ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الشعب السوري أبقى من
قامعه ومؤيديه بدر الدين حسن قربي السياسة الكويتية 25/9/2011 في مواجهة مظاهرات الاحتجاج السلمية
المستمرة في عموم سورية منذ أكثر من
ستة أشهر, تُحرك سفارات السلطة السورية
في الخارج مواكب وفودها لمقابلة
رئيسها بشار الأسد إظهاراً للتأييد
والدعم والولاء. وعليه, فقد كان لقاء
وفد الجالية السورية المقيمة في
الكويت بتاريخ 29 اغسطس الماضي الذي
نشرت صحيفة "الراي" الكويتية خبره
متأخراً في 23 سبتمبر الجاري. يلاحظ في ما نُشر أن النظام لايزال مصراً
على تسويق الثورة السورية أنها ليست
غير مؤامرة خارجية, وأن مسيرة
الإصلاحات ماضية ومستمرة في ملاحقة
المندسين والمجموعات المسلحة
الإرهابية ومحاربتها, وأن الموقف
الإقليمي المعارض من قطر وتركيا
والسعودية سببه مواقف النظام السوري
المخالفة لهم في ما يتعلق بلبنان بما
في ذلك دعمه للقذافي أيضاً. ورغم أن كل
ماقيل هو كلام مكرور ومتلازم
ببروغاندا إعلامية على أن مايحصل سببه
الخارج السوري المتآمر وليس الداخل,
فإنه أيضاً كلام مردود عليه منذ زمن,
ولكن ماحيلة السوريين وبلواهم لعقودٍ
بقامعين مستبدين فاسدين نهابين, بل
وكذابين مناطحين, فمعروف للقاصي
والداني سبب الاحتجاجات ومعروف أيضاً
من الذي واجهها من الساعة الأولى
بالقتل وسفك الدماء. كان في ما نشر سؤال الوفد عن أشرطة "فيديو"
أظهرتْ التعذيب الأسدي الذي يمارس على
السوريين المتظاهرين وبعض من عبارات
الكفر والتقديس والتأليه لأسرة الأسد
التي كان المعتقلون يُجبرون على
التلفظ بها مع فظائع الضرب ووحشيته,
ومن ثم فقد اعترف بشار الأسد بوقوع
أخطاء من قبل قوات الأمن مبرراً ذلك
بأنها مدربة على مواجهة عناصر "القاعدة"
حيث المطلوب من عنصر الأمن أن يَقتل
قبل أن يُقتل, وغير مدربة على التعامل
مع المظاهرات والاحتجاجات التي تحصل
حالياً, ومن ثم كانت الاستعانة بالجيش
في ملاحقة المجموعات المسلحة
الارهابية. يلاحظ هنا أنه تناسى
الإشارة إلى إرهاب "شبيحته" وتعمد
إعطاء رسالة لأولي الأمر بأنه محارب
عنيد وسد منيع للإرهاب ممثلاً ب¯ "القاعدة"
فتدريب قواته وأجهزته وميليشياته معدة
لها. وكان في ما نشر سؤال الوفد العتيد عن قول
منسوب إلى ماهر الاسد, تم تداوله في
أوساط السوريين بأنه مازال مرتدياً
ملابس الرياضة ولم يرتد لباسه العسكري
بعد في مواجهة الاحتجاجات (والتي قيل
عنها بأنها رسالة لأهل حمص الذين ردوا
عليها بأنهم مازالوا بالمناشف خارجين
للتو من حماماتهم ولم يبدأوا
احتجاجاتهم بعد), وهو ماأجاب عليه بشار
الأسد بنفي صحته, ومشيراً الى أن شقيقه
يقوم بدور وطني وتاريخي كبير, وعليه
مسؤوليات كبيرة, وهو من الحريصين على
أمن واستقرار البلد, وبالتالي لا يمكن
ان تصدر عنه مثل هذه الاقاويل. ولكن قول
بشار الأسد للوفد بأنه لم يستخدم الحل
الأمني بعد وأن ما يجري أشبه بمعالجات
دقيقة موضعية, لايختلف في شكله ومضمونه
عما نُسب لأخيه من قول وعما هدد به
القذافي المهزوم شعبه بأنه لم يستخدم
القوة بعد, كما أنه كلام ينفي صحته توحش
النظام في القمع والتعذيب وسفك الدماء
الذي أنتج أكثر من ثلاثة آلاف قتيل
فيهم قرابة مئتي طفل, ومثلهم من
المفقودين, وآلاف المصابين والجرحى
وعشرات الآلاف من المعتقلين. وعليه,
فإذا كان "الضرب بالمليان" من قبل
الأخوين حسب كلامهما لم يبدأ بعد, وكان
حجم جرائمهم على ما ذكرناه آنفاً, فكم
الضحايا عندما يباشر الأول الحل
الأمني ويلبس الثاني صاحب الدور
الوطني والتاريخي بدلته?! إن الثورة السورية السلمية دخلت شهرها
السابع بمطالبها المعروفة في الحرية
والكرامة ورفض الاستبداد وإسقاط
النظام وتجاوزت نقطة اللاعودة,
والسلطة القامعة المستبدة مصرة على
المراوغة والإنكار, ومستمرة في قتل
شعبها ومواطنيها بكل تناحة وبجاحة,
وإنما التاريخ يشهد أن الشعوب هي
الأبقى فلا عجب, وأن لكل ظالم أجلاً
ونراه قد اقترب, فإذا جاء لن ينفعه حل
أمني ولا جيش ولا شبيحة ولا غيرهم من
وفود السوريين والعرب, وقضي بينه وبين
شعبه بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين. ================= العقوبات الأوروبية... هل
تجدي مع سوريا؟ هشام الموساوي أكاديمي وخبير اقتصادي مغربي ينشر بترتيب مع مشروع «منبر
الحرية» تاريخ النشر: الإثنين 26 سبتمبر
2011 الاتحاد بعد حظر السلاح على سوريا، وبعد تجميد
أصول شخصيات مقربة من السلطة وفرض قيود
التأشيرة عليهم، فرض الاتحاد الأوروبي
ومن ورائه الولايات المتحدة يوم 2
سبتمبر الماضي حظراً على الصادرات
السورية من النفط. إن دول الاتحاد
السبع والعشرين التي تشتري 95 في المئة
من النفط السوري، وهو ما يمثل 25 إلى 30
في المئة من دخل البلد، ترجو تركيع "الأسد"
عن طريق ضرب النظام في محفظته. فهل
يتحقق رجاؤهم؟ العولمة وغياب التوافق سيحدان من آثار
الحصار. والحظر النفطي ذاته لن يدخل
حيز التنفيذ الكامل إلا بعد عشرة
أسابيع. فقد ألحت إيطاليا، التي ينوبها
من واردات أوروبا من النفط السوري 30 في
المئة أن تمنح مقاولاتها أجلاً "تقنياً"
لتتمكن من الامتثال لبنود الحظر،
وبالإمكان القول إن تأخيراً كهذا سيحد
كثيراً من آثار الحصار. لا يعني فرض حظر على صادرات النفط السورية
أن الإنتاج سيتوقف، إذ أن التسويق سيتم
عبر قنوات أخرى غير البلدان الأوروبية.
هذا صحيح لا سيما في غياب توافق عالمي
على غرار الرفض الروسي، ناهيك عن الدعم
الضمني لإيران الحليف الدائم. لذلك،
ففي عالم تسوده العولمة ويسهل فيه
اختراق الحدود، سيجد النظام أسواقاً
أخرى، فقد يتحول إلى بلدان أخرى لا
سيما في آسيا وأوروبا الشرقية. هذا يعني أن الموارد المالية للنظام لن
تتأثر بالقدر الذي كان متوقعاً، ما يحد
من التأثير الرادع للحظر. التاريخ
يعلمنا أن هذه الأنظمة تستطيع الصمود
في وجه الحصار بفضل التهريب ونقل أموال
رعاياها أو قروض حلفائها ومساعداتهم. لنذكِّر في هذا الصدد، أن العقوبات لم تجد
نفعاً في حالة إيران: فقد استطاعت أن
تحافظ على حجم تجارتها الخارجية، وحتى
أن تزيد منه من خلال نسج عدة شراكات
اقتصادية وتجارية مع الهند والصين
وكوريا الشمالية وفنزويلا وسوريا،
ووسعت تجارتها توسيعاً مع الدول
المجاورة مثل تركيا أو باكستان. بمثل
ذلك نجحت كوبا، رغم الحظر المفروض
عليها من قبل الولايات المتحدة، في
تكوين تبادل تجاري مع العالم الخارجي،
وطورت علاقات تجارية مع دول غربية مثل
كندا وإسبانيا وكثفتها، وكذلك فعلت مع
فيتنام والصين. ويستند الحظر الأوروبي
على سوريا إلى فرضية أن هذه العقوبات
سوف تحرم النظام من دعم الأوساط
الاقتصادية السورية. هذه الأوساط
تنقسم بحسب المحللين إلى مجموعتين
اثنتين: أولاهما البرجوازية الجديدة
التي برزت منذ بداية العقد الأول من
الألفية الثالثة، وتتشكل من بعض رجال
الأعمال الذين اختارتهم عشيرة "الأسد"
بينهم رامي مخلوف، الذي يتحكم في 60 في
المئة من الاقتصاد السوري. والثانية
عائلات التجّار (سنة ومسيحيين) من دمشق
وحلب، وتمثل البرجوازية التقليدية،
الأكثر اتساعاً. وليس للمجموعتين مصلحة في قلب النظام:
الأولى بسبب امتيازاتها وريعها،
والآخرون بسبب خوفهم من المستقبل وعدم
الاستقرار والنزاع الطائفي (وما مثال
لبنان ببعيد). زد على ذلك أن طرق
التهريب ستلتفّ على العقوبات بكل
تأكيد، كما كان الشأن دائماً: هذا
التهريب يتم مع الدول المجاورة، وتنجم
عنه أرباح يستفيد منها أعيان النظام
أكثر مما يستفيد منها السوريّ المتوسط.
وهو بالضبط نقيض القصد من الحصار. عزل سوريا اقتصادياً سيفاقم بعض المشاكل
الهيكلية ويؤخر تحديث الاقتصاد. وهذا
سيعاقب الشعب السوري أكثر مما سيعاقب
النخب السياسية. لأنه إذا كان لهذه
الأخيرة بدائل للحفاظ على ريعها، فإن
الذين يعيشون فقراً مدقعاً بعيدون كل
البعد عن هذا الترف، لأن تدهور النمو
الاقتصادي السوري سيزيد البطالة
والفقر لا سيما مع اقتصاد يكاد يتوقف (زراعة،
سياحة، تجارة…). العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم
المتحدة على العراق في تسعينيات القرن
الماضي مثلاً قد آذت الناس بالفعل، من
دون أن تحمل الديكتاتور على تغيير
سلوكه. وبالتالي، فإن نظام صدام طوَّق
برنامج “النفط مقابل الغذاء”، ما خلق
تدهوراً خطيراً في إمدادات عموم الناس.
ولكن الكارثة الإنسانية الناجمة عن
ذلك لم تستطع أن تجبر صدام على التراجع. فإذا الحصار أضعف الاقتصاد، فسيؤدي في
الوقت نفسه إلى تدهور مستوى معيشة
الناس، وهو ما يمكن للديكتاتور أن
يتداركه سياسياً لكي يقلب الاتجاه.
يمكنه بالفعل أن يلعب على الوتر الوطني
باستنهاض الشعب (أو قسم كبير منه) ضد
التدخل وانتهاك السيادة الوطنية. وهو
موضوع استُخدِم ولا يزال من قبل القادة
المحاصَرين لخلق التضامن مع الحكومة
وجمع كلمة الناس حولها. وباستثناء جنوب أفريقيا وإندونيسيا وجزء
من ليبيا، لم تنجح العقوبات
الاقتصادية في تحقيق أهدافها السياسية
لأن دعاتها كانوا يضعون أهدافاً مفرطة
في الطموح، ويعاقبون الأنظمة
الاستبدادية (بدلاً من الديمقراطيات)
لذلك لم تكن تحظى بتعاون جميع الدول،
ولم تكن تتوقع تدابير لتآكل ما تحدثه
العقوبات من آثار جانبية على الناس. ولنُذكِّر أخيراً أن سوريا تخضع لعقوبات
اقتصادية أميركية منذ عام 2003، وهذا لم
يُضعِف حقاً نظام الأسد. واليوم أيضاً
لم تجتمع الشروط التي تتيح للحظر
الأوروبي أن يحدث تغييراً سياسياً في
سوريا. يجب أن تكون العقوبات جزءاً من
استراتيجية شاملة مصحوبة بتدابير أخرى
قد تكون مثلاً حوافز إيجابية أو
مبادرات دبلوماسية أو دعماً سياسياً
واقتصادياً للمعارضة للمساعدة على
إسقاط النظام من الداخل. ================= آخر تحديث:الاثنين ,26/09/2011 يوسف أبو لوز الخليج كيف تقتل طفلاً؟ سؤال في منتهى القسوة ليس
سؤالاً استنكارياً أو تعجبياً بل هو
استفهامي تماماً . سؤال ليس عارياً عن
الصحة . مباشر وحادّ مثل حدّ السكين . صحيح أنه
ثقيل على القلب، ولكن لا بأس بتلطيفه
وتدويره وترميزه بحيث يبدو الطفل في
معنى آخر شجرة أو فكرة أو قصيدة أو
عملاً فنياً أو ثورة . . أو حتى وطناً . لكي تقتل طفلاً، عليك أولاً أن تتخلص من
الطفل في داخلك، وتتحول إلى كائن جاف،
والأصح عليك أن تجفف دمك ودموعك وقلبك . لكي لا نذهب بعيداً في هذا العنوان
القاسي، فالطفل هنا هو الحياة . .
الحياة برمتها . الحياة كيفما هي . حياة
ناس من عطر وعرق وأجراس صغيرة . حياة
تلاميذ يذهبون إلى المدرسة لكي يعثروا
هناك على المستقبل . حياة شعوب تريد . .
وأنظمة لا تريد . الطفل رمز، إذاً، وليس بشراً من لحم ودم،
وإن كانت صورته الواقعية هي المقصودة
بالقتل . . في مرحلة من مراحل البؤس الإنساني الدموي
في ألمانيا، حيث كانت الفكرة النازية
لا تعترف بالحياة، مهدّ النازيون لقتل
البشر بقتل الكلاب . عليك أولاً أن تقتل
الكلب الأليف والسلمي، هذا الحيوان
العائلي أحياناً . . الذي ينبح ولكنه لا
يعض . اقتله بطريقة شرسة لكي يتقبل
صاحبه فكرة القتل بأعصاب هادئة وإذعان
كامل . اقتل الحصان والفراشة والحمار والعصفور
والشجرة والمنزل، على مرأى من الناس
الذين يدب الخوف في قلوبهم في هذه
الحال، فيتحولون بالضرورة إلى كائنات
منصاعة بكل هدوء إلى آلة الموت . ألم تستخدم قوة الاحتلال “الاسرائيلي”
هذا الأسلوب النفسي المرعب، عندما
درجت على سياسة هدم المنازل
الفلسطينية وقلع أشجار الزيتون وتجريف
التراب الصالح للزراعة . . لكي يتقبّل،
الفلسطيني نفسياً بعد ذلك، أو يعتاد
رؤية دم أبنائه بدموع أقل؟ ليس المنزل الفلسطيني سوى طفل . . طفل ما .
طفل رمزي أو واقعي، لا يهم . المهم هو
المحو والإبادة . في حالة بعض الشعوب العربية التي تخرج إلى
الشوارع بكل طفولتها وسذاجتها
ورمزيتها أو واقعيتها وعدم واقعيتها
نرى في المجمل صورة . . طفل . إذا أردت قتله تخلص، مرة ثانية من طفولتك
وإنسانيتك وأخلاقك . . ثم تنفس الصعداء .
. وقل انتصرتُ على ولدي . بل، ويا للفاجعة، قل انتصرت على شعبي . ================= تحديات الحل العربي
للأزمة السورية آخر تحديث:الاثنين ,26/09/2011 محمد السعيد ادريس الخليج منذ أيام قليلة مضت، وبالتحديد يوم 20
سبتمبر/ أيلول الجاري نشرت صحيفة “نيويورك
تايمز” أن إدارة الرئيس الأمريكي
باراك أوباما بدأت تعد خططاً للسياسة
الأمريكية في المنطقة بعد الرئيس بشار
الأسد، رغم ذلك فإن الإدارة
الأمريكية، وحسب ما تقول الصحيفة،
تنسق مع تركيا من أجل استكشاف طرق
التعامل مع احتمال اندلاع حرب أهلية في
سوريا، وهو نزاع “قد يفجّر المنطقة
المهتزة أصلاً”، وفقاً لتقدير
الصحيفة نفسها . الكلام يبدو متناقضاً
مع نفسه ظاهرياً، إذ كيف يعقل أن تكون
الإدارة الأمريكية بدأت تعد مشروعاتها
في سوريا استعداداً لمرحلة ما بعد رحيل
الرئيس بشار الأسد، وهو ما يعني وجود
إدراك أمريكي، أو ربما يقين أمريكي،
بأن رحيل الرئيس الأسد قد أصبح مجرد
مسألة وقت، وأن أمور رحيله ميسرة
ومؤكدة، ولكن هذا لا ينسجم مع وجود
إدراك آخر لدى الإدارة نفسها باحتمال
حدوث حرب أهلية داخل سوريا بين كل
المكونات العرقية والطائفية
الفسيفسائية للشعب السوري . هذا التناقض، كما أتصوره، يبدو ظاهرياً
فقط: أما من الناحية الواقعية فإن
الإدارة الأمريكية لا يضيرها وقوع حرب
أهلية في سوريا، أو أن هذه الحرب قد
تفجّر المنطقة التي ترى صحيفة “نيويورك
تايمز” أنها “مهتزة أصلاً” وقابلة
فعلاً للانفجار، إذا كان سقوط بشار
الأسد ونظامه ينظر إليه في واشنطن على
أنه مصلحة أمريكية، وأنه لن يؤثر
سلبياً في الكيان الصهيوني الذي يقاتل
أوباما من أجل أن يحول دون صدور قرار من
مجلس الأمن يؤيد الاعتراف بدولة
فلسطين عضواً كامل السيادة في الأمم
المتحدة” . الرئيس الأمريكي في لقائه رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان في نيويورك على
هامش الاجتماعات الدورية للجمعية
العامة، حاول استنطاق أردوغان بضرورة
تنحي الرئيس السوري، لكن أردوغان
امتنع واكتفى بالقول إنه “ليس لديه
أدنى ثقة في الحكومة الحالية”، متهماً
دمشق بأنها تشن “دعاية سوداء ضد تركيا”
لتشويه سمعتها، في الوقت نفسه قالت
مستشارة الأمن القومي للشؤون
الأوروبية في البيت الأبيض الأمريكي
ليز شروود راندال، إن أوباما وأردوغان
“بحثا ضرورة ممارسة المزيد من الضغوط
على نظام الأسد من أجل الوصول إلى
نتيجة تلبي تطلعات الشعب السوري”،
ولكن من دون تحديد ما هي تلك التطلعات .
هل هي إسقاط النظام، أم إسقاط الرئيس
والنظام، أم الاكتفاء بإجراء إصلاحات
سياسية واقتصادية واجتماعية جذرية؟ مثل هذه التطورات وغيرها تؤكد أن الأزمة
السورية مقبلة على حدوث تطورات خطيرة،
وأن معظم القوى الإقليمية لا ترى إلا
ما يحقق مصالحها هي من دون اعتبار
للثمن الذي سوف يدفعه الشعب السوري،
الأمر الذي يفرض من جديد السؤال عن “الحل
العربي” وعن “المبادرة العربية”
وأين هما؟ لقد اجتهدت أطراف عربية كثيرة من بينها
الأمانة العامة لجامعة الدول العربية
وأمينها العام، للوصول إلى تصور حل
للأزمة يحمي سوريا ويحقق للشعب السوري
تطلعاته ويلتزم ب”اللاءات الثلاث”
التي تتمسك بها أغلب قوى المعارضة
السورية وهي “لا للعنف، لا للطائفية،
لا للتدخل الأجنبي” . رغم خطورة هذا الموقف الرسمي السوري من
المبادرة العربية، فإنه ليس التحدي
الوحيد أمام المبادرة التي يمكن
اعتبارها أهم فرصة لإنقاذ سوريا وطناً
وشعباً من مصير مأساوي، لأنها ركزت على
الاستجابة لمطالب الشعب في التغيير
الجذري والإصلاح الديمقراطي، ووضعت
خريطة طريق للتحول من النظام
الاستبدادي إلى نظام ديمقراطي، مع حرص
شديد على إغلاق كل أبواب ونوافذ التدخل
الخارجي بدعوتها السلطة السورية إلى
الوقف الفوري للعنف، وتعويض
المتضررين، وإطلاق سراح جميع
المعتقلين السياسيين، وفصل الجيش عن
السياسة، وبدء حوار وطني حقيقي
بمشاركة كل القوى السياسية المعارضة
لوضع أسس لنظام سياسي جديد يؤمّن
الحرية والعدالة للشعب السوري . هناك أطراف كثيرة داخل سوريا، في الحكم
والمعارضة، وأطراف أخرى خارج سوريا
إقليمية ودولية، لا يهمها من قريب أو
من بعيد “الخروج الآمن” لسوريا من
الأزمة بقدر ما تهمها مصالحها الخاصة،
ومن هنا يأتي تعثر الحل العربي، إما من
أجل الحفاظ على النظام والقوى
المستفيدة منه، وإما خوفاً من الحساب
على الجرائم التي ارتكبها هذا النظام
ضد شعبه، وإما حرصاً على مصالح فئوية،
فضلاً عن مصالح أطراف إقليمية ودولية
لا يكفيها في سوريا ما هو دون إسقاط
سوريا نفسها . هذه المبادرة تتعثر كما تتعثر الحوارات
التي تجري بين قوى المعارضة السورية
بأطيافها المختلفة خارج سوريا، سواء
في اسطنبول أو باريس أو الدوحة . معظم هذه الحوارات تشهد انقساماً في
الأفكار والرؤى لحل الأزمة وبالذات في
مسائل من نوع الحل المطلوب، هل هو
إسقاط النظام؟ ومن نوع الموقف من
التدخل الخارجي هل هو مقبول أم مرفوض؟،
ومن نوع المحاصصة السياسية لقوى
المعارضة في المؤسسات المقترحة لقيادة
المعارضة وبالذات مسألة تشكيل مجلس
وطني انتقالي بين معارضة الداخل
ومعارضة الخارج، وبين الإسلاميين
والعلمانيين، فالتوافق يبدو مستبعداً
بين ثلاثة أطراف أساسية هي: هيئة
التنسيق الوطني وأغلبها أحزاب يسارية
وقومية (أمين سرّها حسن عبدالعظيم)،
وإعلان دمشق، وجماعة الإخوان
المسلمين، وهناك أيضاً ما يسمى ب”الائتلاف
العلماني الديمقراطي السوري” الذي
اختتم أعماله في باريس (19 سبتمبر/ أيلول
الجاري) وطالب ضمن مقرراته بتوفير
حماية خارجية للمحتجين المدنيين في
سوريا مع التمسك ب”سلمية الثورة” . معظم الخلافات بين هذه الأطراف لها
جذورها في التكوين الأيديولوجي
والانتماء الطائفي العرقي لكل طرف،
ولها أيضاً خلفياتها المصلحية
وتحالفاتها مع أطراف إقليمية ودولية
حاضنة وداعمة . فالحوارات التي شهدتها
الدوحة مثلاً تتحدث مرة عن “التغيير
الديمقراطي في سوريا”، ومرة عن “إسقاط
النظام الاستبدادي الأمني”، وهي صيغة
يراها البعض تقبل ببقاء رأس النظام إذا
ما أسقط النظام الأمني . وهذه المجموعة
متهمة من مجموعة اسطنبول بأن معظم
المشاركين فيها من اليساريين وقيادات
أحزاب المعارضة بالداخل وبالتهميش
الواضح للإسلاميين، رغم مشاركة
الإخوان المسلمين، في حين ترى مجموعات
حوار الدوحة في مجموعات حوار اسطنبول
مغالاتها في الدعوة إلى إسقاط رأس
النظام دون اكتفاء بإسقاط النظام ودون
مراعاة لظروف معارضة الداخل لدى
عودتها إلى سوريا، فضلاً عن تهميش أبرز
قوى معارضة الداخل خاصة هيئة التنسيق
الوطني وإعلان دمشق وجماعة الإخوان
المسلمين . مثل هذه الخلافات تقود إلى الانقسامات
وتحول دون وحدة المعارضة، وهذا هو
التحدي الأبرز، فضلاً عن الأدوار
المتباينة والمصالح المتعارضة للقوى
الإقليمية والدولية من الشروط
الأساسية لحل الأزمة وبالذات مسألة
إسقاط النظام، في الوقت الذي يختلف فيه
موقف الجيش السوري المنحاز إلى السلطة
باعتباره جزءاً منها، عن مواقف الجيوش
في دول عربية أخرى مثل مصر وتونس على
وجه الخصوص، وهو ما يعرقل بقوة دعوة
إسقاط النظام ويجعل من الحرب الأهلية
الطائفية والعرقية بديلاً محتملاً . ================= مفارقات في خطاب السلطة
والمعارضة في سوريا
آخر تحديث:الاثنين ,26/09/2011 عبد الاله بلقزيز الخليج تتكافأ حجج السلطة والمعارضة في سوريا في
ميزان الإقناع، أو قل - للدقة - في ميزان
عدم الإقناع . من يستمع للواحد منهما
دون الآخر يقتنع بحجته، وقد ينحاز إليه
. أما إن أصغى إلى الاثنين معاً، فقد
يتولاه الذهول من اتساع رقعة
المفارقات في رواية كل فريق منهما عن
الأحداث الجارية في البلد . السماع
بأذنين، والنظر بعينين، أفضل في مثل
هذه الحال وأدعى إلى الاطمئنان إلى
سلامة استقبال الإفادات من مصادرها،
أو أدعى - على الأقل - إلى الاطمئنان إلى
أن نسبة الخطأ في ذلك الاستقبال ستكون
أقل . لنقرأ عيّنة سريعة من تلك الحجج
المتكافئة في تناقضاتها والمفارقات: تقول السلطة إنها لا ترى في الأحداث
الدامية غير مسلحين يقتلون رجال الأمن
والجنود، ويحرقون مؤسسات الدولة،
ويخرّبون الممتلكات العامة، ويعبثون
بالأمن العام، وينصبون حواجز التفتيش
داخل المدن وعلى الطرق، ويخطفون الناس
على الهوية، ويمثّلون بجثث قتلاهم . . .،
ثم تقدم ذلك بالصور على شاشة التلفزيون
الرسمي مقرونة بأشرطة اعترافات لبعض
الموقوفين في المواجهات . وتقول
المعارضة إنه لا وجود لمسلحين إلا في
خيال السلطة، وإن المسلحين الوحيدين
الذين يمارسون التقتيل اليومي
والإرهاب والتمثيل بالجثث هم رجال
الأمن والجنود و”شبّيحة” النظام، وإن
التظاهرات سلمية ونظيفة ولا وجود
لقطعة سلاح فيها . ثم تعزّز ذلك ببث مشاهد من المواجهات
الدموية، ومن إطلاق الرصاص، على
الشبكة العنكبوتية، فتنقلها
الفضائيات عنها على نحو نقْلها إفادات
“شهود العيان” . هي، إذاً، معركة الخبر والصورة في
الروايتين، تحاك حياكة متقنة في حين،
لكن خروقاً تنتاب نسيجها في أحيان أخرى
. من يصدّق رواية السلطة عن أحداث ليس
فيها إلا مسلحون فحسب؟ قد يكون هؤلاء
بالعشرات والمئات، ولكن ماذا عن مئات
آلاف المتظاهرين: هل خرج الشعب كله في
انتفاضة مسلحة؟ هي نفسها لا تصدّق
روايتها وإلا لماذا تراها تتحدث عن
إصلاحات سياسية وعن حوار وطني إن لم
تكن تعترف ضمناً أنها تخاطب بهذا مطالب
سياسية مدنية تحاول استيعابها! ثم من
يصدّق رواية المعارضين عن ثورة شعبية
سلمية ونظيفة لا سلاح فيها إلا سلاح
السلطة؟ هل يقتل النظام جنوده ويمثّل
بجثثهم، ويحرق مقار الأمن والمحافظات،
ويدمر أنابيب النفط وخطوط السكة
الحديدية، لمجرد أن يُوهِمَ العالم
بأن هناك جماعات مسلحة يبرر بوجودها
خياراته الأمنية في مواجهة المظاهرات؟
على خيال المرء أن يكون خيالاً فوق -
سينمائي أو فوق - هوليوودي حتى يصدّق
روايتين على طرفين قصيين متقابلين
تضيع في تضارُبهما الحقيقة . هذه واحدة، الثانية أن المفارقة تسكن
الروايتين الرسمية والمعارضة عن صلة
العامل الخارجي بما يجري في سوريا .
تصرّ السلطة على تفسير ما يجري من
مظاهرات في البلاد، منذ ستة أشهر،
بردّه إلى “مؤامرة خارجية” يهدف
حائكوها إلى زعزعة الاستقرار في سوريا
لمعاقبتها على مواقفها من السياسات
الغربية في المنطقة، وعلى دعمها
المقاومة في لبنان وفلسطين . لا معنى
لهذه الرواية سوى أن مئات الآلاف من
المتظاهرين السوريين إمّا عملاء
للأجنبي، وإما أدوات له يحركها من وراء
ستار! والأهم من إيحائها الضمنيّ هذا
أنها لا تعترف لهؤلاء بشرعية مطالبهم
في الحرية والديمقراطية، لأنها لا
تعترف بأن ثمة مشكلات داخلية تدعو
الناس إلى التظاهر . لا تختلف رواية
المعارضين كثيراً في هذا الباب: تعكس
زاوية النظر إلى ما يجري فتصرّ على أن
فرضية الخارج فرضية خيالية في عقل
النظام، ومجرد تعلّة لتبرير رفضه
مطالب الشعب ومواجهته إياها بالرصاص،
وأن الحراك الجماهيري في المدن
والبلدات وتحركات المعارضين في الخارج
. . . جميعها محكوم بجدول أعمال سياسي
وطني مستقل . . إلخ . لكن الرواية هذه
تتجاهل الأنوف الفرنسية والتركية
والأمريكية المحشورة في الشأن السوري،
وفي مؤتمرات المعارضة في باريس
وأنطاليا واسطنبول، بما في ذلك
محاولات جمعها على طاولة واحدة في هذه
العاصمة أو تلك، و”التنسيق” معها
للضغط على النظام . كما تتجاهل مطالبات
بعضها مجلس الأمن بإصدار قرارات
بالتدخل، وقد وصل صداها إلى مظاهرات
مطالبة ب “الحماية الدولية” . الثالثة أن السلطة توحي إلى السوريين
وإلى العالم أنها تميّز في سلوكها تجاه
المظاهرات بين ما هو منها مشروع وما
ليس منها بمشروع، وأنها إذ تواجه
الثانية بحزمٍ أمني، ترد على الأولى
بالتجاوب السياسي وبالدعوة إلى الحوار
الوطني . أما المعارضون فيتهمونها
بانتهاج سياسة قمعية واحدة، وبإسقاط
أي خيار سياسي آخر غير إسقاط النظام
الذي يفرضه عليهم رفضها مطالب الإصلاح
السياسي . من يصدّق أن “حوار المحافظات”
الذي أطلقته السلطة، حوار وطني؟ أين
مضمونه الوطني الشامل والسياسي؟ أليس
هو يتعامل مع مطالب الشعب وكأنها مطالب
اجتماعية موضعية؟ ثم من يصدّق أن شعار
“إسقاط النظام” تبلور بعد أن انسدّ
الأفق أمام الإصلاحات السياسية
ورَفَضَ النظام التجاوب مع مطالب
الإصلاح؟ أين نضع إجراءات مثل إلغاء
قانون الطوارئ، وإلغاء محاكم أمن
الدولة، ومنح الجنسية للمواطنين
الأكراد، وإقرار قانون الأحزاب
والصحافة، وتشكيل لجنة صياغة الدستور؟
هل تدخل هذه في خانة إغلاق أفق الإصلاح
السياسي والحوار الوطني حوله؟! وإذا
كانت هذه لا تكفي، فليُنَاضَل من أجل
الاستزادة من طريق حوار وطني أو من
طريق نضالٍ شعبي تحت سقف الإصلاح
السياسي الذي تسمح به موازين القوى
الداخلية، ولا ينتظر فيه الشعب من
يتدخل من خارج لتغيير نظامه . نحن أمام مضاربة أيديولوجية بامتياز بين
فريقين لا يقولان كل الحقيقة، وإنما
بعضها الذي يصب في رصيد راويتيْهما .
ليس في المشهد ملائكة وشياطين، ثمة
مصالح تتضارب، ورهانات تتنازع . قطعاً
المسؤولية ليست متكافئة بين القوتين
في الأدوات، لكن ذلك لا يمنع من أن تكون
متكافئة في مفردات السياسة وأخلاقها . ================= إبراهيم توتونجي التاريخ: 26 سبتمبر 2011 البيان .. وزينب تعود إلى أمها بلا رأس.. نسيت. كانت
تتفرج على رقص الفراشات في "الحلبة"
السحرية، التي يحتفى فيها بمن تألّم،
كثيرا، كثيرا، حتى فارقته الروح،
باكية لشدة العذاب، حانية، معجّلة
الخلاص. من بعيد، لمحت حمزة، وتعرّفت إلى وجوه
تحيط به، تعرفها جيدا، لم تكلّمها من
قبل، لكنها تشعر برباط غريب يشدها
نحوها.. حياها الحشد، من الجهة
المقابلة للحلبة، بابتسامة نضرة،
كأنها ضوء الصبح البريء، ثم ركزوا
النظر من جديد في اتجاه الفراشات. إحداها كانت مخملية، تبرق من أجنحتها
خيوط ذهبية وأخرى قانية حمراء، حجمها
كما عصفور صغير، كما "الكناريا"
الذي كانت تهتم بإطعامه، كل صباح، في
القفص الصغير على شرفتها، في حمص. كان
أخوها يضحك من تعلّقها المفرط به ويقول:
"زينب.. هذا ليس ببغاء، إنه كناريا،
لن ينطق باسمك يوما". لكنها أقسمت
لأمها، وهي في ذلك الصباح تهم بالخروج
بحثا عن الأخ الغائب في هدير
التظاهرات، أنها سمعت الكناريا
يناديها باسمها، بل إنه قال: "آه"
أيضا.. "آه زينب". .. وهذا أخوها، يطل برأسه من خلف حمزة.
تعرفه، تكاد تطير إليه ملهوفة، ينظر
إليها ويضحك، يغمرها بضحكته، ويسألها
بالإشارة عن ذلك الخط المرسوم على
رقبتها. تنتبه إليه، تقول بحركة شفاه:
"لا تقلق.. أنا سعيدة، لا ألم"، ثم
توجهه إلى الحلبة كي لا يشغل باله: "أراك
لاحقا.. أمنا تسلّم عليك، وهي سعيدة من
أجلك". لا ينتبه للجملة الأخيرة، لقد ازداد هدير
الفراشات. تكاثرت واصطخبت ألوانها،
فبدت كربيع يستعد لكي يدوم إلى الأبد.
الفراشات في الحلبة "الساحرة"
أرواح بشرية معذّبة، تلفّ وتدور حتى
يأتيها الخلاص، فتستحيل مجددا على
هيئة ناسها الأوائل. .. وهذا خط على ذراعيها، تكتشفه للتو. تسأل:
"حين كنت فراشة، كيف حلّقت من دون
جناحين؟ كيف وصلت إلى هنا؟". ثم
تنتبه أن الجلد ليس بجلدها، أيضا،
وتستنتج أنها حين "حلّقت" لم يكن
لها جلد، كانوا قد نزعوه عنها، لذلك
استحقت أن تحتفظ بجلد الفراشة. كانت
زينب الحصني، تقف بجوار الحلبة، في
مقابل حمزة الخطيب وأخيها محمد
والأصدقاء، بجلد مخملي يبرق ذهبا،
فيما تتذكر صرخة الكناري الأخيرة: "آه..
زينب"! ================= مع شباب سوريا وأهلها في
ثورتهم سمير العيطة السفير 26-9-2011 الاتصالات كانت كثيفة. يجب عقد مؤتمر يجمع
بين القوى السياسية المعارضة والشباب
الثائر في الداخل السوري، وليس في أيّ
مكان آخر. أُعلن قبل شهر أنّه سيعقد في
منتصف أيلول/سبتمبر. وبدأت التحضيرات. ماذا ستكون وثائق المؤتمر؟ اتُّفق على
أنّه ستكون هناك وثيقتان فقط، موجزتان
دون استطالة: الأولى تضع أسس العمل
السياسي والشعبي في المرحلة الراهنة،
والثانية تضع صورة للمستقبل المنشود.
نوع من وثيقة فوق دستورية، توضح مفهوم
الدولة المدنية الديموقراطية
التعددية التي نطمح لها. يجب الاستفادة
من تجربة مصر وتونس. الفرق بين
الانتفاضة والثورة، هو أنّ الأخيرة
صاحبة رؤية ومشروع لكلّ المجتمع. هذا
هو الضروري اليوم في ظلّ مخاطر عسكرة
الانتفاضة والتدخلات الأجنبية. يجب
وضع أسس الجمهورية الثانية قبل سقوط
النظام، وتوسيع جبهة المعارضة وإنشاء
التحالفات على هذه الأسس. شعار «الدين
لله والوطن للجميع» راسخ في اللاوعي
الجماعي، وهو أوضح من مقولة الدولة
المدنية. الدستور توافقي ولا يخضع
لقواعد الأغلبية والأقلية، بل يحمي
المساواة في المواطنة والحريات
والاعتقاد لكلّ مواطن. يجب أيضاً توضيح
قضية حقوق الأكراد، ومعنى
الديموقراطية كي يُنتَج نظام له عناصر
الاستقرار، إلخ. سُمّيت هذه الوثيقة
الثانية «إعلان عهد الكرامة والحقوق»
ووضعت في متناول الجميع كمشروع للنقاش.
كذلك كان الأمر بالنسبة للوثيقة الأولى،
«الانتفاضة - الثورة: المخاطر وطريق
التغيير». نعم تغيير وليس إصلاحاً. يجب
أن يكون خطاب الوثيقة عقلانياً، في
مواجهة «لا عقلانية» السلطة التي
أمعنت في القمع وفي الحلّ الأمني وفي
زجّ الجيش الوطني في معركة ضد شعبه. يجب
أيضاً عدم الانجرار وراء مزايدات بعض
معارضة الخارج. بأي صيغة؟ تمّ الاتفاق:
إمّا، أو؟ إمّا أن تعترف السلطة
بالحراك الشعبي وتترك التظاهرات حرّة
وتسحب الأمن والجيش وتطلق سراح
المعتقلين وتحيل المسؤولين عن القتل
والتنكيل إلى المحاكم، ما نعرف مسبقاً
أنّها لن تقبل به لأنّه سيظهر واضحاً
أنّ النظام قد سقط فعليّاً أمام الشارع...
أو تصعيد النضال حتّى الإضراب العام
والعصيان المدني الشامل. يجب أن تبقى
الثورة سلمية، حتّى حدوث لحظة التغيير.
اتُّفق أيضاً أن يعقد المؤتمر تحت شعار
«اللاءات الثلاث: لا للتدخّل الخارجي،
لا للعنف، لا للطائفيّة». بالتوازي، جرت التحضيرات العملية. أيّ
مكان لعقد المؤتمر؟ صالة حكومية
كالمركز الثقافي؟ يجب عدم طلب إذن من
الأمن، ولا نريد ذلك؟ فندق؟ بمعزل عن
الكلفة، الأمر سيّان بالنسبة
للموافقات الأمنية. السلطة تعرف
بتحضيرات المؤتمر، بل أعلنت عنه في
وسائل إعلامها. من ناحية تريد إبراز
أنّها تقبل بذلك أمام الضغوطات
الخارجية المتصاعدة، أنّها «جادّة في
الإصلاحات»، ومن ناحية أخرى تريد أن
تعطي انطباعاً أمام الحراك الشعبي
والمعارضة في الخارج أنّ هذا المؤتمر
سيجري «تحت سقفها». «تتذاكى». تمّ الاتفاق على عقده في مزرعة خاصّة، دون
أخذ الموافقة. المشكلة أنّ المزرعة تقع
في منطقة نائية، وسينكشف بسهولة
الشباب الذين سيحضرون المؤتمر. ويمكن
أن يعتقلوا بسهولة في طريقهم إليها أو
عند عودتهم. هم المستهدفون الأساسيون
لا رجالات المعارضة أو الكتّاب
المعروفون. أرسلت إذاً رسائل إلى
التنسيقيات والشباب، توضح المخاطر،
وأنّهم سيمكنهم المشاركة عبر السكايب،
إذا لم تقطع السلطة سبل الاتصال (وقد
قطعتها فعلاً خلال معظم المؤتمر).
أرسلوا من يمثّلكم، ولا تأتوا شخصياً (وعندما
عقد المؤتمر كانت المفاجأة أنّ أكثر من
ثلث الحاضرين من الشباب). أمر آخر. يجب أن يحضر شخص من الخارج. من؟
هيثم منّاع؟ لا هو مستهدف كثيراً،
قتلوا أخاه. آخرون، لكلّ منهم مشكلة مع
الأمن. اتُّفق على أن أحضر أنا، رئيس
تحرير شهرية معروفة تصدر في فرنسا.
فضيحة لهم إذا اعتقلوني. تردّد البعض،
السلطة فقدت رشدها، ولا يهمّها شيء.
قلت سآتي على كلّ حال. وصلت بيروت، وتواصلت مع الجميع مساهماً
في وضع الوثائق. أعلنت في مقابلة في
صحيفة «النهار» اللبنانية أنّ المؤتمر
سينعقد وأنني سأشارك فيه. ثمّ قبل يومٍ
منه سجّلت مقابلة على محطة العربية مع
السيدة جيزيل خوري، ليبثّ أثناء سفري
إلى دمشق قبل يوم من المؤتمر، وقلت: «تتحمّل
السلطة كامل المسؤولية إذا حصل شيء
سيّئ في المؤتمر». كي لا تتحجّج السلطة
بالشبيحة أو غير ذلك، كما فعلت مع
الصديق علي فرزات. اتصلت بأناس في
سوريا كانوا قبل شهرين يتصلون بي
مراراً ويصرّون على أن أحضر «اللقاء
التشاوري» الذي كانت السلطة قد عقدته
قبل الانطلاق بحملة قمعها الشاملة. قلت
أنا قادم إلى دمشق، وسأصل الساعة كذا
إلى النقطة الحدودية مع لبنان. أجابوا
جميعهم (حتماً بعد مراجعة الجهات
الأمنية): لا تأتِ، لا أحد يضمن أحداً (ربّما
في إشارة إلى الشبيحة). منظّمو المؤتمر
حمّلوا أيضاً السلطة مسؤولية أي شيء
يحصل، وكذلك شخصيات لبنانية تساند
موقف سوريا الوطني. دخلت المعبر الحدودي دون سؤال. ذهبت فوراً
للقاء الأصدقاء الذين يحضّرون
المؤتمر، تفاصيل حول الترتيبات
النهائية. في اليوم التالي، ذهبنا في
قوافل من عدّة سيّارات. واضح أنّ
السلطة قبلت الأمر في النهاية، إذ
استبدلت عناصر الأمن على الحواجز
المعروفة برجال شرطة بلباس أنيق (وكانت
نظرة سريعة كافية لمشاهدة سيارات
الأمن حولهم). وصل الحشد إلى المزرعة.
الصحافة أيضاً موجودة. لن يفعلوا شيئاً
ما دامت موجودة. عناق مع كثيرين لم أكن
أعرفهم سوى عبر التواصل الإلكتروني
منذ بداية الانتفاضة. الوجود الشبابي
حقيقي. والله شجعان. من وقت إلى آخر
يصدحون: «الإعلام السوري كاذب، كاذب
كاذب». «الشعب يريد إسقاط النظام».
أكثر من ثلاثمئة شخص هناك. 5 دقائق لكلّ من يطلب الكلام. والمفاجأة
الكبرى كانت، أنّ شباباً يناقشون
وثائق «إعلان عهد الكرامة والحقوق» و«الانتفاضة
- الثورة: المخاطر وطريق التغيير»،
بتفاصيلهما. ما هذا الوعي؟ ثمّ يطالبون
بأن يحتوي البيان الختامي صراحة على
عبارة «إسقاط النظام»، على أمور أخرى.
يتمّ التصويت. يقرّ الاقتراح. مرحباً
بسوريا الديموقراطية. الاتصالات مقطوعة مع الخارج. الهاتف
الخلوي مقطوع. يعود من حين إلى آخر 5
دقائق، عشرات الرسائل الالكترونية من
سوريا وخارجها: «طمنونا ماذا يحصل؟» «الأمور
بخير». فقط هرج وهرج للحظة بعد أن ذهبت
الصحافة. قوة أمنية تسأل عن شباب
موجودين، تخرج شخصيات معروفة أمامهم: «إمّا
جميعنا، أو لا أحد». ابتدأ المؤتمر في الحادية عشرة صباحاً،
وها قد قاربت الساعة السادسة مساءً.
نقاشات ثمّ قراءة البيان الختامي. يصفق
الجميع. ثمّ كما في البداية، النشيد
العربي السوري. يبكي البعض. شاب جاء بعد
النشيد يبكي على كتفي. لا أعرف ماذا
أفعل؟ بعضهم يطالبني بالشال الأحمر.
انتهى شالي الأحمر عند ميشيل كيلو،
الذي قلت له إنّه أمانة لديه، كما
أهداف الثورة في سوريا. تنظيم العودة. قافلة من أربعين سيّارة
الواحدة بلصق الأخرى، تنطلق كلّها
سويّة. في كلّ منها شخصية معروفة حتّى
لا يستفردوا بالشباب. سيارات الأمن على
النواصي. نقترب من المدينة، تعود
الاتصالات. نطمئن السائلين. نقترب من
الأحياء الشعبية. ننزل الشباب. يختفون
في الأزقّة. صباح اليوم التالي. المؤتمر الصحافي. بعض
الفوضى يخلقها صحافيون للتشويش. يأتي
أحد الزملاء: «من الأفضل أن تذهب إلى
لبنان الآن». أودّع الأصدقاء، نهنّئ
بعضنا بعضا على ما أنجز. وضعنا مضموناً
سياسياً للانتفاضة كي تصبح ثورة. آخذ
السيارة لأعبر الحدود، لا مشاكل. في اليوم التالي، صحونا على أبواق النظام
وعلى بعض المعارضات ووسائل الإعلام
تشكّك في ما أنجز أو تلعب عليه. ولكن
الأمر قد أنجز: مؤتمر للمعارضة في
سوريا، يسقط النظام، ويقول ان لا حوار
ولا مخرج سياسيا دون السماح بالتظاهر
الحرّ. والكلّ يعرف أنّه عندما سيحدث
هذا، سيقول الشعب كلمته. رئيس تحرير «لوموند ديبلوماتيك»،
النشرة العربية. ================= سوريا بين تركيا وايران
والسعودية! سركيس نعوم النهار 26-9-2011 تحاول تركيا "حزب العدالة والتنمية"
الاسلامي تبوُّء سدّة القيادة في
المنطقة من خلال سعيها المستمر لادارة
"ازمة سوريا" الناجمة عن انتفاضة
قسم من شعبها على نظامها. لكنها لم تنجح
حتى الآن في محاولتها، اذ استعملت في
بدايتها الصداقة والتحالف مع سوريا.
لكن ذلك لم ينفع مع الرئيس الاسد. ثم
استعملت التحذير لكنه اخفق بدوره. وبعد
ذلك استعملت التعاطف مع المنتفضين
بايواء اللاجئين منهم على اراضيها
وباستضافة قياداتهم ومساعدتهم لتشكيل
قيادة موحدة للمعارضة قادرة إما على
اقناع نظام دمشق بالتجاوب مع الاصلاح
وإما على قيادة ثورة شعبية شاملة تطيحه
وتؤسس لبديل منه يرضي الناس. لكن هذه
الطريقة لاقت كذلك الفشل. فلم يكن امام
القيادة التركية الا امهال زميلتها
السورية اسبوعين لتحقيق الاصلاح او
لمواجهة غضبها واشتراكها مع المجتمع
الدولي في الضغط عليها بكل الوسائل
لانقاذ الشعب السوري. إلا أن القيادة
المذكورة لم تصب بالهلع بل وجهت الى
تركيا رسائل عدة تفيد انها هي ايضاً
يدها "طايلة" وانها ليست بالضعف
الذي يتصوره حكامها الاسلاميون.
واليوم وصلت تركيا الى حد القطيعة مع
الأسد ونظامه. لكنها محتارة اذ انها لا
تزال تبحث عن افضل السبل لإقناع
السوريين الثائرين الذين احبطوا منها
بعد رهانهم عليها وغيرهم بأهميتها
وبالحاجة الى دورها السوري فالاقليمي. ما هو افضل السبل لنجاح تركيا "حزب
العدالة والتنمية" في ممارسة دورها
الاقليمي الطموح؟ يعتقد عدد من
المتابعين والباحثين الاميركيين ان
الدور السوري لتركيا لن يكون قابلاً
للممارسة الا اذا قامت صاحبته
بالتنسيق مع الجمهورية الاسلامية
الايرانية التي صارت وبعد 32 سنة من
قيامها قوة اقليمية عظمى. وهذا الأمر
يجب ان لا يكون غريباً على الحكومة
التركية لأنها مارست منذ وصولها الى
السلطة قبل نحو عشر سنوات تنسيقاً مع
ايران هذه في الموضوع العراقي،
وتحديداً في الموضوع الكردي داخل
العراق، وهو موضوع يشكل تهديداً
مباشراً لها ولتركيا جراء تحول
كردستان العراقية ملجأ ومعقلاً لحزب
العمال الكردستاني التركي الثائر على
الدولة ايا يكن حاكمها رغبة منه في
الانفصال وتأسيس دولة كردية او على
الاقل اقليم يتمتع بحكم ذاتي في اطار
الدولة التركية. فضلاً عن ان التعاون
مع ايران يفرضه واقع اساسي ومهم جداً
هو ان وجود تركيا داخل سوريا يقتصر
عملياً على وجود بعثتها الديبلوماسية
في دمشق، وعلى تنامي التبادل التجاري
في سنوات المصالحة الاخيرة، وربما على
بعض العواطف والمشاعر وإن متناقضة، في
حين ان الوجود الايراني داخل سوريا لم
يعد يقتصر فقط على العلاقات
الديبلوماسية. فهو تعدى ذلك الى علاقة
تحالف استراتيجي بين الدولتين اسسه
الرئيس الراحل حافظ الاسد ودافع عنه
رغم رفض غالبية العرب له، وتابعه نجله
الرئيس الحالي بشار. علماً انه صار
حالياً وجوداً فعلياً سياسياً وامنياً
وعسكرياً وسلاحياً واقتصادياً
ونفطياً الى آخر ما هنالك من انواع
الوجود. ما هو الموقف الفعلي للجمهورية الاسلامية
الايرانية من تعاون تركيا معها في
الموضوع السوري وخصوصاً اذا كان هدفه
تأمين اضطلاع الثانية بدور مهم سورياً
ومن خلال ذلك بدور مهم اقليمياً؟ طبعاً، تفضل ايران الاسلامية، استناداً
الى المتابعين والباحثين الاميركيين
انفسهم، استمرار نظام الأسد ونجاحه في
قمع الانتفاضة الشعبية ضد نظامه
بالقوة العسكرية والأمنية، أو في
التفاهم معها على تسوية تاريخية
اصلاحية لا تنعكس سلباً على الخيارات
الاستراتيجية لنظام الاسد ومنها
التحالف مع ايران. لكنها في الوقت نفسه
تعتقد ان التعاون مع تركيا سوريّاً قد
يكون مفيداً لتأمين مصالحها بل
للمحافظة عليها في ظل الاضطراب وعدم
الاستقرار المتصاعد في سوريا والمهدد
لها. كما قد يكون مفيداً في حال نجاح
"الشعب" في اطاحة نظام الاسد، اذ
ان استمرار اصطفافها معه قد ينهي دورها
السوري، واستطراداً اللبناني
والفلسطيني أي المشرقي في حال نجحت
الثورة الناشبة منذ ستة اشهر في اسقاطه. أليس في اختصار الادوار المهمة في سوريا
والمنطقة بتركيا "الاسلامية السنية"
وايران "الاسلامية الشيعية"
تبسيطاً وتجاهلاً لأدوار قوى اقليمية
مهمة أخرى؟ طبعاً، يجيب المتابعون والباحثون انفسهم.
فالسعودية قد تكون مشكلة امام التعاون
الثنائي المفصل اعلاه نظراً الى الحذر
بينها وبين ايران والى خوفها وغالبية
العرب منها. ولذلك فإن مهمة تركيا قد
تصبح كيفية التنسيق بين هاتين
الدولتين في الموضوع السوري، وليس ذلك
بالأمر السهل. ================= شبيحة الأسد إذ يستهدفون
النساء أيضا!! ياسر الزعاترة الدستور 26-9-2011 عندما نتحدث عن استهداف شبيحة نظام الأسد
للنساء، فنحن لا نعني من تورطن منهن في
معارضة النظام كما هو حال طل الملوحي (اعتقلت
قبل تفجر الانتفاضة) أو سهير الأتاسي،
بل نعني نساء وفتيات بريئات ليس لهن من
ذنب سوى أن إخوتهن من معارضي النظام أو
من رموز الانتفاضة الشعبية. ليس هذا الكلام من باب المبالغة في شيء،
فقد تمكن سكان منطقة باب السباع في
مدينة حمص من إلقاء القبض على أحد
الشبيحة أثناء محاولته قتل أحد
الناشطين، فكان أن اعترف بقيامه وعدد
من زملائه باختطاف مجموعة من الفتيات
من شقيقات المعارضين أثناء قيامهم
بعمليات مداهمة برفقة قوات الأمن. وتم
احتجازهن في منطقة المزرعة بمدينة حمص
واغتصبوا عددا منهن ثم قاموا بقتلهن. وممن قتلن في ذات السياق (زينب ذات التسعة
عشر ربيعا) شقيقة الناشط الحقوقي محمد
ديب الحصني الذي استشهد لاحقا، وكان
الهدف هو دفعه لتسليم نفسه، وكانت
النتيجة أن أعيدت الفتاة إلى أهلها جثة
محشوة في كيس أسود وقد قطع رأسها
ويداها وإحدى ساقيها، وفرض على الأب
دفنها بتكتم شديد، بل والقول إن
إرهابيين هم الذي اختطفوها واغتصبوها
وقتلوها. لقد بات من الصعب إحصاء الجرائم التي
يرتكبها النظام السوري، والتي تهدف
إلى لجم الاحتجاجات بأية طريقة كانت،
وفي مقدمتها سياسة القتل بالتقسيط
اليومية التي تسعى إلى بث الرعب في
أوساط الناس من أجل الحيلولة دون
انخراط أكبر عدد منهم في الاحتجاجات،
وهي سياسة تحقق بعض النجاح معطوفة على
الانتشار الأمني الكثيف في سائر المدن
والمواقع الرئيسة في البلاد، وإن لم
تؤد إلى لجم الاحتجاجات التي يقودها
شبان لم يعد الموت يرهبهم بأي حال، وهم
يواصلون تقديم الشهداء دون توقف. على أن سقوط النظام في هذا المستوى من
العنف الدموي الرخيص الذي يستثير
مشاعر الشارع السوري إنما هو محاولة
أخرى للجم الاحتجاجات عبر إقناع
الناشطين بأن تورطهم في المعارضة لن
يؤدي إلى قتلهم أو اعتقالهم فقط، بل
سيصيب ذويهم أيضا، بما في ذلك أمهاتهم
وأخواتهم؛ في لعب على مشاعر إنسانية
معروفة في مجتمع محافظ، وهو يستعيد
بذلك الكثير من أبجديات الوالد العزيز
أيام مواجهته للتمرد المسلح الذي قاده
الإخوان مطلع الثمانينات، كما أنه
ينهل من تجارب عربية معروفة تتصدرها
التجربة المصرية في مواجهة الجماعات
الإسلامية المسلحة خلال الثمانينيات
والتسعينيات والتي اكتشفت طريقة رهيبة
في انتزاع الاعترافات وتكسير إرادة
المتهمين، حيث كان يؤتى للمعتقل بأمه
وأخته وزوجته ثم يعرَّين أمام عينيه
ويهدد باغتصابهن، فتكون النتيجة هي
الانهيار. ما لا يدركه النظام هو ذلك الفارق الكبير
بين تجربة الوالد الراحل وبين الوضع
الحالي، الأمر الذي ينطبق على التجربة
المصرية، والسبب أن فرص نجاح المعارضة
في المعركتين المشار إليهما كانت
معدومة إلى حد كبير بسبب عدم انخراط
عموم الناس فيهما تبعا لعدم القناعة
بجدواها وفرص نجاحها، أما اليوم
فالمشهد مختلف، إذ أن الغالبية من
أبناء الشعب السوري قد ضاقت ذرعا
بالنظام وهي تريد تغييره بأي ثمن، ولن
تكون أية إجراءات مهما بلغت بشاعتها
قادرة على لجم الإصرار الشعبي على
التغيير. بل إن من غير العسير القول إن
هذه الممارسات البشعة ستزيد في حنق
الناس وتدفع المترددين منهم إلى حسم
موقفهم من النظام، والأسوأ أنها ستدفع
الكثيرين إلى حمل السلاح، وصولا إلى
حرب أهلية لن يربحها النظام ومن
يتحالفون معه بأي حال، حتى لو دفعت
الغالبية خلالها الكثير الكثير من
الضحايا والمعاناة. لقد أفلس النظام إفلاسا رهيبا، ولم يعد
بوسعه مواصلة الإنكار عبر «بروباغاندا»
يائسة، ولن يكون أمامه غير الرحيل طال
الزمان أم قصر، فمن خرجوا إلى الشوارع
طلبا للحرية ليسوا في وارد التراجع حتى
لو أطلق عليهم ماهر الأسد كلابه
المسعورة وأمعن فيهم وفي أهلهم قتلا
واعتقالا وتعذيبا، لأن كل شهيد وكل
معتقل أو معذب سيمنح الثورة مزيدا من
الوقود، ومزيدا من الإصرار على
الانتصار. ================= الثورة السورية.. متى
سيسقط النظام وبأية كلفة ؟ د. عبدالله تركماني 2011-09-25 القدس العربي بعد أكثر من ستة
أشهر على اندلاع الثورة السورية، وبعد
سيل التضحيات التي قدمها أبناء الشعب
السوري وبناته، فإنّ الثورة كغيرها من
ثورات الشعوب العربية لم تكن نتيجة
مباشرة للعمل التراكمي الذي قامت به
أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع
المدني. بل هي جاءت من وعي تشكّل في
مكان عميق من العقل والوجدان
الشعبيين، وهو مكان لم يعد قادراً على
تحمّل أو فهم دواعي استمرار الاستبداد
المستفحل منذ أربعة عقود. وهي لا تسير
وفق جدول زمني محدد أو طريق أحادي
الأبعاد، بل تخضع لمعادلات تبدو معقدة:
النظام السوري يعيش حالة إرهاق
متنامية يعوض عنها برفع حدة القمع،
والشعب السوري، الذي كان حتى الأمس
القريب خارج المعادلة السياسية، نجده
وقد أصبح اللاعب الأول والأهم في
الواقع السوري. إنّ الطابع العام للثورة ظل مدنياً
وتحررياً وإنسانياً، وبقيت قاعدتها
الاجتماعية تحظى بدعم من مختلف
الأطياف السورية، وأخذ وجهها العام
يستعير مفرداته الحداثية. فقد تشكلت
قيادات شابة قادرة على استيعاب معطيات
التحول العالمي نحو الديمقراطية،
وتمسك بزمام الأمور وتتحكم بحركتها
حسب المتغيّرات، رغم وجود حالات تشويش
فردية. وتكتسب هذه القيادات الخبرة
اللازمة في سياق عملها وبالاحتكاك مع
المخضرمين من المعارضين، فتنجز
أعمالاً مشهودة. وهي تعرف أنّ هذا
الليل السوري الطويل لن ينجلي بسرعة،
وأنّ أمامها مهمات شاقة وتضحيات كبرى،
لكنها تعرف أيضاً أنّ لا عودة إلى
الوراء، وأنّ لا خيار أمامها سوى
مواجهة ظلام هذا الليل الطويل بالصمود
والتحدي والتفاؤل. ويمكننا اليوم استخلاص عدد من العِبر من
يومياتها ومن أشكال تعامل النظام معها:
فهي الأكثر تمدداً على الصعيد الأفقي،
أو الانتشار الجغرافي، بالمقارنة مع
باقي الثورات العربية. وهي الأكثر
مثابرة رغم التعرض لسادية الأجهزة
الأمنية المدعومة بميليشيات ' الشبيحة
' في مواجهتها. وهي الأكثر قدرة - إلى
الآن - على المحافظة على السلمية
وتجنّب الانزلاق نحو المواجهات
المسلحة وأعمال الثأر الواسعة النطاق،
رغم فظاعة ما يتعرض له المشاركون
وعائلاتهم، ورغم محاولات النظام
المتكررة لجرّ الناس إلى أعمال
انتقامية تضاعف التشنج الطائفي وتزيد
من خوف المترددين، فيُتاح المجال أمام
الأجهزة الأمنية للمزيد من البطش
والإجرام ضد المتظاهرين من دون أدنى
تمييز. وهي كذلك الأكثر اعتماداً على
الذات لتغطية أنشطتها وفعالياتها
نتيجة منع النظام لوسائل الإعلام
المستقلة من التواجد في سورية. وهي
الأكثر إنتاجية وإبداعاً في الشعارات
والهتافات، والأكثر تعبيراً عن تضامن
داخلي تشهره لجانها وتنسيقياتها
مداورة في مواجهة استهدافات النظام
للمدن والقرى والبلدات والمناطق. وهي
الثورة الأكثر حضوراً للنساء في
المواقع القيادية لتنسيقيات الثورة. ولكن من المهم قيام إطار سياسي وطني شامل
يحظى بقدر معقول من الإجماع والثقة،
يتولى القيام بمبادرات سياسية، ويحاول
التأثير على سير الثورة باتجاهات
تتوافق مع السمات المشار إليها أعلاه.
ويمكنها أيضاً من تقديم مبادرات
سياسية تحاصر النظام، فتسهم في إحكام
عزلته وفي المزيد من تجريمه إقليمياً
وعالمياً، أو في فرض تفاوض من مواقع
أقوى عليه. وفي هذا السياق، فإنّ كل
المجالس الوطنية التي أُعلن عنها هي
نقطة ضوء في الطريق الصحيح، ولكنها
تحتاج إلى التصويب، بكل شفافية ودون
تجريح أو تخوين. إذ أنّ ما يجري على
المستوى التنظيمي في الخارج ليس
ناضجاً، وهو بالتالي عاجز عن إنتاج
تشكيلة تقود الثورة وتمثلها، والمطلوب
هو العودة إلى قاعدة الثورة، والعمل
معها من أجل إنتاج مرجعية سياسية،
بوصفها جزءاً عضوياً من تنسيقيات
الثورة، يسمح ببناء تفاعل صحي مع
قيادات الخارج من أجل بناء إطار لمجلس
وطني سوري، يلعب دوره في حشد الدعم
والتأييد وبناء مصادر استمرار الثورة
حتى إسقاط النظام. ويبدو أنّ ثمة قاسماً مشتركاً سياسياً
يجمع قوى المعارضة بكل فئاتها: سلمية
الاحتجاج، تغيير النظام، إقامة دولة
مدنية تعددية وديمقراطية تصون حقوق
الإنسان وحرياته وتساوي بين جميع
السوريين. أما الاختلاف في التفاصيل
فهي مسألة طبيعية وبديهية، لا بل
ضرورية لحياة ديمقراطية سليمة وتعددية.
وهكذا، على الرغم من أنّ اصطفافات قوى
المعارضة التقليدية تصدم المزاج
الشعبي المطالب بوحدتها، إلا أنها في
العمق تخدم مسيرة الثورة، خاصة إذا
توفرت لها الشفافية والوضوح، حيث يمكن
أن تخدم كل قوة من هذه القوى الثورة من
موقعها ويبقى الانحياز الواضح للثورة
والعمل على إسقاط النظام هو المعيار
الفاصل بينها والمقياس الحاسم لمدى
جديتها وصدق مواقفها. أما قوى الثورة الشعبية وهي الجسم الحيوي
الفاعل والواعد، والذي نهض بصورة
عفوية دفاعاً عن كرامة السوريين
وحريتهم من غير قوى سياسية أو شخصيات
ورموز تقوده ومن دون شعارات أو برامج
مسبقة، بل تنطحت لقيادته مجموعات
شبابية نالت ثقة الناس من خلال صدقيتها
واستعدادها العالي للتضحية. وعلى رغم
عفوية الثورة وغياب أي تحضير أو تخطيط
لها، نجح شبابها في بناء هياكل وأطر
تنظيمية حملت اسم التنسيقيات قابلة
للتطور بما ينسجم مع حاجات تقدم
الاحتجاجات وتجذيرها، وتمكنوا
تدريجياً من توحيد قطاعات مهمة من هذه
التنسيقيات على مستوى المناطق الأكثر
سخونة ونشاطاً، ويبدو أنهم الآن في
طريقهم عبر إعلان الهيئة العامة
للثورة السورية لاستكمال هذه العملية
وتشكيل قوة واحدة قادرة على العمل
الميداني والسياسي المتسق. وهكذا، تقتضي الثورة السورية، التي
وصّفنا واقعها أعلاه، اعترافها
بالحاجة إلى الخارج ودعمه بالحدود
التي لا تهدد وحدة البلاد أو تجرها إلى
تدخل عسكري، إذ يختلف تصور الحماية
الدولية ما بين مراقبين دوليين
ومنظمات حقوقية ووسائل إعلام مستقلة
يراقبون الوضع السوري وممارسات
النظام، وما بين توقع حظر طيران ومناطق
آمنة، وصولاً إلى التدخل العسكري
الدولي. وفي هذا المنظور طالبت الهيئة
العامة للثورة السورية، في 8 سبتمبر/أيلول،
المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته
واتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها فرض
حماية للمدنيين وفق ما نصت عليه قوانين
ومواثيق الأمم المتحدة ذات الصلة. والسؤال اليوم هو متى سيسقط النظام،
وبأية كلفة، وعبر أية مسارات متعرجة،
وضمن أي نطاق زمني ؟ قد يأخذ سقوطه شكل اهتراء تدريجي يدوم
شهوراً طوالاً، ولا يستبعد أن يتسبب
النظام خلالها في تخريب وطني واسع، قد
لا تنهض منه سورية إلا بمشقة وبعد
سنوات. ولكنّ العودة إلى الوضع الذي
كان قائماً قبل 15 مارس/آذار متعذرة،
فما تشهده سورية حالياً هو نوع من
المأزق: لا السلطة تستطيع وقف
الاحتجاجات ولا الاحتجاجات الحالية
قادرة على إسقاط السلطة. والمهم أنّ النظام سيلحق بأقرانه التونسي
والمصري والليبي، وكلما تضافرت الجهود
وتعاظمت العوامل المنهكة له، كلما كان
اللحاق هذا أسرع وبكلفة بشرية
واقتصادية أقل وطأة. مما يفرض على
الكتلة التاريخية للثورة السورية، أن
تبلور توازنات جديدة، تصون الحرية
المكتسبة بعد كفاح شاق، وتضمن
استقراراً مواتياً للتراكم الوطني،
وتؤسس لنشوء تقاليد سياسية واجتماعية
جديدة. ' كاتب وباحث سوري مقيم في تونس ==================== د. عبد الكريم بكار موقع الإسلام اليوم. 4/9/2011 الثورة السورية هي أم الثورات وأم
المفاجآت؛ فقد لمس العالم على نحو واضح
البطولة والبسالة التي أبداها
المتظاهرون إذ يبذلون أرواحهم رخيصة
من أجل كرامتهم وحريتهم, وهذا شيء نادر
في العصر الحديث, كما لمس العالم كذلك
ما أبداه النظام السوري من همجيَّة
ووحشية في تعامله مع الشعب الثائر,
وأثبت للعالم صحة قول من يقول: إن
التقدم الحضاري الذي أنجزته البشرية
ليس سوى قشرة رقيقة, يقبع تحتها وحش
كاسر, ينتظر الفرصة! أود في البداية ألاّ يَفهم أحد من كلامي
أنني غير مهتم أو مقدّر للضحايا التي
قدّمها الشعب السوري الأبيّ, أو أشكال
التعذيب التي يتعرض لها الشباب الحرّ,
فأنا من أكثر من يتألم لأي روح تُزهق
بغير حق، مهما كان انتماء صاحبها
وتوجّهه. إن الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال ما
أسمعه من بعض الشباب من دعوة إلى
التسلح وإنهاء النظام عن طريق القوة
المسلحة؛ مما أعتقد أنه خطأ ومغامرة
خطيرة للغاية, وذلك للأسباب التالية: 1- كان البلد يعاني من نوع من التصحر
السياسي بسبب القمع والظلم واستخدام
القوة الغاشمة, عوضًا عن الحوار
والتفاوض وإتاحة الفرصة لتلاقح
الأفكار, وإن محافظة الثورة على
سلميَّتها يتيح الفرصة للناس كي
يتثقفوا بثقافة التعدّدية, وكي ينمّوا
وعيهم بالواقع العام لبلدهم وبآفاق
النهوض به. وحين تتمّ عسكرة الثورة,
يسود نوع من الخوف والتوجُّس, وتسود
العزلة, ويصبح التظاهر خطرًا؛ مما يجعل
تواصل الشباب مع بعضهم شبه معدوم. 2- مهما كان عدد الشهداء مرتفعًا في حالة
الحراك السلمي, فإنه يظل محدودًا إذا
قورن بما يمكن أن يحدث في حالة استخدام
السلاح, وعندنا شواهد لا تُحصى من
التاريخ والواقع, فقد قدَّم السوريون
من أجل طرد الفرنسيين نحوًا من خمسين
ألف شهيد, وكان عددهم آنذاك في حدود
مليونين ونصف, وفي ليبيا تم الإعلان
قبل يومين عن أن عدد القتلى والمفقودين
يقترب أيضًا من خمسين ألفًا, مع أن قوى
عسكرية جبّارة وقفت إلى جانب الشعب
الليبي. 3- الثوار الأحرار لا يريدون إسقاط النظام
فحسب, وإنما يريدون إقامة نظام جديد
يقوم على الحرية والكرامة والعدل
والتنمية الجيدة, وهذا يعني أن إسقاط
النظام يجب أن يتم بأقل قدر ممكن من
تفكيك الدولة, وأقل قدر ممكن من
الانقسام الشعبي, وهذا لا يتمُّ أبدًا
من خلال استخدام السلاح, وإنما من خلال
الحراك السلمي فقط. 4- إن استخدام السلاح يعرِّض البلاد
للدخول في نفق الحرب الأهلية؛ لأن
استخدامه من أي فئة من فئات المجتمع -مهما
كانت مظلومة- سيمنح مشروعية استخدامه
لباقي الفئات, وهذا يعني تدمير الكثير
من البنى والمكونات الأخلاقية
والاجتماعية والاقتصادية, وهو بالقطع
ليس في مصلحة أحد. أما الحراك السلمي
فإنه يشيع نوعًا من الطمأنينة
الاجتماعية, ويدفع في اتجاه تحكيم
المنطق والحق في حسم الصراع بين الشعب
والسلطة. 5- إن الفئة التي تحمل السلاح تتحوّل مع
الأيام إلى كيان له مصالحه وحساباته,
وإذا حقّقت هذه الفئة النصر على النظام,
فإننا قد نجد أنفسنا أمام مشكلة جديدة؛
إذ إن هناك إمكانية كبيرة لأن تتحول
هذه الفئة إلى سلطة متحكِّمة يحتاج
الشعب إلى التحرُّر منها. ولدينا
الكثير من الأمثلة التاريخية, وكم
هلّلت الشعوب لانقلابات العسكر ظنًّا
منها أنهم سيحرّرونها من الظلم, وإذا
بهم يتحوّلون إلى أداة لقمع الناس ونهب
خيرات البلد! 6- لا يصحّ للثوّار الأحرار أن ينسوا أن
النظام ليس عبارة عن جدار نهدمه, ثم
نبني جدارًا مكانه, إن الأمر أعقد من
ذلك بكثير, وأنا أعتقد أن من العسير
اليوم إسقاط أي نظام وإقامة نظام مكانه
دون مساعدة الإقليم والمجتمع الدولي.
ومن الواضح أن الثورة السورية بدأت في
تحريك ضمير العالم, وهي تكسب كل يوم
أرضًا جديدة على صعيد التأييد العالمي,
والزمن يسير لصالحها قطعًا, وإن كل هذا
يمكن أن ينتهي إذا شعر العالم أن
الصراع في سورية ليس بين متظاهرين
سلميّين ونظام يبطش بهم, وإنما بين
فئات مسلحة وجيش حكومي. إن هذا سيجعل العالم -وكذلك الإقليم- يدير
ظهره لنا, وينشغل بأمور أخرى, بل إن بعض
الدول سوف تحوِّل المعارضة إلى (دكاكين
سياسية) تدعمها, وتتخذ منها أوراقًا
للضغط واللعب السياسي, والنتيجة هي
ارتهان الوطن للخارج, على نحو ما حدث في
لبنان والعراق وغيرهما. قد ذهب الكثير, وبقي القليل, وإن النصر صبر
ساعة؛ والله ولي المتقين. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |