيتعلم "العرب"
أن يصوبوا بنادقهم إلى الأعداء ردعا
لاعدوانا ، وسيتعلمون كيف يعودون الى
الحياة بعد كل هذا الموات الذي دفنوا
أنفسهم فيه. تحديات الثورة أكثر من أن تعد وتحصى ،
بدءا من النظام الدولي ، والقوى
الاستعمارية العالمية التي تريد
للمنطقة ان تبقى راكعة مكسرة الرُكب ،
مرورا بالقوى الإقليمية وشبكة
علاقاتها مع الأسر التي اختطفت البلاد
في المنطقة ، وإسرائيل..إسرائيل ،
السرطان المؤبد في أحشائنا ، وانتهاءا
بصغار الآدميين من المنتفعين من
الأوضاع القديمة ومن المنافقين
والمتسلقين وأصحاب الضمائر المنخورة
والنفوس القذرة . لكن اعظم التحديات ستأتي من أنفسنا نحن ،
أبناء هذه الشعوب التي قهرت طويلا
وأذلوها طويلا ونهبوها حتى صارت
البلاد قاعا صفصفا ، التحدي هو أن
لايستطيع الإنسان في المنطقة أن يرتقي
الى مستوى الحدث ، وأن تحاول الحركات
والاحزاب التقليدية اختطاف الثورة دون
ان تكون لديها القدرة على إحداث ثورة
في كياناتها وهياكلها ومبائها
وتفكيرها وسلوكها ، التحدي هو أن ندعي
وصلاً بالثورة ونحن لانفقه من الثورة
إلا الوصول الى كرسي الحكم ، التحدي هو
أن نسقط في مهاوي عجزنا عن أن نطور
أنفسنا وأفكارنا وأخلاقنا وسلوكنا ،
التحدي في أن لاتترك الأجيال القديمة
مكانا للأجيال الجديدة لاستلام الدفة
وتسيير الركب بما تقتضيه المرحلة ،
وليس بموروثات القهر والاستبداد
والارتكاس والأمراض المتراكبة . التحدي هو أن نجهض الثورة بأيدينا ، سلما
أو سلاحا ، وتضيق أنفسنا ، فلا نفقه أن
الثورات تحتاج إلى وقتها وضحاياها
ومساحاتها إنسانيا واجتماعيا حتى تؤتي
أُكلها. جواب السؤال الثامن : لايوجد إعلام حر في عالمنا اليوم ، ولكن
يوجد من هو أكثر مصداقية من غيره ،ومن
هو أكثر إنسانية من غيره ، ومن يعمل فيه
رجال ونساء أكثر مهنية والتزاما
بقضايا الأمة من غيرهم ،ويوجد إعلام
تتطابق توجهات القائمين عليه مع رغبة
الجماهير ، أو يتوافق مايعلن ويبدو من
توجهات مالكيه مع ماتريد التعبير عنه
قطاعات واسعة من الجماهير. بعد هذا التوضيح الهام والضروري ،أظن أن
أهم وسائل الإعلام الرئيسية –غير
الحكومية وغير الرسمية -الناطقة
بالعربية ، والإعلام الالكتروني لعب
دورا هائلا جدا في دعم هذه الثورات ،
وينبغي لكل حر ان يقف احتراما للدور
الكبير جدا الذي لعبه رجال ونساء قنوات
إخبارية مثل البي بي سي الناطقة
بالعربية ، والعربية ، والجزيرة بكل
فروعها ، والحوار ، في هذه المعركة
التي كانت إعلامية بنفس القدر الذي
كانت فيه مصيرية في ساحات الرعب والسحل
والفرم والتعذيب في ليبيا وسورية على
وجه الخصوص ، خاصة في تلك الفترة التي
ماكانت الجزيرة نفسها تريد الحديث عن
الثورة السورية ،وقد تأخرت عن تغطية
أحداث سورية سبعة عشر يوما ن كان
الإعلاميون العاملون فيها يتمزقزن
غيظا وقهرا من هذا الموقف بالغ الحرج
بالنسبة إليهم، وحتى الساعة وعلى
الرغم من مرور خمسة اشهر على اندلاع
الثورة في سورية ، وعلى الرغم من
التغطية الكاملة الشاملة الجيدة
للثورة في سورية ، لم ينزل لسورية
إعلان ثوري خاص بها في هذه القناة التي
يحترمها الجميع. لولا الإعلام لما سقط القناع عن عائلة "قذاف
الدم" – وهذا اسم العائلة الأصلي-
التي اختطفت دولة وشعبا باسم الجماهير
، وباسم الاشتراكية ، وباسم حكم الشعب
، وإلى آخر هذه الترهات التي تمخضت عن
رجل مجنون وأبناءه الذين استولوا على
كل شيء ، من تفكير الناس ، إلى صياغة
كلامهم ، إلى سلوكياتهم ، وحتى أموالهم
ودمائهم وماضيهم وحاضرهم ، لولا
الإعلام ماسقط القناع عن الممانعين
والمقاومين ، من عصابات أسرة "الوحش"
في سورية – وهذا هو اسم العائلة
الحقيقي- ، مصاصوا الدماء السورية ،
مغتصبوا الفتيان ، الذين يدّعون
مقارعة العصابات المسلحة ، وهم يمضون
في طول سورية وعرضها دمارا ونهبا
وزلزلة ، يريدون أن يمنعوا طلوع الشمس
، وقد نسوا أن الليل كان هناك يعسعس
بينما الصباح يتنفس ، وقد أذن الفجر في
سيدي بوعزيز ، ولارادّ لأمر الله ، وقد
أتى أمره … أراد الشعب ، واستجاب الرب
للدعاء ، وبقي أن يستمر الشعب في
الصمود حتى استكمال المسيرة. ======================= د.نهلة الشهال العرب اليوم 2011-08-28 خطف وضرب وتعذيب الفنان علي فرزات يستحضر
كل بشاعة النظام السوري وأمثاله, وهم
متشابهون بشكل مدهش. وهذه فعلة على قدر من الغباء يثير الحيرة.
فعلي فرزات يعرف جيداً السلطة التي عاش
في ظلها, وقد عانى منها شخصياً, كما كان
شاهد عيان على معاناة رفاقه من
المثقفين, وعلى البطش الذي نالهم كما
نال عامة الناس. وصاحب "الدومري" يعرف تماماً مبلغ
ضيق صدر أهل هذه السلطة بكل نقد, وهو
قرر منذ البداية عدم استهابة تلك
الاعتبارات جميعاً. القمع في بقاع
الارض كافة, وبخاصة قمع المثقفين, لم
يخمد يوماً صوتهم ولا أذاب معارضتهم,
ولا هو أطال في عمر أي نظام, ناهيك
بالمساعدة على استتباب الاوضاع فيه. بل
يمكن القول أنه الاعلان العريض عن
الافتقاد للشرعية. وكل مزيد منه يعني
إيغال أكثر في العراء منها. تتكرر
التجربة وليس من فائدة, فالسلطة
الاستبدادية تشتغل وفق منطقها المغلق.
الاعتداء على فرزات جريمة مجانية, يثير
الغيظ أن تلجأ السلطة بإزائها الى
تشكيل "لجنة تحقيق": كان يفترض بها
إدانتها بأقسى التعابير, وبصدق, وعقاب
مرتكبيها علناً وبشدة, على فرض أنهم
فعلوا بمبادرة ذاتية غبية, وهم حتماً
معروفون ولا يحتاج أمرهم الى لجان.
لكان ذلك فاتحة مسلك آخر, لا يوجد سواه
لوقف انزلاق سورية نحو الكارثة, وهي
باتت تلوح في الافق. فلنكن واضحين: ليس محبة بالنظام البشع,
وليس مراهنة على فضائل يختزنها, بل
خوفاً على سورية وعلى المنطقة برمتها,
حيث سيرورة الوضع فيها ومآله سيحددان
مستقبل الارهاص التغييري والثوري
الجاري. لا يوجد في بنية النظام السوري
إمكانات للانقلاب الذاتي, كما حدث في
مصر وتونس, حيث تمكنت مؤسسة الجيش من
الامساك بالأمور ومن استئناف الصراع
مع المجتمع بين جدل وتفاوض وتسويات.
والافتقاد لهذه الامكانية يعني اندفاع
الامور الى المأزق, كما بات جلياً
اليوم: لقد جُرب الحل الامني في سورية
وفشل, إذ لم يحل دون استمرار التظاهرات
في الاماكن المقموعة كما في سواها. لم,
ولن يؤدي القمع الدموي الى ردع الناس
وإخافتهم. ومن ينصح أهل النظام بمزيد
منه توخياً للفعالية إما مجنون, وهذا
لا يحسب حسابه, أو انتهازي مصلحي
بالمعنى الذاتي الضيق, جبان, يريد
التملق للنزعة القمعية الموجودة بقوة
في مثل هذه الانظمة, ولا يقيم حسابا
للغدِ بل لا يهمه سوى رضا أصحابه الآني.
ونصحاء السوء بالمناسبة ليسوا قلة, وهم
يؤدون دوراً في غاية الضرر إذ يشجعون
أهل النظام على التمادي في منحى خطير
وبلا مخرج. أسمع الاعتراضات: النظام ليس بحاجة لمن يشجعه, والنظام لا
يعرف سوى هذا النهج. وفي هذا الكثير من
الصحة, ولكن السياسة لا تخضع الى
حتميات محكمة, وإلا لكان كل فعل وموقف
عبثيان. والانتفاضة في مأزق. ففي مواجهة آلة القمع
القاتل, ستصطدم التحركات الاحتجاجية
سريعاً بحدود فعالية الوسائل السلمية,
وستغلب داخل قواها الاصوات الداعية
الى مجابهة العنف بعنف مسلح. سيما إذا
استمر توفير مستلزماته! وفي لحظة من
لحظات نضج الانتفاضات, تُطرح كيفية
الاستمرار وكيفية الحسم. وفي سورية,
دفع الناس ثمناً هائلاً من أجل
الانتفاض, وسيكون من الصعب تماماً, ومن
المحبط وغير المقبول, دعوتهم الى
التنازل مقابل تدابير شكلية أو جزئية,
من شاكلة ما يقترح النظام عليهم. ذلك
موقف لا فرصة موضوعية أمامه للتحقق.
ولا يجب. ولكن اسقاط النظام بسرعة ليس في متناول
اليد لأسباب متعددة. ولا يوجد في هذا
الاقرار أي تهيب من النظام أو تساهل
معه, كما ليس فيه بعدٌ قيمي أو أخلاقي.
بل هي حسابات باردة. في مقدمة تلك
الاسباب أن النظام يمتلك وسائل دفاع عن
نفسه لا يستهان بها (عسكرية وطائفية,
كما وظيفية, بعضها يمس مصالح قطاعات
واسعة من شرائح مجتمعية بعينها, وأخرى
تخاطب تناقضات البنية السورية نفسها
حيث المذاهب والاثنيات والعشائر
والجهات), وهو لن يوفر استخدامها. كما
لا يوجد في داخله وفي مفاصل القوة التي
يستند اليها احتمالات انشقاق ذات مغزى,
يمكن أن تتحول الى بدائل. ثم هناك طبيعة
المعارضة المدنية المشرذمة وغير
المتبلورة سياسياً, والتي لا يحل
مشكلاتها البنيوية (هي الاخرى)
اجتماعات متتالية ولا هيئات تأسيسية
معينة على عجل, وستتطلب ولادة بدائل
قابلة للتقدم من الناس مقترحة عليهم
تأييدها للامساك بالسلطة في سورية
موحدة متماسكة, اشتغال على التوافق لم
ينجز بعد, وليست المسألة مسألة وقت
فحسب, بل استعصاءات لا بد من التصدي لها.
وأخيراً وبإيجاز, فلا يوجد أبداً في
معطيات الوضع الحالي ما يسمح
بالاعتقاد أن منقذاً خارجياً يمكنه
التدخل, على غرار تدخل الناتو في ليبيا... ولذا, فحبس الاحتمالات ما بين نجاح النظام
في الامساك بالموقف عبر القمع المنفلت
من عقاله, أو اسقاطه, يعني ببساطة, ووفق
المعطيات السورية, الدفع نحو تعميم
العنف, بما فيه خطر الحرب الأهلية
وتفكك البلد ودخوله في فوضى عارمة,
وتأثير ذلك على كل محيطه وعلى مسار
عملية التغيير في المنطقة. ويصدق هذا
التقدير على أهل النظام المتشبثين
بأساليبهم, كما على المعارضة التي تظن
أن فرصتها قد سنحت, وعلى مؤيدي
الانتفاضة حتى لو كانت دوافعهم
انسانية ومبدئية. ومن يعيب التطرق الى
مثل هذه الحسابات, ينكر الواقع.
والمخيف أن الطرفين يتقاسمان "إرهاب"
الداعين الى البحث الجاد والسريع عن
تسوية, بالمعنى التاريخي للكلمة. وأما مفتاح الفرج بان يتقدم النظام من
الناس بمقترح تغيير فعلي, وليس أقل. وهو
حرٌ في تسمية مقترحه "إصلاحات" لا
"تنازلات", فقد تجاوز الخطر
الماثل هذه الاعتبارات!0 ================ آخر تحديث:الأحد ,28/08/2011 يوسف أبو لوز الخليج الظلم والقهر والاستبداد . . منظومة لا
أخلاقية ولا إنسانية بكل معايير
البشرية المتمدّنة، وهي منظومة تشبه
التاريخ الذي يكرر نفسه، ولكنه تاريخ
أسود، يسمّيه الشاعر الأرجنتيني لويس
بورخيس تاريخ العار . في نهار يوم 15-9-،1973 اقتادت فرقة الموت
العسكرية تحت إمرة العقيد ماريو
ماتريكس الشاعر والمغني وعازف الغيتار
فيكتور غارا إلى ساحة ملعب في سانتياغو
في تشيلي، وبتعليمات من الجنرال
الدموي أوغستو بينوشيه تم تعذيب
الشاعر المغني غارا مدة أربعة أيام،
انتهت بتكسير أصابعه التي كان يعزف بها
من أجل شعبه الفقير المسكون بالحرية
وروح الكرامة . ثم أطلقت على جسده 34
رصاصة، وكل ذلك، فقط لأنه كان مع الشعب
التشيلي ومع حرية أبناء بلده، إلاّ أن
القتلة كانوا أكثر حقداً على فيكتور
غارا، لأنه كان مؤيداً للرئيس سلفادور
الليندي الذي انقلب عليه بينوشيه . بعد أكثر من 35 عاماً تعيد منظومة
الاستبداد نفسها، ولكن هذه المرة
بنسخة عربية، فقبل أيام، وبعد منتصف
الليل اعتدى مسلحون مجهولون على رسام
الكاريكاتير السوري العالمي علي
فرزات، بالضرب على الوجه والرأس
وتقييد يديه بسلك معدني وتهشيم
أصابعه، ثم رميه على قارعة الطريق وهو
بين الحياة والموت، ولولا مساعدة أحد
المارّة الذي سارع بنقله إلى المستشفى
لفارق الحياة . علي فرزات الذي نجا من الموت كانت كلماته
الأولى أن الرسم هو قدره وأنه سيواصل
التعبير الحرّ بالكاريكاتير الذي هو
أداة سلمية ثقافية مدنية، مهما كانت
مباشرة وحادّة لا يصل عقابها إلى هذه
الصيغة الإجرامية البلطجية . الاعتداء على علي فرزات، وهو اسم علم
اعتباري يعتز بفنه وإبداعه السوريون
قبل غيرهم من شعوب العالم . . اعتداء
وحشي بربري وهو الذي لم يكن يحمل
مسدساً ولا قنبلة، وكل ما كان في
حقيبته قلم كتابة وفرشاة للرسم . بعد أكثر من 3 عقود، وعندما انتصرت ثقافة
الحياة على آليات الرعب والخوف في
تشيلي، أعيد الاعتبار إلى فيكتور غارا
بالتعقب القانوني لقتلته وإطلاق اسمه
على الملعب الذي قتل فيه، لا بل إن عالم
فلك روسياً اكتشف كوكباً وأطلق عليه
اسم “فيكتور غارا” . علي فرزات، هو الآخر، كوكب عربي سوري، لن
ينطفئ حتى لو تم تقفيع أصابعه بأيدي
زمرة من الشبيّحة القتلة . ================ دمشق غازي دحمان المستقبل 28-8-2011 أراد النظام الأمني السوري، ومن خلال
استباحته لحماة ودير الزور واللاذقية،
توجيه رسالة إلى باقي المدن السورية
الثائرة، وتلك التي تتحضر للثورة،
مفادها أن قمعه لا يعرف حدوداً وأنه
مستعد للسير بالمغامرة إلى أقصاها،
وعلى الشارع ان يتلمس رأسه ويحسب ألف
حساب لأي تعبير احتجاجي قد يخطر على
البال، وذلك بعد أن أخذت التعبيرات
الإحتجاجية تنوعات عدة عبرت عنها
قطاعات مختلفة من فئات الشعب، وكانت
أكثر تعبيراتها وضوحاً الوقفات
الاحتجاجية المساندة للثورة من قبل
الفنانين والمحامين والأطباء... وسواهم
من نخب المجتمع السوري التي شجعها زخم
حراك حماة ودير الزور وبقية المدن
الثائرة بقوة. وبالفعل، وصلت رسالة النظام إلى الشعب
السوري، ويمكن القول انه جرى فهمها
تماماً، ولكن ليس بالصيغة التي أرادها
النظام. فقد ثبت أن الثورة السورية
استطاعت، وعلى مدار ستة أشهر من عمرها،
التكيف مع كل أنماط التعاطي الأمني
والسلطوي، بل أنها باتت تستطيع تقدير
هذه الأنماط ورسم الإستراتيجيات
المكافئة والمعطلة لفعاليتها، وقد بدا
ذلك واضحاً من خلال قدرة الثورة على
ترميم المستوى القيادي فيها رغم تعرضه
لضربات أمنية قاسية في مسارها أدت إلى
اعتقال وقتل الكثير من الناشطين. غير
ان دينامية الحراك كان لها دور فاعل في
عملية الرفد الدائمة، الأمر الذي أنقذ
الثورة من الوقوع في حالة الفوضى
والتشتت التي أرادها النظام لها. ولعل أهم أرصدة الثورة السورية، وأكثر
أسلحتها فاعلية، القدرة على مواجهة
القمع بالإصرار على متابعة الثورة
والوصول إلى الغايات المرجوة، وقد كان
واضحاً أن النظام وعلى مدار الستة أشهر
الماضية عمد إلى استخدام كافة أسلحته
الفتاكة، ولم يوفر شكلاً من أشكال
القمع، أيا تكن طبيعته العنفية
والأخلاقية، ولم يزد ذلك الثورة إلا
إصراراً، حتى تحولت الثورة إلى حلقة
مفرغة، تتغذى بصورة مستمرة من دورانها.
وفي الطريق إلى هذه المرحلة جرى تفكيك
بنية الخوف لبنة بعد أخرى، فكان كل موت
يبعث حياة جديدة في عروق الثورة، وصارت
كل حالة اعتقال ترفدها بأحرار جدد،
وبات التعذيب، بمقدار ما يزيد شجن
الثورة، يغذي أشواقها للحرية والخلاص. وخلاصات ذلك، أن الثورة بلورت عناصر
فعلها على الأرض: خصم صعب وعنيد هو
عبارة عن جيل من الشباب، لم يأخذ فرصته
الكافية في التدجين في معسكر النظام،
كما تربى، خفية، على قيم غير تلك التي
يفرضها، أو يتيحها النظام. ومشكلة هذا
الأخير مع هذه الطبعة الجديدة من
السوريين تتمثل بكون سقف مطالبهم أكبر
بكثير من قدرات النظام على الإلتفاف
عليها. فلا عدة النظام الإيديولوجية (الوحدة
والحرية والإشتراكية) التي باتت في نظر
هذا الجيل أقل حتى من شعارات فارغة،
تستطيع ضبطه في إطار السياقات
التقليدية للنظام (شبيبة الثورة وحزب
البعث)، ولا إعلامه المتخلف قادر على
جذبه وقولبته مواطناً صالحاً في مملكة
الخوف والصمت، وبالتالي تبدو كل
محاولات النظام للالتفاف على هذا
الجيل بائسة وتدعو حتى للشفقة، حيث لا
تعنيهم كثيراً قوانين أحزاب مدورة ولا
قوانين إعلام مدبجة ولا يهمهم أي وجيه
ستوصله القوانين الإنتخابية المفصلة
إلى مجلس الشعب. إنهم يريدون صناعة
مستقبلهم بأيديهم هم، وهذه الإرادة
والرغبة لايوفرهما نظام بات مستقبله
وراءه. الربع ساعة الأخير من الثورة السورية
بدأ، كل ما في الأرض السورية بات
متجهزاً لهذا الحدث، لكن انتبهوا، لا
يعني ذلك أن الإنتصارات ستتحقق بطريقة
درامية دراماتيكية، ثمة فصل من العنف
يتحضر له النظام ربما تفوق أكلافه ما
حدث حتى اللحظة في سوريا على ضخامته،
لكن الثورة في النهاية لن تنحر نفسها
ليحيا المستبد. ================ بين طرابلس الغرب ودمشق...
أيّام الثورة وسقوط الكوابيس هوشنك أوسي() المستقبل 28-8-2011 كم كان مشهد ليلة 21/8/2011 في طرابلس الغرب
مشابهاً لمشهد صباح 9/4/2003 في بغداد، حيث
صورة الكابوس _ الطاغيّة، تداس
بالاقدام، وتضرب بالأحذية. لَكم كان
المشهد من البلاغة القصوى بمكان، أن
يعجز الكلام عن وصفه!. شبابٌ ليبيون،
ينهالون بغلِّ وحرقةٍ وتشفٍّ، دهساً
على خرقةٍ مطبوعةٍ عليها صورة "الأخ
القائد"، و"عميد الرؤساء العرب"،
و"ملك ملوك افريقيا". وكذا كان
الحال، قبل ثمانية أعوام ونيّف في
بغداد، حين انهال الشعب على صورة "القائد
المفدّى.. المهيب الركن"، وقائد "أم
المعارك"، و"حارس البوابة
الشرقيّة للأمّة العربيّة" صدّام
حسين، دهساً وتمزيقاً، وعلى تماثيله
وأصنامه، خلعاً وتحطيماً وتكسيراً!.
هكذا، وبدهاءٍ وخُبثٍ وحنكةٍ ومكر
عميق، يعيدُ التاريخ دورته في مكانين
وزمانين مختلفين، وجوهر الحدثِ واحد.
وهو، ثورة العبيد على أغلالهم، وعلى
سيّدهم الطاغية. والانهيال بالضرب على
الصور، بالعصيّ والاحذية والدهس، هو
التعبير عن مدى الاحتقان والكبت
وكتمان الغضب والرفض لنظام كان جاثماً
على الصدور كالكابوس المميت، وبل
أشدُّ وطأةً وأثقلُ. ذلك أن هذه الصور
لدى الجموع الغاضبة والفرِحة في آن، هي
تعبير عن صاحبها، وبمعاقبة الشعب
للصور، فأنها تعاقب صاحبها الطاغية. "أنا لست رئيس ليبيا. ولا أسعى الى
مناصب. ولو كان لدي منصب، لقدّمت
الاستقالة، وألقيتها على وجوهكم"،
هكذا قالها العقيد القذّافي، معلّقاً
على دعوات موجّهة له من الشعب الليبي،
تطالبه بالتنحّي. والحال هذه، الرئيس
الليبي "المخلوع"، لم يكن لديه
أيّ منصب رسمي، وكان يحضر المؤتمرات،
ويزور البلدان على أنه الرئيس الليبي!.
هكذا، كان القذّافي، يخطب "نائياً
بنفسه، عن اللهاث على المناصب!!. ولِمَ
المناصب، ما دام الشعب والدولة
وثرواتها ومؤسساتها في جيب الزعيم؟!.
ذلك أن المنصب بالنسبة للقذّافي،
استنفد مهمّته في تطويب ليبيا باسمه
وأسماء أبنائه وحاشيّته. "هذا الكلام لا يقال لرئيس لا يعنيه
المنصب.. لا يقال لرئيس لم تأت به
الولايات المتحدة ولم يأت به الغرب..
أتى به الشعب السوري". بهذه اللغة،
ردّ الرئيس السوري بشّار الأسد على
الدعوات بالتنحّي التي أتته من واشنطن
ولندن وباريس وبرلين وطوكيو... وعواصم
أخرى. وقبل هذه العواصم، تأتيه هذه
الدعوى، يوميّاً، من الشعب السوري منذ
اربعة أشهر. لكأنّ الأسد، كقرينه
ونظيره الليبي، القّذّافي، يقذف
كلاماً جزافاً واعتباطيّاً، كيفما
اتفق، يريدُ به أن يُخرس التاريخ!. ذلك
أن والده الراحل، حافظ الأسد، كان قد
ألغى الشعب والدولة في سورية، مختزلاً
الشعب والدولة في العائلة وحاشيتها.
وورث الأسد الابن من الأسد الأب كل هذا
الإرث وهذه التقاليد العريقة في
الاستبداد والالغاء والطغيان. ولعلّ
الأسد، بردّه الهشّ والركيك ذاك، يريد
أن يشطب من ذاكرة سورية الطريّة، كيف
ان مجلس (الشعب)، اجتمع، وغيّر مادّة
رئيسة في الدستور السوري، وخفّض سنّ
رئيس الجمهوريّة من 40 الى 36 سنة، كي
يصبح مقام رئاسة سورية على مقاس عمر
الأسد الابن. كل ذلك، في 15 دقيقة!.
لكأنّه يظنّ بالسوريين والعرب وشعوب
العالم والمجتمع الدولي، قطيعاً من
الجهلاء والحمقى، حتّى يصدّقوا كلامه
حول إتيان الشعب به للحكم! الحقّ أن حديث الأسد، لتلفزيونه الرسمي،
كان عبارة عن حزمة تهديدات للداخل
والخارج. هذا الحديث هو الرابع من
نوعه، منذ بدء الانتفاضة السورية
المطالبة بالحريّة وإسقاط النظام منذ
منتصف آذار الماضي، لكنه كان الأكثر
وضوحاً في التهديد والوعيد. إذ أراد
الأسد، من خلال حديثه ذاك، التأكيد
للداخل السوري أنه ماضٍ في الحلّ
الأمني والقمع وسحق الانتفاضة. وكان
رسالة للعالم، أنني قادر على تحطيم
الشرق الأوسط على رؤوس مصالحكم. وردّي
سيفوق تصوّركم وطاقة احتمالكم!. هكذا
هدد الأسد، أي دولة تقوم بشن هجوم
عسكري على نظامه! الاعلام السوري، ووكالة "سانا"
الرسميّة للأنباء، تجاهلت تماماً، حدث
استيلاء الثوّار على طرابلس. وحين ظهر
"سيف الاسلام" القذّافي، في شريط
فيديو، يكذّب فيها خبر اعتقاله،
أبرزته "سانا"، كخبر رئيس وعاجل.
ولكن، حين سقط "بيت الصمود والتصدّي"
(مجمّع باب العزيزيّة)، وفرار القذّافي
كالجرذ المذعور، هذا الخبر أيضاً،
تجاهلته "سانا"، وقنوات التلفزة
السوريّة، في حين كانت قنوات التلفزة
ووكالات الانباء العربيّة والعالميّة
مطبولة بهذا الحدث!. ومعروف ومفهوم
لماذا تجاهل الإعلام السوري _ الأسدي،
أخبار انهيار النظام الليبي، وعدم
صمود "بيت الصمود"، وذلك حرصاً
وخشيةً من تداعيات ذلك على "قلعة
الصمود والتصدّي"، التي يحكمها
الأسد! بالعودة الى حديث الأسد لتلفزيونه الرسمي
"الشفاف"، على حدّ وصفه له، رأينا
كيف أكّد الرئيس السوري على إهانته
للشعب الكردي في سورية. وتجاهله لوصفهم
ب"الشعب"، وذلك أثناء ردّه على
سؤال "حول ما إذا كان مرسوم تجنيس
الأكراد جاء نتيجة القلق من احتمال
تحريك هذا العامل في الأزمة؟، قال
الأسد، بحسب ما أوردته "سانا"
نقلاً عن حديثه: "الحقيقة أن أول مرة
طرح هذا الموضوع كان في شهر آب عام 2002
عندما قمت بزيارة الحسكة والتقيت
بالفعاليات في المحافظة ومنها الأخوة
الأكراد وتحدثوا في هذا الموضوع وكان
جوابي في تلك الزيارة أن هذا الموضوع
حق وحالة إنسانية يجب أن نتعامل معها
وسنبدأ بحل الموضوع". وأضاف: "بدأنا
مباشرة باتخاذ الإجراءات ودراسة
الاحتمالات وكانت هناك عدة سيناريوهات
أي ما الشكل القانوني والدستوري
لإصدار مثل هذا القرار... وسرنا في ذلك
وطبعا لم تكن الحركة سريعة ولكن كدنا
ننتهي في بداية عام 2004 إلى أن بدأت
الأحداث في الحسكة والقامشلي تحديدا
في شهر آذار عام 2004 حيث حاولت بعض القوى
أو الشخصيات أو الجهات أن تستغل موضوع
منح الجنسية لمكاسب سياسية ستؤدي
بالنتيجة للتنافر بين الأكراد والعرب..
وعندها توقفنا وأجلنا الموضوع وبدأنا
عملية حوار مع القوى المختلفة ولاحظنا
بأن هناك محاولة مستمرة لاستغلال هذا
الموضوع". وتابع حديثه: "الحقيقة
أنه عندما قررنا إصدار هذا المرسوم في
بداية الأحداث (يقصد الانتفاضة
السورية) كان جاهزا لذلك صدر بسرعة أي
أن الدراسات كانت منتهية والقرارات
جاهزة على الورق ولم يكن باقيا سوى
توقيع المرسوم ونحن كمبدأ لا يمكن أن
نفكر بهذه الطريقة لأن هذا فيه أولا
اتهام للأكراد بأنهم غير وطنيين وإذا
كنا نفكر بهذه الطريقة فهذا يعني أن
التعامل بين الدولة والشعب هو بطريقة
الرشوة وهذا خطر.. لا يوجد دولة تحترم
شعبها وتحوله إلى مرتزقة.. وهذا الكلام
مرفوض والشعب السوري هو شعب عريق
وحضاري والإخوة الأكراد هم جزء أساسي
من النسيج العربي السوري.. كما قلت منذ
سنوات سورية من دون أي مكون من
مكوناتها لا يمكن أن تكون سورية التي
نعرفها ولا يمكن أن تكون مستقرة إن لم
يشعر كل مواطن بأنه أساس وليس ضيفا
وليس طائرا مهاجرا لا يمكن أن يكون
وطنيا وهذا شيء محسوم لنا في سورية..
والقضية كانت تقنية والبعض حاول
تحويلها إلى قضية سياسية .. ولو عدنا
إلى تاريخنا فكما كافحنا الفرنسي
وغيره من المستعمرين كان للأكراد ايضا
عدد من القيادات التي واجهت الفرنسي أي
من قيادات الثورة وليس مجرد ثوار عدا
التاريخ السابق والتاريخ اللاحق
واليوم.. وبالتالي هذا التشكيك نعتبره
مرفوضاً". الحقّ أنه لا يوجد رئيس في العالم، يحترم
نفسه ووطنه وشعبه، ويمتلك أدنى درجات
اللباقة واحترام عقول الناس، ويكون
بهذا القدر من الكذب! أولاً: الكرد هم شعب عريق في المنطقة، وفي
سورية أيضاً، وتعداده يناهز 3 مليون
نسمة. وهم ليسوا "فعاليات"
اجتماعيّة كما يكررها الأسد. ثانياً: كان الأسد قد صرّح عقب الانتفاضة
الكرديّة في 12 اذار 2004، أن الكرد هم جزء
من النسيج الاجتماعي السوري. والآن،
يقول: هم "جزء أساسي من النسيج
العربي السوري". يعني، انه يصرّ على
تعريبهم وإنكار وجودهم القومي،
وهويّتهم القوميّة!. ثالثاً، الشعب الكردي، ليس بحاجة لشهادة
حسن سلوك وطني، لا من بشّار الأسد، ولا
من حزبه، ولا من أيّ شخصٍ أو جهة كانت،
سواء في النظام والمعارضة. وأمّا اتهامه للاحزاب السياسيّة
الكرديّة، بأنها حاولت استغلال محنة
الكرد المجرّدين من الجنسيّة، لأغراض
سياسيّة، تريد النيل من العلاقة
والأخوّة والشراكة الوطنيّة الكرديّة
_ العربيّة في سورية، فالردّ على ذلك،
متروك برسم الاحزب والنخب الكرديّة،
التي يجب ان تنفض يديها نهائيّاً من
هذا الطاغوت، وتكفّ عن حالة التردد
والضبابيّة الذي يكتنف خطابها موقفها،
بخاصّة أن غالبيّة المجتمع الدولي
قالها للنظام السوري، تنحّى! ويجب أن
تصرّح الحركة الكرديّة الوطنيّة
السوريّة أيضاً عن ذلك وتطالبه
بالتنحّي. ولقد كان موقف الحركة
الكرديّة السوريّة الحالي مبرراً، حين
كان العالم يدعو الى تغيير سلوك النظام
وليس إلى اسقاطه. لكن الوضع الآن،
اختلف. ويجب أن يكون موقف الاحزاب
الكرديّة منسجماً مع الموقف الدولي.
وأي تردد، سيكون في مصلحة النظام، وفي
مصلحة بعض الجهات المشبوهة التي تريد
تهميش دور الحركة الكرديّة، والصعود
على اكتافها. الرئيس السوري، "مطمئنّ وغير قلق"
كما قال في حديثه. وحقيقة الأمر،
بالضدّ من ذلك تماماً. ولعلّه الأكثر
خشية من سقوط النظام الليبي. ذلك ان
سقوط النظام الليبي، وانكشاف مدى
التنسيق بينه وبين النظام السوري في
الجرائم الارهابيّة التي شهدها
العالم، مضافاً اليها جريمة اختطاف،
وربما تصفية الإمام موسى الصدر ايضاً. الرئيس السوري، "مطمئنّ" وغير "قلق"،
ويطالب القلقين بالاطمئنان وعدم
القلق، وهو يشاهد صورة القذّافي تداس
بالاقدام. وتماثيله وأصنامه تقتلع من
ليبيا، "زنقة زنقة، شبر شبر"! لكن،
أغلب الطغاة، لا يتعظون من التاريخ.
ذلك ان الذي يريد ان يدخل التاريخ
داهساً شعبه، يخرج من التاريخ مدهوساً
من شعبه. إنها أيّام الثورة، وسقوط
الأنظمة الكوابيس، والزعامات
الكوابيس، من على صدر الشعوب لتحت
أقدامها. أنه ربيع الشعوب الحرّة، ربيع
الأوطان الحرّة التي تحاول النهوض من
تحت ركام وويلات وكوابيس الاستبداد
والفساد والقادة الطغاة. ================ الضغوط الغربية على دمشق:
أن تأتي متأخرة خير من أن لا تأتي
أبداً افتتاحية "لوموند" (20 آب
2011) المستقبل - الاحد 28 آب 2011 العدد 4099 - نوافذ - صفحة 16 كان يجب ان تمر خمسة أشهر من القمع
الدموي، وضجيج الدبابات والرشاشات،
خمسة أشهر وأكثر من 2000 قتيل... قبل ان
يحزم الغرب أمره ويرفع صوته عاليا
ليطالب بشار الأسد بالتنحي. في 18 من آب الجاري، بادر اوباما، ثم تبعه
نيقولا ساركوزي ودافيد كامرون وانجيلا
مركل، فقال ما كان عليه قوله: لقد فقد
الأسد كل شرعية وعليه ان يرحل. خلال الأشهر الخمسة تلك، لم تتوقف
المعارضة السلمية والشجاعة عن تسريب
الحكايات واشرطة الفيديو عن قتلى وعن
ضحايا تعذيب، كل واحدة تنم عن وحشية
تفوق سابقاتها. على الرغم من الاطباق
الاعلامي الذي فرضته دمشق، كان كل شيء
يشهد على الشراسة القاتلة لنظام مستعد
للقيام بأي شيء من اجل ان يستمر. الدول الغربية تردّدت طويلا، بل غالت في
التردّد، قبل ان تتخطى العتبة وتطالب
بتغيير النظام. وبهذا التردّد، غذّت
هذه الدول الاتهامات الموجّهة اليها
بأنها "تكيل بمكيالين": ففي
ليبيا، كان يكفي اسبوع واحد من القمع
العسكري للمتظاهرين حتى تنطلق
النداءات الغربية: "القذافي يجب ان
يرحل". لا شيء من هذا القبيل في سوريا.
لنكن واضحين: المتظاهرون السوريون لم
يطالبوا ابدا بتدخل عسكري خارجي. ولكن
كان من حقهم ان ينتظروا، هم ايضا، من
الامم المتحدة ان تعلن مبدأ "مسؤولية
الحماية"، الرامي الى احباط أبشع
الفظائع، أو أن تهدد الامم المتحدة
باللجوء الى المحكمة الجزائية الدولية
لمعاقبة جرائم ديكتاتورية دموية. اسباب البطء الديبلوماسي هذا معروفة.
نعلم ان الامم المتحدة عرضة للاعاقة من
قبل روسيا، طالما ان موسكو ما زالت
متوترة من السابقة الليبية ومازالت
ايضا منكبة على حساباتها الجيو سياسية
التي لا تدخل فيها مسألة حقوق الانسان. اما تحفّظ مجموعة الدول "الصاعدة"،
أي الهند وأفريقيا الجنوبية
والبرازيل، فهي ليست مفاجئة: فزعماؤها
يودّون تصديق الوعود "الاصلاحية"
التي اطلقها الرئيس السوري. فيما بلدان
المنطقة، وعلى رأسها المملكة العربية
السعودية وتركيا، احتاجت الى قدر من
الوقت لتخلص الى ان لا شيء طيبا يمكن
انتظاره من بشار الاسد. فالوساطات التي
قادها البلدان لم تفض الى اية نتيجة. اخيرا، جميع الاطراف كانت تخشى ان يؤدي
سقوط آل الأسد الى فتح علبة البندورا
الشرق أوسطية. وذلك قبل ان يدرك
الجميع، أيضا، بأن الاستقرار في هذه
المنطقة بات مهددا اذا ابقي على قائد
لا يردعه ارتكاب اي نوع من انواع العنف. حتى الآن، لا شيء مضمونا. فالغربيون وحدهم
هم الذين يطالبون برحيل الاسد. وأدوات
الضغط التي بحوزتهم محدودة ضد هكذا
سلطة متخندقة خلف الدبابات. اما الشارع
السوري، فقد ابدى مقاومة عظيمة، مثيرة
للإعجاب، ضد نظام يعتمد الطرق الوحشية
بالقدر الذي يقوم على دعاية كاذبة
وسينيكية. والأسرة الدولية لا يجب ان
تتخلى عن هذا الشعب. الاوروبيون الذين يشترون 95% من النفط
السوري سيكونون على درجة من النباهة لو
اوقفوا المعاملات الاقتصادية
والمالية التي تساعد نظام الاسد على
البقاء. بل لو قطعوا تلك العلاقات،
فسوف تكون أفعالهم مطابقة لأقوالهم،
الداعية الى سقوط الطاغية. ================ علي حماده النهار 28-8-2011 مرة جديدة تضع روسيا نفسها خارج التحولات
العربية المتلاحقة. فبعد ليبيا يأتي
الموقف من الثورة السورية التي جعلت
الحرية والكرامة والديموقراطية
شعارها الاساس ليتبين ان موسكو لا تقيس
الأمور إلا بمعايير المصلحة البدائية
وبشيء من الحنين الى ماضيها
الامبراطوري، اي انها تسعى الى حماية
شريك تجاري (السلاح) يمنحها تسهيلات
لما تبقى من أسطولها العسكري في
المتوسط، وفي نظرتها ان النظام السوري
يبقى على رغم غزله الدائم مع الولايات
المتحدة، أقرب الى موسكو التي تؤدي
دورا دوليا أقرب الى الابتزاز السلبي
منه الى الفعل الايجابي. تبدو موسكو في الملف السوري شريكا يقف عند
حافة الطريق في حين تتغير سوريا بسرعة
قياسية بفعل تضحيات الشعب في مواجهة
احد اكثر الانظمة وحشية ودموية بعد
نظام صدام حسين. فالتغيير آت ونظام
بشار الاسد سيرحل عاجلا ام آجلا. وبدل
ان تحجز موسكو لنفسها مقعدا في سوريا
ما بعد الاسد، فإنها واقفة عند نقطة
الابتزاز في مجلس الأمن حيث تطلب عقد
جلسة عاجلة لمناقشة الاوضاع في سوريا،
في مناورة لاستباق تقديم الدول
العربية مشروع قرار قوي ضد النظام
وتعطيله. والهدف الاساس هو حماية نظام
بشار الاسد الذي يمضي في قتل المواطنين
العزل بحماية موسكو وبيجينغ في
المحافل الدولية. ان موسكو تخرج نفسها من سوريا بهذه
السياسة القصيرة النظر، في حين تتحضر
الدول الغربية لأن ترث سوريا ايضا
لتصبح موسكو مرة جديدة لاعباً ثانوياً
لا يتذكرها العالم إلا لمناسبة انعقاد
جلسات مجلس الامن. اما الصين فإنها
بالتحاقها بالموقف الروسي تكتفي
بإرسال رسالة مفادها ان الصين عملاق
اقتصادي وقزم سياسي. ولعل من المفيد
التذكير بوضع الصين في ليبيا اليوم.
فبعدما كانت تمتلك حصة كبيرة في السوق
الليبية باتت في حاجة الى استجداء
الدعم الغربي للمحافظة على عقودها
السابقة مع نظام معمر القذافي. ان
الموقف الروسي المعرقل لاتخاذ قرار
قوي ضد القتلة في سوريا لن يوقف عجلة
التاريخ، ولن يوقف الثورة، ولن يعيد
الشعب الثائر الى المنازل، ولن يحمي
النظام الراحل. وفي النهاية ستجلس
موسكو الدولة الكبرى الطامحة الى
استعادة شيء من مجدها الامبراطوري على
هامش الاحداث في الشرق العربي، وكان في
إمكانها ان تنزع عنها الحنين الى
الثنائية القطبية السابقة، وان تتصدر
عملية التغيير بقوة فتنتزع دور
الريادة في سوريا ما بعد نظام الاسد. لا
عودة الى الوراء في سوريا. ولذلك فإن
الاسراع في الوقوف بجانب الشعب
المنتصر لا محالة في سوريا هو أفضل ما
يمكن للقيادة الروسية ان تفعله، بدل ان
تقبل بدور رجع الصدى لمواقف ايران في
المحافل الدولية. ان السوريين لن يغفروا لكل من ناصر قتلة
الأحرار من نساء واطفال وشيوخ ورجال،
ولن يسامحوا اي جهة غطت حمام الدم الذي
يتسبب به النظام. لن يغفروا لاثنين:
إيران وتابعها "حزب الله" من جهة،
وروسيا من جهة اخرى... ================ صالح القلاب الرأي الاردنية 28-8-2011 لدى مشاهدتي لصورة الفنان السوري (العالمي)
الكبير علي فرزات والكدمات الدامية
تغطي عينيه ووجهه ويداه مهروستان من
عند الأصابع تذكرت ليلة الكوابيس تلك
فقد جاءتنا صور صاحب مجلة «الحوادث»
اللبنانية ورئيس تحريرها سليم اللوزي
بعد اختطافه وهو في طريقه إلى مطار
بيروت وقتله في منطقة عالَيْة ,المشرفة
على العاصمة اللبنانية من جهة الجنوب,
والتمثيل بجسده بطريقة في غاية
الإجرام والبشاعة.. لسانه مقطوع وعيناه
مسمولتان وفي الصدر عند القلب بضع
رصاصات خرجت من الظهر وتركت جلاميداً
من الدماء التي أغرقت بطنه كله. كان سليم اللوزي (ابن طرابلس في الشمال) قد
جاء من لندن ,التي أقام فيها هرباً
بقلمه وصحيفته وجرأته وبالتالي بحياته,
ليشارك في مأتم والدته التي توفيت وهو
بعيد عنها وهي بعيدة عنه وكان غلاف «الحوادث»
قد حمل قبل نحو أسبوعين عنواناً هو: «عندما
يكذب النظام» مع صورة للرئيس السوري
السابق حافظ الأسد وهو يحاضر في مدرج
جامعة دمشق في مجموعة من المثقفين
السوريين من بينهم الشاعر ممدوح عدوان
(الاسماعيلي من السلمية وليس العلوي
كما يعتقد البعض) الذي نقل وقائع هذه
المحاضرة تحت هذا العنوان «عندما يكذب
النظام» إلى صاحب «الحوادث» فكان
سبباً في التبشيع به بهذه الصورة
المرعبة.. ويقال أن إحدى الفصائل التي
تدعي أنها فلسطينية ظلماً وبهتاناً هي
التي تولت تنفيذ تلك الجريمة المنكرة. لا يتزعم علي فرزات ,ابن حماه ورسام «الكاريكاتور»
العالمي المبدع, أياً من العصابات
المسلحة التي بقي النظام السوري يبرر
جرائمه ضد المظاهرات السلمية بالادعاء
بوجودها وهو لم يشارك ولا في أي تجمع
احتجاجي ولا حتى في مظاهرة واحدة وكل
ذنبه أنه سخَّر ريشته للمطالبة
بالإصلاح والديموقراطية والحريات
العامة وأن آخر رسمٍ «كاريكاتوري» له
كان يُظهر معمر القذافي وهو يحاول
الهروب من باب العزيزية بسيارة يقودها
بنفسه بينما يظهر في الصورة بشار الأسد
وهو يلوح بيديه ويصرخ: «خُذْنا معك». كان علي فرزات قد حصل على إصدار أسبوعية
ناقدة في عام 2001 ,توقفت بعد ثلاثة أعوام,
بعنوان «الدومري» والدومري باللغة
التركية هو الشخص المكلف بإضاءة «فوانيس»
الشام ,قبل اختراع الكهرباء ووصولها
إلى بلادنا, في كل مساء وإطفائها في كل
صباح ومن هنا جاء المثل الشعبي الذي
يشير إلى عدم وجود حياة في بيت أو شارع
أو مدينة:»والله ما فيها الدومري»..
والذي لا يزال يتردد حتى الآن وإن على
نطاق ضيق مع أن الذين يرددونه لا
يعرفون معناه. إنها جريمة وعندما تصل الأمور بنظام وأي
نظام إلى حد التعامل مع فنان مبدع كعلي
فرزات وبهذه الطريقة الوحشية ,التي لم
يمارسها مع الكتاب والصحافيين
والفنانين لا هتلر ولا موسيليني
وبالطبع ولا فرانكو ولا سالازار وحتى
ولا ستالين, فإن هذا يدل على مدى تردي
وضع النظام السوري الذي كان رئيسه بشار
الأسد قبل ساعات من افتراس شبيحته لهذا
الفنان المبدع يصف في حفل إفطار
لمجموعة من «وعاظ السلاطين» واقع ما
يجري في سوريا من عمليات احتجاج على
أنه «أزمة أخلاق»!! ويبقى ,بعد التأكد
على أن ما يتعرض له الشعب السوري هو
أزمة أخلاق بالفعل, أنه لا بد من القول
أن هذا البلد العظيم بانتظار ستة
وعشرين مليون دومري ليضيئوا شوارع
مدنه وقراه لتعود الشام إلى عزها
القديم. ================ الأحد، 28 آب 2011 01:55 السبيل جمال الشواهين ربط التحرك الشعبي السوري عبر عكسه على
مصير تحالف محور الممانعة ودعم
المقاومة واعتباره تحركاً في مواجهة
هذا المحور، مقصود منه تعميم أولوية
الممانعة والمقاومة بما يؤمن تبريراً
في استمرار مواجهة التحرك والقضاء
عليه، بوصفه تحركاً ضد المحور وليس من
أجل الحق بالحرية. وقد بات جلياً أن كل الذين يتخذون هذا
الموقف، إنما يبحثون عن تبريرات
لأنفسهم بادعاء نصرة المقاومة
والممانعة المستهدفة من الغرب، وأنهم
مع النظام ضد الشعب جراء هذا الاستهداف. غير أن الذي هو أكثر جلاء أن هذه المعادلة
لا تنطبق على مواقف روسيا والصين
اللتين ما زالتا في محل الدفاع عن
النظام في سوريا أمام أعضاء مجلس الأمن
الدولي، إذ حساباتهما ليست ذات حسابات
طهران وحزب الله ومن يقف معهما، ولا
حسابات حركة حماس التي امتنعت عن تسيير
مظاهرات مؤيدة للرئيس بشار، طلبتها
طهران منها، ونالت بناء عليه العتب
والتلويح بوقف المعونات والمساعدات
المقدمة إليها، وهي تبحث الآن عن مصادر
تمويل بديلة لا تورطها. واقع الأمر هو أن تحرك الشعب السوري قد
انطلق طلباً للحرية وفرض تغيير النظام
بعد ذلك، وحتي الآن لم يصدر عن هذا
التحرك أي مطلب آخر، ولا أي حديث عن
محور المقاومة والممانعة، أو علاقات
سوريا المستقبلية موقع شعبها من العدو
الإسرائيلي. وليس معقولاً اتهام التحرك الشعبي
بالوقوف ضد هذا المحور مستقبلاً، وأنه
سينحاز للمواقف الغربية والإسرائيلية
من المقاومة، وأنه يدفع لفك العلاقة مع
طهران وحزب الله وحركة حماس. إذ الشعب
المصري الذي فُرض عليه سفارة للعدو في
بلاده، يقف الآن بعد نجاح ثورته في
مواجهتها ويطالب بطرد السفير، فما
بالنا بالشعب السوري الذي لم ينحدر
نظامه نحو سلام وإقامة علاقات مع العدو
الإسرائيلي، وهو أكثر من يريد استعادة
الجولان، ويحكم ملايين السوريين
النازحين منه ويريدون العودة إلى
قراهم وديارهم المحتلة. مثل هذا الواقع يكشف أن لا خطر على
الممانعة والمقاومة في سوريا، وإنما
الأكثر يقيناً توسيع دائرتها بأدوات
التحرك الشعبي. بعد الوقوف عند مطالب
الحرية ونيلها، إن كان ذلك بالقوة أو
من خلال تنازل النظام للشعب. ليس سهلاً تأييد نظام ضد شعب، والذين
يفعلون ينطلقون من مواقع مختلفة،
أكثرها سوءاً على الإطلاق مواقف من
يدعون صداقة سوريا ومحبتها، وهم من ذلك
براء بدليل أن شعب سوريا يعاني ما
يعانيه ويعلنون تأييد النظام؛ فأي
صداقة وأي محبة هذه وتلك؟! ================ علي فرزات ومحنة
الفنانين السوريين رأي القدس 2011-08-26 القدس العربي بينما تتحدث
السلطات السورية عن اصدار قانون جديد
للاعلام يضمن حرية التعبير، ويوفر
الحماية للرأي الآخر، تعرض الفنان
السوري علي فرزات لعملية خطف واعتداء
من قبل مجموعة من البلطجية محسوبة على
النظام. عملية الخطف تمت في ساحة الامويين اي في
قلب العاصمة السورية دمشق، ومن قبل
ملثمين كانوا يستقلون سيارة، عندما
كان عائداً من مكتبه في طريقه الى
منزله فجر يوم الخميس. وزارة الداخلية السورية قالت انها ستفتح
تحقيقاً في الجريمة للتعرف على هوية
الجناة وتقديمهم الى العدالة، ولكن من
المشكوك فيه ان تحول هذه الاقوال الى
افعال، ومن غير المستبعد ان يتم اغلاق
الملف وتوجيه الاتهام الى شخص مجهول
تماماً مثلما حدث في قضايا عديدة
مماثلة تعرض لها مواطنون على ايدي قوات
الامن او جماعات البلطجة. لا يمكن ان نصدق ان قوات الامن السورية
التي هي في حال استنفار كامل هذه
الايام لم تكن على علم، او حتى لم ترصد
عملية الاعتداء هذه وفي ساحة في قلب
العاصمة، وفي مثل هذه الساعة المتأخرة
من الليل. الرجل لم يدع يوماً انه من المعارضة، ولم
يظهر اي رغبة في القيام بأي دور سياسي،
ولم يحمل اي سلاح في حياته، باستثناء
ريشته الماضية في انتقاد كل اوجه
الفساد وانتهاك الحريات وحقوق الانسان
ليس في سورية وحدها وانما في جميع
انحاء الدول العربية والعالم. ان الاعتداء على فنان في قامة وحجم الزميل
علي فرزات يؤكد شكوكنا بان جميع
الاحاديث عن الاصلاح في سورية هي مجرد
وعود فارغة من اي مضمون، ولذر الرماد
في العيون لا اكثر ولا اقل. من يريد الاصلاح فعلاً، وفي ميادين
الاصلاح على وجه الخصوص، يقدم مثلاً
على اطلاق الحريات، واحترام الرأي
الآخر، وتحرير الاعلام السوري الرسمي
منه (لا يوجد اعلام خاص) من كل قيود
الرقابة الذاتية والرسمية المفروضة
بعقلية الحرب الباردة. فالدولة التي لا تستطيع ان تتحمل رسماً
كارتونياً لفنان مبدع معروف عالمياً
بانتقاده الجميع دون استثناء اذا ما
انتهكوا الحريات الانسانية، فكيف يمكن
ان تتحمل تعددية حزبية ونظاما قضائيا
مستقلا، وفصلا كاملا بين السلطات،
وقضاء عادلا مستقلا، ومحاسبة دقيقة في
اطار شفافية عالية؟ الفنانون في سورية يواجهون هذه الايام
ظروفاً صعبة للغاية، فأي فنان يعبر عن
رأي مخالف لرأي السلطات يتعرض للتشهير
ونهش الاعراض والتهميش الكامل، وقطع
لقمة العيش، هذا اذا لم يتعرض للخطف
والاعتداء مثلما حدث للزميل فرزات. والأخطر من ذلك ان الحياد ممنوع، فلا بديل
عن دعم النظام وكل عمليات القتل التي
تمارسها قواته الامنية، وهذا امر يهز
الثقة في اي وعود للنظام بالاصلاح ان
لم يكن يقتلها. نتضامن بالكامل مع الزميل فرزات وكل رجال
الاعلام الآخرين الذين يتعرضون
للاعتداء من قبل البلطجية وشبيحة
النظام. ================ السبت, 27 أغسطس 2011 عمر قدور * الحياة لم يتردد رئيس الوزراء التركي رجب طيب
أردوغان قبل أسابيع قليلة في وصف
الأزمة السورية بأنها قضية تركية
داخلية، متذرعاً بالحدود الطويلة بين
البلدين وبالقرابة بين الشعبين
والتاريخ المشترك!. وعلى رغم استدراك
هذا التصريح، وقد قرئ حينها بمثابة
تحذير، بالزيارة التي قام بها أوغلو
إلى دمشق، وما أشيع إثرها عن تراجع في
الموقف التركي لمصلحة النظام، إلا أن
الموقف التركي ظل غامضاً لجهة مَن
ينتظر توجهاً نهائياً حاسماً. وقد يُرى
في الظاهر أن السياسة التركية قد خيبت
آمال الكثيرين، بدءاً بالنظام السوري
الذي راهن على دعم غير مشروط من
أردوغان مروراً بالإدارة الأميركية
وانتهاء بالمتظاهرين السوريين الذين
سبق لبعضهم أن رفع الأعلام التركية
وصور أردوغان تعبيراً عن الامتنان. القراءة المباشرة ربما لا تفي الموقف
التركي حقه، فهو موقف منسجم ومتماسك
أكثر مما توحي به التصريحات التي تختلف
نبرتها بين الحين والآخر. في العمق
الاستراتيجي ليس ثمة تناقض بين
استضافة مؤتمر «للإخوان» السوريين قبل
الانتفاضة، ثم استضافة مؤتمر أنطاليا
وفي ما بعد مؤتمر إسطنبول للمعارضة
السورية، وبين «التفهم» النسبي الذي
تبديه القيادة التركية تجاه النظام.
ذلك لا يعني أبداً أن الأتراك يلتزمون
الحياد أو أنهم يحتفظون بمسافة واحدة
مع أطراف الأزمة السورية، هم بالأحرى
باتوا ضالعين بالملف السوري إلى حد لا
يقدرون معه على التزام الحياد، فضلاً
عن أن الحياد لا يلبي مصالحهم
الإستراتيجية التي تتطلب في هذه
المرحلة توازناً دقيقاً يقضي بالإمساك
بكافة خيوط الملف ما أمكنهم ذلك. تصريحات أردوغان خصوصاً تعيد إلى الأذهان
المقولات التي عرفها اللبنانيون أثناء
عهد الوصاية السورية، ومع أن هذا
القياس قد يبدو مستبعداً الآن إلا أن
الكثير من المؤشرات يشي برغبة القيادة
التركية في لعب دور الشقيق الأكبر تجاه
سورية. ضمن هذا التصور تأخذ التناقضات
الظاهرية في الموقف التركي طريقها إلى
الحل، فالأخ الأكبر يعدّ نفسه للعب دور
الشرطي والقاضي معاً، هكذا يكون
الحياد عسيراً وفي الوقت ذاته يكون
الانحياز إلى طرف موقتاً وتكتيكياً،
ولكي تسهل الوصاية من المستحسن أن تضعف
الأطراف جميعاً ويصبح دور الوصي
مطلباً لها. لا يسعى الأتراك إلى إقامة
منطقة نفوذ في سورية على غرار النفوذ
الإيراني في العراق، فحزب العدالة أقل
أيديولوجية من الملالي وأكثر
براغماتية، لذا يمكن فهم «الازدواجية»
التركية في إطار الحنكة التي تبتغي
كسباً سياسياً مضموناً. أبرزت الانتفاضة الدورَ التركي في سورية
لكنها لم تؤسس له، فالنظام كان سبّاقاً
في طلب الود التركي تزامناً مع التفات
الأتراك إلى الشرق، ومن الخطأ التركيز
هنا على العلاقات الاقتصادية بين
البلدين على رغم تصاعدها، لأن العامل
الاقتصادي بالنسبة إلى النظام لم يكن
يحتل الأولوية حينها. لقد توسّل النظام
دور تركيا بعد انسحاب الجيش السوري من
لبنان والعزلة الدولية التي فُرضت
عليه آنذاك، وعلى وجه خاص العزلة
العربية التي واجهها بعد اغتيال
الحريري؛ وقتها قامت سياسة النظام
الخارجية على كسب القوى الإقليمية
العظمى، وباستثناء الحليف الإيراني
كانت الرسائل والمفاوضات غير المباشرة
تسير على قدم وساق مع الإسرائيليين في
الوقت الذي شهدت العلاقة مع تركيا
تطوراً غير مسبوق. ضماناً لبقائه ضرب النظام بعرض الحائط
التوازنات الإقليمية التقليدية فأدخل
تركيا، بعد إيران، إلى العمق
الاستراتيجي العربي، ولعل الكثيرين
يذكرون حماسة النظام لضم إيران وتركيا
إلى الجامعة العربية. أي أن النظام البعثي غلّب مصالحه على
الأمن القومي العربي، وكان عقب آخيل
الذي تعاظم من خلاله النفوذ الإقليمي
لإيران وتركيا، ومما يجدر ذكره أن
السياسة الخارجية السورية سجلت طفرة
استثنائية في تلك المرحلة، بخلاف ما
سبقها وما تلاها، ما قد يدفع إلى الظن
بأنها لم تكن جهداً خالصاً للنظام، أو
على الأقل بأنها كانت تعمل تناغماً مع
توجهات إستراتيجية إقليمية تفوقها
خبرة وحنكة. خلاصة الأمر أن النظام
الذي ظهر كجزء من منظومة إقليمية طموحة
تبين لاحقاً أنه الحلقة الأضعف فيها،
وأن ما بُني في فترة ضعف سابقة كان في
جانب منه ارتهاناً مستحق الثمن. أدرك الأتراك مبكراً بحكم تطلعاتهم ما لم
يدركه النظام، لذا أتى أردوغان قبل
اندلاع الانتفاضة ناصحاً الرئيس
السوري بإجراء إصلاحات، ولعل أهم ما
كان في جعبته حينذاك هو إدخال الإخوان
إلى الحلبة السياسية السورية، ولو تم
الأمر كما اشتهاه أردوغان لتعاظم
النفوذ التركي من دون المرور في برزخ
الانتفاضة. أما وقد اندلعت الانتفاضة
فإن فرصة الأتراك ما زالت قائمة،
ولعلها تكبر مستقبلاً، من أجل لعب
الدور الذي يتحفزون له، بخاصة إن صار
دورهم مطلوباً على صعيد الداخل السوري
وعلى الصعيد الدولي. في الواقع لا توجد
قوة إقليمية أخرى مرشحة للعب الدور
التركي، وفي غياب المنافسة الإقليمية
لن يكون على الأتراك الإسراع في حسم
موقفهم، بل قد يكون التريث هو السبيل
الأنسب لكسب أكبر ما يمكن من الساحة
السورية قبل القطاف النهائي. حالياً يطغى هم إسقاط النظام على ما عداه،
فيحجب الصورة المستقبلية لسورية، لكن
من المرجح أن تخرج البلاد من هذه
المعركة ضعيفةً إلى حد غير مسبوق على
الصعيدين الاقتصادي والسياسي؛ هذه
النتيجة ستكون أكثر كارثية في حال بقاء
النظام مع عزلته الدولية. لاعتبارات
عدة لا توجد قوة عربية مهيأة لملء
الفراغ في سورية، المسألة هنا لا تتعلق
بالمعونات الاقتصادية بل تذهب أبعد
إلى الدور الإقليمي السوري برمته. لآن ثمة فقط الأخ الأكبر الذي لا يتردد في
التصريح بأن المسألة السورية قضية
داخلية، في وقت لا يخرج أي تصريح عربي
ينص على واقع تأثر الأمن القومي لدول
عربية أخرى بمستقبل سورية. ليس منتظراً
أن يجرب السوريون وطأة الأخ الأكبر
التركي على غرار وطأة الأخ الإيراني في
العراق، لكن التجارب تدل على أن التخلص
من ظل الجار الأكبر لم يكن بسهولة
التخلص من القوى العظمى الأبعد
جغرافياً. ================ الأحد, 28 أغسطس 2011 عبدالله إسكندر الحياة لكل دولة، بما في ذلك روسيا، الحق في
انتهاج السياسة التي تعتبر أنها تحقق
مصالحها. والدول، خصوصاً الكبرى منها،
تعمل بموجب هذا الحق، وتالياً ليست
جمعيات خيرية. لكن الموقف الروسي من قضايا الربيع
العربي يدعو الى كثير من التساؤل عن
المصالح التي تسعى موسكو وراءها. لا
ينطلق التوقف عند الموقف من زاوية مدى
تحقيقه مصلحة روسية، وإنما من زاوية
انعكاساته على تطورات الربيع العربي
والأوهام التي قد تبنى على هذا الموقف. ففي الملف الليبي، وبعد قرار مجلس الأمن
السماح لحلف شمال الأطلسي بفرض حظر جوي
على طائرات القذافي وحماية المدنيين
الليبيين، بما عنى أن ميزان القوى على
الأرض سيتجه الى مصلحة الثوار، تمسكت
موسكو بمساعي مصالحة ليبية. المسعى في ذاته قد يكون حميداً، لكنه جاء
متأخراً بعدما توسعت المواجهة المسلحة
وباتت لدى الثوار قاعدة قوية في
بنغازي، وباتت قواتهم تقاتل كتائب
القذافي في معاقلها. أي أن مسعى
المصالحة بات غير ذي جدوى على الأرض. لكن الأخطر من ذلك هو أن القذافي الذي
استقبل موفداً روسياً وبعث بموفدين
الى موسكو، في ظل تمسك روسي بمصالحة
مستحيلة، خلقت وهماً لدى ديكتاتور
طرابلس بأن في مقدوره، مدعوماً من هذا
الموقف الروسي، قلب المعادلة على
الأرض. وتالياً أنه في غنى عن تقديم أي
تنازل لشعبه في سبيل المصالحة. والنتيجة الفعلية لهذا الوهم أن القذافي
أمعن في استمرار الحرب، وتالياً إطالة
أمد المواجهة والخسائر البشرية
والدمار في ليبيا، والمآسي الإنسانية. بكلام آخر، أدى الموقف الروسي عكس
النتائج المعلنة لسياسة موسكو في
ليبيا. لا بل أثر سلباً في مجريات
الأحداث من خلال الوهم الذي خلقه لدى
القذافي بأن ثمة دولة كبرى معه في
مواجهة الحلف الأطلسي وأنه يمكنه
الاعتماد على فيتو روسي في مجلس الأمن
لمنع استهداف نظام حكمه. هكذا تتحمل موسكو مسؤولية إطالة المواجهة
المسلحة في ليبيا، خصوصاً لجهة التعنت
الذي أبداه القذافي ورفضه التعامل مع
الشروط التي وضعتها المعارضة من أجل
إنهاء حكم الاستبداد. وقبل ليبيا، ساهم الموقف الروسي من الملف
النووي الإيراني بإطالة فترة التفاوض،
وهروب طهران من استحقاق وقف التخصيب،
استناداً الى دعم روسي معرقل لزيادة
الضغوط على إيران. وتالياً إبقاء هذه
الأزمة ملتهبة مع كل ما تنطوي عليه من
مضاعفات في منطقة الخليج. واليوم تكرر روسيا موقفاً مماثلاً في
مجلس الأمن من الملف السوري. لتخلق
وهماً آخر في دمشق أنه بالاعتماد على
الفيتو الروسي ينقذ الحكم السوري نفسه
من زيادة الضغوط الدولية، وتالياً لا
داعي لتقديم تنازلات للحركة
الاحتجاجية في البلاد. ونتيجة للعرقلة الروسية للضغوط الدولية
على الحكم السوري من أجل البدء
بإصلاحات سياسية تستهدف أسس
الاستبداد، يتمسك هذا الحكم بالحل
الأمني، وتستمر المواجهة في الشوارع
وعمليات القتل. الرسائل الخاطئة الروسية لا تعرقل
التدخلات الغربية المشكو منها، إنها
تعرقل الحلول السلمية الداخلية، وتطيل
أمد الأزمات ومآسيها، عبر نشر أوهام أن
النزاعات الدولية ستصب في مصلحة الحكم
القائم، فيتمسك هذا الحكم بمواجهة
شعبه حتى النهاية مستنداً الى وهم
الرسائل الروسية. وما يدعو الى استغراب موقف موسكو هو أنها
تجازف بالمصلحة الروسية المباشرة من
خلال سعيها الى إنقاذ أنظمة حكم باتت
شبه معطلة إن لم تكن على شفير الانهيار.
ومن الواضح أن النظم الجديدة ستتعامل
مع الدول بمقدار اقترابها ودعمها
لعملية التغيير. وهذا ما يقوله علناً
المسؤولون الليبيون الجدد. والخاسر
هنا هو روسيا بالتأكيد. كما إن أصحاب القرار الحالي في موسكو هم
الورثة لنظام استبدادي وأمني هو
الأقوى في العالم. ويمكنهم أن يلاحظوا
أن هذا النظام، بكل جبروته، لم يتمكن
من الصمود أمام المد الشعبي المطالب
بالحريات في الاتحاد السوفياتي. وهو
الدرس الذي كان ينبغي أن يطبقوه مع
الربيع العربي ويقفوا الى جانب الشعوب
بدل بيع الأوهام المدمرة. ================ الثورة السورية بين
إعلام السلطة وعدسة المتظاهرين الأحد, 28 أغسطس 2011 شمس الدين الكيلاني * الحياة منذ بدايات الانتفاضة السورية أفصح
النظام والحركة الشعبية، كلٌ على حدة،
عن طريقتين مختلفتين في تغطية ما يجري
من أحداث. المنتفضون اختاروا الإطلالة
على العالم تحت الأضواء الباهرة،
واستخدام ما يستطيعون من وسائل
وتقنيات لنقل ما يحدث إلى الفضاء
المفتوح، مُستَنِدين الى ثقة غير
محدودة بعدالة قضيتهم، التي اختصروها
بشعاري الحرية (الله، سورية، حرية وبس)
والكرامة (الموت ولا المذلة)، اللذين
اختصروا بهما خطابهم للتغيير. وعزَّز
ثقتهم هذه تأييد الشعوب واحترامها
لاختيارهم التظاهر السلمي والحشد
الجماهيري أسلوباً وحيداً لمواجهة
جبروت قوة السلطة ولتغيير ميزان
المعادلة السياسية لمصلحة ثورتهم. فهم لا يقومون بشيء يخشون افتضاحه، بل
استمدوا بعض قوتهم من تفهم الناس
وتعاطفهم، في الإقليم وفي العالم، مع
القيم التي رفعوها ومع أسلوبهم السلمي
للتغيير، وما أبدوه من شجاعة وإصرار،
وأيضاً من اتساع دائرة التأييد الشعبي.
لقد أعطى النشطاء عنوان (ثورة الكرامة)
لثورتهم، مؤكدين أنها ليست ثورة
الرغيف أو حرب الطبقات، أو احتجاجات
الريف على المدينة، أو الفقراء على
الأغنياء، أو المدن الصغيرة قبالة
المدن الكبيرة المُتنعِّمة – كما روج
لذلك المتحذلقون من اليسار أو بعض
مثقفي السلطة - بل إن ثورتهم، ككل
الثورات الديموقراطية الكبرى، تتعلق
بالكرامات وبالحريات المهدورة للفرد
والجماعة السورية بأكملها، باستثناء
الأجهزة المركبة للسلطة، وقمم رجال
الأعمال الذين اندمجوا بالنظام أو
كانوا استطالة طفيلية لفساده. واستخدم
نشطاء التنسيقيات، بمهارة، تقنيات
الاتصال الحديثة، للإضاءة على (صورة)
ما يحدث إلى العالم، كي يضعوا هذا
العالم برمته أمام مسؤولياته
الأخلاقية والسياسية عمَّا يشاهد من
استباحة للحقوق والكرامات والدماء. في المقابل، اختار النظام إبعاد الأضواء
والكاميرا عن الحدث، مصرَّاً على
إبقاء الأحداث في العتمة، ليطلق
لأقواله العنان، ولينكر ما يشاء ويؤكد
ما يشاء. وخصَّص لفضائياته، المدربة
على مستلزمات الولاء، وظيفة فبركة
الخبر أو اختلاقه، وإعلاء شأن رموز
السلطة إلى مراتب ميتافيزيقية لا ينال
منها الزيغ ولا الوهن، والنيل من صورة
الخصم وغاياته وبواعثه الخبيثة! وجند
لتلك الفضائيات الموالين من كل صوب،
كما استقدم لبنانيين من أصحاب معلقات (المقاومة
والممانعة!)، وممن اشتهروا بفن الردح
بالمؤامرة الإمبريالية التي تدخل من
بوابة الحرية! فاتجه إعلام السلطة نحو غاية رئيسة، هي
الإجهاز على الخصم، ذلك أن السلطة
اعتادت على التعامل مع المعارضة كعدو،
عليها النيل منه ومن سمعته وتدميره!
ولم تتعامل معه كأحد مصادر الشرعية
التي تحرص على نيلها كل سلطة
ديموقراطية تحترم شعبها. فهي ترى نفسها
الآمر الوحيد والمرجع الوحيد للشرعية
والقانون، يكفيها أنها استنسخت من
تجربة كوريا الشمالية عسكرة المجتمع،
وفكرة الحزب القائد للدولة والمجتمع
وطبقتها حرفياً. افتتح إعلام السلطة حملته بمقدمة كبرى،
عنوانها النيل من الخصم/الشعب
المنتفض، باتهامه بالكثير من الشرور:
إنه ضالع في مؤامرة تنال من قلعة
الممانعة، وتهدد وحدة سورية
واستقرارها. فهو تارة سلفي وتارة أخرى
عصابات مسلحة لا نعرف هويتها
ومصادرها، وتارة ثالثة قوى مأجورة
تمتد يدها إلى ما وراء الحدود. فلم
يتورع، على سبيل المثال، عن ترويج خبر
وجود «امارة إسلامية في درعا بزعامة
الشيخ صياصنة وإلى جواره رياض الترك» -
الذي صرح أنه كان يتمنى لو كان هناك
فعلاً في الجامع العمري إلى جانب أهل
درعا - كما أعلن اعلام السلطة عن اكتشاف
إمارة إسلامية في بانياس بمساندة
عناصر «موساد» ونائب من تيار الحريري!
وهو أمر مُغرق في الخيال. وعمل على
تشويه سمعة ما سُمّي «الشاهد العيان»
الذي عمل على نقل الخبر إلى الفضائيات
العربية والعالمية، كما عمل هذا
الإعلام في المقابل على تنزيه القيادة
وسمو مقامها ونسبة الوطن إليها، وهذا
يستدعي شعار «الله، سورية، بشار وبس»،
سورية الصمود والممانعة والمقاومة،
التي إن اهتزَّت اهتزت المنطقة، هي
الدولة القومية والعلمانية ضامنة
الأمان للأقليات، لهذا غدت هدفاً
لمؤامرات إمبريالية صهيونية تستهدف
وحدتها الوطنية! وقياساً على ذلك، يصبح النشطاء السوريون
ضالعين في مؤامرات خارجية، هدفها
تدمير المنعة الوطنية والفضاء
العلماني الذي يؤمّن استقرار التنوع
السوري، وبالتالي تمزيق المشرق العربي
إلى طوائف وأقليات لمصلحة التسيُّد
الصهيوني! فكان لا بد لهذا الإعلام
السلطوي من ان ينكر مشاهد التظاهرات
العارمة التي اصطخبت بها المدن والقرى
السورية. وأنكر معها الحاجات الكبرى
للشعب السوري في الكرامة والحرية
والديموقراطية! لماذا؟ لأن كل شيء في
سورية في مكانه الصحيح، أما النواقص
العارضة فهي في طريقها الى الإصلاح على
الدرب الطويل (للتحديث والتطوير) الذي
وعدت به القيادة! هذه هي المقدمة الكبرى لدعوى إعلام
السلطة، وعلى قاعدة هذه المقدمة سرد
حكاياته وابتكر قصصه. واعتمد في ذلك
على تكتيك إنكار الوقائع (التظاهرات،
المعارضة وأفكارها وشعاراتها
ومطالبها)، لتبدو كل تلك التظاهرات من
دون مسوِّغ مقبول، ولأهداف غير
معروفة، ويعوز أطراف المعارضة وضوح
الهدف والاتفاق، تختلف على الغايات
والأهداف وطرق الوصول، أما شعار
الحرية والديموقراطية الذي أطلقته فهو
أكثر غموضاً وإبهاماً، ليصل هذا
الإعلام الى الاستنتاج أنه لا يمكن هذه
القوى أن تقود، وإن قادت ستقود البلد
إلى الدمار والتمزق! بينما يجد الوضوح
جلياً في كل ما يتعلق بالسلطة
وتوجهاتها في مقدمها الاستقرار
والأمان (!) تلتقط فضائيات السلطة صور
مسيرات الموظفين وعمال القطاع العام و(منظمات
الشبيبة) ورجال الأمن: شرطة وجيش
بلباسهم المدني، الذين تنقلهم وسائل
مواصلاتها على شتى التجمعات في كل
اتجاه، ترفرف فوقهم الأعلام وصور
الرئيس، وشعارات واضحة، وإلى جوارها
لوحات «بنحبك». لم تقدِّم السلطة لأنصارها أهدافاً جديدة
ذات مغزى سوى تقديس رموزها وتكريس ما
هو قائم والدفاع عنه، وتبرير العنف ضد
المحتجين. ميزة هذا الخيار تتجلى في
وعده بالسلامة والإفلات من التهديد
واحتمال جمع المنافع، شرط التنازل عن
الحرية وعن الرغبة فيها، بينما قدم
المنتفضون مشروعاً للحرية، للتغيير
الديموقراطي لاسترجاع الكرامة
المهدورة، وإعادة سورية الى كل
أبنائها من دون تمييز (الشعب السوري
واحد) وفك العلاقة مع رموز السلطة
وإنزالها من عليائها، لكن من دون هذا
الخيار التغييري هناك الدم والدموع
الممتزجان بالأمل والحلم. ================ أسامة الرنتيسي الغد الاردنية نشر : 27/08/2011 أن تنتقد النظام في سورية أو تطالب
بالحرية أو بحقك في الحياة والأكل
والهواء والماء، فهذا يعني أنك مندس
وجرثومة وسلفي وعميل ومتآمر وقابض
نقوداً من بندر بن سلطان وساركوزي
وإسرائيل وأميركا وتركيا. أما أن تقوم
بقتل الناس أو فقء عيونهم أو "تقديح"
أجسادهم بالمثقب الكهربائي أو حرمانهم
من أصابعهم التي يكتبون أو يرسمون بها،
فأنت وطني ابن وطني حتى لو أطلق عليك
الأعداء لقب "شبّيح". هذه هي المعادلة التي يقدمها النظام
السوري بدءاً من بشار الأسد وانتهاء
بأبواقه التي أصبحت ممجوجة أكثر من
قطعة بطيخ وضع عليها أحدهم ملحاً، وهم
من أمثال طالب إبراهيم وأحمد الحاج علي
وشريف شحادة وبسام أبوعبدالله وغيرهم،
والذين أصبحوا نجوماً إعلامية "غير
مضيئة" على شاشات الجزيرة والعربية
وال BBC، وحقيقتهم أقرب ما تكون إلى
التشبيح الإعلامي البشع الذي مورس من
ذي قبل في أماكن أخرى، وعاد على أصحابه
بالندم الكبير. فشبيحة الإعلام المصري
على عهد المخلوع مبارك هم إلى الآن
حيارى من أمرهم، وأظن أنهم سيبقون كذلك
إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً،
ويحاسبهم الشعب المصري على تشبيحهم
الإعلامي، وسيدة التشبيح الليبي
القذافية الشهيرة هالة المصراتي وجدت
نفسها في "زنقة زنقة" بين أيدي
الثوار، فاضطرت إلى التخلي عن كل
ثوابتها السابقة لتعترف أن الثوار
حكام شرعيون لليبيا، وأن الشعب كله
سواسية سواء كان من موالي "الجرذان"
أم من موالي القذافي العبقري. في جميع الأحوال فإن ما يحدث في سورية لم
يحدث في مكان آخر على مر التاريخ، حتى
لو أدخلنا في أمثلتنا ممارسات تل أبيب
مع الفلسطينيين أو جنوب أفريقيا فيما
قبل مانديلا أو ألمانيا الهتلرية أو
يوغسلافيا أيام سلوفودان ميلوزوفيتش
أو غيرهم من مجرمي التاريخ. علي فرزات غني عن أن أعرّفه بكلمات تبيّن
تاريخه في فن الكاريكاتير، وكيف جعله
سكّيناً على رقاب الظالمين، ولعله
يفكر الآن وهو راقد على سرير الحياة،
ولن نقول سرير الموت أو المرض تفاؤلاً،
يفكر كيف سيبدع بعد اليوم قصيدة
كاريكاتيرية بأنامله التي سحلت بأسلحة
مجموعة (ليست إرهابية أبداً) من عناصر
الأمن الإيراني.. عفواً السوري، في
ساحة الأمويين، ولعلهم اختاروا هذا
المكان لعملية الكوماندوس ضد علي
فرزات انتقاماً من الأمويين الذين
سلبوا الخلافة من آل البيت منذ ألف
وأربعمائة عام، فوجدوا فرزات فريسة
يردون فيها الدين لأصحابه في ساحتهم،
ولعلهم لم يقضوا عليه نهائياً فقط لأن
اسمه (علي). نحن لا نستغرب أن يفكر هؤلاء الشبيحة
بطريقة ساذجة كهذه، حيث إن القناة
الإخبارية السورية ماتزال تؤكد أنه لا
يوجد مظاهرات مناهضة للنظام في سورية،
وأن الناس الذين يتجمعون عقب صلاة
الجمعة يفعلون ذلك شكراً لله على النعم
التي هم فيها، أو استسقاء لله كي ينزل
عليهم المطر، فيرفعون أيديهم شاكرين
الله وطالبين المزيد، لكن هذه القناة
لم تقل لنا لماذا السلفية التكفيرية
تقتل هؤلاء؟ هل هم أصحاب بدع في دعاء
الله بنزول المطر ويستحقون الموت على
بدعهم الشركية هذه؟ آخر النكت المضحكة المبكية الواردة من
سورية فيلم يقوم بتصويره عناصر من
الأمن العلوي والشبيحة بالتعاون مع
أبناء عمهم في حزب الله اللبناني
وأبناء خالتهم في الباسيج الطهراني،
هذا الفيلم يتضمن عمليات مقاومة مسلحة
من قبل عصابة تطلق النار والقنابل على
مدرسة في اللاذقية يوم الجمعة 26/8/2011،
وهو ما سمي في الثورة السورية بجمعة
الصبر والثبات، ولكن المخجل للنظام في
سورية أنهم بثوا هذا الفيلم على
اليوتيوب يوم الخميس 25/8/2011، أي قبل
حدوث الأمر بيوم، ثم قام أحد الشبيحة
ببيع الفيلم من دون مونتاج لبعض الثوار
ليكتشف المتابعون الحقيقة التي يبثها
النظام في قنواته الإعلامية. فتأملوا إلى أي حد بلغ التخبط والغباء في
نظام أثبت أنه تلميذ نجيب بمدرسة
القذافي الأسطورية لتعليم فن الكذب
المفضوح. ولا ننسى أن القذافي بقيت له
محطة فضائية واحدة الآن لم تقع بيد
الثوار هي "الرأي" العراقية التي
تبث من سورية، وتنقل بطولات القذافي
وأبنائه في دحر "الجرذان الخوارج
الكفرة" خارج ليبيا. ================ فايز سارة الشرق الاوسط 28-8-2011 ثمة إشارات متناقضة حول العنف واحتمالاته
في سوريا. ففي وقت تؤكد فيه السلطات
وجود عنف رسمي في مواجهة عنف خارج عن
القانون معبر عنه في نشاط مسلح يقوم به
أفراد وجماعات «إرهابية» و«سلفية»،
فإن أوساطا، خارج النظام، تؤكد أن
العنف القائم هو عنف رسمي هدفه إسكات
الحراك الشعبي المعارض، وأن ما يظهر من
عنف خارج ذلك الإطار يندرج في سياق عنف
فردي، وأغلبه لا يتجاوز رد الفعل إزاء
ما يحدث من تجاوزات في إطار العمليات
الأمنية، وبين هاتين النظرتين في
موضوع العنف القائم، ثمة تخوفات
وهواجس تظهر في أوساط سورية وفي خارج
سوريا من احتمالات انفجار العنف، وأخذ
المجتمع السوري إلى صراعات داخلية
واسعة، تضع البلاد ومستقبلها أمام
تحديات حرب أهلية. ووسط تلك الإشارات، فإن الوقائع السورية
تؤكد أن أعمال العنف الرئيسية ذات طابع
رسمي، تتشارك في القيام بها قوى أمنية
وعسكرية، إلى جانب ميليشيات مسلحة
مؤلفة من الشبيحة، وفقا للوصف السوري،
وأن الثمار الرئيسية لأعمال العنف في 5
أشهر مضت قاربت 3 آلاف شهيد، ونحو 10
آلاف من الجرحى، وعشرات آلاف من
المعتقلين والمطاردين، إضافة إلى
خسائر مادية كبيرة، تسببت بها أعمال
العنف الرسمية التي تمت، والتي كان
هدفها الرئيسي وقف المظاهرات، وملاحقة
القائمين بها والداعمين لها، إضافة
إلى ضرب الحواضن الاجتماعية لحركة
الاحتجاج الشعبي في المدن والقرى التي
تشهد مظاهرات نشطة. وبخلاف الطابع الرسمي للعنف القائم، فإن
موقف جماعات المعارضة السياسية يبدو
موحدا في رفض العنف، وهو ما تكرس موقفا
رسميا للمعارضة في بيانات وتصريحات
صدرت عن الجماعات السياسية والقادة
والنشطاء على مدار الأشهر الماضية من
حركة الاحتجاج والتظاهر، التي ما زال
شعار «سلمية.. سلمية» بين أهم شعاراتها
الأساسية في المظاهرات في سياق
تأكيدها رفض العنف والإصرار على
الطابع السلمي للحراك الشعبي. غير أنه، خارج السياق السياسي والشعبي
العام الرافض للعنف، فإن ثمة عمليات
عنف في بعض أنحاء البلاد يقوم بها
أفراد أو مجموعات محدودة من أفراد،
تأثروا بما يتم القيام به من عمليات
أمنية أو خلالها، لكن تلك الأعمال لا
تصل إلى مستوى الظاهرة، وما هو معروف
عنها أنها محدودة الانتشار والنتائج،
وغالبها له طابع وقتي ومحصور بظروفه. وسط هذا السياق العام من العنف الذي يمكن
وصفه ب«المحدود» وما يحيط به من
حيثيات، وعلى الرغم من وجود جملة هواجس
ومخاوف داخلية وخارجية، حول احتمالات
توسع العنف، خاصة في ظل ظهور دعوات
للرد على العنف بعنف مضاد، فإن الموقف
السوري العام يؤكد رفضه توسيع العنف،
ويطالب بوقف العنف القائم من خلال
مطالبته المتزايدة بوقف الحل الأمني
الذي تتابعه السلطات، وضرورة الذهاب
إلى معالجات سياسية للأزمة السورية
الراهنة، وينطلق الموقف السوري في رفض
العنف من 3 نقاط أساسية. أولى النقاط وأهمها: أن العنف لا يمكن أن
يكون وسيلة لمعالجة أزمة سياسية
اقتصادية اجتماعية وثقافية، بل إنه
يفاقمها، في حين أن المعالجة تتطلب
خططا وتوافقات وتحشيدا للقدرات
والطاقات وجهودا أوسع لإخراج البلاد
من الأزمة، وحل مشاكل السوريين، لا
سيما الشباب الذين شكلوا القوة
الأساسية في الحراك الشعبي، وهم الذين
يعانون مشاكل راهنة، يمكن أن تمتد
للمستقبل، مما يعزز مخاوفهم إزاء
مستقبلهم؛ لأن العنف لا يمكن أن يعالج
المشاكل ولا أن يبدد المخاوف. والنقطة الثانية: أن العنف بعيد عن روحية
السوريين الميالين بطبيعتهم إلى
التوافقات والاتفاقات في معالجة ما
يواجههم من مشاكل وتحديات، إضافة إلى
ما هو معروف عن السوريين من ميول سلمية
في سلوكياتهم العامة. والنقطة الثالثة: أن لدى السوريين تجربة
مرة في العنف والعنف المضاد بين السلطة
وجماعات «إسلامية» مسلحة، وهي التجربة
التي عاشت سوريا في أتونها أواخر
السبعينات وأوائل الثمانينات، وتركت
آثارا شديدة الوطأة ما زال السوريون
يعانون منها ومن تداعياتها، على الرغم
من أكثر من 3 عقود مرت عليها. بصورة عامة، فإن واقع الحال السوري يؤكد
أن فكرة العنف ليست في وارد الأغلبية
السورية، بمن فيها ضحاياها الحاليون،
وهي ليست في برامج المعارضة ولا في
اهتمامات الحراك الشعبي وهتافات
المتظاهرين. وكل حضورها خارج العنف
الرسمي وتداعياته لا يتعدى كونها في
جملة هواجس ومخاوف راهنة ومستقبلية في
داخل البلاد وخارجها. وأساس الداخلي
فيها وجود طابور خامس هو الأقرب إلى
سياسة النظام، ينشر الخوف والمخاوف من
«إسلاميين» و«سلفيين» و«مسلحين» في
الشارع، و«إسلاميين متطرفين» يمكن أن
يكونوا على رأس السلطة البديلة للسلطة
الحالية، وهذا في ادعاءات الطابور
الخامس سيعرِّض وجود وأنماط عيش
جماعات دينية وطائفية للخطر، والخارجي
من التخوفات ناجم عن عدم معرفة دقيقة
بواقع الحال السوري واحتمالات السلطة
المقبلة، أو هو تخوف من التغيير الممكن
وغير الممسوك، أو الاثنان معا. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |