ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أسبوع إضافي للنظام... لا
لهيئة التنسيق الأحد, 13 نوفمبر 2011 حازم الأمين الحياة ما الذي أراده وزير الخارجية السوري وليد
المعلم من وراء طلبه من الجامعة
العربية مهلة أسبوع جديد ل «تطبيق
غالبية بنود المبادرة العربية»؟ أسبوع
لن يُسأل النظام في سورية عن الوقائع
التي ستجري خلاله في المدن السورية! يحار المرء حقاً في الحكم على طبيعة هذا
الطلب، اذ من الصعب ان نصدق ان «انجازاً»
ميدانياً سيتحقق للنظام خلاله، ومن
الصعب أكثر الاعتقاد ان انقلاباً في
علاقة النظام بالسّكان سيحصل خلال هذا
الأسبوع. والأسبوع أيضاً لا يكفي
لمراجعة تجريها أطراف المحنة في سورية! القول مثلاً بأن النظام سينجز في هذا
الاسبوع «المهمة» في حمص ليس كافياً.
فإنجاز المهمة هناك لن ينقذه، وقد سبق
ان قال الأخير انه انجز «المهمة» في
حماة، وكان ذلك مجرد وهم. قد يبدو الاعتقاد بأن المُهل المتعاقبة
التي يطلبها النظام تهدف الى خلق شرخ
بين المتظاهرين وبين القيادة السياسية
للانتفاضة، أقرب تفسير منطقي للغز
المهل، اذا كان للمنطق مكان في ما يجري
في سورية. وقد نجح النظام فعلاً في ذلك
من خلال الشرخ الواضح بين هيئة التنسيق
وبين المجلس الوطني، لكنه نجاح يبقى
محدوداً اذا ما قيس بحجم المأزق
المتضخم الذي تُراكمه الأسابيع
المتعاقبة حول رقبة النظام. اذاً لماذا هذا الأسبوع؟ لا جواب فعلاً سوى ان أسبوعاً دموياً
جديداً سيُضاف إلى عشرات الأسابيع
المنقضية من عمر الانتفاضة في سورية.
لكن ذلك لا يمنع نقاشاً مع مستقبلي طلب
وليد المعلم سواء في الجامعة العربية
او من معارضي الداخل أعضاء هيئة
التنسيق. من الواضح ان هناك تردداً عربياً ينطوي
على سعي الى عدم اسقاط النظام في سورية.
ومرد هذا التردد لا يقتصر على رغبة في «انهاء
الأزمة بأقل خسائر ممكنة». فالحسابات
العربية متصلة بهواجس الأنظمة من توسع
الربيع العربي. ثم ان العرب، من خصوم
ايران وحلفائها على حد سواء، يلتقون
عند الرغبة في عدم اطاحة التوازن
الاقليمي، وان كانوا يرغبون في تغيير
شروطه وتبعاته. يرغبون مثلاً في ابعاد
سورية عن ايران لكنهم يتمنون لو ان ذلك
يحصل من دون اطاحة نظامها. لكن الرغبة العربية الجلية في عدم إسقاط
النظام في سورية لا تلاقي ميلاً غربياً
وتركياً صار واضحاً لجهة البحث عن بديل
للنظام في دمشق، وهذا ما يُفقد
المبادرة قدرة وفعالية، ويُرشح
الجامعة العربية لفشل جديد على صعيد
دورها وموقعها. فمرد النجاح الذي أحدثه
قرارها في ليبيا يعود الى انسجامه مع
قرار دولي أوكل الى قطر مهمة وصله
بالقرار العربي. اما في الحالة
السورية، فسيستأنف العرب عجزهم،
خصوصاً انهم يستثمرون في نظام سبق ان
اختبر الاستثمارَ فيه الجارُ التركي
الكبير والقوي، وكانت النتيجة فشلاً
ومرارة. كما ان دولاً أخرى من بينها
اسرائيل اعتقدت ان في الامكان نجدته،
لكنها عادت واكتشفت ان الرهان عليه
خاسر. اما على المستوى السوري، فقد ظهرت رغبة
جلية لدى جزء من المعارضة، يتمثل في
هيئة التنسيق، في اعطاء المبادرة
العربية فرصة. وهنا يجب الحذر من
السقوط في فخ التخوين على ما فعل
المتظاهرون السوريون في القاهرة، لا
بل ان تفهّم هواجس أعضاء الهيئة يبدو
ضرورياً لتأسيس هاجس وطني سوري تشترك
فيه مكونات الانتفاضة. لقد ذهب أعضاء الهيئة الى القاهرة للطلب
من الجامعة العربية عدم سحب مبادرتها.
ومن السهل طبعاً القول ان هذا الطلب
يلاقي طلب النظام مزيداً من المُهل
بهدف المزيد من الضحايا. وهذه السهولة
ستفضي الى سهولة في التخوين، والى ان
تُلغى تضحيات كبرى قدمها أعضاء في
الهيئة هم معارضون تاريخيون لنظام
البعث. ذاك ان مجموع السنوات التي
أمضاها أعضاء الهيئة في سجون النظام،
بحسب احصاء عابر قام به ناشط من خارج
الهيئة، يتجاوز ال250 عاماً. «نريد آلية تفضي الى تسليم النظام
الديكتاتوري نفسه للشعب... ويجب ان
نحاول ان نمنع السقوط في الحرب الأهلية»،
هذا ما فسر فيه عضو في هيئة التنسيق
الطلب من الجامعة العربية عدم سحب
مبادرتها. لكن حسن النية هذا لا يمكن
صرفه في معادلة يشكل نظام البعث في
سورية طرفها الآخر، اذ لم تصدر عن هذا
النظام اشارة واحدة الى امكان
استجابته لطلب تنازل طفيف عن موقعه
ووظيفته. لم يُعين محافظ واحد من خارج
منظومة الاستبداد، ولم يُحاسب ضابط
صغير او كبير على ما ارتُكب من فظاعات
في المدن والأرياف السورية. لا بل ان
ثمة امعاناً في القتل لا يبدو ان وظيفة
سياسية له سوى توليد العنف من العنف،
والسعي الدؤوب الى دفع الناس الى
التسلح والقتال. هذه هي خطة النظام
الوحيدة، ولا يندرج طلب وزير الخارجية
السورية مهلة اسبوع اضافي الا في
سياقها. في المقابل يجب عدم اهمال هواجس أعضاء
هيئة التنسيق، خصوصاً انها صادرة عن
معارضة تملك حساسية داخلية تفوق
حساسية المجلس الوطني الداخلية، ثم ان
ضعف علاقة الهيئة بالشارع يرشحها
أيضاً لأن تكون أقدر من المنغمسين في
المواجهات من أعضاء التنسيقيات
واللجان الميدانية للثورة، على تعيين
المشهد وتفسيره. علماً انه يجب ان لا
ننسى ان صعوبات هائلة ما زالت تعترض
طريق الخيار الآخر، أي خيار طلب
الحماية الدولية وسحب عضوية سورية من
الجامعة العربية، وهذا ما يعطي قوة
لخيار هيئة التنسيق. وهنا تبرز مخاوف جديدة. فثمة أشارات
أطلقها النظام الى امكان تعامله مع هذه
الهيئة، هدفها من دون شك تكريسها
ممثلاً للانتفاضة السورية، وسيساعد
على ذلك تجاوب الجامعة العربية مع
طلبها. الاستجابة لهذه الاشارات من قبل
الهيئة سيكون خطراً جداً، ذاك انها أقل
أطراف المعارضة تمثيلاً للشارع
المنتفض، وهي تضم أحزاباً سليلة
للبعث، في أفكاره وليس في ممارساته،
ومن السهل عند ذلك ان تستدرج الانتفاضة
الى انشقاق فعلي لن يكسب منه الا
النظام. ================= الأحد 13/11/2011 د. وائل مرزا المدينة «أنا ياصديقةُ مُتعبٌ بعروبتي فهل
العروبة لعنةٌ وعقابُ؟!» .. قالها
الشاعر السوري الراحل نزار قباني منذ
سنوات طويلة متسائلاً عن حال العرب.
وهاهو الشارع السوري الثائر يعيش
اليوم هاجس التساؤل نفسه، وهو ينتظر
موقفاً عربياً يرتقي إلى مستوى
التضحيات التي يقدّمها شعب سورية على
مذبح الحرية منذ ثمانية أشهر. أكتب هذه الكلمات عشية اجتماع المجلس
الوزاري العربي وأنا لاأعرف، مثل كل
سوري الآن، ماسيقدّمهُ العرب لسورية
نهار الغد. لكن ثمة شيئاً آخر أعرفه
جيداً، ويعرفه أكثر مني ثوار سورية،
ومن الضرورة بمكان أن يعرفه العرب. أعرف أن الثورة في سوريا ماضيةٌ حتى تحقق
أهدافها، رضي من رضي وسخطَ من سخط. أعرف
أن سورية الجديدة قادمة، وأنها ستكون
في نهاية المطاف بلداً مستقلاً
محورياً في هذه المنطقة من العالم. لانتحدث عن دولةٍ تحكمها عقلية العصابة
ومنطقُها، ولا عن نظامٍ سياسي يستخدم
الموقع الجيوسياسي لسورية بكل طريقة
ممكنة من أجل تحقيق مصلحةٍ خاصة كما هو
الحال اليوم. وإنما نتحدث عن دولةٍ
ديمقراطية تعرف أن الشعب هو مصدرُ
الشرعية. وعن نظامٍ سياسيٍ يمثل طموحات
هذا الشعب الحقيقية. نظامٍ يُعطي
الأولوية لعمليات البناء والنهضة
والتنمية والعمران من ناحية،
ويُعبّرُ، من ناحيةٍ أخرى، عن كل
المعاني الحضارية التي أظهرتها
الملحمة السورية الكبرى للعالم. سيرى بعض السادة (المثقفين) و(الواقعيين)
أن هذا الكلام إنشائي أو نظري، ولهؤلاء
أن يجترّوا ثقافتهم وواقعيتهم التي
عجزت عن قراءة الواقع العربي على مدى
عقود فضلاً عن التأثير فيه، وهي أعجزُ
اليوم عن فهم ظاهرة الثورة السورية بكل
مافيها من منطقٍ خاص يخرج على كل ماهو
مألوفٌ وسائد، ومفرداتٍ متميزة تحمل
همّ المستقبل وتؤمن بقدرة الإنسان على
صناعته. بل إن ثمة يقيناً بأن شريحةً
مقدرةً من المثقفين العرب ستظل
معزولةً عن النبض الحقيقي للشارع،
وأنهم سيمارسون التعالي على وقائعه
وعناصره، ولن يكونوا بالتالي قادرين
على فهمه بشكلٍ دقيق يدرك النقلة
الفلسفية والثقافية الجذرية التي
تُميّز الواقع المعاصر. نعم، سيكون مخاض الولادة صعباً وشاقاً.
فحجم التشويه والتخريب والهدم
الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي
تسبّبَ به النظام الحالي أكبرُ من ان
تَستوعب الخوضَ في تفاصيله مقالة. لكن
حجم التضحيات التي يقدمها هذا الشعب،
ودرجة الإبداع التي أظهرت كمونهُ
الحقيقي في كل مجال، يُظهران سوياً
قدرته على تجاوز المخاض المذكور بسلام. هذا مايجب أن يكون في حسابات العرب وهم
يقرؤون المشهد السوري ويحاولون
التعامل معه. بعيداً عن عمليات خلط
الأوراق التي تقوم بها بعض الأطراف هنا
وهناك، وفي مقدّمتها النظام السوري.
والحديث عن هذا الخلط ضروريٌ لأن هؤلاء
يقومون به بطريقةٍ مُبتذلة فيها
الكثير من الاستخفاف بالثورة السورية
ومن يمثّلها. خاصةً فيما يتعلق
بالمبادرة العربية وملابساتها
العديدة. من هنا، قد يكون ضرورياً أن يعرف السوريون
خاصةً، وكل إنسان يهمه شأن سورية،
تفاصيل المبادرة المذكورة كما وردت في
أوراقها بالحرف، وهي على الوجه التالي: «بناء على مانص عليه قرار مجلس جامعة
الدول العربية على المستوى الوزاري
رقم 7534 د.غ.ع بتاريخ 16/10/2011، واستجابة
لجهود اللجنة الوزارية العربية،
واستكمالاً للمناقشات التي أجرتها
اللجنة في دمشق مع فخامة الرئيس بشار
الأسد يوم 26/10/2011، وتجنباً للتدخل
الخارجي في الشؤون الداخلية السورية،
توصلت اللجنة الوزارية في اجتماعها
المنعقد مع الجانب السوري في الدوحة
مساء يوم 30/10/2011 إلى الاتفاق على مايلي: أولاً: وافقت الحكومة السورية على مايلي:
1) وقف كافة أعمال العنف من أي مصدرٍ كان
حمايةً للمواطنين السوريين. 2) الإفراج
عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة. 3)
إخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع
المظاهر المسلّحة. 4) فتح المجال أمام
منظمات جامعة الدول العربية المعنية
ووسائل الإعلام العربية والدولية
للتنقل بحرية في جميع أنحاء سورية
للاطلاع على حقيقة الأوضاع ورصد
مايدور فيها من أحداث. ثانياً: مع إحراز التقدم الملموس في تنفيذ
الحكومة السورية لتعهداتها الواردة في
أولاً، تباشر اللجنة الوزارية العربية
القيام بإجراء الاتصالات والمشاورات
اللازمة مع الحكومة ومختلف أطراف
المعارضة السورية من أجل الإعداد
لانعقاد مؤتمر حوار وطني وذلك خلال
فترة أسبوعين من تاريخه». لابأس في غصةٍ يشعر بها المرء من بعض
الألفاظ المذكورة في القرار.. ولابأس
من التغاضي عن بعض الصياغات التي تساوي
بين الجلاّد والضحية.. لكن البأس كل
البأس في القفز فوق حقيقةٍ واضحةٍ في
القرار وضوح الشمس، ويمكن اختصارها في
العبارة الأولى من الفقرة الأخيرة: «مع
إحراز التقدّم الملموس في تنفيذ
الحكومة السورية لتعهداتها الواردة في
أولاً». دعونا نلاحظ أن من كتب
المبادرة أفلح في وضع مسؤولية التنفيذ
على «الحكومة السورية»، ثم نلاحظَ بعد
ذلك أن هذا هو (الشرط)الحاسم والوحيد
الذي تضعه المبادرة للانتقال إلى
ماترى أنه سيحلّ المشكلة.. وبدون
تنفيذه لايكون هناك معنىً لأي كلامٍ
يتلو الشرط المذكور. ماذا نفّذت الحكومة السورية من تعهداتها؟
لم تنفّذ شيئاً كما شاهد العالم بأسره.
بل يمكن التأكيد بأنها قامت بخرقٍ
مقصودٍ ومُتعمّد وكبير لكل فقرةٍ من
تلك التعهّدات. لاذنب للمعارضة إذا أعلنت منذ البداية أن
هذا ماسيحصل لأنها تدرك حقيقة النظام
وطريقة تعامله مع مثل هذه المبادرات،
وكيف يستخدمها لشراء الوقت لا أكثر ولا
أقلّ. ولايمكن، لهذا، الالتفافُ على
الموضوع بإلقاء جزءٍ من اللوم عليها. وبالتالي، فإن مسؤولية الجامعة، ومن
ورائها النظام السياسي العربي، تجاه
الشعب السوري وثورته باتت واضحة. لنكن واضحين. الحماية الدولية لاتعني
التدخل العسكري الأجنبي، فهناك عدة
مسارات وسيناريوهات تُحقق المطلوب قبل
الوصول إلى ذلك السيناريو إذا فرضه
النظام بحكم الأمر الواقع. والخيارات التي يطرحها المجلس الوطني
السوري واضحةٌ،فهي تُعبّر عن نبض
الشارع والثورة من جهة، لكنها تأخذ من
جهة أخرى بعين الاعتبار تعقيد العملية
الدبلوماسية والسياسية المتعلقة
بالموضوع. يبقى العرب الآن إذاً أمام مسؤوليتهم
وخياراتهم التي ستؤثر بحساسية بالغة
على الحاضر والمستقبل العربي. لكن الثورة السورية تمضي بعزمات جيلٍ
ثائر ظهر اليوم على أرض الواقع بعد أن
كان نزار قباني يحلم به منذ سنين . هذا الجيل السوري الجديد هو مطر الربيع
المنتظر، وممارساته تمثل بذور الخصب
في حياةٍ عقيمة ملّها نهائياً الشعب
السوري، وهو بالتأكيد الجيل الذي يهزم
الهزيمة ليل نهار. يبقى مرةً ثانية أن يفهم العرب دلالات كل
هذا الكلام. فهل سيفعلون؟ ================= الشرق الاوسط اللندنية الأحد 13 نوفمبر 2011 فواز
العجمي القرارات التي صدرت بالأمس من المجلس
الوزاري العربي واللجنة الوزارية
العربية التي يرأسها معالي الشيخ حمد
بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس
الوزراء وزير الخارجية تصب في صالح
الشقيقة سورية ليس فقط لصالح الشعب
العربي السوري، وإنما تصب أيضاً في
صالح النظام السوري لأنها حافظت على
بقاء سورية في بيتها العربي ولم تسمح
أن تخرج من هذا البيت، وتفسير النظام
السوري الخاطئ لهذه القرارات جاء
نتيجة عدم القراءة الصحيحة وعدم إدراك
أبعادها الحقيقية، لهذا وجدنا رد
النظام الرسمي السوري رداً انفعالياً
وعصبياً واعتقد أنها أوقعت نفسها في
خطأ جسيم لأن هذه القرارات لا تزال ضمن
البيت العربي ولأنها أيضاً لم تقطع
شعرة معاوية بين الجامعة العربية
والنظام السوري فقد أعطت هذه القرارات
مهلة جديدة لهذا النظام لتنفيذ بنود
المبادرة العربية التي رحب بها النظام
السوري نفسه. قرار التعليق للمشاركة السورية في أعمال
الجامعة لا يعني إغلاق البيت العربي
بوجه النظام السوري، بل إن هذا النظام
يستطيع كسر هذا التعليق فوراً فور
تنفيذ بنود المبادرة العربية هذا
أولاً، وثانياً وهو الأهم أن هذه
القرارات أبعدت شبح "التدويل"
وهذا بحد ذاته يعتبر انتصاراً للبيت
العربي ويعبر ذلك عن حرص الجامعة
العربية واللجنة الوزارية العربية على
حماية سورية من شرور وأخطار "التدويل"
هذا التدويل الذي حذرنا منه مراراً
وتكراراً وطالبنا بأن يبقى الشأن
السوري ضمن البيت العربي و"تعريب"
هذه القضية برز أمس من خلال هذه
القرارات، لهذا فمن الضروري الآن أن
يهدأ روع النظام الرسمي السوري وألا
يتسرع بالحكم على هذه القرارات بأنها
جاءت ترجمة لرغبة أعداء الأمة العربية
والحقيقة أنها جاءت رداً على أعداء
الأمة العربية الذين يدفعون نحو "تدويل"
المشكلة السورية، بل إن بعضهم تمنى أن
تذهب الجامعة إلى ما ذهبت إليه في
قراراتها ضد النظام الدكتاتوري الليبي. ولعل بعض الأصوات التي سمعناها من بعض
المحللين الموالين للنظام السوري بعد
هذه القرارات تبرهن أيضاً على جهل
هؤلاء لأنهم قالوا إن المبادرة
العربية ماتت وانتهت والحقيقة أن هذه
المبادرة لا تزال صالحة وقابلة
للتنفيذ والقرارات التي صدرت عن مجلس
الجامعة تؤكد ذلك وتنفيذها يتوقف على
النظام السوري وهو القادر الآن على
ترجمتها وتطبيقها وهو القادر أيضاً
على العودة إلى البيت العربي من أوسع
أبوابه.. وهو القادر أيضاً على مساعدة
الجامعة العربية في رفض "التدويل"
الذي يسعى إليه أعداء سورية وأعداء
الأمة العربية. ومن أجل استمرار الأمل في "تعريب"
القضية السورية لابد أيضاً من الجامعة
العربية أن تشكل لجاناً عربية للوقوف
على تنفيذ المبادرة فوراً وقبل السادس
عشر من هذا الشهر وهو موعد اجتماع
المجلس الوزاري بالمغرب، كما حددت
القرارات وهذه المدة كافية لتحديد
المسؤولية عن عدم تنفيذ المبادرة
العربية وكافية أيضاً للنظام السوري
لسرعة تنفيذ هذه المبادرة وكافية
أيضاً لمعرفة الحقائق على الأرض
السورية وبدون تزييف للوقائع والحقائق. المطلوب الآن من النظام السوري أن يرحب
بقرارات مجلس الجامعة العربية ويحمد
الله أنها لا تزال ضمن البيت العربي
ويبادر فوراً بالعمل على حماية
المدنيين ووقف العنف ضد المواطنين
واحترام إرادة الشعب السوري المطالب
بالحرية والديمقراطية ومحاربة الفساد
وتداول السلطة وهذه مطالب مشروعة وفي
حال تنفيذها ينسحب البساط من تحت أعداء
سورية وأعداء الأمة العربية وأولى هذه
الخطوات هو التنفيذ الفوري للمبادرة
العربية ولا يزال الباب مفتوحاً أمام
النظام لأن قرارات المجلس الوزاري
العربي التي صدرت بالأمس جاءت لتحقيق
مثل هذه الأهداف المشروعة والمطلوبة
وترجمة هذه الأهداف المشروعة يحافظ
على البيت العربي من التصدع والتمزق
لأن سكان هذا البيت شعب عربي واحد وما
يصيب الشعب السوري يصيب الشعب العربي
من المحيط إلى الخليج ورغم تلك
القرارات الصادرة عن البيت العربي
بتعليق العضوية، فإن سورية لا تزال في
بيتها العربي. ================= يوسف الكويليت الرياض السعودية التاريخ: 13 نوفمبر 2011 لابد من حسم المواقف وبقوة، والاجتماع
الوزاري العربي الذي انعقد في القاهرة
نجح، لأننا محتاجون لأنْ نرى وجهاً
عربياً جديداً يخالف المنظور القديم،
وعملية أن تجمّد الجامعة العربية
عضوية سورية، وسحب السفراء العرب
منها، إلى جانب عقوبات اقتصادية، هي
العمل المطلوب لحفظ ماء وجهنا أمام
العالم كله الذي كان ينتظر هذا القرار.. والموقف الدولي سيكون مسانداً ومساعداً،
ولعلنا نعيد ذكريات حرب
١٩٧٣م عندما أجمع العرب على
خوض المعركة مع إسرائيل، وسجلنا
نجاحاً ليس في ميدان المعركة فقط، ولكن
بحظر النفط الذي سمته بعض الدول الكبرى
بالحرب العالمية الثالثة، وسورية ليست
إقطاعية يتحكم فيها حكم ظالم طائفي جاء
للسلطة على ظهر دبابة، فالعالم تغير،
وزالت الفوارق بين الشعوب والحكومات،
لكن سلطة دمشق تريد أن تقلب الشروق إلى
غروب.. فالهجوم الذي تعرضت له حماة، وراح ضحيته
عشرات الآلاف بين قتيل وجريح وفي غفلة
من العالم آنذاك، لايمكن تكراره،
وبلغة السلاح، فالحكم، بطبيعة الواقع
منتهي الصلاحية، وعملية بقائه تشترط
تصالحه مع شعبه، أو زواله، والشعب لم
يعد يقبل أنصاف الحلول لنظام اتخذ من
فاشية إيطاليا، وجبروت الستالينية
خطاً لا ينحني، لكن كسْر إرادة الشعب
هو أمر صعب وعسير.. فإذا كانت ثقافة الحكم هي فرض القوة
واشتراط زوال الشعب مقابل النظام،
فالمعادلة معكوسة، أي زوال الأقلية
لمصلحة الأكثرية، وحماية الشعب السوري
مسألة عربية لا نزاع عليها، حتى إن من
امتنعوا عن التصويت أو عارضوا القرار،
لا يستطيعون تبرير مواقفهم بأي منطق
كان.. فالجامعة العربية ظلت وعاءً فارغاً إلا
من بعض الاجتماعات التي لا تعطي أي حل،
لكنها في هذا الظرف بالذات، اتخذت ما
كانت تأمله الجماهير العربية منها،
فالمواطن العربي لم يعد خارج دوائر
التأثير، فكلّ من قادوا الثورات، هم
أبناء جيل لم يدجّن، أو تذهب آماله في
الوحدة والتضامن والاتحاد، إلى آخر
تلك السقوف التي انهارت على الآمال،
فهؤلاء جيل عالمي في رؤيته، وعربي في
حضوره، وعملية رفض الشعب السوري
الاستسلام مهما كانت النتائج، هي
عنوان بطولة عظمى.. المستقبل العربي الذي طالما تنازعته قوى
الخارج مع حكومات الداخل، سواء زمن
القطبية الثنائية، أو الواحدة، أخرج
المواطن من سراديب العتمة، وإلغاء
الذات، إلى أمة وليدة بدأت تأخذ
احترامها عندما ناضلت من أجل الحرية،
وخارج سواتر وأسوار القمع والتشريد.. دمشق ومدن سورية وقراها، تحتفل بهذا
الموقف، لأنه يعزز جانب صمودها ضد
المظالم الكبيرة، والحكم بدأت تضيق
عليه المخارج فإما أن يوقف مذلاته، أو
يزول بإيقاع قوة الواقع.. ================= رأي الراية الراية القطرية التاريخ: 13 نوفمبر 2011 تمثل القرارات التي اتخذها مجلس الجامعة
العربية على مستوى وزراء الخارجية
العرب بتعليق مشاركة وفد الحكومة
السورية في اجتماعات مجلس الجامعة
العربية وجميع المنظمات والأجهزة
التابعة لها اعتبارًا من 16 نوفمبر
الجاري ودعوة الدول العربية لسحب
سفرائها من دمشق والسعي لتوفير
الحماية للمدنيين في سوريا استجابة
حقيقية لمطالب الشعب السوري الذي
يتعرض منذ نحو ثمانية شهور لمجازر
حقيقية على يد قوات الأمن والجيش
والشبيحة. لقد سعت الجامعة العربية التي شكلت لجنة
وزارية برئاسة قطر إلى إقناع النظام
السوري بوقف قتل واستهداف المدنيين
كما وفرت المبادرة العربية لحل الأزمة
في سوريا التي أعلنت دمشق التزامها بها
دون أن تطبقها الأرضية المناسبة لوقف
عمليات القتل والبدء في حوار حقيقي بين
النظام السوري والمعارضة ينهي هذه
الصفحة المظلمة في تاريخ سوريا إلا أن
النظام السوري استمر في مواجهة
التظاهرات السلمية بالرصاص واستمر في
ممارسة الاعتقالات ولم يفرج عن
المعتقلين السياسيين ما أدى إلى وصول
المبادرة العربية إلى طريق مسدود. القرار الوزاري العربي الذي وافقت عليه
غالبية الدول العربية ورفضته سوريا
ولبنان واليمن وامتنعت العراق عن
التصويت إلى جانبه أظهر العزلة التي
بات يعيشها النظام السوري وأظهر أن
دعاية النظام السوري الكاذبة عما يجري
في سوريا من أحداث لم تعد تقنع
أحدًا،وأن حديث المؤامرة على سوريا لا
يوجد إلا في أجندة النظام السوري
وأجهزة إعلامه. القرار الوزاري العربي بدعوة جميع أطراف
المعارضة السورية إلى الاجتماع في مقر
الجامعة العربية خلال ثلاثة أيام
للاتفاق على رؤية موحدة للمرحلة
الانتقالية المقبلة في سوريا بقدر ما
يمثل اعترافًا ضمنيًا بالمعارضة
السورية كممثل حقيقي للشعب السوري
بقدر ما يلقي المسؤولية الوطنية على
عاتق هذه المعارضة المطالبة الآن أن
ترتقي إلى المسؤولية الوطنية وتلم
شعثها وتتوحد وتتفق على رؤية موحدة في
كيفية إنقاذ سوريا والشعب السوري وسبل
الخروج بسوريا من النفق المظلم الذي
دخلته بسبب ممارسات النظام السوري ضد
شعبه. الدول العربية مطالبة الآن بتأكيد
التزامها بقرارات مجلس الجامعة
العربية والبدء بالتنفيذ الفوري لهذه
القرارات خاصة المتعلق منها بسحب
السفراء وفرض عقوبات سياسية واقتصادية
على النظام السوري لعل هذه الضغوط
تساهم في عودة الرشد للنظام فيوقف آلة
القتل ويعمل على سحب الدبابات
والكتائب العسكرية من المدن والبلدات
السورية. من المفترض أن يقوم الاجتماع الوزاري
المقبل للجامعة العربية بالبحث في
آليات تطبيق هذه القرارات المتخذة
خاصة المتعلق منها بتوفير الحماية
للشعب السوري فنجاح الجامعة العربية
في هذا الأمر سيكفل تحقيق حل للأزمة
السورية داخل البيت العربي ويمنع
بالتالي التدخل الأجنبي في الشؤون
السورية وهو ما حرصت وتحرص عليه
الجامعة العربية التي استجابت لنبض
الشارع السوري ونبض الشارع العربي
الذي يطالب بحلول توقف إراقة دماء
السوريين فورًا. ================= الشرق القطرية التاريخ: 13 نوفمبر 2011 من المؤكد أن القرارات التاريخية التي
أصدرها مجلس الجامعة العربية في
اجتماعه الطارئ على المستوى الوزاري
برئاسة معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر
آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير
الخارجية ورئيس الدورة الحالية لمجلس
الجامعة امس بشأن الازمة المتصاعدة في
سوريا، ستشكل نقطة فارقة في مسار
الجامعة العربية التي ظلت زمنا طويلا
عاجزة عن التعبير عن تطلعات الشعوب
العربية والرأي العام في العالم
العربي. بل إن هذه القرارات ربما تؤسس للمرحلة
الثانية من الجامعة العربية بعد أكثر
من 67 عاما على انشائها لتصبح مؤسسة
أكثر فعالية وتأثيرا وتعبيرا عن
تطلعات الشعوب، لا الأنظمة التي نجحت
خلال الفترة الماضية في تحويلها إلى
كيان عاجز، لا تصدر عنه سوى بيانات
الادانة والشجب التي لا تقدم ولا تؤخر. الآن أصبح بإمكان الشعوب العربية ان
تحتفي أكثر بالربيع العربي وتفاخر
بثوراته وأجوائه التي جعلت من الجامعة
ومجلسها الوزاري أكثر تعبيرا عن نبض
الشعوب، دون حاجة إلى أوراق عمل وهياكل
لإصلاح الجامعة. هذا من جانب، ومن الناحية الأخرى، فإن
القرارات الصادرة أمس عن مجلس الجامعة
العربية، تؤشر الى حرص عربي واضح على
أن يبقى حل الازمة فى سوريا عربيا
خالصا وهو امر مهم لمصلحة سوريا
وشعبها، ذلك أن البديل للحل العربي هو
تدويل الأزمة مما قد يؤدي الى تعقيدات
كبيرة. إن حكومة سوريا والرئيس بشار الأسد أمام
لحظة تاريخية حاسمة، بل إن النظام
السوري بكامله أمام مفترق طرق، إما
التجاوب مع الخطة العربية للحل والتي
من شأنها أن تجنب البلاد والعباد
الكثير من المعاناة وتحقن دماء
السوريين، أو الدخول في نفق التدويل
الذي يصعب التكهن بمآلاته وبالثمن
الذي قد تدفعه سوريا من أجل التغيير. إن الحل العربي يبقى مصلحة سوريا خالصة..
ويبقى كذلك الخيار الذي يؤمن سلامة
سوريا وشعبها. ================= عن مقاصد أقلمة المسألة
السورية وأفعالها رستم محمود المستقبل - الاحد 13 تشرين
الثاني 2011 مقاصد كثيرة تقف وراء تحوير مركز النقاش
في الأزمة السورية، نحو قراءتها كقضية
إقليمية. فالقضية الفلسطينية
ومعلقاتها، من محاور وخيارات ومشاريع
جزء من "المسألة السورية"، وكذلك
هو شأن إيران وقضاياها، والأمر نفسه
ينطبق على تركيا وقصصها، والعراق
ولبنان ومشاكلهما. كلها شؤون تتعلق
بسوريا وتموضعها وشكلها ومستقبلها.
لكنها بالمقابل ليست كل وجوهر القضية
السورية الراهنة، فالذي يجري منذ شهور
في هذا البلد هو شأن يتعلق من حيث
المنشأ والأصل والدوافع والمصير، هو
أمر سوري داخلي شبه بحت، وجملة
المناخات والمعادلات والمعطيات
الإقليمية رافدة وجزئية فيها، ليس إلا.
يصح أن سوريا دولة لها عمق إقليمي حقيقي،
وان نظامها السياسي كان بالغ التركز
والتكوين كعضو ولاعب في هذه المعادلة،
وهو الذي حرص دوما على تمتين شرعيته
السياسية على أساس ذلك التشابك. بحيث
كان لفترات طويلة، أهم حامل سياسي
لكسبه الشرعية من الداخل. وربما كان
ذلك بالضبط، هو السبب المركزي لجفاف
علاقته بالداخل وعدم مراهنته على أخذ
شرعية مناسبة من قوى مجتمعه الداخلية،
فطالما ثمة تغطية إقليمية لسنّد
شرعيته، فلا مشكلة لو كان الداخل بغير
ذلك الدفء والاهتمام. لكن الذي لا
يطاق، معرفة وحسا، أن تمحى جملة الظروف
والمناخات والأحداث التي تدفع
بالمجتمع السوري للثورة ضد منظومته
الحاكمة، واعتبار كل القضية السورية،
انعكاسا لتشابكات النظام الإقليمية
ونتيجة لها. لا يطاق ذلك، لأنه من حيث المبدأ، يلغي
هذا المجتمع السوري، يلغي بعمق آلامه
وأحلامه، وبذلك يلغي مستوى وعيه
التاريخي وتموضعه السياسي وقدرته على
الاختيار والتبني والتطور. بذلك،
يغدوا السوريون بشرا غير راشدين،
راضين مستكينين لأحوالهم وظروفهم، بشر
ينبذون ذواتهم للدفاع عن قضايا
الإقليم الكبرى، بوعي "تاريخي"
بالغ، لكنهم بالمقابل من دون ملامح
ورغبات ورؤية لتحديد موقفهم من آلية
وطبيعة السلطة في بلادهم، وكذلك
البقاء من دون رشد لتكوين مصيرهم
الذاتي. تلك "الأقلمة" لا تطاق، لأنها تمارس
عدمية أخلاقية في قراءة تاريخ وطبيعة
النظام السياسي في البلاد، منذ أربعة
عقود وأكثر. فهي تقفز عن تلك الطبيعة،
تقفز عن فسادها هذا وعنفها المحض الذي
مارسته ضد المجتمع السوري الأعزل
والمسالم. الأمر الذي جرف المستويات
المجتمعية في كافة المناحي المكونة
للوحة السورية المترهلة. فالمستويات
المتدنية في مجالات التعليم والاقتصاد
والصحة والحريات العامة والانتظام
المدني والمؤسسات الثقافية، وكذلك
تشوه العمران والفساد المالي والنهب
المنظم والرعب الأمني.... والخ من غابة
المظالم والارتكابات، لا تلاقي من
يراها في تلك الأقلمة، وكأنها ممارسات
طبيعية وبديهية بحق السوريين
ومستقبلهم. لكن الأفظع، ان تلك الأقلمة تمارس
انقلاباً مقصودا لموقعي القوي والضعيف
في المعادلة الأساسية، ذلكم الموقعين
اللذين يعتبران مصدراً للخيارات
الأخلاقية الطبيعية. ففي حين أن الأساس
هو ان نظاما يتمتع بقوة مادية محضة،
يواجه شعبا مسالما وضعيفا في قوته
المادية، وعليه ينبغي الاصطفاف مع
الجناح الأضعف أو يجب أن يكون هو جوهر
الخيار الأخلاقي والثقافي. فأن ذلك
التحوير نحو الأقلمة، يحول ويصور
النظام الحاكم كطرف مستضعف ومعتدى
عليه، مقابل نظام دولي وإقليمي أضخم
وأقوى منه. هذا التبديل في موقعي القوة
والضعف، يشكل مناسبة لتكوين خطاب
النظام ومسانديه لقمع معارضيه وتغطية
ارتكاباته المتراكمة لكافة المعايير
والأعراف. ومن جملة ما ينتج عن ذلك التحوير، هو حجز
موقع وقضية ما للنظام الحاكم. فالنظام
بشكله ومنهجه وسلوكياته، التي مارسها
ويمارسها، وخصوصا في العقد الاخير من
تاريخه، كان يبدو بشكل جلي كمؤسسة
وفاعل بلا قضية (قول شهير لياسين الحاج
صالح)، فقد كان يبدو وجوده وتسلطه
كقضية وحيدة يسعى لتثبيتها والعمل من
أجلها، لذا كان يبدو عاريا في خطاباته
وممارساته. لكن من شأن تحويله إلى كائن
ولاعب إقليمي مستهدف ومطلوب في الشروط
التاريخية الراهنة، أن يخلق له جملة من
القضايا التي تظهره كمدافع عنها، وهي
الممتدة من الحقوق العادلة لأمة
المعذبين الفلسطينيين، إلى حام وطيد
في محور "المقاومة"، مرورا
بالمساحات البائسة للصراع المذهبي
والطائفي التي تعلو سمات شؤون كثيرة في
بلدان منطقتنا. يبقى أن أعمق الأدوار التي تؤديها
الأقلمة، هو تعقيد المسألة السورية في
جملة المعادلات السياسية الإقليمية،
وبذلك تسهيل لتضييعها. فينما المسألة
السورية باختصار وسهولة هي مسألة طبقة
ونظام وايديولوجيا حاكمة، متحكمة،
فقدتْ حيويتها وقدرتها التاريخية على
إدارة وضبط شؤون الدولة والمجتمع
السوري، بفعل التقادم والتطور
التاريخي للمجتمع السوري وحركة
التاريخ بالعموم، مع ترهل النظام
وانفضاحه واهترائه، ولذا يجب أن يزول
ببساطة، ليتسنى لمجموع المجتمع السوري
أن يبني حاكمية جديدة على أسس ورؤى
أكثر حداثة. وهو أمر يبدو عاديا وبسيطا
وطبيعيا في رؤية التاريخ والتجارب
الحديثة للدول العربية والإقليمية
المجاورة. لكن الأقلمة تضع هذه
المعادلة البسيطة في غمامة من القضايا
والتشابكات والتحالفات والبرامج التي
تمتد من قضايا إقليمية تخص الأقليات
والأديان والمذاهب والدول والحدود،
ولا تنتهي بقضايا الطاقة النووية
والأمن الاستراتيجي ومعدلات العنف
التي يمكن أن تتفاقم لو سقط هذا النظام.
وهو أمر بالغ التأثير على مستوى وعي
السوريين وثقتهم بقضيتهم الطبيعية
البسيطة والعادية. فموجة التفاؤل
والثقة، أو قل الإيمان بحتمية التغيير
ما تلبس أن تنحدر، حينما تندرج المسألة
السورية كأجندة إقليمية ضمن الأجندة
الاخرى، لأنها تبدو معقدة وبالغة
الصعوبة على الإدراك البسيط. الأقلمة مقصودة في الحالة السورية، لأن
جملة الدافعين باتجاهها يبدون من طرف
واحد في المسألة، ويظهرون كممارسين
لفعل واع في نشرها وتثبيتها وتأكيدها
في شتى المحافل، لأن هذه الأقلمة تبدو
كشحنة معنوية، أو كبستان يمكن الجني
منه، بينما جفت ثمار النظام الحاكم في
البساتين الداخلية كلها. المسألة
السورية، مسألة السوريين أولا، لذا هي
قضية داخلية أولاً، صنعها السوريون في
فترات تاريخية متراكمة من ألامهم
وأمالهم، وليس لأحد عادل أن يسلبهم
تراكم ألامهم وأملهم تلك، وبأية صيغة
كانت. ================= الإستراتيجيات الثلاث
التي تقف خلف الإستعراض الإيراني
للقوة البحرية نيما أديلكاه (*) The مجموعة الخدمات البحثية رفعت الأخبار الواردة عن نشر السفن
الحربية الإيرانية عبر المحيط الأطلسي
وصولاً الى خليج المكسيك هواجس جديدة
بخصوص الإستعراض المتزايد للقوة
البحرية التابعة للجمهورية الإسلامية
الإيرانية ( وكالة أخبار مهر، 30 أيلول؛
برس تي في، 5 تشرين أول). وتأتي الأخبار
عقب تقارير خطيرة تتعلق بالنشاطات
البحرية الإيرانية في المياه الدولية
هذا العام. ففي آذار، على سبيل المثال،
تسببت سفينتين حربيتين بعاصفة من
الجدل بسبب مرورهما من خلال قناة
السويس وزيارتهما لمرفأ سوري في الشرق
الأوسط ( أنظر Terrorism
Monitor، 10 آذار). وبطريقة مماثلة، وفي شهر
تشرين الأول، أبحرت البعثة البحرية
الإيرانية الـ 16 الى خارج الحدود
الإيرانية وصولاً الى بحر عمان، خليج
عدن وشمال المحيط الهندي، تحرك راقبه
بحذر وإهتمام جيران إيران العرب في
الخليج الفارسي ( وكالة أخبار مهر، 11
تموز، 2011؛ برس تي في، 17 تشرين اأول، 2011).
ومنذ العام 2009، قامت إيران بـ 15 عملية
إنتشار بحري تتخطى منطقتها البحرية،
في خطوة غير مسبوقة في التاريخ العسكري
الإيراني ( وكالة إيرنا، 21 نيسان). إن هكذا تطورات تحمل طابعاً مقلقاً بما أن
وزارة الدفاع الإيرانية توسع منظومتها
من الأسلحة، تسلح السفن القديمة
والحديثة الموجودة لديها بقدرات
صاروخية جديدة من نوع كروز، المنتجة
بأعداد كبيرة في إيران والمصممة، الى
حد كبير، لأغراض الإستهداف البحري (
وكالة إيرنا، 1 تشرين الأول). أما
صواريخ "غادر" المضادة للسفن ذات
الإنتاج الضخم التي يحملها كل من
الأسطول البحري النظامي وسلاح البحرية
التابع للحرس الثوري الإسلامي،
فبالإمكان إطلاقها من البر والبحر وهي
مجهزة بقدرات رادارية مضادة للتشويش.
وتزعم وزارة الدفاع الإيرانية بأن مدى
صواريخ " غادر " يصل الى أكثر من 200
كلم ( برس تي في، 28 أيلول). ومن المتوقع
أن تحل صواريخ " غادر" مكان منظومة
الصواريخ الدفاعية S-300 الروسية التي لم يتم تسليمها،
وذلك بهدف حماية المواقع النووية
الإيرانية من هجمات جوية أو بحرية
إسرائيلية أو أميركية بصواريخ كروز. وبطريقة مماثلة، فإن مدمرات "جمران"
المصنعة محلياً هي نتاج إستراتيجية
جديدة لسلاح البحرية الإيرانية التي
تعتمد على سفن حديثة الصنع لإطلاق
صواريخ كروز المصممة لضرب أهداف بحرية.
فالسفن الجديدة كالمدمرة " جمران"
مجهزة بتكنولوجيا حربية إلكترونية
متطورة تتضمن قدرات مضادة للطائرات (
برس تي في، 6 تشرين أول، 2011). في هذه
الأثناء، يتطابق بناء سفن جديدة مع
إنتاج غواصات جديدة مثل " غدير" (تم
إطلاقها في العام 2007) و" فاتح" ( تم
إطلاقها في العام 2011)، بالإضافة الى
طائرات وزوارق بحرية حاملة لصواريخ
فائقة السرعة في محاولة لزيادة
القدرات البحرية للدولة في الخليج
الفارسي وما وراءه ( برس تي في،تشرين
أول، و 1 حزيران). ومع الإعلان عن خططها
لبناء حاملة طائرات جديدة، تزعم
الجمهورية الإسلامية بأن لديها إحدى
أقوى القوات البحرية في المنطقة،
القادرة حتى على تحدي الولايات
المتحدة ( برس تي في، 28 أيلول، 2011(. إن
هكذا مزاعم هي، في كل الأحوال جزء من
إستراتيجية بروباغندا " الحرب
الناعمة" بالتأكيد بما أنه لا يمكن
لسلاح البحرية الإيرانية أن يشكل
تحدياً جدياً وخطيراً للبحرية
الأميركية، حتى مع وجود حاملة طائرات (
لإستراتيجية " الحرب الناعمة"،
أنظر Terrorism
Monitor، 12 حزيران، 2010). في كل الأحوال، إن نشاطاً بحرياً
متزايداً كهذا يحتم وجود عدد من
الأهداف والغايات التي تتخطى موضوع
الردع البسيط للولايات المتحدة.
بالإمكان تحديد الأنشطة البحرية
الإيرانية، من نواح عديدة، وفق ثلاث
مستويات إستراتيجية. المستوى الأول
والأكثر وضوحاً، هو على المستوى
الأمني. فالإستعراض الإيراني هو لكبح
الولايات المتحدة في مرحلة الهجوم
الجوي الإبتدائي، الذي سيكون مركزاً،
على الأرجح، على مواقع سلاح الجو
والمواقع النووية الإيرانية. إن
المقصود أساساً من تطوير القدرات
الصاروخية الإيرانية في السنوات
الأخيرة التسبب بأضرار بالغة للقوات
البحرية الأميركية، خاصة وأن الهجمات
الجوية الأميركية سوف تشن على الأرجح
من الأساطيل الأميركية الموجودة في
الخليج الفارسي. هذا النوع من العمليات
العسكرية التقليدية، بما فيها قاذفات
الصواريخ الساحلية، ستتضمن، على
الأرجح، إغلاق مضيق هرمز مدعوماً بنشر
أسلحة غير متماثلة، مثل إطلاق العنان
للزوارق السريعة التابعة للحرس الثوري
الإسلامي ضد أهداف بحرية كالسفن
الحربية الأميركية ( وكالة إيرنا، 7
تموز؛ وكالة أخبر مهر، 1 شباط). الإستراتيجية الثانية للنشاط البحري
الإيراني تدور حول الأمن الإقتصادي.
فمع إزدياد القرصنة في خليج عدن، يتحمل
سلاح البحرية الإيراني المسؤولية عن
حماية حمولات السفن التجارية
الإيرانية وضمان أمن نشاطات إيران
الإقتصادية في الممرات البحرية للخليج
الفارسي ( إيرنا، 17 تشرين أول). في كل
الأحوال، إن الوجود البحري الأخير
لإيران في المحيط الأطلسي والبحر
المتوسط يسلط الضوء على إستراتيجية
ثالثة لا تخدم المصلحة العسكرية
المباشرة ولا الأمن الإقتصادي. فبينما
يستطيع المرء أن يرى بنشر سفنها
الحربية قرب السواحل الأميركية
والإسرائيلية مجرد تحرك رمزي، فإنه
ينبغي النظر الى الإستراتيجية البحرية
الثالثة لإيران على أنها جزء لا يتجزأ
من "الحرب الناعمة" التي أطلقتها
طهران ضد أعدائها في أيلول 2009. ففي
محاولة للحصول على معلومات إستخبارية
و" نشر الثقافة الإيرانية"، يمثل
وجود البحرية الإيرانية في مياه
الأطلسي الذي تهيمن عليه الأساطيل
البحرية الأميركية إستراتيجية
بروباغندا للمبالغة في قدرات القوات
المسلحة الإيرانية وإعطاء الإنطباع
لأعداء الجمهورية الإسلامية عن وجود
قوة ساحقة لديها ( إيرنا، 9 تشرين أول).
علاوة على ذلك، وبينما تمر طهران بصراع
فئوي داخلي كبير وتخضع لمحاولات إضعاف
النظام، فإن إستعراضات عسكرية كهذه قد
توفر فرصة أيضاً للقائد الأعلى آية
الله علي خامنئي للترويج لصورة القوة،
للإستهلاك المحلي في الغالب. إن هزيمة أميركا في نيسان 1988 للقوات
البحرية الإيرانية مع إقتراب نهاية
الحرب الإيرانية -العراقية لا تزال
تؤرق طهران. ولمنع تكرار هذه النتيجة،
ستستمر البحرية الإيرانية بجعل وجودها
ملموساً في الوقت الذي تتجنب فيه حصول
مواجهة. وفي الوقت الذي تقرب فيه
المؤامرة الإرهابية الإيرانية ضد
ديبلوماسي سعودي على الأرض الأميركية
مسألة حصول صراع مفتوح بين الولايات
المتحدة وإيران، فإن الإفتقار الى
الإتصالات ما بين القوات البحرية
الإيرانية ( تحديداً تلك التابعة للحرس
الثوري الإيراني المسؤولة عن الحرب
اللامتماثلة) وسلاح الحرية الأميركية
يحمل في طياته إمكانية كبير ة بحصول
مواجهة عسكرية. ملاحظة: بالرغم من أن المسؤولين الإيرانيين يصفون
"جمران" بالغواصة، إلا أن حجمها
وتسليحها يتساويان مع حجم وتسليح
فرقاطة صغيرة. (*) نيما أديلكاه: محلل مستقل موجود في
نيويورك. تتضمن أجندة أبحاثه الحالية
الشرق الأوسط، الإستراتيجيا العسكرية
والتكنولوجيا، والإنتشار النووي من
بين قضايا دفاعية وأمنية أخرى. _______________ الترجمة خاصة بموقع Reaserch Services Group www.rsgleb.org ================ التدخّل الخارجي... "ذاك
المرض"! براء موسى المستقبل - الاحد 13 تشرين
الثاني 2011 اعتاد السوريون على عدم التلفظ بمصطلح
"التدخل الخارجي"، في ما يخص
شؤونهم، كما لو أنهم يتحدثون عن "ذاك
المرض"، في إشارةٍ ضمنيةٍ لمرضٍ
عضالٍ كالسرطان من دون استخدام لفظه،
وغالباً ما يُحاط بباقة من الأدعية
والإشارات "البخورية" التي تُبعد
شبح "ذاك المرض" عن المتلفظ باسمه. واستخدام النظام السوري، في ما يخص
شؤونه، مصطلح "التدخل الخارجي"
كالبطاقة الحمراء في ملاعب كرة القدم،
فهي الطرد المباشر لكلّ من يجرؤ على
التلويح به، لأنه الغلط الكبير الذي
يتّسع لكلّ مآسي البشرية، إنه اندثار
الهنود الحمر في أميركا، والمجرمون
الانكليز الذين استولوا على استراليا،
والقنبلة الذريّة في ناغازاكي
وهيروشيما، ونهاية صدام حسين في
العراق شنقاً وليس كيماوياً، وعشرات
الألوف من شهداء ليبيا وإن كان على يد
القذافي... وهكذا.... لا يتّسع ضيق العبارة لكلّ الدمار البشري
كما يختزله هذا المصطلح الشامل،
ويُعتبر كل من يفكر فيه من السوريين
مشتركاً في كلّ الجرائم الآنفة الذكر
وغيرها الكثير، ويفكر السوري ألف مرةٍ
قبل التحايل على طريقة التلفظ بالتدخل
الخارجي، في النقاشات والحوارات
المستعرة حالياً، في ظلّ الأزمة
السورية الخانقة. ففي شهرها الثامن للثورة السورية، ومع
اقتراب المخاض - ربما - لولادةٍ جديدةٍ،
حافظ التساؤل الاستنكاري عن الحلّ
الخارجي للأزمة على عقم النقاش بين
الاصطفافات السياسية غير المحسومة
للمتحاورين، على الرغم من وضوح
الخيارين: فإما توقف النظام عن القمع
"الأمني" أو انسحاب الشارع من
الانتفاضة. ولأنه لا يبدو على أحد
الطرفين بوادر التنازل عما قد بدأه،
فإن التساؤل لا يزال يراود بعض
المتشككين عن الجهة المسؤولة عن
استدعاء التدخل الخارجي. ولم يستطع
هؤلاء بعد حسم قضية تنازل الشعب
لحاكمه، أم تنازل الحاكم لشعبه، قبل
وقوع "ذاك المحظور". الاستنكاريون في تساؤلهم بشكله
الاستفهامي، يشبهون المحقق الأمني
السوري، الذي بات يعرفه معظم
المعتقلين في ظل هذه الأحداث. فالسؤال
هنا لا ينتظر الإجابة، بل هو بمثابة
الضربة القاضية، التي تعني أن عليك
مغادرة الحلبة فوراً. وربما لن ينفعك
الاعتذار عن سوء الفهم الحاصل من
إجابتك المتلعثمة. ولأن السائلين من
هذا النوع يستخدمون حاسة الشّم في
قراءة الحدث، فإن رائحة التدخل
الخارجي تفوح من سحابات دخانك الوطني (الحمراء)
وتعكّر صفاء الوفاق "الوطني" الذي
ينبعث من سجائر "المالبورو"
الأميركية الصديقة للبيئة. لن يشفع لك التلاعب بالكلمات باستخدام
"المراقبين الدوليين" مثلاً، أو
السماح للإعلام الخارجي بتغطية الحدث.
فهؤلاء "الجواسيس" الذين سينقلون
للعالم "أجندتهم المبيّتة مسبقاً"
هم بمثابة تأشيرةٍ للتدخل الخارجي،
ولأن رائحة هذه السطور تفوح بالخيانة
العظمى. فإن عليك عزيزي القارئ أن تضع
كمامةً واقيةً قبل أن تكمل هذه السطور،
وإن لم تتوفر فلا بأس باصطحاب بصلة أو
علبة كولا، كما علمتنا احتجاجات تونس
ومصر، الوديعة بالنسبة للسوريين. الواقع أن ليس من أحدٍ في الساحة السورية
استطاع توصيل شرحٍ مفصّلٍ عن "التدخل
الخارجي"، بمحاسنه أو بمساوئه ولو
نسبياً. فهل الأمر أن هؤلاء المتظاهرين
بشعاراتهم الواضحة يصمّون آذانهم عن
فهم المؤامرة الكونية على سوريا خدمةً
لتلك الأجندات؟ أم أنهم يريدون
الاستمرار في إيصال صوتهم للعالم في
ملخصٍ يبدو النظام غير راغبٍ بفهمه،
يتجلى بمشكلتهم في النظام ذاته وليست
معه؟ أم أنهم يجب أن يقتنعوا غصباً
وقسراً أن من قُتل من إخوتهم وذويهم مع
استمرار الإذلال هو أرحم من سحقهم
جميعاً بنيران التدخل الخارجي؟ وهل هم
"رعاعٌ" لدرجة تغليب لغة العواطف
على صوت العقل والحكمة، الذي يرفع
عقيرة لاءاته الطويلة لأسبابٍ لا
يستطيع فهمها هؤلاء الذين يريدون خراب
البلاد والعباد؟ اختزل الرئيس الحالي للبلاد في الفترة
الأخيرة الأزمة السورية بصراع تاريخي
بين القوميين والإسلاميين. ولقد أصاب
عين الحقيقة في ذلك عندما وصّف أقلّ من
واحد في الألف من "فسيفساء" شعبه،
لأنه من المعروف كبداهةٍ تغييب الشعب
السوري تماماً عن السياسة إلا بفرضيةٍ
واحدةٍ هي أن حزب البعث الحاكم كواجهةٍ
فقط هو القومي الذي يتصارع مع شارعٍ
إسلاميٍّ لا يمارس أيّ نشاطٍ سياسي في
الواقع -اللهم- إلا إذا اعتبرنا فرائض
الإسلام من العبادات هي ما يُهدد كيان
الدولة سياسياً. واقع الأمر يكمن في ندرة السوريين ممن
يهتم عقيدةً وممارسةً بالقومية
العربية أو بالإخوان المسلمين، فأصول
الأزمة المؤدية لاندلاع الثورة
السورية هي كما أسلفنا مشكلة شعبٍ في
نظامه وليست معه، فهذا الشعب اليائس من
جور هذا النظام المتراكم الطويل على
كلّ مرافق الحياة، ابتداءً من الهموم
الإنسانية وليس انتهاءً بالتخلف عن
ركب الحضارة البشرية، ومروراً بكل
تفاصيل التفاصيل التي نخرها الفساد
حتى النخاع في كلِّ القطاعات، وصولاً
في عمقها إلى التفسخ في القيم والمبادئ
الأساسية للإنسان، حتى تلك القومية
والإسلامية منها. ولأن سوريا ليست خارج التصنيف في
المنظومة العالمية، يطالب الجمهور
السوري في مظاهراته السلمية
بالاستفادة من "عقد التأمين على
الحياة" الذي يدفع استحقاقاته
الدورية. لكن هؤلاء "الخونة"، من
وجهة نظر النظام" يتجاهلون عمداً
"شيطنة" التدخل الخارجي الذي
يتخفّى وراء ستار بعض المنظمات
الإنسانية، وحقوق الإنسان لصالح
الشيطان الأكبر أميركا وتوابعها. ولأن الصورايخ يمكن أن تُخبأ في سيارات
الإسعاف (كما حصل سنة 1984 في صراع الراحل
حافظ الأسد مع أخيه رفعت بحسب مذكرات
مصطفى طلاس في كتابه "مرآة حياتي")،
فإنه ليس ببعيدٍ أن يكون "التدخل
الخارجي" مخبّأً في سيارات الصليب
أو الهلال الأحمرين، وربما في كاميرات
"المراقبين الدوليين". كما تتحول
السفارات والقنصليات ضمن هذا السياق
إلى مراكز تجسس. حجج النظام السوري مفهومه ضمن سلسلة
التجارب البشرية، البعيدة منها
والقريبة. وغير المفهوم هو مواقفُ
معارضين مشهودٌ لهم نضالهم لعقودٍ من
القهر والغياب السياسي، فهؤلاء
يستخدمون لغةً مُلتبسةً غير واضحة
المعالم والوجهة، وما زالت دماء
الشهداء تنتظر منهم تشخيصاً واضحاً
يُعينهم على فكِّ طلاسم "التدخل
الخارجي"... "ذاك المرض". ================= رأي الدستور التاريخ : 13-11-2011 تصب قرارات الجامعة العربية الاخيرة في
حث الحكومة السورية على تنفيذ
المبادرة العربية، كسبيل وحيد لنزع
فتيل الازمة، وتجنيب البلد الشقيق
الحرب الاهلية المدمرة، والتي باتت
نذرها ترتسم في الافق، وقطع الطريق على
التدخلات الاجنبية. ان هذه القرارات، والتي تنص على تجميد
مشاركة الحكومة السورية في الجامعة
العربية ومنظماتها وسحب السفراء
العرب، ما لم تسارع الى تنفيذ المبادرة
وبدون ابطاء تعتبر خطوة مهمة لتفادي
تدويل الازمة، ونقلها الى مجلس الامن،
وقطع الطريق على الدول الكبرى للتدخل
في الشأن السوري، وهو ما يحظى بتوافق
عربي، وهو ما نأمل ان يجد صدى ايجابيا
لدى النظام السوري ويبادر على الفور
لتنفيذ المبادرة العربية، والتي تنص
على انسحاب الجيش السوري من المدن،
والعودة الى طاولة الحوار مع كافة
اطياف المعارضة كسبيل وحيد للخروج من
الازمة القاتلة التي تهدد سوريا
الشقيقة، وتنذر بحرب اهلية، وتقسيم
البلاد الى كانتونات متناحرة متقاتلة. ان ما يجري في سوريا الشقيقة مؤلم جدا،
ويبعث على الحزن وخاصة ونحن نرى حربا
دموية تدور في الشوارع، تزهق فيها
ارواح الابرياء، وتهدم المؤسسات، ويشل
الاقتصاد، ويسود الخوف والذعر كافة
انحاء الشام العزيزة في قلوب العرب
جميعا. لقد اثبتت الاحداث وخلال اكثر من ثمانية
شهور فشل الحلول الامنية والعسكرية
وان لا بديل عن الحوار بين الحكومة
وكافة مكونات الشعب السوري الشقيق،
للوصول الى حالة من الوفاق الوطني
تتعزز فيها الديمقراطية والتعددية،
ويتحقق الاصلاح بمعناه الشمولي (السياسي،
الاقتصادي، الاجتماعي، والاداري)
ويستأصل الفساد، وصولا الى تداول
السلطة والحكم الرشيد. كنا نأمل من النظام في سوريا ان يستمع الى
مطالب الشعب السوري، وحقه في التظاهر
السلمي، وحقه في الاصلاح والتعددية،
وان يبادر فورا الى التقاط الرسالة،
مستفيدا من دروس وعبر ليبيا الشقيقة،
وقد فتح القذافي برفضه الاستجابة
لمطالب الثورة، واللجوء الى الحلول
العسكرية والامنية، واقتراف مذابح
مروعة في مصراته وبنغازي، الطريق امام
التدخل الدولي، وقد وجدت دول الناتو،
ان ما يحدث فرصة للعودة من الشباك وقد
خرجت من الباب للاستئثار بالنفط
الليبي وثروات ومقدرات الشعب الشقيق. مجمل القول: الحل العربي الذي طرحته
الجامعة العربية كفيل بحل الازمة
السورية، وكفيل بنزع فتيل الانفجار
القادم، الذي يهدد مستقبل سوريا
الشقيقة، ويهدد وحدة شعبها، ويفتح
الباب واسعا امام اعداء الامة للتدخل
في الشأن السوري، وهو ما نأمل ان يحظى
بقبول النظام لقطع الطريق على اعداء
الامة والعمل فورا على تنفيذ المبادرة
العربية، بسحب الجيش من المدن والعودة
الى الحوار مع اطراف المعارضة تحت سقف
الجامعة العربية، والخروج بتوافق وطني
قادر على انتشال سوريا الشقيقة من
الواقع المؤسف الذي وصلت اليه وقادر
على بنائها من جديد، دولة ديمقراطية
عصرية تقدمية. ================= نخسات تويترية من وحي
الثورات العربية (1) د. فيصل القاسم 13/11/2011 السبيل • يعتقد حكامنا أن من حقهم استعباد
الشعوب لمجرد أنهم أطعموها أو سقوها.
وعندما تفتح الشعوب أفواهها بأي شكوى
يبدؤون بتعييرها باللقمة، وكأنهم
يجودون عليها من مال آبائهم. • لمجرد أن الإنسان العربي حصل على فرصة
عمل بسيطة أو أمن قوت أولاده أو حصل على
الخدمات الأساسية، فيصبح مطلوباً منه
أن يكون عبداً للحاكم ومسبحاً بحمده.
والويل له إذا قال كلمة واحدة ضد
النظام أو، لا سمح الله، خرج في مظاهرة. • كتب أحد الموالين لزعيم عربي يوما
كتابا عن الزعيم. ولما سئل إذا كان
مؤمنا 100 في المئة بما كتبه، فقال أنا
مؤمن 99 في المئة، فطار من وظيفته. • ما أحوجنا إلى دول يعود الجيش فيها
جيشاً لحماية الوطن والأمن القومي، لا
تدخل في مهامه ملاحقة أبناء الوطن،
ويصبح الأمن لأمن الوطن، وليس لقهر
وإذلال المواطنين. • في كل دول العالم المحترمة الجيش
وأجهزة الأمن في خدمة الشعب. أما عند
الكثير من العرب فهما قطاع خاص يخدم
الحاكم وطغمته الحاكمة حصرياً. • من المفروض أن الجندي العربي يصوب من
فتحة التسديد في بندقيته على جنود
الأعداء، لكنه عندنا يصوب على أبناء
جلدته الثائرين على الظلم والطغيان. • كل جيوش العالم تدافع عن الأوطان إلا
معظم جيوشنا العربية تحارب الأوطان. • الدولة الأمنية لا تحمل صفات الدولة،
ولم تستطع السمو لمرتبتها، فبقيت مجرد
أداة عنف وإكراه في يد النظام. • من المحزن جدا أن الكثير من الجيوش
العربية مرتبط ارتباطاً وثيقا
بالخارج، وكأنه مجرد أداة لحماية
مصالح الخارج في الداخل. • أشعر بكثير من القرف عندما اسمع البعض
يصف الجيوش العربية بأنها حماة
الأوطان. • السياسة أخطر بكثير من أن نتركها
للجنرالات، فما بالك إذا كان أولئك
الجنرالات أكثر اهتماما بالبزنس من
السياسة وحتى الجيش. • أي ثورة شعبية توافق على البقاء تحت
نظام عسكري امني فهي ينطبق عليها المثل
القائل: وكأنك يا بو زيد ما غزيت. • أولى خطوات الإصلاح في الديكتاتوريات
العربية تقليم أظافر الغول الأمني
وتجريد الجيوش من عقيدتها السياسية
وتحييدها، وإلا فكل الإصلاح مجرد ضحك
على الذقون. • لقد كانت ديموقراطية تركيا منقوصة
دائما حتى تخلصت من طغيان الجيش. لهذا
لا بارك الله بأي ديموقراطية عربية
جديدة تكون تحت عباءة الجيش وأجهزة
الأمن. • ما قيمة قوانين الأحزاب الجديدة في
الدول العربية إذا كانت الأحزاب
الجديدة مجرد واجهات للمخابرات، يمين
المخابرات، يسار المخابرات، وسط
المخابرات؟ • من الخطأ المطالبة بإسقاط النظام في
العالم العربي، ففي الكثير من الأحيان
نحن بحاجة لبناء النظام لأنه غير موجود
إلا في شكل بلطجة أو عصابة. • نخطئ كثيراً عندما نطلق وصف "نظام"
على بعض الحكومات العربية، فالأحرى أن
نقول "عصابة منظمة" فهي وصف أدق،
فالنظام بريء من تلك العصابات. • كيف يمكن للشعوب أن تأمن جانب حكام
يستعينون على قمعها وسحقها بقطعان من
السفلة واللصوص وقطاع الطرق والبلطجية
والزعران. • هل يعقل أن تطلق بعض الحكومات عشرات
الألوف من المجرمين الخطرين من السجون
لمساعدتها في قمع الانتفاضات الشعبية؟ • يشتكي الطواغيت العرب من المؤامرات
الخارجية على بلدانهم وهم اكبر
المتآمرين على الأوطان والشعوب. • من الصعب إدخال مجموعة من الخراف إلى
الزريبة أحيانا لأن بعضها قد يحرن. لكن
من السهل إخراج قطعان بشرية في مسيرة
تأييد لهذا الطاغية أو ذاك. لا بارك
الله بشعوب تخلفت عن القطعان. • أكبر نسبة أمية في العالم موجودة في
العالم العربي، وذلك كي يستمر بعض
الحكام في استغباء الشعوب والكذب
عليها وقيادتها كالقطعان. • لا أنكر أن بعض المثقفين أيضاَ ينساقون
كالقطعان إن لم نقل إن بعض القطعان
أكثر صعوبة في التطويع والتركيع. • بالرغم من أننا نعيش في عصر السماوات
المفتوحة وتبادل المعلومات بسرعة
البرق، إلا أن بعض الأنظمة تكذب على
بعض شعوبها والأخيرة للأسف تصدقها. • حبل الكذب العربي قصير ولكنه مصنوع من
المطاط. • صحيح أن حبل الكذب قصير لكنه في حالتنا
العربية للأسف يمتد عقودا وعقودا. • تلجأ بعض الأنظمة العربية إلى الكذب
المبرمج؛ لأنها تعرف أن كل سياساتها
قائمة على الكذب، ولأنها تعرف أنها لا
تسير على الصراط المستقيم. • يفقد الحاكم في الغرب شرعيته عندما
يكذب كذبة بسيطة، بينما الكثير من
الأنظمة العربية قامت واستمرت على
الأكاذيب والدجل وقلب الحقائق. • كيف تريد من الشعوب أن لا تكذب إذا كان
بعض طواغيتها كذابين محترفين. يا الله
ما أحقر الحاكم الكذاب. • يستقيل المسؤول في العالم الديموقراطي
المحترم بعد أن يكذب أول كذبة. أما بعض
حكامنا فهم يكذبون كلما فتحوا أفواههم
منذ عشرات السنين. • الحاكم الغربي ليس منزها عن الكذب،
لكنه يتجنب الكذب لأن وسائل الإعلام
تفضحه فوراً، بينما لا هم لبعض الإعلام
العربي سوى ترديد أكاذيب أسياده. • في الخمسينيات استقللنا عن الاستعمار
الغربي فوقعنا تحت الاستعمار الوطني،
والآن نستقل عن المستعمر المحلي. هل
نحقق الاستقلال الحقيقي هذه المرة؟ • أحزن كثيراً عندما أرى شعباً عربياً
يقضي على طاغيته ثم يدخل فورا تحت
العباءة الغربية. متى سنستقل فعلا؟ • مشكلتنا نحن العرب ننتقل دائما من أقصى
الشمال إلى أقصى اليمين، من عباءة
الطغيان إلى عباءة الغرب. لماذا لا
نخلق نموذجاً عربياً ديموقراطياً
مستقلاً؟ • غالباً ما يراهن الطواغيت السفاحون على
قصر ذاكرة الشعوب، ظنا منهم أنها ستنسى
جرائمهم بسرعة. أرجو أن تخيب الشعوب
ظنهم هذه المرة. • إسقاط نصف القرن المظلم من تاريخنا بما
حمل، ليس إلا البداية لصنع تاريخ
مُشرّف، ومستقبل مفعم بالأمل. • لا أدري لماذا يحاول البعض مساعدة
طواغيت وأنظمة تريد الانتحار. بربكم
دعوها تنتحر إلى جهنم وبئس المصير. ================= لماذا علّقت الجامعة
العربية مشاركة سورية في
اجتماعاتها؟ الأحد, 13 نوفمبر 2011 خالد الدخيل * الحياة اتخذت الجامعة العربية أمس السبت قراراً
مفاجئاً وتاريخياً بتعليق مشاركة
سورية في اجتماعاتها لحين قيامها
بتنفيذ الخطة العربية. لم يكن هذا
القرار متوقعاً. كان الرأي السائد أن
اجتماع الجامعة لن يتجاوز كثيراً
إرسال فريق مراقبة عربي ودولي إلى
سورية للإطلاع على مدى تنفيذ الخطة
العربية من قبل الحكومة السورية. عنصر
المفاجأة الأول في القرار موافقة بعض
الدول التي توقع كثيرون أنها لن توافق
على تعليق المشاركة السورية، بخاصة
الجزائر والسودان وعمان. يبدو أن علاقة
السودان بقطر، ودورها في أزمته، كان له
التأثير الأكبر في دفع الخرطوم
للموافقة على القرار. من ناحيتها يبدو
أن الجزائر فضلت عدم الإختلاف مع
أغلبية دول الجامعة، بخاصة أنها
مجاورة لليبيا ولتونس، وكلتاهما شهدتا
ثورة شبيهة بما يحدث في سورية. ونتذكر
الموقف غير الودي للجزائر من الثورة في
ليبيا، وأصداء ذلك داخل الجزائر نفسها.
وبالتالي يبدو أن الحكومة الجزائرية
أرادت عدم اتخاذ موقف سلبي من الثورة
في سورية لئلا تجد نفسها في موقف صعب في
المغرب العربي، وبخاصة مع شعبها. أما
عمان فالأرجح أنها رأت أنه لا ينبغي
لها أن تشذ عن الموقف الخليجي، بخاصة
في ضوء أن موقف الحكومة السورية، كما
يبدو، لم يساعدها كثيراً. واللافت من
هذه الناحية أن وزير الشؤون الخارجية
العماني غادر القاهرة قبل إجتماع
الجامعة بساعات، ما يشير إلى أن موقف
عمان حسم مبكراً قبل الاجتماع. لكن العنصر الأكثر مفاجأة في قرار
الجامعة تمثل في مجموع بنوده التي ليست
معتادة في عرف السياسة العربية. من ذلك
الدعوة لسحب السفراء العرب من دمشق،
ودعوة الجيش العربي السوري الى عدم
إطلاق النار على المدنيين، والتهديد
بفرض عقويات اقتصادية وسياسية على
دمشق. وربما أن من أهم ما جاء في قرار
الجامعة دعوتها أطراف المعارضة
السورية إلى الاجتماع في مقر الجامعة
خلال ثلاثة أيام للإتفاق على رؤية
موحدة لمرحلة إنتقالية في سورية. وفي
هذا تحذير مبطن للنظام بأن إصراره على
الحل الأمني سيكلفه كثيراً، ولن يؤدي
إلا للمزيد من عزلته الإقليمية. يمتزج
في موقف الجامعة جانب الدعوة المفتوح
مع القرار، إلى جانب الإنفتاح على رؤية
مستقبلية لمرحلة ما بعد النظام الحالي.
وهذا واضح بشكل خاص في دعوة أطراف
المعارضة السورية للإتفاق على مرحلة
إنتقالية. لم يسبق للجامعة العربية إن
إتخذت مثل هذا الموقف مع أي دولة
عربية، حتى مع ليبيا إبان ثورتها. بقرارها الأخير تكون الجامعة قد رفضت
موقف الحكومة السورية، ورؤيتها للأزمة.
وتبنت بدلاً من ذلك موقف المعارضة
السورية إلى حد كبير، بخاصة لناحية
دعوة المعارضة لحماية المدنيين،
وتجميد عضوية سورية. قد يتساءل البعض:
لماذا اختارت الجامعة أن تتخذ هذا
الموقف المتشدد من الحكومة السورية؟
والحقيقة أن قرار الجامعة، رغم أنه غير
متوقع وكبير في إطار السياسة العربية
وتاريخ الجامعة، إلا أنه ليس قراراً
متشدداً، بقدر ما أنه شكل إستجابة
لمتطلبات الحد من الأزمة السورية، وأن
الجامعة ربما تأخرت حتى في موقفها هذا.
هنا تجدر الإشارة إلى ما قاله الأمين
العام نبيل العربي، من أن إتصال
الجامعة مع الحكومة السورية بدأ قبل
أربعة أشهر، وخلال هذه المدة لم يتحقق
على الأرض إلا المزيد من القتل، وتصاعد
الحل الأمني. يبدو أن أعضاء الجامعة
قتنعوا أن قبول سورية للخطة العربية
يجب أن يترتب عليه إلتزام جاد وسريع
بتنفيذ بنودها، وإلا فإن الخطة ستتحول
إلى مجرد غطاء سياسي يفاقم الأوضاع في
سورية، ويفرض التدخل الخارجي. الأمر
الثاني، أن النظام السوري نفسه لم
يستجب حقيقة لجهود الجامعة، وبخاصة
جهود أمينها العام الذي ذهب مبكراً إلى
دمشق مرتين، ولم يفضِ ذلك إلى معالم حل
للخروج من الأزمة. على العكس، استمر
تصاعد وتيرة الحل الأمني، وارتفاع عدد
القتلى بشكل يومي، ما يوحي بأن النظام
السوري ليس جاداً في البحث عن مخرج آخر
غير الحل الأمني. قرار الجامعة الذي
إتفقت عليه أغلب الدول العربية يكشف أن
الحكومة السورية فشلت في إقناع الدول
العربية بموقفها، حتى تلك الدول التي
كان يقال بأنها أميل إلى تفهم الموقف
الرسمي السوري. لكن قرار الجامعة يتخذ صفته التاريخية،
أولاً لأنه إنحاز قليلاً في هذه الحالة
لموقف الشعب ضد موقف النظام السياسي،
على رغم أن الجامعة من إسمها هي
المؤسسة الرسمية للدول العربية،
ولنظامها الإقليمي. بقرارها وضعت
الجامعة سابقة تصلح للبناء عليها. تقول
الجامعة بقرارها أنها ليست مقتنعة
برؤية النظام السوري للأزمة، أي أنه
ليست هناك مؤامرة خارجية، بل أزمة
داخلية النظام هو سببها الرئيس. وهي
بذلك تعترف بالإنتفاضة الشعبية ضد
النظام في أغلب المدن والبلدات
السورية. وتؤكد بأنه لا يجدي كثيراً
القول بأن مدينتي دمشق وحلب لا تشاركان
في الإنتفاضة، وأن مئات الآلاف تخرج
لدعم إصلاحات الرئيس. كيف يمكن التحقق
من صدقية هذه الملاحظة في ظل نظام أمني
شرس لا يعترف بالحريات، وأمام حقيقة أن
من يتظاهر في سورية يعرض حياته للقتل،
أو للإهانة والتعذيب في أحسن الأحوال؟
ثم ما جدوى هذه الملاحظة ودمشق بشكل
خاص تخضع لإنتشار أمني كثيف؟ لا يعترف
النظام السوري بحرية التظاهر إلا إذا
كانت تحت إشرافه ولنصرته. وحتى مرسوم
حرية التظاهر الأخير صدر تحت ضغط
الإنتفاضة، وبعده ارتفعت وتيرة قتل
الذين يطالبون بإسقاط النظام. كيف يمكن
والحالة هذه التأكد من أن من يتظاهر
نصرة للنظام إنما يفعل ذلك بكامل
حريته، وتعبيراً عن قناعته؟ قرار
الجامعة يكشف لعبة النظام الخطرة:
الجمع بين القتل، والإعتقال،
والتعذيب، إلى التلاعب بآلية التشريع
القانونية للتظاهر بأنه ينفذ إصلاحات
على الأرض. وهذه لعبة دموية تنتهك حقوق
الشعب في شكل سافر، ومعه تنتهك نص
القانون وروحه، وتتلاعب بالأسس
الأخلاقية التي يستند إليها. وقد اقتربت الجامعة بقرارها الأخير
كثيراً من الإعتراف بالمعارضة، ليس
بالضرورة كممثل وحيد للشعب السوري،
وإنما كمرشح لتمثيل هذا الشعب بشكل
شرعي، في هذه الأزمة التي تتهدد مستقبل
سورية. كأنها بذلك تقول للنظام السوري
بأن لعبته الأمنية بين الداخل والخارج
وصلت إلى خواتيمها. وهي اللعبة التي
يعتاش منها النظام من خلال قبضة حديدية
على الأمن في الداخل، وإرباك الوضع
الأمني في المحيط المباشر له. الإمساك
بالوضع الداخلي يمنع، أو على الأقل يحد
من إمكانية أي تمرد، ومن تدخلات
الآخرين. وإرتباك المحيط المباشر يجعل
من دور سورية حاجة إقليمية ودولية
للإبقاء على التوازنات في المنطقة. من
هذه الزاوية تبدو الصورة غرائبية. لم
يوجد النظام السياسي لخدمة سورية
ولبناء الدولة فيها. على العكس، كان
على سورية أن تكون في خدمة النظام،
وذلك بأن تتنازل عن مفهوم الدولة حتى
لا يتهدد وجود هذا النظام. وفي هذا
الإطار يأتي تهديد الرئيس الأسد
بتفجير المنطقة، كما قال لصحيفة «الصانداي
تلغراف» البريطانية، وتهديد حليفه في
لبنان السيد حسن نصرالله، الأمين
العام ل «حزب الله»، يوم الجمعة
الماضي، بأن الحرب على سورية سوف
تتدحرج إلى كل المنطقة. قرار الجامعة
يقول بأن هذه التهديدات لم تعد مجدية،
وأنه لا يمكن التوفيق بين قبول سورية
لخطة الجامعة من ناحية، وإطلاق
التهديدات من ناحية أخرى. تنازلات
النظام السوري غير المسبوقة بقبول
الخطة العربية، لم تكن أكثر من تكتيك
سياسي إلى جانب آلة القمع الدموية.
وقالت الجامعة أنها لا يمكن أن تكون
غطاء لمثل هذه اللعبة. الأكثر من ذلك أن قرار الجامعة يتضمن
رسالة واضحة للنظام السوري، مفادها أن
الزمن لم يعد هو الزمن. وأن المرحلة
التاريخية لم تعد هي المرحلة ذاتها.
إنتهى زمن حافظ الأسد، وذهب زمن حماة،
والإجهاز عليها تحت غطاء إقليمي ودولي
كثيف من الصمت. أمام لعبة النظام وموقف
الجامعة تبدو مفارقة أن سورية تمر في
محنتها الآن بزمن الأميركي ذي الأصل
السوري، ستيف جوبز. يا لها من مفارقة
محزنة في دلالتها. يقول النظام السوري
من خلال خطابه الإعلامي أنه يتعرض
لمؤامرة أميركية. وهو بالفعل يتعرض
لشيء من ذلك، لكنها مؤامرة ثورة
التكنولوجيا على تكلس وتخشب نظام
سياسي لا يزال يتمسك بقيم وآليات حكم
تجاوز عمرها أكثر من ألف وثلاثمئة سنة.
وهو بذلك لا يصطدم مع تطلعات الشعب، بل
مع حركة التاريخ. بقي أن تأخذ الجامعة مطلب إسقاط النظام
كمطلب شعبي، وتضعه أمام النظام السوري
للإجابة عنه. وأن عجز النظام عن إحتواء
الإنتفاضة سياسياً وليس أمنياً، يفقده
حق التمثيل الحصري للشعب السوري.
وأخيراً يجب مواجهة حقيقة أن تنحي
الرئيس بشار الأسد هو المخرج الأمثل،
والخطوة الأولى نحو إنقاذ سورية من حرب
أهلية. وأحسب أنه لا يغيب عن رؤية أمانة
الجامعة ذلك الناموس الاجتماعي الذي
يحكم تاريخ المجتمعات، وهو أنه عندما
يصطدم النظام السياسي مع المجتمع الذي
يحكمه، ويكون الدم هو الوقود الذي يغذي
هذا الإصطدام، فإن النظام يكون بذلك قد
أطلق حركة العد التنازلي لبقائه، مهما
كانت قدرته على المقاومة. أيهما أهم
بالنسبة الى الجامعة: الشعب السوري أم
النظام السوري؟ * اكاديمي وكاتب سعودي ========================= سوريا وتداعيات قرار
الجامعة العربية حازم عيّاد صحيفة السبيل 13/11/2011 تصعيد النظام السوري لعمليات القمع، وعدم
التزامه بنداءات الجامعة العربية او
الوعود التي قطعها على نفسه،
واستنفاده لكل المهل الزمنية المعطاة
له وتشكل المجلس الوطني السوري كهيئة
سياسية ممثله للمعارضة، حسم الموقف في
الجامعة العربية فلم يتمكن النظام
السوري من الحصول إلا على صوتين في
الجامعة العربية هما: لبنان على ما
فيها من تناقضات وصراعات وهواجس امنية
نابعة من خشية القوى السياسية بشقيها
الموالاة والمعارضة من تداعيات انهيار
النظام السوري وردود فعله، واليمن
ممثلا بنظام صالح الذي يرى في هذا
القرار مقدمة وتهديدا قد يطال نظام
حكمه في المستقبل القريب، في حين ان
امتناع العراق جاء في اطار الرغبة في
تجنب مواجهة داخلية وخارجية محورها
العلاقة التي تربط القوى السياسية
المختلفة (الاكراد والعرب سنة وشيعة)
بإيران وسوريا وتركيا. لم ينص القرار على أي دعوة للتدخل الاجنبي
مع فتح الباب لمؤسسات حقوق الانسان
الدولية والعربية لممارسة دورها في
معالجة الشأن السوري، وهو ما أكده نبيل
العربي في المؤتمر الصحفي الذي عقد في
مقر الجامعة العربية مساء امس، وأشار
في السياق ذاته الى اللقاءات التي عقدت
مع اطياف المعارضة السورية للتعرف على
آرائها والتشاور معها، مع الاشارة
الواضحة إلى مكانه المجلس الانتقالي
كواجهة سياسية للمعارضة على النظام
السوري (التفاوض) معها وهو شكل من اشكال
الاعتراف بالمعارضة السورية والمجلس
الوطني السوري. وبالرغم من ان مجلس الوزراء (وزراء
الخارجية العرب) أعطى مهلة إلى ال16 من
الشهر الحالي تشرين الثاني، لتنفيذ
بنود المبادرة العربية ووقف عمليات
القتل والقمع وسحب الجيش من الشوارع
الا ان عملية التقييم والمراجعة لسلوك
النظام السوري من قبل مجلس وزراء
الخارجية العرب التي ستجرى في الرباط
في 16 من تشرين الثاني ستكون بحضور
تركيا الدولة الاقليمية الجارة
لسوريا، وهي اشارة إلى تصعيد محتمل ضد
النظام السوري في حال عدم سحبه لقوات
الجيش وإيقافه لآلة القمع. من أهم التداعيات الممكنة لهذا القرار
انها تمثل قوة دفع كبيرة للمعارضة
السورية، سواء الميدانية والتقليدية
الممثلة بالمجلس الوطني، فضلا عن
كونها هزة عنيفة تعرض لها النظام من
الداخل قد تؤدي الى توسيع نطاق
الانشقاقات في الجيش واحتمال انتقالها
الى المستوى السياسي، فمن المتوقع ان
تحدث انشقاقات سياسية تشمل دبلوماسيين
وسياسيين من داخل النظام السوري، فضلا
عن اهتزاز القاعدة الاجتماعية
والاقتصادية التي استند اليها طوال
الاشهر الماضية بشكل عنيف سيربكها
ويدفعها لاعادة رسم العلاقة مع النظام. لقد دخلت الثورة السورية بقرار الجامعة
العربية مرحلة جديدة من عمرها الممتد
ثمانية اشهر، قربها من الحسم الثوري،
وحيد العناصر والفزاعات التي استخدمها
النظام، وعلى رأسها الطائفية ونظرية
المؤامرة التي فشل الترويج لها في ظل
تصاعد القمع والاستهداف للمدنيين، وهو
ما أكد حق المعارضة والشعب السوري في
الانتفاض والثورة والحماية السياسية
على كامل ترابه الوطني، وخلق مناخا
يسمح بإحداث تغييرات سياسية وثورية
مدعومة عربيا وإقليميا كحد أدنى تؤكد
على هذه المعاني السيادية لوحدة
التراب السوري، وتخضع التدخل الدولي
لمعايير عربية وإقليمية تراعي موقع
سوريا وحساسيتها الاستراتيجية للامن
العربي والاقليمي. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |