ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الجامعة العربية...
والقرار الشجاع تاريخ النشر: السبت 19 نوفمبر 2011 الاتحاد أثار قرار مجلس الجامعة العربية يوم
السبت الماضي ابتهاج كثيرين بالموقف
الأخلاقي والشجاع للجامعة العربية في
وجه عمليات القتل اليومي في المدن
والأرياف السورية. وقد جاء هذا القرار
بعد قرار آخر مماثل اتخذ في مجلس
الجامعة العربية قبل ثمانية أشهر،
ووافق من خلاله الوزراء حينئذٍ على رفع
قضية حماية المدنيين في ليبيا إلى مجلس
الأمن، التي اتخذ فيها المجلس قراراً
يسمح بتدخل حلف "الناتو" العسكري
في ليبيا، وهو الذي ساعد على نجاح
الثورة الليبية، وأنهى سنوات من الحكم
الديكتاتوري في تلك البلاد. واليوم، تعود الجامعة العربية، بأمينها
العام الجديد نبيل العربي، وبدعم من
دول مجلس التعاون ومصر وبقية الدول
العربية لضمان الأمان والحرية لأبناء
الشعب السوري الذي عانى طويلاً من
الحرمان والظلم، ويتعرض منذ أكثر من
ثمانية أشهر لعمليات قتل يومية،
واختطاف للناشطين السوريين في البلدان
المجاورة، وهو ما يُعدّ انتهاكاً
صارخاً للتشريعات الدولية الخاصة
بحقوق الإنسان. صحيح أنّ سوريا لها تاريخٌ طويل ومجيد في
دعم المقاومة الفلسطينية واحتضان
الثورة الفلسطينية في أحلك أوقاتها
وظروفها، ولكن مثل ذلك الدعم أو
المقاومة لا يعني أن يتم سحق تطلعات
المواطنين السوريين نحو الحرية
والمساواة والكرامة الإنسانية. ولقد كان رد فعل الحكومة السورية قويّاً،
فهاجم سفيرها يوسف الأحمد الأمين
العام للجامعة العربية، كما هاجم دول
مجلس التعاون وألمح إلى دور مصر
والسودان في دعم هذا القرار، علماً
بأنّ هذا القرار لم يعارضه سوى لبنان
واليمن والحكومة العراقية. وفي اليوم
التالي هاجم كذلك وزير الخارجية وليد
المعلّم بعض الدول العربية وهدّد
تركيا، واعتبر قرار مجلس الجامعة
العربية غير شرعي، كما طلبت الحكومة
السورية من الأمين العام للجامعة
العربية عقد مؤتمر قمة عربي استثنائي
لبحث الأزمة السورية. والحقيقة أنّ الجامعة العربية وهيئتها
الوزارية المصغرة المكلفة بمعالجة
الوضع السوري، حاولت طوال الأسابيع
القليلة الماضية الضغط على الحكومة
السورية لسحب قواتها من المدن، ووقف
العنف ضد المدنيين، وإرسال مراقبين
عرب مستقلين للتأكد من تحقق مثل هذه
الإجراءات. وتخشى الدول العربية أن تؤدي زيادة القمع
إلى حرب أهلية في سوريا تحرق الأخضر
واليابس وقد تمتد شظاياها إلى لبنان،
فتعيد الأوضاع المتوترة أصلاً إلى
حدود لا تحمد عقباها. والحقيقة أنّ التهديدات السورية ضد دول
الجوار بتصدير العنف إليها أمر لا يمكن
قبوله، فنحن نعيش في عصر ينبغي أن
يحكمه احترام حقوق الإنسان وحرّياته،
والانتهاء من استخدام العنف، سواءً في
السياسة الداخلية ضد مواطني الدولة
نفسها، أو ضد دول الجوار. ولا يمكن أن
يُبنى نظام سياسي مستقر بناءً على حد
السيف، بدلاً من اعتماده على عقد
اجتماعي مرض للحاكم والمحكوم. ويبدو أنّ النظام السوري، والنظامين
التونسي والمصري من قبل، قد فقدوا
التواصل مع الواقع القانوني والسياسي
للقانون الدولي المعاصر. فمسألة سيادة
الدولة المطلقة التي كانت معشعشة
لفترة طويلة في أذهان بعض الحكومات
العربية، والتي كانت تستخدم كأداة
للقمع السياسي وتبريرًا له، لم تعد
مقبولة في القانون الدولي، وحلّ
محلها، أو لنقل زاحمها، مفهوم القانون
الدولي الإنساني منذ حرب كوسوفو في
أواخر التسعينيات. وقد أصبح القانون
الدولي الإنساني مدعاة للدول الكبرى
مثل دول حلف "الناتو" وغيره
للتدخل في الشؤون الداخلية للدول
الأخرى، كما حدث في ليبيا. وبذلك تعدّى
هذا القانون حدود الدولة الواحدة
ليصبح أداة لتغيير النظام الإقليمي
بأكمله. وقد كان هناك خوف وتوجّس سوري شديد من
تطور هذه الأزمة وتدويلها. ولتجنب ذلك
فعلى سوريا أن تقوم بإجراءات نوعية
ملزمة كما حددتها الجامعة العربية،
وعليها أن تطبق الإصلاحات الموعودة
وتصبح أكثر شفافية في انفتاح النظام
السياسي، والدعوة إلى انتخابات عامة
نيابية ورئاسية. فمسألة احتكار السلطة
السياسية في حزب واحد أو فئة واحدة لم
تعد أمراً مقبولاً، وبدلاً عن ذلك فإنّ
المطلوب هو تحويل النظام السياسي
السوري، وبقية الأنظمة العربية، إلى
أنظمة ديمقراطية تحقق رغبات المواطنين
في الحرية والمشاركة السياسية وضمان
كرامة الإنسان. ونحن الآن أمام منحيين رئيسيين في التوجه
المستقبلي للأزمة السورية، ويتمثل
المنحى الأول في أن تذعن الحكومة
السورية للقرارات العربية في هذا
الشأن، وهذا يعني إجراء تغييرات
وإصلاحات جذرية ونهاية هيمنة الحزب
الواحد على السلطة في سوريا. أما
المنحى الآخر فمؤداه كما كان يتحدث
الروائي الأيرلندي الشهير "جيمس
جويس" أن القدح قد انكسر، وبالتالي
فإن تغيير النظام أمر لا مفر منه، وهو
ما تأمل في تحقيقه المعارضة السورية.
وفي النهاية فما يقرر مستقبل الأمور هو
الشعب السوري في الداخل، وقرارات
الجامعة العربية وغيرها من المنظمات
والهيئات الدولية في الخارج. ================= الرياض السعودية التاريخ: 19 نوفمبر 2011 مع النظام
السوري، ومع ذلك فالخسائر المسجلة
يومياً ليست فقط تأتي من قبل الثوار،
بل السلطة التي بدأت تشعر أن تدهور
معنويات الجيش وانشقاقاتهم المستمرة،
وعدم كسر قدرة الشعب على الصمود، وتدني
مستويات الاقتصاد وتدهوره، عوامل
أساسية وضاغطة على ديمومة الحكم،
عوامل تسارع في إسقاطه.. صوت السلطة المرتفع جداً وتوظيف كل
متعاطف معها، بدأ يضعف وبقي من تستند
إليه من المحامين والمبررين لأفعالها
إيران، والصين وروسيا، والأخيرة أصبحت
تنطق باسم سوريا، ضد الجامعة العربية،
والوعود باتخاذ «الفيتو» في مجلس
الأمن ضد أي قرار يعد لإصداره، وتستنكر
أي فعل يقوم به الشعب السوري، بينما هي
من قامت ضد محيطها في الشيشان وغيرها
من إعلان حرب على من يخرج عن خطها، وهي
تتشابه مع أمريكا وأوروبا فيما تعتبره
فضاء أمنها القومي، والمعيار هنا لا
يصدق على سوريا إذا عرفنا أن ما يجري
شأن داخلي انفجر بسبب قسوة النظام
واحتكاره كل شيء بما فيه لبن الأطفال
الرضع!! نعرف أن تحالف مصالح تم بين القوى الثلاث
المؤيدة للنظام السوري ومع اختلاف
المبادئ والتوجهات، فهذه الدول، أيدت
مسبقاً القذافي وسقط بتدخل حلف
الأطلسي، واستطاعوا تقاسم الغنيمة
الكبرى، ومع ذلك فالشعب الليبي رحب رغم
الخسائر بإنقاذه من الدكتاتور، وخسر
المؤيدون لنظامه، فكانت الأقوى على
روسيا والصين خسارة استثماراتهما، ومع
سوريا، وإن طال الزمن، فالمواقف
تتشابه، ولم تكن تلك الدول المؤيدة
تأخذ أي حساب للجامعة العربية، التي
تحركت وبموقف حازم وحاسم، وهي التي لها
عوامل القوة، سواء بالعلاقات
الاقتصادية أو السياسية، حيث توقفت
الصادرات والسياحة والمعونات التي تعد
مرتكزات الدخل السوري، ثم جاء المنفذ
الآخر من خلال تركيا الذي أغلق لنفس
الأسباب، وربما تنشأ قوة عازلة على
الأرض السورية لتجميع قوات المنشقين
والمتطوعين والمعارضين لتشكيل قوة
داخل هذه المواقع.. النظام يحاول خلق صراع داخلي بين
الأقليات والمذاهب والقوميات كمقدمة
للحرب الأهلية، وهو ما صارت تروج له
روسيا تحديداً، كعرض للتخويف من أن
البديل سيكون نموذجاً للعراق
وأفغانستان، بينما لا نسمع صوت
المعارضة التي تؤكد تماسك القوى
الداخلية ضد النظام، ومثل هذا الترويج
حدث في الثورات العربية من قدوم
القاعدة أو التيارات الإسلامية
المتطرفة، وهو ما كذبته الوقائع
الراهنة، ولعل نجاح التحالف الذي
انتصر على جعجعة الدول الأخرى درس جديد
في سياسة المنطقة لمن يفهم كيف يقوم
علاقاته.. ================= ساطع نور الدين السفير 19-11-2011 ما نشرته صحيفة «صباح» التركية الوثيقة
الصلة بحزب العدالة والتنمية الحاكم،
قبل يومين عن خطة لإطاحة الرئيس السوري
بشار الأسد، محورها إقامة منطقة آمنة
للمعارضين المدنيين والمنشقين
العسكريين بعمق خمسة كليومترات داخل
الأراضي السورية، لا يعدو كونه
اجتهادا نظريا يستبعد إقامة مثل هذه
المنطقة ويدحضها أكثر مما يدعمها،
لكنه يفتح النقاش الأكثر جدية حتى الآن
حول مرحلة ما بعد الأسد. مصدر الخطة معارضون سوريون هم على الأرجح
من جماعة الإخوان المسلمين الذين
استكملوا عملية النشر في الصحيفة
الإسلامية بمؤتمر صحافي لقيادتهم في
اسطنبول أعلنوا فيه تأييدهم التدخل
التركي المنفرد في سوريا، من دون تفويض
أو تكليف إلا من المعارضة السورية
نفسها، مع أن «صباح» أكدت بما لا يدع
مجالا للشك أن تركيا لن تقدم على تنفيذ
مثل هذه الخطة إلا إذا كانت بقرار دولي
واضح وطلب عربي صريح، وهو ما يتطلب
إجماعا مستحيلا في مجلس الأمن وأيضا في
جامعة الدول العربية. بمعنى آخر، كانت الصحيفة تكشف في تقريرها
الأول من نوعه والذي نشر في صدر صفحتها
الأولى أن أنقره غير متحمسة لفكرة
المنطقة الآمنة المرفقة بالحظر الجوي،
وغير تواقة أصلا إلى فكرة تدخلها
العسكري في سوريا كما إلى أي تدخل
عسكري مباشر، مهما كان عنوانه وهدفه،
لأنها كانت ولا تزال تعتقد أن الأزمة
داخلية جدا، ويمكن أن تحسم في الداخل
السوري مع معونة خارجية، باستثناء
العقوبات والضعوط على النظام لكي يوقف
حمام الدم ويجنب بلاده حربا أهلية
واسعة النطاق. فالمنطقة الأمنية ومعها الحظر الجوي هما
إعلان حرب لا ترغب تركيا أو أي دولة
أخرى مجاورة أو بعيدة في خوضها مع
سوريا. وما يمكن أن يبدأ بشريط من خمسة
كيلومترات يمكن أن يغطي بسرعة المساحة
السورية كلها، ويتطلب غارات جوية على
المواقع العسكرية للنظام في كل مكان،
وقد يستدعي أيضا دخول قوات برية تركية
إلى ما هو أعمق من تلك المنطقة الأمنية
في الأراضي السورية، ما يعني فتح جبهة
على طول الحدود المشتركة من دون توفير
ملاذ آمن للمنقشين والمعارضين الذين
يمكن أن يصبحوا هدفا سهلا للقوات
البرية السورية. والأهم من هذه التفاصيل الأمنية المهمة
جدا، هو أن المطلوب أن يوسع المنشقون
والمعارضون انتشارهم على امتداد الأرض
السورية لا أن يتجمعوا في مكان واحد
مهما كان حصينا، لكي يتم تفادي فكرة
التقسيم التي طالما اتهم النظام خصومه
بالسعي إليها منذ أن طرح للمرة الأولى
خيار المنطقة الأمنية والحظر الجوي..
الذي يبدو اليوم أنه لم يعد جذابا مع
اتساع المعارضة وتطورها على مقربة من
الحدود السورية مع بقية الدول
المتاخمة لها! يمكن أن تصبح المنطقة الأمنية والحظر
الجوي أمرا واقعا، لا يستند إلى قرار
دولي أو طلب عربي، وهذا ما هو حاصل
اليوم بالفعل. أما خطة إطاحة النظام
فهي كانت ولا تزال تعتمد على الداخل
السوري، ولا أحد سواه. ================= فالح الطويل الرأي الاردنية 19-11-2011 هل تقرأ القيادة السورية الموقف الأردني
قراءة صحيحة؟ لا يخالج أي أردني الشك
في أن وجهة النظر التي أبداها جلالة
الملك في مقابلته مع مراسلة هيئة
الإذاعة البريطانية، حول الوضع في
سوريا، قد كانت حصيلة بحث واقعي
للتعقيدات التي يعاني منها البلد
الشقيق: الشعب في مقابل الحكم؛ والحكم
في سياق التطورات نحو المستقبل
والمنطقة واستقرارها وحق شعوبها في
العيش بسلام وأمن؛ والتهديدات المعلقة
بخيط رفيع فوق رأسها كسيف قابل للسقوط
في أية لحظة؛ وطريقة الخروج من هذه
الأزمة. ليس من الصعب الإدراك بأن الوضع الداخلي
في سوريا قد عبر نقطة اللاعودة. لن
يتمكن النظام السوري من حل المشكلة
باللجوء لمزيد من التخويف
باستمرارالقتل وسفك الدماء. لم يعد
السوريون يخافون. هذا واقع ليس
بالإمكان تجاهله. فأجهزة النظام
الملوثة أيديها بدماء شباب سوريا
وأطفالها، لم يعد مقبولا حتى بقاؤها
خارج نقاط التماس المباشر. يجب أن تخرج
من تاريخ سوريا مرة واحدة وإلى الأبد. بقاء حالة المواجهة على ما هي عليه اليوم،
ودون أي أمل بالتغيير السلمي، يهدد
بتطور مأساوي باتجاه تحول تلك
المواجهات لتتخذ أبعاد حرب أهلية
تأتي، بعد وقت يطول أو يقصر، على كل
إنجازات سوريا الاقتصادية والسياسية،
وتدمرها. ولن تكون نتائج الحرب
الأهلية، في السياق العربي والإقليمي
والدولي القائم لصالح هذا النظام. فقد
حكم النظام على نفسه، منذ الآن،
بالدمار، وهي نتيجة صارت محسومة بصورة
نهائية. وقد تأخذ المواجهة مسار حرب طائفية.
فالسوريون والكثيرون من العرب باتوا
يظنون، لولا بعض الشواهد على غير ذلك،
بأن إصرار الأسد على المضي بالحل
الأمني ليس منطقيا إلا إذا رأى بأنه،
بذلك، يدافع عن الطائفة العلوية. لا
تختلف النتيجة كثيرا لو ثبت بأن مثل
هذا الرأي غير صحيح. فإصرار النظام على
القتل وسفك الدماء سيفسر تفسيرا
طائفيا تحت ضغط المأساة التي صنعها في
كل بيت سوري. بعض العلويين
يرفضون ذلك، بل ويطالبون الأسد ونظامه
بالتنحي. فهو يتصرف كمن يتخذ من
المدنيين الأبرياء دروعا يحتمي بها لا
يبالي أن كان سيضحي بهم في نهاية الأمر.
وهو موضوع بات يؤرق العلويين القادرين
على إسماع صوتهم. الرأي في ضرورة تنحي الأسد اليوم قبل الغد
صارت هي الحل الوحيد المتاح تحت الظروف
القائمة. على أنه لن يحل المشكلة تنحي
الأسد وحده. من الضروري أن يتم الأمر
بحيث تتولى تسيير شؤون الدولة قيادة
ذات مصداقية تعد بالتغيير الجذري
الشامل، وتستطيعه، يعيد للبلاد امنها
واستقرارها وتماسك شعبها فتنسى فترة
سوداء في تاريخها. الحل بهذا الاتجاه يهمنا في الأردن. فما
يجري في سوريا يعتبره شعبنا شأنا
داخليا، للدولة ولكل مواطن على حدة.
لقد دخلت المنطقة صراعات خارجية
أدخلها الأسد إلينا فأعادتنا لأجواء
الحرب الباردة، كما لو كنا لم نغادرها
أبدا، فصرنا نعاني منها وتصيبنا كما
تصيب كل قضايانا في علاقاتنا مع العالم
الخارجي. ================= هاشم القضاة الرأي الاردنية 19-11-2011 عندما يتحدثُ الأردنيون عن وجع سوريا،
فليسوا بحاجةٍ إلى سماعة طبيب، فوجع
السوريين وجعنا، ودقّات قلوبهم دقّات
قلوبنا،فهم الأهل والأحباب، وشركاء
التاريخ،.فعندما كانت دمشق قاعدة
الخلافة في شمال بلاد الشام، كان
الأردن في جنوبها سياج الدولة وحامي
حماها،حقيقةٌ ما غابت عن نشامى اللواء
الأربعين الذين انطلقوا مثل نمور
البراري عام ثلاثة وسبعين لينجدوا
أهلهم في سوريا، ويسدّوا ثغرةً كبيرةً
على جبهة الجولان، لينطبق عليهم قول
الشاعر: إذا الشرُ أبدى ناجذيه لهم - طاروا إليه
زرافاتٍ ووحدانا.،وحين يُطلٌ علينا
شرُّ المواجهة والخلاف بين أبناء
الوطن الواحد، فليس بمقدورنا أن ندير
ظهورنا لما نراه اليوم ونسمعه، وحين
نكتب في هذه المرحلة الحساسة، فلا نفعل
ذلك لننحاز إلى طرفٍ دون آخر، بقدر ما
ننحاز إلى سوريا الوطن، وإلى الحقيقة
التي يجسدّها الأمر الواقع الذي لم يعد
فيه يوم سوريا مثل أمسها، ولن يكون مثل
الغدّ القادم، فقد فات الفوت على أيِّ
محاولةٍ أو مراهنةٍ على إصلاح ما فسد
بطريقة الترقيع. وأفترض بحسن النيّة أنّ القائمين على
النظام باتوا يدركون الحقيقة ويدركون
معها بأنّه لا مناص من المأزق إلا
بسلوك طريق التغيير الشامل،وما قبولهم
بخطة الجامعة العربية وإن بدت للبعض
بأنها المحاولة الأخيرة للإمساك بشعرة
معاوية للخروج من المحنه،إلاّ أنّها
في الحقيقة الخطوة الأولى التي يخطوها
النظام على طريق الإياب باتجاهٍ واحد
يقود سوريا والسوريين إلى نظام حكمٍ
جديد مقطوع الصلة والجذور مع أربعة
عقودٍ سابقه، إذ ما عاد هنالك من خيارٍ
لسوريا إلا التماهي مع مخرجات الربيع
العربي وثوراته حتى لو كان بين العرب
من يتحفظ على ما يمكن أن تأتي به
المرحلة القادمة من مفاجآت لم يُحسب
حسابُها من جهة،وعلى الثمن الباهظ
للدماء التي نزفت في ساحات الربيع من
جهةٍ أخرى. لذلك كله نقول: إذا كانت نوايا الجامعة
العربية سليمة، ومخلصة، ومستقلة عن
مصالح الآخرين، وبخاصة أولئك الذين
يرون في ضرب سوريا محطّةً ينطلقون منها
لضرب إيران، وإشعال الحرائق في منطقة
الشرق الأوسط كله،وإذا كان هنالك هامش
من المسامحة التي تمكّن العرب من
الترفع عن مرارة أخطاء الماضي والحاضر
التي ربط فيها النظام السوري سياسته
الخارجية بسياسة إيران، إذا كان كل ذلك
ممكناً فإن الواجب القومي يُرتّب على
العرب إخراج سوريا البلد من محنتها،
وبذل كلِّ ما يُمكّن الشعب السوري من
الإمساك بدفة المركب الذي ينقله من
ميناء الحكم القائم على الحزب الواحد
إلى مرساة النظام القائم على التعددية
التي تصبح معها سوريا لكل أهلها، بلدا
لا يُستثنى فيه طيفٌ أو طائفة أو حزبٌ
على طريقة الإقصاء التي انتهجها بريمر
في العراق.والأهم من ذلك كله إعطاء
الوقت الكافي للانتقال السلمي من
الوضع الراهن إلى الوضع الذي يتم
الاتفاق عليه بين جميع الأطراف،وعلى
العكس من ذلك، فإذا ركب طرفا النزاع
رأسيهما،وإذا ما قام العرب بقطع حبل
التواصل مع النظام، وحصَروه في المربع
الضيق سيُعقّدون الأمر كثيرا وسيؤدي
ذلك إلى إطالة المواجهة وزيادة
تداعياتها، بما في ذلك معاناة
اللائذين بمخيمات الإيواء، وفتح
المجال لتدخل الأجنبي، والدفع
بالمتخاصمين إلى الحرب الأهلية، لذلك
يترتب على الجميع أن يدركوا باكراً هذه
الحقيقة. ================= السبت، 19 تشرين الثاني 2011 01:34 د.فيصل القاسم السبيل • يا الله كم هم عاجزون ويائسون وبائسون
أولئك الذين يفضلون الحاضر المرير
خوفاً من المستقبل المجهول. • الشعوب الحرة فقط تصنع مصيرها. • الشعوب الخائفة من المستقبل بعد نفوق
الطواغيت المتساقطين جديرة بحياة
القطعان. • فقط الشعوب مستلبة الإرادة هي التي
تخاف مما سيأتي بعد زوال الأنظمة
الساقطة والمتساقطة. • لا بارك الله بشعوب تفضل حياة القطعان
فقط لأنها خائفة مما يحمله المستقبل. • كل من يقول إنه يخشى على بلاده من
القادم المجهول بعد الثورات فكلامه
ينزل برداً وسلاماً على الطواغيت
الحاليين. • إذا كانت الشعوب تخاف من المجهول وتفضل
البقاء تحت حكم الطواغيت فلتبشر بمائة
عام أخرى من الطغيان. • أشعر بقرف شديد عندما اسمع احد
المنافقين وهو يعبر عن خوفه من فترة ما
بعد نفوق الطواغيت الحاليين. • كل من يتذرع بالخوف من عدم وجود البديل
للأنظمة المتساقطة فهو منافق وعدو
مستتر للثورات المباركة. • من يريد الحوار والتصالح مع الأنظمة
المحاصرة بالثورات الشعبية إما مغفل
أو عميل أو مندس حقيقي. • مهما كان المستقبل مجهولاً فسيكون أفضل
من حاضرنا بشرط أن نمتلك إرادة التغيير
الحقيقي وليس استبدال شهاب الدين
بأخيه الذي هو.... • في حالتنا العربية الحالية الشيطان
الذي تعرفه أحقر ألف مرة من الشيطان
الذي لا تعرفه. وألف مرحباً بالشيطان
الذي لا نعرف. • للعلم فقط فإن معظم الطواغيت الساقطين
والمتساقطين هم من حثالات العرب. ولا
يمكن أن نتوقع أسفل وأسقط منهم في
المستقبل. • لا يمكنك مداواة السرطان بالمراهم(الإصلاح).
الأورام (الطواغيت) تتم معالجتهم
بالاستئصال فقط. • لماذا نخاف من خراب مالطة إذا كانت
مالطة (بلادنا) خربة أصلاً؟ • الخرب لا يخرب يا جماعة. ونحن مجتمعات
خربة بفضل "قياداتنا التاريخية
الحكيمة". فلماذا إذن الخوف؟ • الدول المحترمة تناقش القضايا الكبرى
ونحن ما زلنا نناقش كيف نبني مجتمعاتنا
ونحميها من الصراعات الطائفية
والقبلية والحروب الأهلية. • اضحك عندما اسمع كلمة "مؤامرة".
لماذا يتآمر الأعداء علينا.هل يتآمرون
على ديموقراطيتنا أو عيشنا الرغيد أو
دولنا العظيمة. لا احد يركل قطا ميتاً. • أليس أولى خطوات الإصلاح الصدق
والاعتراف بوجود الخراب. لماذا إذن ما
زال إعلام البلدان المحاصرة بالثورات
يكذب وينكر ليل نهار؟ • أي حروب أهلية أو صراعات داخلية يمكن أن
تحدث في بلادنا سببها الطواغيت العرب
الذين عملوا دائما بالمبدأ الاستعماري:
فرق تسد. • لا شك أن هناك قوى خارجية لها مصلحة في
إسقاط هذا النظام أو ذاك. لكن مصلحتها
تلتقي أيضاً مع مصلحة ملايين الشعوب
الذين يريدون التخلص من تلك الأنظمة. • مشكلتنا التاريخية مع "إسرائيل"
أنها لم تحتل أرضاً عربية فحسب، بل
كرست حكم الطواغيت في البلاد العربية
المحيطة بها وتبادلت معهم المصالح. • وقف جندي إسرائيلي أمام وزير الدفاع
بعد إحدى الحروب وقال له: "أنت أحمق
وغبي أيها الوزير".عندما يجرؤ
جنودنا على انتقاد جنرالاتنا بهذا
الشكل سننتصر. • للمرة الألف: الإعلام الخارجي يغطي فقط
عشرة بالمائة أو اقل مما يحدث في
البلدان الثائرة. الوضع اخطر بعشرات
المرات على الأرض. • لا تنس انك تشاهد أفلاما خيالية لدى
متابعتك تغطيات التلفزيونات الرسمية
للثورات الشعبية. إياك أن تصدق شيئاً.
فكل ما تشاهده هو تأليف وإخراج. • الرجاء استخدام آلة حاسبة عندما
تشاهدون التلفزيونات الرسمية في
البلدان الثائرة كي تقسموا ما تشاهدوه
على مليون فتكون النتيجة صفراً مكعباً
من الكذب. • يقول أحد الإعلاميين المنشقين عن احد
التلفزيونات الرسمية إن المسؤولين
يمضون معظم الوقت في تأليف الروايات
بدل تغطية الأحداث. • كل من يصدّق رواية الإعلام الرسمي في
البلدان الثائرة يكون مشاركاً في
تدمير بلده وإحباط الثورة على الظلم
والطغيان. • إذا كنت من هواة السينما من الأفضل
مشاهدة تغطية الإعلام الرسمي للثورات
على أن تشاهد أفلاما خيالية. • أشفق أحيانا على الإعلام الرسمي العربي
لأنه يعتمد بالدرجة الأولى على كتاب
سيناريو أكثر من الاعتماد على
إعلاميين. • احد الحكام العرب لم ينزعج من
المظاهرات ضد نظامه فقط بل كان انزعاجه
اكبر من الذين صوروها ونشروها في وسائل
الإعلام المختلفة. شوفوا الشفافية. • ما عاد الاستبداد ممكناً بوجود الثورة
الإعلامية الحديثة. فكل من يمتلك خدمة
انترنت وموبايل أصبح سلطة رابعة شاء من
شاء وأبى من أبى. • كل الطغاة عبر التاريخ كهتلر وموسوليني
وستالين وتشاوسيسكو اعتمدوا على
الحشود المنظمة لإثبات شرعيتهم
الزائفة. • إذا كان بعض الحكام واثقين فعلا من
تأييد الشعوب لهم لماذا لا يجرون
انتخابات حرة بدل الاستفتاءات السخيفة
والمسيرات الجماهيرية المنظمة؟ • متى ننتقل من مرحلة التصويت القطيعي
المتمثل بالمسيرات المسيّرة إلى مرحلة
التصويت الفردي الحر؟ • كيف يمكن أن نصدق نظاماً يسحق شعبه
ويدعي مقاومة الأعداء؟ ================= عبد الباري عطوان 2011-11-18 القدس العربي تسارعت وتيرة
التحذيرات من انزلاق الاوضاع في سورية
الى حرب اهلية، والنتائج الدموية التي
يمكن ان تترتب عليها. سيرجي لافروف
وزير الخارجية الروسي كان اول
المحذرين، ثم تبعه بالأمس السيد احمد
داوود اوغلو وزير خارجية تركيا، ومن
المؤكد ان آخرين سينضمون الى هذا
النادي في الايام القليلة المقبلة. النشاط العسكري المتزايد للجيش السوري
الحر الذي يتزعمه اللواء المنشق رياض
الاسعد الموجود حاليا في تركيا، وقصف
وحدات منه مقرا للمخابرات، والهجوم
على حاجز امني سوري، ووقوع قتلى في
اوساط الجنود والضباط الرسميين هو
الذي ادى الى صدور مثل هذه التحذيرات،
لان هذه العمليات والمواجهات
العسكرية، تنتقص من صفة 'السلمية'
للثورة السورية، او احد قطاعاتها
الحيوية. المتحدثون باسم المجلس الوطني السوري
الذي يمثل قطاعا عريضا من المعارضة،
يقولون ان الجيش السوري الحر الذراع
العسكرية للثورة او الانتفاضة
السورية، يقدم على هذه الاعمال
العسكرية انطلاقا من واجبه في حماية
المواطنين العزل الذين يتصدون لرصاص
الامن والجيش بصدورهم العارية، بينما
يصف النظام من يهاجمون قواته بأنهم 'عصابات
مسلحة' تمكنت من قتل اكثر من الف جندي
حتى الآن. لن نجادل حول ما اذا كانت هذه الحرب
الاهلية قد بدأت ام لا، ولكن ما نرى
لزاما علينا التوقف عنده هو النتائج
الكارثية التي يمكن ان تؤدي اليها، ليس
في سورية وحدها، وانما في المنطقة
العربية بأسرها، والجوار السوري على
وجه الخصوص. نحن لا نبرئ النظام السوري مطلقا من
المسؤولية الكبرى عن تدهور الاوضاع
الى هذه الدرجة المأساوية التي نرى
فصولها تتوالى، فرفضه كل النصائح،
واصراره على الحلول الامنية الدموية،
وعدم الايفاء بوعوده في الاصلاح، كلها
جملة اسباب، الى جانب اخرى ادت الى
حمامات الدم التي نراها حاليا، وقد نرى
اضعافها في المستقبل. الحلول الامنية الدموية ادت حتى الآن الى
مقتل 3500 شخص، بينهم الف جندي حسب ما
يقول المرصد السوري لحقوق الانسان،
وتقارير الامم المتحدة، وهو رقم ضخم
بكل المقاييس، ولكن كم سيكون حجم
الضحايا لو انفجرت الحرب الاهلية في
البلاد، وبدأت التدخلات الخارجية،
المباشرة او غير المباشرة، في تهريب
الاسلحة عبر الحدود السورية الشمالية
والجنوبية والغربية والشرقية؟ لم يكن من قبيل الصدفة ان الدول التي
عارضت او امتنعت عن التصويت، او عارضت
قرار مؤتمر وزراء الخارجية العرب
بتعليق عضوية سورية في جامعة الدول
العربية هي اليمن ولبنان والعراق
والجزائر، والقاسم المشترك بينها
جميعا هو اكتواء شعوبها وانظمتها
بنيران الحروب الاهلية. الحرب الاهلية في الجزائر بين الجيش
والاسلاميين الذين حرموا من فوزهم في
الانتخابات التشريعية اودت بحياة مئتي
الف انسان، والحرب الاهلية اللبنانية
استمرت 17 عاما وسقط فيها عشرات الآلاف،
اما الحرب الاهلية اليمنية فاستمرت
سنوات واستدعت تدخلات خارجية عربية،
وبقية القصة معروفة. ' ' ' سورية ليست بحاجة الى حرب اهلية لا سمح
الله، وانما وساطة جادة، ونظام متعقل
يتخلى عن حالتي الانكار والعناد
المسيطرة عليه، ومعارضة مسؤولة ذات
موقف مستقل تقبل بمبدأ التعايش مع
الآخر، وترفض التدخل العسكري الخارجي،
وتقرأ الاوضاع بشكل علمي موضوعي دقيق
بعيدا عن التشنجات والشعارات الكبرى
التي يصعب تحقيقها. من المؤسف اننا لا نرى معظم هذه العناصر
متوفرة لدى جميع الاطراف المنخرطة في
الأزمة السورية، ويلعب العنصر الخارجي
دورا في تحريض كل طرف على التمسك
بمواقفه، فالروس والصينيون، ومعهم
الايرانيون طبعا، يحرضون النظام على
الصمود ورفض التنازل للشعب، والجامعة
العربية تحرض المعارضة على عدم
التفاوض مع النظام، والمطالبة بسقوطه
اولا، وهناك دول عربية بدأت تذهب الى
ما هو ابعد من ذلك، اي تهريب الاسلحة. هناك قرار عربي وغربي صدر فعلا باسقاط
النظام السوري، ويجري العمل على
تنفيذه حاليا بطرق عديدة بدأت
بالدبلوماسية وسياسة العزل والحصار
والشيطنة (وكيل الاتهامات للنظام
بالقمع والفساد والدموية ينطوي على
الكثير من الصحة) على غرار ما حصل
للنظام العراقي السابق، والعمل
العسكري في نهاية المطاف. جميع المؤشرات توحي بان هناك خطة تتبلور
في الوقت الراهن، وان خطوات التنفيذ قد
تبدأ بإقامة مناطق عازلة او محميات
داخل الاراضي السورية اشبه بمنطقة
الحظر الجوي التي اقامها حلف الناتو في
مدينة بنغازي الليبية، تحت عنوان
حماية المدنيين، وتركيا التي باتت
عضوا اصيلا في الجامعة العربية، تشارك
في جميع اجتماعاتها، وربما تأخذ مقعد
سورية بشكل مؤقت تمهيدا للعضوية
الدائمة، هي المرشحة للدور الاكبر في
هذا الصدد. والسيد داوود اوغلو قال في
الامس في باريس ان قرار اقدام تركيا
على اقامة مناطق عازلة يتطلب التنسيق
والتشاور مع الدول العربية. سورية تختلف عن ليبيا فعلا لان الجيش قوي
ويدعم النظام، وفيها طوائف واديان
واعراق متعددة، ومعظم هذه الطوائف (الدروز
والمسيحيون والعلويون، وبعض السنة) ما
زالوا متعاطفين مع النظام لأسباب
متعددة. ' ' ' صحيح ان اصدقاء النظام السوري من العرب
يكادون يكونون معدومين، وان وجدوا،
فقلة قليلة، ولكن هناك اصدقاء غير عرب
ايضا لا يجب الاستهانة بقوتهم، ونحن
نتحدث هنا عن ايران وروسيا والصين،
ويجب ان لا ننسى 'حزب الله' القوة
المجربة في الجوار اللبناني. مع ذلك لا بد من الاعتراف بأن كل يوم يمر
يضيق هامش التحرك لدى النظام السوري،
فقد حققت الضغوط العربية والاقليمية
والدولية، والحملات الاعلامية
المكثفة اهدافها في تهشيم صورة الرئيس
بشار الاسد ونظامه، بشكل مروع، بحيث
باتت فرص المناورة امامه محدودة
للغاية، ولذلك عليه ان يلعب آخر ما
تبقى لديه من اوراق وفورا قبل فوات
الأوان. نصحنا الرئيس السوري كثيرا، مثلما نصحه
العديد من اصدقائه، باتخاذ خطوات
اصلاحية، حتى قبل انفجار الانتفاضة
السورية المشروعة، ولكنه للأسف لم
يستمع الى نصائح احد، وفي افضل الحالات
تظاهر بالاستماع، ولم ينفذ مطلقا. ولكن
هذا لا يعني ان نتوقف، لأننا نحرص على
سورية واهلنا فيها، في اي خندق وقفوا،
او اجبروا على الوقوف، ونلخص نصيحتنا
التي قد تكون الاخيرة في النقاط
التالية: السلطات السورية تقول ان الشعب، او
القطاع الاكبر منه يؤيدها، والدليل
على ذلك المظاهرات المليونية، بينما
تقول المعارضة ان الشعب لا يريد
النظام، فلماذا لا تقوم الحكومة اذن
باجراء استفتاء عام للمواطنين،
وبمراقبين من الجامعة العربية ومنظمات
حقوق الانسان العالمية، ويكون هذا
الاستفتاء مختصرا: هل تؤيد الحكم؟ اجب بنعم او لا. وفي حال جاءت الاغلبية
معارضة للنظام فإن على الرئيس ان يتنحى
فورا وكل اركان نظامه، واذا جاءت
الاغلبية مؤيدة له، فعلى المعارضة
والجامعة تأييد رأي الاغلبية شريطة ان
يبدأ الحوار وتبدأ الاصلاحات
الديمقراطية، ويتم تكليف حكومة وحدة
وطنية انتقالية تعد لانتخابات رئاسية
وبرلمانية وتكوين مجلس عسكري اعلى من
شرفاء ضباط الجيش ليكون ضامنا لهذه
المرحلة الانتقالية على غرار ما يحدث
في مصر. هذه الصيغة، السهلة الممتنعة، لو جرى
تبنيها ستشكل مفاجأة للعالم اجمع،
وستخلط كل الاوراق، فهل يفعلها النظام
حرصا على سورية وشعبها، وحقنا للدماء،
وإغلاقا لجميع الابواب امام التدخلات
الأجنبية، عسكرية كانت ام سياسية؟. نشك ان يستمع النظام السوري الى هذه
النصيحة، او اي نصائح اخرى، ويبدو ان
الكلمة النهائية في سورية لن تكون لصوت
العقل، ولا الاحتكام الى صناديق
الاقتراع ورأي الشعب، وانما الى
الصواريخ والمدافع، مما يعني ان الحرب
الاهلية التي قد تكون بدأت فعلا هي
النهاية المحتومة. ================= السبت, 19 نوفمبر 2011 عبدالعزيز السويد الحياة موقف الجامعة العربية تجاه النظام السوري
سابقة في تاريخها، وإذا ما قورن
بموقفها في الحالة الليبية لاشك في انه
أكثر تقدماً ورشداً. دعنا نقول إنها
استفادت من التجربة الليبية التي
استباح فيها الناتو أراضي ليبيا
بطائراته، أو أن قوى تحركت في داخلها
في شكل مغاير للسابق. عاب تحرك الجامعة
البطء في التعامل مع الحالة السورية
وكانت هناك مهادنة أو مهل متعددة، وهو
أمر مفهوم إذا ما أخذنا في الاعتبار
تاريخ الجامعة في عدم التدخل في «الشؤون
الداخلية» لأعضائها، فهذا ليس معروفاً
عنها لكن المشكلة أن الحرج من التدخل
سيعني تدخلاً خارجياً بصورة أو أخرى. عدم الجدية التي قابل بها النظام السوري
محاولات الجامعة الطويلة النفس، تحول
إلى صدمة كبيرة بعد قرار تعليق مشاركة
الوفود. ترى أثر الصدمة في الإعلام،
وتراها اكثر في الارتباك مثل التغاضي
عن الاعتداء على سفارات عربية وأجنبية
وهو ما فتح الباب لمجلس الأمن للتحذير
والتذكير بالمعاهدات الدولية، كان هذا
خطأ فادحاً ودل على نفاد صبر خسر بسببه
النظام كثيراً. والقصة في تعليق مشاركة وفود النظام لا
الدولة السورية، فالجامعة كما تذكر
بنود مبادرتها تحاول المحافظة على
الدولة السورية وحماية مواطنيها ووحدة
أراضيها، وما زالت هناك فرصة للحل
العربي لكنها تتطلب قدرة أكبر على
التنازل من جانب السلطة السورية، ومع
مرور الوقت يزداد حجم القدرة
المطلوبة، والتنازل لغة لا تعرفها
الأنظمة الشمولية، المعروفة بالصلف
والتعالي، مثل الإصرار على أن الحل يجب
أن يكون «سورياً» كما كرر وزير
الخارجية وليد المعلم في مؤتمره
الصحافي الأخير، والمشكلة أن الطرف
الآخر «الثورة» يطالب بإسقاطه، فهو
يراه أساس المشكلة لا جزءاً من حلها. وتعيد بعض القنوات الفضائية السورية هذه
الأيام خطابات قديمة للرئيس السابق
حافظ أسد يتحدث فيها بعمومية عن وعي
الشعب وقدرة الشعب واستيعابه
للمؤامرات من «الإذاعات» الأجنبية،
والخطاب منتقى بعناية وكأنه يتحدث عن
الحالة السورية الماثلة أمامنا، لكن
المشكلة أن الشعب الآن أو جزءاً مؤثراً
منه على الأقل هو الذي يريد إسقاط
النظام. ================= حسين شبكشي الشرق الاوسط 19-11-2011 ككرة الثلج المتدحرجة من قمم الجبال
الباردة تزداد قوة وسرعة مع حراكها
والجاذبية وقوة الدفع التي تقودها،
هكذا هو حال الثورة السورية التي تأبى
أن تتوقف قبل أن تحقق أهم أهدافها؛ وهو
إسقاط النظام القائم بعد أكثر من أربعة
عقود من الذل والقهر والفقر والحرمان
والقمع والدم. شهد الأسبوع الفائت مجموعة من المواقف
الرسمية والمظاهر الإعلامية من النظام
السوري تثبت أنه دخل مرحلة الهذيان
السياسي والهلوسة التي تسبق حشرجة
الموت وخروج الروح. إدانة عربية لنظام
الأسد وتعليق عضويته في الجامعة
العربية، ثم انطلاق أبواق النظام على
لسان مندوبه بالجامعة وفريق لا حصر له
يقوم بالشتم والسباب واللعن والتخوين
لكافة الدول العربية التي أخذت الموقف
الشريف الشجاع لمناصرة الشعب السوري
الذي يذبح يوميا لثمانية أشهر متتالية
بشكل وحشي دون رحمة. لم يكتف النظام بذلك بل قام بالاعتداء على
السفارات والقنصليات وإتلاف
محتوياتها بشكل همجي ومخالف لكل
الأعراف والمواثيق والأنظمة
الدبلوماسية الدولية. وفي الوقت ذاته
أصبح عدد المنشقين من جيش النظام
السوري والمنضم إلى الثورة رقما نوعيا
بات من الممكن قياسه بالمئات بشكل
متواصل بعد أن كان يقاس بالعشرات وبشكل
متقطع في المراحل السابقة. سيُدرس في
يوم من الأيام كيف انهار نظام البعث
الأسدي بالشكل الذي حصل، كيف انكسر
جدار الخوف وتحطمت آلة الرعب، سيُدرس
في يوم ما كيف روج النظام لسنوات طويلة
أكذوبة أنه نظام علماني لا طائفي،
بينما لغة الأرقام تفضح واقعا مخالفا
تماما وهو حصر كل المناصب النافذة
والمؤثرة بالطائفة العلوية وكذلك
الأمر داخل المؤسسة العسكرية التي
تحتل رتبه الرئيسية مجاميع منظمة
مكدسة من الطائفة العلوية الحاكمة لا
تتناسب أبدا مع نسبتهم من عدد سكان
سوريا الإجمالي. بينما بقيت المناصب
الأخرى شكلية وغير مؤثرة أبدا في حقيقة
الأمر. نظام كان يروج بلسان المقاومة والممانعة
وهو الذي بقيت حدوده مع إسرائيل، التي
تحتل هضبة الجولان السورية لأكثر من
أربعة عقود، الأكثر هدوءا وأمنا دون أي
إزعاج أو مشهد من مشاهد المقاومة
والممانعة هذه. عقدة حماه تلك المدينة
الباسلة التي دفعت من شبابها وأهلها
فاتورة باهظة الأثمان عام 1982 تعود
اليوم مع شقيقتها حمص وهما بنتا نهر
العاصي الذي يمر كحبات وقطرات «القطر»
فيهما فيسقي أبناءهما بروح الثورة
المستمرة الاشتعال بلا توقف مجبرة
معظم السوريين في مختلف أنحاء البلاد
على الانضمام إليهما. اليوم هناك حديث واضح الملامح في اتجاه
واحد وهو تأسيس منطقة عازلة آمنة،
الغاية منها توفير الأمان للمدنيين من
بطش النظام القمعي القاتل وهي مسألة
ستحدث عما قريب في منطقة بالقرب من
مدينة حلب بالشمال السوري وعلى مقربة
من الحدود التركية. زيادة قوة الجيش
السوري الحر العددية وقيامه بتشكيل
مجلس عسكري مؤقت يعني أنه أصبح معادلة
حقيقية وصعبة على أرض الواقع ولا يمكن
إنكاره أو الاستهزاء به كما حاول فعل
ذلك أحد محللي النظام السوري، وقال
معلقا: «إن عدد المنشقين من الجيش
السوري يعادل نفس الرقم الذي ينشق
سنويا». هذه النوعية من الأكاذيب مثلها مثل
أكذوبة أنه لا توجد ثورة أصلا في
سوريا، أو الكذبة الأخرى أن سوريا
ستقوم بعمل حظر جوي على كافة دول
المتوسط. إنه مؤشر آخر على الإفلاس
الهائل لنظام لم يتمكن من تقديم شيء
لشعبه إلا الخوف والمعتقل عبر أربعين
عاما من الوهم. سوريا أعظم من أن يحكمها
«أب» انقلب على رفقائه الضباط ثم
ورّثها «للابن» ويدخل على الخط الآن «العم»
لركوب موجة الثورة لعله يطلع فيها
بنصيب له. سوريا ذات يوم كانت بلدا
ديمقراطيا بأحزاب وبرلمان وإعلام
وحرية وعدالة قبل أن يأتي نظام أهوج
باسم البعث، لم يكن في واقع الأمر سوى «عبث»
بالكرامة والحريات والآمال والأمن. سيُدرس في يوم من الأيام كيف استبد نظام
الأسد بشعب أبي حر وسلبه الكرامة حتى
خرج الآلاف من الشباب يطالبون بإسقاط
النظام ويدعون أحرار العالم أن
يناصروهم ويقفوا معهم. لم تحصل أن خرجت
ثورة تطلب حرية وكرامة وعادت إلى دارها
دون أن تحققهما. الساعة الرملية تتساقط
منها آخر الذرات الرملية وبعدها
سيحتفل العالم بتحرير سوريا وخلاصها
من الكابوس ونهاية البعث والعبث! ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 19-11-2011 يقول الزعيم «الشيعي» العراقي مقتدى
الصدر في رسالة وجهها إلى «الثوار في
سوريا الحبيبة» بأنه «كونوا على يقين
بأني مؤمن كل الإيمان بقضيتكم»، لكن
هناك «فارقا كبيرا» بين ما يحدث بسوريا
و«الثورات العظيمة في تونس ومصر
وليبيا والبحرين واليمن»! وهذا ليس كل شيء، فوقاحة الصدر بلغت حد
دعوته السوريين للإبقاء على الأسد
لأنه «معارض للوجود الأميركي،
والإسرائيلي، ومواقفه واضحة، ليس كمثل
من سقط من قبله، أو سيسقط»! مضيفا، أي
الصدر، في خطابه «الإدانة» للسوريين،
بأن «بعض أراضيكم ما زالت محتلة»،
وعليه فإنه مطلوب الحذر من سقوط سوريا
«في هاوية الإرهاب والتشرذم في حال
حدوث فراغ في السلطة». ويقول الزعيم «الشيعي»
للثوار السوريين «نحن نؤيد مظاهراتكم
لإبداء رأيكم، لكن هناك الجموع
الغفيرة التي رأيها لصالح بقاء
الحكومة وهذا يستدعي منكم كشعب أن
تتحاوروا وتتركوا الصدام»! فإذا لم تكن تصريحات الصدر هي العري
السياسي، والطائفي، بعينه فماذا عسانا
أن نسميها؟ فهذا زعيم شيعي قيل إنه حصل
على أعلى المراتب العلمية من إيران،
وأصبح يفقه، ولا ندري في ماذا، يؤيد
الأسد البعثي ضد شعبه فقط بدافع
الطائفية، لا غير، وهو، أي الصدر، ابن
أسرة شيعية تفخر بعدائها للبعث، ومنذ
زمان نظام صدام حسين، ويسخر كل
إمكاناته اليوم لمعاداة نصف
العراقيين، أي السنة، بحجة أنهم
بعثيون، فهل من تطرف أكثر من هذا؟ أمر
محبط، ومخز بالطبع، لكن العزاء
لمنطقتنا، وخصوصا العقلاء فيها، أن «رب
ضارة نافعة»، حيث انفضح زيف هؤلاء
الطائفيين من أمثال الصدر، وحسن نصر
الله، الذين لا يختلفون أبدا عن أسامة
بن لادن، وأيمن الظواهري، وأبو مصعب
الزرقاوي، حيث لا فرق بينهم، فكلهم
طائفيون، وتجار دم ودين، وأبعد ما
يكونون عن العلم والمعرفة والتقى، وإن
تلحفوا بالتقية، الشيعية منها والسنية. فالصدر لا يخجل من دعوة السوريين لقبول
بشار الأسد رغم أن نظامه، وقبله نظام
أبيه، قد قتلا آلاف السوريين، والله
يعلم دقة العدد بالطبع، بل إن الصدر
يدعو السوريين للحوار مع الأسد،
ويذكرهم أن جزءا من أراضيهم محتل، وكان
حريا بالصدر أن يسأل نظام الأسد نفسه
لماذا ظلت أراضيه محتلة دون إطلاق
رصاصة واحدة لتحريرها طوال عقود من
الزمان! بل وعلينا نحن كعرب أن نتساءل
لماذا يدافع الصدر، وحسن نصر الله، عن
الأسد في نفس الوقت الذي يدافع عنه
الإسرائيليون، وآخرهم رئيس الطاقم
السياسي الأمني بوزارة الدفاع
الإسرائيلية عاموس جلعاد، وكذلك الروس
تجار حروب منطقتنا الفاشلة؟ كما أن على العرب، وقبل أي أحد آخر، أن
يطرحوا على أنفسهم أولا، ثم على
الأميركيين، سؤالا جادا جدا، وهو: هل
العراق يسير بالطريق الصحيح؟ وهل
الانسحاب الأميركي المتسرع من هناك
أمر منطقي، خصوصا أن العراق قد سلم،
وبشكل واضح، لحفنة من الطائفيين الذين
ما هم إلا دمى بيد إيران؟ لا بد من طرح
هذا السؤال، ليس لقمع الشيعة، بل لتجنب
شرور إرهابييهم، وطائفييهم، ولتجنيب
منطقتنا حقبة أخرى من التخلف، والحروب. ================= نظام الأسد.. نهاية
الطريق أم نهاية التاريخ؟ عبدالله بن جاد العتيبي الشرق الاوسط 19-11-2011 تستمر الجامعة العربية بقيادة خليجية
وتنسيق مع تركيا في ممارسة مزيد من
الضغوط على ما تبقى من نظام الأسد، وهي
تطالب النظام السوري، وبإلحاح، بأن
يعلن كتابيا بقبوله بمراقبين عرب يتم
نشرهم في عدد من المواقع التي تشهد
توترا عاليا وعنفا مبالغا فيه في المدن
والأرياف داخل سوريا، لضمان وقف القتل
وسحب القوات المسلحة وحماية المدنيين،
والمهلة ثلاثة أيام، حسب ما صدر يوم
الخميس الماضي من الرباط، على أن يتم
إرسال المراقبين فور موافقة النظام. يمكن الحديث هنا عن نهاية الطريق بالنسبة
لنظام أبان عن عجز كامل عن أي قدرة
للتعامل بشكل مختلف تجاه أزمة بلاده،
وضغوط الجامعة والدول العربية، وتركيا
تؤكد أن طريق النظام قد شارف على
نهايته في قصة دامية كتب هو أول سطر في
نهايتها بيديه. وكما فعل لويس السادس عشر في فرنسا، حين
كانت لديه، بالإضافة لجنوده الفرنسيين
«قوة مهمة أخرى متمثلة في الجنود
المرتزقة المجندين من الأقوام
الأجنبية، من السويسريين والألمان
بخاصة»، وكما لجأ نظام القذافي في
مواجهة الثوار المسلحين ضده لا إلى
كتائبه الوطنية فحسب، بل استعان
بالمرتزقة من عدد من الدول الأفريقية
وبعض دول أوروبا الشرقية سابقا، فكذلك
فعل الأسد بعد استمرار احتجاجات شعبه
وظهور انشقاقات في جيشه؛ حيث لجأ
للاستعانة بقوات من الحرس الثوري
الإيراني وعناصر من حزب الله
اللبناني، وذكر أحد المعارضين
السوريين شيئا من دعم جاء من قبل بعض
الميليشيات العراقية الشيعية. يشعر نظام الأسد أن سحب قواته من المدن
ووقف العنف والشبيحة قد يكونان نهاية
نظامه، وربما كان محقا، لكنه يغفل عن
أن الضغوط العربية الآخذة في التصاعد
قوة وفي الإسراع زمنا قد تكون أخطر
عليه، وكما عجز عن اجتراح أي حل سوى
العنف في المرحلة الماضية، فإنه اليوم
يبدو أكثر عجزا عن التفاعل مع الظروف
الجديدة والمواقف السياسية الصلبة
للجامعة العربية والدول العربية
وتركيا. لا يبدو أن الأسد الجريح سيكتفي بلعق
جراحه فحسب؛ فمع تضييق الخناق عليه
سيلجأ لمحاولة تصدير المشكلات للخارج،
خاصة لدول الخليج، وربما نسمع في
الأيام المقبلة مزيدا من الأخبار التي
تتحدث عن اكتشاف مؤامرات تخريبية
جديدة غير تلك التي سمعنا في الأسابيع
القليلة الماضية. بدأ المدافعون عن النظام السوري بدفع
واضح منه يتخذون مسارين، الأول: تصعيدي
في خطابه السياسي ولهجته الاستعلائية
التي تتبنى التهديد والتخويف على
الطريقة القديمة، ويعبر عن هذا بعض
تصريحات ممثلي النظام في وسائل
الإعلام؛ حيث محاولات استعمال العنف
المادي من ضرب باليد والكراسي، وحيث
تصعيد اللغة التخوينية الرخيصة تجاه
المعارضين، ومن تابع الفضائيات
العربية الأسبوع الماضي لا بد أن يكون
قد شاهد شيئا من هذا. ومن قبل ومن بعد
تبقى تصريحات حسن نصر الله ملتهبة
دائما. المسار الثاني: مسار يعتمد التهدئة ولغة
سياسية ناعمة، وعبَّر عن هذا المسار كل
من نبيه بري، رئيس مجلس النواب
اللبناني، وميشال عون، زعيم التيار
الوطني الحر بلبنان، وذلك في خطابين
رقيقين موجهين للعاهل السعودي الملك
عبد الله بن عبد العزيز، يطالبانه
بالسعي إلى حل الأزمة السورية، وأن
الأمل في حلها معقود عليه. كان بري سوريا دائما، وعاد عون من منفاه
ليصبح سوريا مزايدا، وتوجههما بمثل
هذا الخطاب لا يعني إلا شيئا واحدا، هو
أن النظام السوري بدأ يشعر بالاختناق
ويرمي بأوراقه كلها، بل وببعضها التي
يعتبرها كبارا لتفادي مصير بات يبدو
لدى الكثيرين محتوما إلا لديه. مع أن مصير النظام بات متجها لنهاية طريق
شبه محتومة، إلا أنه لم يزل بيده
اختيار نوع تلك النهاية ولونها، فإما
نهاية سلمية خضراء يعلن فيها بشار
تنحيه عن السلطة وتسليمها لنائب له
تختاره المعارضة، وسحب القوات المسلحة
من الشوارع وإيقاف قتل المدنيين،
والاستجابة لمطالب الجامعة العربية
بالسماح للمراقبين بدخول البلاد، ورسم
مرحلة انتقالية تضمن انتقالا سلسا
للسلطة يجنب الشعب والدولة ويلات حرب
أهلية ومنازعات دامية، وهو خيار يبدو
بعيد المنال لمن يعرف طبيعة النظام
السوري. وإما - وهو الخيار الثاني - أن يختار نهاية
عنيفة دامية تحرق الأخضر واليابس على
طريقة خيار شمشون، ويأمل النظام من
خلالها لا تدمير سوريا اليوم فحسب، بل
ضمان استمرار النزاعات والدمار حتى
بعد سقوطه الكامل. لئن كان بشار الأسد - ولم يزل - يستهين
بالعقوبات الدولية، وبالعقوبات
الاقتصادية، ويجبره خطاب الشعارات
الذي يتبناه سياسيا وإعلاميا على
مواصلة النهج ذاته، فإنه بممانعته
للمتغيرات ومقاومته للمستقبل لن يفعل
شيئا أكثر من إطباق فكي كماشة العقوبات
على نظامه. كان فرانسيس فوكوياما متفائلا بمستقبل
أفضل حين طرح كتابه «نهاية التاريخ» 1993،
بينما كان مثقف متشائم آخر يلملم
أوراقه البائسة الأخيرة مستعدا
للرحيل، وهو إميل سيوران (ت 1995)، ويبدو
أن فوكوياما لم يطلع على ما قاله
سيوران في كتابه «مساوئ أن يكون المرء
قد ولد» الصادر عام 1973 حين قال: «كل جيل
يعيش في المطلق، ويتصرف كما لو أنه بلغ
القمة، بل نهاية التاريخ». ولئن مضى سيوران محافظا على تشاؤمه
القديم فقد كان لدى فوكوياما فسحة من
الدهر وازدياد من المعرفة قادتاه
لإعادة النظر في تلك النهاية
المتفائلة للتاريخ التي بشر بها، إلا
أنه وعلى العكس فإن الرئيس السوري الذي
بات يرى نهاية الطريق لنظامه يريد أن
يجعلها نهاية التاريخ للدولة والشعب
والوطن في سوريا. ====================== الحركة التصحيحية في
الذكرى ال41.. والاخيرة! صبحي حديدي 2011-11-17 القدس العربي • الطفل السوري
غياث غياث مطر وُلد يوم 16 تشرين الثاني
(نوفمبر) 2011، في الذكرى الحادية
والأربعين ل'الحركة التصحيحية'، ذلك
الانقلاب الذي نفّذه حافظ الأسد على
رفاقه في حزب البعث، واستولى بعده على
مقاليد السلطة كافة، فأطلق تراثاً في
الاستبداد، والنهب والفساد، والتجييش
الطائفي، وبناء شبكات الولاء
والاستزلام والاستنفاع... سوف يُورّث
إلى نجله. غياث مطر، والد الطفل الذي
أبصر النور في الذكرى هذه، كان قد
استُشهد عن 26 سنة، بعد أن اختطفته
مفارز مخابرات القوى الجوية، وأعادته
إلى أهله جثة هامدة جرى التمثيل بها،
وكانت تحمل آثار تعذيب وحشي، وجروحاً
في الصدر والوجه، وشقّاً طولياً في
البطن تمّت خياطته (ويوحي باحتمال سرقة
أعضاء، وهو تقليد صار مؤكداً بعدئذ،
ولوحظ في جثث عدد من الناشطين الذين
تمّت تصفيتهم داخل المعتقلات). غياث الأب ولد و'الحركة التصحيحية' في
سنتها الخامسة عشرة، وغياث الابن ولد
والذكرى ذاتها سوف تكون الأخيرة، ليس
أغلب الظنّ كما يُقال عادة، بل
استناداً إلى كلّ وأي اعتبار راهن
منظور، أو آتٍ منتظَر، يقرّه المنطق
البسيط. وفي ساعة ولادة الطفل، كان النظام قد سفك
دماء 21 سورياً، بينهم أطفال بالطبع،
إذْ لم يعد يملك من 'سياسة' أخرى سوى
ممارسة عنف مجاني؛ وهذا بدوره لم يعد
يؤدّي أية وظيفة أو يُكسب السلطة أيّ
مغنم، بل تجرّد حتى من أبسط معادلات
العلاقة بين النفع والضرر. وكان،
سياسياً، أقرب إلى كتلة عطالة ضخمة
مترنحة، تسير خبط عشواء حتى في ناظر
أقرب الحلفاء، فما عاد هؤلاء يفقهون
سبيلاً إلى مساندته. أمّا قطعان
الشبيحة التي ظلّ يتكىء على تعطشها
للدماء، وعلى مزاجها الهمجي الذي
دُرّب على ارتكاب الجريمة بوصفها
طبيعة ثانية، فإنها صارت أكثر مهارة في
استعداء الناس على النظام (كما عند
مهاجمة السفارات العربية والأجنبية،
وحرق أعلام الأمم)، من قبائحها في كسر
معارضاته. مناسبة ولادة الطفل غياث غياث مطر أطلقت
في نفسي مشاعر شتى، اختلط فيها الترحم
على الشهيد، بالتفاؤل الإضافي والأمل
بأنّ هذه المصادفة ذات المغزى الخاصّ
لن تكون محض مصادفة عشوائية، فضلاً
بالطبع عن الابتهاج لأمّ الوليد وأهله
وشعبه وسورية قاطبة. بيد أنها، أيضاً،
أعادتني مجدداً إلى مشاهد ثلاثة سبق لي
أن توقفت عند دلالاتها، في ما يخصّ
تاريخ 'الحركة التصحيحية' تحديداً؛
وكيف تبدّلت الحال، بل الأحوال، حتى
كاد السحر ينقلب على الساحر، في
الميادين ذاتها التي لاح أنها مواطن
قوّة النظام ومفاتيح ديمومته، وفي
القطاعات التي عُدّت بين الأكثر
حساسية في ضبط توازناته الداخلية،
وحفظ بقائه. وليس بغير دروس قاسية، من
ذلك الطراز الذي يوفّره التاريخ
للطغاة أساساً، أنّ أنساق الانقلاب
ذاك انبثقت من داخل مؤسسات النظام،
ولكن لكي تصير في خدمة انتفاضة الشعب،
وليس لتمتين دفاعات النظام! ومن المعروف أنّ الانتفاضة أكسبت
السوريين، والعالم بأسره في الواقع،
مئات الأشرطة المصوّرة التي سجّلها
شبان شاركوا في الحراك الشعبي، وجرى
تحميلها على مواقع التواصل الاجتماعي
المختلفة، مثل 'تويتر' و'فيسبوك' و'يوتيوب'؛
وأنّ هذه الأشرطة كانت العامل الأكبر
في أنّ النظام خسر معركة الصورة، رغم
استمراره في إبعاد وسائل الإعلام
العربية والأجنبية عن موقع التظاهر
والإعتصام. ثمة، بينها، ثلاثة أشرطة
تصنع تلك المشاهد الثلاثة، وتحمل
خلاصات جلية حول مآلات 'الحركة
التصحيحية' في ثلاثة مستويات من انهماك
السلطة في فرض 'التربية البعثية'، التي
شملت أوساط الأطفال والشباب بصفة
منهجية مقصودة. الشريط الأوّل صُوّر في ظاهر مدينة إدلب،
شمال غربي سورية، ويلتقط أحد مخيّمات 'طلائع
البعث'، وهو اسم المنظمة التابعة للحزب
الحاكم، والتي تشرف على التربية
السياسية للأطفال بين 6 إلى 11 سنة. لكنّ
المخيّم، المخصّص أصلاً لأنشطة ثقافية
وموسيقية ورياضية خلال العطلة
المدرسية الصيفية، تحوّل إلى معسكر
اعتقال جماعي، بالنظر إلى أنّ السجون
وعشرات المعتقلات التابعة لأجهزة
الأمن السورية المختلفة، ضاقت بعدد
المعتقلين (أكثر من 70 ألف معتقل، حتى
ساعة كتابة هذه السطور)، وتوجّب البحث
عن بدائل. الشريط الثاني يصوّر مجموعة
من الشباب، يتظاهرون في مدينة
القنيطرة (عاصمة الجولان، وثمة مغزى
إضافي هنا)، أمام مقرّ 'إتحاد شبيبة
الثورة'، المنظمة التابعة للحزب
الحاكم، وتعمل في أوساط الشباب بين 12
إلى 19 سنة. أمّا اللافتة الأبرز في
التظاهرة فقد كانت تردّد لازمة
الأغنية الساخرة الشائعة: 'قالوا عنّا
مندسّين، قالو عنّا مسلّحين، قالوا
عنّا مخرّبين، قالوا عنّا سلفيين،
ونسيوا يقولوا... سوريين!' الشريط
الثالث يُظهر جمهرة من طلاب جامعة
البعث، في مدينة حمص (وثمة مغزى خاص،
هنا أيضاً، في تسمية الجامعة كما في
المكان)، يحرقون بطاقات عضويتهم في 'حزب
البعث'، وفي 'الإتحاد الوطني لطلبة
سورية'، المنظمة التابعة للحزب في
مستوى التعليم الجامعي. والحال أنّ هذه الأشرطة تحيل المشهد
السوري الراهن إلى منقلبه الابتدائي
ما بعد 16/10/1970، حين دشّن الأسد الأب
سياسات 'تصحيح' استهدفت تدعيم أركان
حكمه بالطبع، ليس على نحو وقائي مرحلي
كما خُيّل للبعض آنذاك، بل على نحو
منهجي طويل كانت سيرورة التوريث مظهره
الأوضح، وتبدو خيارات قمع الإنتفاضة
اليوم، ومجمل خطوط الدفاع التي
اعتمدها النظام ويواصل اعتمادها،
بمثابة تتويجه الأقصى. بعض تلك
التصحيحات شمل إعادة بناء الأجهزة
الأمنية، وتبديل بنية الجيش السوري
القيادية، وتأسيس وحدات عسكرية مستقلة
أشبه بجيوش داخل الجيوش (مثل 'سرايا
الدفاع'، 'الوحدات الخاصة'، 'الحرس
الجمهوري'، 'سرايا الصراع'...)؛ و بعضها
الآخر شمل الحياة السياسية، وموقع حزب
البعث في المجتمع، وإنشاء 'منظمات
شعبية' تكفل بناء شبكات الهيمنة
والولاء. أبرز 'تصحيحات' الأسد السياسية كانت
مقاربته الجديدة لتركيبة حزب البعث،
ودوره في الحياة السورية، الاجتماعية
والاقتصادية والثقافية، وكيف يمكن
تحويله إلى أداة لإدامة النظام، وخدمة
أواليات السيطرة والرقابة الأمنية
والتغطية الدعاوية، وكان هذا هو الهدف
الأهمّ. ذلك لأنّ الحزب لم يكن
جماهيرياً في أي يوم، ليس بمعنى
افتقاره الى التأييد الشعبي فحسب، بل
أيضاً بمعنى بنيته النخبوية ونظامه
الداخلي الذي يجعل التنسيب والانتساب
عملية معقدة أقرب الى اختبار السحرة.
وفي عهد 'المجموعة القومية'، أيام
ميشيل عفلق وصلاح البيطار وأمين
الحافظ؛ كما في عهد 'المجموعة القطرية'،
بعد 'حركة 23 شباط' 1966 وصعود مجموعة صلاح
جديد ونور الدين الأتاسي ويوسف زعين
وحافظ الأسد؛ ساد اليقين بأنّ التنسيب
الواسع للأعضاء الجدد يؤذي جسم الحزب
ويتسبب في تمييع خطه السياسي وتركيبته
الطبقية. ولهذا كان التركيز شديداً على
ما عُرف آنذاك ب'المنبت الطبقي'
للمرشّح، وجرى تفضيل أبناء الطبقات
الكادحة على أبناء الأغنياء من
الإقطاعيين والبرجوازيين. تصحيح الأسد تمثّل في فتح باب الحزب على
مصراعيه أمام المنتسبين الجدد أياً
كان منبتهم الطبقي، وجعل الانتساب الى
الحزب أمراً لا غنى عنه من أجل ضمان
دخول المعاهد والجامعات، ومصدراً
لتأمين 'الواسطة' الأولى للحصول على
وظيفة. وكان الغرض الضمني هو، بالضبط،
ما سعى 'القوميون' و'القطريون' الى
تفاديه: تمييع الخطّ السياسي والتركيب
الطبقي. وبالفعل، لم يمضِ وقت طويل حتى
انقلب الحزب إلى مؤسسة إنتهازية نفعية
خاضعة للأجهزة الأمنية، وسرعان ما
انخرط الأعضاء في تعامل مباشر أو غير
مباشر مع تلك الأجهزة، وأخذوا يعتبرون
كتابة التقارير الأمنية واجباً
تنظيمياً، فدانوا بالطاعة الى رؤساء
فروع المخابرات المختلفة، أكثر من
طاعتهم لأمناء فروع الحزب في
المحافظات. التصحيح الثاني تمثّل في تضخيم دور 'المنظمات
الشعبية'، ومنحها ميزانيات وصلاحيات
وإطارات عمل كفيلة بضمان استقلالها عن
الحزب، من جهة؛ وسهولة خضوعها تالياً
لتوجيه الأجهزة الأمنية والعسكرية، من
جهة ثانية. وهذه المنظمات أخذت تعمل في
قطاع العمال والفلاحين والحرفيين
والمعلمين والطلبة والشبيبة
والرياضة، إلى جانب الاتحادات المهنية
التي تضمّ المحامين والأطباء
والمهندسين والأدباء والفنانين. وكان
من الطبيعي تماماً أن تشرف الأجهزة
الأمنية على انتخابات هذه المنظمات،
وأن يكون 'التقييم الأمني' هو المعيار
الأساسي في اختيار المرشحين لقيادة
العمل. في موازاة ذاك تمّت عمليات 'عسكرة'
مباشرة لبعض هذه المنظمات، مثلما جرى
في مطلع الثمانينيات حين تولى ضباط 'سرايا
الدفاع'، تدريب الشبيبة على القفز
المظلي مقابل إعفائهم من معدّل
الدرجات المطلوبة للإنتساب الى كليات
الطب والهندسة. كذلك جرت عسكرة اتحاد
الطلبة عن طريق إلزام الطلاب
الجامعيين بأداء التدريب العسكري
المستمر. التصحيح الثالث كان الأكثر ذكاءً ربما،
والأشدّ أذىً بالتالي، تمثل في
استحداث منظمة شعبية جديدة باسم 'طلائع
البعث'، تشرف على التربية السياسية
للأطفال في سن 6-11 سنة. ولأنّ الانتساب
الى هذه المنظمة كان إجبارياً وجزءاً
لا يتجزأ من مناهج التعليم في المرحلة
الابتدائية، فقد شبّت أجيال كاملة على
العبارة/الكليشيه: 'بالروح! بالدم!
نفديك يا حافظ!' وكان الأطفال يكبرون
وهم يستدخلون سلوك عبادة الفرد وكأنه
مبدأ وطني وتربوي طبيعي تماماً،
يستكمل صورة الأسد بوصفه 'الأب القائد'،
والوحيد القادر على حكم الأهل
والمجتمع والوطن. ولأنّ 49% من سكان
سورية كانوا فتياناً أقلّ من 15 سنة،
فإنّ منظمة 'طلائع البعث' لعبت دوراً
حاسماً في تنشئة الأجيال الجديدة على
قائد واحد وسياسة واحدة، وزرعت في نفوس
الصغار حسّ الطاعة العسكرية والولاء
الأعمى للقائد، وجهدت لكي تكون هذه
التربية بمثابة لقاح مبكر يحول بينهم
وبين التقاط 'عدوى' السياسة حين
ينتقلون من مرحلة الى أخرى في الدراسة
والعمر والوعي. في قلب عناصر هذا المشهد المعقّد كانت
الطبيعة المركبة للمجتمع السوري تفرض
معطيات متشابكة ومتقاطعة تزيد
التعقيد، وتجعل الموزاييك الإثني
والديني والطائفي والمذهبي واللغوي
قابلاً لإنتاج الولاءات الكامنة،
والانحيازات الخافية أو الغائرة
عميقاً تحت سطح تلك 'التربية البعثية'.
بذلك فإنّ السياسة لم تكن هي المنتج
الأبرز لاحتقانات الداخل السوري،
فانكمشت أو انحسرت او اضمحلت تماماً في
مواقع وميادين مجتمعية حاسمة. لكنّ تلك
الاحتقانات استلهمت انتفاضات العرب،
في تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن،
وكان طبيعياً أن تنتج 'سياسة' من طراز
ما في نهاية المطاف، حتى بعد مرور
أربعة عقود على نهج 'الحركة التصحيحية'. وهكذا، لا بدّ أنّ الفتى الشهيد غياث مطر
كان قد خضع لأعراف تلك 'التربية
البعثية' ذاتها حين ثار عليها وخرج إلى
تظاهرات بلدته داريا، قبل أن يصبح
ناشطاً فيها، وقائداً لها. وأمّا
انتصار الانتفاضة السورية الوشيك،
الذي صار دانياً قريباً، ومضرّجاً
أكثر من ذي قبل بدماء السوريين للأسف،
فإنه لن يكفل للوليد غياث غياث مطر
مستقبلاً خالياً تماماً من تشوهات تلك
التربية القبيحة، فحسب؛ بل سيجعل عيد
ميلاده بمثابة الذكرى الأخيرة لنظام
الاستبداد والفساد والنهب والحكم
العائلي. عيد ميلاد سعيد، إذاً، يا ابن جميع
السوريات والسوريين! ========================== خيري منصور القدس العربي 2011-11-18 بدءا جاءت تسمية الحراك العربي الذي
اندلع منذ مطلع هذا العام مما اطلق
عليه الربيع الاوروبي عام 1848، ذلك
العام الذي شهد تغيرات عاصفة في
اوروبا، مثلما شهد حدثا لم يخطر ببال
معاصريه انه سيكون سببا جذريا لثورة
السابع عشر من اكتوبر الروسية، التي
انتهى ربيعها القصير بخريف مزمن اثناء
الحقبة الستالينية وجاءت
البروسترويكا بعد ذلك لتسدل الستار
وبلا اي بيان ختامي على امبراطورية ذات
خوذة فولاذية ثقيلة هي الاتحاد
السوفييتي. ذلك الحدث في عام 1848 والذي لا يذكره من
رصدوا ربيع اوروبا هو البيان الشيوعي،
اما التسمية الثانية فهي ما اطلق على
احداث براغ عام 1968، والتي حملت اسم
ربيع براغ في الذاكرة السياسية
وتقاويم الاحداث الكوبرنيكية في القرن
العشرين . وهناك مثل انكليزي قديم يقول
ان سنونوة واحدة قد تبشر بالربيع، لكن
الانكليز لم يشترطوا لهذا الربيع
احتراق السنونو او تحوله الى فينيق كما
حدث في تونس عندما تخلقت عنقاء الثورة
من رماد البوعزيزي، والذي حملته
الرياح كغبار اللقاح الى مصر وبقية
الاقطار التي منها ما انهى مهمته
العسيرة في اسقاط النظام ومنها ما لم
يزل بين السندان والمطرقة ... ما شهده الواقع العربي هذا العام قد يكون
ربيعا بمقياس من رزحوا تحت نظم
استبدادية كانت بمثابة خريف طويل
تساقطت فيه آخر اوراق التوت، وتحولت
تلك النظم الى عورات تاريخية بحيث لم
تجد ما يسترها، لكنني اميل الى تسمية
ما جرى، حتى الان فصلا خامسا، وهو ما
يرادف الجهة الخامسة، واحيانا ما سماه
روائي مهجوس بالزمن وفائض عذاباته
الساعة الخامسة والعشرون ... الفصل الخامس ليس عجلة خامسة لا قيمة لها
في سيارة، او اصبعا سادسا زائدا في
الكف نتيجة تشوه خًلقي، انه تزاوج
الفصول الاربعة، ففيه من الصيف قيظه
وغباره ومن الشتاء صقيعه وبرقه ووابل
امطاره ومن الخريف حزنه الغامض وتساقط
الاوراق عن الشجر الذي يبدو كما لو انه
قد اصيب بالصلع وان كان بعضه يرتدي
باروكة من ريش الطيور، ومن الربيع
ازهاره وان كانت شقائق النعمان
الحمراء هي ما يغمر السفوح ويسيل الى
القيعان. في كل حراك من هذا الطراز ينفجر المكبوت
بكل سلالاته، الجسدية والطبقية
والسياسية والطائفية، ولكل قيس ليلاه
في هذا الليل الطويل، سواء غنى لها او
عليها، وذات يوم شوهد شاعر طالما وصف
بالداندية والنرجسية وعدم الاكتراث
بما يجري حوله وهو يحمل بندقية ويسرع
الى حيث يحتشد الناس في باريس، وكانت
تشهد حراكا راعفا وعنيفا، هذا الشاعر
هو بودلير، الذي سئل باستهجان عن سبب
حمل البندقية والخروج مع الناس، فأجاب
انه يريد البحث عن الجنرال اوابيك،
عدوه الذي تزوج امه رغما عنه، وبالتالي
حرمه من حنانها. الفصل الخامس يتسع ايضا لامثال بودلير
مثلما يتسع لملايين لم يحرمهم ازواج
امهاتهم من الحنان، بل حرمهم منه
جنرالات اغتصبوا الامة وليس الام فقط،
وظنوا ان حذف الشدة من كلمة أمّة
سيحولها عبر متوالية العسف والاخصاء
والتدجين الى (أمَة)، أي عبدة . في هذا الفصل الخامس تعايشت الرقصة مع
البكاء، مثلما تجاوزته الافراح
والاتراح. فالمهر المدفوع لهذه
الجميلة العذراء والمُشتهاة وهي
الحرية ليس مالا او جاها او اشعارا او
اغنيات، انه دم بشري، نزف في ساحات
وشوارع حتى رسم تضاريس مضادة لأوطان
لطالما اضحت مجرد كتل ديموغرافية
صمّاء، بعد ان سعى النظام الباتريركي
الاعمى والعجوز المتصابي الى تحويلها
الى قطعان، تعيش بالخبز وحده ثم لم تجد
حتى هذا الخُبز، وكان الرهان
الباتريركي بعد القطعنة على التجويع،
بحيث تأكل الحرة بثدييها، لكن التاريخ
الماكر بالتعبير الهيغلي أفسد
الرهانات كلها، واوتي الحذرون من
مأمنهم. * * * * * * * واذا كان لكل فصل فاكهته ومناخه وايقاعات
الطبيعة فيه، فإن الفصل العربي الخامس
أتى بفاكهة علينا ان نقضم منها بحذر
فهي احيانا حامضة واحيانا مرة، كما هي
ايضا بطعم الشهد، هي فاكهة جديدة على
اشجار لم نشهدها من قبل، وعلينا ان
نؤهل اذواقنا وألسنتنا لتجريبها. ما دام هناك عسكر يحلمون بالسطو على هذا
الحراك، وما دام هناك متعصبون
واقصائيون يترصدون خاتمة المطاف كي
يظفروا بغنائمهم. ان التزامن
الدراماتيكي بين انفجار عدة مكبوتات
من شأنه ان يخلق التباسا في المشهد،
فالمديونية باهظة وما اضافه التاريخ
من ربا سياسي لها باهظ ايضا، وثمة من
ينوبون عن آبائهم واجدادهم في استعادة
حقوق مستباحة، لأن عدة عقود من الحكم
الشمولي قادرة على ان تحول الاستبداد
من طبائع بعبارة الكواكبي الى صنائع،
فثمة اكاديميات عديدة تعهدت بمثل هذا
التصنيع لطغاة صغار حولوا تعويض
الكفاءة بالولاء، فأفرطوا بالتنكيل
بكل الكفاءات لأنها تفتضح عريهم وعري
أباطرتهم . * * * * * * * الفصل العربي الخامس، هو ايضا اليوم
الثامن في اطول اسبوع في التاريخ، بعد
ان كان لهذا الاسبوع عطلة لا تلوح لها
نهاية هي البطالة السياسية وحالة
الاستنقاع الثقافي والاجتماعي، وقد
عرف التاريخ فصلا خامسا من هذا الطراز
لكن بصورة مضادة، فالمنفى الذي قذف
اليه شارع الحب ومسخ الكائنات الشاعر
الروماني 'اوفيد' هو فصل يخلو من فاكهة
وايقاعات الفصول الاربعة، وكأن
الجغرافيا هي بالفعل تاريخ تخثّر
وتماسك وتحول من مفاهيم مجردة ورخوة
الى تضاريس من صخر صلد وتراب ورمل. كان نفي اوفيد عقابا، اما فصل العرب
الخامس فهو ثواب لأنهم كابدوا شتى صنوف
العذاب صيفا وشتاء وربيعا وخريفا
وتجرعوا مرارات الثورات التي سمعوا
بياناتها الاولى من مذياع خشبي مثلما
تجرعوا مرارات عهود العثمنة والجندرمة
ونظم الاستقلال الكاذب الاشبه بالحمل
الكاذب والفجر الكاذب والمشهد الكاذب
الذي قال ازوالد شبنجلر ان العين
الكليلة تبتكره من خلال القذى والصديد
اللذين يملآنها، وكان على الدوام شهاب
الدين العسكري اردأ من اخيه المدني مما
اوصلها خلال نصف قرن فقط الى ميداس
جديد هو طبعة تاريخية منقحة من اسطورة
ميداس، فإذا كان ميداس يلامس الاشياء
فيحولها الى ذهب، فإن ميداس التاريخ في
مثاله العربي كان لعدة عقود يلامس
الذهب فيحوله الى قصدير وصدأ، وحتى
الان لم نكتشف شر هذه الخيمياء
السياسية التي حولت الأغنى الى الأفقر
والأعلم الى الأجهل والاوسع مساحة الى
الاضيق والاكثر تعدادا ديموغرافيا الى
الأقل!!! * * * * * * * رياح الفصل الخامس، لم تستطع النوافذ
صدّها، وما كان يبدو قلاعا محكمة
البوابات وقوى لا تقهر اتضح على الفور
انها من ورق مقوى، وان ما كان يسمع من
زئير هو مجرد مواء في حفلة تنكرية ولم
يعد من السهل قياس ما يحدث على اية
سوابق لأنه غير قابل للنمذجة او
التنميط، فالمعادلات كلها مقلوبة،
والعسكر يلحقون بالناس بعد ان كان
الناس يلحقون بهم ويصفقون لطوابير
دباباتهم وهي تقطع المسافة بين
الثكنات وقصور الرئاسة. اخيرا، اذا كانت على سطح الجلد بثور بسبب
الحمى التي اندلعت في الدم، فهي بشارة
حياة ضد الموت شرط ان لا تتجاسر
القابلة عير الشعرية وغير القانونية
على خنق الجنين وهي تخرجه من الرحم!!! ============================= وئام عماشة* سوريا الجديدة 19/11/2011 منذ اليوم الأول لاندلاع الاحتجاجات في
درعا، تمترس النظام السوري خلف خطوط
دفاعه المكشوفة، فلم يتأخر في ذلك قبل
أن يجري أي تحقيق لاكتشاف أن ما يحصل «مؤامرة»
(خط الدفاع الأول) واستهداف لدور سورية
الممانع والمقاوم والصامد بوجه الغرب
وأميركا. لكن المفاجأة كانت أن هذا الترياق لم
يُنشّط جهاز المناعة لدى النظام! فلم
يستطع التصدي لفيروس الثورة، مما
ألزمه الانتقال إلى خط دفاعه الثاني:
إبراز تفاصيل اختلاف المجتمع السوري
عن التونسي والمصري والليبي واليمني،
وما ينطوي عليه هذا الاختلاف من مخاطر
تقسيم البلد، غامزاً بذلك إلى قدرته
على افتعال حرب أهلية ربما تمتد الى
دول مجاورة. وفعلاً، هذا ما تجلى بالطريقة التي زج بها
الجيش لقمع المظاهرات. وها هي بعض
ألوية الجيش صمتت دهراً ونطقت قمعاً!
إن رؤية الدبابات والمدرعات والمدافع
وناقلات الجند تحاصر المدن والقرى
السورية وتقصف وتقتل المتظاهرين
العُزّل -إلا من كرامتهم- تبعث في
نفوسنا الحزن وتشعرنا بتفاهة قوة
البطش التي لا تتردد في سفك دماء مَن
تحمل مسؤولية حمايتهم، لمجرد أنهم
هتفوا للحرية والعدالة الاجتماعية؛
بينما لم تحرك ساكناً لصد الصفعات
الإسرائيلية المذلة والمهينة للدولة
والشعب، والتي تتالت على سورية في
السنوات الأخيرة. قد يكون استهداف لحمة المجتمع السوري من
مصلحة الدول المعادية، كما يستهدف
النظام السوري الاستقرار في دولٍ
إقليمية! لكن بعيداً من الخوض بهذا
الموضوع، ترى من الذي يستهدف النظام
السوري، ما دام أن كل تلك الدول
المتهمة بزعزعة الاستقرار في البلد،
ومنها إسرائيل، تراقب الأوضاع في
سورية وكافة دول الربيع العربي بقلق
عميق، ولا تخفي خشيتها وقلقها
المتصاعد من الجديد القادم؟ وهل علينا
التسليم والتصديق بأن النظام السوري
مستهدف إسرائيلياً، بينما إسرائيل
جعلت جبهة الجولان منطقة سياحية، بعد
الهدوء المستمر منذ ثمانية وثلاثين
عاماً؟ منذ آذار (مارس) 1963، صاغ نظام البعث خطابه
الرسمي بمصطلحات تعبر عن نيته بإبقاء
الشعب في حالة خشوع وصمت دائم، وأن
يتخلى المجتمع السوري العريق عن حريته
ويفرط بكرامته ويقبل بالقمع والخضوع
لسلطة تضم حفنة من الفاسدين؛ يتعاملون
مع الدولة على أنها إقطاعية خاصة، ولهم
حرية التصرف بمقدراتها. والشيء المدهش
في هذا الخطاب، هو الجرأة التي تصل الى
حد الوقاحة باتهامها لفئات واسعة من
مكونات الشعب بالعمالة؛ كما كان هذا
الاتهام موجهاً دائماً للأقلية
الكردية، واليوم لكل من يشارك
بالتظاهرات المطالبة بإسقاط النظام. والمفارقة، أن النظام نفسه يملك تاريخاً
عريقاً في السياسات الانبطاحية للغرب
وأميركا، وليس أدل على ذلك من التعاون
مع الولايات المتحدة لدخول لبنان،
والمكوث فيه ثلاثة عقود، إضافة إلى
الانضواء تحت العلم الأميركي ضد
العراق في حرب الخليج الثانية، بل
أيضاً تلك السياسات المتعلقة
بالاقتصاد، الذي تصب عوائده في جيوب
رجالات الدولة الفاسدين. لا أدري إذا كانت صدمة الثورة كفيلة بأن
تبرر غباء هذا الخطاب، المستمر في
اعتماد قصص «المندسين» «والعملاء» «والمأجورين»؟
وكأن سكان درعا وحمص وحماة واللاذقية
وإدلب والقامشلي وريف دمشق والبوكمال
وغيرهم في المدن والقرى السورية الذين
انتصروا لحريتهم وكرامتهم الوطنية، ما
هم إلا قوى عاملة تعرض خدماتها على
الموساد وال «سي آي إي»، وجهات أخرى
يتفنن النظام السوري في خلقها؛ تارةً
تكون قوى عالمية مثل أميركا ودول
الغرب، وتارة أخرى دولا عربية
وإقليمية، وكثيراً ما تكون هذه الجهات
أفراداً مثل سعد الحريري وبندر بن
سلطان وغيرهما! إنّ الغباء يكمن في الإصرار على هذه
الاتهامات الكاذبة؛ في الوقت الذي
تتسع فيه رقعة التظاهرات ويزداد عدد
المتظاهرين، حتى شاهدنا بعضها يضم
مئات الألوف يهتفون للحرية وإسقاط
النظام. هذه القصص المفبركة التي نسمعها من
النظام السوري، كما سمعناها من
الأنظمة التي سقطت، ترغم المتابعين
للأحداث بأن يعجبوا بهذا المتآمر الذي
يقف بالعتمة ويحرك هذه الملايين من
المحيط إلى الخليج! ليس هذا وحسب، بل إن
من حرك الملايين لطرد زين العابدين،
وإعدام القذافي وسجن مبارك وحرق علي
عبد الله صالح وإلهاب شوارع البحرين
وملء ساحات الأردن، وهز عرش
الدكتاتورية في سورية، لا يستحق
الإعجاب فقط، بل يستحق أن يحكم الوطن
العربي كله! إن الثورة السورية ستستمر بسلميتها
وأحرار الجيش ممن يدافعون عنها،
وسيبقى الثوار يقابلون أسلحة الشبيحة
وعتاد جيش النظام بالهواتف النقالة
وكاميرات التصوير واستخدام وسائل
الاتصال الحديثة لفضح جرائم أجهزة
الأمن وكشف كذب الإعلام السوري الرسمي. لا بد لإرادة الحرية أن تنتصر على
الهمجية، وأن تعري الخطاب الرسمي
بمصطلحاته المبتذلة ووعوده الجوفاء
التي باتت من دون قيمة. ولا بد لإرادة
الحياة أن تنتصر على إرهاب النظام
الهمجي. إن من يستمع إلى الخطاب الرسمي، وينظر إلى
الانتشار الغوغائي للجيش وأجهزة
الأمن، وإلى الدمار الذي يخلفه في كل
مدينة وقرية وشارع وبيت يدخله، لا بد
أن يكتشف زيف الوعود الإصلاحية ودعوات
ما يسميه النظام «حواراً وطنياً»،
تشارك فيه كل فئات الشعب! وببساطة
شديدة، لا يمكن لهذا النظام الاستجابة
إلى مطالب الشعب في بناء دولة
ديموقراطية مدنية حديثة. فذلك يعني حل حزب البعث القائم بشكله
الحالي، واسترداد الأموال المنهوبة،
ومحاكمة الفاسدين الذين قال عنهم رأس
النظام سابقاً بأنهم الأعمدة التي تقف
عليها سورية! وهذا يعني أيضاً محاكمة
كل من أصدر ونفذ أمراً بقتل المتظاهرين
السلميين. والحال، فإن الحراك الداخلي
للنظام السوري لا ينم عن رؤية، بقدر ما
هو محاولات بائسة لامتصاص الغضب
الجماهيري. هذا النظام الديكتاتوري، كان مصدر الضعف
لسورية على مدار عقود مضت؛ والانعتاق
من استبداده ونيل الحرية والكرامة
وبناء سورية الديموقراطية سيكون
السبيل الوحيد لقوة البلد ومناعته. * أسير سوري محرّر/ الجولان
المحتل ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |