ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل
تنتظر اميركا فعلاً الجامعة العربية؟ سركيس
نعوم النهار 28-10-2011 سياسة
"الباب المفتوح" مع نظام سوريا
التي اعتمدها الرئيس الاميركي باراك
اوباما منذ وصوله الى البيت الابيض
رُفِعَت عن الطاولة، يقول متابعون
اميركيون لسياسة ادارتهم حيال الشرق
الاوسط وسوريا. ف"الباب" المذكور
قد أُقفل. وتبدو الادارة سعيدة لرؤية
المصاعب الاقتصادية تتصاعد في وجهه.
علماً انها لا تكتفي بهذا "الشعور"
بل تستمر في دعم "المعارضة السورية"
بالنصائح والاموال. إلا أن ذلك لا يعني
في نظر هؤلاء ان اوباما سيعتمد حيال
الاسد سياسة مُغامِرة. وأسباب ذلك
كثيرة، ابرزها ان معركة الانتخابات
الرئاسية في بلاده قد بدأت وهو يعتزم
الاشتراك فيها طلباً لولاية ثانية. لذا
عليه ان يكون حريصاً على عدم انتهاج
سياسات تُغضِب الشعب الاميركي او
تؤذيه في مصالحه وأمنه وتالياً تدفعه
الى التصويت للمرشح الذي سيواجهه في
تشرين الثاني المقبل. فهو لديه الآن من
المشكلات الاقتصادية في الداخل وفي
العالم والسياسية والامنية في الخارج
ما يكفيه. وينصبّ همه على معالجة بعضها
الداخلي وتحديداً البطالة كي يضمن الى
حد كبير إعادة انتخابه. ذلك ان
الاعتماد للفوز على عامل واحد فقط، هو
عدم وجود مرشح جمهوري قادر على اجتذاب
الناخبين، وعلى عامل آخر هو انقسام
الحزب الجمهوري المنافس بين محافظ
معتدل ومحافظ جديد بل متشدد جداً
يمثّله "حزب الشاي"، ذلك ان هذا
الاعتماد لن يكون كافياً. طبعاً لن
يجمّد اوباما وادارته تعاطيهما مع
النظام السوري انطلاقاً من المشار
اليه اعلاه. وهذا يعني أنهما وحلفاء
اميركا سيفرضون من جديد عليه عقوبات
صارمة جداً. ويعني ايضاً انهم سيمارسون
ضغوطاً واغراءات على "حليفي"
سوريا، اي روسيا الاتحادية والصين
الشعبية، من اجل إقناعهما بموقف من
نظام الاسد قريب من موقفهم، وتالياً
بالتصويت معهم ب"نعم" على مشروع
قرار يتناوله في مجلس الامن، اذا قرروا
العودة الى هذا الامر بعد فشله في
المرة السابقة بسبب "الفيتو" اي
النقض الذي مارستاه. أما
باستثناء العقوبات، يضيف المتابعون
الاميركيون انفسهم، فان اوباما
وادارته لن يفعلا سوى الانتظار، اي
انتظار تطورات عدة قد يكون ابرزها
اثنان. الاول، تحرّك جامعة الدول
العربية، بواسطة اللجنة التي ألّفها
مجلس وزراء خارجيتها في آخر اجتماع له
في القاهرة، والتي ضمت الى الامين
العام للجامعة مصر والسودان والجزائر
وعُمان اعضاء وقطر رئيساً، في اتجاه
النظام السوري. والهدف من الانتظار هنا
هو معرفة ما إذا كان الرئيس الاسد
سيتجاوب، الامر الذي ربما يفتح
الابواب امام محاولات جدية لوقف العنف
والقمع ولمباشرة إصلاح جدي. وهو ايضاً
معرفة ماذا ستفعل الدول العربية عبر
"جامعتها" او عبر دولها في الأزمة
السورية في حال ناور النظام في دمشق
كعادته او ماطل او وعد ولم يلتزم. اما
التطوّر الثاني الذي قد تكون اميركا
اوباما تنتظره فهو موقف مفوضية حقوق
الانسان في الامم المتحدة من كل ما
يجري في سوريا. والدافع الى هذا
الانتظار هو وجود احتمال جيد او معقول
ان تقوم المفوضية المذكورة بتوجيه
اتهامات للرئيس الاسد وللعاملين معه
بارتكاب جرائم ضد الانسانية. وإذا حصل
ذلك فإنه لا بد ان يؤدي ومن دون ادنى شك
الى نهاية الرئيس الاسد. ليس في سوريا
ربما، ولكن في العالم والمجتمع الدولي. اما
اللافت في الموضوع السوري حالياً وفي
تشعباته الاقليمية والدولية، يقول
المتابعون الاميركيون انفسهم، فهو ان
اليهود الاميركيين والاميركيين من غير
اليهود الذين يؤيدون بل يدعمون
اسرائيل "ظالمة او مظلومة"، بدأوا
حملة منظمة وقوية تهدف الى الضغط على
الرئيس اوباما كي يدرس جدياً اتخاذ
اجراءات شديدة القسوة ضد نظام آل
الاسد، مثل إقامة منطقة حظر طيران فوق
سوريا او مناطق، ومثل فرض حصار او
حصارات... الى آخر ما هنالك من اجراءات.
واللافت في هذا الامر هو انه يعكس اذا
استمر تغييراً جدياً في موقف اسرائيل
من النظام السوري. ذلك ان تلاقي
المصالح معه، وليس التحالف او "التفاهم
السري" بينهما الذي يؤمن به اصحاب
المخيلات الواسعة، فرض عليها التمسك
به والدفاع عنه وخصوصاً داخل اميركا
واوروبا، انطلاقاً من نظرية ان شراً
تعرفه قد يكون افضل من خير تتعرّف اليه.
واللافت ايضاً، يضيف المتابعون
انفسهم، هو عودة الاتصال وإن خجولاً
وسرياً بين تركيا واسرائيل وهو ربما
عودة بعض التنسيق في امور عدة. طبعاً
هناك امر لافت آخر يشير الى تناقض في
أقوال المتابعين الأميركيين، هو ان
التعويل على تحرك الجامعة العربية
يعني ان اوباما لم يقفل الباب بعد امام
الاسد. إلاّ اذا كان ينتظر ذريعة لذلك. ============ عريب
الرنتاوي الدستور 28-10-2011 حار
المراقبون في قراءة ما رشح من معلومات،
لقاء الرئيس الأسد وفد الجامعة
العربية برئاسة رئيس الوزراء وزير
الخارجية القطري، «اجتماع طويل
وإيجابي وودي»، بحث في العمق في مختلف
أوجه الأزمة، اتفقنا حول عناوين وما
زلنا نبحث في عناوين أخرى، سوريا احتوت
«المبادرة العربية»، اتفاق على تشخيص
الأزمة وبحث لاحق في سبل الخروج منها،
نجاح في استعادة مناخات الثقة ورسم
الابتسامات على الوجوه المكفهرة، إلى
آخر ما في الجعبة من عناوين ومانشيتات،
لا تخلو من إشارات إيجابية، بيد أنها
رغم ذلك، تبقي الباب مفتوحاً أمام نذر
الانهيار وإرهاصات المواجهة. النظام
في دمشق، ليس راضيا عن الجامعة
العربية، بل أن المتحدثين باسمه،
خصوصا من اللبنانيين، لم يتوقفوا لحظة
عن «شيطنة» هذه المؤسسة وهجاء النظام
العربي، ووصفه ب»رأس جسر التدخل
الدولي»، المعارضة السورية ليست راضية
عن أداء الجامعة العربية كذلك، وثمة
اتهامات شديدة اللهجة للنظام العربي
المتخاذل والمتواطئ والعاجز
والمشلول، النظام يريد الجامعة سدّاً
في وجه التدخلات الدولية، والمعارضة
تريد للجامعة أن تكون جسرا «لحماية
المدنيين» والتدخل الدولي إن لزم
الأمر، وبين هذا وذاك، تبدو الجامعة «في
حيص وبيص». المهلة
ليست طويلة هذه المرة، الاجتماع
المقبل سيُعقد الأحد المقبل، أربعة
أيام كفيلة بإزهاق حيوات ما لا يقل عن
مائة سوري، سينضافون إلى ما يقرب من
المائتين، سقطوا منذ أن اعتمدت
الجامعة «تكتيك المهل الزمنية»، وثمة
في الأفق ما يشي بأننا أمام محاولة
الفرصة الأخيرة: إما الحل التوافقي او
الانزلاق إلى أسوأ السيناريوهات
والكوابيس، ولحظة الحسم تقترب بسرعة
شديدة، فيما تركيا وفرنسا تبدوان كمن «نفض»
يديه من النظام، وبدأتا في تشييعه إلى
مثواه الأخير. دون
غطاء عربي، يمهد لغطاء دولي، لن تقوى
المعارضة على حسم معركة إسقاط النظام،
حتى إشعار آخر على أقل تقدير، وبكلفة
باهظة بلا ريب، لهذا تبدو المعارضة
بحاجة ماسّة للجامعة العربية لتوفير
هذا الغطاء، ومن دون غطاء عربي، سيجد
النظام ظهره مكشوفاً أمام سهام التدخل
الدولي، ولهذا تبدو الجامعة العربية
بالنسبة إليه، مأكولا مذموما، وفي
مطلق الحالات، فإن المعركة في سوريا
وعليها، تكاد تنعقد حول سؤال: هل سيكون
هناك تدخل دولي في الأزمة السورية أم
لا، كيف ومتى وأي مستوى وعن أي طريق؟
يترافق ذلك مع مؤشرين اثنين، الأول،
تأكيد الإدارة الأمريكية المتكرر، بأن
سفيرها في دمشق سيعاود ممارسة نشاطه
كالمعتاد قبل الشهر المقبل، لقد اشترى
«ديك الأعياد» لطاقم السفارة، وهو
سيعود إلى دمشق في غضون شهر واحد، وهذا
ينهض كشاهد على أن واشنطن لم تحسم
خياراتها النهائية بعد، والثاني،
ويمكن، وصفه ب»دبلوماسية الجنازات»،
فزيارة فاروق الشرع للرياض للمشاركة
في تشييع ولي العهد السعودي الراحل، هو
أمر فيه من «السياسة» بقدر ما فيه من «الإنسانيات»
و»المجاملات». من
جهتنا، لا ندري كيف يمكن الوصول إلى
حلٍ وسط بين مطالب المعارضة الداخلية
والخارجية من جهة، وقدرة النظام على
الاستجابة لهذه المطالب من جهة ثانية،
فالفجوة كبيرة، وهي ممتلئة بشلال من
الدماء، وهي تزداد خطورة كالفجوة بين
شفرتي المقص، كلما زادت تباعداً، زادت
خطورة. حتى
الآن، لا يبدو أن النظام في دمشق، أعلن
أو هو قريب من الإعلان عن قبول رسمي غير
متردد بالمبادرة العربية، النظام لم
يظهر قدرة أو مرونة على التعامل
السياسي مع المبادرات المقترحة لحل
الأزمة، ومن بينها مبادرة الجامعة
العربية ذاتها، بل أنه لم يظهر أي ميل
للتعامل مع الأزمة سياسياً، فلا
خيارات لديه، خارج إطار الحل العسكري
والأمني، هذا ما يستشف من كل المؤشرات
والمواقف والتصريحات طوال الأشهر
الثمانية الماضية، حتى الآن، لا يبدو
أن النظام لديه أدوات ووسائل للتعامل
مع غضب الشارع واحتجاجه، خارج القاموس
الرسمي الليبي، وخطاب «زنقة زنقة دار
دار»، وليس ثمة ما يشي بأنه سيواجه
مصيراً مغايراً. لكن
دعونا لا نستبق الأحداث، فإن غدا
لناظره قريب، وسنرى ما إذا كانت وعود
النظام سوف تحترم، بل سنرى إن كان
النظام قد وعد بشيء جوهري حتى الآن،
سنرى إن كان قادراً على شق طريق سياسي،
إلى جانب الطريق الأمني/ العسكري، أو
بدلاً عنها. أما
المعارضة الموزّعة على تيارات مختلفة،
فتتنازعها جملة من المواقف والمدارس،
هناك من يشترط للحوار سحب الجيش ووقف
العنف والقبول بالمبادرة العربية
مسبقاً، وهناك من لا يرى غير شعار «إسقاط
النظام»، وهناك من يريد حواراً تحت
عنوانٍ واحدٍ فقط: نقل السلطة من نظام
الأسد إلى نظام «ما بعد الأسد»، فضلا
عن معارضات الداخل بألوانها وأطيافها
المختلفة. لسنا
نعرف كيف سينتهي هذا الاستعصاء، لقد
كان بمقدور النظام أن يريح ويستريح،
لقد كان على الرئيس الأسد أن يبني
لنفسه مجداً تاريخياً، لقد كان
بمقدوره أن يضرب بسيف الديمقراطية
البتّار بعد أن عزّت السيوف ولم تفارق
أغمادها، لكنه لم يفعل، وبتنا ميّالين
للأخذ بنظرية «لو بدها تشتي غيّمت»، لا
غيوم في سماء دمشق حتى الآن، لسان حال
نظامها يقول: «إذا مُتّ ظمآن فلا نزل
القطر». ============ 'معارف'
النظام السوري: تطويع الاداة وتربية
الوحش صبحي
حديدي 2011-10-27 القدس
العربي أغلب
الظنّ أنّ النظام السوري، وعلى نقيض من
الرأي الشائع في أوساط مراقبيه
ومعارضيه على حدّ سواء، تعلّم الكثير
من الدروس خلال الأشهر السبعة التي
انصرمت منذ انطلاق الانتفاضة، وتنوّع
ما تعلّمه وتشعّب، فتوزّع بين معرفة
أمنية عسكرية
صرفة، وأخرى أمنية
استخباراتية، وثالثة أمنية
سياسية، ورابعة أمنية
دعاوية، وخامسة أمنية
دبلوماسية... ومع ذلك، بئس هذه
الحصيلة التي لا تستجمعها إلا معارف
مرتكزة أوّلاً على الخيار الأمني،
الذي ينتج الأداة قبل العقل، والطاعة
قبل المبادرة، والهاجس قبل اليقين،
والانحياز الأعمى قبل الانخراط
الإرادي. وهكذا،
في المعرفة الأمنية
العسكرية، تعلّم ضباط الفرقة
الرابعة، إسوة بصفّ ضباطها وأفرادها،
العاملين مثل المجنّدين، كيف تنقلب
استباحة حيّ، أو قرية أو بلدة أو مدينة
بأسرها، إلى رياضة باردة، جديرة
بالقاتل المأجور، أو القاتل المرتزق،
أو القاتل الشبّيح. وكان لا مفرّ
لهؤلاء، في قيامهم بدور الأداة
الطيّعة، ثمّ في وفائهم لشبكات الولاء
التي تستولد منظومات مصالح سياسية
واجتماعية واقتصادية متباينة أو
متجانسة، لا تغيب عنها غرائز الانضواء
الطائفية أو العشائرية أو المناطقية،
من أن يستسهلوا الذهاب بالهمجية إلى
حدودها القصوى. كأنّ القتال صار عندهم
معركة وجود أو عدم، ليس ضدّ شرائح
واسعة من مواطنيهم المسالمين العزّل
وحدهم، بل أيضاً ضدّ 'الوطن' الذي ينتمي
إليه المتظاهر، بوصفه وطناً خائناً أو
مندساً أو عميلاً أو سلفياً أو... وفي
واحد من أبرز مستويات هذه الحصيلة أنّ
الفرقة الرابعة انسلخت عن شخصيتها
العسكرية، بأي معنى مهني أو تعبوي أو
لوجستي لهذه الشخصية، فصارت الفرقة
عيّنة مصغّرة عن عصبة أو عشيرة أو
طائفة، أو لعلّها في الواقع كفّت عن
الحاجة إلى أي تصنيف ومسمّى، ما خلا
أنها أداة دفاع عن النظام، صمّاء عمياء
بكماء! وفي
المعرفة الأمنية الاستخباراتية،
يُصاب ضابط مثل اللواء جميل حسن، رئيس
جهاز استخبارات القوى الجوية، بعُصاب
من طراز جنوني خاصّ، تتفاقم أعراضه
الباثولوجية بين حدّين أقصَييَن:
إرضاء الحلقة الأمنية العليا (الضيّقة،
المغلقة، التي لم يحظَ ب'شرف' الانضمام
إليها)، عن طريق استعراض عضلات جهازه،
وارتكاب المزيد فالمزيد من الفظائع؛
والعجز عن نيل ذلك الرضا العسير، لأنّ
الانتفاضة تُلحق به وبأجهزته الفشل
الذريع، فلا تسير النتائج إلا بما لا
يشتهي اللواء وسادته. وهكذا، لأنّ
الجهاز فشل في كسر إرادة ناشط مثل غياث
مطر، كان نموذجاً ناصعاً وعالي
التمثيل لمعجزات الانتفاضة في جذب
الشباب إلى العمل الوطني وصياغة
الحراك الجماهيري، توجّب أن يُصفّى
الفتى، وأن يتمّ التمثيل بجسده على نحو
بالغ البشاعة والوحشية، وأن تُسلّم
جثته إلى أهله بهذه الهيئة: عبرة لمَنْ
يعتبر، في ظنّ اللواء، الذي فاته
بالطبع أنّ العبرة الأخرى
شهيد الانتفاضة، وشهيد سورية
هي الأشرف للفتى وأهله، والأبقى في
ضمير بلده وذمّة التاريخ. بذلك
فقد كان طبيعياً أن تنحطّ المعرفة
الأمنية السياسية،
في المقابل، إلى سوية سفلى من ابتذال
الخطاب وإدقاع المفردات وتقزيم
المصلحات، توجّب أن تحزن رأس النظام
نفسه في المقام الأوّل، هو الذي
حتى قبيل توريثه، وخلال أشهر
تدريبه على الحكم نصب
نفسه في مقام الفيلسوف والمنظّر
والمفكّر والحكيم وعالم الاجتماع
والاقتصاد والسياسة... في آن معاً!
الكون السوري، وفق منظور الأسد الأمني
السياسي، هو مؤامرة على نظام 'ممانع'
و'مقاوم'، سبق للغرب أن حاكها، فخرج
النظام فيها منتصراً، وكذلك سيفعل
اليوم إزاء الأطوار الأحدث من تلك
المؤامرة ذاتها (لا يمرّ شهر، في واقع
الأمر، إلا ويعلن أحد وجوه السلطة أن 'المؤامرة'
انتهت وصارت وراء النظام). والكون
السوري، عند الأسد دائماً، لن يحيد عن
طريق 'الإصلاحات' حتى يبرهن أنه مثال
يُحتذى في الديمقراطية وحقوق الإنسان،
وأنّ رأس النظام جدير بقيادة المعمورة
في أربع رياحها وليس سورية وحدها، كما
هتف أحد دُمى ما يُسمّى 'مجلس الشعب'
ذات يوم قريب. وأمّا 'الإصلاحات' ذاتها (مثل
قوانين الأحزاب والإعلام والانتخابات
تعديل الدستور...) فإنها لا تأتي، إذا
أتت حقاً، إلا وقد صار استحقاقها وراء
الحراك الشعبي، هذه المرّة، ولم تعد
قيمتها تساوي الحبر الذي كُتبت به،
فكيف بالدماء الزكية التي أُريقت في
درب المطالبة بها على وجه أمثل، غير
مزيّف وغير ملفّق. وليس
أدلّ على ما آلت إليه معارف النظام
الأمنية الدعاوية
من العودة، بين الفينة والفينة، وحسب
مقتضى الحال، إلى ما يطلق عليه النظام
تسمية 'المسيرات المليونية'، كما حدث
مؤخراً في الحشود التي غصّت بها ساحة
الأمويين، في قلب العاصمة دمشق، على
سبيل استقبال وفد الجامعة العربية. ذلك
لأنه حتى تلك القاعدة التي تبيح للمرء
أن يفعل ما يشاء إذا كفّ عن الحياء، لم
تعد تكفي لتفسير مقدار تخبّط النظام في
هذا الركن من معارفه، وكم فقد من حسّ
اكتراث بما يقول الناس، داخل سورية
وخارجها، إزاء هذا المسرح الردىء
الفاضح والمفضوح. كان البعض يتساءل، عن
حقّ بالطبع: لماذا لا تظهر العصابات
المندسة مرّة واحدة خلال هذه المسيرات
المليونية، رغم أنها صيد ثمين دسم لكلّ
'إرهابي' مبتديء؟ أو، في المقابل: لماذا
يظهر الرصاص الحيّ والغاز المسيل
للدموع والشبيحة والأمن والدبابات...
كلما حاول مئات من المتظاهرين، وليس
مئات الآلاف، الاقتراب من ساحة
الأمويين، أو ساحة العباسيين، أو ساحة
السبع بحرات، أو حتى ساحة المرجة؟ جديد
هذه المعرفة الأمنية
الدعاوية، وهي نقلة ذات طرافة
مريرة سوداء، أنّ الجماهير المليونية
هذه أخذت تسرق ألحان الزجّال والمغنّي
الشعبي الشهيد إبراهيم القاشوش، بعد
أن تقلبها رأساً على عقب، بما يجعلها
تتمات أشدّ ابتذالاً لتلك الهتافات
التي تركع أمام صورة الأسد وتقبّلها،
أو تُعلي مقامه إلى مستوى الألوهة، أو
تضعه بديلاً للحرّية في الثالوث
الشهير 'الله! سورية! بشار وبسّ!'. جديد
آخر هو سرقة الهتاف الشعبي المعروف 'الذي
لا يشارك/ ليس عنده ناموس'، بحيث يصبح 'الذي
لا يشارك/ أمّه حمصية'، في تعريض وضيع
بنساء حمص وبالمدينة العريقة المناضلة. وأمّا
الذي لم يكن جديداً، بقدر ما صار
فاقعاً أكثر وقليل الحياء أيضاً، فهو
نصرة النظام عن طريق حشد السيارات
الفارهة ومركبات الشبيحة و... عربات
الدفع الرباعي، ذاتها التي اتهمها
الأسد بالمشاركة في التآمر على نظامه! ورغم
أنها تأتي في المرتبة الأخيرة من هواجس
نظام يعيش سكرات الموت، ويدافع عن
وجوده بالنواجذ والأسنان، في الداخل
أوّلاً، وعبر الخيارات الأمنية
والعسكرية والاستخباراتية والدعاوية،
فإنّ المعرفة الأمنية
الدبلوماسية تطلّ على استحياء بين
حين وآخر، حين تشترطها اعتبارات
خارجية أساساً. وهكذا، بصدد التعامل مع
مبادرة الجامعة العربية، لم يذهب وليد
المعلم، وزير خارجية النظام، إلى درجة
شطب الجامعة العربية من خريطة الكون؛
أو ضمّ الدول العربية إلى اللائحة التي
توعدها بالويل والثبور إذا تعاملت مع
المجلس الوطني السوري، أو اعترفت به.
صحيح أنّ مندوب النظام الدائم لدى
الجامعة العربية أرغى وأزبد، هناك في
القاهرة، إلا أنّ 'الأجواء الإيجابية'
التي أعلن النظام انها سادت اجتماع
الأسد مع وفد الجامعة العربية، كانت هي
كلمة السرّ في إعلام النظام، إسوة
بالترغيب بدل الترهيب. بيد
أنّ الدبلوماسية ليست، بالطبع، هذه ال'حرتقات'
الصغيرة التي يديرها أمثال وليد
المعلم وبثينة شعبان وفيصل المقداد،
في نيويورك أو في موسكو أو في بكين؛ بل
هي، في المقام الأسبق، ذلك التبرّم
الذي أخذ يعتري خطاب حلفاء النظام، من
روسيا إلى الصين إلى إيران؛ وارتفاع 'المنسوب'،
اللفظي على الأقلّ، للتوصيفات التي
صارت تصدر عنهم لدى الحديث عن أعمال
العنف والقتل والمجازر المرتكبة بحقّ
المتظاهرين السوريين العزّل. والدبلوماسية
هي، كذلك، ما يقوله ألان جوبيه، وزير
الخارجية الفرنسي، من أنّ سقوط النظام
صار حتمياً مهما استغرق من وقت؛ وما
تعنيه مغادرة السفير الأمريكي روبرت
فورد، الآن تحديداً، ولأسباب قد تتصل
فعلاً بارتخاء قبضة النظام على بعض
أجهزته ومشايعيه ومناصريه، بحيث يمكن
أن يتعرّض السفير إلى ما هو أشدّ وطأة
من الحجارة والبيض. والدبلوماسية، في
ما هو أهمّ من هذا وذاك، هي أيضاً
المصير الأسود الذي انتهى إليه
دكتاتور حليف، هو معمّر القذافي؛
والمصير التالي الذي ينتظر الدكتاتور
الحليف الآخر، اليمني علي عبد الله
صالح... وفي
مقابل معارف النظام، التي تنشغل
بتطويع الأداة وتربية الوحش، ثمة تلك
المعارف الموازية التي اختزنتها
الانتفاضة الشعبية، وتختزنها كلّ يوم،
والتي تنشغل بتطوير أنساق المقاومة،
وتربية وعي سياسي وإنساني وطني
وديمقراطي كفّ عن كونه مأثرة
الانتفاضة الكبرى، لكي يصير تراث
سورية اليومي وسلاحها الأمضى. وها
أنّ ضباط الفرقة الرابعة ينتقلون من
حال التخبط والتعثر إلى حال الانتكاس،
وبينهما حال الحيرة أمام أسئلة موجعة:
لماذا؟ إلى متى؟ وما العاقبة في نهاية
المطاف؟ وها هو غياث مطر يغادر صورته
الأولى، فتى داريا الباسم الوادع
المنشغل بعروسه وبأهله وبمهنته
الشعبية، ليصبح واحداً من رموز سورية،
فيتردد اسمه على الشفاه والألسن
والقلوب، كما على اللافتات والصور، في
رأس كلّ التظاهرات. 'إصلاحات' النظام
يمسخها الحراك الشعبي إلى أضحوكة،
وألحان القاشوش تنتصر على قاتليه
فتتردد على ألسنة مشايعي النظام في
الساحات ذاتها التي حلم الشهيد
بالغناء في جنباتها، ولم يبق من
دبلوماسية السلطة سوى تلك النكات التي
تروي 'هلع' الأوروبيين من أن يعاقبهم
النظام بمنع تصدير 'علكة سهام' إلى
أسواقهم! تربية
أداة مقابل تربية إرادة، وتراث قتل
مقابل تراث حياة، وسوري شبيح مقابل
سوري ثائر، ولا عزاء في هذا للذين
ينزّهون سورياً عن قتل شقيقه السوري؛
والمعركة، التي دخلت شهرها الثامن،
اقتضت تسيير الدبابة وراجمة الصواريخ
والحوّامة، ضدّ الصدر العاري
والأهزوجة الشعبية ورسم الكاريكاتير؛
وبالتالي فإنّ حصيلتها الأهمّ، حتى
الساعة، هي عجز السلاح عن كسر الإرادة،
وصمود المواطن الأعزل الباحث عن
الحرّية في وجه المواطن الشبيح
المناصر للاستبداد، وسقوط معارف
النظام أمام معارف الشعب. أمّا الحصيلة
الختامية فإنها انتصار الانتفاضة ذات
ساعة آتية لا ريب فيها، ولعلّها أقرب
أجلاً ممّا يظنّ الطغاة ومؤسسات تربية
الوحوش الكاسرة. '
كاتب وباحث سوري يقيم في باريس ============ الجمعة,
28 أكتوبر 2011 وليد
شقير الحياة هل ما
زال الوقت سانحاً كي تنجح المبادرة
العربية في نزع فتيل الأزمة السورية أم
إن الأمر لا يعدو كونه مناورة وتمريراً
للوقت، من الجانبين السوري والعربي
تمهيداً لأخذ الأزمة مداها الأبعد
فتشتد أكثر وتتصاعد وتسيل دماء أكثر
ويصبح أي مخرج أكثر صعوبة، فتتكرس
المعادلة التي تطرح إما بقاء النظام
وسحق المعارضة، وإما إسقاط النظام
وتغييره كما حصل في ليبيا مع ما في ذلك
من أهوال واحتمالات سلبية على سورية
نفسها وعلى المنطقة برمتها؟ مع
زيارة وفد الجامعة العربية أول من أمس
سورية ازدادت الأسئلة المقلقة وقلّت
الأجوبة. وإذا كان غياب الأجوبة
الشافية يعود الى الغموض الذي غلب على
النتائج التي انتهت إليها مهمة اللجنة
العربية برئاسة رئيس الوزراء القطري
حمد بن جاسم آل ثاني، فإن ما زاد هذا
الغموض هو انتظار الاجتماع الثاني
للجنة الأحد المقبل للحصول على أجوبة
سورية وأخرى عربية. فالنقطة
المركزية لمبادرة اللجنة تقوم على
رعاية الجامعة العربية الحوار، في
مقرها، وهو الأمر الذي سبق لدمشق أن
ردت عليه بالإصرار على أن الحوار يتم
على الأراضي السورية، فيما كان رد
الفعل الأول للمعارضة، لا سيما في
الخارج، عدم استعدادها للحوار مع
النظام بعد عمليات القتل والدماء التي
سالت منذ 15 آذار (مارس) الماضي. وإذا
افترض المرء أن في الإمكان التوصل الى
تسوية حول هذه النقطة، فإن المقدمات لا
تبشر بالخير: الرئيس بشار الأسد سبق أن
قال إن لا حوار مع المخربين
والتكفيريين والسلفيين في خطابيه
نهاية آذار الماضي وفي 20 حزيران (يونيو)
الماضي. وهو يقصد بهذه المصطلحات «الإخوان
المسلمين» الذين رفض كل وساطة أو مسعى
للاعتراف بهم وبوجودهم، الأمر الذي
فهمه الوسطاء، بمن فيهم الأتراك الذين
يعتبرون هذا التنظيم جزءاً من مكونات
الشعب السوري يستحيل تجاهله بدليل
استمرار وجوده على رغم محاولات إلغائه
منذ مجزرة حماة عام 1983، رفضاً للحوار
إلا مع من يعترف بهم النظام إما لأن
قوتهم الشعبية محدودة، وإما لأن بعضهم
لا يقول بتغيير النظام، بل بالإصلاحات
فقط. والمعارضة، لا سيما المجلس الوطني
السوري في الخارج، رفضت الحوار مع
النظام في ظل استمرار القمع والقتل. لكن
أبلغ ما رافق التحرك العربي في اتجاه
دمشق هو أن الأخيرة لم تقبل باستقبال
الأمين العام نبيل العربي في أيلول (سبتمبر)
الماضي إلا بعد تسوية تقضي بأن تتم
الزيارة من دون الإعلان عن وجود مبادرة
عربية، أو عن نقاط هذه المبادرة، وعلى
أن تتم مناقشة بنود المبادرة في
الاجتماعات المغلقة أثناء الزيارة.
وهو مخرج اجترحه أحد الوسطاء كي تقبل
القيادة السورية بأن يزورها الأمين
العام للجامعة في حينه. وخضعت زيارة
الوفد يوم الأربعاء لهذا المخرج
أيضاً، بحيث لم يعلن ما عرضه على
القيادة السورية وماذا كان موقفها. وفضلاً
عن أن هذا الموقف السوري من المبادرة
يعطي دمشق القدرة على نفي وجودها،
خصوصاً أن وزير الخارجية وليد المعلم
قال عنها في حينها إنها كأنها لم تكن،
فإن هذا يعود الى ثقة القيادة السورية
بأنها قادرة على السيطرة على الوضع
وأنها سبق أن أبلغت حلفاءها بأنها
استعادت المبادرة وأن المخاطر على
النظام زالت، بل هي أكدت لمن يعنيهم
الأمر أنها لم تستخدم الى الآن سوى 20 في
المئة من قدراتها في مواجهة الحركة
الاعتراضية الشعبية. وفي المقابل،
يزداد إصرار الانتفاضة السورية على
التحرك على رغم تشديد الإجراءات
القمعية ونتائجها الدموية، وتتواصل
الانشقاقات من الجيش، التي أخذت
تتراكم كمّياً على رغم محدوديتها...
وتتسع الهوة بين المناطق المتمردة على
السلطة والنظام. الوقت
يمر وتتضاعف الصعوبات أمام التسوية.
الرئيس السوري أعلن منذ 20 حزيران عن
نية البحث في تعديل الدستور ولم يشكل
اللجنة التي كلفها هذه المهمة سوى
منتصف الشهر الجاري، أي بعد 4 أشهر، في
وقت لم يأخذ تعديل الدستور عام 2000 لخفض
سن رئيس الجمهورية من أجل انتخاب
الرئيس بشار للرئاسة سوى 48 ساعة. وفي
خطابه في 20 حزيران تحدث الرئيس الأسد
عن إمكان إجراء انتخابات محلية في آب (أغسطس)
أو أيلول (سبتمبر) والآن جرى إبعاد هذا
الاستحقاق الى مطلع السنة المقبلة. أما
أفكار المبادرة العربية فهي تتحدث في
بندها العاشر عن «تشكيل حكومة وحدة
وطنية ائتلافية برئاسة رئيس حكومة
يكون مقبولاً من المعارضة المنخرطة في
الحوار وتعمل مع الرئيس وتتحدد مهمتها
في إجراء انتخابات نيابية شفافة
تعددية حزبياً وفردياً يشرف عليها
القضاء السوري ومفتوحة لمراقبين
للانتخابات وتنجز مهمتها قبل نهاية
العام»، على أن «يكلف رئيس الكتلة
النيابية الأكثر عدداً تشكيل حكومة».
وتشمل، طبعاً، وقف أعمال العنف ضد
المدنيين وسحب المظاهر المسلحة...
وتعويض المتضررين وإخلاء المعتقلين... المفارقة
تكمن في أن التحرك العربي جاء بديلاً
للتدخل الخارجي ولتدويل الأزمة في
سورية، فهل تتحول بنود المبادرة
العربية الى بنود التدويل، في حال
أخفقت اللجنة العربية الأحد المقبل في
مهمتها، خصوصاً بعد أن أيدت موسكو
التحرك العربي وساندته، وبعد أن طالبت
الصين القيادة السورية بالإسراع في
الإصلاحات؟ ============ الجمعة,
28 أكتوبر 2011 حسام
عيتاني الحياة منذ ان
ظهرت السيدة بثينة شعبان على
الصحافيين في الأسابيع الأولى للثورة
السورية، تعلن حزمة اصلاحات وزيادة في
الرواتب، وحزمة أعرض من الوعود، يسير
الحكم في دمشق في الطريق ذاتها من
الكلام المفضي الى مزيد من الكلام. ويعلم
كل من يستطيع جمع واحد إلى واحد، أن
النظام في غير وارد القيام بإصلاحات
تُبدّل من طبيعته الأمنية والعائلية
وأنه لن يتراجع عن أساليبه القمعية
الدموية في التعامل مع المتظاهرين.
الأسباب وراء ذلك تداني البداهة. منها
ما يتعلق ببلوغ النظام حداً من التكلس
يجعله يدرك أن أي خطوة إصلاحية جدية
تعني مباشرة الشروع في تفككه
وانهياره، سواء في مجال رفع يد الأجهزة
الأمنية الأخطبوطية عن المجتمع او في
كف يد العائلة ومتفرعاتها عن الاقتصاد. وهذا
من دون أن تصل المطالب أو الإصلاحات
المقترحة تخوم الحريات الفردية
والسياسية وتعديل الدستور وفصل
السلطات وضمان استقلال القضاء، ومن
دون ان تصل أيضاً الى مرحلة وقف قتل
المتظاهرين العزّل واقتحام القرى
والافراج عن الآلاف من المعتقلين
السياسيين الذين يسام أكثرهم سوء
العذاب. الإصلاحات
التي تدعو اليها الخطة العربية والتي
حملتها اللجنة المكلفة من الاجتماع
الاخير لوزراء الخارجية العرب بزيارة
سورية، لن ترى النور. ما في ذلك ريب. وما
ستفعله السلطات التي بدت «ايجابية
وودودة» اثناء اللقاء مع الوفد العربي
هو التسويف والمماطلة ودعوة «من يرغب»
الى الحوار الذي يجري برعايتها والذي
لن يؤدي الى شيء، من جهة، ودفع المجتمع
وقواه المعارضة إلى اليأس من التغيير
والثورة من خلال تكثيف العنف والقتل
والاغتيالات والاعتقالات، من الجهة
المقابلة. ويتوقع
النظام، بشكل غير بعيد من الصواب، أن
يؤدي تصاعد العنف الذي يمارسه إلى رد
فعل من النوع ذاته من المعارضة.
فالانتهاكات الفظيعة التي لا يصل كثير
منها إلى الإعلام، أو التي تمتنع وسائل
إعلام عربية عدة عن الحديث عنها لقبحها
وحساسيتها، مصوبة أساساً إلى هذه
النقطة تحديداً: مراكمة الكراهية
والقهر إلى الحد الذي لا يجد المُذلون
والمُداسون ما يعيد لهم كرامتهم سوى
العنف والقتل. بساطة
الخطة، التي تبرّع عدد من مؤيدي النظام
(من غير السوريين خصوصاً) بشرحها
وتفسيرها والترويج «لحلها الأمني»، لا
تلغي فاعليتها. فالصدامات المسلحة بين
الجيش والامن من جهة، وبين «المنشقين»
من جهة ثانية، باتت شبه يومية. ويعلم
الوزراء العرب الذين زاروا دمشق هذه
الحقائق من قبل أن تهبط طائراتهم في
العاصمة السورية، لكنهم يضطرون إلى
أداء هذا الدور لسببين: الأول هو عدم
امتلاكهم ما يقدمون إلى الشعب السوري
في وقت لم تنضج بعد ظروف التغيير
الخارجية بسبب انشغال عدد من الدول
المؤثرة في همومها الخاصة أو فقدانها
للبدائل اللازمة للنظام الحالي، ووصول
المواجهة الداخلية الى نقطة التوازن
بين قوتين تبرهن كل منهما كل يوم
قدرتها على الصمود في وجه الخصم. السبب
الثاني أن الوزراء العرب مضطرون
للقيام بأمر ما، مهما كان شكلياً
وخاوياً، كنوع من «الحفاظ على النوع»
أي الدفاع عن دوام المؤسسات العربية
المشتركة والإعلان أمام الغرب (على ما
في هذا الغرب من نفاق) أن الدول العربية
وهيئاتها المعنية تراقب وتحاول علاج
الوضع في سورية. المبادرة
العربية لا تحمل، على ما يعرف الجميع،
أي قدرة على وقف سفك الدماء ناهيك عن
إطلاق عجلة إصلاحات ذات مغزى. لكنها
ضرورية ضمن المظاهر الشكلية للتحركات
العربية والدولية. والنظام، بتظاهراته
المليونية «العفوية» المؤيدة، لن يحل
الاستعصاء السياسي الذي أوصل سورية
اليه، سوى عندما يعترف باتساع وجذرية
المعارضة التي يمثلها شباب شوارع
البلدات والمدن السورية قبل غيرهم. ============================= هل
يزهر الربيع العربي نظما ديمقراطية
جديدة؟ د.
يوسف نور عوض 2011-10-26 القدس
العربي ينظر
إلى الربيع دائما على أنه المرحلة التي
تتجدد بعدها الفصول، ويرمز إليه عادة
بالأزهار الجميلة والطيور المغردة،
وذلك ما جعل الكثيرين يطلقون على
التحولات الجارية في العالم العربي
صفة الربيع، ولكن هل هناك دلائل على أن
هذا الربيع سوف يزهر ويأتي بالطيور
المغردة؟ لا
أريد بهذا التساؤل أن أتخذ موقفا سلبيا
يؤدي إلى الإحباط، غير أني لا أريد في
الوقت ذاته أن أتجاهل الحقائق الماثلة
في العالم العربي - والتي تستدعي
التريث وإعادة النظر من أجل تحقيق
الأهداف بطريقة أكثر إيجابية. وهنا
نتساءل عن الأسباب التي أدت إلى
التحركات العربية في بلاد مثل ليبيا
وسورية واليمن وتونس وغيرها، وقد لا
يحتاج الأمر إلى كبير جهد كي نتبين أن
ظروف القهر والفقر هي التي حركت
الجماهير في تلك البلاد، ولكن
من وجهة نظري - يجب ألا تقرأ هذه
التحركات على أنها ستحقق التغيير الذي
يأمل فيه الجميع. فإذا
ما نظرنا إلى ما تمخض عنه الوضع في تونس
بعد اندلاع الثورة في نهاية العام
الماضي وجدنا أن الأمور انتهت إلى
انتخابات عامة قال الكثيرون إنها
ستكون أنموذجا يحتذى في العالم
العربي، يقولون ذلك في وقت تؤكد فيه
الأنباء إن تونس تحتوي على أكثر من مئة
وخمسة وستين حزبا، وليس من الضرورة أن
تتنافس هذه الأحزاب على الواقع
السياسي، إذ أكدت الأخبار أن ثلاثة فقط
منها هي التي تأتي في المقدمة من بينها
حزب النهضة الإسلامي، وهنا يبرز
السؤال المهم وهو هل استطاعت تونس التي
لم تعرف ممارسة ديمقراطية منذ
استقلالها في عام ألف وتسعمئة وستة
وخمسين أن تؤسس نظاما سياسيا جديدا، أم
أن الأمر لا يعدو أن يكون إنتاج نظام قد
تعود بعده الأمور إلى سيرتها الأولى. وما
نقوله عن تونس ينطبق إلى حد كبير على
مصر، إذ بعد نجاح ثورتها وإطاحة الرئيس
حسني مبارك سلمت السلطة إلى المجلس
العسكري، وتلك عملية هروب واضحة من
تحمل المسؤولية، إذ ما علاقة
العسكريين بالحكم، ثم ألا يعيد هذا
التصرف ما حدث في انقلاب عام ألف
وتسعمئة واثنين وخمسين، فما علاقة
العسكريين أصلا بالحكم؟ وقبل هذا وذاك
ألا يحق لنا أن نتساءل لماذا تسلم
الثورة الحكم لكبار العسكريين وهم
الذين كان الرئيس مبارك يعتمد عليهم.
قد يقول قائل إن ذلك هو الخيار الوحيد
الذي كان مطروحا حتى تبدأ البلاد تنظيم
نفسها من جديد، ولكن المؤكد هو أنه لن
يكون هناك نظام جديد ينبثق من هذا
الواقع السياسي، ليس فقط لأن
العسكريين لا يرغبون في ذلك بل لأنه لا
يوجد تصور في ظل هذه الظروف الصعبة
يوضح كيفية التحرك نحو المرحلة
المقبلة. أما في
ليبيا فإن الوضع يبدو أكثر تعقيدا لأنه
بعد ثورة سالت فيها كثير من الدماء لا
نعرف على وجه التحديد ما لون القيادة
الجديدة أو توجهاتها، كما لا يتوقف أحد
عند الذين قفزوا من سفينة القذافي
وقدموا أنفسهم في هذه المرحلة بوجه
جديد، ولا شك أن هذا الوضع سوف يستمر
زمنا طويلا لأن ليبيا لم تعرف خلال
اثنين وأربعين عاما من حكم القذافي أي
تنظيم سياسي، وإذا أرادت الآن أن تنتقل
إلى وضع سياسي آخر فإن عليها أن تفكر في
كيفية بناء نظام الدولة، وهذا أمر غير
متاح لليبيا أو لأي من الدول التي
تنتفض في هذه المرحلة، ولعل كل ما يفكر
فيه الثوار هو أن يؤسسوا حكومة جديدة
لا يعرف أحد كيف ستختلف عن النظام الذي
سبقها، خاصة أن الثوار يتحدثون عن
دستور لم يفوضهم أحد لصياغته،
بالإضافة إلى وجود خلافات كبيرة حول
المبادىء التي أعلنوها.. ولا
يختلف الوضع في اليمن إذ لا توجد قاعدة
يتأسس عليها نظام جديد، ويبدو الأمر
أكثر صعوبة بكونه صراعا قبليا لا يعرف
أحد كيف ستكون نهايته. أما في
سورية فالأمر أكثر تعقيدا لأن الموقف
من النظام السوري ليس مجرد موقف داخلي
بل هو أيضا تدخل خارجي وفق استراتيجيات
دولية مهمة، وقبل أن نركز على هذه
الاستراتيجيات نتوقف عند التوجهات
العامة التي ينطلق منها النظام السوري
والقائمة على مبادىء حزب البعث. وهنا
نؤكد أن حزب البعث ظهر في الحياة
العربية من خلال طرح أيديولوجي قام به
ميشيل عفلق وغيره من مفكري البعث، وظل
الطرح البعثي يحاول أن يقيم التوازن مع
الطرح اليساري الذي كان سائدا في
العالم العربي في تلك المرحلة، وعلى
الرغم من أن حزب البعث لم يستطع أن يحقق
سوى جيوب في كثير من البلاد العربية،
فهو قد استطاع أن يتوصل إلى الحكم في كل
من سورية والعراق، ويرى الكثيرون أن
السبب الرئيسي في عدم تمكن هذا الحزب
من تحقيق أيديولوجيته على المستوى
العربي، هو أن الحزب قد مزج بين الفكر
السياسي والفكر الطائفي وبالتالي أحدث
تناقضا بين فلسفته وتوجهاته وهو ما
جعله غير قادر على أن يكتسب أرضية
واسعة على النطاق العربي. وإذا
توقفنا أمام الاستراتيجيات الدولية
تجاه النظام السوري، وجدنا تناقضا
وتضاربا في المواقف، ونعني بذلك مواقف
تركيا وإيران والولايات المتحدة
وإسرائيل وجميع هذه الدول ترى أن تغيير
النظام السوري سوف يحدث خلخلة يصعب
إيجاد التوازن فيها في هذه المرحلة. ويقودنا
ذلك إلى عملية التخويف التي بدأت في
العالم العربي بعد الأزمة الاقتصادية
التي أخذ يواجهها العالم الغربي، ذلك
أن كثيرا من الدول التي تعمها
الاحتجاجات بدأت تتحدث عن النظام
الرأسمالي المتوحش وتروج لأفكار عفا
عليها الزمن كانت رائجة في أوقات المد
اليساري في العالم العربي، وذلك ما
يستدعي أن نتوقف قليلا عند هذه الأفكار.
إذ المعروف أن الفكر اليساري والذي
تأسس عليه الفكر الاشتراكي في مرحلة
لاحقة قام على النظرية الماركسية، وهي
نظرية ترى أن المجتمع يتحرك في حركة
دياليكتيكية نستهدف في نهاية الأمر
إسقاط الرأسماليين الذين يمتصون خيرات
الشعوب وثرواتها وتحويل هذه الخيرات
إلى أيدي الفقراء الذين يطلقون عليهم
البروليتاريا، وقد أثبتت هذه النظرية
فشلها خاصة في العالم العربي، لأن معظم
الدول التي تبنت الاشتراكية سلمت
مقدراتها المالية لأشخاص قاموا بنهب
تلك الأموال وتحويلها إلى المصارف
الخارجية، ولم تسلم كثير من الدول
العربية من ذلك إذ يتحدث الكثيرون عن
مليارات مبارك المهربة وغيره من
القادة والزعماء العرب، ومعظم هذه
المليارات هي الآن في طريقها إلى
الضياع لأنه لا أحد يعرف مكانها كما أن
الوسطاء يقومون بحيل كثيرة من أجل
الاستيلاء عليها. وبصفة
عامة ليست هذه طبيعة النظام
الديمقراطي في معظم الدول الغربية،
لأن النظام الرأسمالي نظام مؤسسي ولا
يسلم المال أو السلطة لحفنة من اللصوص
بصرف النظر عمن يملك المال، ذلك أن
النظام الرأسمالي الغربي يقوم على
ثلاثة أسس هي: أولا :
النظام المصرفي الذي تودع فيه سائر
الأموال سواء كانت لأغنياء أو غيرهم
ويقوم هذا النظام بإدخال هذه الأموال
في الدورة الاقتصادية لينتفع منها
الجميع، وبالتالي ليس مهما من يمتلك
المال طالما هو موجود في داخل البلد
وغير مهرب إلى الخارج. ثانيا:
نظام الضمان الاجتماعي وهو النظام
الذي يوفر للمواطنين الحد الأدنى من
العيش الكريم في حال البطالة أو الحاجة. ثالثا:نظام
التأمينات وهو يقوم بعمل مكمل لنظام
الضمان الاجتماعي ويتقدم لخدمة
المواطنين عندما تظهر حاجتهم لذلك
وبالطبع يعمل هذا النظام الثلاثي في
إطار نظام قانوني وديمقراطي يستهدف
تحقيق التقدم والتنمية الاجتماعية. ولا
نقول بذلك إن هذا النظام لا يواجه
مشاكل إذ هو يواجه المشاكل من وقت لآخر
بسبب الديون السيادية التي تقوم
الدولة في العادة بمعالجتها عن طريق
رفع الضرائب أو نقص النفقات، وذلك ما
يحدث بعض الأزمات المؤقتة التي سرعان
ما تنجلي. وبالتالي يبدو التخويف من
هذا النظام مجرد فزاعة من أجل استمرار
ما هو قائم. ومؤدى
قولنا هو من أجل أن يصبح الربيع العربي
ربيعا حقيقيا تلونه الأزهار فلا بد أن
ينتقل العالم العربي من مرحلة تشكيل
الحكومات إلى مرحلة إقامة نظم الدولة
المؤسسة على ديمقراطيات حقيقية. ================= رأي
القدس 2011-10-26 القدس
العربي استقبل
الرئيس السوري بشار الاسد يوم امس وفد
الجامعة العربية برئاسة الشيخ حمد بن
جاسم بن جبر آل ثاني رئيس وزراء ووزير
خارجية قطر الذي جاء يطالب بنقطتين
اساسيتين، الاولى وقف العنف، والثانية
البدء في حوار جدي بين السلطات السورية
والمجلس الوطني السوري المعارض. العنف
لم يتوقف في سورية، فقد كشف المصدر
السوري لحقوق الانسان عن مقتل أكثر من
عشرين شخصاً، يوم وصول الوفد، من ضمنهم
تسعة جنود سوريين بينهم ضباط اثر هجوم
شنته وحدة عسكرية مسلحة منشقة عن الجيش
السوري. اما الباقون فسقطوا برصاص
الجيش وقوات الامن السورية خاصة في
مدينة حمص. الاستقبال
الشعبي لوفد الجامعة عكس بصورة جلية
الخريطة السياسية السورية على الارض
في الوقت الراهن، فالسلطات حشدت مئات
الآلاف من مؤيديها للتظاهر في ساحة
الامويين في دمشق (السلطات قالت ان
العدد فاق المليونين) لايصال رسالة الى
وزراء الخارجية العرب ووفدهم بان
النظام السوري يحظى بشعبية كبيرة،
بينما حرصت المعارضة على ايصال رسالة
مغايرة تماماً من خلال اعلان الاضراب
في بعض المدن السورية وتصعيد مسيرات
الاحتجاج. النظام
السوري الذي عارض تشكيل وفد الجامعة من
الاساس، مثلما عارض تولي رئيس وزراء
قطر رئاسته عاد وتراجع عن موقفه هذا،
ولعل هذا التراجع يعود الى امرين
اساسيين، الأول رغبته، اي النظام
السوري، في عدم تصعيد التوتر مع
الجامعة، لانه يعرف ان وقوفها ضد نظام
العقيد معمر القذافي في ليبيا
ومساندتها لتدخل حلف الناتو في الازمة
الليبية تحت غطاء حماية المدنيين ادى
الى النهاية الدموية التي رأيناها
للنظام الليبي، والثاني لجوء وفد
الجامعة العربية الى تخفيف حدة لهجته
تجاه النظام في دمشق، وتقديم نفسه، اي
الوفد، بصفة الوسيط، وليس كطرف منحاز
الى المعارضة. من
الواضح ان استراتيجية النظام في سورية
هي التهديد والترغيب، التهديد باللجوء
الى العنف ضد اي دولة تعترف بالمجلس
الوطني المعارض، او تتخذ مواقف معادية
لسورية، ولوحظ ذلك بوضوح في الهجوم
الشرس الذي شنه السيد يوسف الاحمد
مندوبها في الجامعة على الدول
الخليجية التي تتبنى المعارضة السورية
وتدعمها اعلامياً، وتفجير احداث عنف
في منطقة القطيف شرق السعودية حيث
تتمركز الاقلية الشيعية، ولا ننسى في
الوقت نفسه تصعيد حزب العمال
الكردستاني لعملياته ضد قوات الجيش
التركي ومقتل 26 جندياً تركيا في احدى
هجماته الاخيرة، في اشارة واضحة
المعاني لتركيا التي تستضيف مؤتمرات
المعارضة السورية، اما الترغيب فينعكس
في اظهار التجاوب مع المطالب العربية
في الاصلاح والحوار دون الاقدام على اي
خطوات عملية جدية في هذا الصدد. المعارضة
السورية، او بعض عناصرها، بدأت تدرك ان
الموقف العربي يتسم بالميوعة تجاه
الاوضاع السورية ولا يمكن التعويل
عليه كثيراً، بل ان هذه المعارضة تشعر
بالخذلان العربي، حيث مازال الدعم
العربي الرسمي لها مقتصرا على الدعم
الاعلامي فقط، وسمعنا السيد محمد
العبد الله احد المتحدثين باسمها في
واشنطن يطالب باعتراف النظام بالمجلس
الوطني كممثل للشعب السوري مقابل
الجلوس معه على مائدة الحوار، اي انه
لم يرفض محاورة النظام ولم يطالب
باسقاطه اثناء مقابلة معه في قناة 'العربية'
مساء امس. ولعل
ما يزيد احباط المعارضة السورية من
الموقف العربي، هو عدم اعتراف اي حكومة
عربية حتى الآن بالمجلس الانتقالي
السوري رغم وعود كثيرة قطعت في هذا
الصدد. والاعتراف الوحيد اليتيم جاء من
المجلس الانتقالي الليبي، والشيء
نفسه، اي عدم الاعتراف فعلته دول
عالمية كبرى مثل امريكا وبريطانيا
وفرنسا وتركيا. النظام
السوري بات يتمتع بثقة اكبر في النفس
بعد استخدام كل من روسيا والصين 'الفيتو'
ضد مشروع قرار في مجلس الامن تقدمت به
بريطانيا وفرنسا يطالب بفرض المزيد من
العقوبات على سورية، الأمر الذي جعله
يطمئن بان سابقة تدخل حلف الناتو في
ليبيا بغطاء دولي لن تتكرر في سورية. الظاهرة
الخطيرة التي ربما يقلل من اهميتها
النظام في دمشق مثلما يبدو ذلك من ردود
فعله، هي تزايد اعمال المقاومة
المسلحة، خاصة من قبل القوات المنشقة
عن جيشه، مما يعني ان الانتفاضة
السورية، وبعد مقتل اكثر من ثلاثة آلاف
متظاهر، بدأت تتخلى مكرهة عن سلميتها،
مما يعني ان البلاد تنزلق الى حرب
اهلية على غرار ما حدث في ليبيا، الامر
الذي قد يؤدي الى تدخل خارجي في نهاية
المطاف، بغطاء من الامم المتحدة او
بدونه، فهناك دول عربية بدأت تدعم
المعارضة السورية بالاسلحة والعتاد
العسكري وان كان ذلك بشكل سري. النظام
السوري لا يستطيع ان يحارب معارضة
مسلحة ويواجه حصارا اقتصاديا وعزلة
دولية في الوقت نفسه، مهما تمتع باسباب
القوة والدعم. صحيح انه يملك اهم
الاسلحة في مواجهة الحصار الدولي، وهي
تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء
والنفط واستمرار تماسك الجيش ووجود
دعم داخلي من قطاعات شعبية، علاوة على
الدعمين الروسي والصيني، ولكن الغرب
الذي يتزعم الحملة لدعم المعارضة
واسقاط النظام بتحريض عربي، يراهن على
سياسة النفس الطويل، اي اغراق النظام
في حرب استنزاف طويلة الامد، لانه يخشى
من التدخل العسكري المباشر لكلفته
العالية مادياً وبشرياً. مبادرة
الجامعة العربية قد تكون عجلة انقاذ
للنظام والمعارضة معاً ولسورية نفسها
في نهاية المطاف، اذا ما تم التعامل
معها بجدية ومن قبل النظام على وجه
الخصوص، فلا بد من وقف العنف، وسحب
القوات المسلحة وتبييض السجون والبدء
في خطوات اصلاحية فعلية، والترحيب
بالحوار مع المعارضة، لان هؤلاء
سوريون لا يقلون وطنية او حبا لسورية
مثل النظام ان لم يكن اكثر. ================= ماذا
بعد «المهلة العربية» وشهدائها؟ الخميس,
27 أكتوبر 2011 عبدالوهاب
بدرخان * الحياة كان
الأسبوع الماضي واعداً وملهماً، سواء
بالحسم النهائي في ليبيا وإعلان
التحرير فضلاً عن تحديد موعد إنهاء
عمليات حلف الأطلسي، أو ببداية تدويل
الأزمة اليمنية مدفوعاً ب «نوبل
السلام» لتوكل كرمان بصفته تدويلاً
إنسانياً، أو بالحدث التونسي المهم
الذي أتاح للتونسيين أن يقبلوا على
اقتراع لن يسرق منهم أصواتهم. هذه
الأحداث جددت الرهان على ربيع الثورات
والانتفاضات العربية، وعززت آمال
السوريين واليمنيين بأن تضحياتهم تكتب
نهاية الاستبداد وإن تأخرت. لم
تضاهِ بشاعة النهاية التي ذهب إليها
معمر القذافي إلا فظاعات عهده الطويل
وتجبّره في التحكم بمصير شعبه. والعبرة
في مَن يتّعظ، ف «عميد القادة العرب»،
كما لقّب نفسه، كان الأكثر إيحاءً
باطمئنانه إلى متانة حكمه ظاناً كسواه
بل أكثر منهم أنه أنجز ما عجزوا عنه، إذ
ألغى الشعب الذي ما لبث أن ألغاه
تماماً. كان إبداع الانتفاضات في
سلميّتها، وأصبح التوحش على هذه «السلمية»
طريقاً مباشراً لاستدراج التدخل
الخارجي لأن المنازلة المختلّة بين
الجيوش والشعوب لم تعد مقبولة، اللهم
إلا في العقلين الروسي والصيني. بلغ
القمع وانسداد الأفق في سورية حدّاً
يستدعي أي نوع من التدخل استدعاءً. ولم
يعد التدخل عيباً يحاذره أحد بداعي
الوطنية، لأن «وطنية» القتل أفاضت بما
عندها وحوّلت آمال الإصلاح والتغيير
خياراً من اثنين: قاتل أو مقتول. ولعل
التجربة الليبية برهنت أن لا سبيل إلى
الخلاص من الكابوس إلا بعون خارجي، ثم
أن الحكام المتشبثين بالسلطة ألا
يلوذون هم أيضاً بقوى دولية لحماية
استمراريتهم حتى أنهم صاروا عبئاً
عليها وباتت تضغط بدورها عليهم كي
يفعلوا أي شيء لتغيير مجرى الأحداث.
لكن الواقع ومنطق الأزمة باتا أقوى من
قدرة الأنظمة المعاندة بل كشفا صغارة
دواعي هذا العناد. في
الوقت الذي يطلق الشعب صرخات الألم
والاستغاثة لم يجد العرب في اجتماعهم «الاستثنائي»
سوى منح النظام «مهلة» جديدة لم يطلبها
ولا يحتاجها. وليس واضحاً ما قصة ال «15
يوماً» التي تكررت دائماً، من المسعى
التركي إلى المسعى العربي، مروراً
بالمهل الأخرى التي أوحت بها المواقف
الدولية بما فيها البيان الأول اليتيم
لمجلس الأمن، وصولاً إلى السيناريوات
التي تعرضها دمشق على موسكو. ما يمكن أن
يُفهم منها أن تعذّر التدخل الخارجي
يحتّم تجديد الرهان على النظام نفسه،
وهو أكد طوال الشهور الثمانية قدرته
على استخدام القوة بلا جدوى وعجزه عن
طرح أي مبادرة سياسية ذات صدقية. رغم
التحفظ الأولي عن القرار الذي أصدرته
الجامعة العربية، وتهجم بعض الإعلام
السوري الرسمي عليه، عاد النظام فوافق
على استقبال اللجنة الوزارية.
والأسباب واضحة. فمن جهة هناك دول حالت
دون طرح تجميد عضوية سورية في الجامعة
وطلبت إعطاء دمشق فرصة أخرى، ومن جهة
أخرى هناك المبادرة التي كانت الجامعة
تبنتها وتولى الأمين العام إبلاغ
مضمونها إلى الرئيس السوري مباشرة
فنال بعض الأجوبة وبعضاً أكبر من
التجاهل للبنود الملزمة فيها لكن
ارتؤي التأكد من الموقف النهائي
للنظام من هذه المبادرة قبل الانتقال
إلى خطوات تصعيدية. أي أن النظام وجد
مصلحة في التعامل مع تحرك عربي يعرف
مسبقاً أنه لن يغيّر شيئاً بالنسبة
إليه، فهو يعوّل على روسيا والصين،
وإذا كان لديه ما يقدمه فلن يقدمه إلى
العرب، خصوصاً أنه يملك صوتهم الوحيد
في مجلس الأمن، أي صوت لبنان. أما
المصلحة فربما لفته إليها الحليف
الروسي، بل حتى الإيراني، الذي تنبّه
إلى ضرورة استباق أي مفاجأة عربية من
النوع الذي حظيت به ليبيا تحت عنوان «حماية
المدنيين». فأي اجتماع عربي مقبل للبحث
في الوضع السوري لن يتوقف عند «تجميد
العضوية» لأنه خطوة معنوية لا يمكن
تصريفها في أي محفل دولي لمساعدة الشعب
السوري إلا إذا اقترنت بإقرار عربي
واضح بطلب الحماية والعمل على تفعيله
دولياً. لا شك
في أن استعادة «الايجابية» حيال
المسعى العربي تهدف إلى إجهاض أي تحرك
قد يربك التكتيك الروسي أو الإيراني.
وفي الأثناء أمكن للنظام أن يمرر ردّاً
دموياً قاسياً خلال الأيام التالية
لقرار الجامعة و»مهلتها». وقبل وصول
اللجنة الوزارية وبعد مغادرتها ظلّت
مجموعة من الأسئلة مطروحة في شأن حقيقة
الموقف العربي وهل هو جدّي في ممارسة
دور فاعل وعلى أي أساس، وكذلك إذا كان
لديه النفوذ والقدرة لوقف القتل كما
يريد الشعب السوري والعالم أو حتى لوقف
الانتفاضة كما يتمنى النظام. ومن المهم
أن تفصح الجامعة العربية إذا كانت تلقت
ردوداً من النظام السوري على «المبادرة»
التي نشرت وحملها نبيل العربي إلى دمشق
يوم كانت مستشارة الرئيس السوري تناقش
مع المسؤولين الروس في موسكو تفاهمات
الطرفين التي تبين لاحقاً أنها كانت
مريحة للنظام، واستطراداً ما هو
تقويمها لتلك الردود إذا وجدت فعلاً. كان
الأمين العام أفاد بأنه «اتفق» مع
الرئيس بشار الأسد على خطوات إصلاحية،
ولم يقل شيئاً عما لم يتفقا عليه.
وعندما عقد الاجتماع الأخير للجامعة
لم يكن معلوماً ما هو الوضع الذي آلت
إليه تلك المبادرة، فهل لا تزال هي
نفسها على الطاولة، وهل أنها الورقة
التي دار عليها النقاش بين اللجنة
الوزارية ومسؤولي النظام. ثمة غموض
يتوجب توضيحه لأن الدعوة إلى «الحوار»
أفسحت المجال للظن بأن الجامعة
ارتأتها للالتفاف على بنود صارمة
تضمنتها المبادرة خصوصاً في ما يتعلق
بالتزام النظام جدولاً زمنياً محدداً
بالنسبة إلى الإصلاحات. ما
يتوقع من زيارة اللجنة الوزارية أن
النظام سيوظفها في إطار أجندته. فطالما
أنه استقبلها من دون أن يبدّل سلوكه
الأمني، فإنه سيحاول أن «يبيعها»
عيّنة من الروايات والتعهدات التي
باتت معروفة لكن بعض المشاركين في
اللجنة مستعدون مسبقاً لأخذها في
الاعتبار، ويخشى عندئذ أن تفقد
الجامعة إمكان التوصل إلى قرار عربي
لمصلحة الشعب السوري، خصوصاً إذا كانت
تنطلق من استبعاد أي تدخل خارجي.
فالنظام لا يهتم حالياً إلا بما يخططه
بالتفاهم مع موسكو وطهران وهو يعتمد
على عدد من الحكومات العربية لإحباط أي
خطوة يمكن أن تضيّق هامش المناورة
السوري. وفي أي حال، سيشكّل وجود
اللجنة العربية في دمشق فرصة لتأكيد
التهديدات ب «إشعال المنطقة»
وتجديدها، فهذه هي الرسالة التي
ستحمّل للوزراء وبالتالي لحكوماتهم. *
كاتب وصحافي لبناني ================= سيكولوجيا
الاستبداد والروح الجديدة للشعوب طاهر
العدوان 27-10-2011 العرب
اليوم فرص
نجاح وفد الجامعة العربية بمهمته في
دمشق ضئيلة, تماما مثلما كان وضع
الوساطة الخليجية مع حاكم صنعاء, فبعد
عشرات السنين من انظمة الاستبداد في
العالم العربي تقطعت الجسور بين هذه
الانظمة وبين شعوبها وقوى المعارضة, بل
كشف الربيع العربي بأنها كانت جسورا
مدمرة ومنسوفة. لهذا فإن كل وساطة
مصيرها الفشل. يسعى
وفد الجامعة الى جمع الاسد بمعارضيه
الذين يطالبون باسقاطه منذ 8 اشهر, وكان
مجلس التعاون الخليجي قد سعى خلف الهدف
ذاته مع علي صالح في اليمن, غير ان
سيكولوجيا الاستبداد والتفرد بالحكم
متأصلة في الانظمة العربية التي تعتبر
ان مجرد القبول بالحوار مع المعارضة
انتقاص من هيبة رئيس النظام وتشكيك في
شرعيته. لقد مارست الانظمة الاستكبار
والعجرفة والغطرسة على الشعوب عندما
يتعلق الامر بمطالب المواطنين وحقوقهم
الطبيعية والاساسية. لكنها, في الوقت
ذاته, مرنة, سلسة, مستسلمة امام شروط
ومطالب امريكا والدول الكبرى بشكل عام. لقد
مرّ على الربيع العربي 10 اشهر حتى الان
وفيها من النهايات للانظمة, كما في مصر
وتونس وليبيا, ما يكفي لاقناع الصخر
الجلمود بان الدنيا تغيرت, وبان الشعوب
لم تعد ذاتها, فرياح التغيير كانت فيما
مضى نسائم يغير الحاكم اتجاهاتها
بمروحته اليدوية, لكن ما يحدث الان
اعاصير شعبية, لا هدف لها غير رؤية حدوث
تغيير جوهري في جميع اساليب الحكم التي
تتبعها الانظمة منذ 60 عاما, فمن اتعظ
اعتبر ونجا ومن لم يتعظ لا تنفع معه
وساطة جامعة ولا حتى مجلس الامن ولا
منظمات حقوق الانسان في العالم. ولهذا
العناد الذي يبديه حاكما دمشق وصنعاء
مظاهره النفسانية التي تغري علماء
النفس والاجتماع لدراسة حالة قيام
الحاكم الذي استولى على السلطة بقوة
السلاح بادارة ظهره لشعب بأسره,
واستهتاره بكل مظاهر الرفض التي
يُعبّر عنها الملايين في الميادين
والشوارع والساحات مطالبة برحيله لكنه
يقابل ذلك بامعانه بالقمع والقتل تحت
مزاعم »تمسكه بالشرعية« وكأنه رئيس
بلد ديمقراطي يُنتخبُ كل 4 سنوات ولا
يعاد انتخابه اكثر من مرتين!! بالمقابل,
الربيع العربي وهذه الانتفاضة الروحية
والمادية التي تجتاح العديد من الشعوب
يستدعيان علماء النفس والاجتماع, اضف
اليهم السياسيين والمفكرين, كي يفسروا
هذا الحدث التاريخي الضخم الذي يوصف في
وسائل الاعلام بأنه زلزال ديمغرافي
كبير. ماذا
حدث حتى انقلبت الشعوب على ما كانت
عليه من حالة الانصياع لحشود الامن
والمخبرين والحزب الواحد الذين كانوا
يدفعونهم الى الشوارع للهتاف للزعيم
وكأنهم اجساد »روبوتات« وليسوا بشراً.
هذه الشعوب انقلبت الى حالة التمرد
والاحساس الجمعي بأن شيئاً عزيزاً
ناقصاً لا بد من الكفاح من اجله مهما
غلت التضحيات وهو الحرية السياسية
والكرامة الانسانية, التي لا تتم إلا
بالتخلص من الديكتاتورية ونيل حقوق
المواطنة في نظام لا يقل سنتميترا
واحدا في مواصفاته عن الانظمة
الديمقراطية الحقيقية القائمة من جنوب
افريقيا الى فرنسا. ومن اليابان الى
الارجنتين وتشيلي .. الخ. من
الافضل للجامعة العربية ان توفر جهدها
مع نظام الاسد, هذا اذا كان الشعب
السوري ينظر بالفعل بارتياح الى
وساطتها في أمر يخص حريتها وكرامتها,
فالجسور تقطعت ماديا ومعنوياً بين
الشعوب وبين الديكتاتورية ولا مجال
لاصلاح ما استهلكه الدهر من اساليب حكم
انتهت صلاحياتها في العالم الآدمي. ================= لبنان
وسوريا.. الدائرة المغلقة للعلاقات
الأهلية احمد
جابر السفير 27-10-2011 من
يهتم لأمر العلاقات اللبنانية
السورية؟ السؤال اتهامي، والجواب عليه
بالنفي، اتهامي هو الآخر. مضمون
الاهتمام، الذي يطرح السؤال حوله، هو
تعثر قيام علاقة صحيحة ووطيدة بين
بلدين تجمعهما روابط وعناصر، فيها من
الطبيعية والاختيار الشيء الكثير،
لكنهما يقيمان على افتراق عضال، منذ أن
باتت السياسة الرابط الوحيد، ومنذ أن
اختزلت السياسة، فتحولت إلى معنى
الإلحاق، وممارساته، من الجانب
السوري، وإلى صدى المعنى، الذي لم
يتجاوز الاستجابة والالتحاق، من
الجانب اللبناني. رست
المعادلة المومى إليها على ظاهرة تطلب
هيمنة، من «الشقيقة الكبرى»، عندما
كان استكمال الإمساك بالوضع اللبناني
متعذراً، لأسباب شتى، وعلى واقع هيمنة
ثقيلة، عندما توفرت الشروط الداخلية
والخارجية لذلك. فلسفة الهيمنة،
واللعب خارج حدود الداخل السوري، تحتل
مكاناً بارزاً في منظومة صناعة
السياسات العامة لسوريا، وإذا كانت
هذه الأخيرة ليست الوحيدة في هذا
المجال، وتشاركت وأنظمة عربية أخرى
هذه التوجهات، فإنها كانت اللاعب
الأبرز في مضمار نقل الداخل إلى الخارج.
العوامل المساعدة كثيرة، لكن طليعتها
تختزلها المكانة الجغرافية للوطن
السوري، وتاريخ الصراع القديم في
المشرق، وتطورات الصراع الحديث مع
إسرائيل، والإيديولوجيا القومية،
التي استفادت من حقبة «الانقلابات
الثورية»، فأسست شرعيات بديلة، عاشت
على بعض التقديمات الملموسة، لدى
انطلاقتها، ثم اعتاشت من ذكرى الصراع و«الإصلاحات
الشعبية» طيلة الحقبات اللاحقة. أمّن
النجاح في الخارج جزءاً من
الاستمرارية «للنظام»، وعوّض عن
إخفاقاته في الداخل، وغطى الحضور
الطاغي خلف الحدود على تنحية وتأجيل كل
ما يدور داخل الحدود، وضمن تشكيلاتها
الاجتماعية. ضمن هذا السياق، عادلت
الهيمنة الاستمرار في الوجود، وترددت
مقولة الإمساك بالأوراق، كتعبير عن
قوة النظام وسطوة حضوره، وربط القيمون
على السياسات، بين مدى التأثير في
الخارج، وتعاظم مردود المصالح، وجنى
الفوائد على الممسكين بدفة سفينة هذه
السياسات. وقع
لبنان وما زال أسير هذه النظرة، التي
برغم كل التطورات التي تشهدها سوريا،
ما زالت تتصرف حياله بصفته ملعباً
خلفياً لقراراتها، وميداناً إضافياً
لمناوراتها. كخلاصة: تتمخض العلاقة
المشتركة، من الجانب السوري، عن مفهوم
«الساحة»، وهذا لا ينطوي على معطيات
صحيحة، تؤسس لشراكة متطورة مفتوحة
الآفاق، بل إن فهماً كهذا للعلاقة،
يشدّ الخناق على محاولة التأسيس لمسار
آخر، يحمل بذور الانفتاح و«الإيجابية
المستدامة». يشارك
اللبنانيون نظراءهم السوريين عدم
الاهتمام بالعلاقة المشتركة بينهما،
ويشاطرونهم الإساءة إليها. المعطى
الذي يقود السياسة اللبنانية، في
مضمار العلاقات، تكويني، أو بنيوي حسب
المتداول، أي أنه يشكل علة أصلية من
علل إنشاء الكيان اللبناني. على هذا
الأساس لم يشهد «التبادل السياسي»
اللبناني السوري استقراراً، إلا
لفترات وجيزة، بل لعل الأصح القول، إن
المشهد المشترك أقام على كمون في
معضلاته، التي تحينت الفرصة المناسبة
لمعاودة الظهور، بوتائر توتير متفاوتة.
لعب الالتحاق اللبناني الطائفي، وغير
الطائفي، دوراً مفصلياً في هذا
المجال، واتخذ لنفسه مسميات شتى، كان
من بينها: التحالف الوطني التقدمي،
ومناهضة الإمبريالية وقوى الاستعمار،
والصمود والتصدي وتحرير فلسطين،
وحماية الوجود المسيحي أو الوطني... وما
إلى ذلك من شعاريات، كانت تبرر
الالتحاق بربطه بقضايا كبرى، ما فوق
وطنية، وأحياناً ما فوق قومية! والحال،
أن الطوائف الصغرى لا يمكن أن تتطلع
إلى القضايا الكبرى، فترتبط بها
ارتباطاً استقلالياً، لأن جلّ ما تسعى
إليه سياسات الطوائف، لا يتعدى الفوز
بالحصة الأهم، من «الجبنة الداخلية»،
التي تركها الآخرون في تصرف اللاعبين
المحليين. الخلاصة من أمر «اللااهتمام»
بالعلاقة، التي يتكرر القول إنها
أخوية، أن مصلحة مشتركة نمت وتطورت بين
طرفي المعادلة المختلة، في صالح
الخارج السوري «الشقيق»، تقوم على
تغليف ثنائية «الهيمنة
الاستتباع» بإيديولوجيا لا تستر
سماكتها مثالب القول، ولا تحجب أخطاء
وخطيئات الممارسة. ديمومة
الثنائية، اللاطبيعية، ما زالت مستمرة
بقوة نظامين «غير طبيعيين» في كل من
سوريا ولبنان. في البلد الأول، تتجلى
اللاطبيعية في غياب المنطق العادي عن
استمرار العمل بإيديولوجيا ماضوية،
ولو تزينت بماضيها القومي، وبالتالي
الخروج، على التشكيلة السياسية التي
تقود هذه الماضوية الإيديولوجية، وفي
البلد الثاني، تظهر اللاطبيعية، في
استمرار نظام تهاوت كل أسسه
المستقبلية، لكنه ما زال مستمراً بقوة
«الأسطورة» الطائفية، وبالقدرة على
تجديد خرافاتها، وبالاستعداد لإنزال
الخرافة في كل كتاب سياسي خارجي، يرضى
بتدريسها، أي بتوظيفها في بنائه
السياسي الإيديولوجي،
في نهاية المطاف. اليوم،
وهنا بيت القصيد، يؤكد اللبنانيون
والسوريون على أسس علاقتهم المستحيلة.
من جهة، يصر النظام السوري على أننا
شعب واحد في بلدين، لذلك، يحمل نذر
حربه الأهلية، وتطوراتها ونتائجها إلى
لبنان، ومن جهة أخرى، يتبارى
اللبنانيون في الاستعداد للانخراط في
هذه الحرب، ومن الضفتين المختلفتين،
حيث يحاول طرف تحويل الساحة اللبنانية
إلى خط إمداد خلفي لدعم النظام في
سوريا، ويحاول طرف آخر جعل الجغرافيا
اللبنانية، قاعدة إرتكاز بعيدة،
لإسناد قوى إسقاطه. من
جديد، لا يحتمل لبنان كل هذه المغامرة
ولا يقوى على كلفة كل هذا التلاعب، في
الداخل، وعلى طرفي الحدود. ================= «الإخوان
المسلمون» وهواجس البطريرك جوزيف
الياس السفير 27-10-2011 سمعتُ
ما سمعتُ عبر موجاتِ الأثير، وقرأتُ ما
قرأتُ، يوم 9 أيلول 2011، على صفحات
الصحف؛ وفيه ما نُسِبَ من أقوال إلى
البطريرك المارونيّ بشارة الراعي في
أثناء زيارته لباريس. فأدهشني ما سمعتُ
وما قرأتُ. فإن صحَّ ما قيلَ أو رُوِيَ،
وكان النطق به بالحرف، فأنا أسمح لنفسي
بأن أقول شيئًا في هذا هو أقرب إلى
التذكير منه إلى الردّ. وبين يَديَّ
صفحات من التاريخ السوريّ الحديث،
لأنّني قارئ الصحافة السوريّة مقالةً
وخبرًا، منذ نشأتها حتى سنة 1963. وقد
عالجتُ الأحداث السياسيّة، في عهدَي
الانتداب والاستقلال، على صفحات الجزء
الثاني من كتابي «تطوّر الصحافة
السوريّة في مئة عام» (دار النضال،
بيروت 1983). وقبل
التذكير بما يجب التذكير به، أقول إنّ
جماعة الإخوان المسلمين في سوريا هي
تنظيم سياسيّ موجود على الأرض في عهدي
الانتداب والاستقلال، وشريك في الحكم
بعدَما نالَ، سنة 1945، ترخيصًا رسميًّا
بالتأسيس. وهو، في لغة هذه الأيّام،
جزء من مُكَوِّنات المجتمع السوريّ
أَشِئنا أم أَبَينا. ثمّ لم يلبث هذا
التنظيم أن أصدر، يوم 22 حزيران 1946،
صحيفته السياسيّة الأولى التي حملت
اسم «المنار». أمّا صاحب امتيازها فهو
المراقب العامّ للإخوان المسلمين في
سوريا الشيخ مصطفى السباعي. وحين يكون
التنظيم هكذا، لا يجوز لنا أن نشبّهه
بتنظيم سلفيّ تكفيريّ متعصِّب كتنظيم
«القاعدة». وما جرى في محافظة نينوى
العراقيّة بعامّة، وفي مدينة الموصل
بخاصّة، يستحيل أن يجري مثله يومًا على
أرض سورية، إلاّ إذا وصل تنظيم «القاعدة»
أو ما يشبهه إلى حكم هذا البلد. فبِمَ
أُذكِّر، علَّ التذكير ينفع مَن رغبَ
في استعادة صفحاتٍ من التاريخ؟ 1- أوّل
ما أُذكّر به مقالتي المطوَّلة التي
نُشِرت في «النهار» (العدد 22156)، يوم 5
كانون الأوّل 2004، تحت عنوان «... ويومَ
كانت بكركي مَحَجًّا للسياسيّين
السوريّين!». وأهمُّ ما رويتُ في تلك
المقالة أخبار زيارة وفد من
السياسيّين السوريّين لبكركي، يوم 12
كانون الثاني 1936، وفي ما يشبه
التظاهرة، تضامنًا مع البطريرك
المارونيّ أنطون عريضة وعِرفانًا
بفضله. والوفد الزائر هذا كان يمثِّل
خمس مدن سوريّة هي «دمشق، حلب، حمص،
حماه، إدلب». وقد جعلتُ تلك المقالة،
مع مقالة أخرى، في ملفٍّ خاصّ أرسلتُ
نُسَخًا منه إلى البطريرك صفير وإلى
أصحاب السيادة المطارنة. 2-
وأُذكّر بكتابات صحافيّ سوريّ كبير هو
الصحافيّ الراحل نجيب الريّس صاحب
جريدة «القبس» الدمشقيّة. فلَطالما
قرأتُه مخاطبًا بكركي، مرّةً مادحًا،
ومرّةً مُعاتبًا، وأُخرى مُطالبًا،
وفي معظم الأحيان، لم تكن مقالاته
لتخلو من حِدَّةٍ هي حِدَّة الصدق
والصراحة. وربّما قرأته أحيانًا يفتتح
مقالته بنداء «يا صاحب الغبطة!». لكنّ
الريّس يبقى، في رأيي، الأوّل بين
الصحافيّين السوريّين في مخاطبة لبنان
واللبنانيّين بعامّة، وبكركي بخاصّة.
وحين جُمِعت افتتاحيّاته في سلسلة «الأعمال
المُختارة» التي صدرت، عام 1994، عن «رياض
الريّس للكتب والنشر» في عَشَرَة
مجلَّدات، كان نصيب لبنان منها
مجلّدًا ضخمًا هو الجزء السابع الذي
حمل عنوان «لبنان بلد المتناقضات» (كان
لي شرف مراجعة هذه الأعمال وتعليق
حواشيها والتقديم لتسعة أجزاء منها).
فلو كان نجيب الريّس اليومَ حيًّا
يُرزَق، لَهتفَ مُعاتبًا «يا صاحب
الغبطة!». 3-
وأُذكّر بمقالةٍ لأكاديميٍّ كبيرٍ كان
نائبًا ثمّ وزيرًا غير مرّة، هو
الدكتور منير العجلاني الذي حملت
افتتاحيّته، ذات يوم، في جريدة «القبس»
(العدد 708، 27 آذار 1936) عنوان «تَداعَينا
إلى لبنانَ صارخين يا أبانا!». فلو كان
الدكتور العجلاني اليومَ حيًّا
يُرزَق، لَهتفَ مُعاتبًا «تَداعَينا
إلى بكركي صارخين يا أبانا!». 4-
وأُذكِّر بما يُروى عن تظاهرة جابَتْ،
ذات يومٍ، شوارع دمشق، والقوم فيها
يهتفون قائلين «لا إله إلاّ الله،
البطرك عريضه حبيب الله». فلا شكَّ في
أنَّ هذا الهتاف إن
صحّ خبره كان
عرفانًا بفضل عظيم للبطريرك المارونيّ. 5-
وإنّي لأَذكر، في ما كنت أقرأ، أنّ
المراقب العامّ للإخوان المسلمين في
سورية، وصاحب امتياز جريدة «المنار»
الدمشقيّة، وعضو الجمعيّة التأسيسيّة
المُنتَخَبة في تشرين الثاني 1949،
الشيخ مصطفى السباعي ترك في نفسي أثرًا
طيّبًا. وحين سألتُ عنه، ذاتَ يوم،
نقيب الصحافة السوريّة سابقًا وصاحب
جريدة «الأيّام» الدمشقيّة نصوح
بابيل، أفادني، في ما أذكر، أنّ خير
صديق للشيخ مصطفى في الجمعيّة
التأسيسيّة كان أحد النوّاب
المسيحيّين، فرجَحَ لديَّ، في ما بعد،
أنّ المقصود بذلك هو زميله على اللائحة
الانتخابيّة (الجبهة الاشتراكية
الإسلاميّة) النائب الدمشقيّ جورج
شلهوب الذي أصبح وزيرًا للأشغال
العامّة في حكومة خالد العظم. واسم
الشيخ مصطفى السباعي مقرون بقضيّة
أثارت جدلاً في سوريا هي مسألة دين
الدولة. فحين كانت الجمعيّة
التأسيسيّة تناقش موادّ الدستور،
اقترح الشيخ مصطفى أن تنصّ إحدى
الموادّ على أن يكون دين الدولة
الإسلام، فاعترض النوّاب المسيحيّون،
وبعض النوّاب المسلمين، ومعظم
الصحافيّين. فردّ الشيّخ مصطفى، في 9
شباط 1950، ببيان طمأن فيه المسيحيّين
والعَلمانيّين والقوميّين، قائلاً «كونوا
مطمئنّين... سيبقى لنا مجلسنا ونوّابنا
وقوانيننا وأنظمتنا... نحن لا نريد
انقلابًا في قوانيننا الحاليّة،
وإنّما نريد التقريب بينها وبين
نظريّات الإسلام الموافقة لروح هذا
العصر...». وفي اليوم التالي، علّق نجيب
الريّس على بيان الشيخ مصطفى
بافتتاحيّة نشرتها «القبس» تحت عنوان
«لستم أنتم الدولة، ولستم وحدكم
المسلمين» (الأعمال المختارة، مج 4، ص
379). وبعدَما طالت المناقشات واحتدمت
المواقف، اختارت الجمعيّة
التأسيسيّة، في أواخر نيسان 1950، لجنة
من ثمانية أعضاء، وكلَّفَتها دراسة ما
ستنصّ عليه المادّة المتعلّقة بدين
الدولة. وفي أواخر تمّوز 1950، أقرَّت «لجنة
الأحزاب المشتركة ولجنة الدستور»
المادّة الثالثة من الدستور السوريّ،
فجاءت في أربعة بنود، نصَّ أوّلها على
أنّ «دين رئيس الجمهوريّة الإسلام»،
والثاني على أنّ «الفقه الإسلاميّ
المصدر الرئيسيّ للتشريع»، والثالث
على أنّ «حرّيّة الاعتقاد مصونة،
والدولة تحترم جميع الأديان السماويّة
وتكفل القيام بجميع شعائرها ...»؛ ونصّ
البند الرابع والأخير على أنّ «الأحوال
الشخصيّة للطوائف الدينيّة مصونة
ومرعيّة». ولمّا كان أكرم الحوراني
عضوًا في لجنة الثمانية، علّق في
مذكّراته على أعمال اللجنة
ومناقشاتها، وعلى ما نصَّت عليه
المادّة الثالثة (مذكّرات أكرم
الحوراني، مج 2، ص 1185، و1210). أمّا الشيخ
مصطفى السباعي، وهو عضو اللجنة أيضًا،
فقد تعرّض لحملة شعواء شنّها عليه رئيس
رابطة العلماء أبو الخير الميداني في
بيان أصدره يوم 28 تمّوز 1950. فردّ الشيخ
مصطفى، في اليوم التالي، ببيانٍ
معاكسٍ دافعَ فيه عن وجهة نظره، وأعربَ
عن رضاه عمّا تضمّنته المادّة
الثالثة، وختم بعبارة مهمّة جاء فيها:
«إنّ هذه النصوص حقَّقت وحدة الصفّ،
ودفعت عن الوطن كارثة انقسام طائفيٍّ
لا يرضى به كلّ متديّنٍ عاقلٍ وكلُّ
وطنيٍّ مخلصٍ». وانطلاقًا
من فرضيّة تغيّر الحكم في سوريا، ومآله
إلى أهل السنّة، وتحالف هؤلاء مع
إخوانهم سنّة لبنان، يسأل المرء أو
يتساءل: أَلَم يكن الحكم في سورية
للأكثرية السنّيّة طوال عهدَي
الانتداب والاستقلال؟ أَوَلم يكن رئيس
الجمهوريّة السوريّة في عهدَي
الانتداب والاستقلال، وحتى سنة 1970،
مسلمًا سنّيًّا؟ فهل تحالفَ أهل
السنّة في سورية مع إخوانهم في لبنان؟
وكيف كان ذلك؟ وانطلاقًا
أيضًا من فرضيّة وصول «الإخوان
المسلمين» إلى السلطة في سورية، وما
يُرتِّبُ ذلك من ثمن يدفعه المسيحيّون
السوريّون «قتلاً أو تهجيرًا»،
والشاهد على ذلك «صورة العراق أمام
أعيننا»، يسأل المرء أو يتساءل: وهل «الإخوان
المسلمون» وتنظيم «القاعدة» صِنوانِ
أو في كفّة واحدة؟ أو هل «الإخوان
المسلمون» تنظيم سلفيّ تكفيريّ متعصّب
يُعمِل السيف في رقاب الناس أو يُحِلُّ
ذبح النصارى؟ إنّ اضطهاد المسيحيّين
العراقيّين وتهجيرهم تمَّ على أيدي
جماعات أصوليّة تكفيريّة متطرّفة،
تبدأ بأهل السنّة قبل غيرهم فتُكفِّر
بعضهم، والحكم في العراق يقوم على
ائتلافٍ شيعيّ (الأقوى) سُنِّيِّ
مذهبيًّا، وائتلافٍ عربيٍّ كرديٍّ
قوميًّا أو عِرقيًّا. فما من رابطٍ،
وما من وجه شبهٍ بين احتمال وصول
الإخوان المسلمين إلى السلطة في سورية
وما جرى في العراق في السنين الأخيرة،
والمسؤوليّة عنه تقعُ، أوّلاً
وآخِرًا، على عاتق السلطة المركزيّة
في بغداد. ولنتذكّر دومًا أنّ سوريا في
ظلّ حكم الأكثريّة السنّيّة كانت دولة
تُدعى «الجمهوريّة السوريّة»، وأنّ
لبنان في ظلّ حكم الأكثريّة
المارونيّة، أو «المارونيّة
السياسيّة»، كان دولة تُدعى «الجمهوريّة
اللبنانيّة». وقد كان بعض أهل السنّة
في لبنان، زمن الانتداب الفرنسيّ،
يشخصُ ببصره إلى نوع من الوحدة مع
سوريا؛ ومع ذلك، بقيت العلاقات بين
البلدين طبيعيّةً، أي كما يجب أن تكون
بين دولتَيْن متجاورتَيْن. وليس هاشم
الأتاسي أو شكري القوّتلي مَن زرع
العملاء في لبنان، أو هرّبَ السلاح إلى
لبنان، أو أنشأ في لبنان تنظيماتٍ
مُسَلَّحةً، أو سَلَّحَ بعض الأحزاب
اللبنانيّة. فالمسؤول عن هذا كلّه هو،
في رأيي، ما دعاه لينين ذات يومٍ «مرض
الطفولة اليساريّ». أمّا القطيعة
الاقتصاديّة التي فُرِضت على لبنان في
آذار 1950، فالجهة المسؤولة عنها،
يومئذ، هي حكومة خالد العظم الذي كان
أقرب السياسيّين السوريّين إلى الفكر
الماركسيّ. أمّا اليوم فجديد المعادلة
أنّ سنّة لبنان اعترفوا ببلدهم وطنًا
نهائيًّا، وما عادوا يشخصون بأبصارهم
إلى ما وراء حدود هذا الوطن الصغير. فأن
يكونَ الحكم، في بلدٍ ما، مستندًا إلى
أكثريّة طائفةٍ معيَّنةٍ، أو قائمًا
على أكثريّة حزب واحدٍ شيءٌ، وأن يقوم
على سيطرة تنظيم سلفيّ تكفيريّ متعصّب
كتنظيم «القاعدة» شيءٌ آخر. وهذا ما لم
نشهده رسميًّا في بلدٍ إسلاميّ حتّى
الآن. فإذا
كان الدكتور العجلاني قد هتفَ سنة 1936 «تَداعَينا
إلى لبنان صارخين يا أبانا!»، فمن حقّ
المسلم اللبنانيّ، المعترف بلبنان
وطنًا نهائيًّا، أن يهتف اليوم «تَداعَينا
إلى بكركي صارخين يا أبانا!». إنّي
لأَخشى أن يكون قد آنَ أوانُ أن تدفع
الأمّة ثمن أخطاء ارتُكِبتْ قبل عقود،
فيصحّ فينا مَثَلُ «الآباء يأكلون
الحصرم والأبناء يضرسون». وإنّي
لأَسألُ اللهَ، سبحانَه وتعالى، أن
يقبض روحي قبل أن أرى الأمّة مقبلةً
على تجرُّع كأسٍ أين منها السمّ
الزعاف؟ أَلا وهي كأس «الانتحار
الجماعيّ». كاتب
وأكاديمي لبناني ================= ثورات
الشعوب ضد السلطة المطلقة! السيد
يسين/ مصر الرأي
الاردنية 27-10-2011 ترى ما
هي الدلالة التاريخية لثورة 25 يناير
ومن قبلها ثورة تونس؟ تتمثل
هذه الدلالة في أنهما ثورتان ضد السلطة
المطلقة. بمعنى أنهما لم تكونا موجهتين
ضد «مبارك» أو «بن علي» بشخصيهما
ولكنهما -على العكس- قامتا ضد السلطة
المطلقة التي مارسها كل منهما، والتي
بمقتضاها تمت مصادرة كافة السلطات في
المجتمع سياسية كانت أو تنفيذية أو
قضائية، لحساب نظم تعسفية قامت على
أساس القمع المباشر للجماهير والفساد
المعمم، الذي أدى إلى إثراء أهل السلطة
وحلفائهم من رجال الأعمال الفاسدين،
على حساب طبقات الشعب العريضة التي
كانت تناضل من أجل أن تقيم حياتها على
أساس من الكفاية والكرامة الإنسانية. والسلطة
المطلقة نظام سياسي إتخذ أشكالاً شتى
مثل الشمولية أو السلطوية، أو بعبارة
أدق الديكتاتورية التي تخضع إرادة شعب
ما لديكتاتور مفرد قرر بإرادته
المنفردة أن يتحكم في مصير شعب من
الشعوب. وهذه
الديكتاتورية شهدتها في القرن العشرين
أمم شتى، نتيجة الثورات والانقلابات
العسكرية التي قامت في قارات العالم
المختلفة، في أوروبا وآسيا وأفريقيا
وأميركا اللاتينية والعالم العربي. ولعل
ديكتاتورية «جوزيف ستالين» الذي ورث
ميراث الثورة البلشفية من «لينين»
والتي قامت عام 1917، كانت النموذج
البارز للديكتاتور الذي لم يكتف
بمصادرة النظام السياسي السوفيتي كله
لحساب توجهاته الإيديولوجية الفاسدة
وأهوائه الشخصية، وإنما تجاوز ذلك
وقام بدور «السفاح السياسي»، لأنه قام
بالتصفية الجسدية لمجموعة من زعماء
الحزب الشيوعي وجنرالات الجيش وعدد من
كبار الكتاب والمثقفين بتهمة أنهم من
أعداء الثورة. والنموذج
السوفيتي نظام سياسي وزعامة ثورية،
تكمن أهميته في أنه أصبح موضعاً
للاحتذاء في دول متعددة في آسيا
وأميركا اللاتينية وأفريقيا والعالم
العربي أيضاً. في
آسيا تحول»ماوتسي تونج» من نجاح
الثورة الصينية التي قادها عام 1949 بمضي
الزمن إلى ديكتاتور حقيقي، ويشهد على
ذلك «الثورة الثقافية» التي قادها
قبيل وفاته بسنوات، والتي قام من
خلالها بتطهير العشرات من قادة الحزب
ومن كبار المثقفين الصينيين وكادت
تودي بمستقبل دولة الصين بحكم
توجهاتها التخريبية وأفكارها
المتطرفة في مجال التنمية. ولو
نظرنا إلى آسيا لوجدنا النموذج
الديكتاتوري على النسق السوفيتي يتكرر
في شخص «كيم إبل سونج» زعيم كوريا
الشمالية، والذي كان يطلق على نفسه
الزعيم المحبوب من ملايين الكوريين! وإذا
وصلنا في النهاية إلى العالم العربي
فيمكننا أن نجد نموذجين بارزين
للديكتاتور الذي صادر حريات شعبه،
الأول هو «صدام حسين»، والثاني هو «العقيد
معمر القذافي». أما «صدام
حسين» رئيس العراق الذي صعد من أدنى
المراتب الحزبية في حزب البعث العراقي
لكي يصل بسرعة شديدة إلى المراتب
العليا، فقد استطاع من خلال انقلابات
سياسية متعددة أن يصبح الزعيم الأوحد
للحزب، وأن ينحى رئيس الجمهورية الذي
كان نائباً له ليصبح هو الرئيس. وبهذه
الصفة قام بالتصفية الجسدية لعشرات من
كبار أعضاء حزب البعث، وكان فيهم
مناضلون سياسيون بارزون ومثقفون
ثوريون على أعلى مستوى. غير أن
«صدام حسين»- بالرغم من سجله الدموي في
تصفية خصومه قام بجهد استثنائي في
تنمية العراق بصورة غير مسبوقة، وكان
يطلق عليها «التنمية الانفجارية»،
ويقصد بها تنمية بالغة السرعة وفي كل
الاتجاهات، واستطاع أن يرتقي بالصناعة
والزراعة والتعليم والصحة. إلا
أنه نتيجة غرور القوة القاتل وإحساسه
بالسلطة المطلقة والذي تولد من الثراء
الطائل للعراق نتيجة ثروته النفطية،
تورط في مغامرات عسكرية. بدأها
بحرب دموية مع «إيران» أدت إلى سقوط
الآلاف من الضباط والجنود العراقيين،
بالإضافة إلى إنفاق ملايين الدولارات
على الجهد العسكري مما أدى إلى إفلاس
الخزينة العراقية. ولم
يلبث إلا فترة قصيرة من الزمن حتى دخل
في حرب عقيمة أخرى، وغزا الكويت بدون
سابق إنذار، مما ألب عليه الدول الكبرى
وفي مقدمتها «الولايات المتحدة
الأميركية»، التي قادت ضده تحالفاً
دولياً دخلت فيه «مصر» لطرده من «الكويت»
وتحريرها. وعاد
من بقي من القوات العراقية المهزومة
إلى العراق، وسرعان ما فرضت عليه
العقوبات الدولية، وتطور الصراع بين «الولايات
المتحدة الأميركية» و»العراق» لدرجة
أنها قامت بغزو العراق بتهمة زائفة، هي
امتلاكه لأسلحة دمار شامل. وهزم «صدام
حسين» هزيمة ساحقة من الجولة الأولى،
وتفرقت قواته العسكرية بددا واختفى هو
في حفرة تحت الأرض، ونجحت القوات
الأميركية في اكتشافها والقبض عليه
ومحاكمته وإصدار الحكم عليه بالإعدام. غير
أنه ظهر على الساحة العربية ديكتاتور
آخر من طراز فريد حقاً هو العقيد «معمر
القذافي»، الذي تحول إلى ديكتاتور فور
نجاح ثورته على النظام الملكي الليبي،
وحكم ليبيا بمفرده لمدة 42 عاماً كاملة،
إلى أن قام الشعب الليبي بثورته ضده
والتي انتهت بالقبض عليه ومقتله وموته
هو وعدد من أعوانه. كان «القذافي»
ديكتاتوراً فريداً أنه قام بتفكيك كل
المؤسسات الليبية وأدعى أنه سينشئ-في
ضوء الكتاب الأخضر الشهير الذي أصدره-
جماهيرية ديمقراطية عظمى وفق خطوط
نظريته الإيديولوجية التي زعم أنها
تتخطى كل من الرأسمالية والاشتراكية. لم يقم
«القذافي» بأي جهد تنموي في ليبيا وظلت
من أقل الدول النفطية تحضراً، وعاشت في
حرمان شديد من كل الخدمات الأصلية،
واستأثر هو بالعوائد النفطية التي
أنفقها في مغامرات إرهابية وعسكرية
شتى، من أبرزها تفجير الطائرة
الأميركية والتي اضطرته بعد سنوات إلى
أن يدفع تعويضات لأهالي الضحايا
تجاوزت مليارين ونصف المليار من
الدولارات. وأطلق
«القذافي» على نفسه لقبي عميد الحكام
العرب وملك ملوك أفريقيا، التي تحول
لها بعد أن فشل في تحقيق الوحدة
العربية وإذا كان كل من «صدام حسين» و»معمر
القذافي» مارسا الحكم في ديكتاتورية
صريحة، إلا أن حكاماً عرباً آخرين من
أبرزهم «بن علي» رئيس تونس، و»مبارك»
رئيس مصر، و»عبد الله صالح» رئيس اليمن
و»بشار الأسد» رئيس سوريا، مارسوا
الديكتاتورية بصورة غير صارمة كما كان
الحال في العراق وليبيا. صحيح
أن كلهم - بلا استثناء- مارسوا السلطة
المطلقة التي قامت على أساس القمع
السياسي والفساد المالي، إلا أنهم لم
يعمدوا -كما فعل «صدام حسين و»معمر
القذافي» إلى سياسات التصفية الجسدية
العلنية للخصوم السياسيين. ولكنهم
جميعاً لقوا مصيراً مشابهاً مع بعض
الاختلاف في التفاصيل. أعدم «صدام حسين»،
وقتل «معمر القذافي» وهرب «بن علي»
ويحاكم الآن «مبارك»، ويبقى مصير كل من
«عبد الله صالح» رئيس اليمن و»بشار
الأسد» معلقاً ولكن إلى حين! وهكذا
شهدنا في العالم العربي صعود نظام
السلطة المطلقة، والذي عجزت عملية
التحول الديموقراطي عن القضاء عليه
إلا بفضل الثورة التي اشتعلت في «تونس»
أولاً، وسرعان ما وصلت إلى «مصر» في
ثورة 25 يناير المجيدة، والتي كانت
إعلاناً جهيراً لسقوط نظام السلطة
المطلقة وصعود نظام حكم الشعوب! ================= سورية:
المسافة بين النخبة والشارع الخميس,
27 أكتوبر 2011 براء
موسى * الحياة واحدٌ
من أهمّ ما طفا على السطح أثناء الثورة
السورية، ذلك الحجم الهائل من «التجهيل»
الممنهج الذي مارسه النّظام السوري
منذ عقود طالت، وبدأت تتوضّح نتائجه
التدميرية انقساماً بين «مكونات»
الشعب، بدءاً من فرز المواقف
الأخلاقية احتجاجاً وصمتاً وممالأة...
وصولاً إلى الاصطفاف الثقافي ومن ثم
السياسي. فقد
أظهرت هذه الأزمة مدى التباين بين
السوريين من حيث «البنية العقلية»
وإسقاطاتها في القناعات، إذ ما زال
هناك من لا يستطيع تحمّل فكرة زوال
النظام ورموزه، في مقابل من لا يستطيع
تحمّل ذلك النظام، ولكلٍّ حاملٌ
ثقافيٌّ يرفع لواءه «نخبته» المثقفة
سياسياً. المثقفون
بدورهم لا يحتاجون في تفسير تلك
العلاقة الناظمة بين المتسلّط ورعاياه
سوى لبضعة بداهات مُستخلصة من التجارب
المشابهة للشعوب، واستقراءاتٍ
بديهيةٍ في المعطيات الراهنة
ليتفهّموا ويفسّروا، لكنّ الغالبية
الثائرة على الأرض ربما تفتقر إلى
الحجّة المنطقية لسلوك الاحتجاج في
إحدى نتائج «التجهيل» في مستواه
اللغوي البدائي، يعوّض عنها «موقتاً»
المثقفون الذين يتحملون مسؤوليتهم
كاملةً أو منقوصةً في الدفاع عن ذلك
السلوك، بينما تكاد ساحة الموالاة
تخلو من الحامل الثقافي والمثقفين على
السواء. قبيل 15
آذار (مارس) كانت الثقافة السياسية
بعيدةً كلّ البعد عن الشارع، وتنحصر في
ثلّةٍ قليلةٍ من المفكرين والكتّاب
والمهتمين بالشأن العام السوري. وهؤلاء
المثقفون كان دورهم محدوداً جداً في
التأثير في الشارع لأسبابٍ كثيرةٍ
نذكر منها في عجالةٍ هنا: غياب المنبر،
ومحاصرة السلطات الأمنية، وشبه انعدام
في ساحة القرّاء (وبالتالي غياب القدرة
على التحليل والنقد)، وانشغال هؤلاء
المثقفين ب «التنافسية» النوعية في ما
بينهم، وليس التسويقية كنتيجة لغياب
سوق القراءة. بالطبع
لا يمكننا اختصار النخبة الثقافية في
الساحة السورية في الاقتصار على هؤلاء
فقط، فما إن اندلعت انتفاضة الكرامة
السورية حتى انفرزت ثلاثة نماذج في
صورٍ جديدةٍ لمواقف المثقفين وذلك
تبعاً لمواقفهم السياسية: النموذج
الأول: كان واضحاً في موقفه المعارض
للنظام من حيث المبدأ، وليس في نوعية
النتاج «المناور وفق مدى تضييق السلطة
الأمنية الخانقة عليه» والصورة
الجديدة هي فقط انحسارٌ نسبيٌّ في «المناورة»
لمصلحة «المباشرة» في مواقف واضحة من
النظام. النموذج
الثاني: كان مبتعداً عن «بؤس» السياسة
برمّتها، معلقاً على مشجب «قهر النظام»
المسؤولية الأخلاقية لانزوائه، وفي
الصورة الجديدة انقسم هؤلاء بين مؤيدٍ
(مع بعض التحفظات) ومعارضٍ (مع بعض
التحفظات)، وثمّة من بقي محافظاً على
صمته، مؤثراً السلامة كما كان. النموذج
الثالث: ما فتئ هذا النوع عن «التسبيح»
بحمد السلطان، مشيداً بعظمة انجازاته،
وغاضاً الطرف عن مساوئه، وفي صورته
بُعيد الانتفاضة نجده يبالغ في
الإشادة والتسبيح، غير أن ثمّة من آثر
الصمت وربما يكاد يكون هؤلاء ندرة. جمهور
السوريين كمقابل لتلك النماذج الثلاثة
من المثقفين يمكن توصيفه على ثلاثة
أنواع: الجمهور
الأول: كان متماهياً بصمتٍ في البداية
مع النموذج الأول من المثقفين ولكنه
بعد «أطفال درعا» صار يتكاثر ككرة
الثلج في تدحرجها ازدياداً. هذا النوع
من الناس اعتنق فكرة «بنية النظام
الفاسدة من الأساس» منذ الشرعية
المسلوبة، مروراً بالنهب الممنهج،
وانتهاءً بالقمع الدموي. الجمهور
الثاني: كحال مثقفي «الصمت» آثر
السلامة في الابتعاد عن شرور السياسة،
وانتظار ما تتمخض عنه الأحداث، مع بضعة
ملاحظاتٍ حول تحوّل البعض من هذا
الجمهور إلى الجمهور الأول بتأثير من
جرائم النظام المتوالية، وموقف معظمهم
هو التعاطف مع الثورة بالعموم. الجمهور
الثالث: قبيل الثورة كان هذا الشارع
يشكّل أكثرية شبه كاملة، ولكن الأزمة
غيّرت الأحوال والموازين ليكون هذا
الشارع هو الأقل، على رغم مليونياته
المكرورة، مع مراعاة أن ازدواج الموقف
(الظهور بوجهين) هو سمة بنيوية، غذّاها
النظام البعثي طويلاً لتكون واجهته
الشعبية. في
واقع الثورة السورية يتزايد جمهور
المعارضة كلّ يومٍ من عمر الثورة، ولكن
رعشةً منطقيةً وأخلاقيةً تهز الضمائر،
عندما ننظر إلى الحامل الثقافي لجمهور
الموالاة الذي يتركز في ثلاث قواعد
أساسية مضغوطة ومركزة (كي لا تكثر
التعدادات): القاعدة
الأولى: «الإنسان عدو ما يجهل» ومن
الصعب على منظومةٍ «طفليةٍ» صُنعت
بعنايةٍ من الأب والابن الابتعاد عن
ثدي أمٍّ مستبدّةٍ، حتى ولو كان الحليب
مزيجاً من الخنوع والإفقار والتجهيل
لمصلحة غريزة الحياة وحدها. القاعدة
الثانية: تجلت عبر إثمارٍ مكتسبٍ لضخٍّ
إعلاميٍّ مزمن يحذّر من أصولية
الإسلاميين، وقد عمل على هذا الضّخ
النظام السياسي بإعلامه ومثقفيه،
وسانده في ذلك (وربما من دون قصدٍ مباشر)
ثلّة من المثقفين العلمانيين
المؤدلجين أصلاً ضد الايدولوجيا
الإسلامية لتترسخ «شيطنة» الشبح
الأصولي، وزاد في الإثمار نضجاً أحداث
11 أيلول (سبتمبر) وما تلاها من الأحداث
في العراق وأفغانستان، وبين طيات هذا
الضّخ المُعلن في التخويف من الأصولية
كان يتسرب ذلك الضّخ المضمر في التخويف
من الطائفية البغيضة، التي حرسها
النظام الحاكم من الظهور علانيةً
مستخدماً الساحة اللبنانية كأمثولةٍ
رديئة. أمّا
القاعدة الثالثة فهي: الحياة
الاقتصادية للناس، فمنذ أعلى درجات
الوظائف الحكومية وحتى أدناها والنسبة
واحدة من ضمانات الرزق الذي يكاد يكون
وحيداً في معظم الأحيان، قلّ أو كثر
فهو العطاء «وليس الحق» الذي لا يمكن
الاستغناء عنه. ولا
بدّ من الإشارة إلى «الطاعة» من جانب
كلّ المستفيدين معاشياً و «ثروتياً»
في القطاع الخاص من استمرار النظام
الحاكم، حتى ولو شاب بعض الامتعاض من
شروط ذاك الاستمرار. تلك
البقية من جمهور الموالاة تعترف
بالفساد وضرورة استئصاله، ولكنّها لا
تجرؤ أبداً على الإشارة إلى رموزه
الحقيقية لغياب في منظّريه ونخبه
الثقافية الذين تكشّفت أوراق زيف
أصلانية ثقافتهم، والبقية الباقية من
أولئك تحكمهم ببغائية ترديد لغة
ممجوجة سئم منها المجتمع السوري
بالمجمل قبل أن تسأم منها اللغة ذاتها
في محاولاتٍ بائسةٍ جداً لتغطية الشمس
بإصبع. *
كاتب سوري ================= حسين
شبكشي الشرق
الاوسط 27-10-2011 رُبي
العرب المعاصرون ودرسوا في تاريخ
فلسطين وإجرام إسرائيل فيها، وكانت
مذبحة دير ياسين هي مضرب الأمثال في
ذلك الأمر، ومحصلة المذبحة كانت من 250
إلى 360 قتيلا بحسب المصادر الفلسطينية،
بينما تشير المصادر الغربية والمعتمدة
على الروايات الإسرائيلية بأن عدد
القتلى 107، وهناك المجزرة الأخرى
المشهورة التي حصلت في لبنان على أيدي
الميليشيات المسيحية بدعم إسرائيلي
واضح ضد المعسكرات الفلسطينية ونتج عن
ذلك الوضع الدموي موت ما يقارب ثلاثة
آلاف إلى خمسة آلاف قتيل، وهناك طبعا
مذبحة حلبجة التي تسبب النظام البعثي
العراقي فيها بحق مواطنيه الأكراد وتم
فيها استخدام السلاح الكيماوي المحرم
دوليا وكان نتاج ذلك موت ما يقارب
الستة آلاف قتيل. أما أم المذابح في
المنطقة والسر الدموي القذر الذي لم
يلق التغطية الإعلامية والأخلاقية
المطلوبة فهو ما حدث في مدينة حماه
السورية، والتي أسفرت عن قتل 45 ألف
قتيل واختفاء ما يقارب 15 ألف شخص، وهي
مجزرة مرعبة ومذهلة بكل المقاييس
والمعايير، تم فيها استخدام كل أنواع
الأسلحة والعتاد على السكان العزل،
استخدمت فيها الدبابات والصواريخ
وكذلك تم استخدام الطائرات الحربية في
قصف مباشر ثم إبادة الناس وهم في داخل
منازلهم وإهباط العمائر بأكملها بمن
فيها، وكان القتل يتم بشكل عشوائي ودون
تمييز. هدمت المساجد ودمرت المتاجر
وحرقت البيوت وامتلأت الشوارع بالجثث،
استمرت هذه المجزرة لفترة قصيرة ولكن
المشاهد كانت مرعبة، الغيوم السوداء
كانت تملأ السماء جراء القصف ونهر
العاصي امتلأ بالدماء نتيجة الجثث
التي كانت ترمى فيه، الرماد وركام
المنازل حولا حماه إلى مقبرة مهولة
يحيط بها الموت من كل مكان ولا يصبّرها
إلا آهات الأمهات المحروقة ودموع
الآباء المقهورة وصرخات من دفنوا تحت
الأنقاض، تحول فيها الولدان في لحظات
إلى شيب. إنها مشاهد من حماه أم المذابح
وأم المجازر، هي الفاتورة الأعظم
لنظام الأسد القمعي، وهي فاتورة لا
يزال النظام يواصل سدادها بشتى الطرق
وبفائدة مركبة مذهلة. لم يعتذر الأسد
الأب ولا الأسد الأخ ولا الأسد الابن
عن المذبحة التي ارتكبوها وواصلوا
نهجهم بملاحقة أهل حماه بالسجن والطرد
من البلاد، إنه كابوس حماه الذي لم
ينته، أحياء حماه العظيمة المسماة على
أهلها الكرام مثل الكيلانيين ومثل
البارودية وغيرها دمرت وأهين أهلها
وأشبعوا ذلا، وها هو النظام اليوم يعيد
إهانة أهل حماه وسائر السوريين بالقتل
المنظم والاعتقال والقمع والإصابة،
العالم ارتكب الخطأ الأخلاقي الكبير
يوم لم يتعامل بحزم وأمانة ومصداقية
وقوة مع جريمة حماه، وإدانة المجرمين
المتسببين فيها ولكن اليوم المجتمع
الدولي يبدو ظاهريا أنه لم يعد يقبل
بتكرار المجازر من جديد، لا بالجملة
ولا بالتقسيط. حماه كانت السقطة
الإجرامية والأخلاقية الأخطر في تاريخ
النظام البعثي الحاكم في سوريا، وعدم
معاقبته عليها دوليا شجعه ومكنه من أن
يستمر في نهجه القمعي بلا رحمة وبلا
هوادة وبلا خوف ولكن لكل أجل كتاب،
والهولوكوست السوري لا بد أن ينتهي،
ومسؤولية انتهائه الفوري هي مسؤولية
المجتمع الدولي جميعا، وكل من يتخاذل
عن ذلك هو مشارك في الجريمة. ============================== عزمي
بشارة نقلاً
عن شبكة سورية الحرة 12/6/2011 1- لا
يمكن أن يستمر النظام السوري على حاله،
وكان عليه إما أن يتغير أو يغيره الشعب
السوري. وقد اختار النظام ألا يتغير،
ومن هنا فسوف يغيّره الناس. ربما
كان النظام السوري قابلاً للاستمرار
لو أنه كان مستعدا للتغير، ولو أنه قام
-منذ اندلاع حادثة الحريقة في فبراير/شباط
(ثم انتفاضة درعا من أجل الكرامة
والحرية)- بوضع إستراتيجية إصلاح
تدريجية -لكنها واضحة الهدف- تهدف
لتحقيق تسويةٍ استباقيةٍ بينه وبين
المجتمع، في شكل ربط متطلبات استمرار
نظامه مع تحقيق المطالب الأساسية
للمجتمع السوري. لكن
تباطؤه، ثم تردده بين سياسات الحوار
الشكلي وبين سياسات الحسم الأمني -الذي
انتهى بتبني الإستراتيجية الأمنية
المتشددة- جعل السلطة فعلياً تنزلق من
مجال الحل السياسي الاستباقي إلى الحل
الأمني. وجعلت
نتائج هذه السياسة الأمنية أفكار و"سياسات
الإصلاح المجمدة" كافة من خلفها. وما
كان ممكناً القبول به لم يعد ممكناً
قبوله بعد تطور الأحداث. ويشير إلى ذلك
طرح شعار إسقاط النظام. فهو لم يرفع إلا
بشكل متأخر نسبياً. وكان المقصود به هو
تغيير طريقة النظام بما يعبّر عن تطلع
المجتمع لتحقيق تسوية بينه وبين
النظام. وكان
ممكناً للنظام أن يستمر لو أن الرئيس
بشار الأسد اختار أن يكون نصيراً
للتغيير، وأن يقوده. وكان ممكناً له أن
ينجح بدرجات معينة، لكنه اختار خطاب
الثلاثين من مارس/آذار 2011 الذي لا بد -بكل
تأكيد- من أن ترصده أي دراسة لاحقة على
أنه بداية خسارة ما كان يراهن عليه
الناس. فما هو
مؤكد أن الناس في حلب ودمشق الذين
خرجوا وهم يهتفون يومي 27-28 مارس/آذار لم
يكونوا جميعاً موظفين أو حزبيين، بل
كان فيهم كثير من الناس العاديين
المنفعلين بما يحدث، وتحديداً بسقف
إصلاحات وعدوا بها بنبرة تفيد ب"أن
انتظروا غداً الثورة الإصلاحية التي
سيعلنها الرئيس". وما إن
انتهى الخطاب حتى شعر الناس بصفعة
الخيبة. هذا حدث بسيكولوجي واجه
الجميع، ووضعهم في لحظة اضطراب رهيب
بين ما هو متوقع ومأمول والصفعة
الواقعة، وحديث المؤامرة، و"إما أن
تكون معي أو ضدي". 2- خيار
النظام بين الإصلاح وبقاء النظام على
حاله هو خيار وهمي. ما لا يدركه النظام
هو أنه في المراحل الثورية يكون خيار
الناس بين الإصلاح التدريجي -ولكن
الجذري- والثورة على النظام. والثورة
في سوريا تختلف تماما. أولا، بسبب درجة
قمعية النظام. وثانيا، بسبب طبيعة
المجتمعات في المشرق العربي. 3- إن
أي محاولة جدية تتضمن إجراءات ملموسة
ومقنعة كانت ستلقى الترحيب من الناس،
لكن ما جرى ويجري في سوريا هو عكس ذلك.
وتمثلت الطامة الكبرى في أن الرئيس في
خطاب 30 مارس/آذار قد قام بهدر ما يحتمل
أنه رصيد له. وفي مثل نظم هرمية تقوم
على رأس الهرم كان ذلك يعني نتائج
خطيرة، خسر فيها الرئيس والنظام
والمجتمع فرصة الانتقال التدريجي لكن
الجذري والواضح المحطات والأهداف. لم تعد
غالبية الناس تنتظر الإصلاح، بل أصبحت
غالبيتها تعتقد أنه لا بد من تغيير
النظام، وهي إما مشاركة أو جالسة تحسب
ثمن التغيير. 4- إن
دور خصائص القيادة الفردية كبير في
تطور الأحداث التي تقع في مفارق
التغيرات الكبرى. ولقد كان أداء هذه
الخصائص الفردية للرئيس مدمراً على ما
كان يحتمل أن يتم. والفكرة أن هناك
سيرورة يمكن أن تكون حافلة بالمفاجآت
وليس حتميات من نوع: "النظام عاجز
بنيوياً عن القيام بإصلاح". ولكن
النظام رجح كفة الحتميات. هذا الترجيح
بحد ذاته هو الذي كان قرارا احتماليا
قبل أن يتخذ. 5-
المشكلة في أن نظاماً من نوع النظام
السوري يجر بانهياره الهيئة
الاجتماعية برمتها لاحتمال الانهيار،
والدخول في دوامة طويلة المدى من
الاضطرابات والاصطفافات بحكم التركيب
المتنوع للمجتمع السوري، وعلى المستوى
الإقليمي يمكن أن يجر انهياره كامل
إقليم المشرق إلى فخ التفكك الطوائفي
والعشائري فعلياً... من الواضح حتى الآن
أن سيرورة الأحداث تسير بسوريا نحو هذا
الاحتمال الكارثي الذي يخسر فيه
الجميع، ولكن بإمكان قوى الثورة
تغييره لو أرادت وتنظمت وشكلت لها
قيادة وطنية مستقلة تحمل طابع القوى
الاجتماعية المناضلة على الأرض، وليس
طابع الصراعات القديمة. 6- يقوم
النظام السوري على استبداد أمني قمعي
وعلى تحالف مع أصحاب المصالح أساسه
الخدمات المتبادلة والفساد. وما
حدث في دور رجال الأعمال هو تطور دورهم
وتأثيرهم بشكل سريع على غرار دور
الطبقة المصرية وتمركزها حول جمال
مبارك. هذا ما اضطلع به أقوياء رجال
الأعمال المتحالفين مع أقوياء
البيروقراطية الأمنية. لو أن
أي مثقف أو مواطن كتب أو نشر أو قال ما
قاله مخلوف لسجن. ما قاله مخلوف -من دون
أن يتلقى عقاباً- جعل النظام يخسر ورقة
شرعية السياسة الخارجية. 7- يخشى
النظام في سوريا من أن أي إصلاح سوف
يؤدي إلى أن يفلت من يده زمام المبادرة.
فهو يرسخ مجموعة من المخاوف والأوهام
يحميها القمع، وخشي النظام من أن أي
ارتخاء في قبضته قد يبددها. وبعد أن
تتبدد تبدأ حالة انهيار لا يمكن وقفها.
هذا هو موقف النظام من أي إصلاح جذري. كانت
المخاوف تعبر عن قصر في الرؤية كما
كانت تعكس "الخوف من الإصلاح"
بسبب المصالح. 8- لقد
قرر النظام السوري وأد الاحتجاج في
المهد، وبأي ثمن، لكي يتجنب أي تراجع
أمام المظاهرات نحو الإصلاح
الاضطراري، مما يشجع الناس على
الاستمرار في الثورة. ومن هنا الوحشية
غير المسبوقة في نهج النظام السوري في
التعامل مع أعمال الاحتجاج. لقد اتخذ
قرارا بمنع الاعتصامات في المدن وكانت
الوسيلة حصد المتظاهرين بالرصاص الحي. خلال
التطبيق الكارثي لهذه الإستراتيجية لم
يخرج أي مسؤول سياسي أو جبهوي أو حكومي
لقول شيء، إلى أن خرج أخيراً الأمين
القطري المساعد للحزب لينفي أي فكرة
لدى آخر ساذج حول الإصلاح، ويحدد سقفاً
لم يعد مقبولاً، ويقود النظام إلى
هاوية جديدةٍ. 9- قرار
النظام السوري هذا هو أيضا السبب من
وراء بعض الخطوات التي تنم عن صلف
وغرور، ويعتبرها حتى بعض مؤيديه غبية.
وهي ليست مجرد غباء، بل هي قسوة حمقاء.
وقرار النظام بوأد الثورة أمنيا هو
السبب في أن دعاية النظام والناطقين
الإعلاميين باسمه تبدأ وتنتهي بالشتم
والسباب. فلا يمكن النطق باسم أعمال
كهذه وتبريرها والاحتفاظ بصورة
الإنسان في الوقت ذاته. أحرجت
الإستراتيجية الأمنية للنظام أصدقاءه
والمعتدلين في المعارضة والنظام نفسه،
وجعلته يتكبد خسائر معنوية وسياسية
كبيرة. 10- ما
أخر الانتفاضة في المدن الرئيسية هو
الأسباب التالية مجتمعة: القسوة
الوحشية وشدة القبضة الأمنية في المدن
الرئيسية، وكثرة أصحاب المصالح
التجارية والموظفين، والخوف من
المخاطر والفوضى في ضوء المثالين
العراقي والليبي، واستعادة ذكريات
ومخزونات حوادث حلب وحماة في
الثمانينيات. ومع ذلك تحركت حماة
ببطولة، وكانت هنالك تحركات بطولية في
دمشق. ولكن لا بد من أن تدرك حلب ودمشق،
إن تحركهما هو الضمان ضد الفوضى. 11-
أصبح التظاهر والاحتجاج ممكنا في
الأطراف. وقد واجهه النظام بوحشية، وتم
الرد عليه باصطفافات محلية يذكيها
منطق "النصرة" و"التضامن"،
فاستفراد الدولة بالناس في الأطراف
يتخذ طابعا وحشيا تحقيريا مُذِلا. لقد
قاومه السكان ببسالة وكرامة. وفي بعض
المناطق تتحول الثورة إلى ثورة أرياف.
ولا توجد في التاريخ ثورة أرياف سلمية.
إن من يواجه اعتداء على بيته وعائلته
وأهله ويدافع عن نفسه لا يتجاوز الأصول
المرعية في أي ريف في العالم. إن
قابلية التسلح فيما لو توفرت شروطها
الأخرى (أي عدا شرط توفر السلاح) هي
حقيقة محتملة في سوريا ضمن منطق
الدفاع، وسيفتح ذلك المجال لاستغلال
لاعبين متعددين هذا الاحتمال. هذا
احتمال لا نشجع عليه لكن يجب ألا
يُتجاهل في مجال التصورات. 12- ما
يقوم به النظام من عدم الاكتفاء بدور
الأجهزة، وزج الجيش مباشرة في قمع
المتظاهرين بوحشية، هو أمر خطير
للغاية. فتعامل الجيش مع مواطنين
بقمعية يعني أنه يتعامل معهم كأعداء،
وهو وضع لا يمكن أن يستمر. وسوف يؤدي
إلى المساس بالجيش نفسه، من حيث
معنوياته ونظام الانضباط والطاعة
وعقيدته القتالية. والنظام يتحمل
المسؤولية عن ذلك. الدوس
على أبناء الوطن الملقى بهم مكبلين على
الأرض ليس بطولة ولا شرفا، ومن يقوم به
ليس حاميا للديار. وسوف يثبت الزمن أن
مثل هذا السلوك يعجز حتى عن حماية
النظام. 13- لا
يمكن أن تحتج الطبقات الوسطى
والبرجوازية ومثقفو المدينة على طابع
الثورة هذا، فعدم مشاركتهم الفاعلة في
الثورة هو السبب الرئيسي لقسوة الدولة
هذه في الأطراف. ومشاركتهم قد تسمح
بحوار عقلاني نقدي في الثورة حول
طريقها ونهجها. كانت
تلك الطبقات مستفيدة من ثمار النمو.
مثلاً خرجت طبقة كاملة من ميدان
التأثير بسبب ذلك وتفضيلها مصالحها
واستنزاف العمل اليومي لتلبية الحاجات
المستجدة في مجتمع السوق الاستهلاكي. 14-
النظام السوري ليس مذهبيا دينيا
كالنظام الإيراني الذي يعتمد على
ولاية الفقيه الغائب، ولكنه في الوقت
ذاته أقل تعددية، ويستخدم إيديولوجية
حزبية كان لها دور هام في يوم من الأيام
حتى تحولت إلى أداة بيد النظام
والأجهزة الأمنية. كما يستخدم ولاءً
اجتماعيا طائفيا من دون أن يكون قط
نظام طائفة بعينها. وفي فترة من
الفترات وحتى أيام المواجهة مع
الإخوان كان قسم كبير من المعتقلين من
العلويين. ولكن في أوقات الأزمات
والاصطفافات هناك من يوتر الورقة
الطائفية. 15-
استخدام الولاء الاجتماعي والعشائري
والإقليمي لا يعني أن الطائفة تحكم، بل
يعني توليد عصبية لتمتين ولاء الأجهزة
الأمنية للنظام. 16- قد
تكون الطائفة فقيرة ومضطهدة بل أفقر
وأكثر عرضة للاستغلال من غيرها، ولكن
النظام يشعرها بأنها مستهدفة. ووجود
اتجاهات وهتافات وشعارات من بعض
المتطرفين أو المتعصبين يعزز ذلك
ويطوره. والنظام يحاول أن ينشر هذا
الشعور بين الطوائف الدينية عموما،
فينتج طائفية. ويحول ما هو أمر عابر في
المظاهرات إلى شأن أساسي في دعايته. 17-
الطائفة الاجتماعية الأهلية موجودة.
أما الطائفية السياسية فليست قائمة
بشكل طبيعي في المجتمعات، إنها تُصنَع
بالتدخل الأجنبي وباستخدامات الدولة
والمعارضة وأصحاب المصالح. 18- إذا
كان النظام يستخدم التهويل والتحشيد
بأساليب تحريضية، فإن على المعارضة
التي تريد بناء دولة مدنية أن تطرح
خطابا مدنيا ديمقراطيا يقوم على بناء
الوطن الواحد لجميع مواطنيه، وعلى
عروبة سوريا، وعلى التزامها بدورها
التاريخي في المشرق العربي، محصنة في
وحدتها وتنوعها ضد الطائفية. 19-
والأساس هو تثوير الوطن كله بما فيه
المدن الكبرى وليس توقع الدعم الخارجي
سواء كان تركياً أو غربيا، أو خليجيا.
لكل الدول أجندات متعلقة بمصالحها. وفي
حالة الغرب ليست المجتمعات العربية
مضطرة لتقديم التنازلات السياسية كما
فعلت الأنظمة. إن خيار الديمقراطية
وإرادة الشعب هي الأمور التي تفرض
نفسها على الرأي العام الغربي. 20- إن
من يريد أن يحكم سوريا يجب أن يتقن
قيادة الثورة نحو نهايتها المتعلقة
بتغيير النظام السياسي القائم، وأن
يضع تصورا واضحا واثقا وموثوقا لسوريا
ديمقراطية تقوم على المواطنة بحقوقها
المدنية والاجتماعية والسياسية. كما
يجب أن يثبت منذ الآن أنه يتقبل الحوار
العقلاني والنقدي. كما يجب أن يعلم أن
قيادة سوريا هي شأن لا يدخل المشرق
العربي كله ضمن سلطته بالطبع، ولكنه
يقع بالتأكيد ضمن مسؤولياته السياسية
المباشرة. وهذا يشمل فلسطين ولبنان،
ومكافحة الطائفية في العراق، ورفض
التبعية السياسية لإيران وتركيا،
والتعامل مع الصهيونية كخطر وجودي على
المنطقة. لا
تتوقف المسألة على التخلص من النظام،
بل يتطلب الأمر رؤية، وبرامج واقعية،
وقيادة مسؤولة. وهذه هي مهمة القوى
الوطنية الديمقراطية الجذرية حاليا. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |