ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
السبت, 15 أكتوبر 2011 جمال أحمد خاشقجي * الحياة المقدمة التقليدية لمقال عن تركيا هي
إطراء التعددية في المجتمع التركي،
وصورة السافرة في جينز برفقة المحجبة
بمنديلها الأنيق، ولكن هذا خبر قديم
عندما كان الإسلام يعترك مع الحداثة
ليستعيد مكانه أو بعضه في المجتمع
الحديث. الآن زمن انتصار الإسلام
المعتدل والديموقراطية، وكل ذلك رأيته
قبل أيام في إسطنبول. دعيت لحضور حوار حول الطاقة وتأثير سعر
برميل النفط. ماذا لو ارتفع برميل نفط
جنوناً إلى 200 دولار أو انحدر إلى 30
دولاراً؟ ومن حق تركيا أن تناقش أمراً
كهذا، فاقتصادها الأسرع نمواً في
أوروبا يعتمد تماماً على نفط جيرانها،
والذي ينتقل أيضاً عبر أرضها وبحرها
إلى بقية أوروبا. ولكني انتهيت بعده
إلى مؤتمر آخر موضوعه «التحول من
الديكتاتورية إلى الديموقراطية في
العالم العربي»، وفيه تجلت تباشير
صعود الإسلام والديموقراطية. المؤتمر
نظّم برعاية مكتب رئيس الوزراء
للأبحاث ومركز الوليد بن طلال للحوار
بين الإسلام والمسيحية مع حضور كبير
لممثلين عن الاتحاد الأوروبي.
الملاحظة الأهم أن القوى الممثلة
للعالم العربي كانت الشيخ راشد
الغنوشي زعيم حركة «النهضة» التونسية
وعبدالمنعم أبو الفتوح مرشح «الإخوان»
(غير الرسمي) لرئاسة مصر، واقرأ ما شئت
بين سطور الأسماء السابقة فنحن في زمن
التحولات. «الزعيمان» كانا يتمتعان بحراسة رسمية
واهتمام شديد، ولا بد أنهما حظيا بلقاء
ولو سريعاً برئيس الوزراء رجب طيب
اردوغان، ربما خلال تقديم العزاء
بوالدته التي توفيت الأسبوع الماضي. على هامش المؤتمر سمعت عن الخبرات التي
تقدمها أنقرة للقوة الإسلامية الصاعدة
كالتدريب على الحملات الانتخابية
وإجراء استبيانات الرأي. هل ثمة مال
يجري؟ لا أدري ولكن «المسلمين إخوة»
فلا يستبعد شيء وتركيا باتت غنية
وقادرة. كل ما سبق مجرد «بروفة» للعالم العربي
الجديد وتركيا الجديدة في تعاملها مع
الشرق الأوسط. الباحث الروسي في شؤون النفط الكسندر
داينكن والذي كان شريكي في استقراء حال
العالم عندما يصعد برميل النفط إلى 200
دولار أو ينهار إلى 30 دولاراً قال لي «من
الواضح أن الحكومة التركية اختارت أن
تكون الرقم 1 في الشرق الأوسط على أن
تكون الرقم الأخير في أوروبا». لا أعرف
إذا كان الأتراك يوافقونه في ذلك، ولكن
الرأي العام التركي غير منزعج من
اهتمام حكومته بالعالم العربي على غير
العادة، الإسلامي منهم سيرى في ذلك
واجباً، بينما يرى غيره «الدولارات
الحلال» كما يسميها معلق تركي ساخر. الكاتب التركي الشهير محمد علي بيرندي
يرى أن تركيا استفادت أكثر وهي تتصرف ك
«ولد شقي» يعاند أميركا، ويحقر
إسرائيل ويتدخل في كل مكان، أكثر مما
استفادت من الزمن الماضي عندما كانت «ولداً
لطيفاً» يسمع كلام أميركا ويحارب مع «الناتو»
بحماسة من دون أن يطرح أي سؤال. إنه خليط بين الفخر والاعتداد بالنفس،
فالأتراك الذين صدمهم التحول من قوة
عظمى إلى مجرد دولة متوسطة يحتاجون هذه
المشاعر، ولكن الأهم منها هو قصة
النجاح المتمثلة في أرقام الاقتصاد
التي يستعرضها عليهم اردوغان بين حين
وآخر ويشعرون بها مباشرة في اقتصادهم. أعرف تركيا جيداً، وتابعت التحولات
الكبيرة فيها منذ التسعينات عندما أخذ
نجم الإسلاميين يسطع فيها وتحديداً
حزب «الرفاه» وزعيمه الراحل أربكان.
شباب طموح من حوله أبرزهم رجب طيب
اردوغان وعبدالله غل اللذان اقتسما
اليوم قيادة البلاد. كنت كثير التردد على تركيا. كانت قوية
بالمقارنة مع غيرها من دول الشرق
الأوسط ولكنها لم تكن بمثل قوتها اليوم.
كنت أركز وقتها على التحولات داخل
تركيا، والتي كانت تصطدم بمعارضة
علمانية شرسة مدعومة من الجيش. مرات
قليلة ظهرت تركيا التاريخية المهتمة
بعالمنا، والتي يحلو تسميتها
بالعثمانية. كتبت تقريراً نشر في «الحياة»
عن مؤتمر إسلامي رعاه أربكان تمثلت فيه
مختلف الدول العربية والإسلامية،
بالطبع كان اغلبهم من زعماء وأبناء
الحركات الإسلامية. عنونته «مجلس
المبعوثين ينعقد مجدداً في اسطنبول».
لم يعجب ذلك الشيوخ العرب حول أربكان.
كانوا يريدون إدارة أمورهم بالكتمان.
أي كتمان؟ انتهى أربكان وحزبه بشبه
انقلاب بعد سنوات قليلة. اليوم يتحرك
وريثه اردوغان بل يستعرض اهتمامه
بالإسلاميين في العالم العربي أمام
كاميرات التلفزيون، فحرص أن يخصهم
بلقاء وهو يزور مصر وتونس، أما في
ليبيا فهم في كل مكان فلم يخص أحداً
بزيارة. اهتمام اردوغان الملحوظ والمثير للجدل
بالعالم الإسلامي طبيعي لشاب نشأ في
الحركة الإسلامية، وإن خرج «الباشبكان»
عن دائرة الحركة لطمأنة القوى
العلمانية التركية، ولكنه بعدما استقر
له الوضع وأصبح الزعيم الأقوى والأطول
أمدا منذ تأسيس الجمهورية وبات كتاب
الأعمدة يسمونه – بلؤم - «السلطان»،
حنّ إليها والى خطابها بفضل التحولات
في العالم العربي وعودته هذه مبررة. في
سنوات ما قبل «الربيع العربي» كان
يتعامل مع الواقع حتى لو كان ذلك
الواقع لشخص يحتقره مثل معمر القذافي،
وآخرين كان مستعداً أن يتعامل معهم
لمصلحة تركيا و «دولاراتهم الحلال»
مثل نجاد ومبارك وبشار، وبالطبع
المملكة ودول الخليج التي لم تتغير
علاقته بها قبل وبعد «ربيع العرب». من الواضح أن ثمة علاقات جديدة ستتشكل في
المنطقة بين تركيا والقوة الإسلامية
الصاعدة فيها، وسيتمتع اردوغان بموقع
قيادي في هذه العلاقة. لن يقبل القوى
الإسلامية كما هي بل بات ينصحها
ويوجهها. آخرها كانت نصيحته الشهيرة ل
«إخوان» مصر أن: اقبلوا العلمانية ولا
تكونوا علمانيين. ربما يستدعي بعضاً من
تجربته مع معلمه الراحل اربكان فمعظم
قادة الحركات الإسلامية لا يزالون «اربكانيين». المؤتمر الذي أشرت إليه في بداية المقال
لن يكون الأخير بل أوكل اردوغان
لمستشاره إبراهيم كلين الاستمرار في
التواصل مع القوى الإسلامية في
المنطقة لترتيب أوضاعها ونقل تجربة
حزبه الناجحة إليها. الدور المقبل لأردوغان هو الحرب على «الفكر
المتطرف» المولد للإرهاب المنسوب
للإسلام كما يؤكد صحافي رافقه في رحلته
الأخيرة لجنوب إفريقيا، فلقد عبر عن
استيائه الشديد من العملية الإرهابية
التي نفذتها حركة «الشباب» الإسلامية،
والتي كان من ضحاياها طلبة صوماليون
كانوا يمتحنون للحصول على منح دراسية
لتركيا. الملاحظ كما نقل الصحافي سميح
ايدز أن اردوغان صب جام غضبه ليس على
حركة «الشباب» وإنما على الصامتين عن
إدانة الإرهاب «إذا كنت تقول إن
الإرهاب ليس من الإسلام، فعليك إذاً أن
تعلن ذلك علانية في كل مكان في العالم
ومن غير المقبول من رجال الدين التحدث
عن هذا الموضوع (الإرهاب) على فترات
متباعدة». إنه يريد دفع العلماء إلى
فعل المزيد وبالتالي وجّه إدارة
الأديان في الحكومة للإعداد لمؤتمر
يبحث الموضوع. من الواضح أن روحاً
جديدة تلبست الرجل أو استعاد روحاً
سابقة، إذ يسترسل قائلاً: «أعلم أن
هناك دوائر معينة ستضيق من هذه
التصريحات، ولكن من لا يملك الشجاعة أن
يتقدم فلا يتحدث باسم الإسلام». ولم
يذكر الصحافي من كان اردوغان يقصد
بتصريحه هذا. التحول الثالث لأردوغان هو نحو مصر، فكما
يقول أحدهم «إنها حبه الجديد.. ربما
سورية ستأتي بعدها»، فهناك معلومات
أنه وجه بجعلها وتحديداً الأزهر قبلة
الطلبة الأتراك من خريجي المعاهد
الدينية، مع اهتمام ملحوظ من لدنه
بالأزهر والذي حرص على زيارته في رحلته
الأخيرة لمصر. إذاً، الصورة الأخيرة التي ننتظرها هي
اردوغان يخطب من على منبر الأزهر.
بالطبع لن يحصل ذلك قبل ظهور نتائج
الانتخابات المصرية في نيسان (أبريل)
المقبل. * كاتب سعودي ================= تظاهرات "سورية"
لأبناء الست" وأخرى "سورية"
لأبناء الجارية! ب.ش المستقبل 15-10-2011 التظاهرة الرسمية التي نظمت في دمشق
دعماً للرئيس بشار الأسد كانت حاشدة.
وهذا يدعو الى الفرح. لأنها، يفترض ان تكون جزءاً من ممارسة
الديموقراطية المباشرة، حتى وإن كانت
تؤيد السلطة، عال! ولكن عندما نتكلم
على الديموقراطية، فيعني اننا نتكلم
على حرية التعبير؛ وحرية التعبير يعني
الحرية التعددية، ويعني حق المعارضة (او
الثورة) أو الاحتجاج، بالتعبير السلمي. ويعني كذلك الحق بحماية الدولة،
والأجهزة، هذه بديهيات، فالتظاهرة
الرسمية حظيت بأكثر من حماية وكان
المشاركون فيها (ونحن نحترمهم) يتمتعون
بالراحة، وبالوقت، وبالمساعدة،
وبالاعلام، وبالترحيب من قبل وسائل
إعلام النظام في سوريا (وفي لبنان
ايضاً: اقصد حلفاء النظام السوري. رائع).
وقد بدا ذلك جلياً على وجوه المتظاهرين
بحرية تحرك تامة، وبهتافات عالية،
وبملابس مريحة، وبوسائل سخية، من دون
اي شعور بالخوف من قمع، أو بتعرض
للضرب، أو للرصاص، أو للقصف أو للسجن،
أو لاتهامات بالعمالة والخيانة. فصور التظاهرة نقلتها بديموقراطية
رائعة، وسائل الاعلام السورية، من دون
مصادرة لا للافلام ولا الاعتداء على
الصحافيين والمصورين. وماذا كان لتقول
المصادر الرسمية السورية لو قلنا
مثلاً ان التظاهرة لم تقع. أو انها
اقتصرت على العشرات. أو ان أخبارها
وصورها ملفقة! لقالوا عنا "اننا نكذب"،
وإننا متواطئون مع اميركا وفرنسا (لم
يتعرض الاعلام السوري الرسمي لاسرائيل
باعتباره ممانعة متعرضة لعدائية العدو
الصهيوني. رائع) لكن، اذا كان النظام،
كما يريد ان يقول، من خلال هذه
التظاهرة الرسمية، انه يتمتع بأكثرية
الشعب السوري، فلماذا لا تكون
المنافسة حرة بين تظاهرات الثورة او
"الانتفاضة وبين تظاهراته". لماذا
مثلا لم نلمح أحداً من "العصابات
المسلحة رشق بوردة أو بحصاة هؤلاء
المتظاهرين، ولماذا لم تهدد هذه
العصابات المسلحة الوحدة الوطنية
باطلاق الرصاص عليهم. أو لماذا لم نسمع
عن "فتنة طائفية" تفوح من تلك
التظاهرة؟ أترى يحق لفئة من الشعب
السوري (وبحسب القوانين والدساتير) ان
تنزل الى الشارع وتكون وطنية، وتُمنع
أخرى وتتهم بالخيانة؟ أين كانت
العصابات المسلحة التي تروع
المواطنين، ولماذا غابت عن تظاهرة
النظام؟ بل ولماذا لا تظهر هذه
العصابات المسلحة بمعجزة الا في
مواجهة تظاهرات المعارضة والثورة؟
فلماذا لا يحمي النظام المتظاهرين في
درعا والغابون وريف دمشق وحمص وحماه
ودير الزور.. وحلب، بينما يحمي من
يهتفون له؟ أوليس هؤلاء الآخرون
سوريين، ابناء سوريين أباً عن جد؛
أوليسوا مواطنين مثل غيرهم؟ أوليسوا
بشراً مثل غيرهم؟ لماذا يعامل الثوار
وكأن دماءهم مهدورة، وممتلكاتهم
مستباحة، وأطفالهم ونساءهم رخيصة؟ وهل يمكن ان نسمي النظام دولة عادلة،
عندما يفرق بهذه الطريقة المرعبة بين
مواطنيه؟ واي نظام هذا الذي يخون
أكثرية شعبه! اذا كان الأمر، كذلك..
فكيف يكون اي نظام في العالم شرعياً
على شعب نصفه عملاء وقتلة وخونة؟ مع هذا فسوريا ما زالت واحدة. بشعب واحد.
وثورة واحدة. وقلب واحد. القتل يوحّد
الثوار ويقسم المرتكبين! ================= سوريا على طاولة «الوزاري
العربي» الوطن القطرية التاريخ: 15 أكتوبر 2011 في واقع الأمر إن أرقام الضحايا في سوريا،
كما أعلنتها، أمس، المنظمة الدولية،
وهي أكثر من ثلاثة آلاف قتيل، تكشف حجم
التثوير والرفض للنظام، مثلما توضح
أيضا أن بيدر النظام من إصلاحات لم يرق
بعد إلى حصاد ينتظره الشعب. والبُعد الذي يزيد الأوضاع في سوريا
خطورة يكمن في اتساع الانشقاق عن
المؤسسة العسكرية، ما يعني ارتفاع
منسوب الاحتمال القائل إن انقسامها
إلى فسطاطين سيكون مرحلة متقدمة
للعوامل التي تدفع إلى حرب أهلية، وهو
الخطر الذي من شأنه إحداث تعقيد شائك
مأهول باحتمالات وتداعيات كل منها لا
يقل خطورة عن الآخر. وهذه القراءة التي تتخوف على سوريا، في
حاضرها ومستقبلها، هي ما تدفع مجلس
التعاون الخليجي للدعوة إلى عقد
اجتماع طارئ لمجلس الوزراء العرب،
ليتركز هذا الاجتماع على سوريا،
وليختص بالتطورات التي انزلقت إليها
الأوضاع في هذا البلد العربي الشقيق،
وليتم من خلاله التباحث بذهنية جديدة
حول كيفية إنقاذ سوريا مما هي فيه. الموقف السوري من اجتماعات قومية سابقة
ربما لا يحفز مجلس التعاون الخليجي على
تجديد دعواه، ولكن المسؤولية القومية
تستدعي من الأمة ألا تتقيد الحركة بأي
مضامين من ميراثها، ذلك لأن عالمنا
العربي، والأوضاع في المنطقة برمتها
تقتضي اليقظة، وتتطلب النزول عند
إرادة الشعوب، ووقف النزف المستمر
المترتب على اللجوء المفرط للحل
الأمني، مثلما من الضروري أن تتضمن أية
خريطة طريق للجم التدهور في سوريا
مسابقة الزمن فيما يجب اتخاذه من
إجراءات وإصلاحات، لأن علاقة طردية
سوف تترتب على إهدار الوقت والفوضى،
فضلا عن ضحايا وأبرياء يسقطون كل يوم،
مما يتسبب في وصول الغضبة الشعبية إلى
أعلى مناسيبها، وهو ما سوف تُستعصى معه
أي حلول للتردي الأمني الحاصل في سوريا.
================= حسين العودات التاريخ: 15 أكتوبر 2011 البيان عندما تأسس حزب البعث في أربعينات القرن
الماضي استجابة لتطور الحركة القومية
العربية التي نشطت بعيد انسحاب
الاستعمار الأوروبي من بلاد الشام،
وانسجاماً مع متطلبات حركة الاستقلال
في بعض البلدان العربية. ورغم أن
أهدافه لم تكن شديدة الوضوح عند تأسيسه. واعتمدت على المشاعر القومية وعلى الرغبة
في بناء الدولة الحديثة المستقلة
المتحررة من الاستعمار القديم مع
الطموح بإقامة وحدة عربية، إلا أنه كان
موئلاً للمثقفين العرب الذين كانت
الجامعة السورية حاضناً لهم، وشكل
تياراً أيديولوجياً وسياسياً يستجيب
لبعض السياسيين الباحثين عن استقلال
بلادهم وتطويرها ومقاومة الغزو
الصهيوني بعيد النكبة. وقد انتسب إليه
قسم كبير من المثقفين العرب خاصة طلاب
الجامعات في سورية والعراق، وحملوا
مبادئه، وبدءوا بنشرها في أقطار بلاد
الشام. وما لبث حزب البعث في خمسينات القرن
الماضي أن تزعم الحركة الوطنية في هذه
البلدان، وقاد المعارضة للاستعمار
الأوروبي الآفل والإمبريالية
الأميركية الصاعدة، وضد النظم
السياسية التي تحكم بعض هذه البلدان. وقد سد حزب البعث فراغاً في الحركة
الوطنية العربية لم تستطع الأحزاب
الشيوعية أن تملأه بسبب موقفها المؤيد
لتقسيم فلسطين، وعدم قبولها فكرة
القومية العربية، حيث كانت البشرية
بالكاد انتهت من وأد الحركة النازية
والفاشية العنصريتين في أوروبا،
اللتان كانتا تعتمدان على الفكرة
القومية من حيث الأساس. كما لم يستطع
تيار حركة القوميين العرب الذي عبر عن
نفسه من خلال حركات أو أحزاب في ذلك
الوقت من أن يسد الفراغ بسبب غلوّه
القومي (وميله إلى المواقف الشوفينية
المتطرفة) . وهكذا بقيت أفكار حزب البعث، رغم غموضها،
الأقرب إلى الواقع وتحمل بذور آفاق
مستقبل عربي متحرر، خاصة بعد أن اندمج
حزب البعث مع الحزب العربي الاشتراكي
وتحولا إلى حزب قومي اشتراكي موحد ،
مما ساعده على انطلاقة صاروخية سواء في
المعارضة أم في تولي السلطة في بعض
بلدان الشام، فقد تزعم المعارضة في
الأردن ضد السياسة البريطانية (غلوب
باشا) واستطاع أن يوصل عدة نواب إلى
البرلمان، وأن يتولى بعض أعضائه
وزارات فيما بعد. وخاصة في وزارة سليمان النابلسي 1957،
وتزعم الجبهة القومية في سورية التي
ضمت الحزب الشيوعي السوري وأحزاب
الرأسمالية الوطنية وبعض التيارات
الليبرالية، وكان لها أكثرية في
المجلس النيابي، وأوصلت سورية عام 1958
إلى الوحدة، كما كان شريكاً رئيسياً في
الثورة العراقية التي أطاحت بالنظام
الملكي عام 1958 واستلمت السلطة
بالشراكة مع ضباط عسكريين ومع الحزب
الشيوعي. آل نشاط حزب البعث العربي الاشتراكي إلى
خمود أيام الوحدة السورية المصرية،
وما لبث أن انقسم أيام الانفصال بين
مؤيد ومعارض له، إلى أن تولى السلطة في
فبراير 1963 في العراق وبعد شهر واحد في
سورية بانقلابين عسكريين، وأصبح يحكم
مباشرة وعلناً بلدين عربيين مشرقيين
رئيسيين. ارتبك حزب البعث بعد توليه السلطة في هذين
البلدين وخاصة فيما يتعلق ببرنامج
الحزب وإدارته الدولة وتحديد صلاحيات
ومهمات كل من الحزب والدولة، وفك
التداخل في هذه الصلاحيات بين
الطرفين، وقد جرت محاولات عديدة لفك
الاشتباك بين الحزب والدولة آلت
جميعها إلى الفشل، فسقط حكم الحزب في
العراق بعد تناقضات شديدة فيه حول هذا
الموضوع، ثم ما لبثت التناقضات أن دبت
داخل الحزب في سورية وكان يحكمها بيد
من حديد، فحصلت عدة انقلابات داخلية
فيما بين أجنحة الحزب (بيمينه ويساره)،
إلى أن آل الأمر إلى الرئيس حافظ الأسد
عام 1970، فأقام دولة نحى فيها واقعياً
حزب البعث جانباً وأبقاه عنواناً
لشرعية النظام فقط، وأصدر دستوراً
يحقق رغباته. ومع الزمن لم يعد للحزب دور جدي في إدارة
الدولة باستثناء أن الدستور ينص على
أنه قائد الدولة والمجتمع، وأن
النقابات المهنية تضم في قيادتها
أكثرية من أعضاء حزب البعث، ولم يلبث
حزب البعث أن أبعد كلياً عن السلطة
التي بقيت تأخذ شرعيتها منه. وصار شاهد زور على ما يجري و(محللاً) لزواج
مشكوك في صحته، وهكذا تلاشت سلطة حزب
البعث كحزب، وأصبحت مؤتمراته
وتنظيماته وقياداته وحتى أعضائه بيارق
تُرفع عند الحاجة، ولا يؤخذ برأيها في
أي أمر هام، وصار الانتساب لحزب البعث
له فائدة واحدة هي الوصول إلى مغنم أو
امتياز أو وظيفة أو ما يشبه ذلك، أي أنه
فقط إجازة مرور للمنافع. قد استوى الأمر وتماثل في سورية والعراق ،
حيث تحول الحكم في البلدين إلى حكم
شمولي، ولم تعد هموم كل ممن يحكم
الدولتين هموماً عامة، وصار الحزب في
كل منهما بالواقع بلا لون ولا طعم ولا
رائحة سوى أن وجوده واستمراره مبرر لما
لا يبرر. وهكذا تراجع حزب البعث وحلت
محله أجهزة السلطة والأمن، وفقد دوره
في الحياة الأيديولوجية والعقائدية
والسياسية المحلية والعربية، وهو في
الآن في حال موت سريري وبقايا حلم مبدد. لو استطاع حزب البعث تطوير أهدافه التي
كانت تشكل (أهدافاً عربية جامعة تمثل
مشاعر قومية وصرخات وطنية) إلى أهداف
تستوعب تطورات العصر وحاجات المجتمع،
ولو تبنى معايير الدولة الحديثة عند
بنائه للدولة التي حكم بموجبها ونأى
بنفسه عن الانشغال بأمور الحياة
اليومية، وتجنب أعضاؤه الاقتتال في
سبيل الامتيازات والمصالح الفردية. والغرق في الصراع على السلطة، ولو نجا من
هيمنة أجهزة الأمن لكان الآن من
الأحزاب العربية الهامة الحيّة
والحيوية وذات المبادئ الشاملة
القادرة على أداء مهمات وطنية جسيمة،
لكن هذا لسوء الحظ لم يحصل، و بدلاً من
أن يجدد البعث شبابه باستمرار قتله
أهله وصار ضحية أبنائه. ================= سورية في عين الاهتمام
العربي والعالمي الوطن السعودية التاريخ: 15 أكتوبر 2011 إعلان المفوضية السامية لحقوق الإنسان،
السيدة نافي بيلاي عن تجاوز عدد القتلى
الذين وقعوا على يد النظام السوري منذ
منتصف مارس الماضي 3000 قتيل، فضلا عن
الآلاف من المعتقلين والمعذبين الذين
اختفوا على يد النظام، إضافة للمهجرين
والنازحين نتيجة العنف، وكذلك
التسريبات المتعددة على مواقع
الإنترنت لمقاطع تعذيب الجيش وقتله
للمتظاهرين، أكبر دليل على مدى
الانحدار الأخلاقي الذي وصل له الجيش
السوري الذي يفترض به الدفاع عن شعبه
لا تعذيبه وقتله، والخوف الآن أصبح من
أن تنزلق سورية نحو حرب أهلية. القتل اليومي للمتظاهرين لا يزال قائما
بشكل سافر، ولا تزال التظاهرات
الحاشدة كل جمعة قائمة كما شهدنا يوم
أمس، مما يبرز مدى إصرار السوريين على
موقفهم وعزيمتهم التي لا تلين من أجل
الحصول على مطالبهم، والنظام السوري
من جهته لم يقدم شيئا تماما على طريق
معالجة المسألة سوى وتيرة القتل
اليومي التي تعلو وتنخفض بحسب الظروف. مجلس التعاون الخليجي دعا في اجتماع طارئ
له إلى عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول
العربية؛ لبحث الأوضاع المتأزمة في
سورية، وهي دعوة هامة تأتي في وقت حساس
لم يعد من الممكن السكوت أكثر عما يحدث
في سورية دون اتخاذ موقف جاد من قبل
العرب تجاه الأزمة في المقام الأول. هذا الاجتماع الطارئ الذي من المتوقع أن
يعقد خلال الأيام القليلة المقبلة
سيكون في غاية الأهمية، نظرا لعدة
تطورات في الملف السوري، أبرزها
انطلاق المجلس الوطني بقوة تمثلت في
نشاطه مؤخرا على المستوى الدولي.
وثانيا لوتيرة الانشقاقات داخل الجيش
السوري والتي تبرز إمكانية قيام
معارضة مسلحة، وهو ما يعد تطورا نوعيا. من الهام أن تترادف هذه التطورات مع موقف
عربي قوي وواضح من الأحداث في سورية،
فالفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن
ليسا ضوءا أخضر للنظام السوري، ووجود
موقف عربي واضح وقوي أمام العالم أجمع
سيكون رسالة قوية للمجتمع الدولي،
ولسورية نفسها التي يجب أن تعي أن
محيطها الإقليمي هو ضمانتها الوحيدة
للمستقبل، وأن إيران أو روسيا أو
غيرهما من الدول لن تكون ذات نفع حقيقي
لها؛ إذا كانت معادية لمحيطها العربي
الحقيقي، والعرب اليوم لم يعودوا
قادرين على تحمل مظاهر وتبعات القتل
اليومي للمتظاهرين السوريين. ================= خلفيات المواقف الروسية
من ربيع العرب انتهازية .. سياسية أم
ماذا؟ مأمون كيوان المستقبل 15-10-2011 لطالما سميت موسكو "الصديق الوفي
للشعوب" على خلفية دعمها لقضايا
الشعوب وعلى نحو خاص القضايا العربية
وفي مقدمها قضية فلسطين، لكنها اتخذت
مواقف مفاجئة تجاه الحركات الاحتجاجية
العربية في نموذجين صارخين: أولهما
تجاه الحدث الليبي حيث تلكأت موسكو
وناورت في علاقتها مع المجلس
الانتقالي الليبي ثم رضخت للواقع
الجديد بعد هروب القذافي من قلعته في
باب العزيزية. وفي النموذج الثاني للربيع العربي الذي
حل في سورية استنسخ الكرملين المواقف
المرتبكة نفسها مع بعض التعديلات التي
تقتضيها خصوصية العلاقة مع سورية التي
يمكن وصفها بالعلاقة التاريخية التي
تعود إلى العام 1944، وجراء الصلة
الوثيقة والدعم الذي قدمته موسكو
لدمشق لمواجهة سياسة الأحلاف ومشروع
النقطة الرابعة أطلق وصف "سورية
الحمراء" على سورية التي سمحت بحصول
زعيم الحزب الشيوعي السوري الراحل
خالد بكداش على عضوية البرلمان عبر
انتخابات ديمقراطية. وبعد تولي حزب البعث السلطة في سورية،
توطدت العلاقات السورية - السوفييتية
في المجالات السياسية والاقتصادية
والعسكرية، وتجاوزتها إلى التدخل
طوعاً أو بطلب من دمشق في أزمات سورية
داخلية حزبية او خارجية عربية، منها
الخلافات بين أجنحة حزب البعث من
يمينيين ويساريين وعسكريين ومدنيين،
وبين البعثيين والشيوعيين. كما تدخلت
موسكو في طي الخلافات بين دمشق
والقاهرة في عهدي جمال عبد الناصر
وانور السادات. ووقف القادة السوفييت في ما أسماه باتريك
سيل "حرب الأخوين" في ثمانينات
القرن الماضي إلى جانب الرئيس حافظ
الأسد، فألقوا بثقلهم خلفه. وأيضاً في
ما دعاه "حل العقدة" في تلك الحرب.
وكان حل عقدة حرب الأخوين مثلاً
كلاسيكياً في فن السيد المسيطر على
الحلبة، أنيقاً وغير متعجل، وموضحاً
مدى سيطرة الأسد على أتباعه الجموحين
المشاكسين. ففي الثامن والعشرين من
أيار ، وبمساعدة الكرملين ، أرسلت
طائرة محملة بسبعين من كبار الضباط إلى
موسكو ، وكان من بينهم رفعت الأسد. وفي مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد
السوفييتي تصاعدت براغماتية السياسة
الخارجية الروسية، ولذلك تراجعت زمن
الرئيسين غورباتشوف ويلتسين العلاقات
بين موسكو ودمشق التي تبنت سياسة
معتدلة تجاه الغرب. وسبق لبوتين أن ثمن خلال ولايته الرئاسية
موقف دمشق بما خص حرب الشيشان، وذلك
لإحجامها عن دعم الثوار الشيشانيين من
جهة ومن جهة أخرى استقبالها رئيس
الشيشان المدعوم من روسيا في دمشق في
أيلول العام 2005. ومنذ ذلك الوقت تعتقد
موسكو أن أي نظام ديمقراطي أو أصولي لن
يكون متعاطفاً معها ، بل إن نظاماً
أصولياً في سوريا قد يدعم الثوار
الشيشانيين بشكل نشط. وفي الوقت نفسه، كان لا يبدو لموسكو أن
الوضع في سورية سيتغير في المدى
المنظور. وكان لا يساورها قلق من
احتمال إحراز اتفاقية سلام بين سوريا
وإسرائيل أو تقارب أميركي سوري أو حتى
أوروبي. كما كان لا يبدو محتملا لموسكو
أن تواجه سوريا ثورة ديمقراطية تجلب
إلى الحكم حكومة مؤيدة للغرب. بالإضافة
إلى ذلك فإن انسحاب بشار الأسد السريع
من لبنان في ربيع 2005، أشار إلى أن الأسد
يمكن أن يتخذ الخطوات الضرورية لتفادي
مواجهة أميركية ضد نظامه تفادياً لما
حصل مع صدام حسين في العراق. ولعل حجر الزاوية في الموقف الروسي من
الأزمة السورية يتمثل في اعتقاد موسكو
أن هذه الأزمة لا تشكل تهديداً للأمن
والسلم الدوليين. وان هكذا تهديد قد
ينشأ عن التدخل الخارجي في الشؤون
الداخلية السورية، والانحياز الغربي
لطرف دون عداه من طرفي الأزمة في
سورية، حسب تصريح أدلى به السفير
الروسي في دمشق الكسندر بانكين في شهر
حزيران الماضي. ولم يقتصر التدخل الروسي في الأزمة
السورية على تقديم الدعم السياسي
للرئيس السوري في مجلس الأمن، بل تجاوز
ذلك إلى فتح حوار مع المعارضة السورية،
حيث استقبلت موسكو وفدين من المعارضة
السورية وأكدت أنه ليس لديها صديق آخر
في سورية غير الشعب السوري. والزعماء
يأتون ويذهبون والسياسيون يأتون
ويذهبون. الأنظمة الاجتماعية تأتي
وتذهب. وجدد مارغيلوف موقف بلاده الذي يرى أن حل
الأزمة يجب أن يكون سياسياً وعبر
الحوار السياسي بين السلطات السورية
والمعارضة، داعياً السلطات في دمشق
إلى تجسيد الوعود الإصلاحية على ارض
الواقع والتشاور مع كل القوى السياسية
في البلاد في ما يتعلق بموضوع الحوار
الوطني. فيما اعتبر الرئيس الروسي
ديمتري ميدفيديف أن وعود الإصلاح التي
أطلقها الرئيس السوري بشار الأسد
صادقة. ووجه رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس
الفيدرالية (الشيوخ) ميخائيل
مارغيلوف، دعوة إلى بثينة شعبان
المستشارة السياسية للرئيس السوري
لزيارة موسكو. ولاحقاً استقبلت موسكو
وفداً يمثل أحزاباً في الجبهة الوطنية
التقدمية الموالية للحكم، يحمل اسم
الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير التي
تضم كلاً من اللجنة الوطنية لوحدة
الشيوعيين السوريين والحزب السوري
القومي الاجتماعي وعدداً من الشخصيات.
وترى أنه لا مبرر لوجود معارضة في
الخارج وتسعى لتوحيد المواقف حول
القضايا المبدئية المتمثلة بعدم
الاستقواء بالخارج ورفض المخططات
الامبريالية الصهيونية الأميركية في
المنطقة. وتستند المقاربة الروسية للأزمة السورية
إلى رزمة الروابط السياسية والعسكرية
والاقتصادية التقليدية بين موسكو
ودمشق، وترمي إلى إحياء الطموحات
الروسية في العودة إلى الشرق الأوسط من
البوابة السورية إضافة إلى مقتضيات
ديمقراطية الرأسين بوتين- ميدفيديف
التي يبدو أنها لا تشكل مغناطيساً
لعمليات إصلاح ودمقرطة عربية. ================= ساطع نور الدين السفير 15-10-2011 حتى الآن لا تزال المعارضة السورية
تستفيد من سلوك نظام الرئيس بشار الاسد
الذي يمكن ان يقودها الى السلطة بأسرع
مما يتوقع الكثيرون من المعارضين
والموالين عل حد سواء. وهي ستظل مدينة
لذلك النظام بأنه ساهم في انتاجها وفي
تنظيمها وتطويرها وتوسيع شعبيتها،
اكثر مما هي مستندة الى خطابها السياسي
او الايديولوجي او حتى الى كفاءاتها
التنظيمية او رموزها القيادية. واذا ما ظل النظام يسير في الاتجاه
المعاكس لأي منطق، كما هو متوقع، فان
ذلك يفرض على المعارضة تحديات جدية لم
تثبت حتى الآن انها قادرة على
مواجهتها، على الرغم من مرور اكثر من
ثمانية اشهر على الانتفاضة الشعبية
التي تبدو اليوم انها عند مفترق بين ان
تظل وحدها في الشارع تتلقى الضربات
المتتالية، وبين ان تنزل تحت الارض
لتعيد تنظيم نفسها وطريقة عملها، وتقف
خلف العسكريين المنشقين والمدنيين
المسلحين الذين يخوضون معركة الدفاع
عن المجتمع المدني من دون اي دوافع
سياسية واضحة، وبدافع الانتقام الفردي
في اغلب الاحيان من القمع الذي تمارسه
السلطة واجهزتها بحق المدنيين العزل
بشكل خاص. التقدير الثابت هو ان النظام يسير نحو
حتفه. وهو اساء حتى استخدام الخيار
الامني الذي لم يسمح له حتى الآن
بالزعم انه يسيطر على مدينة درعا مهد
الانتفاضة، ولا على اي من المدن
والبلدات الاخرى التي تحدته سياسيا،
والتي كان يرسل اليها الجيش والامن
فيتسبب في اشعال غضب سكانها وتجذير
مطالبهم السياسية، من دون ان يمتلك
القدرة البشرية والمالية مثلا على
ابقاء الوحدات العسكرية والامنية
منتشرة بشكل دائم في تلك المدن
والبلدات. تحذير الامم المتحدة امس من حرب اهلية،
مبالغ فيه الى حد بعيد، لأنه حتى الآن
لا يمكن التمييز بسهولة بين من هم داخل
النظام وخارجه، كما لا يمكن رسم خطوط
تماس محددة طائفية او سياسية او حتى
امنية بين المدن او في احيائها...
والاهم من ذلك انه ليس لدى المعارضة
استعداد او حتى تفكير بتغطية مثل هذا
الخيار الانتحاري، لا سيما ان
الخيارات البديلة لم تستنفد، وهي لن
تستنفد ما دامت السلطة تخسر رصيدها
ودورها كل يوم. لكن الاعتماد على الخدمات المجانية التي
يقدمها النظام للمعارضة السورية لا
يوفر مخرجا او حلا للازمة، ولا طبعا
الاستناد الى حقيقة ان الطموح الجذاب
للمعارضين على اختلافهم افضل من القدر
السيئ الذي يمثله النظام. لعله آن
الاوان للخروج من هذه البداهة
والتعامل مع مشروع دفع سوريا نحو حرب
اهلية باعتباره خطرا داهما يستدعي
الاسراع في انجاز المرحلة التنظيمية
والمباشرة في التحدث مع الجمهور
السوري باللغة التي يتظاهر من اجل
سماعها ويدفع ضريبة الدم من اجل
ارسائها، لغة التغيير السياسي المنشود
الذي يتخطى شعارات السلمية والوحدة
الوطنية ويترجمها الى مفردات واضحة
ومحددة لا تستبعد حتى التفصيل في
الانتخابات الرئاسية والنيابية
والبلدية، مهما بدا مثل هذا البرنامج
سابقا لاوانه. سوريا تنتظر مثل هذه اللغة التي يمكن ان
تطغى على لغة الرصاص او حتى ان توقفها. ================= قلق من الارتدادات
السنّية - الشيعية بعد استهداف
الجبير .. مسؤول أميركي يتحدّث عن مرحلة
ما بعد بشار الأسد هيام القصيفي
النهار 15-10-2011 في لقاء جمع في الايام الاخيرة مسؤولا
اميركيا رفيعا معنيا بشؤون الشرق
الاوسط مع مجموعة عربية في واشنطن، اكد
المسؤول الاميركي، وفق مصادر هذه
المجموعة، ان ثمة تعليمات صدرت في
نهاية آب الفائت الى المراكز
الديبلوماسية والادارات الاميركية
المعنية بالشرق الاوسط لمواكبة
التطورات السورية على نحو أكثر فعالية
والاستعداد لمرحلة ما بعد الرئيس بشار
الأسد. وبحسب هذه المصادر، فإن التدرج في الخطاب
الاميركي حيال النظام السوري ترافق
أيضاً مع التحضير للخطوات الضرورية
الآيلة الى الاستعداد للمرحلة السورية
الجديدة واستطراداً لمتغيرات جدية في
منطقة الشرق الاوسط. وقد أثار كلام المسؤول الاميركي، الذي
غالباً ما يزور المنطقة، استغراباً
شديداً لدى سامعيه الذين كانوا يعيشون
في الآونة الاخيرة في اجواء سورية
تتحدث عن اجتياز النظام السوري مرحلة
الخطر، وعن دخول المنطقة في عصر
التفاهمات الدولية لتقطيع الوقت
الضائع. وطرح هؤلاء اسئلة عن الكلام
على حتمية سقوط الأسد، في وقت لا تبدو
الولايات المتحدة حاسمة علناً في
التعجيل برحيله، بعدما أوكلت المهمة
الى كل من أنقرة والرياض، واكتفت
بالطرق الديبلوماسية عبر مجلس الأمن
والعقوبات الاقتصادية. لكن الأجوبة الاميركية كانت واضحة بقدر
ما هي مختصرة، وتتلخص بأن الفرص أمام
الاسد باتت معدومة وان سبل الحل أصبحت
معدودة، وان امام الادارة الاميركية
التي شرعت في وضع اللمسات النهائية على
برنامجها لمواجهة مرحلة ما بعد الاسد،
فرصة ينبغي عدم تفويتها من أجل البت
سريعاً بالمتغيرات الاقليمية.
واستغربت الأجوبة الاميركية تقليل
أهمية العقوبات الاقتصادية، فما عاشته
سوريا من ضيق اقتصادي سابقاً لا يقاس
بما يمكن ان تختبره اليوم، والسوريون
الذين سكتوا في ما مضى لم يعد في وسعهم
التغاضي عن الازمة المعيشية ولا سيما
انهم تجاوزوا حاجز الخوف ولا يزالون
مستمرين في التظاهرات منذ آذار الفائت.
وتنقل مصادر هذه المجموعة مشاهدات عما
لمسته من الادارة الاميركية حول
المرحلة الراهنة، وفيها ان ثمة مساحة
واسعة من الحرية باتت مفتوحة امام
المعارضين السوريين في الخارج، وهم
يفيدون منها لتعزيز صلاتهم وانفتاحهم
على مراكز القرار والدراسات والابحاث
من أجل توطيد دعائم تحركهم الخارجي.
ومعظم هؤلاء المعارضين مشهود لهم
بثقافتهم وخبرتهم في تناول القضايا
العربية من منظار اكثر انفتاحاً. وتنقل المصادر أيضاً ان اللاعب العربي
الجديد المتحرك دوليا هو قطر، وخشية
النظام السوري من اميرها الشيخ حمد بن
خليفة آل ثاني يجب ان تكون في محلها.
فأمير قطر بعدما حسم موقفه وانبرت
وسائل اعلامه لمواجهة النظام السوري،
ماض في معارضته له وفي استيعاب الحركة
المعارضة ودعمها. وترى المصادر عينها
ان ثمة مجالاً واسعاً للتمويل
والمساعدة السياسية الدولية والعربية
يمكن ان تقدمه قطر للمعارضة السورية
وتطويق الأسد. وقد بدا ترحيب قطر ب"المجلس
الوطني السوري" كأول الدول العربية
بمثابة اولى الاشارات الحادة التي
توجهها الى الاسد كي يستوعب حجم
المتغيرات العربية حياله. وجاءت الرسالة الاميركية الى طهران، عبر
اتهامها بالإعداد لاغتيال السفير
السعودي في واشنطن عادل الجبير،
بمثابة اللبنة الاولى في سيناريو
المتغيرات الاميركية حيال الشرق
الاوسط، اذ بدا واضحاً ان الحوار الذي
كان دائرا في صورة غير مباشرة بين
طهران وواشنطن قد باء بالفشل، بعد
اختلاف اولويات البلدين في مقاربة
ملفات افغانستان والعراق ولبنان
وسوريا، فضلاً عن التباين الايراني
الداخلي حول موجبات الحوار وشروطه
ومفاعيله. وجاء الرد الاميركي على
محاولة اغتيال الجبير بمثابة استهداف
الحديقة الخلفية لسوريا ورأس الهرم
واعادة تجميع الدول العربية المناهضة
لايران ضدها. كذلك جاء بمثابة ضرب
عصفورين بحجر واحد، لأن استهداف طهران
يطال كل الملفات العالقة، من مقاربة
اوضاع العراق ومعالجة بقاء القوات
الاميركية فيه، وصولاً الى ترتيب
اوضاع سوريا ولبنان. وقد فتحت الرواية
الاميركية باب العودة السعودية الى
مسرح الحدث، والاطلالة المتجددة لوزير
الخارجية سعود الفيصل المعروف بمواقفه
المتشددة من طهران ودمشق معاً، ولا
سيما ان الاتهام الاميركي جاء بعد
أحداث المنطقة الشرقية في السعودية،
وتلميح الرياض الى دور ايران من خلال
اتهام وزارة الداخلية السعودية الجهات
الخارجية بالمساس بأمن السعودية
ودعوتها ابناء تلك المنطقة الى "أن
يحددوا بشكل واضح إما ولاءهم لله ثم
لوطنهم، وإما ولاءهم لتلك الدولة
ومرجعيتها". لكن الأهم، بحسب مصادر سياسية رفيعة، ان
هذه الرسالة اعادت تسليط الضوء على
الصراع السني - الشيعي في المنطقة
العربية، من خلال محاولة النظام
الايراني استهداف شخصية سعودية سنية،
والتذكير باغتيال الرئيس رفيق
الحريري، والكلام الذي يدور من حين الى
آخر عن تورط ايران وسوريا في عملية
الاغتيال. وفي حال توسعت حلقة التضامن
العربية مع الرياض، كما حصل من جانب
الكويت أمس، وادانة العمل الايراني،
فهذا يعني احتمال ارتفاع منسوب التوتر
الاقليمي مجدداً بين توجهين ايراني
وعربي، بعد فترة هدوء طبعت المنطقة.
ومن شأن ذلك زيادة الضغط على الملف
اللبناني المثقل اساسا بهمّ التركيبة
الداخلية في ضوء مترتبات المحكمة
الدولية وتمويلها، سواء لجهة موقف
لبنان دولياً وعربياً والى اي من
الدولتين سينحاز موقفه في ضوء علاقة
الاطراف اللبنانيين بالسعودية
وايران، او حتى في ظل موقفه دولياً في
حال تطور الموقف الاميركي نحو عقوبات
على ايران. ================= محمد رفيع الرأي الاردنية 15-10-2011 في الدراما السورية الأخيرة: «الخِربة..»،
اختار الكاتب أن يُعالج مأثوراً
عربياً شهيراً، مُسقطا إيّاه على
الراهن السياسي العربي، وخوف الشعوب
من حكّامها. إذ أحال مأثور الضعفاء ضدّ
المستبدّين، عند كَسرِ قيودهم: «الموت
ولا المَذلة..» إلى حِوار، بين زوجٍ
ضعيفٍ وخاضعٍ وبين زوجته المهيمنة. في الحِوار الدرامي، يقوم الزوج الخاضع
بوظيفة الزوجة، عبر تقشير «البازيلاء..»،
معبّراً عن امتعاضه بالغناء الموارب: «الموز
ولا البازيلا..»، باستبدال كلمات
المأثور الشعبي (الموت/الموز، المذلّة/البازيلا..)،
في إشارة صامتةٍ وموارِبة، إلى تململه
ورفضه للخضوع وعدم قدرته على الإعلان
عن ذلك. وعند سماع الزوجة، القوية
والمهيمنة، للغناء المُلغّز، تشكّ في
مقاصده، وتتساءل عن المقصود، فيتفانى
الزوج المقموع، في شرح الفرق، بين
اشتهائه للموز وعدم رغبته للبازيلاء،
لنفي تهمة أنّه كان يقصد المأثور
الشعبي، الذي يشير إلى رفضه لهيمنتها،
أو أنّه كان ينوي الثورة على سلطتها،
حتّى لو كلّفه ذلك حياته. الزوجة
القوية لا تُصدّق تبرير زوجها وشرحه،
وتتظاهر بأنّها صدّقته، وتقبل
باستمرار اللعبة بينهما على هذا
النحو، ومن دون أن تتنبّه إلى مؤشّرات
ذلك، وضرورة تقديمها لتنازلات، ولو
قليلة، كما كان يشير عليها والدها،
زعيم العائلة، الذي تستمدّ قوّتها منه. بالتكثيف السياسي للمعالجة الدرامية
المبسّطة، يحضرُ المأثور السياسي
لمعاوية بن أبي سفيان لفلسفة الحُكم: «..
إنّ الناس أعطونا طاعةً، وأعطيناهم
أماناً. وأظهرنا لهم حِلماً تحته غضب،
وأظهروا لنا طاعة تحتها حِقد... فإنْ
نكثنا بهم نكثوا بنا، ولا ندري أعلينا
تكون أم لنا... «!؟ قد يقبل الناس، ولفترات طويلة، التعايش
مع حالات الإذلال والمهانة، كنمط عيشٍ
وحياة، غير أنّهم لا يقبلون ذلك إلى
الأبد. والنابهون وحدهم مَن يجيدون
قراءة الزمن وأحوال الناس، ويمتلكون
الجرأة على المبادرة بما يفوق تفكير
الشعوب. أما مَن يغرّهم ويغريهم تردّي
أوضاع المواطنين وضعفهم واستكانتهم،
والنظر إليها على أنّها طبائع للشعوب،
فأولئك هُم الأكثر عمى للبصيرة
والرؤية، القاصرة عن إدراكٍ يتعدّى
واقع اللحظة الراهنة. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. فكيف
بالعيش، حين يكون القلق أبرز السمات
البارزة لعصرنا الراهن..؟! ما يجعل
إندفاعة الناس، نحو حافّة فقدان الأمل
واليأس، كبيرة جداً. ف «الواقع دائماً
صفّاع..». وصارم وحاسم «كحسم الغزاة..».
وقادر، بقوة وقسوة، على كسر الأحلام
والأمل والفرح والبهجة، والأفكار
أيضاً. ولأنّه كذلك، فهو عصيّ،
وقادرٌ على منح الحياة، نسبياً، عند
الأفراد، ومهما كان وعيهم، شكلا آخر،
غير ثنائية: الملهاة والمأساة، التي
يسعى الطغاة إلى تأبيدها. لا يصل الناس إلى مرحلة المقارنة بين
كراماتهم وقيمهم وبين الموت مِن دون
مقدّمات، بل يعبرون إليها رغم أنوفهم،
بعد أن تصبح حياة غالبيتهم أسوأ من
الموت نفسه. عندها، تغدو المقارنة
تلقائية، بل وبديهية، بعد أن أصبح «الموت..»
خيراً مِن «المذلّة..»، وعلى نحوٍ لا
تُفيد فيه مواربات التورية والتلميح.
ذلك أنّ الظُلم والطغيان يكون قد
استنفد كل أشكال احتماله وتبريره،
ناهيكَ عن تلاشي قُدرة الناس وتآكلها
على احتماله. فتعلو حينها أصوات
المجاميع: «الموت ولا المذلّة..»،
وطوبى لِمَن يتّعظ..!؟ ================= السبت, 15 أكتوبر 2011 غالية قباني * الحياة مرت مجازر الثمانينات في سورية بصمت
شعبي، كذلك مرّت كل محاولات معاقبة
الأكراد، من تهجير، وإحلال سكان عرب في
مناطقهم، وكفّ أيديهم عن أراضيهم
الزراعية والسكنية، وحرمانهم التصرف
بها. ولن ننسى على مرّ السنوات الماضية
آلاف الحالات الفردية لناشطين تجرأوا
وطالبوا بحقوق مشروعة لشعبهم، فكان
نصيبهم الاعتقال التعسفي والحرمان من
حقوقهم المدنية والمجازر الجماعية
التي تمت في السجون، وكان آخرها مجزرة
سجن صيدنايا 2008. كل ذلك مرّ من دون تحرك
شعبي في بلاد الصمت. لقد سُحبت حيوية
الروح من الشعب السوري، عندما مُنع عن
أي حراك سياسي مدني طيلة عقود، فالشعب
الذي كان صدى لأحداث المنطقة، يخرج
بالتظاهرات احتجاجاً على اغتيال شخصية
وطنية في بلد عربي او قمع حراك شعبي في
آخر، صار منذ 1970 مجرد شعب يمارس دور
المتفرج، وهذا ما حدث أمام مجزرة تل
الزعتر في لبنان عام 1976، حين دُك
المخيم دكّاً. لجأ النظام خلال عقود الى تفكيك البلاد
طوائف وأقليات وكتلا لتسهيل التحكم
بها، فعزلت أكبر طائفة فيها، من خلال
الربط بينها وبين حركة الإخوان
المسلمين، التي دخلت في مواجهات معه في
الفترة ما بين أواخر السبعينات وأوائل
الثمانينات. وتماماً مثلما يحصل الآن،
تم التشويش على المجازر التي أبادت
اكثر من عشرين ألف ضحية في مجازر مدينة
حماة وحدها، إضافة إلى حلب وإدلب وحمص
وريف دمشق من خلال شيطنة الطائفة
المنكوبة بأكملها وتحميلها شعوراً
بالذنب كونها الحاضنة الاجتماعية
للإخوان المسلمين التي جُرّم التعامل
معها بقانون رقم 49. أصبحت طائفة
الأكثرية عبر السنوات الحلقةَ الأضعف
في المجتمع السوري، المعرَّضة للسخرية
والتهجم على افكارها وطقوسها، واتهام
قناعاتها الدينية بالجمود وغياب
الإبداع. تورط في ذلك معارضون وموالون،
قوميون ويساريون، وأيضا مثقفون
مستقلون، وكان السوري المثالي هو الذي
يقف مع السلطة في مواجهتها حتى لو كان
وقوفه من نوع الموقف الصامت. لم تكن تلك
علمانية صحيحة ولا إلحادية صحيحة، بل
ممارسة عنصرية جعلت من الأقليات
مجموعات مخطوفة يحتمي خلفها النظام
بمواجهة الاكثرية. حدث هذا في الوقت
الذي لم تكن تجرؤ اي جهة او فرد على
المساس بالمذاهب والاديان الاخرى
علانية، لانها ستجرَّم بتهمة كراهية
الأقليات!! من كل ما سبق، يمكن تفسير الصمت الشعبي
امام الهجوم على مدينة درعا بداية
الانتفاضة، قبل ان تمتد شرارة التحرر
من العبودية الى حمص وتلبيسة والرستن
وحماة وإدلب ودير الزور وعامودا
ومناطق اخرى. لجأت السلطات السورية الى
أسلوبها التقليدي في التخويف
والتجريم، وقدمت صورة إعلامية ربطت
بصورة اخرى وتم شيطنتها في الذاكرة
الجمعية، فلجأت الى التشويه الممنهج
للانتفاضة، وصورت أفرادها على انهم
ارهابيو سورية المقبلون، يخرجون من
الجوامع، نساؤهم المتظاهرات محجبات،
وهتافاتهم تتضمن شعارات تستعين بالله!!.
ورافق هذا التزييف تجاهل مشاركة افراد
الطوائف الاخرى في الانتفاضة، سواء
بمشاركتهم في التظاهرات او بالتعبير
عن تضامنهم عبر وسائل التواصل
الاجتماعية، وذلك كي يبدو الحراك
طائفياً بحتاً. واخيراً استكملت
الكذبة بدفع مفتي النظام الى الظهور
العلني قبل ايام، متوعداً الدول
الغربية بالانتحاريين الذين سيثيرون
الذعر والفوضى في بلادها، ليكتمل ربط
الاكثرية السورية بالتطرف، وبعد ان
كان التخويف موجهاً للداخل صار موجهاً
للخارج، الذي لم يُشفَ بعدُ من رِهاب
الإسلام. لا ينطلق هذا المقال من منطلق طائفي،
فكاتبته تقف على مسافة بعيدة من
الاسلام السياسي، وان احترمت حقه في
التعبير عن نفسه طالما انه يلتزم شروط
الديموقراطية في هذا التعبير، لكن
اسلوب التخويف من القادم هو خرافة
عبَّر عنها بشكل طريف ميخائيل سعد،
اليساري السوري ذو الاصول المسيحية
المقيم في كندا، فقد كتب على صفحته في
الفايسبوك: «نكاية ببعض اليسار السوري
وبعض العلمانيين الشكليين وبعض
القوميين، وقبل هذا نكاية بالسلطة
السورية، أعلن انضمامي المؤقت للإخوان
المسلمين رغم كل عيوبهم إذا قبلوا بي،
وعليه أوقِّع». هل من موقف أكثر جرأة من
هذا الموقف يفضح محاولة تخويف
الاقليات من الاكثرية السورية؟ ينطلق هذا المقال من رؤية تتطلع الى تحقيق
الدولة المدنية التعددية وترى ان
استبعاد اي مكون للشعب السوري، أكثرية
كان أم اقلية، من ممارسة حقوقه
المشروعة في التعبير عن رأيه، هو نوع
من العنصرية المباشرة. لم يحدث في
التاريخ الحديث ان تمّ الطلب الى
مجموعة تتعرض للعنف الممنهج، تقديم
ضمانات للمتفرجين أنها لن تمسهم بسوء
ان خرجت سالمة من الإبادة!! أليست هي
المجموعة نفسها التي هُمّشت لعقود عن
مراكز السلطة السياسية والعسكرية
والأمنية، ولم تمارس رغم ذلك ايَّ
انتقامات طائفية؟ أليست هي نفسها
الأكثرية التي حضنت مهاجري العالم
المضطهدين من مسيحيي أرمينيا والسريان
والآشوريين، وحديثاً لاجئي الصومال
وشيعة العراق. الشعب السوري عُرف عنه
الاعتدال والبُعد عن التعصب في
إسلامه، بشهادة الكثير من المتابعين،
ولم يحضن طوال تاريخه افكاراً متطرفة
تدفعه الى إنهاء الأقليات، التي ان
استمرت في الوجود فبسبب تعايشه معها،
لا بسبب حماية اي نظام سياسي مرّ على
البلاد. لا يمكن وصف تخويف الأقليات من الاكثرية
السورية الا بالافتراء الذي تقوده
أجهزة النظام لتفتيت ارادة المجتمع في
مواجهته وهي تطالب بالحريات للجميع
وليس لفئة. أما بالنسبة لأشباه
المعارضة والمثقفين، فيعكس ترديدهم
لهذا التخوف رسوباً في الجاهزية أمام
استحقاق الديموقراطية، الذي ادعوا
لعقود انهم يروجون له. وبدل ان يبدأوا
الحوار مع مكونات الشعب المختلفة
لإزالة الشكوك في ما بينها، كشف الحراك
الأخير عن عجزهم في التعامل مع هذه
الأزمات، لأنهم تساكنوا مع جلاد
أَلِفُوا أنيابه واستمرأوا عبوديتهم
لهم، بل وشاخوا على قمع يديه. * كاتبة سورية ================= من «باب الحارة» إلى باب
السباع! حسين شبكشي الشرق الاوسط 15-10-2011 في مسلسلات الدراما التلفزيونية
السورية، وتحديدا فيما عرف بمسلسلات
البيئة الشامية، كانت تبرز فيها
شخصيات الزعامة والقيادة بشكل هو أقرب
للأسطورة، لعل أشهر تلك المسلسلات كان
مسلسل «باب الحارة» الذي أبرز شخصيات «الزعيم»
و«العكيد» ومجد ومدح في دور «المقاومة»
ضد الخائن والمحتل حتى فتن المشاهدون
بما شاهدوه في عالم «باب الحارة»
الافتراضي الجميل، وسعدت بنجاح
المسلسل أبواق النظام السوري وقتها
لأن ذلك يساعد على استمرار ترويج فكرة
أنه نظام الممانعة ونظام المقاومة في
الذهنية العربية. لكن عالم التلفزيون شيء والواقع شيء آخر،
فها هو الجولان لا يزال محتلا دون أن
يشهد تمثيلية مقاومة واحدة بحقه، ولم
يظهر في الحقيقة لا زعيم ولا عكيد. ولكن
مشهد المقاومة الحقيقي اليوم في سوريا
انتقل من باب الحارة الافتراضي إلى باب
السباع الحقيقي.. باب السباع ذلك الحي
السوري العتيق في مدينة حمص التي تحولت
بجدارة إلى عاصمة الثورة السورية
الحالية. باب السباع كما يعرفه أهل حمص هو موطن
الرجال «القبضايات» أو «الزقرتية» لا
يهابون أحدا في الحق، أبناء مدينة
عرفها سكانها باسم «حمص أم الحجارة
السود» كما يتغنى بها سكانها في عرضتهم
الشهيرة التي يتفاخر أهلها بأنهم
أحفاد خالد بن الوليد المدفون فيها.
حمص «جننت» النظام ولم يستطع بعتاده
وصواريخه وجنوده ودباباته وطائراته
القضاء على الثوار فيها ولا القضاء على
المنشقين من الجيش القمعي والمنضمين
للثورة بحمص تحديدا بأعداد مهولة. باب
السباع هو نواة مستقبل سوريا وليس باب
الحارة الافتراضي. الثورة في سوريا تتطور بشكل نوعي مهم،
أعداد القتلى لم يتوقف ونظام الإبادة
الذي يمارسه النظام مستمر، ولكن كذلك
الأمر بالنسبة للتخبط في إصدار
القرارات، وخصوصا في الجانب
الاقتصادي، احتجاج رجال الأعمال بقوة
أجبر الحكومة على أن تتراجع عن قرارها
بحظر الاستيراد، والليرة تواصل هبوطها
حتى خسرت ما يقارب العشرين في المائة
من قيمتها، النظام فعليا تمكن من أن
يخسر أي تعاطف له مع الأكراد والعشائر
بعد أن اعتدى على أكبر رمزين لهما،
وهذه كلها عناصر تسريع القضاء على
النظام من الداخل. استمرار تهريب الذهب والعملات الأجنبية
إلى الخارج وتحديدا إلى إيران مستمر،
وكذلك خروج كبير لأسر المسؤولين في سفر
جماعي إلى أوروبا الشرقية، مع
الاعتقاد بأن المعارضة السورية ممثلة
في المجلس الوطني السوري سيُعلن عن
قبولها والاعتراف بها كممثل شرعي وحيد
للشعب السوري في فرنسا وبريطانيا وقطر
قريبا جدا، مع زيادة الحديث عن وجود
نواة انقلابية كبيرة داخل الجيش
السوري وتستعد للحراك بعد الاعتراف
الكافي بالمجلس الوطني السوري خارجيا،
وهو أيضا سيكون متزامنا مع طلب تجميد
عضوية النظام السوري في جامعة الدول
العربية الذي قد يطرح في الأيام
المقبلة. الثورة الشعبية «كيفت» نفسها وشكلت نظاما
متوازيا على الأرض، فهناك العشرات من
المشافي السرية التي تعالج الجرحى
بعيدا عن أعين النظام، وكذلك الأمر
بالنسبة للطلبة يتم تعليم الكثير منهم
في البيوت بعيدا عن المدارس، ودخلت
البلاد بالتدريج في مرحلة العصيان
المدني. وما إن قامت عناصر الاستخبارات
الأمنية بصنع مسيرات التأييد في دمشق
وجندت لها جميع الطاقات الأمنية وأخلت
مدنا أخرى لأجل ذلك، حتى قامت مظاهرات
ضد النظام في حلب بعد أن فكت سلطات
الأمن يدها عنها، ويبدو أن حلب ستدخل
الثورة نظرا للأزمة الاقتصادية
الخانقة والضغط الشعبي المتزايد على
أهلها. استمرار استخدام النظام السوري للسلاح
الجوي والطيران سيساعد على المطالبة
بضرورة الحظر الجوي على سوريا، وهو ما
يؤيد أن هناك حديثا متزايدا على أن
الطيران التجاري سيتقلص وقد يتوقف عما
قريب تمهيدا لذلك الأمر. العقوبات
الاقتصادية باتت مؤثرة جدا، ومن
المتوقع أن تزداد نقمة الناس على
النظام وخصوصا مع دخول موسم الشتاء
القاسي. تركيا والأردن وبعض الشرفاء في
لبنان والعراق يدعمون الثوار بشكل
واضح ويعلمون يقينا أن أيام النظام
باتت معدودة. النظام السوري لا يزال
يعيش في زمن المقاومة الافتراضي، ولكن
هذا النظام يصلح على شاشات التلفاز في
رمضان وليس على أرض الواقع طوال العام. من باب الحارة إلى باب السباع هو المسافة
بين عالم الافتراض وعالم الواقع الذي
غاب عن النظام تماما، وهو الذي سيكون،
ولكنه سيكون كذلك سببا مباشرا في نهاية
سعيدة جدا لدراما الثورة السورية
الحالية. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |