ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الربيع العربي... وتحديات
النهضة الثانية حسن ولد المختار الكتاب: الثورة العربية، عشرة
دروس حول الهبّة الديمقراطية المؤلف: جان- بيير فيليو الناشر: فايار تاريخ النشر:2011 تاريخ النشر: الجمعة 07 أكتوبر
2011 الاتحاد يحتفل الأكاديمي والدبلوماسي الفرنسي
السابق "جان- بيير فيليو" دون أي
تحفظ في كتابه الجديد "الثورة
العربية، عشرة دروس حول الهبّة
الديمقراطية"، الصادر مؤخراً،
بموجة التحولات الراهنة في بعض الدول
العربية ضمن ما بات يسمى في التداول
الإعلامي -وربما السياسي أيضاً- بموجة
"الربيع العربي". ولعل مما يميز
كتاب "فيليو"، الذي نقترح هنا،
قراءة خاطفة في بعض محتوياته، أنه ينظر
إلى التحولات العربية الراهنة نظرة
شمولية غير تجزيئية ترى الحال العربي
باعتباره في النهاية سياقاً واحداً،
إن لم يكن سياسيّاً فعلى الأقل
تاريخيّاً وثقافيّاً، ولذلك حرص في
عنوان كتابه على استخدام عبارة بصيغة
المفرد "الثورة" بدل صيغة الجمع
"الثورات" التي عنون بها كثير من
الكتب الفرنسية الصادرة مؤخراً حول
ظاهرة الربيع العربي. وأكثر من هذا
يزيد من قيمة الكتاب أيضاً كون مؤلفه
مستعرباً متمرساً، وأستاذاً محاضراً
يدرِّس باللغات الفرنسية والعربية
والإنجليزية في مقعد الدراسات الشرق
أوسطية والمتوسطية، في العديد من
الجامعات الفرنسية والأميركية
المرموقة، مثل جامعتي كولومبيا وجورج
تاون وغيرهما. كما سبق له تأليف كتب
ذائعة الصيت حول موضوعات مثل تنظيم "القاعدة"،
وإشكاليات الإسلام المعاصر في العالم
العربي، وقد ترجم بعضها إلى عشرات
اللغات عبر العالم. وبعد الكتب "المسلوقة" التي صدرت في
سباق مع عقارب الساعة لحظات سقوط نظم
بن علي ومبارك والقذافي، يدشن هذا
الكتاب مرحلة الكتب الرصينة التحليلية
التي تغوص عميقاً في الأسباب وتفكك
التشابكات وتحفر في البنية التكوينية
المؤسِّسة لظاهرة الربيع العربي، في
عمومها وإجمالها. وهنا لا يكاد القارئ
يخطئ استقبال الدعوة الضمنية الموجهة
في منطوق بعض عناوين فصول الكتاب
للاستعداد لقراءة مقاربة تحليلية
مختلفة تتسامى نظريّاً على تقاليد
الاستعجال الوصفي والارتجال الإعلامي.
ومن عناوين هذه الفصول: "العرب لم
يعودوا استثناء"، و"المسلمون
ليسوا في النهاية سوى مسلمين"، و"نستطيع
الانتصار دون قيادة"، وغيرها، مما
يؤشر إلى أن الكاتب والكتاب يتعاملان
مع الثورات -أو بتعبيره هو الثورة-
العربية من منظور تحليل سياسي ومنهجي
غير خطابي لظاهرة الاستعصاء
الديمقراطي العربي وإشكالية الإسلام
والحداثة، وحدود الزعامة الكاريزمية
في العالم العربي، وسوى ذلك من
كليشيهات وصور نمطية كثيرة كانت سارية
في العقل والمخيال الغربيين تجاه
المنطقة. كما لا يغفل الكاتب أيضاً
تخصيص فصل مهم للشباب ودورهم المحوري
في إنجاح الربيع العربي، وهي فئة
ينبِّه إلى أنها ظلت طويلاً ترزح في
إسار مفارقة صارخة: فهم الشريحة الأعرض
عدديّاً من سكان الدول العربية
المعنية، وفي الوقت نفسه هم الأقل
حضوراً وحظاً في أجهزة الحكم وسوق
العمل. وهنا ربما يستحق الإشارة أن
الكاتب يركز على حال الشباب ودوره في
كل من الحالتين التونسية والمصرية
خاصة، متعاملاً مع حالة كل بلد ضمن
خصوصياتها الوطنية وسياقها القُطري
الخاص، دون الخروج من ذلك بتعميمات على
حال الشباب العربي بصفة عامة. ولكن، كما سبقت الإشارة، يقوم العمود
الفقري لفرضيات العمل التي يستند
اليها الكاتب عموماً على النظر إلى
الواقع العربي باعتباره سياقاً واحداً.
وروح الوحدة الثقافية والوجدانية
العربية هذه هي ما دفعه لتملس مظاهر
وحدة أخرى قائمة من خلال النظر سويّاً
إلى سقف أهداف وتطلعات واحد. وهنا
ينخرط "فيليو" في رصد مظاهر هذه
الوحدة الثقافية والوجدانية العربية
واصفاً قوة حضور أغاني أم كلثوم وشاشات
بعض الفضائيات ومبنى الجامعة العربية
بالقاهرة، في صدارة مشاهد الربيع
العربي، في مختلف الدول. وفي هذا
السياق يقدم فرضية جامعة ترى أن ما
يجري الآن في دول الربيع العربي ما هو
سوى بداية حالة أشمل من الحراك
التاريخي العميق للمجتمعات العربية،
شبيهة بتلك التي عرفتها هذه المجتمعات
مع بداية القرن الماضي، وسميت بمشروع
النهضة العربية. ولعل من المفارقات
حقاً أن عهد اليقظة أو النهضة العربية
الأولى ذلك شهد أيضاً تجربة صعود
مشابهة للتطلعات الليبرالية، وهذه
واقعة تاريخية نادراً ما يتم تذكرها
الآن. ويستبطن الكاتب عموماً بين دفتي كتابه (264
ص) روحاً من التفاؤل بمآل مختلف للربيع
العربي الراهن، مقارنة بما آل إليه عصر
النهضة العربية القرن الماضي من
انكسار، وما عرفته تجاربه الليبرالية
من انتكاس سريع على أيدي القوى
الاستعمارية وصولاً إلى عهد
الانقلابات والنظم العسكرية التي نرى
الآن أوراقها الصفراء وهي تتساقط
تباعاً على وقع عاصفة الربيع العربي. أخيراً، في الختام، ينفي الكاتب أن تكون
للثقافة العربية أو للإسلام أية صلة
بإخفاقات الواقع العربي واحتقاناته
التي أدت إلى نشوب احتجاجات الربيع
العربي، مبرزاً في هذا المقام أن
قابلية الدول العربية للتأثر بتلك
الاحتجاجات تدور مع مستويات نجاحها
الاقتصادي وانسجامها الاجتماعي حيث
تدور. وهنا ينفي "فيليو" أية
مصداقية أو علمية عن نظرية مفعول "الدومينو"،
التي ترددت كثيراً ضمن خطابة التوقعات
بأن تتأثر دول عربية أخرى بما يجري
الآن. بل إن لكل دولة عربية ظروفها
الوطنية، وخصوصياتها التي تفترض روح
التحليل الموضوعي، وضعها في الاعتبار،
كما أن قابلية الإصلاح الذاتي
وإرادته، تختلف من دولة عربية إلى أخرى
أيضاً. وبكلمة واحدة، يرى الكاتب أننا
نشهد الآن اليقظة العربية الثانية،
ومحاولة أخرى للاستجابة لذات التحديات
والأسئلة التي طرحتها النهضة العربية
الأولى، وأشاع حلمها عصر الاستنارة
العربي المغدور... فهل تكون الاستجابة
في حجم التحديات؟ هذا هو السؤال. =================== خيرالله خيرالله الرأي العام 8-10-2011 لنفترض ان النظام السوري قابل للاصلاح.
مثل هذا الافتراض يدعو الى التساؤل من
اين يمكن ان يبدأ الاصلاح الذي يصبّ في
مصلحة سورية والسوريين والاستقرار
الاقليمي في الوقت نفسه؟ من يتمعن في مسيرة النظام السوري يكتشف ان
قضية الاصلاح لا علاقة لها بالنصوص
بمقدار ما انها مرتبطة بذهنية معيّنة.
تركز هذه الذهنية على ان في استطاعة
النظام والقيمين عليه تغطية كلّ انواع
القمع في الداخل وحتى ايجاد صيغة تعايش
مع الاحتلال الاسرائيلي للجولان عن
طريق رفع الشعارات الكبيرة من جهة
وامتلاك ما يسمّى أوراقا اقليمية من
جهة اخرى. تبيّن مع مرور الوقت وتغيّر العالم
والشرق الأوسط ان هذه الذهنية لم تعد
تنفع في شيء، بل صارت تشكل في العام 2011
دليلا على العجز عن القيام باصلاحات من
اي نوع كان. كلّ ما في الامر ان هناك
اسلوبا في الحكم يستخدم منذ العام 1963،
تاريخ وصول حزب البعث الى السلطة، من
اجل اخضاع الشعب السوري الى ما لا
نهاية. يحصل ذلك باسم الممانعة
والمقاومة وشعارات فارغة اخرى. امّا الترجمة الفعلية لهذه الشعارات فهي
تتمثل في نشر حال من عدم الاستقرار في
المنطقة والتلويح بان النظام السوري
وحده قادر على المحافظة على الاستقرار
الاقليمي، بما في ذلك على حال اللاحرب
واللاسلم مع اسرائيل. مثل هذه الحال
تصبّ الى حد كبير في مصلحة الدولة
العبرية التي تراهن على الوقت من اجل
تكريس احتلالها لجزء من الضفة
الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية
وحرمان الشعب الفلسطيني من دولته
المستقلة «القابلة للحياة». من هذا المنطلق، يظل الكلام عن اصلاحات في
سورية مجرد كلام، حتى لو حصل تغيير لكل
مادة من مواد الدستور وحتى لو سُمح
بقيام الف حزب وحزب. كلّ هذه الامور لا
قيمة لها في غياب تغيير في ذهنية الذين
يحكمون سورية، على رأسهم الرئيس بشّار
الاسد. ما يؤكد ذلك الاصرار السوري على
التعاطي مع اسوأ نوع من السياسيين
اللبنانيين واستقبال شخصيات عاجزة حتى
عن فهم ما يدور في الحي الذي تسكنه! لنضع جانبا استقبال هذا السياسي أو ذلك في
دمشق ولنتحدّث عن مثل محدد يمكن
الانطلاق منه للتأكد من ان مشكلة
النظام السوري تكمن في ذهنية معينة لا
علاقة لها بالمنطق. بل يمكن الحديث عن
المنطق العبثي للنظام السوري الذي
يعتقد ان تجميع الأوراق الاقليمية
سيسمح له بالانتصار على شعبه ومتابعة
المتاجرة باللبنانيين والفلسطينيين
وبعض العراقيين الى ما لا نهاية. هذا المثل المحدد، الذي يمكن الانطلاق
منه لتشريح الاسباب التي تحول دون اي
نوع من الاصلاح في سورية، هو القواعد
الفلسطينية في الاراضي اللبنانية. ما
الفائدة السورية من هذه القواعد التي
تقيم فيها عناصر فلسطينية مسلحة
مرتبطة بشكل مباشر بالاجهزة السورية
غير الاساءة الى لبنان واللبنانيين
وفلسطين والفلسطينيين وكل ما له علاقة
بحقوق شعب مظلوم؟ استخدمت هذه القواعد في الماضي من اجل
تأجيج الصراعات في لبنان. احدى
المنظمات الفلسطينية التابعة للنظام
السوري عملت في العام 1976 على تدمير قسم
من بيروت (منطقة الفنادق) بناية بناية
وشارعا شارعا وذلك بحجة الدفاع عن «عروبة
لبنان». كل ما كان مطلوبا في تلك
المرحلة هو الانتقام من لبنان
واللبنانيين وضرب صيغة العيش المشترك
في البلد. هل يمكن لمثل هذه الذهنية ان
تحافظ على نظام ما الى ابد الآبدين كما
يتصور أولئك الذين يمتلكون عقليات
مريضة ولا شيء غير ذلك؟ عمليا، ادت هذه السياسة، معطوف عليها
تزويد كل الميليشيات اللبنانية من
مسيحية واسلامية بالسلاح، الى انهيار
جزء من مؤسسات الدولة اللبنانية والى
عمليات تهجير متبادلة والى شرخ طائفي.
حسنا، كانت لدى النظام السوري في تلك
المرحلة اهداف معينة تتمثل في وضع اليد
على لبنان والسيطرة عليه عسكريا
وامنيا ومنع ياسر عرفات، رحمه الله، من
اعتماد سياسة خاصة به تحت عنوان «القرار
الفلسطيني المستقل». ما الذي يبرر هذه السياسة في السنة 2011؟ لا
وجود سوى لتبرير واحد يتلخّص بان
الذهنية التي تتحكم بالنظام لا تزال هي
ايّاها. لا يريد هذا النظام ان يسأل
نفسه ولو سؤالا واحدا من نوع لماذا كان
عليه الخروج من لبنان عسكريا في العام
2005؟ وفي حال كان عاجزا عن طرح مثل هذا
السؤال لماذا مرّ اغتيال كمال جنبلاط
في العام 1977 مرور الكرام فيما احدث
اغتيال رفيق الحريري في العام 2005 هذا
الزلزال الاقليمي؟ متى يباشر النظام السوري اعادة النظر في
اصراره على ابقاء القواعد الفلسطينية
التابعة له في الاراضي اللبنانية،
يصبح في الامكان القول ان النظام
السوري قابل للاصلاح. في غياب خطوة من
هذا النوع يصعب الكلام عن تغيير محتمل
في ذهنية ترفض الاعتراف بأن الحرب
الباردة انتهت مع سقوط جدار برلين خريف
العام 1989 وان المنطقة تغيّرت وان سورية
نفسها تغيّرت وان لا مفرّ من مواجهة
مشاكل ذات طبيعة مختلفة. الاهمّ من ذلك كله انه آن أوان الاعتراف
بأنّ الانتصار على لبنان ليس بديلا من
الانتصار على اسرائيل وان القواعد
الفلسطينية في لبنان لا تحلّ اي مشكلة
في سورية، لا مشكلة النمو السكاني ولا
مشكلة البناء العشوائي ولا مشكلة
البرامج التربوية ولا مشكلة الفساد
ولا مشكلة التطرف الديني لدى جماعات
معينة. كلّ ما في الامر ان النظام
السوري يحاول تسويق أوراق لا وجود لمن
يشتريها. الاكيد ان ليس في امكان من يفكّر بهذه
الطريقة الاقدام على اي اصلاح. الاصلاح
يحتاج شجاعة وعقلا متفتحا يدرك قبل اي
شيء آخر ان الدور الاقليمي لدول صغيرة
وهم وان لا مجال لمثل هذا الدور في غياب
اقتصاد قوي قبل اي شيء آخر. ================= البطريرك الماروني يحرج
الكنائس السورية! سليمان يوسف() المستقبل 8-10-2011 يبدو أن البطريرك الماروني بتصريحاته
الباريسية، التي انحاز فيها الى جانب
حكم الرئيس بشار الأسد مبرراً ذلك
بالخوف من البديل المجهول على مصير
مسيحيي سوريا ولبنان والمشرق عموماً ،
أحرج الكنائس السورية التي التزمت
الصمت حيال ما تشهده بلادها من
احتجاجات وأحداث عنف منذ آذار الماضي.
فبعد تصريحات الراعي، وما أثارته من
ضجيج إعلامي وسجال حام في مختلف
الأوساط والنخب المسيحية وغير
المسيحية، خرجت الكنائس السورية (الشرقية
والغربية والإنجيلية) عن صمتها،
وأصدرت بياناً مشتركاً، وصفت فيه ما
يجري في سوريا بأنه "مؤامرة خارجية
على جميع السوريين" وقالت: "لن ندع
رعايا الكنائس السوريين لاستجرارهم
إلى العنف والقتل وتنفيذ إملاءات
خارجية كي تصبح سوريا كالعراق ومصر
وليبيا..". انقلاب البطريرك (الراعي) على نهج ومواقف
سلفه البطريرك (صفير)، الذي كان على
خلاف عميق مع حكم الأسدين(الأب والابن)،
شكل صدمة سياسية قوية للسوريين
واللبنانيين المعارضين لحكم الرئيس
بشار. بيد أن انحياز الكنائس السورية
الى جانب بشار لم يكن مفاجئاً. فكما هو
معروف في سوريا ومنذ انقلاب حافظ الأسد
على الحكم عام 1970 تخضع مختلف المؤسسات
الدينية (الاسلامية والمسيحية) الى
مشيئة النظام الشمولي الذي أقامه. في
ظل هذا النظام الاستبدادي، لا مكان
لحرية الرأي والتعبير ولحقوق الإنسان
في قاموسه، يصعب على رؤساء الكنائس
السورية اتخاذ موقف من أي قضية مهما
كانت صغيرة تخالف فيه مشيئة الحاكم،
فكيف اذا كانت القضية تتعلق بمصير
الحاكم نفسه. أياً تكن الظروف والأسباب
والمسوغات التي عليها بنت الكنائس
السورية موقفها، هي أخطأت في خيارها
وفي حساباتها. لأن ليس من الحكمة أن
تنحاز الى جانب نظام مأزوم مُطالَب
بالرحيل من قبل غالبية شعبه. ووفق كل
الحسابات السياسية والغير سياسية تبدو
الكنائس خاسرة وغير موفقة في خيارها
هذا. فإن سقط حكم الأسد ستفقد "المؤسسة
الكنيسة" الكثير من شعبيتها ومن
رصيدها الوطني، وان صمد وبقي، ستلام
على موقفها السلبي وستتهم بالوقوف ضد
رغبات وتطلعات الشعب السوري، فضلاً عن
أنه ليس من الواقعية والعقلانية بشيء
ربط مصير المكون المسيحي المتجذر في
الوطن السوري، الذي شكل عبر التاريخ
ملاذاً آمناً لمسيحييه، بمصير نظام
متهالك لم يعد يصلح لحكم سوريا.
فالرهان دوماً يجب أن يكون على الشعوب
وليس على الحكام والأنظمة، أياً تكن
طبيعة هذه الأنظمة والحكومات. المقلق
على صعيد ردود الأفعال السلبية على
بيان الكنائس هو أن تأخذ بعض المجموعات
الاسلامية المتشددة من البيان ذريعة
لإثارة الأحقاد الدينية على المسيحيين
والقيام بعمليات إرهابية تستهدفهم
وكنائسهم. ربما، بيان الكنائس السورية لاقى
ارتياحاً من قبل أوساط وقطاعات مسيحية
شعبية خائفة من مفاعيل وارتدادات
الانتفاضة السورية. لكن في الوقت ذاته
البيان أثار ردود أفعال سلبية قوية في
أوساط "المسيحية السياسية" وبشكل
خاص لدى المعارضين للنظام. وقد دعا بعض
المثقفين والنشطاء المسيحيين
السوريين الى التبرؤ من بيان الكنائس
وفتح حوارات ونقاشات حول دور وموقف
المسيحيين من الحدث السوري والبحث في
كيفية دعم المسيحيين للانتفاضة
الشعبية. فالمسيحيون مثلما كانوا في
الماضي السباقين في نشر الأفكار
الديموقراطية في سوريا والمنطقة، كذلك
هم اليوم أكثر المتحمسين لرياح التغير
الديموقراطي التي تهب على المنطقة،
ولا يمكن لهم إلا أن يكونوا مع الحراك
الشعبي الساعي لإنهاء الاستبداد
والانتقال بسوريا الى دولة مدنية
ديموقراطية تعددية. من المهم جداً في
هذه المرحلة المصيرية والمحطة
التاريخية المفصلية التي تمر بها
سوريا والمنطقة أن يعي مسلمو سوريا
ويتفهموا مخاوف شركائهم المسيحيين
ويقدروا الأسباب والظروف التي تحول
دون مشاركتهم الفاعلة في الحراك
الاحتجاجي الشعبي. أنهم (المسيحيون)
يخشون من أن تنزلق بلادهم الى العنف
والفوضى والفتنة التي يهدد بها بعض
رموز النظام. فإذا ما عدنا الى الماضي
القريب والبعيد سنجد بأن غالبية
الانقلابات السياسية والهزات الأمنية
التي شهدتها دول المشرق جلبت
للمسيحيين مزيداً من الاضطهاد
والمظالم والتهجير من أوطانهم الأم.
كما أن موقف المعارضات السورية مازال
يتسم بالضبابية والغموض من المسائل
والقضايا الأساسية التي تهم المسيحيين
والأقليات الأخرى، مثل هوية الدولة
وطبيعة النظام السياسي الجديد ومسألة
"فصل الدين عن الدولة" المغيبة
كلياً عن البيانات الختامية لجميع
مؤتمرات ولقاءات وحوارات المعارضات
السورية، وقضية "الحقوق القومية"
للمسيحيين الغير العرب، مثل الآشوريين
(السريان) والأرمن. تجدر الاشارة هنا،
أن (مؤتمر هيئة التنسيق الوطنية لقوى
التغيير الديموقراطي) الذي انعقد في
ريف دمشق يوم السبت 17 أيلول الماضي
بمشاركة قوى وأحزاب عربية وكردية
وشخصيات مستقلة معارضة، أقصى
الآشوريين والأرمن عن المشاركة وخلا
بيانه الختامي من ذكرهم. أخيراً: ان تبديد مخاوف المسيحيين
السوريين وطمأنتهم لمستقبلهم يتطلب من
الغالبية المسلمة خطاباً وطنياً
مقروناً بممارسات وخطوات عملية تقطع
الطريق على تكرار المشهد العراقي
الأليم في سوريا. () سوريا. . باحث مهتم بقضايا
الأقليات ================= زمن "السلمية" يوشك
أن ينتهي.. حذار السلاح! ميشيل كيلو السفير 8-10-2011 قبل خمسة أشهر كاملة، كتبت مؤكدا أن الحل
الأمني من فوق سيستدعي في مرحلة ما من
الصراع السوري حلا أمنيا من تحت، وقلت
إن مخاطر ثلاثة رئيسة ستنجم عنه، هي: - تغيير طابع الاحتجاج من سلمي علني إلى
مسلح سري، ومن مدني مفتوح إلى مذهبي
مغلق، ومن مجتمعي عام إلى عصبوي جزئي. - إغلاق جميع أبواب الحل السياسي ومدخله
الرئيس: الحوار السلمي والندي بين
أطياف العمل العام الداخلي، وتحويل
العنف إلى ثقب أسود قادر على ابتلاع كل
شيء وجهة . - فتح أبواب سوريا أمام جميع أنواع التدخل
الخارجي، وإعطاء فرصة لكل من هب ودب كي
يفعل ما يريده في هذا الاتجاه أو ذاك،
إلى جانب هذا الفريق أو ذلك، وصولا إلى:
لحظة قاتلة يفلت فيها زمام الأمور من
أيدي الأطراف الداخلية، ويستحيل أي حل
مهما كان نوعه :بدءا من إيجاد حل متوافق
عليه مع النظام إلى العمل على إسقاطه،
مرورا بجميع الاحتمالات السيئة
والحسنة الواقعة بين هاتين
الإمكانيتين، وجعل أي حل داخلي مهما
دار حوله من إجماع محكوما بشروط
خارجية، مع ما يعنيه الإمعان في العنف،
الذي ستتسع دائرته باضطراد وستنضم
إليه قطاعات لا تني تتزايد من
المواطنين، من تمزيق لوحدة الشعب
وتقويض لأسس وجود الدولة والمجتمع . واليوم، وبينما تتزايد المؤشرات التي تدل
على أننا بلغنا أو نكاد نهاية مرحلة من
الصراع، وأخذنا ننخرط في مرحلة جديدة
مختلفة نوعيا عنها، أقله من حيث
أدواتها، حيث الدعوة إلى حمل السلاح
تعم وتنتشر أكثر فأكثر، والمجتمعان
المدني والأهلي يفقدان إيمانهما
بالتظاهر السلمي، ومفاتيح الحل تنتقل
بصورة متزايدة إلى الأيدي الدولية،
التي صارت تتدخل بشتى الصور في الشأن
السوري، وتتصرف كأن سوريا دولة تحت
الوصاية، أو كأن المسألة الرئيسة
تقتصر اليوم على الجهة التي ستمسك
بمصير بلادنا في الحقبة القادمة، مع ما
يعنيه هذا كله من تبدل في طابع الحدث
السوري، الذي أخضعه الحل الأمني
لآليات ومنطق القوة، وحرفه عن طابعه
وطبيعته، وجعله معقدا إلى درجة وضعته
خارج قدرات جميع أطرافه (مجتمعة
ومتفرقة)، فلم يعد لدى أي منها ما يكفي
من وسائل ويلزم من علاقات بوسعها تسهيل
حله أو جعله ممكنا. في أجواء كهذه،
يسودها الافتقار إلى الثقة، وتسيطر
عليها الشكوك، ويشحنها العنف بالدم
والألم والعذاب، صار من المفهوم، وإن
لم يكن من المقبول، أن لا تقبل السلطة
بمحاورة المعارضة، وان تتعالى لغة
الاتهامات المتبادلة، وتبلغ حدة
الصراع حدا تضيع معه معايير الخطأ
والصواب، الخيانة والوطنية، وأن يختلط
الحابل بالنابل وتنفتح أبواب النفوس
على إلغاء الآخر والقضاء على وجوده، في
سياق لا يبقى معه أي بديل قادر على فرض
نفسه غير العنف: مع ما يعنيه ذلك من
حوار بالسلاح يلغي جميع أشكال الحوار
بالعقول والوقائع. في الأصل: كانت حسابات الخيار الأمني ترمي
إلى تحقيق هدفين: نزع الطابع المدني
للحراك المجتمعي ودفعه إلى اكتساب
طابع مذهبي يفترق معه القسم المدني عن
القسم الأهلي في مكوناته المجتمعية،
وتحويله إلى حراك عنيف يسهل القضاء
عليه، باعتبار أن الجمهور العريض
سينفك عنه وسيلزم بيوته خوفا من السلاح. لكن هذا يستبعد أن يحدث. أولا: لأن حجم
الملاحقين والمطاردين والمقتولين
والمعتقلين من المجتمعين المدني
والأهلي هو الذي يوحد إرادتهما حول
ضرورة حمل السلاح، علما بان توافقهما
على المواطنة والحرية والمدنية
والديموقراطية لم يكن أمرا عابرا، بل
كان فرصة كبيرة لتجديد المشروع
النهضوي العربي، السياسي والاجتماعي،
بما أنه كان أول فرصة نوعية تتاح له من
خارج الإطار التقليدي / المذهبي لعلاقة
هذين المجتمعين في تاريخ الشرق العربي
الحديث، ولأن تفويت هذه الفرصة ورفض
الاستجابة لمطالبهما سيدفعهما إلى
العمل المشترك ضد السلطة: الجهة التي
يحملانها المسؤولية عن عدم تحقيقها.
وهكذا، فإن ما في المجتمع الأهلي من
ميل مفترض إلى المذهبية لن يؤدي
بالضرورة إلى انفكاكه عن المجتمع
المدني، وبالعكس، ما دام هدف العداء
للنظام يوحد معظم قطاعاتهما وقمعه
ينصب عليهما كليهما بقدر واحد. وثانيا:
لأن اتساع رقعة الاحتجاج الشعبي يجعل
من الصعب احتواءه بالقوة، بأي حجم من
القوة، فإذا أضفنا إلى انسداد الحل
الأمني، مهما كانت تسميته هنا أو هناك،
نقطة ضعف حقيقية تميز وضع النظام،
تتمثل في اتساع رقعة انتشار الجيش
والأمن والقوى غير الرسمية المساندة
لهما، الذي يتيح لخصومه مهاجمته
بالطريقة التي يختارونها والتوقيت
الذي يناسبهم، ويمكنهم من تشكيل توازن
قوى محلي لغير صالحه في النقاط التي
يريدونها، مع ما سيسببه هذا من استنزاف
جدي ومتواصل لقدراته، لا يترك له غير
أحد احتمالين: الانكفاء عن مناطق معينة
ستخرج عندئذ عن سيطرته، أو القيام
بجهود مبعثرة تتميز بلا مركزية
القيادة الميدانية، التي ستقع في صغار
القادة وستعطيهم دورا حاسما في
الصراع، مما يتناقض مع أسس القتال ضد
أعمال مسلحة تدور في مناطق، هي نقاط
ضعف بنيوية للسلطة، فإذا أضفنا إلى ذلك
ما يمكن أن يحدثه التدخل الخارجي من
تبدل سريع في نوع وفاعلية أسلحة
المقاتلين ضد جيش مبعثر. ليست طرق
إمداده ومواصلاته آمنة، ينتشر جزء
كبير منه في مناطق ومواقع نائية
وحدودية تضع أمنه في يد متدخلين
خارجيين، أدركنا مدى العنف الذي ستزج
بلادنا فيه، ونوع النار التي ستحرق كل
جزء من أجزائها ومنطقة من مناطقها،
وحجم التضحيات البشرية وغير البشرية
التي ستجد نفسها مرغمة على تقديمها،
والرمال المتحركة التي ستبتلعها . نحن اليوم أمام مرحلة هذه آفاقها، مهما
كانت تقديرات المسؤولين الرسميين أو
المتظاهرين: مرحلة لا يريد أحد أن يخرج
مهزوما منها، فهي مفتوحة إذاً على أسوأ
الاحتمالات والممكنات، يعلن طرفها
الرسمي أنه وضع حدا لها لمجرد أنه يوشك
أن يتخلص من طابعها السلمي، ويتجاهل
أنه سيواجه نمطا مختلفا من الصراع في
مرحلته الثانية: المسلحة، وأن حرية
الحركة لن تكون متوفرة له خلالها
بالقدر الذي امتلكه في طورها الأول،
لأنه سيكون غالبا تحت النار حيث يرابط
ويتحرك، وسيواجه ليس فقط مسلحين
أفراداً بل مجاميع واسعة من مواطنين
تعرضوا لقمع لا يرحم وقتل منهم كثيرون،
سيردون عليه بعنف لا حدود له ولا رحمة
فيه. وهناك منذ اليوم إشارات مرعبة إلى
ما سيحدث، يرويها سكان مناطق كثيرة من
سوريا: شرقا وغربا، ساحلا وجبلا، تؤكد
أن تفككا وطنيا عاما يحدث، وأن تضميد
جراح سوريا لن يكون مسألة سهلة أو
سريعة، حتى في حال انتهى الصراع اليوم،
وأن السلاح لم يستعد الأمن، حتى في
المناطق التي تراجع التظاهر فيها،
وأنه نجح فقط في تغييّر طبيعة المعركة،
وفي جعل المسالمين السابقين يفكرون
بالتحول إلى مقاتلين، آمل بيأس أن لا
يصيروا قريبا مجاهدين. ومن يستمع إلى
القصص حول ما يجري في أرياف ومدن
محافظات حماه ودير الزور وادلب وحمص
ودرعا وريف حلب، يدرك أن زمن السلمية
يوشك أن ينتهي في كل مكان، وأن الرصاص
سيكون لغة الخطاب من الآن فصاعدا، بعد
أن شرع يتلاشى حضور دعاة التظاهر
المدني والسلمي، ويتضاءل دورهم
ويزاحون جانبا في معظم المناطق، وأخذت
تحل لغة الثأر والرد على القوة بالقوة
محل أية لغة أخرى. لا للسلاح: الرسمي منه قبل كل شيء، الذي
استخدمته وتستخدمه السلطة لحل نزاع
سياسي الطابع والمسائل، يستحيل أن يحل
بالسلاح أو القوة. ولا للسلاح غير
الرسمي، الذي يتزايد الإيمان بقدرته
على إسقاط نظام فشل العمل السلمي في
إسقاطه حتى الآن، فخال من انخرطوا فيه
أن السلاح سيتكفل بتحقيق هدفهم، مع أنه
لم ينجح في أي مكان كان فيه ردا على
احتجاز أو فشل سياسي، ونجح حيثما ترتب
على نجاح الخط السياسي ومثل تطورا
طبيعيا له: مدروسا ومحسوبا وليس
عشوائيا وانفعاليا. لا للسلاح، لان الحراك المجتمعي سيفقد
بدوره سيطرته عليه، مثلما فقدت جماعة
الخيار الأمني سيطرتها على الوضع
عموما، وقوضت حلوله السياسية
والحوارية، وصارت أسيرة له، وملزمة
بإبقاء النظام معبئا حوله، أي فاقدا
لقدرته على الحركة الحرة، وعلى الخروج
بالتالي من مأزقه العصيب. هذا هو الوضع الفعلي الذي قاد الحل الأمني
سوريا إليه، وهذه هي آفاقه. إنه لم يكن
أسوأ الحلول فقط، بل فتح أبواب بلادنا
أمام هلاك خارجي وداخلي استنزافي
وأكيد. مع ذلك، لا يلوح في الأفق أي ميل
إلى الرجوع عن عنف السلاح، الذي دفع
جميع أطراف الشأن العام إلى الهاوية،
التي إن لم يتوقفوا ابتلعتهم قبل أي
أحد آخر، بعد أن تتدفق عليهم أعاصير
التدخل الخارجي من كل مكان: تركيا
والعراق ولبنان والأردن، وتهب عليهم
زوابع الحل الأمني المقابل من أربع
جهات الأرض السورية. ================= علي حماده النهار 8-10-2011 أبدأ بموضوع اغتيال القائد الكردي
المعارض في سوريا مشعل تمو الذي قضى
برصاص من أرادوا ان يعلنوا البارحة بدء
عصر الاغتيالات والتصفيات السياسية
التي تذكرنا بالاغتيالات التي استهدفت
قادة الاستقلال في لبنان، او بتلك التي
استهدفت قادة الشعب الفلسطيني في اطار
ما سمته اسرائيل القتل المستهدف. ولا
يسعنا سوى ان نردد مع حورية الحرية في
دمشق سهير الاتاسي التي كتبت امس على
صفحتها على موقع الفايسبوك: "ها هم
يعلنون بدء مسلسل الاغتيالات، ربما
حرب الإبادة التي يشنّونها لم تعد
تكفيهم، وها نحن نعلن من جديد أننا
سنسقطهم بأيدينا، وأن نور الحرية آت من
مشاعل أبنائها... شاء من شاء وأبى من أبى...!!!". بالطبع يبدو النظام في سوريا اكثر ثقة
بالنفس بعد سقوط مشروع القرار
الاوروبي الاميركي الذي يدينه في مجلس
الامن بالفيتو الروسي – الصيني
المزدوج، فيضاعف هجمته على الشعب
الاعزل بهدف كسر الثورة في اسرع وقت،
قبل الاستحقاق الآتي مع العقوبات
المباشرة من خارج الامم المتحدة التي
هي في طريقها الى التنفيذ عربيا ودوليا.
وقبل ان تتعاظم الضغوط العربية
والاوروبية والاميركية على روسيا لكسر
دفاعها الصلب عن النظام في سوريا. اما
الاستحقاقات الاخرى الداهمة فتتمثل في
الانشقاقات المتواصلة في الجيش، وبدء
تأطيرها، وتنظيمها ومدّها بدعم خارجي.
ومن علامات الثقة بالنفس التي يبديها
النظام في سوريا، وان تكن الثقة تلك
غير واقعية اذا ما نظرنا الى الصورة
الاكبر، التحركات العسكرية على الحدود
مع لبنان شمالا وبقاعا، وصولا الى
اختراقها اكثر من مرة. فضلا عن معلومات
وردت اخيراً الى العديد من القيادات
اللبنانية الاستقلالية، تفيد بتحرك
على مستوى لبنان يجري الاعداد له، قد
يصل الى حدود التضييق الامني المباشر
على القادة الاستقلاليين، في ظل
استسلام تام من رئيسي الجمهورية
والحكومة. والاستسلام هذا اقرب الى
التواطؤ منه الى فعل مفروض عليهما.
اكثر من ذلك، فإن تسليم البلاد
بمؤسساتها هنا الى "حزب الله"
جعلت من القول إن ثمة دويلة في لبنان لا
بد من تصفيتها لمصلحة الدولة نفسها،
قولاً غير واقعي وتخطته الوقائع على
الارض. فالواقع يشير الى امر اكثر
خطورة بأشواط، هو ان "حزب الله"
يتجه تدريجا الى ان يكون هو الدولة. والدليل على خطورة ما نقول، ما أسّرت به
قبل سنوات قيادة روحية راحلة لشخصية
سياسية لن نذكر اسمها هنا، أن "حزب
الله" يدفع رواتب للعشرات من كبار
موظفي الدولة في جميع الاسلاك، وقسم لا
يستهان به ليسوا من الشيعة، وذلك في
اطار مخطط منهجي لوضع اليد على الدولة
من زاوية الماكينة. واذا اضفنا حالة
وضع اليد سياسيا بإستخدم السلاح لقلب
الحكم "قانونيا"، وتشكيل حكومة
لحماية القتلة هنا وفي سوريا، لسهل
ادراك اي خطر يواجهه لبنان في المرحلة
المقبلة. كل هذا ولا نتحدث عن "الاستيطان"
العقاري والديموغرافي والامني المخيف
في بيئات لبنانية حساسة ولا سيما في
جبل لبنان. ================= عبد الباري عطوان 2011-10-07 القدس العربي عندما يضع
الرئيس السوفييتي ديمتري ميدفيديف
القيادة السورية امام خيارين لا ثالث
لهما: الاصلاح او الرحيل، فإن هذا
الموقف يجب أخذه بالجدية الكاملة،
لانه صادر عن دولة صديقة استخدمت حق
النقض 'الفيتو' ضد مشروع قرار تقدمت به
بريطانيا وفرنسا لفرض عقوبات على
سورية، ولان العالم بأسره لم يعد يحتمل
اساليب المراوغة والمناورة التي
تتبعها هذه القيادة، لتجنب الاصلاح
الحقيقي الذي يتطلع اليه الشعب
السوري، ويقدم الشهداء من اجل تحقيقه. القيادة السورية تلكأت كثيرا في تطبيق
الاصلاح، اعتقادا منها ان الحلول
الامنية الدموية قادرة على اخماد
الانتفاضة السورية في نهاية المطاف،
وان المسألة مسألة بضعة ايام او اسابيع
للسيطرة على الاوضاع، ولكن هذا
الاعتقاد ثبت فشله بدليل استمرار
الاحتجاجات لاكثر من سبعة اشهر في
اجزاء كثيرة من البلاد. سورية تعيش مأزقا صعبا، فلا السلطة قادرة
على اخماد الانتفاضة، ولا المعارضة
قريبة من اسقاط النظام، والشعب السوري
يدفع الثمن غاليا من دمائه وأمنه
واقنصاده ولقمة عيشه، وكلما استمر هذا
العناد، ومن القيادة السورية خاصة،
تفاقمت حدة المعاناة والخسائر. الفيتو الروسي الصيني المزدوج الذي
رأيناه يصدر بقوة في مجلس الامن الدولي
للمرة الاولى منذ عقود، ينهي الهيمنة
الامريكية البشعة والمستفزة على
المنظمة الدولية، ويضع حدا لحروبها
الاستفزازية المتكبرة ضد العرب
والمسلمين، ولكن هذا لا يعني ان النظام
السوري يستطيع ان يطمئن الى انغلاق
جميع الابواب امام التدخل الخارجي
العسكري، لأن هذا التدخل يمكن ان يأتي
من النوافذ، وعبر طرق التفافية اقصرها
التسليح، ودعم الميليشيات وتهيئة
المجال لحرب اهلية اكثر دموية، تستنزف
النظام والانتفاضة السورية في الوقت
نفسه. سورية، وفي ظل حال الجمود الراهن، بحاجة
الى طرف ثالث لكسره، والقيام بوساطة
نزيهة بين النظام والمعارضة، تحقق
مصالحة وطنية، وتمهد لانتقال جدي نحو
التغيير الديمقراطي الشامل والكامل،
ولعل روسيا والصين تستطيعان القيام
بهذا الدور، بعد ان فشلت الجامعة
العربية، ونقولها بكل أسف، في لعب اي
دور بنّاء في هذا الصدد. قبل هذه الوساطة، يجب ان تتوقف عمليات
القتل البشعة التي يمارسها النظام
واجهزته الامنية والعسكرية، التي ادت
الى استشهاد ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص
حتى هذه اللحظة، وعشرات الآلاف من
الجرحى، وان تطهر الانتفاضة صفوفها من
بعض المظاهر العسكرية التي اخترقتها،
من منطلق الدفاع عن النفس، مثلما تؤكد
الغالبية الساحقة من المتحدثين باسمها. ' ' ' الاوضاع في سورية لا يجب ان تعود الى
الوراء، الى زمن احتقار الشعب
واذلاله، وانتهاك كرامته، على ايدي
اجهزة امنية قمعية تفوقت في اعمال
التعذيب والقتل ومصادرة الحريات. واذا
كان الفيتو الروسي الصيني المزدوج
سيساهم في هذه العودة، بطرق مباشرة او
غير مباشرة، فإنه سيقوّض مصداقية
اصحابه، ومصالحهم في المنطقة العربية،
لان الشعوب العربية، وفي ظل ثوراتها
الديمقراطية، لم تعد تقبل، او تتحمل
انظمة ديكتاتورية قمعية، ولم تعد
تنطلي عليها الشعارات الكاذبة او
الوعود غير الجدية حتى بالاصلاحات
الشكلية التجميلية. نضم صوتنا الى صوت الرئيس الروسي
ميدفيديف، ونطالب الرئيس السوري بشار
الاسد بالتنحي وفورا، حقنا لدماء
الشعب السوري اولا، وحرصا على استقرار
سورية وأمنها ووحدة ترابها الوطني،
اذا كان غير قادر على الاصلاح الجذري
الذي يطالب به شعبه، والبدء فورا
بتبييض السجون، واطلاق جميع
المعتقلين، وتقديم جميع الذين ولغوا
في سفك دماء الشعب السوري الى محاكم
عادلة، بمن في ذلك بعض المقربين منه،
فسورية واستقرارها ووحدتها الوطنية
اهم من هؤلاء جميعا واكبر. قد يكون الفيتو المزدوج هذا أعطى النظام
السوري فسحة من الوقت لالتقاط
الانفاس، وقضى على آمال بعض المعارضين
السوريين الذين كانوا، بل وما زالوا،
يراهنون على التدخل الاجنبي ،على غرار
ما حدث في ليبيا وقبلها في العراق،
ولكن هذا لا يعني انه، اي الفيتو، جاء
بفضل دهاء هذا النظام، او انتصاراته
الدبلوماسية، وانما بفضل الغباء
الامريكي الفرنسي البريطاني،
والاستهتار بالشرعية الدولية،
والتفرد باتخاذ قرارات الحرب تحت
شعارات كاذبة ومضللة حول الديمقراطية
وحقوق الانسان. العالم الغربي بقيادة امريكا، ارتكب
جرائم حرب في ليبيا، وحمى قسما من
شعبها من اجل قتل وتشريد قسم آخر،
وحولها الى دولة فاشلة، واشعل فتيل
الانقسامات الايديولوجية والمناطقية،
وبذر بذور التطرف والكراهية بين ابناء
البلد الواحد، وكل ذلك من اجل النفط
والعقود التجارية المغرية، وليس من
اجل الديمقراطية وحقوق الانسان. ' ' ' ندرك جيدا غضب بعض قيادات المعارضة
السورية من هذا الفيتو ونتفهمه، ولكن
كان لا بد من وضع حد لهذا التغول الغربي
الذي يريد انقاذ اوروبا وامريكا من
ازماتها الاقتصادية الطاحنة، عبر حروب
تؤسس لاستعمار جديد بقناع ديمقراطي
مزور ومضلل. الفيتو الروسي الصيني لن ينقذ النظام
السوري، ولن يخرجه من ازمته، الشعب
السوري وحده، والتغيير الديمقراطي
الشامل والجدي هو الوحيد الذي يمكن ان
يقوم بعملية الانقاذ هذه، فزمن
الرئاسة مدى الحياة انتهى الى غير
رجعة، وكذلك زمن التوريث وحكم الحزب
الواحد، وتأليه القائد، وتحويل البلاد
الى مزرعة للفاسدين من افراد البطانة
المحيطة بالنظام. امام الرئيس بشار الاسد فرصة اخيرة
لانقاذ بلاده، ولا نقول نظامه، وعليه
ان ينتهزها، وان يكون على قدر هذه
المسؤولية التاريخية ومستواها، فلم
يبقَ امامه وقت للمناورة والتهرب من
هذه المسؤولية. الشعب السوري وحده، وبمساعدة اصدقائه في
موسكو وبكين، وكل عواصم العالم
الديمقراطي، هو وحده الذي يجب ان يطيح
بالنظام السوري، وليس دبابات وطائرات
وصواريخ حلف الناتو التي شاهدنا
مجازرها في العراق وافغانستان وليبيا،
والكوارث التي خلفتها، وفي حال فشل
النظام السوري في الاختبار الاخير
هذا، والاستماع الى نصائح اصدقائه،
الروس والصينيين، فإن على هؤلاء
التدخل لمصلحة الشعب السوري، ودعم
انتفاضته الشرعية لتغيير هذا النظام. ================= ديموقراطية الثورة
السورية وسؤال ما بعدها السبت, 08 أكتوبر 2011 علي العائد * الحياة للسوق، في الرأسمالية، يدٌ خفية.
ولصناديق الاقتراع، في أقل أنظمة
الحكم عيوباً، وهي الديموقراطية، أرجل
خفية. من أين ستنفذ الثورات العربية إلى اليد
والرِجل الخفية؟ وأين يقع الرأس من هذه
وتلك؟ اليد الخفية في السوق الرأسمالية تغني عن
تدخل الدولة في تنظيم عمل الأسواق، حيث
العرض والطلب في السوق التنافسية هو
الذي يحدد ثمن السلعة أو الخدمة، وأما
الرِجل الخفية، أو الأرجل الخفية، فهي
التي ترجح فوز هذا الشخص أو هذا الحزب
في الانتخابات، وهي ببساطة الأموال،
الدولار، أو اليورو، هناك، والليرة،
هنا، باعتبار ما سيكون. هنالك شك مقيم في قرب وصول الثورات
العربية، المنجِزة انتصارها المبدئي،
إلى هذين الهدفين. ففي كل تلك الدول
التي خطت خطوتها الأولى نحو الحرية
المفترضة خلل بنيوي في السوق، إذا
وُجد، وانعدام وجود لصناديق الاقتراع
في مجتمعات ما قبل دولتية (من الدولة).
وإذا كانت الانتخابات في الدول
الراسخة الديموقراطية مشكوكاً في
سيرها الأخلاقي، من حيث أن الأرجل
الخفية لرأس المال هي التي تنصر هذا
المرشح أو ذاك، فكم من «تمساح سياسي»
اعتلى الكرسي بأصوات الناخبين، وليس
أقربهما إلينا ساركوزي ومدفيديف، ولا
أبعدهم جورج بوش الإبن، وحتى وودرو
ويلسون ليس ببعيد عن هذا الشك منذ
العقد الثاني من القرن العشرين. لا سوق، ولا صناديق، لدينا. ولم تبلغ
المجتمعات العربية سن الحِلم بعد. ماذا
لو افترضنا أن السير باتجاه اليد
والرجل الخفية أمر حتمي، وهو كذلك من
حيث أن البشرية لم تتوصل بعد إلى نظام
أفضل من هذا، على العموم، وعلى كل دولة
أن تطوع لنفسها صيغة تناسب تطور ظرفها
التاريخي، فالديموقراطيات في شمال
أوروبا الاسكندنافية مختلفة جزئياً
عنها في فرنسا وبريطانيا، ومختلفة عن
الديموقراطية الأميركية في بعض
التفاصيل الإطارية، لكن الجوهر هو
نفسه داخل الإطار العام. إذاً، كيف لنا أن نشكك في الوعي الفطري
للجماهير التي غضبت وخرجت إلى الشارع،
اعتُقلت ولا تزال تتسلح بالصوت فقط،
وأخص هنا الخروج السوري إلى تلك
الشوارع من حيث لم يتوقع أحد إمكانية
حدوث ذلك في هذه الألفية، قُتلت
الجماهير وأهينت ولا تزال ترفع
عقيرتها العارية طالبة الحرية. لا
تشكيك، فهؤلاء يعتقلون ويهانون، بل
ويموتون من أجل الحرية، ولا منطق في
القول إن مئات الآلاف مغَرَّر بهم
ليتآمروا على بلدهم ووطنهم. قد يرى أحدنا أن النضج الحضاري لهذه
الجماهير عملاق في قمقم، وبالتالي لا
حاجة لإعادة اختراع العجلة، فالوصفة
الديموقراطية هي ببساطة في صناديق
الاقتراع، التي لن تفرز نتائج أقرب إلى
الحقيقة إلا بتوافر قضاء نزيه تعضده
صحافة حرة، فهل يمتلك عملاق مجتمعاتنا
العربية مثل هذين الأقنومين للذهاب
إلى صناديق الاقتراع بثقة الحريص على
مستقبله؟ هنالك شك، لكن لا بد من ركوب
عجلة الديموقراطية عاجلاً. وقد يرى آخرون أن إسقاط النظام السوري ليس
ضرورة للسير نحو الديموقراطية، لكن
النظام «فهم» ذلك على غير الطريقة
التونسية، وهو كلام خائف و «تجاري»
يفضل المصلحة القريبة والاستقرار
المهين للأوطان قبل الأفراد، ومصلحة
الفئة السمينة في العموم، من دون أن
ننسى خوف الفقراء الذين يريدون العيش
بسلام في انتظار ما قد يقدمه المستقبل
من حلول سهلة. يمضي الشعب السوري تحت شعار «الموت ولا
المذلة»، وبتنويعات مختلفة في
الكلمات، على إيقاع شعارات تفرضها
الأحداث في كل جمعة. الشعب السوري
الثائر، والمقدر بأرقام إحصائية
معتبرة، «قرر» عدم التراجع، مستفيداً
من «فائض قوته السلمية»، في مقابل «فائض
قوة الخوف» التي يتمترس خلفها النظام.
الأخير يبدو قوياً، ولا يتأثر بوازع
دولي، أو أخلاقي، أو «عَقَديّ»، تجاه
الشعب الذي من المفترض أنه يحكمه، وليس
يستعبده، أمام هذه المعادلة غير
العادلة في شكلها: «السلمية مقابل
السلاح» يبدو الأفق مسدوداً أمام
الطرفين، ويبدو الحل مستحيلاً،
فالنضال على طريقة غاندي ومارتن لوثر
كينغ استهلك عشرات السنين في الهند
وأميركا، ومع ذلك كانت معادلتا القمع
للاحتجاجات، من بريطانيا المحتلة، ومن
الرجل الأبيض تجاه السود في أميركا،
أكثر لطفاً بما لا يقاس من معادلة الأخ
السوري لشعبه. وأما ترف الانتظار لعقد
من السنين، أو سنة فقط، فهو غير
متَصوَّر من الثائرين في سورية،
نظرياً على الأقل، فستة أشهر من
الاحتجاجات المستمرة هي الأخرى كانت
ضرباً من الخيال قبل ستة أشهر، بخاصة
أن المشهد العام ما قبل ثورتي تونس
ومصر كان يدل أن هذه الشعوب استمرأت
القمع والذل، وستعيش تحت نير إلى أبد
الآبدين. يد الشعب، الآن، هي غير اليد الخفية التي
تنظم عمل الأسواق، فالخبز يتأخر في
قائمة أسباب الثورة، وأما رِجل صناديق
الانتخابات فموضوع مؤجل ولا خشية منه،
و «رِجل الثورة» هي مَنْ تحدد طول
وارتفاع الوثبة في اتجاه
الديموقراطية، فالشعب الذي أُكره على
ارتشاف كأس الذل، يتدرب الآن على تجرع
مر الدواء في سبيل غسل تاريخه من تلك
الصفحات السوداء، التي لم يبق منها إلا
قليل حتى يثب الوثبة التي ترضيه هو،
فهو الشعب، وهو الغالب لبائعي
الشعارات. ================= السبت, 08 أكتوبر 2011 مصطفى زين الحياة منذ اندلاع الاحتجاجات في سورية،
والمعارضة في الخارج تبحث عن شرعيتها
في تمثيل المحتجين وانتزاع الاعتراف
بها «ممثلاً وحيداً» للشعب السوري.
اصطدمت هذه المساعي بمعوقات كثيرة،
أهمها انقسام المعارضة بين داخلية
وخارجية، وخلافات الخارجية بين مؤيد
ورافض للتدخل العسكري الخارجي، فضلاً
عن رفض المعارضة الداخلية هذا التدخل
في أي شكل كان، عدا الذين يواجهون آلة
النظام بالسلاح ويستدرجون أي «مساعدة»
من أي جهة أتت، مبررين ذلك بالدفاع عن
النفس وعن «الشعب»، غير عابئين بالثمن
الذي يطلبه من يمد يد المساعدة إليهم. والآن، بعد أن تم لمعارضي الخارج ما
أرادوا واستطاعوا التوافق بدأوا
اتصالاتهم للاعتراف ب «المجلس الوطني»
الذي شكلوه في إسطنبول «ممثلاً وحيداً»
للشعب السوري، مستبشرين بحماسة وخفة
ساركوزي، وكراهية البيت الأبيض وآل
كلينتون لدمشق، واندفاعة أردوغان
واستعجاله تكريس نفسه زعيماً للشرق
الأوسط، ورأس جسر للحلف الأطلسي في
الإقليم. اجتازت المعارضة السورية في الخارج «المرحلة
الأصعب»، على ما قال الناطق باسم
المجلس برهان غليون، وبدأت المرحلة
السهلة، أي استدراج الاعترافات (اقرأ
العروض) الدولية والعربية. اعترافات «مضمونة»،
على ما أكد أكثر من عضو في المجلس،
فواشنطن وباريس وأنقرة وعواصم أخرى
اتخذت موقفاً مناهضاً للنظام السوري
ومارست ضغوطاً كبيرة على زعماء
المعارضة الخارجية وقدمت إليهم مغريات
كثيرة كي يتوافقوا على تقاسم الحصص
داخل المجلس الآن، وربما بعد «الثورة». وحين يسأل هؤلاء عن الموقف الروسي
والصيني المعارض لأي تدخل عسكري في
سورية، يعودون إلى مواقف الدولتين من
العراق وليبيا. عارضت موسكو وبكين
إصدار أي قرار من مجلس الأمن ضد صدام
حسين والقذافي، ثم حاولتا الالتحاق
بالمجتمع الدولي (اقرأ الولايات
المتحدة)، بعد فوات الأوان، لذا
ينصحونهما بالمبادرة إلى فك تحالفهما
مع النظام الآن «لأن عجلة الاعترافات
بالمجلس بدأت بالدوران». هذا التبسيط للسياسات الدولية، وعدم
قراءتها بواقعها في العراق وليبيا
جعلت معارضاً مثل هيثم مناع يتخذ
موقفاً من صديقه برهان غليون، ويقول إن
«واشنطن تدير المجلس الوطني». أما في دمشق فللمعارضة وجهة نظر أخرى.
ينتقد معارضو الداخل «المجلس الوطني»،
ويقول أحدهم إن وراءه أنقرة والأطلسي.
ويتابع أن تركيا تحاول الإفادة من
انهيار النظام العربي، ومن اندفاعة
الأطلسي، لمد نفوذها إلى سائر المنطقة.
ويؤكد أن حزب «العدالة والتنمية» يلعب
اللعبة المذهبية السائدة ، مصوراً
نفسه معادلاً للنظام الإيراني، لذا
يراهن على «الإخوان» في الدرجة
الأولى، وعلى باقي الأطراف في المجلس،
وبينهم مثقفون علمانيون يتساوون في
تبسيط الأمور مع العشائر. مثلما احتضنت إيران المعارضة العراقية،
في عهد صدام حسين، وقدمت إليها كل
مساعدة ممكنة، مستغلة تأثيرها المعنوي
على أطرافها جميعاً، تحاول تركيا
احتضان المعارضة السورية لتكون شريكها
الرئيسي في إعادة تشكيل النظام السوري.
لكن تكرار التجربة الإيرانية في
العراق مع سورية يصطدم بمعوقات كثيرة،
منها عدم استعداد المعارضة الداخلية،
وهي الأساس، للتعاون مع أي غزو خارجي،
والمعارضة التركية في البرلمان لهذا
السيناريو. ويبقى موقف الدول العربية المناهضة
للنفوذ الإيراني في العراق. هل ستقبل
أن ترسم أنقرة وطهران، فضلاً عن
إسرائيل، مستقبلها ومستقبل المنطقة
كلها؟ خيل لكثيرين أن تركيا فقدت دورها بعد
انتهاء الحرب الباردة، وأن الأطلسي
أصبح حلفاً مسالماً. لكن أنقرة ترسم
لنفسها دوراً جديداً في المنطقة، وعلى
المستوى العالمي، وتستعد لذلك بنشر
الدرع الصاروخية الأميركية على
أراضيها في مواجهة روسيا وإيران. وبمد
نفوذها إلى سورية. أما الأطلسي فيستعيد
طموحاته الاستعمارية، وسط ضعف عربي لا
مثيل له. باسم الشعب السوري نزع البيت الأبيض
الشرعية عن الأسد. وباسم هذا الشعب
أيضاً دعته فرنسا وألمانيا وتركيا
ودول أخرى إلى التنحي. والآن يأتي «المجلس
الوطني» ليطالب بهذه الشرعية. وطموحه
أن تتعامل معه الأمم المتحدة مثلما
تعاملت مع «المجلس الانتقالي العراقي»،
و «الانتقالي الليبي». فلنستعد لحرب
أهلية أخرى، بعد لبنان والعراق وليبيا
واليمن، في ظل الشرعية الدولية. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 8-10-2011 على الرغم من النفي السوري لخبر وكالة
أنباء «فارس» الإيرانية بأن بشار
الأسد قد هدد وزير خارجية تركيا بأن
بمقدوره إحراق المنطقة في 6 ساعات،
الذي نسبته الوكالة الإيرانية لمسؤول
عربي رفضت ذكر اسمه، فمن المفترض أن
تكون رسالة الأسد قد وصلت للمعنيين في
المنطقة. وبالطبع، فقد ينفي أوغلو أيضا الخبر، إلا
أن الواضح، وهذا الأهم، أن الخبر هو
مجرد رسالة إيرانية - سورية للمنطقة
والغرب، الهدف منها تحذير الجميع من
تقديم أي مساعدة لإسقاط النظام
الأسدي، فالخبر لم تبثه وكالة غربية،
ولا وسيلة إعلام عربية، على الرغم من
أنه منسوب ل«مسؤول عربي كبير»، بل هو
خبر بثته وكالة أنباء إيرانية! وملخص خبر وكالة «فارس» الإيرانية يقول
إن الأسد قد صدم أوغلو ببرود أعصاب
شديد حين فاجأه متسائلا «برأيك
كدبلوماسي، لماذا تتردد قوى دولية
معروفة بعدائها لسوريا عن تكرار
التجربة الليبية مع سوريا؟»، وبحسب «فارس»،
فإن أوغلو سأل الأسد «هل تريدني أن
أنقل رسالة معينة لأنقرة؟»، فأجاب
الأسد «الرسالة التي جئتني بها لم تكن
من أنقرة، بل من عواصم كثيرة، وأريدك
أن تنقل هذه الرسائل حرفيا.. أنه إذا
حصل أي جنون تجاه دمشق، فأنا لا أحتاج
أكثر من ست ساعات لنقل مئات الصواريخ
إلى هضاب الجولان، لإطلاقها على تل
أبيب، وفي الوقت نفسه سنطلب من حزب
الله اللبناني فتح قوة نيرانية على
إسرائيل لا تتوقعها كل أجهزة
الاستخبارات. كل هذا بالساعات الثلاث
الأولى من الساعات الست، وبالساعات
الثلاث الأخرى ستتولى إيران ضرب بوارج
أميركية ضخمة راسية بمياه الخليج،
فيما سيتحرك الشيعة الخليجيون لضرب
أهداف غربية كبرى، وقتل أميركيين
وأوروبيين حول العالم، إذ سيتحول
الشيعة بالعالم العربي إلى مجموعة
فدائيين انتحاريين صوب كل هدف يرونه
سانحا، وسيخطفون طائرات شرق أوسطية». والأخطر هو قول الوكالة الإيرانية إن
الأسد قد قال لأوغلو: «تعرف أميركا كيف
ساعدناها على إسقاط نظام صدام حسين
لأننا كنا نريد ذلك.. وتعرف إدارات
أميركية أن سبب ورطتها في العراق الآن
هو سوريا، وأننا نمزح معها فقط في
العراق، ولو أردنا قتل الآلاف من
جنودها لفعلنا بلا تردد، لكن السياسة
السورية منذ القدم لا ترمي أوراقها
دفعة واحدة على طاولة اللعب.. دمشق تلعب
بمزاج عال». قناعتي، وكما أسلفت أعلاه، بأنه حتى ولو
نفى أوغلو نفسه تفاصيل الخبر، مثل ما
نفاه النظام الأسدي، فإن المقصود من بث
الوكالة الإيرانية للخبر هو إرسال
رسالة واضحة لدول الخليج والغرب،
ويكفي تأمل ما حدث، ويحدث، بالعوامية
في السعودية، أو التحركات بالبحرين،
وخلافه. فلعبة التسريبات الإعلامية
هذه تعودناها من الإيرانيين، سواء عبر
وكالاتهم المتعددة، أو قنواتهم
التلفزيونية الكثيرة، كما تعودناها من
النظام الأسدي الذي عمد إلى استخدام
لعبة الرسائل عبر بعض الصحف اللبنانية
طوال مرحلة التفاوض الشهيرة بين
السعودية وسوريا من أجل الأوضاع في
لبنان إبان فترة «س + س» الشهيرة.
والسؤال الآن هو: هل وصلت رسالة الأسد
للمعنيين في المنطقة؟.. نتمنى ذلك. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |