ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الشباب العربي يقرأ
ويستمع...لمن؟ تاريخ النشر: الخميس 20 أكتوبر
2011 د.علي راشد النعيمي الاتحاد لقد اعتادت النخبة العربية المثقفة في
الماضي على أن تشهد أنشطتها الثقافية
حضوراً جماهيريّاً يدفعها إلى العطاء
والتفاعل مع اهتمامات هذه الجماهير
وتطلعاتها، وكان للمثقف تقدير واحترام
بين الناس لأنه يتبنى قضاياهم ويتعامل
مع همومهم ومشكلاتهم. ولكن نتيجة
للأوضاع السياسية في العالم العربي،
واعتبار بعض الأنظمة العربية النخب
المثقفة خطراً عليها، والتضييق على
هذه النخب أو استمالتها وتحويلها إلى
أبواق لتلك الأنظمة، أعرضت الجماهير
العربية عن معظم هذه النخب، ولذا فإنك
إذا شاركت في بعض الأنشطة الثقافية
لبعض الأسماء الكبيرة ذات الرصيد
الثقافي العريض من كُتاب وإعلاميين
وأدباء وأكاديميين تفاجأ بأن الحضور
قد لا يزيد عددهم عن أصابع اليد مما
يضطر المنظمين لتقديم الاعتذار
للأستاذ الكبير واختلاق أعذار واهية
لتبرير قلة الحضور، وهو مشهد للأسف
يتكرر كثيراً ونغفل عن النظر في
الأسباب الحقيقية لهذا العزوف
الجماهيري. وكذلك قد يقوم أحد الكُتاب
الكبار بكتابة مقالة تحليلية عن أوضاع
الأمة والتحديات التي تواجهها أو يضع
رؤية استشرافية للمستقبل ثم لا تجد هذه
المقالة من التفاعل والنقاش ما تستحقه
الأفكار التي تعالجها أو ما يليق
بمكانة الكاتب وعطائه السابق للثقافة
العربية. وكل هذا يحدث على رغم الدعم
الرسمي الذي يتوافر لمثل هذا الكاتب! وفي مقابل ذلك نجد شابّاً أو شابة في
مقتبل العمر ليس له، أو لها، اسم معروف
ولا يملك إنتاجاً علميّاً أو ثقافيّاً
يذكر يملك مدونة أو صفحة على الفيسبوك
أو حساباً في التويتر يطرح رأياً أو
ينقد وضعاً فتجد أن الألوف قد تفاعلوا
معه وحللوا أفكاره وآراءه، وهو
بالمقابل يتفاعل معهم ويناقش
ملاحظاتهم ويتراجع عن بعض آرائه
اقتناعاً بما طرحوه ويستمر التفاعل
والنقاش بعقول ناضجة في الغالب مستعدة
للتراجع عن آرائها وتقبل الرأي
المخالف بأريحية ورضا تام، وقد لا تجد
مثل هذا التفاعل بين النخب العربية
المثقفة ذاتها فيما تختلف فيه من آراء!
وقد يعجب البعض من أن هؤلاء الشباب
يعيشون حرية حقيقية في فضائهم
الافتراضي، ويناقشون كل شيء، ويكفي أن
تقوم ببحث في الإنترنت عن أي موضوع
تشاء فستجد أن الشباب العربي قد ناقشة
وأبدى رأيه فيه، إما في المدونات أو
المنتديات أو صفحات الفيسبوك والتويتر
من غير أن يستأذن من أحد، أو أن يطلب
ترخيصاً ليعبر عن رأيه أو يبدي موقفه. وهذا هو حال معظم الشباب العربي ممن هم
دون الثلاثين من العمر الذين يشكلون
أغلبية السكان في العالم العربي. وهذا
الشباب لم تتمكن المؤسسات الرسمية
العربية من تلبية تطلعاته ولم تستطع
النخب العربية المثقفة إشباع حاجاته
مما أدى إلى أن يعتمد على نفسه ويتجه
نحو بناء عالمه الخاص الذي لا يقبل فيه
إملاءات من أحد، وهذا في تصوري يمثل
تحديّاً كبيراً لابد من التعامل معه
بوعي وحكمة من خلال بناء وعاء ثقافي
مقنع لهذا الشباب يلبي تطلعاته ويفي
باحتياجاته ويتوافق مع متطلبات
مستقبله. ================= تاريخ النشر: الخميس 20 أكتوبر
2011 محمد عارف الاتحاد هذه لحظات في التاريخ لا يمكن فيها سوى
النزول إلى الحلبة مع الجميع، وشُدَّ
على قبعتك أو طاقيتك أو عقالك أو
كوفيتك أو عِمّتك، واستَجبْ لتحدّي
دعوة الرقص الأندلسية "هنا الوردة
فلنرقص هنا". فعلتْ ذلك شاءت أم أبت
جامعات البلدان العربية والإسلامية
التي وجدت نفسها في حلبة التصنيف
العالمي، ومعظمها غير مؤهل للمنافسة
حتى على صعيد إقليمي، وتختلف
متطلباتها ومعاييرها، إنْ وجدت، عن
الجامعات العالمية، وهذه مشكلة.
والجامعات العالمية نفسها تختلف على
معايير التصنيف وجدواه، وهذه مشكلة
أكبر. هل يمكن أن نجد هنا مدخل الجامعات
العربية إلى المجتمع الأكاديمي
العالمي، وفق إيقاعات الربيع العربي،
أي تُسمع العالم ما تريد؟ متابعة جداول تصنيف الجامعات هذا العام
تكشف عن مفاجئات ارتفاع وهبوط، ليس
الجامعات العربية وحدها، بل أرقى
الجامعات العالمية أيضاً. تصنيف
المجلة البريطانية "التايمز
للتعليم العالي" خصّ بالأولوية "معهد
كاليفورنيا للتكنولوجيا". وأزيحت
إلى المرتبة الثانية "جامعة هارفارد"
التي تربعت على عرش الأولوية العالمية
منذ بدء حركة التصنيفات مطلع العقد
الماضي. وقد لا تكون صدمة خفض مرتبة "هارفارد"
الأميركية كصدمة "كمبردج"
البريطانية التي أزيحت إلى المرتبة
السادسة وصعدت إلى مكانها في المرتبة
الرابعة غريمتها جامعة "أكسفورد".
والمفاجآت العربية لا تقل إثارة، حيث
احتلت "جامعة الإسكندرية"
المرتبة الأولى عربياً وإقليمياً،
وجاء ترتيبها ضمن 225 جامعة الأولى
عالمياً متخطية جامعات "ولاية
نيويورك" و"جورج ميسون" و"هيوستن"
و"ميريلاند" الأميركية، وجامعات
أوروبية مرموقة مثل "هيرتفورد شاير"
و"كيل" البريطانيتين، و"فيرارا"
الإيطالية، و"جامعة شرق فنلندا"،
و"كانتربري" النيوزيلندية و"شارلز
دارون" الأسترالية، وفازت أيضاً على
جامعات مهمة في المنطقة، مثل "بوغازي"
التركية، و"بارإيلان"
الإسرائيلية، وجامعة "شريف
للتكنولوجيا" الإيرانية. ويثير الدهشة عدم ذكر تصنيف "التايمز"
الذي يعتمد على قاعدة المعلومات
العلمية "طومسن رويترز" جامعات
سعودية نالت العالمية قبل أسابيع، مثل
"الملك سعود" بالرياض، والتي
صنّفها تقرير "مركز الجامعات
العالمية " في جامعة "شنغهاي"
ضمن 300 أفضل جامعة في العالم،
واعتُبرتْ جامعة "الملك فهد للبترول
والمعادن" بين أفضل 400 جامعة عالمية،
وأعاد التصنيف "جامعة القاهرة"
إلى مكانتها بين أفضل 500 جامعة، وكانت
قد فقدتها قبل خمس سنوات. وأعقب "تصنيف
شنغهاي" تصنيف "كيو. إس" Q.S
الذي احتوى مفاجآت عربية وعالمية، حيث
احتلت جامعة "كمبردج" الأولوية،
وجاءت "هارفارد" في المرتبة
الثانية، و"معهد ماساشوستس
للتكنولوجيا" في الثالثة. وقفزت "جامعة
الملك سعود" إلى المرتبة 200 في تصنيف
"كيو. إس"، و"جامعة الملك فهد"
إلى المرتبة 221، أي أصبح كلاهما من
جامعات البحث العلمي العالمية.
واعتبرت قائمة "كيو. إس" إنجاز
الجامعات السعودية من علائم الربيع
العربي، مشيرة إلى صعود جامعتي "الملك
فيصل" و"الملك خالد" إلى مرتبة
أفضل 500 جامعة عالمية، وجامعة "أم
القرى" مرتبة 550. ودخلت 34 جامعة عربية
قائمة أفضل 742 جامعة عالمية، بينها خمس
جامعات مصرية، إضافة إلى جامعتي "قطر"
و"الأخوين" المغربية التي فتحت
أبوابها عام 1995 وتعتبر أصغر الجامعات
العالمية عمراً في القائمة. ويثير تباين التصنيفات العالمية
اختلافات في وجهات النظر حول طرائقية
التصنيف، وجدواه. ويركز معظم نقاش
الأكاديميين على المؤشرات والمعايير،
ومصداقية العملية الإحصائية،
والتضارب بين التقييمات المختلفة.
تذكر ذلك هيلين هيزلكورن، عميدة أبحاث
سياسات التعليم العالي في "معهد
دبلن للتكنولوجيا"، وتشكو الباحثة
الإيرلندية، في دراسة عنوانها "المعركة
على التميز العالمي"، من تركيز
التصنيف على البحث، وليس على التدريس،
وتشير إلى تصنيف دول الوحدة الأوروبية
"يو- ملتيرانك" الذي يأخذ في
الاعتبار، إلى جانب معيار نسبة عدد
الطلبة إلى المدرسين، معدلات عدد
الخريجين، وحصولهم على العمل أو
بطالتهم بعد التخرج. وتنتقد الباحثة
استخدام حكومات عدة التصنيف بشكل
متحيز لإعادة هيكلة سياسات التعليم،
وحفز جامعات النخبة على احتلال
المراتب الأولى، وإهمال الجامعات
الأقل حظاً. ويدل تاريخ التصنيف على أن
قياس الأمور الخاطئة ينتج تشوهات،
ويخلق حوافز منحرفة، تجعل أفضل
الجامعات أسوأها في توسيع فرص التعليم
العالي. يذكر ذلك بيان "مجموعة راسل"
البريطانية حول تصنيف "التايمز". ويُعتبر احتكار الإنجليزية لغة العلم
عاملاً مؤثراً في انخفاض تصنيف
الجامعات العربية وغيرها من جامعات
ليست الإنجليزية لغتها القومية. فأكثر
من 80 من المراكز الأولى في مختلف
التصنيفات يذهب إلى جامعات ناطقة
بالإنجليزية، ويُبعد النشر بغير
الإنجليزية الأبحاث العلمية عن
الجدولة والاستشهاد في المراجع
الدولية. ورغم ذلك ظهرت تطورات مثيرة
تعارض نزعة الاستسلام التقليدية
الكئيبة السائدة في أوساط أكاديمية
عربية وعالم ثالثية. نقرأ ملامح هذه
التطورات في دراسة "يورغه بالان"،
الباحث الأقدم في "كلية الشؤون
الدولية والعامة" في "جامعة
كولومبيا" بنيويورك، والذي يلاحظ
سرعة نمو النشر العلمي بالإنجليزية في
البلدان غير الناطقة بالإنجليزية،
يرافقها في الوقت نفسه تسارع أكبر في
نمو النشر العلمي في هذه البلدان نفسها
بلغاتها الوطنية. يحدث ذلك حتى في
المجال الطبي، حيث تعتبر الإنجليزية
اللغة العالمية المشتركة للمهنة.
ويخدم النشر الطبي بلغات غير
الإنجليزية التعليم الطبي المحلي،
ويدعم البحث حول توفير الرعاية الطبية
للمجتمعات المحلية بهدف كسب الرأي
العام وصانعي القرار، وفي المقابل
يستجيب النشر العلمي بالإنجليزية
لطموح الإدارات الأكاديمية لرفع تصنيف
جامعاتها. وهذا ربيع يقول عنه المثل الصيني "ألوان
الربيع لا يمكن حصرها داخل حديقتك".
وكيف يمكن مثلا حصر ألوان ربيع
السعودية التي تنفق 8 في المئة من
ميزانية الدولة على التعليم العالي
داخل وخارج المملكة، والتي قفز عدد
جامعاتها إلى 32 وعدد كلياتها إلى 450،
ويقرب عدد مبتعثيها في الخارج من 150
ألفاً؟ أرقام قياسية في تقدم التعليم
العالي رافقتها أرقام قياسية في
انتقاد الصحافة السعودية الجامعات
ووزارة التعليم العالي. تحت عنوان "سلطة
المال ومبادئ الجامعة"، كشف الدكتور
ناصر السعيدي من جامعة أم القرى
التنازل عن شروط القبول في الدراسات
العليا "إذا كان الطالب يملك حفنة من
الدراهم". وفي مقال عنوانه "ليس
دفاعاً عن وزارة التعليم العالي" في
صحيفة "الاقتصادية" الإلكترونية،
اعتبر المعلق الأكاديمي صالح محمد
الجاسر غالبية النقد الموجه لبرامج
الابتعاث هجوماً استفزازياً: و"الغريب
أن معظم الهجوم تركز على بلدين، هما
الأنجح والأفضل مخرجات، وهما الولايات
المتحدة والمملكة المتحدة". والهجوم
غريب حقاً، لكن فيه منطق. فالعرب
يتخبطون في أحكامهم لأن قلوبهم تنبض
بمشاعر تعجز اللغة العقلانية في
التعبير عنها، وليس قلوب العرب وحدهم.
فما القول في شباب الغرب الذين يغيرون
أسماء ساحات أهم أحياء المال العالمية
إلى "ميدان التحرير"؟.. "هنا
الوردة فلنرقص هنا". ================= حربٌ إقليمية.. أهي
المخرج من المأزق؟ د. صبحي غندور التاريخ: 20 أكتوبر 2011 البيان تشهد المنطقة العربية وجوارها الإقليمي
تأزّماً شديداً، نتيجة تراكم القضايا
العالقة من الماضي القريب، وتفاعلات
ممّا حدث ويحدث في الحاضر من انتفاضاتٍ
شعبية عربية. فقبل العام الجاري، كانت منطقة الشرق
الأوسط تعاني من تداعيات الحرب
الأميركية على العراق، والحروب
الإسرائيلية على لبنان وغزّة، ثمّ من
سخونة الملف النووي الإيراني والدور
الإيراني عموماً في المنطقة، ثمّ من
القرار الدولي بتشريع تقسيم السودان
وفصل جنوبه عن شماله. وكانت هذه
القضايا، وما زالت، مصدر توتّرٍ مستمر
بين بلدان المنطقة نفسها. أيضاً، غاب
العام الماضي ولم تغب معه قضية
المستوطنات الإسرائيلية، وتعثّر
استئناف المفاوضات الفلسطينية/
الإسرائيلية. وجاء العام الحالي وما فيه من تغيّرات في
أنظمة الحكم في تونس ومصر وليبيا، ومن
حراك شعبي مجهول المستقبل في اليمن
وسوريا والبحرين والأردن، ليضيف من
ثقل سلّة الهموم والقضايا التي تنهك
ظهر الأمَّة العربية، وهي التي تعاني
على مدى عقودٍ من الزمن، من وهنٍ شديد
في أرجاء جسمها ورأسها. أيضاً، يشهد هذا العام تراجعاً كبيراً في
الاقتصاد العالمي، ودخول الولايات
المتحدة ودول أوروبا في حالةٍ من
الكساد الاقتصادي، دفعت شعوب هذه
البلدان إلى استخدام ضغط الشارع
والاعتصامات، ضدّ جشع وفساد الحكّام
والمصارف والشركات الكبرى. وعادةً، حينما تتأزّم الأوضاع
الاقتصادية في الغرب، يتّجه نظر
حكّامه إلى المنطقة العربية وكأنّها
خزّان مالي احتياطي يمكن الاعتماد
عليه لحلّ مشاكل الغرب المالية، ولأنّ
الثروة النفطية العربية تؤثّر بشكلٍ
كبير في مجرى الاقتصاد العالمي،
خاصّةً وأنّ أسعار النفط محدّدة
بالدولار الأميركي. كذلك، وظّفت الولايات المتحدة
الأميركية، خلال القرن الماضي، حالات
الحروب الباردة والساخنة، من أجل
تحسين الاقتصاد الأميركي في أكثر من
زمانٍ ومكان. وقد كانت هناك مراهنات لدى قوى التدخّل
الأجنبي، على أنّ المتغيّرات التي
تحدث الآن في المنطقة العربية ستقلب
فيها الأولويّات، وستهمّش القضايا
الأخرى العالقة أو ستدفع ببعضها إلى
الحلول، وستجعل شعوب المنطقة ترى
همومها الداخلية فقط، بل وستجعل هذه
الشعوب تراهن على القوى الأجنبية
لمساعدتها على حلّ مشاكلها المحلية. ما حدث حتّى الآن، هو نجاح دول حلف "الناتو"
في "إنجازات" الهدم، لا في تحقيق
البديل الأفضل والأنسب لدول الحلف،
تماماً كما كان مصير الحروب الأميركية
والإسرائيلية في العراق ولبنان وغزّة،
في ظلّ الإدارة الأميركية السابقة.
فثورة "25 يناير" في مصر مثلاً، لم
تتوقّف عند الحدود المرغوب فيها
أطلسياً، بل تجاوزت قضية التغيير
الداخلي إلى طرح مصير معاهدة "كامب
ديفيد"، وإلى اقتحام السفارة
الإسرائيلية في القاهرة. ولم تُحسَم
أمور المستقبل بعد في جميع البلدان
العربية الأخرى، التي شهدت أو تشهد
انتفاضاتٍ شعبية. ويبدو، كمحصّلة لكلّ ذلك، أنّ حرباً
إقليمية، قد تكون في منطقة الخليج
العربي أو في جبهة المشرق العربي مع
إسرائيل، أو في الموقعين معاً، هي
المخرج الوحيد أمام القوى الدولية
المعنيّة في صراعات وثروات المنطقة،
من أجل الخروج من المأزق الذي وقعت فيه
كلّ الأطراف والقضايا. فربّما تجري
المراهنة على أنّ حرباً من هذا النوع
ستكون، إضافةً إلى فوائدها الغربية
على الصعيدين المالي والاقتصادي،
مفتاحاً لتسوياتٍ سياسية مطلوبة
للملفّين الإيراني والفلسطيني، ولفرض
وقائع جديدة ينتج عنها "شرق أوسطي
جديد". الأمَّة العربية الآن، هي في لحظةٍ زمنية
كتلك التي تفصل الليل عن النهار، أو
العكس. فما يحدث فيها قد يكون مطلع فجرٍ
جديد ونهارٍ واعد بنور شمس ساطعة، وقد
يكون بداية ليلٍ تلبس فيه الأمَّة ثوب
الظلام، بعد معاناةٍ طويلة من يوم
الظالمين. فالجانب الإيجابي المشرق في الأمَّة، هو
ما يحدث فيها من إصرارٍ شعبي على
التغيير والإصلاح، وأيضاً على استمرار
إرادة المقاومة فيها، وعلى مطلب
التحرّر الوطني كوجهٍ آخر مكمّلٍ لوجه
الديمقراطية في معنى الحرّية. لكن
الجانب الآخر السلبي يكمن في أنّ ذلك
التحرّك الشعبي كلّه، يحدث على أرضٍ
عربية ممزّقة منذ قرنٍ من الزمن، وبين
شعوب منقسمة على نفسها وطنياً ودينياً. فالأمل بغدٍ أفضل لا يرتبط بوجود ثورات
وحركات تغيير فقط، بل الأساس هو مرسى
هذا التغيير ونتائجه، إذ هل
الديمقراطية السليمة، القائمة على
وحدة وطنية شعبية، وعلى ترسيخ الولاء
الوطني، وعلى الهويّة العربية، وعلى
التمسّك بوحدة الكيان الوطني، هي
البديل للأنظمة الدكتاتورية، أم سيكون
بديلَها صراعاتٍ أهليةً وتقسيماتٍ
جغرافية وتدويلٌ أجنبيٌ؟ وما هي
ضمانات حدوث التحوّل نحو الديمقراطية
السليمة، طالما أنّ المجتمعات العربية
موبوءة بأمراض التحزّب الطائفي
والمذهبي والإثني؟ وطالما هناك أيضاً
من يتجاوب عربياً مع مشاريع الفتنة
والتقسيم والتدويل لدول المنطقة؟! لقد حدثت على الأرض العربية في مطلع هذا
العام، نماذجٌ إيجابية وسلبية:
فالسودان خسر جنوبه بعد حربٍ أهلية
وتدويلٍ لأزماته، وتدخّلٍ أجنبيٍّ
سافر في ظلّ عجزٍ رسمي عربي. ثم جاءت
ثورتا تونس ومصر لتشعلا الأمل بمستقبل
عربي أفضل، من حيث أسلوب التغيير الذي
حدث في هذين البلدين وسلمية التحرّك
الشعبي والبعد الوطني التوحيدي فيهما.
لكن ها هي الأمَّة العربية تشهد الآن
انتفاضاتٍ عربية في بلدانٍ أخرى،
بعضها مُهدَّد بخطر التقسيم، وبعضها
الآخر بخطر التدويل، والكلّ بمخاطر
الحروب الأهلية والتدخّل الأجنبي. إنّ الأمَّة العربية ما زالت تعاني من
انعدام التضامن العربي، ومن
الانقسامات والصراعات، ومن هشاشة
البناء الداخلي وغياب الديمقراطية
السياسية، ممّا يسهّل الهيمنة
الخارجية على بعض أوطانها، ويدفع
بالوضع العربي كلّه نحو مزيدٍ من
التأزّم والتخلّف والسيطرة الأجنبية. الأمَّة العربية تحصد الآن نتائج سياسات
التبعية للخارج، في ظلّ اشتعال دور
الطائفيين والمذهبيين والمتطرّفين،
العاملين على تقطيع أوصال كلّ بلدٍ
عربي لصالح مشاريع أجنبية وصهيونية.
فليست الظروف الداخلية فقط هي عناصر
الاختلاف بين هذا البلد وذاك، بل تلعب
أيضاً المصالح الدولية والإقليمية
دوراً مهماً في تقرير مصير بعض البلدان
العربية. طبعاً، المراهنة الأولى والأخيرة يجب أن
تكون على شعب كل بلدٍ عربي لإحداث
التغيير السليم في الأوطان، ممّا
يُحمّل الحكام و"القوى المعارضة"
معاً مسؤوليةً كبيرة في الحرص على عدم
استخدام أسلوب العنف، وعلى هدف وحدة
الشعب ووحدة الأرض، وعروبة البلد
واستقلاليته الوطنية، ورفض الانجرار
وراء مشاريع الهيمنة الدولية
والإقليمية. ================= سوريا بين شروط الانفجار
الإقليمي والتفجيرات الصغيرة سامي كليب السفير 20-10-2011 مع اتهام الولايات المتحدة لإيران
بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في
واشنطن عبدالله جبير، تقدم الاشتباك
الاقليمي والدولي خطوة اضافية نحو
الانفجار. كل التحليلات تصبّ في خانة
القول ان ايران تبقى الهدف الاول،
فطبيعي ان يزداد الضغط العربي والدولي
على سوريا وسط انسداد افق التسويات
السياسية الحقيقية. لكن شروط الانفجار
لم تجتمع تماماً بعد، فلا بد من انتظار
شهور اخرى من التأزم والتفجيرات
الصغيرة الدبلوماسية والأمنية، فتشتد
قناعة النظام السوري بأن الأمن يبقى
أولوية. لا شيء في دمشق يوحي بهذا الغليان
الاقليمي. ولا شيء يوحي أيضاً بان ثمة
مناطق اخرى في سوريا تغلي على نار
السلاح او على جمر الاقتتال المذهبي (حمص
خير مثال). الحياة في دمشق اكثر من
عادية. ازدحام سير في النهار. حركة
الناس في الاسواق على معهودها قبل
الازمة. والمطاعم تعجّ في الليل بأهل
السمر. خصوصاً مطاعم الخمس نجوم
المستلقية عند الضفة اليمنى لجادة
المزة الشهيرة. والحضور الأنثوي
الطاغي في ليالي المطاعم يوحي بأن لا
قلق أمنياً فعلياً في دمشق. اما الفنادق، فهي شبه خالية في الأحياء
القديمة على غرار تلك الموجودة في باب
توما رغم زحمة الزوار وبعض السائحين
الأجانب ليلاً في الأزقة القديمة
المحافظة على تراث مسيحي وطابع فرنسي.
بينما الفنادق التقليدية الكبرى في
دمشق مثل الشيراتون فتعج بالحلفاء
الخلّص لسوريا، حيث يسمع الزائر لهجات
من اميركا اللاتينية او من الهند
والصين وروسيا. تضافرت وفود هذه الدول
مذ قرر وزير الخارجية وليد المعلم محو
اوروبا عن خريطة العالم، لكن الذين تم
محوهم لا يزالون حاضرين بقوة عبر
سفرائهم وهذه مسألة هامة في الوقت
الراهن. واشنطن والمعارضة والعرب السفير الاميركي روبرت فورد باق في سوريا
رغم كل الضجيج حول دوره. ويقال الكثير
في دمشق هذه الأيام حول الدور الاميركي.
ومما يقال مثلاً إن وفداً من السفارة
الاميركية زار أنقرة قبيل فترة وشارك
في اجتماعات المجلس الانتقالي. بقي
الأمر شبه سري ولكن الاميركيين وجهوا
للمجلس نصائح عديدة وبينها : [ يجب ان يكون المجلس شاملاً كل اطياف
المعارضة، خصوصاً ممثلي التنسيقيات
والمعارضة الداخلية. [ من الافضل ان لا يكون الاخوان المسلمون
في واجهة المجلس حتى ولو شكلوا جزءاً
أساسياً فيه. [ يجب تقوية الرهان على الداخل السوري ثم
التوجه الى الدعم الخارجي وليس العكس. [ ينبغي العمل على طبقة رجال الاعمال في
سوريا، وإفهامها بأن مصالحها سوف
تتقهقر مع بقاء النظام الحالي وتتحسن
لو أزيل. وفي المعلومات أيضاً ان الاميركيين قالوا
للمعارضة ان واشنطن لن تعترف قريباً
بالمجلس الانتقالي لأن ذلك لن يفيد
الآن، وان مجرد اعتراف المجلس
الانتقالي الليبي بالمجلس السوري دفع
السوريين للقول إنه اعتراف من حلف شمال
الاطلسي، فكيف اذا اعترفت واشنطن؟ تدرك واشنطن خطورة دعمها المباشر والعلني
للمجلس الانتقالي، ولذلك قال أحد
دبلوماسييها مؤخراً: «إننا لن نكون
الدولة الأولى ولا الثانية او الثالثة
ربما التي تعترف بالمجلس، نفضل ان
يبرهن المجلس أولاً عن قاعدته الشعبية
القوية ثم نقرر». استند هذا الحذر الاميركي الى جمعة دعم
المجلس الانتقالي. الجمعة التي ارتفع
فيها شعار «المجلس يمثلني» لم تحشد
أكثر من 26 الف متظاهر وفق معلومات
دبلوماسية دقيقة. ليست الولايات
المتحدة وحيدة في خيار الإبقاء على
سفيرها فكل الأوروبيين لم يحركوا
سفراءهم. ايطاليا استدعته ثم أعادته.
اليابان كذلك. اما القرار المركزي
الاوروبي فيقضي بالحفاظ على السفراء
الاوروبيين في دمشق لكي «تبقى العين
حاضرة» وفق ما يقول دبلوماسي غربي في
دمشق. والاوروبيون ليسوا مستعجلين للاعتراف
بالمجلس الانتقالي. يشعرون بأن ذلك قد
يسيء اكثر مما ينفع. ولكن الاتصالات
قائمة. فرنسا استقبلت علانية في مقر
وزارة خارجيتها الشخصية الابرز في
المجلس الدكتور برهان غليون. وقبل فترة
جاء الى دمشق في زيارة غير معلنة مسؤول
دانمركي، والحركة الاوروبية ناشطة جدا
في اروقة مجلس الامن للضغط على النظام
السوري، ومن المرجح ان تتفاعل مستقبلا.
سر الفيتو الروسي منذ استخدام موسكو وبكين حق النقض «فيتو»
ضد قرار ادانة سوريا وفرض عقوبات
اضافية عليها في مجلس الامن الدولي،
شغل الموقف الروسي كثيرين. قيل انه
مصلحي موقت، ولكن تبين مع الوقت أنه
أكثر تجذراً مما يعتقد البعض. يقول دبلوماسي اوروبي إن موسكو استخدمت
حق النقض لأسباب عدة أبرزها، ان
الدبلوماسية الروسية شعرت بان الغرب «خدعها»
في الملف الليبي حيث كانت الوعود لها
تؤكد ان الاطلسي سيحمي فقط المدنيين
واذا بالامر يتحول الى اجتياح وعملية
للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي،
فتوعدت موسكو خادعيها بالرد في ملف آخر.
ثم ان موسكو تعتبر ان سوريا قد تكون آخر
معاقلها الفعلية في الشرق الاوسط ولو
سقط نظام الاسد فإنها ستبتعد كلياً عن
المنطقة. وتعتبر ايضا ان النظامين
السوري والجزائري هما آخر نظامين
يشبهان الى حد بعيد النظام الروسي،
وسقوطهما يعني وصول التهديد الى
الحدود الروسية. ويضاف الى ذلك ان نشر
رادارات الدرع الصاروخية الاطلسية في
تركيا وتنامي الدور التركي أشعرا
الادارة الروسية بأن ثمة تهديداً
فعلياً لها، خصوصا ان ذلك سيجعل منطقة
المتوسط بكاملها حكراً على الاميركيين
والاوروبيين، وقد يوصل لاحقاً التمدد
الاسلامي بما فيه الاصولي الى الحدود
الروسية. ويقال بان ثمة من عرض على موسكو اغراءات
مالية تكون بديلاً مغرياً لحوالى 4
مليارات دولار تكسبها من بيع الاسلحة
الى سوريا، ويبدو ان دولة خليجية عرضت
مضاعفة المبلغ مقابل التخلي عن نظام
الاسد، ولكن ذلك بقي مجرد أمانٍ. ويكشف الدبلوماسي الغربي وجود بعض
التباينات داخل الادارة الروسية حيال
الملف السوري، فوزير الخارجية سيرغي
لافروف مؤيد بقوة للقيادة السورية،
بينما الرئيس ديمتري ميدفيديف يبدو
أكثر ميلاً للموازنة بين دعم النظام من
جهة وشجب قتل المدنيين من جهة ثانية،
اما رئيس الوزراء فلاديمير بوتين
فخياره مع سوريا يبدو استراتيجياً. وفي
كل الاحوال كل المعلومات الغربية تشير
الى ان الموقف الروسي حيال سوريا ليس
قابلاً للتغيير قريباً وانه سيبقى
داعما للنظام ورافضا لاي تدخل دولي. العرب والطوق على سوريا يبدو ان الفيتو الروسي الصيني، وتماسك
الجيش السوري وقدرة السلطة على
التعامل عسكرياً مع كل مناطق التوتر،
وتراجع عدد المتظاهرين، واستمرار قدرة
بشار الاسد على جمع الكثير من
المؤيدين، أمور دفعت الولايات المتحدة
الاميركية ومعها جل الدول الاوروبية
للضغط على العواصم العربية بغية رفع
مستوى الضغوط على دمشق. لا تستطيع الادارة السورية تفسير ما جرى
قبل يومين في مقر الجامعة العربية في
القاهرة إلا من هذا المنظور. يقول
السوريون إن المطلوب في الوقت الراهن
هو «ضمان غطاء عربي» لأي قرار دولي في
مجلس الامن، وتشريع التدخل الدولي،
وإحراج روسيا والصين، بحيث لا تستطيع
العاصمتان لاحقا اعاقة مشاريع قرارات
او عقوبات في مجلس الامن ضد القيادة
السورية. تركيا وغموض الموقف لا يختلف اثنان على ان الدور التركي كاد
يكون مفصلياً في الازمة السورية. حجم
الضغوط التي مارستها القيادة التركية
كان لافتاً. لكن ما يختلف عليه اثنان هو
مواقف الاطراف التركية حيال قيادة
الاسد. فالمعلومات الدبلوماسية
والامنية المتوافرة حتى الآن تشير الى
ان الاستخبارات التركية واجهزة الامن
والجيش لا تزال تؤيد عدم الانزلاق الى
اتون اشتباك مع سوريا. لا بل ان رئيس
الاستخبارات حقان فيدان يزور دمشق بين
وقت وآخر، تماماً كما ان مسؤولاً
سورياً كبيراً يزور بين وقت وآخر انقرة.
لا شيء يدفع للاعتقاد حتى الآن بان الامور
مع انقرة جيدة، ولكن الأكيد ان لا شيء
يدفع بالمقابل للاعتقاد بأن الامور
ستسوء بسرعة. ثمة كلام عن تعديل طفيف في
موقف رجب طيب اردوغان، بحيث انه لم يعد
يرفع الصوت بقوة كما فعل في الاشهر
الاولى وان الخطر الاكبر يبقى وزير
الخارجية احمد داوود اوغلو، ولكن
عارفي اردوغان يقولون إنه لا يمكن رصد
مواقف الرجل، فغداً صباحاً قد يقول
كلاماً اكثر قسوة من السابق، وكل ما في
الامر ان الزلات الدبلوماسية التي
ارتكبها حيال عدد من دول الجوار بما في
ذلك في مصر حيث اثار الاخوان المسلمين
بحديثه عن العلمانية، دفع ناصحيه في
تركيا لنصحه بالتروي. ثم ان الكلام عن إقامة منطقة عازلة في
الاراضي السورية، صار اقرب الى الوهم،
ويقول مسؤول دبلوماسي ذو علاقة مباشرة
مع انقرة بان الاتجاه الآن هو لإقامة
منطقة لجوء في الاراضي التركية وليس
السورية، ذلك ان الحدود بين البلدين
تتخطى 700 كيلومتر مربع وان اي حركة
تركية معادية لسوريا في 100 كيلومتر
ستدفع السوريين للرد في اكثر من مكان
عند الحدود او عبرها. قدرة الإيذاء عند
الطرفين كبيرة. أسرار التهديد الإيراني لم يكن دخول ايران على الخط السوري التركي
مفاجئاً. قال الجنرال يحيى رحيم الصفوي:
«يتعين على تركيا ان تعيد النظر جذرياً
في سياستها حيال سوريا والدرع
الصاروخي، والا فانها ستواجه مشاكل مع
شعبها». ليس هذا من نوع التصريحات
العابرة. فالرجل هو المستشار العسكري
لآية الله علي خامنئي. تحذيره الداعم
لسوريا جاء في وقت كانت مؤشرات تدخل
تركي في الشؤون السورية تزداد ويزداد
معها الضغط الاميركي على اردوغان
للتحرك سريعاً. لم تكتف ايران بالتهديد. سعت لاحتضان حركة
حماس. العائدون من طهران وتحديداً من
مؤتمر دعم المقاومة يشرحون كم «تفانت»
القيادة الايرانية في توجيه الرسائل
الايجابية. لم يؤثر تصريح رئيس المكتب
السياسي للحركة خالد مشعل والذي تحدث
عن حقوق الشعوب بما فيها السوري في
التعبير عن رأيه، لم يؤثر في تغيير
الموقف الايراني. تصرفت طهران من موقع
الراغب بإعادة الحركة الاسلامية الى
مكانها الصحيح، خصوصاً وسط معلومات
تتسرب منذ فترة عن محاولات سعودية
وقطرية لإبعاد رموز الحركة عن دمشق.
قدمت القيادة الايرانية احد اعلى
الاوسمة لمحمود الزهار. ثم جاءت مفاجأة
اخرى عبر اعلان مشعل نفسه ومن قلب دمشق
نجاح صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل. تبين ان الخط الايراني السوري عاد يتوضح
بقوة. تزامن ذلك مع التخبط في ملف
الانسحاب الاميركي من العراق. وتزامن
ايضاً مع تصاعد التفجيرات على الاراضي
العراقية، ومع تهديدات للقوات
الأميركية من زعيم التيار الصدري
مقتدى الصدر، ومع دعم عراقي اقتصادي
واضح لسوريا. تحرك العامل الكردي. تعددت الانتقادات
لرئيس الحكومة نوري المالكي. حصلت ضغوط
خلف الأضواء عربية وغربية على حكومة
المالكي المقرب من ايران والمتقارب
منذ سنوات مع دمشق. اضطر الرجل لان يقول
كلاماً مفاده انه ليس مع الحزب الواحد
ولا الرئيس الواحد ولا الطائفة او
القومية الواحدة. فهم السوريون أن في
الامر مجرد اضطرار وان الموقف الحقيقي
لرئيس الحكومة العراقي يصبّ في مصلحة
التحالف الايراني السوري. اغتيل القيادي الكردي مشعل تمّو. قلقت
القيادة السورية من إلصاق الاتهام بها.
سارع التلفزيون الرسمي الى اعتبار
الرجل مناضلاً ومناهضاً للتدخل الدولي.
سارعت المعارضة الى الصاق التهمة
بالامن السوري. وبين الاتهام وعكسه بدا
الامر وكأنه محاولة لدق اسفين جديد بين
القيادة السورية والاكراد ليس في
سوريا فحسب، وانما في العراق وتركيا
ايضا. سر محاولة اغتيال السفير السعودي يعتقد المقربون من دمشق وطهران، بأن كل
الضجة التي اثيرت حول «مخطط» اغتيال
السفير السعودي في واشنطن عادل
الجبير، تهدف الى أمر واحد، هو تأجيج
الدول الخليجية ومن خلفها دول عربية
اخرى ضد طهران. يقول هؤلاء ان المعركة
عادت الى مركزيتها. لا بد من وقف القدرة
الايرانية على التحرك، خصوصا بعد
الكلام الايجابي الذي صدر عن وزير
الخارجية علي اكبر صالحي قبل فترة حيال
انقرة والرياض. ان سرعة ردة الفعل السعودية على لسان وزير
الخارجية سعود الفيصل جعلت طهران
ودمشق تشعران بأن ثمة فخاً يُنصب، وكان
قد سبق ذلك تحذيرات اطلقها الرئيس
الفرنسي نيكولا ساركوزي من عملية
عسكرية وقائية ضد ايران، وتبعه بعد
فترة قصيرة وزير الخارجية الاسرائيلي
افغيدور ليبرمان الذي هدد ايران بضربة
عسكرية. كما ان وزير الدفاع الاميركي
الاسبق ديك تشيني كان قد اعلن مؤخراً
وقبل اسبوع من خطاب بنيامين نتنياهو في
الامم المتحدة ان اسرائيل تنوي ضرب
ايران وان هذا امر مؤكد. يقول دبلوماسي اوروبي ان الزيارة التي
قام بها وزير الدفاع الاميركي ليون
بانيتا الى اسرائيل كانت تهدف الى كبح
الجماح الاسرائيلي حيال طهران، وقد
قال الرجل كلاماً واضحاً امام
المسؤولين الاسرائيليين مؤكداً ان «موقف
واشنطن واضح بان لا ضربة ضد ايران من
دون تنسيق ليس فقط مع الولايات المتحدة
وانما مع دول المنطقة كلها». مثل هذه الاحتمالات عززت الشعور لدى
المقربين من طهران بأن ثمة فخاً ينصب
وان عدداً من الدول العربية وتحديدا
الخليجية قد تنزلق اليه، وهذا ما دفع
القيادة الايرانية الى موقفين
متناقضين، اولهما من خامنئي نفسه وكان
محذراً ومهدداً، والثاني من صالحي
وكرر فيه الدبلوماسية الايرانية
المعهودة في محاولة التهدئة مع الجوار
وخصوصاً مع السعودية. وسط هذه الاجواء، تكررت التحليلات
الدمشقية القائلة بان الضغوط
الاميركية والاوروبية هائلة على الدول
العربية لدفعها الى مواقف خطيرة حيال
سوريا وايران، وان كشف واشنطن عن مخطط
لاغتيال السفير السعودي لا يختلف عما
حصل في اروقة الجامعة العربية في
القاهرة من رغبة في تطويق الدولتين،
ايران وسوريا. وعاد علي اكبر صالحي
ينصح السعودية بتوخي الحيطة والحذر
للحيلولة دون الوقوع في الفخ الاميركي. اين لبنان ؟ وسط هذا الاحتقان الاقليمي والدولي، رفع
حزب الله منسوب كلامه. وهذا طبيعي وفق
المنظور الدمشقي. واستقبل الرئيس بشار
الاسد مجموعة من القيادات اللبنانية
السنية، اولها الرئيس الدكتور سليم
الحص، ثم الرئيس عمر كرامي، وبعدهما
كمال شاتيلا ومصطفى حمدان وعبد الرحيم
مراد. تزامنت تلك الاستقبالات مع اسئلة كثيرة
حول سياسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
كان ميقاتي قد هدد بالاستقالة في حال
أجبر لبنان على التصويت ضد القرار
الدولي حيال سوريا. المعلومات تؤكد ان
روسيا لعبت دوراً مركزياً مع دمشق بغية
دفع لبنان للامتناع وليس للمعارضة.
يقال ان السفير نواف سلام هدد هو الآخر
بالاستقالة. من عاد من دمشق مؤخراً، يشير الى ان
الرئيس الاسد مستمر على احتضانه
لميقاتي، ويقال إنه نصحه بالتواصل مع
الامير عبد العزيز في السعودية. وينقل زائر لبناني عن الاسد تأكيده ان
الاتصالات مع السعودية جيدة وان
العلاقة مع الملك عبدالله مستمرة ولم
تنقطع طيلة الازمة، لا بل ان العلاقة
مع الامير نايف بن عبد العزيز النائب
الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير
الداخلية جيدة خلافاً لما كان يشاع
سابقاً. وكان أمير قطر الشيخ حمد نفسه قد اتصل
بالاسد مهنئاً بعيد الفطر، وثمة من
يقول بان الاتصالات لم تنقطع رغم كل
المواقف القطرية ورغم دور «الجزيرة»،
وهذا ما نقله الضيف اللبناني عن الرئيس
السوري الذي اشار الى ان الموقف الافضل
يبقى للامارات العربية. ويبدو ان سفير
الامارات في لبنان يقول كلاماً
ايجابياً عن سوريا. لكن بعض اوساط
المعارضة تقول ان في الامر بعض
المغالاة. طنطاوي: الأسد رفيق سلاح وفي مصر يبدو الوضع اكثر لفتاً للانتباه،
فبالرغم من ان حركة الاخوان المسلمين
هناك اصدرت اكثر من بيان ناقد للوضع في
سوريا وشاجب للعنف، فان المجلس
العسكري يبقى في مكان آخر. تفيد
المعلومات بان المجلس الوطني
الانتقالي السوري طلب عقد لقاء له في
القاهرة. تقدمت وزارة الداخلية بطلب
رسمي الى المجلس العسكري، فكان الرد
سلبياً، واكتفى العسكريون المصريون
بمنح المعارضة السورية امكانية اجراء
لقاءات على الاراضي المصرية وليس عقد
مؤتمر حوار. وثمة من ينقل عن المشير
طنطاوي قوله: «ان الاسد رفيق سلاح،
وانه لا بد من الإبقاء على سوريا قوية».
هذا الكلام المصري له أبعاد استراتيجية،
ذلك ان اسرائيل تدرك ان مصر تعود شيئاً
فشيئاً لتشكل تهديداً، ويشعر
العسكريون المصريون بأن اللقاءات
التاريخية بين القاهرة ودمشق وبين
جيشي البلدين شكلت عبر الستينيات
والسبعينيات الحجر الاساس الاول
للمنطقة ولمواجهة اسرائيل. جنبلاط والثقة المفقودة اما بالنسبة لوليد جنبلاط فالوضع مختلف.
ثمة انعدام ثقة متزايد من قبل القيادة
السورية برئيس جبهة النضال، لكن رغبة
احتواء الرجل لا تزال قائمة وأنيط وضعه
ب«حزب الله». وقد ساهم لقاء جنبلاط مع قناة «المنار»
قبل ايام قليلة في تأجيج الشكوك
السورية حياله، ومفاد الشكوك ان حقيقة
المواقف الجنبلاطية تصبّ في خانة
معاداة النظام حتى ولو انه سعى الى
تنميق ذلك بشجب قتل عسكريين او الى طرح
ما يشبه المبادرة «التي يعرف هو نفسه
انها غير قابلة ليس للتطبيق فقط بل
وللترحيب ايضا». وربما في هذا الاطار،
لا يبدو مستغرباً افتتاح وئام وهاب
مستشفى الصحابي سلمان الفارسي في
الجبل قبل ايام. وقد عبر جنبلاط غير مرة عن قلقه من احتمال
تسليح دروز سوريا، وقال هذا الكلام
صراحة للقيادة السورية، ويبدو أن جواب
مسؤول سوري بارز على هذا القلق حمل
شيئاً من المزاح ومفاده: «ان القلق في
غير محله، ذلك ان الدروز تسلحوا منذ
فترة طويلة». اما على صعيد الاتهامات
السورية لأطراف لبنانية بتهريب السلاح
والمتفجرات، فإن الزيارة التي قام بها
احد القادة الامنيين اللبنانيين
البارزين لدمشق ولقاءه الرئيس الاسد
ساهم في تعزيز الاطمئنان السوري الى ان
لبنان سيستمر في منع تلك المحاولات وأن
ثمة خططاً توضع ويقترن ذلك بغض نظر
لبناني عن بعض العمليات السورية
الهادفة الى ملاحقة مهربي سلاح داخل
الاراضي اللبنانية او اعتقال متسللين. حمص القضية في موازاة كل ذلك، يبقى الوضعان الامني
والاقتصادي طاغيين على الاهتمام
السوري الداخلي. حمص تبقى القضية
الشائكة. المعلومات الراشحة منها توحي
بكثير من الانزلاقات المذهبية. يُحكى
عن قتل على الهوية. ويُحكى عن غيتوات
مذهبية، وعن مدارس مفصولة بين
الطائفتين العلوية والسنية، كما يُحكى
عن سلاح كثير ومحاولات لجعل المدينة
بنغازي جديدة. يبدو ان القرار المركزي
هو الانتهاء من هذا الوضع في أقرب فرصة
ممكنة. وهذه ستبقى اولوية قبل اي شي آخر.
اما الاصلاح السياسي والتحاور مع
المعارضة، فإن القيادة السورية لا ترى
على الاقل حتى الآن اي حاجة للتسرع في
ذلك، وتستمر في التقدم بخطواتها وفق ما
ترى ان فيه مصلحة لها. ================= قراءة "غير عدمية"
في موقف الجامعة العربية الجديد
تجاه سورية محمد فتوح موقع أخبار الشرق 17/10/2011 رغم الانتقادات الموجهة إلى دعوة الجامعة
العربية (في قرارها الأخير) النظام
السوري للحوار مع المعارضة، بعد رفض
اقتراح بتعليق عضوية سورية في
الجامعة، ورغم أن القرار بجملته لا
يلبي طموح السوريين لأنه لا يتضمن
إجراءات عملية مباشرة للضغط على
النظام السوري، بل ولا يتماشى مع الحد
الأدنى من الفعل المطلوب مقابل شلالات
الدماء المستمرة في سورية على مدى أكثر
من سبعة أشهر، فإنه لا بد من النظر إلى
النقاط التالية في قرار الجامعة
العربية بنوع من الايجابية، أو الأصح
بعين فاحصة تقرأ ما وراء الكلمات: أولاً: ما معنى أن يدعو القرار العربي
لحوار في مقر الجامعة العربية؟ يعني
هذا أن الجامعة تقول إن الحوار لا يمكن
ان يكون داخل سورية في ظل الظروف
الراهنة، وبالتالي لا يمكن أن يكون
النظام راعياً لأي حوار من هذا القبيل.
وهذا يعني في المحصلة أن الدول العربية
(لنقل الغالبية منها) ترسل رسالة
مفادها أن النظام ليس موضع ثقة. بل في
ذلك أيضاً توجيه للسهام، وإن بشكل غير
مباشر، نحو قضية شرعية النظام وسيطرته
على الأمور في سورية. كما يظهر هنا أن ادعاء النظام بأن ما يجري
في سورية قضية داخلية لا محل له من
الإعراب في ظل التوجهات العربية
الجديدة، وبالتالي لا بد أن يجري كل
شيء برعاية خارجية (الجامعة العربية)
وتحت نظر "الوسطاء" العرب إذا كان
النظام السوري جاداً في إيجاد حل يقبل
به السوريون، والحل بالتأكيد برحيل
النظام بالكامل. والأكثر من ذلك، أن الجامعة العربية
تحاول في إطار موقفها هذا؛ أن تهمس في
أذن النظام لتقول له: "لسنا مقتنعين
بإصلاحاتك ولا يمكن أن نقتنع بما تسميه
حواراً وطنياً تجريه الآن". أي تقول
له باختصار: "انت لم تقم حتى الآن سوى
بالقتل.. والقتل فقط". والواقع أن النظام السوري التقط هذه
النقطة سريعاً، وركز هجومه عليها رغم
اعتراضه بالمجمل على جلسة الوزراء
العرب وربط توقيتها بالساعة الأمريكية. ثانياً: الجامعة العربية دعت في قرارها
للحوار بين جميع الأطراف السورية. وفي
هذا رفض لموقف النظام السوري في فصل
السوريين في الخارج عن السوريين في
الداخل. كما أن هذا اعتراف ضمني من
الجامعة العربية بالمجلس الوطني
السوري. فالدول العربية بهذا النص لا
تقبل بالحديث عن معارضة وطنية (حسب
مقاييس النظام) وأخرى غير وطنية. وهي
بدعوتها للحوار تحت رعاية الجامعة
تعني أن المعارضة السورية في الداخل
والخارج لها الحق في المشاركة في رسم
مستقبل سورية كغيرها من السوريين. وقد
بدأت ترجمة هذه المسألة عملياً
باستقبال الأمين العام للجامعة
العربية نبل العربي (بعد تأخير غير
مبرر) عضواً في المجلس الوطني السوري
وإبلاغه بأن هناك دولاً عربية تعارض
اتخاذ خطوات عقابية تجاه النظام
السوري في الوقت الحالي. وهذه خطوة غير
مألوفة كثيراً من الجامعة العربية في
التعامل مع المعارضات العربية. ثالثاً: ثم لننتبه جيداً أن العرب حددوا
مهلة زمنية للحوار الذي تحدثوا عنه
بأسبوعين، وهي مدة طويلة بالطبع
بالنسبة للسوريين بل هي قد تفسر على
أنها فرصة جديدة للنظام لكي "يجد
السير" في سعيه لإنهاء ثورة الشعب
السوري. لكن أيضاً من وجهة نظر تحليلية
إن تحديد مثل هذه المدة ربما للمرة
الأولى في قرارات الجامعة هي بمثابة
إنذار للنظام، وهي أيضاً تعني أن الدول
العربية ستعود لتجتمع مرة أخرى لتشديد
الإجراءات بعد انتهاء هذه المهلة التي
ستكون نهايتها بمثابة العذر المحلل
لأي إجراء تصعيدي ضد النظام السوري قد
تلجأ إليه بعض الأطراف العربية، ليس
فقط داخل الجامعة العربية بل ربما داخل
الأمم المتحدة أيضاً. والواقع أن الدول العربية التي دفعت
باتجاه الحصول على الحد الأدنى في هذا
القرار؛ تدرك جيداً أن النظام السوري
سيرفض ويتعذر ليطلق مع نهاية المدة
وعوداً جديدة، أو سيلجأ إلى مناورات
لإضاعات الوقت مع استمرار القتل، وهنا
تأتي أهمية هذه الفقرة من قرار الجامعة
العربية. وبالطبع النظم يعتبر كل فترة
زمنية كفسحة اضافية له للإسراع في
القتل، لكن هذه المسألة قد تكون نقطة
مقتل النظام هذه المرة. ويجب رابعاً، أن ننتبه جيداً إلى أن
اللجنة المكلفة بالاتصال بالنظام
والمعارضة بسورية هي لجنة وزارية
برئاسة رئيس وزراء قطر ووزير
خارجيتها، أي أنها ليس برئاسة الأمين
العام للجامعة، وهذا تحول فيه نوع من
الجدية وفيه منحى جديد في التعامل
السياسي من جانب المجموعة العربية،
لأن الأمين العام لا يستطيع اتخاذ
إجراء وإنما يعرض توصيات فقط. وهذه
النقطة أثارت النظام السوري أيضاً
لأنه يعلم أنه ستكون هناك خطوات لاحقة
بناء على هذه المقدمات. أخيراً، لا ننسى أنه تم طرح مسألة تجميد
عضوية سورية في الجامعة العربية رداً
على اسمرار القتل ضد المدنيين، وقد حاز
الاقتراح على تأييد كبير بين الوزراء
العرب، لكن كما نعلم أن قرارات الجامعة
تتخذ بالإجماع وليس بالأغلبية. ولذلك،
إذا كنا سنحتج على موقف الجامعة
العربية، وهو مبرر بسبب التقاعس
العربي الواضح حتى الآن في العمل الجاد
لوقف القتل على يد النظام في سورية،
يجب ان نحدد الأطراف التي تعرقل اتخاذ
خطوات قوية، وهي الجزائر والسودان
واليمن والعراق. دعونا نركز على هذه
الأنظمة في انتقادانا ولنتجنب الهجوم
الشامل على جميع الأطراف وخصوصاً
الأمين العام للجامعة نبيل العربي.
طبعاً هذا ليس دفاعاً عنه بل هي محاولة
لتجنب تكثير الأعداء والسعي لكسب
الأصدقاء قدر الإمكان. وإذا كنا نستطيع أن نعرف سبب استمرار
الأنظمة في اليمن والسودان والجزائر
في دعمها للنظام السوري، فالأول تهتز
الأرض من تحته ويريد أن يؤخر سقوطه
بتأخير سقوط آخر والثاني يواجه مشكلات
مع محكمة الجنايات الدولية إضافة إلى
احتجاجات داخلية والثالث يتوقع انطلاق
انتفاضة ضده في أية لحظة بسبب عدم
الرضى الشعبي، فإنه مما يثير السخرية
أن رئيس الحكومة العراقية نوري
المالكي يتشدق بخوفه على سورية من
التدخل الأجنبي ويعبر عن خشيته من حرب
طائفية في سورية! يبدو أن المالكي الذي جاء على الدبابة
الأمريكية لم يستطع حتى الآن فهم الفرق
بين ما يجري في سورية وما جرى في العراق.
ففي سورية شعب ثائر ضد نظام ديكتاتوري
ويتعرض للذبح؛ ما دفعه لطلب حماية
دولية من الأمم المتحدة، ولم يطلب
دبابات أجنبية كتلك الأمريكية التي
جاء على ظهرها السيد المالكي إلى
السلطة في العراق قادماً (للمفارقة) من
بلد الصمود والممانعة الرافض (بالشعارات)
للتدخل الأجنبي، ومدعوماً من نظام آخر
يعلن صباح مساء عداءه لأمريكا ويطلب
الموت لها!!!! والمفارقة الأخرى أن
النظام السوري الذي صدّع رؤوسنا
بحديثه عن الاحتلال الأمريكي في
العراق والحكومة العراقية المدعومة من
الأمريكيين؛ هو الآن لا يجد بداً من
الحصول على دعم هذه الحكومة، وهي
بالأحرى من بين الحكومات التي تعد على
أصابع اليد التي ما زالت تدعم النظام
السوري. طبعاً مفتاح كل هذا هو في
طهران، ولكن هذا ليس موضوعنا هنا. __________ محمد فتوح: إعلامي سوري - لندن =============== أميركا: قيادة التغيير
مهمة السوريين سركيس نعوم النهار 20-10-2011 الادارة الاميركية لا تخفي موقفها
الايجابي من "حركة الاحتجاج الشعبي"
في سوريا ضد نظام الاسد. ولا تخفي
موقفها السلبي من هذا النظام. ورغم ذلك
يبقى مفيداً نقل انطباعات
الديبلوماسيين الاميركيين الذين
يتعاطون مباشرة مع الاوضاع السورية عن
تطوراتها وعن الاتجاهات المحتملة
لتطورها، وكذلك عن الاقتراحات التي
يرون ان تطبيقها ضروري لتنفيذ اصلاح
فعلي ولتجنّب حرب اهلية. وما قاله في
هذا الشأن سفير اميركا في سوريا روبيرت
فورد، امام حلقة ضيقة من الباحثين
والمهتمين في مركز ابحاث مهم هو ال"واشنطن
انستتيوت" يلقي كثيراً من الضوء على
نظرة الاميركيين إلى ما يجري في سوريا
وكيف سيتطوّر وكذلك على دورهم في هذا
الموضوع. اكد فورد بداية ان "الاحتجاج الشعبي"
السوري لا يزال واسعاً، ولا تزال
سلميته غالبة، رغم تنامي نسبة العنف في
عدد من المناطق. واشار الى ان "لجان
التنسيق المحلية" تحاول المحافظة
على سلمية التظاهرات، لكنها بدأت
تواجَه بدعوات شعبية متصاعدة لاستعمال
العنف بعدما بلغ القمع الرسمي حداً لا
يطاق. ثم اعرب عن اعتقاده ان القيادات
الاساسية للمعارضة ول"اللجان"
المذكورة ترفض التدخل العسكري الخارجي
في بلادها وتفضّل عليه مراقبين دوليين.
الا ان ذلك لا يمنعها من الشعور بالقلق
او بالخوف من دخول سوريا حرباً اهلية
اذا بدا للغالبية الشعبية المحتجة ان
القمع السوري سيبلغ الذروة، وسيفوق
قدراتهم "السياسية" والقدرات
العنفية ل"المنشقين". وفي هذا
المجال لفت فورد الى وجود خوف من "التغيير"
عند الاقليات السورية وخصوصاً بعد
الذي جرى في العراق. طبعاً لم يعتبر
السفير الاميركي في دمشق الحرب
الاهلية في سوريا حتمية، ذلك ان جهات
عدة تنتمي الى الاقليات بما فيها
العلوية اصدرت بيانات اكدت فيها ان
نظام الاسد لا يحظى بدعمها. كيف يؤثر الوضع الاقتصادي على تطور
الاوضاع في سوريا؟ عن ذلك تحدث فورد فقال ان استمرار "الاحتجاج
الشعبي" وتفاقمه سيزيدان المعاناة
الاقتصادية وسيدفعان المزيد من
السوريين الى إعادة النظر في مواقفهم.
واشار الى نمو عدم الرضى عند طبقة
التجار السنّة الذين يشكلون حتى الآن
احد اهم اعمدة نظام الاسد. وتشمل
المعاناة اصحاب "المحلات"
والمؤسسات الكبيرة. وتوقَّع صندوق
النقد الدولي تقلصاً اقتصادياً في
السنة الجارية بنسبة 2 في المئة. وقد
يدفع ذلك "العائلات الأعمالية"
الى اعادة التفكير بعلاقاتها الوثيقة
بالنظام السوري وخصوصاً بعدما تضمنت
اسماء منها. طبعاً، يلفت السفير
الاميركي، تقوم ايران ومنذ بدء "الاحتجاج
الشعبي" بدور ضار بل مميت في سوريا.
إذ انها تُقدّم الى النظام فيها، الى
الدعم السياسي، "التكنيك" لقمع
الانتفاضات الشعبية ولضبط الإعلام
ولممارسة الرقابة على الانترنيت. حتى
انها زودته معدات تسهّل قيامه بعمليات
القمع. وسط كل ذلك، يقول السفير الاميركي في دمشق
بتصاعد الضغط الدولي على سوريا النظام.
وقد عبّرت روسيا والصين، بعد
ممارستهما "الفيتو" اخيراً ضد
مشروع يدينه في مجلس الامن، عن موقف
مهم هو ان صبرها حيال بشار الاسد ليس
غير محدود. ومع الوقت وفي ضوء استمرار
الاسد في المماطلة اصلاحياً فان موسكو
وبيجينغ لن يكون في مقدورهما
الاستمرار في دعمه او تغطيته. انطلاقاً من ذلك ما هي الاقتراحات
الاميركية لمعالجة اوضاع سوريا
وتطوراتها او لمواكبتها؟ اولاً، الاعتراف بأن الاصلاح الاسمي او
الشكلي فيها لن يمشي. وثانياً، ضرورة
استمرار سلمية التحرّك الشعبي السوري
رغم القمع المنهجي والعنيف، لأن ذلك
وحده يكتّل العالم ضد الاسد، لا
الامكانات العسكرية القليلة عند
المحتجين. وثالثاً، نشر بعثة تقصّي
حقائق داخل سوريا تابعة للامم المتحدة.
ورابعاً، وجود إعلام دولي كثيف وحرّ
التحرك داخل سوريا. وخامساً، تشجيع
المعارضة السورية على الوحدة، وعلى
وضع تصوّر واضح وثابت لمستقبل سوريا.
وسادساً، اقامة نوع من الاتصال الجدي
بين الشركاء الدوليين (اميركا – اتحاد
اوروبي – جامعة عربية – خليج – تركيا)
بغية ممارسة ضغط فاعل وجدي سياسي
واقتصادي على سوريا الاسد. في اختصار، يختم فورد أمام مركز الابحاث
العريق نفسه، بأن على اميركا متابعة
التحرّك المتعدد لابلاغ الاسد رسالة
ان المجتمع الدولي يراقب ما يقوم به ضد
شعبه ويهتم له. وبأن على السوريين
وحدهم ان يقودوا معركة التغيير رغم
البطء الذي يفرضه ذلك. ================= صالح القلاب الرأي الاردنية 20-10-2011 حتى لو بقيت تركيا تحرص على شعرة معاوية
مع إيران إنْ بسبب التحالف والتعاون ضد
حزب العمال الكردستاني التركي
وعملياته التي تصاعدت في الآونة
الأخيرة عبر الحدود التركية مع العراق
ربما بتشجيع بل وتنسيق مع دمشق وبسبب
المنافع الاقتصادية المتبادلة فإن رجب
طيب أردوغان سيجد نفسه مجبراً على قطع
هذه الشعرة ,التي يكرهها الإيرانيون
ويكرهون صاحبها وحتى لا يعترفون
بخلافته على المسلمين, والتصدي
للأطماع الإيرانية الزاحفة نحو
المنطقة. قبل أيام أطلق قائد حراس الثورة
الإيرانية الجنرال محمد علي الجعفري
تهديدات مباشرة لتركيا إن هي تمادت في
الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد وكان
السيد علي خامنئي قد أطلق مثل هذه
التهديدات ولكن بلغة أقل فجاجة وخشونة
وهذا كان فعله محمود أحمدي نجاد
ومسؤولون آخرون فإيران كما هو معروف
كانت قد تمادت في التدخل في الشؤون
السورية الداخلية منذ لحظة انفجار هذه
الانتفاضة في الخامس عشر من آذار (مارس)
الماضي وهنا فإن الأسباب معروفة
وأهمها أن الإيرانيين يعرفون أن زوال
هذا النظام السوري سيؤدي إلى نسف كل
رؤوس جسور نفوذهم في الشرق الأوسط
وسيفشل مخططهم الذي بات واضحاً
ومعروفاً للسيطرة بالنفوذ وليس
بالاحتلال على المنطقة العربية كلها
من البحرين في الشرق حتى أصيلة في
الغرب. إنها ليست عثمانية جديدة ,كما يقول
المدافعون عن هذا النظام السوري الذي
تعود ارتباطاتهم به لسنوات سابقة, ولكن
تركيا ,التي اكتفت من الغنيمة بالإياب
بعد سعي دؤوب تكلل بالفشل للانضمام
سابقاً إلى السوق الأوروبية المشتركة
ولاحقاً إلى الاتحاد الأوروبي, وجدت
أنه لا بد من تغيير توجهها من الغرب إلى
الجنوب وأن مجالها الحيوي الاقتصادي
والسياسي أيضاً ,إذا شاء البعض, هو
المنطقة العربية وهذا يجعل تصادمها مع
إيران التي تريد الانفراد بهذه
المنطقة حتمياً ويجعل رجب طيب أردوغان
مجبراً على إعادة النظر بكل أوراقه
السابقة. يوم الاثنين الماضي أقدمت تركيا على خطوة
بالغة الخطورة تمثلت في استقبال وزير
خارجيتها أحمد داود أوغلو وفي العاصمة
أنقرة وفداً من المجلس الوطني السوري
الذي يضم معظم فصائل وقوى المعارضة
ولهذا ولأن دمشق ومعها طهران يعتبران
أن هذه الخطوة سيتلوها اعتراف تركي
رسمي بهذا المجلس كبديل للنظام السوري
كله فإن المنتظر أن يحتدم الصراع على
سوريا بين الأتراك الذين يرون أنهم
الأحق بهذا البلد المجاور والإيرانيين
الذين يرون أن إخراجهم من سوريا هو
بداية انهيار رؤوس جسور نفوذهم في
لبنان والعراق وفلسطين والسودان
واليمن. منذ انفجار انتفاضة الشعب السوري قبل
سبعة شهور بقي الصراع الإيراني-التركي
يحافظ على مجرد المشاحنات الاحتكاكية
أما وقد وصلت الأمور إلى هذه الحدود
باتساع رقعة الانشقاقات في الجيش
السوري وبالبدء باستخدام السلاح على
جبهات كثيرة وباحتمال ذهاب البلاد في
ضوء هذا كله إلى الحرب الأهلية فإن
أغلب الظن بل المؤكد أن هذا الصراع
سيتخذ المواجهة العسكرية وبخاصة إذا
تمادى نظام الرئيس بشار الأسد في
استخدام ورقة حزب العمال التركي
الكردستاني والسماح له بالقيام
بعمليات عسكرية عبر الحدود السورية-التركية
وفتح مكاتب له في العاصمة دمشق على
غرار ما كان قبل إبرام صفقة تسليم زعيم
هذا الحزب عبد الله أوجلان المعروفة في
عام 1998. وكل هذا يعني أنه علينا هنا في الأردن
كمعارضة وحكومة أن نتعامل مع
مشاحناتنا الجانبية التي كلها مفتعلة
وغير ضرورية بحذر شديد فالمنطقة باتت
تعيش حالة غليان غير مسبوقة والأوضاع
في هذه المنطقة غدت تُنذر بانفجارات
عسكرية إن هي حدثت فإن شررها سيطالنا
لا محالة ولهذا وبدل الاستغراق في ترف
المناكفات العدمية فإنه علينا جميعاً
أن نضع في حسباننا أنه ذات يوم قريب قد
نصحو على انفجار مواجهة عسكرية إن بين
إيران وتركيا أو بين تركيا وأميركا أو
بين إسرائيل وحزب الله.. والله يُسْتر!!. ================= محمد خرّوب الرأي الاردنية 20-10-2011 تبدو الدبلوماسية الروسية نشطة على خطوط
المعارضات العربية, في الوقت الذي
تحتفظ فيه بعلاقات وثيقة مع تلك
الانظمة, التي بدأت تقيم مع «مُعارَضَاتها»
علاقات, هي أبعد من وساطة وأقل من تبن,
في مسعى تشوبه الضبابية في شأن الخطوة
التي ستلي مثل هذا الاحتضان, الذي لا
يرقى الى مرتبة العناق, لكنه يستبطن
رسائل عديدة وفي اكثر من اتجاه, لعل
ابرزها هو قطع الطريق على الدول
الغربية وخصوصاً واشنطن وباريس ولندن,
حيث تُبدي العواصم الاخيرة نفاقاً
لافتاً وحماسة مفتعلة, على نحو تريد أن
تظهر فيه وكأنها تدعم حركات الاحتجاج
العربية والثورات, التي لم تُسارع الى
تلوينها على الطريقة الشرق أوروبية
حيث البرتقالية والوردية, وبخاصة بعد
ما أَسمى بعضهم الثورة التونسية بثورة
الياسمين والمصرية بثورة اللوتس, ثم
عادت الامور الى وضعها الطبيعي, فهي
ثورات شعبية أنيقة وراقية وسلمية عكست
ارادة التوانسة والمصريين في كنس
النظامين الفاسدين المستبدين, وفتحت
افاقاً جديدة أمام الشعوب العربية كي
تُبعد عنها عوامل اليأس والاحباط
وخصوصاً الخوف الذي زرعته في نفوسهم
اجهزة الانظمة البوليسية, ودفعتهم نحو
مربع الفقر والبطالة والاغتراب عن
مجتمعاتهم واللهاث خلف لقمة العيش, بكل
ما يشكّل هذا البحث من ضنك واذلال
وتوسل أُعطيات المسؤولين وترقب عطفهم
وأبويتهم المصطنعة. ما علينا.. موسكو منفتحة على المعارضات العربية ليس
فقط تلك التي سطعت اسماؤها بعد الربيع
العربي وبخاصة السورية واليمنية منها،
وانما ايضاً حركات المقاومة في فلسطين
ولبنان المندرجة في التصنيف الاميركي
كمنظمات ارهابية مثل حماس وحزب الله. واذا كانت علاقاتها مع حماس معروفة منذ ان
استضافت (سابقاً وعلى الدوام) قادتها
في حوارات مفتوحة انطوت على رسائل
عديدة لواشنطن وتل ابيب فان وجود وفد «برلماني»
من حزب الله في العاصمة الروسية برئاسة
العضو القيادي البارز النائب محمد رعد,
وفي هذا التوقيت بالذات وبخاصة انها
المرة الاولى التي تستضيف وفدا كهذا
منذ ان ظهر حزب الله في مقدمة المشهد
اللبناني قبل ثلاثة عقود تقريبا، تعني
(الاستضافة) ان الدبلوماسية الروسية قد
اتخذت لنفسها استراتيجية مغايرة عن
تلك التي واصلت انتهاجها قبل هبوب «رياح»
الربيع العربي والازمات المتعددة
الاوجه والمجالات التي تعصف بالولايات
المتحدة والاتحاد الاوروبي وخصوصا تلك
الاقتصادية والمالية وتداعيات ازمة
الديون التي تهدد بانهيار منطقة
اليورو او بروز صيغة جديدة لا تُبدي
المانيا وفرنسا حماسة لها في الوقت
الراهن, رغم ان الاحتمالات ما تزال
قائمة لخروج ازمة الديون في اليونان
واسبانيا وايطاليا عن نطاق السيطرة ما
يفرض أزمات او جراحات ذات اكلاف عالية. ما يظهر في الحراك الروسي هو البعد
السياسي, الذي ربما يكون فلاديمير
بوتين, بمن هو المرشح الرسمي الوحيد عن
اكبر حزب في الفيدرالية الروسية (روسيا
الموحدة), قد تولاه شخصياً, بعد أن أبدى
مدفيديف تفهُماً بل ودعماً للمنطق
الغربي في التعاطي مع الاحداث الليبية,
التي خرجت فيها موسكو اكبر الخاسرين
ورأينا كيف انتقد الرئيس مدفيديف
تصريحات بوتين التي وصف فيها الحملة
العسكرية الغربية (ولاحقاً الاطلسية)
بانها تشبه الحروب الصليبية. وحتى لا يذهب المرء بعيداً في البناء أو
رفع سقف التوقعات كثيراً على تحرك روسي
كهذا, فإن المعارضتين السورية
واليمنية لا تُبديان حماسة في التعاطي
مع الدعوة الروسية بل وتذهب بعض
اجنحتها الى التشكيك في نوايا موسكو
وتتهمها بالازدواجية, فهي تدعم نظامي
دمشق وصنعاء وتحول دون ادانتهما في
مجلس الامن, في الوقت نفسه التي «تُغازل»
فيه المعارضات وتدعوها للحوار مع
النظامين بل وتُبدي استعداداً لرعاية
«حوارات» كهذه. موسكو تدرك هي الاخرى (بالمقابل) تعقيدات
المشهد العربي ولا تساورها اية اوهام
بأن المعارضات هذه (اقصد السياسية وليس
المقاومة) قد اختارت التحالف مع الغرب
حتى لو ابدت موسكو حياداً او سمحت
بتمرير قرارات ادانة ضد دمشق وصنعاء
لكنها (موسكو) لا تريد تبديد ما تبقى من
ارصدتها التي تم استنزافها في اكثر من
«ساحة» عربية قبل الربيع العربي وبعده,
ما بالك وأن اميركا خصوصاً تعيش
اوضاعاً صعبة وانحساراً في الدور
والنفوذ والقوة ما يدعو روسيا الى
الابقاء على يقظتها وحراكها
واتصالاتها وخصوصاً علاقاتها, فاترة
أو ساخنة, الى حين بروز ميزان قوى
اقليمي جديد او انهيارات في المعادلات
القائمة. ================= الحالة الكردية بعد
اغتيال مشعل التمو الخميس, 20 أكتوبر 2011 جهاد صالح * الحياة في نيسان (ابريل) 2005 كان الدكتور الشيخ
محمد معشوق الخزنوي يخطب في الجماهير
الكردية بغضب وحزن بسبب تصفية مخابرات
نظام الأسد الشاب فرهاد صبري الذي دفع
حياته تحت التعذيب لرفضه سياسات البعث
في حق الشعب الكردي في سورية. الشيخ
وجّه رسالة الى النظام السوري رافضاً
كل سياسات التمييز العنصرية بحق شعبه
الكردي، وقال إنه لن يسكت بعد اليوم عن
الظلم، رافضاً مراسيم القصر الجمهوري،
مؤكداً أنّ المراسيم هي مراسيم الشعب
حين يقرر أن يكون حراً. بعد هذا الخطاب
وعلى أثر مواقف الشيخ الثورية وفكره
النيّر لأجل الحريات وحقوق الانسان،
تحوّل الى شهيد على يد المخابرات. وهو
كان رقماً من القائمة، إذ كانت الأجهزة
الأمنية قد أعلنت أنها ستقتل كل زعيم
كردي يفكر بالثورة في وجه الاستبداد. فضباط الأمن كانوا يومها يوجّهون انذارات
بالقتل الى كثير من الزعماء الكرد
الشجعان، وكان منهم حسن صالح ومشعل
التمو ومصطفى جمعة. لقد استشهد التمو بعد مخاضات ثورية خاضها
وبعد مواقفه الشجاعة تجاه القضية
الكردية، ومسألة الحريات في سورية،
ودوره كناشط متميز في إدارة الحراك
الكردي وتوجيه الخطاب الكردي الوطني
في طريق وطنية من دون رتوش وتنازلات عن
الحقوق القومية الكردية ضمن مشروع
الدولة المدنية التعددية التشاركية،
ولكونه قيادياً من أعضاء المجلس
الوطني السوري ومشاركته في جلساته عبر
السكايب. واغتيال هذا القيادي الكردي وضع الحراك
الكردي بمؤسساته السياسية والشعبية
أمام خيار واحد، وهو مواجهة النظام
وإسقاطه كخلاص للكردي من عقود طويلة من
الظلم والعنصرية وعمليات القتل
والتعذيب في المعتقلات والسجون وأثناء
التظاهرات. لكن الصوت الشعبي الكردي
كان أقوى من بيان التنديد الذي أصدرته
الحركة الكردية والذي جاء يتيماً فلم
يتهم النظام بقتل الزعيم التمو. هكذا
ما كان من رفاق الشهيد في حزبي يكيتي –
آزادي، إلى أن أصدروا بياناً قوياً
دانوا فيه عملية الاغتيال متهمين
النظام وأجهزته، ومؤكدين النضال
السلمي وثورة الحرية حتى إسقاطه. لقد كانت للكُرد مشاركة حيوية في الثورة
منذ انطلاقتها، لكن اليوم تغير المشهد
باغتيال أحد قادتهم، وسيكون للمكوّن
الكردي في الثورة السورية لغة ثورية
خاصة، يدركها النظام منذ الانتفاضة
الكردية عام 2004، بخاصة اننا شهدنا سقوط
شهداء كُرد أثناء تشييع الشهيد. وكان
المئة ألف كردي الذين خرجوا غضباً وراء
جنازة شهيدهم مفاجأة للنظام وكسراً
لسياسته في محاولة فصلهم عن جسد ثورة
الحرية وإبقائهم على الحياد، ضمن
مشروع التقسيم الطائفي وتشتيت
المعارضة داخلياً وخارجياً، وتشويه
هوية الثورة السورية الديموقراطية
المدنية. والغضب الكردي إنما زاد عنفوانه بعد
الإدانات الدولية من البيت الأبيض
والاتحاد الأوروبي، واعتصام واقتحام
الشباب الكردي سفارات نظام الأسد في
بروكسل وبرلين وسويسرا والنمسا
وواشنطن، معلنين ثورة كردية شاملة
تزيد من حيوية الثورة الوطنية السورية. فهم لا يمكنهم التهاون هذه المرة مع
جلاّديهم، بخاصة أنّ هتافات إسقاط
النظام وطلب الحماية الدولية باتت
هاجساً يومياً للكردي، وملاذاً له.
فاغتيال الزعيم مشعل التمو، وهو أحد
قادة الثورة السورية، زاد من وحدة
السوريين وأعاد للكرد اعتبارهم
ومكانهم داخل الحياة السورية بعد رفع
العلم الكردي في حمص وحوران وحماه
وأدلب، وترديدهم شعارات باللغة
الكردية. واليوم أصبح الكردي في أقاصي
الشمال السوري قلباً لثورة الحرية
السورية. * كاتب كردي سوري ================= «أنصار» النظام في
سورية ... كيف هي أحوالهم؟ الخميس, 20 أكتوبر 2011 عبدالوهاب بدرخان * الحياة غصّت ساحة السبع بحرات الدمشقية، قبل
اسبوع، بتظاهرة مليونية تأييداً
للنظام. لم يشك أحد يوماً أن للنظام
شارعه، وأن للرئيس محبّين، وأن هناك
شرائح اجتماعية متخوّفة من التغيير أو
غير متأكدة بأنه سيحفظ لها مصالحها...
لكن «تأييد» النظام الحالي في ماذا؟
يصعب الاعتقاد بأنه تحبيذ لفظاعات
أجهزة الأمن و «الشبيحة»، ولاستباحة
المدن والبلدات، ولانتهاك الحرمات
واقتحام البيوت والمدارس والجوامع،
ولقتل الأطفال والفتية، ولخطف العجائز
رجالاً ونساءً وتعذيبهم وإهانتهم
لإجبار أبنائهم وبناتهم على تسليم
أنفسهم، علماً بأن هؤلاء لم يقتلوا ولم
يعتدوا على أحد... بلى، يصعب الاعتقاد
بأن جميع «المؤيدين» خرجوا وتظاهروا
وهتفوا، وهذا حقهم، من أجل كل ذلك، ولا
حتى من أجل بقاء البلد في كنف الحزب
الواحد، أو إعلاءً لقيم «الممانعة» و «المقاومة»
وتصدياً ل «المؤامرة» الخارجية. واذا
كان بينهم من هم مطلَقو التأييد للنظام
وجاؤوا بخيارهم الحرّ، فإن الآخرين
جاؤوا تفادياً لمضايقات لاحقة. ولا
داعي للتفصيل في الأساليب المستخدمة
لجلب الحشود، فهي هي في دمشق أو صنعاء،
أو في طرابلس الى أسابيع خلت. مشكلة الموالين للنظام أنهم لا يتمتعون
بأي امتياز عن معارضيه، فهؤلاء وأولئك
متساوون في كونهم كمّاً لا قيمة ولا
رأي له في تصوّر مستقبل البلاد. واذا
كان المعارضون كسروا حاجز الخوف
واستحقوا الموت، فإن الموالين لزموا
الخوف والصمت لكنهم باتوا مشتبهاً
فيهم، ففي الشهور الأولى كان النظام
يعتبر خطأً أن «الأكثرية الصامتة» معه
قلباً وقالباً، إلا أن صمتها دفعه الى
الارتياب، فهو لا يزال متيقناً من
القالب، أما القلب فمسألة لا يستطيع
التحكم بها. ولعله أدرك أن غير
المشاركين فعلياً في الانتفاضة لا
يزالون غير مقتنعين بجدواها وقدراتها،
لكن توقعاتهم بأن تخمد ما لبثت أن
تضاءلت. لذا تعددت أخيراً فنون الترهيب
المتأرجح بين نعومة وفظاظة لاختبار
هذه الأكثرية وتحذيرها، تحديداً في
دمشق وحلب المعتبرتين معقلَي النظام
ورمز قوته الشعبية. مع تكاثر أعداد المغادرين الى لبنان
والاردن وتركيا وعواصم الخليج وأوروبا
لمعاينة الوضع من الخارج واستشراف
امكانات الهجرة الموقتة أو الدائمة،
وكذلك مع بداية استشعار العقوبات
المصرفية محلياً وجمود الأسواق واتجاه
الاقتصاد نحو ركود وانهيار، وجد
النظام أن التململ الفردي الخافت في
أوساط التجار وأصحاب الأعمال بدأ
يُسمع أكثر فأكثر في اللقاءات الخاصة
كما في المداولات الاعتيادية لغُرف
التجارة والصناعة. هناك مؤسسات صغيرة
ومتوسطة تجتهد لتأمين بقائها بتفاهمات
تقشفية مع العاملين فيها، وأخرى ترتضي
منذ شهور الاستمرار لقاء تحصيل
أكلافها من دون أرباح، لكن المؤسسات
التي اضطرت للاقفال تزداد يوماً بعد
يوم. ورغم أن التململ لم -وربما لن– يتخذ طابع
الاحتجاج العلني إلا أن العديد ممن
صرحوا أمام نظرائهم بأنهم مقبلون على
قرارات صعبة، جرى استدعاؤهم الى مراكز
أمنية للمساءلة والتهديد. غير أن آخرين
تعرضوا لمضايقات شتى، لا بسبب أعمالهم
وإنما استباقاً لتغيير محتمل في
سلوكياتهم وآرائهم السياسية، فهذا شخص
توقف بسيارته عند حاجز وطُلب منه فتح
الصندوق الخلفي للتفتيش، ثم مضى في
سبيله فتوقف عند حاجز آخر غير بعيد
واكتشف التفتيش أن ثمة أسلحة استقرّت
في الصندوق، وبعد توقيف وسجن فاستجواب
فاتهام، اضطر ذووه للتوسط مع
المتنفذين الذين أوقعوا به، فأخلي
سبيله بداعي أن «خطأ» قد حصل. وهذا آخر
يُستدعى لأن تقارير أفادت أنه
وأصدقاءه يشتمون النظام ورموزه على
صفحته في «الفايسبوك» أو في تغريداتهم
على «تويتر»، ورغم إفادته أنه غير مسجل
أصلاً في هذا التواصل الاجتماعي،
عُنّف وأنّب لرفضه الاعتراف بالذنب ثم
احتجز لفترة قبل أن يطلق لأن التحريات
بيّنت وجود «خطأ». تتعدد النماذج
وتتكرر «الأخطاء» والهدف واحد، وهو
بعث رسائل الترهيب لمن هم خارج
الانتفاضة ويفترض أنهم من أنصار
النظام. شيئاً فشيئاً تتحوّل هذه الأكثرية من
صامتة الى مرعوبة، ومنذ عشية ولادة
المجلس الوطني السوري تكثفت الرقابة
على الموالين المشكوك بهم لسبب أو بلا
سبب، فالنظام يعرف أنه بات مكشوفاً
أمام هؤلاء لأنه خذلهم، والواقع أنه لم
يرَ فيهم سوى أصحاب رساميل، أي «جبناء»،
ولا يشكلون أي خطر عليه. كان معظمهم،
ولا سيما المستثمرين الجدد من الذين لم
يعرفوا في حياتهم نظاماً آخر،
وبالتالي صوّرت لهم نشأتهم وظروفهم -وبعضهم
جاء من الهجرة- أنّ ما يسمى استقراراً
هو ما يرونه بعيونهم، ثم أنهم صدّقوا «المعجزة
الاقتصادية» التي بشّر بها الرئيس. لكن
الأعوام العشرة المنصرمة حملت اليهم
بعض الانفراجات مقابل الكثير من خيبات
الأمل، اذ أضحت تلك «المعجزة» تعني أن
يتوزّع أبناء النظام، وبالأخص ابن خال
الرئيس، كل أنشطة الاقتصاد استحواذاً
واحتكاراً، وأن ينبروا أيضاً الى
التدخل بأشكال شتى في أعمال الآخرين،
فتكاثرت فرائسهم وضحاياهم حتى باتت «المعجزة»
أشبه بمغامرة في أدغال «شبيحة» المال
والأعمال. يعرف السوريون جميعاً نظامهم من خلال
البطش والقمع والتنكيل التي عانوها
ويعانونها، لكن الموالين يعرفونه أكثر
بفعل اختلاطهم بشخوصه اجتماعياً،
ويعترف العديد من هؤلاء بأنهم رُوّعوا
بما سمعوه منهم مباشرة، فأن تكون
موالياً وغير معني بالانتفاضة شيء،
وأن تتلمس النفسية الإجرامية عن كثب
شيء آخر، وأن تؤيد حكماً سمح لك بتحقيق
بعض المصالح لا يعني أن تستحسن من يقول
«ولا بمليون قتيل يستطيعون إزاحتنا»،
أو «بلاها درعا، بلاها حمص، أين
المشكل؟». غير أن «معنويات» النظام،
كما عرفها أنصاره في بداية الانتفاضة،
صارت في الاسابيع الأخيرة أقل يقيناً،
مع تكرار الانشقاقات العسكرية، وحتى
استبعاد مَن كانوا الى الأمس من
القريبين الذين «عوقبوا» إما لأنهم لم
يفلحوا في ضبط المناطق التي ينتمون
اليها، أو لأن خيط التقارب مع هذه
الدولة أو تلك قد انقطع، أو لأن ثمة
عملية فرز دقيق فرضت نفسها بسبب ضغط
الأزمة وضرورة حصر النواة الصلبة
للنظام. وعندما اختار الرئيس إرسال
مستشارته، وليس وزير الخارجية، الى
موسكو للتفاوض على انقاذ النظام، كان
القريبون، لا البعيدون، مَن قالوا إن «هم»
(النظام) «يتعاملون مع المسألة على
أنها عائلية» ولا تخص «الدولة»، قبل أن
يسألوا «عن أي إصلاح يتكلمون؟». يتداول الموالون سيناريوات كثيرة
استخلصوها مما يسمعونه مباشرة من شخوص
النظام، لا يصدّقونها ولا يستبعدونها،
لكنها تعكس في رأيهم نهاية مرحلة أو
نهاية عهد، لذا يميلون الى أن النظام
صار مدركاً أن له مصلحة في إحداث
مفاجأة أو صدمة. كيف؟ يعتقدون أن «انقلاباً
تصحيحياً» سيحصل داخل النظام، وأن
الأمر يُدرس لأن الروس والايرانيين (وقبلهم
الأتراك) نصحوا بالتضحية ببعض الأعوان.
وليس من قبيل الصدفة أن يكرر عسكريون
فاعلون في أعمال العنف أمام موالين
للنظام اتهامات منصبّة على «الجويّة» (أي
جهاز الاستخبارات الجوية) بأنها هي
التي ترتكب «مخالفات» في تنفيذ «أوامر
الرئيس»، ولا ذكر لها في الإعلام، الذي
لا ينفك يتهم «الفرقة الرابعة». اذا
صحّ هذا السيناريو، ولا شيء مؤكداً،
فإنه سيأتي متأخراً جداً، لكنه ربما
يتيح للروس اطالة عمر سلبيتهم المخزية
في مجلس الأمن. ثم إن «الانقلاب» لا
يعني الانسحاب من الشارع، وهو التحدي
الأصعب. * كاتب وصحافي لبناني. ================= الاربعاء, 19 أكتوبر 2011 عبدالله إسكندر الحياة تشكو دعوات جامعة الدول العربية للسلطات
السورية إلى وقف القتل وبدء مسار سياسي
سلمي لحل الأزمة من عطب أساسي، هو عدم
قدرة دول الجامعة على التأثير في
القرار السوري الرسمي. وشجع فقدان هذه
القدرة دمشق على رفض هذه الدعوات
والتحفظ عنها أحياناً، والرد عليها
بازدراء أحياناً أخرى. ويمكن القول إن التأثير العربي، عبر
الجامعة، في دفع السلطات السورية إلى
تغيير نهجها في التعامل مع المعارضين
والمتظاهرين وبدء عملية إصلاحية
سلمية، شبه معدوم. وتدرك دمشق انعدام
هذا التأثير إلى حد أنها وصفت بياناً
سابقاً لمجلس الوزراء العرب بأنه «كأنه
لم يكن». هكذا تعتبر السلطات السورية
أن إجماعاً عربياً على خريطة طريق لحل
الأزمة يساوي صفراً. يذكر أن دولاً عربية توجهت إلى مجلس
الجامعة، بعدما فشلت منفردة في إقناع
السلطات السورية، عبر اتصالات مباشرة
أو دعوات علنية، بوقف القتل والعنف ضد
المتظاهرين. وفي موازاة ذلك، فشلت دول
ذات مصالح في الإقليم، خصوصا تركيا، في
كل مساعيها من أجل وضع حد لقتل
المتظاهرين. وعلى الصعيد الدولي، سجل مجلس الأمن
فشلاً مدوياً في إصدار بيان يطالب
بإنهاء القتل، بفعل الفيتو المزدوج
الروسي - الصيني. وحتى العقوبات
المنفردة من الولايات المتحدة
والاتحاد الأوروبي وحلفائهما، والتي
لا تظهر تأثيراتها الفعلية إلا على
المدى الطويل، لم تحمل السلطات
السورية على إعادة النظر في نهجها. إذن، لا تشعر دمشق أن كل هذه الضغوط
الخارجية، بما فيها العقوبات، تفرض
عليها أي تنازل في التعامل مع المحتجين.
لا بل تتذرع بهذه الضغوط من أجل تبرير
نظريتها حول «المؤامرة» ونهجها في
التصدي ل «العصابات المسلحة». وتطبق السلطات السورية هذه النظرية على
المستوى الداخلي. بما يبرر لها، إزاء
نفسها، استخدام أقصى العنف ضد
المتظاهرين والمحتجين المدنيين في
شوارع البلاد، واستهداف ناشطين
بالاعتقال والقتل. وبمقدار ما يظهر
المحتجون إصراراً على التعبير عن
رفضهم لهذه السلطات، تمعن آلة القتل
بملاحقتهم، إلى حد أن اعتقال وقتل
العشرات من المعارضين بات روتيناً
يومياً، يفلت من أي عقاب. أما الحديث عن انشقاقات في صفوف عسكريين،
فهي لا تعدو كونها حالات فردية لفرار
من الجندية. وبغض النظر عن المشاعر التي تدفع عسكريين
إلى الانشقاق، لا تشكل هذه الظاهرة أي
تهديد لآلة القتل السورية ولا للسلطات.
فمن المعروف أن أي انشقاق جدي هو
انشقاق وحدات بأسلحتها، وأن تكون هذه
الوحدات قادرة على فرض سيطرتها على
منطقة معينة وقادرة على حمايتها. ومثل
هذا الأمر يبدو مستحيلاً في الجيش
السوري، لأسباب تتعلق بتركيبته
القيادية ومركز القرار فيه وفي وحدات
أسلحته المختلفة. ما يعني أن أي انشقاق
لن يكون أكثر من فرار، وأحياناً من دون
السلاح الفردي. ومع بيانات من «الجيش الحر» عن عمليات
ينفذها ضد الوحدات النظامية، فإنها
تبقى نوعاً من عمليات مجموعة مسلحة
وليست انشقاقاً عسكرياً قادراً على
الضغط على مركز القرار. فمثل هذا الضغط
لا يمكن أن يأتي إلا من وحدات كبيرة
ومسلحة قادرة على قلب ميزان القوى
الأمني. إذن، لا التحرك الخارجي، العربي والدولي،
تمكن حتى الآن من إيجاد ترجمة له في ضغط
مباشر على السلطات السورية. ولا التحرك
الداخلي، تظاهرات وانشقاقات عسكرية،
شكل تهديدا مباشرا لهذه السلطات
يحملها على تغيير نهجها. هذا على الاقل ما تراه السلطات السورية،
او ما تقدمه من تحليل، من اجل اعتبار
انها غير مكرهة على اي تنازل، وانها
تجاوزت مرحلة الخطر. لكن هذا الاعتبار الذي لا يؤدي الا الى
اطالة المواجهة مع المعارضة هو الذي
يوفر معطيات لتعديل نوعي لعناصر
الازمة، بما سيؤدي حكما الى تعديل في
طبيعة المواجهة وميزان القوى. ================= الخميس, 20 أكتوبر 2011 حسان حيدر الحياة كان واضحاً خلال الاجتماع الطارئ لوزراء
الخارجية العرب للبحث في الوضع السوري
ان نظام دمشق لم يعد يستطيع شق صفوف
الجامعة العربية مثلما فعل مراراً في
السابق، اذ لم تكن هناك «مطية» قومية
يعتليها، ولا «عدو صهيوني» يزايد به
على الآخرين. كان النظام نفسه في قفص
الاتهام، والتهمة الثابتة عليه انه
يقتل شعبه. اما المدافعون عنه، اي
شركاؤه في «معسكر الممانعة»، فمتورطون
في الجريمة نفسها، كل في ساحته: اليمن
والسودان والجزائر، اذا وضعنا جانباً
«الأسير» اللبناني. الديبلوماسية المصرية المتنورة حالت دون
تجميد عضوية سورية، وسحبت من يد دمشق
ورقة كان يمكن ان تتذرع بها لإثارة
الضجيج عن «النوايا» العربية ولاعلان
رفضها المطلق للقرار الذي حظي
بالإجماع، باستثناء التحفظ السوري
طبعاً. لكن ماذا حقق الاجتماع العربي، وهل تشكل
دعوة بشار الاسد الى الحوار مع
المعارضة حلاً للازمة، وهل يتوقع
استجابة نظامه لمهلة الخمسة عشر
يوماً، ام ان هناك مواقف اخرى قادمة
بالتدريج؟ الواقع ان الدول العربية قطعت خطوة
رئيسية، قد تليها خطوات سريعة على طريق
نزع الشرعية عن النظام السوري، عندما
وضعته على قدم المساواة مع المعارضة
المنتفضة منذ اكثر من ثمانية اشهر،
معتبرة بكلام آخر ان «الحوار» الذي
يدعي النظام اجراءه مع وجوه معارضة في
الداخل ليس صادقاً ولا يخرج عن كونه
وسيلة لتقطيع الوقت ريثما يكمل
محاولته لانهاء الانتفاضة بالقتل
والاعتقال. اما دعوة الطرفين الى اللقاء في مقر
الجامعة وتحت اشرافها فتعني ان العرب
باتوا يعتبرون الحكم السوري قاصراً عن
ان يجد وحده حلاً للازمة حتى لو قرر
الحوار فعلاً، وانه لا يمكن الثقة فيه،
ولذا لا بد من اشراف خارجي، عربي حتى
الآن، لإنجاح مثل هذا الحوار. ويدعو القرار العربي دمشق الى اجراء
اصلاحات عاجلة ووقف اعمال العنف
والقتل وانهاء المظاهر المسلحة
والتخلي عن المعادلة الأمنية، ويعتبر
مجلس الجامعة نفسه في حال انعقاد دائم
لمتابعة التطورات، أي انه يمهد عملياً
لاجراءات يمكن اتخاذها في ضوء رفض
الحكم السوري التجاوب مع مبادرته
ومواصلة حملته الدموية، وهو أمر متوقع. ومع ان المعارضة السورية تحفظت بدورها عن
القرار ورأت ان النظام غير مؤهل للدخول
في حوار يتناقض مع طبيعته، مطالبة
الجامعة باتخاذ مواقف اقوى والاعتراف
بالمجلس الوطني المشكل في اسطنبول،
فإن القرار العربي يمهد الطريق امام
تحول على مستوى دولي اوسع، حيث تتراخى
شيئاً فشيئاً حلقة الدعم التي يستند
اليها النظام في عناده المستميت. ولعل
الترحيب الروسي بجهود الجامعة يندرج
في اطار هذا التحول المتوقع، بعدما
كانت روسيا تعتبر حتى الآن ان المشكلة
هي بين النظام وبعض المعارضين، رافضة
اي تدخل خارجي حتى لو كان عربياً. يضاف
الى ذلك ما يتردد عن «مهلة» روسية
للأسد لإجراء اصلاحات تنتهي قريباً. اما الداعم الاساسي للحكم في سورية، اي
النظام الايراني، فمحاصر هو الآخر،
ومعرض لمزيد من العزلة، خصوصاً بعد
الكشف عن مخططه لاغتيال السفير
السعودي في واشنطن، والذي تبدأ محاكمة
المتهم الايراني بمحاولة اغتياله
الاسبوع المقبل، مع ما قد تكشفه عن
تورط قيادات رفيعة في طهران سيدفع دول
العالم الى فرض عقوبات جديدة عليها. ================= الخميس, 20 أكتوبر 2011 زهير قصيباتي الحياة في سورية جثث تنتحل شخصيات، في اليمن جثث
تُخطَف... مشهدان من مأساتين في الربيع
العربي، تُجمِع وقائعهما على أن عبور
الطريق إلى الفصل الأخير يبدو أشبه
بمعجزة، وكلما سقط مزيد من الشهداء بات
عسر التغيير أشد عسراً. سقطت قبائل اليمن في فخ النظام، ضخّت في
شرايينه ما يمكّنه من تمديد الصراع مع
الثوار، ولو قُتِل عشرات الأطفال، أو
دُمِّرت صنعاء. اكتملت عناصر الحرب
الأهلية، فيما تتوارى حظوظ المبادرة
الخليجية لمصلحة القتل والفوضى. وأما مأساة السوريين وحشرهم بين فكي
مواجهة مُكلِفة بلا أفق، وشرذمة
المعارضة بتخوين من يقترب من استدراج
السيناريو الليبي، فما زالا رهاناً
على مَن ييأس أولاً ويستسلم، غضب
الشارع أم آلة النظام. يمكن التساؤل بالطبع عن أي انتقام تلجأ
إليه السلطة لمعاقبة الجار التركي على
مد يده إلى «المجلس الوطني السوري»،
وعن ربع الخطوة التي أقدمت عليها أنقرة
بلقاء وزير الخارجية أحمد داود أوغلو
وفداً من المجلس، ربما لتعويض خفوت
الوعيد التركي للنظام السوري. لكن
الأكيد في كل الأحوال، أن المنتفضين في
درعا وحمص ودير الزور وسواها، لا
يأملون باجتياح تركي لإسقاط النظام،
مثلما لا يتوهمون هبّة عربية تحمي
المدنيين من المدرعات والدبابات،
وقناصة «الشبيحة». وإذا كان الردع الذي يطرحه الغرب بعصا
العقوبات – ما دام لا يمتلك أداة ضغط «سحرية»
– كفيلاً بتمديد مأساة السوريين مع
المواجهة غير المتكافئة في الشارع،
فالحال أن الغرب ذاته لا يضلّل النظام
في دمشق بل يطمئنه إلى أن التدخل
العسكري الخارجي لن يكون خياراً في أي
مرحلة. أما الفيتو الروسي الجاهز
لتكرار نجاحه في نزع أسنان مجلس الأمن،
فهو ذاته الذي يجهض احتمالات ولادة
قرار عربي ينزع الشرعية عن النظام
السوري. فما دام الإجماع الدولي
مغيّباً، ستبقى مطالبة فرنسا جامعة
الدول العربية ب «قرارات شجاعة» أقرب
الى التمني والاستنجاد بما يسهّل قضم
الفيتو الروسي... بعدما تمنت الجامعة أن
يعفيها إجماع دولي من امتحان القرارات
«المؤلمة»: عدم التنصل أمام المذبحة،
وعدم الاستسلام أمام إغراء تجيير
المهمة للغرب، ولو بالقوة. والآن، بعد ما سُمِّي الإنذار الأخير،
ومهلة الأسبوعين العربيين للنظام
السوري، ليس بعيداً من وقائع المأساة
وعنف آلة النظام، ترجيح نعي الخيار
العربي الذي تتلهف دمشق للتشفي به، هي
التي لم تخفِ اقتناعها بأن «المؤامرة»
تنويع وعلى وتَرَيْ مجلس الأمن
والجامعة، حتى إذا تعطّل المساران،
ازداد القتل ضراوة، و «المجلس الوطني»
عاجز في الخارج عن حماية شارع واحد أو
مسيرة واحدة من غضب النظام وبطش القمع. إنه المربع الأول ذاته الذي حاصرت به
السلطة الانتفاضة، وحوصرت معها إذ
دمّرت صدقية أي وعد بالإصلاح والحوار.
والغريب، ما فات الجامعة في تبنيها
مبادرة احتضان الحوار بين النظام وكل
أذرع المعارضة، لأن سلطة مقتنعة
بخروجها من «الأزمة» أقوى، لن تجد
بالتأكيد مبرراً لحوار يمنح الخصوم
شرعية، حتى في طرح مطالب الحد الأدنى. بين السوريين من اعتبر أن المبادرة
العربية وُلِدت ميتة، وسعت الى تفادي
تكرار السيناريو الليبي، لكنها حاولت
كذلك تجريب فكرة إدخال شرعية ميتة
لنظام أمني إلى غرفة العناية الفائقة.
فهل هذا الخيار هو ما يريده السوريون،
بعد سقوط حوالى 3400 شهيد؟ وبين يأس ومحاولات تيئيس لإخماد
الانتفاضة، يضطرم بركان الانشقاقات في
صفوف العسكريين السوريين: كلما اشتدت
حملات القتل زادت مستنقعات الحرب
الأهلية، وغرقت السلطة في وحول
الانتقام الجماعي. لا أحد يريد الحرب الأهلية... يقولونها
علناً، الروس والغرب والعرب والأتراك،
لكن ملامحها «تتسلل» في وضح النهار.
وحتى الآن لا حل سحرياً لوقف محاصرة
جميع السوريين بسلاح الانتحار الشامل ================= سلمان شيخ الشرق الاوسط 20-10-2011 استخدمت روسيا والصين حق الفيتو الأسبوع
الماضي للاعتراض على مشروع قرار مجلس
الأمن في الأمم المتحدة بشأن سوريا،
وهو ما يوجه ضربة لاستقرار هذا البلد
وجيرانه، حيث من الممكن أن يؤدي هذا
الاعتراض المزدوج إلى اندلاع حرب
أهلية. إن عدم قدرة مجلس الأمن على التصرف خلق
فراغا سياسيا خطيرا، وأرسل رسالة
واضحة إلى الرئيس السوري بشار الأسد أن
بإمكانه الاستمرار في القتل دون أن
يخشى العقاب، وأرسلت في نفس الوقت
رسالة أخرى إلى المتظاهرين السوريين
أنهم يقفون في هذه المواجهة بمفردهم. وفي حين أن روسيا والصين تؤكدان الحوار
بدلا من المواجهة وتقترحان اتخاذ قرار
أكثر «توازنا»، فإن الواقع أن الشارع
السوري يدعو صراحة لسقوط نظام الأسد
طوال عدة أشهر. ويعد موقف روسيا والصين في العديد من
النواحي ردا على تفسير الغرب الفضفاض
لقرارات الأمم المتحدة ضد ليبيا، الذي
أدى للقيام بعمل عسكري ضد العقيد معمر
القذافي. وعلى الرغم من أن هذا
الاعتراض قد يشعر موسكو وبكين ببعض
الرضا من الناحية السياسية، فإن فشل
قرار مجلس الأمن قد جاء على حساب الشعب
السوري واستقرار سوريا على المدى
الطويل، وهذا الذي حدث يعد نموذجا
للسياسة الدولية في أسوأ حالاتها. وقد تضاعف عدد القتلى منذ بدأ مجلس الأمن
يتداول مشروع قرار بشأن الأزمة في
سوريا في أغسطس (آب)، حيث ارتفع إلى
أكثر من 2900 قتيل، بينما بلغ عدد
الأشخاص المفقودين أو المعتقلين عشرات
الآلاف. وعلى الرغم من أن سوزان رايس، السفيرة
الأميركية لدى الأمم المتحدة، تأمل أن
«شعوب الشرق الأوسط يمكنها الآن أن ترى
بوضوح الدول التي اختارت أن تتجاهل
نداءاتهم لتطبيق الديمقراطية وتدعم
بدلا من ذلك الديكتاتوريين اليائسين
القاسيين»، إلا أن أغلب الناس من
المرجح ألا ترى في هذا الأمر سوى فشل
جماعي من جانب المجتمع الدولي. وكلما استمر الوضع الحالي في سوريا، زاد
احتمال تمزق نسيجها العرقي والطائفي
الحساس، حيث تخشى جماعات المعارضة،
الذين من ضمنهم جماعة الإخوان
المسلمين، من تزايد الأعمال
الانتقامية ضدهم من قبل العلويين
والنخبة المسيحية، التي لن يكونوا
قادرين على منعها. وقد أصبح من المتعذر بالنسبة للمعارضة
الدفاع عن سلمية الاحتجاجات، خاصة مع
الجهود التي تبذلها الحكومة لزرع
الفتنة، والتي تتضمن سلسلة من
اغتيالات الأكاديميين وحملة اغتصاب
تستهدف النساء والفتيات في المدن ذات
الأغلبية السنية. وقد ركزت استراتيجية الغرب في الأمم
المتحدة حتى الآن على إخضاع سوريا
للرقابة الدولية، لتكون شاهدة على
الأعمال الوحشية التي ترتكب هناك
وتقدم تقريرا عنها، ولكن هناك جدلا
متزايدا داخل المجلس الوطني السوري -
يتهامس به الأعضاء في الوقت الحالي -
حول الحاجة لحماية المدنيين «بأي
وسيلة ضرورية»، حيث تشمل هذه الوسائل
وجود مراقبين دوليين، ولكنها قد تمتد
إلى إنشاء مناطق آمنة للمدنيين، أو
منطقة حظر طيران إذا ما تطلب الأمر، أو
الاستعانة بقوات أجنبية على الأرض
كملاذ أخير. وقد واصلت واشنطن بدلا من ذلك اتباع
استراتيجية «القيادة من وراء الكواليس»،
وأحد الأسباب وراء اتباعها هذا النهج
هو اعتقادها أن اتباع نهج أكثر تهورا
قد يؤدي في الواقع إلى صرف الاهتمام
بعيدا عن الجهود التي يبذلها أعضاء
المعارضة وإظهارهم كعملاء للغرب، كما
تدعي الحكومة. ولكن مع تزايد عمليات
القتل، فإن هذه السياسة تزيد من الشكوك
حول أن أميركا ليست جادة في دعم
الاحتجاجات والإعداد للتعامل مع سوريا
جديدة بعد سقوط نظام الأسد. لقد ثبت فشل هذه الاستراتيجية، ويتعين
على أميركا وأوروبا دفع جيران سوريا
لدعم اتخاذ تدابير عقابية ضد الأسد
وممارسة ضغوط دبلوماسية على روسيا
والصين. ويمثل تحذير روسيا للأسد، بعد تصويت
الأمم المتحدة، بأن يبدأ تنفيذ
الإصلاحات وإعادة السلام وإلا فسيواجه
«بعض القرارات الصارمة» من روسيا -
فرصة سانحة، حيث كان الضغط الذي مارسته
الدول العربية على روسيا والصين حاسما
عندما حان وقت القيام بإجراء فعال من
جانب الأمم المتحدة في ليبيا، ويجب
عليها أن تفعل الشيء نفسه الآن. كما يجب على واشنطن أيضا أن تحث تركيا على
لعب دور أكثر قوة، فرجب طيب أردوغان،
رئيس الوزراء التركي، يبدو أكثر
احتمالا الآن للقيام بذلك، خاصة مع
شعوره المتزايد بالغضب، حيث ينبغي
لتركيا تحديدا أن تقوم بتقليص حجم
تجارتها مع سوريا وفرض عقوبات تستهدف
الحكومة السورية. وينبغي للولايات المتحدة أن تعترف أيضا
بالمجلس الوطني السوري بصفته القيادة
المعارضة الشرعية للشعب السوري، وأن
تشجع القوى العربية والإقليمية
والأوروبية الرئيسية على أن تحذو
حذوها، حيث يعد القرار الذي اتخذه
وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم
الاثنين للترحيب بتشكيل المجلس الوطني
السوري باعتباره «خطوة إيجابية إلى
الإمام» ردا مناسبا على التهديدات
السورية ضد أولئك الذين سيعترفون
رسميا بالمجلس، لكنه لا يعد قويا بما
يكفي. ويمثل المجلس الوطني السوري، الذي يتكون
من 230 عضوا، قطاعا واسعا وشاملا، إن لم
يكن مثاليا، للمعارضة السورية، حيث
يتضمن العلمانيين والإسلاميين، كما
يتضمن الأهم من ذلك، وهم جيل الشباب من
المتظاهرين في الشوارع الذين يعرضون
حياتهم للخطر، وسيجعل الاعتراف الدولي
المجلس أكثر فعالية، كما سيرسل إشارة
دعم قوية للمعارضة. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للولايات
المتحدة دفع المجلس الوطني السوري
ليكون شاملا بقدر الإمكان، بحيث يجذب
إليه بشكل خاص أعضاء الطوائف العلوية
والمسيحية. ولا يزال بإمكان الدبلوماسية الأميركية،
لو أنها صممت على تحقيق هدفها، منع
الخطر الوشيك المتمثل في لجوء هذه
الطوائف غير القادرة على التعايش مع
خسائرها والتي تخاف من المستقبل، إلى
العنف. وقد كان المزيج العرقي السوري القابل
للاشتعال أحد أسباب تردد أميركا في دعم
المعارضة، أما الآن، ومع خروج أعمال
العنف عن نطاق السيطرة، فقد أصبح هذا
المزيج سببا لمزيد من التدخل الأميركي. وإذا لم تتحرك الولايات المتحدة وحلفاؤها
الأوروبيون والقوى الإقليمية بسرعة،
فإن سوريا سوف تنزلق إلى آتون الفوضى. * مدير مركز بروكينغز الدوحة
وزميل في مركز سابان لسياسة الشرق
الأوسط في معهد بروكينغز ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |