ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الجامعة العربية بين
الإرادة والميثاق حسين العودات التاريخ: 12 نوفمبر 2011 البيان دلت أحداث الربيع العربي هذا العام أن
جامعة الدول العربية، كمنظمة إقليمية،
تستطيع أن تقوم بدور مجد ومهم في
الأزمات القطرية والإقليمية التي
تواجهها دولها أو إقليمها، ويؤكد ذلك
قراراتها المتعلقة بالأحداث الليبية
في مطلع العام الحالي والأحداث
السورية التي اتخذتها قبل أسبوعين،
وربما أضعف ذلك على الفرضيات التي تقول
بعجز الجامعة عن عمل أي شيء جدي، لأنها
جامعة دول لا شعوب من جهة. ولأن ميثاقها يعطي الحق لأي عضو فيها أن
لا ينفذ قراراتها حتى لو اتخذ بالإجماع
من جهة أخرى. ولذلك عجز جميع المطالبين
بتغيير الميثاق أو تفعيل الجامعة عن
نقلها من مرحلة الركود وما يشبه الشلل
إلى مرحلة الفعالية والجدوى والتأثير. إذن يمكن افتراض أن الجامعة قادرة على
القيام بدورها، ومهما كان رأينا في
قراراتها التي أشرت إليها والمتعلقة
بليبيا وسوريا، فإنها أثرت في الواقع
العربي وغيرت فيه كثيراً، ولا يقلل من
أهمية الدور ما يقال عن وجود توافق مع
قوى دولية أو إقليمية أخرى دفعت باتجاه
اتخاذ هذه القرارات، مما أعطى لها
خلفيات مهمة وأوحى باعتمادها على موقف
غير إقليمي. تعتبر هذه القرارات مؤشراً لوجود إمكانية
كبيرة لجامعة الدول العربية في أن تلعب
دوراً إقليمياً حاسماً، شأنها شأن
المنظمات الإقليمية السياسية أو
الاقتصادية أو الثقافية في العالم
كله، خاصة في هذا العصر، عصر التكتلات
والتجمعات والتعاون الدولي السياسي
والاقتصادي، عصر العولمة والهيمنة
الجديدة المختلفة عن هيمنة الاستعمار
الأوروبي (الكولونيالي) في النصف الأول
من القرن الماضي، أو الأميركي (الأمبريالي)
في النصف الثاني منه. عندما تأسست جامعة الدول العربية عام 1945
لم يكن عدد الدول العربية المستقلة
يتجاوز سبع دول، وكان استقلال هذه
الدول هشاً وناقصاً ومعرضاً للمخاطر
من جهات عديدة، منها في ذلك الوقت خطر
الحركة الصهيونية والاستعمار
الأوروبي القديم، وكان لهذا
الاستعمار، ممثلاً بالسياسة
البريطانية، دور في التشجيع على تأسيس
الجامعة، وبغض النظر عن الأهداف
البريطانية، فقد كانت هناك ضرورة
عربية لقيام منظمة إقليمية لهذه
البلدان الناشئة، وبسبب حاجة السياسة
البريطانية. وحاجة الحكومات العربية في البلدان
المستقلة حديثاً، إضافة إلى الظروف
السياسية العالمية في ذلك الوقت (انتهاء
الحرب الثانية، بداية تقاسم العالم من
جديد بين الدول الاشتراكية
والرأسمالية، أفول الاستعمار القديم،
تمدد الإمبريالية الأميركية خارج قارة
أميركا، حاجة أوروبا والعالم لإعادة
البناء..الخ) مما كان له تأثير كبير على
تحديد مهمات الجامعة كمنظمة إقليمية
في الأطراف (أي خارج أوروبا وأميركا)
وعلى ميثاقها ووظيفتها والرؤية
المقبلة لدورها الإقليمي والعالمي. بعد زيادة عدد الدول العربية المستقلة،
واستطراداً زيادة عدد أعضاء الجامعة.
فإن تناقضات السياسة العالمية
ومجرياتها وتأثيرها على الدول العربية
الأعضاء في الجامعة ومصالح أنظمتها بل
وصراعاتها المحلية بعضها مع البعض
الآخر. أثرت على بقاء ميثاق الجامعة بالصيغة
التي كان عليها عند التأسيس دون تعديل،
واستمرار الجامعة بأداء وظيفة (التسوية)
وعدم اتخاذ قرارات حاسمة، تلزم
أعضاءها باتخاذ سياسة جديدة، وفي
الحالات كلها بقيت الاحتجاجات العربية
مستمرة على تهافت ميثاق الجامعة، وعدم
استيعابه للتطورات، وعدم فائدته
للبلدان الأعضاء، بل ربما مساهمته،
حسب البعض، في تكريس واقع عربي رديء،
وإيجاد المبرر لهذه الدول كي لا تضع
ميثاقاً جديداً عصرياً يدخلها في
الصراعات العالمية المعاصرة ويحمي
مصالح العرب القومية ومصالح كل دولة
منتسبة للجامعة. إن تقصير ميثاق الجامعة عن الاستجابة
لإرادة الشعوب العربية وتياراتها
السياسية والثقافية ومجتمعاتها في
المجال السياسي، وتأكيد دورها
الإقليمي والدولي في هذا المجال،
ينبغي أن لا ينسينا أن ميثاق الجامعة
أتاح لها، رغم ذلك، تحقيق إنجازات مهمة
في المجالات الثقافية والاجتماعية
والاقتصادية والإنسانية، فسمح للدول
العربية أن ترسم توجهات ثقافية
مشتركة، في الغالب الأعم، ومناهج
تعليم وكتبا مدرسية موحدة أو شبه موحدة. وتحقيق تعاون ثقافي كبير في مختلف
المجالات وخاصة في المحافل الدولية،
فضلاً عن تعاون في مجالات النقابات
والمنظمات الشعبية، والتعاون الصحي
والإنساني والاقتصادي، سواء ما يتعلق
بتنظيم الرسوم الجمركية، وتخفيف بعضها
على البضائع العربية والتبادل البيني،
أم في رسم سياسات صناعية تشكل خطوة
أولى نحو التنسيق والتكامل وغير ذلك من
المنجزات. إن القضية إذن لا تتعلق فقط بميثاق
الجامعة، فهذا يمكن توظيفه في الصالح
العربي العام مهما كانت بنيته
ومقتضياته، وإنما تتعلق بإرادة دول
الجامعة، ورغبتها في التضامن، مما
يفسر تعاونها في مجالات عديدة
وتناقضها في المجالات السياسية. ولكن رغم ذلك فإن من يطالبون بتغيير
الميثاق وتحويله إلى ميثاق عصري
يستوعب التطورات في مختلف المجالات،
وتعدد إملاءات عالمنا المعاصر وظروف
صراعات تكتلاته ومصالح دوله، إنما
يطالبون بأمر ضروري ومحق ولا غنى للعرب
عنه سواء كدول مستقلة أم كرابطة
إقليمية، ولم يعد عصرنا يسمح لهم
بالتصرف الفردي بمعزل عن التعاون
الإقليمي، شأن دول العالم الأخرى،
التي أقامت منظماتها الإقليمية
وأعطتها الصلاحية التي تأخذ قسماً
كبيراً من سيادة أعضائها. ولنا مثال
مما يجري في أوروبا وخاصة بعد انهيار
الاقتصادي اليوناني، وما يجري في جنوب
شرق آسيا، حيث المنظمة الإقليمية لهذه
الدول تستن سياسات اقتصادية ملزمة
للجميع. ولكن علينا أن نتذكر في نهاية المطاف أن
القضية قضية إرادة لا قضية ميثاق،
فالإرادة تقوّم أي ميثاق معوَج. ================= "الجامعة" وأهمية
الحزم مع سورية الوطن السعودية التاريخ: 12 نوفمبر 2011 لا يمكن وصف موقف
سورية بعد الإعلان عن قبولها المبادرة
العربية وخطة العمل المرفقة بها إلا
بكونه استهتارا واضحا بكل الالتزامات
أمام الدول والشعوب العربية، والأهم
كونه استهتارا بالدم السوري الذي لا
يزال يراق برغم كل الاتفاقيات
الورقية، وهو المتوقع عند النظر في
تاريخ النظام السوري، وتركيبة
العقليات التي تحكمه. المبادرة العربية كانت واضحة، وكان أول
بند ينص بشكل واضح على أهمية سحب الجيش
من المدن وإنهاء المظاهر المسلحة، بيد
أن النظام السوري رفع من وتيرة العنف،
ولم يتوقف القتل بل تمادى النظام
السوري وكأنه يحاول الاستفادة من
المهلة العربية، وذلك أمر غير مقبول
البتة، فالدول العربية لا يمكن أن تقبل
بأن تكون مطية لأغراض النظام السوري،
أو تتهم بأنها منحته مهلة للمزيد من
القتل والتعذيب، ولا يجب أن تكون
الجامعة العربية البوابة التي ينفذ
منها النظام السوري لكسب الوقت
والتنكيل بشعبه أكثر من هذا. اجتماع اليوم الذي في مقر الجامعة، حول
الوضع السوري في غاية الأهمية، ذلك أن
مسألة تجميد عضوية سورية في الجامعة
العربية يجب أن تكون على الطاولة، لكي
تكون الرسالة واضحة تماماً للنظام
السوري، الذي يبدو أنه لا يعي إلا لغة
التصعيد، ولذلك يجب تصعيد ملف سورية في
"الجامعة" وعلى المستوى الدولي
كذلك ويحب أن تكون القرارات حازمة هذه
المرة. من جهة أخرى، يجب أن تكون مواقف الدول
العربية جميعا متوافقة مع عدالة
القضية، فلا تزال مواقف بعض الدول
المؤيدة لسورية في غاية السلبية، على
هذه الدول أن تعي أن مواقفها هي تأييد
لسفك الدم السوري، وهو أمر لن تتسامح
معه الشعوب العربية. ================= زين الشامي الرأي العام 12-11-2011 بعد نحو ثمانية أشهر من استمرار السلطات
السورية في قمع المحتجين، وانتشار
الجيش والقوات الأمنية والدبابات في
غالبية القرى والبلدات والمدن التي
تشهد احتجاجات شبه يومية ضد نظام
الرئيس بشار الأسد، وبعد تحليق
الطائرات الحربية وطائرات
الهوليوكبتر فوق العديد من المناطق
لغاية تتعلق بتلك العمليات العسكرية
ضد المتظاهرين، وبعد مقتل أربعة آلاف
على الاقل من السوريين من شباب ورجال
ونساء وأطفال على أيدي القوات الامنية
والجيش، وبعد اعتقال عشرات الآلاف،
وبعد نزوح الكثير من السوريين إلى
البلدان المجاورة... بعد كل ذلك يمكن
وصف سورية اليوم بأنها دولة محتلة لكن
ليس من قبل دولة اجنبية بل من قبل قوات
النظام الاستبدادي. هذا النظام الذي
أثبتت الأحداث أنه مستعد لقتل كل
السوريين من دون أن يتخلى عن السلطة
ويفسح المجال لتغيير ديموقراطي يستحقه
السوريون. ما يجري اليوم يفوق قمعا وشدة في البطش
ممارسات أي قوة احتلال او انتداب
عرفتها سورية والسوريون في التاريخ
المعاصر، أو ربما في التاريخ القديم،
ربما يتساوى النظام السوري فقط مع
المغول والتتار. حتى أنه يمكن القول إن
إسرائيل ذاتها ورغم كل تاريخها القمعي
لم تفعل بأهل الجولان المحتل ما يفعله
هذا النظام الاستبدادي بالشعب السوري،
فإسرائيل سجنت العديد من المناضلين
والمقاومين من أهالي القرى المحتلة في
الهضبة، «مجدل شمس» و«بقعاثا» و«مسعدة»
و«واسط»، وغيرها، لكنها لم تقتل اي
واحد منهم خلال فترة اعتقالهم، أما
القوات الأمنية السورية فقد قتلت
العشرات من المعتقلين خلال فترة
احتجازهم، ومنهم من قتل خلال يومين فقط
بسبب شدة التعذيب، مثل غياث مطر الشاب
الذي كان يقدم مياه الشرب المعدنية
والورود لعناصر الجيش الذين كانوا
يقمعون ويقتلون أهله في بلدة داريا غرب
دمشق. وليس غياث مطر من قتل داخل السجن
بل هناك العديد من الناشطين. إسرائيل أفرجت عن الناشط وئام عماشة، وهو
من بلدة مجدل شمس المحتلة في هضبة
الجولان بعد سنوات من السجن بسبب نشاطه
ضد سلطات الاحتلال، لكنه كان يستطيع
خلال فترة اعتقاله أن يزور أهله، وكان
يستطيع أن يعبر عن آرائه السياسية ضد
إسرائيل من داخل السجون وكان يلتقي مع
اصدقائه، وفوق ذلك كان قد حوكم منذ
البداية في محكمة إسرائيلية، وكان له
محام للدفاع عنه، وحين خرج خرج قويا
سليما معافى ووجهه ينضج بالحياة. إسرائيل أيضا أفرجت عن عميد السجناء
العرب في السجون الإسرائيلية سمير
القنطار، ورغم أنه متهم «بقتل أبرياء
اسرائيليين» حسب المحكمة الإسرائيلية
التي اتهمته بذلك بعد تنفيذه عملية
عسكرية ضد مستوطنين إسرائيليين وتسببت
في مقتل العديد منهم، إلا أنها في
النتيجة أفرجت عنه وقد خرج بصحة جيدة،
وأيضا استطاع الحصول على شهادة جامعية
حين قضائه فترة الاعتقال في السجن. بكل تأكيد ان ذلك لا يحصل في سورية، ليس
ذلك فحسب، ففي السجون السورية، وما ان
يعتقل الناشط أو المعارض السياسي فإن
أهله قد يقضون أشهرا طويلة لمعرفة مكان
سجنه، وربما سنوات لرؤيته، وإن
استطاعوا، فبعد وساطات ودفع لرشاوى
كبيرة لضباط الأمن. النظام السوري أيضا، وبعد نحو ثمانية
أشهر من حركة الاحتجاجات، لم يقبل أن
يعترف أن هناك احتجاجات ضده، وهو يسمي
ما يحصل بالمؤامرة، وهو تبعا لذلك لم
يقبل أن يجري أي حوار مع أي من قوى
المعارضة، كل ما قام به هو اجراؤه «حواراً»
مع موالين وشخصيات مستقبل لكنها لا
تعارضه، كما عملت القوى الأمنية على
إرسال وفود من «الوجهاء» إلى العاصمة
دمشق لمقابلة الرئيس بشار الأسد.
وهؤلاء «الوجهاء» معروفون بولائهم
الكامل للنظام، لكن رغم ذلك فقد وصف
الإعلام السوري هذه اللقاءات ب «الحوار
الوطني»، ما يعني أن النظام وإلى اليوم
لا يعترف بوجود خصوم ومعارضين، ولا
يقبل أن يجلس إلا مع أناس تشبهه وتحتفظ
بولاء كامل له. إن هذه العقلية لا تشبه
حتى عقلية القوات المحتلة أو
الانتدابية. إنها لا تشبه إلا نفسها. من ناحية ثانية، عملت السلطات السورية
على التضييق على المناطق التي تشهد
احتجاجات مستمرة ضد النظام، وذلك من
خلال قطع الماء والكهرباء والاتصالات
وخدمات الانترنت، ومن خلال منع دخول
المواد الغذائية، وبخاصة مادة الدقيق
حيث تحتكر الدولة هذه المادة، ما تسبب
بتوقف الكثير من الأفران التي تصنع
الخبز عن العمل، وهو الأمر الذي دفع
الأهالي في بعض المناطق مثل درعا وحمص
وادلب للمخاطرة بحياتهم والخروج إلى
مناطق بعيدة بحثا عن الخبز. لقد أبلغنا
بعض الناشطين عن حالات قتل كثيرة حصلت
لسوريين خلال محاولتهم تأمين الخبز
لأسرهم، حيث تنتشر الحواجز العسكرية
والامنية على مداخل المناطق والبلدات
ومفارق الطرق في تلك المناطق التي تشهد
الاحتجاجات، وغالبا ما كان عناصر تلك
القوات تطلق النار على اولئك الناشطين
لمجرد خروجهم من منازلهم. إن حقيقة ما يحصل اليوم في سورية هي أكبر
بكثير مما يصلنا عبر مواقع التواصل
الاجتماعي مثل اليوتيوب والفيس بوك
وغيرها، إن ما يصلنا فقط هو ما تستطيع
كاميرا الهاتف النقال تصويره، وهذه
الكاميرا لا تصور إلا ثوان قليلة، أما
الألم والبطش والقمع والقتل والجوع
والحزن والبكاء الذي يعيشه السوريون
منذ أشهر طويلة فلا يمكن رصده أو
تغطيته أبدا. ولن يظهر إلا بعد وقت طويل. إن الكثير من السوريين اليوم، وحتى اصحاب
الاتجاهات القومية صاروا يتغنون بأيام
الانتداب الفرنسي، ويتمنون لو أن
سورية كانت خاضعة لقوة احتلال أجنبية
على أن تحكم من قبل النظام «البعثي»
ونظام عائلة الأسد، لقد قال البعض إن
فرنسا وحين كانت محتلة لسورية قامت
بتعبيد وإنارة الشوارع وفتح الطرقات
والمدارس، وخلال انتدابها أيضا ازدهرت
الصحافة الحرة وحريات التعبير، وكان
هناك الكثير من الأحزاب السياسية التي
تنشط بكل حرية وغالبيتها كانت ضد
الوجود الفرنسي. روى لي مرة جدي عندما كنت صغيرا انه
وبينما كان يلعب بين الحقول مع رفاقه
على الطريق الذي يربط حلب بمحافظة ادلب
شمال سورية، أنهم رأوا سيارة تابعة «للفرنسيين»
وعلى متنها جنود، مقبلة نحوهم، وما أن
اقتربت تلك السيارة حتى شعر جميع
الأطفال بالهلع والخوف الشديد، إلا أن
الجنود الفرنسيين وما أن رأوا الأطفال
حتى ضحكوا كثيرا، اقتربوا منهم
محاولين تهدئتهم ومراضاتهم لكنهم لم
يفلحوا... وحين غادروا، تركوا لهم
الكثير من المعلبات الغذائية
والحلويات التي كانت معهم في السيارة. رحمك الله يا جدي، أنت عشت مع الفرنسيين
بينما نحن نعيش مع قوات الاحتلال
الأسدي و«البعثي». ================= علي حماده النهار 12-11-2011 بالامس نزلت مدن سوريا وقراها من شمالها
الى جنوبها ومن شرقها الى غربها الى
الشوارع تحت شعار "جمعة تجميد
العضوية"، واتى ذلك في رسالة مباشرة
الى جامعة الدول العربية التي يجتمع
مجلسها الوزاري اليوم في القاهرة
للبحث في امر امتثال النظام في سوريا
للمبادرة العربية بعدما سبق ان اعلن
الموافقة عليها الاربعاء ما قبل
الماضي. واليوم بعد مرور عشرة ايام قتل
النظام مئات المواطنين السوريين العزل
في مجمل المناطق الثائرة، واجتاح
مدينة حمص التي تتجاوز بيروت حجماً،
وفي عدد سكانها. واخيرا جاءت رسالة
وليد المعلم الى الامانة العامة
للجامعة العربية يعلن فيها التزام
النظام تنفيذ معظم بنود المبادرة
العربية خلال اسبوع، لتضاف الى قائمة
طويلة من الاساليب الملتوية في
التعامل مع قضية بحجم احراق سوريا
وتدميرها على رؤوس اهلها. والمعروف ان
النظام، الذي اعتاد القتل وسيلة لحسم
الخلافات، ما برح يعتمد الكذب اساسا في
التعامل مع السوريين والعرب والعالم،
وبالتالي فإنه عديم الصدقية، وعلى هذا
الاساس ينبغي التعامل معه. قبل ايام اعلن بشار الاسد ما مفاده ان لا
خيار امامه سوى المضي في المواجهة، على
قاعدة انه يتعرض لمؤامرة ! واستتباعا
يصير قتل المئات منذ الاعلان عن قبول
المبادرة العربية مفهوما. فالنظام في
سوريا يتعامل مع المساعي العربية
باعتبار انها نافذة له تكسبه مزيدا من
الوقت وهو يحاول حسم الامور على الارض
باخماد الثورة في المدن الكبرى. وهمه
الصمود وامرار الوقت ايضا ريثما يحدث
تحول ما في المنطقة، إما بالانسحاب
الاميركي من العراق، او بتوسع نطاق
المواجهة لتشمل النزاع الايراني مع
المجتمع الدولي على برنامجها النووي،
لتتحول الورقة السورية جزءا من الصفقة
الكبرى في المنطقة. ويدرك بشار الاسد
انه حاجة اساسية للجمهورية الاسلامية
في ايران، فهو جسرها الوحيد الحقيقي
الى صلب المشرق العربي، ولا تقل اهميته
الحيوية بالنسبة الى موقع ايران
الاستراتيجي عن "حزب الله" الذراع
العسكرية الامنية المتقدمة لطهران. في مطلق الاحوال، تتداخل اليوم في القضية
السورية الثورة الشعبية الواسعة
النطاق، التي اعيت بشار الاسد ومحيطه
لشدة بأسها وصمودها الاسطوري في وجه
اعتى ماكينات القتل في المنطقة،
بالصراع الواسع على الاقليم بين
الشرعية العربية ومعها الغرب وايران
الامبراطورية الاسلامية الوجه
الفارسية الجذور، ويتوهم الاسد الابن
ان في مقدوره الانتصار. لقد انتهى النظام في الداخل، وتحول
بسلوكه الدموي قوة احتلال لا تختلف
كثيرا عن الاحتلال الاسرائيلي في
فلسطين. إن الجامعة العربية معنية اليوم بتجميد
عضوية سوريا فيها، ودعوة الدول
الاعضاء الى قطع العلاقات
الديبلوماسية مع النظام، واحالة الملف
على مجلس الامن،وتشكيل وفد يزور موسكو
وبكين لانهاء مهزلة حماية نظام يقتل
شعبه في القرن الحادي والعشرين. وثمة
من يميل الى تسليح الجيش الحر وفرض حظر
جوي على سوريا، وقد حان الوقت. ================= بشار الأسد إذ ينوي
العودة لمهنته «طب العيون»!! ياسر الزعاترة الدستور 12-11-2011 بشرنا مفتي نظام بشار الأسد الشيخ أحمد
حسون بأن زعيمه التاريخي ينوي العودة
إلى ممارسة طب العيون بعد أن يتم
الإصلاحات السياسية التي وعد بها. هل طلب أحد من الشيخ أن يقول ما قال، أم
أنه اجتهد (ولكل مجتهد نصيب!)، أم لعل
السيد الرئيس قد أسرَّ له بذلك فأشاع
السر بعد أن تأكد أنه يخدم المصلحة
الوطنية؟! لم يقل لنا الشيخ لماذا ترك رئيسه مهنة طب
العيون ليغدو رئيسا بعد أن غير "مجلس
الشعب" من أجله الدستور خلال دقائق
معدودة؛ في حفلة موغلة في السخرية
والاستخفاف بعقول السوريين وكرامتهم.
هل عجز حافظ الأسد عن أن يجد في سوريا
من يصلح لرعاية مصالح البلد سوى نجله
العزيز، لاسيما أن الرجل لم يكن هو
الرئيس المعين، وإنما شقيقه الأكبر (باسل)
الذي قضى بحادث سير؟! لم يقل لنا الشيخ كيف تحولت سوريا إلى
جمهورية وراثية، وبأي منطق تم ذلك، وهل
تم من دون سطوة الأجهزة الأمنية التي
تهمين عليها الطائفة العلوية؟! قبل أسابيع كان الشيخ قد هدد أوروبا
بعمليات "استشهادية" في حال وقوع
عدوان على سوريا، فيما لم يتوقف أحد
عند التهديد، ربما لأنهم يعتقدون أن
الرجل كان يهذي، هو الذي قتل ابنه
برصاص مسلحين يسود اعتقاد وسط
السوريين بأنهم من الشبيحة، ربما لكي
يندفع الشيخ أكثر فأكثر في مواقفه
المؤيدة للنظام. والحال أن الشيخ لا يقل حرجا عن الشيخ
محمد سعيد رمضان البوطي الذي وقف دون
تردد مع النظام، فيما لم نتابع له شيئا
خلال الأسابيع الأخيرة، ويبدو أنه قد
آثر الصمت، وربما تعلل بالوضع الصحي
بعد أن تدهور وضعه بين الناس بسبب
مواقفه المناصرة للنظام. وندعو الله
ألا يعود إلى تصريحاته وتبريراته
السابقة. وفي حين يصر السوريون الثائرون على
استبعاد القضية الطائفية والتأكيد على
دولة لكل أبنائها، فإن عاقلا لا يمكنه
الاعتقاد بغيابها عن الوعي العام، ليس
في بعدها المحلي من حيث القناعة بسيطرة
الطائفة العلوية على الجيش والأجهزة
الأمنية، بل في بعدها الخارجي أيضا،
بدليل أن تأييده الخارجي يكاد ينحصر في
إيران وحزب الله وحكومة المالكي
التابعة لإيران في العراق. هذا هو البعد الذي يُحرج كل سني، فضلا عن
أن يكون شيخا معمما أو عالما أو داعية
يقف في صف النظام، ولا قيمة هنا للقول
إن هناك من أهل السنة من يقفون في مربع
النظام أو يرفضون الثورة عليه، لأن
الفارق كبير بين تردد البعض في
المشاركة في الثورة خوفا على مصالحهم،
وبين اعتبار أنفسهم رصاصا في مسدسه
وتأكيدهم على الوقوف إلى جانبه حتى
الرمق الأخير. عودة إلى السيد الرئيس الذي ينوي العودة
إلى ممارسة طب العيون بعد أن يتم
الإصلاحات التي وعد بها، وهنا يمكننا
أن نقترح على إخواننا السوريين جمعة
عنوانها "أخ يا عيني" على أمل أن
يبادر الرئيس إلى فتح العيادة أو
المستشفى وترك السياسة، وعندها
سيكونون جميعا من زبائنه، بشرط أن يعيد
الأموال المنهوبة من طرف عائلته وعلى
رأسها ابن خاله رامي مخلوف. لكنهم
اليوم يسألون بلسان الحال: كيف لمن
ينوي العودة لممارسة طب العيون أن يصوب
رصاصه نحو عيونهم وصدورهم؟! لقد فقد هذا النظام شرعيته منذ أن أطلق
الرصاص على أبناء شعبه، ومن يطبلون له
في الداخل والخارج لن ينقذوه من مأزقه
مهما تعالت أصواتهم المنددة بالمؤامرة
(شعب متآمر ونظام ممانع ومقاوم، أية
مهزلة؟!)، وإذا كان بوسعه أن يصمد شهورا
أخرى، فإن الشعب السوري يبدو جاهزا
لمعركة طويلة لن تتوقف قبل حصوله على
الحرية التي خرج يطلبها بعد عقود من
الفساد والقمع. ================= هاشم القضاة الرأي الاردنية 12-11-2011 كان المغفور له الملك الحسين أول من قفز
إلى ذهني غداة اجتماع وزراء خارجية
الدول العربية في الشهر الماضي لبحث ما
يدور على الساحة السورية من أحداث
خطيرة، والخروج بخطة عربية تلتزم بها
الأطراف السورية ذات العلاقة لحل
المشكلة، تذكرت الملك الحسين وموقفه
العروبي النقي عندما طالب مؤتمر القمة
العربي المنعقد في القاهرة عام 1990
بتحكيم العقل والحكمة للوصول إلى حل
عربي يلزم العراق بالانسحاب من دولة
الكويت الشقيقة، للحيلولة دون التدخل
الخارجي في الشأن الداخلي للبيت
العربي، لتجنيب هذه الأمة شروراً
مستطيرةً طالما لحقت بشعوب كثيرة
ونالت من سيادتها واستقلالها، فعل
ابوعبدالله ذلك، فجاء رد المؤتمر
مُحبطا ومؤلماً ومشككاً بمواقف الأردن
النزيهة، في الوقت الذي كان فيه الملك
الحسين أول المعارضين لدخول العراق
إلى دولة شقيقةِ ما توقعت يوماً أن
يأتيها الشّر من مأمنه، وحذر الرئيس
العراقي من مغبة وعواقب ما أقدم عليه
في ذلك الحين، لإدراكه بأن أيَّ اجتياح
للعراق تقوم به الدول المتحالفة سيكون
هدفه خراب الكرم وليس بالضرورة قتل
الناطور. وعندما حدث ما توقعه « أبوعبدالله» لم يكن
أمامه ما يتمثل به غير قول دريد بن
الصِمّة : أمرتهموا أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا
الرشد إلاّ ضحى الغدِّ. وكنا نأمل أن يكون ضُحى الغدِّ هذا
متمثلاً اليوم بالخطة العربية لحل
المشكلة السورية، ولكن ثمّة تحديات
كثيرة تواجهُ هذه الخطة كونها لا تحتمل
الفشل، إذ ليس لها طريق غير طريق
النجاح، وبعكس ذلك ستُفتح الأبوابُ
على مصاريعها لتدخلات المتدخلين التي
سبق وأن حذّر منها الحسين قبل عشرين
عاماً بالتمِّ والتمام، لذلك نقول: لقد
أحسن العرب صنعاً بخطتهم إذا كانت
النوايا سليمة، وإذا لم تكن هذه
الخطّةُ مجرّد حجّةٍ والتماس عذرٍ
تقول فيه اللجنةُ لجمهور العالم
العربي: أنّها فعلت ما عليها،وأنّ
سوريا والأطراف المعنية أبوا ذلك، إنّ
من حقّ الشعب السوري أن يطالب النظام
بالحرية والديمقراطية والعيش الكريم،
ومن واجب النظام أن يستجيب لمطالب
شعبه، وبخاصة مطالب المعارضة الداخلية
التي نُكبر فيها موقفها الرافض
للتدخلات الخارجية، وهي تعلم ما فعله
التدخل في العراق من جهةٍ وما فعله حلف
الأطلسي في ليبيا من جهة أُخرى، وإذا
ما وصل الزحف إلى سوريا فسيكون الشر ّ
أمرَّ وأعتى وبخاصة في هذا الظرف الذي
تمرُّ فيه هذه البقعة من الشرق الأوسط،
فطبول الحرب باتت تُقرع في تل أبيب
ويتردد صداها في طهران، وإذا ما اندلعت
لا قدَّر الله فلا أحد في سوريا أو غير
سوريا بإمكانه أن يقول ساعتها: لا شأنَ
لنا بما يجري بين الجيران، وأنّ الأمر
لا يتعدى مناوشة بالصواريخ بين
نتنياهو واحمدي نجاد. إن ما يحدث اليوم في عرين الأمويين ليس
لعبة نتسلى بها لنصفّق للفريق الفائز،
إنها مسؤولية العرب التي لا عذر لهم إن
اكتفوا بإصدار البيانات والتصريحات
والتنصل من المسؤولية، ولا عذر للنظام
السوري بأن يسوّف أو يماطل بحلّ
مشكلته، ولا للمعارضة أن تخرج على
سلميّة انتفاضتها، على الجميع أن
يتذكروا ما قاله أوباما في شهر مارس
الماضي بما معناه أنه سيتعامل مع
الربيع العربي بالقطعة، وأنه سيعد
لكلّ حالةٍ لبوسَها الذي يليق بكسمها،
فكيف سيكون الحال إذا كانت سوريا
تحتلُّ الدرجة الأولى في قائمة الدول
المستهدفة..! ================= صالح القلاب الرأي الاردنية 12-11-2011 ما لم يتنبَّه إليه الأشقاء المصريون
ويأخذونه بعين الاعتبار هو أن الرئيس
السابق حسني مبارك لم يفعل ما يفعله
الآن بشار الأسد وأنه عندما أحسَّ بأن
رغبة شعبه ,بصورة عامة, مع ألاَّ يبقى
ومع أن يغادر موقعه اختار التنحي
وفضَّل أن يكون ذهابه سلمياً وألاّ
يقحم مصر في أتون صراعٍ دموي قد يستمر
لأعوام عدة ويخلَّفُ ليس ألوف بل
ملايين القتلى والجرحى والمشردين. كان بإمكان مبارك ,وقد تأكد أنه أصبح «إمَّا
قاتل أو مقتول», أن يقيل كل القيادة
العسكرية الممثلة في المجلس الأعلى
للقوات المسلحة وعلى رأسها المشير
طنطاوي والفريق سامي عنان فهو القائد
الأعلى وهو كان رئيس الجمهورية وكانت
لا تزال لديه القدرة ,عندما كان الوضع
لا يزال في البدايات, أن يتخلص ممن يشك
بولائهم له ويختار غيرهم من الذين
يعرفهم ومتأكد من أنهم من أقرب
المقربين إليه. لكنه لم يفعل هذا ولم يُقْدِمْ على هكذا
خطوة مدمرة وفضل الانسحاب في اللحظة
المناسبة لأنه كان يعرف أن المزيد من
تشبثه بموقعه سوف يكلف مصر ثمناً
باهظاً وأن لجوءه إلى الحلول الصعبة قد
يؤدي إلى انقلاب عسكري دموي والى
اقتتال بين رفاق السلاح في القوات
المسلحة ستكون نتائجه كارثية وسيؤدي
حتماً إلى مئات الألوف من القتلى إن
ليس إلى الملايين من شعب تجاوز عدده
الثمانين مليون نسمة. لم يفعل بشار الأسد ما فعله حسني مبارك
وهو اختار التمسك بكرسيِّ الحكم رغم
سقوط كل هذه الأعداد من الضحايا من
أبناء شعبه والواضح أنه مصرٌّ على «ركوب
رأسه» حتى وإنْ غرقت سوريا ,التي يستحق
الحفاظ على وحدتها ووحدة شعبها
التضحية بسلطة تَنَعَّم بها هو وأبوه
وأخواله وأعمامه لأكثر من أربعين
عاماً, في حرب أهلية مدمرة وحتى إن هي
تمزقت وتحولت إلى دويلات طائفية عددها
بعدد الطوائف السورية الكثيرة العدد
والموزعة كبقع متناثرة على كل جغرافيا
هذا البلد وعلى كل أجزائه. كان على بشار الأسد أن يأخذ العبرة مما
فعله حسني مبارك فجنَّب مصر المحروسة
مذابح قد تستمر لفترة طويلة وكان عليه
لاحقاً أن يأخذ العبرة مما حصل مع معمر
القذافي الذي رفض الاعتراف بالواقع
المستجد فكانت نهايته تلك النهاية
البائسة وكان مصيره ذلك المصير الأسود
الذي لا مثيل له حتى بالنسبة لهتلر
وموسيليني وكل طغاة التاريخ الذين
أساءوا بأفعالهم الدنيئة ليس لشعوبهم
فقط وإنما أيضاً للبشرية كلها. هناك حديث نبوي شريف يقول :»الشقيُّ من
اِتَّعظ بنفسه والسعيد من اِتَّعظ
بغيره» ويقيناً أن بشار الأسد إن هو
بقي يصر على خيار ذبح شعبه ثمناً
لبقائه في كرسيَّ الحكم فإن نهايته
ستكون أسوأ كثيراً من نهاية القذافي
وأنه سيجر على أبناء طائفته التي يتبرأ
معظمها منه ومما يفعله مصائب جرها طغاة
كثيرون على أهلهم وعلى أقاربهم وعلى
مؤيديهم وهذا لم يفعله حسني مبارك الذي
فضَّل الانسحاب في اللحظة المناسبة
حتى لا يُقحم مصر في حمامات دمٍ وفي
ويلات ومذابح كارثية. ================= السبت، 12 تشرين الثاني 2011 03:58 السبيل فهمي هويدي ليس معروفا ما الذي يمكن أن يسفر عنه
اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم في
القاهرة لبحث تطورات الأزمة في سوريا،
لكن أحدا لا يستطيع أن يتجاهل أن
الحكومة السورية لم تلتزم بشيء مما
وافقت عليه في مبادرة الجامعة، ذلك أن
وتيرة العنف استمرت هناك ولايزال
العشرات يسقطون كل يوم برصاصات الجيش
والشبيحة. ويبدو أن النظام السوري أصبح
يراهن على احتمالات تفجير المنطقة
كلها إذا ما أرغم على السقوط. وهو ما
عبر عنه الرئيس بشار الأسد في حديثه
إلى صحيفة تلجراف البريطانية، حين
تحدث صراحة عن أن المنطقة ستواجه «زلزالا»
إذا ما حدث ذلك. فأشار إلى احتمالات
الحرب الأهلية الداخلية وإمكانية ظهور
دويلات يمكن أن تكرر نموذج طالبان في
أفغانستان، وألمح إلى التأثيرات التي
يمكن أن تترتب على ذلك السقوط بالنسبة
للجيران، بما في ذلك إسرائيل والأردن
ولبنان والعراق وتركيا. وكانت رسالته
الضمنية الواضحة هي أنه إذا كان النظام
الحالي سيئا فإن بدائله والنتائج
المترتبة على سقوطه ستكون أسوأ وأخطر.
كأنه يريد أن يقول للجميع إن من
مصلحتهم أن يبقى النظام كما هو حتى إذا
كان الشعب السوري هو الذي سيدفع ثمن
استقرار المنطقة. بالتالي فإنه خيرهم
بين أمرين إما التضحية بالشعب السوري
وإما الزلزال الذي حذر منه. لقد رفع البعض في الداخل اللافتات التي
دعت إلى التدخل الدولي لحماية المدنين.
وتحدثت قيادة المعارضة في الخارج عن
استعدادها للقبول بذلك التدخل. ولكن
بعض المعارضين تعامل مع هذا الموقف
بحذر، في حين انتقده آخرون وهاجموه.
والمشكلة أن الجميع إما معذورون أو
محقون. فالمواطنون الذين حوصرت دورهم
وقطع عنهم التيار الكهربائي ومنعت
عنهم المؤن، وتعرض ذووهم للقتل
والتعذيب أو الاعتقال، هؤلاء يعذرون
إذا فاض بهم الكيل ولم يجدوا مفرا من
الاستغاثة بالتدخل الدولي، خصوصا أن
النظام العربي عجز عن أن يحل لهم
مشكلتهم، حيث أصبح مجلس الأمن الذي
تتحكم فيه الولايات المتحدة إلى حد
كبير وحده الذي يملك القوة التي يستطيع
بواسطتها وضع حد لمثل ذلك الإسراف في
قمع الشعوب واستمرار ارتكاب الجرائم
ضد الإنسانية. المعارضون الذين أيدوا التدخل الدولي
معذورون أيضا. لأنه لا بديل آخر
أمامهم، في الوقت الذي تفرض عليهم
مسئولياتهم أن يجدوا حلا لمحنة
إخوانهم في الداخل. كذلك فإن الحذرين
والمعارضين للتدخل معذورون، لأن ذلك
التدخل يمكن أن يصبح احتلالا مقنعا،
خصوصا أن ذاكرتنا لم تنس بعد أن القوى
الاستعمارية حين بسطت هيمنتها على
العالم العربي فإنها تذرعت بحماية
الأقليات حينا، أو «بحماية» تلك
الأقطار في حين آخر. الجامعة العربية حين تدخلت فإنها أحرجت
النظام السوري الذي وضعها بدوره في
موقف حرج. هي أحرجت النظام السوري حين
قدمت إليه طلبات محددة واقترحت عليه أن
ينفذها خلال مهلة محددة، يفترض أن تمهد
لحوار مع المعارضة للبحث عن مخرج من
الأزمة. أما إحراج النظام للجامعة فقد
بدأ حين وافق على المبادرة ولم ينفذ
منها شيئا، بالتالي فإنه أفشل
المبادرة على الأرض، وتعين عليها بعد
ذلك أن تحدد موقفا. فهي إذا سكتت فستكون
قد ابتلعت الإهانة وآثرت أن تدير خدها
الأيسر بعدما تلقت الصفعة على خدها
الأيمن. وإذا لم تسكت فهي إما أن تنتقد
الموقف السوري وتوفد اللجنة الوزارية
التي شكلت للتعامل مع الأزمة إلى دمشق
في زيارة أخرى تحمل رسالة العتاب، وفي
الوقت ذاته تمدد أجل المهلة المعطاة
للنظام. وإما أن تخطو خطوة أبعد فتصدر
قرارا بتعليق عضوية سوريا في الجامعة
كما فعلت مع نظام القذافي. وقد تتقدم
أكثر فتدعو مجلس الأمن لفرض منطقة حظر
طيران فوقها. وهو الخيار الذي مهد
لتدخل حلف الناتو في الحالة الليبية،
وفتح الباب للتدخل العسكري الدولي. استبعد هذا الخيار الأخير في الوقت
الراهن، بحيث يصبح تعليق عضوية سوريا
هو الحل الوسط بين توجيه العتاب وفرض
منطقة حظر الطيران، علما بأن ملف اليمن
مدرج وموضوع على مكتب أمين الجامعة
العربية. ولأنه يكاد يكون متطابقا مع
الملف السوري فإن تعليق عضوية سوريا
سيفتح الباب لتعليق عضوية اليمن أيضا. القدر الثابت في المشهد الذي نطالعه أن
النظام السوري مصر على البقاء، وأنه
مستعد لأن يدفع أي ثمن مقابل استمراره،
حتى إذا أدى ذلك حتى الآن إلى قتل 3500
مواطن سوري غير 1100 من أفراد الجيش
والشرطة تحدثت عنهم التقارير الرسمية
السورية. بعدما دخلت تركيا على الخط، فإنها لوحت
بأمرين أولهما إقامة منطقة عازلة
للمهجرين السوريين بين البلدين،
وثانيهما تمكين عناصر الجيش السوري
التي انشقت من القيام بعملياتها عبر
الحدود التركية «في الغالب ردا على
اتهام سوريا بتمكين المتمردين الأكراد
من الهجوم على مراكز الجيش التركي». إنني أتفهم مخاطر تدويل الأزمة، ولكن
اللوم الحقيقي ينبغي أن يوجه إلى
النظام السوري الذي أصر على دفع الأمور
في ذلك الاتجاه. ذلك أننا لا نستطيع أن
نلوم رد الفعل في حين نسكت أو نغض الطرف
عن الفعل. ================= حمص وجامعتنا العربية:
الضحية المنكوبة والغاطس في عسل
إجازة العيد عمار البرادعي 2011-11-11 القدس العربي لا أحد يستطيع الجزم بما يمكن أن يخرج عن
اجتماع مجلس الوزراء العرب يوم السبت
المقبل. فمعظم أنظمتنا لا تختلف كثيرا
عن نظام الأسد من حيث التقلّب
والمراوغة وحتى تناقض الأقوال مع
الأفعال. قد يتم الإتفاق على فرض
عقوبات أو تجميد عضوية سورية الأسد في
الجامعة على غرار ما حصل مع ليبيا
القذافي، في الوقت الذي يُرجّح
استبعاد اتخاذ قرار يدعم التدخل
الأجنبي بعد درس تجربة حلف الناتو الذي
بدأ بحماية المدنيين ثم انتهى إلى أبعد
من ذلك بكثير. وليس غريبا وسط تردد
الجامعة وخيبة أمينها العام الجديد أن
تفاجئنا بالعودة الى حالة التراخي
المعتادة، مبررة ذلك بدواعي ليس اسهل
من استنباطها، كالحديث عن خصوصية
سورية وجغرافيتها وما شابه، أو رفض
البعض قطع صلة الجامعة بالنظام لئلا
يُقفل باب الأمل بإيجاد حل سلمي، عدا
عن رفض آخرين فكرة التدخل الأجنبي من
أساسها. لا يغيب عن الذهن هنا أنه منذ ما قبل
الإعلان عن مبادرة الجامعة العربية،
سارعت المعارضة السورية بمختلف
هيئاتها الى التحذير من قدرة النظام
على المراوغة بدهاء، ومن خبرته
الطويلة في الكذب والتسويف منذ أيام
حافظ الأب الذي كان 'أستاذا' في اللعب
على الحبال المتناقضة، ودعت القائمين
على 'بيت العرب' الى عدم السماح بإضاعة
الوقت في الأخذ والرد معه، وإفساح
المجال له بمواصلة لعبة الدم سعيا وراء
إجهاض الثورة. ولما كان مؤكدا أن هذا النظام أو أي نظام
آخر لا يمكنه الإستمرار طويلا في مسلسل
صارخ التناقض يتمثل بإغداق الوعود
والتعهدات الشفوية والتحريرية
المخادعة من جهة، على طريقة الرئيس
اليمني علي عبد الله صالح، إلى جانب
تصعيد مسلسل القتل وهجمات الشبّيحة ضد
أبناء بلده من جهة أخرى. لذلك وجد نفسه
مضطرا إلى توقيف هذا المشهد ولو لساعات
معدودة، كي يُهُيأ للبعض أنه راجع
حساباته فتراجع، عندما وافق على كامل
بنود المبادرة العربية وأوحى بعزمه
على تنفيذ ما حدّدته بالنسبة لوقف كافة
أعمال العنف، والإفراج عن المعتقلين،
وإخلاء المدن والأحياء السكنية من
جميع المظاهر المسلّحة، بالإضافة إلى
فتح المجال أمام مؤسسات الجامعة
ووسائل الإعلام المختلفة للتنقل الحر
في جميع الأراضي السورية للإطلاع على
حقيقية الأوضاع فيها . وحتى يوحي بصدقية عزمه على التنفيذ
الجدّي، أدلى معاون وزير خارجيته عبد
الفتاح عمورة بتصريح لصحيفة ديلي
تلغراف البريطانية / نُشر السبت 5
نوفمبر الجاري، قال فيه 'إن سورية تعني
ما تقول وسننفذ كل بند من بنود إتفاق
الجامعة وسنعمل على سحب الجيش اعتبارا
من غد الأحد أول أيام عيد الأضحى' . وكان قد سبق هذا الكلام تسريب خبر صيغ
بأسلوب الأجهزة الى صحيفة لبنانية،
يؤكد البدء بعملية التنفيذ التي لم
تبدأ على الأرض، وقد نُشر يوم الجمعة 4
الجاري، يقول بالنص: 'أن القيادة
السورية أبلغت وحدات الجيش بضرورة
تطبيق انسحاب تدريجي من المناطق
المأهولة الى قواعدها أو مداخل المدن
وأنه سوف يُستعاض عنها بوحدات من قوات
حفظ النظام ...'. ولمزيد من الإيحاء
بالتجاوب مع المبادرة وتنفيذ بنودها
جاء في نفس الخبر أن القيادة السورية
نفت نيتها تسمية لجنة للحوار، نظرا إلى
أن الظروف قد تغيّرت ولم تعد هناك حاجة
لمثل هذه اللجنة، بعد أن تمت الموافقة
على الحوار مع المعارضة بترتيب من قبل
الجامعة العربية. ونظرا لما كان يمكن أن يُفضي إليه هذا
القبول من تغيّر جذري في صورة النظام
وحزبه القائد وقوات أمنه ومخابراته
وشبّيحته، كان لافتا مسارعة رئيس
الوزراء القطري / وزير الخارجية حمد بن
جاسم إلى التعقيب على ذلك قائلا: 'المهم
التزام الجانب السوري بتنفيذ هذا
الإتفاق، وإذا لم يلتزم فإن الجامعة
ستجتمع مجددا لاتخاذ القرارات
المناسبة في حينه. أغلب الظن هنا أن بن جاسم لم يكن يتصوّر أن
عدم الإلتزام بهذه المبادرة سيظهر
صارخا للعيان قبل مرور أسبوع أو اثنين،
وليس في اليوم ذاته حيث بقي كل شيء على
حاله، بدليل قوله 'إن الإتفاق واضح
ونحن سعداء بالوصول الى هذا الإتفاق،
وسنكون سعداء أكثر عندما يُطبّق فورا.
ثم استدراكه: 'كلمة فورا ليست أمرا
وإنما من باب الأخوة'. ولهذا لم يكد
ينتهي من كلامه حتى فوجىء، كما فوجئت
الجامعة النائمة بكاملها مع قدوم عيد
الأضحى (صباح الأحد 6 تشرين الثاني/نوفمبر
) بأن شيئا لم يتغير، وأن عمليات القتل
الجماعي بقيت متواصلة وبلغ عدد
الشهداء الذين سقطوا في اليوم الذي
أعلنت فيه الموافقة على المبادرة مساء
الأربعاء 2 تشرين الثاني/نوفمبر 25
شهيدا. ثم استفحلت بعد ذلك الى حدّ لا
يمكن تصوّره في مدينة حمص التي خرجت
بكاملها مطالبة بإسقاط النظام، فتمت
استباحتها من قبل قواته بوحشية تفوق
الوصف، تحت ذريعة التصدي لمؤامرة
خارجية يقوم بها مسلحون إرهابيون. وفاق
عدد الذين سقطوا منها وحدها في اليوم
التالي لإعلان الموافقة على المبادرة
أي الخميس 4 نوفمبر العشرين شهيدا،
الأمر الذي فرض إعلانها كمدينة منكوبة
. إن أبرز ما يلفت الإنتباه والإستغراب في
آن، أنه رغم كل ما تركته هذه الممارسات
الإجرامية من ردود أفعال مستنكرة في
سائر أرجاء العالم، ورغم قيام الأمين
العام للجامعة العربية نبيل العربي
ولأول مرة بالتحذير من عواقب كارثية
على سورية والمنطقة إن لم يتم تنفيذ
المبادرة بشقيها: إنهاء أعمال العنف
وبدء حوار مع المعارضة، إلا أن النظام
يُظهِر قمة المكابرة ويحاول الإيحاء
وكأنه لا يعبأ كثيرا بما يدور حوله،
إلى حد ظهور بشار الأسد على شاشة
التلفزيون وهو يصطنع ابتسامة أثناء
تأديته صلاة عيد الأضحى التي أقيمت
بمسجد النور في مدينة الرقّة، مع أن
حبل آخرته بدأ يطوّق عنقه. أما وقد ماتت المبادرة منذ ولادتها وعدنا
الى نقطة الصفر بالنسبة لتعامل
الجامعة مع نظام بشار، هل سيقف وزراء
الخارجية العرب مرة أخرى بعد عطلتهم
السعيدة طوال أيام العيد، أمام حقائق
كانوا يدركونها جيدا حول طبيعة هذا
النظام المجبولة بالعنف، واستبعاد
جنوحه للسلم، وهل ستؤدي هذه الوقفة إن
حصلت إلى حسم الموقف المختَلف عليه
فيما بينهم حتى الآن؟. ذلك لأنه إذا
كانت الجامعة غير مهيّأة للتدويل الذي
سيجلب نتائج كارثية 'على حد تعبير نبيل
العربي، فليس أقل من توافق أعضائها على
وقفة جماعية جادة تضع حدا لتوحّش
النظام ضد شعبه، وتُخرِج القضية من
دائرة التلاعب الى دائرة الحل بعد أن
تأكد للعالم أن هذا النظام لا يؤمن
بالحوار والديمقراطية، وأنه لن يُنفّذ
هذا الإتفاق وسوف ينقلب عليه، مع أنه
يمثل الوسيلة الوحيدة المتاحة أمامه
لتجنّب ما هو أسوأ. في ضوء هذا الواقع المُر، كان على الجامعة
أن تحسب حسابها فتعمد إلى إعلان حالة
طوارئ داخل أجهزتها، بدل تمويت القضية
وترك الحبل على غارب شبيحة النظام
وقواته، حيث لم نسمع لها صوتا أثناء
الغوص في عسل الإجازة غير اضطرار
أمينها العام إلى استقبال عدد من وفود
القوى المعارضة التي أتت لشرح موقفها
والإعراب عمّا تتأمله من اجتماع
المجلس الوزاري العتيد، لاسيما وأن
أسلوب المماطلة بالأخذ والرد من قبل
النظام لم يعد يجدي، بعد أن وصلنا إلى
وضع لم يعد يسمح لبشار الأسد بغير
التخلي السريع عن السلطة، كما فعل زين
العابدين وحسني مبارك، بدل أن يلقى
مصيره المحتوم كالقذافي . ================= السبت, 12 نوفمبر 2011 حسّان القالش * الحياة «كفى اصلاحات، لقد قدّمنا الكثير منها
طيلة الشهور الثمانية الماضية، الآن
دور القضاء على الارهاب...». هذا بعض ما
قاله أستاذ جامعي يدرّس القانون في
سورية اليوم، من على منبر تلفزيون سوري
شبه حكومي. وطبيعي أن يتحدث الأستاذ
الجامعي، في دولة البعث، كما يتحدث
مدير الأمن أو وزير الداخلية. والأكثر
طبيعيّة أن يكون أستاذاً ل «القانون»،
ويتحدث عبر الأثير الفضائي. ذاك أن
للقانون، في سورية، قصّته المختلفة
والشّاذة عن منطق القوانين. بيد أن السؤال يطرح نفسه هنا: هل يستطيع
ذاك الأستاذ الجامعي أن يقدم تفسيراً،
منطقياً وعلمياً وتاريخياً، يشرح فيه
سبب غياب الثقافة القانونية والحقوقية
عن الثقافة العامة للمواطنين؟ الجواب
هو لا ونعم في الوقت نفسه. فلا هذا
الأستاذ ولا غيره، ممن أركَبهم البعث
فوق رؤوس المؤسسات العلمية والقانونية
يجرؤون على الاجابة، مع أنهم، نعم،
يعرفونها جيداً في قرارة نفوسهم. وهذا
ما يحيلنا إلى احدى مشكلات الحدث
السوري الراهن، متمثلة بضيق دائرة
النخبة المعارضة. ولئن كان هذا حال القانون وأغلب رجالاته
في سورية، أمس واليوم، صار سهلاً تفسير
كثير من الأمور والظواهر وردّها إلى
علّتها. فعدم احترام القانون، من جانب
المقربين من السلطة، هو ما سفّه
القانون، وحطّ من قيمته وقيمة ممثليه.
وهو ما فرز ظاهرة «التّشبيح». ذاك أن
التّشبيح، تعريفاً، هو كل ممارسة
تنتهك القانون الرسمي وتستهتر به
وتحقّره. والشبّيحة هم أعداء القانون،
الذين اغتالوا هيبته عبر سلوكهم الخاص
الذي أثّر في جيل أو جيلين ممن تماهوا
مع أساليب الشبيحة وصورتهم في أعمال
التهريب والترهيب. والحال أن
التّشبيح، بمعناه الواسع، والخراب
الذي ألحقه بالمجتمع وبالقانون، كان
عاملاً أساسياً في تقسيم السوريين إلى
مواطنين فئة أولى، وآخرين من الفئة
الثانية والثالثة. فالسوري من الفئة
الأولى مواطن فوق العادة، مدعوم، وله «ظهر»
يحميه ويرعاه، فلا يقيم اعتباراً
لقانون أو لنظام عام. أما السوريون من
باقي الفئات، فهم غالبية الشعب، أولئك
الذين لا يعامَلون كمواطنين مكتملي
الحقوق، والذين عاشوا ويعيشون التمييز
والانتقاص والإلغاء والإقصاء.
فالقانون بعيد عنهم، لا يراهم ولا
يعترف بوجودهم سياسياً واجتماعياً. فلا غرابة، إذاً، والقانون ليس بقانون،
ألاّ يسمي أستاذ القانون الأشياء
بمسمياتها، وألا يعترف بأن أولئك
الشبيحة، هم من أساسات الارهاب، بل هم
التجسيد الفعلي والواقعي له. فهم من
عمّموه، وعمّموا معه ثقافتهم
العنفيّة، ولطّخوا سمعة البلاد
بتاريخهم الأسود، تاريخ الخوف
اللامنتهي. وغني عن القول إن سورية لن تهدأ ولن تستقر
ما لم يستعد القانون قوّته واعتباره،
ويتمكن من رؤية الشعب بأكمله، وهذا ما
لا يتحقق فقط بالاعتراف النظري بأن «هناك
أخطاء». فهذه الأخطاء قد ارتكبت بحق
الشعب والبلاد، ولا تمحى إلا في قاعات
المحاكم. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 12-11-2011 يقول جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة
الخارجية الأميركية: إن بشار الأسد «قد
انتهى»، وإن الدول العربية أدركت أن
أيام الأسد في الحكم معدودة، وإن معظم
الزعماء العرب باتوا «مقتنعين أن حكم
الأسد يشهد نهايته»، وإن «عددا من
القادة اقترح على الأسد توفير ملاذ آمن
له لدفعه للتخلي عن السلطة بهدوء
وبسرعة». والسؤال هو: مَن مِن الدول العربية، أو
القادة العرب، سيتحمل تبعات استضافة
الأسد بعد كل ما فعله بسوريا
والسوريين؟ بل أين هي علاقاته الجيدة
مع الزعماء العرب المؤثرين في
المنطقة؟ فاستضافة الدول العربية - أي
دولة كانت - لزين العابدين بن علي، أو
حتى حسني مبارك، كانت أمرا يمكن الدفاع
عنه، فأيديهما لم تلطخ بالدماء مثل ما
فعل النظام الأسدي، وببشاعة.. فالنظام
الأسدي تجاوز حتى ما فعله معمر القذافي
في ليبيا؛ فهناك كانت المعركة مختلفة؛
حيث وقعت بين طرفين: نظام العقيد
والثوار، وكلاهما يحمل السلاح بوجه
الآخر: الدبابة مقابل الدبابة،
والرشاش مقابل الرشاش.. بينما العكس
تماما في سوريا؛ حيث إن النظام الأسدي
هو من يحمل السلاح، وهو من يعربد به،
بينما الثوار السوريون مسالمون إلى
الآن، ورغما عن كل ما يقوله المسؤولون
الروس الذين تحولوا إلى ما يمكن أن
نسميهم الشبيحة السياسيين، فبعدما
شهدنا شبيحة الإعلام السوريين، نشهد
اليوم شبيحة السياسة الروس، وهم
يستميتون للدفاع عن النظام الأسدي
المنتهي لا محالة. لذا، فإن القول إن النظام الأسدي قد
انتهى، حقيقة، والقول إن معظم الحكام
العرب قد اقتنعوا بنهايته، قد يكون
أمرا صحيحا، لكن الاستعداد لاستضافة
بشار الأسد في إحدى الدول العربية أمر
بالغ الصعوبة اليوم، خصوصا أن النظام
الأسدي قتل ما لا يقل عن 3500 سوري، هذا
عدا عن المفقودين. فمن الذي سيتحمل
تبعات هذا الدم كله؟ أمر صعب تخيله!
وعليه، فإذا كانت الدول العربية - كما
يقول فيلتمان - حريصة على سلامة سوريا
وشعبها، فإن خير ما تفعله هذه الدول
الآن - بدلا من منح اللجوء لبشار الأسد
– هو أن تباشر بتجميد عضوية النظام
الأسدي في الجامعة العربية التي يقول
فيلتمان إن مصداقيتها اليوم باتت على
المحك، وبالطبع فإن على الجامعة
الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، وسحب
جميع السفراء العرب من دمشق فورا. وإذا
كان القادة العرب أيضا حريصين على
سوريا فعلا، فلا بد من موقف حازم تجاه
ما تفعله موسكو بدفاعها المؤسف عن
النظام الأسدي. أما قصة لجوء بشار الأسد السياسي من عدمه،
فهو أمر يجب ألا يشغل العرب الآن، حتى
إن كان فيلتمان يقول إن جميع القادة
العرب تقريبا باتوا مقتنعين بأن «نظام
الأسد على وشك الانتهاء»، وأن «التغيير
في سوريا الآن لا مفر منه». فالواضح أن
خيارات النظام الأسدي عندما تحين لحظة
الفرار ستكون محدودة، إن لم تكن
محسومة، فليس أمام هذا النظام الوحشي
إلا اللجوء لإيران، وإن كان المرء يشك
في أن يقبل عقلاؤها بفعل ذلك؛ فالنظام
الأسدي بات عبئا على الجميع، بما فيهم
طهران. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |