ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
آخر
تحديث:السبت ,24/09/2011 غسان
العزي الخليج انقضت
أشهر ستة على الثورة الشعبية السورية
المطالبة بإسقاط النظام من دون أن تبدو
في الأفق علامة واحدة على اقتراب نهاية
الأزمة سواء لمصلحة المعارضة أو
النظام . ويجمع المراقبون على أنها
ستكون، من بين الثورات العربية،
الأكثر دموية والأطول مدة والأخطر
لناحية التداعيات المباشرة والطويلة
الأمد على سوريا والمنطقة بكاملها . ويصعب
على أكثر المحللين نباهة توقع ما ستؤول
إليه الأوضاع السورية في المستقبل
المنظور وحتى الأبعد، ذلك أن المقارنة
مع الحالات المصرية والتونسية وحتى
الليبية واليمنية لا تفيد كثيراً في
هذا المجال . ومع أن كل الأنظمة واجهت
ثوراتها إلى الآن باتهامات التدخل
الخارجي والمؤامرة الأجنبية فإن سلوك
الأمن كان مختلفاً في كل حالة، رغم أنه
كان العنصر الحاسم في كل الحالات . كذلك
العنصر الخارجي، الإقليمي والدولي،
فإنه لعب دوراً مؤثراً في مآل الثورة
والنظام . هذا
وينبغي عدم إغفال عنصر ثالث ربما يكون
الأهم في تقرير مستقبل الثورات
العربية، وهو المعارضة ومدى صدقيتها
الشعبية وقدرتها على الصمود ولاسيما
على تقديم بديل مقنع للخارج والداخل
على السواء . بالنسبة
للجيش السوري ما يزال حتى اللحظة يبدي
تماسكاً واضحاً في دفاعه عن النظام،
لايغير في الأمر شيئاً ما نسمعه عن
حالات انشقاق ضعيفة وقليلة .كذلك
الأجهزة الأمنية فإنها تبدي ولاء غير
مشكوك فيه وطاعة لأوامر السلطة
السياسية مهما كانت هذه الأوامر .
وبالتالي فإن من يراهن على تخلي الأمن
والعسكر عن النظام في المدى المنظور
على الأقل، يبدو كمن يراهن على سراب . من
ناحية المعارضة السورية فقد سبقها
الشعب بأشواط كثيرة وصارت كمن يلهث
وراءه من دون القدرة على اللحاق به .
وهي طوراً تعلن عن مجلس تأسيسي انطلاقا
من اسطنبول أو عن مجلس وطني في سوريا
نفسها، ناهيك عن تنسيقيات وتجمعات
وإعلانات موزعة ما بين الوطن والعواصم
الأوروبية والأمريكية . ومما لاشك فيه
أنه إذا لم تنجح المعارضة في الاتحاد
ضمن صيغة واحدة موحدة وتعمل كجسم واحد،
وتقدم رؤية واضحة مجمع عليها لسوريا
الجديدة، فإنها تغدو كمن يعمل لإفشال
الثورة وتكون هي المسؤولة أمام
التاريخ . وقد بات معروفاً أن الثورة
الليبية لم تحسم أمرها وتدخل طرابلس
إلا بعد أن تمكنت من حل خلافاتها
والاتفاق، في الحد الأدنى المعقول،
على مرحلة ما بعد الثورة . ولو لم تنجح
في ذلك لبقيت ليبيا اليوم، ولفترة
ممتدة، كما كانت عليه قبل دخول العاصمة:
حرب كر وفر بين الثوار و”كتائب
القذافي” . من
الناحية الإقليمية فرغم كل الانتقادات
التركية التي ما تزال في مرحلة
البيانات والتصريحات الكلامية، ورغم
كل النداءات العربية وكل العقوبات و
التهديدات الغربية، ما يزال النظام
السوري يشعر بالطمأنينة إلى قدرته على
تجاوز الأزمة والخروج من العزلة في حال
تمكن من إخماد الثورة . يساعده في ذلك
الدعم الإيراني والروسي، وإن كان
كلاهما لم يعد مطلقاً كما كان ومن دون
شروط أبرزها الاستماع إلى المطالب
الشعبية المحقة . وإذا
كانت روسيا ما تزال تقف حصناً منيعاً
في مجلس الأمن ضد أي إجراء يضر بدمشق
فإنه من المعروف أنه لو كان ثمة من نية
غربية حقيقية بالتدخل العسكري فإن
مقايضة موقف موسكو بمكاسب تقدم لها في
ملفات دولية أخرى تبقى أمراً ممكناً
كما حصل غير مرة في الأمس القريب . لكن
الحقيقة هي أن حلف الاطلسي لاينوي
التدخل في سوريا رغم نداءات بعض
المتظاهرين وذلك بناء لحسابات تتعلق
بمصالحه الخاصة . فسوريا
ليست ليبيا التي تمتلك نفطاً يعوض على
دول الأطلسي كل تكاليف التدخل بأسعار
مضاعفة، وجغرافيا متميزة من صحراء
ممتدة إلى الجنوب وألفي كيلومتر من
الشواطئ المطلة على البحر المتوسط،
ومساحات شاسعة تنتظر إعادة إعمار
ومشاريع يسيل لها لعاب الشركات
الغربية في كل المجالات والميادين . بالطبع
فإن من حسن حظ السوريين أن لا يكون
التدخل العسكري الخارجي وارداً لأنه
لن يكون في مصلحتهم في أي حال من
الأحوال . ومن الأفضل بل الضروري أن
يأتي الحل سورياً و/أو عربياً، لأن
الشعب السوري عربي الانتماء والهوية .
لكن إزاء عجز الجامعة العربية والأمم
المتحدة وإصرار النظام على الحل
الأمني والمعارضة على إسقاط النظام
برمته، فعلى الأرجح أن الأزمة ستراوح
مكانها لوقت طويل مع العشرات من
الشهداء الذين يسقطون يومياً، عدا
الجرحى والمعتقلين والنازحين
والاقتصاد المأزوم والفخ الذي يطبق
على الجميع . ساذج
من يعتقد بأن الثورة الشعبية يمكن
إخمادها بالمدفع، وأكثر سذاجة من
ينتظر استسلام النظام قبل أن يحرق
المركب بمن فيه . اللعبة أضحت صفرية
وسوف ينقضي وقت طويل ويسقط شهداء كثر
قبل أن ينجلي المشهد عن سوريا جديدة
حرة وديمقراطية . ================= خواطر
قلم / زينب... شهيدة التعذيب البعثي! محمد
العوضي الرأي
العام 24-9-2011 «زينب
الحصني» فتاة في التاسعة عشرة من عمرها
من حي باب السباع في حمص اختطفتها قوى
الامن السوري والشبيحة مطلع رمضان من
امام منزل اهلها الذي انتقلوا اليه
واستأجروه في حي النازحين بعد تكرر
مضايقة الامن لهم بانتهاك حرمة منزلهم
لمضايقتهم والقبض على «أخو» الفتاة
الشاب الناشط «محمد الحصني» وفي
الثالث عشر من هذا الشهر تلقت العائلة
نبأ استشهاد ابنها في سبيل حرية وطنهم
الذي يضحون من أجله ومن أجل استعادة
كرامتهم كما هم أهل حمص الذين قدموا
أكبر عدد من الشهداء وأهل سورية الذين
يسطرون تاريخا يزهو بمعاني الانسانية
من التلاحم بينهم والنصرة لمستضعفيهم
والصبر على بلائهم. وفي
المستشفى عندما كانت العائلة -
المفجوعة باختطاف ابنتها واغتيال
ابنها - تتابع اجراءات فقيدها علمت عن
فتاة في الـ (19) من عمرها في ثلاجة
المشفى، هرعت العائلة الى الثلاجة
لترى مَنْ لا تكاد تتعرف عليها... فتاة
مقطوعة اليدين من الكتف، مفصولة الرأس
مشوهة الوجه والجسد من آثار التعذيب. لقد
كانت ابنتهم التي لم يسمح لهم بتسلم
جثمانها الطاهر الا بعد التوقيع على
اقرار يمنعهم من تصويرها او حتى اقامة
جنازة يحضرها الناس في تجسيد فظيع
لعقلية العنف التي لا تدرك ولا تراعي
أي معنى للقيم. «زينب»
ليست الحالة الوحيدة من حرائر سورية
اللاتي يتعرضن للاختطاف والاعتداء
والتنكيل ثم القتل ولا يجد اهلها غير
التزام الصمت خوفا من قوى النظام التي
لا يشعرون بالامان الا عند غيابها،
وخوفا على بقية العائلة وتحرجا من
الفضيحة التي تمس أعراضهم. من لم
تؤرقه هذه الحوادث فهو بحاجة لوقفة في
مراجعة ايمانه فقد قال عليه الصلاة
والسلام: «مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد
اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد
بالسهر والحمى». ومن
تألم لأجلها ولم تتحرك شفتاه لتعرية
الظالم وحزبه او دعاء للمظلوم ونصرته
فليعلم مستواه من الايمان وهو يقرأ
كلمات نبيه عليه السلام: «من رأى منكم
منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع
فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف
الايمان». وأي منكر أعظم من هذا الظلم
لحزب البعث الذي فاق مظالم الجاهلية
الاولى لنرى فاشية ونازية هتلرية
عربية... زينب مثال على الفتيات
المؤمنات المحصنات وهي فخر للنساء
والرجال معا... «وسيعلم الذين ظلموا أي
منقلب ينقلبون». ================= أحمد
عمرابي التاريخ:
24 سبتمبر 2011 البيان الوضع
في سوريا.. والحالة في اليمن.. وليبيا ما
بعد القذافي.هذه ثلاثة مسلسلات عربية
تتوالى حلقاتها اليومية لمدى شهور
متصلة، دون أن يستطيع أحد مهما أوتي من
نفاذ البصيرة، أن يتنبأ بموعد الحلقة
الأخيرة ومآل الختام. كل من
النظامين السوري واليمني يحكم قبضته
على سلطة لا يعتزم التنازل عنها، أو
حتى المساومة عليها. ورغم أن القذافي
فقد السيطرة على سلطته، إلا أنه لا
يزال يصر على القتال من أجل استردادها. والسؤال
الذي يُطرح هو: هل نستطيع أن نفترض في
الحالتين السورية واليمنية، أن شعار
"الشعب يريد إسقاط النظام" سوف
يتحقق عند نقطة تاريخية ما كاستحقاق
حتمي؟ وما هي ملامح الوضع الجديد إذا
سقط النظام فعلاً؟ أما في
الحالة الليبية فإن الافتراض الواقعي
والمعقول، هو أن نهاية القذافي باتت
مسألة وقت فقط، رغم أن أمد القتال بين
قواته وقوات الثوار قد يطول. مع ذلك
يبقى سؤال: هل تنعم ليبيا ما بعد
القذافي بالاستقرار السياسي المنشود؟ لنأخذ
كلا من الحالات الثلاث على حدة. النظام
في سوريا، يعتمد في بقائه بحسابات
الحياة أو الموت، على تنظيم حزب البعث.
وهو تنظيم أخطبوطي يستمد شراسته في
هيمنته، ليس فقط على الجيش وأجهزة
الاستخبارات، بل أيضا على كافة مناحي
الحياة اليومية، من خلال شبكة أمنية
واسعة النطاق. يضاف إلى ذلك احتكاره
شبه الكامل للعمل السياسي. واستناداً
إلى هذا الوضع فإن قيادات الحزب
يعتقدون ـ وهو اعتقاد ليس غير معقول ـ
أن قبولهم بأي مصالحة سياسية في إطار
نظام سياسي تعددي، سيكون بمثابة
انتحار، بالنظر إلى تاريخ الحزب
الطويل المتهم بالقمع وممارسة الفساد
عن طريق استغلال أجهزة الدولة. هذا ما
يفسر لنا ذلك النهج الوحشي الدموي،
الذي تستخدم السلطة من خلاله قوات
الجيش وعصابات "الشبيحة"، في
التصدي للمظاهرات اليومية في المدن
السورية بالرصاص الحي. وقد دخل عدد
قتلى المظاهرات خانة الألوف.. وهو مرشح
للزيادة بمعدل أسرع. وهنا
يبرز تساؤل: ما سر تلك الطمأنينة التي
تستشعرها هذه السلطة، باستبعادها
احتمال تدخل عسكري في المعترك السوري
من قبل الغرب أو المجتمع الدولي بصورة
عامة، كما جرى في الحالة الليبية؟ حكومات
الغرب مترددة، إما لأنها لا تعرف إن
كان هناك على صعيد المعارضة السورية،
تنظيم يملك الاستعداد للاستيلاء على
السلطة في حالة انهيار النظام البعثي،
وطبيعة التوجه السياسي لهذا التنظيم
إذا وجد. ويخشى الغرب بصفة خاصة، أن
يؤول أمر السلطة عند نهاية المطاف إلى
تنظيم إسلامي متطرف. في
اليمن ـ كما في سوريا ـ لا تزداد
مظاهرات واحتجاجات الشارع إلا زخماً،
مع إصرارها على المطالبة بإقصاء
الرئيس صالح وأسرته عن السلطة، بينما
لا تتوانى السلطة عن استخدام قوات
حكومية وميليشيات (بلاطجة)، على نهج
قتالي مطلق كما هو الحال في سوريا. ورغم
تواصل فوران الشارع في العاصمة صنعاء
وغيرها، لم تخرج من بين صفوف جماعات
الشباب التي تنظم وتقود المظاهرات،
قيادة كارزمية ذات برنامج سياسي محدد.
يضاف إلى ذلك أن الغرب أيضاً لا يجد
بديلاً مقبولاً لديه عن الرئيس صالح. وحتى
لو افترضنا أن الأزمة اليمنية الراهنة
سوف تنتهي على نحو أو آخر، فإن
المستقبل لا يبشر إلا باندلاع صراعات
تتمثل في تجدد قضية الحوثيين في شمال
البلاد، وخطر تنظيم "القاعدة"،
ومطالبة الجنوب اليمني بالانفصال التي
يتبناها "الحراك الجنوبي". في
ليبيا يُخشى من اندلاع صراعات أيضا.
وعلى خلفية انقسام تنظيمي داخل "المجلس
الوطني الانتقالي"، حول تشكيل
السلطة في ليبيا ما بعد القذافي، فقد
نشأت منذ الآن مجادلات أيديولوجية بين
قوى مختلفة تشمل جماعات إسلامية
وقومية وليبرالية، حول الرؤى السياسية
بشأن المستقبل الليبي. وتبقى
الأسئلة المطروحة معلقة في الهواء
بشأن مصير كل من المسلسلات الثلاثة. في وجه
عمليات القتل الجماعي التي ترتكبها
السلطات في كل من سوريا واليمن، يصر
معارضو الشارع على سلمية التظاهر.
والسؤال هو: هل يأتي يوم يتوصل فيه
الشارع إلى قناعة نهائية بالتحول إلى
العنف المسلح؟ وثمة
سؤال ثانٍ: هل يتحول الجدال السلمي في
ليبيا ما بعد القذافي إلى عنف مسلح؟
وهل تتجاوب جماعات الثوار المنهمكة
حالياً في القتال ضد قوات القذافي، مع
أي دعوة لجمع السلاح بعد تحقيق
الانتصار على قوات العقيد المخلوع؟ ================= أسئلة
الدولة والمواطنة في سوريا عبدالله
تركماني() المستقبل 24-9-2011 في
دولة، تماهت معها السلطة والحزب "قائد
الدولة والمجتمع" والزعيم "الرئيس
القائد" وحوّلتها السلطة الأمنية من
فضاء عام لكل مواطنيها إلى فضاء خاص
لأهل الولاء، من المؤكد أنّ تكون أسئلة
الدولة والمواطنة من أهم إشكالياتها
المعاصرة، ولكن بعد أن استفحل التعاطي
الأمني مع الحراك الشعبي السلمي
السوري المطالب بالحرية والكرامة منذ
15 آذار الماضي فإنّ هذه الأسئلة تبدو
أكثر أهمية. إنّ
آليات السيطرة التي تكونت منذ سنة 1963
شكلت الغطاء للفساد العام والركود
العام على مدى سنوات عديدة، كما أعاقت
إمكانية التعامل العقلاني مع الموارد
الاقتصادية والبشرية السورية، وعطّلت
انطلاق مبادرات المجتمع السوري الذي
يتميز بالحيوية. فقد اعتادت السلطة،
منذ عقود، مصادرة المجتمع وإخضاعه
كلياً، وأقامت في سبيل ذلك منظماتها
الشعبية كامتداد لسلطتها، بحيث لم يعد
من الممكن الحديث عن دولة ومجتمع
بالمعنى الحديث. ففي هذا "المجتمع
الشعبوي"، حيث رأينا كيف أنّ منتسبي
الاتحاد الوطني لطلبة سورية يساعدون
قوات الأمن ضد زملائهم المعتصمين في
جامعتي حلب ودمشق، تم تعميم قيم الوشاة
والمخبرين، و"صار الأدنى يشي
بالأعلى، والأقل كفاءة يشي بالأكفأ،
والمختلس يشي بالنزيه والمستقيم،
والجاهل يشي بالعالِم، والأقل علماً
يشي بالأعلم، وغير المؤهل يشي
بالمؤهل، وعديم الضمير يشي بصاحب
الضمير"... ففي
سوريا هذه، حيث سلطة الدولة لا تستند
إلى شرعية دستورية، وغير خاضعة لأي
مؤسسات رقابية حقيقية، بل بوجود
مراتبية تلعب فيها الأجهزة الأمنية
الدور الأهم في الحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية،
تقرّب أهل الولاء وتنفّر أهل الكفاءة،
من الضروري أن نذكّر أنّ الدولة مفهوم
لا معنى له إلا إذا اقترن بمفهوم
المواطنة، أي أن تكون إطاراً سياسياً
ومؤسسياً لإدارة شؤون الناس جميعاً
على أساس مبدأ المساواة بين المواطنين
ومن خلال حكومات منتخبة. إنّ
سوريا أحوج ما تكون إلى الدولة
الديموقراطية القادرة والعادلة
والفاعلة، دولة الحق والقانون
والمؤسسات الدستورية والتنمية
الشاملة المستدامة، بعد أن أضحت دولة
متأخرة، تتسلط فيها جماعات طفيلية على
مصالح البلاد والعباد، وحزباً ومنظمات
شعبية وأحزاباً مشاركة مترهلة تبحث
قياداتها عن مصالحها الذاتية، وإدارة
اقتصادية غير حكيمة في إدارة الموارد
بشكل عقلاني لإنتاج عناصر تطوير
وتعظيم لها، وسجلاً حافلاً بانتهاكات
حقوق الإنسان. لقد
كان غياب الديموقراطية عن الحياة
السياسية والاجتماعية السورية العثرة
الكبرى أمام بناء الدولة الحديثة،
والثغرة الأساسية في عدم تقدم البنى
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
والسياسية. ولعل مسألة الديموقراطية
هي من أهم الدروس التي يمكن أن
نستخلصها، فقد أدى إضعاف دور المواطن
وتقليص المشاركة الحقيقية في العملية
الإنمائية إلى ضعف الإنجازات التنموية
الحقيقية، إذ أنّ التقدم الشامل لا
يمكن تحقيقه واستمراره في ظل غياب
التغيير السياسي، والاستناد إلى قاعدة
ديموقراطية أوسع وتمتع فعال بالحريات
السياسية والفكرية. لذلك فمن غير
الممكن تصور سوريا لكل مواطنيها بمعزل
عن عودة الروح إلى المجتمع المدني،
وضمان مؤسساته المستقلة عن سلطة
الدولة، كي يسترد المجتمع حراكه
السياسي والثقافي، بما يخدم إعادة
بناء الدولة السورية الحديثة. إنّ
الدولة التي لا تستمد مشروعيتها من
مجتمعها المدني، وليد مفاهيم السياسة
المدنية والعقد الاجتماعي، تكون هشة
وضعيفة مهما ادّعت القوة. ومن
أجل صياغة إطار تعددي لا بد من إدراك
مخاطر الصيغ الواحدية القسرية التي
عرفناها، حيث أنها كانت أداة قمع
وتهميش للتعددية الفكرية والسياسية،
مما جعل إدراكنا الجمعي مقتصراً على
الإدانة الخطابية للمخاطر الخارجية،
بدل البحث عن مصادر الخلل في بنانا
الداخلية. إنّ
التاريخ السوري المعاصر قد رتّب على
قوى الثقافة والعمل مسؤولية وطنية
كبرى، تتناسب مع الدور المهم الذي
تلعبه في الحياة الفكرية والمادية
للشعب السوري، فلذلك فإنّ إعادة بناء
الدولة الحديثة العادلة سوف تقع على
عاتق هذه القوى بالدرجة الأولى، خاصة
شباب ثورة الحرية والكرامة، فهي التي
ستكون القاعدة الاجتماعية الأهم
للتغيير في سوريا المستقبل. ولاشك أنّ
تحوّل هذه القوى إلى كتلة مؤثرة مرهون
بقدرتها على جذب أوسع القطاعات
الاجتماعية التي تطمح إلى التغيير. كما
أنه مرهون بقدرتها على تجديد الثقافة
السياسية السورية من خلال: اعتبار ساحة
الفعل السياسي مفتوحة على الدوام على
قوى ومجموعات سياسية ذات توجهات فكرية
ومشارب سياسية متباينة، وضرورة التزام
الخطاب العقلاني والواقعي في العمل
السياسي، واعتماد ثقافة الحوار بديلاً
من ثقافة التخوين ومصادرة الاجتهادات
المختلفة للبحث عن أقوم المسالك
للوصول بسوريا إلى دولة لكل مواطنيها. إنّ
صياغة معادلة جديدة في الحياة
الداخلية تأخذ بعين الاعتبار تعاظم
التحديات، في ظل علاقة قائمة على
القناعة والثقة والتفاعل الحر، علاقة
مقننة في إطار عقد اجتماعي جديد يوفّر
الشفافية والمؤسسية والقانون، هي
وحدها الكفيلة بوضع سوريا على أولى
درجات الانتقال من الاستبداد إلى
الديموقراطية، وإلا فإننا أمام حالة
إعادة إنتاج الماضي بكل مآسيه. في كل
الأحوال، وطالما أنّ كرامة وحرية
الإنسان هي التي تشكل أساس تطور أي
مجتمع، فإنّ الرقابة المُمَأسسة، التي
تمكّن من وضع الإنسان المناسب في
المكان المناسب، تشكل أحد أهم الشروط
لتحقيق الانتقال من الاستبداد إلى
الديموقراطية التعددية بأقل الخسائر،
واستئصال شأفة العنف من العلاقات
الاجتماعية والسياسية. إنّ
الدولة الوطنية، بما هي دولة حق
وقانون، حقوق المواطنين فيها هي
واجبات الدولة، وبما هي دولة الكل
الاجتماعي، هي دولة كل مواطنيها بلا
استثناء ولا تمييز، يشارك فيها
الأفراد والفئات الاجتماعية مشاركة
فعلية من خلال المؤسسات. وفي
المحصلة، يبدو أنّ لا حل دائماً في
سوريا خارج تجاوز النظام الحالي
وإقامة دولة الحق والقانون التي تحمي
كرامة المواطنين بمواطنة كاملة. ================= ميشيل
كيلو السفير 24-9-2011 لن
أسوق اليوم أقوال المعارضة في وصف
الحالة السورية وما يختلج في عقول
وقلوب بنات وأبناء سوريا، ولن أقتبس
مقتطفات من بياناتها، ولن أتدخل في أي
قول مما سأورده، وسأكتفي بنقل ما قاله
الموالون للنظام من حزبيين ومستقلين
خلال جلسات الحوار الوطني، التي أعلن
عنها الرئيس وتشهدها المحافظات
السورية المختلفة منذ قرابة أسبوعين،
وتعقد تحت إشراف السلطة ممثلة بحزب
البعث وجهات إدارية عامة يرأسها
المحافظ، ويحضرها ضباط أمن وممثلون عن
أجهزة وهــيئات رسمية وغير رسمية ظهرت
قبل الأحداث الأخـيرة ولعبت دورا
أمنيا خطيرا فيها، فهي تراقب الجلسات
وتضبط إيقاعها، و«تتابع» بعض
المتحدثين بعد انتهـائها، كما حدث في
أكثر من حالة ومكان، حسب الروايات التي
يتناقلها من حضروا الجلسات. أما النصوص
التي سأنقلها، فهي مأخوذة بكاملها من
جريدة «الوطن»، التي تصدر في دمشق وتعد
صحيفة شبه رسمية. قبل
الحديث عما دار في الجلــسات، أود أن
أذكّر هنا بأن المعارضة لم تشارك في
الحوار، وانتــقدت نقله إلى المحافظات
لأن القصد منه لم يكن توسيع دائرته بل
خفض سقــفه، ذلك أنه كان قد بدأ تــحت
إشراف نائب رئيس الجمهورية وبمشاركة
هيئة رسمية سماها الرئيس لهذا الغرض،
بينما تركزت مهامه على مواضيع تتصل
ببنية السلطة والدستور والنظام البديل
المطلوب... الخ، وها هو يصير الآن
برئاسة أشخاص ثانويين لا حول لهم ولا
طول، في حين يتركز القسم الأكبر من
موضوعاته على مسائل اجتماعية وخدمية،
في ترجمة لموقف السلطة من الوضع
الراهن، الذي تعتبره رائعا إلى درجة
أنه يتعرض لمؤامرة شرسة تريد إطاحـته
بواسطة مضللين ينزلون إلى الشوارع
بذريعـة الاحتــجاج على أوضاعهم
والمطالبة بحقوق مزعومة، ليس حراكهم
في حقيقته غير تغطية متفق عليـها
ومقصودة لهذه المؤامرة، وليس ما
يتعرضون له على يد الأجهزة الأمنية
المختلفة قمعا وتنكــيلا، بل هو مجرد
قيام الدولة بواجبها في حماية
المواطنين منهم وإعادة الأمن إلى
نصابه، ودفاع حتى عن الذين يشاركون في
الاحتجاج، الذين سيكتشفون ذات يوم كم
خدمتهم السلطة عندما قتلتهم وجرحتهم
واعتقلتهم! كتبت
الوطن يوم 12 أيلول الجاري على صفحتها
الأولى تقريرا حول بدء الحوار في بعض
المحافظات، فقالت إن «بعض المتحاورين
دعوا في إدلب لإجراء انتخابات رئاسية
وبرلمانية ومحلية والعمل بدستور 1950
عوضا عن الدستور الحالي»، بينما طالب
محاورون في درعا «بصياغة دستور جديد
يلحظ تحديد عدد الولايات الدستورية
لرئيس الجمهورية بولايتين مدة كل
منهما خمس سنوات، على خلاف الدستور
الحالي الذي يبقي المدة مفتوحة ومدة
الولاية سبع سنوات، كما رفض البعض فكرة
المؤامرة، وطالبوا بعودة الجيش إلى
ثكناته وتحجيم دور المؤسسات الأمنية
ومكافحة الفساد والمحسوبيات وتوفير
فرص العمل وإجراء إصلاح اقتصادي
واجتماعي وتعزيز سيادة القضاء. وقال
الحاضرون إن الأزمة السورية الراهنة
هي سياسية في عمقها». وأبرزت بعض
المداخلات ضرورة «تكافؤ الفرص بين
الجميع والحياة الحرة الكريمة لجميع
الناس، وفصل السلطات وإطلاق سراح جميع
المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم
بارتكاب أعمال تخريب، والسماح
بالتظاهر السلمي، وتعزيز حرية الإعلام
وجعل الشعب مصدرا للسلطات وفسح المجال
أمام التعددية السياسية باعتبار أن
مجالس الشعب السابقة لم تكن «موفقة»،
ووضع برنامج زمني لتطبيق المراسيم
والقوانين وبرنامج الإصلاح الشامل،
والعمل على مكافحة الفساد والمحسوبيات
والوساطات». خلال هذا اللقاء لفت خالد
العلي من حوران إلى معاناته خلال فترة
توقيفه، مشددا على «أنه لم يدع يوما
إلى إسقاط النظام، لكنه يرفض تأليه
الأشخاص أيا تكن لأن فيه خطرا على
الأمة»، في حين دعت بعض الفعاليات إلى
«تحويل حراك الشارع إلى حراك تنظيمي
وحراك حزبي بمشاركة المعارضة، إذا كان
هدفها الإصلاح لأن الحوار هو المخرج من
الأزمة». أما في
اللاذقية، حيث «غنى كل على ليلاه»، حسب
قول «الوطن»، فقال غسان حنا، الذي تحدث
عن نزول الجيش إلى الشوارع: «إنه لا حل
ما دامت الدماء تسيل، ملغيا فكرة وجود
مؤامرة على البلد ومطالبا بالخروج
منها تماما»، في حين أكد المستقل أسامه
الفروي «أنه لا بديل حاليا للرئيس بشار
الأسد، وأن المعارضة لا تمثل حتى
عائلاتها»، وأخذ علي إبراهيم «من سكان
لواء إسكندرون ـ كانوا يطلقون عليه في
الإعلام السوري قبل الأزمة الاسم
التركي: هاتاي. والآن، ها هو يعود لواء
اسكندرون، الحمد لله على سلامته
الوطنية والقومية، ولو إلى حين! ـ أخذ
علي ابراهيم على المعارضة أنها لم
تستطع حتى اليوم أن تتفق على برنامج
عمل محدد يخدم سوريا، فهي لا تمثل حراك
الشارع ولا تستطيع تحريكه إلا يوم
الجمعة». في
دمشق، تركز الحديث على الشأن
الاقتصادي، فقال أستاذ الجامعة
الدكتور أكرم الحوراني: «إن الأدوات
والإمكانات والكوادر متوفرة لدينا،
ولكن هناك غياب للإدارة وللفعل
الحقيقي من قبل المعنيين، وهناك أخطاء
يجب عدم تجاهلها في الجانب الاقتصادي
والدولة مسؤولة عنها من أبرزها
السياسة الضريبية المتبعة، ووجود
مليون وثلاثمئة ألف عاطل من العمل
يشكلون 23% من الشباب، وبالتالي ساهم
الفقر ويساهم في الاحتقان الطبقي،
وهناك خلل في آليات مكافحة الفساد
والمشكلة في البيئة الاقتصادية فهناك
في سوريا 200 رجل عمال يتمتعون بالنفوذ
ويستحوذون على 40% من الناتج القومي».
وأشار الدكتور حسين البطل الأستـاذ في
كلية الزراعة إلى «أن الواقع
الاقتصادي هو جزء من المحنة التي تمر
بها البلد فالاحتجاجات نجدها في
الأحياء الفقيرة، ولهذا يجب البحث عن
حلول تطمئن سكان هذه الأحياء، بينما لا
يقتصر الفساد على الرشوة، بل يمتد إلى
تعيين إدارات ليس لديها رؤى مستقبلية
أو كفاءات»، ورأى الدكتور رسلان خضور
أن «السياسات الاقتصادية الفاشلة
والفاجرة ساهمت في إحداث خلل في توزيع
الدخل وزيادة التفاوت الطبقي في
المناطق والأحياء». في ريف
دمشق، تحدث أمين فرع الــحزب حسن بجه
جي عن «أهمية الحـوار وضرورة السمــاح
لجميع أطياف المجتمــع السوري
بالحــوار باعتــباره الطـريق
الأجـدى لحل المشــكلات ومحاولة بناء
سوريا مع احترام حرية الرأي والرأي
الآخر». يوم 20
أيلول، وفي مدينة حلب، تحدث فارس
الشهابي، أحد الذين فرض الاتحاد
الأوروبي عقوبات عليهم بتهمة تمويل
الشبيحة، فطالب «بتشكيل حكومة أزمة
وتكنوقراط للمباشرة بالإصلاح
الاقتصادي»، وقال: «إن تغيير الدستور
هو حاجة اقتصادية إلى جانب السياسية،
ورأى أن الاتفاقية التجارية مع تركيا
جاءت على حساب الاقتصاد الوطني»،
بينما أكد ليون زكي: «أن كل شهر
اضطرابات تعيشه سوريا يعادله تراجع
سنة اقتصادية إلى الوراء» وأضاف أن
السنوات القليلة الماضية تجاهلت
الطبقة الوسطى، وأدى التباين الذي حصل
بين طبقات المجتمع إلى إحداث شرخ نفسي
واجتماعي كبير. قبل يومين من ذلك، قالت
الفنانة كاميليا بطرس في درعا: «من
تحرك في الشوارع هم إخوتنا وأبناؤنا،
وهم أنفسهم من كان يحمل صور رئيس
الجمهورية واللافتات الوطنية، فما
الذي تغير؟». قبل
ذلك، وبالتحديد يوم 13 أيلول، وجه
المتــحدثون في القنيطرة انتقادات إلى
القيادة القطرية لحزب البعث، وقالوا «إنها
هي التي أوصلتنا إلى هنا»، بينما طالب
محاورو السويداء «بوقف الرصاص وإطلاق
الحريات»، وناشد متحدثو ادلب الرئيس «قيادة
مبادرة محلية سريعة لوقف نزف دماء
المدنيين والعسكريين»، وأكد متحدثو
اللاذقية على «رفض التعصب والتمييز
الطائفي وطالبوا بحرية العمل السياسي
وإطلاق سجــناء الرأي وإلغاء المادة
الثامنة من الدستور وإعلاء قيم العمل
والإيمان به»، وقال الدكتور أحمد
برقاوي، أستاذ الفلسفة المعروف في
جامعة دمشق: «إن العامل الرئيس في
الأزمة هو احتكار السلطة والقـوة على
مدى عقود، ما أدى إلى احتكار الثروة
ففــقدت السلطة عصبيتها السياسية»،
وأضاف جمال محمود، أستاذ العلوم
السياسية في الجامعة: «إن المرحلة
تقتضي إلغاء الدستور الحالي، وإن على
البعثيين الخروج من حالة التردد تجاه
المادة الثامنة من الدستور، لأن
صناديق الاقتراع هي الفيصل في أي
انتخابات». أخيرا،
قالت جريدة الوطن في عنوانها الرئيس
يوم 15 أيلول: «محاورون يتهمون قيادات
البعث بتغليب «الانتهازيين» وآخرون
يرون أن عصر التصفيق ولى، ودعوات إلى
عقد اجتماعي / سياسي جديد ونظام شبه
رئاسي». هذه
خلاصة حرصت أن تكون أمينة تماما وحرفية
لأهم ما قيل في ندوات الحوار الوطني،
وهي تؤكد حقائق ثلاث لطالما ذكرناها
خلال الأشهر الماضية، هي: - لم
يعد النظام في صورته وبنيته الحالية
مرجعية لأغلبية السوريين الساحقة، بمن
في ذلك كثير من البعثيين وأصدقائهم. إن
كل واحد تحدث خلال جلسات الحوار قال
هذا بلغته الخاصة وعلى طريقته، من خلال
المطالب الجزئية أو العامة التي قدمها.
ومن يجمع ما نطلق به المشاركون في
الحوار، سيصل بسهولة إلى نمط النظام
الذي يريدونه، وسيضع يده بيسر على
رفضهم استمرار النظام السياسي والحزبي
الحالي، الذي قالوا بألف لسان إنه
تقادم وتسبب في الأزمات والمشكلات
التي تعاني سوريات منها، وعجز عن حلها. ـ إن
نظرية المؤامرة لم تقنع القطاعات
الأكبر من الشعب السوري، أما أسلـوب
معالجة المؤامرة فهو محل اعتراض شديد
لدى أغلبية من تحدثوا في الجلسات، وهم
في معظـمهم من الموالين للنظام. تحدث
القوم أيضا عن أسباب الأزمة، فإذا هي
سياسية واجتماعية واقتصادية وقانونية
وحزبية وترتبط بالتفاوت الاجتماعي
وتوزيع الدخل وسوء الإدارة والفساد
وغربة النظام عن الناس وعــدائه لهم،
وقمعه وأساليـبه غير القـانونية وغـير
الإنسانية في التعامل معهم وعجرفته
واستهتاره بحقوقهم وحرياتهم
وكراماتهم، وفساده وإفساده... الخ،
بينما تحدث صوتان أو ثلاثة عن
المؤامرة، التي يبني النظام عليها
سياساته حيال الشعب، فلا بد أن تلاقي
مقاومة وإدانة قطاع هائل من السوريين،
ممن طالبوا بوقف الرصاص وتحدثوا عن
عبثية الحل الأمني، ولم يذكروا ولو من
بعيد خرافة الممانعة والصمود
السلطوية، مع أنها المادة الرئيسة
للاجتماعات واللقاءات الحزبية،
وللإعلام الحربي الكاذب، الذي يفبرك
منذ ستة أشهر مجرمين ينتشرون في كل بيت
وشارع وقرية ومدينة، بعد أن كان يتهم
بالعمالة والخيانة كل من يتحدث حول
احتمال وقوع احتجاجات في سوريا، التي
تقف كرجل واحد وراء قيادتها. - يبدو
أن لغة المعارضة وخـطابها صارا لغة
وخطاب القسم الأكبر من الشعب، مع ذلك،
يرفض النظام رؤية هذا أو أخذه بعين
الاعتبار، ويواصل الحديث في إعلامه
الحربي وتصــريحات مسؤوليه إما عن عدم
وجود معارضة أو عن فرقتها
وانقساماتها، كأن نزول المواطنين إلى
الشوارع طيلة نيف وسبعــة أشـهر
يعــبر عن الموالاة، وكذلك أحاديث من
دعاهم هو ولبوا دعوتــه إلى الحوار
الوطني في المحافظــات، ممن أوردت
أقوالهم ولم يتركوا شيئا في بنيانه
وممارساته إلا وطالبوا بتغييره، وصولا
إلى نظام ديموقراطية وحرية بديل. هل فهم
النظام ما قاله الناس في الحوارات، وهل
سيصدق من الآن فصاعدا ما قاله الموالون
له؟ إنه لم يفهمه، وهو لن يصدق حرفا
واحدا مما قالوه، ولن «يشيله من أرضه»،
كما يقال، والدلالة: استمرار الحديث عن
مؤامرة قضى عليها وأعاد الأمور إلى
نصابها، رغم استمرار الموت المجاني
اليومي. هل سيجيب النظام عن سؤال
الفنانة بطرس: ما الذي تغير وجعل
إخوتنا وأبناءنا الذين كانوا يحملون
صور رئيس الجمهورية يتظاهرون ضده
ويطالبون برحيله؟ أعتقد أنه لم ولن
يطرحه هذا السؤال أو أي سؤال يشبهه على
نفسه. سوريا
في أزمة أقل ما يقال فيها إنها تتحول في
أيامنا، وبالطريقة التي تعالج من
خلالها، إلى مأساة قاتلة! ================= محمد
العلي 2011-09-23 القدس
العربي في
مطلع الألفية الثالثة وقع في سورية حدث
جلل فريد من نوعه كان يمكن أن يشكل
تحولاً مهماً لو كُتِبَ له الاستمرار
والتوسع، وربما جنب بشار الأسد نهايته
المحزنة التي بشره بها الرئيس الروسي
ديمتري ميدفيدف!. وما
هذا الحدث الجلل إلا أول ترخيص رسمي
يعطى لصحيفة مستقلة في سورية، منذ 1963م،
بعد أربعين سنة لا حياة فيها إلا
للتقدم والاشتراكية والصحف الثورية،
هذه المستقلة اليتيمة الأولى والأخيرة
هي جريدة 'الدومري' الساخرة لصاحبها
فنان الكاريكاتير العالمي الشهير علي
فرزات، والتي لاقت رواجاً كبيراً من
فور صدورها، وطبع منها ستون ألف نسخة،
تنفد من السوق بعد أربع ساعات من
عرضها، قد تلقاها الناس بلهفة كما
يتلقى الظمآن الماء البارد، وكنا
نقرؤها يومذاك ولا نصدِّق أعيننا، هل
هذه جريدة سورية حقاً ؟. ونذهب في تفسير
الحدث مذاهب شتى، وربما نظر بعضنا إلى
المجلة ودورها كالعادة بعين الريبة
والحذر، وأنها تكمل الدور الذي كان
يضطلع به 'غوار الطوشة' من تنفيس
الاحتقان عند الشعب وامتصاص نقمته،
كيلا ينفجر!. نعم، 'الدومري'
كانت تطوراً خطيراً بكل المقاييس
بالنسبة لدولة البعث التي لا ترى فيها
إلا جريدة (البعث) ونسخها الكربونية
المكررة عنها (تشرين) و (الثورة) وهلم
جرَّا، حيث لا يمكنك أن تعثر على شيء
مستقل أبداً؛ لا جريدة ولا كاتباً ولا
شاعراً ولا شيخاً ولا رساماً ولا
مذيعاً ولا محللاً ولا دكتور جامعة إلا
أن يكون تابعاً (إمعة) لا يقول (لا) قط
ولا (أفٍ)، ولا يحتج مطلقاً رغم أن
الإنسان كائن محتج، ولا يعترض على
سياسة ولا اقتصاد ولا سلم ولا حرب. أقضَّت
'الدومري' مضاجع الحكومة على سبيل
الحقيقة لا المجاز، حتى أفضى وزير
الإعلام عدنان عمران لفرزات قائلاً: 'أنا
أبقى يومين قبل إصدار 'الدومري'
محروماً من النوم!!'. ولذلك لم يطل عمر
الجريدة المستقلة كثيراً فقد ضاقت
السلطات السورية ذرعاً بـ 'الدومري'
الساخرة الناقدة، لتبدأ حملة التضييق
على الجريدة وصاحبها، وصولاً إلى
إغلاقها عام 2004 م، بعد عددٍ مميز منها
هو آخر أعدادها، وحمل عنوان 'الإيمان
بالإصلاح' بالخط العريض على صفحتها
الأولى، اعتبره رئيس تحريرها السبب
الرئيس لإيقافها بل هو القشة التي قصمت
ظهر البعير. أرأيت
لب المشكلة، وأين الخلل؟. وهل عرفت
لماذا لا يصدِّق السوريون وعود الأسد
بالإصلاح ولا يحملون قراراته محمل
الجد؟. لأنهم بالتجربة الطويلة يعلمون
علم اليقين عقمه وعجزه وعدم قابليته
للإصلاح!!!. فإذا ضاق صدره بجريدة
مستقلة فهل يتسع لإعلام حر وبرلمان حر
وقضاء مستقل وتداول للسلطة؟. وكما يؤكد
رسام الكاريكاتير أن قضيته مع الحكومة
السورية 'هي أنهم يريدون شيئاً يشبههم
وأنا أردت شيئاً يشبه الناس' ويتساءل
قائلاً: 'في ظل هذا المناخ كيف يمكن أن
نبدع؟!. وكيف يمكن أن تكون صحيفة 'الدومري'
جريدة ناقدة وساخرة ومستقلة؟'. الدول
لها أعمار وأطوار تمر بها، ولكل أجل
كتاب، والظلم مؤذن بخراب العمران كما
قرر ابن خلدون، والدولة الأسدية قد حان
أجلها بظلمها وبغيها حسب السنن
الكونية والتاريخية، ولو أن 'الدومري'
كُتِب لها الحياة حتى هذه اللحظة التي
يتحشرج فيها النظام السوري ويلفظ
أنفاسه الأخيرة، فلربما وهبته عمراً
مديداً وعيشاً سعيداً، ووهبت السوريين
أيضاً. نعم لو استمرت هذه الخطوة
وتبعتها خطوات أخرى أتاحت للسوريين
هامشاً من الحرية يتنفسون منه،
ووازاها خطوات أخرى في محاربة الفساد
وتقليص رقعته إلى حد معقول، لما وقعت
الواقعة ولرضي السوريون برئيسهم
وحكومتهم، وقالوا: 'منحبك' ولو أضمروا
شيئاً آخر لا يعبأ به ولاة أمورنا!. بعد 'الدومري'
تفككت علاقة فرزات بالأسد الابن، هذه
العلاقة الحميمة التي ترجع إلى أواخر
أيام الأسد الأب، خلال تحضيره لوراثة
السلطة، لتنتهي بطلاق بائن بينونة
كبرى بعد أن تجاوز فرزات الخطوط
الحمراء في رسوماته التي تناولت علية
القوم ومنهم إمبراطور اقتصاد العائلة
الحاكمة رامي مخلوف والرئيس الأسد
نفسه، والرسم الأخير الذي رسمته أصابع
الفنان قبل تكسيرها من شبيحة الأسد
يصور فيه الأسد هارباً من مدينته وهو
يستوقف سيارة فيها القذافي، ويسأله أن
يحمله معه!. فكان لا بد من تأديبه على
الطريقة الأسدية الهمجية، حيث اختطفه
قطعان الشبيحة، من ساحة الأمويين في
قلب دمشق على مقربة من بيت الشبيح
الأكبر، وعذبوه تعذيباً سادياً
وحشياً، وخصوا أصابع يديه المرهفة
الحساسة، بمزيد من الضرب مع تعمد
تكسيرها جزاء وفاقاً، وهم يقولون له: 'سنكِّسر
أصابعك التي ترسم بها!'. وقال فرزات: 'إن
آخر كلمة سمعها منهم: (هذه المرة سنكتفي
بهذا القدر)' أي تهديد بالقتل في المرة
القادمة فيما لو أساء الأدب !. لا شك
أن صورة رسام الكاريكاتير التي
رأيناها على شاشة العربية كانت مرعبة
لكنها تؤكد في الوقت نفسه مدى شعور
النظام باليأس والخوف، كما تثبت
فقدانه للسيطرة على الأمور وأن بشار
الأسد يسير على خطى عمه القذافي شبراً
بشبر وذراعاً بذراع. ================= السبت,
24 سبتمبر 2011 حازم
صاغيّة الحياة يرى
أفراد سوريّون ولبنانيّون، مؤيّدون
للانتفاضة السوريّة، أنّ من السابق
لأوانه مطالبة الانتفاضة بموقف من
لبنان. ذاك أنّ بيئة الانتفاضة مشغولة
الآن بهمٍّ راهن ومُلحّ ومصبوغ بدم
كثير. وهذا صحيح بطبيعة الحال. ويذهب
سوريّون ولبنانيّون آخرون، يؤيّدون
الانتفاضة أيضاً، أبعد من ذلك معتبرين
أنّ مثل هذا الموقف غير مطلوب أصلاً.
والحجج هنا كثيرة: فعند البعض أنّ
القضاء على الاستبداد ونظامه يتكفّل
حلّ المسائل العالقة تلقائيّاً. وعند
البعض الآخر أنّ التلاقي العقائديّ، «القوميّ»
خصوصاً، يزيل المشكلة أصلاً. أغلب
الظنّ أنّ عقدة العلاقة بين دمشق،
عاصمة الدولة المركزيّة الكبرى في
المشرق، وجيرانها الصغار، أعقد من هذا
بكثير. فالأردن لم تُحلّ مشكلة ترسيم
حدوده مع سوريّة إلّا قبل أشهر.
وفلسطين لا تزال في نظر كثيرين «سوريّة
الجنوبيّة»، فيما الخريطة الرسميّة
السوريّة لا تزال تتجاهل الحدود
القائمة بين الدول كما لو أنّها رسم
على رمال. أمّا لبنان تحديداً فتاريخ
علاقته بالهيمنة السوريّة مديد ومعقّد
يستغرق نصف عمره كبلد مستقلّ. وما
يضاعف المخاوف ذاك التراكم البليد من
المواقف اللفظيّة والسلوكيّة التي
تنجرّ عن هجاء سايكس بيكو و «تقسيم
الوطن العربيّ». والحال
أنّ المطالبة بموقف تاريخيّ للانتفاضة
مقصودٌ منه، أوّلاً، توكيد طابعها
الديموقراطيّ ومن ثمّ تكريسه. فلا يمكن
أن تترافق الدعوة الديموقراطيّة،
الحاضرة بقوّة في الانتفاضة، مع
التمسّك بالنهج الإمبراطوريّ السابق.
ولنا في ذلك تجربتان على الأقلّ في هذا
المجال: ففي أواسط السبعينات، حين قامت
«ثورة القرنفل» في البرتغال، كان
جزءاً لا يتجزّأ منها تحرير أنغولا
والموزامبيق وباقي المستعمرات في
أفريقيا. وفي 1917، مع الثورتين
المتتابعتين في روسيا، تُرجم «حقّ
تقرير المصير» موافقةً على استقلال
فنلندا التي كانت حتّى حينه «دوقيّة
روسيّة كبرى». بطبيعة
الحال ليست العلاقة بين سوريّة ولبنان
علاقة مستعمِر بمستعمَر على النحو
الذي ربط روسيا بفنلندا أو البرتغال
بمستعمراتها الأفريقيّة. لكنْ مع هذا
هناك التعامل الإمبراطوريّ الذي لا
بدّ أن تكسره الانتفاضة في حال
انتصارها المرتقب، والذي يمثّل كسره
أحد أبرز معايير ديموقراطيّتها. وموقفٌ
تاريخيّ كهذا، يطمئن اللبنانيّين
الباحثين عن اطمئنان، سيكون من أكثر
الأدوات فعاليّة في عزل اللبنانيّين
الذين لا زالوا، لأسباب متفاوتة،
يتعاطفون مع السلطة الدمشقيّة. كما
سيحاصر القوى العنصريّة في نظرها إلى
الشعب والعمالة السوريّين وفي تعاملها
معهما. وهذا
المطلب ليس تعبيراً عن تعلّق جوهريّ بـ
«نهائيّة» الأوطان. إلّا أنّ اطمئنان
الشعوب إلى أنّ بلدانها «نهائيّة» هو
وحده ما يتيح تفكيك هذه «النهائيّة»
والارتقاء، بالتالي، إلى مصاف أرقى
سياسيّاً وإنسانيّاً. أمّا في ظلّ
الخوف، فلا يتكرّس إلّا البُعد الأكثر
رجعيّة وصوفيّة في التمسّك بـ «النهائيّة»
هذه. والانتفاضة
السوريّة لا بدّ أن تجد نفسها، عاجلاًً
أو آجلاً، مدعوّة إلى التعامل مع
المسألة هذه لأنّها، على رغم ظاهرها
الخارجيّ، داخليّة جدّاً. فلا يمكن
إطاحة البعث أن تستأنف قوميّة البعث
وإمبراطوريّة دعوته إذ، في هذه الحال،
تغدو الانتفاضة أقلّ من تضحياتها
الكبرى وترسو على تغيير سياسويّ ضيّق
للنظام القائم. فالمطالبة،
إذاً، بمستقبل سوريّ – لبنانيّ آخر
ليست ترفاً بقدر ما أنّها، هي وحدها،
المطالبة بالمستقبل. ================= سوريا:
خطر الطائفية وهواجس الأقلية عبدالله
بن بجاد العتيبي الشرق
الاوسط 24-9--2011 لم يزل
نظام الأسد يعتمد رواية واحدةً لتوصيف
ما يجري في سوريا، وهي رواية الجماعات
المسلحة، التي لا يصدّقه فيها أحدٌ، بل
إنّ كلّ الأخبار والصور ومقاطع
الفيديو الآتية من هناك تؤكد أن الناس
لا تخاف من أي جماعاتٍ مسلحةٍ بل لا
تخاف إلا من النظام وجيشه وقواته
الأمنية وشبيحته، فهم من يقتل ويعذّب
ويغتال، وهم من يلاحق أسر المعارضين
ويمارس نفس الطريقة العنيفة التي
تكتنزها ذاكرته الحزبية البعثية
والعائلية. اعتماد
الأسد ما زال على ولاء الجيش والقوّات
الأمنية والشبيحة له، وهو بعد
استراتيجية العنف المسلّح في مواجهة
الاحتجاجات بدأ يلعب لعبةً أكثر
خطورةً، وهي اللعب على الورقة
الطائفية، والطائفية هي الفتنة دون
شكٍ، والفتنة نائمةٌ لعن الله من
أيقظها. في
بلدٍ متعددٍ الأديان والطوائف
والإثنيات كسوريا يصبح اللعب
بالطائفية لعبا بالنار يهدّد استقرار
البلاد ويجني على مستقبلها، وبقدر ما
يتجافى المحتجّون عن الولوج في تلك
النار بقدر ما يسعى النظام لجرّ الجميع
إليها، وهو ما يعبّر عن وصول النظام
لخيار شمشون فيحرق البلد بمن فيه
ليحافظ على نظامه حتى آخر قطرة دمٍ
وآخر فتنةٍ. حين
سعى الأسد الأبّ لدمج الأقلية العلوية
التي جاء منها في المحيط المسلم من
حولها سعيا لتجنيب الطائفة أي إحنٍ أو
ذحولٍ فقد كان ينظر بعين زعيم الطائفة
وعين القائد السياسي، وقد استصدر لهذا
فتوى من السيد موسى الصدر تؤكد أن
الطائفة العلوية فرعٌ من المذهب
الجعفري الاثنا عشري، وفي جنازة
والدته قال للسيد محمد مهدي شمس الدين:
«إنني أعلنت من قبل أنني وعائلتي مسلم
سني شافعي وسننتظر مفتي الشافعية
البوطي ليصلي عليها». وقد نقل لي هذه
المعلومة الدكتور رضوان السيد عن
السيد مهدي شمس الدين مباشرةً، وقد
أشار لها آخرون. وبعيدا
عن الصحة التاريخية لتوصيف المذهب
العلوي في الفتوى، وبعيدا عن أهداف
الأسد السياسية في حديثه عن نفسه
وعائلته، فإنّ الأسد الابن يعمل اليوم
على نقض غزل والده أنكاثا، فهو بعدما
ورّط عائلته ونظامه وجيشه في حربٍ
ضروسٍ ضدّ الشعب، يسعى جهده لتوريط
كامل طائفته في حربٍ لا ناقة لهم فيها
ولا جمل، ولكنّه حبّ السلطة حين يعمي
ويصمّ. لا
أدري ما نوع العدسات التي يضعها الرئيس
طبيب العيون على عينيه حتى يرى المشهد
كما يريد لا كما هو، ولكنني أدري أن هذا
لا يغير مما يجري على الأرض شيئا لا لدى
الشعب السوري ولا لدى الدول الإقليمية
ولا العالم أجمع. حين
يتكئ نظام الأسد على محاولة استخدام
الإرث الأقلوي تهديدا للداخل والخارج
فهو يتكئ على مراهنةٍ خطيرةٍ ولكنّها
قابلة للاشتعال، فلدى الأقليّات
الدينية والإثنية والطائفية في كامل
المنطقة العربية مخاوف موروثة ودفينة
تجاه أوضاعها وأمانها، ولديها خشيةٌ
حقيقيةٌ من المجهول حين تتغير الأوضاع
السياسية في البلدان التي تنتمي
إليها، والأسد يعلم تلك المخاوف وهذه
الخشية ويسعى لتجنيدها لصالحه، ويخوّف
بها دول المنطقة والعالم. ما لا
يبدو أن الأسد يدركه هو أنّه بسياساته
الدموية المستمرة منذ أشهرٍ،
وبمحاولاته الجديدة في إيقاظ
الطائفية، واللعب على وتر مخاوف
الأقليّات، يجعل من نفسه أسوأ
الخيارات، وأقبح السيناريوهات لبلده
ومستقبلها. ولئن كان ثمة خشيةٌ من
سيطرة تياراتٍ أصولية على سوريا،
وخوفٌ من انزلاق الأوضاع لإضرابات
عنيفةٍ ذات أبعادٍ طائفية مسلحةٍ،
فإنّ الأسد قد أثبت أنه أسوأ منها
جميعا. وحين يتبع رئيسٌ ما سياساتٍ
داخليةٍ وخارجية تجعل منه أسوأ
الخيارات فإنّه لا يمارس إلا سياسة
الانتحار. لست
أحب قصة التنبؤ بالمستقبل التي أشار
لها البعض تجاه ما يجري في العالم
العربي، إن في روايات أو مقالات أو
نحوها، ولكنني وفي سياق الحديث عن
الأقليات والطائفية وقفت على نصٍ
مختلفٍ في كتاب «الفرق الهامشية في
الإسلام» تمّ تقديمه كرسالةٍ علميةٍ
عام 1997 للباحث التونسي المنصف بن عبد
الجليل، قال فيه: «وقد توقّعنا أفول
العلويين، والفرقة النصيرية لشدّة
جرأتهم على الإنسان قيمةً» ص23. وحتى
نضع حديث الباحث في سياقه فقد كان
يتحدث عن استخدام السلاح والبطش
واضطهاد الناس، أي على مستوى السياسة
لا مستوى العقائد، واستخدام السلاح
والبطش واضطهاد الناس والظلم والتعسف
كلّها أمورٌ مرفوضةٌ من حيث المبدأ،
ومجرّمةٌ دينيا وإنسانيا، ولا فرق
فيمن يستخدمها إن كان ينتمي للأغلبية
أم للأقلية، فالجريمة واحدةٌ أيا كان
مرتكبها. لم تزل
سياسات الدول الغربية وعلى رأسها
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي،
وكذلك سياسات تركيا والجامعة العربية
تجاه سوريا تحبو حيث يجدر بها العدو،
وتكتفي بتصعيد بطيء في التصريحات
وتقدمٍ أبطأ في العقوبات، والنظام
مستمرٌ في القتل لا يسمع نصيحة صديقٍ
كإيران، ولا حديث مشفق كالسعودية، ولا
زجر زاجرٍ كعقوبات الغرب، واستمرار
الأوضاع هناك على هذه الشاكلة لا يشكل
خطرا على سوريا وحدها بل ستتضرر منه
غالب دول المنطقة خاصةً إن نجح النظام
في تحريك الطائفية. إنّ
تناقضات الأكثرية والأقلية موجودةٌ
على طول التاريخ وامتداد الجغرافيا،
وفي منطقتنا لم يزل التعامل مع هذه
الإشكالية يخضع لمفاهيم قديمةٍ تتقدم
فيها العقيدة على المواطنة، والصراع
على التعايش، والتوجّس على الانسجام،
ولئن استطاع الغرب في سياقه الحضاري
الطويل أن يخترع المعادلة الديمقراطية
الليبرالية التي لا تمنح الأكثرية حقّ
الحكم إلا بقدر ما تمنح الأقليات كافة
أنواع الحقوق والحماية، فإننا في
سياقنا الحضاري – للأسف - لم نصل لتلك
الدرجة من النضج بعد. إنّ
استحضار ما تختزنه ذاكرة الأقليات
العربية من تاريخٍ وأحداثٍ وظلمٍ
واضطهادٍ نالها في القديم، أو عانت منه
حقبةً من الدهر، حيث إنّها تمتلك
ذاكرةً مختلفةً وتروي تاريخا مغايرا،
إن على مستوى الدين أو على مستوى
الطائفة أو على مستوى العرق، يدفع
للشعور بحجم خطورة استراتيجية الأسد
الجديدة ================= عبدالرحمن
الراشد الشرق
الاوسط 24-9-2011 لم
أنسخ العنوان نقلا عن نيتشه في كتابه «هكذا
يفكر زرادشت»، فشتان بين زرادشت
والأسد، وشتان بين ما ألفه نيتشه عن
زرادشت وما أحاول تخيله هنا، مع أن
هناك بعض الأسطر قد تجمع بينهما؛ حيث «أدان
نيتشه، على لسان بطله، الجبن والهزيمة
والاستسلام مهما كانت الدوافع»! ويبدو
أن الأسد سائر على دربه عندما قرر
مبكرا أن يستخدم كل قوته لسحق خصومه. ثم
سيقول ما قال نيتشه على لسان زرادشت:
لست غولا أو وحشا أخلاقيا بل همي تحسين
البشرية! لا
أتصور أن بين خيارات الأسد وقراراته أن
يركب طائرته ويغادر دمشق هاربا، كما
فعل الرئيس التونسي زين العابدين، مع
أنه خيار جيد وعقلاني. إذن، كيف يفكر؟ حتى
نفكر كما لو كنا ننتعل حذاءه، كما يقول
المثل، لا بد أن نتقمص بيئته؛ فهو
النظام، ومسؤول عن النظام كله، ولا بد
أن يفكر في حمايته ككيان متكامل، مسؤول
عن الجيش وأجهزته الأمنية، ولن يرضى أن
يفرط في شيء منها؛ لأنها ستتحول إلى
أداة ضده. عليه، أيضا، أن يمسك بقيادة
النظام التي يجلس فيها على يمينه أخوه
وعلى يساره قادة من الحلقة الضيقة التي
تدير الدولة. وبقدر قلقه من الشارع،
يريد ألا تصل المظاهرات إلى وسط دمشق
وحلب، كذلك لا يستطيع أن يغفو عن رصد
قياداته ولو لدقيقة، خشية أن ينقلبوا
عليه فيقدموه كبش فداء للمحرقة. عليه
أن يمارس مهامه العادية حتى يؤكد أن
الوضع طبيعي، ويبدو أنه ممسك
بالقيادة؛ لأن المظهر لا يقل أهمية عن
الحقيقة خلف الجدران، خاصة مع كثرة
الشائعات التي تدور في بيوت دمشق عن
إصابة شقيقه ماهر وإرساله للعلاج في
موسكو، واغتيال اللواء رستم غزالة،
ولجوء بعض أفراد عائلته إلى أحد
الأديرة، وغيرها من الحكايات التي لا
أسانيد لها. نلاحظ
أن الأسد يفكر بطريقة واضحة؛ حيث لم
يقدم تنازلا من أي نوع كان، فلم يبدل
أحدا من القيادات الأساسية، باستثناء
وزير الدفاع، ولم يعطل حزب البعث كما
كان منتظرا، ولم يعلن عن انتخابات.
أعطى الكثير من الوعود لضيوفه الأتراك
والروس والجامعة العربية من دون تنفيذ
أي منها. وهذا يعني أنه يفكر وينفذ حلا
واحدا، بالأمن والجيش يريد القضاء على
الانتفاضة مهما طال الزمن. يعتقد أنه
نجا من الأخطار التي أحاقت به بعد
اغتيال رفيق الحريري. فقد تمسك بموقفه
وتحدى العقوبات الدولية، باستثناء سحب
قواته من لبنان، ونجح فعلا في الخروج
من الحصار بكامل قدراته. ويريد أيضا أن
يكرر التجربة الإيرانية؛ حيث واجه
النظام الأمني هناك انتفاضة المحتجين
بعد الانتخابات التي كسبها أحمدي نجاد
تزويرا، وعلى الرغم من المظاهرات
الحاشدة تمت السيطرة فأفرغت الشوارع
من المحتجين، وملئت السجون بهم، وهكذا
أطفئت الثورة في مهدها. طبعا
أي مطلع يدرك الفارق الكبير بين أزمة
اغتيال الحريري في الماضي وأزمة
الداخل السوري اليوم، وبين انتفاضة
الشعب السوري وانتفاضة الشعب الإيراني.
ما يحدث في سوريا ثورة حقيقية هو يعتقد
أنه قادر على أن يعيد جنيها إلى
القمقم، أي إخضاع المتظاهرين، وهذا
أمر صعب إن لم يكن مستحيلا. ولا بد
أن يفكر في خيارات أخرى إضافية غير حشر
عشرات الآلاف من النشطاء وأقاربهم في
السجون والمعتقلات والملاعب الرياضية
والمدارس التي اكتظت بهم، فالحل
الأمني هو خياره الأول، والحل السياسي
خياره الإضافي؛ حيث سيقدم بعض الحلول
السياسية التجميلية بتكليف معارضين
مقبولين له بتشكيل حكومة، وانتخابات
برلمانية، في حين يستمر بالإمساك
بالسلطة الحقيقية، الرئاسة والأمن
والجيش ومراكز القرارات السيادية
الأخرى. لا بد
أنه يفكر في حلول فيما لو انتقل
المحتجون إلى العمل المسلح لمواجهة
القمع الذي يتعرضون له. يتصور أنه قادر
على مقارعة السلاح بالسلاح بأجهزته
الأمنية المتطورة وجيشه الجرار،
وثانيا: سيسعى لتصوير الجماعات
المسلحة على أنها جهادية بما يخيف
الفرقاء في العالم ويدفعهم لتأييده في
فترة لاحقة، كما حاول القذافي أن يفعل
في مواجهة قوات «الناتو» وفشل. وماذا
لو فشل هو أيضا في مواجهة الثورة
المسلحة؟ أتصور أنه يفكر في خياره
الأخير؛ الاحتماء بطائفته والأقليات
القلقة الأخرى التي حرص على تخويفها من
بداية الانتفاضة، زاعما أن جماعات
سلفية إسلامية متطرفة ستقوم بذبحهم.
وقد فعلها القذافي، لكن لا يبدو أنها
ستنقذه طويلا. هكذا
يفكر الأسد في معالجة الثورة ضد نظامه؛
لأنه يعتقد أن أي إصلاحات سيقدمها
ستؤدي إلى انهيار نظامه، كما لا توجد
إصلاحات أقل من ذلك يمكن أن ترضي
الثائرين عليه. وبالتالي تبقى بالنسبة
له «يا قاتل يا مقتول»، أو يقول ما
يقوله نيتشه: «في العبور إلى الجهة
المقابلة مخاطرة، وفي البقاء وسط
الطريق خطر، وفي الالتفات إلى الوراء
وفي كل تردد، وفي كل توقف خطر في خطر». ======================== لكل
زمن دولةٌ ورجالُ .. دور القوى الجديدة
في سوريا وائل
مرزا الشبكة
العربية العالمية 18/9/2011 الشبكة
العربية العالمية - لكل دهرٍ دولةٌ
ورجالُ. هذا مثلٌ عربيٌ معروف يُعبّر
عن أحد قوانين الاجتماع البشري
السائدة في كل زمانٍ ومكان. وإذا كان
هناك زمنٌ عربيٌ وسوريٌ يمكن أن ينطبق
عليه هذا المثل فهو هذا الزمن الذي
نعيشه. فقد
أصبح من البديهيات المتفق عليها أن من
غير الممكن لشعبٍ من الشعوب أن يستمر
في امتلاك القدرة على العطاء، بشكلٍ
تتم فيه عملية التفاعل المتواصل مع
متغيرات العصر، وبطريقةٍ يمكن من
خلالها تجاوز مراحل الترهل والاهتراء،
ما لم تحصل فيه عملية تكامل الأجيال في
جميع المجالات، بحيث تتراكم الخبرات
والتجارب، ولا يُصبح الوقوف عند مرحلة
معينة أو عند عطاء شريحة محددة، أياً
كانت وأياً كانوا، المسمار الأول في
نعش حاضر ذلك الشعب. من
هنا، نجد كيف يحرص كثيرٌ من المؤسسات،
بل وكيف يحرص كثيرٌ من الأفراد، ساسةً
ومثقفين، في الحضارات والثقافات
الأخرى التي تحترم نفسها وتحرص على
الاستمرار، على ضمان مصالح الشعوب من
خلال مواقف وسياسات تضمن عملية تكامل
الأجيال التي نتحدث عنها، بعيداً عن
التشبث بمواقع القيادة السياسية
والفكرية، وعن التّخندق في واجهات
الفعل والعطاء إلى ما لانهاية. وبعيداً
عن الإصرار على تصدُّر الواجهات بشكلٍ
يؤذي أحياناً أصحابه قبل أي إنسانٍ آخر.
إن من نافلة القول أن الكلام السابق
ينطبق على الساحة السياسية والثقافية
السورية، كما ينطبق على الآخرين. فهنا
أيضاً يجب أن تستمر عملية تكامل
الأجيال التي يمكن أن تكون الضامن
الوحيد لتحقيق أهداف الثورة وتأمين
ولادة سوريا الجديدة. لهذا، يصبح
ضرورياً أن يعمل الجميع على التعاون
لتأمين عملية استمرار تكامل الأجيال
بأكثر من طريقة. فمن
جهة، ينبغي أن تكون الأحزاب والمؤسسات
السياسية التقليدية السورية في منتهى
المرونة، بحيث تصبح أبوابها مُشرعةً
أمام أي إبداعٍ أو إضافةٍ أو طاقة
جديدة، بغض النظر عن مقاييس الشهرة
السابقة أو التاريخ الطويل، أو ما إلى
ذلك من المقاييس التقليدية البائسة
التي تجاوزها الزمن وتجاوزتها كثيرٌ
من المؤسسات المشابهة في الثقافات
الأخرى التي تتميز بالحيوية والعطاء
المستمر، بشكلٍ جعلها تتجددُ باستمرار
وتكون قادرةً على التعامل مع كل
المتغيرات والمستجدات بفعالية وإنجاز.
بينما لا تزال كثيرٌ من أحزابنا
ومؤسساتنا تتحرك بسرعة السلحفاة في
أحسن الأحوال، الأمر الذي يظلمها
ويظلم تاريخها وعطاءها، والأهم من ذلك
أنه يظلم سوريا وثورتها وشعبها. والمفارقة
التي يبدو أن بعض أصحاب القرار لا
يدركونها رغم بداهتها، تتمثل في أن
عملية تجديد الدماء المستمرة، وفي أن
البحث عن كمون الإبداع الموجود دائماً
لدى الشعوب هو سبيل الانتشار وطريق
النجاح. وبكلمات أخرى، فإن امتلاك
القدرة على تجديد الدماء وعلى استقطاب
كمون الإبداع الجديد هو شرط نجاح تلك
الأحزاب والمؤسسات بشكلٍ عام، بينما
يمثل افتقاد تلك القدرة مدخلاً للبقاء
على الهوامش في أحسن الأحوال، هذا إذا
لم تكن دفعةً قوية على طريق نهاية
الدور والوجود.. ولنتذكر جميعاً أننا
نعيش في زمن صعب ومتغير ينبض بالحياة
ويتدفق بالحيوية، إلى درجة لم يعد
يَحتمل الواقعُ فيها التعايش مع نماذج
لا يريد لها أحدٌ أن تبقى مجرد ذكرى
عابرة في صفحات التاريخ. وفي
هذا الإطار، فإن مسؤوليةً ثقيلةً تقع
على كثيرٍ من الساسة السوريين
التقليديين من جميع ألوان الطيف
الفكري والثقافي، بحيث يكونون قادرين
على الانسجام مع طروحاتهم ومبادئهم
وشعاراتهم التقدمية، وعلى امتلاك
القوة النفسية التي تُمكِّنهم من فتح
المجال أمام أي عطاءٍ أصيلٍ في أي باب،
بدل ذلك الإصرار على البقاء إلى أبد
الآبدين في كل الواجهات والمشاريع
والمبادرات. وهذا يصدقُ كما ذكرنا على
مؤسسات سوريا السياسة وأحزابها
وجماعاتها من أقصى اليمين إلى أقصى
اليسار. وحتى
لا تتمَّ قراءة الكلام بعينٍ واحدة..
فإننا نؤكد أن هذا الطرح لا يعني أبداً
أن عطاء جميع هؤلاء المخضرمين قد انتهى
أو أنه لا دور لهم في المسيرة السياسية
لسوريا.. فالتفكير بهذه الطريقة يعيدنا
إلى عقلية الثنائيات التي لا يمكن مع
وجودها حلُّ أي مشكلة أو التعامل معها
بشكلٍ إيجابي. بل إن الذي يفكر بهذه
العقلية لا يدرك أن تجاوز الخبرات
السابقة أو القفز عليها يماثل في
خطورته وضرره وأثره السلبي الضرر الذي
ينتج عن سدّ الطريق أمام المواهب
الجديدة وعن إغلاق الأبواب في وجه
الكمون القادم، بمعنى أن الهدف من كل
هذا الكلام هو التأكيد على ضمان عملية
تكامل الأجيال، بحيث يكون مستوى
العطاء ودرجة الإبداع ومقدار الإضافة،
هي المقاييس الوحيدة للحكم على العمل
والإنجاز السياسيين بعيداً عن أي
مقاييس أو حسابات تقليدية أخرى. وإذا
كنا قد تحدثنا عن المسؤولية الكبرى
الملقاة على عاتق المخضرمين، فإن
المسؤولية الأكبر ملقاةٌ على عاتق
القوى الجديدة في سوريا من ثوارٍ أو
ساسة أو تكنوقراط أو سمِّهم ما شئت..
فهؤلاء لا يجب أن ينتظروا إحسان
المحسنين.. وإنما يجب عليهم أن يمتلكوا
عقلية التصميم ونفسية العزيمة، وأن
يقتحموا جميع الأسوار ويدقوا على جميع
الأبواب التي تبدو موصدةً، بينما هي في
كثيرٍ من الأحيان مهترئة إلى حدٍ كبير،
ولن تقف أمام سيل التجديد والإبداع
الذي إن انساح فإنه سيقتحم جميع الحصون..
ومن ناحيةٍ ثانية، فإن على أمثال
هؤلاء، إن أرادوا فعلاً ضمان عملية
تكامل الأجيال، أن يبذلوا جهداً
مقدراً لكي يمتلك عطاؤهم صفات التجديد
والإبداع والإضافة بشكلٍ حقيقي
وبعيداً عن الشعارات، وأن يتجنبوا
التكرار والتقليد، لأن الاحتفاظ
بالنسخ الأصلية في تلك الحالة سيكون
أفضل من وجودهم على وجه التأكيد. لقد
جاء في بعض الأثر أن الإمام ابن
عبدالبر قال: «ليس من شيءٍ أضرَّ على
العلم من قولهم: ما ترك الأول للآخِر،
بل الصواب عندنا: كم ترك الأول للآخر»..
وإذا كان هذا صحيحاً، وهو كذلك على وجه
اليقين، فإن على هؤلاء أن ينطلقوا
للإنجاز والعطاء، منطلقين من فهم
متغيرات العالم وتوازناته، وامتلاك
القدرة على الحديث بلغته ومفرداته،
واستعمال أدواته. وبالتالي،
فإن أي مشروعيةٍ لوجود هؤلاء إنما يمكن
أن تُستمدَّ من خلال الإنجاز، ومن خلال
إثبات قيمة عطائهم وإبداعهم عملياً،
وليس فقط من خلال الإدعاء والشكوى.
وهذا كله لا يتم إلا بتجنّب عمليات (الاستسهال)
التي كثيراً ما يقع فيها البعض سواء
كانوا مخضرمين أو شباباً، ولكن وقوع
الشباب فيها هو أسرع طريق لإثبات عدم
أحقيتهم في تحقيق عمليتي تكامل
الأجيال وقيادة الواقع. وأخيراً،
فإذا كان ما نُقل عن ابن مالك صحيحاً
حين قال: «وإذا كانت العلوم منحاً
إلهيةً ومواهب اختصاصيةً فغيرُ
مستبعدٍ أن يُدَّخرَ لبعض المتأخرين
ما أعسر على كثيرٍ من المتقدمين، نعوذ
بالله من حَسدٍ يسدُّ باب الإنصاف
ويصدُّ عن جميل الأوصاف».. فإن المرء
يأمل أن تكون لدى الكثيرين ممن يدّعون
الغيرة على سوريا وثورتها ومستقبلها
القدرة على الارتفاع إلى هذا المستوى
من التجرد النفسي، بل ومن الفهم
الحضاري المتقدم.. لأن هذا في حدّ ذاته
سيكون مصداقاً لوطنيتهم الحقيقية في
نهاية المطاف. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |