ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عبده خال عكاظ 19-10-2011 واجتمع العرب في بيت العرب، وكل اجتماع
ينفض يستقبله الشارع العربي بمد
اللسان، أو بصفق الكفوف والحولقة
للضعف الشديد في بنية هذا البيت. فتاريخية اجتماعات العرب لا تعزز حسن
الظن بالقرارات التي تصدر من أعضائه
المجتمعين . وتعرف الشعوب العربية أن الجامعة العربية
قد أصيبت بجلطة دماغية من سنوات طويلة،
وحياتها معلقة بالأجهزة الصناعية. ومع يقين هذه المعرفة إلا أن بعض أعضاء
الجامعة لازالوا نياما في حضانات
قديمة كان السياسي فيها هو صانع
القرار، بينما الزمن الراهن يشير إلى
أن صانع القرار هو الشارع، فمنذ إعلان
الربيع العربي تغير المناخ السياسي
ولكون الجامعة العربية ميتة لم تتنبه
لهذا التغير الجوهري. واجتماع أعضاء الجامعة العربية لو أجزنا (كلمة
اجتماع) لمناقشة الوضع السوري سيظهر من
أول لحظة فشل قراراته، حتى لو جاءت
بتوصية النظام السوري برد السلام فقط. وغرابة هذا الاجتماع كونه جاء لاحقا
لاجتماع مجلس الأمن الذي أفشلت
قراراته الصين وروسيا، ولو أن هناك
تنبها بأن فشل مجلس الأمن في اتخاذ
قرار رادع على النظام السوري لما تمت
الدعوة لاجتماع أعضاء الجامعة
العربية؛ إلا إذا كان هذا الاجتماع من
باب رفع العتب..والغرابة تزداد كون
نتائج الربيع العربي لم تنضج بعد،
ولاتزال دول من الأعضاء في حالة طلق
ثوري أي أن تصويتها على أي قرار لن يكون
داعما خشية من تطبيق أي قرار ناجح على
من يمسك بزمام الأمور في تلك الدولة
الثائرة، كما أن الثورات التي نجحت لم
يتشكل فيها نظام معترف به شعبيا (من
صانعي الثورة) . ومع أن النظام السوري يدك الحياة بأسلحته
الحربية الثقيلة ضد مواطنين عزل،
ويجري الدم السوري أمام أعين العالم
منذ شهور لم يفق العرب لنجدة الشعب
السوري إلا متأخرا؛ مما يعني أن
الاجتماع فاقد لأهلية تبني أي قرار . ولو أخذنا القرار الذي صدر عن الجامعة
العربية بإعطاء مهلة للنظام السوري
للجلوس على طاولة المفاوضات، يكون
القرار مشيرا إلى غياب حقيقي للجامعة
العربية عن نتائج الواقع، فلم يعد
الثوار في حاجة إلى هذا الاجتماع، فهم
قد مضوا بعيدا في مطالبهم، يتمثل
جوهرها بإسقاط النظام، والقرار يتحدث
عن معارضين سياسيين؛ بينما الثائر هو
الشعب مجتمعا كما أن الدم الذي سال لا
يقبل بأقل من إسقاط النظام . ولو سرنا قليلا مع قرار الجامعة العربية
فهو أصدر قراراته، ولم يصدر نصا
للعقوبة المحتملة، لو رفض النظام
السوري القرارات، وهو ماحدث فعلا
باستمرار النظام السوري في قتل وسفك
دماء الثوار من أول يوم للمهلة. والحل الأمثل للثوار السوريين بعد فشل
التدخل العالمي والعربي أن تتحول
ثورتهم إلى ثورة غير سلمية، والتخلي عن
شعار الثورة السلمية. فكما حدث في
ليبيا يمكن حدوثه في سورية. ربما يكون
غياب الناتو عن تغطية الثوار جويا
سيؤدي إلى مجزرة حقيقية للثوار، إلا أن
الواقع يؤكد أن ليس أمام الثوار خيار
سوى المضي للأمام. وكلما مضى الوقت و
تعنت النظام السوري بعدم الاستجابة
لأي استنكار في استخدام القوة المفرطة
سيعطي النظام السوري الوقت لإرغام
الثوار بالعودة إلى منازلهم بعد دفن
موتاهم. ولأن الموت «حاضر حاضر» فليكن موت الثوار
بثمن فالطريق واحد . ================= حمود أبو طالب عكاظ 19-10-2011 قال الشيخ حمد آل ثاني عقب اجتماع وزراء
الخارجية بشأن المأساة في سورية أن على
العرب أن يحاولوا حل قضاياهم بأنفسهم
وداخل بيتهم العربي، لكن للأسف الشديد
أن هذا الكلام أتى متأخرا جدا، ولن
يصدقه أو يثق فيه أحد، لأن الجامعة منذ
ولادتها إلى الآن وكل مهمتها لا تزيد
على التسويات والوساطات بين الأنظمة،
أما الشعوب ومشاكلها ومظالمها فلا
مكان لها في نظام الجامعة أو عملها.. لو
كانت للشعوب العربية أي قيمة لدى
الجامعة لما خرج الاجتماع الأخير بذلك
البيان في الوقت الذي كان فيه المئات
يقفون أمام بوابتها يطالبون بأقل ما
يمكن اتخاذه من قرارات لحماية الشعب
السوري من التنكيل البشع العلني الذي
يمارسه النظام بكل عنجهية وصلف ووقاحة.. السادة الوزراء يريدون حوارا ومصالحة بين
النظام والمجلس الوطني تحت مظلة
الجامعة العربية، وكان رد النظام
السوري سريعا حين حصد 36 مواطنا في
اليوم التالي. والمجلس الوطني قال إنه
لم يستشر في القرارات التي توصل إليها
الوزراء، بينما ممثلو الثوار يقولون
إن مهلة ال 15 يوما ليست سوى إتاحة مزيد
من الوقت لتسريع آلة القتل في الشارع
السوري، وهذه هي الحقيقة التي لم يتردد
النظام في إثباتها قبل أن ينفض سامر
المجتمعين.. ما فعلته الجامعة العربية بحق الشعب
السوري يمثل منتهى البؤس بدءا بزيارة
الأمين الجديد لسورية بعد تسلمه
منصبه، وما صرح به آنذاك، وانتهاء
ببيان الاجتماع الوزاري الأخير،
والأكثر بؤسا موقف بعض الدول العربية
في ذلك الاجتماع حين تكتلت في جبهة
ممانعة تدعم النظام وتتناسى الشعب
السوري إنه عار كبير لن ينساه التاريخ،
وسوف تعرفه جيدا تلك الأنظمة حينما
تصلها العاصفة.. لماذا لم تعلق الجامعة العربية عضوية
سورية على الأقل، ولماذا لم تؤنب
الأنظمة التي ما نعت أقل إجراء لحماية
الشعب السوري؟؟ الجواب هو ما ذكرناه في
البدء من أنها جامعة أنظمة ولتذهب
الشعوب إلى الجحيم، ولذلك كان الأولى
بالذين تجمعوا حول مبنى الجامعة خلال
الاجتماع أن يرددوا شعارا جديدا هو:-
الشعوب تريد إسقاط الجامعة. ================= عمر العمر التاريخ: 19 أكتوبر 2011 البيان سوريا عرضة حالياً للهدر. هدر في الأرواح
والممتلكات، هدر في الزمن والطاقات،
هدر في هيبة الدولة وكرامة المواطن.
الخيارات الخاطئة في مثل هذه
المنعطفات ليست خصماً فقط من رصيد
أصحابها بل هي في الوقت نفسه اجتزاء من
رصيد الشعب والوطن. سوريا أحوج ما تكون
إلى مشروع وطني ديمقراطي تتلاقى عنده
التيارات السياسية من أجل عبور هذه
المرحلة الصعبة. طوال سبعة شهور من إعمال الماكينة
العسكرية لم يفلح النظام السوري في
إسكات غضب الشارع. إذا عجز النظام في
القضاء على «عصابات إجرامية» حسب
التوصيف الرسمي على الرغم من استخدام
أسلحة العنف المتاحة فأمام النظام
خياران. إما التسليم بقوة «تلك
العصابات» أو استبدال أسلوب معالجة
الظاهرة. الانتفاضة الشعبية السلمية دخلت شهرها
الثامن ولمَّا يبدو عليها ملامح الطلق
بجنين وشيك. أكثر من ثلاثة آلاف شهيد
وفقاً لإحصاءات منظمات الأمم المتحدة
وأكثر من خمسة آلاف كما تزعم المعارضة
قدمتهم التظاهرات اليومية قرابين
للحرية والكرامة والعدالة ولايزال
المشوار طويلاً. مشهد أرتال الآليات العسكرية تجوب المدن
قصفاً وتدميراً وتقتيلاً لا يشابه
سوريا حكومة وشعباً ولا يليق بهما. فتح
فوهات البنادق على مواكب تشييع
الجنازات ممارسة لا يبررها فرض
الانضباط أو احتواء الخارجين على
النظام. صور تعذيب المواطنين والتمثيل
بالجثث تجهض مشاعر التعاطف مع
المسؤولين عن السماح بتنفيذها. تعطيل الدراسة وتحويل فصولها إلى معسكرات
للاعتقال قضية تضع النظام تحت طائلة
اتهامات عدة أدناها حرمان أجيال من
حقها في التعلم والتقدم. المشهد السوري يكشف اصطدام النظام
والمعارضة بجدارين كل في طريق مسدود.
بعد كل النزف اليومي الأسطوري المشرب
بالدم والأرواح لم تفلح المعارضة في
تليين رأس النظام أو كسر صلفه. على الرغم من تحويل مدن بعينها إلى ساحات
حرب على امتداد سبعة أشهر لم ينجح
النظام في كسر إرادة الشعب. مع دخول
المشهد السوري الدامي الشهر الثامن
يتساءل المرء ما إذا كان على الطرفين
إعادة النظر في غاياتهما أو على الأقل
الوسائل لبلوغها. تغيير النظام لم يكن مطلباً مجمعاً عليه
في الشارع عند بدايات الانتفاضة. مع
تصاعد كلفة الخروج إلى الساحات العامة
ارتفعت وتيرة المطالب الشعبية حتى
بلغت المناداة برحيل النظام. بعد
اختراق حاجز الخوف وامتشاق الجرأة في
وجه النظام وتجاوز كلفة الأرواح
والخسائر المادية يصعب على الشعب
الرجوع إلى المنازل خالي الوفاض. ربما
يكون صعباً كذلك على النظام بعد التوغل
في الدم والحطام إعادة الجيش إلى
الثكنات تحت الضغط الشعبي. هكذا ينبىء جانب من المشهد المأزوم في
سوريا على نحو يوحي باستعصاء فك عقدته.
قد يكون في نداء الجامعة العربية
للطرفين السوريين بالحوار مخرجاً من
الأزمة. صحيح الجانبان يفتقدان أرضية
مشتركة صالحة للحوار. النظام يرى في
الجلوس إلى طاولة ثنائية اعترافاً لا
يقره بالطرف الآخر. المعارضة من جانبها
ترى في مجرد الجلوس إلى الطاولة
المشتركة تنازلاً أساسياً لا تريده عن
مطالبها إذ هي لم تعد ترضى بغير رحيل
النظام بديلا. مثل هذا التصادم يزيد خيار الحوار
استعصاء. بغية استدراج النظام
والمعارضة إلى طاولة الحوار ينبغي على
اللجنة الوزارية العربية المكلفة طرح
سلسلة من العروض في جهد مكوكي بحيث لا
تنقضي مهلة الأسبوعين بدون إحراز تقدم
على المشهد السوري. حين يكون الخيار
بين تغليب عنف الدولة وترجيح احتمال
الشعب يربح الطرف الثاني فالشعب أكثر
قدرة على الانتصار بصبره الذي لا ينفد
وإبداعه الذي لا يجارى على عنف الدولة. ================ استباحة اللبنانيين...
بعد السوريين عبد الوهاب بدرخان النهار 19-10-2011 منذ بداية التدخل السوري في لبنان، وطوال
ثلاثة عقود، لم يجرؤ اي مسؤول منتخب أو
غير منتخب، ولا اي موظف، على أن يرشق
نظام الوصاية واجهزته ولو بوردة. ومنذ
2005، بعد الانسحاب السوري، اعتبر فريق
من اللبنانيين ان الوضع تغيّر وأن
البلد الرهينة عاد الى أهله، فيما أصرّ
فريق آخر على أن سلطة الوصاية لا تزال
قائمة بدليل أنها تؤمن استمراريتها
بواسطته. للمرّة الأولى أثبت اللواء أشرف ريفي أن
المسؤول الأمني يستطيع ان يقوم بواجبه
بمعزل عما إذا كان سيحصد رضا سوريا
وجماعتها أو غضبهم. واقعياً، أدى ريفي
عمله، كما دائماً، وفقاً للقانون وفي
حدود صلاحياته، وهو لم ينبرِ يقول ما
عنده بحثاً عن بطولة أو شعبية بل لم
يفعل ذلك في أي ملف، لكن حين سئل في
اللجنة النيابية عما توصل اليه
التحقيق في اختفاء مواطنين سوريين في
لبنان، أجاب ان نظام دمشق اختطفهم وان
السفارة السورية في بيروت ساهمت في
الخطف. تريدون الحقيقة في أمر ما، لمجرد تداولها
همساً في الصالونات، والبحث عن أفضل أو
"أسلم" طريقة للتكتم والالتفاف
عليها، أم تريدون من المسؤول الأمني أن
يصطنع الحمق والجهل فيقول إن جهازه
يعجز عن معرفة ما يجري حوله، أي انه
ناقص الكفاءة، وبالتالي يتساوى في
وضعه أن يُعتمد أو لا يُعتمد عليه، فهو
موجود كأنه غير موجود، كما أرادته سلطة
الوصاية أن يكون سابقاً ولاحقاً؟ هناك ملفات كثيرة أخفيت حقائقها عن
اللبنانيين، أو اقتيد فيها التحقيق
عمداً الى لا مكان. خذوا مثلاً قضية
الموقوفين/ المفقودين اللبنانيين في
سوريا. كان الاتكال دائماً على ما تجود
به "الشقيقة"بخصوصهم. وقبل
الانسحاب السوري وبعده تصرّفت الأجهزة
اللبنانية كأنها غير معنية بحقيقة
مصيرهم بمعزل عما تفصح عنه دمشق،
وكأنهم ليسوا مواطنين يفترض، بحسب
القوانين، ان هذه الأجهزة مكلفة – على
الأقل – معرفة أوضاعهم بل هي مسؤولة عن
حقوقهم وحقوق عائلاتهم. بدت الجهات المعنية، من رئاسة وحكومة
ووزارات مختصة، وقد اختارت ان تكون –
بعد قنبلة اللواء ريفي – صمّاء عمياء
بكماء، اي لا معنية ولا مختصة، مخافة
استفزاز "الشبيحة" داخل مجلس
الوزراء وخارجه. انهم يخطفون الناس
والسفارة السورية في بيروت متورطة،
لكن أحداً في بيروت لا يريد ان يواجه
الفضيحة. انهم يعتدون على المتظاهرين
أمام السفارة، بل يقتلون الناس على
الارض اللبنانية، ولا احد يتحرك او
يجرؤ ولو بمجرد استنكار. هذه، إذاً، الحكومة المناسبة في الوقت
المناسب لسوريا، فهي جاءت بها
ونصّبتها لكي لا تحرك ساكناً. ماذا لو
لم نكن قد شهدنا حتى الآن سوى عينة
صغيرة مما سيحصل؟ ماذا لو بدأ قتلة
سوريا وأذنابهم القتلة اللبنانيون
تنفيذ تهديداتهم للبنانيين المؤيدين
للانتفاضة السورية؟ لا أحد يتوقع من
الحكم والحكومة ان يحميا أحداً، ليس
عجزاً وإنما لأنهما رهنا ارادتهما عند
سلطة الوصاية ووكلائها. لا شك أن سكوت
الحكم والحكومة عن استباحة الحدود
والأرض سيؤدي عاجلاً أو آجلاً الى
استباحة اللبنانيين. ================= د. حسين على شعبان 2011-10-18 القدس العربي علمونا ان نكون رجالا .... فصار'الرجال'لدينا'عجينا نزار قباني في خطوة مستهجنة توافقت وتطابقت مواقف
المعارضة السورية مع مواقف حكومة
الاسد على رفض قرارات الجامعة العربية
ذات الصلة. فمساء الاحد 16 تشرين الاول/
اوكتوبر2011 اعلنت حكومة الاسد 'تحفُّظها'
على جميع القرارات التي اتخذتها
الجامعة العربية، لناحية إجراء حوار
بين السلطة والمعارضة في مقر'الجامعة
العربية خلال 15 يوماً، وتعيين وزير
الخارجية القطرية حمد بن جاسم رئيسا
للجنة وزارية عربية مهمتها الاتصال
بالحكومة السورية. تستند حكومة الاسد
في رفضها لقرارات الجامعة العربية
وقبلها التجاهل المنظم لأرواح الاف
الضحايا الذين قتلهم رصاص، سياط ،
خيزرانات وسكاكين النظام مصحوبة
بتكذيب الاخبار التي توردها وكالات
مرموقة وصور تبثها فضائيات عالمية الى
تجبر وغطرسة حكومة الاسد التي سببها: أولا: دعم كبار الجنرالات، والسياسيين
ونخب المثقفين السوريين بل وانخراطهم
الى النخاع في فضيحة الابادة الجماعية
الرسمية ثانيا: الدعمين الروسي
والصيني في مجلس الامن والمحافل
الدولية. ثالثا: تماسك؛ اقله حتى الان
جبهة المؤيدين للنظام اقليميا (ايران،
الجزائر حزب الله في لبنان، كما جماعات
الفصائل الفلسطينية)، ودوليا ( كوبا،
فنزويبلا مثلا) رابعا: نفاق وانانية
حكومات الدول الكبرى؛ الولايات
المتحدة، بريطانيا وفرنسا التي تستدرج
المعارضة السورية الى منزلاقات سياسية
واستراتيجية تتعهد بضمان وحماية
مصالحها ومصالح اسرائيل المستقبلية.
خامسا: وجود فئة واسعة من الاحزاب
والمنظمات والمثقفين العرب المتأثرين
بضلالات التدخل الدولي المقتنعين منهم
او المعتاشين على اوهام 'ممانعة' نظام
الاسد والخوف من التدخل الخارجي الذي
يجيد نظام الاسد ارهاب الامة والمنطقة
به. بشكل متزامن مع ' تحفظ' حكومة الاسد، رفض
المجلس الوطني للثورة السورية قرارات
مجلس جامعة الدول العربية. على نقيض
صلف وتصلب الاسد لا يستند موقف
المعارضة على توازن القوى على الارض (شعب
مسالم واعزل وشبيحة بالسلاح ومسربلين
بضمير جيفة ووازع اخلاقي وقانوني لم
يلجما بعد)، كما ينقص الرفض أي مسوغ
قانوني او سياسي تجافيه الحكمة ولا
تقبل به. فالمجلس الوطني للثورة
السورية لا زال غضا لم يصلب عوده بعد.
طريق وعر يواجه تبلور المجلس كمؤسسة
تمثل مصالح واهداف الشعب والثورة
السورية. فهو اقرب الى توافق او اتفاق
الامر الواقع لمصالح جهات في الغالب
متناقضة واحيانا كثيرة متعارضة لأسباب
عصبوية؛ ذاتية وانانية. فالمعارضة
بشكل عام حديثة العهد وترجع نشأتها الى
أشهر خلت. مكونات المعارضة هي بالاساس
أفراد وجماعات (تنسيقيات) غيير منتظمة
في الداخل بسبب بطش النظام. ولأفراد
غير مؤطرين حزبيا او سياسيا في الخارج
باستثناء جماعة الاخوان المسلمين التي
ترتبط سياسيا وتعتاش ماليا على منح
حكومات عربية ليست اقل بطشا من نظام
الاسد. لقد اكدت تجربة جماعة الاخوان
المسلمين انها مثل جميع الاحزاب
العربية التقليديةاكثر ميلا لمهادنة
النظام ومشاركته ما تيسر من كعكة
السلطة. كما تؤكد الحقائق ان 'المرصد
السوري لحقوق الانسان' قد تحول الى
مصدر رئيس لأخبار وتقارير الفضائيات
العربية هذا مع العلم انه يدار من شخص
واحد لا يمتلك التمويل أو المهارات
الفنية الكافية. لن يبوح العارف بسر ان
ادعى ان شخصا واحد بهاتف نقال وجهاز
حاسوب موصول بالشبكة العنكبوتية يقدم
اخبارا ومعلومات عن الثورة السورية ما
تعجز عنه جهات حزبية وامبرطوريات
اعلامية عربية. للمرة الاولى منذ عقود اتسمت قرارات
جامعة الدول العربية بشيء من الحزم
والوضوح؛ فهي تشكل ارضية جيدة وفرصة
مناسبة لهز واختراق جبهة نظام الاسد.
ان مصلحة الثورة وتاليا المعارضة
السورية تتطلب اولا: لا بد من الاعتراف
الصريح كما الاقرار الواضح بأفضلية
وريادية ممثلي وقادة المعارضة في
الداخل. يجب ابراز شخصيات هؤلاء
الاشاوس والعمل الدؤوب والمثابر على
تأمين سلامتهم الشخصية كما احترام
ارائهم والاخذ بتوصياتهم. ثانيا: الدعم
المادي المباشر لثوار الداخل؛ دعم
مالي وعيني (حملات تبرع مالي). مساندة
اعلامية؛ بالتغطية المهنية المنظمة
لأنشطة الثورة وجرائم النظام. وتغطية
سياسية تنأى بنفسها عن الاعيب مخابرات
الحكومات الغربية (الاتحاد الاوروبي،
الولايات المتحد وكندا) باعتماد بلدان
مثل مصر، تونس وتركيا مركزا لأي نشاط
تنظيمي (المؤتمرات). ثالثا: استبعاد كل الوجوه التحريضية
المتباكية على الوطن والشهداء.
فالكثير من هؤلاء أصحاب مشاريع شخصية
وجدوا في الثورة السورية جلبابا
لمشاريع اثراء شخصي فتبنوا وروجوا
لأفكار ومشاريع تكرر غزو العرق وتدمير
ليبيا. التخلص من نظام الاسد حق مشروع
وفرض عين، لكن بطاقات وامكانيات الشعب
السوري ودعم اهل الخير الصادقين
المشهود لنظافة سجلهم، كفهم وسياساتهم(
الحكومتين التركية والمصرية مثلا).
رابعا: تحديد الاهداف القابلة للتطبيق
وتبني وجهات نظر ترسم لاستراتيجية
موحدة وشاملة تتلخص اهم حلقاتها تحييد
كل من ايران، روسيا والصين والدول
الامريكية الجنوبية والوسطى. خامسا:
اتخاذ مواقف واضحة من كبار ضباط
وجنرالات الجيش والامن في سورية
الصامتين اوالمشاركين في جرائم النظام.
لماذا مثلا لا تنشر اسماء كبار ضباط
الجيش والامن الذين يرتكبون الجرائم؟.
لقد اسقطت دماء الابرياء عن جيش الاسد
اسم 'الجيش العربي السوري'. أما اصحاب
التبرير القائل بوحشية وقدرة النظام
على رصد ما يدور في عقول وصدور كبار
الضباط فليسوا الا رعاديد ومتحذلقين
وربما شركاء للنظام لا حاجة للشعب
والثورة اليهم. على المعارضة السورية ان لا تكرر اخطاء
المعارضتين الفلسطينية واللبنانية.
ففي الاولى اعتادت المعارضة بجميع
فصائلها ان تعارض الى ان تقبض المال
وعندما تقبض المال تصمت بانتظار
ابتزاز جديد. ألم يتحول زعماء تلك
المعارضة الى مستشارين وحاملي اختام
المرحوم ابو عمار ومن بعده الرئيس ابو
مازن. اما في لبنان فقد نسيت المعارضة
مبادئها وقيمها التي عزفت على وترها
عقودا مديدة ولما حصلت على السلطة نسيت
المحرومين والفقراء وراحت تتغنى
بممانعة الاسد وتعادي الشعب السوري من
اجل حكمه. على المعارضة السورية ان تتجنب تكرار
السيناريو العراقي، فالولايات
المتحدة تخسر العراق بعد ان دمرته
لصالح ايران وخدمها الذين يسرقون
ثروات الشعب العراقي بمليارات
الدولارات الامريكية. على المعارضة
السورية ان تتعلم الدرس الليبي،
فالمساعدة الاجنبية للتخلص من معمر
القافي وقلة تنظيم الثورة كلفت وستكلف
اهل ليبيا لاحيال قادمة تركة وطن ارضه
محروقة ومؤسساته مدمرة، وشعبا مثخنا
بالجراح والاحقاد هذا اضافة الى ديون
لحكومات التحالف الغربي بعشرات
المليارات مصحوبة باحياء هذه الحكومات
لملفات ابتزاز (لوكربي مثلا) لا علاقة
للشعب الليبي وحكامه الجدد بها. للشعب السوري عبر التاريخ دور ريادي في
تفجير وقيادة الثورات في الشرق العربي
(فلسطين سورية ولبنان)، كما له شرف
المشاركة بالنفس والمال في كافة
الثورات العربية من الثورة الجزائرية
الى الثورة الفلسطينية الحديثة. حدود
هذا البلد الشامخ مطرزة بدماء الشهداء
فلا تستعجلوا الثورة ولا تسمحوا
باصطيادها أو تدجينها. استحضروا
العظيم قباني في قصيدة اطفال الحجارة
التي قال فيها 'نحن اهل الحساب والجمع
فخوضوا حروبكم واتركونا' ، مرة اخرى
كرر أطفال درعا تلاميذ حوران معجزة
أطفال فلسطين ... وان غدا لناظره قريب. ' كاتب فلسطيني مقيم في
بريطانيا ================= الاربعاء, 19 أكتوبر 2011 علي جازو * الحياة كلما طالت محنة السوريين ازدادت إمكانية
حصول انقسامات أهلية بينهم، ففي بلدٍ
قابلية تفتته الاجتماعية سهلة، لا
يمكن الاطمئنان إلى رسوخ سلمه الأهلي.
القسوة الشديدة التي تبديها قوى الامن
تجاه المحتجين ستدفعهم إلى إبداء قسوة
أشد، إن لم يصل المجتمع الدولي إلى
صيغة عاجلة توقف القتل والعنف. بطء
المجتمع الدولي يضيّق الخناق على
السوريين، وتراخي الجامعة العربية
يمنح النظام وقتاً أطول للقمع وإرهاق
المعارضين وتشتيت القوى الشبابية
الناشطة. بين الصراع داخل سورية، وهو قيد التحول
الصعب بين تصاعد وهبوط على وقع
التظاهرات شبه اليومية، وكثافة قتل
المدنيين، الذي ليس سوى مذبحة تتم
بالتقسيط، فارق كبير في الزمان
والظروف الداخلية والخارجية. فلا
يمكننا إنكار انقسام الداخل السوري
على نفسه، بين مؤيد يحركه الخوف
الغريزي، ومعارض فقد الثقة كلياً
بنظام الحكم، و «محايد» لن يبقى
محايداً على كل حال. وفي ظل هذه الحالة
تنمو بواعثُ التفتت والانقسام، التي
في مجملها تقدم فائدة عملية مباشرة
لتمكن الحكم القائم من تحويل النزاع
ضده إلى نزاع بين «مؤيدين» و «معارضين»،
أو «بعث» الرتابة في الوضع الذي يبدو
غير قابل لحسم سريع، بحيث تستمر
التظاهرات، التي بدأت عوارض الضعف
والتضاؤل عليها واضحة، ويستمر القتل
والتعذيب والاعتقال. ليس الصراع في
سورية اليوم صراعاً على الحكم بمعناه
القديم الذي كان يكفي فيه احتلال بضعة
عسكريين مبنى التلفزيون والإذاعة ونشر
بيان انقلابي، حتى يحسم ويعرف من الذي
يتولى حكم البلاد. إنه صراع من أجل
التخلص من استبداد الحكم لا الاستيلاء
عليه، صراع من أجل تغيير جذري في
العقلية السياسية بحيث يسترد السوري
كرامته كإنسان ويضمن مستقبلاً يليق
بتضحيات أبنائه وبناته. لقد دار معظم الصراع القديم، الذي جرى
إلباسه وإخفاء حقيقته خلف ثياب
أيديولوجية قومية وطبقية، بين عسكر
وعسكر. أما الآن فإنه صراع بين «أقلية»
عسكرية تتحكم بقوة العنف والثروة من
جهة، وفئات مدنية شعبية فقيرة، تشمل
معظم مناطق سورية. والمعارضة السياسية
الداخلية ليست في وضع يسمح لها بتنبي
أو رفض حركة الشارع، فليست هي التي
أطلقته، ولا هي القادرة حتى الآن على
وضع حد لنهايته على وجه يعود بالفائدة
على السوريين. المعارضة الداخلية
إعلامية وفكرية أكثر من كونها عملية
وميدانية، وإن شاءت ذلك كان القتل أو
الاعتقال مصيرها. وحال الخارج ليس أفضل
من الداخل، غير أن مصطلح الصراع على
سورية يعود إلى مخلفات الحرب الباردة
وصراع القطبين العالميين، ودواعي ذلك
وأسبابه لم تعد موجودة، ثم إن للداخل
السوري اليوم، وللمرة الأولى في تاريخ
البلد، قوة البدء والحافز والضغط. التجربة الليبية تخيف السوريين، وحوادث
مصر الأخيرة تظهر مدى بؤس الردة
الدينية البربرية التي يمكن أن تنفجر
أضعافها في دولة كسورية معدّة بحكم
تكوينها وطبائع سكانها لاحتمالات خطرة
كهذه. ولا يقصد بالطبائع هنا الميل
النفسي والتكويني إلى العنف، لكن
النظر إلى الخريطة الاجتماعية
والدينية والعرقية في سورية يبرر
التفتت والانقسام، والعودة السقيمة
إلى «الأصول» في أزمنة الخوف تعد
المرشد الوحيد والأسوأ لمجتمع لم
تترسخ فيه قيم الانتماء الوطنية
العابرة لما قبلها من كيانات دينية
وطائفية وعرقية. وتظل الانتفاضة
السورية من دون رعاية سياسية جادة
وقوية، ولم يظهر المجلس الوطني بعد قوة
اعتراف إقليمية ودولية تمكنه من سرعة
التحرك والوصول إلى مراكز القرار
الدولية بحيث تقطع على النظام فرص
الاستفادة من الوقت الذي يقضيه الخارج
في التردد إزاء الطريقة الأفضل لوضع حد
للكارثة الإنسانية، والتدخل الدولي
لحماية المدنيين أصبح أكثر من مُلحّ،
غير أن من المعروف سلفاً أن التدخل
سيكون عبر حرب على قوة النظام العسكرية
والأمنية، من دون ذلك ليس للتدخل من
معنى ولا أثر على الأرض. وفي المجمل، تسير الأمور في سورية نحو ضعف
اقتصادي لبلد ضعيف أصلاً، بدأت آثاره
تنعكس على القوة الشرائية لليرة
السورية، وتخوف أمني من انتشار العنف
وسط المجتمع الأهلي. بدأت المرحلة
الأقسى تظهرُ ملامحها الآن. تجاوز
السوريون الخوف من النظام. عليهم الآن
تجاوز الخوف من بعضهم بعضاً. * كاتب سوري ================= الاربعاء, 19 أكتوبر 2011 عبدالله إسكندر الحياة تشكو دعوات جامعة الدول العربية للسلطات
السورية إلى وقف القتل وبدء مسار سياسي
سلمي لحل الأزمة من عطب أساسي، هو عدم
قدرة دول الجامعة على التأثير في
القرار السوري الرسمي. وشجع فقدان هذه
القدرة دمشق على رفض هذه الدعوات
والتحفظ عنها أحياناً، والرد عليها
بازدراء أحياناً أخرى. ويمكن القول إن التأثير العربي، عبر
الجامعة، في دفع السلطات السورية إلى
تغيير نهجها في التعامل مع المعارضين
والمتظاهرين وبدء عملية إصلاحية
سلمية، شبه معدوم. وتدرك دمشق انعدام
هذا التأثير إلى حد أنها وصفت بياناً
سابقاً لمجلس الوزراء العرب بأنه «كأنه
لم يكن». هكذا تعتبر السلطات السورية
أن إجماعاً عربياً على خريطة طريق لحل
الأزمة يساوي صفراً. يذكر أن دولاً عربية توجهت إلى مجلس
الجامعة، بعدما فشلت منفردة في إقناع
السلطات السورية، عبر اتصالات مباشرة
أو دعوات علنية، بوقف القتل والعنف ضد
المتظاهرين. وفي موازاة ذلك، فشلت دول
ذات مصالح في الإقليم، خصوصا تركيا، في
كل مساعيها من أجل وضع حد لقتل
المتظاهرين. وعلى الصعيد الدولي، سجل مجلس الأمن
فشلاً مدوياً في إصدار بيان يطالب
بإنهاء القتل، بفعل الفيتو المزدوج
الروسي - الصيني. وحتى العقوبات
المنفردة من الولايات المتحدة
والاتحاد الأوروبي وحلفائهما، والتي
لا تظهر تأثيراتها الفعلية إلا على
المدى الطويل، لم تحمل السلطات
السورية على إعادة النظر في نهجها. إذن، لا تشعر دمشق أن كل هذه الضغوط
الخارجية، بما فيها العقوبات، تفرض
عليها أي تنازل في التعامل مع المحتجين.
لا بل تتذرع بهذه الضغوط من أجل تبرير
نظريتها حول «المؤامرة» ونهجها في
التصدي ل «العصابات المسلحة». وتطبق السلطات السورية هذه النظرية على
المستوى الداخلي. بما يبرر لها، إزاء
نفسها، استخدام أقصى العنف ضد
المتظاهرين والمحتجين المدنيين في
شوارع البلاد، واستهداف ناشطين
بالاعتقال والقتل. وبمقدار ما يظهر
المحتجون إصراراً على التعبير عن
رفضهم لهذه السلطات، تمعن آلة القتل
بملاحقتهم، إلى حد أن اعتقال وقتل
العشرات من المعارضين بات روتيناً
يومياً، يفلت من أي عقاب. أما الحديث عن انشقاقات في صفوف عسكريين،
فهي لا تعدو كونها حالات فردية لفرار
من الجندية. وبغض النظر عن المشاعر التي تدفع عسكريين
إلى الانشقاق، لا تشكل هذه الظاهرة أي
تهديد لآلة القتل السورية ولا للسلطات.
فمن المعروف أن أي انشقاق جدي هو
انشقاق وحدات بأسلحتها، وأن تكون هذه
الوحدات قادرة على فرض سيطرتها على
منطقة معينة وقادرة على حمايتها. ومثل
هذا الأمر يبدو مستحيلاً في الجيش
السوري، لأسباب تتعلق بتركيبته
القيادية ومركز القرار فيه وفي وحدات
أسلحته المختلفة. ما يعني أن أي انشقاق
لن يكون أكثر من فرار، وأحياناً من دون
السلاح الفردي. ومع بيانات من «الجيش الحر» عن عمليات
ينفذها ضد الوحدات النظامية، فإنها
تبقى نوعاً من عمليات مجموعة مسلحة
وليست انشقاقاً عسكرياً قادراً على
الضغط على مركز القرار. فمثل هذا الضغط
لا يمكن أن يأتي إلا من وحدات كبيرة
ومسلحة قادرة على قلب ميزان القوى
الأمني. إذن، لا التحرك الخارجي، العربي والدولي،
تمكن حتى الآن من إيجاد ترجمة له في ضغط
مباشر على السلطات السورية. ولا التحرك
الداخلي، تظاهرات وانشقاقات عسكرية،
شكل تهديدا مباشرا لهذه السلطات
يحملها على تغيير نهجها. هذا على الاقل ما تراه السلطات السورية،
او ما تقدمه من تحليل، من اجل اعتبار
انها غير مكرهة على اي تنازل، وانها
تجاوزت مرحلة الخطر. لكن هذا الاعتبار الذي لا يؤدي الا الى
اطالة المواجهة مع المعارضة هو الذي
يوفر معطيات لتعديل نوعي لعناصر
الازمة، بما سيؤدي حكما الى تعديل في
طبيعة المواجهة وميزان القوى. ================= ميشيل كيلو الشرق الاوسط 19-10-2011 قابلته بعد انفجار التمرد السوري، في
مناسبة اجتماعية غير سياسية. كان قادما
للتو من لندن، حيث يعمل ويعيش ويتعلم،
كما قال. كان من الأدب أن نستمع إليه،
هو الذي قدم نفسه إلينا كمهتم ومتابع،
وأوهمنا أنه يعرف عن شؤوننا ما نجهله،
ويمكنه أن يكشف لنا خبايا أوضاعنا
وخفايا أحوالنا المقلقة، التي قال
إنها تخيفه هو أيضا، ليس فقط بسبب ما
تضمره من احتمالات خطيرة، وإنما لأن
عدم حلها سيفتح أبواب الجحيم على
المنطقة العربية بأسرها، التي لا
ينقصها مزيد من المعضلات العصية على
الحل. بعد هذه المقدمة انتظرنا الحل الذي
يقترحه للأزمة السورية، فقال: إنه واضح
جلي، يتلخص في تطبيق نظرية النخب لدى
أفلاطون على الواقع السوري. ساد الوجوم
الجلسة وثارت الأسئلة في الرؤوس وعلى
الألسنة. بعد جدال سأله أحدهم: لنفترض
أنه كان لدى أفلاطون نظرية سياسية
محورها النخب، ماذا تفيدنا نظرية كهذه
في حالنا الراهنة؟ التي أنتجها بالضبط
فشل النخب السياسية الحاكمة أو
السائدة، ويعبر عنها خير تعبير اندفاع
الكتل المجتمعية الكبرى، غير النخبوية
وغير الطليعية، إلى ميدان السياسة، كي
تحرر نفسها من هذه النخب وتضع حدا
لفكرة النخبوية ذاتها: حزبية كانت أم
ثقافية أم عسكرية، وتفتح أبواب
المستقبل أمام تجارب مغايرة ليست
النخب من يصنعها ويترك بصماته عليها،
بل المواطن العادي، الذي يريد أن يكون
حرا ومنتجا وصانع حاضره ومستقبله، فلا
بد أن تضع قوى التغيير معارفها
وخبراتها تحت تصرفه، وتنخرط في صفوفه
كي ينتهي زمن النخبوية والنخب، ولا
يرتبط كل شيء بإرادتها وخياراتها بعد
الآن، ولا تكون النتيجة مريعة، كهذه
التي نلاحظ نتائجها الكارثية في
واقعنا العربي والسوري الراهن، حيث
تسيطر نخبة عزلت السياسة عن عمقها
الإنساني والبشري، وحولتها إلى تقنيات
ضبط وتحكم مرتفعة الثمن إلى أبعد حد،
انقلبت بمرور الزمن إلى عملية تعذيب
نفسي وروحي، مادي ومعنوي للشعب،
تفاقمت حتى إنها لم تترك للمواطن أي
خيار غير قبول الموت مقابل التحرر منها. وكان أفلاطون قد جعل النخبة الحاكمة من
الفلاسفة وأهل الحكمة والمعرفة، بينما
جعل العسكر أداة بيدها تنفذ سياساتها
دون تردد، على أن لا يرتبطوا بأية
مصالح دنيوية، بما في ذلك الزواج
وتأسيس أسر كي لا يشدهم ارتباط كهذا
إلى غير مهمتهم الأصلية: الموت دفاعا
عن الجمهورية ومن أجل عزتها. حين سأل
أحد الحاضرين إن كانت النخبة التي
تحكمنا تشبه نخبة أفلاطون، ومن أين لها
أن تصير مثلها، نخبة فلاسفة وحكماء، في
زمن انهيار السياسة وخراب الدول وسقوط
القيم على يديها؟ تساءلنا جميعا معه:
ألم تخضع النخب جميعها للعسكر بدل أن
يخضعوا هم أنفسهم لغيرهم من أهل الحكمة
والمعرفة؟ وهل يتصور عاقل أن تقبل
المجتمعات التي عانت الأمرّين على
أيدي نخبها السياسية منح هذه فرصة
جديدة تمارس خلالها تجارب جديدة يكاد
يكون من المؤكد أنها لن تكون بأي حال
خيرا من تجارب السنوات الخمسين
الماضية، إن لم تكن أشد سوءا منها
بكثير، بالنظر إلى نفور الشعب منها ومن
خبراته معها؟ ثم ما الذي يسوغ هذا
القدر من التمسك بالنخب واحتقار
المواطن، الذي يتمرد اليوم على الظلم
ويبدي وعيا رفيعا بمصالح المجتمع
والدولة، ويبذل روحه رخيصة في سبيل
الحرية، له ولغيره، لكن أهل النخب من
أمثالكم لا تجدونه جديرا بحمل
المسؤولية عن نفسه ووطنه، ويريدون من
جديد وضع نخب على رأسه لن تلبث أن تنفرد
بالسلطة والقرار، وسرعان ما ستعامله
كعدو وستشن عليه حربا ضروسا هدفها
اقتلاعه من الوجود أو إركاعه دون قيود
أو شروط؟ بعد لحظة صمت، أضاف أحد
الحاضرين بشيء من التذمر: لقد أظهر
المواطن العربي درجة من النضج فاجأتنا
جميعا، ونحن نقر بلا اعتراض أنه كان
متقدما على النخب، بما في ذلك
المتفلسفة والمنظرة منها، فلماذا
تريدنا أن ننكر حقه في إدارة شؤونه،
وأن لا نرى في ذلك حقا طبيعيا له يجب أن
يبنى عليه النظام السياسي القادم،
الذي نتوق إليه وننتظره بلهفة وشوق،
ونرى فيه بداية صفحة جديدة ليس فقط
بالمقارنة مع الأمر القائم، وإنما
كذلك مع تاريخنا المديد، رغم ما عرفه
من مآثر نفخر بها وننتمي إليها؟ لم ينتهِ النقاش إلى توافق الحاضرين مع
الضيف الآتي من لندن ونظريته في النخبة
الأفلاطونية، التي يرى فيها خلاصنا،
بل إن أحد المحاورين ذكره بما كان
أسلاف النخبة الحاكمة الحالية قد
قطعوه على أنفسهم من وعود سماها «أفلاطونية»،
وشرح له باستفاضة حجم التناقض الذي
يفصل اليوم وعودهم عن الواقع، وأفهمه
أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وأن
معايير الآتي ستكون مختلفة جذريا عن
معايير الراهن، الذي يصير لحسن حظنا من
الماضي، بفضل تضحيات مجتمعات يبدو
جليا أن ثورتها تنبع من رفضها نخبا
حاكمة خدعتها وكذبت عليها، فكان من
الضروري والحتمي أن تبعدها عن السلطة:
الموقع الذي مكنها ويمكنها من إلحاق
الأذى بشعوبها. يظن بعض فلاسفة الأنظمة ومنظريها أنهم
سينجحون اليوم وغدا، مثلما نجحوا
بالأمس، إن هم دعوا إلى حكم النخبة،
بزعم أن ما هو قائم من سلطة لم يكن
حكومتها، بل حكم فلاحين وعسكر أجلاف
تفعل المجتمعات خيرا إن هي تخلصت منهم،
ما دام غيابهم سيفتح الطريق أمام حكم
النخب، الذي لم تجربه بعد. لا يدرك
هؤلاء أو هم يرفضون أن يدركوا كم تغيرت
الدنيا وتبدل الواقع، وكم سيكون تحرر
البشر من الآن فصاعدا من صنع أيديهم،
بعد أن تبينت لهم استحالة تحررهم بيد
غيرهم، نخبا كان هؤلاء أم أحزابا أم
عسكرا أم دولا. خدعت النخب القومية - الاشتراكية الشعب،
وخذلته النخب الليبرالية والتقليدية،
وكذلك نخب التطرف المذهبي
والآيديولوجي. السؤال الآن هو: هل يسمح
بخداعه من جديد، بعد تجاربه الطويلة
وخيباته المتكررة، بينما سيكون بوسعه
أن يتحصن من الآن فصاعدا بمبدأ بوسعه
أن يحمي نفسه بمعونته من أية نخب
مخادعة، يمتلكه اليوم بثمن غالٍ هو
الحياة، اسمه: الحرية؟ ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 19-10-2011 لو كان نظام بشار الأسد يجيد لعب السياسة
لكان لقن الجامعة العربية درسا لا
تنساه، وأوقعها في شر أعمالها، وذلك من
خلال قبوله بمهلة الأسبوعين، ورئاسة
قطر للجنة الوزارية المعنية بمتابعة
ملف المبادرة، فحينها، ومع رفض
المعارضة للمبادرة، سيتورط العرب،
وكذلك المعارضة. لكن ما حدث هو العكس تماما، وهو ما كان
متوقعا، حيث رفض النظام الأسدي
المبادرة العربية، المتأخرة أصلا،
جملة وتفصيلا، وهي المبادرة التي
منحته فرصة لا يحلم بها لإحراج الداخل
والخارج، حيث أعطته مهلة أسبوعين
وطالبته بمحاورة المعارضة تحت قبة
الجامعة. وعليه فقد ضيع النظام الأسدي
فرصته، والآن جاءت فرصة الجامعة لكي
تلقن النظام الأسدي درسا لا ينسى،
وتبيض صفحتها أمام السوريين، خصوصا أن
النظام الأسدي قد أتبع المبادرة
العربية بمجزرة في حمص. المفترض اليوم أن تجتمع الجامعة، وبشكل
عاجل وفوري، من أجل تجميد عضوية نظام
بشار الأسد في الجامعة العربية،
والاعتراف بالمجلس الوطني السوري،
ويجب أن يكون التصويت على هذين
القرارين أمام عدسات الكاميرات، وليس
من خلال جلسة مغلقة، ويتم نقله على
الهواء مباشرة، وأمام العالم العربي،
وليس التصويت وحسب، بل وحتى الكلمات،
والمداخلات. فكما طالبنا سابقا، يجب
ألا يتحمل أعضاء الجامعة العربية،
خصوصا أصحاب المواقف الواضحة، وزر
مواقف دولة أو دولتين عربيتين، بل دعوا
تلك الدول تشرح موقفها للرأي العام
العربي، ولماذا قررت الوقوف مع نظام
يقتل شعبه. على الجامعة أن تتخذ هذا الموقف الحاسم مع
النظام الأسدي ليس للانتقام، بل
لحماية المدنيين السوريين العزل الذين
يواجهون قمع جيش مدجج بالأسلحة، ولا
يتقيد حتى بأدنى أخلاقيات الحروب،
ولأجل أن تبيض الجامعة صفحتها مع
السوريين. كما أن على العرب تذكر أمر
مهم جدا، ومن أبجديات العمل السياسي،
ووفقا لما سمعته من أحد المسؤولين
العرب بأنه «لا يوجد نظام يستجيب
للآخرين، فقط لأن نواياهم طيبة،
وخطابهم أخوي، بل وفق القرارات،
والمواقف». وسبق للعرب أن جربوا الخطاب
الأخوي مع صدام حسين إبان احتلال
الكويت، وقبل الغزو الأميركي، ولم
ينفع، بل كان أعضاء النظام البعثي
العراقي يتفننون بشتم المسؤولين
العرب، وتخوينهم، والأمر نفسه ثبت
فشله مع معمر القذافي، وها هو يفشل
اليوم مع علي عبد الله صالح في اليمن،
وبالطبع سيفشل مع بشار الأسد الذي
استخف بالجامعة أيما استخفاف، وبكافة
الأشكال، وآخرها خطاب مندوبه! وكما قلنا للعرب قبل عدة أشهر، فإن عليهم
اليوم تجميد عضوية النظام الأسدي في
الجامعة، والاعتراف بالمجلس الوطني
السوري، وبالطبع سحب سفرائهم من دمشق،
خصوصا أن السفراء العرب المتبقين في
سوريا ما هم إلا شهداء زور، فلا هم
الذين عزوا، ولا هم الذين قالوا كلمة
حق دفاعا عن السوريين. وبالطبع، نحن لا
نقارنهم بسفراء كل من أميركا
وبريطانيا وفرنسا، فذلك أمر متقدم جدا
على بعض عربنا، خليجيين أو غيرهم. المطلوب من الجامعة اليوم هو تجميد عضوية
نظام بشار الأسد، والاعتراف بالمجلس
الوطني. وعدا عن ذلك فهو تخاذل أمام
الدم السوري! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |