ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 13/09/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

المأزق والمجازفة

الإثنين, 12 سبتمبر 2011

غسان شربل

الحياة

ذهبت للاستفسار عن ملف آخر. وجدته غارقاً في الهموم السورية. كانت «العربية» تبث صوراً عن الوضع في حمص. وكان يتابع باهتمام مشوب بالقلق. سألني عن تقويمي للوضع في دمشق. أجبت إن مهنتي تضعني في مقعد السائل لا المجيب. وتذكرت أن السياسي العربي يعرف سورية من قرب. وتربطه علاقات بصاحب القرار فيها. وأنه صاحب تجربة في متاعب الحكم.

بعد العبارات التقليدية حاولت الانتقال إلى الموضوع الذي جئت من أجله. فشلت. فهو يعتبر الأحداث في سورية الملف «الأهم والأخطر» في المنطقة بأسرها. ويرى أن التغيير هناك سيكون في حال حصوله أهم بمرات من اقتلاع نظام صدام حسين. واختصر ذلك بالقول: «إن التغيير في سورية سيؤدي، في حال حصوله، إلى تغيير في المنطقة وتوازناتها وملفاتها وأن انفجار سورية سيؤدي إلى انفجار غير مسبوق في المنطقة».

قال إنه رافق من قرب تولي الدكتور بشار الأسد الرئاسة. ولمس أن قسماً كبيراً من السوريين علق آمالاً على الرئيس الشاب الذي سارع إلى إرسال إشارات تفيد أنه مدرك لحاجة النظام إلى عملية تجديد وعصرنة. وأضاف إن السوريين لم يحملوا الرئيس الشاب أوزار بعض المحطات الدامية التي شهدتها سورية في مطلع الثمانينات ولا أوزار الممارسات القاسية لأجهزة الأمن. وإن مطالب الناس في تلك الفترة لم تكن تتجاوز التصدي للفساد وتخفيف قبضة الأمن على يوميات الناس والشروع في معالجة وضع اقتصادي لم يحتل الموقع الأول في سلم اهتمامات الرئيس حافظ الأسد الذي أعطى الأولوية لمشروع تحويل سورية لاعباً إقليمياً بارزاً.

وشرح: «في بدايات العقد الماضي شهدنا ما عرف حينه بربيع دمشق. كان ما حدث بمثابة رسائل تؤكد الحاجة إلى التغيير مع التسليم سلفاً بأن الرئيس يملك من الرصيد الشعبي والرغبة ما يؤهله لقيادة عملية تحول تدريجية لا تهدد أسس النظام. كان ربيع دمشق فرصة لسورية ورئيسها خصوصاً أن نموذج الحزب الواحد كان قد اندحر مع اندحار المعسكر الاشتراكي. شعرت الشبكة الأمنية - الحزبية بالخوف على مصالحها فصورت الربيع بمثابة مؤامرة يجب قمعها. واستخدمت أيضاً فزاعة الإسلاميين. أنا شخصياً سمعت من عبد الحليم خدام اتهامات لأنصار الربيع وأكد أنه ورفاقه لن يسمحوا أبداً بمحاكمة عهد حافظ الأسد. لو كنت مكان الرئيس بشار الأسد لما صدقت التقارير التي رفعها جنرالات الأمن وبارونات الحزب».

وقال: «كان قرار إطفاء الربيع خطأ فادحاً. بعده انشغل الأسد بتداعيات غزو العراق ثم انسحاب القوات السورية من لبنان وحرب تموز. نجحت شبكة المصالح الأمنية -الحزبية في إرجاء أي بحث جدي في التطوير والإصلاح فترسخ الجمود وزادت المصاعب الاقتصادية وتابعت أجهزة الأمن إحصاء الأنفاس بحجة الدفاع عن النظام. وهكذا ضاعت سنوات متوالية وانتهى الأمر بالتهاب الشارع السوري بفعل الربيع العربي».

اعتبر المتحدث أن العودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل اندلاع الاحتجاجات متعذرة. وأن ما تشهده سورية حالياً هو نوع من المأزق: لا السلطة تستطيع وقف الاحتجاجات ولا الاحتجاجات الحالية قادرة على إسقاط السلطة. ورأى أن المأزق يتعمق وأن سورية تغرق في العزلة وأن المواجهة المفتوحة على مصراعيها قد تؤدي إلى تفجير البيت السوري والتسبب في حرب أهلية ستساهم في إعادة إضرام التوتر السني - الشيعي في المنطقة.

أسهب المتحدث في شرح المواقف الإقليمية والدولية وخصوصاً التحركات الإيرانية والتركية. استوقفني ما خلص إليه حين قال: «ثمة مخرج واحد لتفادي الكارثة الكبرى. لو كنت مكان الأسد لجازفت باعتماده ومن دون تأخير. يقود الأسد شخصياً عملية صادمة لوقف النزاع. يقود ما يشبه الانقلاب على بعض مرتكزات النظام. يطل على السوريين في ما يشبه البيان الرقم واحد. يعلن إسقاط المادة الثامنة التي تكرس سيطرة الحزب على الدولة والمجتمع. ويعلن تكليف شخصية معارضة تشكيل حكومة وحدة وطنية. تسند وزارة الداخلية إلى شخصية محايدة تعطى صلاحية القرار في شأن عمل الأجهزة الأمنية. تكلف الحكومة الإعداد خلال فترة زمنية محددة لأول انتخابات نيابية تعددية وبإشراف مراقبين من العالم العربي والإسلامي. يعلن الأسد أيضاً أن سياسة سورية الخارجية ستقوم على الاحترام الصارم للمواثيق العربية والقرارات الدولية والابتعاد عن المحاور».

استوقفني كلام المتحدث واستوقفني قلقه. لا أعرف ما إذا كان هذا النوع من المجازفات لا يزال وارداً أو كافياً.

====================

سوريا والحسابات التركية

دمشق - غازي دحمان

المستقبل

12-9-2011

ثمة تناقض، تكاد لاتخطئه العين، بين التصريحات التركية المتشددة، تجاه تطورات الأحداث في سوريا، وبين السلوك السياسي والدبلوماسي الهادئ لأنقرة، ولعل مقارنة تصريحات رئيس الوزراء رجب أردوغان عن الفرصة الأخيرة لدمشق بالخلاصات التي عاد بها وزير الخارجية أحمد اوغلو، توضح هذا التناقض، ففي حين تبدوا تركيا في التصريحات السياسية وكأنها تتجهز لإعلان الحرب على النظام السوري، تبدو في السلوك السياسي متفهمة لإحتياجات النظام ومتطلباته، حتى لو وصل الأمر إلى حد إنتظار النظام حتى يكمل مهمة القمع في حماة ودير الزور وإدلب.

إضافة لذلك، تميزت ردة الفعل التركية، تجاه دعوات بعض عواصم القرار الغربية للرئيس بشار الأسد، بالتناقض الملحوظ، ففي حين رددت الدبلوماسية التركية بأن أنقرة ستكون جزءاً من الموقف الدولي تجاه دمشق، وهو الأمر الذي فسره المراقبون بإمكانية تحول تركيا إلى رأس حربة لإحداث التغيير في سوريا، بالنظر لموقعها في حلف الناتو من جهة، وتطبيقاً للمقولات الإستراتيجية التي أفرزتها الأزمة السورية من أن الأوضاع في سوريا تقارب الشأن الداخلي التركي ولا تنفصل عنه.

وبالطبع، من غير الممكن تفسير هذا التناقض بوجود تيارات متباينة داخل مؤسسات صنع القرار في تركيا تجاه الوضع السوري، بل المؤكد هو عكس ذلك، ثمة رؤية واضحة وإتفاق وإنسجام بين مختلف مستويات صنع القرار التركي تجاه الحالة السورية، فمن المعروف أن مصادر السياسة الخارجية التركية تجاه سوريا تكاد تكون محدودة ومحددة بنفس الآن، وهي تستند بدرجة كبيرة إلى الأفكار التي طرحها الوزير أوغلو ورؤيته الإستراتيجية فيما خص علاقات تركيا بجوارها.

غير أن التفسير المنطقي للتناقض التركي الظاهري يتمثل بمحاولة توظيف التصريحات السياسية المرتفعة النبرة لتحقيق مكاسب تفاوضية، وهذا يعني أن التفاوض وعمليات المساومة هما الآليات المتوفرة لتركيا حتى اللحظة، بالرغم من أن التصريحات التركية أريد لها أن تفهم وكأن تركيا طرف مقرر في الحالة السورية، من جهة أخرى تسعى تركيا إلى توظيف التصريحات المرتفعة النبرة من أجل ردع النظام السوري وتخفيف حدة إندفاعه، وخاصة وأن النظام السوري كان قد إتبع تجاه تركيا لعبة (حافة الهاوية) عبر استعراض حشوده العسكرية على مقربة من الحدود السورية التركية.

الموقف التركي يستبطن نوعاً من الحذر الناتج أصلاً عن عدم معرفة مآلات الأمور في سوريا، وغموض الموقف الدولي، الذي يكتفي حتى اللحظة عند حدود عقوبات إقتصادية على بعض السياسيين والأمنيين في النظام الحاكم، ويرى في دعوات التنحي الصادرة عن بعض المراكز الغربية نوعاً من سياسات تهويلية لا تملك آليات فاعلة للترجمة على أرض الواقع، في حين يعجز مجلس الأمن عن إتخاذ قرارات واضحة تجاه سورية بسبب الموقفين الروسي والصيني، والواضح أن تركيا هنا لا ترغب في التورط والذهاب بعيداً في سلوكها السياسي تجاه دمشق، وهي تضع في حساباتها إحتمال نجاة النظام وخروجه سالماً من الأزمة.

وثمة رأي يعتقد أن الحسابات التركية براغماتية إلى أبعد درجة، بعكس الموقف الخليجي الذي تقوده السعودية، وهو موقف منحاز للشعب السوري، فتركيا تريد السيطرة على الحالة السورية بشقيها الحاكم والمعارض، وهي تتعامل بتوازن مع الطرفين حتى اللحظة، صحيح أنها توجه إنتقادات قاسية للنظام، لكنها بنفس الوقت لم تقدم للمعارضة أكثر من منابر كان يمكن أن توفرها أي دولة عربية.

ولعل من ضمن أهم الحسابات التركية خيار التعامل مع نظام ضعيف يتكون من توليفة سياسية بعثية إسلامية تكون تركيا مرجعيته، وهو نظام شبيه بالنظام اللبناني في تسعينات القرن الماضي وعلاقته بسوريا، وهذه مسألة حساسة بالنسبة لتركيا التي لها مصالح كبيرة في سوريا، كما تتشتبك معها في العديد من الملفات (النائمة) والتي يهدد فتحها مستقبل العلاقات بين البلدين (مياه الفرات لواء إسكندرونة ). والواقع أن هذا الخيار ليس مستجدا في العلاقة بين الطرفين ولايشكل قطوعاً في سياقها الذي يمتد من إتفاقية أضنة، حيث كانت تركيا تفضل على الدوام نظاماً ضعيفاً، بل أن ضعفه شكل علاقة طردية مع عملية تحسين العلاقات معه.

غيرأن الموقف التركي بحساباته المغرقة في البراغماتية، يعمل على التشويش على الموقف العربي الآخذ في التبلور، والذي يتوقع أن تكون دول الخليج نواته، وبذلك تحاول تركيا خطف الورقة السورية من إطارها العربي لتوظيفها في صالح علاقاتها الإقليمية والدولية وذلك سيكون على حساب الدم السوري المراق.

====================

دمشق تغلي... وطهران تناور

الإثنين, 12 سبتمبر 2011

عبدالله ناصر العتيبي *

الحياة

يبدو أن العلاقات الإيرانية - السورية تمرّ بمنعطف تاريخي نتيجة للاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في مدن سورية وقراها منذ أشهر عدة. ويبدو، ثانية، أن هذا المنعطف سيحمل عربة هذه العلاقات إلى طريق غير متوقع خلال الأسابيع المقبلة. ويبدو، ثالثة، أن الاتصالات التي تجرى الآن بين البلدين تحت السطح تتم بكثافة كبيرة، الأمر الذي جعل الإيرانيين مرتبكين ومترددين جداً حيال موقفهم مما يحدث في سورية!

قبل أيام قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في لقاء أجرته معه شبكة راديو وتلفزيون «بورتوغيزا» البرتغالية إن على النظام الحاكم في سورية أن يفتح حواراً مع المعارضة لإخراج البلاد من أزمتها الحالية، مضيفاً أن الحل العسكري ليس هو الحل الصحيح أبداً. فيما صرّح وزير خارجيته علي أكبر صالحي في نهاية الشهر الماضي قائلاً إن على الأسد أن يستمع لمطالب شعبه.

بعد هذين التصريحين المفاجئين، تراجع الرئيس نجاد عن دعوته لفتح الباب أمام حوار بين الحكومة السورية والمعارضة عبر توضيح لوكالة الأنباء الإيرانية أكدت فيه أن تصريحات الرئيس السابقة تعرضت للتحريف بفعل فاعل، وبينت أن الرئيس قال في رده على سؤال حول ما يجري في سورية إن المشكلات القائمة ينبغي معالجتها من الحكومات والشعوب، وشدد على أن تدخل قوات حلف الأطلسي العسكرية لا يحل المشكلة، وأوضح أن التهديدات الأميركية لسورية هي تدخّل صارخ في شؤونها الداخلية، مؤكداً أن هذا التدخّل ليس لمساعدة الشعب السوري بل لإنقاذ الصهاينة ومصالح أميركا!

ثم عاد من جديد يوم الخميس الماضي ودعا، خلال لقائه وفداً صحافياً كويتياً، إلى اجتماع إسلامي يضم دولاً إسلامية تكون قادرة على مساعدة سورية في حل مشكلاتها بعيداً من أي تأثير خارجي.

وقال وزير خارجيته صالحي خلال لقائه الوفد الكويتي إن إيران مهتمة بسورية ومستعدة لحمايتها ودعمها لأن انهيارها - كحلقة مهمة - يعني انهيار سلسلة المقاومة، وأكد من جديد أن الحراك الشعبي الذي تشهده سورية يستلزم ضرورة تلبية مطالب الشعب في أسرع وقت ممكن.

هذه التحولات في التصريحات لأهم مسؤولين إيرانيين خلال الأيام القليلة الماضية فتحت باباً كبيراً للتكهنات عما ستؤول إليه علاقة إيران مع أهم حليف لها في المنطقة العربية، وأكدت أن الإيرانيين واقعون تحت ضغط الوقت الذي ليس في مصلحتهم، إذ إن الثبات على موقف واحد في وضع متغير، قد يضع طهران في النهاية في قلب عواصف داخلية وخارجية يصعب الخروج منها.

الموقف الإيراني من الثورة في سورية كان في البدء واضحاً وقوياً وداعماً للنظام السوري ضد ما سماه المسؤولون الإيرانيون حينها مؤامرة أجنبية تهدف إلى تقويض حال الممانعة التي تقف بشموخ ضد الهيمنة الصهيوأميركية، لكنه تحول في الأسبوع الماضي إلى السعي إلى مصالحة النظام (الشرعي) والشعب السوري المطالب بحقوق مشروعة! ثم تراجع قليلاً بعد ضغوط سورية ربما، إلى منتصف المسافة بين الموقف الأول والأخير، وأظنه سيتحول أيضاً خلال الأيام المقبلة إلى شكل يدعم واحداً من الاحتمالات الأربعة الآتية:

الأول، إن طهران قد تكون بهذا الخروج المفاجئ عن عقيدة السياسة الإيرانية الخارجية تسعى إلى تخفيف الضغط عن نظام بشار من خلال خلق متنفس شرعي إقليمي (اجتماع إسلامي) يستطيع بشار من خلاله المناورة وكسب المزيد من الوقت، وبالتالي تزيد فرصه للقضاء على الثورة الشعبية.

وقد تكون طهران، كاحتمال ثانٍ، بدأت في العمل على التخلي عن نظام بشار فعلياً بعدما تأكد لها أن سقوطه حاصل لا محالة، فعمدت إلى مغازلة الشعب السوري لتضمن لها مكاناً في خريطة السياسة الخارجية السورية المقبلة. ربما أن طهران عرفت متأخرة أن دعم نظام بشار حتى سقوطه قد يرمي بمستقبل الإيرانيين في المنطقة بعيداً، وبالتالي يحرمهم من أوراق لعب ظلوا يزايدون عليها كثيراً خلال السنوات الماضية.

وربما، كاحتمال ثالث وإن كان ضعيفاً، أن هذا التحول في الموقف تجاه سورية قد جاء من أجل لفت نظر الدول الغربية، خصوصاً أميركا، وبالتالي تكون الحال السورية جسراً لدعم محاولات إيران فتح خطوط تفاهم مع أعداء الأمس من أجل مستقبل أفضل!

والاحتمال الرابع أن هذا الموقف إنما جاء للحفاظ على مرجعية القيادة الدينية الإيرانية داخلياً، واستباقاً لانقلاب الرأي العام الإيراني ضدها، كونها اختارت الوقوف مع نظام يقف موقف العداء من شعبه.

سورية تغلي، وإيران تناور، والأيام حبلى بالمفاجآت.

* كاتب وصحافي سعودي.

====================

(مبادرة عربية) ضدَّ الشعب السوري !

جواد البشيتي

العرب اليوم

2011-09-12

زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي لدمشق, مع "المبادرة العربية" التي حملها إلى الرئيس السوري بشار الأسد, والنتائج التي تمخَّضت عنها الزيارة, لا يمكن فهمها إلاَّ على أنَّها دليل جديد على أنَّ "الأُمَّة" تحتاج الآن, أي في هذا الربيع الديمقراطي الثوري للشعوب العربية, إلى "إسقاط" هذه الجامعة, بصفة كونها جامعة لدولٍ تَرْمُز إلى الخريف السياسي والتاريخي للأُمَّة.

نبيل العربي, الذي أظهر من خلال ما أدلى به من آراء ووجهات نظر, أنَّه يفهم ثورة الشعب السوري ضد نظام حكمٍ يَصْلُح سبباً وجيهاً لإعادة تعريف الدكتاتورية بما يجعل من الصعوبة بمكان تمييزها من الوحشية, على أنَّها طريق مبلَّطة بالنيَّات (الشعبية) الحسنة إلى جهنَّم, جاء إلى بشار الأسد ليُقْنِعَه ب "حلٍّ عربي" للأزمة (التي تعصف بنظام الحكم السوري) قوامه "الإصلاح والمصالحة"; وكأنَّه أجاب بما جعل الشعب السوري يتساءل قائلاً: "إصلاحٌ لمصلحة مَنْ, وضدَّ مَنْ?", و"مصالحة مَنْ مع مَنْ?".

نبيل العربي يَعْلَم أنَّ الدكتاتور, وفي مثاله الأسوأ, أي الدكتاتور العربي, هو السلطة المطلقة, وأنَّ "الحراب", و"الحراب" فحسب, وليس في المقام الأوَّل, هي سبب وجوده وبقائه (ولا بدَّ لها من أنْ تكون, أو تغدو, سبباً لزواله). ويَعْلَم ما يَعْلَمَه أردوغان وهو أنَّ أي نظام حكم يقوم ويُبْنى على الدم سيغرق حتماً في الدم; لكن ما لا يَعْلَمه نبيل العربي هو أنَّ الدكتاتور يستطيع (على ما أوضح نابليون) فِعْل كل شيء بالحراب إلاَّ شيئاً واحداً هو أنْ يجلس (طائعاً لا مُكْرَهاً) عليها.

ولعلَّ خير دليل على أنَّ نبيل العربي لا يَعْلَم هذا الأمر على أهميته هو أنَّه جاء إلى دمشق ليقول لبشار الأسد إنَّ لديه (أي لدى بشار) الآن من "السلطات والصلاحيات الواسعة" ما يسمح له بالتغلُّب على الصعوبات والعقبات التي تعترض, أو قد تعترض, طريق الإصلاح الفوري والسريع في سورية.

إنَّ الدكتاتور العربي, والذي أمْره السياسي بين الكاف والنون, يستطيع فِعْلَ كل شيء, بما لديه من سلطات مطلقة, إلاَّ شيئاً واحداً هو أنْ يقود إصلاحاً سياسياً في بلاده يمكن أنْ يقود إلى إحلال نظام حكم ديمقراطي محلَّ نظام حكمه الدكتاتوري; وهذا العجز (الطبيعي) عن الإتيان بهذه المعجزة هو ما يرفع منسوب العقلانية والواقعية في الدعوة إلى اتِّخاذ إطاحة نظام حكم بشار طريقاً إلى الإصلاح السياسي والديمقراطي الحقيقي في سورية.

بلسان عربي مبين قال العربي لبشار (وكأنَّه يُبشِّره قائلاً): ابْقَ في الحكم حتى نهاية ولايتك (سنة 2014). والعرب (الذين يمثِّلهم العربي ضدَّ "الربيع العربي") يضمنون لك ذلك; لكنَّ عليكَ, في مقابل ذلك, أنْ تستخدم وتوظِّف ما تملكه (الآن, وحتى نهاية ولايتك) من سلطات وصلاحيات واسعة (أي من دكتاتورية) في تحقيق الإصلاح, والتأسيس لنظام حكم تعددي, والتمهيد لانتخابات رئاسية تعددية, والوقف الفوري لكل أعمال العنف ضدَّ المدنيين, وإزالة كل المظاهر العسكرية من المدن, وفصل الجيش عن الحياة السياسية والمدنية, وفتح حوار بين كل فئات الشعب السوري بصرف النظر عن الانتماءات لتحقيق المصالحة.

وتفهم الجامعة, مع أمينها العام, هذا الحل (للأزمة التي تعصف بنظام الحكم السوري) على أنَّه الطريق إلى تجنيب سورية "فتنة طائفية", وكأنَّ الثورة السورية هي الطريق إلى هذه "الفتنة", وإلى عدم إعطاء المبرِّرات للتدخل الأجنبي.

هذه "المبادرة العربية" لا يحتاج إليها نظام الحكم السوري; فالرئيس بشار الأسد أطلع العربي على "سلسلة (طويلة) من الإجراءات والمراسيم والقرارات (الإصلاحية)" التي اتِّخذها, وكأنَّ سبب الأزمة في سورية الآن هو وجود قوى متطرفة وإرهابية تحارب ضدَّ هذا الإصلاح, مستهدفةً خدمة مصالح ومآرب قوى خارجية معادية.

والرئيس بشار الأسد لا يمانع في قبول "المبادرة العربية" إذا ما التزم الشعب السوري, من الآن وحتى سنة 2014 ، عدم الخروج بأيِّ مظاهرة أو مسيرة شعبية غير مرخَّص لها, أي إذا ما التزم إنهاء ثورته فوراً; فإذا غادر الشعب الشوارع, وعاد إلى بيوته, وإذا ما انتهت "الاعتداءات المسلَّحة الإرهابية", فلن يتردَّد بشار الأسد في إخراج جيشه من المدن, وإعادته إلى ثكناته.

ويكفي أنْ يُضمْنَ لبشار الأسد (عربياً) البقاء في الحكم (قائداً للإصلاح) حتى سنة 2014 ، ووقف الثورة السورية, حتى ينتهي التزامه "المبادرة العربية", قولاً وفعلاً, إلى "إصلاحٍ" يطيل من عُمْر نظام حكمه.

لو كانت الجامعة العربية تشبه ولو قليلاً "الربيع العربي" لجاءت مواقفها وقراراتها إجابة صحيحة ومُقْنِعة عن السؤال الآتي: كيف لهذه الجامعة أنْ تقف مع الشعب السوري وثورته حتى إحلال نظام حكم ديمقراطي من طريق إطاحة نظام الحكم الدكتاتوري القائم?0

====================

سوريا والحماية الدولية: المثقفون والمحتجون

عبدالله بن بجاد العتيبي

تاريخ النشر: الإثنين 12 سبتمبر 2011

الاتحاد

ماذا يمكن أن يفعل الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في دمشق؟ هبطت طائرته هناك والتقى الأسد، ونقل له رسالة الجامعة، ثمّ ماذا؟ هل يتوقّع أن يستجيب الأسد لأي شيء يطرحه؟ بالتأكيد لا إنّ الأسد ونظامه عاجزان تماماً عن فعل أي شيء آخر غير القتل والعنف والمزيد منه ولا شيء آخر.

تبقى تطوّرات الداخل السوري هي الرقم الصعب في المعادلة برمّتها، فالإصرار على الاحتجاج والعزيمة على الاستمرار فيه وانتشاره وتصعيده كفيلان بإحداث فارقٍ يدفع نحو تغيير حقيقي في المواقف السياسية العربية والدولية تجاه النظام هناك، وتأتي الجمعة الماضية التي اختار لها المحتجّون السوريّون اسماً لافتاً هو "الحماية الدولية" كمرحلة جديدةٍ من تصعيد المطالب تجاه المجتمع الدولي ليطوّر من مواقفه تجاه الوضع في سوريا.

المطالبة بالحماية الدولية فيها شيء من الغموض واللبس، وهي تفتح مأزقاً حقيقياً إن كانت تطالب بالتدخل العسكري الدولي في الشأن السوري، إن كان هذا هو المقصود بالحماية الدولية فإن النظام سيكون طبعاً الرافض الأكبر وسيعتبره استعماراً جديداً كما فعل القذّافي، وربما صوّره على أنّه هجمة صليبية. وسيسوّقه على روسيا بأنه ضرب لنفوذها في المنطقة في آخر معاقله.

بعض المثقفين من القوميين أو الإسلاميين أو اليسار العرب، أصبحوا في مأزقٍ حقيقيٍ تجاه دعوةٍ كهذه فمن جهةٍ هم يأملون بسقوط هذه الأنظمة العسكرية الديكتاتورية العتيدة، ويدعمون حقوق الشعوب في الحرية والديمقراطية، ومن جهةٍ يرون استعار الأنظمة في القتل واستخدام القوات المسلحة ضد الشارع، ويرون أن الشارع مهما استمرّ في الاحتجاجات فلن يصل لنتيجة دون تدخلٍ عسكري أجنبي. ومن هنا فكثيرٌ منهم يريد لهذا التدخل العسكري أن يحدث ولكنّه لا يستطيع الدعوة إليه، أو يعبر بلغةٍ باهتةٍ عن رفضه له. طبعاً المثقف من داخل سوريا لا يستطيع أن يدعو لشيء من هذا القبيل لأنه معرّضٌ للاتهام بالخيانة العظمى.

لكلٍ طيفٍ من هذه الأطياف الثقافية الثلاثة تاريخ طويل من البناء المفاهيمي والخطاب الفكري والحزبي والسياسي المناقض لكل ماهو غربي، كل بحسبه، وهم يعتبرون أنّ الولايات المتحدة الأميركية هي رأس الشرور في العالم، وهم غير مستعدّين بعد لمطالبتها بالتدخل أو تغيير موقفهم تجاهها، على الرغم من أنهم أبدوا استعداداً مختلف الدرجات لأمرين: الأول، تفهّم أن المنطقة تمرّ بمرحلةٍ جديدةٍ. والثاني، تفهم أنّ هذه المرحلة تحتم عليهم مراجعاتٍ عميقةٍ لمجمل خطابهم السياسي والثقافي والاجتماعي، وكذلك مراجعة الجانب الأيديولوجي أو الديني بناء على تطورات الأحداث.

كلٌ من هذه الأطياف الثلاثة يحاول تجاهل أو إغفال أنّ الولايات المتحدة كانت حليفته في يومٍ من الأيام، فالقومي يتناسى أنّه لولا تدخّل الولايات المتحدة في حرب السويس عام 1956 أو ما يعرف بالعدوان الثلاثي الذي شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ضد مصر لذهب أعتى أنظمتهم القومية أدراج الرياح. والإسلامي يريد أن يتناسى الحلف القوّي مع الولايات المتحدة ضد الشيوعية والاتحاد السوفييتي في كل العالم والذي يتجلى مثاله الصارخ في الحرب الأفغانية السوفييتية، التي لولا دعم الولايات المتحدة لهم فيها لكانوا وخطابهم وكياناتهم في خبر كان.

ربما يحلو للبعض استثناء اليسار العربي من هذا السياق، ولكنّ الصحيح أنّهم تحالفوا مع الولايات المتحدة في إسقاط صدّام حسين وطرح بعض رموزهم السوريين تبريراتٍ مشابهةٍ. وقد شارك الحزب الشيوعي العراقي في تأسيس المؤتمر الوطني ببيروت مارس 1991، والذي طالب أميركا والدول الغربية بالمساعدة في إسقاط نظام صدّام حسين.

هذا في محاولة قراءة وفهم مواقف وخطاب بعض الشرائح الثقافية في المشهد المعاصر، ولكن ماذا عن الشعب؟ ماذا عن رافعي الشعارات في شوارع حمص وساحات حماة وأزقة اللاذقية؟ ماذا عمّن لايرون من المشهد إلا فوهات الدبابات ومواسير البنادق؟ تلك الموجهة لصدورهم وأبنائهم وبيوتهم، باختصار، ماذا عن الشعب السوري؟ ماذا عن الشباب المحتج في الشوارع والبلدات، في المدن والأرياف؟ ذاك الذي لم يزل يواجه منذ أشهرٍ جيشاً مسلحاً وقوات أمنٍ باطشةٍ وشبّيحةٍ قاتلةٍ؟ كيف يرى هو التدخل الأجنبي؟

إنّه -وبعيداً عن أي حساباتٍ أخرى- يرغب فيه ويدعو إليه ويتظاهر لأجله ويستنكر تأخره، وقد عبّرت الجمعة الماضية عن مطالبة صريحة به، ويكفي تسميتها بجمعة "الحماية الدولية" لتأكيد هذا الموقف أو الرغبة.

يبقى السؤال ما هو نوع التدخل الأجنبي الذي يرغب فيه الشارع؟ وما هي "الحماية الدولية" التي يسعى إليها؟ هل يقصد التدخل العسكري الكامل كما جرى في العراق؟ أم يقصد التدخل العسكري الجويّ الذي يشل قدرات النظام العسكرية واللوجستية كما جرى في ليبيا؟ أم أنّه لا يعني شيئاً أكثر من فرض عقوباتٍ دوليةٍ ضد النظام ورموزه، ومطالباتٍ بتدخل مراقبين دوليين، والسماح لوسائل الإعلام بالتغطية، وبعض القرارات الحقوقية والإنسانية؟

لئن كان الخيار الأول مستبعداً، والخيار الثالث قائماً بالفعل -ماعدا المراقبين الدوليين- فالعقوبات الدولية تتزايد، والتغطية الإعلامية يقوم بها بكفاءة عالية شباب الاحتجاجات وينقلون التفاصيل بالصوت والصورة من كل مكانٍ وهم أكثر عدداً وأوسع انتشاراً من أية وسيلة إعلامية، والقرارات الحقوقية والإنسانية تدين النظام، فهل يمكن دون اعتبار الأمر مجازفةً القول بأن الخيار الثاني –ضمن هذا السياق- وهو النموذج الليبي يعدّ أفضل الخيارات في هذه المرحلة بالنسبة للمحتجين السوريين؟

هتف المحتجون في دير الزور "القورية" الجمعة الماضية بهتافٍ جديدٍ يقول "الشعب يريد الحماية دولية" في مقطعٍ فيديو نقله موقع شبكة شام على الفيسبوك. وفي إدلب كتب أحدهم "أنقذونا من أنياب الأسد"، كما رفع أحدهم شعاراً مكتوباً في درعا "تسيل" "أغيثوا الشعب السوري إنه يباد"، كما رفع آخر شعاراً معبراً يقول "نحن أطفال سوريا ننعى الجامعة العربية ونطالب بحماية دولية" إن هذه الشعارات والشعار الأخير تحديداً تشير إلى أنّ الحماية الدولية ليس المقصود بها العرب ولا تركيا ولا روسيا المشاركة في القتل حسب شعارات أخرى، فلم يبق مقصوداً بالحماية الدولية إلا الغرب أولاً والأمم المتحدة ثانياً. وهذا ما قاله صراحة أحد الشباب المحتجين وهو علي حسن الناطق باسم شبكة شام على قناة الجزيرة حيث اعتبر تفسير الحماية الدولية وكيفية تنفيذها بنجاعةٍ مسؤولية المجتمع الدولي لا المحتجين السوريين.

إن التدخل العسكري الدولي في سوريا سيسبب حرجاً كبيراً لمناهضي الولايات المتحدة والغرب، وسيدفع بإحساسهم بالتناقض المذكور أعلاه إلى مداه الأقصى، ولكنّ الأمر ذاته لن يحصل للمحتجين السوريين في الشوارع بل سيستقبلونه بالتهليل والزغاريد، كما جرى في بنغازي من قبل، والمقارنة هنا لتوضيح هذا الجانب من صورة المشهد في البلدين.

بعدما حارب العرب الاستمعار في بداية القرن الماضي آملين في الدولة الوطنية التي يصنعونها على أعينهم، هاهم اليوم يستنجدون بالمستعمر الأجنبي لينقذهم من المستبد الطاغي المحلي، وهم يفعلون هذا للنجاة من الغرق لا برؤيةٍ ولا استراتيجية، ويظل المستقبل مفتوحاً.

====================

بيان غبي للسفارة السورية في عمان

ماهر أبو طير

الدستور

12-9-2011

اصدرت السفارة السورية في عمان،بياناً،نددت فيه بنفر من الاردنيين،لانهم يطالبون بطرد السفير السوري في عمان،فيما قارن البيان هذه المطالبة مع مطالبة ثوار مصر بطرد السفير الاسرائيلي في القاهرة،وهو الامر الذي تم فعليا،وجاءت المقارنة من باب الاستهجان والتخوين.

معنى كلام السفارة ان الاردنيين الذين يطالبون بطرد السفير السوري هم عملاء لاسرائيل وللغرب الذي يريد الاطاحة بالنظام السوري،وهذا الارتكاز في بيان السفارة السورية في عمان،مؤلم للغاية ومؤسف جدا،لانه ليس منطقيا ان يتم وصف كل من يغضب لاجل الدم السوري،بأنه يتبنى مطالب الغرب ضد سوريا،او يصطف مع اسرائيل في نفس المعسكر.

توقيت كلام السفارة السورية يأتي ايضا في توقيت حشد مليونية للذهاب الى السفارة الاسرائيلية في عمان،للمطالبة باغلاق السفارة،وهذه المليونية يتم الحشد لها عبر مواقع الفيس بوك،لتقوم يوم الخميس المقبل،وكأن السفارة تقول انه لو كانت هناك مراجل حقيقية فلتكن يوم الخميس المقبل بدلا من الحشد ضد السفارة السورية في عمان،واقامة نشاطات تضامنا مع الشعب السوري.

بصراحة هذه مهزلة حقيقية،اذ يتم تخييرك اليوم بين ان تقف ضد اسرائيل،وبالتالي تقبل مايقوم به النظام السوري من تقتيل وتذبيح وهدر للدماء،او انك مع اسرائيل فلا تهتف ضدها،وتطالب ايضا بتحرير الشعب السوري،وهي معادلة غبية يراد تركيبها،وحشر المطالبين بحرية الشعب السوري في اطار المتصهينين،امر مؤسف بحق.

مسكينة هي فلسطين.نظام دمشق يريد حرق الشعب السوري بذريعة انه نظام مقاومة وممانعة،وانه ضد اسرائيل،وبالتالي يتم استغلال فلسطين للدوس على الشعب السوري،وهكذا هي معظم الانظمة العربية دوما تستثمر قضية فلسطين،اما لحرق شعوبها،او لايقاعهم في معارك جانبية،وفي كل الحالات لاتستفيد فلسطين شيئا من كل هذا الكلام،ويتم تحميل الشعب الفلسطيني وزر وخطايا الانظمة العربية،التي تبحث عن جمل لتحميله افعالها.

بيان السفارة السورية في عمان،يفتقد الى الذكاء،والى الخبرة الدبلوماسية،ويتسم بالتذاكي،لان بامكاننا ان نطالب باغلاق السفارة الاسرائيلية في عمان،والمطالبة في ذات الوقت بوقف هدر دم السوريين،وهتك كرامتهم،ولايوجد اي داع لخلق هذه الثنائية الغبية فإما تكون ضد اسرائيل فتقبل افعال نظام دمشق ضد شعب سورية،واما تكون مع اسرائيل فتحتج ضد المذابح في سورية.

الاولى لسفارة سورية في عمان،ان لاتتهم الاردنيين المحتجين على مذابح سورية،بكونهم شجعان امامها،ارانب امام سفارة تل ابيب في عمان،وقد لايعرف دبلوماسيو السفارة،ان ذات الفعاليات تقف لتتضامن مع الشعب السوري امام سفارة سورية في عمان،وهي ذات الفعاليات التي تطالب بطرد السفير الاسرائيلي من عمان واغلاق سفارتهم ايضا.

كل القصة بيع للماء في حارة السقائين،ولتبحثوا عن اسلوب اخر،تقنعون فيه الناس،بعدالة سكاكينكم.

====================

البطريرك الماروني إذ يؤيد بشار الأسد!!

ياسر الزعاترة

الدستور

12-9-2011

في لبنان لم يكن ثمة خلاف على كره النظام السوري بين الغالبية الساحقة من المسيحيين، وفي مقدمتهم الموارنة الذي يشكلون النسبة الأكبر من الطائفة. يتوافقون في ذلك مع القطاع الأكبر من السنّة، في حين وجد غالبية الشيعة في النظام السوري حليفا إستراتيجيا بالغ الأهمية، وبالطبع تبعا للتحالف الإيراني السوري المعروف.

في المرحلة الأخيرة بعد لقاء الجنرال عون مع حزب الله فيما يعرف بتحالف الثامن من آذار، اختلفت نبرة بعض المسيحيين حيال النظام السوري، وإن بقي الكره كامنا في نفوس معظمهم، لأن لقاء السياسة لا يستتبع بالضرورة لقاء القلوب، لاسيما أن المسيحيين لا يزالون ينظرون إلى النظام السوري بوصفه المتسبب في تهميش حضورهم في الدولة اللبنانية.

قبل أيام قال البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال مؤتمر أساقفة فرنسا «كنت آمل لو يعطى الأسد المزيد من الفرص لتنفيذ الإصلاحات السياسية التي بدأها»، مضيفا أنه «إنسان منفتح. تابع دراسته في أوروبا، وتربى على المفاهيم الغربية. لكن لا يمكنه القيام بمعجزات لوحده». ولخص الراعي رأيه بالقول «لسنا مع النظام، لكننا نخشى المرحلة الانتقالية». مضيفا «علينا أن ندافع عن المسيحيين وعلينا أن نقاوم بدورنا». أما الأسوأ فيتمثل في قوله إن «تأزم الوضع في سوريا أكثر مما هو عليه سيوصل إلى حكم أشد من الحكم الحالي كحكم الإخوان المسلمين». وهو رأي سانده الجنرال عون بقوله «بديل النظام الحالي في سوريا سيكون الإخوان المسلمين الذين يؤمنون بأن الديمقراطية هي ضد الشريعة» (هل يبرر ذلك حتى لو صحّ وهو غير صحيح تأييد الدكتاتورية؟!).

لم نكن في حاجة إلى رأي البطريرك الماروني وصاحبه الجنرال لنعرف أن غالبية المسيحيين في لبنان، وربما عموم المنطقة يقفون إلى جانب النظام السوري (هناك قطاع مسيحي لبناني له رأي آخر بالطبع)، ومعهم بالضرورة غالبية العلويين والدروز، والسبب برأيهم هو ما ذكره البطريرك، أي الخوف من المرحلة الانتقالية، وبتعبير أدق من البديل المحتمل عن النظام السوري.

لا خلاف على أن الأقليات غالبا ما تصطف إلى جانب الأوضاع القائمة ما دام احتمال بقائها ممكنا، لاسيما إذا كانت جيدة بالنسبة إليها، لكن هذا الموقف لا يُعد مقبولا بالمقاييس الأخلاقية عندما تكون تلك الأوضاع من اللون الدكتاتوري، ولا أعتقد أن البطريرك الماروني، ومعه سائر المسيحيين يعتقدون أن بشار الأسد جاد في تحقيق إصلاحات حقيقية تمنح الشعب فرصة التعبير عن نفسه وتقرير مصيره بحرية كاملة.

واللافت هنا أن التبرير الذي يسوقه البطريرك هنا لا صلة له البتة بالمقاومة والممانعة كما هو حال البضاعة التي يبيعها بعض القوميين واليساريين لتبرير وقفتهم إلى جانب النظام، لاسيما أننا نعلم مثلا أن وقوف الأخير مثلا إلى جانب حزب الله وحرص على سلاحه لم يرق يوما للمسحيين اللبنانيين على وجه التحديد، وبالطبع تبعا لاعتقادهم بأن الحزب يستخدم سلاحه في تحقيق نفوذ سياسي في الداخل اللبناني.

هنا ينبغي أن يُطرح سؤال بالغ الأهمية حول البديل المحتمل في سوريا، والذي يمكن أن يشكل تهديدا للأقلية المسيحية كما يعتقد البطريرك وسواه، والإجابة أن أحدا من قوى المعارضة، بمن فيها الإسلامية وفي مقدمتها جماعة الإخوان لم يطرح في يوم من الأيام خطابا يهدد تلك الأقلية، فيما هو يفعل العكس حيال جميع الأقليات، وليس صحيحا ما قاله عون عن موقفهم من الديمقراطية، ما يضع الموقف في خانة الخوف التقليدي من الإسلاميين، وربما الموقف الطائفي المسبق منهم بصرف النظر عن خطابهم وسياساتهم. ويبقى أن عاقلا في سوريا لا يصدق بالفعل حكاية القوى السلفية والإرهابية التي تهدد البلد وأقلياته المخالفة في المعتقد.

في مصر على سبيل المثال لم يكن الإخوان هم الذي يغذون الخطاب الطائفي ضد الأقباط، بل النظام نفسه، وهو الذي كان يميز ضدهم في الحالات التي يشتكون منها، وفي أي بلد عربي آخر لن يكون الموقف مختلفا.

أما العراق وما جرى فيه للمسحيين، فلا يبدو الموقف قابلا للقياس، ليس فقط بسبب ضآلة حضور التيار السلفي الجهادي (حتى هذا لا يطالب بالتمييز ضد المسيحيين وإن تناقضت ممارسته مع خطابه في بعض الأحيان)، وإنما لأن الحرب العبثية قد أصابت الجميع ومن قتل من السنة والشيعة، حتى بمنطق النسبة لعدد لسكان أكبر بكثير ممن قتل من المسيحيين.

الذي لا يقل أهمية عن ذلك هو المتعلق بردة فعل الشارع السوري على مثل هذا الموقف من طرف المسيحيين ودعمهم المباشر وغير المباشر للنظام، إذ سيؤدي بالضرورة إلى ردة فعل سيئة، لاسيما أن أحدا لم يطرح صيغة بديلة غير صيغة الدولة التعددية المدنية التي تستوعب كل مواطنيها وتمنحهم حقوقا متساوية.

يستحق هذا الموقف مراجعة حقيقية من سائر الأقليات، لاسيما أن النظام لا يجد غضاضة في التورط في حرب أهلية دفاعا عن نفسه، وهي حرب لن يربح منها أحد لكن من يقفون إلى جانب النظام سيكونون أكبر الخاسرين من دون شك، بخاصة على الصعيد الأخلاقي.

بقي مسألة الضمانات التي ينبغي أن تقدمها القوى الإسلامية، وفي مقدمتها الإخوان للأقليات بحسب ما يطالب البعض، والسؤال هو: هل لو خرج قادة الجماعة وأقسموا أغلظ الأيمان أنهم سيضعون جميع الأقليات على رؤوسهم بعد التحرر من الطاغوت سيغير الموقف؟ كلا بالتأكيد.

====================

المعارضات السورية والانزلاق نحو الهاوية

يوسف الحوراني

الرأي الاردنية

12-9-2011

طوال الأشهر الأربعة الماضية تابعنا عبر الفضائيات ووسائل اعلامية اخرى الاجتماعات والمؤتمرات وتشكيلات متعددة ومختلفة للمعارضات السورية في الخارج وفي الداخل ولقاءات تشاورية واجتماعات جرت في بعض الدول الأوروبية وغيرها، فتارة هناك اجتماع في بروكسل مرة ومرتين وفي انتاليا بتركيا ثم اسطنبول مرة ومرتين وثلاثة وفي باريس ولقاءات مع مسؤولين أمريكان وأخرى بحضور اسرائيليين تحت العديد من المسميات « المؤتمر السوري للتغيير» و»المجلس الوطني للتغيير» و»مجلس الانقاذ الوطني» و» لجنة الحوار الوطني» و»هيئة المعارضة السورية» و»هيئة التسيق الوطني» و» هيئة التسيق الوطني لقوى التغيير في المهجر» و»الائتلاف الوطني لدعم الثورة السورية» و« اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» و«تجمع أحرار دمشق وريفها» و» المجلس الثوري للتنسيقيات « ناهيك عن الشخصيات من أمثال عبد الحليم خدام الذي دعا الناتو الى التدخل العسكري ورفعت الأسد عم الرئيس السوري بشار الأسد أمين التجمع القومي الديمقراطي الموحد.

وبصرف النظر عن مكونات هذه المعارضات وأشكال الاختلاف والخلاف بينها، فإن دلالات تعددها في بازارالمعارضات وعلى قاعدة كل من يحضر السوق يتسوق، وتوالدها كالفطر يؤشر على عمق أزمتها البنوية، وعزلتها عن الشارع السوري وتعدد الأهداف والمآرب وأن ثمة جهات عديدة تضع مثل هذه التجمعات غب الطلب وتحت التصرف وفق الأجندات المعدة لغرض السيربالفوضى والاضطربات حتى تحقيق الأهداف التي انشئت من أجلها، وما حدث في اسطنبول مؤخرا يؤكد أن لا برنامج ولا استراتجية وطنية وقومية تجتمع عليها، وكانت اللجنة التحضيرية المنبثقة عن الاجتماع التشاوري للمعارضة في اسطنبول من أجل تأسيس المجلس الوطني، أعلنت رفضها الاعتراف بالمجلس الانتقالي الذي أعلن عن تأسيسه في أنقرة وأكدت أن لا علاقة لها بهذا المجلس من قريب أو بعيد، فرد الأخير بأنه بصدد الاعلان عن تشكيل مجلس وطني جديد.

المعارضات السورية التي تتصدر المشهد التلفزيوني، بعد أن حظيت برعاية اقليمية وأوروبية وأمريكية، وجدت نفسها أمام مأزق كبير، فهي عاجزة حتى الان تقديم رؤية سياسية موحدة حول تصورها للحل السياسي وليست ذات مرجعيات واضحة، متكأة على تراث ايديولوجي تجاوزه الزمن، وانكفأت لسنوات تنظيميا وفكريا، وأداء دون مستوى الأزمة وحلولها، ولأن أحد أطرافها الرئيسية، بل الطرف الأكثر نفوذا وتأثيرا وهم الأخوان المسلمون والجماعات السلفية، وبدعم أمريكي لا تخطئه المعلومات، عمدت الى توظيف واستخدام الأطراف الأخرى لصالح برنامجها الواضح فيه رفض الحوار وبحثا عن السلطة بأي ثمن، مستجيبة لطلب مجموعة من الأطراف التي تشجعها على مقاطعة الحوارأومناقشة الإصلاحات «الواقعية» كما أشار الى ذلك وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف.

إن أخطر ما تسعى إليه هذه المعارضات المتصادمة والعاجزة عن تحقيق نتائج ملموسة على الأرض بعد مرور ستة شهور، الطلب بالتدخل الخارجي «الناتو» لحسم الصراع، وفق النموذج الليبي، لصالحها وبإدراك أو دونه فإن دعوتها هذه سوف تدفع المنطقة كلفة باهظة وباهظة جدا، وهو ما يؤكد استعدادها الانزلاق نحو الهاوية وأخذ الوطن السوري نحو الدمار.. وبعدي الطوفان.

====================

شبّيح ما قبل المسيح!

صبحي حديدي

2011-09-11

القدس العربي

 بتاريخ 7 تموز (يوليو) الماضي أصدر عادل سفر، رئيس مجلس وزراء النظام السوري، تعميماً تحت تصنيف 'فوري وسرّي'، يبدأ هكذا: 'وردتنا المعلومات التالية: ستقوم عصابات دولية محترفة بدخول القطر بعد ان قامت تلك العصابات بإدخال جزء من معداتها التكنولوجية وأجهزة اتصالات عبر الأقمار الصناعية إلى القواعد. وهذه العصابات متخصصة بسرقة المخطوطات والآثار والمتاحف والخزائن والبنوك، وسبق أن دخلت هذه الشبكة إلى العراق وليبيا لأنّ هناك إستراتيجية تهدف خلال الفترة القادمة إلى اقتحام البنوك والمراكز البريدية'. وينتهي التعميم بطلب 'تشديد الإجراءات الأمنية من خلال تركيب بوابات أمنية وأجهزة إنذار وكاميرات مراقبة مخفية، وتشديد الحراسة على المباني وإعادة النظر بعناصر الحراسة غير الكفوءة'.

التعميم موجّه إلى وزراء الإتصالات والتقانة، والثقافة، والمالية، فضلاً عن حاكم مصرف سورية المركزي؛ وهذه، بالطبع، ليست جهات أمنية أو استخباراتية، وأدوارها في مقارعة 'عصابات دولية محترفة' سوف تكون بائسة ومضحكة في آن. بيد أنّ ما يختفي طيّ التعميم هو الحقائق المفزعة عن تكاثر حوادث نهب وتزوير وتهريب آثار سورية ثمينة، وهذه أعمال معقدة لا يعقل أن تتمّ دون تسهيل من جهات أمنية عليا، لعلّها السادنة الأولى لهذه التجارة القذرة. تناسى رئيس وزراء النظام، كما ينبغي له أن يفعل صاغراً أو طائعاً، حقيقة أخرى جلية تشير إلى عصابات من طراز آخر تمارس تخريب الآثار السورية، ولا تعمل تحت جنح الظلام هذه المرّة، بل في وضح النهار، بمباركة النظام، وتهليل أبواقه.

فماذا يقول سفر في دبابات ماهر الأسد، التي اخترقت دوّار السباهي في مدينة حماة، حيث الأعمدة العتيقة، فأخذت تخبط فيه خبط عشواء، وكأنها تسير في أرض يباب؛ ومن نقاط تمركزها هناك قامت بقصف أحياء المدينة، فألحقت الأضرار بالكثير من معالم المدينة الأثرية، بما في ذلك القلعة الآرامية؟ وماذا يقول في قصف الجامع العمري (الذي أمر ببنائه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، عند مروره في حوران)، مرّة بعد مرّة، على رؤوس اللاجئين إليه؟ وماذا عن النهب اليومي الذي يتعرّض له تل الأشعري، أحد سقوف وادي اليرموك الحوراني، والذي تعود مكتشفاته الأقدم إلى العصر الحجري؟ وماذا عن التشبيح الآثاري الذي يجري في إدلب ومعرّة النعمان وسائر جبل الزاوية، حيث مملكة إيبلا وتل مرديخ (الألف الرابع قبل المسيح)، ودير سنبل البيزنطي، ودير سيتا الروماني؟ وماذا عن النبش العشوائي، تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية، في تل حموقار، في منطقة الجزيرة، حيث تقع مدينة تعود إلى 3500 سنة قبل الميلاد، ويتفق الآثاريون على أنها واحدة من أقدم مراكز العمران؟

ما لا يفاجىء أنّ قطعة أثرية كبيرة سُرقت بعد أيام من صدور تعميم رئاسة مجلس وزراء النظام، وفي مدينة سورية ليست البتة مفتقرة إلى الرموز الكبرى: حماة، دون سواها! القطعة المسروقة هي تمثال ذهبي نادر لآلهة آرامية، وقد سُرق من داخل متحف المدينة، حيث اتضح للمحققين أنه لم تقع عمليات خلع لأبواب المتحف أو كسر للزجاج، وأنّ السارق تجوّل في المكان بحرّية تامة، وتوفّر له كلّ الوقت اللازم لنزع التمثال من قاعدته ونقله خارج المتحف. سلطات الأمن الجنائي سارعت إلى توقيف موظفي المتحف، دون التوصل إلى نتيجة بالطبع، لأنّ السارق الشبيح كان ويظلّ في حماية سادته الشبيحة الكبار، حيث لا قانون يردع ولا سلطة تمنع.

ولقد سبق لهؤلاء الشبيحة الكبار أن عاثوا فساداً في دمشق العتيقة، ولم يتورعوا عن تخريب أسواقها العريقة، وطمس معالم كبرى من تاريخها الأيوبي والمملوكي، بغية إقامة منشآت سياحية ومجمّعات تجارية، دون أي اكتراث بالعواقب العديدة، البشرية والتاريخية والآثارية والمعمارية والاقتصادية والثقافية، التي ستخلّفها هذه الجرائم الصريحة المعلنة. وهكذا، لم يعد يشبعهم أنهم نهبوا وينهبون مثل ضباع شرهة جشعة، لا تشبع في قطاع الاتصالات والهاتف الجوّال والأسواق الحرّة وصناعة الإسمنت، وما خفي من أشغال حرام هنا وهناك؛ فتوجّب أن يخرّبوا لكي يشتغلوا بإعمار ما خرّبوا، مع فارق أنهم يهدمون ما لا يجوز تهديمه، ويمسّون ما ينقلب أيّ مساس به إلى جريمة كبرى بحقّ الإنسان والتاريخ في آن معاً.

لا يفاجىء، أيضاً، أنّ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تبدي من القلق على كنوز سورية الآثارية والتاريخية والعمرانية، أكثر بكثير ممّا تبديه السلطات السورية، ليس السياسية أو الإدارية وحدها، بل السلطات الآثارية أيضاً! وكيف ستفعل هذه، أو هل تتجاسر أصلاً، إذا كانت جهات التخريب والنهب والسرقة هي ذاتها عصابات التشبيح العاملة لدى رجال النظام؛ وهؤلاء يمارسون النهب الشمولي على نحو وجودي أو غريزي، لأنهم ببساطة يعتبرون سورية مزرعة لهم ولأبنائهم، كما كانت لآبائهم!

وثمة، لا ريب، فارق في نوعية الألم إزاء ما يقترفه ضابط أمن بحقّ شهيد، مثل الناشط الشابّ غياث مطر، قضى تحت التعذيب؛ وما يقترفه شبيح آخر بحقّ آلهة آرامية، أو رقيم سومري، أو مسجد عمري. ثمة، في المقابل، على ضفّة الشعب، فارق المقاومة الذي يستولد الأمل، من قلب الألم...

====================

العين على سورية والهدف... تركيا؟

الإثنين, 12 سبتمبر 2011

جورج سمعان

الحياة

كان الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف واضحاً في موقفه، غداة رحيل زين العابدين بن علي وسقوط حسني مبارك. حذر من صعود الإسلاميين المتطرفين إلى السلطة لخلافة الأنظمة المنهارة. يعتقد، وتعتقد دوائر في الكرملين، بأن الحراك العربي يقف خلفه هؤلاء الإسلاميون... وأصابع أميركية، ما دامت واشنطن تمارس اليوم، من تونس إلى القاهرة، دوراً راعياً للتغيير الحاصل. وإن تركت لأوروبا تصدر الواجهة في ليبيا. مع أن موسكو لا تتجاهل الأسباب الفعلية لهذا الحراك: من تسلط الأنظمة إلى الفساد وغياب الحريات وحقوق الإنسان...

فوجئت موسكو كما غيرها باشتعال الشوارع والساحات العربية، لكن رد فعلها لم يكن بسرعة النار. اعتمدت الترقب والحذر والتردد. أما أميركا وأوروبا فأدركتا باكراً أن لا قدرة على الوقوف في وجه الحراك العربي. عملتا سريعاً على مد شبكة علاقات سياسية واقتصادية مع النخب الصاعدة. وتعهدت الدول الثماني قبل يومين تقديم 38 بليون دولار الى تونس ومصر والمغرب والأردن على مدى 2011 الى 2013. وتحاولان إدارة المرحلة الانتقالية في ليبيا. تتصرفان حيال سورية على قاعدة أن النظام هناك لم يعد قادراً على ضبط الوضع على الأرض، وعلى إبرام المصالحة مع المحتجين والمعارضين واستجابة لائحة طويلة من مطالبهم الإصلاحية. لذلك تعملان على حصار النظام طلباً لرحيله... في حين تتمسك به الديبلوماسية الروسية التي قد تجد نفسها خارج الساحة إذا حدث التغيير المتوخى في هذا البلد.

لا تعرف روسيا حتى الآن كيف تخرج من تاريخ مضى، ومن عقدة التقدم الغربي بعد انهيار المعسكر الاشتراكي. لا تريد أن تنسى أن إدارة الرئيس جورج بوش كانت عرضت على الدول الصناعية الكبرى، مطلع التسعينات، مشروع نشر الديموقراطية في «الشرق الأوسط الكبير». لم تبد ارتياحاً إلى هذا المشروع الذي عدته محاولة لإقامة فضاء يحافظ على المصالح الأميركية، في مواجهة الروس والصينيين، أكثر مما يوفر الديموقراطية لشعوب المنطقة. وإذا كانت بكين لا تعير الاهتمام الكافي للمنطقة، علماً أن أنها تستورد من نفط السعودية ضعفي ما تستورد من إيران وأفريقيا... فإن لروسيا مصالح تاريخية في الشرق الأوسط كانت سبباً في حروب ومناوشات من أيام السلطنة العثمانية التي كانت تأخذ عليها تحريك الأقليات المسيحية لتقويض سلطة إسطنبول وإضعافها.

لا تذهب روسيا بعيداً في مخاوفها من صعود المتطرفين. ثمة احتمالات أن تواجه «ربيعاً» مماثلاً لما يشهده الإقليم المجاور. إن صعود الإسلاميين إلى السلطة في أكثر من بلد عربي سيفرض تغييرات جوهرية في «الشرق الأوسط الكبير». وقد يشجع مواطنيها المسلمين على التحرك. وهم ليسوا قلة. أكثر من عشرين مليون في اتحاد متعدد الأعراق والاتنيات والأديان... ومعرض للتفتيت والتقسيم أيضاً! ولم تكف واشنطن من عقود عن مطالبة كل من موسكو وبكين باحترام حقوق الإنسان وتعزيز الديموقراطية والحريات. وهو ما يزعج البلدين معتبرين أنه نوع من أنواع التدخل في الشؤون الداخلية والذي يعيق تطور العلاقات الثنائية وتطورها.

بالطبع لا تقتصر مخاوف روسيا على صعود المتطرفين في المنطقة، بل تتعداه إلى مخاوفها القديمة من هذا الزحف الأميركي والأطلسي الذي لم يتوقف لتطويقها منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. تؤمن بأن أميركا ستخلي العراق، لكنها ستخلف وراءها قاعدة عسكرية توفر لها موقعاً سياسياً واستراتيجياً. ويداً تعمل للتحكم بقطاعات سياسية وعسكرية ونفطية. وتمثل أداة ضغط على الصين والدول الصاعدة في شرق آسيا والقارة الهندية، عبر التحكم بوجهة هذا النفط واستثماراته وأسعاره أيضاً. وإذا قدر للولايات المتحدة أن تبني علاقات مميزة مع الأنظمة الناشئة في العالم العربي، وإذا قدر لها أن تبرم تسوية مع الجمهورية الإسلامية تراعي المصالح المشتركة مع أهل المنطقة من أفغانستان إلى الخليج، فإنها تسهل قيام «بساط إسلامي» واسع يشكل سداً في وجه النفوذ الصيني والروسي معاً.

هذا من دون الحديث عن دور باكستان التي كان لها الدور الأكبر في إخراج السوفيات من أفغانستان. ومن دون الحديث عن الدور المتجدد لتركيا في إطار الدرع الصاروخية، وقد استقبلت قبل أيام نظام الإنذار المبكر المعد لمواجهة الصواريخ الكورية والإيرانية وغيرها. وطالما عبرت موسكو عن معارضتها نشر هذه الدرع في أراضي دول الاتحاد السوفياتي السابق. واضطرت إلى دخول جورجيا واقتطاع «دويلتين» منها (أبخازيا وأوسيتيا) لمواجهة هذه الدرع. لكنها لم تستطع منع زرع هذا المشروع العسكري قريباً من حدودها الجنوبية التي شكلت دائماً سداً في وجه تمددها نحو المياه الدافئة.

هذا الصراع على بحور العرب والشرق الكبير هو جزء من صراع الكبار على الهيمنة في كل المعمورة. معروف أن علاقات اليابان وأميركا مع كل من الصين وروسيا يشوبها بعض التوتر بسبب الخلاف على تسوية الأزمة الكورية وعلى حل مشكلة جزر الكوريل. وبسبب التنافس والسيطرة على بحر الصين. ولا تخفي بكين ارتياحها إلى مواقف موسكو، في مواجهة الحلف القائم بين واشنطن وطوكيو وسيول. وينسحب هذا التوتر على أكثر من إقليم حيث تجهد الولايات المتحدة للحفاظ على نفوذها ومصالحها الاستراتيجية، الاقتصادية والعسكرية، في مواجهة الصعود المتعاظم للصين وانتشاره حتى أفريقيا. ومن شهرين حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون القارة السمراء من «الاستعمار الجديد»، في إشارة إلى توسيع بكين نطاق علاقاتها ومصالحها هناك.

وإذا كانت روسيا تبدي مزيداً من التضامن مع الصين، تاركة لها أمر الشرق البعيد، فإنها لا يمكن أن تجازف أو تغامر في الشرق الأوسط حيث لها تاريخ طويل من العلاقات العسكرية والاقتصادية والثقافية. من هنا حرصها على حماية نظام الرئيس بشار الأسد. تدرك جيداً، وهي تنظر إلى الأزمة في سورية، أن أي تغيير في هذا البلد سيحمل إلى الحكم مجموعات تدين بالعرفان لتركيا التي احتضنت وتحتضن أطياف المعارضة. وأعلنت انحيازها العلني إلى جانب المعترضين على نظام الأسد.

ما يقلق روسيا أبعد من سورية العودة الثابتة لأنقرة إلى الشرق الأوسط الذي أخرجت منه إثر الحرب العالمية الأولى. وما يقلقها أكثر سعي تركيا الدؤوب لتكون الممر الأساس لنفط إيران وغازها ونفط آسيا الوسطى من أذربيجان إلى تركمانستان وكازخستان... إلى أوروبا. لا تريد روسيا منافساً لها في الأسواق الأوروبية قادراً على انتزاع ورقة حيوية من يدها في أي «مقايضة» مع الاتحاد الأوروبي الذي تحتاج إلى علاقات طيبة معه، وإلى معونته لتطوير اقتصادها وإنعاش أسواقها... فضلاً عن الحلم بإمكان استعادة ما كان لها من كلمة في القارة العجوز.

ولم تكن روسيا مرتاحة أبداً إلى هذا السباق بين إيران وتركيا على وراثة السوفيات في جمهوريات آسيا الوسطى. ولم يرق لها دور أنقرة في البلقان. ولن يرق لها أن تعيد بناء الجسور مع أرمينيا بعد أذربيجان وغيرها من دول القوقاز. وأخيراً، وليس آخراً، لا يروق لها أن تشاهد تركيا تستأثر بالورقة الفلسطينية، عبر حربها المفتوحة مع إسرائيل. بينما كانت سورية إلى ما قبل الحراك الداخلي باباً لا بد من عبوره إلى أي تسوية للقضية الفلسطينية ولما بقي من صراع عربي - إسرائيلي. وكانت موسكو تتوكأ على مواقف دمشق لتعزز دورها في هذه القضية... تمانع روسيا وتماطل في تطوير قدرات الجمهورية الإسلامية، فكيف ترتاح إلى صعود تركيا حزب العدالة والتنمية؟ وفوق هذا وذاك لا ترغب في خسارة ميناء طرطوس مرسى للبحرية الروسية في قلب المتوسط.

في مقابل براغماتية أميركا وأوروبا في التعامل مع الحراك العربي للحفاظ على مصالحهما الاستراتيجية في المنطقة، تحلم روسيا باستعادة تاريخ مضى بالعمل على وقف عجلة التاريخ! هل تملك فعلاً القدرة على إعادة إنتاج التجربة السوفياتية المنقرضة؟ إن مواقفها من الحراك العربي اتسمت بالتردد والكثير من التناقضات أحياناً. هذا ما حصل حيال الثورة في ليبيا. وما يحصل في سورية. فقد أعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي ميخائيل مارغيلوف أن الرئيس الأسد «جعل بأفعال التنكيل الدموي من الصعب إجراء التسوية السياسية للوضع». كان هذا قبل أسابيع. لكنه أمس دعا وفد المعارضة إلى حوار مع النظام لإيجاد تسوية للأزمة! وبعدما حذر الرئيس ميدفيديف نفسه من «مصير حزين» للرئيس الأسد ها هو يرفض المساس بالنظام وباستقرار سورية! لا تريد موسكو أن تكرر «الخطأ الليبي». هذا ما تعلنه صراحة. هل تصحح الخطأ في سورية أم تقع في خطأ مغاير؟

====================

سوريا: أحلام العربي.. أُم الأجنبي!

حسين شبكشي

الشرق الاوسط

12-9-2011

في زيارة خاطفة وسريعة جدا للعاصمة السورية دمشق، التقى الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، رئيس سوريا، بشار الأسد، لينقل إليه «مبادرة» عربية لإصلاح الوضع في بلاده، التي وصلت فيها الأوضاع إلى مراحل مأساوية لا يمكن السكوت عنها بسبب المجازر والمذابح التي ترتكبها قوات الأمن والجيش السوري بحق شعبها ولم يعد من الممكن السكوت في ظل الغضب السوري الشعبي المتزايد والإجماع الدولي المتصاعد لتأييد الثوار السوريين لمطالبهم الكريمة.

وطبعا، كما كان متوقعا، غادر نبيل العربي الاجتماع بعد أن سمع إلى «الهراء» التقليدي عن مؤامرات تحاك ضد سوريا، واختراق البلاد من تنظيمات وجماعات مسلحة، وغير ذلك من الهرطقة السياسية التي لم تعد تقنع حتى متابعي برامج الأطفال. لكن النظام السوري تعود لأربعين عاما أن تبيع هذه النوعية من البضاعة الرديئة، وكانت دوما ما تجد لها السوق والزبون، لكن ذاك كان زمنا، واليوم أزمان أخرى، في اليوم نفسه الذي وصل فيه نبيل العربي إلى دمشق تم قتل أكثر من 40 سوريا عن طريق شبيحة النظام والجيش، ومعظمهم كان في مدينة حمص المحاصرة بشكل جنوني، التي يتساقط فيها يوميا ما معدله 20 شخصا منذ بداية شهر رمضان المبارك الماضي، وكذلك تم الإعلان عن انشقاق الكتيبة 62 من الجيش السوري في مدينة درعا، البالغ قوامها 500 ضابط وجندي و30 ناقلة جنود ومدرعة وآلية مضادة للطيران، وتم أيضا تسليم جثمان الناشط الشاب غياث مطر، ابن ال26 عاما، لأهله منزوع الحنجرة بعد تعذيبه في المعتقلات الجهنمية لهذا النظام الدموي المستبد.. هذه كانت «عينة» من هدايا نظام الأسد لنبيل العربي بمناسبة عيد ميلاد بشار الأسد الذي تصادف وقوعه أمس، الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).

شخصيا لا أعتقد أن نبيل العربي يؤمن بوعود بشار الأسد الإصلاحية أو يصدقها؛ لأن بشار الأسد نفسه غير مقتنع بها، وها هي السعودية، الدولة العربية الكبرى، ترسل إشارة رمزية، لكنها مهمة جدا، بإجلاء جميع رعاياها وأسرهم، البالغ عددهم قرابة ال3500 فرد، من الأراضي السورية بشكل عاجل، مما يدل على القناعة بأن الأمور تسير في اتجاه التصعيد الكبير ضد النظام المتهالك. نبيل العربي الذي جاء إلى منصبه الحالي من رحم الثورة المصرية يدرك تماما مطالب الشعوب للعيش بكرامة لا يردها القمع والقتل، والأمثلة الحية أمامه كشواهد في ليبيا وتونس وبلده مصر، ولا يمكن له أن يكيل بمكيالين؛ فيكون لسوريا ما ليس لليبيا ولمصر ولتونس، خصوصا أن الإرث القمعي في سوريا يشهد لنظام الأسد بالأمجاد، فقط اسألوا أهل حماه عن ذلك ويكفي. أرى أن زيارة نبيل العربي للأسد هي بمثابة قبلة الوداع لنظام آن الأوان للخلاص منه، فالكل يحاول أن يبتعد عنه بكل الأشكال، تركيا التي قرر رئيسها ورئيس وزرائها أنه لا أمل ولا جدوى من الحديث مع الأسد، وأن النظام الذي يريق الدماء للإصلاح سيُزال هو الآخر بالدم، في إشارة صريحة إلى أوان رحيل نظام الأسد، وكذلك النداء العجيب من الرئيس الإيراني ناد بأهمية عقد مؤتمر إسلامي لمناقشة «مشكلة» سوريا (وكأن الثورات في ليبيا ومصر وتونس واليمن كانت لدول بوذية مثلا)، لكنها إشارة إلى قناعة إيران بأن حليفها الأول متورط وهي تحاول الابتعاد عن النظام بمسافة متزايدة، وها هي حماس تغادر بالتدريج موقعها في دمشق لاعتراضها على تصرفات النظام، لتنتقل بالتدريج إلى قطر، بينما اختارت «الجهاد» الانتقال إلى إيران، ولم يتبقَّ من مؤيدي النظام إلا أصوات «مريبة» مثل بطريرك الطائفة المارونية في لبنان، بشارة الراعي، الذي عبر عن تأييده للنظام في سوريا؛ لخوفه من أن البديل سيكون إسلاميا متشددا، وهذا كلام غير منطقي دفع بعض المسيحيين في لبنان إلى تقديم مذكرة اعتراض للفاتيكان على الراعي، لما اعتبروه دعما للقمع ومناهضا للحريات.

رفض العربي، في تصريحاته الأخيرة في دمشق، أي تدخل أجنبي في الأزمة السورية، متغافلا «دخول» عناصر إيرانية بالمئات من لبنان لدعم مباشر للجهاز الأمني القمعي السوري، لكن ذلك كله سيمنح الشعب السوري عزيمة أكبر ومتواصلة للخلاص من نظام لم يعد من المجدي معه لا تحاور ولا إصلاح.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ