ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سورية والاسد .. ما الذي
عناه الملك في المقابلة الصحافية? فهد الخيطان 2011-11-16 العرب اليوم المؤيدون لدمشق والمعارضون لها تسرعوا في
اصدار الاحكام . بعد نشر ال "بي بي سي" لمقتطفات من
مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني
سرى انطباع في الاوساط الاعلامية
والسياسية ان الاردن تجاوز سقف مطالب
الجامعة العربية بشأن سورية وتبنى
بشكل كلي خيار الغرب الداعي الى تنحي
الرئيس السوري فورا. لكن بعد الاطلاع
على النص الكامل للمقابلة تبين ان
الملك تقدم بالفعل على موقف الجامعة
العربية بتحليل المشهد السوري , لكنه
لم يتجاوز سقف مطالبها. طرحت الاعلامية "دو سيت" من هيئة
الاذاعة والتلفزيون البريطانية على
الملك اكثر من عشرين سؤالا سعيا الى
انتزاع عبارة واحدة مفادها "على
الرئيس الاسد ان يتنحى فورا". لكن
الملك في ردوده على كل تلك الاسئلة حرص
على عدم اعطاء جواب قاطع, وفي كل فقرة
اشار فيها الى فكرة التنحي كان يربطها
بتغيير اوسع واعمق في منظومة العمل
السياسي في سورية . فالمسألة من وجهة
نظر الملك ليست مجرد استبدال الرئيس
بشخص اخر, لان ذلك لن يحل المشكلة في
بلد تتعدد فيه الاثنيات والطوائف
ويحكمه نظام امني مستبد تغول على
مؤسسات الدولة واختصرها في جهاز أمني.
وفي غياب معارضة موحدة ومستقرة في
الداخل تصبح الحاجة ماسة الى عملية
سياسية تضمن انتقالا للسلطة يجنب
سورية مخاطر الحرب الاهلية او التدخل
الاجنبي. لا يستطيع الاردن, لاعتبارات كثيرة
معروفة للجميع, ان يتجاهل التطورات
الجارية في جواره, فسورية ليست ليبيا
ولا تونس ولا مصر ايضا على اهمية مصر في
المحيط العربي, فالاردن وسورية
يرتبطان بعلاقات وثيقة تفرضها حقائق
الجغرافيا واي تطور في سورية سواء أكان
ايجابيا أم سلبيا سيكون له تأثير بالغ
على الاردن والعكس صحيح . وواضح ان لدى
الملك مخاوف من اي تغيير غير محسوب في
سورية وهو محق في ذلك ولم تكن بلا معنى
اشارة جلالته الى العراق كمثال على
النتائج الكارثية لخيار التدخل
الاجنبي, اضافة الى ما جرى في ليبيا
ايضا. رغم يأس الملك من فرص استجابة القيادة
السورية لصوت العقل والحكمة, الا انه
حاول في اكثر من محطة تقديم النصح
والتحذير احيانا اخرى من مغبة الاصرار
على الحل الامني للازمة المتفاقمة في
سورية, لكن ليس بمقدور الاردن او في
مصلحته في هذه المرحلة الانفراد عربيا
بالدعوة الى تنحي الاسد والقفز على
مبادرة الجامعة العربية لما لذلك من
توابع سلبية على المصالح الاردنية,
خاصة اننا ازاء صراع لا تعرف له نهاية
قريبة كما قال الملك. تسرّع المؤيدون للنظام السوري في قلب
دمشق بالحكم على الموقف الاردني عندما
هاجموا السفارة الاردنية وفتحوا
اثيرهم الفضائي لشتم الاردن. وتسرّع
المعارضون لبشار الاسد في درعا ايضا
عندما احتفلوا بتصريحات الملك, جانَبَ
كلا الموقفين الصواب فالملك لم يناصر
الاسد ولا الداعين الى رحيله الفوري,
وأهمُّ من هذا وذاك مصير سورية ونوعية
التغيير القادم على النظام. ================= محمد خلفان الصوافي تاريخ النشر: الأربعاء 16 نوفمبر
2011 الاتحاد هناك رغبة لدى القيادة السياسية في سوريا
في الاستمرار في ارتكاب أخطاء مصيرية
رغم وجود بدائل أفضل ومساحات أوسع
للابتعاد عما كان يرتكبه الآخرون. ردة الفعل الغاضبة للدبلوماسية السورية
على موقفي جامعة الدول العربية وتركيا
أفقدتها هدوءها وحصانتها. كانت تتمتع
بحصانة تجاه الشأن الداخلي وتحركها
الإقليمي (لبنان والعراق)، وكان يمتنع
الآخرون عن الحديث حول أسلوبها الأمني
في التعامل مع شعبها، لأنها دولة "الصمود".
كأنها لم تستخلص الدروس مما تم على
الأرض في العراق وليبيا وتونس ومصر. لم
تدرك أن هناك فرقاً بين تعامل الحكومة
مع الشعب عام 1982 في حماة وبين ما يجري
الآن. هي متهمة الآن بأنها تعمل على قتل
مواطنيها العزل بطريقة وحشية لا
يقبلها الضمير الإنساني. الإجماع
العربي على تعليق عضويتها، ما عدا
العراق ولبنان، دليل كافٍ على حجم
الإحراج الذي يمثله النظام السوري
للدول العربية الأخرى في تعامله مع
شعبه. كان عليها أن تصحح الوضع أو أن تبرر عدم
مقدرتها على التعامل مع الوضع، خاصة
وأن الجميع يعرف أن لسوريا وضعاً
استراتيجياً خاصاً في الإقليم. وكان
ينتظر منها أن تستخلص الدروس العربية
التي مرت على المنطقة وتبتعد عن
المكابرة السياسية المقيتة، خاصة أن
الأمر متعلق بالشعب السوري وليس بأي
جهة خارجية، كما اعتدنا. كان ينتظر أن
يقدم النظام على التسامح مع شعبه وعدم
اقتصار التعامل مع القضية بالأسلوب
الأمني لمطالب اجتماعية بسيطة. كان يجب
الاستفادة من أزمة الدول العربية
الأخرى في إدارة أزماتها الداخلية،
القتل وإراقة الدماء أديا إلى تعقيد
المشكلة وليس انفراجها. اقتحام السفارات والقنصليات ورفع علم "حزب
الله" اللبناني على السفارة
الأردنية وتأييد أمين الحزب لنظام
الأسد لا يخدم سوريا ولا يعالج المشكلة.
اتّباع سياسة التخويف والتهديد لإجبار
العرب على تغيير موقفهم لم يعد مجدياً.
"نصرالله" فقد شعبيته في الشارع
العربي منذ زمن، ولم يعد حزبه "مقاوماً".
والرد بغضب وشتم وبصق في هذه اللحظات
لا يساعد على الخروج من الأزمة
السياسية، والعناد السياسي أفقد سوريا
-كما أفقد سيف الإسلام- حصانتها
السياسية وسمحت حتى لمؤيديها بالوقوف
ضدها وانتقادها، بل سهلت على الدول
المترددة اتخاذ مواقف صريحة ضدها. صارت
مطالب علنية لإسقاط النظام. الرهان على
روسيا والصين لا يمكن الوثوق به،
واستقبال روسيا للمعارضة السورية
اليوم يعطي دلالات كثيرة. الخروج عن اللباقة الدبلوماسية والهدوء
السياسي أفقد سوريا تعاطف الرأي العام
العربي والإسلامي، وذكَّر الكثيرين
بموقف عزت الدوري في قمة الدوحة،
وأعتقد أن مثل هذا الخطأ كان يتمناه
الكثيرون. أحد السوريين المحسوبين على
المعارضة نصح وسائل الإعلام الغربية
في بداية الأزمة بإعطاء المسؤولين
السورين الفرصة للتحدث كي يظهروا
للرأي العام كيف يتعاملون مع شعبهم،
فكانت البداية مع رامي مخلوف ثم بثينة
شعبان وبشار، الجميع هدد بإحراق
المنطقة. قد لا يكون موقف الجامعة العربية موفقاً
ولا مقنعاً بالنسبة للمسؤولين
السوريين لكنه كان يحتاج إلى قوة أعصاب
وهدوء شديد في التعامل. موقف النظام
السوري يحتاج إلى عدم الوقوع في أخطاء
بسيطة لكن ثمنها كبير، انفلات أعصاب
السياسي قد يفقد بلده قضيته. القضية السورية لم تكن لتظهر على الساحة
السياسية لولا تعدد أخطاء النظام
السوري وكثرتها على مدى ثمانية أشهر.
أما اليوم فإن القيادة السورية لن تقنع
الشعب السوري ولا المجتمع الدولي
بأنها تريد المحافظة على الاستقرار! ================= د. بهجت قرني تاريخ النشر: الأربعاء 16 نوفمبر
2011 الاتحاد يُشير هذا العنوان إلى أحد الكتب
الكلاسيكية الذي ظهر منذ أكثر من نصف
قرن، وبالدقة في سنة 1958، وأدى إلى شهرة
كبيرة لمؤلفه البريطاني باتريك سيل،
الذي كان مراسلاً صحفياً في منطقة
الشرق الأوسط لصحيفة "الأوبزرفر"
البريطانية الشهيرة. كان هدف "سيل"
من عنوان كتابه هو شرح نمط السياسات
العربية في هذه الفترة، والقول بأن
سوريا تمثل مركز التنافس بين الأسرة
السعودية والأسرة الهاشمية التي كانت
تحكم خلال ذلك الوقت في كل من العراق
والأردن، والتي فقدت الحكم في العراق
عقب الانقلاب العسكري الذي حدث هناك
سنة 1958، لكنها لا تزال في الحكم حتى
الآن في الأردن. ذاع صيت الكتاب، وكذلك مؤلفه، على أساس أن
الكتاب أوجز جوهر السياسة العربية في
ذلك الوقت، وأصبح ينظر إلى سيل
باعتباره متخصصاً في الشأن السوري، بل
تزوج بعد ذلك بشابة سورية من إحدى
العائلات الشهيرة. وبالرغم من تغير الأوقات، فإن الكثير من
العارفين بالسياسة العربية يرجعون
بذاكرتهم إلى هذا الكتاب عندما يرون
الصراع الحالي بين الحكومة السورية
والجامعة العربية، وذلك عقب قرار
الجامعة يوم السبت الماضي، 12 نوفمبر،
والقاضي بتجميد مشاركة الحكومة
السورية في أعمال وأنشطة الجامعة حتى
تجتمع اليوم، الأربعاء 16 نوفمبر، في
المغرب لتؤكد قرارها المذكور أو
لتعدله في اتجاه أو آخر، إن اقتضى أمر
الوضع المتوتر في سوريا. وفي الواقع،
فإن مثل هذا القرار كان غير متوقع
بالنسبة للكثيرين، على أساس أن
الجامعة، كما يدل اسمها الرسمي، جامعة
الدول العربية، عادة ما تكون في صف
الحكومات وليس الشعوب، لكن هذه المرة
جاء قرارها ضد الحكومة السورية. ليس
هذا فقط، ولكن بموافقة حاسمة من أغلبية
كبيرة: 18 صوتاً، وامتناع العراق عن
التصويت، بينما عارضت القرار دولتان
فقط، هما اليمن ولبنان. وإذا كان اتجاه
الحكومة اليمنية متوقعاً، على أساس
أنها تخشى أن يأتي عليها الدور بعد
ذلك، فإن موقف التصويت اللبناني لا
يمكن شرحه إلا بالجوار الجغرافي لدمشق
وتداعياته السياسية، حتى لو تم
الإعلان عن تبريرات أخرى لهذا التصويت. وكالعادة في مثل هذه الأزمات، فإن أطراف
الخلاف الرئيسية تشرح نتيجة التصويت
بطريقتها الخاصة، وهكذا تُصر دمشق على
أن القرار الصادر عن الاجتماع الوزاري
للجامعة ليس فقط غير قانوني، ولكنه
كذلك يعكس "النفوذ الأميركي
الصهيوني" داخل الجامعة ذاتها، وليس
فقط في داخل بعض الدول الأعضاء. لا شك
أن الأيام القادمة ستكشف الكثير عن
ملابسات هذا التصويت وخفاياه، لكن
الاستخلاص الأساسي في الوقت الراهن هو
أن الجامعة، ومعها السياسات العربية،
تدخل مرحلة جديدة لا عهد لها بها،
ولنذكر في هذا الخصوص نقطتين على سبيل
المثال: الأولى أن الربيع العربي -كرمز لاحتجاجات
الشارع- وصل حتى إلى أروقة الجامعة،
هذه المؤسسة الإقليمية البيروقراطية
العتيقة، مهما كانت دوافع كل دولة من
الدول ال18 التي صوتت في صالح القرار.
وفي الواقع قد يؤدي هذا التصويت إلى
عودة نوع من الثقة في المؤسسة
الإقليمية، كما أنه لا يجعل هدف "الدفاع
عن المدنيين" حكراً على "حلف شمال
الأطلسي" (الناتو) أو غيره من
المؤسسات الأجنبية والدولية. النقطة الثانية: أن الجامعة بهذا التصويت
تنضم -ضمناً أو صراحة- إلى تبني المفهوم
الجديد للسيادة الوطنية. وبدون الدخول
في تفاصيل وتشعبات القانون الدولي
وتداعياته على النظام العالمي، فإن
المفهوم الجديد للسيادة الوطنية ظهر
في منتصف التسعينيات من القرن الماضي،
وذلك عن طريق إحدى لجان الأمم المتحدة
بتمويل وقيادة كندية. وقد ارتكز على
التشكيك في المفهوم التقليدي للسيادة
الوطنية، بما يتضمنه من احتكار داخلي
ودائم للسلطة، أي أن الحكومة لها مطلق
الحرية في التعامل مع الداخل، بما في
ذلك -أحياناً- قتل مواطنيها. كما ارتكز
المفهوم الجديد أو المعدل على أولوية
حماية السكان المدنيين، وبالطبع يفتح
هذا المفهوم المعدل الباب للتدخل
الخارجي وإساءة استعماله من جانب بعض
الدول الكبرى. ولكن مبدأ حماية
المدنيين استقر الآن في المفهوم
الدولي للسيادة. وبالرغم من أن قرار الجامعة العربية
الأخير يعكس هذا التحول الدولي في
مفهوم السيادة الوطنية، أو ما يسمى
باختصار "المسؤولية الإنسانية عن
حماية المدنيين"، إلا أن الجامعة
تستطيع بهذا القرار أيضاً أن تمنع
التدخل المباشر من خارج المنطقة، وأن
تحصره في "البيت العربي"، وأن
تُقنن أحد المبادئ الدولية الهامة
حالياً، حيث ما عاد باستطاعة أية حكومة
التصرف على هواها وبدون قيود حيال
أفراد شعبها وجماعاته، بل صارت
الحكومات مجبرة على التحاور مع قوى
المعارضة بدلاً من التصرف انطلاقاً من
الهاجس الأمني وحده. لقد أصبح من
الضروري عملياً التكيف مع الأوضاع
الجديدة، لاسيما بعد خروج الكثيرين
إلى الشارع للمطالبة والاحتجاج. وعلى
هذا النحو يكون قرار الجامعة الأخير،
إذا استمر تطبيقه بموضوعية ومشروعية
قانونية، رادعاً لمفهوم الحكومة
كمؤسسة أمنية بوليسية ليس إلا. قرار الجامعة غير المتوقع يمثل مرحلة
هامة في سياسات هذه المؤسسة وفي هيكل
العلاقات العربية ذاته، بما في ذلك نمط
تفاعل هذه العلاقات مع محيطها
الإقليمي العالمي. وهكذا فإن عودة "الصراع
على سوريا" -بالرغم من مرور أكثر من
نصف قرن- قد يكون بداية لنظام عربي
مختلف، أراد ذلك من أراده وعارضه من
عارضه. ================ من أجل لبنان جديد لابد
من سورية ديموقراطية زين الشامي الرأي العام 16-11-2011 يعتبر لبنان وحده دون غيره من بين جميع
الدول العربية، أكثر المتأثرين بما
يجري في سورية من أحداث. وهذا ليس
جديدا، لقد كان دائما متأثرا، وبشكل
مباشر وسريع، بما كان يجري في سورية
منذ استقلاله وحتى اليوم. ويشمل هذا
التأثير كل مناحي الحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
إن ذلك ليس غريبا، فسورية ولبنان من
أكثر الدول العربية قربا لبعضهما
البعض، ومن أكثرها ارتباطا وتأثرا في
ما يجري في كليهما. فكل السوريين، أو غالبيتهم، يبدأون
نهارهم مع صوت السيدة فيروز،
وغالبيتهم يحتفظ بتسجيلات وأعمال
الرحابنة، غالبيتهم زار لبنان ويعرفون
أسماء أقضيته ومدنه وقراه، ولهم فيها
أصدقاء ومعارف وأقارب ومعارف.
غالبيتهم يعرفون الزعماء السياسيين
واحدا واحدا، وهم مثل اللبنانيين
تماما منقسمون في اعجابهم لأولئك
الزعماء. كذلك فإن السوريين من اكثر
العرب المتابعين لما تكتبه الصحافة
والإعلام اللبناني، يعرفون أسماء
الصحافيين اللبنانيين، يتابعون
التلفزة اللبنانية وكل القنوات
الفضائية اللبنانية. على العكس من ذلك، فإن اللبنانيين في
غالبيتهم يعرفون سورية جيدا ولهم فيها
أقارب ومعارف وصداقات، منهم من يرى في
سورية بلده الثاني او عمقه العربي،
ومنهم من يرى فيها «الخصم» كذلك. أيضا
فإن اللبنانيين يرددون مثل السوريين
الفكاهات عن «الحماصنة» كما لو أن حمص
وأهل حمص هي منطقة في قلب لبنان،
وغالبية من اللبنانيين زاروا مقام
السيدة زينب قرب دمشق، أو كنيسة
صيدنايا قرب معلولا، منهم من يعتبر
نفسه سوري الأصل ويتحدث عن أصوله
وقراباته في حمص، أو حلب، أو حماة، أو
درعا، أو دمشق... هذه العلاقات والوشائج كانت وستبقى رغم
كل ما أصاب العلاقة بين البلدين من
تشنجات وجروح بفعل التدخل العسكري
السوري في لبنان منذ عام 1976 وحتى 2005 حين
خرجت القوات السورية مجبرة بعد توجيه
الاتهامات لنظامها وحلفائه في لبنان
بقتل رئيس الوزراء اللبناني رفيق
الحريري. لكن هذه العلاقات كانت وستبقى
رغم كل ما فعله الضباط والجنود
السوريون في لبنان من ممارسات تسيء
للإخوة بين الشعبين وتسببت في جروح
غائرة في النفسية والذاكرة
اللبنانيتين. وإذا ما كان صحيحا أن النظام السوري تسبب
في ألم عميق للكثير من اللبنانيين،
فإنه من غير المفهوم اليوم أن تقف
جماعات واحزاب وقوى وأسماء وصحف
وفنانون لبنانيون مع هذا النظام الذي
يفتك بشعبه ويقتله لمجرد انه خرج
مطالبا بالحرية والديموقراطية. إن ذلك
يؤلم السوريين كثيرا وهم اليوم بأمس
الحاجة لمن يقف معهم بعد أن تخلى
المجتمع الدولي عنهم وانشغل بحساباته
الخاصة ومصالحه وازماته الاقتصادية
التي يعاني منها. إن المحتجين السوريين الذين قرروا
الانتفاضة على النظام السوري رغم
ضريبة الدم الكبيرة التي كانوا يعرفون
أنهم سيدفعونها، ينتفضون ليس فقط من
أجل السوريين وسورية، بل من أجل
المنطقة عموما ولبنان بشكل خاص، رغم
انهم يوم قرروا الخروج الى الشوارع لم
يعلموا ذلك ولم يفكروا في ذلك، بل هذه
هي النتيجة المتوقعة لسقوط النظام
السوري القمعي الذي عمل على مدار
السنوات الماضية على تدمير ليس
المجتمع السوري وحده بل المجتمع
اللبناني أيضا. وإذا ما كان نجاح السوريين في إسقاط
نظامهم يمثل ضرورة محلية واقليمية،
فإنه لمن المستغرب أن الكثير من دعاة
ومنظري الحرية والديموقراطية في لبنان
اختاروا الوقوف مع النظام الديكتاتوري
في دمشق. ليس ذلك فحسب لقد اعتبرت بعض «الجماعات»
والأحزاب اللبنانية أن وجودها
ومستقبلها مرتبط ببقاء النظام السوري؟
إن ذلك يبدو مستغربا جدا، اذ كيف يمكن
لجماعة سياسية او دينية ان تستمد
قيمتها وديمومتها ووجودها من علاقتها
مع نظام ديكتاتوري ودموي زائل لا يهمه
في النهاية إلا بقاؤه ومصالحه حتى لو
أحرق سورية كلها ومعها لبنان. ومع كل أسف، لم تتوقف المسألة عند دعم بعض
الأحزاب والجماعات السياسية والدينية
اللبنانية سياسيا لنظام دمشق، بل ان
تقارير تحدثت عن دعم عسكري وبشري من
خلال رفد النظام ب «شبيحة» لبنانيين
ليشاركوا نظراءهم السوريين في قتل
المتظاهرين، وكأن النظام السوري عاجز
عن قمع الاحتجاجات لوحده. على المستوى الإعلامي والسياسي، لقد خرجت
من لبنان ومازالت، اسوأ الأصوات واسوأ
المعلقين على الأحداث التي تجري في
سورية، رغم انه وللانصاف، فإن أجمل
الكتابات والتحليلات، والتعليقات،
تخرج احيانا كثيرة من لبنان ومن قبل
اللبنانيين. إن سقوط النظام السوري وباعتراف ورأي
الكثير من الدول والحكومات والمراقبين
ما هي إلا مسألة وقت، ومهما كانت طبيعة
النظام الذي سيخلفه في الحكم فإنه
سيكون افضل بكثير من هذا النظام، ليس
للسوريين فقط، بل للبنانيين ايضا. هنا
يكفي التذكير أن غالبية وجوه المعارضة
السورية اليوم التي تدعو إلى تغيير
النظام وإلى الانتقال الى نظام
ديموقراطي هم ممن طالبوا سابقا ودائما
باحترام استقلال وسيادة لبنان، وهؤلاء
المعارضون دفعوا ثمنا باهظا في السجن
لمجرد أنهم نادوا بذلك. إن عودة الى
الوراء قليلا تجعلنا نعرف ان 12 مثقفا
سوريا معارضا سجنوا لمجرد توقيعهم على
إعلان بيروت دمشق عام 2005. إن سورية جديدة وديموقراطية ستكون عونا
ونصيرا للبنان واللبنانيين، إن سورية
جديدة وديموقراطية هي وحدها من تجعل
لبنان يستعيد مجد أيام زمان حين كان «سويسرا
الشرق». ================= لبنان وسوريا تحت "الغطاء
الإيراني" عبد الوهاب بدرخان النهار 16-11-2011 عبثاً حاول أركان الحكم والحكومة
ويحاولون تبرير الموقف اللبناني
المخزي ضد قرار الجامعة العربية
لمعالجة الأزمة السورية، لعلهم يدركون
انهم فوّتوا لتوّهم فرصة تاريخية
نادرة لتأسيس علاقة مستقبلية سليمة مع
الشعب السوري ومع سوريا ما بعد هذا
النظام. لجأوا الى "الخصوصية" و"الاعتبارات
التاريخية والجغرافية" لتسويغ
كونهم مجرد عابرين في قيادة البلد،
فتلك اعتبارات لا تتغيّر لكن البشر
يتغيّرون بل يغيّرون التاريخ. ها هم،
مرة أخرى، يلوذون ب"تفهم" العرب
لتمرير تخاذلهم. ولا يزال رئيس الحكومة
يبشّر بأن لبنان "سيظل يتفاعل مع
محيطه العربي". يتفاعل؟ شكراً
جزيلاً. لا بدّ أنه يراهن أيضاً على
تفهم العرب ل"تفاعله" مع النفوذين
السوري والايراني في لبنان. الواقع أن العرب لا يتفهمون بل يعتبرون ان
لبنان مجرد "تابع لسوريا"،
ويذهلهم ان يكون متمتعاً بهذه التبعية
ومصرّاً عليها. لذلك صاروا يعاملونه
كحرف ناقص أو رقم زائد. أي لا قيمة له في
صنع الاجماع العربي او خرقه. كانت
الجامعة تخطو بهذا القرار الجريء خطوة
أولى نحو نظام عربي جديد، ولم يكن حكام
لبنان معهم على الموعد. كان لبنان على
الدوام ضمير العرب، فاذا به في
استكانته السورية – الإيرانية بلا
ضمير، وحتى بلا اخلاقية، اذ ينفرد
بالوقوف مع نظام يرفض التوقف عن قتل
شعبه. نعم، كان لبنان وحده، فالعراق
امتنع من التصويت مسايرة لايران، أما
اليمن فيخشى قراراً عربياً مماثلاً
بخصوص نظامه المتهاوي. إذا كان أركان الحكم والحكومة يعتقدون أن
هذا الموقف يضمن الاستقرار الداخلي،
أو يقي البلد تداعيات انهيار النظام
السوري، فهم اول من يعلم أن هذا مجرد
أوهام. فالساحة اللبنانية مصادرة
وموضوعة في خدمة سوريا وايران، وهي
ممنوعة من "التفاعل مع المحيط
العربي" بل منسلخة عنه. واذا احتاجها
هذان النظامان للتوتير والتفجير، او
"لإشعال المنطقة"، وفقاً لرغبة
بشار الأسد، ومن أجل استمراره، فلن
يترددا في استخدامها. لقد غيّرا وجه
لبنان وموقعه ومعناه ورسالته. في الخطاب الأخير نصح السيد حسن نصرالله
مجدداً ب"عدم المراهنة" على سقوط
النظام السوري. المشكلة ان النظام نفسه
لا ينفك يفسد كل المراهنات على بقائه.
وبصفته الحاكم الفعلي للبنان، بدا
نصرالله مهجوساً بحديث الحرب، على
سوريا وعلى ايران، "انتقاماً
للهزيمة الأميركية في العراق". أراد
السيد ان يطمئن فاذا به يبث الرعب. كان
يعني ان الحفاظ على نظام الأسد يستحق
حرباً قال إنه لا يريدها لكنه مستعد
لها. فماذا لو لم تقع، وماذا لو استمر
تداعي نظام الأسد، فهل تفتعل الحرب
لانقاذه؟ فات الوقت على مثل هذه
الاحتمالات. وحده النظام السوري يعرف، في لجة
ارتباكاته، ماذا يعني فقد الغطاء
العربي، حتى لو كان معنوياً وواهياً.
فهو اختار اللعب في الفلك الايراني،
ووضع لبنان تحت رحمة سلاح "حزب الله"،
ليجد نفسه هو الآخر تحت رحمة مرشد
الجمهورية الايرانية. هذه وصفة
للسقوط، ولاستدراج سوريا الى حرب
أهلية قد تكون هي التي عناها نصرالله
وسيخوضها ضد خصوم النظام السوري في
لبنان. ================= "لا ينتظرنّ أحد منا
موقفاً يحرجنا" .. الحكومة:
لمراعاة خصوصيتنا مع سوريا سمير منصور النهار 16-11-2011 يكاد لبنان الرسمي يقول للدول العربية:
نحن معكم في كل موقف تتخذونه في جامعة
الدول العربية، ولكن عندما يتعلق
الأمر بعلاقتنا بسوريا، اسمحوا لنا،
فلدينا خصوصيتنا التي نتمنى عليكم أن
تراعوها وتتفهموها. وخير دليل أن لبنان
أعلن صراحة تأييده لمبادرة الجامعة
لحل الأزمة السورية ووقف التدهور
وإراقة الدماء، وقد قالها رئيس
الجمهورية بالفم الملآن: "موقفنا
نابع من ضرورة تنفيذ المبادرة العربية
ونتمنى على الجانب السوري التعجيل في
تنفيذها"، وكذلك فعل رئيس الحكومة
إذ قال: "موقفنا انطلق من وقائع
تاريخية وجغرافية تراعي الخصوصية
اللبنانية التي نعلم بأن الأخوة العرب
يتفهمونها ويدركون أن لبنان سيبقى
متفاعلاً مع محيطه العربي ومتمسكاً
بالحلول التي تحفظ وحدة الدول العربية
وشعوبها على قاعدة المبادرة العربية
الأخيرة". ويشكل الرئيسان ميشال سليمان ونجيب
ميقاتي مع رئيس "جهة النضال الوطني"
النائب وليد جنبلاط موقفاً واحداً
ومتطابقاً تماماً في هذا الصدد، اذ يرى
جنبلاط ان المبادرة العربية "هي
أفضل الطرق لخروج سوريا من هذه المحنة
ولوقف مسلسل العنف والعنف المضاد،
وهذا لا يتم إلا بإصلاح سياسي جذري كما
ورد بوضوح في تلك المبادرة". وبناء على تلك الخصوصية، من المكابرة ان
ينتظر أحد من لبنان موقفاً يزعج النظام
السوري. هذا هو الواقع صراحة وهذا ما
تؤكده مصادر وزارية، لا سيما أن
الرسائل تتوالى بأشكال مختلفة من
الداخل قبل الخارج، وليس أقلها أن سقوط
النظام في سوريا قد ينعكس تدهوراً
شاملاً ليس في لبنان وحده بل في سائر
الدول العربية أيضاً. وأياً يكن الموقف من التطورات
الدراماتيكية المتسارعة في سوريا،
وسواء كان مع النظام أو ضده، فإن هذه
الخصوصية اللبنانية – السورية يجب أن
تراعى، وهذه الرسائل المتتالية يجب أن
تقرأ جيداً وإن تكن في نظر بعضهم في
لبنان "تحمل في طياتها تهديداً
ووعيدا وللتهويل فحسب"، فللبنان
حدود مشتركة مع سوريا تمتد مئات
الكيلومترات شمالاً وشرقاً، في مقابل
البحر غرباً وخطوط التماس مع العدو
جنوباً. ولا متنفس برياً للبنان من دون
سوريا، فإذا اقفلت السلطات السورية
الحدود رداً على موقف يزعجها من لبنان
فلا يبقى أمام اللبنانيين إلا البحر
واسرائيل، وهذا يعني اختناقاً أقله
على الصعيد الاقتصادي. ولسوريا نفوذ
واسع في لبنان من خلال مؤيدين لها
وحلفاء في أحزاب وحركات وتيارات يملك
أبرزهم "حزب الله" ترسانة عسكرية
تسمح له – إن هو أراد – التحكم في كل
القرارات ولا سيما الأمنية منها. وفي معزل عن هذه الخصوصية وتلك المعطيات،
تقضي الواقعية بألا يختلف لبنان مع
النظام السوري، وأن ينأى بنفسه عن
التدخل في الشأن السوري الداخلي
تحريضاً أو تأييداً لطرف من دون آخر.
وإذا كان لبنان قد استطاع ان "ينأى
بنفسه" عن التصويت ضد سوريا في مجلس
الأمن، فلن يكون في إمكانه دائماً أن
يعتمد هذه العبارة، خصوصاً إذا كان
مطلوباً منه موقف مؤيد للنظام كما فعل
في المؤتمر الأخير لوزراء الخارجية
العرب في القاهرة، علماً أن هذا الموقف
ترك تداعيات لم تنته فصولاً بعد. ويسعى
لبنان الى شرح مبررات موقفه على خلفية
تلك الخصوصية، وقد بدأ رئيس الحكومة
جولة مشاورات في هذا الاتجاه كان آخرها
أمس لقاؤه مع السفير البريطاني وأولها
مع سفراء دول مجلس التعاون الخليجي،
ويقول ميقاتي انه يلمس تفهماً للموقف
اللبناني من معظم السفراء وممثلي
الدول الذين يلتقيهم. ويذهب رئيس الجمهورية أبعد من ذلك في
رسائل متعددة الاتجاه إذ يؤكد أن لبنان
"لم يكن يوماً ضد الديموقراطية
وتداول السلطة في الدول المحيطة بنا
سواء في سوريا أو غيرها، ولكننا ضد
استعمال العنف وإراقة الدماء ولا نؤيد
تحقيق الأهداف السياسية بالقوة". ويتمنى الرئيس سليمان على النظام السوري
"فتح حوار مع المعارضة بكل فئاتها،
وأن يسير بسرعة في الاصلاحات ودائماً
انطلاقاً من المبادرة العربية، وفي
الوقت نفسه يرفض لبنان في المبدأ عزل
أي دولة عربية". وسط هذه الأجواء يستمر لبنان في السعي الى
النأي بنفسه عن أية تداعيات أمنية
للتطورات الجارية في سوريا. وفي رأي
رئيس الجمهورية أن "التحولات
الجارية نحو الديموقراطية تحتم علينا
واجب تحسين ممارستنا الديموقراطية"،
في اشارة واضحة الى بعض المواقف التي
تصب الزيت على النار. واذا كان لكل
موقفه السياسي ورأيه، ففي استطاعته
التعبير عنه مع الحفاظ على الحد الأدنى
من أصول المناقشة وحماية لبنان من أية
تداعيات... ================= حلمي الاسمر الدستور 16-11-2011 «سوريا الأسد» على خطى من سبقها من أنظمة
كنستها الجماهير إلى مزبلة التاريخ،
والفرق هنا بينها وبين ليبيا ومصر
وتونس، يكمن في تفاصيل سيناريو
الرحيل، ومدى ذكاء أو غباء القتلة، فهم
إما أن يتسللوا تحت جنح الظلام هاربين
بما سرقوا من قوت الشعب، بحثا عن ملاذ
آمن إن وجدوه أصلا، أو البقاء على
الأرض التي رووها بدماء الأبرياء من
الثوار، للاقتصاص منهم، وسحلهم في
شوارع الشام، أو الزج بهم وراء القضبان
للمحاكمة العادلة!. يعني بالمجمل، عليهم الاختيار بين مصير
بن علي أو مبارك أو القذافي، والأغلب
أنهم سيختارون مصيرا آخر، سيكون أكثر
بشاعة من مصير ديكتاتور ليبيا، لأنهم
يتمتعون بحس إجرامي قل نظيره، وقصر نظر
أسطوي، فهم يعتقدون أن بوسعهم جر
المنطقة برمتها – وربما العالم- إلى
كارثة كونية (!) فقد سبق أن هدد بشار
بحرق الشرق الأوسط، وتبعه آخرون من
أزلام نظامه، ومنهم السياسي اللبناني
(!) مدير المركز الدولي للدراسات
الإعلامية والإستراتيجية رفيق نصر
الله الذي هدد الأردن بخلايا نائمة في
حال ضربت سوريا عسكريا لأن سوريا إذا
ضُربت عسكريا –كما يقول- فإن دمشق
لديها الكثير من الأوراق لتلعبها وقال
«ستعم الفوضى بالشرق الأوسط وستغلق
قناة السويس ومضيقي باب المندب وهرمز
ويصبح سعر برميل النفط 500 دولار وستفتح
جبهة الجولان وتتحرك المقاومة في
فلسطين ولن تبقى إيران ساكته» مشيرا
هنا إلى أن الجيش السوري (مُصوْرَخ)
يعني انه استفاد من تجربة حزب الله في
العام 2006 ، وهذا الجيش يملك ترسانة
كبيرة من الأسلحة الصاروخية قادرة على
ضرب عمق الكيان الإسرائيلي» وعندما
سألته المذيعة عن دعوة الملك عبد الله
الثاني الأسد للتنحي ، رد نصر الله
عليها «لا يعتقد النظام الأردني انه
سيكون بمنأى عن هذه الإحداث فلدينا (!)
خلايا نائمة في الأردن ستتحرك في حال
ضربت سوريا وستفتح الجبهات على طول
الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة
لتقض مضاجع النظام» !!!. ما شاء الله وكان، فلئن كانت سوريا بمثل
هذا الجبروت العسكري، وهذا الهيلمان
من القوة، فلم لم ترد على إسرائيل ولو
بوردة حينما ضربت أهدافا سورية غير
مرة، ولم تحتفظ دمشق بخلايا نائمة في
الأردن؟! من قال إن الأردن هو الذي يحتل
الجولان مثلا؟ لم لا يكون للنظام
الممانع المقاتل خلايا نائمة في
إسرائيل مثلا؟! لم كل هذا الغضب على
كلمة حق قالها الملك عبد الله الثاني؟
ونسأل ايضا: لمن تدخر قلعة الصمود
والقومية العربية، والممانعة، كل هذه
الأسلحة وهذه القدرات الأسطورية؟ هل
هي للأردن؟ أم لأبناء حمص وحماة ودمشق؟
لم لمْ نر المراجل الأسدية إلا على
أبناء الشام؟! هل تذكر الأسد وعملاؤه
الآن أنهم يقيمون على بعد بصقة من عدو
لا يحتاج إيذاؤه إلى صواريخ ولا بطيخ،
فيكفي أن يكفوا عن حماية خط وقف إطلاق
النار معه كي تزحف الجماهير إلى عمقه؟
لا نريد أن نقول إن الأقنعة سقطت عن
وجوه القتلة، فلم تكن تخفي ملامحهم
الإجرامية، ولم يكن يغتر بهذه الأقنعة
إلا السذج، أو المنتفعون من النظام
الأسدي العائلي، أو من لا يمتلكون أدنى
بعد نظر، بل نقول إن النظام في أيامه
الأخيرة، يتخبط تخبط المغشي عليه من
المس، وما هي إلا أيام كي يكون عبرة لمن
اعتبر أو ألقى السمع وهو شهيد!. ============== احمد ذيبان الرأي الاردنية 16-11-2011 يصعب على من أدمن الاستئثار بالسلطة،فهم
ان الدنيا تتغير، وان حقبة» تأميم»تفكير
وحرية الناس قد ولت،وهذا حال انظمة
عربية عاشت عقودا من الزمن على «
ثنائية الاستبداد والفساد». لكن هؤلاء
الحكام يشعرون في الوقت الضائع ان
مكابرتهم تقودهم الى نهاية السقوط
المحتومة، كما يبدو النظام السوري هذه
الايام حيث يلفظ انفاسه الاخيرة،
بعدما عانى من عسر الفهم طيلة ثمانية
اشهر،لا يكاد يصدق ان شعبه أسقط حاجز
الخوف، وثار على دولته البوليسية وهي
مفاجأة أذهلت النظام واجهزته، الذي لم
يجد وسيلة للحوار غير القتل، وتوريط
الجيش السوري في حرب ضد شعبه!. بقي النظام يماطل ويراهن على الوقت لعل
عمليات الترهيب والقتل تسكت
الاحتجاجات، وكان يستخف بكل الدعوات
والنصائح والمناشدات لوقف القتل
والاستماع الى شعبه، ويماطل في
الاستجابة للمطالب بإجراء اصلاحات،
وبالمناسبة كانت المطالب في البداية
بسيطة لكن عنجهية النظام رفعت سقف
الاحتجاجات الى المطالبة برحيله
ومحاكمة رموزه.. الان شعر النظام أن «الفأس
وقعت في الرأس» بعد قرار الجامعة
العربية، تعليق عضوية سورية. خشية النظام ليس من الجامعة العربية، لكن
اتضح من ردود فعله المتوترة وتصريحاته
النارية ضد الجامعة بعد تعليق العضوية
انه بات يخشى من الخطوة التالية، وهي
ترحيل الملف الى مجلس الامن، كما حدث
مع الملف الليبي، لان الجامعة لا تملك
ارادة سياسية ولا آليات عمل للتدخل في
شؤون داخلية لدولة عضو، خاصة وان
الازمة تتعلق بتغيير النظام،وهو ما لا
يجيزه ميثاق الجامعة. بعد ساعات من كيل الشتائم للجامعة، اطلق
النظام السوري مبادرة يبدو انها تنطوي
على تراجع عن مكابرته وتقديم تنازلات،
فدعا الى عقد قمة عربية طارئة لبحث
الازمة السورية،وابدى استعداده
لاستقبال اللجنة الوزارية العربية
المكلفة بمتابعة الأزمة
السورية،مصطحبة معها خبراء ومراقبين
مدنيين وعسكريين ووسائل اعلام عربية
للتأكد على الارض من الالتزام بتنفيذ
بنود المبادرة العربية، وأهما سحب
الجيش من المدن ووقف عمليات القتل
والعنف واطلاق المعتقلين واجراء حوار
مع المعارضة،وكل هذه الاستحقاقات كان
يماطل النظام في تنفيذها خلال
الاسبوعين الماضيين، بل ان عمليات
القتل والترهيب ضد المواطنين تصاعدت،
وكأن النظام في سباق مع الزمن لعله
ينجح في انهاء الاحتجاجات، لكنه خسر
الرهان لانه لم يفهم شعبه!. ماذا يمكن ان يحدث في ربع الساعة الاخير؟
ان أخطر شيء هو وصول الملف الى مجلس
الامن بغطاء عربي، وهو امر بات مرجحا
وافصح عنه امين عام الجامعة نبيل
العربي في طرابلس تحت عنوان توفير
حماية دولية للمدنيين، ولان العقوبات
السياسية والمالية والدبلوماسية لم
تردع النظام، فان الخطوة المرتقبة هي
صدور قرار يتضمن اجراءات لحماية
المدنيين كما حدث في السيناريو
الليبي، يحال تنفيذها على حلف
الاطلسي، مثل فرض مناطق حظر جوي،
واقامة مناطق عازلة على الحدود البرية
كما يجري التخطيط له من جانب
تركيا،وعند ذاك لا شيء يمنع من شن
غارات جوية وتدخل عسكري مباشر، بكل ما
ينطوي عليه هذا الاحتمال من
سيناريوهات جهنمية تمتد الى المنطقة،
وتدخلات أطراف اخرى مثل اسرائيل وحزب
الله وايران. وحتى لا تضيع سورية بما تمثله من ثقل
استراتيجي عربي،فان ربع الساعة الاخير
يستوجب تغليب ما تبقى من حكمة، قبل
الذهاب الى مجلس الامن، ودراسة العرض
الذي قدمه النظام السوري، والحصول على
ضمانات جدية بالتزام النظام بالمبادرة
العربية باشراف عربي ميداني، وبدء
حوار فوري تكون نتائجه معروفة وهي
اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية
مبكرة، وانشاء نظام حكم جديد يقوم على
التعددية والحرية، وعلى الرئيس بشار
الاسد ان يختار بين بقائه في الحكم او
تدمير سورية!. ================= د. حسن البراري الرأي الاردنية 16-11-2011 في اجابة على سؤال افتراضي طرحتة
الاعلامية دو سيت من محطة بي بي سي
البريطانية يقول الملك عبدالله الثاني
بأنه لو كان مكان الرئيس بشار الأسد
لتنحى عن الحكم، وهذا التصريح ينم عن
بنية ذهنية غير دموية وهي ميزة للنظام
الأردني مكنته من التعامل مع الربيع
الأردني بشيء من الحكمة وان كان هناك
الكثيرون ممن يرون أن ما تم تحقيقه من
اصلاح غير كاف. غير أن البنية الذهنية للنظام السوري
مختلفة تماما، فالرئيس بشار ومن معه لم
يستوعبوا درس الربيع العربي بعد،
فسقوط ثلاثة أنظمة لغاية الآن- بعض
منها أكثر انفتاحا من نظام الأسد- لم
تقنع الأسد بأن العالم تغير وأن ثمة
صحوة سياسية عالمية آخذة في التشكّل،
على حد تعبير بريجنسكي. فلم يعد بإمكان
أي دولة عربية من الانقضاض على الشعب
بالطريقة الوحشية التي تجري الآن في
مدن سوريا. سادت في السابق نظرية تقول أن المعضلة
الديمقراطية في المنطقة العربية لها
علاقة بالصراع مع إسرائيل، فالأولوية
دائما كانت تتمحور حول تسليط الضوء على
ما تقوم به إسرائيل من جرائم ضد الشعب
الفلسطيني، وكان هناك دائما أنظمة
عربية ترى أن الأولوية هي للتصدي
لإسرائيل وهذا يتطلب ضبطا للوضع
الداخلي. المفارقة أن هذه الأنظمة
أخفقت في التصدي لإسرائيل وأخفقت في
الوقت ذاته في تحقيق الديمقراطية
وأفضت سياساتها إلى افقار للشعب. للأسف نظام الرئيس بشار الأسد ما زال يفكر
بأنه بإمكانه الاستمرار في عزف نفس
النوته، فهو نظام «مقاوم» وأيضا «ممانع»
وأن ما يجري من تظاهرات في المدن
السورية هو مؤامرة تحاك خيوطها في تل
أبيب وفي واشنطن. كلام ساذج لأن عاقلا
لا يمكن له أن يفهم الربط بين
الديمقراطية وحق الشعب في التحرر من
نير الديكتاتورية وبين مقاومة
إسرائيل، فهل يعني ذلك أن تحول سوريا
إلى بلد ديمقراطي يتداول فيه السوريون
السلطة سيفضي إلى انبطاح سوري
لإسرائيل؟! في المقابل هناك حماس من قبل أنظمة لم
تعرف طعم الديمقراطية، لتغيير النظام
السوري لأسباب سياسية، لذلك ربما يشعر
نظام الأسد بأن التحشيد والتجييش
السياسي الذي يجري في سياق ترتيب مع
قوى خارجية. لكن بعيدا عن هذا وذاك لا
يمكن التسامح مع القمع الوحشي للشعب
السوري الذي بات أكثر اصرارا على تغيير
نظامه الذي لم يعد يمثل أي شيء سوري. الملك في المقابلة يرى بأن هناك ضرورة لأن
يأخذ نظام الأسد زمام المبادرة حتى لا
تغرق سوريا في فوضى عارمة، فالأردن بلد
مجاور ولا يمكن له أن لا يعبر عن وجهة
نظرة في تشخيص ما يجري وفي اقتراح
حلول، فالأردن بات يبني سياسة خارجية
تجاه سوريا على افتراض أن نظام الأسد
زائل لا محالة، فالشعب السوري أقوى من
النظام الذي بات يعاني من عزلة دولية
وعربية وبات يشعر بأثر العقوبات
المفروضة عليه. ويبقى السؤال الأهم وهو
هل يرحل الأسد مقدما بذلك إنموذجا
جديدا في نهاية الأنطمة الديكتاتورية
في العالم العربي؟! ================= عروبة سوريا على محك
الجامعة العربية! الأربعاء، 16 تشرين الثاني 2011 ماجد أبو دياك السبيل القرار الذي اتخذته الجامعة العربية
بتعليق مشاركة الوفود السورية في
اجتماعات الجامعة إلى حين استجابة
دمشق لمطالب العرب المتمثّلة أساسا
بوقف استهداف المدنيين وسحب الجيش من
المدن، جاء ليشكّل ضربة للقيادة
السورية التي رفعت على الدوام شعارات
الوحدة العربية واعتبرت نفسها حامي
حمى العروبة، فإذ بها تجد نفسها الآن
معزولة عن الصف العربي إلى درجة دفعت
بعض قياديي حزب البعث إلى الكفر
بالعروبة والجامعة والدعوة لتغيير
شعار حزب البعث إلى أمة سورية واحدة
ذات رسالة خالدة. لقد نسي المسؤولون السوريون أن يقولوا
أنّ شعار حاكميهم كان ولا يزال هو
عائلة واحدة ذات رسالة خالدة، فأنّى
للمجرمين الذي ولغوا في دماء شعوبهم أن
ينتموا للعروبة، وأنّى لهؤلاء أن
يدافعوا عن حقوق الأمة أو حقوق شعبهم
وهم الذين يسومونه ألوان العذاب كل يوم. وقرار الجامعة لم يأت من فراغ، ولم يكن من
باب التجنّي وإن كان خضع لاعتبارات،
منها الضغوط والمطالب الأميركية لعزل
النظام السوري. ولكن القرار العربي تضمّن أيضا إدانة
مبطّنة للأنظمة العربية جميعها، والتي
تتفاوت وتتباين في طرائق إذلال
شعوبها، وهذه الأنظمة لم تشأ أن تتحرّك
لوحدها ومبكّرا لوضع حدّ لشلال الدم في
سوريا، فحسابات العلاقات الثنائية
والتخوّف من أن توجد الجامعة سابقة
لمحاسبة أعضائها، أو التخوّف من
انتقال الثورات إلى عقر دار هذه
الأنظمة، أعمى هذه الأخيرة عن الدفع
بقرار من هذا النوع للجامعة. أمّا قصة الضغوط الأميركية فهي موجودة
على كل الأصعدة السياسية العربية،
ولكن السؤال المطروح بقوة: من هو الذي
فتح الباب على مصراعيه للضغوط
الأميركية؟ أليست هي القيادة السورية
التي أعمت وأصمّت بصرها وبصيرتها عن
قبول النصائح العربية والاستماع
للمطالب الشعبية! أليس الرئيس السوري
من قال إنّ سوريا لا تشبه مصر أو تونس
أو حتى ليبيا! ألم يكن بالإمكان تحصين
الجبهة الداخلية لتعزيز الجبهة
الخارجية ومواجهة الضغوط الخارجية؟ لقد وجدت القيادة السورية نفسها معزولة
في إطارها العربي بعد أن عزلت داخليا،
لأنّها استرخصت الدم السوري وأسالته
في الشوارع ولم تراع حرمة لأعراض
السوريين وممتلكاتهم، تحت حجة مواجهة
ما تسميه العصابات المسلّحة، وكأنّ
معظم أبناء الشعب السوري هم عصابات
مسلحة تظهر فجأة في ظلّ نظام استبدادي
لم يكن يسمح حتى للآراء المعارضة أن
تعبّر عن نفسها فضلا عن أن يشكّل أحد
عصابات مسلحة تقود الشعب السوري إلى
الشوارع من شمالي البلاد إلى جنوبها
ومن شرقها إلى غربها! من المفارقات الغريبة أن يصبح معقل
العروبة خارج الصف العربي، ولكن من
الذي دفع بهذا الوضع سوى القيادة
السورية التي رفضت دعوة الجامعة
العربية لحقن دماء السوريين، لتتحوّل
دمشق من حصن للمانعة العربية إلى مسلخ
للمخلصين الممانعين من الشعب السوري
الذي دعموا موقف الممانعة، وكانوا
وقوده. قد يكون لقرار الجامعة العربية امتدادات
ذات بعد دولي تؤدي إلى تضييق الخناق
على القيادة السورية، ولكن قبل أن يحدث
هذا، على القيادة السورية أن تتجاوب
بالكامل مع مطالب الجامعة العربية
لأنّ ذلك يشكّل حصن النجاة الأخير لها،
ويؤدي إلى استبعاد التغوّل الدولي
والحصار الأممي الذي قد يتطوّر لأشكال
عسكرية لا يرغب بها أحد ولا يتمنّى
تكرارها في سوريا كما حصل في ليبيا. ================= من المسؤول عما آلت إليه
الأمور في سوريا؟ الأربعاء، 16 تشرين الثاني 2011
02:05 حمزة منصور السبيل صحيح أن سوريا الآن على مفترق طرق، وهي
مرشحة لكل الاحتمالات، بعد أن فقد
نظامها الشرعية الشعبية بسياسته
الدموية بحق شعبه، والغطاء العربي
بقرار الجامعة العربية بتعليق عضوية
الوفود السورية في اجتماعات الجامعة
العربية، ودعوة الجيش السوري للامتناع
عن ضرب المواطنين، واللجوء إلى
المنظمات العربية والدولية لحماية
المدنيين . لكن من المسؤول عما آلت إليه
الأمور؟ إن وحدة الشعب السوري واستقراره وسيادته
أهداف ثابتة نحرص عليها كل الحرص، ومن
أجل ذلك كانت مشاركتنا الفاعلة في
المهرجانات التي عقدت في الأردن
مساندة لسوريا في مواجهة التهديدات
الصهيونية والقرارات الأمريكية، كما
كانت مشاركتنا في وفد أحزاب المعارضة
الذي توجه إلى سوريا، واستجابتنا
لدعوة حزبية برئاسة الأمين العام
يومها الدكتور اسحق فرحان، وتوقيع
وثيقة تعاون كنا قد أعددنا مشروعها في
عمان قبل توجهنا إلى دمشق، وكانت
زياراتنا التضامنية، ومشاركتنا في
المؤتمرات العربية التي عقدت هناك،
ولقاءاتنا الرئيس السوري بشار الأسد
ضمن وفد الأمانة العامة للأحزاب
العربية، على الرغم مما سمعنا من لوم
وتقريع من بعض ذوي القربى. كل ذلك تم
لقناعتنا بأن سوريا مستهدفة، ولم تحل
جرائم النظام بحق جماعة الاخوان
المسلمين في ثمانينيات القرن الماضي
التي بلغت حد التطهير الديني، ومواقف
النظام يوم اصطف في معسكر حفر الباطن
في مواجهة العراق دون التواصل مع
النظام السوري حين أدركنا خطورة
التهديدات الخارجية. وكنا صرحاء في
حديثنا مع رئيس الدولة، حيث قلنا له
على لسان كاتب المقال: "نحن مع سوريا
في مواجهة أي تهديد خارجي بغض النظر عن
موقفنا من النظام، لأن دمشق تعني لنا
واحدة من أعظم حواضر العالم العربي
والإسلامي، وأن ما يتهددها يتهددنا،
ولكن الذي يحمي سوريا هم أبناؤها، وهذا
يستوجب إشعارهم جميعاً بالمواطنة،
وإعطاءهم حقوق المواطنة كاملة غير
منقوصة". ولم نجد استجابة لهذا المطلب الذي تكرر
على ألسنة الكثيرين من الأردنيين
والفلسطينيين والسودانيين
واللبنانيين. وحين اندلعت الثورة السورية في منطقة
حوران، على إثر الجريمة المنكرة بحق
الأطفال الأبرياء؛ توجهنا الى السفارة
السورية في عمان، وتحدثنا مطولاً مع
السفير السوري، وسلمناه مذكرة تطالب
بإصلاحات حقيقية، على غرار تلك التي
نطالب بها في الأردن. ولكن النظام
السوري لم يصغ إلى نصح الناصحين، ولم
يدرك حقيقة التحولات التي تشهدها
المنطقة، ولم يفهم طبيعة الشعب
السوري، فأطلق يد رجال الأمن والقوات
المسلحة والشبيحة ليعيثوا في الأرض
فساداً، فكانت مشاهد القتل والاعتقال
والتعذيب واللجوء والقصف المدفعي براً
وبحراً مشاهد صادمة لكل ذي مروءة، حتى
ضاق الناس ذرعاً بمواقف الجامعة
العربية، واتهموها بالتواطؤ مع النظام
السوري، إلى أن جاءت مبادرة الجامعة
العربية بسحب القوات المسلحة من
المدن، والتخلي عن المعالجة الأمنية،
وإطلاق سراح المعتقلين، والجلوس على
طاولة المفاوضات مع ممثلي الثورة
السورية. وقد شعر الكثيرون ونحن منهم بقدر من
الارتياح حين استجاب النظام السوري
للمبادرة، ولكن خيبة الأمل عادت
سريعاً، حين ارتفعت وتيرة القتل
والحصار والعقاب الجماعي، ولم نجد
تفسيراً لذلك إلا الاستخفاف بدماء
السوريين وممتلكاتهم، وبقرار الجامعة
العربية. فلم يعد أمام الجامعة العربية
إلا الاستجابة لنداء الدم والمعاناة
والمكابدة. إن الجامعة العربية لم تغلق الباب
تماماً، وإنما أبقته مواربا إلى
السادس عشر من هذا الشهر، ليثبت النظام
السوري مدى جديته في احترام مبادرة
الجامعة العربية بوقف العنف الرسمي،
والدخول في حوار جدي يستجيب لمطالب
الشعب السوري. وبغير ذلك فإن النظام السوري يتحمل
المسؤولية كاملة عن مآلات الأمور. ================= الحالة السورية: يسقط
العالم.. يسقط كل شيء... نائل بلعاوي 2011-11-15 القدس العربي هو الشعار
الاعلى وقعا وصدقاَ، والاكثر قدرة على
تمثيل اللحظة الدموية هذه، وما تحمله
من قباحة وقلة اكتراث: يسقط العالم،
لأن سادته يغضون الطرف تماما: عن وجع
ادمي تواصل نزفه على امتداد الشهور
الثمانية الاخيرة. ويسقط كل شيءٍ لا
يرى في هذا الحراك السوري البديع طوقاَ
للنجاة من براثن القتلة.. وتسقط اشياء
اخرى، لم اتمكن، خلال االلقطة السريعة
على شاشة التلفاز، من التقاط حروفها
فوق اليافطة؟ لم تكن تلك اليافطة / في حمص على الاغلب /،
عادية المحتوى. والاشارة. بل، هي،
وبدقيق العبارة: ما تقوله الحالة
السورية الآن عن نفسها، ما تحذر من
تجلياته وسطوة عواقبه.. فحين يصل
الثوار الى فكرة رسم مثل تلك الكلمات
الحزينة الغاضبة ورفعها، في مقدمة
التظاهرة، تكون العذابات قد طالت
السماء. تكون الفضيحة المتواصلة قد
تجاوزت الممكن والمحتمل وحسابات الدول
وقرارات مجلس الامن واجتماعات العرب
ومشاكل المعارضة. وتكون الجريمة التي
بدآت، بلا رحمة او مثلها، قد اكتملت،
وما علينا الآن / نحن هذا العالم / سوى
مواصلة البكاء / عديم الجدوى /، والسير
خلف الجنازة من بعيد، حيث سيودع
الاطفال هناك قبورهم، وتدفن الحيوات. يسقط العالم اذاَ، وهو يواصل دور المشاهد
الغريب، ولا يكترث للفصول الكارثية في
المسرح السوري، وينتظر: هذا القرار
العقيم وذاك، هذي الحماقات وتلك، ولا
يدرك: / لعله يدرك /؟ ان لحظة الحسم
المنشودة لن تجيء من جوف السماء... لن
تقف الصدور البريئة عارية، الى ابد
الابدين، امام جحيم الموت.. ولن نصحو
غدا لنرى الرئيس البليد امام القضاء،
فقد ادرك الطغاة في دمشق بآن العالم
هذا لا يآبه لدماء شعبهم المستباح.. وان
عليهم / هكذا فهموا الرسالة / ان
يواصلوا القتل الكريه، فهناك من سيرفع
فيتو الحسابات الرخيصة في وجه الحياة.
وهناك من لا يكف، في الداخل والخارج،
عن التغني بآمجاد الحصن الاخير
للقومية البائسة والمقاومة
المُتخيلة، وهناك من يخرج على الناس،
حيث يُقتلون تماما، ويحكي، مثل ببغاء
قليلة الذكاء، عن دستور قادم وبلاد
سعيدة. لماذا لا يسقط العالم الوحشي اذا .. ولما
لا يكون السقوط لكل شيء ايضا.. ما على
السوري لو نادى، اليوم والغد، بهذا
السقوط المُستحق.. وما عليه لو طالب،
اليوم والغد وفي كل وقت، بحلول ناجعة
وسريعة لهذا التيه.. الحلول الاخيرة
الممكنة، تلك التي نكف عن النطق بها
لاسباب عجيبة، ولا نكف عن الصلاة من
اجل قدومها: حلول التدخل الخارجي؟ يدرك من وضع الشعار الحزين على اليافطة،
بآن شعاره المدوي ذاك، ليس دعوة مباشرة
للتدخل الخارجي فحسب، بل هو الحث
الغاضب على الاسراع في ذاك التدخل
ايضاَ، فقد تآخر العالم كثيرا، وعلى
العكس تماما من تدخله السريع ضد القبيح
في ليبيا، على العكس من رسالته الواضحة
الى المخلوع المصري:/ ارحل تعني الأمس
وليس اليوم /.. وعلى العكس من رغبة الغرب
المعلنة بآدارة مصالحه الحيوية في
المنطقة برؤية جديدة، تمتص روح افكار
التحرر السائدة لديه، وتكف عن التصفيق
لكل ما هو غير اخلاقي، او انساني، في
العالم العربي البائس هذا. تعبنا، يقول الشعار ومن سعى للبوح به..
تعبنا، من القتل اليومي، وانتهاك
المقدس الاعلى: الحياة. تعبنا من
المقال والقصيدة والصراخ على الشاشات
ونوافذ الفضاء، ولا نريد سوى التدخل
الفوري، لانقاذ، ما يمكن انقاذه منا،
فلا يعقل، او يجوز، ان نواصل سعينا
السلمي لاسقاط الالم واعلاء شآن
الحرية المشتهاة.. وحدنا.. وحدنا: امام
هذا المارد المتوحش الوضيع... في مواجهة
لحظية مع ما لديه من قدرات عسكرية / لم
نسمع بها من قبل/ ؟.. في صراع كريه مع
تعاويذه البالية، وافكاره التي انتجت /
حين تآلقت /: الشبيحة، وعملاء الامن
الجدد، ورجال الفرقة الرابعة، وغير
ذلك من مرتزقة، ناهيك عن دعاة القتل في
القنوات السوداء وبعض الصحف. تعبنا، يقول السوري الآن، وما هذا الشعار
على اليافطة، سوى العنوان الكبير
لفكرة حان وقتها، وجاء موعد الدعوة،
بلا خجل او اوهام اليها.. ولماذا الخجل
اصلاَ .. هل خجل النظام وهو يذبح اطفاله..
هل سيخجل في القادم من الايام حين يمعن
في ذبح اطفاله؟ فلماذا الخجل، ولما،
هذا التخوف المرضيً من عواقب التدخل
الخارجي.. الدى السوري ما يخشى عليه سوى
الحياة: وها هي تصادر بوحشية وطنية
اصيلة.. الديه غير الكرامة الانسانية:
وها هي تنتهك على يدي الدولة الوطنية
العظيمة؟؟ ليس لدى السوري سوى الحياة، ولا مفر لديه،
غير الدفاع المستميت عنها، كما يفعل
اليوم والامس. وليس امامنا: نحن هذا
العالم المتفرج، سوى الامعان مجددا في
شعار اليافطة.. سوى مدً ذاك الشعار على
استقامته، لنقرآ بين سطوره: يسقط
العالم، حين لا يخطو خطوة وحيدة صارمة
من اجل انقاذنا... ويسقط كل شيء: حين لا
يٌعلي، كما نُعلي نحن اليوم، قرب
الموت، من قدسية الحياة. ================= سيادة الدول العربية
على محك مبدأي «لا تقتل» و«مسؤولية
الحماية» الاربعاء, 16 نوفمبر 2011 مارك لينش * الحياة لا يُنتظر من مشروع تعليق عضوية سورية في
الجامعة العربية أن يحمل نظام الأسد
على العدول عن نهج العنف. لكن إقرار هذه
الخطوة لا يستهان به وهو يبعث على
الدهشة. فلم يعهد العالم من قبل أن يجمع
قادة العرب على أن شرعية نظام عربي
تسقط إذا أقدم على قتل عدد كبير من
أبناء شعبه. ويغفل المراقبون أهمية المعيار الجديد
الذي بدأ يرتسم في المشهد الإقليمي
العربي: إدانة قتل النظام أبناءه. ومنذ
أيّدت الجامعة العربية قرار التدخل
الأممي في ليبيا في آذار (مارس) الماضي،
دارت المناقشات السياسية العربية على
فكرة محاسبة النظام على سفك الدماء،
ووجدت سنداً لها في قرار الجامعة
العربية «الليبي». وتدين خطة مجلس
الدول الخليجية السياسية الانتقالية
في اليمن ويدين قرار الجامعة العربية
تعليق عضوية سورية عنف النظامين
السوري واليمني. وهما في مثابة دعوة
إلى التغيير السياسي. وعلى رغم أن
الخطوتين لم توقفا عجلة العنف إلى
اليوم، يترتب عليهما أثر كبير في
المنطقة. فما يدان اليوم في العالم العربي كان
سائراً في العقود الماضية. ففي
السبعينات، رمت حوادث أيلول (سبتمبر)
الأسود في الأردن إلى الحفاظ على
المملكة. وفي الثمانينات لم يفقد حافظ
الأسد شرعيته العربية يوم دمرت قواته
حماه على رؤوس أهلها في 1982. ولم يواجه
صدام حسين عقوبات أو إدانة نتيجة شنه
حملة إبادة على الأكراد في أواخر
الثمانينات. ولم يرف جفن للعرب إزاء
مجازر دارفور قبل أعوام قليلة،
وانشغلوا بقضايا مثل معاملة إسرائيل
الفلسطينيين ومعاناة العراقيين نتيجة
العقوبات الدولية في التسعينات. لكن
مدار الانشغال هذا هو على عدوان قوى
خارجية ولم يشمل يوماً قمع القادة
العرب شعوبهم. وطوال عقود، كان رفض
الاحتكام لمعيار خارجي - دولي في تقويم
شرعية النظام ركنَ سيادة الدول
العربية. والحق أن قادة المنطقة لا ينظرون بعين
الأسف أو الندم إلى مجافاة سياساتهم
السابقة الأخلاق. فالواحد منهم يقمع
المعارضين وهو قد يلقى مصير نظرائه
التونسي والمصري والليبي في المستقبل
القريب. ولكن هل يسع بعد اليوم الأنظمة
العربية أن تضمن ألا تلقى بعد اليوم
مصير دمشق وصنعاء وطرابلس وألا توجه
إليها أصابع الإدانة إذا أرسلت قوات
عسكرية لقمع متظاهرين سلميين؟ والأغلب
على الظن أن الرؤساء العرب لم يحسبوا
أنهم يرسون سابقة من نوعها يوم أدانوا
القذافي ودخلوا في مواجهة معه. لكن
حسبانهم هذا لم يكن في محله. والأرجح أن
حاديهم يومها كان الكراهية الشخصية
إزاء العقيد الليبي أو تحقيق مصالح
إقليمية، وحسبوا أن معيار المحاسبة
الجديد يرفع في وجه من هم خارج بنية
التحالف الغربي، أي سورية وليبيا،
فحسب. لكن التدخل في ليبيا أرسى
معياراً أخلاقياً سياسياً وساهم في
صوغ لغة احتجاج سياسية عربية. ومارد
المعيار هذا خرج من القمقم، وصار
الحؤول دون الاحتكام إليه عسيراً. ففي دوائر العلانية العربية تعلو أصوات
التنديد بأعمال القمع، وتسلط المنظمات
غير الحكومية والناشطون الشباب
والإعلاميون في مواقع مستقلة والصحف
وقناة «الجزيرة» الضوء على انتهاك
حقوق الإنسان. ولا يسع أحداً نفي وقوع
أعمال العنف في وقت تغرق الإنترنت بدفق
من شرائط فيديو توثقها (الأعمال هذه). والحق أن القادة العرب يتوسلون اليوم لغة
المعايير الدولية، ويرفضون مبدأ
الإفلات من العقاب. والتزام هذه
المعايير، ولو كان التزاماً ضعيفاً،
يخلف أثراً في العلاقات الدولية ويغير
وجه السياسة في العالم العربي: إمكان
اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية،
وفرض عقوبات أممية، وتعليق العضوية في
جامعة الدول العربية، والتدخل العسكري.
ولا يستهان بأثر احتمال أن تستجاب دعوة
المجلس السوري الوطني أو ناشطين
يمنيين إلى حماية دولية في الحسابات
الاستراتيجية. وبرز أخيراً خطاب دولي جديد يتناول مبدأ
مسؤولية الحماية. فقرار الأمم المتحدة
1973 منح ال «ناتو» تفويضاً واضحاً
للتدخل في ليبيا، على رغم الطعن فيه
وفي أنه وسّع ليشمل تغييرالنظام
والتدخل العسكري. ويزعم بعضهم أن مبدأ
مسؤولية الحماية يتستر على نزعات
إمبريالية استعمارية ويؤجج النزاعات
الأهلية. وقد يشوب تطبيق مبدأ مسؤولية
الحماية ازدواج المعايير وقد لا يلتزم
في بعض الحالات شأن غيره من المبادئ
الدولية. لكن النظام العربي الإقليمي
تغير في عام واحد وارتقى من نظام يرفض
تقييد سيادة الدولة إلى نظام يقبل
إجماع الرأي العام العربي وجامعة
الدول العربية على تجميد أرصدة
الزعماء وحملهم على التنحي أو
محاكمتهم أمام محكمة الجنايات الدولية
نتيجة سفك الدماء. * معلق وأستاذ في جامعة جورج
واشنطن، عن موقع «فورين بوليسي»
الأميركي، 11/11/2011، إعداد منال نحاس ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 16-11-2011 لافت أنه لم يصدر - حتى كتابة هذا المقال -
أي موقف رسمي إيراني تجاه قرارات
الجامعة العربية الخاصة بسوريا، على
الرغم من مرور قرابة خمسة أيام على تلك
القرارات التي أفقدت النظام الأسدي
صوابه، وعلى الرغم من أن حزب الله وصف
الجامعة العربية ب«العبرية»! واللافت أكثر - حسب ما كشفت صحيفة ال«ديلي
تليغراف» البريطانية - أن لقاءً تم بين
أطراف من المعارضة السورية والنظام
الإيراني؛ حيث يبدو أن طهران - كما هو
متوقع - قلقة على مصالحها في حال سقط
نظام بشار الأسد، وتريد التعرف على
ماهية المعارضة السورية، وتوجهاتها.
وهذا أمر طبيعي ومعتاد من الإيرانيين،
خصوصا أن لطهران مصالح حقيقية ستتضرر
بشكل كبير عند رحيل الأسد؛ حيث سيعتبر
ذلك الأمر بمثابة الإعلان الرسمي عن
فشل مشروع تصدير الثورة الإيرانية،
ناهيك عن فشل السياسة الخارجية لطهران
ككل. وما يستحق التأمل هنا أيضا، وعطفا على
أخبار تواصل إيران مع أطراف في
المعارضة السورية، أنه كان هناك جدل
سياسي في المنطقة أوائل اندلاع الثورة
السورية، مفاده أنه في حال وقف العرب
مع بشار الأسد في هذه الأزمة، فقد يعيد
حساباته في العلاقة مع إيران، وربما
يعود الأسد إلى عمقه العربي، لكن
الواضح اليوم أن طهران هي من قرر فتح
جسور التواصل مع المعارضة السورية؛
لأنه يبدو أن إيران لم تعد واثقة من
إمكانية بقاء النظام الأسدي. وهناك معلومات مهمة، غير مؤكدة حتى الآن،
لكنها منطقية، تستحق التأمل، خصوصا
بعد ما كشفته الصحيفة البريطانية عن
لقاءات إيرانية مع بعض أطراف المعارضة
السورية، وتقول تلك المعلومات إن هناك
تحركات تقودها شخصيات قيادية من حماس
للتوسط من أجل عقد لقاءات بين إيران
والإخوان المسلمين في سوريا من خلال
وسطاء سودانيين، وإن تلك المفاوضات
تتم بهدوء تام، وبعيدا عن الأعين، وذلك
من أجل أن يُطمئن كل طرف منهما الآخر
حول نواياه في المرحلة المقبلة، أي
مرحلة ما بعد بشار الأسد. ما سبق يعني أنه بمقدار ما تشعر إيران
بالخطر على المرحلة المقبلة، مرحلة ما
بعد الأسد، إلا أنها باتت تدرك أن عمر
النظام الأسدي قد شارف على الانتهاء؛
لذا فإن صمت طهران حيال القرارات
العربية، والحديث عن مفاوضاتها مع
أطراف من المعارضة السورية، يوحيان
بأن إيران باتت قلقة على مصالحها في
المنطقة، وباتت تشعر أنها، أي طهران،
قد وصلت لمرحلة تقليم الأظافر، بل وقطع
الذيل. ويتجسد ذلك من خلال سقوط النظام
الأسدي الذي سيعني أن جل المنافذ قد
سُدت على حليف إيران بلبنان، حزب الله.
كما أن حجم وتأثير التغيير المقبل في
سوريا سيكون له أثر كبير على العراق،
ويفترض أن يكون إيجابيا. فحينها لن
يكون بمقدور إيران مد جسر فارسي من
طهران مرورا بالعراق، ومن سوريا إلى
لبنان؛ حيث يصبح لطهران ميناء على
البحر المتوسط. ومن هنا، يجب أن نتأمل أمرا مهما، هو: كيف
ترتبك إيران وعملاؤها في المنطقة،
بينما النظام الأسدي لا يزال يترنح؟
فكيف سيكون حال طهران، إذن، بعد رحيل
الأسد؟ ================= عادل الطريفي الشرق الاوسط 16-11-2011 سئلت مارغريت ثاتشر مرة فيما إذا كان من «الذكاء
السياسي» أن يستدعي الزعيم أي أزمة
مقبلة مبكرا بمواجهتها بدل الانتظار،
ردت بعد صمت قصير: «في غالب الوقت نعتقد
أن الذكاء السياسي – الاستباقي - لا
ينتهي كذلك، كل حركة استباقية لها رد
فعل آني يتوهم المرء معه الذكاء، لكن
الأهم هو ما يحدث بعد ذلك كرد فعل بطيء،
لكنه طويل الأمد». ربما كان يجدر بالرئيس السوري بشار الأسد
أن يدرك أن استعداء الآخرين قد يبدو
سياسة «ذكية» فور تدمير قنوات الاتصال
مع العالم الخارجي، والاعتداء على
الدبلوماسيين والسفارات الأجنبية،
ولكن ما إن يستشعر عزلته حتى يدب فيه
الخوف والارتباك. لقد قامت الجامعة
العربية، في خطوة تاريخية، بتجميد
عضوية سوريا، بل وذهب البيان العربي
إلى الحد الذي طالب معه الجيش السوري ب«عدم
التورط في أعمال العنف والقتل ضد
المدنيين»، وهي رسالة قُرئت على أن
أغلبية أعضاء الجامعة لم يعودوا
ينظرون إلى نظام البعث في سوريا كممثل
شرعي للدولة السورية، ولعل هذا ما حدا
بالعاهل الأردني الملك عبد الله
الثاني إلى توجيه رسالة مباشرة للرئيس
الأسد في مقابلة مع هيئة الإذاعة
البريطانية (بي بي سي) بقوله: «أعتقد
أنني لو كنت مكانه لتنحيت». إن أخطر سلاح ضد أي نظام هو سقوط شرعيته في
الخارج؛ لأنه إذا بات هناك شبه إجماع
على عدم الاعتراف بنظام سياسي فإنه لا
مجال حينئذ لنجاته. لقد قام النظام
السوري، منذ بداية الأزمة، باستعداء
الولايات المتحدة، والاتحاد
الأوروبي، وبعد ذلك لم تبقَ دولة
خليجية أو عربية إلا ووجه لها السوريون
أقذع الألفاظ والاتهامات، والآن لا
يبدو أن دمشق قد استوعبت الدرس الليبي
جيدا؛ فالسبب الرئيسي وراء الانهيار
المدمر لنظام القذافي كان في وجود
إجماع دولي وإقليمي على التخلص منه حين
بدا الأمر ضروريا. لقد حاول الرئيس بشار أن يناور بشتى
التكتيكات المتاحة، حتى أصبحت الأصوات
الصادرة من دمشق متضاربة، وتعكس
ارتباكا كبيرا داخل مؤسسة الحكم؛ إذ
يبدو أن موظفي النظام لم يعودوا يعرفون
ما يحدث بعد أن أصبح القرار كله بيد
العناصر الأمنية. خلال الشهور الثلاثة
الماضية، حاولت الآلة الإعلامية
للنظام في سوريا ولبنان تطمين عناصرها
وحلفائها عبر ترديد عبارة أن «الأزمة
قاربت على الانتهاء»، وعبر التأكيد أن
النظام يتعمد ألا يزيد عدد القتلى في
اليوم الواحد على بضع عشرات، متوهمين
أن تكرار هذه الأوهام يغير من معادلة «الحرب
النفسية» القائمة على الاصطفاف
الطائفي والعرقي. أيضا، يبالغ المعتذرون عن دمشق بالتخويف
من أن سوريا لم تستخدم بعدُ أوراقها
المهمة، محذرين في الوقت نفسه من أن
الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله في
لبنان، والحلفاء في العراق وغزة،
والخلايا النائمة في الخليج، لم يتم
اللجوء إليهم بعد، وتمضي الدعاية
السورية إلى حد التهديد بإشعال
المنطقة كما هدد الرئيس السوري في حوار
سابق. في الواقع، سوريا اليوم هي بلد مكسور
ومحطم - من دون تهديدات الرئيس - لأنه لا
يمكن إصلاح الشرخ الطائفي والاجتماعي
الذي تسببت به الأحداث الأخيرة،
ومشكلة الرئيس وعناصر نظامه أنهم إنما
يقاتلون بعد أن انعدمت الحلول بالنسبة
لهم؛ فهم يدركون جميعا أنه لم يعد
بيدهم إلا خيار القتال؛ لأن السيناريو
الآخر هو انهيار حزب البعث ومؤسساته
كما في العراق 2003، أو لجان القذافي
الشعبية في 2011. لا شك أن خيار القتال حتى انهيار المعبد
ليس ذكاء سياسيا، لقد فرط الأسد ونظامه
بجميع الفرص المتاحة لعبور الأزمة،
ورفض تقديم تنازلات «شكلية» فانتهى به
المطاف محاصرا، وتحت تهديد التدخل
الدولي، إما بفرض منطقة عازلة، وإما
بحظر الطيران، وكلاهما قد يمهد
لإسقاطه. ولكن ماذا عن صدقية تهديدات
نظام الأسد بالحرب الأهلية، وإحراق
المنطقة، والتلويح بأسلحة حلفائه
الإيرانيين واللبنانيين؟ الرئيس بشار مصيب في أن المنطقة قد تتعرض
للضرر الكبير في حال سقوط نظامه، وأن
الحرب الأهلية محتملة لانعدام
الضمانات والتوافق بين الطوائف، ولا
شك أن حلفاءه سيتدخلون ما أمكنهم
لمساعدته ومعاقبة الآخرين على التدخل
في سوريا، ولكن ما يخطئ الرئيس بشار في
فهمه هو أنه بالتهديد بهذا السيناريو
قد مهد لفكرة أن نظامه قد يسقط على
الرغم من كل المحاولات التي يبذلها،
وأن مرحلة «ما بعد الأسد» ممكنة حتى إن
كانت مظلمة ومزلزلة. الساعة الرملية للنظام السوري قد بدأت -
كما يقول الكاتب مشاري الذايدي - و«حبات
الرمل تنزل دون توقف من الأعلى إلى
الأسفل»، والسؤال المهم هو فيما إذا
كان حلفاء سوريا في الحرس الثوري
الإيراني أو حزب الله اللبناني
سيقاتلون من أجله، أم يضحون به لحماية
مصالحهم؟ في كتابه «سوريا وإيران.. التحالف
الدبلوماسي وسياسات القوة في الشرق
الأوسط»، يروي جوبن غودرزي (2009) أن
الرئيس الراحل حافظ الأسد واجه في
أكتوبر (تشرين الأول) 1987 أزمة كبيرة
حينما طالبت الأكثرية في الجامعة
العربية باستصدار قرار عربي يطالب
الدول الأعضاء بقطع العلاقات مع
طهران؛ فمن جهة دفعت الأعمال
التخريبية التي قادها عناصر من الحرس
الثوري الإيراني في مكة في شهر يوليو (تموز)
إلى موقف عربي (سني) موحد تجاه ما
اعتبروه اعتداء على المقدسات، يضاف
إلى ذلك أن العراق كان يواجه تراجعا
على جبهة الحرب مع إيران، مما دفع
العراق إلى تخويف الدول العربية من أن
أراضي عراقية قد تسقط في حال استمرت
إيران في رفض مشروع مجلس الأمن لوقف
إطلاق النار، وتوتر الموقف أكثر بعد أن
تورطت إيران في إغراق ناقلة نفط
كويتية، والاصطدام بقطع من البحرية
الأميركية في الخليج. أمام الضغوط الكبيرة، أعلن حافظ الأسد
مقاطعة قمة عمان - نوفمبر (تشرين الثاني)
1987 - التي كانت مخصصة لمناقشة العلاقات
العربية - الإيرانية، ما لم تتم مناقشة
التهديدات الإسرائيلية، ودعم
المقاومة الفلسطينية. ذهب العاهل
الأردني الملك حسين حاملا رسالة من
الخليجيين مفادها أن المعونات
الاقتصادية إلى سوريا سوف تتوقف في حال
قاطعت سوريا القمة، أو سعت إلى تعطيل
قرار إدانة التعديات الإيرانية في
المنطقة، وأضاف أن العراق يقود حملة
لإعادة مصر إلى الجامعة، مما يعني أن
مقاطعة سوريا للقمة قد تؤدي إلى تجميد
عضويتها مستقبلا في تحالف عراقي –
مصري - خليجي. يقول غودرزي: إن حافظ الأسد استوعب
الأزمة؛ حيث فاجأ الجميع بتغيير وزاري
في رسالة مفادها أن سوريا على وشك
تغييرات كبيرة، ثم اتصل بالإيرانيين
ليقول لهم إن سوريا، خارج «الجامعة
العربية»، لا تستطيع أن تخدم إيران،
وإن عليهم أن يدركوا أن بقاء سوريا
داخل «الجامعة العربية» حتى مع صدور
قرارات إدانة لإيران فيه حماية
للمصالح الإيرانية على المدى البعيد. تخلى حافظ الأسد عن تهديده بمقاطعة
القمة، وحضر إلى عمان ليلقي خطابا
تجاوز فيه الساعتين عن رؤيته للعمل
العربي المشترك، وتمكن، بمهارة، من
ابتلاع كبريائه والجلوس إلى خصمه
اللدود صدام حسين، ذلك كله من أجل
امتصاص الضغوط بخصوص علاقاته بطهران،
وعبور الأزمة مع الخليجيين. ما بين الرسالتين الأردنيتين للرئيس بشار
الأسد وأبيه أكثر من ربع قرن، لكن ثمة
تشابها بين الحالتين. لقد كان الأسد
الأب يدرك أن أهمية سوريا بالنسبة
لإيران تكمن في كون سوريا جزءا فاعلا
في السياسة العربية، وما يبدو أن الأسد
الابن عاجز عن فهمه هو أن سوريا
المعزولة عربيا والمجمدة إقليميا قد
لا تساوي التضحية بالنسبة لإيران
وحلفائها. مؤخرا، حاول بشار الأسد تصحيح كارثة «التجميد»
عبر الدعوة إلى عقد قمة عربية طارئة
لعله يستعطف بعض القيادات العربية
ليشتري المزيد من الوقت، لكن يبدو أن
جرة الفخار الشامية قد كسرت. قد تثبت الأيام المقبلة أن ما تم تسويقه
بوصفه «ذكاء سياسيا» طوال العقد
الماضي من حكم الرئيس الأسد لم يكن إلا
جبلا من الأوهام. ================= الجامعة العربية تنفصل
عن ماضيها وتعلق عضوية سوريا ديفيد إغناتيوس الشرق الاوسط 16-11-2011 أبوظبي – ثمة عدالة كبيرة في قرار جامعة
الدول العربية بتعليق عضوية سوريا،
وهي الدولة التي ظلت تعمل على مدى
سنوات طويلة لكي تجعل الجامعة العربية
بمثابة مقر للأكاذيب ومصدر لحماية
الديكتاتوريين. لقد كانت سوريا بطلا لشعارات «العروبة»
الرنانة التي كانت جامعة الدول
العربية بارعة فيها للغاية. إنها
العروبة التي دعمت الديكتاتوريات
العسكرية التي أجبرت الدول على البقاء
في مكانها ونددت بفشل إسرائيل في حل
القضية الفلسطينية، في الوقت الذي
عاملت فيه الدول الأعضاء في الجامعة
العربية اللاجئين الفلسطينيين داخل
حدودها بصورة بائسة وعلى أنهم أناس من
الدرجة الثانية. أنا لا أقول هذا لتبرير السياسات
الإسرائيلية، ولكن لأوضح أن بعض الدول
الأعضاء في الجامعة العربية كانوا
منافقين. لقد عاش نظام الأسد في سوريا وهو يردد
شعار القومية العربية، أو على الأقل
يجد غطاء يساعد حزب البعث الفاسد
والضعيف على البقاء في السلطة. لقد وصل
جنرال في سلاح الجو اسمه حافظ الأسد
إلى السلطة إثر انقلاب في عام 1970 من
خلال التلويح ب«مؤهلاته» العربية التي
ساعدت على إخفاء حقيقة أنه - مثله مثل
كثير من الضباط - كان واحدا من الأقلية
العلوية التي كانت تتمتع بالقوة في
القوات المسلحة وتحظى بكره شديد من
جانب الغالبية السنية. وقد بعث الرئيس حافظ الأسد بقواته إلى
لبنان في عام 1976 لنزع فتيل الحرب
الأهلية اللبنانية في ما كان يسمى «قوة
الردع العربية» التي أقرتها الجامعة
العربية. ومن المفيد - لفهم سياسة
الأقليات في المنطقة - أن نتذكر أن
الأثر العملي لهذا التدخل السوري هو
إنقاذ المسيحيين الموارنة الذين كانوا
يقاتلون الفلسطينيين وتحالفا من
المسلمين السنة والدروز. وبمجرد أن وصل السوريون إلى لبنان، مكثوا
هناك لكي يتمتعوا بالغنائم، إلى أن تم
طردهم بناء على مطلب شعبي بعد اغتيال
رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في
عام 2005، وهي الجريمة التي نسبت في
البداية إلى السوريين إلى أن صرح أحد
محققي الأمم المتحدة بأن حزب الله هو
من يقف وراءها. وإذا ما نظرنا إلى
الوراء، يمكننا القول بأن «حركة 14 آذار»
التي طردت السوريين قبل 6 سنوات كانت هي
بداية ما نسميه الآن بالربيع العربي. وللمفارقة الغريبة، فإن السوريين، الذين
رفضوا منذ عقود ترسيم حدودهم مع لبنان (بحجة
أنها كانت في الحقيقة جزءا من سوريا
الكبرى)، هم من يقومون الآن بتلغيم تلك
الحدود. وأقتبس هنا مقولة السير والتر
سكوت: «ما إن نبدأ في خداع أنفسنا، حتى
ننسج حولنا شبكة شديدة التعقيد». لم يكن بشار الأسد بارعا في التعامل مع
الجامعة العربية كوالده. فربما يفتقر
إلى موهبة إلقاء الخطابات الكبيرة
الجوفاء التي تعتبر الصفة المميزة
لمثل هذه الاجتماعات. كما أنه أثبت أنه
رجل يعد بأشياء لا يستطيع أن يفي بها،
وقد تمثل ذلك في الإصلاحات التي وعد
بها في حزب البعث والتغيير الدستوري،
وهو خطأ لم يرتكبه والده يوما. لقد كان
حافظ الأسد، يحظى سرا بإعجاب وزير
الخارجية الأميركية السابق هنري
كيسنجر بل وحتى الإسرائيليين، وذلك
لأنه إذا ما وعد بشيء، فهو لا ينكث به
أبدا. وكان بشار على النقيض من ذلك. فقد وعد
بالقيام بإصلاحات وفقا لتوصيات لجنة
الوساطة التابعة للجامعة العربية التي
تم إرسالها إلى سوريا الشهر الماضي،
وهو ما كان من الممكن أن يكون بمثابة
شريان الحياة لنظامه. لكن، ورغم وعوده -
التي تشبه الوعود التي يقوم بها منذ
شهر فبراير (شباط) الماضي - استمرت
قواته في قتل المتظاهرين السوريين،
وهو ما يوضح أنه إما أن بشار كاذب أو
أنه لا يستطيع السيطرة على جيشه. وهو
أمر ليس لصالح بشار على أي حال. وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قامت الجامعة
العربية بتجميد عضوية النظام السوري
ودعت إلى عقد اجتماعات مع المعارضة
السورية، وذلك للتوصل إلى «وجهة نظر
موحدة للفترة الانتقالية القادمة».
وكعادته، دعا الرئيس السوري إلى عقد
اجتماع طارئ للجامعة العربية، وذكر أن
هذا القرار ما هو إلا جزء من مخطط أجنبي
لغزو سوريا. ولقد أصبح التواري عن الشعب وإلقاء
اللائمة في المشاكل الداخلية على قوى
خارجية شريرة تتحالف عليك مع الغرب،
بمثابة أمر معروف داخل أروقة الجامعة
العربية. غير أنه يبدو أن هذا الفصل من تاريخ العرب
سوف يمر بشكل رحيم، مع تحول الجامعة
العربية إلى قوة تقوم باتخاذ رد فعل
عادل لحماية المواطنين العرب
المضطهدين وقمع الحكام الديكتاتوريين.
وفي هذا لمحة عن الأشياء التي تتغير في
الشرق الأوسط، والسبب وراء ذكره أن هذا
التغيير جدير بالاحتفاء. ================= العقدة السورية والورطة
اليمنية عثمان ميرغني الشرق الاوسط 16-11-2011 لم يكن مستغربا أن يعارض اليمن الرسمي
قرار الجامعة العربية بشأن سوريا،
فالوضع في البلدين قد يكون مختلفا في
الكثير من التفاصيل، لكنه يبدو
متشابها في عدة جوانب، خصوصا في ما
يتعلق بكيفية تعامل النظامين مع مساعي
الحل العربية ومحاولاتهما الالتفاف
على هذه المساعي أو استخدامها لكسب
الوقت على أمل النجاح في قمع
الاحتجاجات الشعبية وإجهاض مطالب
التغيير. كلا النظامين قدم التزامات
ولم ينفذها، كما قطعا وعودا لم يوفيا
بها، والسبب واحد في الحالتين وهو عدم
وجود رغبة حقيقية في إنجاز التغييرات
التي تتجاوب مع تطلعات الناس ومع
مطالبهم التي عبروا عنها في
الاحتجاجات المستمرة رغم القمع والبطش. فمنذ البداية اعتبر النظامان المحتجين
خونة، ومطالبهم مؤامرة تحركها أطراف
أجنبية، ومن وقتها كان واضحا أنهما لن
يقدما التنازلات التي تلبي المطالب
الشعبية، وأنهما سيلجآن إلى كل
الأساليب والحيل لإجهاض الاحتجاجات،
وفي كل الأحوال لن يوقفا سياسة البطش
والقمع. علي عبد الله صالح راهن على أن
الغرب يحتاج إليه لمحاربة «القاعدة»
في اليمن، وأن دول المنطقة تخاف من
الانفلات الأمني والفوضى في بلد صعب
بجغرافيته ومعقد بتركيبته السياسية
والقبلية، ومدجج بالسلاح المنتشر بين
الناس. لذلك خاطب المتظاهرين بجملته
الشهيرة «لن أرحل.. ارحلوا أنتم». أما النظام السوري فقد راهن على أن الغرب
يحتاج إليه حتى وإن لم يحبه لأنه يتخوف
من البديل ولا يريد زعزعة الاستقرار
على حدود إسرائيل، وهو التفكير الذي
فضحته تصريحات رامي مخلوف ابن خال
الرئيس الذي كان يعتبر من المتنفذين في
أوساط النظام، عندما قال لصحيفة «نيويورك
تايمز» إنه إذا لم يكن هناك استقرار في
سوريا فلن يكون هناك استقرار في
إسرائيل. ولكي لا يقال إن تلك
التصريحات قديمة وتبرأ منها النظام،
لا بد من الإشارة إلى سلسلة التهديدات
التي أطلقتها القيادة السورية عدة
مرات بإشعال المنطقة وبنقل الاضطرابات
والمشاكل إلى دول أخرى، والقول بأن ما
يصيب سوريا لن يقف عند حدودها بل سيمتد
إلى الجوار وحتى الخليج. لم يكن هذا الرهان الوحيد، إذ عولت دمشق،
كما عولت صنعاء، على أن ردود الفعل
العربية الرسمية ستبقى في دائرة العجز
عن القيام بأي تحرك ذي تأثير، ولن تخرج
في سقفها الأعلى عن بيانات الاستنكار
والإدانة والدعوات لوقف العنف وحقن
الدماء. هكذا كان الرفض في البداية لأي
تحرك أو تدخل عربي، واعتبار أن الحل
سيكون داخليا، وهو ما يعني بالطبع قمعا
أمنيا لخنق الانتفاضة الشعبية،
ومحاولة تقديم حلول ديكورية ووعود
فضفاضة بالإصلاح. ولاحقا تبنى
النظامان استراتيجية المماطلة
ومحاولة كسب الوقت بتقديم الوعود
والالتزامات التي لا تنفذ، وبإعلان
القبول بالمبادرات العربية، لكن من
دون اتخاذ خطوات حقيقية لتنفيذها. هذا الرهان كان مضمون النجاح في الماضي،
لكن العالم العربي بدأ يتغير ولم يعد
كما كان قبل تاريخ هروب بن علي وتنحية
مبارك أمام عاصفة الاحتجاجات
والمظاهرات الشعبية. ظهرت ملامح هذا
التغيير في الموقف العربي إزاء أحداث
ليبيا وفي القرارات التي اتخذت في
الاجتماعات التي عقدتها الجامعة
العربية، وشكلت نقطة تحول في مسار
أحداث الثورة الليبية. وقتها رد
القذافي وابنه سيف الإسلام على قرارات
الجامعة بالعبارة القبيحة «طز في
العرب.. وطز في جامعتهم». اللغة ذاتها
سمعناها في رد الفعل المنسوب للمندوب
السوري لدى الجامعة العربية، عقب
قراراتها الأخيرة التي فاجأت دمشق
التي لم تتوقع كما يبدو أن تنجح
الجامعة في تبني قرارات قوية. والواقع
أن النظام السوري لم يكن وحده في توقع
عدم خروج العرب بأي قرارات ذات معنى
تتجاوز الكلام والبيانات إلى الفعل،
فالمحتجون أيضا رفعوا سابقا اللافتات
التي نددت بالمهلة التي منحتها
الجامعة العربية للحكم السوري
واعتبروها مهلة لمواصلة القمع والقتل. قرارات الجامعة الأخيرة لن تؤدي وحدها
إلى إجبار الحكم السوري على التجاوب مع
مطالب شعبه في التغيير لكنها على الأقل
أعطت دفعة معنوية للمحتجين، وفتحت
الباب أمام خطوات لاحقة عربية ودولية
لتشديد الضغوط على النظام، بل إنها قد
تكون نقطة تحول في مسار الأمور.
فالموقف العربي ذهب خطوات أبعد هذه
المرة عندما خاطب الجيش السوري داعيا
إياه إلى عدم التورط في أعمال العنف
وقتل المدنيين، وعندما دعا المعارضة
السورية إلى الاجتماع في مقر الجامعة
لبحث خطوات المرحلة المقبلة والاتفاق
حول رؤية موحدة، أو بالأحرى خريطة طريق
لمسار الأحداث ومستقبل سوريا. فهاتان
الخطوتان تحملان دلالات كبيرة وتوجهان
رسالة بأن غالبية الدول العربية ترفض
روايات النظام السوري ولم تعد تقتنع
بوعوده، وبالتالي فإنها باتت أميل إلى
تقبل دعوات المتظاهرين للنظام بالرحيل.
وربما في هذا الإطار يمكن قراءة
تصريحات العاهل الأردني الملك عبد
الله الثاني أول من أمس التي دعا فيها
الرئيس الأسد إلى التنحي من أجل مصلحة
شعبه. سوريا باتت مرشحة الآن لتطورات وتحولات
كبيرة في مسار الأزمة، بعد أن أوصل
النظام مختلف الأطراف التي حاولت
مساعدته على حل الأزمة، إلى قناعة بأنه
غير جاد في وعود التغيير ووقف العنف.
وبسبب هذا الموقف تجاوز العرب أخيرا
عقدة عدم اتخاذ خطوات واضحة وقوية ضد
النظام لكي لا تفسر على أنها دعم
لمطالب المحتجين الذين ينادون بتغييره. وما دامت الأمور تحركت بهذا الشكل في
سوريا، فإن اليمن لن يكون بمعزل عن
التداعيات، لأن الرئيس صالح أوصل أيضا
مختلف الأطراف إلى قناعة بأنه يناور
للتشبث بالسلطة، وأن وعوده التي لا
تنفذ أصبحت ورطة تهدد المبادرة
الخليجية، وأنه لا بديل الآن عن تصعيد
الضغوط للتعجيل بتنحيه حتى لا تنزلق
الأمور نحو عنف أشد. ================= محمد أبو رمان الغد الاردنية 16-11-2011 ربما لم يتصدّر خبر وسائل الإعلام
العالمية كما تصدّرت تصريحات الملك
لهيئة الإذاعة البريطانية حول الوضع
في سورية، وأغلبها ركّز على جزء من
تصريحاته ارتبط بسؤال افتراضي، فيما
لو كان الملك مكان بشّار الأسد؟ إذ
أجاب الملك "لو كنت في الظروف نفسها
لآثرت الانسحاب". في المقابل؛ رضخت الصحف اليومية ل"القراءة
الرسمية" التالية للمقابلة، التي
حاولت إعادة قراءة التصريحات ضمن
السياق العام لحديث الملك، وعدم تحميل
الموقف الرسمي تداعيات غير مقصودة
منه، فظهرت الصورة في اليوم التالي
وكأنّ هنالك تصريحات قرأها الإعلام
اليومي الأردني مغايرة لتلك التي
انتشرت في الإعلام العالمي! بالعودة إلى نص المقابلة نفسها، فإنّ فيه
أبعاداً ومضامين أعمق من العناوين
البارزة في الإعلام، وتدلي بوضوح
بالموقف الرسمي، وقراءته للأزمة
السورية واحتمالات تطورها. يبدو، هنا، منسوب القلق الأردني المرتفع
تجاه الكلفة الكبيرة التي يدفعها
الأشقاء السوريون؛ فنحن أمام نظام لا
يريد الإصلاح، وحتى لو أراد الرئيس فعل
ذلك فلن يُسمح له، حتى لو افترضنا أنّه
قرّر التنحي فإنّ البديل من داخل
النظام سينتج المخرجات نفسها! المشكلة أنّ النظام "يبدو مرتاحاً"
في الداخل، طالما أنّ موازين القوى
العسكرية والأمنية ما تزال في يديه. في
المقابل، فإنّ نجاة النظام واستمراره
وخروجه من هذه الأزمة غير مطروح، ف"عندما
يطال العنف شعبك فإن الأمور لن تنتهي
على خير". ما يعني أنّ النتائج غير
مؤكّدة، "من قبيل المستحيل لأي منا
أن يتنبأ بما سيحدث خلال 6 أسابيع أو 6
أشهر أو 6 سنوات". وفقاً لهذا التقدير، فإنّ النصيحة
الذهبية التي يقدّمها الملك للرئيس
بشار، ضمنياً وصراحةً، تكمن في تحمل
مسؤولياته الأخلاقية والرمزية
والإنسانية، وقبل ذلك السياسية، بأنّ
يقوم هو بنفسه بالترتيب لمرحلة
انتقالية تقود سورية إلى برّ الأمان
وحمايتها من النزيف الحالي
والسيناريوهات الخطرة مستقبلاًُ، بعد
أن يعلن أمام الجميع قراره بالتنحي
والتمهيد لهذا الانتقال المطلوب. تركيز الملك على أنّ المشكلة في النظام
وليس في الرئيس يشي بأنّ "النظام"
سيكون هو حجر العثرة أمام مثل هذا
القرار والخيار الصحيح. هذه النصيحة
تعيدنا قرابة أحد عشر عاماً إلى وراء
عندما استلم بشار الحكم، وأعلن نواياه
في الإصلاح، وفتح الباب أمام
المعارضة، وانطلق ما عرف ب"ربيع
دمشق"، والتقى بشار بنفسه بقادة من
المعارضة. لكن انتهى الأمر بأن زجّ بهم
في السجون والمعتقلات، ما يعني –كما
ألمح الملك- صعوبة مثل هذا القرار،
لعدم سماح النظام الأمني به. على الأغلب أن النظام سيلجأ إلى التصعيد،
خلال الفترة المقبلة، ولن يترك فرصة
لمثل هذا "المخرج الآمن"،
والإيغال أكثر في الدماء. لكن بالرغم
من هذا التصعيد، فإنّ تضييق الخناق
وتعزيز عزلة النظام ستعزز الانشقاقات
والتصدعات لدى النظام، وإذا ما تطورت
الأمور إلى موقف دولي، فإنّها ستقود
"الطائفة العلوية" إلى إعادة
التفكير بين ربط مصيرها وأمنها
ومستقبلها مع نظام آيل للسقوط وبين
الوصول إلى "صفقة" مع الشرائح
الاجتماعية الأخرى تبعد البلاد عن
منطق الانتقام والثأر والحرب الأهلية. أبرز ما تؤشر عليه تصريحات الملك الأولى
من حاكم عربي أنّ العدّ التنازلي قد
بدأ فعلاً، وتمنح الأشقاء السوريين
دعماً رمزياً وإعلامياً كبيراً، وهم
الذين دفعوا ما دفعوا من أثمان غالية
وينتظرون الفرج، فهل يستمع الرئيس
السوري للنصيحة، في الوقت الضائع،
ويجنّب دولته وشعبه ومجتمعه مزيداً من
الآلام والأوجاع والمخاطر الوشيكة؟ ====================== باسم النبريص إيلاف 15/11/2011 لا حاجة للغوص في الكتب كي يعرف الواحد من
أيّ طينةٍ يتشكّل الطغاة. ورغم أنّي
قرأت القليل عنهم، قبل كتابة هذا
المقال، إلا أنّي عدت وقلت: علام
التّعب؟ والواقع من حولي، فيه الطازة
والساخن، على نحو لا توفّره كتبُ
التاريخ. فها نحن نشهد مصائر ثلاث طغاة
وقد زالوا: واحد أخذها من قصيرها
وفَكَحْ، فأراح واستراح. والثاني
تيّسَ، فأصرّ على الموت في "ترابه
الوطني"، فدخل "القفص الوطني"
وتماوت وما برحَ يتماوت بين قضبانه.
أمّا الثالث، فظلّ مقطوعاً عن الواقع،
حتى وقعَ فقطعوا خبره من كل الدنيا. والآن .. هاهو رابعهم، كما يبدو، يسير في
ركاب الثالث. لا عبرة ولا عظة. لا فهم
ولا إحساس. لا مستشارين ولا نصائح. بل
تناحة وتناحة فقط. أي المشي على الطريق
ذاتها، التي مشاها أغلب الطغاة من قبله:
من نيرون روما، إلى فوهرر برلين، حتى
قذافي طرابلس. والحقّ أنّ ذلك يدهشني،
وسيظلّ يدهشني، كمواطن بسيط يحرص على
حياته وحياة المحيطين به: فهل غريزة
التّسلّط قويّة إلى هذه الدّرجة، بحيث
تقتل شعبها وتقتل صاحبها في الأخير؟ قديماً قال أجدادنا: الزائد أخو الناقص.
وقال حكماؤنا: إذا زاد الشيء عن حدّه
انقلب إلى ضدّه. ومع هذا، يبدو أنّ طبيب العيون الأعمى،
الساكن في قصر قاسيون، لا يسمع ولا
يقرأ ولا يرى غير ما يريده هو كولد
مدلّل: البقاء في السلطة مثل أبيه "حتى
الأبد" [أي إلى أربعين خمسين سنة
جايّه، زيادة على الأربعين سنة
الفايته، وعليكم خير] فمن أيّ طينةٍ هذا الأسد؟ هذا المرء؟ هذا
الشيء؟ هذا الكائن؟ هذا الموجود؟ نعرف أنّ غريزة السلطة أقوى من غريزة
الطعام والجنس عند الإنسان الشرقي.
لكننا نفترض أنّ غريزة البقاء أقوى من
كل الغرائز، عند الإنسان مطلق إنسان [على
الأقلّ هكذا تقول لنا الكتب]. فكيف
نفسّر نفسيّاً لا سياسيّاً تناحة
بشار؟ من ناحيتي، ليس عندي الكثير لأقوله في
مقامٍ كهذا. فقط هما كلمتان، أهرب بهما
من حيرتي، وأنا متأكد من صحّتهما: إنّ
طينة الرجل غير طينتنا يا إخوان! هكذا تكون أسهل الإجابات هي أعمقها
أحياناً! فلو كان الأسد مثلنا، لما أصرّ على الغباء
والمراوغة والمزيد من الولوغ في
الدمّ، كل يوم. كان أخذ حاله وماله
واتّكل. ولكنه ليس مثلنا نحن البشر
العاديين. لذا فهو لا يتّكل، ولن
يتّكل، قبل أن يُخرّبها ويقعد على
تلّها. إنه من طينة أخرى.. كأن تكون حجراً أو
صخراً أو قالب ثلج لا يذوب أو حتى غراء
متماسكاً مثلاً. غراء ما إن يلامس
شيئاً حتى يلصق به للأبد. ولذا نراه
يعصمص على الحكم، كأنّ الحكم بالنسبة
إليه مسألة حياة أو موت، أو مسألة حق
إلهي. [إلهي ياخذ خبره] ولهذا فالرجل ما يزال يحلم بحل معقول،
يُنهي "الأزمة"، ويعود بعدها كلٌّ
إلى داره: هو لقصر قاسيون، وشعبه
لبيوتهم. ويا دار ما دخلك شرّ! ولكنّ الدار دخلها شرٌّ، وأيّ شرّ؟
وسيدخلها شرّ وأيّ شرّ؟ ومع هذا معلش. فالمعادلة عند بشار هيك: إما
أنا وإما سوريا خاربة. ذلك أنه من طينة غير طينتنا نحن. من طينة
غير طينة البشر الأسوياء. وعليه: لا أمل بحلّ قريب، قليل الكلفة في
سوريا. عليه: فالسيناريو الليبي، هو المرشّح
الأوفر حظاً، في قادم الشهور، على
الأرجح. أللهم إلا إذا وجد الأسد من أفراد عائلته
وبطانته، من يفتح عيونه، في ربع الساعة
الأخيرة، ويعيده إلى جادة الصواب. و"جادة الصواب" هذه صعبة أو حتى
مستحيلة في سياقنا. إذ ليس لها في
الحقيقة سوى معنى وحيد: إخراج الرجل من
وهم أنه نصف إله ورث عن والده بلداً
وشعباً، وردّه إلى بشريّته الأولى
وحقيقته الأولى: مجرّد حاكم عابر لبلد
سرمدي باق اسمه سوريا، لا يريد شعبه في
غالبيته العظمى أن يحكمه هذا الحاكم
يوماً واحداً أكثر. وهو أمر نشكّ فيه، ومرجع شكّنا أن طينة
الأسد الابن، من طينة أبيه. باختصار،
طينة غير طينتنا نحن البشر الفانين. أما ما هي هذه الطينة
بالضبط؟ فلا أحد يعرف على نحو اليقين
والتعيين. لا الواقع من حولنا، ولا
الكتب أيضاً. ذلك أنّ فرويد مات. ولاكان
مات. ويونغ مات. وأريك فروم مات. وحتى لو
كانوا أحياء بعدُ، فأراهن أنهم كانوا
سيحتارون في توصيف وتحديد طينة هذا
الطاغوت. أللعنة على شرقنا الزنيم، كم تخصّص في صنع
الطغاة! ========================= المساعدات المالية
المنهوبة في سورية 15/11/2011 محمد كركوتي صحيفة الاقتصادية السعودية ''سنكون غير أخلاقيين لو سمحنا لهذا
المصاص أن يحتفظ بالأموال التي سرقها'' ونستون تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا
الراحل في منتصف تسعينيات القرن الماضي جمعتني
جلسة خاصة في لندن، مع حاكم عربي راحل
كان ساخطاً بصورة عبرت عن مكنونات
الغيظ والغضب بداخله حيال حافظ الأسد (الأول
والأخير). ومن فرط غضبه وامتعاضه، خرج (وربما
لأول مرة في حياته)، عن تحفظه النادر في
الهجوم على أي حاكم عربي، حتى ولو كان
في جلسات خاصة ومحدودة جداً. كان يؤمن
بأن انتقاداً بسيطاً لحاكم عربي ما، لن
يولد سوى أزمة (وربما أزمات) في بيئة
سياسية عربية، تعج بكل ''معاول''
ومحفزات صناعة الأزمات. وبتعبير شعبي ''نحنا
مش ناقصين''. أما لماذا كان هذا الحاكم ساخطاً وغاضباً
وممتعضاً من الأسد الأب؟ فلأن هذا
الأخير رفض وهاجم (بعد أن انتقد) خطة
وضعها الحاكم العربي، لتحويل
المساعدات المالية المباشرة التي كانت
تقدمها بلاده لسورية، إلى مشاريع
تنموية يشرف عليها مختصون من الدولة
المانحة، وذلك بعد أن تأكد له ولدوائره
المختصة على مدى سنوات، أن هذه
المساعدات لا تنتهي في محطاتها
الطبيعية، بل تستقر في خزائن الأسد
وأسرته، ولا بأس من الأعوان الذين
يقدمون الخدمات الأهم له، وهي تلك التي
تحصن وتحمي سلطته غير الشرعية. وعلى
الفور قرر هذا الحاكم العربي الغاضب،
أن يحتج على الأسد الأب (الذي بهجومه
على خطة المساعدات الجديدة، عزز
المعلومات بأنها تُسرق)، بأن اختصر
أيام زيارته الرسمية لسورية، بحجج
دبلوماسية عرف الجميع أنها وهمية. والحقيقة، أن الدولة العربية المانحة
هذه، عممت في منتصف العقد التاسع من
القرن الماضي، تحولها الجديد على
غالبية البلدان التي تتلقى منها
المساعدات، بغية أن تصل هذه المساعدات
فعلاً إلى مستحقيها. إلا أنها وجدت
صعوبات لا حدود لها مع حافظ الأسد ومن
بعده ابنه بشار. فالأب (ومنذ مطلع
سبعينيات القرن الماضي) تعاطى مع
سورية، كمتصرفية عائلية خاصة، ''تصادف''
أن يكون فيها شعب، فمَلَك نفسه هذا
الشعب، وتخلص في الوقت نفسه من غير
المرغوب فيهم. وعندما مات الأب، وجد
بشار الأسد (الوريث غير الشرعي لأي شيء
في سورية)، نفسه مالكاً لجمهورية ومعها
الشعب هدية. وعلى هذا الأساس، استهجن
الأسد الأب واستشاط غضباً، أن تكون
المساعدات المالية، عبارة عن مشاريع
تنموية يشرف عليها مانحوها على
المديين المتوسط والبعيد. تتشابه المساعدات المالية التي تلقاها
الأسد الأب والابن، بعوائد النفط
السوري المنهوب على أيديهما، مع فارق
وحيد، هو أن الشعب السوري كان يستفيد
من نسبة ضئيلة جداً من المساعدات، لا
أحد يستطيع أن يحددها، بينما لا ينتفع
فرد سوري واحد من عوائد بلاده النفطية.
وهذه النسبة، ليست سوى وسيلة تمويه
للمساعدة على سرقة المساعدات. فعلى مدى
أربعة عقود تلقت سورية مساعدات مالية
عربية لوحدها تبلغ 30 مليار دولار
أمريكي، أي ما يوازي 750 مليون دولار في
العام الواحد، أو ما يساوي ثلاثة
ملايين دولار يومياً، وذلك طبقاً
للبنك الدولي، الذي أورد في تقرير له
أن سورية ومصر انفردتا، ب 47 في المائة
من المساعدات العربية للدول العربية،
التي بلغ مجموعها 136 مليار دولار. ورغم
تردي أسعار النفط في الأسواق العالمية
في فترة ثمانينيات القرن الماضي
وتسعينياته، إلا أن وتيرة المساعدات
العربية لسورية لم تتراجع كثيراً، على
اعتبار أنها دولة مواجهة، رغم أنها لو
تواجه أحداً منذ حرب 1973 إلا شعبها. ولأن
الأسرار لا تبقى عادة في مخابئها، فقد
أظهرت وثائق روسية، أن التعاون
العسكري بين حافظ الأسد والاتحاد
السوفياتي السابق، وفر للأسد أكثر من 12
مليار دولار أمريكي من قيمة المعدات
العسكرية، وهو بذلك حصل على مساعدات
للمجهود الحربي، من السوفييت والعرب،
في حين لم تصل تكاليف تسلح الجيش
السوري (الذي يقتل السوريين العزل
حالياً) إلى أكثر من 15 وفي أفضل الأحوال
إلى 18 مليار دولار، وفق التقديرات
المحايدة! يضاف إلى ذلك، أن نسبة
المساعدات الخارجية الكُلية لسورية
بلغت في عقدي الثمانينيات والتسعينيات
أكثر من 60 في المائة من الإيرادات! في سورية تُعتبر المساعدات العربية
تحديداً (كالنفط السوري) من أسرار أمن
الأسد وأسرته، فقد فشلت كل الجهات
الرقابية العربية والدولية، في تحديد
الآثار التنموية لهذه المساعدات على
الساحة السورية، وظلت التنمية ما دون
الحد الأدنى، مقارنة بأي دولة تتشابه
اقتصادياً مع سورية، فمعدلات الفقر
ارتفعت ومعها البطالة، وانتقلت
الشرائح المتعددة في المجتمع السوري
من حالة دنيا إلى وضعية أدنى، بفعل
اقتصاد مريع يستحق بجدارة توصيف ''اقتصاد
الهلاك''، الذي مر بمراحله المريعة ''التفقير،
والفقر وما دونه، والتشبيح''. ولا توجد
مساعدات مالية، مهما علت قيمتها، يمكن
أن تصمد أمام هذه الأنواع من
الاقتصادات المبتكرة. فلا غرابة إذن..
ألا تظهر آثار 30 مليار دولار في سورية. المحاولات التي قامت بها الدول العربية
المانحة، من أجل أن تصل أموالها إلى
مستحقيها السوريين، ولتنمية اقتصاد
متهالك ومشوه، اصطدمت بممانعة الأسد
الأب والابن. فنجاح المحاولات
العربية، يعني بالضرورة ''قطع الدم'' عن
واحد من الأوردة المالية التي تعيش
السلطة بها. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |