ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الإثنين,
19 سبتمبر 2011 رامي
الأمين * الحياة عندما
سئل البطريرك الماروني السابق مار
نصرالله بطرس صفير مرة عما اذا كان
سيزور قصر المهاجرين، رد على سائله
بسؤال مدوّ: أين يقع قصر المهاجرين؟ كان
ذلك في لحظة سياسية يبدو فيها الرئيس
السوري بشار الأسد أسداً فوق عرشه لا
تزحزحه شدّة. لكن صفير لم يكن يومها في
وارد الدخول في تسويات مع النظام
البعثي في سورية، خصوصاً بعدما ربح،
بانسحاب الجيش السوري من لبنان، جولة
تحسب له، منذ ان اعلن النضال ضد
الإحتلال السوري في العام ألفين.
اليوم، والأسد ينهش معارضيه، يُسأل
بطريرك انطاكية وسائر المشرق للموارنة
مار بشارة بطرس الراعي، في غير مرة، عن
زيارة سورية، فيقول إن الزيارة حتمية
لأنها واجب لأبناء الرعية المارونية
في سورية. والأسوأ، حينما يسأل عن وضع
الأسد، يجيب أن من الواجب اعطاؤه فرصة
ليكمل ما بدأه! أخطأ الراعي أكثر من مرة
منذ تبوئه منصبه الجديد خلفاً لصفير.
وإن كان قد ورث خطأً استراتيجياً
سالفاً لوصوله إلى سدّة الكنيسة
المارونية، هو تدخل هذه الكنيسة
تاريخياً في الشأن السياسي اللبناني.
لكن هذا النقاش فقد فاعليته في لبنان،
مع فشل كل محاولات الفصل بين الدين
والسياسة، مع تغلغل الطائفية في كل
مفاصل الحياة السياسية اللبنانية. الراعي
كرّس نفسه، منذ توليه منصبه الجديد،
لحماية المسيحيين، وطرحهم دائماً على
أنهم فئة مهددة بالإنقراض. ولتلك
الغاية راح يجمع رموز المارونية
السياسية في بكركي، ويحثهم على
الإلتحام ونبذ الخلاف والإختلاف، في
محاولة لجرّهم إلى الأحادية التي سقطت
فيها الطوائف الأخرى، خصوصاً الطائفة
الشيعية. بدأ البطريرك يتدخل في تفاصيل
مثيرة للإشمئزاز، كأن يدعو في
الاجتماعات هذه إلى منع المسيحيين من
بيع أراضيهم للمسلمين لمنعهم من
الهجرة، في خرق واضح لميثاق العيش
المشترك. بدا الراعي في البداية نائياً
بنفسه عن السياسة، منهمكاً في
الطائفية، واضعاً نصب عينيه توحيد
المسيحيين في مواجهة المدّ الإسلامي،
ومع ذلك فشل في حل مشكلة اراضي الكنيسة
في لاسا عندما اصطدم ب «حزب الله»
وتحالفه مع عون، فجاراهما بتوجهاتهما.
لكن البطريرك، حينما أفشى موقفه
السياسي المضمر، تخلى عن خط سلفه، وهو
الوارث موقفاً سياسياً تاريخياً لصفير
بعد تحرير لبنان من الإحتلال
الإسرائيلي، أشعل حينذاك الضوء الأخضر
لبدء المسيحيين نضالاً سياسياً ضد
احتلال الجيش السوري واستخباراته
للبنان، وشجع هذا الموقف الرئيس رفيق
الحريري آنذاك، ليبدأ انعطافة تاريخية
هو الآخر ضد الوصاية السورية، ويبدأ
العمل السياسي ضدها، بعدما حاولت مع
حلفائها اللبنانيين اطاحته في
انتخابات العام ألفين وفشلت بذلك،
فأطاح به لاحقاً إنفجار السان جورج. وقد
عانى صفير الأمرّين بسبب موقفه هذا،
فحورب من حلفاء سورية في لبنان، حتى
وصل انصار الوزير السابق سليمان
فرنجية إلى تنصيبه بطركاً، في سخرية
سافرة من مقام بكركي، وشاعت حينذاك
عبارة رددها كثيراً أنصار سليمان
بحضوره وغيابه: «انت البطرك يا سليمان».
لكن في هذه العبارة شيئًا من الهزء
بتدخل الدين بالسياسة، والردّ عليها
بقلبها رأساً على عقب، بتدخل السياسة
بالدين. والأمر
نفسه حدث خلال زيارة رئيس تكتل التغيير
والإصلاح ميشال عون مقام مار مارون في
براد في سورية، وتحدثه ككاهن باسم
المسيحيين وحمايتهم، فقيل يومها إنه
جنرال إنطاكية وسائر المشرق، في دلالة
ساخرة على تدخّله، وهو مدعي الإصلاح
والعلمانية، في الشؤون الدينية
والفئوية. ما
يحدث مع البطريرك الراعي اليوم يتخطى
هذه المعادلة. فما قاله عن اعطاء فرصة
للأسد لإكمال ما بدأه لا يدخل في سياق
السياسة ولا في سياق الدين. المسألة
كانت تتطلب من مقام بكركي موقفاً
إنسانياً ضد القتل، لا موقفاً منحازاً
للنظام أو لمعارضيه. لكن بكركي اليوم
تبدّي احتمال التنكيل بالمسيحيين
مستقبلاً، بإعطاء الذريعة للتنكيل
بالشعب السوري (ومنه المسيحيون) حاضراً.
معادلة للأسف، تقاطعت مع موقف لميشال
عون أكد فيه أحقية النظام السوري بقتل
خمسة ملايين شخص لحماية نفسه. في هذا
وذاك شيء من المازوشية، حينما تُغرم
الضحية بجلادها، ولا ترى سواه منقذاً
لها. *
صحافي وكاتب لبناني ================= ردّ
الفعل الفرنسي والأميركي على الراعي
رسم خطوطاً حمراً .. الموقف من النظام
السوري تحدٍ آخر للحكومة روزانا
بومنصف النهار 19-9-2011 تخشى
مصادر سياسية ان تكون ردود الفعل
الفرنسية والاميركية على المواقف التي
اطلقها البطريرك مار بشارة بطرس
الراعي من باريس مؤشرا الى وجود محاذير
اخرى امام الدولة اللبنانية والمراجع
الرسمية. فحتى الآن تم ربط التعامل مع
الحكومة، التي يشكل عمادها الاساسي
"حزب الله"، على اساس موقفها من
المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. ويبدو
من رد الفعل الاميركي والفرنسي ان
الموضوع السوري يشكل محظورا آخر يتعين
على الحكومة اللبنانية او رئيسها كما
على رئيس الجمهورية الحذر في شأنه ليس
من اجل عدم حصد ردود فعل محلية رافضة
فحسب بل ايضا من اجل عدم المساهمة في
عزل لبنان عن المجموعة الدولية
والعربية. علما ان لبنان وإن كان يرأس
مجلس الامن لهذا الشهر فانه لن يرأس اي
جلسة تتصل باتخاذ قرار يفرض عقوبات على
النظام السوري اذ ان هذا القرار ليس
جاهزا او ناضجا بعد، اضافة الى ان اي
قرار لن يحتاج الى لبنان كما الحال
بالنسبة الى البيان الرئاسي لان لا حق
له بالفيتو كما الدول الدائمة
العضوية، وتصويت تسعة اعضاء يكون
كافيا من دون وجود فيتو على القرار.
وتقول مصادر غربية إن التفهم الذي
تبديه الدول الصديقة للبنان في الموقف
من سوريا كبير جدا لكن لا يعتقد ان هذا
التفهم سيدوم او سيتم قبوله في ظل
البحث عن اجماع دولي ضد سوريا، علما
انها تلاحظ ان لبنان يساهم في تفرده
على الصعيد العربي في عدم الاتاحة
لحكومته الانفتاح الذي كانت تأمله هذه
الحكومة حتى الآن من الدول العربية
المعروفة بصداقتها التاريخية للبنان.
لا بل على العكس من ذلك، فان مواقفه
يمكن ان تستدرج استمرارا لعدم
الانفتاح خصوصا ان احد الاسباب
الرئيسة التي اطلقت شرارة الحذر ازاء
الحكومة الحالية ما تعتبره هذه الدول
اطاحة سوريا بواسطة حلفائها
اللبنانيين الحكومة السابقة وتطيير
وساطات عربية بذلت الدول المعنية بها
جهودا كبيرة اجهضها النظام السوري. ولا
تتوقع هذه المصادر ان يهمل رئيس
الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي
يبدأ زيارة لنيويورك يرجح ان يلتقي على
هامشها مسؤولين كبارا، الموقف الدولي
الصارم من النظام السوري وكذلك الامر
بالنسبة الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي
الذي يزور نيويورك ايضا. اذ ان رئيس
الجمهورية الذي زار البطريرك الراعي
في الديمان الاسبوع المنصرم لم يخف
امام زواره فيما كان لا يزال سيد بكركي
في العاصمة الفرنسية ان هذا الاخير لم
يكن مضطرا للدخول في تفاصيل شرح مواقفه
العلنية بالطريقة التي فعل مما ادى الى
ردود فعل لا يجوز ان تحصل في ما خص
مواقف بكركي وموقعها المعنوي. والامر
نفسه ينسحب على الرئيس ميقاتي الذي زار
ايضا البطريرك الراعي في الديمان وكان
له موقف يتصل برد فعل على البعد
الداخلي بكلام البطريرك لجهة دور
الطائفة السنية في ما شكل ردا
ديبلوماسيا على ما اطلقه الراعي من دون
الموقف من النظام السوري. لكن زوار
رئيس الحكومة نقلوا عنه ايضا موقفا
مماثلا لموقف الرئيس سليمان من حيث
اعتباره ان البطريرك الراعي لم يكن
مضطرا للدخول في تفاصيل شرح مواقفه
اعلاميا على النحو الذي قام به في
باريس، الامر الذي اضطره لاحقا على
المستوى الشخصي وامام طائفته الى الرد
في موضوع السنة وعدم ضرورة الخوف منهم
وفق ما أثاره البطريرك لجهة التخوف
الذي ابداه من وصول الاخوان المسلمين
الى الحكم في سوريا. ولهذه
الاسباب لا تعتقد هذه المصادر ان رئيس
الجمهورية او رئيس الحكومة يمكن ان
يخاطرا باطلاق مواقف تتصل بالدفاع عن
النظام السوري اقله علنا من دون ان
يعني ذلك عدم امكان بحث المخاوف او
الهواجس اللبنانية مع مسؤولين او
ديبلوماسيين غربيين على هامش مشاركة
كل منهما في اعمال الجمعية العمومية
للامم المتحدة وترؤس جلسات لمجلس
الامن الدولي. علما ان رئيس الجمهورية
قد وجه دعوة، وفق ما تكشف المصادر
السياسية المطلعة، الى رئيس الولايات
المتحدة باراك اوباما من اجل حضور
الجلسة التي سيرأسها في مجلس الامن تحت
عنوان "الديبلوماسية الوقائية"،
لكنه سبق ان عبر عن هواجس مماثلة
لهواجس البطريرك في ما يتعلق بالخوف
على المسيحيين امام مساعد وزيرة
الخارجية لشؤون الشرق الاوسط جيفري
فيلتمان لدى زيارته لبنان في الشهر
الثاني من انطلاق الانتفاضة الشعبية
في سوريا. ================= سلطان
الحطاب الرأي
الاردنية 19-9-2011 النظام
السوري في خياره باتجاه القمع دون أن
يطرح بدائل مقنعة مع المعارضة أو يجري
اصلاحات تستوقفها..انما يعيد صورة «بغل
الساقية» الذي يضعون قطعة جلد حول
عينيه فلا يرى الا مسافة محدودة ويظل
يلف في نفس الدائرة دون توقف.. لم
يتعلم النظام السوري من تجارب غيره
وخاصة التجربة الليبية واسلوب العقيد
وقد اخذته العزة والامساك بالكراسي
والرغبة في استمرار اغتصاب الحكم
بالاثم حين اعتقد ان سوريا مزرعة وأن
الشعب من العبيد الذين يمكنه أن يستمر
في استعبادهم!! لم
يدرك النظام أنه بوضع شعبه في الزاوية
والامعان في القتل والمطاردة والتعذيب
والاستثمار في الطائفية وتسليح جزء من
الشعب بقمع الجزء الآخر يجعل الشعب
يخرج عن صمته فالقط حين يحاصر يصبح
أسداً حقيقياً لا حامل اسم.. سوريا
على مفترق طرق والنظام يغرق بها
ويستعدي عليها وهو مسؤول عما ستؤول
اليه أوضاعها بالتدويل فسياساته ستجبر
العالم بالتدخل لوقف القتل الذي لا
تستطيع اي جهة في العالم أن تبرره له
ولا حتى الحليف الايراني الذي طالب
النظام السوري باعادة النظر في جوانب
من سلوكه.. حجم
القمع الذي يمارسه النظام يدفع
المجتمع الدولي لتصعيد مواقفه منه
ولعل الموقف التركي الاخير الذي عبر
عنه رئيس الوزراء طيب رجب أوردغان في
مقابلته مع الجزيرة خير دليل حين قال:
ان تركيا لن تستمر في موقفها وستحسم
وتقرر قريباً على ضوء مشاوراتها وان
الذي «يقيم حكمه بالسيف يذهب بالسيف»
وفي لغة اوردغان ما يعكس ان تركيا
جاهزة لوضع حد لما يجري في سوريا
بالتعاون مع المجتمع الدولي.. اي ان
المسالة السورية باتت قابلة للتدويل
وهي تستحضر الحالة الليبية.. سوريا
تغرق والنظام يائس لأنه لا يريد أن
يحتكم للشعب شأن الأنظمة الأخرى
الغارقة في الدم وذات السجل الرهيب
التي ترى ان الموت في المواجهة أهون من
الموت بالمحاكمة لما اقترفت من جرائم.. ويبدو
أن الأسد أصبح اسير نظامه الذي يدفعه
لمزيد من الدم والرهان على القدرة على
القمع وتصفية ثورة الشعب السوري وروحه
في الحرية..والا ما الذي يجعله يتوقف
عما يفعل.. الاطراف
الاقليمية معنية في منع انفجار الحالة
السورية التي يقود النظام كافة
المعطيات اليها ويستعمل كل الاسلحة
الخبيثة من فتن وطائفية وتحريض
واستعداء وقد يدفع باتجاه حرب اهلية
طالما يعلق الاخطاء والجرائم التي
يرتكبها على التدخل الاجنبي وعلى
الاخرين في الاخراج او ما يسميهم
العملاء والارهابيين.. الغريب
ان النظام السوري يكذب ويصدق نفسه ومع
ازدياد الانهيار والعزلة والمقاومة في
وجهه لماذا لا يسأل نفسه ولو للحظة ان
كان النهج الذي يسلكه سيؤدي به الى
الخلاص أم أنه ذاهب به الى الجحيم.. قلنا
ان بغل الساقية لا يرى أبعد من الدائرة
التي يلف فيها وهذه الدائرة في سوريا
هي الدم وهي التي ستكسرها المقاومة
التي ما زالت سلمية ونتمنى ان تظل كذلك
ولدى السوريين من البسالة ما سيجعلهم
قادرين على اسقاط هذا النظام الفاشي
وحتى بدون تدخل أجنبي!! ماذا
على العرب أن يفعلوا لوقف الدم؟ وكيف
يمكن اجبار النظام السوري على احترام
شعبه واحترام خياراته وفتح الحوار
الجاد معه.. هل
أسلوب الجامعة العربية في زيارة
الأمين العام الى دمشق يكفي أم تجاوزه
الزمن ولن يستجيب النظام ففاقد الشيء
لا يعطيه..علينا كعرب أن نُصّعد الضغط
على النظام السوري لاختصار معاناة
شعبنا في سوريا..لقد حان الوقت لعزل
النظام وقد ثبت أنه يمارس أعمالاً
أمنية وتهديدية على المحتجين فوجوده
لا يخدم وانما يسيء..انه أحد تلاميذ
النظام الذين صنعوا الشبيحة وراهنوا
عليهم! ================= الإثنين،
19 أيلول 2011 00:40 السبيل
فهمي
هويدي الوضع
السوري تحول إلى مشكلة تتعقد يوما بعد
يوم، حتى يبدو كأننا أصبحنا بإزاء حالة
مرضية متأخرة يستعصى علاجها، إلا إذا
حدثت معجزة لم تخطر على بال أحد. ذلك
أنه بعد مضي نحو ستة أشهر على انتفاضة
الشعب السوري، وبعد مقتل أكثر من ألفي
شخص وإصابة واعتقال أكثر من خمسة آلاف،
فإن تصالح النظام مع المجتمع أصبح
مشكوكا فيه، بل ميؤوسا منه، ذلك أن
الدم الذي سال كتب شهادة نهاية النظام
التي باتت تنتظر سطورها الأخيرة. ولا
يستطيع أحد أن يغفل عن حقيقة «الثأر»
الذي أصبح يشكل حاجزا بين الطرفين، لأن
ما جرى يصعب نسيانه ويتعذر رأبه أو
ترميمه، لأن دم الشهيد لا يجف مهما طال
الزمن. كما
بات متعذرا إطفاء نار الغضب
الجماهيري، فإن وقف آلة القتل أصبح
متعذرا أيضا، ذلك أنه طوال الأشهر
الستة الماضية، فإن النظام لم يتوقف عن
استخدام القمع وسيلة لإسكات صوت
الغاضبين. وحين ذهب بعيدا في ذلك
النهج، فإن تراجعه عن تلك السياسة لم
يعد ممكنا، خصوصا أن جميع أجهزة الأمن
التابعة للنظام تلوثت أيديها بدماء
الغاضبين، وإزاء استمرار القمع الذي
مارسته بالأساليب غير الإنسانية التي
شهدناها وذاعت صورها بين الناس، فإن
عناصر تلك الأجهزة أصبحت لا تجيد شيئا
سوى ذلك الذي تورطت فيه حتى أدمنته. على
صعيد آخر، فإن دعاوى الإصلاح التي
ترددت على ألسنة مسؤولي النظام فقدت
صدقيتها، بحيث لم يعد يثق فيها أحد.
فالكلام عن حوار مع المعارضة، أو عن
إلغاء الطوارئ، أو القبول بالتعددية
السياسية وإطلاق حرية الإعلام، وغير
ذلك من خطوات الإصلاح. ذلك كله لم يعد
له معنى. لا لشيء سوى أنه ظل يتردد طوال
الوقت في وسائل الإعلام. ولم يلمس
الناس أثرا له في الواقع، بل إنهم
وجدوا دائما أن الأفعال تمضي في اتجاه
معاكس للأقوال. إزاء
ذلك، فقد أصبح استمرار النظام مشكلة
وخطرا على المجتمع، لأنه يعني استمرار
سياسة القمع والإصرار على إذلال الناس
وكسر إرادتهم، وتيئيسهم من أي أمل في
المستقبل. وخطورة هذا الوضع لا تكمن
فقط فيما يمثله من قهر السوريين والنيل
من إنسانيتهم وكرامتهم، ولكن فيما
يترتب عليه من آثار اجتماعية
واقتصادية وثقافية. إذ يتعذر على
المجتمع في ظل سياسة القمع أن ينهض أو
يتقدم، أو أن يتطور فيه التعليم أو
الإنتاج أو الخدمات أو حتى جهاز
الإدارة. ناهيك عن أن البيئة القمعية
هي التي يرتع فيها الفساد، بما يحول
البلد في نهاية المطاف إلى إقطاعية
تتحكم فيها النخبة المسيطرة على
السلطة، التي لا يحول حائل دون
احتكارها للثروة أيضا، كما هو الحاصل
في سوريا الآن. وإزاء ذلك فلا يستغرب أن
يصبح البلد طاردا للكفاءات، حتى أصبح
المهنيون والمثقفون السوريون يتوزعون
على الشتات والمنافي، ويقدمون خدماتهم
وعطاءهم لكل أحد، باستثناء بلدهم
وأبناء جلدتهم، كما لا يستغرب أن يفرخ
القمع سيلا إلى التشدد والتطرف وزيادة
في معدلات الجريمة. إذا
كان استمرار النظام مشكلة، فإن سقوطه
مشكلة أيضا، ذلك أننا لا نتمنى ألا
يقترن السقوط بحرب أهلية بين العلويين
القابضين على السلطة وبين الأغلبية
السنية التي ضاقت ذرعا بذلك الوقع
وعانت منه، وليس ذلك هو أسوأ
الاحتمالات، لأن من شأن سقوط نظام دمشق
أن يوجه ضربة موجعة إلى حزب الله في
لبنان، وأن يقطع الجسور مع إيران التي
اختارت أن تصطف إلى جانب النظام وتدعمه
بجميع السبل. وإذا ما تم إضعاف حزب الله
وقطع العلاقات مع طهران، فإن الطريق
يغدو مفتوحا أمام إسرائيل لكي توجه
ضربتها العسكرية إلى المشروع النووي
الإيراني، وهي الخطوة التي طالما ألحت
عليها وما برحت تتحين الفرصة للإقدام
عليها. وإذا ما حدث ذلك فيعلم الله وحده
ما الذي سيحدث بعد ذلك، سواء في العراق
أو فيما يتعلق بإسرائيل ذاتها
والقواعد الأمريكية في المنطقة. ثمة
مشكلة كذلك في خيار التدخل الدولي،
الذي يكرر ما حدث في ليبيا، وهو خيار
مرفوض من النخب ومن المجتمع السوري، إذ
الجميع لديهم حساسية شديدة ضد ذلك
النوع من التدخل. ولئن ضاقت صدور البعض
هناك ودعوا قبل عشرة أيام إلى تدخل
لحماية المدنيين من القتل، فقد فهمته
بحسبانه استغاثة بالمنظمات الإنسانية
وليس دعوة لتدخل حلف الناتو. وللعلم،
فإن الغربيين لن يجازفوا بتكرار تجربة
العراق في سوريا، خصوصا أن مغانم
الأخيرة محدودة للغاية، ولا تقارن بما
يرجوه الغربيون من مغانم من وراء
التدخل في العراق أو ليبيا، وهي مقدمة
بطبيعة الحال على مسألة حماية
المدنيين السوريين. إذا صح
ذلك التحليل، فإن الأفق يكاد يبدو
مسدودا أمام احتمالات حل المعضلة
السورية. ويبقى بعد ذلك خيار آمن وحيد
يجنبها كل تلك المخاطر، هو أن يقوم
الرئيس بشار الأسد بعملية «استشهادية»
يضحي فيها بمنصبه ويسلم السلطة إلى
المعارضة بصورة سلمية. ولا أعرف مدى
استعداده لذلك، ولكن الراجح أن
المحيطين به وعلى رأسهم شقيقة ماهر لن
يسمحوا له بالإقدام على هذه الخطوة حتى
إذا رغب فيها، وتلك مشكلة أخرى! ================= أضعف
الإيمان - سورية والاختيار الصعب الإثنين,
19 سبتمبر 2011 داود
الشريان الحياة > «تباً
لروسيا»، هذا هو موقف الشعب السوري من
روسيا التي تقف ضد صدور قرار عن مجلس
الأمن يدين نظام الأسد، وهي تبدو أمام
بعض السوريين والعرب كمن يعيق تحرك
اعضاء مجلس الأمن لاتخاذ موقف تجاه ما
يقوم به النظام من قمع وقتل للمدنيين.
لكن الحقيقة ان الدول الغربية لم تحسم
أمرها، لذا فإن الموقف الروسي لن يكون
عائقاً إذا قرر الغربيون تبني دعوة
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون
للتحرك، فضلاً عن أن دور روسيا
انتهازية سياسية مكشوفة، يقوم على
تكذيب شعب كامل وتصديق النظام. تردد
الدول الغربية تجاه حسم الازمة
السورية ، ليس ناتجاً من خلاف على
اقتسام الثروة، فسورية ليست بلداً
نفطياً، لكنها بلد يمتلك موقعاً
سياسياً مؤثراً في الصراع العربي –
الاسرائيلي واستقرار دول الجوار،
وتغيير نظامها يتطلب اتفاقاً على بديل
من النظام، يكون قادراً على قبول شروط
التدخل او ثمنه، لكن هذا البديل متعذر
اليوم في ظل اختلاف المعارضة التي تعيش
حالاً من الفرقة، فبعضها يتمسك
بالسيادة واستقلال البلد ويرفض مبدأ
التدخل، على رغم ايمانه بأن رحيل
النظام يحتاج الى دعم خارجي، وآخر
ينادي بفرض «منطقة حظر جوي مع إقامة
منطقة أمنية على الحدود مع تركيا» تقوم
القوات التركية والأطلسية بتأمين
حمايتها، ولا مانع لديه، لاحقاً، من
تفسير قرار الحظر بالطريقة التي انتهى
اليها قرار الحظر في ليبيا. لا شك
في أن المعارضة السورية تواجه أزمة
ضمير، وإن شئت أزمة اخلاقية، والكثير
منها يتمنى أن يجد مخرجاً يعفيه من هذا
الاختيار الصعب. فرفض التدخل يعني
إطالة امد سقوط النظام وانقسام البلد
ودفع تكاليف بشرية وسياسية باهظة.
والقبول بمبدأ التدخل سيعجل بسقوط
النظام، لكنه سيفضي الى خسائر بشرية
بعشرات الآلاف، فضلاً عن التفريط
بسيادة سورية واستقلالها، وخطف قرارها
الوطني. الأكيد
ان المعارضة السورية تتصدى لقرار
تاريخي صعب. والقول بأن اختلاف
المعارضة مؤشر الى التعددية التي
تفتقدها سورية تبسيط خطر، في أحسن
الاحوال. لهذا يجب تقديم المصلحة
الوطنية على صراع التيارات القوى، ولا
بد من اعطاء المعارضة في الداخل دوراً
في قضية المفاضلة بين التدخل واستمرار
المواجهة المدنية المدعومة بالمقاطعة.
وتجربة بعض الدول العربية الذي شهد
تغيير نظامه بالقوة تشير الى ان
المعارضة الخارجية لا ترى أبعد من
أنفها. ================= حسين
الشبكشي الشرق
الاوسط 19-9-2011 المراقب
والمتأمل للنظام السوري المتآكل
والمهترئ والموتور لا يملك إلا أن
يقارن بينه وبين عجوز يلفظ أنفاسه
الأخيرة وفي حالة حشرجة وأهله من حوله
يتحدثون «عنه» في حضوره، هذا هو حال
النظام السوري وهو يرى العالم الحر
والمتحد ينأى بعيدا عنه ويلفظه
احتجاجا على دمويته وجرائمه واستبداده
بحق شعبه ويفتح الأبواب لاحتضان
المعارضة الشريفة التي ستأتي للحكم
بعد زوال نظام الأسد قريبا جدا.
فالمجلس الوطني السوري أعلن عن نفسه،
وأعلن عن برهان غليون رئيسا له، وباركت
ذلك الأمر الولايات المتحدة وبريطانيا
وفرنسا، وترحب بهذه الفكرة دول أخرى
مثل تركيا وقطر، وتمت مقابلة رموز
المعارضة السورية في كندا وجامعة
الدول العربية ومصر والكويت والسعودية
وروسيا ودول أخرى مهمة. بينما الوضع في
الداخل السوري يزداد التهابا، فالثوار
الأحرار مصممون على مواصلة احتجاجاتهم
وقالوا بوضوح شديد إنهم مستمرون حتى
إسقاط النظام، والانشقاقات داخل الجيش
السوري اليوم أصبحت بعشرات الآلاف ولا
يمكن إنكارها كما تفعل الآلة
الإعلامية التعيسة والحزينة للنظام
السوري. لكن
النظام السوري ما زال يحاول «معالجة»
الوضع ب«الترقيع» المضحك، فهو يتحايل
على العقوبات الاقتصادية التي صدرت
ضده من المجتمع الدولي بطباعة العملات
محليا، فقام الآن بطباعة ورق «البنك
نوت» الخاص بفئتي الألف والخمسمائة
ليرة، والآن أيضا هناك تحايل على
معايير الذهب في حالات البيع والشراء
لجني بعض المكاسب، وكذلك الأمر
بالنسبة للتعامل مع الدولار الأميركي،
فهم يشترون العملة كبنوك ولكن لا مجال
للبيع منها ولا يسمح للبيع إلا للفئة
المقربة جدا من النظام الحاكم، كما حدث
مؤخرا في حالة رجل أعمال سحب «مبلغا
هائلا» بالعملة الأميركية من بنك عودة
في سوريا، وهناك أحاديث كثيرة عن «تصريف»
لبعض من مخزون الذهب الموجود في البنك
المركزي السوري لأجل الحصول على سيولة
مهمة لتصريف الآلة العسكرية القمعية
والدفع للشبيحة والأمن، حيث إن معدلات
المكافآت باتت تتأخر وكذلك التموين،
مع عدم إغفال أن الآلة القمعية بدأت
تنهك، لأنها تعمل يوميا صباحا ومساء
بعد أن كانت تتأهب وتعمل فقط أيام
الجمع بعد الصلاة. وهناك انشقاقات
نوعية في الأجهزة العسكرية من الجيش
برتب عليا ومن البحرية ومن القوات
الجوية. وهناك انشقاق لضابط في الحرس
الجمهوري هرب خارج سوريا وسيتم
الإعلان عن اسمه الأسبوع المقبل. حاول
النظام «استغلال» التصريح البائس
لبطريرك الموارنة في لبنان، الذي ذكر
فيه أن «نظام الأسد هو داعم للأقليات
ومانع لوصول المتشددين من السنة للحكم»،
فإذا بالنظام يتلقى صفعة قوية على وجهه
بانشقاق كبار مشايخ الطائفة العلوية
نفسها عن النظام وبتبرئهم من أفعاله،
وما أغفل بشارة الراعي في ذكره هو أن
الطائفة المسيحية في عهد حكم الأسد أبا
وابنا انحسرت عدديا من أكثر من مليون
نسمة إلى أقل من مليون. فقد هاجروا
لأسباب أمنية واقتصادية قاسية مارسها
النظام بحق كل السوريين وانتشروا حول
المعمورة، مما جعل بعض الشرفاء من
المسيحيين السوريين يصدرون بيانا
قاسيا رافضا لتصريح البطريرك ويوضحون
فيه موقفهم الداعم تماما للثورة
السورية. النظام
السوري كان منذ اليوم الأول للثورة
السورية يصرح للعالم أنه «كفيل»
بالقضاء على الاضطراب الأمني و«كفيل»
بالإصلاح و«كفيل» بالكشف عن الحقيقة و«كفيل»
بقمع السلفيين والمسلحين والمندسين
والعملاء والجراثيم والخونة و«كفيل»
بإجراء الحوار و«كفيل» بأن يكون هو
المعارضة وهو البديل و«كفيل» بضمان
الحريات و«كفيل» بمعاقبة المخطئ. ها هو
سابع شهر يدخل على عمر الثورة ليثبت
النظام للعالم أن «كفالته» لا معنى لها
ولا مصداقية، وأن نظام «الكفيل» الذي
روج له باطل ولا يمكن اعتماده. الشعب
السوري يطلب تغيير النظام وإسقاط
الرئيس وإصدار خروج نهائي للمنظومة
التي تحكمه. أزفت الحرية. ================= مأمون
الافندي الشرق
الاوسط 19-9-2011 السلطة
الفلسطينية ربما أضعف كيان سياسي
موجود في العالم، ولكن في الضعف قوة،
والضعيف ليس عديم الخيارات أمام
الفيتو الأميركي الذي تلوح به واشنطن
أمام محاولة الفلسطينيين إعلان دولتهم
من خلال الأمم المتحدة. محمود عباس
لديه خيارات جدية يستطيع بها هزيمة
الفيتو الأميركي قبل استخدامه،
ويستطيع تفريغه من مضمونه لو أحسن
الفلسطينيون استخدام أوراقهم
القانونية والسياسية. وقبل
الحديث عن خيارات عباس، يجب أن يدرك
الغرب، والولايات المتحدة الأميركية
تحديدا، أنه في المواجهة القادمة بين
الفلسطينيين وأميركا في الأمم المتحدة
سوف تأخذ أميركا كل الزخم في الثورات
العربية ورياح التغيير فيها وتعيد
توجيهها إلى غضب ضد عجرفة الغرب وظلمه
مرة أخرى. فبدلا من أن تتركنا أميركا
نعيد ترتيب بيوتنا الداخلية سوف
تأخذنا خارجها مرة أخرى، وبدلا من أن
تسهم الولايات المتحدة إيجابيا في
عملية التحول الديمقراطي في المنطقة
سوف تفعل بمواجهتها الفلسطينيين في
الأمم المتحدة كما كان مبارك يفعل،
بترحيل القضايا الصعبة وتحميل كل
المشكلات على القضية الفلسطينية. ولقد
بدأت فعلا سلسلة تفريغ الثورات من
مضمونها وإعادة توجيه الغضب إلى
الخارج من خلال حادثة الاعتداء على
السفارة الإسرائيلية في مصر، وسوف
تتوّجها الولايات المتحدة بالفيتو
الأميركي ضد الدولة الفلسطينية في
الأمم المتحدة، ونعود بعد ذلك إلى
المربع الأول مرة أخرى، وكأنك يا أبو
زيد ما غزيت. إذن
ومن أجل خيار استراتيجي أكبر، وهو
استقرار المنطقة بصيغتها الجديدة
وإعطاء الفرصة لمشهد استراتيجي مستقر
جديد، يجب على أميركا عدم استخدام
الفيتو هذه المرة والبحث عن وسائل أقل
استفزازا إن كانت مصرّة على المواجهة.
الفيتو الأميركي سوف يفرغ الثورات
العربية من مضمونها، وهو بمثابة
مؤامرة على التحول الديمقراطي في
المنطقة. لدي أصدقاء غربيون كثيرون ممن
يعملون في المجال السياسي كتنفيذيين،
ولكن ملاحظتي على معظمهم هذه الأيام هي
عدم قدرتهم على استيعاب المشهد الشرق
أوسطي بصورة استراتيجية بعد انفجار
الغضب الشعبي في المنطقة، والراغب في
الانتقال بمجتمعاته من حالة التكلس
الدكتاتوري إلى حيوية ديمقراطية، أو
على الأقل تعددية تحفظ الكرامة
الإنسانية. يجب على الدبلوماسية
الغربية أن تنتقل من حالة التكتيك
اليومي إلى الرؤية الاستراتيجية
الأشمل. هذا لا
يعني بالطبع أن الفلسطينيين عديمو
الخيارات في مواجهتهم الدبلوماسية مع
إسرائيل وحلفائها، رغم أن إسرائيل تشن
حملة دبلوماسية شعواء ضد تحركات محمود
عباس في الأمم المتحدة. فما هي
الخيارات المتاحة أمام الفلسطينيين؟ الخيار
الأقل تكلفة للفلسطينيين والذي يهدئ
الثور الأميركي الهائج هو خيار
الفاتيكان. أي أن يطلب الفلسطينيون
تعديل وضعهم من مراقب إلى دولة ذات
سيادة لكنها ليست عضوا في المنظمة
الدولية، وهذا يفتح للفلسطينيين
الأبواب الدبلوماسية المفتوحة ذاتها
التي للفاتيكان. أي الاعتراف بهم كدولة
ذات سيادة وذات تمثيل دبلوماسي وعضو في
كل الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة،
وكذلك لديها القدرة على طرح قضاياها
كدولة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وربما هذه الميزة الأخيرة هي التي سوف
تجعل الإسرائيليين يفقدون عقولهم، فهم
يتخوفون من أن تأخذ الدولة الفلسطينية
الوليدة كل قادة إسرائيل إلى المحكمة
إذا ما مُنحت صفة دولية كصفة الفاتيكان.
ولكن مثل هذه الخطوة المخيفة لإسرائيل
لن يكون لها التأثير الجنوني نفسه على
الأميركيين، فليس كل ما يخيف إسرائيل
يستجيب له الأميركيون مباشرة ومن دون
دراسة، على العكس قد تجد هذه الخطوة من
يرحب بها في واشنطن وقد تجد دعما
أوروبيا أيضا، خصوصا أن الدول
الأوروبية الفاعلة مثل بريطانيا
وفرنسا لم تبلور موقفها الدبلوماسي
بعدُ تجاه تحركات الفلسطينيين. أمام
محمود عباس خيار سلمي آخر، ولكن يجب أن
يجعله خياره الأخير، وهو أن يعلن
للجميع وفي قلب الأمم المتحدة أنه قد
قام بكل ما طلبه الغرب منه، وما طلبته
منه الولايات المتحدة تحديدا، وها هي
السنوات تمر والمفاوضات تتوقف ولم
يحدث أي تقدم يُذكر، لم يلقَ الدعم
الدولي المطلوب للشعب الفلسطيني، بل
ازداد الانقسام في المجتمع الفلسطيني،
مما يسهم في عملية تشظي تستهدف كل
الشعب وربما القضية الفلسطينية برمتها.
ومن هنا تكون عبارة محمود عباس الحاسمة
التي تصدم الجميع، يقول فيها عباس
وبوضوح بعد سرد المبررات: «لذا ومن هذا
المنبر الدولي، وأمام كل دول العالم
وشعوبه ومن يمثلهم هنا في هذا المكان،
أعلن استقالتي من منصبي كرئيس للسلطة
الفلسطينية، ومن هنا أيضا أعلن حل
السلطة الفلسطينية، وأحمّل
الإسرائيليين والأميركيين والمجتمع
الدولي المسؤولية الأخلاقية
والتاريخية تجاه الشعب الفلسطيني».
ويترك بعدها عباس المنصة إلى الطائرة
مباشرة. بين
هذين الخيارين هناك عشرات الخيارات
الأخرى في سلم خيارات محمود عباس، ولكن
ما أحذر منه في هذا المقال القصير هو أن
لا يلتفّ حول عباس من يعلنون أن كل ما
يفعله الفلسطينيون هو مجرد وسيلة ضغط
من أجل إجبار الإسرائيليين للعودة إلى
طاولة المفاوضات، فعبارات كهذه ستكون
هي قبلة الموت بالنسبة لكل الجهد
الفلسطيني. ومع ذلك وأنا أكتب هذه
الحروف أرى الوجوه الفلسطينية التي
تريد أن تقول هذه العبارة الأخيرة، إما
محاولة لتحقيق مكاسب شخصية صغيرة،
وإما لأن بعضنا أحيانا يحب أن يتذاكى
أمام الدبلوماسيين الغربيين، لكي يقال
عنه إنه «ولد فاهم ومتعلم في الغرب».
أرجو أن يلتزم الجميع الجدية، وبشيء من
الرجولة يصرّ الفلسطينيون على استخدام
كل خياراتهم هذه المرة من دون أي تلميح
للعودة إلى مائدة التفاوض، على الأقل
الآن. ================= صبحي
حديدي 2011-09-18 القدس
العربي خطاب
الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف عن
الإنتفاضة السورية، واستسهاله إطلاق
صفة 'الإرهابيين' على بعض المتظاهرين،
واستنكاره عزوف المعارضة عن الحوار مع
النظام، يذكّر المرء بمفردات الحرب
الباردة، حين كان القاموس أشبه بطبول
تهدّد بالويل والثبور وعظائم الأمور،
لكنها في نهاية المطاف لا تقرع إلا
اللغة الخشبية التي تجرّدت من
الدلالة، ولم تعد تكترث بتظهير أيّ
معنى. وهكذا وجدتني أنساق إلى زيارة
واحد من أشهر المعاقل الإعلامية
والدعاوية في تلك الحرب، وأعرقها
تاريخاً، وأغربها مآلاً: صحيفة ال 'برافدا'
الروسية. .. أو
ما تبقى منها الآن في الواقع، إذا كان
قد تبقى فيها شيء من أعراف ماضيها
الزاخر الحافل! ذلك
لأنّ زائر موقع الصحيفة على
الإنترنيت، في الطبعة الإنكليزية، سوف
يجد التالي على الصفحة الأولى: في
الخبر الرئيسي تقرير عن ثقة الروس
بالمواهب العقلية والسياسية
والفلسفية لرئيسهم الراهن، وآخر عن
قيام الحلف الأطلسي بتشديد الخناق على
روسيا، وثالث عن إخفاق الغرب في ليبيا،
ورابع عن رغبة المستشارة الألمانية
أنغيلا ميركل في تدمير صربيا، وخامس عن
ساره جيسيكا باركر... الزائر يلاحظ،
أيضاً، طغياناً غير عادي للموضوع
الليبي، ومن زاوية تمتدح نظام العقيد
معمر القذافي، علانية أو استبطاناً،
حتى يخال المرء أنّ ال'برافدا' هي
الملحق الروسي لصحيفة 'الزحف الأخضر'
الليبية، أيام اللجان الثورية! أمّا
أذا تصفّح المرء المادّة المخصصة
للشأن السوري، فإنّ ال'برافدا' تنقلب
إلى طبعة موسكوفية من قناة 'الدنيا'
السورية، فلا تغيب أخبار المندسين
والعصابات المسلحة والإرهابيين، ولا
تعدم محللاً أريباً يحذّر الكرملين من
مغبّة التهاون مع 'العرعوريين' في صفوف
المعارضة السورية، كما لا تفتقر أعمدة
الصحيفة إلى ال'منحبكجية' على الطريقة
الروسية. على سبيل المثال، يرى سيرغي
بالماسوف أنّ ردّ الفعل الحادّ الذي
صدر من الغرب ضدّ بشار الأسد كان
ناجماً عن 'حقيقة أنّ الأسد، في سعيه
إلى تصفية الإسلاميين، أدخل المزيد من
قوى الأمن والدبابات إلى شمالي درعا في
بلدة نافا والمنطقة الحدودية مع لبنان
في مقاطعة تل كالاح غرب حمص'! وإلى
جانب عدم اهتمام هذا المحلل العبقري
بتدقيق أسماء بلدات نوى وتل كلخ، أيّ
سخف في الزعم بأنّ الغرب غاضب من
الأسد، دفاعاً عن الإسلاميين! وأيّ
سماكة دماغ في مساجلة بالماسوف
اللاحقة، من أنّ الأسد لا يُلام في
قرار نشر الدبابات ما دامت 'المعارضة
ترفض السلام معه، بزعم أنه يطلق النار
عليهم من مدافع الدبابات. ولكن، ماذا
يمكن للأسد أن يفعل سوى هذا، حين تقتل
المعارضة جنوده؟'؛ أو، في 'سحبة' أخرى
أين منها مآثر مذيعي ومذيعات 'الدنيا'،
اتكاء صاحبنا على بيانات وزارة
الداخلية السورية، لتكذيب التقارير عن
مقابر جماعية، وللردّ على 'الحملات
المغرضة' التي تشنها قناة 'الجزيرة'
وسواها. هل هذه
هي ال'برافدا'، دون سواها؟ كلا،
بالطبع، ومن العبث أن يبحث المرء فيها
عن رسوبات باقية من أيام زمان، ليس
لأنّ العالم تبدّل في روسيا، وحيثما
توزّع هذه ال 'برافدا' الجديدة، فحسب؛
بل لأنّ المعارك المالية والقانونية
الشرسة التي توجّب أن تُخاض من أجل
بقاء الصحيفة واستمرار الاسم ذاته
اقتضت مثل هذه الخيارات في التحرير،
وفي الخبر والرأي والتغطية. ومن
الإنصاف القول إنّ قلّة قليلة فقط من
أهل الحنين إلى الماضي والمتباكين على
الأطلال هم وحدهم الذين يعيبون على هذه
ال'برافدا' أنها لم تعد تمثّل تلك ال'برافدا'. المرء،
من جانب آخر، لا ينصف هؤلاء أنفسهم إذا
لم يتفهم الأسباب العميقة، الوجدانية
والتاريخية والعقائدية، التي تدفعهم
إلى مقدار هائل من مشاعر النوستالجيا
كلما قلّبوا صفحات الجريدة الراهنة،
فلم يجدوا فيها ما هو أشدّ جاذبية
للقرّاء من طرائف هذا المحلل الشبيح.
ذلك لأنّ ال'برافدا' التاريخية لم تكن
محض صحيفة سياسية، بل كانت أشبه بسجلّ
وأرشيف وخزّان ذاكرة، سيما عند أولئك
الذين ما تزال حميّة الماضي تغلي في
عروقهم. ولعلّ الصحيفة عرفت من المصائر
المتقلبة مقداراً يكاد يفوق ما عرفه
الحزب الشيوعي السوفييتي ذاته، وحين
كانت أرقام توزيعها تتجاوز 11 مليون
نسخة يومياً، كانت مصداقية الصحيفة
تهبط إلى الحضيض في يقين الرأي العام،
وكانت تحكمها علاقة تناسب معاكسة: كلما
طبعت المزيد من النسخ، ازدادت الهوة
بينها وبين الشارع. والمرء يتذكر أن
الإعلام الرسمي السوفييتي كان يتوزع
على صحيفتين أساسيتين: 'البرافدا' (أي:
الحقيقة) و'الإزفستيا' (أي: الخبر)؛
وأمّا النكتة الشعبية، الذكية
والصائبة تماماً، فكانت تقول: في ال'برافدا'
لا يوجد 'إزفستيا'، وفي ال'إزفستيا' لا
توجد 'برافدا'. والترجمة: جريدة الحقيقة
لا تنطوي على الخبر، وجريدة الخبر ليس
فيها حقيقة! وبعد
عام 1991، حين بلغت 'بيريسترويكا'
ميخائيل غورباتشوف مآلاتها المنطقية
الأخيرة، وقعت الصحيفة ضحية معارك
شتى، وتنقّلت بين مستثمرين كثر،
وتقلّبت توجهاتها، لكنّ ثابتها الوحيد
في غمرة هذا التاريخ الصاخب المتبدّل
كان ذلك القاموس الأشبه بالطبول، حيث
لا حقيقة في الخبر، ولا خبر عن الحقيقة.
وكيف، إذاً، لا تجد ال'برافدا' توأمة
تامة مع شقيقتها 'الدنيا'، على مبعدة
آلاف الأميال، إذا كان الطبل هو الطبل؟ ================= جوزيف
إي. ستيجليتز أستاذ
بجامعة كولومبيا، وحاصل على جائزة "نوبل"
في الاقتصاد ليندا
جيه.بيلمس عضو
هيئة التدريس بجامعة هارفارد ينشر
بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي.
انترناشيونا الاتحاد تاريخ
النشر: الإثنين 19 سبتمبر 2011 بعد
انقضاء عشر سنوات على بدء الحرب على
الإرهاب، نجحت الولايات المتحدة إلى
حد كبير في محاولاتها الرامية لتقويض
تنظيم "القاعدة" وقتل ابن لادن،
لكن ذلك تم بأكلاف باهظة للغاية. وعلاوة
على ذلك نجد أن قراراتنا الخاصة بكيفية
تمويل تلك الأكلاف، قد ساهمت إلى حد
كبير في إلحاق أضرار فادحة بالاقتصاد
الأميركي، لا يزال حتى لحظتنا الحالية
يدفع ثمنها. ومما يبعث على الأسى أن
العديد من نفقات تلك الحرب لم تكن
ضرورية، كما أثبتت ذلك تحقيقات حديثة
أجريت في الكونجرس تبين منها أن
دولاراً واحداً على الأقل من بين كل
أربعة دولارات أنفقتها الولايات
المتحدة على مقاولي الحرب قد أنفق دون
ضرورة حقيقية. وعندما
نعرف أن مجموع النفقات الأميركية على
حربي العراق وأفغانستان حتى تاريخه،
قد بلغ 2.5 تريليون دولار، فالسؤال
المنطقي الذي لابد أن يرد على أذهاننا
فوراً هو: كيف تم توفير هذا المبلغ
الهائل؟ الإجابة باختصار أننا وفرناه
من خلال الاقتراض. ومما زاد الطين بلة
أن إدارة بوش لم تكتف بالعبء الباهظ
الذي كانت تمثله أكلاف حربي العراق
وأفغانستان، والتي تشكل ما يقدر بربع
الزيادة في حجم الدين الأميركي منذ عام
2001 وحتى الآن، بل قامت بالدفع من أجل
تنفيذ استقطاعات ضريبية مرتين، مرة في
2001 وأخرى في 2003، ما فاقم من حجم الدين
العام. وهذا المزيج السام من الزيادة
الهائلة في الإنفاق والنقص الهائل في
الإيرادات (نتيجة للاستقطاعات
الضريبية) هو الذي أوصل البلاد إلى
محنتها الاقتصادية، ومأزقها السياسي
الحاليين. وفقاً
للخبراء العسكريين والماليين فإنه حتى
لو كنا سنغادر أفغانستان والعراق
غداً، فإن دين الحرب سوف يستمر في
الزيادة لعقود قادمة. وسوف تشمل فواتير
المستقبل بنوداً مثل أكلاف العناية
بقدامى المحاربين، واستبدال المعدات
العسكرية، وإعادة بناء القوات
المسلحة، ودفع الفوائد على الأموال
التي اقترضناها... وهي أكلاف ليست
بالقليلة بحال، وعلى وجه الخصوص تلك
المتعلقة برعاية المحاربين القدامي
التي أثبتت التجارب التاريخية أنها
تستمر في التزايد لعقود بعد انتهاء
الحرب. وحالياً
نجد أن العجوزات الهائلة الناتجة عن
الحرب هي التي تحدد شكل السجال
الاقتصادي الدائر، وهي التي يمكن أن
تحول بين الكونجرس وبين تفعيل حزمة
تحفيز اقتصادي أخرى من خلال التوسع في
الإنفاق بهدف الخروج من التوعك
الاقتصادي الحالي. ولا شك
أن هذا الإرث من الضعف الاقتصادي وتآكل
مصداقيتنا العسكرية و"قوتنا
الناعمة" -كنتيجة حتمية للطريقة
التي استجبنا بها لهجمات 11 سبتمبر- هي
التي قوضت، عوضاً عن أن تقوي، أمننا
القومي. إن
تكلفة الحرب على الإرهابيين كانت أعلى
بكثير مما كانت تستدعيه الحاجة. ومن
هنا يجب على الولايات المتحدة ألا تعرض
نفسها لمزيد من ديون الحرب من دون أن
تفهم أولاً الأكلاف الحقيقية التي
ستترتب على الاستمرار في السير على هذا
الدرب. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |