ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تاريخ النشر: الأربعاء 12 أكتوبر
2011 إدريس لكريني كاتب مغربي الاتحاد تكلفة الاستبداد في المنطقة العربية
باهظة، وقد أعادت الاحتجاجات الشعبية
التي شهدتها بعض الدول العربية
الاعتبار والأمل للشعوب نحو غد أفضل.
وإذا كانت هذه التحولات تفرض اعتماد
إصلاحات جذرية تروم تحقيق الديمقراطية
والتنمية داخلياً، فإنها تحيل أيضاً
إلى أن واقعاً إقليمياً عربياً جديداً
يمكن أن يتشكل إذا ما تم استثمار هذه
التحولات والفرص للخروج من المأزق
الذي تعيشه مختلف هذه الأقطار في عالم
متغير، وبخاصة على مستوى مواجهة
تحديات العولمة، واستثمار الإمكانات
البشرية والطبيعية والاقتصادية للدول
العربية في بناء نظام إقليمي متطور
ووازن، وإيجاد موقع ضمن القوى الدولية
الفاعلة، ومواجهة التدخلات المتزايدة
لبعض القوى الإقليمية والدولية في
المنطقة ودعم القضية الفلسطينية. ففي الوقت الذي حققت فيه مجموعة من
الأقطار في كل من أميركا وأفريقيا
خطوات مهمة وبناءة نحو تحقيق التنمية
والديمقراطية، في أعقاب نهاية الحرب
الباردة، كانت الدول العربية من أسوأ
الدول تفاعلاً مع المتغيرات الدولية،
حيث ظلت الأوضاع السياسية على حالها في
كثير من الأقطار، وتطورت ببطء في أقطار
أخرى فيما تم التراجع في دول أخرى عن
الكثير من المكتسبات. فعلى المستوى
المحلي، تفاقمت أزمة التنمية وتنامت
هشاشة القطاعات الاقتصادية
والاجتماعية وانتشر الاستبداد
والفساد بمختلف صوره ومظاهره. وتم
تهميش الشباب، فيما ظلت النخب صامتة
وغير مواكبة لما يجري في المنطقة.
وبرزت مشاكل تتهدد الدولة المركزية في
عدد من الأقطار (الصومال، لبنان ،
فلسطين) نتيجة لسوء تدبير قضايا التنوع
المجتمعي. وعلى المستوى الإقليمي والدولي، تمت
إزاحة العراق من معادلة التوازن في
الشرق الأوسط، وتم تقسيم السودان،
فيما تأزمت وضعية القضية الفلسطينية
بتنامي التعسف الإسرائيلي وموت خيار
السلام واستمرار الانقسام داخل الصف
الفلسطيني واستمرار الاحتلال
الإسرائيلي لعدد من المناطق العربية.
وتزايدت التدخلات في المنطقة العربية
بمختلف أشكالها، مما أزّم من وضعية
النظام الإقليمي العربي وأدى إلى
تصاعد أدوار قوى إقليمية غير عربية في
المنطقة. إن رهانات التحول الجاري في المنطقة
ترتبط في الغالب بتحقيق التنمية ودعم
دولة الحق والقانون واحترام حقوق
الإنسان والقطع مع الفساد والاستبداد،
وإعلاء قيم الحرية والعدالة
الاجتماعية، وتجاوز هدر الثروات
والطاقات، إضافة إلى بناء نظام إقليمي
عربي بناء وفاعل وتدبير مختلف الأزمات
والصراعات العربية الداخلية والبينية
ودعم المكانة التفاوضية العربية إزاء
المحيط الإقليمي والدولي وتبوؤ مكانة
فعالة ومحترمة بين الأمم.. فعلى مستوى الصراع العربي - الإسرائيلي،
أفرزت التحولات أجواء من الترقب
والارتباك في الأوساط الفكرية
والسياسية الإسرائيلية، نظراً
لفجائية هذه التحولات وغياب نخب
تقليدية تقودها وتوجهها، إضافة إلى
بروز الحركات الإسلامية كقوى محدودة
ضمن هذه "الثورات" والاحتجاجات،
وتراجع مشروعية النظام السوري الذي
كان محسوباً على "قوى الممانعة". وعلى مستوى النظام الإقليمي العربي، يبدو
أن هناك فراغاً كبيراً أحدثه إزاحة مصر
والعراق من لعب أدوار إقليمية فاعلة،
ودخول أطراف غير عربية للعب أدوار
استراتيجية في المنطقة، وتنامي التدخل
الدولي الذي قزّم من هامش التحرك
العربي في المنطقة. لقد أضحى التكتل في عالم اليوم خياراً
ضرورياً تفرضه التحديات الدولية التي
تجعل من التجمعات الإقليمية وسيلة
للتعاون الاقتصادي وللاحتماء من
المخاطر الخارجية المتزايدة في
أبعادها العسكرية والاقتصادية
والسياسية. التحولات الجارية يمكن أن
تسهم أيضاً في بلورة سياسة خارجية
وزانة منفتحة على تطلعات الجماهير،
ذلك أن القرارات والمواقف الخارجية
تظل مجرد شعارات إذا لم تكن هناك
مقومات سياسية وتقنية واقتصادية
تدعمها، ومعلوم أن الدول العربية
تتوافر على إمكانات: بشرية، طبيعية،
مواقع استراتيجية، يمكن أن تستثمر
خدمة للقضايا العربية الملحة في
علاقتها بالمحيط الخارجي. الرهانات الاستراتيجية بصدد التحولات
التي تشهدها المنطقة العربية تظل
مشروطة باستثمار التضحيات والجهود
المبذولة بعدد من الدول نحو بناء أسس
تدعم دولة القانون والمؤسسات
وباستيعاب نظم أخرى لتحديات المرحلة
قبل فوات الأوان، وإعمال إصلاحات
استباقية، كما تظل بحاجة إلى توافر
مجموعة من المرتكزات التي يمكن أن تسهم
في توجيه هذه الأحداث خدمة لقضايا
الدولة والمجتمع داخلياً وخارجياً، من
قبيل: انخراط النخب ومختلف مكونات
المجتمع لدعم وقيادة وتوجيه الحراك
المجتمعي وبلورة رؤية استراتيجية تقطع
مع التخلف والاستبداد، ناهيك عن
التعامل بحذر وبراغماتية مع المحيط
الدولي وعدم المجازفة والمخاطرة
بقرارات عشوائية يمكن أن تنعكس بالسلب
على مآل التحول والتغيير سواء بالضغط
أو الاعتراف.. واعتماد العدالة
الانتقالية كسبيل مرن للانتقال نحو
الديمقراطية والسلم. والتدرج في تحقيق
الأولويات. يبدو أن مسار التغيير والإصلاح في
المنطقة سيكون صعباً وبطيئاً ولن يتم
بالسرعة المطلوبة وبالحجم الكبير
لوجود مقاومة محلية وإقليمية ودولية.
وأمام هذه المعطيات، نتساءل: هل ستنحرف
هذه "الثورات" والاحتجاجات؟ وهل
سيتكرر سيناريو الاستبداد مع تنامي
التهافت الأجنبي على المنطقة، وبقاء
رموز الأنظمة الراحلة؟ إنها أسئلة
مشروعة وتنطوي على قدر من الموضوعية في
غياب رؤى استراتيجية منفتحة على
المستقبل. ينشر بترتيب مع مشروع «منبر
الحرية» ================= تاريخ النشر: الأربعاء 12 أكتوبر
2011 د.خالص جلبي الاتحاد ينقل عن الفيلسوف الفرنسي "روسو"
قوله إن "القوة لاتصنع الحق"، فهل
كان مصيباً في ذلك؟ وهل في ذلك القول ما
يجلب العزاء للشعب السوري في مواجهة
القمع؟ ينقل لنا التاريخ عكس هذه المقولة، ومن
ذلك أن هنري الثامن في بريطانيا أسس
كنيسته بالسيف، حيث طارت رؤوس أربع
زوجات، من أصل ست، بالبلطة. وحكمت
إليزابيث الأولى ثم فيكتوريا، وصولاً
إلى إليزابيث الثانية، بنفس التاج
الدموي لهنري! ولم تنتشر البوذية من
الهند إلى اليابان لولا الملك أشوكا.
وانتصر الإسبان ولغتهم في أميركا
الوسطى والجنوبية بعد إهلاك ثمانين
مليوناً من الأنام، فانتشرت الكثلكة
والصليب، وماتت حضارة الآنكا والأزتيك
بحد السيف على يدي فيرناندو وكورتيس
والبيزارو. وفي فرنسا تم ذبح كل الهوجنوت في عيد
القديس برتيليميوس، وألقيت جثثهم في
السين، وتعقمت فرنسا من اللوثرية
ومازالت. كذلك فعل الجزار الصربي في
البوسنة وفي مذبحة سبرينتشا التي تمت
بموافقة الهولنديين فكانت مقبرة لم
يشهد لها العالم مثيلًا منذ الحرب
العالمية الثانية. وتم تطهير حضارة
أميركا من أي أثر للهنود الحمر، الذين
صادهم المهاجرون الأوربيون بالبنادق
مثل العصافير، حيث ماتت ثقافة كاملة
ولم يبق منها إلا حفنات من الراقصين
بريش على الرؤوس. وفي إسبانيا اكتملت
حركة الاسترداد، وقضي على الموريسكيين
فلم يبق من المساجد إلا المحاريب تبكي
وهي عيدان. وانتصرت الدولة الصفوية، وامتد التشيع
إلى المسجد الأموي في دمشق، حيث يراهن
الأسد حالياً على تصفية الاعتراضات
بآلة القتل الجهنمية، وقد ينجح كما نجح
أبوه عام 1982 في ذبح أربعين ألف نسمة
والعالم يتفرج ببلاهة، بل قد يقتل
الابن هذه المرة أربعمئة ألف، ويتابع
الركوب على ظهور العباد قائداً أبدياً! ينبغي إعادة النظر في جدلية الحق والقوة،
فهي قد تستقيم إذا تحدثنا عن مواجهة
بين قوة عارية من دون فكرة داعمة، كما
في نموذج أتيلا والهون والمغول الذين
أبادوا الحضارات على جبال من الجماجم
قبل أن يعتنقوا دين المغلوب. كما أن
العكس قد يحدث، فهناك أفكار جيدة طمرت
كما المسيحية في اليابان، والطاوية في
الصين مقابل انتشار الكونفوشيوسية
مدعومة بالإمبراطور. ويبدو ذلك أيضا في
انتشار المذاهب الإسلامية، فمن أصل 13
مجتهداً كبيراً في العالم الإسلامي لم
تنتشر سوى مذاهب أربعة منهم فقط. وفي ألمانيا انتشرت اللوثرية التي قادت
إلى حرب الثلاثين عاماً ورسخت
البروتستانتية التي اعتبرها ماكس فيبر
روح الرأسمالية. وفي التراث الإسلامي إن الله يزع
بالسلطان مالا يزع بالقرآن. وينص
القرآن على قانون التدافع لحماية
الرأي كي لا تكون فتنة، وهو أمر اختلط
لدى البعض بمفهوم الجهاد، لذلك وجب فك
الارتباط. وقد استفدنا من الجزائري مالك بنبي
تفصيله عن الفرق بين فعالية الفكرة
وصدقها، فلا يشترط لصدق فكرة ما أن
تكون فعالة، والعكس كذلك؛ فقد تنتشر
فكرة غير صادقة لوجود فعالية لنشرها.
إن بعض الأفكار، مهما بلغ سخفها، قد
تنتشر ويجتمع حولها الناس إذا توافر
الناشطون والمال والسلطة وضعفت
المقاومة. ================= تاريخ النشر: الأربعاء 12 أكتوبر
2011 محمد خلفان الصوافي الاتحاد العرب قلقون من تطورات الوضع السياسي في
سوريا، فهي دولة مركزية في الإقليم،
ولا يمكن تجاهل ما يحدث فيها أو
التغافل عنه. والعرب أيضاً، مترددون في
اتخاذ موقف صريح وواضح تجاه أي من طرفي
الأزمة: النظام والشعب؛ فالوقوف مع
الشعب سيثير النظام، ذي الحساسية
التقليدية من التدخل والتطرق إلى
شؤونه الداخلية. والوقوف مع الشعب،
سيثير دولاً إقليمية لها مصالحها في
بقاء النظام السوري المرتبط معها
بملفات استراتيجية، والنتيجة زعزعة
الاستقرار في المنطقة، وإثارة قلاقل
في عدد من الدول العربية. أما الوقوف مع النظام صاحب الحل الأمني في
التعامل مع المطالب السلمية، ففيه
تجاوز للمجازر التي يرتكبها ضد شعبه؛
فلا المبادئ الإنسانية ولا القواعد
الدولية تقبل بما يفعله النظام، ولا
يؤمن النظام السوري بالحل السياسي، بل
بالحل الأمني الذي يسيطر على تفكيره،
منذ اندلاع الثورة السلمية منذ مارس
الماضي. وسوريا حالياً هي التحدي العربي الأكبر
والأعقد، من بين الدول التي أصابها
الربيع العربي، وطريقة المعالجة تؤكد
أننا بصدد ثورة مسلحة، بعد أن تم
الدخول في مرحلة الاغتيالات السياسية،
وكذلك استخدام لغة التهديد بإشعال
المنطقة. وكل المراقبين يتفقون على أن
لسوريا وضعاً مختلفاً عن كل الدول
العربية؛ فهي لها دور كبير في
الاستقرار وعدمه. وهي تقبض على الكثير
من الملفات المهمة في المنطقة؛ مثل:
الملف اللبناني و"حزب الله" وملف
السلام العربي مع إسرائيل والملف
العراقي "المتشابك". وهي كذلك
تستضيف عدداً من الحركات السياسية في
المنطقة، بعضها محسوب على دول
إقليمية، بالإضافة إلى البعد الطائفي
الداخلي، ويمكنها أن تقوم بأعمال
لحساب دول أخرى؛ وهذا يعني أن أي
انفجار في الوضع الداخلي، ربما يؤدي
إلى خلل أمني في المنطقة العربية كلها،
يتجاوز الحدود الوطنية السورية. ويدرك
المسؤولون السوريون ذلك؛ لذا نجد
تهديدات وزير الخارجية السوري لكل من
يعترف ب"المجلس الوطني". لكن
تأثير سوريا محدود دبلوماسياً
واقتصادياً؛ ومن ثم فتهديده غير واضح
إلا فيما يملكه من ملفات أخرى. ومن بين أوضاع الحراك السياسي "الربيع
العربي"، لم نجد شرخاً في المواقف
السياسية، العربية والعالمية، كما نجد
اليوم إزاء الموقف السوري؛ وهذا دليل
آخر، على التعقيد السياسي لدولة
تعاملت الدول الكبرى وإياها بدقة
شديدة، سواء في عهد الأسد الأب أو
الأسد الابن، وهو ما يزيد من قلق
المراقبين. والعرب لا يستطيعون التعايش مع يحدث في
سوريا، كما هو الشأن في تونس ومصر
وليبيا؛ بوصفه أمراً داخلياً؛ فتأثير
الوضع يمسهم من واقع الملفات التي
بأيدي السوريين. والسكوت العربي عن
الإعلان عن موقف محدد، تجاه ما يحدث في
سوريا؛ يفسر مدى "المأزق" الذي
يعيشونه، خاصة أن الطرفين السوريين:
النظام والشعب، متمسكان بموقفيهما،
مما يصعب الأمر على العرب. فلا النظام
يقبل تقديم تنازلات أو العمل على
إصلاحات سياسية حقيقية، من دون إراقة
الدماء، مقابل أن الشعب وصل إلى نقطة
المطالبة بإسقاط النظام، ورفض التعامل
معه؛ بسبب تشدده في استخدام الحل
الأمني. الوضع السوري بحاجة إلى طرف عربي، يحرك
حالة الجمود الذي يعيشه منذ أكثر من
نصف عام، ويفكر في خيارات تمنع حالة
الانشطار الذي يتم السير نحوه؛ لأنه مع
مرور الوقت، يزيد الأمر صعوبة
وتعقيداً. وعدم وجود موقف عربي صريح في
الوضع السوري؛ يعني استمرار حالة
الارتباك والقلق العربي! ================= الراية القطرية التاريخ: 12 أكتوبر 2011 كعادته دائما في أوقات الأزمات تخرج
كلمات حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن
خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى
لتحدد البوصلة وتضع أسس الطريق للحل،
ولذلك جاءت تصريحاته أمس بشأن الأزمة
السورية واضحة وموجزة مشددة على وقف
القتل أولا وقبل أي شيء ليتسنى بعد ذلك
الجلوس على طاولة الحوار للوصول لحل
للأزمة. إن تصريحات سمو الأمير حول وجود تحرك عربي
إزاء مايحدث في سوريا أوضح بما لايدع
مجالا للشك أن قطر ليست بعيدة عن
التدخل لحماية دماء الأشقاء السوريين
ووقف إراقته وان العالم العربي وجامعة
الدول العربية لن يقفا مكتوفي الأيدي
بل سيتدخلان دبلوماسيا وسياسيا لوضع
نهاية للأزمة تكفل شيئين أساسيين أولا
وقف آلة القتل شبه اليومية كما قال سمو
الأمير المفدى، وثانيا تهيئة المجال
لحوار ونقاش موضوعي يرسم معالم الطريق
لمستقبل ديمقراطي ومناخ سياسي قائم
على الحرية والتعددية والانفتاح. إن قطر وكعهدها دائما نادت من قبل بضرورة
انسحاب الجيش والأمن السوريين من داخل
المدن حتى يمكن الحديث عن إطار مناسب
للحوار بين النظام والمعارضة وحتى
يمكن تجنب التدخل الأجنبي فهي مع
استقرار سوريا لكنها لا تستطيع القبول
بقتل البشر بهذه الطريقة، ولذلك تنادي
وستظل تنادي بأنه لابد من وقف القتل
قبل أن يذهب أي وفد عربي إلى سوريا وقبل
بداية الحوار بين الحكومة والمعارضة. ما يحدث في سوريا يمثل جرائم حقيقية ضد
الإنسانية تستحق موقفا أقوى من
المجتمع الدولي ومن البلدان العربية
حماية للشعب السوري، وضغطا على النظام
حتى يرضخ للمطلب الشعبي من أجل التغيير
في البلاد. وحتى يدفع بالإصلاحات وعلى
وجه السرعة فالسوريون يتوقون للحرية
والتغيير والمشاركة في بناء دولة
ديمقراطية يعيشون فيها بأمن وأمان
ودون خوف. عصر الدول البوليسية انتهى فالقمع لن
يجدي مع شعوب اشتاقت للتغيير ولن يكون
سلاحا فعالا في عصر التكنولوجيا وثورة
المعلومات ولن يكون مقبولا في منطقة
أسقطت ديكتاتوريات ولذلك على النظام
السوري أن يتراجع وأن يوقف آلة القتل
ويستعد وبجدية للإصلاح والتغيير. كلمات الأمير وضعت روشتة الحل وتتلخص في
وقف القتل أولا ثم الجلوس للحوار, ولا
يتبقى سوى الاستجابة من جانب النظام
السوري, فهل يستجيب؟. ================= قراءة خاصة للفيتو
الروسي الصيني.. خيرالله خيرالله المستقبل 12-10-2011 هل هناك سياسة اسمها الهروب المستمر الى
امام؟ من يتمعن في تصرفات النظام
السوري يكتشف ان الهروب المستمر الى
امام يمكن ان يتحوّل سياسة تمارس يوميا
بل في كل ساعة. ولكن هل يمكن لسياسة من
هذا النوع انقاذ النظام، ام المطلوب
التفكير بطريقة مختلفة تصب في انقاذ
سوريا لا اكثر ولا اقلّ؟ اليس من بديل
للهروب الى امام، بديل يقود الى مصالحة
مع الشعب السوري عبر فترة انتقالية
تضمن الانتهاء من النظام بطريقة توفر
على البلد الكثير من المآسي والدم
وتحافظ في الوقت ذاته على وحدته؟ ما نشهده هذه الايام على الصعيد السوري
عبارة عن تعبير، لا اوضح منه، عن عقم
سياسي ليس بعده عقم. يظلّ الخوف كلّ
الخوف متمثّلا في ان تؤدي السياسة
المتبعة الى تفاقم للازمة الداخلية
يهدد مستقبل هذا البلد العربي الذي
يعاني منذ استقلاله من مشكلة عضوية
حقيقية عائدة كونه لم يستطع يوما العيش
كدولة طبيعية في المنطقة. لو لم يكن الامر كذلك، لما كانت سوريا
مسرحا للانقلاب العسكري الاوّل، الذي
مهّد لمسلسل الانقلابات البائسة التي
شهدها العالم العربي بعد الحرب
العالمية الثانية. كان الانقلاب الذي
قاده حسني الزعيم في العام 1949 ايذانا
ببدء عملية تخريب للحياة السياسية
السورية من جهة وتحولات سلبية في
المنطقة كلها من جهة اخرى. لقد وقعت سوريا في براثن البعث في العام
1963، بدأ هذا الحزب مدنيا، اقلّه ظاهرا،
وانتهى مجموعة من الاجهزة الامنية
والميليشيات التابعة لها تتحكم بها
عائلة استطاعت توريث السلطة المطلقة
الى احد الابناء وهو امر لم يحدث قبل
ذلك الاّ في كوريا الشمالية عندما خلف
كيم جونغ ايل والده كيم ايل سونغ في
العام 1994! في اقلّ من اسبوعين، مرت سوريا بسلسلة من
الاحداث التي تكشف ضعف النظام وعجزه عن
التعاطي مع الواقع. ربما كان بين اهم
تلك الاحداث الفيتو المشترك الروسي-
الصيني في مجلس الامن. لا يعبّر الفيتو
سوى عن قصور لدى الروس والصينيين في
فهم ما يدور داخل هذا البلد من جهة
والخوف من فقدان مواقع معينة لمصلحة
الاميركيين والاوروبيين من جهة اخرى.
لا شكّ ان النظام السوري سيسيء فهم
معنى الفيتو ولن يقرأ الاستدراك
الروسي اللاحق له، تماما مثلما لم
يستوعب معنى القرار 1559 الصادر عن مجلس
الامن في العام 2004 واصرّ على تمديد
ولاية الرئيس اللبناني اميل لحود
وقتذاك. جرّ ذلك الويلات على سوريا
ولبنان في الوقت ذاته. وقتذاك، اعتبر
نائب الرئيس السوري السيد فاروق الشرع
ان سوريا غير معنية بالقرار 1559، الى ان
انتهى بها الامر الى سحب قواتها من
لبنان تنفيذا للقرار ولكن بعد ارتكاب
جريمة العصر المتمثلة في اغتيال
الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في الرابع
عشر من شباط فبراير 2005. هناك في دمشق من
لا يزال يعتبر ان النظام السوري دفع
ثمن الجريمة بمجرد انسحابه من لبنان
عسكريا... ما قد يكون اهمّ من الفيتو والعجز عن
الاستفادة منه ومن الكلام الصادر عن
الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، في
شأن تنفيذ الاصلاحات او رحيل النظام،
اغتيال المعارض الكردي مشعل تمو في
القامشلي. هل كان اغتيال هذه الشخصية
المهمة تعبيرا عن قراءة خاصة للنظام
السوري للفيتو الروسي- الصيني، اي انه
يوفّر رخصة تسمح بالقتل صادرة عن اعلى
سلطة دولية هي مجلس الامن التابع للامم
المتحدة؟ كان يمكن الاعتقاد ان النظام السوري
سيلتقط انفاسه بعد الفيتو ويعيد النظر
في استراتيجيته والتفكير في مخرج محدد.
يستند المخرج الى فترة انتقالية تنتهي
بتسليم السلطة الى حكومة وحدة وطنية
تتولى الاعلان عن نهاية النظام. لم
يحدث شيء من ذلك. كلّ ما في الامر انه
نجح في تجييش الاكراد ضدّه. فالاكراد
الذين اتخذوا في الشهور السبعة
الاخيرة موقفا متذبذبا من الثورة
الشعبية في سوريا، سينضمون جميعا لها
في ضوء اغتيال مشعل تمّو. كانت لدى
الاكراد السوريين في الماضي حسابات
خاصة بهم جعلتهم يترددون في اتخاذ موقف
حاسم من الثورة. مصدر التذبذب والتردد
الكرديين عدم وقوف السوريين العرب
معهم في العام 2004 عندما انتفضوا على
النظام. تبدّلت الامور الآن نتيجة
عملية الهروب المستمرة الى امام التي
تعني بين ما تعني تغطية جريمة باخرى
اكبر منها. مرة اخرى، منذ متى كان الهروب الى امام
سياسة؟ لا شكّ ان الهروب الى امام الذي يشمل، بين
ما يشمل، التعاطي مع اسخف السياسيين
اللبنانيين، بحثا عن غطاء سنّي لنظام
يبحث عن مثل هذا النوع من التغطية،
يمكن ان يكون مفيدا لاولئك الباحثين عن
دور. ولكن بالنسبة الى النظام، يبدو
الامر تعبيرا عن افلاس ليس بعده افلاس! ================= فايز سارة السفير 12-10-2011 تزايدت في الآونة الاخيرة الدعوات لتسليح
الحراك الشعبي في سوريا، واستندت تلك
الدعوات الى فكرة، ان النظام مستمر في
خياراته الأمنية بالتصدي من خلال
القوة، للتظاهرات والاحتجاجات
المتواصلة في المدن والقرى السورية،
الأمر الذي يؤدي الى مزيد من الإصابات
في صفوف المتظاهرين، وهو وضع يجد فيه
انصار تسليح الحراك الشعبي مبرراً
لهذا التوجه. ودعمت عمليات اقتحام المدن والقرى التي
يقوم بها الجيش والقوى الامنية
بمشاركة مليشيات الشبيحة، الدعوات من
اجل تسليح الحراك الشعبي، ذلك ان
عمليات الاقتحام تترافق مع أعمال قتل
واعتقال وتدمير ممتلكات مختلفة، ولا
يمكن لهذه العمليات، ان تتم بسهولة لو
تم تنظيم مقاومة مسلحة ضدها، كما يقول
انصار التسلح ودعاته. وتتعزز ذرائع الدعوة الى التسلح بالقول
والسلوك الرسميين، وتدعمها حملات
التحشيد والتجييش التي يتابعها
الاعلام السوري بالحديث عن الجماعات
الارهابية والعصابات المسلحة، وما
تقوم به من عمليات تستهدف الجيش والأمن
والمواطنين الآمنين، الامر الذي يوحي
وكأن البلاد وسكانها، صاروا في اتون
حرب شاملة، وتصب هذه جميعها في سياق ما
يعتبر حملة تحريض مباشر هدفه دفع
السوريين الى حمل السلاح للدفاع عن
حياتهم وممتلكاتهم في وجه تهديدات
ليست واقعية، او انها على الاقل لا
تستحق مثل هذا التحشيد. غير ان محرضات التسليح، التي تمهد للدخول
في المواجهات المسلحة وتوسيعها، ما
زالت تصطدم بمعارضة شعبية وسياسية
واسعتين، كان قد تم التأسيس لهما منذ
زمن طويل عندما قيل، إن مستقبل التغيير
الديموقراطي سلمي الطابع، ثم جرى
تأكيد ذلك مع انطلاق حركة التظاهر
والاحتجاج في اواسط آذار الماضي، حيث
بدأت تظاهرات السوريين واحتجاجاتهم
بصورة سلمية، وكان شعار «سلمية سلمية»
أحد أول وأهم وأكثر شعارات التظاهر
شيوعاً. ولم يخفف من حضور وأهمية الشعار، استمرار
السلطات السورية بإطلاق الرصاص على
التظاهرات، وإيقاع مزيد من القتلى
والجرحى، ولم يحدث أي تغيير في مزاج
وتوجهات المتظاهرين، بل إن الواقع
زادهم إصراراً في القول والفعل نحو
تأكيد سلمية الثورة، وإن كان ذلك لم
يمنع من حدوث ردات فعل مسلحة من جانب
اشخاص او مجموعات من افراد في بعض
الاماكن والمناطق في إطار الرد على
عمليات امنية وعسكرية، وربما تكون بعض
هذه الاعمال اتخذت طابع الهجوم، لكنها
في كل الاحوال، وبحسب ما هو معروف
وشائع، ظلت عمليات محدودة، لا يمكن
القول إنها اصبحت ظاهرة ملموسة
ومكرسة، وإن كان الاعلام السوري وخاصة
الرسمي ذهب الى قول إنها ظاهرة وواسعة
الانتشار في اطار تبرير استمرار
العمليات الأمنية والعسكرية في انحاء
مختلفة من البلاد خاصة في ظل استمرار
الانشقاقات في صفوف قوات الامن والجيش. ورفض السوريين دعوات التسلح، وبالتالي
الانخراط في مواجهات مسلحة سواء في
مواجهة الجيش او في اطار حرب اهلية،
انما يستند الى جملة من الاسباب، ومن
الأسباب ان لدى السوريين ذاكرة محزنة
عن تجربة العنف المسلح التي شهدتها
البلاد في الثمانينيات، وما يزال
السوريون يعانون من تبعاتها
وتداعياتها. إن الأهم في أخطار اللجوء الى التسلح،
يبدو في انتقال المتظاهرين من تمثيلهم
للاغلبية الشعبية بهمومها وطموحاتها
بالتغيير الى صيروتهم طرفاً في مواجهة
مع طرف آخر، وإن يكن بقدرات وإمكانيات
اقل، والأخطر في تماثلهم المشوه مع قوة
القتل التي ما زالت تتابع تدخلاتها
العنيفة والدموية ضدهم منذ انطلاق
الثورة، وأهم جوانب التماثل في
انتقالهم من ثوار احرار الى قتلة، بكل
ما يعنيه ذلك من تداعيات سياسية
وأخلاقية، لا يستطيع احد تحمل تبعاتها. كما يندرج في أخطار اللجوء الى التسلح،
إمكانية دفع الفئات «المحايدة» و«الانتظاريين»
لدخول بوابة التسلح وما بعده، لأنه لن
يكون في حالة التسلح العامة مكان
لأشخاص او كتل غير مسلحة، ما سيؤدي الى
تهيئة البلاد للذهاب الى حرب اهلية،
وهي حرب ستكون في مستويات متعددة، سوف
يتنقل المنخرطون فيها من حروب بين
الجماعات والمناطق الى اخرى داخل
الجماعات والمناطق وبالعكس. ان اندلاع
الحروب الداخلية سوف يؤدي الى انتشار
الحرب في المحيط الاقليمي الذي يعاني
من حساسيات متعددة فيها السياسي
والقومي والديني والطائفي. لقد برهن السوريون في الاشهر الماضية من
عمر ثورتهم على الطابع السلمي للثورة،
وأكدوا رفضهم السلاح والعنف رغم
الضغوطات التي مورست عليهم للتحول
باتجاه السلاح وطريق العنف من جانب
النظام الحاكم ومن جانب بعض المحسوبين
على معسكر الثورة، وهم يؤكدون عبر
مواقف جماعاتهم السياسية وكثير من
قياداتهم الميدانية سلمية الثورة،
ورفض فكرة التسلح، التي يمكن ان تأخذ
ليس الثورة فقط، وإنما السوريين
وكيانهم الى الخطر الأكيد. ================= عبد الوهاب بدرخان
النهار 12-10-2011 ثمة أمر معروف لكن يجب تسميته باسمه
ومواصلة التشهير به: لبنان الرسمي،
لبنان الحكم والحكومة، ليس محرجاً أو
منزعجاً مما يحصل في سوريا. انه متواطئ
مع النظام السوري ومتضامن في قتل أبناء
الشعب السوري. والأدلة تتراكم، من
احتجاز جنود فارين ثم تسليمهم، الى
المطاردة عبر الحدود لارتكاب القتل
بالقرب من بلدة عرسال، مروراً بمعاملة
للنازحين تراوح بين عدم الاهتمام
والفظاظة. مع تكرار انتهاك الحدود والسكوت عنه، لم
تعد السياسة المعلنة عدم التدخل في
الشأن السوري، بل أصبحت التدخل لمصلحة
"الشبيحة"، والمشاركة في الجريمة
جريمة. ولا عزاء للحالمين ب"ترسيم
الحدود" في ما تفضل به وزير الاعلام
عليهم بدرره المرصوفة من نوع أن هذه
أموراً تحصل "عن طريق الخطأ" في
المناطق المتداخلة، او ان الذين
ينتقدون الحكومة في هذه "الأمور" (انتهاك
الحدود) يشكلون "معارضة غير بناءة".
وكأن القضية تحتاج الى موالاة ومعارضة
لرفض مثل هذا التعدي، خصوصاً لارتكاب
جريمة يفترض أن النظام اللبناني لا
يقرّها والقانون اللبناني يعاقب
مرتكبيها. تمضي الأزمة السورية قدماً في "بهدلة"
ما تبقى من هيبة للحكم وللحكومة، وهو
قليل في اي حال. والدليل ان النقاش حول
تصويت لبنان في مجلس الأمن استلزم "الاستعانة
بصديق" لمهاتفة دمشق كي تسمح
بالامتناع عن التصويت. الأرجح ان
سوريا، المسلحة ب"الفيتو"
المزدوج، لم تكن مهتمة بالموقف
اللبناني، لكن أراحها عموماً ان وزير
الخارجية لم يخالف تعليماتها وأصدر
أمره بالتصويت ضد القرار من دون أن
يستشير رئيس الجمهورية ولا رئيس
الحكومة، إذ ان لديه رؤساء آخرين. من المؤسف، ويجب الاعتراف به، أن ما يغطي
انحراف الحكم والحكومة لمصلحة نظام
دمشق هو وجود شريحة موتورة في لبنان
ربطت نفسها، مصالح ومستقبلاً،
بتبعيتها لنظام يقتل شعبه لأنه
يتظاهر، ويريد للانتفاضة ان تنتهي
ليواصل بعدها قتل من تظاهروا، ولذلك
فإن التظاهرات لن تتوقف لأن كلفتها
الدموية ستكون أعلى بكثير إن توقفت.
هذه الشريحة من أحزاب وسياسيين
وميليشيات شاركت النظام في قتل
اللبنانيين في لبنان وتشاركه الآن في
قتل السوريين. هي تتشدق بإعلاء شأن "الممانعة"
و"المقاومة" لكنها تجرّدت عملياً
من اي قيم. دخل النظام السوري في أزمته مرحلة البحث
في ما يمكن ان يفعله خارج الحدود ليخدم
بقاءه. وفي مختلف السيناريوات التي
يدرسها مع إيران يبدو لبنان مجرد أداة
والعوبة بين أيديهما. ورغم ان تهديدات
دمشق لم تستحق الردّ من اي عاصمة حتى
الآن، إلا انها تدق ناقوس الخطر في
لبنان، الحلقة الأضعف للدول المرشحة
لمجاراة النظام السوري في جنونه. فلا
الحكم ولا الحكومة مخوّلان البحث في
المخاطر المحتملة، ولا يمكن الاعتماد
على اي جهاز ليعطي اللبنانيين تقديراً
للموقف. وفي أسوأ الاحوال سيحال
المسؤولون اللبنانيون على المفتي أحمد
بدر حسون لسؤاله هل يحتاج شيئا. هل لديه
ما يكفي من انتحاريين لبنانيين؟! ================= فلسطينيو سوريا في ظل
نظام الأسد سركيس نعوم النهار 12-10-2011 اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في سوريا
لم يسمع العالم العربي عنهم إلا مرتين
منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية على
النظام الحاكم فيها. المرة الاولى
عندما قررت قيادة النظام توجيه رسالة
تحذير الى من تتهمهم بتشجيع الانتفاضة
اي اميركا واسرائيل في الخامس عشر من
ايار الماضي وفي الثاني والعشرين منه.
وكانت الرسالة حض السوريين على تحريك
جبهة الجولان الراكدة بقرار رسمي منذ
عام 1974، وإفهام مَن يلزم بأن حرباً
اقليمية واسعة قد تندلع في حال الاصرار
على اسقاط النظام المذكور. وحصل
التحريك بالفعل وسقط جراءه قتلى وجرحى.
وشارك فيه لبنان ايضاً وسقط فيه ضحايا
لكن المفاجأة كانت ان غالبية الذين
حرّكوا الجبهتين السورية واللبنانية
مع اسرائيل كانوا فلسطينيين بعضهم
مقيم في سوريا وبعضهم في لبنان. إلا أنه
كانت هناك مفاجأة ثانية هي ان
الفلسطينيين الذين توجهوا بحماسة
بالغة نحو حدود ارضهم المغتصبة شعروا
بعد انتهاء مهمتهم الرسمية انهم
استٌعمِلوا اداة ايصال لرسائل معينة
وبكلفة كبيرة. فكان رد الفعل في سوريا
هجوماً فلسطينياً عشوائياً على مكاتب
تابعة للفصائل الفلسطينية التي
يعتبرونها سورية سياسة وقراراً
وتنفيذاً أسقط بدوره قتلى وجرحى. اما
في لبنان فكان رد الفعل امتناع
فلسطينييه عن تحريك الجبهة مرة ثانية
لأنهم رفضوا ان "يُلدغوا من جحر
مرتين" ولأن الممسكين اللبنانيين
بها احجموا عن تسهيل التحريك خلافاً
للمرة الاولى لأسباب عدة جوهرية،
بعضها اقليمي غير عربي. لكن ذلك دفع
البعض في لبنان وخارجه الى التساؤل عن
"الوضع الفلسطيني" داخل سوريا.
اما المرة الثانية التي سمع العالم
العربي فيها عن فلسطينيّي سوريا فكانت
عندما قصفت قواتها مخيمهم على الساحل
السوري. هل من جواب عن تساؤل كهذا؟ عند جهات فلسطينية متابعة لكل ما يتعلق
بالشتات الفلسطيني وخصوصاً في العالم
العربي. وموضوعية في الوقت نفسه، جواب
يفيد ان الفلسطينيين في سوريا فئات
ثلاث. الاولى، وهي الأوسع شعبياً تنتمي
الى حركة "فتح". ونشاطها السياسي
محدود بنسبة كبيرة بسبب الخلافات
الحالية بين الاخيرة والنظام السوري
حول قضايا كثيرة اهمها الطريق لحل قضية
الشعب الفلسطيني. فهي ايدت الطريق التي
انتهجها الراحل ياسر عرفات واستمرت
تساند ما انتجته طريقه وفي مقدمها
السلطة الوطنية الفلسطينية. اما
النظام فانتهج سياستين واحدة ممانعة
وأخرى مستعدة لسلام معقول. وقد يكون من
أسباب الخلاف او الاختلاف بين شعبية
"فتح" داخل مخيمات سوريا ونظام
سوريا محاولة الاخير ومنذ عقود
الامساك بالقرار الفلسطيني، وتشغيل
المؤسسات والفصائل الفلسطينية عنده،
وذلك بغية الافادة منها لتضخيم دوره
وحجم بلاده على حساب الجميع. وربما
ايضاً بهدف غير مباشر هو استعادة
الحقوق الفلسطينية والعربية المغتصبة.
اما الفئة الثانية فهي الفصائل
الفلسطينية المؤيدة لسوريا، بل
العاملة وفقاً لسياستها وخططها
واجنداتها وحتى تعليماتها، وشعبيتها
فلسطينياً غير واسعة. وهي راضية بالدور
الذي تقوم به، لكن قد يكون داخلها شعور
كبير من الضيق وربما التبرم جراء
القبضة السورية الصارمة. ماذا عن حركة "حماس" الاسلامية
الاصولية؟ انها موجودة وبقوة في اوساط فلسطينيي
سوريا، وقد استفادت كثيراً من سياسة
الرفض التي انتهجت ومن توافقها مع
سياسة الممانعة السورية بل مع "اجندة"
النظام السوري وحليفه النظام الايراني.
وقبل الخوض بشيء من التفصيل في وضعها
السوري لا بد من ايضاح هويتها السياسية
أو خلفيتها الايديولوجية، لأنها ومع
ما يجري في سوريا منذ قرابة سبعة اشهر
توضح كثيراً ما تعانيه هذه الحركة من
مشكلات وهموم. "حماس" هذه، تقول
الجهات الفلسطينية المتابعة نفسها،
جزء من جماعة "الاخوان المسلمين"
التي نشأت في مصر في النصف الاول من
القرن الماضي. بل انها جزء من "الاخوان
المسلمين" المصريين عملياً. فلهذه
الجماعة ذات الانتشار الواسع او على
الاقل المهم في العالمين العربي
والاسلامي وحتى في العالم الاوسع حيث
يعيش مسلمون، مرشد عام واحد يكون عادة
مصري الجنسية. اما مثيلاتها خارج مصر
فلكل منها امين عام او ما شابه. ويعني
ذلك امرين. الاول، ان حماس "فلسطين"
التي ليس لها مرشد عام ولا مسؤول اعلى
آخر على غرار الجماعات الاخرى تتبع "اخوانياً"
لمصر. والثاني، انها تلتزم عملياً
سياسات "الاخوان" كلها
ومواجهاتهم ومعاركهم وحتى حروبهم. ماذا عن "حماس" ايضاً؟ ================= الشرع في إجازة أم في
جناح مساحته 2x2 مجيد عصفور الرأي الاردنية 12-10-2011 يوماً بعد يوم تتعمق الأزمة بين الشعب
السوري الحر ونظام الأسد في هذا البلد
العظيم، وكلما ازدادت ضربات النظام
على الأجساد العارية، كلما قويت إرادة
هذا الشعب وازداد تصميمه على المضي نحو
الحرية، والتخلص من قوى الظلام التي
حكمته وتحكمت بمصيره أربعة عقود ذاق من
المرارة خلالها، أضعاف ما قاساه من
المستعمر الفرنسي ابان احتلاله لسورية. إن أي مراقب للمشهد الرسمي السوري يكتشف
دونما عناء مدى الارتباك والتوهان
الذي يبدو واضحاً على تصرفات القلة
القليلة التي ما زالت تتحلق حول الرئيس
بشار الأسد، فقد غاب عن هذا المشهد
وبشكل مفاجئ أهم أركان الحكم، فاروق
الشرع، نائب الرئيس الذي لا أحد يعلم
أين اختفى ولماذا غاب أو غيّب مما يفتح
السؤال عن مصيره، فإن كان حياً فمعنى
ذلك أنه معتقل وان كان ميتاً فهو قتيل
بلا شك، والإجابة في الحالتين تدل على
قرب نهاية النظام برمته. الآن لا مجال لنظام الأسد الابن لفعل أي
شيء سوى الرحيل الذي سيحدث لا محالة،
لأن شلال الدماء التي سالت في كل بقعة
من بقاع سورية، لا يمكن محو آثاره إلا
بتحقيق الهدف الذي بذل من أجله. إن معاناة النظام السوري أكبر وأبلغ من
معاناة الشعب، فالنظام مهما كابر
وادعى بات معزولاً ومنبوذاً من قبل
شعوب العالم التي تتعاطف مع الشعب
السوري وتدعم كفاحه. إن التهديدات التي أطلقها وزير خارجية
النظام وليد المعلم ضد الدول التي
ستعترف بالمجلس الوطني السوري، تدل
على حالة البؤس التي وصل إليها هذا
النظام، لأنها لا قيمة لها على أرض
الواقع أول من يعرف هذه الحقيقة هو
المعلم نفسه الذي لم يتعلم من الدروس
التي لقنتها شعوب مصر وتونس وليبيا
واليمن للطغاة، في فصل كانت كلمة الفصل
فيه للجماهير لا للطغاة. ================= طهران - أنقرة: تصعيد
محسوب أم صِدام مؤكد؟ محمد خرّوب الرأي الاردنية 12-10-2011 تداعيات الأزمة السورية تفرض نفسها بقوة
على المشهدين الاقليمي والدولي,
والضغط المكثف متعدد الأوجه والاطراف
والأدوات التي تمارسه الولايات
المتحدة ودول معينة داخل الاتحاد
الاوروبي وخصوصاً فرنسا وبريطانيا,
يبدو وكأنه يتجه الى تعزيز خيار التدخل
العسكري الذي لا يبدي المجلس الوطني
الذي شكلته بعض تشكيلات المعارضة
السورية الخارجية حياله أي حساسية, بل
هناك من دعا الى خيار كهذا في تنكب واع
ومقصود لخطوات المجلس الوطني
الانتقالي الليبي ودعوته حلف شمال
الاطلسي الى الدفاع عن المدنيين (...). ما يلفت الانتباه في هذا الجدل والسجالات
المندلعة, وبخاصة بعد الفيتو المزدوج
الذي صوتت له موسكو وبكين, هو ارتفاع
لهجة التحذير بين طهران وانقرة, بما
هما اكثر الدول في المنطقة انخراطاً في
الملف السوري, كون انقرة انتدبت نفسها
لدور ومهمة نحسب انها (رغم ما أبدته
دبلوماسيتها منذ وصول حزب العدالة
والتنمية الى الحكم قبل نحو من تسع
سنوات, عن حكمة وبعد نظر وقراءة دقيقة
وباردة لمستقبل علاقاتها العربية) قد
خطت خطوة في المجهول لا تريد أو لا ترغب
أو ربما لا تستطيع ان تتراجع عنها, بعد
أن قطعت الشعرة الاخيرة مع دمشق وراحت
تحضّر نفسها لدور تدخلي مباشر في سوريا
(او توحي بذلك), ما اوصل الامور الى
مرحلة اجبر طهران، الحليف الأقرب
والأوثق لدمشق، الى تبني خطاب اكثر
مباشرة وعلنية تجاوز في معانيه ما كان
سربته وسائل اعلامية قريبة من ايران
بان الاخيرة حذرت انقرة من مغبة اي
تدخل عسكري لانها لن تقف مكتوفة الايدي.. دخل مستشار المرشد الاعلى اللواء رحيم
صفوي على الخط ليقول لتركيا إنها اخطأت
مرتين(..) ولهذا فهو يحذّر.. الخطأ الاول
انها تسير في الاتجاه الخطأ في تعاملها
مع احداث المنطقة (يقصد سوريا بالطبع)
وربما هذا ما يريده الاميركيون لتركيا
وهذا الامر مؤسف جداً, أما الخطأ
الثاني (في نظر صفوي) فهو السماح
باستقرار منظومة الدرع الصاروخية
للناتو على اراضيها وهذه رسالة واضحة
لنا ولروسيا وربما هي موجهة لنا
بالدرجة الاولى، ختم مستشار خامئني.. نحن إذاً أمام الموقف الايراني الاوضح
والاكثر مباشرة منذ ان بدأ اردوغان وغل
واوغلو حملتهم المركّزة على النظام
السوري وصلت الى اتهامه بالكذب
وانعدام الثقة التركية به واستضافة
بعض المعارضة السورية (اقرأ الضغط
عليها) لتوحيد صفوفها بعد ان تعثّرت
مؤتمراتها وتعددت اسماؤها. فهل تصمت تركيا او تتراجع؟ ثمة ما يشير الى ان انقرة مُصرّة على
مواصلة نهجها الراهن الرامي الى فرض
المزيد من العقوبات على دمشق.. وان كان
وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو
قد قال لمساعد نظيره الايراني في انقرة:
ان احداً لا يستطيع تهديد ايران من
تركيا التي لن تكون مكاناً، للدفاع عن
أمن اسرائيل!! يحضرهنا, في السياق ذاته, ما كشفته
الصحافة التركية عن اجتماع خاص ومحدود
جمع اوغلو بإثني عشر كاتباً وصحافياً
تركياً قبل ايام، قال بعض الصحافيين
الذين شاركوا في الاجتماع, ان الهدف
الاساسي منه لم يكن شرح السياسات
الخارجية التركية التي عرض لها، بل
الرد على الانتقادات الواسعة التي
بدأت توجه الى سياسة انقرة وانضم اليها
مؤخراً العديد من الكتّاب الاسلاميين
البارزين. ما تسرب من اقوال اوغلو, كان نارياً
وحاداً في اتجاه دمشق, لعل اخطره (على
ما نقلت صحيفة السفير اللبنانية اول من
امس) قوله: لو اردنا اسقاط النظام في
سوريا لفعلنا ذلك في العام 2005 في اكثر
اللحظات صعوبة للأسد.. وكان بامكاننا
ذلك». أين من هنا؟ اوغلو الذي يتعرض شعاره, تصفير المشاكل
الى انتقادات واسعة (يصفها البعض الآن
تسعير المشاكل) قال في تبجح: ان سر
ارتفاع نفوذ تركيا يأتي من ثلاثة أسباب:
الديمقراطية المتنامية والاقتصاد
الصاعد ومعارضة الاخطاء في السياسة
الاسرائيلية. هل هذا تشخيص دقيق؟ ثمة مشكلات آخذة في التفاقم تواجهها
انقرة مع جيرانها كافة وثمة اكلاف
ستترتب عليها وليس امامنا سوى
الانتظار الذي لن يطول على أي حال،
فالأحداث تتسارع على نحو يصعب ضبطها..! ================= د. عبدالله تركماني 2011-10-11 القدس العربي بعد إعلان
البيان التأسيسي للمجلس الوطني السوري
المعارض، تدخل الحالة السورية مرحلة
جديدة أشد صعوبة وخطورة، عنوانها
الرئيسي العمل الدؤوب من أجل تفكيك
نظام الاستبداد، وفتح الآفاق أمام
نظام بديل قوامه الدولة المدنية
الديمقراطية. ولكن على المجلس أن يبدأ فوراً بوضع آليات
للتعامل مع الواقع السوري بما يضمن
حماية أرواح المدنيين أولاً، ومن ثم
العمل على استمرارية التظاهرات
السلمية ومنع محاولات النظام لعسكرة
الثورة الشعبية. ومما يسهّل مهمة المجلس أنه حظي باعتراف
متظاهري الميدان في الداخل السوري،
حيث شهدت الأيام التي تلت الإعلان عن
المجلس مظاهرات مرحبة به، ومطالبة بأن
يقوم بدوره لحمايتهم، كما جرت مظاهرات
الجمعة الماضية تحت شعار ' المجلس
الوطني يمثلنا'. وهكذا، ستكون من أولى مهام المجلس
الوطني، كما حددها عضو الأمانة العامة
لإعلان دمشق للتغيير الوطني
الديمقراطي علي العبدالله، نصرة
الثورة السورية وإنجاحها وإسقاط
النظام، كما سيعمل على ضمان استمرار
التظاهرات والحفاظ على سلميتها، فضلاً
عن مساعدة المتظاهرين وتقديم العون
لأهالي الشهداء والجرحى والمعتقلين في
السجون السورية. مما يعني أنّ المهمة الملقاة على عاتق
أطياف المعارضة السورية ستكون أكبر
بكثير مما قد يعتقده البعض، ومما يفرض
على المجلس أن يبذل أقصى جهده من أجل
انضمام باقي أطياف المعارضة إليه، كي
يوفر له أرضية تمثيلية أكبر مما هو
عليه الآن. إذ يبدو أنّ إمكانية إيجاد
صيغة توافقية أمر يمكن أن يتم، خاصة
إذا التفت الأخوة في هيئة التنسيق
لمطالب المتظاهرين في الشارع، وما
يعانونه من قبل أجهزة أمن السلطة
وشبيحتها. ومما يساعد على الوصول إلى
هذه الصيغة التوافقية أنّ البيان
التأسيسي للمجلس الوطني جاء فيه: 'يشكل
المجلس العنوان الرئيس للثورة السورية
ويمثلها في الداخل والخارج ويوفر
الدعم اللازم بتحقيق تطلعات شعبنا
بإسقاط النظام القائم بكل أركانه بمن
فيهم رأس النظام، وإقامة دولة مدنية من
دون تمييز على أساس القومية أو الجنس
أو المعتقد الديني أو السياسي... وهو
مجلس منفتح على جميع السوريين
الملتزمين بمبادئ الثورة السلمية
وأهدافها '. إنّ الجميع مدعو إلى العمل تحت العنوان
الذي يمثله المجلس، خاصة وأنّ أصحاب
الثورة السورية الحقيقيين من رجالٍ
ونساءٍ وأطفالٍ، الذين هم وقود
الثورة، هم الآن جزءٌ أساسي من المجلس،
كما يحوز باقي أعضائه على ثقتهم، وقد
سارعوا إلى منحه الشرعية وعمّدوا
قرارهم هذا بتظاهرات بطولية لم تخلُ من
إراقة الدماء الزكية. وإذا كان الجميع داخل المجلس الوطني
السوري متفقين على ضرورة عدم التدخل
العسكري، فإنّ ذلك لا يعني عدم
الاستعانة بالأطراف العربية والدولية
من أجل حماية المدنيين وتوفير المظلة
للمتظاهرين من أجل أن يواصلوا
تظاهراتهم لإسقاط النظام. ولا شك أنّ
تفعيل القانون الدولي الإنساني،
المتجاوز سيادة الدول، يمكن أن يشكل
مدخلاً للنفاذ - ولو إنسانياً - إلى
الحالة السورية. إنّ موقف المجلس من التعامل مع الخارج كان
واضحاً، حين ربط العمل مع الحكومات ب 'مبدأ
الاحترام المتبادل وصون المصالح
الوطنية العليا، ورفض أي تدخل خارجي
يمس السيادة الوطنية'، وهو ميّز بين
التدخل والحماية. وفي هذا السياق، من
أهم الواجبات الملقاة على عاتق المجلس
أن يبدأ الاتصال الفعّال مع الدول
المختلفة، لنقل ضغط الحراك الشعبي
السوري إلى أروقة المجتمع الدولي،
والضغط باتجاه تأمين الحماية الدولية
للمدنيين، ودفع المجتمع الدولي للوقوف
أمام التزاماته التي يفرضها مبدأ 'التضامن
الإنساني'، والذي هو روح ميثاق الأمم
المتحدة، وسورية هي عضو مؤسس فيها،
وللشعب السوري حق على المجتمع الدولي
لحمايته من الجرائم التي تُرتكب أمام
بصر العالم. كما يواجه المجلس الوطني السوري تحدي
تشجيع ثوار الميدان على التمسك بسلمية
الثورة، طالما أنهم يطمحون لتثمير
تضحياتهم. وهناك الكثير مما يمكن عمله
في الإطار السلمي ولم يجرّب بعد، ومن
ذلك مثلاً الدعوة إلى العصيان المدني،
ومن شأن أعضاء المجلس في الداخل أن
يزوّدوا الحراك الشعبي بأفكار
وابتكارات جديدة. وبذلك يثبت المجلس
نجاحه في إدارة فعاليات الثورة
واستثمار شرعيته المستمدة من الداخل
ورفدها بنشاطه الخارجي. مما يشجع معظم
الدول على التعاون معه، تمهيداً
للاعتراف به وإكسابه شرعية دولية. وفي
حال حصوله على اعتراف دولي واسع سيكون
المجلس أكثر قدرة على مخاطبة جامعة
الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة
والعالم، وسيكون أقدر على المطالبة
بحماية المدنيين، عبر تفعيل المواد
القانونية في القانون الدولي الإنساني.
المهم هنا أنّ البيان التأسيسي للمجلس
الوطني أشار، في معرض حديثه عن التدخل،
إلى أنه يعمل مع كل الهيئات والحكومات،
وهو وضع الحكومات العربية في مقدمة
الدول التي ينوي العمل معها. مما يتطلب تحركاً عربياً عاجلاً وموحداً،
لاحتضان المجلس، وفتح العواصم العربية
للتحركات السياسية للمعارضة السورية،
واستقبال رئيس المجلس الوطني وممثليه،
وإعطائه صفة في الجامعة العربية،
تمهيداً للاعتراف الرسمي به كممثل
للشعب السوري. وأخيرا، حسب تعبير الكاتب السوري ياسين
الحاج صالح، من وجهة نظر تاريخية
يُفترض أن تستجيب الجمهورية السورية
الثالثة لحاجات الاستقرار السياسي
والتحكم بالذات، وقد افتقرت إليهما
الجمهورية الأولى، وأن توفر ما افتقرت
إليه الجمهورية الثانية، المملكة
الأسدية في الواقع، من حريات عامة وحكم
القانون والمساواة بين المواطنين
والسيادة الشعبية. وفي الوقت نفسه
يفترض أن تجري عملية إعادة هيكلة
الهوية الوطنية بصورة تمنح السورية
الهيمنة على العروبة وعلى الإسلامية،
السورية هي قاعدة المواطنة والحريات
والحقوق العامة، فيما يمكن للعروبة أن
تكون سنداً ثقافياً واستراتيجياً،
وللإسلام أن يكون أرضية ثقافية وقيمية.
إنً أهم ما في المجلس الوطني السوري أنه
صار أمراً واقعاً وعنواناً رئيسياً
للمعارضة السورية، وهو إنجاز مهم، إذ
صار هناك جسم مركزي معارض، لا يختصر
جميع المعارضات السورية، لكنه اكتسب
من شباب الثورة مصداقية إضافية لا شك
فيها، تعزز من شعبيته في الداخل وتؤهله
للدور الحيوي والملح، وهو ترجمة بيانه
التأسيسي بما قد يوفر مخرجاً من الحرب
الأهلية التي تلوح في الأفق السوري.
كما تكمن أهمية المجلس في أنّ الحراك
الشعبي الذي انطلق منذ 15 آذار/مارس
الماضي أصبح يمتلك مظلة سياسية يمكن
لها أن تمثله في المحافل الدولية
المختلفة. ومما لاشك فيه أنّ الإعلان عن المجلس ليس
نهاية الطريق، بل بداية مشوار طويل صعب
وشاق، فالمواجهة مع سلطة الاستبداد هي
أصعب المواجهات وأخطرها على الإطلاق.
ويبقى من السابق لأوانه معرفة ما إذا
كان المجلس سينجح فعلاً في التعبير
بصوت موحد عن مطالب الشعب السوري. الكل
سوف ينتظر أداء المجلس وتحالفاته ومدى
رضى قوى الداخل عنه، وإلى أي مدى سوف
يدير شؤونه الداخلية وفق آليات
ديمقراطية وتمثيل مكوّنات الشعب
السوري بأسره،إنه الاختبار الأصعب
الذي يجب اجتيازه بنجاح قبل أن يحصل
الاعتراف العربي والدولي المنتظر. والمهم أن يقدم المجلس رؤية متكاملة لما
سيفعله من أجل إسقاط النظام أولاً، ثم
بناء سورية جديدة مؤمنة بحقوق الإنسان
وضامنة للتعددية السورية وفق آليات
ديمقراطية. كاتب وباحث سوري مقيم في تونس ================= محمد كريشان 2011-10-11 القدس العربي عاد لفظ 'المندسين'
ليستعيد بعض ألقه بعد ما أرهقته
الحكومة السورية استعمالا حتى سقط
مغشيا عليه! عاد هذه المرة للظهور في القاهرة بعد
الأحداث الأليمة أمام مبنى التلفزيون
التي سقط فيها عدد كبير من القتلى
والجرحى بين صفوف المتظاهرين الأقباط
وكذلك رجال الجيش. جاء هذا التعبير
الشهير في بيان الكنيسة بعد اجتماع
البابا شنودة وسبعين أسقفا، حين ذكر أن
الإيمان المسيحي يرفض العنف، ولمح إلى
أن غرباء 'اندسوا' في المسيرة وارتكبوا
هذه الجرائم التي ألصقت بالأقباط. ولم
يقف الأمر عند المرجع المسيحي الأعلى
في مصر فقد استبعد وزير الإعلام أسامة
هيكل أن يكون ما حصل مجرد مطالب
للأقباط لبناء كنيسة أو الحصول على بعض
الحقوق، معتبرا أن 'الموضوع تجاوز هذا
الأمر حيث بات من الواضح أن هناك من
اندس وسط هذه المظاهرات القبطية في
محاولة لتأجيج المشاعر وإثارة الفتن'. لا أحد بإمكانه في الوقت الحالي الفصل في
مدى صحة واقعة 'الاندساس' هذه في أحداث
ماسبيرو (مبنى التلفزيون) الأخيرة في
العاصمة المصرية. القطع بالجزم أو
النفي يقتضي تحقيقا مهنيا موسعا لعل
لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس
الوزراء المصري في جلسته الطارئة أمس
الأول تكون قادرة عليه. ما يمكن طرحه
حاليا لا يتعدى أسئلة حائرة عن هوية
هؤلاء المندسين والسر في وجودهم
الدائم في أماكن الصدامات والتوتر،
جاهزين للتدخل لتعكير الأجواء؟ كيف
يستطيعون تجميع صفوفهم بسرعة فائقة
حتى يكونوا في الموعد بالضبط؟ هم ليسوا
كتيبة تقف في ثكنة أو على الرصيف تنتظر
أوامر من هذا القبيل، إذن كيف لهم أن
يأتوا سريعا من كل جهة، خاصة في عاصمة
مزدحمة كالقاهرة؟ هل يملك هؤلاء
المندسون قيادة عليا تعرف سلفا بؤر
التوتر فتعطي الأوامر بالتوجه إليها
فورا؟ وكيف لا يمكن كشفهم بسرعة من قبل
المنظمين الأصليين فيقع إجهاض مسعاهم
أو تحييدهم على الأقل؟ ربما لو تم القبض على بعض هؤلاء المندسين
وقدموا إلى محاكمة عادلة تتوفر فيها كل
ضمانات الدفاع واحترام القوانين لأمكن
معرفة الحقيقة، خاصة إذا سبق تلك
المحاكمة تحقيق مهني ذو مصداقية يقوم
به خبراء مختصون وليس ضباط أمن أسرتهم
لعقود عقلية المؤامرة وكبلهم البحث
السريع عن كبش فداء. في سورية المتميزة في كل شيء يعترف
المندسون أمام كاميرات التلفزيون. لا
غرابة في أن يقول المرء أنه مندس أبا عن
جد وبأن شيخ طريقة الاندساس في البلد
طلب منه القيام بكذا وكذا بعد أن تسلم
الأموال من فلان والسلاح من علان بعد
مكالمة هاتفية من البيت الأبيض وبرقية
بالحبر السري من رئاسة الوزراء
الإسرائيلية. ربما لو فتحت سورية الباب
للإعلام الخارجي لارتاحت من كل هذه
التسجيلات التي لا يصدقها أحد
ولتسابقت القنوات العالمية للظفر
بمقابلات حصرية مع مندسين كثر في حمص
وحماه ودير الزور وجسر الشغور، ولكان
لتلك المقابلات وقع مختلف. فرق بين أن
يخرج مندس مكسور الخاطر على شاشة
التلفزيون السوري وبين أن يخرج متبجحا
طليقا على شاشة ال'سي أن أن' أو ال'بي بي
سي' أو أي من قنوات المغالطة والتحريض
العربية الأخرى! المندسون الذين لا تكشفهم وسائل الإعلام
التقليدية يمكن أن تكشفهم مواقع
الإنترنت النشيطة، ففي تونس مثلا كشفت
كاميرات الهواتف النقالة قبل أشهر
قليلة مندسين بين صفوف السلفيين
المتظاهرين أمام إحدى قاعات العرض
السينمائي للاحتجاج على ما اعتبروه
فيلما مسيئا للإسلام. كان أحد هؤلاء قد
ركب لحية مزيفة، على طريقة المسلسلات
الدينية في الخمسينات، لكن تلك اللحية
اللعينة كانت تتحرك يمينا ويسارا تحت
أنظار من يحملق فيه حتى يتدارك الأمر!
هل كان صاحبنا هذا رجل أمن مندسا بين
هؤلاء أم هو سلفي لم تسعفه الأيام
بإطالة لحيته فعمد إلى هذه الحيلة حتى
لا يتهمه أصحابه بضعف الإيمان
لغيابها؟ من يمكنه أن يجزم بهوية هؤلاء
براحة بال وضمير سواء في تونس أو سورية
أو مصر طالما أنه لا أحد يتحدث عن
مندسين في العالم سوى نحن العرب! ================= جثة زينب الحصني
المجهولة الهوية الاربعاء, 12 أكتوبر 2011 بشرى سعيد * الحياة أحدث الظهور المفاجئ والصادم للفتاة
الحمصية زينب الحصني حيةًً ترزق، في
تحقيق بدا قسرياً أجراها التلفزيون
السوري الرسمي معها، حيث نفت خبر
موتها، أحدث بعض الإرباك لدى بعض أقطاب
المعارضة السورية وقنوات فضائية عربية
لطالما ركزت وبكثافة على ما أصاب
الفتاة من فظاعات مهولة داخل
المعتقلات السورية وتحت التعذيب: من
تقطيع لأوصال جسدها وفصل الرأس وسلخ
الجلد وتفاصيل أخرى في غاية السادية. كادت الصبية زينب التي لا تتعدى ال19 سنة
من عمرها، أو بالأحرى جثتها التي صدمت
العالم، أن تتحول الى أحد رموز
الانتفاضة السورية مثل حمزة الخطيب
وغيره بسبب الاعتقاد السائد بأنها
كانت صاحبة تلك الجثة المشوهة
والممزقة إرباً التي ذاع صيت رعب
الفظاعات التي أصابها، والتي تم
استغلال اسمها وصورتها باعتبارها أول
فتاة تموت أثناء الاعتقال وكإثبات
إضافي لوحشية الدولة السورية الأمنية. وبعد ظهور زينب فجأة وذلك بعد مرور حوالى
ثلاثة أسابيع على أخبار مقتلها على يد
الاستخبارات السورية أثناء فترة
احتجازها، وانتشار صور لجثتها المقطعة
أشلاء، بدأ الجميع، إعلاميين
ومعارضين، يركزون في سياق حديثهم عن
قصتها على زينب الحية، مع تهميش بل
تغييب للجثة المجهولة الهوية. بدأ
الحديث يتكرر عن البداهة المكررة
المتمثلة في العنصر الأخلاقي الذي
يفتقر إليه النظام السوري في جهازه
الإعلامي السلطوي والديماغوجي وهو
يمارس ألعاباً تضليلية قذرة. يدأ الجميع يستعيد قصصاً أخرى حدثت في
سياق الانتفاضة السورية كقصة أحمد
البياسي وغيرها من قصص يستشهد بها
ليثبت بداهة انحراف النظام السوري
الأخلاقي في ترتيبه سيناريوات مسبقة
بهدف الإيقاع بالمعارضة والقنوات
الفضائية التي يعتبرها مغرضة ومحرضة
والطعن في مصداقيتها. وهكذا تم التركيز على زينب ذاتها وليس على
ما تمثله من دلالات أو ما تقترحه من
سردية رمزية تتمثل أساساً في الجثة
والكيفية البربرية التي تمت بها عملية
القتل. فشخصية الجثة المجهولة الهوية
هي التي أسبغت على زينب رمزيتها
ومعناها وليس العكس. وعبر هذا الاستحضار الكثيف لزينب الحية
التي ظهرت وهي تحاول، مجبرة بالتأكيد،
نفي خبر «مقتلها» وبالتالي دحض
رمزيتها المكتسبة، غابت الجثة وقتلت
القتيلة مرة أخرى من خلال استبعاد
الجوهر الذي له وحده القدرة على إدانة
قسوة النظام السوري، وأقصد الجثة التي
ظلت بلا اسم تماماً مثل الجندي
المجهول، أو في السياق السوري هنا
الثوري المجهول. وفي خضم كل هذا الإرباك والصدمة مما أحدثه
ظهور زينب حية، لم يلتفت أحد الى حقيقة
ما يكمن خلف حرب الصورة الطاحنة التي
تدور رحاها على الساحة السورية، وهي أن
ظهور زينب حية لا يغير من حقيقة وواقع
وجود جثة فتاة، على رغم أن اسمها ربما
ليس زينب، وأن أوصالها قطعت بوحشية
وفصل فيها الرأس عن الجسد وتم سلخ
الجلد عنها بوحشية البدائيين الأوائل.
هل أضاع الجميع معنى حكاية زينب؟ أو
بالأحرى لم يستطيعوا رؤيته؟ عدم رؤية
الجثة في سياق الكلام عن سردية زينب
المأسوية يحيل الى قصة العامل التي
يذكرها الفيلسوف السلوفيني سلافوي
جيجيك، ولكثرة ولعه بها، في أكثر من
كتاب ومقال له. تتحدث القصة عن عامل
مشتبه بأمر سرقته في مكان عمله، ولهذا
يتم تفتيشه وتفتيش عربته الحديدية
التي يدفعها يومياً أثناء مغادرته
المعمل. لكن الحراس لم يستطيعوا أن يجدوا أي شيء
على رغم دقة تفتيشهم له ولعربته.
فالعربة فارغة دائماً. ما لا يعرفه
الحراس أو لا يستطيعون اكتشافه هو أن
العامل يسرق يومياً وأمام أنظارهم
الشيء الذي يفتشونه، أي العربة
الحديدية. لم يستطع الحراس أن يروا
الحقيقة الواضحة أمام أعينهم. وهذا ما
حدث مع الكثير من الذين تكلموا عن قصة
زينب بعد ظهورها حين لم يروا الحقيقة
التي كانت سبباً في بروز قصة زينب
أصلاً: الجثة المشوهة. وبما أن زينب كان قد تم اختزالها الى
خلاصة وحشية النظام السوري ورمز
إدانته، فان نهوضها من موتها وعودتها
من الجحيم أربك الرمز وما يرمز إليه
عند الكثيرين. وهذا الرأي تحديداً يهمل
حقيقة أن حضور زينب لا يملك القدرة على
أن يغير أو يربك أي شيء مطلقاً، ولا
يلغي حقيقة وجود جثة قتيلة ماتت تحت
التعذيب وتم التشنيع بها. * كاتبة سورية ================= مشيل كيلو الشرق الاوسط 12-10-2011 لا مبالغة في القول: إن منطقتنا العربية
تعيش حالة من إعادة الترتيب، تتصارع
وتتنافس فيها حول بديل لأوضاعها
الراهنة قوى محلية وإقليمية ودولية
متنوعة، هي أولا: أهل المنطقة أنفسهم
من عرب وغير عرب، وقوى إقليمية تجسدها
قبل كل شيء تركيا وإيران وإسرائيل،
وقوى دولية وكتل كبرى متعددة المصالح
متضاربة السياسات تمسك أساسا بمجلس
الأمن الدولي، هي بصورة خاصة أميركا
والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا. تأخذ عملية إعادة الترتيب صورتين
متناقضتين، إحداهما خاصة بالمجالين
الوطني والقومي، والأخرى بالمجال
العربي - الإقليمي: - أما الأولى فهي ستتظاهر على الأرجح من
خلال إعادة صياغة الأوضاع الداخلية
لبعض البلدان العربية على أسس جديدة،
تستند على الإقرار بحقوق جديدة
لمواطنيها ومكوناتها القومية
والإثنية المختلفة، مع ما سيحمله ذلك
من احتمالات تضمر مخاطر قد تؤدي إلى
تفكيكها أو، على العكس من ذلك، إلى
بناء وحدتها الداخلية على أسس متينة لم
يسبق لها أن قامت على ما يماثلها، إن
التزمت أطرافها بالخيار الديمقراطي
الوطني الجامع كخيار نهائي وأخير. ومع
أن النتائج الملموسة لهذه العملية لن
تتضح في أمد قريب، وينتظر ألا تكون
واضحة قبل مرور بعض الوقت، فإن
بداياتها التي انطلقت من انتفاضات
تونس ومصر - وتوشك أن تجتاز في أيامنا
المحطتين الليبية واليمنية، وتدخل منذ
قرابة نصف عام بزخم إلى المحطة
السورية، ووصلت إلى بلدان عربية أخرى
بادرت إلى ملاقاتها في منتصف الطريق
عبر إصلاحات محدودة تطاول المجال
الاجتماعي وبعض جوانب الفسحة السياسية
- فإنها ستكون على الأغلب نتائج عامة
شاملة، ستتباين من بلد إلى آخر بسبب
تباين بعض الظروف المحلية والوطنية،
وستستهدف جميعها إعادة نظر أو ترتيب
الأوضاع العربية العامة، وخاصة منها
أبنية السلطة وأدوار المجتمعات
والعلاقات بينهما. وبالنظ إلى أنه يصعب
أن يستفيض المرء في تلمس المآل الذي
ستنتهي إليه هذه البدايات، لأنه سيكون
مرتبطا بتحولات تصعب معرفتها لموازين
قوى متحولة تميز عادة حقب التحول
التاريخية الكبرى، فإن من شبه المؤكد
أن نستعين بمدرستين سياسيتين تتقاربان
في المطالب وتختلفان في الخلفيات
والمرامي وآليات العمل، هما المدرسة
الديمقراطية والمدرسة الإسلامية،
اللتان تتداخلان في نقاط كثيرة،
وسيتوقف مستقبل العرب على تقاربهما
وافتراقهما، لكونهما ستعيدان كلتاهما
إنتاج مسائل عامة متنوعة طويت صفحتها
خلال قرابة نصف القرن الماضي، ربما كان
أهمها المسألة القومية وما يتصل بها من
صراع عربي - إسرائيلي. - بدأت الصورة الثانية تتخلق تحت أنظارنا،
حيث يتم تفكيك النظام الإقليمي
الثلاثي الأركان: الإسرائيلي - التركي -
الإيراني، دون أن يدري أحد ما الذي
سيحل محله من علاقات قوى وتوازنات
إقليمية بديلة، وما إذا كان الترتيب
الجديد سيتم دون قتال مباشر بين هذه
القوى، أم أن مراحل منه ستنجز عن طريق
صراع غير مباشر أيضا بينها، تنخرط فيه
قوى محلية وداخلية تدعمها قوى
إقليمية، وخاصة منها تركيا وإيران،
اللتين يبدو الصراع على سوريا وكأنه
صراع بينهما أيضا، بينما تراقب
إسرائيل مجرياته محتفظة لنفسها بحق
التدخل فيه ساعة ترى لها مصلحة في ذلك.
وللعلم، فإن محطات الصراع الداخلي
تدخل أكثر فأكثر في ثنايا العلاقات بين
هاتين القوتين، أو أن هذا العلاقات
تفرض نفسها عليها، بحيث يبدو وكأن
تركيا تقف إلى جانب المحتجين
السوريين، بينما تساند إيران النظام،
ويقف وراء كل منهما، بالفعل أو بالقوة،
عدد من الدول الكبرى المتنافسة أو
المتكاملة الجهود، التي يخال من
يراقبها أنها لم تتخذ بعد قرارات
نهائية بصدد صراع لا يضمن هوية البديل
الذي سينبثق منه، لذلك تتركه ينضج
ويتبلور رغم ما يسببه من آلام للداخل
السوري. في هذه الأثناء، يظهر الطرف
الإيراني - السلطوي مصمما عى أن يقاوم
حتى النهاية محورا تركيا - غربيا هشا،
يكتفي حتى الآن بمراقبة حراك مجتمع
سوري يفترض أنه متعاطف معه، وقد ينتقل
في أي حين إلى موقع حليف داعم له، بعد
أن أعلن انفكاكه الصريح عن السلطة، بل
وعداءه لها، ولمح مرارا وتكرارا إلى
أنه قد ينقلب إلى طرف في صراع مباشر أو
غير مباشر ضدها، الأمر الذي سيكون
مرجحا في حال أوشك الطرف الخصم على حسم
أو كسب الصراع، أو بانت عليه علامات
ضعف ووهن تجعل من الضروري تدخل المحور
التركي - الغربي لتحقيق مآربه الخاصة:
تحويل تركيا العثمانية السنية إلى قوة
مهيمنة على المنطقة، صارعت خلال قرنين
إيران الفارسية الشيعية على العراق،
وها هي تسعى إلى إخراجها من ساحل
المتوسط الشرقي، علما بأن صراعهما
يدور في ظل صعودهما الصاعق كقوتين
قوميتين - إسلاميتين ناهضتين، تقرآن كل
شيء بطرق تنافسية ومتباينة، بما في ذلك
القرآن الكريم والأوضاع الدولية. لا يدور هذا الصراع المركب في فراغ، بل هو
يندرج في سياقات دولية يزيده طابعها
التنافسي تعقيدا، ويضيف إليه عناصر
خارجة عن السيطرة، تجعل إدارته بالغة
الصعوبة ومكلفة جدا بالنسبة إلى
أطرافه الداخلية، التي تدفع منذ قرابة
نصف عام أثمانا باهظة، لأن السلطة
أدارت الصراع بطريقة وضعته منذ
البداية في سياقات مغايرة لطبيعته
كصراع من أجل حقوق سياسية - اجتماعية،
يأخذ بعين الاعتبار متغيرات الداخل
ونموه المجتمعي والتعليمي والثقافي
ويبدل أو يعدل أو يضع حدا لنظام الحزب
الواحد وما ترتب عليه من أشكال حكم
تقادمت وصارت عبئا ثقيلا على تطور
البلاد والعباد. والغريب أن السلطة نفسها لم تنكر الحاجة
إلى بديل للأمر القائم، وإن أرادته
قريبا قدر الإمكان من صورته الراهنة،
بينما يريد المحتجون نظاما مختلفا،
جديدا ومختلفا، يماشي العصر ويشبهه
ويستطيع العيش فيه، ويلبي حاجتهم إلى
المشاركة (الحرية) والثروة (العدالة).
والأغرب أن السلطة اختارت طريقا كان من
الجلي أنه سيقود إلى التعقيدات التي
تعيشها سوريا الآن، وحاولت في هذه
العجالة شرح بعض جوانبها البرانية
ومقتضياتها العملية، وما قد تنتهي
إليه من لهيب لا قدرة لها على إخماده،
أخذ يحرق مجتمعها ودولتها حتى صار
المرء يخاف ألا يبقي منهما شيء، إلا
إذا تم وقفه بمعجزة في زمن لا تسيره
معجزات. أخيرا، هذا الأسلوب في المعالجة يبقي
أبواب الاحتمالات الإقليمية والدولية
مفتوحة، خاصة إن تغيرت توازنات الداخل
بين السلطة والمحتجين. وإذا كان ما حدث
في ليبيا قد لا يتكرر في الحالة
السورية، كما يعتقد كثيرون، فإن هذا لا
يعني بتاتا عدم وجود نماذج أخرى قابلة
للابتكار أو للتجريب، كفيلة باستنزاف
قدرات وطاقات السوريين فضلا عن قدرات
وطاقات حلفائهم. ومن يعتقد أن هذا
مستحيل، عليه أن يتذكر كم استنزفت
الحرب الأهلية في لبنان الصغير
بقدراته المحدودة دول المنطقة وقوضت
إمكاناتها وغلت أيديها ودفعتها إلى
حالات من العداء لم تتم تسويتها إلى
اليوم، كان بين أخطر نتائجها سقوط
العراق وخروج العرب من الصراع مع
إسرائيل. هل نستطيع فصل الصراع الداخلي عن إلزامات
هذه البيئة الإقليمية والدولية، كي
نحصل على سوريا التي نريدها، أم أننا
تجاوزنا هذه المرحلة إلى البديل الذي
يراد لنا؟. ذلك هو سؤال اليوم والغد،
الذي لا بد أن يكون لنا، نحن المواطنين
العرب، دور في تحديد هوية الرد عليه! ================= «الصاعقة» التركية: أي
رسائل جديدة إلى دمشق؟ سمير صالحة الشرق الاوسط 12-10-2011 كان بمقدور حكومة رجب طيب أردوغان، لو
أرادت طبعا، أن تصدر الأوامر إلى قيادة
الجيش بإرجاء موعد أو تغيير مكان
مناورات «الصاعقة» على الحدود التركية
- السورية، لكنها لم تفعل ذلك. أما رجب
طيب أردوغان فقد كان ملزما بالبقاء في
إسطنبول لتقبل التعازي بعد وفاة
والدته وتأخير زيارته المرتقبة إلى
مخيمات اللاجئين السوريين بالقرب من
أنطاكيا، وبالتالي تأجيل الإعلان عن
التدابير الجديدة المنوي اتخاذها
تركيًّا ضد القيادة السورية ردا على
استمرار العنف وقتل المدنيين. وفي الحالتين لم تتردد دمشق في قراءة
الحدثين على طريقتها، مختارة المضي في
لغة تهديد وتحذير المعترفين بشرعية
المجلس الوطني السوري، وهي رسالة تعني
أنقرة قبل غيرها ما دامت ولادة هذا
المجلس كانت فوق الأراضي التركية
وبتأييد وترحيب تركي علني. أنقرة تقول مرة أخرى إنها قررت تعديل
سياستها الإقليمية باتجاه التخلي عن «أنظمة
غير ديمقراطية لا يريدها شعوبها» وهو
إقرار تركي بخطأ الوقوف لسنوات طويلة
إلى جانب النظام السوري ودعمه وإعلان
الشراكة الاستراتيجية معه قبل أن ينجز
الإصلاحات التي وعد بها. وربما فقدان
الأمل بأي تراجع تركي أو تغيير في
مواقف أردوغان هو الذي دفع بالرئيس
السوري للقول إنه هو لم يتغير بل مواقف
القيادة التركية هي التي تغيرت حيال
سوريا، واضعا أنقرة دون أن يسميها على
لائحة العواصم المتهمة بالمشاركة في
خطة الهيمنة على الثروات السورية كما
يقول. اللافت أكثر هو خيبة الأمل التي عاشتها
القيادة السورية بعدما أبدى داود
أوغلو أسف بلاده للفيتو الروسي، مذكرا
أن تركيا لن تغير من طريقة تعاملها مع
الأزمة السورية، وهو الموقف الذي أغضب
دمشق أكثر فأكثر، وهي التي كانت تراهن
على أن تكون الرسائل الروسية كفيلة
بدفع تركيا لمراجعة مواقفها وتغيير
أسلوبها حيال دمشق إذا كانت تحرص على
حماية علاقاتها بالجار الشمالي. السيناريو الأقرب الذي يردد في الأوساط
الإعلامية والدبلوماسية في العاصمة
التركية في هذه الآونة هو أن يلتزم
الأتراك بتحرك دولي يدعو لفتح الحدود
وتقديم العون الإنساني والخدماتي
للمواطنين السوريين عند الطلب، وأن
تكون أنقرة مستعدة لأي تدخل محدود
لتوفير الحماية للمدنيين في تلك
المناطق. وهذا ما سنعرف تفسيراته
ومدلولاته في الأيام المقبلة، هل
سيعني التدخل العسكري التركي في شمال
سوريا لحماية حزام تتمركز فيه
المعارضة ويكون مقدمة لتوسيع رقعة هذا
الحزام أم لا؟ سوريا تحاول لعب ورقة تحويل أزمتها هي إلى
أزمة دولية تحشد الحلفاء والأصدقاء
والشركاء إلى جانبها وتترك الآخرين في
الطرف المواجه، لكن المؤسف أن تكون هنا
تراهن على الاستفادة من قرارات الفيتو
وحق النقض في نظام دولي انتقدته مطولا
وأن تسعى وراء دعم دول أميركا
اللاتينية البعيدة عن المنطقة بعدما
فقدت الأمل في دعم الأشقاء والجيران
العرب. أما الأخطر فهو أن تكون دمشق تحاول تحريك
الرماد تحت مشروع لعب ورقة التكتلات
العرقية أو المذهبية لإنقاذ نفسها من
ورطتها، وهذا ما لوحت به أكثر من مرة
عندما ذكرت بقدراتها على تحويل ما يجري
إلى حرب إقليمية شاملة ومفتوحة. وهنا يدخل الموقف الإيراني الداعم
للقيادة السورية على الخط من خلال
انتقاد المواقف التركية حيال الأزمة
السورية حيث «تسير أنقرة بالاتجاه
الخاطئ» على الرغم من أننا رددنا أن
ليس بين أولويات حكومة أردوغان توتير
العلاقات مع طهران. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 12-10-2011 أول ما يتبادر إلى ذهن المتابع للثورة
السورية بعد تصريحات مفتي سوريا
الأخيرة، التي هدد فيها الغرب بأن هناك
انتحاريين جاهزين للقيام بعمليات
استشهادية في حال تم استهداف سوريا
خارجيا، هو: ما رأي البطريرك الماروني
بشارة الراعي بهذه التصريحات؟ فقد سبق للراعي أن حذر من أن سعي المجتمع
الدولي إلى تطبيق الديمقراطية في
سوريا قد ينتهي بحلول نظام متطرف يديره
الإسلاميون المتطرفون، والمقصود
السنة بالطبع، بدلا من نظام بشار الأسد.
وجاءت تصريحاته تلك، أي الراعي، على
الرغم من أن الثورة السورية كانت تدخل
شهرها السادس، وعلى الرغم من القتل
والقمع الوحشي الذي يتعرض له السوريون
على يد نظام أقلية في دمشق، حيث لم يشفع
كل ذلك الدم والقمع ليقول الراعي كلمة
حق تجاه المظلومين. لكن المفاجأة اليوم للراعي وغيره ممن
يروجون أن النظام الأسدي هو حامي
الأقليات في سوريا وغيرها، سواء عن حق
أو باطل، هي التصريحات، أو قل الخطبة
الصادرة عن المفتي السوري أحمد حسون،
مفتي النظام الأسدي، الذي هدد قائلا: «أقول
لأوروبا كلها وأقول لأميركا» إن
المفجرين الانتحاريين الذين يعيشون
بالفعل وسط الأوروبيين والأميركيين
سيكونون على أهبة الاستعداد إذا تعرضت
سوريا أو لبنان للقصف، مضيفا أن «العين
بالعين والسن بالسن». والسؤال هنا للبطريرك الراعي، ومن يروجون
نفس قناعاته عن أن النظام الأسدي هو
حامي الأقليات: إذا كان هذا هو منطق
مفتي النظام الأسدي، فما الذي تبقى
للجماعات الأصولية وقادة الميليشيات؟
بل إذا كان هذا هو منطق مفتي النظام،
فكيف يخشى الراعي من قدوم نظام أصولي
في دمشق بعد النظام الأسدي؟ بل الأغرب من كل ذلك، أنه في الوقت الذي
يردد فيه النظام الأسدي، والمحسوبون
عليه إعلاميا، أو حتى ممن يصفون أنفسهم
برجال دين، أن ما يحدث في سوريا من ثورة
اليوم هو نتاج أعمال إرهابية تقوم بها
مجموعات مسلحة، يخرج المفتي السوري
ليقول إن هناك انتحاريين جاهزين في كل
من أوروبا وأميركا، ومستعدين لتطبيق
قاعدة «العين بالعين والسن بالسن»! أمر
محزن حقا حين يتحدث مفتي بنفس لغة
التنظيمات الأصولية المتطرفة. وعليه، ألا يخشى الراعي اليوم، وغيره،
مما قاله مفتي سوريا؟ أوليس ذلك مدعاة
لمراجعة المواقف؟ فإذا كان لدى مفتي
سوريا انتحاريون في قلب أوروبا
وأميركا، فماذا عن لبنان؟ وهل كان أبو
عدس المزعوم أحدهم؟ وهل هم على غرار ما
رأينا في العراق منذ سقوط نظام صدام
حسين؟ القصة ليست قصة تندر هنا، لكنها من
الأهمية بمكان، خصوصا أنها تصدر عن
مفتي النظام الأسدي نفسه، وليست
تصريحات ال«محللين» المحسوبين على
النظام الأسدي. وبالطبع فمن شأن تلك
التصريحات أن تساعد البعض، وحتى
الدول، على فهم الكثير من خبايا النظام
الأسدي في دمشق، وطريقة التفكير التي
تدار بها الأمور هناك، وخطورة تأثير كل
ذلك على المنطقة، والأمن فيها. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |