ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 27/11/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

لماذا يدير النظام السوري ظهره للحقيقة؟

الوطن القطرية

التاريخ: 26 نوفمبر 2011

لم تكن المهلة التي أتاحتها جامعة الدول العربية للنظام السوري إلا حرصا من الأمة على وقف الاستفراد المتغول الذي يمارسه النظام ضد معارضيه، تمهيدا للبحث عن أرضية تلاق وحوار بين الفرقاء السوريين، إنقاذا لبلدهم، وبحثا عن مستقبل مختلف له يجفف منابع النزف والغضب، ويضع سوريا - مهد أقدم الحضارات - في السياق الحضاري الذي تستحقه.

إن عدم الرد السوري، ومن ثم عدم التوقيع على بروتوكول بعثة المراقبين العربية في الموعد الذي قرره «الوزاري» العربي في اجتماعه الخميس الماضي، ليس له إلا معنى واحد، وهو أن النظام اختار مواصلة القمع ضد شعبه، كما اختار عزلة إقليمية ودولية، لابد أنها ستتمخض عن حزمة العقوبات التي ستفرضها جامعة الدول العربية. ومن ثم يتأكد مجددا أن النظام قد صم أذنيه، مُصرا على تحدي المجتمع الدولي، كما يتأكد أيضا أنه لا يكترث بتداعيات أخرى، من المؤكد أن المجتمع الدولي سوف يقررها ويمضي إليها استنادا إلى استحقاقات بديهية للشعب السوري، لوضع حد للغطرسة والعنف المعصوب العينين بمواجهة.

ان جامعة الدول العربية حرصت على إطار عربي لا تغادره الأزمة السورية، يحول دون التدويل، ويمنع من التصعيد، ويضع حدا لآلام الشعب السوري، من خلال سياق متحضر للحوار، ومن خلال بعثة مراقبين محايدة تتميز بالشفافية والمصداقية، وبوقف كلي لأعمال العنف والترويع، ليتوافر طقس مواتٍ للجْم التداعيات التي ترتبت على صدوع بين النظام والشعب استمرت «9» شهور، وألقت بظلالها الثقيلة والداكنة، إن على الاقتصاد السوري أو على حياة المواطنين اليومية. ومن ثم فإن على النظام السوري ألا يلوم إلا نفسه، إذا انسربت الأزمة إلى نفق مظلم، وإلى ارتفاع لمنسوب الأخطار، بهكذا سلوك استقبل به طوق النجاة العربي.

=================

«صفر مشاكل»: صفر على عشرين

ستيفن كوك

السفير

26-11-2011

مع التدهور الحاد الذي شهدته العلاقات التركية السورية... جزم المراقبون الأتراك والغربيون على السواء، بأن مبدأ «صفر مشاكل» الذي تتسم به العلاقات التركية الخارجية قد انهار معلناً اختفاءه إلى حيث لا عودة. صحيح أن هذا الانطباع تمّ تكريسه منذ وقت في صفوف المنتقدين لسياسات حزب العدالة والتنمية، ولكن إعلان رئيس الوزراء رجب طيّب أردوغان ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو نهاية عهد «استثمارهما» في الرئيس السوري بشار الأسد، حسم نهاية الدبلوماسية التركية المتحولة. في الواقع، يستحيل الآن تجاهل ما يجري، ففي مرحلة تطمح فيها أنقرة لتصفير مشاكلها مع جيرانها، تجد نفسها غارقة في المشاكل مع سوريا وإسرائيل وأرمينيا وإيران وقبرص والاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال لا الحصر.

ولنكن منصفين، صحيح أن جيرانها لم يتعاونوا يوماً بالقدر الكافي، ولكن انهيار سياسة «صفر مشاكل» الموعودة لم يكن مفاجئاً لأسباب جمة لا علاقة لها بالخارج. فسياسة داود أوغلو، الذي يفاخر بمواهبه العديدة، لم تكن تتمتع ببصيرة كافية، بل يمكن وصفها في أحسن الأحوال بالتقليدية. وهكذا بعد أن جرّدت من الرومانسية المرافقة للنموذج التركي، ارتكزت سياسة «صفر مشاكل» التركية على النقطة المركزية التي تحركها الحتمية الاقتصادية: إن أصبح الناس أكثر ثراء وبالتالي أكثر سعادة، فإنهم سيتقبلون الوضع القائم لأنهم سيطورون مصالحهم الاقتصادية بناء على الوضع القائم، وفي المقابل يشكل الحديث عن حوافز لتجنب أي مشاكل اقتصادية قد تهدد الاستقرار الاقتصادي الذي تحقّق، الوتر الأساسي التي تعزف عليه السياسة التركية معزوفة «صفر مشاكل».

وتشكل هذه السياسة وسيلة عبقرية في يد الحكومة التركية للتعامل مع المشكلة الكردية في تركيا. فرفع الحواجز التجارية والاستثمارات المتزايدة في العراق وسوريا والفوائد الاقتصادية والسياسية في جنوب شرق تركيا ستكون هائلة. ومن خلال العمل على جعل الأكراد أكثر ثراء وغنى، سيصبحون أقل تطلبا على الصعيد الوطني والثقافي في الدولة التركية. ولكن الأمر لم ينجح تماماً في هذا الاتجاه، فعلى الصعيد الإقليمي، يتمثل الضعف الحقيقي في سياسة «صفر مشاكل» في عدم التزامها مع أي نوع من الحكومات، وقد عادت بالنتيجة إلى سياسة العمل في الشرق الأوسط القديم.

الأهم من ذلك، أنه بينما كان حزب العدالة والتنمية منخرطاً في قيادة التغييرات الديموقراطية في الداخل، كان كل من وزير الخارجية ورئيس الوزراء منخرطين في مغازلة الزعماء العرب الذين تختلف أنظمتهم عن النظام التركي لجهة طريقة الوصول إلى السلطة والخطاب السياسي والعلاقة بالشعب. مع الثورة التي قادتها شعوب هذه البلدان وسقوط العديد من أنظمة هذه البلدان، بدت سياسة «صفر مشاكل» بمثابة رهان خاسر. فبعد انتهاء اللعبة، ظهرت تركيا، بازدواجية معاييرها، غير مختلفة عن أي قوة كبرى في المنطقة.. إنها تخاف على مصالحها التجارية والسياسية بالدرجة الأولى.

المزيج الناجح في العلاقات العامة والتفخيم الذي تمارسه وسائل الإعلام الوطنية بشأن السياسة التركية والإجماع الناشئ بين النخب السياسية الدولية حول نجاح «النموذج التركي»، كلها عوامل أنقذت السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية من الوقوع في فخ الفجوة القائمة بين مبادئ أنقرة وسلوكها الفعلي في المنطقة.

ولنكن منصفين مرة أخرى، لا بدّ من القول إن هناك استثناءات في هذا الصدد. فموقف أردوغان من غزة حظي بإعجاب كبير في العالم العربي. ولكن بالنسبة لأولئك المصرّين على انتقاد «صفر مشاكل» فإن تركيا، كما أميركا وأوروبا والقوى الكبرى الأخرى، لم تصبح بطلة لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط إلا بعد عودة الحكم إلى الشعب في سياق «الربيع العربي» ووصول أصدقاء تركيا إلى الحكم.

ترجمة: هيفاء زعيتر

=================

ضد عسكرة الثورة.. أي ضد الرضوخ لاستبداد جديد

ميشيل كيلو

السفير

26-11-2011

تدور هذه الأيام تساؤلات يطرحها العقل السياسي السوري على نفسه حول معنى مصطلح «عسكرة الثورة»، بعد أن بلغ التطور حداً أثار نقاشا واسعا حول إمكانية وجدوى استمرار الحراك السلمي، ومعنى أن يقدم الشعب عنقه للذبح، بينما يعمل النظام سكاكينه فيه دون رحمة. يقول رأي عام سوري واسع: إن سلمية الانتفاضة غدت مستحيلة في ظل القمع المكثف، الذي تمارسه أجهزة رسمية لا تتردد في إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين بقصد القتل، ولا تحجم عن تعذيبهم حتى الموت، مع أنها تلقي القبض عليهم بالآلاف أسبوعيا.

لا جدال في أن القمع أودى خلال الأشهر الثمانية المنصرمة بحياة وعطل نشاط معظم أفراد جيل كامل، هو جيل الذين أطلقوا الانتفاضة وتولوا قيادة مراحلها الأولى ونظموها. ولا شك في أن الشريحة التالية من الجيل الذي نتحدث عنه قد فقدت الكثير من أفرادها وممثليها، وأن خسارة هؤلاء أدت إلى بروز شريحة ثالثة ورابعة خلال هذه الفترة القصيرة، الأمر الذي أحدث تغييراً جدياً في طابع القيادة، وتدنياً ملموساً نزل بمستوى القادة وأعمارهم في أماكن كثيرة، وأفضى إلى تبدل وعيهم ومكوناته الفكرية والمعرفية، مع ما صحب ذلك من خسائر جسيمة في المجتمع الأهلي، الذي بارح قسم منه الشارع، بينما كان يقع انتقال واسع الدلالات في مكانية الحراك، الذي خفت بعض الشيء في المدن الكبيرة، وانزاح إلى ضواحيها وصولا إلى أريافها البعيدة، حيث يدور اليوم القسم الأكثر حيوية والأكبر حجما من التمرد المجتمعي.

لا عجب ان تراجعت فكرة السلمية، نتيجة ضغوط الحل الأمني على المجتمعين المدني والأهلي، وما مورس ضدهما من عنف منظم وجرائم منكرة، وما ترتب على هذه الضغوط المتصاعدة، التي طاولت كل قرية ومدينة وحي وشارع، من تبدل في الأجيال وأمكنة الحدث المجتمعي. وليس مستغرباً أن يدّعي بعض الأشخاص، الذين ينتمون إلى تيارات سياسية ودينية لم تكن لها أية علاقة ببدء الانتفاضة الشعبية وليس لها اليوم أيضا أي حضور جدي أو تنظيمي على الأرض، أن جماعتهم هي التي أطلقته. أخيراً، لا غرابة أن يختلط الحابل بالنابل في أجواء كهذه لم تتشكل بعد فيها ذاكرة ثورية، ولم تدون وقائعها وهويات من عملوا لها وأطلقوها، وأن يقول شخصان ينتميان إلى تنظيمات إسلامية أحدهما الأستاذ أحمد رمضان الذي زعم يوم الجمعة (18/11/2011) في تلفاز الجزيرة أن جماعته هي التي بدأت هذه الثورة، والثاني من آل الشلبي، الذي قرّع بغضب وانفعال شخصا كان يحاوره في القناة نفسها، ولفت نظره إلى أنه لا يحق لغير جماعته الحديث عن الثورة، لأنها من صنعها!

ما علينا: تراجعت فكرة السلمية مع تراجع وعي الانتفاضة ونوعية حملتها، تحت وطأة وضغط وتفاقم سياسات النظام الأمنية، التي توجهت منذ البداية نحو العنف كي تغلق المجال السياسي وبوابات الحوار، وترغم الحراك الشعبي على تبني عنف مضاد، يغلق من جانبه باب السياسة ويقوض سلمية الشارع، فتتحول الانتفاضة إلى صراع بين جيش منظم وقوي وبين مجموعات مسلحين مبعثرين في أصقاع الأرض السورية، وتخرج كتل الشعب الكبرى من الشارع والحراك، وينقلب نضاله من أجل الحرية إلى اقتتال أهلي أو طائفي أو جهوي أو مذهبي يقضي على حلم المواطنة والعدالة والديموقراطية. بسبب هذا الضغط وما واكبه من قتل وترويع للمواطنين، تصاعدت فكرة اللجوء إلى السلاح، وبدأ الناس يتسلحون وسط تصريحات صدرت عن العقيد رياض الأسعد تعلن إفلاس النزعة السلمية واستحالة إسقاط النظام بغير القوة والعنف، وبداية ما نلاحظه من ازدواجية في مركز القرار بين منظمات المعارضة الراهنة (المجلس الوطني السوري، هيئة التنسيق، المستقلون) والمسلحين من العسكريين، الذين بات واضحا أنه سينضم إليهم بصورة متزايدة عشرات آلاف المدنيين في كل ركن وبقعة من أرض سوريا، خلال فترة قصيرة، إلى أن تنقلب المعركة السلمية من أجل الحرية إلى معركة بالسلاح، ستتصاعد وتخضع أكثر فأكثر للقوى المتطرفة من الجانبين.

أرجو أن تكون هذه الشروح قد بينت أن نهاية سلمية الحراك تعني نهاية الانتفاضة الشعبية والحراك المجتمعي ودخول سوريا في سياق جديد، لا علاقة حقيقية أو مفصلية له برهاناتها الأولى، وأن استمرارها كانتفاضة مرتبط بطابعها المجتمعي والسلمي دون غيره.

والآن: ماذا تعني العسكرة في نظر من يدعون إليها كما في الواقع العملي الراهن؟ إنها تعني بكل بساطة نهاية النزعة السلمية والشعبية وإخلاءها الساحة للنزعة إلى السلاح والعنف، وتعني خروج الشعب الأعزل، المسلح بالحرية، من الشارع واحتلاله من قبل عصب يحمل أفرادها البنادق في أيديهم، بينما رؤوسهم مليئة بالتطرف القاتل لأية حرية. وللعلم، فإن أنصار النزعة السلمية لا ينكرون حق المواطنين في الدفاع عن أنفسهم، وهم يعتبرونه جزءا تكوينيا من هذه النزعة، لكنه لا يلغيها بأي حال، ما دام حقا مشروعا تماما ومعترفا بشرعيته، تمارسه الشعوب والجماعات، كما يلجأ إليه الأفراد دفاعا عن أمنهم وسلامهم، وليس نزوعا إلى العدوان والعنف، ولكون هدفه المحافظة على النفس وليس ممارسة القتل الأعمى ضد الآخر لمجرد أنه آخر، وضمان الانضواء في إطار سياسي جامع تتباه في حالتنا السورية أغلبية المواطنين هو الحرية كمبدأ أعلى للذات وللغير، يضمر ضروبا متنوعة من المقاومة الفردية والجماعية المشروعة، التي تنبثق من أسسه وأهدافه، على عكس العسكرة، التي تحل مشكلات الصراع السياسي من خلال قتل «الآخر» أو إلغائه لمجرد أنه «آخر»، وتخضع المجال السياسي واعتباراته لما يخدم حساباتها وينبع من ضروراتها ومجرياتها، مع ما تفرضه من تحويل العنف إلى سياسة وحيدة تطيح كل ما عداها من أنشطة، عوض إلغائه هو نفسه بواسطة السياسة (النزعة السلمية والمجتمعية أساسا)، ومن إلزام للشعب الثائر بما تتطلبه العسكرة بدل إخضاعها هي لمصالحه وحساباته وأولياته. وعلى كل حال، فإنه، في حالات العسكرة التي تعقب حراكا شعبيا سلميا وواسعا، تفلت الأمور غالبا من أيدي الفاعلين وتذهب نحو الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي والمذهبي، ولا يبقى لها من هدف غير الرد على عنف العدو بمزيد من العنف، والابتعاد عن أي حراك سلمي، مهما كان نوعه، والتعامل معه باعتباره نشاطا مرفوضا بحجة أنه عاجز عن إسقاط النظام، كما قال العقيد الأسعد.

وصل الحراك السوري إلى لحظة مفصلية سيتقرر فيها مصير البلاد انطلاقا من المقاومة السلمية، التي تتضمن حق الدفاع المشروع عن النفس، أو من العسكرة، التي تضع مصيرنا في يد مسلحين يخضع لهم كل شيء، يجهلون غالبا فنون السياسة وآلياتها، مع ما يقود إليه كل خيار من نتائج متعارضة، هي في حالة المقاومة السلمية نجاة سوريا وفي حالة العسكرة هلاكها، للأسباب التي ذكرتها قبل قليل، وستسهم في حرف النضال الشعبي عن أهدافه، وتخلق حقلا للفعل العام يختلف عن الحقل الذي بلورته الانتفاضة وتطورها، يؤدي إلى تشويه واقع المعارضة السياسية، التي يرجح أن تصير هامشية وتفقد معظم دورها، وأن تعمل بوسائل وأفكار مستقاة من ضرورات عسكرة هي في حقيقتها معركة كل شيء أو لا شيء، سيفقد المجتمع معها دوره أكثر فأكثر إلى أن يتم ركنه جانبا بصورة تامة، في حين ستجد سوريا نفسها أمام خيارات لا تشبه تلك التي راهنت عليها من خلال الانتفاضة.

بعد عشرات السنين من الاستبداد، بلور الشعب بفطرته العبقرية خطاً يقوم على ركائز ثلاث هي: المجتمعية والسلمية والحرية. واليوم، تطرح العسكرة عليه خطاً جديداً، معاكساً أو بديلاً، يحول المجتمعية إلى عصبوية، والسلمية إلى عنف، والحرية إلى اقتتال مجهول النتائج، عواقبه وخيمة على الجسد الوطني عموما، كما على الأطراف المنخرطة فيه جميعها، يقوم على إنكار حق الآخر في الوجود، ناهيك عن الحرية.

هذان الخطان لا يمكن التوفيق بينهما، إن تقاطعا في أي حراك مجتمعي، بل يلغي أحدهما الآخر أو يضعفه إلى درجة الإلغاء، فإن حدث وانتصر خط العسكرة في القادم من أيامنا، مثّل ذلك نهاية الحراك وما يحمله من مضامين وركائز، وانتصارا للحل الأمني السلطوي، الذي يكون قد بدأ يؤتي أكله ويحقق بعض مراميه، وفي مقدمها التخلص من الطابع المجتمعي/السلمي للحراك، ومن هويته كحراك قصده الحرية لا يقصي إمكانية الدفاع الشرعي عن الشعب، ووضع سوريا أمام أحد خيارين: الذهاب إلى المجهول، أو الرضوخ من جديد لنظام الاستبداد!

نحن في بداية هذا الافتراق بين الخطين، في بداية انحدار خط الحراك السلمي لمصلحة خط العسكرة الذي يصعد بسرعة، فماذا تختار سوريا؟ الحرية مع المجتمعية والسلمية أم العسكرة والمجهول والرضوخ المتجدد للاستبداد، وضياع كل شيء!

=================

السوريون أبعد ما يكون عن الحرب الأهلية!

فايز سارة

السفير

26-11-2011

يخطئ كل من يتصور ان سوريا ذاهبة الى الحرب الداخلية او الحرب الاهلية كما يحلو للبعض ان يصفوها. واساس الخطأ في التقدير، انه لا يقوم على معرفة واقعية بالسوريين، ولا بظروفهم بما فيها الحالية، التي هي محصلة لما مروا به من ظروف وشروط، وما اعترضهم من تحديات في الاعوام الخمسين الماضية من حكم حزب البعث، وما جلبته عليهم من ازمات ومشاكل.

ولعله لا يحتاج الى تأكيد، ان السوريين شعب مسالم، وهو ابعد ما يكون عن العنف واستخدام السلاح. وتاريخ السوريين شاهد حي على حقيقة كهذه، بل ان السوريين هم شعب التسويات والمقاربات الهادفة الى معالجة المشاكل بطرق سلمية، وتلك ميزة من مزايا المجتمعات التاريخية، التي رسخت اشكالاً من الوجود الانساني المستمر من جهة وكرست اشكال من التعاون بين البشر بغض النظر عن خلفياتهم العرقية والدينية والاجتماعية، ويكفي التدقيق بواقع التنوع السوري للاقرار بقدرة السوريين على الاستمرار على العيش في نسيج واحد، وهو امر يتأكد في حدود دمشق التاريخية، عاصمة السوريين، التي احتوت وما تزال تعبيرات هذا التنوع والتعدد البشري ورغبته في العيش في اطار تجربة مستمرة منذ القديم.

وباستثناء ما سبق، فان في تجارب السوريين الحديثة والمعاصرة الكثير مما يستحق التوقف عنده في تأكيداتهم على وحدتهم الكلية، في انتمائهم الى جماعة وطنية واحدة مع الحفاظ على علاقاتهم بروابطهم المحيطة القومية والدينية والثقافية، وهي امور عبرت عنها الجماعات السياسية التي عاشت في سوريا في العقود الماضية وبخاصة في فترة ما بعد الاستقلال، وكان الامر واضحاً في تجارب الاحزاب العربية والكردية والاشورية، كما في تجارب الاحزاب الاسلامية واليسارية وغيرها، التي عكست طبيعة السوريين في مد جسور التواصل دون ان يتسبب ذلك في نبذ او نفي مدمر لاي واحدة من تلك الجماعات من جانب المجتمع السوري.

كما ان بين التجارب الحديثة والمعاصرة لتوافقات واتفاقات السوريين على شخصياتهم الوطنية، والتي لم يكن الاساس في التوافق عليها سوى اندماجها في المصلحة الوطنية العليا على نحو ما كانت عليه زعامات النضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي امثال صالح العلي وسلطان الاطرش وفارس الخوري وابراهيم هنانو وسعيد العاص ومئات غيرهم، لم يكونوا محكومين الا بمصلحة السوريين في التخلص من الاستعمار، وحصول السوريين على حريتهم واستقلالهم.

وقد استمرت تجربة التوافقات السورية في فترة ما بعد الاستقلال في ظل النظام الديموقراطي البرلماني، سعياً من اجل ترسيخ نظام الاستقلال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، رغم دخول العسكريين على خط السلطة وهو الامر الذي حسم باستيلاء العسكريين على السلطة بصورة نهائية في آذار/مارس 1963، ووضع البلاد في مسارات قادت الى الوضع الحالي بما فيه من احتدامات، يعتبرها البعض مؤشرات للدخول في بوابة الحرب الداخلية.

واذا كان ما تقدم بين دلالات يفسر معارضة السوريين للذهاب باتجاه حرب داخلية، فإن في القريب السوري عاملا مهما يمنع السوريين من الذهاب اليها، والمقصود بذلك التجربة المؤلمة لفترة الثمانينيات، عندما اشتبكت جماعات «اسلامية» مسلحة مع النظام، واتخذت الاشتباكات طابعاً طائفياً استفاد منها النظام في تصفية الحراك الوطني الديموقراطي في حينها، ومنذ ذلك الوقت والسوريون يتابعون تصفية الاثار السياسية والاجتماعية والانسانية لتلك الفترة وآلامها، وهذه التركة الثقيلة في تقديري تمنع السوريين من مجرد التفكير في الذهاب الى حرب داخلية.

وباستثناء العوامل السابقة، فإن ثمة عوامل راهنة تعزز رفض السوريين الذهاب نحو حرب داخلية، لعل الابرز في هذه العوامل، وجود عامل خارجي يمثله ما حدث في العراق بعد الاحتلال الاميركي من حرب داخلية، كلفت (ولا تزال) العراقيين الكثير، ومثلها الحرب في ليبيا ضد نظام القذافي، وكانت تكلفتها على الليبيين كبيرة، اما الاهم في العوامل الداخلية، فيستند الى الخيار السلمي الذي تبناه السوريون في ان ثورتهم على النظام، حيث اتخذت مسارها السلمي منذ البداية وما تزال، وهو لا يعكس فقط خوف السوريين من اختلالات ميزان القوى لصالح النظام من الناحية العسكرية بمقدار حرصهم على عدم الانجرار الى صراع يستحيل تحقيق «نصر» فيه، ما يجعل الشعب الخاسر الوحيد والنظام الرابح في بقائه في سدة السلطة.

ان وعي السوريين باخطار الحرب الداخلية، دفعهم لاختيار السلمية طريقاً في مواجهة النظام، والاصرار عليها رغم القمع العاري الذي مارسه النظام ضد الحراك الشعبي، وجرى تحت ظله قتل آلاف السوريين وجرح واعتقال وتشريد مئات الآلاف في ثمانية اشهر فقط، وهي نتائج ماسوية دفعت لظهور اتجاهين في الداخل السوري، اولهما انشقاقات داخل القوى العسكرية، والثاني بروز اصوات تنادي بالتسلح وتحويل ثورة السوريين الى عمل مسلح، بل ان بعضاً من اعمال مسلحة حدثت في بعض المناطق ولا سيما في المناطق الملتهبة. وهذه هي المؤشرات، التي يعتبرها البعض اساس ذهاب السوريين الى حرب داخلية. غير انها مؤشرات لا تصمد امام المعطيات الكثيرة التي تؤكد رفض السوريين الذهاب بهذا الاتجاه رغم كل معاناتهم الراهنة واحتمالاتها.

=================

على ماذا يعول بشار الأسد؟!

ياسر الزعاترة

الدستور

26-11-2011

يتساءل المتابع للشأن السوري عن العناصر التي يعوِّل عليها بشار الأسد لاستمرار تشبثه بالحكم ورفضه العملي للمبادرات الإنقاذية التي تعرض عليه، لاسيما أن أحدا لا يقبض حكاية القتال حتى النهاية التي يتبجح بها للصحافة الأجنبية (لم يمنح مقابلة لصحيفة أو فضائية عربية)، والتي لا يراد منها غير إقناع الغرب بأن عليهم التفاهم معه على ما يريدون من أجل مصلحتهم، وهذا هو جوهر تصريحاته لصحيفتي “صندي تلغراف” و”صندي تايمز” البريطانيتين، وكذلك حال تصريحات ابن خاله “خازن مال” العائلة (رامي مخلوف) لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

لعله يعوّل على صفقة ما مع الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، عنوانها إقناعهم بأنه بديل أفضل بالنسبة إليهم من البديل القادم الذي يروج بأنه سيكون عنوان تحول في التاريخ السوري باستلام الإسلاميين للسلطة، ما يرتب خطرا على الدولة العبرية، وما تصريحات رئيس الهيئة الأمنية والسياسية لوزارة الدفاع الإسرائيلية سوى مثال على المخاوف الإسرائيلية التي ينبغي أن يأخذها الغرب في الاعتبار، وفي تصريحاته للصندي تلغراف سعى الأسد إلى إقناع الغرب بأن الصراع الدائر في سوريا هو بين القوميين العلمانيين (المفضلين للغرب بالطبع) وبين الإسلاميين الذي سيشكلون خطرا على مصالحه ومصالح الدولة العبرية، وهو ما كرره ضمنيا رامي مخلوف أيضا.

وبطبيعة الحال فقد حاول إقناعهم بأنه قوي وقادر على تجاوز الأزمة، وليس من مصلحتهم تبعا لذلك المقامرة بالانحياز ضده، مع أن تحالفه المزمن مع طهران لا يمنحه فرصة دفع استحقاقات ذات بال للغربيين، لكن إمكانية خروجه من المحور المذكور لا تبدو مستبعدة إذا وجد مصلحة نظامه في كفة والتحالف مع إيران في كفة أخرى، وتبعا لها حزب الله.

لو كانت الدنيا كما كانت من قبل لكان بالإمكان القول إن مساومة من هذا النوع تبدو ممكنة، أعني لو كانت أمريكا هي سيدة اللعبة الدولية بلا منازع، لكن الأخيرة لم تعد الآمر الناهي في الكون، إذ يتوفر منافسون آخرون من بينهم روسيا والصين اللتان سيكون لهما موقفهما المناهض لصفقة من هذا النوع.

أما مساعي إقناع الغرب بقدرته على البقاء فلا تبدو صعبة وحسب، بل وغير مجدية أيضا، اللهم إلا إذا صدق مقولة حسن نصر الله حول أن الأمر لا يتطلب أكثر من إشارة من واشنطن. صحيح أن بوسع الغرب استبعاد الخيار العسكري الذي تتصاعد نذره بمرور الوقت في ظل الحماسة التركية له، لكن أحدا حتى الآن لا يبدو مقتنعا تماما بأن استبعاده يمنح بوليصة تأمين للنظام، لاسيما أن الاحتجاجات الشعبية لا تبدو في وارد التوقف، هي التي لم تطلب إذنا من الغرب حين اندلعت، بل فاجأت الجميع بمن فيها المعارضة السورية نفسها.

صحيح أن الوضع لا يزال تحت السيطرة بقدر ما بسبب نشر الجيش في الشوارع وعمليات القتل بالتقسيط والاعتقال اليومي، إلا أن البلد لا يمكن أن يستمر على هذا الحال إلى أمد طويل، ثم إن تخلي إيران عنه سيعني انكشاف ظهره أمام الداخل الذي لا يبدو في وارد التوقف عن الاحتجاج مهما طال الزمن.

ثم إن الموقف العربي لا يأتمر بالكامل بأمر الغرب، فهناك من بين دوله من يملك الاستعداد للمضي في برنامج دعم الانتفاضة السورية أيا يكن الموقف الغربي، مع العلم أن مواقف الدول الغربية لا تبدو موحدة أيضا، وقد لاحظنا ذلك الخلاف الذي شاب مواقفه في الملف الليبي.

هناك من يرى أن النظام لا يعول فقط على الحل العسكري، بل يضيف إليه مساعي لشق المعارضة السورية واستقطاب بعض قواها من أجل تشكيل ما يسميه معارضة وطنية تقبل بالحوار تحت سقف النظام، الأمر الذي يمنحه فرصة البقاء مع إصلاحات شكلية، لكن المشكلة أن هذا الطيف من المعارضة لم يحصل على ثقة الشارع.

في ضوء ذلك كله يبدو النظام كمن يطلب المستحيل بعد فقدانه الشرعية، وأيا يكن موقف الغرب، فإن أقصى ما يمكن أن يجنبه إياه هو الحل العسكري الذي يطيل عمره بعض الشيء (لا نتمناه بالطبع نظرا لتداعياته القاسية)، من دون أن يمنحه فرصة البقاء بعدما أثبت الشارع استعداده لمعركة طويلة ومريرة لن تتوقف قبل تحقيق الانتصار.

ليس لدى النظام في ضوء هذه المعادلة سوى الرحيل الفوري بعد أن فقد شرعيته الشعبية، ولن تنفعه المظاهرات التي يرتبها بهدف المعالجة النفسية لا أكثر، لاسيما أنه يعلم أن المظاهرات المقابلة لو حصلت على ذات التسهيلات لنظمت مليونيات تتفوق حتى على المليونيات المصرية واليمينة.

البلد برسم الدمار في حال اندلعت الحرب الأهلية، وليس من مصلحة العلويين الاصطفاف خلف النظام في معركة من هذا النوع، ولعل بعض عقلائهم يقنعونه بأنه يغامر بهم في معركة خاسرة، ومن الأفضل أن يرحل بدل وضعهم في مواجهة دموية مع بقية الشعب. ولعل تصريحات رفعت الأسد من باريس إشارة في هذا الاتجاه، وإن انطوت على دعم لنظرية الانقلاب من داخل النظام، وطائفته تحديدا.

لم يعد أمام الأسد غير الرحيل بدل انتظار نهاية القذافي، وهي فرصة قد تبدو سانحة هذه الأيام، لكنها ستغدو صعبة وربما مستحيلة بعد زمن لن يطول.

=================

الأزمة السورية في تقرير دولي

عريب الرنتاوي

الدستور

26-11-2011

بدت “مجموعة الأزمات الدولية” شديدة التشاؤم حيال راهن الأزمة السورية واتجاهات تطورها...فهي وإن لم تجزم فيما إذا كانت الأزمة تمر بآخر مراحلها أم لا، إلا أنها كانت على يقين تام بأنها تمر بأخطر مراحلها على الإطلاق.

والحقيقة أن لا “سيناريو” واحد، من عديد السيناريوهات التي أتت على ذكرها “المجموعة” يدعو للتفاؤل....فالحل السياسي “مغلق” في ظل مناورة النظام ومراوغته...وبقية الخيارات تفتح أبواب الجحيم أما سوريا وشعبها وانتفاضتها، تبدأ من تصعيد العنف ونزف الدماء، ولا تنتهي بالانزلاق إلى تفكك الدولة وانهيارها كنتيجة لحرب أهلية ضروس، تأكل الأخضر واليابس.

في تقريرها الأخير حول الأزمة، تلفت “المجموعة” انتباهنا إلى سلسلة من الملاحظات المطروحة على صورة “أسئلة مفتوحة”، من بينها على سبيل المثال لا الحصر: مصير الطائفة العلوية، وما إذا كانت ستواجه أعمالاً انتقامية واسعة النطاق، رداً على “السياسات الطائفية” التي اتبعها النظام طوال أزيد من أربعة عقود من حكم العائلة والطائفة وأعوانهما من بقية الطوائف والمذاهب...”المجموعة” تقترح تأمين حماية لهذه الطائفة في شتى الظروف والاحتمالات، وتقلل من شأن “الصورة الوردية” التي تقدمها المعارضة للمرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا.

والتقرير يتحدث عن مؤشرات مقلقة، يمكن أن نسميها “إرهاصات” حرب أهلية قد تقرع الأبواب على نطاق واسع في المدى المنظور...وهو – التقرير - يتوقف هنا أمام ما يجري في حمص على وجه التحديد من عمليات قتل على خلفية مذهبية وطائفية، وهي الظاهرة التي تفاقمت بصورة أشد خطورة، بعد كتابة التقرير، وتحديداً في الأيام الفائتة.

وتقرير المجموعة يحلظ “الميل المتزايد” للعسكرة في صفوف المعارضة السورية، ويتوقف بشكل خاص أمام ظاهرة الجيش السوري الحر، متسائلاً عمّا إذا كان هذا الجيش سيكون مظلة للعناصر المنشقة، أم غطاء ل”ميليشيا” منفتلة من عقالها، تمارس العنف ضد أجهزة الدولة ومؤسساتها، إلى جانب ما يمكن أن يطرأ من أهداف في سياق تطور الأزمة السورية.

وأخطر ما يمكن أن تواجهه سوريا، هو تفكك الدولة بأجهزتها العسكرية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية، هكذا يقول التقرير...عندها تصبح “العرقنة” ممراً إلزامياً لتطور الأزمة السورية، وقد تدخل البلاد في حال من الفوضى الشاملة، وقد يمتد الأمر إلى دول الجوار، وبالأخص إلى لبنان، فيما يشبه “البلقنة” التي كنا حذرنا منها، ونقترح من الآن فصاعداً أن نطلق عليها اسم “السورنة”.

أما التدخل الدولي فهو خيار محفوف بالمخاطر المحلية والإقليمية، وكلما زاد التلويح به قبل انتقال سوريا إلى مرحلة جديدة، كلما تفاقمت الأخطار الناجمة عنه، وتعدد اللاعبون الإقليميون والدوليون الذين سيحيلون سوريا إلى ساحة لصراع النفوذ ومراكز القوى والمحاور، وسيكون لذلك تداعيات إقليمية واسعة النطاق، كون سوريا، تمثل صورة مصغرة عن “فسيفساء المشرق”، والوصف هنا من عندنا.

ليس ثمة طريق سهل أمام سوريا، التي تبدو اليوم بين فكي كمّاشة...الفك الأول، ويتمثل في نظام دموي مفلس من كل خيار سياسي من أي نوع، ولا يعرف سوى الحلول الأمنية...أما الفك الثاني، فيتمثل في محور من القوى الإقليمية والدولية، التي تبيت لسوريا أسوأ الخيارات والبدائل، ليس من الآن ، بل منذ أشهر وسنوات.

وفي معلوماتنا، وهنا الحديث يخرج عن تقرير “مجموعة الأزمات الدولية” أن دولة خليجية، أبلغت الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، قبل أزيد من خمسة أشهر، بأن الأسد سائر بإقدامه إلى حتفه، وأن صفحة النظام ستطوى قريباً، وأن عليه – جنبلاط – أن يختار الطرف الرابح في المعادلة، وأن يبدأ بتهيئة حزبه وطائفته، لعملية تحوّل في موقفه وموقعه، قبل أن يفوته القطار...وهذا ما حصل بالفعل، حيث بدأ “وليد بيك” مسيرة انعطافته الجديدة، منذ تلك الفترة على وجه التحديد.

والخلاصة، أن “تسوية الحساب” مع النظام السوري، كانت أمراً تهجس به قوى عربية ودولية منذ زمن، وأن “ربيع العرب” وفّر لها فرصة لذلك، وأنها كانت تنتظر بفارغ الصبر وصول “عداد” القتلى إلى الحدود التي تسمح بالتدخل وتصفية الحساب، من بوابة إنسانية أو من مدخل “حماية المدنيين”...هذه الأطراف ، تمضي في عدائها للنظام السوري، إلى حد إبداء الشغف بتدمير سوريا، وطناً وكياناً وشعباً موحداً، بحيث لا تقوم لها قائمة مستقبلاً، لا تحت مظلة هذا النظام، ولا أي نظام آخر.

اليوم، وبعد أن أخفق النظام في الاستجابة لقرارات “هيئة أركان الجامعة العربية”، عادت نغمة “التدويل” في الارتفاع مجدداً، هذه المرة تحت عنوان “طلب مساعدة الأمم المتحدة لتنفيذ مبادرة الجامعة”...لكن ما قاله الوزراء العرب بلغتهم الدبلوماسية المعتادة، نطق به الجنرال السوري المنشق، بلغة مباشرة: نريد تدخلاً وملاذات وممرات...نريد ضربات جوية ومناطق حظر طيران...نريد تدمير المواقع الاستراتيجية للنظام، ولا أدري ما الفارق بين هذه المواقع، والمواقع الاستراتيجية للدولة السورية، الجواب عند الأسعد ومن يغزل بنولهم.

=================

نحن وسورية

فالح الطويل

الرأي الاردنية

26-11-2011

القول المنسوب لتوم ديلون، مستشار أوباما للأمن القومي، الذي يعطى أوسع انتشار الآن، بأن سقوط الأسد سوف يكون بمثابة ضربة استراتيجية لإيران، قول لا يهمنا. يستطيع المرء أن يستنتج أن عدم الاكتراث ذلك هو موقف أردني عام، يكاد يجمع عليه الناس في حلقاتهم النقاشية الضيقة أو الموسعة مما يراه المرء في عمان، هذه الأيام.

نشعر، من استقرائنا للخبر وطريقة تقديمه للقراء، والتركيز عليه أن شيئا ما يراد له أن نكون تحت ضغطه، وهو أن سقوط الأسد سيحدث الزلزال الذي هددت به سوريا، وأن الأردن سيكون قريبا من مركز الزلزال وسيصيبه كثير من الضرر.

هذا الإيحاء لا يهمنا أيضا، ورفضه الأردن رفضا رسميا عبر تقييمات صرح بها جلال الملك في لقائه مع مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية، وصرح به مؤخرا وزير الخارجية في لقاء له مع التلفزيون الأردني. ويؤمن به غالبية المثقفين الأردنيين العارفين بحقيقة الأمر،ويرفضون، بسبب ذلك، الأخذ بمقولات شعاراتية بليت وعفى عليها الزمن، مثل أن نظام الأسد نظام ممانعة، وأنه يدعم المقاومةالفلسطينية واللبنانية؛ وأن مواقف العرب داخل الجامعة وخارجها كانت استجابة لأوامر أمريكية صريحة بإسقاط نظام الأسد... إلخ...إلخ.

شيء واحد، بين أشياء أخرى، يتناساه ويقفز عنه مؤيدو الأسد، وهو أن الأردن دفع أثمانا باهظة مرتين، من قبل: مرة، بسبب سياسات نظام الأسد في تدمير كل إمكانية للعمل العربي وهو ما أثر علينا، بشكل مباشر؛ والأخرى في علاقاتنا الثنائية معه.

قصة سد الوحدة وسرقة مياهنا السطحية والجوفية في وضح النهار وبصلف لا يضاهيه سوى صلف إسرائيل في تعاملها مع الحق العربي. وهو ثمن ما زلنا ندفعه وسنبقى ندفعه ما بقي الأسد ونظامه يتحكم في سياسات المنطقة.

هناك ثمن إضافي كبير آخر ندفعه اليوم وسنبقى ندفعه مابقي مصيرنا ومصير المنطقة معلقا بقرار فردي يصدر منه. ليس هناك اي تناقض بين مصلحة كلا الشعبين: الأردني والسوري. لكن التناقض كان وسيبقى موجودا دائما بين مصلحة الشعبين من جهة ومصلحة بشار الأسد ورجاله من جهة أخرى.

كانت مصيبة العرب عبر تاريخهم الحديث هي الانطلاق من أن مصلحة شخص ما يغتصب قمة الهرم في سوريا، بشكل خاص، هي نفسها مصلحة الدولة والأمة. وكانت هذه معادلة أشبه بمؤامرة صريحة خسرنا بسببها كل فرصة حقيقية لعمل عربي مشترك؛ كما كنا، بسببها أيضا، أسهل للتعامل معنا من قبل أي عدو. فالسيطرة على رجل واحد ليست كالسيطرة على شعب كامل أو شعوب كاملة.

ننتظر انتصار شعبنا الشقيق في سوريا. ونحن متأكدون أنه، بكل مؤسساته الرسمية والمدنية، سيكون في نفس الخندق الذي يقف فيه شعبنا، كما لم يحدث من قبل. وعندها لن ندفع ثمنا، وإذا دفعناه فسيكون ما يخصنا منه على سبيل المشاركة في المغانم والمغارم مع شعب سوريا الحبيبة، وبكل طيبة خاطر، وليس الثمن كله، كما كان الحال أيام الأسد.

=================

النظام السوري.. الهروب للأمام إلى متى؟

الرأي الاردنية

26-11-2011

سلطان الحطاب

لا يستطيع النظام السوري كما أثبتت الوقائع عبر الثمانية أشهر الماضية من اشتباكه مع الشارع أن يخوض معركة الاصلاح وها هو يواصل الهروب الى الأمام ويستمر في خوض معركة الرصاص وحين لم يستطع شراء المزيد من الوقت لمعركته التي يعتقد انه يستطيع فيها ان يحسم صراعه مع حركة الاحتجاج والتظاهر فإنه يواصل البحث عن أعداء مصطنعين فهم المخربون مرة وهم أطراف في الجامعة العربية مرة أخرى يتهمهم انهم يمهدون لتدويل الحالة السورية..

وبدل أن يمسك النظام بخشبة الجامعة العربية ويستجيب لمشروع بروتوكولها لينجو راح يحمل الجامعة وقراراتها مسؤولية ما يجري ويواصل التهديد بأن ما يلحق به سوف يصيب المنطقة كلها والتي سيكون حسابها عسيراً وأنه سيقاتل دون ان نعرف من وزير الخارجية المعلم ولا حتى من تحذيرات الاسد نفسه من هم الذين سيقاتلهم النظام السوري بعد كل معاركه المؤجلة..

حين كنا نرى العدوان الاسرائيلي على سورية كان النظام لا يستعجل الرد عليه وانما يدعي انه سيختار المكان والزمان المناسبين له وهي الأمكنة والأزمنة التي لم تحدد أو يقترب موعدها منذ أربعين سنة..

الشروط التي يضعها النظام السوري على الجامعة العربية لا مبرر لها في السياق الموضوعي لو كان النظام صادقاً في احداث حالة من الهدوء او المصالحة أو الاستقرار أو حتى الحوار..فهو يريد المبادرة العربية ولكنه يريد اجهاضها وتفريغها من مضمونها..يريد معرفة المراقبين ال (500) وتحديد مواقع زيارتهم واقتصار هذه الزيارات على مواقع دون أخرى وهو يريدهم من انتماءات محددة وهو يريد أن يسبقهم الى الأماكن التي يدخلونها وان يتعقبهم..ولو كان الأمر فيه حسن نية من جانب النظام لسمح لوسائل الاعلام أن تدخل وأن تصور الحقائق التي يزعمها وأن تكشف عن العملاء والقتلة المزعومين الذين يحاربهم النظام...

أعتقد أن الرئيس بشار الاسد متورط في نظامه وأن هذا النظام «المدمي» للشعب السوري في حماه عام 1982 وما بعدها هو الذي جاء ببشار مكان والده في عشر دقائق وعدل الدستور وأنقص سن رئيس الجمهورية من (40) إلى (34) سنة هي عمر بشار حين جاءوا به وريثاً لعرش والده والذين جاءوا به وهم نظام والده هم من بقوا يتحكمون به ولا يريدون أن يدخلوا في أي تسوية أو تفاهمات مع الشعب السوري لعدم قدرتهم على تسديد فواتير التسوية حين يفتح الملف واسعاً..

والسؤال هل بشار الاسد مغلوب على أمره؟ هل استفحل نفوذ أطراف في النظام لدرجة لا يستطيع معها السيطرة..أم استفحلت مراكز قوى في العائلة كأخيه وزوج أخته اللذين أوغلوا في القتل وضرب الشارع؟

لن يكون مصير نظام الاسد مختلفاً عن غيره من الانظمة التي أصابها الربيع العربي بالاقتلاع كالنظام الليبي..فالاشجار التي تنحني للعاصفة قد تسلم وتلك التي تشبه اشجار المناطق الاستوائية تقتلع من جذورها لهشاشة تربتها..

سوريا على مفترق طرق والنظام يخطفها لاجنداته الضيقة ولا يرى المخاطر التي تتعلق بحكمه وامتيازاته...لا يراها اي «المخاطر» في استمرار قتل الشعب السوري الذي خرج ولن يعود ولا في التشققات الخطرة في التراكيب الاجتماعية التي تقود الى التفجير والحرائق الاثنية والطائفية والى التمزق الجغرافي وتقسيم سوريا..

ما زال النظام السوري يبيع الذرائع ويخوف الناس مما لم يعودوا يخافون منه لأنهم دفعوا الثمن باهظاً وما زالوا..وما زال يبيع عليهم صفقاته في المقاومة والممانعة التي لم يروها الا في حماة حين قاومهم وصد مطالبهم حين مانعهم وحرمهم منها..

النظام نفسه في سلوكه يدفع سوريا باتجاه المخاطر ويفتح باب تدويل الازمة والتدخل الخارجي ويعيد انتاج نفس الموقف للنظام الليبي الذي طالب شعبه ان يعرف بنفسه (من انتم) وها هو النظام السوري ما زال ينهج نفس النهج حين يدعي أن ملايين المتظاهرين لا يمثلون شيئاً وان مثلوا فيمثلوا التدخل الاجنبي وعصابات الارهاب والقتلة..

امراض النظام العربي التي جاء الربيع العربي لمعالجتها هي نفسها تتكرر ولكن بعضها حاد ومزمن وبعضها ما زال لم يستفحل والذكي من الانظمة هو من اعتبر بغيره قبل سقوطه..وعليهم ان يتعظوا بالقول»إنجُ سعد فقد هلك سعيد».. ولكنهم لا يتعظون ولا يقرأون وما زالوا يبحثون عن من يبيعهم لشيخوختهم مزيداً من الوقت حتى وإن كان من أرذل العمر!

=================

سورية تتحدى العقوبات العربية

رأي القدس

2011-11-25

القدس العربي

 انتهت المهلة التي اعطتها جامعة الدول العربية للسلطات السورية لتوقيع البروتوكول المتعلق بارسال مراقبين عرب، وبعثات صحافية لمتابعة تطورات الاوضاع في سورية، خاصة تلك المتعلقة بحماية المدنيين، وبات الجميع في انتظار قرارات وزراء الخارجية العرب الذين من المفترض ان يجتمعوا اليوم في مقر الجامعة العربية من اجل هذا الغرض.

الانباء الواردة من اروقة الجامعة تفيد بان فرض حظر على رحلات الطيران ومقاطعة الواردات السورية، ووقف التعامل مع بنوكها قد يكون من بين العقوبات المتوقعة، ولكن يرى الكثير من المراقبين انها قد تؤثر على النظام، ولكن تأثيرها الاكبر قد يكون على الشعب السوري، تماما مثلما حدث عندما فرضت الامم المتحدة بزعامة واشنطن حصارا على العراق ادى الى استشهاد ما يقارب المليون عراقي معظمهم من الاطفال.

السلطات السورية ربما لم ترد على مهلة الجامعة العربية لانها شعرت بالاهانة من الطريقة التي عوملت بها، ولانها لا ترغب في وجود مثل هؤلاء المراقبين، والاهم من كل ذلك، الدعم الكبير الذي حصلت عليه امس من كل من روسيا والصين.

ففي ختام اجتماع لمجموعة الدول الصاعدة اقتصاديا التي تضم البلدين، بالاضافة الى الهند والبرازيل وجنوب افريقيا طالبت كل من الصين وروسيا السلطات السورية بالحوار مع المعارضة، وحذرت بوضوح من اي تدخل اجنبي دون دعم من الامم المتحدة.

وهذا الموقف القوي يأتي بعد طلب موسكو توضيحات من وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه لتصريحاته التي تحدت فيها عن تأييده لاقامة ممرات آمنة في سورية، في اشارة واضحة الى معارضة موسكو لمثل هذه الممرات وخشيتها من ان تكون مقدمة لتدخل عسكري على غرار ما حدث في ليبيا.

لدى روسيا مصالح قوية في سورية، وهناك قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس، والقيادة الروسية تشعر بانها تعرضت لخديعة كبرى في ليبيا، عندما وافقت على قرار مجلس الامن رقم 1973 باقامة مناطق حظر جوي تطورت الى هجمات وغارات لطائرات حلف الناتو في مختلف انحاء ليبيا، ولهذا لا تريد تكرار الامر نفسه في سورية احد آخر حلفائها في المنطقة، وهم قلة على اي حال.

روسيا والصين استخدمتا حق النقض 'الفيتو' ضد مشروع قرار بفرض عقوبات على سورية تقدمت به كل من بريطانيا وفرنسا، ولذلك فان مثل هذا الموقف سيتكرر في حال اللجوء الى اي تدخل دولي من قبل جامعة الدول العربية ووزراء الخارجية العرب.

الازمة السورية تتجه الى تدويل مختلف يتناقض كليا مع رغبة وزراء الخارجية، فدخول الصين وروسيا بهذه القوة، يوحي بانهما يضعان بكل ثقلهما خلف السلطات السورية في مواجهة التحرك الغربي العربي المشترك، الامر الذي دفعها الى تجاهل البروتوكول المذكور.

من الواضح ان النظام السوري ليس في وارد الاستسلام ورفع الراية البيضاء، وقد اوضح الرئيس السوري بشار الاسد هذا الموقف في حديثه لصحيفة 'الصنداي تايمز' البريطانية عندما قال انه سيقاتل حتى النهاية، الامر الذي يعني اننا بتنا امام مواجهات داخلية، قد تقود الى مواجهات موسعة بعض اطرافها اقليمية او دولية. باختصار شديد قد نشهد حربا من نوع مختلف في المنطقة قريبا.

=================

سوريّة والعروبة

السبت, 26 نوفمبر 2011

حازم صاغيّة

الحياة

أن يقال إنّ الإيديولوجيا آخر هموم النظام السوريّ ليس اكتشافاً. وهذا التعرّي من الايديولوجيا إنّما نما مع الزمن، لا سيّما مع الانتقال من جيل الآباء، والآباءُ كانوا عقائديّين في شبابهم، إلى جيل الأبناء الورثة. وقد توازى الانتقال هذا مع تراجع أصاب الحزب لمصلحة أجهزة الأمن، ثمّ أصاب «الاشتراكيّة»، أخت «الوحدة» في اللغط البعثيّ، لمصلحة اقتصاد السوق غير المصحوب بالقوانين.

لكنّ العروبة، مع هذا، يصعب التخلّي عنها في سوريّة كما لو كانت عظْمة كلب ميّت. فالوريث لا يقطع، من حيث المبدأ، قطعاً كلّيّاً مع لغة الموروث، وإلاّ اختلّت عمليّة التوريث نفسها. ثمّ إنّ سوريّة «قلب العروبة النابض»، وهي، منذ 1961، جمهوريّة «عربيّة سوريّة»، بغضّ النظر عن حقيقة أنّ الأكراد عُشر سكّانها، وهي نسبة تزيد حين يضاف إليها الأشوريّون وأقليّات صغيرة أخرى غير عربيّة. وأهمّ من هذا وذاك أنّ العروبة يتطلّبها الدور الإقليميّ الذي يتيح لدمشق أن تتدخّل في لبنان وفي سياسات الفلسطينيّين، كما في الأردن والعراق، ناهيك عن تمثيل «العرب» في ظروف التوسّط السابق مع إيران (ولو توازى ذلك مع تمثيل إيران في التوسّط مع «العرب»).

وعلى عمومها كانت هذه الوظائف تستجيب تطلّباً في اللاوعي السياسيّ والجمعيّ للسوريّين العرب، مفاده أنّ «العروبة» تكبّر سوريّة، فتوحّد بها، ولو رمزيّاً، بلداناً تقول الأسطورة القوميّة إنّها فُصلت عنها.

غنيّ عن القول إنّ النفعيّ والوظيفيّ في تلك الأسباب هو ما احتفظ به النظام من العروبة البعثيّة، متلهّياً بالإيديولوجيّ منها على نحو سينيكيّ. بيد أنّ اللغة التي بدأت تظهر في الأيّام الأخيرة، وتحديداً منذ تعليق عضويّة سوريّة في الجامعة العربيّة، تشبه إعلان المكبوت الذي كانت المصالح تستدعي كبته.

فالعرب صاروا، بين ليلة وضحاها، «عرباناً» و «بدواً» وأهل «رمل» وجِمال»... وهذه العنصريّة الصريحة كثيراً ما تجهر بطلب «قوميّة سوريّة» ضاربة، على ما يمضي الزعم، في آلاف السنين.

وكان التاريخ السوريّ الحديث قد شهد عيّنتين على ردّ الفعل هذا، واحدتهما انفجرت مع «انفصال» 1961 الذي أنهى «الاستعمار المصريّ والفرعونيّ»، والثانية حصلت بعد انسحاب الجيش السوريّ من لبنان إثر اغتيال رفيق الحريري. بيد أنّ العيّنتين هاتين، اللتين دلّتا على خصوبة الاستعداد لتشكيل الوطنيّة السوريّة سلبيّاً وضدّيّاً، بقيتا أصغر بلا قياس ممّا يجري اليوم.

فالحاصل الآن أنّ أصوات النظام في دمشق وبعض حلفائه في بيروت يرفعون «القوميّة السوريّة» إلى مصاف الإيديولوجيا الرسميّة، وفي الآن نفسه يجعلونها إحدى صرخاتهم في الحرب التعبويّة.

ولن يكون من الصعب التدليل على جذور دينيّة ومذهبيّة يصدر عنها هذا النزوع المستجدّ. إلاّ أنّ أكثر ما يستوقف، والحال هذه، أنّه لم تعد هناك مصالح عربيّة للنظام تستدعي منه العروبة، ولو بحدّها الأدنى.

ولئن ألقى التحوّل هذا مزيداً من الضوء على مدرسة عريقة، تتعدّى سوريّة، في استخدام العروبة وتوظيفها، فإنّه دلّ أيضاً على مأساة النظام القاتلة. ذاك أنّ الأخير حين يخسر مصالحه العربيّة، أي «أوراقه» الإقليميّة، وحين يتخلّى تالياً عن بقايا غطائها الإيديولوجيّ، يكون قد خسر كلّ شيء.

================

ممر آمن

السبت, 26 نوفمبر 2011

مصطفى زين

الحياة

فتح قرار الجامعة العربية ممراً آمناً للتدخل الدولي في سورية. تدخل قيل إنه لحماية المدنيين من بطش النظام واستبداده طوال أكثر من ثلاثين سنة. وقيل أيضاً إنه لمنع انزلاق البلاد إلى حرب أهلية تؤدي إلى التقسيم.

لكن نظرة سريعة إلى المسألة السورية تؤكد أن الأحداث كانت، وما زالت تدور على وقع هذا التدخل. لم تبق دولة أو منظمة إلا وتدخلت، من تركيا إلى أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيران وروسيا والصين وباقي دول «بريكس»، إلى الأمم المتحدة فالجامعة العربية، فضلاً عن المنظمات المدنية والإنسانية، وشركات الأسلحة والنفط والمصارف والمهربين والتجار، ولا ننسى الأطلسي والاتحاد الأوروبي وبرلمانه... الكل لديه ما يقوله في المسألة.

التدخل ليس جديداً إذن، والجامعة العربية التي دانت النظام السوري وتعاملت معه على هذا الأساس، منذ اجتماعها الأول، ومنذ احتضانها المعارضة، ممثلة بالمجلس الوطني الذي تأسس في إسطنبول، برعاية مباشرة من حزب العدالة والتنمية الحاكم، كانت تعرف أن النظام لن يوافق على مبادرتها التي أرسلت إليه بالفاكس، إذ يعتبرها انتقاصاً من سيادته وإهانة لكبريائه. وتعرف أنه إذا وافق فمن باب المناورة (لف ودوران على ما قال حمد بن جاسم)، وعندما وجد هذا الباب مقفلاً أمامه لم يرفض لكنه لم يوقع البروتوكول، معتمداً على أصدقائه في مجلس الأمن، خصوصاً الصين وروسيا التي أرسلت أسطولها إلى المتوسط، وأعربت عن استعدادها لرفض أي قرار يدين سورية في مجلس الأمن.

هذا عن التدخل الخارجي. أما الخوف من انزلاق سورية إلى حرب أهلية، وتعريضها للتقسيم، فليس سوى خوف من باب التمني. ربما الدول العربية وحدها لا ترغب في تقسيم سورية، وإن كانت تسعى إلى اجتذابها بعيداً من إيران. أما الآخرون مثل الولايات المتحدة وفرنسا (وإسرائيل بطبيعة الحال) فهي تعمل منذ عشرات السنين للوصول إلى هذه النتيجة. مصالحها تقتضي ذلك. وهي تنظر إلى المسألة مثلما تنظر إلى أي صفقة تجارية يلعب فيها المال والنفوذ والقوة الدور الأساسي. فلنتذكر ما كان قبل الهجوم على ليبيا. عقدت فرنسا وإيطاليا وأميركا صفقات مع المجلس الانتقالي قبل الغزو، وطالبته بالتنفيذ بعد قتل القذافي مباشرة، غير عابئة بمصير الليبيين، مبررة له اختيار حكومة إسلاميين متعاطفة مع «القاعدة». المهم تنفيذ الصفقة. ألم تبرر للقذافي كل ما فعله؟

ليس في سورية ثروة نفطية. لكن «ثروتها» الإستراتيجية لا تقدر بثمن، وقد بدأت الدول المعنية عقد صفقات بين بعضها ومع المجلس الانتقالي قبل الانتقال، وقبل أن يصبح «الممثل الشرعي الوحيد»، محاولة جذب أطراف المعارضة إلى صفه، محذرة من عسكرة الانتفاضة، لكنها تشجع الانشقاق في صفوف الجيش، ولا تنتقد عمليات المنشقين في سائر المدن، على ما يزعمون. وتدعو إلى إقامة ممرات آمنة (جوبيه).

الجامعة العربية، ومعها «المجتمع الدولي»، وصلت إلى جدار مسدود ولن تتراجع. والنظام السوري وصل إلى طريق اللاعودة. الكل في أزمة. أزمة ستطول كثيراً وستفرز ما لم يكن في بال المخططين واللاعبين، دوليين كانوا أو إقليميين.

لا ممر آمناً لأحد.

=================

تركيا والانتفاضات العربية.. من «تصفير المشكلات» إلى مشكلات لا حصر لها

بيتر هارلينغ وهيو بوب*

الشرق الاوسط

26-11-2011

تأتي تركيا في أعلى مرتبة في صفحة نتائج اللاعبين الخارجيين بعد عام من الثورات العربية. وكانت استجابة أنقرة هي الأسرع تجاه التحول المنهجي في المنطقة، من خلال مبادرتها بمطالبة حسني مبارك بالتنحي؛ كما حددت مبادئ واضحة وحثت على إجراء إصلاحات ضخمة، وأدانت القمع وتجنبت الاندفاع إلى حرب غير معلومة العواقب للإطاحة بمعمر القذافي، لكنها ظهرت على الجانب الرابح وأرضت الرأي العام العرب بتحدي إسرائيل وخفض منزلة العلاقات مع الدولة اليهودية، حتى على الرغم من أن هذا حدث لأسباب غير وثيقة الصلة في الأغلب، ويمكن أن تتباهى ب«النموذج التركي» بوصفه طريقة غير محددة بالشكل الملائم للمضي قدما. وتأتي الجائزة ممثلة في إمكانية قيام رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، بجولة في العالم العربي يحظى خلالها بالترحيب.

وعلى الرغم من ذلك، فقد أخفت الشعبية الشخصية المتزايدة لأردوغان حقيقة أن السياسة الخارجية لتركيا قد انقلبت رأسا على عقب، وأن التعليقات التركية والغربية حول التقدم الناجح لهذا «النموذج» ما زالت تفتقر إلى النضج. لقد وضع مبدأ تركيا القيّم، الذي ربما يحمل بشكل مضلل تسمية «تصفير المشكلات» مع دول الجوار والتي ارتكزت على الترسيخ البطيء للمشاركة الدبلوماسية البراغماتية مع جميع الأطراف والتكامل الاقتصادي والتواصل مع الناس، قاعدة الأساس للإعجاب الحالي به في المنطقة، حيث حل محل صورتها السابقة كناقلة طائرات غربية ترسو على شواطئ الشرق الأوسط.

غير أن هدف تركيا الممثل في وضع نظام تعاوني جديد لجعل المنطقة أكثر أمانا وتقدما - توقع انضمامها للاتحاد الأوروبي والديمقراطية المدنية - يبدو الآن نموذجيا وطويل المدى، ويصعب تتبعه في خضم حالة الاهتياج الحالية التي تكتسح الشرق الأوسط. في الوقت نفسه، يطرح الضرر الجديد والمفاجئ الذي ألم بعلاقات تركيا مع سوريا والعراق وإيران وإسرائيل التساؤل: في عالم عادة ما تكون فيه التغييرات الحقيقية في السياسة الخارجية بطيئة ونادرة، ما الذي سيأتي ليحل موقف الوضع الاستراتيجي لأنقرة الذي اتخذ بشكل حذر وأتى بعد جهد مضن ويتسم بفعالية على نطاق واسع؟ فبعد أن كانت أفضل أصدقاء سوريا منذ عام مضى، تشارك أنقرة الآن في حرب رمزية بالإنابة مع دمشق، مع تبني تركيا بشكل معلن مجلس معارضة سوريا وفصيلا منشقا عن الجيش، وتحاول سوريا إحياء الروابط القديمة بالمتمردين الأكراد الأتراك. لقد تحول تعاون تركيا القوي مع إيران في عام 2010 حينما كانت تسعى لإيجاد حل دبلوماسي للشك الغربي في برنامج إيران النووي إلى منافسة، وتتصارع كل منهما الآن حول مستقبل النظام السوري، وتتبنيان مواقف متضادة بشأن درع الدفاع المضادة للصواريخ الخاصة بحلف الناتو، وتتنافسان من أجل كسب فوذ في العالم العربي. وقد تأثرت علاقات تركيا الحذرة مع العراق بشكل سيئ، أولا نتيجة انحياز تركيا الواضح لمرشح لم يحقق الفوز في الانتخابات العراقية الأخيرة، ومؤخرا نتيجة للانحياز الجزئي من جانب بغداد تجاه كل من دمشق وطهران. وقد تمثلت أكثر المواقف المدهشة من جانب تركيا في تحول العلاقة مع إسرائيل، التحول من التعاون العسكري والاتصالات المكثفة إلى تقليص الاتصالات الدبلوماسية في الوقت الراهن والخطاب التهديدي حول مواجهة القوات البحرية في ما يتعلق بأساطيل الإغاثة المتجهة إلى غزة.

ربما كان كل هذا محتوما. تستحق أنقرة الثناء لقيامها بما عجز معظم اللاعبين الآخرين في المنطقة عن القيام به: تغيير صورتها في مواجهة حقبة جديدة تماما. ولم تبق على موقفها بشكل دفاعي (مثل إسرائيل والأنظمة العربية الباقية) أو تؤيد الانتفاضات بشكل انتقائي، أو تروج للديمقراطية في الوقت الذي تخشى فيه من عواقب أي تصويت (مثل الغرب، الذي سيفضل احتواء الإسلاميين وعدم تغيير موقفه بشأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي).

على الرغم من ذلك، فإن سياسة أنقرة الخارجية تطرح تساؤلات أكثر مما تقدم من إجابات. وفي الوقت الذي قوبلت فيه تصريحات أردوغان المؤيدة للدساتير المدنية في القاهرة وتونس بالترحيب في الغرب، فإن جماهير الشرق الأوسط غير المؤيدين للإسلاميين تحدوهم شكوك كبيرة في أن نموذج حزب العدالة والتنمية ليس هو النموذج الملائم للجمهورية التركية، وإنما للحركات المؤيدة للإسلاميين. وعلى نحو متزايد، تقلل العلاقات المعتمدة على الاستقطاب قدرة تركيا على التوسط بين جميع اللاعبين الإقليميين والدوليين – وهي عامل مهم من أجل تسويغ دورها الإقليمي قبيل الانتفاضات. وتمثل الأزمة السورية الدموية تحديا لفاعلية كل من القوة الناعمة (قوة الإقناع) وقوة الإكراه لأنقرة.

في المقام الأول، ربما لا تستمر الشعبية الملحوظة لأردوغان في الشارع العربي للأبد - وأحد أسباب ذلك أنها ظهرت فجأة من فراغ، فيما ينتظر الربيع العربي ظهور أبطال أصليين، لأن الحكومات العربية تخشى من أي شيء يشير ضمنيا إلى تركيا بوصفها أما كبرى، وأيضا لأن تلك الشعبية تستند إلى رغبة أردوغان في تحدي إسرائيل على المستويين الخطابي والدبلوماسي. وبعد عقود من الدعاية الزائفة، أصاب الرأي العام العربي الضجر بسرعة من الحديث الصاخب التهديدي الموجه ضد إسرائيل والذي لم يغير شيئا على أرض الواقع.

باختصار، مع خمود الاستحسان الشعبي في النهاية، ربما لا يصبح لدى تركيا سوى سياسة خارجية تفتقر إلى إطار مفاهيمي لتوحيد تناقضاتها العديدة: مزيج غير مستدام من التحالف مع الولايات المتحدة والمواجهة مع إسرائيل، ونموذج اجتماعي اقتصادي قائم على التقارب مع أوروبا، لكن توقفت في إطاره عملية تفاوض تركيا من أجل الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي؛ والحماس المثالي للديمقراطيين الإسلاميين، مع إبقاء العلاقات مع حكام مستبدين آخرين؛ وتجسد مظاهر التقوى والورع الإسلامية جنبا إلى جنب مع الدعم للدساتير العلمانية والمناظرات الحادة مع جميع هؤلاء الحريصين على استغلال الشك المثار بشأن دور تركيا في الشرق الأوسط - خاصة دول الاتحاد الأوروبي السعيدة باستغلال أي ذريعة متاحة من أجل إبطاء مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.

إن موقف تركيا ضعيف في التعامل مع القضايا المحلية أيضا، إذ حان موعد سداد فواتير لم يتم دفعها أثناء غزوات تركيا في العالم العربي. وفي أعقاب انهيار محادثات السلام المتقطعة، أسفر تصعيد العنف من جانب المتمردين الأكراد المحليين والذي امتد خمسة أشهر عن مقتل أكثر من 250 شخصا، بينهم أكثر من 115 من أفراد قوات الأمن و31 مدنيا. وبات الاقتصاد التركي مهددا أيضا، مع وصول الطفرة الاستهلاكية المدفوعة بالائتمان إلى ذروتها، وتجاوز العجز في الحساب الجاري في تركيا نسبة 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن أنه، في أعقاب أداء اقتصادي قوي في الألفية الثانية، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يقل النمو الاقتصادي إلى نسبة 2.2 في المائة في العام المقبل. ويشير كل من الاستقطاب السياسي الداخلي وتوقف محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وانتهاج أسلوب فاشستي تجاه حرية التعبير، والتصنيف المنخفض لتركيا في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، إلى جانب الشفافية والإنجازات التعليمية، إلى أن تركيا أحيانا ما تستحضر جوانب من ماضي العالم العربي، بوصفه مسارا محتملا لمستقبل أفضل أكثر تكاملا.

وتحدد سياسة «تصفير المشكلات» الإقليمية لتركيا في منتصف الألفية الثانية أهدافا معينة. على المدى الطويل، تحتاج تركيا إلى العودة مجددا لما جعل تلك السياسة تحقق نجاحا باهرا: فتح قنوات للجميع من إيران إلى إسرائيل، واتباع أسلوب متوازن بشكل حذر تجاه جميع اللاعبين العرب الناشئين بدلا من تبني الحركات الإسلامية المماثلة في طريقة التفكير، واستئناف مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وجدير بالذكر أنه في عام 2004، الذي يمثل ذروة محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، شهدت تركيا أعلى نسبة نمو في الألفية الثانية، والتي بلغت 9.4 في المائة. ولكي تعمل تركيا كنموذج أصيل يمكن أن يحذو حذوه الديمقراطيون العرب، ومن ثم تؤسس لمصدر دائم للتأثير الإيجابي في المنطقة، سيكون من الحكمة أن تتراجع أنقرة وتضع في حسبانها النموذج الأفضل بالنسبة لها.

* كتب بيتر هارلينغ وهيو بوب عن سوريا وتركيا على الترتيب بمجموعة الأزمات الدولية التي نشرت «موقف غامض: التفكير في العواقب المحتملة ديناميكيات سوريا» في يوم 24 نوفمبر

=====================

حقاً لقد أتعبت من خلفك يا عبد الجليل !!!!

د. عبد الله الحريري

الساحة العربية 21/11/2011

ذكرت شبكة “رصد المغربية”، ونقلت عنها صفحة “كلنا مع المجلس الوطني السوري” ما نصه:

في زيارة مصطفى عبد الجليل لدولة قطر الأخيرة، تسلّم هدية من دولة قطر، وعند رجوعه لبنغازي، استدعى المجلس الانتقالي وفتح الهدية أمامهم، وكانت تحوي ميدالية و هدايا بسيطة أخرى ومعها مايعادل 100 ألف دولار، فقالوا له: هذه لك يا سيد عبد الجليل. فقال لهم: بل هي لليبيا، لأن القطريين لم يأتوا لبيتي قبل أن أتولى رئاسة المجلس. وقام بوضعها ضمن ممتلكات الدولة.

 

تحصَل السيد عبد الجليل على سيارتين من النوع الفاخر من أحد أثرياء مصراتة، واحدة له، والثانية لمرافقه حامد العمروني، و سيارة فخمة نوع مرسيدس أعطيت له من إحدى الدول الأجنبية، فقام بتسجيلهم جميعا باسم المجلس الوطني الانتقالي.

 

في رحلته لتركيا تم تسليمه هدية قدرها 10000 دولار في ظرف، و بعد عودته أرجع الظرف كما هو قائلاً: أودعوه باسم المجلس، فإن الدولة التركية قد تكفلت بكل مصاريف الرحلة.

 

قال عنه الرئيس الفرنسي ساركوزي: ”هذه هي المرة الأولى التي يطلب فيها مني رئيس دولة أن نأخذ فترة استراحة أثناء الاجتماع ليؤدي الصلاة”.

 

قلت: الله..الله.. يا عبد الجليل، لقد أعزك الله ورفع قدرك، وأضاف إلى عزك عزاً ورفعة. زهدت في الدنيا فأحبك الله، وأحبك الناس. صدقت الله في نيتك وعملك، وصدقت شعبك في قولك وفعلك، فصدقك الله، ونصرك على عدوك، وأمكنك من أعتا عتاة العصر، وأظهرك عليه.

رحم الله مصطفى عبد الجليل الذي فهم حديث (ابن الأتبية) أحسن الفهم، وتمثله على الواقع، نصاً وروحاً، وأعاد لنا ذكريات السلف أمثال ابن الخطاب وعمر بن عبد العزيز.

 

وإذا كان المستشار الجليل قد تورّع عن لعاعة من الدنيا -كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم- فماذا نقول لمن لم يتورّع عن دماء المسلمين، ويرفض الطلب في حمايتهم، أو يراوغ في الطلب، ويحاول أن يسرق ثورتهم ويتربع على أمجادهم؟!.

 

وإليكم يا سادة حديث ابن الأتبية بنصه:

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسْدٍ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْأُتَبِيَّةِ، عَلَى صَدَقَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ -قَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا: فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ- فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: “مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي فيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ: إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ”. ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ: “أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ”. ثَلَاثًا. قَالَ سُفْيَانُ: قَصَّهُ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ وَزَادَ هِشَامٌ: عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعَ أُذُنَايَ، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنِي، وَسَلُوا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ سَمِعَهُ مَعِي. [صحيح البخاري: كتاب الأحكام، باب هدايا العمال، برقم: 7174]

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ