ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
طاهر العدوان العرب اليوم 2011-09-20 بالطبع, ليس الربيع العربي كله مُزهرا.
فهناك ربيع احمر وآخر برتقالي وثالث (بمبي)
على رأي المصريين. لكنه في جميع
الاحوال يستحق بجدارة وصف ربيع الشعوب
وخريف وشتاء الاستبداد والديكتاتورية. بالطبع ايضا, مثل اي ثورة حقيقية في
التاريخ يوجد جانب آخر للصورة يمثله
انصار الثورة المضادة والمدافعون عن
الاستبداد..كثيرون سيخرجون من قماقمهم
لطرح ما يحملون من آراء ودعوات تبث
اليأس والشكوك وتهبط العزائم, فيما
يشبه التسابق لعرض بضاعتهم في اسواق
الرأي العام, استغلالا لوهج الربيع
وقوته وقدرته في صناعة مكانة جديدة
وقوية للشعوب العربية, التي عاشت عقودا
طوال من التهميش والازدراء من قبل حكام
يعتقدون انهم (ابناء ماء السماء)
انجبهم القدر ليجلسوا ويتربعوا على
صدور الشعوب, ففسدوا ايما فساد وبطشوا
وظلموا وفسقوا. والانكى من كل ذلك انهم
كذابون حتى الثمالة. في كل الاحوال هو ربيع عربي لانه ضد الكذب
والتضليل والخداع والاستبداد
والديكتاتورية التي بنت شرعيتها
الاولى على انقلاب وبيان رقم واحد,
واستخدمت قوانين الطوارئ ستارا
لديمومة الحكم المطلق ومعاداة الحريات
العامة وزج الناس بالجملة في
المعتقلات بمزاعم المواجهة والمقاومة
والممانعة. هناك اخطاء ظهرت وستظهر في مسيرة ربيع
الشعوب, وهذا امر طبيعي خاصة في حركة
جماهير ينخرط فيها عشرات الالوف بل
المئات من دون قيادة مسبقة, شخصية او
حزبية, انها انفجار مخزون من القهر
والشعور بالظلم والضيم توارثته
الاجيال بلا حول ولا قوة,حتى بدت في نظر
العالم وكأنها جبلت بطبيعتها على تقبل
العبودية والاستبداد, وان الامر كله
موجود في (جينات) شعوب تستمرئ العبودية
ولا تعرف معنى الحرية, تتحرك بمشيئة
أولي الامر حتى عندما تذهب الى غرف
نومها. يُطلِق اعوان الديكتاتور النار بدم بارد
على جموع المتظاهرين في ميادين عاصمته
فيقتل العشرات ويجرح المئات. ويمر
الخبر مرور الكرام في وسائل الاعلام
تماما مثل حادث سير. وان دل هذا على شيء,
انما نتاج توارث وعي عام في العالم بان
دم العربي ارخص من (نِكْلهْ). ويرسل الديكتاتور اعوانه خلف دبابات جيشه
ليقتحم المدن ويقتل الالاف ويزج في
السجون عشرات الآلاف, وينتهك حرمات
البيوت والمساجد, والاهم من ذلك انه
ينتهك (الحرية الانسانية) لمواطنيه,
عندما يدوس أعوانه المتظاهرين
بأقدامهم ويعذبونهم على مرأى ومسمع
العالم. وهذا ايضا لا يستدعي اي رد فعل
عربي او دولي ملموس يردع الديكتاتور
ونظامه, والسبب معروف ايضا وهو ان ربيع
الشعوب لم ينجح بعد في دفع (صفة
الرُّخْص) عن الدم العربي وعن قيمة
الحياة لمواطن يصرخ من اجل حريته
وكرامته. عندما زلزل ربيع الشعوب عواصم كثيرة, منها
اكبر عاصمة عربية لم تنطلق الجماهير
الحاشدة المطالبة بالحرية والكرامة
تلبية لدعوة من زعيم ولا انسياقا وراء
مواقف حزبية اسلامية ويسارية, انما
انطلقت مندفعة في مهمة انتزاع حقوقها
الانسانية المستباحة. ولم تتوقف عند
جدل »المؤامرة« و »المندسين« و »مستقبل
الصراع مع اسرائيل« انما سعت خلف هدف
استعادة هويتها الانسانية باسترداد
حريتها وكرامتها, هذا الهدف الذي
استبعدته الانظمة ان لم تكن احتقرته
طوال العقود الماضية, فكانت الهزائم
والانقسامات وفتح ابواب الوطن العربي
على مصاريعها للتدخل الاجنبي بكل
اشكاله وصوره. ان اهم انجاز يحققه ربيع الشعوب هو صناعة
رأي عام عربي قوي لا يستطيع احد تجاهله,
في الداخل والخارج. وهذا ثمرة امتلاك
المواطن العربي للحرية والكرامة ووعيه
اليقيني المتزايد بان حرية المواطن
اساس قوة المجتمع والدولة وهي الحصن
الحصين للاستقلال الوطني والقومي.0 ================= تاريخ النشر: الثلاثاء 20 سبتمبر
2011 د. طيب تيزيني الاتحاد جاءت المظاهر الأولى لتفكُّك الدولة
الأمنية في بعض البلدان العربية،
لتدشّن مرحلة جديدة في دراسة
الاستبداد. ومعروف أن الاستشراق
الألماني اهتم على مدى القرن التاسع
عشر بهذه الظاهرة، إلى درجة أن مصطلح
"الاستبداد الشرقي" اعتُبر من
قِبل بعض ممثلي هذا الأخير من
المستشرقين الألمان، حالة نموذجية
خاصة جديرة بالفحص والبحث. وإذا كان
غير محتمل أن نفصل هذا الاستبداد من
خصائص البنية الاجتماعية والاقتصادية
التي سادت في حينه، فإنه يبقى التحدث
وارداً عن سمات معينة خاصة به. من ذلك،
مثلاً، إنه استبداد ينحصر في طغمة أو
مجموعة قليلة، وفيها تنمو المطامح في
الحكم بحيث يجتمع فيها كل أشكال إذلال
"الأتباع" المادية والمعنوية
والأخلاقية. وهذا لا يعني أن ممارسة
تلك الأشكال الاستبدادية موجودة في
نسيج شخصية الشرقي بل في جيناته
الوراثية: إنها، إذن، خصوصية نسبية
تظهر فيها أمثال العناصر التالية: على
التابع الخاضع للاستبداد أن يصل إلى أن
تبعيته الكاملة لأسياده هي من طبائع
الأمور. ومن المفارقة أن أرسطو اليوناني (الغربي)
هو الذي تحدث عن ذلك، معتبراً أن
التابع "شيء" وليس "ذاتاً"
مما ينفي عنه إحساسه بتبعيته، ووعيه
بذاته. من هذه الفكرة الأخيرة، ننطلق لنذكّر
بمشاهِد تظهر في بعض مدن "الخريف
العربي": طفل أو رجل يُقتل بالرصاص
الحي ويفقد حياته، ولكن يُستمر في
إطلاق الرصاص على الجثة الميتة، بنوع
من الهوس والذعر وبحالة من الانتشاء
الحاقد. ومشهد آخر يتجلى في طفل تلقى
ثلاث رصاصات أفقدته حياته، ولكن
القاتل يحزّ رقبته إلى نصفها...إلخ،
ومشهد ثالث تجسّده فتاة يستبيحها
ثلاثة رجال منفردين ومجتمعين، ثم
يأمرونها بالخروج إلى الشارع عارية
مدمَّاة، فهؤلاء الثلاثة وأمثالهم هم
علوج يجسدون نمطاً من الكائنات، التي
يبحث فيها علماء في الدراسات الحضارية
المقارنة، فأحد مواضيع هذه الدراسات
يتمثل في ما يطلق عليه "الإنسان
الذئبي"، الذي يخرج عن دائرة "الإنسان
العاقل"، بقدرته على انتصاب قامته،
وتمكُّنه من استخدام أصابعه، وبتطوره
باتجاه العقل المطابق. إن كل ذلك مما ينضوي في إطار ما أوردناه
وضمن مجتمع أُذِلَّ وحُرم من الثالوث
المقدس: الحرية والكرامة والكفاية
المادية، على مدى يقترب من نصف قرن،
يظهر الآن جلياً كالشمس. والحقيقة، إن
هذا الظهور الجلي للحطام العربي (وضمنه
السوري) ليس جديداً أو -على الأقل- كان
من قبل موجوداً. ولكن الجديد في ذلك يكمن في أن تراكمه
المديد والشمولي لم يعد سراً، ولم يعد
الكلام عليه خطراً. لقد عبّر الشعب
السوري عن ذلك ببساطة هائلة، حين أعلن:
لقد انكسر الخوف وانكسر معه الصمت،
فجاء البركان الذي راح يزلزل الأرض تحت
أقدام الطغاة. ويهمنا هنا، كذلك، أن منظومة القيم التي
يصل عمرها إلى ما يقترب من نصف قرن،
بدأت تنهار. لقد تحول "الربيع العربي"
إلى أنموذج حي في بلدان كثيرة، وخصوصاً
في أوساط الشباب. ولعل ذلك أنتج حالتين
اثنتين كبريين في معظم العالم العربي:
الحالة الأولى تتجسد في أن قضية تحرير
المرأة والرجل لم تعد مسألة جزئية، بل
لعلها تحولت إلى مدخل لرفع راية الحرية
والمشروع النهضوي. أما إسقاط سجون
الباستيل العربية فهي الحالة الثانية. ================= الثورات العربية...
والمواقف الدولية تاريخ النشر: الثلاثاء 20 سبتمبر
2011 د. أحمد يوسف أحمد الاتحاد لاشك أن المواقف الدولية من الحركات
الثورية الراهنة في عدد من البلدان
العربية شديدة الأهمية وبالغة الدلالة
في الوقت نفسه. هي أولاً شديدة الأهمية
لأنها لعبت وما تزال دوراً مهماً -مهما
كان ثانويّاً- في تحديد مسار هذه
الحركات ومصيرها، كما يتضح بجلاء في
الحالة الليبية، وهي ثانيّاً بالغة
الدلالة لأنها تلقي بمزيد من الضوء
الكاشف على طبيعة السياسة الدولية
وحقائقها، الأمر الذي يفترض أنه
يساعدنا على حسن "التدبر" في
حركتنا في البيئة الدولية. وقد تميزت
هذه المواقف بعدة سمات عامة أولاها "الانتهازية"،
بمعنى أنها عكست تطور الحركات
الثورية، فهي مواقف "خشبية" عندما
تبدو هذه الحركات في مراحلها الأولى
الضعيفة، ثم تدعو إلى حوار للخروج من
الأزمة عندما يشتد عود الثوار في ظل
استمرار تمتع النظام بعوامل واضحة
للقوة، وأخيراً تلقي بثقلها في كفة
الثورة عندما يتضح أنها باتت في طريقها
الأكيد إلى النصر. وثانية هذه السمات
بعد "الانتهازية" هي "ازدواجية
المعايير" بمعنى تأييد ثورة دون
أخرى، مع أن الباعث واحد والهدف مشترك،
وسبب هذه الازدواجية يكمن بداهة في
المصالح. ولكن السمة الثالثة، وهي
واحدة من أهم السمات، تتمثل، في أن بعض
المواقف الدولية ظل مثابراً على موقف
الاعتراض على الثورات، أو على الأقل
التحفظ عليها لأسباب مصلحية أيضاً
سيُشار إليها لاحقاً. وفي السياق السابق يمكننا أن نلاحظ أن
المواقف الدولية قد انقسمت بصفة عامة
إلى قسمين: أولهما تنطبق عليه سمة "الانتهازية"
بشكل واضح، والثاني أظهر الاعتراض على
الثورات أو على الأقل التحفظ عليها،
وأبقى النظام القديم رقماً أساسيّاً
في معادلة المستقبل. أما القسم الأول
المتصفة مواقفه "بالانتهازية"
فتأتي على رأسه القوى الغربية الكبرى
التي كان يُفترض أنها رتبت مصالحها مع
النظم القائمة، وهي ترى في عدم
الاستقرار الناجم عن الحركات الثورية
تهديداً لهذه المصالح، حتى لو كانت هذه
الحركات تسعى إلى الاقتراب من "المثالية
الديمقراطية" التي تعلن تلك القوى
أنها لا تريد أن ترى سواها أساساً لنظم
الحكم في العالم أجمع. وربما كان المثال الواضح في هذا الصدد هو
الموقف الإيطالي من الثورة الليبية في
البداية، حيث كان برلسكوني رئيس
الوزراء الإيطالي قد رتب مصالح بلاده
مع نظام القذافي على أفضل نحو ممكن،
ومن المؤكد أنه لم يكن سعيداً بفكرة
سقوط هذا النظام ومجيء نظام جديد لا
تُعرف على وجه التحديد توجهاته، ولكنه
عندما تيقن من أن الثورة الليبية ناجحة
لا محالة، وأن هناك من سبقوه إلى ركوب
قطار المؤيدين لها أسرع بدوره بالقفز
بحماسة إلى هذا القطار. ويذكرنا هذا
بموقف تركيا التي تبنت من المواقف تجاه
الثورة الليبية في بدايتها ما أثار غضب
الثوار، ومن المؤكد أن هذا الموقف قد
بُني على أساسٍ من مراعاة طموحات تركيا
الاقتصادية الكبرى في المنطقة، ولكن
المسؤولين الأتراك تحولوا لاحقاً إلى
موقف تأييد للثورة بعد أن أصبح واضحاً
لديهم أن معاداتها -أو عدم الحماس لها
على الأقل- هي التي يمكن أن تضر بهذه
الطموحات، ناهيك عن تأثيرها السلبي
على المسعى التركي إلى تعزيز فكرة
الدور الإقليمي لتركيا. أما القسم الثاني من المواقف الدولية
المعترضة على الثورات، أو على الأقل
المتحفظة عليها، فيبدو واضحاً للغاية
من الموقفين الروسي والصيني تحديداً،
وما أبعد الليلة عن البارحة، ففي منتصف
خمسينيات القرن الماضي كانت عملية
بناء نظام عالمي جديد في أعقاب الحرب
العالمية الثانية تتم، وانتهى المآل
بهذه العملية إلى نظام ثنائي القطبية
يتمتع فيه الاتحاد السوفييتي بوضع
القطب الثاني في مواجهة القطب
الأميركي، وكان لكل من القطبين
حلفاؤه، وكانت الصين آنذاك -وإلى حين-
من أبرز حلفاء الاتحاد السوفييتي، وفي
هذا السياق كان الصراع جاريّاً على كسب
الدول إلى أي من معسكري القطبين سعياً
إلى تحقيق الهيمنة العالمية، وكان
موقف الاتحاد السوفييتي -الذي تعتبر
روسيا الاتحادية وريثته الفعلية- ومعه
الصين يتمثل في تأييد الثورات الوطنية
بدءاً بحركات التحرر الوطني وانتهاءً
بالنظم الساعية إلى كسر نظام الهيمنة
الغربية، أي أن الاتحاد السوفييتي كان
يقف بوضوح مسانداً لهذه الثورات التي
اعتبرتها القوى الغربية -وعلى رأسها
الولايات المتحدة- تهديداً لمصالحها
الكونية في مناطق حساسة من العالم، ومن
ثم وقفت القوى الغربية موقف العداء من
تلك الثورات، بل وحاولت حصارها
والتآمر عليها سعياً إلى تقويضها (الثورة
المصرية في 1952 نموذجاً). أما الآن فقد
دارت الدائرة، وتبدلت الأدوار، بعد أن
اضطرت القوى الغربية "كارهة" إلى
تأييد الحركات الثورية العربية بعد
فترة تردد للاعتبارات السابق بيانها،
فيما قامت روسيا والصين بالدور الغربي
في السابق في معاداة هذه الثورات خوفاً
على مصالح قد تضيع، أو من هيمنة غربية
يمكن أن تسود العالم من جديد. وإذا كانت مواقف تلك القوى الكبرى قابلة
للتفسير على أساس التحليل السابق فإن
مواقف قوى إقليمية كبرى مثل البرازيل
وجنوب أفريقيا والهند تحتاج إمعان
نظر، وخاصة أن هذه القوى تكاد ترقى إلى
مرتبة القوى الكبرى، وأهمية هذه القوى
الثلاث -بالإضافة إلى ما سبق- أنها
أولاً قوى "تقدمية" إذا جاز
التعبير، أو على أقل الفروض هي قوى
ديمقراطية، ومن ثم فمن المفترض أن تكون
لها تحفظاتها الشديدة على النظم التي
قامت الحركات الثورية العربية ضدها،
باعتبار البون الشاسع بين هذه النظم
وبين أية سمة من سمات الديمقراطية،
ولكن هذه القوى الثلاث تبدو منغمسة في
جهد لافت في بناء النظام الدولي الجديد
على أساس من عدم هيمنة القوى الغربية
أو أية قوى أخرى عليه، وبالتالي فإنها
تكون قد اعتبرت أن المواقف الغربية في
"طبعتها" الأخيرة جزء من مسعى
لبناء هيمنة جديدة على قوى العالم
الثالث، ومن هنا كانت مواقفها
المعترضة على أية قرارات دولية يمكن أن
تصيب النظم التي قامت الثورة ضدها
بالوهن، أو تفرض عليها عقوبات جسيمة.
وثمة عامل آخر محتمل في تفسير موقف تلك
القوى وهو أنها ربما تكون قد اقتنعت
بأن النظم التي قامت الثورات ضدها
تضطلع بدور بارز في مواجهة الهيمنة
الغربية -وبالذات النظامان الليبي
والسوري- ومن هنا وجب تأييدها وعدم
التخلي عنها. وأخيراً فإن مما لاشك فيه
أن النظم العربية التي ثارت شعوبها
عليها قد قامت بجهد دبلوماسي حقيقي مع
تلك الدول لكسب الأنصار، غير أنه يبقي
أن دولاً مثل البرازيل وجنوب أفريقيا
والهند كان يتعين عليها أن ترى المنطق
الصحيح في تفسير الثورات العربية،
بحيث تحاول أن تجيء ممارساتها متسقة مع
قيمها. وربما يكون مفهوماً بدرجة أكبر
لماذا تمسكت دول أفريقية صغيرة بنظام
القذافي، والإجابة بطبيعة الحال أنه
استطاع "تجنيد" هذه الدول -إذا جاز
التعبير- من خلال "مشروعه السياسي
الأفريقي" المدعم بمنافع اقتصادية
لتلك الدول. ويعني ما سبق أن الثورات العربية الراهنة
مطالبة، إضافة إلى الفعل الثوري في
الداخل، بالتحرك الخارجي لكسب الأنصار
وكشف طبيعة النظم السابقة، فالمصير
الآمن للثورات لن تحسمه لغة السلاح
وحدها. ================= لا خوف على مسيحيي الشرق
من قيام أنظمة ديموقراطية! دمشق- المحامي ميشال شماس المستقبل 20-9-2011 كَثُرَ الحديث في الآونة الأخيرة عن
أوضاع المسيحيين العرب، لا سيما بعد
المتغيرات الهائلة التي شهدتها وما
زالت تشهدها عدد من البلدان العربية
بدءاً من احتلال العراق واستهداف
المسيحيين فيه وصولاً إلى انتفاضة
الشعوب العربية ضد الاستبداد والقمع
في كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا
والبحرين واليمن.. في وسط هذا التحوّل التاريخي الذي تشهده
تلك البلدان، تصاعد الجدل بشأن وضع
المسيحيين ودورهم في صنع هذا التحول
التاريخي ليصل إلى حد تحذير بعضهم من
نتائج هذا التحول بحجة أنه سيأتي
بأنظمة متطرفة ويؤدي إلى تفتيت
المنطقة، وتهجير المسيحيين، ويستشهد
هؤلاء بما حدث لمسيحيي العراق من قتل
وتهجير بعد سقوط صدام واحتلال العراق.
وكأن الاستبداد هو الذي حمى وجود
المسيحيين في هذا الشرق.. وأن
المسيحيين لم يهاجروا من هذا الشرق
المحكوم بالاستبداد منذ الاستقلال،
ولم تتناقص أعدادهم بشكل مخيف..! ترى هل
الإسلاميون في الجزائر من أصدر قانون
يعاقب على اعتناق المسيحية أم النظام
الاستبدادي الحاكم في الجزائر؟
فالاستبداد لم يكن يوماً حامياً
للمسيحيين في الشرق، بل على العكس من
ذلك، فقد شكل الاستبداد والتخلف على
الدوام بيئة صالحة لانتشار الحركات
الأصولية المتشددة التي ترى في الحرية
والديموقراطية عدواً رئيسياً لها. ففي ظل أجواء من الديموقراطية الليبرالية
استطاع فارس الخوري المسيحي تولي منصب
رئيس الحكومة في سوريا أربع مرات منذ
العام 1944 وحتى العام 1954، كما أتاحت له
تلك الأجواء تولي رئاسة البرلمان
السوري ليس بالتعيين بل بالانتخاب من
قبل أعضاء المجلس النيابي السوري، كما
أتاحت له تمثيل سوريا في الأمم المتحدة..
ومن منّا لم يقرأ ما حدث بعد عودة فارس
الخوري إلى دمشق بعد أن مثل سوريا في
الأمم المتحدة، عندما أبرق لابنه وهو
في الطائرة أن يأتيه "بالطربوش"
ليغطي رأسه على عادة الناس في تلك
الحقبة... إلا أن ابنه نسي ذلك، وحين نزل
من الطائرة كان في استقباله عدد من
المسؤولين السوريين وفي مقدمهم الرئيس
شكري القوتلي وخالد العظم والشيخ بهجت
البيطار وهو إمام السلفية في ذلك
الزمن، وقد لاحظ الشيخ بهجت ارتباك
فارس الخوري لعدم وجود ما يستر رأسه،
فخلع عمامته ووضعها على رأس فارس
الخوري قائلاً له: إنها تليق بك وصفق
الجميع... وخرجوا في موكب جاب حارات
دمشق التي كان أهلها محتشدين لاستقبال
فارس الخوري تقديراً له على حسن تمثيله
سوريا في الأمم المتحدة.. ولم يلاحظوا
أو يتفاجئوا بوجود العمامة على رأس
فارس الخوري لأن الشعب السوري كان
بعيداً كل البعد عن أي تفكير أو منطق
طائفي.... وكانت تلك آخر مرة يستلم فيها
مسيحي رئيس حكومة في سوريا. نقول ذلك حتى لا ينسى بعضهم كيف كانت
سوريا وكيف كان شعبها؟ وستبقى كذلك،
وطناً لجميع أبنائها بصرف النظر عن
انتماءاتهم وتلاوينهم، وسيبقى الشعب
السوري مثالاً للتسامح والمحبة بين
جميع بناته وأبنائه، والمسيحيون ليسوا
طارئين على سوريا بل هم مواطنون كاملو
الأوصاف وجزء أصيل من الشعب السوري،
ونكن كل احترام لكل شعب ولكل قومية
ولكل أثنية ولكل طائفة ولكل مذهب ولكل
دين. ولا يمكن للمسيحيين في سوريا أن
يكونوا بمعزل عن الحراك الشعبي السلمي
المتصاعد في سوريا، هذا الحراك الذي
انخرط فيه السوريون والسوريات بمختلف
انتماءاتهم وتلاوينهم السياسية
والدينية والعرقية، والمسيحيون لا
يخشون من هذا الحراك الشعبي السلمي، بل
ويشاركون فيه إلى جانب إخوتهم
وأخواتهم من مختلف الطوائف والاثنيات
السورية، ينشدون التغيير لنقل سوريا
من دولة شمولية إلى دولة مدنية
ديموقراطية تعددية على قاعدة صياغة
عقد اجتماعي جديد، لن يكون بالتأكيد
عقداً بين طوائف ومذاهب، بل بين
السوريين والسوريات كمواطنين أحرار في
دولة حرة تقف على مسافة واحدة من جميع
أبنائها وبناتها بصرف النظر عن
طوائفهم ومذاهبهم وأعراقهم وألوانهم..
تشارك فيها المرأة إلى جانب الرجل على
قدم المساواة.. ويُحترم فيها الرأي
والرأي الأخر المختلف.. ويسود فيها
القانون على الحكّام قبل المحكومين..
ويكون فيها القضاء سلطة قوية ومستقلة
يخضع لأحكامها الحاكم قبل المحكوم..
وتسعى فيها القوى والأحزاب السياسية
ومنظمات المجتمع المدني للفوز بثقة
الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة بدءاً
من المختار وصولاً إلى رئاسة
الجمهورية.. لا شك أن مسؤولية مسيحيي الشرق كبيرة
ومضاعفة تبدأ أولاً من الاعتراف أن
مسيحيي الشرق قد تقاعسوا عن أداء دورهم
ورسالتهم الحضارية وهجروا بلدانهم.
ومن بقي منهم حصروا نشاطهم السياسي
والثقافي والفكري بالعبادات التي لم
تتعد عتبة باب الكنيسة. بعد أن أحجموا
عن المشاركة السياسية والاقتصادية
الثقافية والفكرية والفنية في المجتمع
وتقوقعوا على أنفسهم واستكانوا للعيش
في ظل الاستبداد. وثانياً وهو الأهم في
إعادة الاعتبار لدور المسيحيين العرب
في نهضة مجتمعاتهم في هذا الشرق، يعود
الألق من جديد لدور المسيحيين في نهضة
بلدانهم من براثن التخلف والتطرف
والاستبداد بالمشاركة مع إخوتهم
المسلمين، وعلى المسلمين أيضاً أن
يساعدوهم في ذلك. فهذا هو قدرنا الذي لا
مفر منه في هذه المنطقة من العالم.
نحتمي بأخوتنا المسلمين ويحتمون بنا،
تماماً كما احتمى العظيم فارس الخوري
بأخوته المسلمين، عندما اعتلى منبر
الجامع الأموي مخاطباً المصلين: "إذا
كانت فرنسا تدّعي أنها احتلت سوريا
لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين،
فأنا كمسيحي من على هذا المنبر أشهد أن
لا إله إلا الله... فأقبل عليه مصلو
الجامع الأموي وحملوه على الأكتاف
وخرجوا به إلى أحياء دمشق القديمة في
مشهد وطني ما زال يتذكره السوريون إلى
يومنا هذا. إن مستقبل شعوب هذه المنطقة في خطر
وثرواتها سوف تضيع، ما لم نتلمس دوراً
حقيقياً للرواد من أبناء سوريا
والمنطقة العربية من مسيحيين ومسلمين
يضعون أسس النهضة العربية الجديدة على
أساس من الحرية والديموقراطية
والعدالة الاجتماعية واحترام
الإنسان، بصرف النظر عن أي انتماء
سياسي أو ديني أو عرقي أو اللون أو
العرق والجنس.. ================= ساطع نور الدين السفير 20-9-2011 إذا لم يكن ما يفعله المعارضون السوريون
هذه الايام هو تنفيذ خطة مدروسة لتشتيت
نظام الرئيس بشار الأسد وإرباك اجهزته
الامنية وصرفها عن قمع الشبان
والشابات المتظاهرين في شوارع المدن
السورية، فإنهم بمؤتمراتهم التي حطمت
اعدادها ارقاماً قياسية، وصراعاتهم «الفكرية»
التي تفجرت دفعة واحدة، يقدمون
نموذجاً عن أداء سياسي محير، بل مريب،
في لحظة تحول جوهري في تاريخ سوريا. يقال إنها ظاهرة طبيعية وصحية في مجتمع
خرج للتو من العتمة والقهر والظلم الى
نور الحرية النسبية والحياة السياسية
العادية، يستعيد ماضيه التقليدي
السابق لجثوم البعث على صدور ابنائه،
ويستحضر ريادته العربية في إنتاج
الافكار والاحزاب والتيارات، وفي
تحويل كل مدينة وقرية الى مقر دائم
لمنتدى سياسي مفتوح وحوار لا ينتهي،
بين مواطنين كانوا سباقين على الدوام
في اعتبار الجدل مهنة وفي اعتبار
النقاش متعة. يقال إن تلك المؤتمرات هي مجرد خيمة يجتمع
تحتها عدد من المخضرمين الذين فاتهم
القطار السياسي، وهم يريدون الانتقام
من النظام الذي أذلهم اكثر من مرة في
سجونه، فقط بالظهور علناً لتحدي آلته
القمعية والتجرؤ عليها وتفنيد خطابه
السياسي الداخلي والخارجي وتقديم
مشروع بديل يحمل صفة الانتقام اكثر مما
يحمل فكرة الانتقال الى حقبة جديدة. تقدير صحيح الى حد بعيد. اكتشاف الحياة
السياسية الطبيعية يحتمل هذا التعدد
السياسي الهائل. لكن انعقاد ثلاثة
مؤتمرات علنية معارضة في وقت واحد، في
نهاية الاسبوع الماضي، عدا عن
اللقاءات التي انعقدت في الخفاء سواء
داخل سوريا او خارجها، امر غير مفهوم
البتة: مؤتمر لهيئة التنسيق الوطني
لأحزاب المعارضة الداخلية في ريف
دمشق، ومؤتمر نواب وشخصيات وتنظيمات
مقيمة على مسافة من النظام في دمشق
نفسها، ومؤتمر للاحزاب والتيارات
والشخصيات العلمانية في باريس، واكبه
اجتماع مشابه في برلين، وتزامن معه
لقاء منافس للاحزاب والقوى الاسلامية،
وسبقه لقاء في اسطنبول، يتوقع ان يليه
مؤتمر في لندن وآخر في بروكسل، (ما يوضح
ان التيار الاسلامي هو الاكثر سرية
والاقل تماسكاً)..هذا اذا جرى استثناء
الاجتماعات التي يعقدها على مدار
الساعة معارضون سوريون من مختلف
الانتماءات في القاهرة، التي اختيرت
للاتكاء على تجربة الثورة المصرية
والاستفادة منها. والأغرب ان جميع هذه المؤتمرات من دون
استثناء تبدي قدراً غريبا من التواضع
عندما تعلن بلغة واحدة وأحيانا بصيغة
موحدة انها لم تفجر الثورة السورية وهي
لا تقودها ولا تنوي مصادرتها، بل تساعد
الشبان والشابات الذين حطموا حاجز
الخوف من النظام وقدموا وما زالوا
يقدمون تضحيات كبيرة من اجل اسقاطه.. من
دون ان يكون هناك تنظيم يجمعهم او قائد
يوجههم او مشروع سياسي يحفزهم للسلطة،
عدا طلب الحرية والديموقراطية
والعدالة الاجتماعية. لا دليل سوى القمع على ان النظام يتشتت،
ولا دليل سوى السلاح على ان الشارع
يضيع، ولا دليل سوى المؤتمرات على ان
المعارضة موجودة.. وأن خلاص سوريا ليس
وشيكاً. ================= خوف الكنيسة من الأنظمة
المتهالكة غسان حجار
النهار 20-9-2011 في القلب نتمنى سقوط النظام السوري
اليوم، انتقاماً لتاريخ طويل مليء
بالمآسي والاضطهاد والتهجير والقمع... وفي العقل نخاف الأمر ونخشاه، رغم كل ما
يقال عن عدم ارتباط مستقبل الأقليات
بنظام أقلوي، ورغم الآمال التي يسبغها
البعض على عهد ما بعد نظام الأسد، الأب
والإبن. لكن عقلنا وقلبنا لا يؤثران في مسار
الحوادث والتحركات الجارية من حولنا.
واذا كنا، حتى الأمس، نرى النظامين
السوري والسعودي الأقدرين على
الإستمرار في زمن التحولات، فإن
معطيات كثيرة تبدلت بسرعة. قلق البطريرك بشارة بطرس الراعي صحيح في
المضمون خطأ في الشكل، وواقع كلامه لا
يبدله تراجع أو توضيح، ودائماً اتهام
الإعلام بالتحوير والاجتزاء. الخوف موجود بقوة لدى أرباب الكنائس،
الذين رضخوا منذ زمن لكل أنواع
الديكتاتوريات في سوريا والعراق ومصر
والخليج العربي وإيران، وتركيا، اذ لم
يكن في وسع الكنيسة الإنتفاض على
السلطات القائمة بفعل تراجع عدد
مؤمنيها، وافتقادها الإمكانات
اللازمة للصمود. ومثلها فعل المفتون
المسلمون برضوخهم على رغم عناصر القوة
التي يملكونها. في الفاتيكان، كما في بكركي، شبه ضياع في
ما يمكن فعله تفادياً لمزيد من تدهور
الحال، كما حصل في العراق بعد سقوط
النظام. لكأن استمرار المسيحيين في هذا
الشرق صار مرتبطاً بالأنظمة، فيما هو
حقيقة مرتبط بالدولة. لكن بناء الدولة في زمن ما بعد الثورات
عملية مرتبكة، وتحتاج الى وقت، قد
تتخلله فوضى، وتدخلات من استخبارات
وأجهزة، تهدف الى تحويل المنطقة
دويلات مذهبية واثنية وعرقية. لا ندين الكنيسة على الأخطاء، لأنها
مرتبكة، وتواجه التحدي الأبرز لبقائها
وتجذرها، وهي لا تثق بالجماعات
الأصولية الناشطة في غير بلد عربي. حتى
الأطراف الأقل تشدداً، والأحزاب
الداعية الى التعايش، لا توحي بالثقة،
اذ تعمل في كل حين، كما في لبنان، على
انتزاع بعض الإمتيازات التي نالها
المسيحيون. لكن على الكنيسة ألا تكتفي بقراءة أحادية
الجانب للمتغيرات، اذ ان مسار
الحوادث، خصوصاً في سوريا، يمضي بغير
ما يتمناه البعض من المتمسكين
بالنظام، لأن اسرائيل، الأكثر دفاعاً
عن آل الأسد، بدلت موقفها، فاعتبرت ان
الأسد الإبن لا يضمن أمنها كما فعل
والده لنحو 30 عاماً، بل انه تحرك
مهدداً حدودها في الجولان عندما شعر
بالضيق. واذا كانت دول الغرب حريصة على
ضمان مصالح اسرائيل، فإن التقييم
الجديد لا يصب في مصلحة الأسد الإبن
ونظامه البعثي. هكذا بدت الكنيسة مدافعة عن نظام
ديكتاتوري ومتهالك، غير قادر على ان
يقدم لها أي شيء، بل ربما يخطط لنقل "حشرته"
الى لبنان، جذباً لتفاوض ما مع دمشق في
ظل اشتياق العاصمة السورية الى
اتصالات تقود الى تسويات غابت عنها،
وصارت مستبعدة. فهل على الكنيسة الاستمرار في الدفاع عن
الأنظمة أم التزام خطاب معلمها في طلب
الحرية لكل من ينشدها؟ ================= سوريا الثورة.. شعب يدفع
ثمن حريته الإثنين، 19 أيلول 2011 23:50
بسام ناصر السبيل ثورة الشعب السوري لها نسقها المتفرد بين
الثورات العربية الأخرى، فهي قامت على
نظام قمعي دموي، له تاريخه الأسود في
التعذيب والتنكيل والإبادة، وقد جربه
الشعب السوري من قبل في مدينة حماة
وغيرها، فهو نظام لا يعرف الرحمة، ولا
سبيل أمامه إلا القتل والبطش والقمع
الرهيب، ألاف المعتقلين مضى على
اعتقالهم سنوات متتالية، يعيشون في
أقبية الزنازين، ولا يرون الشمس،
ويعيشون حياة القهر والتجويع والإذلال. التفرد في الثورة السورية، يتجلى في تلك
الروح الثورية التي يتمتع بها الشعب
السوري، المتفجرة من رحم القهر والكبت
وإذلال الإنسان، وهي تعكس في الوقت
ذاته حجم القمع الذي مارسه النظام بحق
هذا الشعب، لم يبق أمام السوريين إلا
الثورة والانتفاضة على نظامهم
الاستبدادي، الغارق في تعذيب شعبه
وإذلاله، فقرر الشعب دفع ثمن حريته
مهما ارتفعت كلفة ذلك، وعظمت تضحياته،
فلا سبيل للتراجع بعد أن انطلقت شرارة
الثورة، واشتعلت نيرانها. يخرج أبناء الشعب السوري في المظاهرات،
وهم يتوقعون الموت في كل لحظة، فإذا ما
سلم الواحد منهم هذه المرة من الموت،
أو الاعتقال ورجع إلى بيته، فإنه يعد
نفسه للخروج في المرة القادمة، دون أن
يثنيه ما يراه ويسمعه، من مشاهد القتل
والتعذيب، وما يبلغه من قصص التنكيل
والبطش والفتك بالإنسان السوري، ما
هذه الروح المتأججة التي قدمت الموت
على المذلة؟ إنها روح تمردت على واقعها
الاستبدادي الذي خنق العباد، وأدخل
البلاد في مصائب وأزمات، لا سبيل
للخروج من خنق النظام للشعب إلا التمرد
على هذا النظام، وخلع يد الطاعة،
والاستعداد من بعدها لبذل التضحيات
تلو التضحيات، وهذا ما يفعله الشعب
السوري المقدام. لدى الكثيرين من أبناء الشعب السوري
الثائرين، قناعة راسخة في أن النظام
يتجه إلى الانهيار والزوال، وما هي إلا
مسألة وقت، وهذه القناعة بحد ذاتها،
عامل من عوامل استمرارية الثورة، بل
وتوسيع دوائرها، وعامل تحفيز لانضمام
مدن وقرى وأعداد جديدة لها، وتأتي
الأحداث في البلاد العربية الأخرى،
لتعطي الثوار السوريين، روحا جديدة
يمضون بها قدما في ثورتهم، فها هو
النظام الليبي، يسقط ويتهاوى، وزعيمه
المتأله، يغدو فأرا هاربا، وأبناؤه
الذين عاثوا في مقدرات ليبيا وثرواتها
كل ألوان الفساد، لا يجدون مكانا آمنا
يؤون إليه، ألا يتعظ كل الطغاة
الظالمين من مصائر الطغاة الذي سقطت
عروشهم، وتهاوى سلطانهم، فيكون ذلك
رادعا لهم للانكفاف عن الظلم
والاستبداد، والتطهر من وقائع الفساد
وسلب خيرات البلاد وثرواتها لنزواتهم
وملذاتهم الشهوانية الزائلة. الثورة للسوريين تعني التخلص من الذل
والقهر والاستعباد، وقد أسقاهم النظام
من تلك الكؤوس علقما مرا، وأحال حياتهم
إلى جحيم لا يطاق، لذلك هان الموت
عليهم، وأصبح لا خيار أمامهم إلا رفع
شعار "الموت ولا المذلة"، فماذا
تعني الحياة حينما يفرض على الإنسان أن
يعيش بلا إنسانيته، بل غدا الإنسان
السوري يستشعر صدق مقولة أبي بكر
الصديق "احرص على الموت توهب لك
الحياة"، فالحياة الكريمة توهب لمن
كان حرا في إرادته، يدفع من أجلها كل
غال ونفيس، وليست الكرامة والحرية
مِنَّة يمنُّ بها الطغاة الظالمون على
الشعب، بل هي حق أساسي لا يكون الإنسان
إنسانا إلا بامتلاكها. كما أن وقائع
ومشاهد يوميات الثورة السورية تكشف عن
طبيعة النظام الدموية، وتفضح ممارساته
البربرية، فإنها كذلك تظهر الشجاعة
الفائقة لأبناء الشعب السوري، وتفصح
عن تلك الروح المقدامة المتحفزة
للتضحية، والمصممة على مواصلة
المشوار، ذلك الوالد الذي صور ابنه وهو
غارق في دمه بعد استشهاده، واحتفظ
بصورته على جواله، والتي كانت سببا في
اعتقاله وضربه وتعذيبه من عصابات
النظام، تحكي قصة التصميم على المضي
قدما في طريق نيل الحرية، يروي واقعة
ضربة والاعتداء عليه من الشبيحة
ورجالات النظام، مع إسماعهم له لكلمات
تفضح طبيعة اللؤم الكامن في نفسياتهم
الحاقدة، وهم يقولون له، "بدنا
إياكم تموتوا في صمت ولا أحد يحس بكم،
حتى لا تتمردوا على أسيادكم يا أوباش". نظام يسير إلى نهاياته، ويحفر قبره
بظفره، وشعب يسير نحو تحرره، فهذه
الدماء الزكية غالية وثمينة في ميزان
الله، ولا يمكن أن تذهب هدرا، ولا بد أن
تنبت لأهل سوريا الأحرار الحياة الحرة
الكريمة، مع التحرر من قبضة الاستبداد
الخانق، وسيلحق النظام وسائر رجالاته،
بأمثاله من الأنظمة التي تهاوت وسقطت،
لا حياة ولا بقاء لأنظمة فقدت الوعي
التاريخي، الذي يمكنها من التكيف مع
التغيرات الجذرية الجارفة، والتي
أعادت للشعوب مكانتها، وجعلتها قادرة
على صناعة واقعها وتاريخها. ================= بشار الأسد وشكسبير..
مخرج للنظام بقطع غابة بيرنام المثنى الشيخ عطية القدس
العربي 20-9-2011 لكونه ابن رئيس، كان عليه أن يكون ذكياً
وأن يبرهن هذا الذكاء بعملٍ فذّ... طالب
طب العيون في بريطانيا بشار الأسد أراد
إثبات تفوقه على البريطانيين، ومَن
غير شكسبير أهلاً للتفوق عليه، ومن غير
ماكبث شخصية تستحق أن تكون ساحة إثبات؟
هكذا اخترع الطالب مسرحية ينقذ بها
ماكبث من جحيم كوابيس جريمته، وذلك
بقطع الطريق على نبوءة الساحرات
القائلة بهزيمة ماكبث حين يرى غابة
بيرنام تزحف إلى قلعته. قال طبيب العيون بطريقته الخاصة في
التحليل.. بما أن اليونانيين هم أهل
التراجيديا فإنهم سيقترحون على ماكبث
إن أراد أن لا يرى أشجار الغابة تزحف
إليه، أن يفقأ عينيه، لكننا نحن الذين
نعطي الدروس للعالم من خلال الدراما
السورية، وعلينا أن نفكّر بطريقتنا
الخاصة، ومن المنطقي أن نقترح على
ماكبث ببساطة، أن يقطع أشجار غابة
بيرنام... وهكذا وجدت 'علا جبلاوي'، الطفلة ابنة
الثالثة من اللاذقية نفسها ممدة على
الأرض دون حراك، بعين واحدة وإنْ بوجه
ملاك، إذ استقرت في عينها الأخرى رصاصة
قناص.. حين عاش وريث الجمهورية
والجريمة كوابيس رؤية أطفال سورية له
عارياً كلما ألقى خطاباً أو تفوّه
بكلمة.. هكذا انفلت عنف نظام شبّيحته
بجنون من أي عقال ليكسر أصابع رسام
الكاريكاتير علي فرزات حين فشلت
الدبابات والمدافع والمروحيات والسفن
ورصاص القنص والرشاشات والسكاكين
والبلطات، في إعادة المتظاهرين
السلميين الذين عصفت بروحهم ريح
الحرية والثورات إلى بيوتهم.. وهكذا
فكّر حين تطلّبت عبقرية الحماقة منه أن
يغطي هذا الفشل بالاستعانة بحرس
الوالد القديم الذين أبعدهم بنفسه
خوفاً حيث هم أخبر بأساليب أبيه في حل
المعضلات.. وهكذا تشكلت 'المبادرة
الوطنية الديمقراطية' للحرس القديم
بقيادة محمد سلمان وطرحت كصحوة وغيرة
على البلد لإنقاذه مما يتهدده من (حرب
طائفية، وتدخل خارجي)، وهكذا سخر
السوريون من هذه المبادرة التي تأتي من
صانعي توريثه، وهكذا كان عليه إعادة
إنتاجها لأنها الوحيدة التي تبشّره
بحلول تنجح لو تأمنت لها تغطية كافية
أو يمكن صنعها من المعارضة... *استفاقة الحرس القديم للأسد الأب على
رنين جرس أحد قواده محمد سلمان الذي
يهتز بإيقاع يد بشار الأسد الإبن كما
يبدو.. يعيد إلى الأذهان صورتين
متداخلتين: الأولى هي صورة هروب تعكس
مرض العديد من السياسيين والمثقفين
ورجالات السلطة بنكران واقعٍ فرض نفسه
على الأرض هو واقع طروحات الثورة
الراديكالية بإسقاط النظام، والتشبث
بواقع وهمي تجاوزته الأحداث التي فرضت
هذا الواقع، بتوازٍ مع مرض نكران بشار
الأسد النابع من نبوءة زحف أشجار غابة
بيرنام إليه، كما بدى في مقابلته
الأحادية مع التلفزيون الرسمي السوري،
حيث العصابات المسلحة والتأييد الشعبي
ووهم مناعة الحائط الإيراني والحزب
اللاهي ما تزال ملاءات بيضاء تطير
بأجنحة مرفرفة في مخيلته.. وتتبلور هذه
المبادرة وفقاً لمقال حارس قديم في
جريدة القدس العربي هو مروان حبش
الوزير وعضو القيادة القطرية السابق
وفقاً لملاءاته الإنكارية الطائرة في
تبرير هذه المبادرة بأن: 'يكون حوار هذا
الحرس مقتصراً على صاحب القرار دون
غيره (بشار الأسد)، وأن يتولى بشار
الأسد نفسه زمام المبادرة بالتغيير،
مع سعي مجموعة المبادرة وفقاً لحبش (وهذا
هو سبيل تمريرها)، كما يقول: 'إلى
الالتقاء مع كل مجموعات المعارضة
والسعي معاً لإنجاز شكل ما تنضوي تحت
سقفه كل المعارضة بعد اتفاقها على عدة
أهداف لا يمكن الاختلاف حولها، ويكون
هذا الشكل كغطاء سياسي لثورة الشباب'،
مع إنكار حبش لواقع أن الشباب الذين
يتحدّث عنهم رسموا على ملاءاته
الطائرة بوضوح صورة الواقع التي لا
يمكن إنكارها بأن: الشعب أسقط شرعية
بشار الأسد ويريد إسقاط النظام ورحيل
رئيسه، وبانفعال من يصاب بالإنكار
أيضاً عند رفض ضم مجموعة المبادرة من
قبل بعض راديكاليي المعارضة في 'هيئة
التنسيق للتغيير الديمقراطي'، التي تم
التفكير بأنها هي سبيل تمرير مبادرة
الحرس القديم، واتهام هؤلاء بممارسة
الإقصاء، مع وعده بالنضال 'من أجل خروج
هذه الهيئة من ذهنية العمل بعقلية 'الشلة'
والانعتاق من تأثير بعض هواة السياسة
على قراراتها التي كان من نتيجتها
تسطيح المفاهيم وإقصاء الكثيرين' كما
يقول... الصورة الثانية يكشفها الوعد النضالي
المصرّ من مروان حبش على حامل 'هيئة
التنسيق للتغيير الديمقراطي'، حيث
تنحلّ قليلاً عقدة التداخل بين
الصورتين لتتبلور الصورة الثانية
بمبادرة ليست نابعة بأية حال كما يقول
الناقد صبحي حديدي من 'صحوة حرس الأسد
الأب الذين مهدوا وصنعوا توريث الإبن
على ضرورات الإصلاح والديمقراطية
وحقوق الإنسان وكرامة المواطن السوري،
بل لأنهم أخذوا يستشعرون تململ شرائح
واسعة من أبناء طائفة صارت تتبصّر
مصائرها على نحو أوضح، وأخذت تدرك
ببطء، ولكن على نحو منتظَم ومتدرج أنّ
منابع الأخطار على الوطن ليست تظاهرات
الشعب، بل تحالف قَتَلة الشعب وناهبي
الوطن'، وفي إضافة إلى هذا التحليل،
مبادرة تحاول إمساك الإبقاء على هذه
الطائفة تحت جناح النظام بإيجاد مخرج
للنظام يبقي بشار الأسد على رأس سلطته،
ويسكّن الداخل، ويرضي القوى الخارجية
التي لم تعد تستطيع احتمال عبء نظام
خرج عن شرعة الإنسان وارتكب مجازر ضد
الإنسانية، من أصدقاء النظام وأعدائه
المعنيين بأزمته وعلى رأسهم الولايات
المتحدة وتركيا والدول العربية، مع
ضرورة إصلاحات يجب القيام بها دون
تضحية بجوهر النظام واستبدال الحل
الأمني الذي يعرف محمد سلمان ومجموعته
أكثر من غيرهم أنه فشل في تطويع الشعب
وزاد من اتساع وتجذّر الثورة، بحلّ
سلمان السياسي الذي يتكرّر طرحه بعد أن
فشل في المرة الأولى على حامل قوى في 'هيئة
التنسيق للتغيير الديمقراطي' صرّحت
بأنها لم تطرح أصلاً إسقاط النظام
ويطيب لها حلّ يجنّب في رأيها البلاد
من الدخول في اسطوانة الخوف: (فوضى
الحرب الأهلية الطائفية والتدخلات
الخارجية)... ويبدو أن صورة مبادرة سلمان وحبش ومجموعة
حرس الأسد الأب على حامل القوى
المحسوبة على اليسار في هذه الهيئة تجد
لمعالمها نصيباً في التكون، تحت ظلّ
الفشل المتكرّر لمؤتمرات بعض قوى
المعارضة الكلاسيكية وقوى الثورة
الجديدة في الخارج بصورة خاصة،
وطروحاتها المتسرّعة في تشكيل مجالس
وطنية مهلهلة بمختلف التسميات، واليأس
الذي يشيعه النظام في نفوس قوى شباب
الثورة في الداخل باستغلال هذا الفشل،
وبالإمعان في سياسة الإرهاب والقتل،
لتمرير حلّه السياسي الذي يعيد إنتاج
سلطة استبداده وفساده نفسها بعبوة
جديدة، لكن أيضاً، ولسوء حظ بشار الأسد
في نمو أشجار الغابة أكثر كلما سالت
دماء قطعها وإلى درجة الكابوس الذي
يدفعه إلى المزيد من إسالة الدماء، تحت
شمس نار الثورة التي تزيح هذا الظل
بجمعةٍ ساطعة تليها جمعة أشدّ سطوعاً،
وتدفع قوى 'حسن النوايا' اليائسة
المهرولة للالتحاق بالشكل الجديد
لحلول النظام إلى الفرملة، كما تدفع
القوى الغيورة التي تفتقد الخبرة
السياسية في الثورة إلى الخجل مما
تتيحه تجاربها الصبيانية من مدّ
عصابات النظام بأنفاس جديدة، إضافة
إلى إحراق ريش طواويس الثورة
المتسلقين على سورها بحبال خيلاء
الإعلام الواهية، وتعليم قوى الثورة
على اختلاف طروحاتها الإيديولوجية
فضيلة الديمقراطية في تجنّب فرض
الأدلجة، ومعنى وحدة البرنامج في ظل
احترام الاختلاف، وتجنّب إجهاض الثورة
بأوهام أسلمة الدستور، مع احترام دم
الشهداء الذي سال واحداً من جميع
السوريين والإخلاص لتضحيات الجرحى
والمعتقلين على طريق بناء دولة سورية
المدنية الديمقراطية.. ويبدو أن زحف أشجار غابة بيرنام قد خرج من
كوابيس الأسد إلى التحقق في الواقع من
خلال عمل قوى الثورة المتبلورة في
تنسيقيات الداخل على اختلاف أشكالها
وائتلافاتها مع قوى المعارضة
الراديكالية التي حسمت أمرها برفع
شعار إسقاط النظام دون لبس، على طرح
مبادرتها في عقد مؤتمر وطني لعموم قوى
الثورة الديمقراطية السورية وقوى
المعارضة على قاعدة الانحياز الكامل
لأهداف الثورة في إسقاط النظام،
والتفاوض فقط على خروج النظام وآلية
تسليمه السلطة للشعب، وتأكيد طبيعة
الدولة السورية الوليدة على أنها دولة
مدنية ديمقراطية تعددية لجميع
السوريين دون تمييز في الدين أو العرق
أو المذهب أو اللون أو الجنس. طبيب العيون الذي تفوّق على شكسبير
بإنقاذ ماكبث من كوابيسه عندما كان
طالباً في بريطانيا يعاني الآن كوابيس
فشل قطعه لأشجار الغابة التي تنمو مرةً
بعد مرة ببذور دماء شباب الثورة في
سورية، وأصبح لزاماً عليه في استعانته
بتجارب حرس الأب ربما التفكير بالحل
التراجيدي اليوناني الذي يضع أمامه
تحديات التنافس مع سوفوكليس لحلّ عقدة
أوديبية فشله بما لا يخطر على بال،
أمام إنجازات أبيه البارعة في إخفاء
جرائم قتله للرجال والنساء والأطفال. ' كاتب سوري ================= الياس خوري 2011-09-19 القدس العربي بعد اكثر من ستة
أشهر على اندلاع الثورة السورية، وبعد
سيل التضحيات التي قدمها ابناء الشعب
السوري وبناته، لا بد من ان نطرح
السؤال المؤجل على القوى السياسية
السورية المعارضة. وسؤالي ينطلق من حقيقة يعرفها الجميع،
وهي ان الثورة السورية كغيرها من ثورات
الشعوب العربية لم تكن نتيجة عمل
تراكمي قامت به احزاب المعارضة. فهذه
الأحزاب ومعها الشخصيات الثقافية
المستقلة فوجئت بالثورة مثلما فوجئ
بها نظام الاستبداد. الثورة جاءت من
وعي تشكّل في مكان عميق من العقل
والوجدان الشعبيين، وهو مكان لم يعد
قادرا على تحمّل او فهم دواعي استمرار
الاستبداد المستفحل منذ اربعة عقود. لا
يمت هذا المكان بصلة الى نوع النقاشات
السياسية التي احترفتها الأنظمة ونجحت
في جر المعارضات اليها، وهي نقاشات
تتناسى استباحة كرامة الانسان، وتدعي
انه لا بد من استمرار الاستبداد كي لا
تنهار 'الممانعة'، او كي لا تقفز
التيارات الأصولية التكفيرية الى
السلطة، او تفاديا لحرب أهلية طائفية. شباب الثورات العربية ذهبوا الى الأسئلة
الأولى، وجعلوا من بديهيات الحياة
شعارات لثورتهم، بدأوا بالحرية
والكرامة، واعلنوا ان الاستبداد الذي
خنق المجتمعات وحطمها، يجب ان يتهاوى،
كشرط اولي من اجل ان يبدأ النقاش حول
المستقبل. لكن الثورات العربية لم تأتِ من الفراغ،
فتضحيات اجيال من المثقفين
والمعارضين، وشجاعة الذين قاوموا
البغي والطغيان وهم يواجهون القتل
والسجون والمنافي شكلت الخلفية التي
بنى عليها جيل جديد من المناضلين افق
الحرية الذي تعمد بالدم. يشير هذا الواقع الى حقيقة لا بد من
الاعتراف بها، هي وجود فراغ سياسي كبير
لا تستطيع المؤتمرات التي تعقد في
الخارج او الداخل، والمجالس التي تشكل
على عجل تعبئته. فواقع الحركة السياسية
يشير الى ان احزاب المعارضة وقواها، في
الخارج والداخل، لا تستطيع ان تتصدى
لقيادة تحرك شعبي هو عبارة عن انفجار
اجتماعي لا سابق له. فهذه الاحزاب والقوى، نتيجة القمع الوحشي
الذي تعرضت له خلال عقود، ليست مؤهلة
لقيادة هذا النوع من التحرك، كما انها
لا تمتلك الادوات الفكرية او
التنظيمية لقيادة ثورة شعبية تتعرض
لأبشع وسائل القمع واكثرها همجية. من جهة اخرى افرزت الثورة السورية شكلها
التنظيمي الخاص بها، الذي اطلق عليه
المناضلون والمناضلات اسم التنسيقيات.
وعلى الرغم من ان هذا الشكل التنظيمي
يبدو غير واضح الملامح، بالنسبة
للمراقبين والمتابعين والمتعاطفين عن
بعد، غير ان هذا الشكل التنظيمي
الجماهيري، اثبت قدرته على قيادة
التحرك وتنظيم المظاهرات في اصعب
الظروف التي يمكن لأي ثورة شعبية ان
تمر بها. ما تشهده سورية ليس قمعا، بل هو مسلسل
كابوسي لا سابق له، حيث يجتمع القتل
بالتعذيب بالعقوبات الجماعية، وتجري
تغطية الجريمة عبر استخدام مركّب
تضليلي قرر ان المتظاهرين والمحتجين
هم عصابات مسلحة! في هذا المناخ الرهيب، لا بد ان يثير
الصمود الشعبي والاصرار على مواجهة
آلة الموت بصرخة الحرية اعجاب الجميع.
فلقد اثبت الشعب السوري في ثورته انه
الأكثر شجاعة، وانه يستحق دوره
الطليعي في العالم العربي بجدارة. غير ان البطولات يجب ان لا تحجب واقعا
بدأت يشكل عبئا على الثورة. وانا لا
اقصد هنا الناشطين السوريين الذين
يتحركون في العالم من اجل دعم الثورة،
فهذا حقهم وواجبهم، لكنني اسمح لنفسي
بالتنبيه الى ان هناك فرقا يجب ان يكون
واضحا بين دعم الثورة وقيادتها. قيادة
الثورة لا يمكن ان تسقط بالمظلات،
القيادة هي فعل تراكمي، يصنعه الشعب من
خلال الاشكال التنظيمية التي
استنبطها، ولا يحق لأحد باسم دعم
الثورة فرض قيادة عليها من خارجها. وكي اكون واضحا فان ما يجري على المستوى
التنظيمي في الخارج ليس ناضجا، وهو
بالتالي عاجز عن انتاج تشكيلة تقود
الثورة وتمثلها، وان المطلوب هو
العودة الى قاعدة الثورة، والعمل معها
من اجل انتاج مرجعية سياسية واخلاقية. الخطوة الأولى يجب ان تكون انتاج هذه
المرجعية، كي تكون اطارا لتفاعل
التنسيقيات، وخطوة تمهيدية لاعلان
تشكيلة سياسية تكون مهمتها قيادة
سورية من الاستبداد الى الديمقراطية. الأصدقاء في داخل سورية وخارجها، يعرفون
ان مرجعية هذه الثورة موجودة في سورية،
وان المطلوب هو تجاوز الخلافات
القديمة، من اجل بلورة برنامج واضح
المعالم، يبدأ من نقطة الاجماع الوطني
حول اسقاط النظام الاستبدادي، ويبلور
ملامح المرحلة الانتقالية الى
الديمقراطية. المرحلة جديدة بشكل كامل، وعدم قدرة رموز
المعارضة السورية على تفهم واقع ان
اسئلة الماضي مضت الى غير رجعة، تعني
شيئا واحدا، هو ترك الثورة السورية في
عتمة المجهول. ان تشكيل هذه المرجعية بوصفها جزءا عضويا
من تنسيقيات الثورة السورية، يسمح
ببناء تفاعل صحي مع قيادات الخارج من
اجل بناء اطار لمجلس وطني سوري، يلعب
دوره في حشد الدعم والتأييد وبناء
مصادر استمرار الثورة حتى اسقاط
النظام. شباب الثورة السورية يعرفون ان هذا الليل
السوري الطويل لن ينجلي بسرعة، وان
امامهم مهمات شاقة وتضحيات كبرى،
لكنهم يعرفون ايضا ان لا عودة الى
الوراء، وان لا خيار امامهم سوى مواجهة
العتمة بالصمود والتحدي والتفاؤل. الثورة لا تنتظر احداً، لكن على القيادات
الديمقراطية السورية ان تعي ان
التاريخ لا ينتظر، وان عليها اليوم
بلورة مرجعية اخلاقية وسياسية تساهم
في بناء افق التغيير. ================= الثلاثاء, 20 سبتمبر 2011 حسام عيتاني الحياة تحظى مشاريع الإصلاحات التي أعلنتها
السلطات السورية بدعم من روسيا والصين
وإيران والحكومة اللبنانية و»حزب الله». يتجاهل السوريون، لعلة ما، رفع حالة
الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة
العليا وصدور قانوني الإعلام
والأحزاب، أي ما يمكن أن يشكل القاعدة
القانونية لنظام تعددي يتمتع بحد أدنى
من استقلال السلطات وتوازنها، خصوصاً
بعد تأكيدات الرئيس بشار الأسد أن
الدستور سيخضع لعدد من التعديلات. وتراهن روسيا وإيران وباقي الحلفاء على
نجاح الإصلاحات وتتذرع بها للامتناع
عن فرض المزيد من العقوبات الدولية على
النظام السوري الموغل في قتل
المتظاهرين المدنيين، وتدعو الدول تلك
إلى منح الأسد الفرصة والوقت الكافيين
لتنفيذ وعوده الإصلاحية. تمر الفرصة
المأمولة، حكماً، بوقف التظاهرات
والسماح للحكم بمتابعة تطهيره البلاد
من العصابات المسلحة. الحكمة من ذلك أن
الإصلاح لا يمكنه السير جنباً إلى جنب
الأعمال الإرهابية التي تقوم بها
جماعات مأجورة للخارج. وجاهة الذريعة هذه تدفعها إلى تجاوز
الضرورات الإصلاحية والوقوف أمامها.
فكيف يستوي حوار وإصلاح تقودهما
الدولة مع أعمال إرهاب وقتل وتقطيع
أوصال يمارسها مسلحون يتدفقون على
سورية من الخارج أو يشتريهم الأعداء من
بين شذاذ الأفاق وحثالة المجتمع
السوري (بحسب كلمات أكثر من معلق مؤيد
للحكم)؟ يقول المنطق السليم أن دحر
العدوان المسلح يسبق في أهميته إضفاء
السمات الديموقراطية على الحياة
العامة في البلاد. وذروة المنطق السليم
هو ما يخرج من أفواه المسؤولين في
الحكم والنظام ومن آياته تلك
الإحصائية عن عدد القتلى السوريين
الذين يتوزعون بالتساوي بين جنود
ومتمردين، وفق ما كشفت المستشارة
الإعلامية للرئاسة السورية أثناء
زيارتها موسكو. ومن لم يكن من ضحايا
الجيش هو من قتلى المتمردين. ذلك أن
المنطق الثنائي السقيم هو ما يحكم رؤية
النظام إلى كل حوادث العالم. فمن ليس
معنا هو ضدنا، سيان كان طفلاً أو امرأة
أو شاباً قتل تحت تعذيب الزبانية. المنطق الثنائي هذا، المسير للنظام في
سورية والساعي إلى إضرام نيران الحرب
الأهلية، لم يعد كافياً لحمل السوريين
على تصديق روايته. فروايات العصابات
المسلحة تفتقر إلى الإقناع والتماسك.
وتأييد «أحرار وشرفاء العالم» للحكم
السوري، يطرح أسئلة عن تعريف «الأحرار
والشرفاء» المقصودين. المشكلة الكبرى التي تواجه الأسد اليوم
هي عدم توافر جمهور يسايره في ما يذهب
إليه من روايات تخترعها أجهزة الأمن.
ورغم أن «الإصلاحات» التي أجراها
الرئيس السوري في الأشهر الستة
الماضية تفوق كل خطواته التحديثية
والإصلاحية مجتمعة في الأعوام الأحد
عشرة التي أمضاها في قمة السلطة، إلا
أن عطباً بنيوياً يرافقها منذ لحظة
إعلانها وهو افتقارها إلى الصدقية. فكل الإجراءات القانونية جاءت خالية من
أي أثر ملموس سواء في كف يد الأجهزة
الأمنية ومنعها من الإسراف في استباحة
دماء الناس وحياتهم، أو في البدء
بتغيير نمط عمل الأجهزة ونقلها من
ترهيب المواطن وإذلاله كوسيلة لضمان
دوام النظام ورموزه، إلى الحفاظ على
أمن المواطن وصونه من أي تجاوزات مهما
كان مصدرها. الأمر ذاته يصح في مجال
القضاء والأحزاب والتظاهر والإعلام. غياب الجمهور المؤيد للإصلاحات ليس إلا
نتيجة أعوام طويلة من الإقصاء
والإبعاد والطرد أي كل ما مارسته
السلطات بحق المواطنين والمجتمع
المدني (الذي لم يبق منه في سورية غير
أنقاض)، وها هو الجمهور يرد بالامتناع
عن الظهور على الساحة عندما يحتاج
النظام إليه. لقد نجح الحكم في بناء
سورية على صورته، سورية من دون
السوريين. ================= مشاري الذايدي الشرق الاوسط 20-9-2011 مرت كل هذه الأشهر، والقتل السلطوي ما زال
يفتك بالسوريين، وهم ما زالوا يهتفون:
سلمية، سلمية. والعالم من حولهم ما زال
«يناشد» الأسد بأن يجري إصلاحات، مع
بضع عقوبات اقتصادية ودبلوماسية،
بطيئة المفعول، وغير أكيدة النتائج. بعد هذا كله، من يضمن أن تظل الأمور كما هي
دون أي تغيير دراماتيكي؟ من محاسن الثوار في سوريا، رغم فظاعة
وبجاحة قوات الأمن والشبيحة، هي
تمسكهم بثلاث لاءات: لا للعمل المسلح،
لا للتدخل العسكري الخارجي، لا
للتهييج الطائفي، أو طيفنة الثورة. لكن «كثرة الدق تفك اللحام» كما يقال، أو
مثلما قال الشاعر العربي الأول: إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا فما حيلة المضطر إلا ركوبها النظام جعل القصة كلها عبارة عن مواجهات
شرعية مع عناصر إرهابية وبعض
العصابات، ولم ير من المشهد كله إلا
هذه الزاوية الضيقة جدا، كما قال بشار
الأسد لتجمع من علماء الدين، وهو يحاول
تفسير وتبرير قصف المئذنة في دير
الزور، وعبارات الشبيحة للمعتقلين
السوريين «قولوا لا إله إلا بشار الأسد»:
إن هذه تصرفات إما شاذة وفردية أو أنها
مفبركة وغير صحيحة، وإن المهم هو
ملاحقة العصابات المسلحة، وأما هذا
العسكري الضال فيهدى بالإرشاد، وكفى
الله المؤمنين القتال! استهتار واضح، وتهوين بالغ، من واقع مخيف
ومرعب، كما أنه مستفز لمشاعر
المعترضين والثائرين ومن يتعاطف معهم،
عبر تجاهلها أولا، ومن ثم تحجميها
ووضعها في إطار مطلبي تافه، وتضخيم
صورة المؤامرة والعناصر الخارجية. خطاب كهذا الخطاب يشعل فتيل الثورة أكثر،
من أجل أن يثبت الطرف الذي تم تجاهله أو
التهوين من شأنه أو الافتراء عليه
حقيقة الأمر وثقل الوزن. هناك أطياف متنوعة داخل جسد الثورة
السورية، هناك تيار علماني مدني مؤلف
من بقايا ماركسيين وقوميين ويسار بشكل
عام، ومعهم ربما بعض تيارات الشباب
المدني كما يطلق الآن على الموجة
الجديدة من المنشغلين بالشأن العام في
العالم العربي. لكن هناك أيضا معارضين للنظام من خلفيات
متباينة مثل العشائر التي ترى أن
النظام أخرجها من المزايا والتمتع
بثمار السلطة، وليس كل العشائر على وجه
الدقة، كما أن هناك أيضا كثيرا من
الأكراد، للأسباب السالفة، ولأسباب
تخص المكون الكردي وهي لا تختلف في
مجملها عن مطالب أشقائهم الكرد في
تركيا وإيران وربما العراق، حتى بعد أن
أصبحوا يحتلون موقع رئاسة الجمهورية
فيه ويتمتعون بإقليم خاص. هناك أيضا المكون الإسلامي الحزبي أو
المسيس، وعلى رأسه طبعا «الإخوان
المسلمون»، وهم أصحاب الثأر القديم مع
النظام منذ مجزرة حماه 1982 وجسر الشغور،
وغيرهما. صحيح أن المراقب العام السابق للجماعة،
علي البيانوني، قال مؤخرا إنهم ليسوا
حاضرين بقوة منظمة وفعالة داخل
المجتمع السوري حاليا بسبب حملات
الاجتثاث والقمع المتوالية منذ أول
الثمانينات، حيث كان مجرد الانتماء
إلى جماعة الإخوان تهمة كافية للقتل أو
الإخفاء في غياهب السجون، ولكنهم رغم
ذلك يشكلون لاعبا قويا في المعارضة، إن
لم يكن اللاعب الأبرز، بسبب قوة حضورهم
في المنافي والمهاجر، وبسبب ربما وجود
دعم لهم من بعض دول الإقليم، خصوصا
تركيا ودولة قطر، وهذا موضع نقاش لاحق
ربما. يبقى لنا الحديث عن مكون آخر من مكونات
المعارضة السورية، يتحاشى كثيرون
الحديث عنه، هو مكون الإسلاميين
الجهاديين! خصوصا أن النظام نفسه سبق
أن غذى هذا التيار في العراق، ورعاه في
داخل سوريا للاستخدام الخارجي فقط، (فتح
الإسلام مثلا) ناهيك عن وجود رموز
سابقة لهذا كله في الحركات الجهادية (أبو
مصعب السوري مثلا). لا ندري حقيقة عن وجودهم في صفوف
المعارضة، فما نراه ظاهرا حتى الآن هو
ثورة وانتفاضة مدنية وشعارات وطنية
جامعة، وهذا شيء يبعث على الإعجاب
حقيقة، وليس بغريب على المجتمع السوري
كما أشرنا سابقا، ولكن بعض الأصوات في
العالم حتى من المعسكر المعادي
للنظام، دعنا من كلام روسيا وإيران
وأبواق النظام في لبنان، تتحدث عن أن
هناك عناصر إسلامية مسلحة في معرة
النعمان أو تلكلخ. لسنا متأكدين من وجود هكذا عناصر، ولكن
حسب بيان للمعارضة السورية صدر قبل
أيام إثر اجتماع عقد لهم في بلدة حلبون
بريف دمشق وحضره الكثير من ممثلي
التيارات القومية والوطنية ومئات من
المشاركين الناشطين، من أجل توحيد
صفوف المعارضة في الداخل والخارج، فإن:
«القمع المتواصل للمتظاهرين السلميين
هو الذي أدى إلى (أفعال انتقامية مسلحة)،
في إشارة إلى مقتل عناصر من الجيش
وقوات الأمن، تؤكد السلطات أن عددهم
يصل إلى المئات». رغم تأكيد البيان على استمرار الطابع
السلمي للثورة وعدم الاستعانة بالقوة
الخارجية، وهناك الحديث طبعا عن تجريم
الطائفية. لا غضاضة من الحديث عن هذا الأمر، وليس
للنظام الأسدي أي حجة للفرح بوجود مثل
هذه الأفعال، فشيء متوقع وطبيعي أن
يقوم شخص ما هنا أو هناك بردة فعل
طبيعية على فظائع النظام والشبيحة
بالناس، القتل المنهجي والإذلال
المبرمج للأسرى أمام الكاميرات، الناس
ليسوا حجارة صماء، لكن تظل هذه ردود
فعل محدودة وغير أساسية في السياق
العام للانتفاضة السورية. مرة أخرى ماذا لو استمر الوضع على ما هو
عليه؟ هل سيصبح لبيان كبيان «حلبون» الأخير، أو
بيانات المعارضة الخارجية أي قيمة؟ هناك مثل معروف يقول: «ليس دون الحلق إلا
اليدين» والشاعر الأموي الشهير يقول: أرى خلل الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام فإن يطفئها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام وإن النار بالعودين تذكى وإن الحرب مبدؤها كلام فقلت من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام؟ وأمية هنا، ليست جماعة الأسد التي حلت في
قصر الحكم بدمشق محل معاوية وعبد الملك
وهشام، بل هي أمية الأخرى العربية التي
تتفرج على الوضع من بعيد أو تكتفي
بإرسال نبيل عربي لا يملك شروى نقير. إن تسلحت المعارضة السورية وفاض صبرها،
أو تسلل إليها مسلحون أصوليون، وما
أكثرهم، فاللوم يقع على من جعل الأمور
تصل إلى هذا الحد. ونرجو ونبتهل أن لا
تصل الأمور إلى هذا المنزلق الخطير. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 20-9-2011 لا يملك المتابع للشأن السوري إلا التوقف
أمام البيان الصادر عن مؤتمر المعارضة
السورية الذي عقد في ريف دمشق بحضور
قرابة 300 معارض بالداخل، حيث انطوى
البيان على لغة لم يتعودها النظام
الأسدي، ولم نتعود سماعها تصدر من
مؤتمر يعقد داخل سوريا نفسها! فقد جاء في البيان الختامي لمؤتمر
المعارضة، الذي عقد في بلدة حلبون في
ريف دمشق، أن «العامل الحاسم في حصول
التغيير الوطني الديمقراطي بما يعنيه
من إسقاط النظام الاستبدادي الأمني
الفاسد هو استمرار الثورة السلمية
للشعب السوري». وتابع البيان: «لذلك
يدعو المؤتمر جميع القوى والفعاليات
المشاركة وأصدقاءهم ومناصريهم إلى
الاستمرار في الانخراط فيها وتقديم كل
أشكال الدعم لها بما يساعد على
استمرارها حتى تحقيق أهداف الشعب
السوري في الحرية والكرامة
والديمقراطية». فمن الصعب تصور أن النظام الأسدي قادر على
تقبل مثل هذه اللغة، خصوصا عندما يتم
وصف النظام بمؤتمر داخلي بعبارات مثل «الاستبدادي»،
و«الفاسد»، وكذلك الدعوات للانضمام
للثورة واستمرارها، والغريب بالطبع أن
المؤتمر عقد داخل سوريا وصدر عنه ما
صدر دون أن يهاجمه شبيحة النظام
الأسدي، أو أن تقتحمه قوى الأمن
الأسدية التي تقوم باقتحام حتى سرادق
العزاء. عليه، فإن السؤال الذي يتبادر إلى
الأذهان هو: هل بات النظام الأسدي
مرهقا وعاجزا عن ملاحقة المشاركين
بمؤتمر المعارضة الداخلي، أم أن
النظام سمح لهم بأن يجتمعوا من أجل
تحقيق أهداف خاصة بالنظام الأسدي؟ أكثر المؤشرات ترجيحا هي أن النظام
الأسدي تعمد غض النظر عن مؤتمر
المعارضة الذي عقد بريف دمشق وخرج
ببيان يدعو إلى استمرار الثورة،
وضرورة إسقاط النظام الفاسد،
والاستبدادي، بحسب البيان، من أجل
إرسال رسالة إلى موسكو مفادها أن
النظام الأسدي يمنح المعارضة السورية
في الداخل فرصة للتحرك، عكس ما يقال
عنه، وأنه لا يقمع ويقتل الجميع. فهل
تساعد هذه الحيل النظام الأسدي من أجل
كسب موقف موسكو؟ الإجابة السريعة هي
لا، فنظام بشار الأسد أحرق كل الجسور
مع الشعب السوري، والثورة السورية
اليوم وصلت مرحلة اللاعودة، ولم يعد
السوريون يخشون النظام الأسدي
البوليسي الذي كان يخيف شباب سوريا قبل
كبارها. وها هم طلاب المدارس الصغار
يحرقون صور بشار الأسد، وكتب حزب
البعث، ويرددون عبارات غير مسبوقة ولم
يتوقع أحد أن يسمعها تردد علنا يوما ما
في سوريا، بل إن السوريين أحرقوا حتى
العلم الروسي. لذا، فمهما تعددت مؤتمرات المعارضة
السورية، داخليا أو خارجيا، وسواء كان
للنظام الأسدي يد فيها أو لا، فإن
الواقع يقول إن سوريا تغيرت، والتغيير
فيها قادم، سواء اليوم أو غدا. فليس
بوسع النظام الأسدي اليوم فعل الكثير،
فمن يصدق أن نظام الحكم في سوريا
يتحداه طلاب المدارس.. أمر كان يعد ضربا
من ضروب الخيال، لكن هذا هو الواقع
الذي أدركه الجميع باستثناء قلة قليلة
داخل سوريا نفسها، وتحديدا النظام
الأسدي وأتباعه. يبدو أنه يتعذر عليهم
سماع أي شيء، وذلك نظرا لكثافة صوت
الرصاص في محيطهم! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |