ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 29/11/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مخاض المجتمع المدني العربي

نبيل علي صالح

كاتب سوري

تاريخ النشر: الإثنين 28 نوفمبر 2011

الاتحاد

ينشر بترتيب مع مشروع "منبر الحرية"

تزايد الاهتمام مؤخراً في بعض البلدان العربية بقضية المجتمع المدني، وعلاقته بالدولة والمجتمع السياسي. ويترافق الحديث الآن عن مشروعية هذا المجتمع مع تجدد الاهتمام بمسائل فكرية ومعرفية واجتماعية مهمة جدّاً مثل قضايا الحرية، وحقوق الإنسان، والعولمة، وتحديات اقتصاد السوق، والتنمية، وأزمة الثقافة والمثقفين، وأزمات الحكم السياسي العربي... الخ.

لقد كانت نشأة وظهور المجتمع المدني في الغرب وليدة لتراكم مجموعة كبيرة من المتغيرات والتحولات الاجتماعية والسياسية والفكرية التي شهدتها المجتمعات الغربية، حيث أقيم كيان الدولة الحديثة على قاعدة ربط تطلعات المجتمع بالمفهوم الدنيوي العلماني للاجتماع البشري، كما أنضجت الحداثة مضموناً تعاقديّاً معاصراً للحياة الاجتماعية والسياسية.

والمجتمع المدني هو نمط من التنظيم الاجتماعي لسلوك الفرد في إطار ممارسته لواقع العمل العمومي ضمن مؤسسات وهيئات ثقافية واجتماعية تمثل مصالح القوى والفئات والجماعات في المجتمع، وتعمل باستقلالية -مفترضة من حيث المبدأ- عن أجهزة السلطة وسياسات الدولة، بحيث تكتسي -تلك الهيئات المدنية– ثقلاً اجتماعيّاً وسياسيّاً له دوره المؤثر، وحضوره الفاعل، وتأثيره المحسوس في موازاة السلطة السياسية. وينبغي أن يتصف المجتمع المدني بالتعدد في الرؤى، والاختلاف في وجهات النظر، والحرية، في طرح الأفكار، والوعي في ممارسة النقد الموضوعي كدلالة بارزة على سلامة وصحة الموقف والتنظيم الاجتماعي. وكذلك من ضمن مهمات المجتمع المدني رعاية حق الاختلاف، والدعوة لاحترام حقوق الإنسان، ودعم إقامة حكم القانون، بحيث يخضع له جميع المواطنين دون استثناء.

وفي بعض بلداننا العربية تعمل مؤسسات وهيئات المجتمع المدني العديدة والمتنوعة على ملء الفراغ السياسي والاجتماعي الهائل الناجم عن إحجام شرائح واسعة من الناس في بعض مجتمعاتنا عن المشاركة الفاعلة في السياسة وخدمة قضايا الشأن العام نتيجة موروث ثقافة الضغط والخوف، وبفعل تراكمات أخرى كثيرة، قد تحول دون الإسهام في خدمة مصالح عامة الناس وتطوير المجتمعات. ومفهومٌ أنه لا يمكن لتلك المؤسسات المدنية أن تنمو وتتزايد وتتطور وتزدهر في ظل هيمنة ثقافة من السلبية أو أحادية الرؤية عفى عليها الزمن وباتت غير صالحة للحياة والعصر.

إن ثقافة الفاعلية الإيجابية المدنية التي تعلي من شأن وقيمة الإنسان، وتعتبره أساس بناء الأوطان والمجتمعات والحضارات، وأنه قادر بفكره وعقله وإرادته على جعل المستحيل ممكناً، لن تنمو وتتعمق وتؤثر تأثيراً بنيوياً وفاعلاً وعميقاً إلا في جو صالح ومناخ صحي مؤات لنمو بذرة التطور والحداثة والمدنية.

إننا نعتقد أن الشرط الأولي لنمو المجتمع المدني في مجتمعاتنا العربية هو شرط ثقافي تربوي، يحتاج إلى زمن طويل وعمل كبير، وقبل ذلك إرادة لا تلين من قبل قوى ونخب التغيير. وذلك لكي تنمو مؤسسات المجتمع المدني نمواً طبيعيّاً معافى، ولكي لا تصاب لاحقاً بالارتباك والضعف ومن ثم السقوط في وهدة عدم الفاعلية والفشل.

=================

السلطة والاستقرار

د. طيب تيزيني

تاريخ النشر: الإثنين 28 نوفمبر 2011

الاتحاد

درج الناس في تاريخهم على البحث عما يحقق لهم الحدود الدنيا من التوافق بين مصالحهم الحيوية الأولية ومصالح السلطة الحاكمة، على الرغم من أن هذه الأخيرة لا تقف عند حد من سلّم الحكم، إذا غابت الضوابط القانونية الرادعة.

نعني أنه لا توجد سلطة فاضلة بذاتها، فهي يمكن أن تكون كذلك، أي فاضلة، حين يقترن وجودها بوجود قوانين ضابطة وقادرة على الفعل، وقد بحث في ذلك مجموعات من الباحثين في التاريخ السياسي الثقافي من أمثال ابن خلدون وماركس وفوكو وغيرهم.

تلك الحزمة من الأفكار تجد في المجتمعات العربية الراهنة حاضنة كبرى أو صغرى، وتبرز أهمية هذه الأفكار خصوصاً في المرحلة الراهنة، حيث نعيش على آمال قد يقود الكفاح من أجلها إلى تأسيس مدخل إلى تاريخ عربي حضاري جديد. فلقد تحولت السلطة أو السلطات العربية إلى ما اعتبر مسلمات قطعية، أخذت بها جموع واسعة من الشعوب العربية، فبعد تحقيق استقلالات عدة دول عربية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ الأمر من حيث هو انتقال إلى مرحلة التأسيس لمشاريع جديدة من التقدم الحضاري (الاقتصادي والسياسي والثقافي وغيره)، لكن ذلك لم يستمر طويلاً، خصوصاً أنه انتهى إلى مرحلة ما بعد التجربة التوحيدية المخفقة في سوريا.

وفي سياق ذلك، راحت السياسة تُسحب من تلك البلدان العربية، خصوصاً ما دخل منها في "دائرة الممانعة" التي رفعت شعاراً لها تمثل في القول التالي: لا صوت يعلو على صوت المعركة، واتضح بعده وعلى مدار العقود الأربعة المنصرمة، أن ذلك الصوت لم يكن إلا صوت النظم المعنية، التي راحت تواجه شعوبها في الداخل: إفقاراً وإذلالاً واضطهاداً وشمل ما يتصل بحرية المواطن وكرامته وكفايته المادية، ومع استمرار تلك النظم والتمكين"الاستراتيجي الأبدي" لها من قِبل سادتها، ظهر الأمر وكأن هنالك عقداً بين هؤلاء قد عُقد مع كونهم "أصحاب السلطة الشرعيين الدائمين". وأتى الاستنباط التالي، ليكرس ذلك ويجعل منه بديهية، من يرفضها، فسوف يُدان بمثابته معادياً للوطن والاستقرار.

سقوط تلك النظم يقود إلى نمط من الفوضى القاتلة واستقبلت المجتمعات العربية ذلك بالتأكيد على أن من يزعزع استقرارها، فهو كمن يسعى لاستجلاب الأجنبي إليها، وبسرعة فائقة، تحوّلت الأُمنية التالية إلى "كلمة السحر" في الحفاظ على الاستقرار وتلك هي: اللهم آمنا في أوطاننا.

وقد تكرّست تلك الأُمنية وأكسبت شرعية سوسيونفسية ودينية، حين راحت جموع من الناس يرى فيها درءاً للاحتمالات الخطيرة، من نمط "الفتنة" وتصدع المجتمع، وأعلنت نظم سلطوية أن من يدعو إلى تنحي هذا النظام العربي الاستبدادي الاستقراري أو ذاك فهو في موقع من يؤجج فتنة، و"الفتنة أشد من القتل"، وهذا ما نعيشه الآن خصوصاً في الصيغة التي يسوقها رجال دين، يرون مصالحهم متماهية مع استمرار تلك النظم، ولذلك - هكذا مسك الختام - فإنه ينبغي التوصل إلى القول التالي: لا يجوز إقصاء الحاكم "الشرعي" حتى إذا كان ظالماً، لأن ذلك يقود إلى تجاوز الشرع، وينتج الفوضى والفتنة الطائفية مثلاً، ومن ثم وتحت قبضة ذلك "الخطاب الحاكمي" الملّفق يسعى رؤوس النظم العربية الاستبدادية إلى تفسير أي دعوة إلى الخروج على إرادة الحاكم المستبد، بكون الداعين إلى ذلك يمثلون طرفاً في "مؤامرة خارجية". إن الربط على هذا النحو إنما هو نمط من الغباء القاتل والمفعم بالفساد.

=================

فشل الحلول العسكرية

رأي الدستور

الدستور الأردنية

التاريخ: 28 نوفمبر 2011

أثبتت الاحداث المتلاحقة في عدد من الدول الشقيقة.. وبخاصة في ليبيا وسوريا واليمن فشل الحلول العسكرية والامنية، وان لا بديل عن الحوار كسبيل وحيد لتحقيق الوفاق الوطني وصولاً الى الدولة المدنية الحديثة، القائمة على الديمقراطية والتعددية الحقيقية، وتداول السلطة والحكم الرشيد.

إن ما يحدث في سوريا الشقيقة مؤلم لكل عربي ومسلم، ويبعث على الاسى والحزن، وهو يرى الدم العربي يراق في شوارع حمص وحماة وادلب ودرعا ودير الزور وجسر الشغور..الخ، ويهدد بحرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وتفتح الباب على مصراعيه للتدخل الاجنبي.. ما يعني تمزيق القطر الشقيق، وتهديد وحدته وتعريض الامن والاستقرار في المنطقة كلها الى الخطر.

في هذا الصدد،لا بد من التأكيد على أهمية المبادرة العربية، والتي جاءت في تقديرنا لانقاذ القطر الشقيق من خطر الحرب الاهلية، وخطر التدويل الذي بات يرتسم في الآفاق، وينتهز الفرصة للدخول من أوسع الابواب تحت يافطة حماية المدنيين، وانقاذ الشعب السوري من عنف النظام.

ان تسارع الاحداث في القطر الشقيق، واصراره على المضي في الحل العسكري والامني، ورفضه المبادرة العربية - والتعاون مع الجامعة العربية، هو أمر مؤسف جداً، وينذر بعواقب خطيرة، في ظل إدانة لجنة حقوق الانسان بالامم المتحدة للنظام واتهامه بانتهاك حقوق الانسان وارتكاب جرائم خطيرة تستدعي المساءلة والتدخل الفوري.

ومن هنا نعتقد بأن الحل لا يزال بيد النظام السوري، وانه هو وحده القادر على انقاذ البلاد والعباد من مأساة محققة.. اذا ما أصر على الاستمرار في الاحتكام للحلول العسكرية واطلاق يد الجيش والقوات الامنية ضد المواطنين الابرياء.. وهو ما يفرض على النظام وقفة مراجعة شجاعة تقود الى اتخاذ قرارات جريئة حاسمة تقوم على سحب الجيش من المدن السورية واطلاق كافة المعتقلين على خلفية المظاهرات وتقديم المتهمين الى القضاء، والاعلان عن بدء حوار مع كافة أطياف المعارضة للخروج من المأزق الذي وصل اليه الطرفان، والانتقال من مرحلة الى مرحلة.. لبناء سوريا الحديثة، وطي صفحة الماضي بكل ما فيها من مآس ومعاناة، وتشريع ابواب المستقبل باقامة دولة مدنية حديثة تقوم على الديمقراطية وتداول السلطة وتحتكم الى صناديق الاقتراع.

مجمل القول: ان تسارع الاحداث في سوريا الشقيقة، يثير الحزن والاسى، وينذر بحرب اهلية تشرع الابواب لتدخل خارجي يهدد وحدة القطر الشقيق.. وهو ما يؤكد فشل الحلول العسكرية والامنية, وان لا سبيل امام النظام الا العودة الى الحوار، ونبذ العنف وتنفيذ المبادرة العربية للخروج من المأزق القاتل الذي وصل اليه.

=================

ووقعت الفأس في رأس الأسد!

رأي الوطن

الوطن القطرية

التاريخ: 28 نوفمبر 2011

إذا كان النظام السوري، فاته- لوقت طويل- أن يدرك أن الجامعة العربية، تغيّرت، فإنه دون أدنى شك، بات يدرك الآن أنها تغيّرت.. لكن مشكلة النظام السوري، الذي لا يقرأ المتغيرات إطلاقا، أدرك ما أدرك، في تمام الوقت الذي لم يعد بإمكانه، أن يتدارك شيئا، على الاطلاق!

«الجامعة» منذ أن انداح هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام» من حلاقيم مريدي الحياة، في تونس، إلى طلاب الكرامة في مصر، فليبيا واليمن، لم تعد «جامعة» للأنظمة التي تهين شعوبها، وإنما أصبحت جامعة لطلاب الحرية والتغيير، من الماء إلى الماء.

للمرة الثانية، أو ربما الثالثة، في عهد تحولاتها العظمى، المجيدة، جسدت «الجامعة» بالأمس، انحيازها للشعوب ضد الانظمة الباطشة، بإعلانها الجسور، وهو الأول من نوعه: حشر نظام الأسد، في زاوية العقوبات الاقتتصادية العربية الصارمة.

«وقعت الفأس في الرأس» إذن.. وفأس «الجامعة» لم تقع في رأس النظام السوري الناشف، إلا بعد دعوات، أعقبتها مطالبات، تلتها تحذيرات لنظام الأسد، أن يغير ما بنفسه، قبل أن يغيره الآخرون، وفي صدارة أولئك، الشعب السوري، عاري الصدر، أمام الرصاص الأعمى، الذي قلما يخطئ، وكثيرا ما يصيب.

مهلة، وراء مهلة.. لكن النظام السوري، ظل لا يعرف للوقت قيمة، وهو يلعب بالوقت، ذلك السيف، حتى قطعه بالأمس سيف الجامعة التي تغيّرت، في زمان الشعوب.

الآن، بدلا من أن يكيل نظام الأسد اللوم للجامعة، ليلومن هو نفسه.. وليستذكر ما تبقى في أيامه التي أصبحت معدودة، أن براقش هي التي جنت على نفسها!

================

من حماة الى حماة

محمد الشمالي

المستقبل

28-11-2011

إذا كان النظام الأسدي خلف ظهورنا فليس لسبب آخر سوى انتصار الثورة التي ملأت الفراغ السياسي السوري منذ اندلاعها وانخرطت بكل ثقلها محليا وعربيا ودوليا في مستقبل أصبح من المستحيل تجاهله. الثورة ستكون دينية أم علمانية في التطبيق؟. الثورة ستكون غربية أم شرقية في مواقفها الدولية؟. الثورة ستكون ليبرالية أم محافظة في نهجها الاقتصادي؟. الثورة ستصفي حساباتها مع حزب الله أم تضمه إلى طرفها في المنظور الجيوبوليتك الإقليمي؟. الثورة تفتح طاولة حوار مع العدو أم تعلن التعبئة...هكذا يتكلم المهتمون بالشؤون الجيو استراتيجية الإقليمية والدولية عندما يتكلمون عن الثورة السورية. باختصار من هو الشخص الذي يستطيع أن يضع لنا الأسد في مستقبل سياسي بعيد أو قريب إذا لم يكن قد استسلم لخياله أو لحلم يقظة عميق وطويل؟..

المنتصر هو الوحيد الذي يقدر على كتابة التاريخ لكونه الوحيد القادر على رصد الحقيقة. لن يرصدها فحسب بل ويقولها بأعلى صوته لأنها بالنسبة له ليست مرة كطعم العلقم بعكس ما عليه حال المهزومين. سقطت بنغازي وما كان للقذافي (رحمه الله) أن يعترف بخطورة موقفه. ومن ثم سقطت طرابلس ولم يكن ليتصور أنه كان في مصيدة الثوار. وأخيرا، قتل وعرضت جثته لليبيين وللعالم مدة ثلاثة أيام ومن ثم دفن وما زال هناك من يحلمون بأن ما عرضته شاشات التلفزيون ليست سوى جثة لشبيه.

الشعب السوري الحر المنتصر هو الذي يكتب اليوم تاريخه بنفسه على عكس ما يحاول النظام إيهام القريب والبعيد به. وهوالذي دفع ثمن أربعة عقود من التسلط، دفعها من تراب أرضه ومن دماء أبنائه ومن ثروته القومية و بالتالي يبقى هو المعني الأول والأخير بمصير بلده وهو الأقدر بالنتيجة على رصد حقيقة نظام الأسد الطائفي وقولها للعالم.

منذ اليوم الأول للحركة "التصحيحية" المشؤومة (تشرين ثاني 1970) عرف السوريون بحدثهم القوي ولشغفهم بالسياسة بأنهم يشهدون ولادة نظام مشوّه. نظام بلا رجلين (إذا اعتبرنا أن كل نظام سليم يرتكز على قاعدة شعبية) ولكن بذراعين طويلتين و بمخ ماكيافيلي وصولي. ذراعي حافظ الأسد الطويلة ليست سوى هذه السلاسل الأمنية القوية التي لفها حول عنق جيش ضعيف كان قد قاده بنفسه لهزيمة حزيران (1976). أما بالنسبة لرأسه فيمكن تلخيص محتواه أو فلسفته بثلاث كلمات: "الغاية تبرر الواسطة". هذا المبدأ يأخد كل أبعاده البراغماتية المتحررة من جميع القيود الأخلاقية عندما نعرف أن غاية حافظ الأسد لم تكن نبيلة كما حاول دوما إيهام السوريين والعرب به. غايته، كما أثبتتها الأيام، لم تكن سوى السيطرة على النظام وجعل الجمهورية العربية السورية ملكا له ولأولاده من بعده. وبالتالي فشعاراته الوطنية والقومية لم تكن إلا "ذرا للرماد في العيون".

بدأ احتضار الأخطبوط الأسدي في الضمير الوطني السوري مع مجزرة حماه (شباط 1982). مجزرة خطط لها"الأب القائد" حافظ الأسد ونفذها بكل ما لا يمكن تصوره من وحشية وحقد أخوه الصغير رفعت الأسد قائد سرايا الدفاع.مجزرة دفنت تحت أنقاض القصف عشرات الألوف من سكان ليسوا غزاة ولا مستعمرين ليسوا صهاينة ولا أميركيين بل سوريين مذ خلق الكون وعرب منذ أن ولد قحطان ومسلمون منذ فتوحات خالد بن الوليد.

كيف لبشار الأسد، والابن سر أبيه، أن يحلم بقيادة شعب يذبحه كل يوم من الوريد إلى الوريد!، ألم يقتنع بعد بأن الحقيقة ما قبل مجزرة حماة ليست نفسها الحقيقة ما بعد مجزرة درعا!. مجزرة حماة كانت الصاعقة التي باغتت سوريين ساذجين مروعين وسط مؤامرة إقليمية ودولية محبوكة وتعتيم إعلامي مطلق لم يسمح لهم معرفة هول الجريمة وفظاعتها. ولكنها هى التي بدلت الشك باليقين حول طبيعة النظام الأسدي وأيقظت فيهم الضمير الوطني وزرعت فيه بذور الثورة الشعبية وتركتها تكبر إلى هذه الساعة. فبرغم ثلاثة عقود من الزمن وبرغم كل الوسائل التي اتبعها النظام لإخفاء معالم جريمته أخرج أطفال درعا إلى الكون مأساة حماه بكل قسوتها وبكل مشاهدها وبكل آلامها وكأن أحداثها فلتت من مخالب الزمن لتدور أمام أعيننا اليوم في كل شارع سوري من درعا إلى الدرباسية.

=================

سوريا في قلب الحرب الباردة مجدداً

زياد حيدر

السفير

28-11-2011

"إن هبْتَ شيئاً فقع فيه". عبارة تسمعها على مستويات مختلفة في سوريا، وذلك بعد استنفاد فرص "التعاون" وتمديد الوقت مع الجامعة العربية أمام مخاطر التدويل عبر مجلس الأمن الدولي.

وقد جاء مشروع بروتوكول التعاون بين دمشق والجامعة العربية، كمصدر قلق رئيسي لدى دمشق، بسبب الانطباع الذي وفره من رغبة عربية في التدويل، باعتبار أنه "لا يمكن التوقيع عليه".

ويمكن لمن اطلع على مشروع البروتوكول أن يرى أنه يوفر عبارات تحتمل تفسيرات عديدة، كما يمنح بعثة الجامعة (عناصر الجامعة تشكل 10 في المئة من تشكيلها فقط) صلاحيات واسعة تسمح لهم بزيارة مؤسسات الدولة المختلفة التابعة للقطاع الأمني، وهو ما لم يحصل سابقاً مع سوريا. وسعت دمشق عبر اتصالاتها مع كل من الجامعة العربية من جهة، وعبر غطاء روسي ومصري وجزائري إلى إبراز الجانب "المراوغ" للمشروع، وطلب تعديلات عليه، كما استفسارات، خصوصاً أن تقارير الخارجية السورية اعتبرت البروتوكول بصيغته الأولى بمثابة "عقد إذعان على سوريا توقيعه، وإلا التدويل".

وبدا واضحاً لاحقاً أن الجانب العربي، ولا سيما القطري، حاول شراء "الثقة" السورية خلال فترة التفاوض، سواء عبر تصريحات ورسائل بعيدة عن الإعلام، أو عبر إيحاءات شخصية تشير إلى وقوف أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى جانب سوريا، والاستمرار في الادّعاء بأن "حاكم الإمارة لا يمون على الجزيرة" حين الرد على انتقادات دمشق لتغطية المحطة المنحازة.

وأشارت مصادر سورية ل"السفير" إلى ما كان سبق لوزير الخارجية وليد المعلم أن أكده في مؤتمره الصحافي الأخير من أن قطر وعدت سوريا، في حال وافقت على المبادرة العربية بصيغتها الأولى، بأن تحشد إلى جانبها "الجزيرة" وشخصيات سياسية دينية ذات وزن، كالمفكر عزمي بشارة والمرشد الروحي لجماعة الإخوان المسلمين يوسف القرضاوي.

إلا أن الصورة التي شابها بعض الغموض سابقاً باتت واضحة بالكامل، وفقاً لذات المصادر، وساهمت التطورات الأخيرة في انتقال التركيز في إدارة الأزمة من المستوى السياسي والإصلاحي نحو الوضع الأمني المعقد، والاهتمام بالوضع الخارجي، باعتبار أن ما يجري في سوريا يجري بالتنسيق المباشر مع روسيا خطوة خطوة، كما يطلع عليه باقي الحلفاء لدمشق. حيث عمدت دمشق إلى سحب أية ذريعة في هذا الإطار، من الطرف العربي، الذي يقود الآن الحملة عليها.

وينظر دبلوماسيون إلى المستوى الجديد من الأزمة السورية، على أنه تدويل شاء البعض أم أبى. خصوصاً أن المواجهة ستنتقل مجدداً إلى مجلس الأمن بين الجانب الروسي والصيني من جهة، والغرب من جهة أخرى، الذي يعتقد أنه الآن يتموضع تحت غطاء عربي.

ويرجح مراقبون أن تكون الخطة اتجاه سوريا ترتكز على "العامل الإنساني"، على أن يجري ذلك بتنسيق بين تركيا والجانب العربي والغرب، بحيث يتم العمل على مشروع قرار يتيح "التدخل الإنساني" في سوريا، ليكون مقدمة لتدخل عسكري يستوفي شروطه مع توافر معطيات أخرى يوفرها القرار مع تقدم الزمن. وهنا تبرز أهمية الموقف الروسي، كما تبرز تأثيرات الصراع البارد حالياً بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائهما على محورين، الأول هو الدرع الصاروخية، والثاني هو سوريا وإيران. ويرى دبلوماسيون أن سوريا قد تكون ورقة مساومة كبيرة بين الجانبين، مع الإشارة إلى أن تخلي روسيا عن سوريا سيعني تدحرج الكرة باتجاه حلفاء آخرين لموسكو في العالم، فيما يعني صمودها إلى جانبها تقوية المحور الممانع للسياسة الأميركية، ولا سيما بعد انسحاب قواتها من العراق.

أما المستوى الثاني للصراع الدائر فهو إقليمي بطابع مذهبي، تشكل دول الخليج والأردن أحد وجوهه، فيما تشكل إيران والعراق وجهه الآخر. وتشكل سوريا في هذا الصراع أيضا "بيضة القبان"، الذي يتيح لأحد المعسكرين المذهبيين النظر للمستقبل بطريقة أكثر تفاؤلا. هذه المعطيات تسمح بالقول إن "سوريا" هي "اللقمة الصعبة" في كل هذا. وأن محاولات ابتلاعها لن تتوقف قريباً.

=================

على ماذا يراهن النظام السوري؟!

رجا طلب

الرأي الاردنية

28-11-2011

ليس في وارد النظام السوري ومنذ اللحظة الاولى التي تدخلت فيها الجامعة العربية في الملف السوري وارسلت امينها العام، لم يكن في واردها الاستجابة لأي شيء لان العقلية السياسية التي تدير الامور في دمشق تعتبر ذلك تدخلا سافرا في شؤونها وان المطلوب من العرب هو فقط الوقوف الى جانب النظام في قتل شعبه وترويعه، واغرى دمشق اكثر في التمسك بهذه الرؤية هو الموقف المتعاطف الذي تحدث عنه نبيل العربي خلال الزيارة الاولى والثانية الى دمشق ولقائه بشار الاسد، وفي الحسابات السياسية لم يعد هناك شيء يسمى مصالحة او اصلاح او حوار بين السيف والدم، او بين الضحية والجلاد فالنظام يدرك تماما ان المعادلة المحكوم بها اما كسر ارادة الناس بالقوة والقتل او سقوطه وبالتالي فانه يمارس سياسة حافة الهاوية بوعي كامل ويدرك ان اللحظة التي يقدم فيها تنازلا واحدا سيكون قد كتب شهادة وفاته بيده.

ورغم الخسائر السياسية والاقتصادية الجمة التي منى بها النظام من المقاطعة الاقتصادية الاوروبية والاميركية وتعليق عضوية النظام في الجامعة العربية واقرار عقوبات اقتصادية بحقه الا انه لا يملك خيارا اخر غير خيار حافة الهاوية ولكن السؤال على ماذا يراهن في مواصلة هذا الخيار؟؟

يراهن النظام على ثلاثة عوامل اساسية يرى انها قادرة على توفير ديمومة له ورفده بطاقة القتل وتحصينه ضد اي نوع من التدخل الاجنبي وبخاصة العسكري منه.

العامل الاول هو الموقف الروسي والصيني في مجلس الامن والرافض لاية عقوبات او قرارات تدخل في اطار التدخل العسكري او السياسي في الوضع السوري، فالنظام يعتقد ان هذا الموقف للبلدين المذكورين هو الورقة الذهبية بيده على الساحة الدولية وبالتالي هو غير عابئ بتحركات الجامعة العربية لانه على قناعة انه محصن في الحلقة الحساسة اي في مجلس الامن، ولكن هل هذان الموقفان غير قابلين للتغيير؟ يكون النظام غائبا تماما عن الوعى ان اعتقد ذلك لان موقف الصين وروسيا ليس موقفا عقائديا بل هو موقف مصلحي، وفي حال تحقق لهما مكاسب ومغريات اقتصادية او مورست عليهما ضغوطات اقتصادية من اميركا واوروبا فان هذا الموقف سيصبح قابلا للتغيير وعلينا ان لا ننسى هنا ما جرى في العراق بعد احتلال الكويت وما جرى للقذافي.

العامل الثاني هو الرهان على ما يمكن تسميته بالمنظومة المارقة المتمثلة بايران وحزب الله وجيش المهدي وحزب الدعوة وهي منظومة قادرة على التخريب وممارسة الارهاب بحق المنطقة لارتباط مصالحها الاستراتيجية بالنظام السوري ولخروجها عن القانون الدولي وتعارض ممارساتها معه، فالنظام السوري عندما يهدد بزلزلة المنطقة فهو يراهن على هذه المنظومة ومع ذلك يبدو انه غائب تماما عما يحكم النظام العالمي نظرا لحساباته الآنية النزقة والمأزومة كما انه لا يدرك ان اي سلوك عدائي من هذه المنظومة تجاه المنطقة او الاقليم ستتم مواجهته بتحالف دولي اقرب ما يكون لحالة شبيهة بحالة اسقاط نظام صدام حسين.

العامل الثالث وهو ما يمكن تسميته بالعامل الذاتي للنظام والمتمثل بفائض القوة والقمع والرهان على كسر ارادة الناس مع مرور الوقت واختلال ميزان القوة بصورة كبيرة جدا لصالحه وهو رهان يستند بصورة اساسية على العاملين السابقين المشار اليهما.

لا امل في عقلنة النظام ولا امل في سقوطه بدون تدخل خارجي او عامل دولي، وبالتالي فان الثورة السورية ستكون الحالة المرشحة بحكم هذه الحقائق الى الانتقال لحرب اهلية على اساس طائفي، وهو احتمال يصعب تصور نتائجه ليس في سوريا فحسب بل على مستوى المنطقة والاقليم.

=================

لؤلؤ الشام وعظام الأباطرة

صبحي حديدي

2011-11-27

القدس العربي

في 'أبرياء على سفر'، 1869، يكتب الروائي الأمريكي مارك توين عن العاصمة السورية: 'تاريخ دمشق يعود إلى ما قبل إبراهيم، وهي المدينة الأقدم في العالم. أسسها عوص، حفيد نوح. تاريخها الباكر غارق في ضباب العصور القديمة التي شابت. دعْ جانباً الأمور المكتوبة في الفصول الأحد عشر الأولى من العهد القديم، ولن تجد واقعة مسجلة جرت في العالم إلا وبلغ دمشق خبرُها. عُدْ بالذاكرة إلى الماضي الغامض أنى استطعتَ، وستجد دمشق حاضرة على الدوام. وفي كتابات كلّ قرن، طيلة أكثر من أربعة آلاف سنة، تردد اسمها وصدحت له الأغاني. السنون في ناظر دمشق محض هنيهات، والعقود مجرّد لمحات زمن متطايرة. إنها لا تقيس الزمن بالأيام والشهور والسنين، بل بالإمبراطوريات التي شهدتها تقوم، وتزدهر، وتندثر إلى خرائب'.

في الفقرة ذاتها يتابع توين، الذي زار فلسطين وسورية خلال مطلع ستينيات القرن التاسع عشر، أنّ دمشق: 'ضرب من الخلود. شهدت إرساء مداميك بعلبك، وطيبة، وإفسوس؛ وأبصرت هذه القرى تتطوّر إلى مدن جبارة، تدهش العالم بعظمتها  وعاشت دمشق لتراها بائدة، مهجورة، متروكة للبوم والوطواط. شهدت الإمبراطورية الإسرائيلية في أوج غطرستها، كما شهدتها تُباد. شهدت بلاد الإغريق تقوم، وتزدهر طيلة ألفَي سنة، ثمّ تموت. وفي كهولتها أبصرت روما تُشيّد، وتهيمن على العالم بجبروتها، قبل أن تراها تفنى. لقد عاشت دمشق كلّ ما حدث على الأرض، وما تزال تحيا. لقد أطلّت على العظام النخرة لآلاف الإمبراطوريات، وستطلّ على قبور آلاف أخرى توشك على الموت. ورغم أنّ سواها يزعم حيازة اللقب، فإنّ دمشق تظلّ، بحقّ، هي المدينة الخالدة'.

لا تنوء هذه السطور، إسوة بغالبية الفقرات التي تخصّ دمشق، تحت أثقال الروح الاستشراقية التي تعاني منها فقرات أخرى من كتاب توين، وتلك التي تتحدث عن فلسطين والأراضي المقدّسة بصفة خاصة؛ بل يلوح أنّ الكاتب، الساخر عموماً، يسير جادّاً متهيباً، على كتفيه أحمال التاريخ، القديم والوسيط والمعاصر، بل تاريخ الإنسانية جمعاء في المحصلة. وإذ يعيد المرء قراءة تلك الفقرات، ولا سيما المشهد الفريد الذي يضع المدينة في موقع أزلي إزاء امبراطوريات شتى سادت ثمّ بادت؛ فإنّ حاضر المدينة الراهن، بوصفها عاصمة سورية التي تخوض انتفاضة شعبية عارمة، لا يرتدّ بها إلى ذلك الموقع مجدداً، فحسب، بل يعيد إنتاج سلطة دمشق التاريخية في وجه سلطات الاستبداد والفساد والحكم العائلي والعصابات والشبيحة... هذه التي أين منها، على همجيتها، ما تمتعت به إمبراطوريات سالفة من سلطان ونفوذ وسؤدد.

ليس غريباً، في ضوء هذه المعادلة الدمشقية التي تردّ التاريخ الغابر إلى التاريخ المعاصر، أن يحرص النظام على تكرار أكذوبة 'صمت' دمشق، وعدم انخراطها في الانتفاضة، ممّا يفيد استطراداً أنها إمّا في صفّ النظام، أو ليست ضدّه تماماً. كأنّ أولى الاعتصامات لم تبدأ في دمشق، حين أشعل الناشطون شموع التضامن مع انتفاضات تونس ومصر وليبيا، وكانوا بذلك يطلقون شرارة الانتفاضة الأبكر؛ أو كأنّ أولى التظاهرات لم تبدأ من سوق الحريقة، في قلب دمشق التجارية، قبل أن تتواصل من الجامع الأموي وسوق الحميدية؛ أو كأنّ أحياء القدم، وكفر سوسة، وبرزة، وجوبر، والحجر الأسود وحرستا، فكيف بأحياء عريقة مثل الميدان وركن الدين والشعلان وعرنوس والمزرعة وساحة النجمة... ليست جغرافية دمشقية!

كذلك فإنّ دمشق تمتلك سلسلة أسباب خاصة بها، غير تلك التي تُجمع عليها مختلف المناطق السورية الثائرة، تضعها في قلب الحراك الشعبي، ولعلّها لم تعد تترك أيّ خيار لشرائح من سكانها لاح، خلال أطوار سابقة من عمر نظام 'الحركة التصحيحية'، أنها متحالفة مع النظام أو متواطئة لأنها مستفيدة من بعض سياساته، الاقتصادية  التجارية بصفة خاصة. ذلك لأنّ أنساق النهب الشمولي، الذي انفلت من كلّ عقال قانوني أو أخلاقي عندما حوّل سورية إلى مزرعة للمافيات الحاكمة، كان محتماً لها أن تنحطّ إلى هذا الدرك الهمجي: تخريب دمشق العتيقة، وهدم أسواقها العريقة، وطمس مجلدات بأسرها من تاريخها القديم، بغية إقامة منشآت سياحية ومجمّعات تجارية، وتخديمها بكلّ ما يتيح اصطياد السائح وإجباره على الإنفاق، من دون أي اكتراث بالعواقب العديدة البشرية والتاريخية والآثارية والمعمارية، فضلاً عن تلك الإنسانية والاقتصادية والثقافية التي ستخلّفها هذه الجرائم الصريحة المعلنة. لم يعد يشبعهم أنهم نهبوا في قطاع الاتصالات والهاتف الجوّال والأسواق الحرّة وصناعة الإسمنت والمصارف، وما خفي من أشغال حرام هنا وهناك؛ فكان لا بدّ لهم أن يخرّبوا لكي يشتغلوا بإعمار ما خرّبوا، مع فارق أنهم كانوا يهدمون ما لا يجوز تهديمه، ويقوّضون ما ينقلب المساس به إلى جريمة كبرى بحقّ الإنسان والتاريخ في آن معاً.

'رغم عمرك الذي من عمر التاريخ ذاته، فإنك نضرة مثل نَفَس ربيع، متفتحة مثل براعم وردك الجوري، عابقة مثل زهرة برتقالك؛ أواه يا دمشق، يا لؤلؤة الشرق!'، تابع توين في مديح المدينة الخالدة. فأي علامة في وسع طاغية صغير أن يحفرها على أسوارها العتيقة، سوى أنه ساد هنا هنيهة، فاستبدّ ونهب وتجبّر، ثم اندحر وباد واندثر؟

=================

سورية: تعريب الازمة تمهيدا لتدويلها

رأي القدس

2011-11-27

القدس العربي

اتخذت الجامعة العربية مجموعة من القرارات تفرض عقوبات اقتصادية على سورية، تتضمن منع سفر كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين الى الدول العربية وتجميد ارصدتهم ووقف التعامل مع المصرف المركزي السوري ووقف جميع المبادلات التجارية الحكومية باستثناء السلع الاستراتيجية التي تؤثر على الشعب.

هذه العقوبات هي سابقة في العمل العربي المشترك، وهي الاولى من نوعها، فقد جرت العادة، مثلما كان عليه الحال بشأن النظام العراقي السابق، ان يتم تطبيق مثل هذه العقوبات بتحريض امريكي، ومن خلال قرارات دولية، او احادية الجانب، اي امريكية واوروبية.

وزراء الخارجية العرب اتخذوا القرارات هذه احتجاجا على رفض النظام السوري توقيع بروتوكول يقضي بارسال 500 مراقب عربي للتأكد من وقف اعمال القتل في حق المدنيين. ومن غير المستغرب ان يتم فرض عقوبات اشد في الاسابيع المقبلة، مثل حظر الطيران المدني من سورية واليها.

هناك امران لفتا الانظار اثناء اجتماع امس لوزراء الخارجية، واجتماع امس الاول الذي سبقه وشارك فيه وزراء الاقتصاد والمال العرب لوضع هذه العقوبات، الاول مشاركة وزراء اتراك في الاجتماعين، والثاني ان 19 دولة وافقت على فرض هذه العقوبات من مجموع 22 دولة، واقتصرت المعارضة فقط على العراق ولبنان.

المشاركة التركية تعني قيام تنسيق عربي  تركي كامل ضد النظام في سورية، واعتراض دولتين على العقوبات يكشف مدى عزلة هذا النظام عربيا، بحيث بات بلا اصدقاء تقريبا، الامر الذي يجب ان يدفعه، اي النظام السوري، الى مراجعة السياسات التي اوصلته الى حالة العزلة هذه. فقد كان غريبا ان تصوت دول صديقة مثل الجزائر والسودان وموريتانيا لصالح هذه العقوبات، وهي دول كانت دائما قريبة من دمشق.

معارضة لبنان مفهومة، وتحفظ العراق متوقع، فالحكومة اللبنانية تمثل بلدا منقسما، وتأييد العقوبات قد يعمق هذا الانقسام، والحال نفسه قد يقال عن العراق ايضا، حيث تتباين الآراء حول هذه المسألة وفقا للانتماءات الطائفية.

السؤال هو حول مدى تأثير هذه العقوبات على النظام، ومن ثم الشعب السوري، ويمكن القول ان تأثر النظام سيكون محدودا، وسيكون الشعب هو المتضرر الاكبر، بطريقة او باخرى، رغم حرص وزراء الخارجية العرب على ان لا يلحق اي ضرر بالشعب.

العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على العراق كانت محدودة التأثير على النظام، الذي استطاع البقاء في ظلها لحوالى 13 عاما، ولم تتم الاطاحة به الا من خلال الغزو العسكري ومن ثم الاحتلال، فهل يتكرر الشيء نفسه في سورية، وهل سيتم الانتظار كل هذه الفترة او نصفها قبل حدوث التدخل العسكري الخارجي؟

من الصعب الاجابة على هذه الاسئلة، ولكن ما يمكن قوله ان سورية تملك فائضا لسلعتين اساسيتين تستطيع من خلال توفرهما مقاومة العقوبات الاقتصادية، الاولى المحصول الغذائي من القمح، والثانية النفط، والاهم من ذلك انها تملك حدودا مفتوحة مع دولتين عارضتا عقوبات الجامعة العربية وهما العراق ولبنان.

قرارات وزراء الخارجية العرب ستضيف اعباء جديدة على كاهل النظام السوري، بالاضافة الى اعباء اخرى لا تقل خطورة، مثل التمرد المسلح، وبدايات الحرب الاهلية، والعزلة الدولية، ولكن من غير المتوقع ان تؤدي الى اطاحة النظام في المستقبل المنظور مثلما يأمل واضعوها. ولكن يجب الاخذ في الاعتبار ان مثل هذه العقوبات تأتي دائما مقدمة لتدخل عسكري خارجي، وهو اذا حدث قد يكون غير محمود العواقب، بسبب معارضته من قطاع من الشعب السوري، وبعض مجموعات المعارضة السورية، والداخلية منها على وجه الخصوص.

الازمة السورية، وباختصار شديد، دخلت مرحلة 'التعريب' كمقدمة للانتقال الى مرحلة 'التدويل'، وعلينا ان نتوقع مفاجآت كثيرة في الايام والاسابيع المقبلة.

=================

الانتفاضة والجولانيّون

الإثنين, 28 نوفمبر 2011

حسّان القالش *

الحياة

شكّل خروج الأسير السوري السابق في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وئام عماشة، إلى حريّته الأولى، في الثامن عشر من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مناسبة للفرح اخترقت الأشهر الثمانية الدامية التي عاشتها بلاده ولا تزال. كما مثّل مناسبة جديدة للتفكير بسورية. ذاك أن الحدث لم يتمثل في الزخم الذي أضافه إلى الانتفاضة السورية فقط، بل جعل الجولان المحتل، برمزيّتيه الوجدانية والوطنية الكبيرتين، حاضراً أيضاً، إلى جانب هذه الانتفاضة، كون وئام ابن الجولان وابن انتفاضة شعبه، التي كسبت به معركة أخلاقية جديدة في مواجهة السلطة.

فالأسير السوري المحرّر، كان قد وقف مع المقهورين من أبناء شعبه، وأعلن الإضراب عن الطعام من معتقله الإسرائيلي تضامناً معهم، وأعلن مراراً عن مواقفه المعارضة للسلطة، كانت تنجح في اختراق المعتقل ولا يسمع بها إلا قلّة من السوريين.

على أن السلطة، بتصرفات أجهزتها الإعلامية الحمقاء، وتجاهل الحدث «التحريري» لأحد أبنائها «المقاومين» للعدو الإسرائيلي، ومعاملته معاملة الخصم، بناءً على موقفه ورأيه السياسيّين، تثبت قصورها الفادح في جعل قضية الجولان مشتعلة وملتهبة في الوعي الجماعي العمومي، وخصوصاً عند الموالين لها. والأنكى من ذلك، أن إعلام السلطة قد امتطى القضيّة الجولانية لحسابه، فبعد أيام من حرية وئام عماشة، نشر بياناً يدّعي صدوره عن «أحرار الجولان العربي السوري المحتلّ»، كان حافلاً بخطاب خوّن من يتعاطفون مع انتفاضة شعبهم، من أبناء الجولان المحتل، وصفهم فيه بأنهم «خونة مارقون... ضلّوا الطريق».

والراهن أن قضية الجولان المحتلّ والجولانيين مدعوّة للدخول إلى المشهد العام وتفاصيل هذه المرحلة التاريخية من حياة البلاد. فلم يعد مقبولاً أن يكون موقع هذه القضية في العمل السياسي، الحالي، موقعاً ثانوياً، أو مجرد عنوان وطنيّ عام وبلا حيويّة أو معنى. وطالما أن هناك، في الجولان المحتلّ، سوريين يشاركون في قضايا بلادهم الداخليّة وأحوال إخوتهم، ويتفاعلون معها، إضافة إلى المرارات التي يسبّبها الاحتلال المديد وحروبه المتواصلة على هويّتهم الوطنيّة، فهذا ما يلحّ على السوريين في الداخل لرفع وتيرة تواصلهم مع إخوتهم الجولانيين، والاقتراب منهم أكثر. ليس على مستوى الشعار والعمل التحريريين فحسب، بل بالاقتراب من حياتهم اليومية، وجعل المشهد الاجتماعي للجولانيين حاضراً بقوة أكثر في وجدان بقية مواطني البلاد.

فمن المؤسف، والمفجع، أن تجد اليوم سوريّاً لم يسمع قبل ب وئام عماشة، ولا يستطيع أن يذكر اسم واحد من بقية الأسرى السوريين الجولانيين القابعين في المعتقل الإسرائيلي (ناصر وفداء وماجد الشاعر، شام ويوسف شمس، صدقي المقت).

لهؤلاء، للجولانيّين، لتلك الأرض الجميلة، ألف تحيّة وسلام...

* صحافي وكاتب سوري

=================

حكمة الأسطورة وطيش الطاغية

الإثنين, 28 نوفمبر 2011

كريم عبد *

الحياة

(إلى الصديق علي فرزات بوجع كبير وأمل كبير أيضاً)

لم يستطع كلكامش الانتصار على الموت أو الخلاص منه، لكن الملحمة فعلت ذلك. فقد انتصرت على الموت فعلاً، مُخلّدةً توقَ الإنسان وشغفه بالمستحيل، جاعلةً لهزيمته معنىً وإيقاعاً وحكمة، أي أسطورة. وهنا تكمن المفارقة بين قوّة النص وقسوة الزمن، بين حكمة النص وطيش الطاغية.

البطل الحقيقي إذاً، في هذه الملحمة العظيمة، ليس كلكامش، الشخص القوي الشكيمة والإرادة والمستبد الرهيب أيضاً، بل هو النص. نص الأسطورة، والحكمة المتولدة والمنبثقة عن جماله الأخّاذ.

كانت ثقافة الماضي تنطوي على فلسفتها الخاصة، تلك الفلسفة التي نشأت من خلالها الحضارات العظيمة والأساطير التي لا يمكن فهم تاريخ الإنسان وتاريخ المعرفة من دونها. ولا يمكن أيضاً الكشف عن مكنوناتها تماماً، لأن كشف أسرارها يجعلها قابلة للتقليد والتكرار، وبالتالي ستكون جزءاً من العالم العادي.

إن الاستعادة الفجة لرموز الحضارات القديمة وأبطالها الأسطوريين، التي دأب عليها بعض حكام العراق ومصر وسورية منتصف القرن الماضي، كشفت البؤس الروحي والثقافي لأولئك الحكام مثلما كشفت دائماً عن مُنعةِ أو سرِ تلك الملاحم والأساطير المتألقة وسخريتها من محاولات تقليدها أو تكرارها أو سرقة أبطالها.

لقد كان العمل الاستعادي لملحمة كلكامش الذي قدمه المخرج العراقي صلاح القصب 1974، واحداً من أكثر الأعمال بؤساً، فقد تم سرد وقائع الملحمة بطريقة تخلو من المعنى أو التشويق لتنتهي بخطاب أحمد حسن البكر وهو يعلن «تأميم النفط» لتضجّ القاعة بالتصفيق المفتعل لكلكامش الجديد أو كلكامش البعثي! لقد قدّم صلاح القصب أسطورة زائفة ملطخة بصوت السلطة ورطانتها.

لم يكن العمل دعاية سياسية فقط، وهذا وحده يكفي لقتل أي عمل فني، بل كان أيضاً يستند إلى تفسير خاطئ وشائع للملحمة، وهو الاعتقاد بأن أهميتها تكمن في بطلها كلكامش متناسياً أن كلكامش كان مستبداً رهيباً وطاغيةً لا تعرف الرحمة طريقاً إلى عقله المضطرب. وكان يبحث عن الخلود ليواصل بطشه وجبروته. لقد كان تاريخ كلكامش هو الجانب المظلم من الملحمة، كان المادة التي تجسّد بؤس الطغاة وسماجة طموحاتهم، أما البطولة الحقيقية فقد كانت للنص وللحكمة المنبثقة عن إيقاعه وأحداثه التي تبدو وكأنها ما زالت مستمرة في مكان ما من هذا العالم.

هذا الشغف في تحويل التاريخ والشخصيات التاريخية والأساطير إلى مادة إعلامية، ظلَّ شائعاً في عراق صدام ومصر مبارك وسورية الأسد وليبيا القذافي، هذا المسخ الذي أراد إلغاء أسطورة عمر المختار فأبعد قبره إلى مكانٍ مُهمل، لكنه لم يستطع أن يُبعدَهُ عن قلوب الليبيين التي لا تعرف الإهمال حتى وهي مجروحة. لقد خلق الليبيون حكمتهم الفذة، أسطورتهم التي لاحقت الطاغية وانتقمت منه هازئةً بأكاذيبه وقسوته وأشباحه الكريهين.

إذا كانت شعوب العالم المتقدم تعيش عصراً حديثاً صنعته هي بنفسها، فإن أنظمة الانقلابات العسكرية في بلداننا، التي رفعت «الراية القومية» لتكسر بها شوكة شعوبها، خالقةً لنا عصراً غريباً لا إسم له ولا هوية، عصراً رثاً لا ينتمي الى الماضي على رغم تشبثها بأساطيره وأبطاله، ولا الى الحاضر حيث ثارت عليها شعوبها وفضحتها، ولا الى المستقبل لأن المستقبل لا يمكن أن يحتمل نتانات قاتلة من هذا النوع.

لقد خلقت هذه الأنظمة عصراً كاذباً، عصراً لا حقيقة فيه ولا منطق، ولذلك لم يستطع خلقَ أساطيرَ بل أكاذيبَ ودباباتٍ تلاحق المتظاهرين وتقتلهم، تاركةً وراءها جثثاً وصراخاً ومقابر فردية وجماعية توجع الأرض والبشر والأيام. عصرٌ لا يَصلح إلا للعار.

وإذا كانت صورة صدام حسين بلحيته الكثة المزرية وهو يخرج رثاً مرعوباً من تلك الحفرة البائسة، هي الأكثر فجاجة وبعداً عن هيبة الأساطير وسموّها، فإن مكر التاريخ هو ما يصلح إطاراً لصورة صلاح الدين الأيوبي التي تتصدر إحدى قاعات القصر الجمهوري في دمشق، صلاح الدين الأيوبي القائد الفذ الذي لم يخلق نفسه بنفسه بقدر ما خلقته ومكّنته شجاعة شعب بلاد الشام الأسطورية. تلك الشجاعة الهائلة التي دحرت الحملات الصليبة بما كانت تحمله من شر مستطير على شعوب المنطقة ومستقبلها.

فالشعوب العظيمة هي التي تخلق الأبطال، هي التي تخلق الأساطير، أما الأبطال المزيفون فهم الذين يكسرون مرايا شعوبهم فتبقى صورهم مشوّهة في تلك المرايا المكسورة. هذا ما فعله صدام والقذافي ومبارك وصالح وبن علي وحافظ أسد. وهو ما يواصله حاكم دمشق الآن الذي أطلق دباباته وشبّيحته وأشباحه لتقتيل أحرار سورية وتدمير مدنها، تاركاً دماء الضحايا تستصرخ أرواحنا، بل تقتلنا قتلاً، وتضرب وجودنا وتاريخنا في القلب. إنه البطل الدعي قاهر أمته، البطل الكاذب الذي لا يستطيع أن يبني أسطورته إلا على جثث شعبه، مواصلاً ضرب الأعناق مستهتراً بكرامة الإنسانية بأسرها دليلَ همجيته المطلقة. فهو لا يشعر بالمجد والسؤدد إلا بتصاعد صراخ الضحايا وضجيج المقتولين. لكن هذا الضجيج الرهيب ذاته لطالما قهر الطغاة وهزم أساطيرهم الكاذبة.

ولكن مَنْ هذا الذي نفض الغبار عن أوراق التاريخ كي يُشرع بابتكار أسطورته الجديدة؟ من هذا الذي تجرأ على كتابة الأساطير في عصر القطارات والصواريخ وكواتم الصوت! إنه الشاعر التونسي الكبير محمد بوعزيزي. لقد طعن الوحش الكاسر الذي خنق أرواحنا لقرون... إنه محمد بوعزيزي الذي لم يترك لمشيّعيه أن يذهبوا بجنازته إلى المقبرة بل قادتهم الجنازة إلى الأسطورة!

لقد انتقمت الأسطورة من الطاغية لأنه هدّدها، أراد مسخها، هدّد ألقها وسر حكمتها التي خلقها الإنسان الحر. خلقها كي يفرح بأغانيها وهو يحرث أرضه في النهار، وخلقها كي يرقص على إيقاعاتها تحت نجوم الليل. خلقها كي تحميه، كي تلاحق الطغاة وتقتلهم، وها هي تنتقم منهم الواحد تلو الآخر، ملاحقةً أشباحهم وشبّيحتهم في فلوات الأرض وتحت نجوم السماء، طاردةً إياهم من الواقع والخيال، من الليل والنهار، من أغاني الحبِّ وتاريخ المطر!

=================

سوريا.. العقوبات لا تردع ولا تسقط

طارق الحميد

الشرق الاوسط

28-11-2011

إذا أردنا أن ننظر للجزء الممتلئ من الكوب في قرارات الجامعة العربية أمس، فيمكن القول إنها قرارات مهمة لأنها من اللحظات النادرة التي تقر بها الجامعة عقوبات على دولة عضو، لكن الأخبار السيئة هنا أن تلك العقوبات لن تردع النظام الأسدي، كما لن تسقطه.

وقد يقول قائل، أو أحد أعضاء الجامعة، ومن قال إن العرب يريدون إسقاط بشار الأسد، فهذه ليست مهمة الجامعة؟ وهنا يتضح الخلل تماما! فالسوريون يقتلون من قبل النظام، ليس لأن هناك خلافا في وجهات النظر بين الشعب والأسد، بل لأن هناك دما، وذلا، وقمعا، وانعداما للشرعية. ويكفي أن يتأمل العرب، وتحديدا المعنيين، مقولة لأحد المواطنين السوريين في حمص الذي علق على قرار العقوبات العربية على النظام الأسدي، والقول إنه يُخشى من أن تؤثر العقوبات على السوريين، وليس النظام، حيث كان رد فعل المواطن السوري هو التالي: «مستعد أن آكل أنا وأولادي التراب من أجل أن يسقط النظام»! هذا هو الحال في سوريا، وعلى الرغم من كل الدعاية الكاذبة التي يقوم بها النظام الأسدي من مظاهرات مؤيدة له، وخلافه، فإنه لو كان هناك تأييد حقيقي له لما استعان النظام بحزب الله والصدريين ومعهم الإيرانيون ضد شعبه، وخصوصا مع تصاعد الانقسامات في الجيش السوري.

ولذا، فمع أهمية إقرار العقوبات العربية على النظام الأسدي تبقى نقطة مهمة جدا وهي أن الأوضاع في سوريا تجاوزت مرحلة العقوبات، وتتطلب ما هو أكثر منها، خصوصا أن القتل والقمع لا يزالان مستمرين من دون انقطاع من قبل النظام الأسدي. ولا يكفي العرب، أو غيرهم، القول إن هناك مخاوف من انزلاق الأوضاع في سوريا إلى حالة حرب، فإذا وصلت الأوضاع في سوريا إلى مواجهات مسلحة حقيقية فإن من يتحمل المسؤولية حينها هو نظام بشار الأسد أولا، وكل من تأخر عن تقديم مد يد العون للمدنيين السوريين ثانيا، وخصوصا أنه قد بات من المستحيل اليوم أن تعود الأمور بسوريا إلى ما كانت عليه، ومهما فعل الأسد، فالسوري الذي يتحدى القمع، والذل، والقتل، طوال هذه الشهور، وعلى الرغم من كل ما يحدث، لم يعد قابلا للنظام، مما يعني أن فرص الأسد الوحيدة هي إما نهاية القذافي، أو بن علي، فقد تجاوز الأسد حتى مرحلة علي عبد الله صالح.

وعليه، فإنه يحسب للعرب اليوم إقرارهم، وبواقع 19 صوتا، العقوبات على نظام الأسد، إلا أن تلك العقوبات لا تكفي كون آلة القتل الأسدية لم تتوقف، كما أنه من المؤكد أن النظام بنفسه سيقود عملية إدارة السوق السوداء بسوريا بعد إقرار هذه العقوبات، كما فعل وقتها نظام صدام حسين إبان العقوبات الدولية، ولا ننسى أن العراق متحفظ على العقوبات العربية، مما يعني أن هناك منفذ تهريب سيعمل ليل نهار على الحدود السورية العراقية، ولذلك فإن أفضل ما يمكن أن يفعله العرب اليوم حماية للسوريين هو نقل المعركة إلى مجلس الأمن.

=========================

المجلس الوطني السوري.. حتى لا تتبدد الآمال ...

ياسر سعد الدين

27 نوفمبر 2011 م

صحيفة العرب القطرية ...

جاءت ولادة المجلس الوطني السوري بعد مخاض عسير عقب طول انتظار، رافقته ضغوطات شعبية كبيرة من الناشطين على الأرض ومن أطراف عدة مشاركة للحراك ومناصرة له لحاجة الثورة لغطاء سياسي يتحدث باسمها ويدافع عنها في المحافل الدولية والعربية.

ورغم أن أسلوب تشكيل المجلس والمفاوضات التي أفضت إليه أصابت كثيرين بإحباط من ناحية المحاصصة وحرص بعض الأطراف المبالغ فيه على الصعود سياسيا والحصول على الحصة الأكبر من النفوذ والحضور، غير أن ولادة المجلس لاقت ترحيبا كبيرا على مستوى الشعبي والنخبوي للحاجة الماسة له وللتخبط السياسي الذي سبقه والذي استمر عدة شهور. كما يحسب للمجلس الوطني انضمام جماعات معارضة له لها تاريخ وباع طويل في مقارعة دكتاتورية الأسد وشخصيات نشطة لها حضور في نفس الإطار وفي ساحات متنوعة، كما كان المجلس فرصة لشخصيات مغمورة لتجد لها مكان ضمن تحالفات وأسماء ظهرت فجأة خارج الوطن كنتاج للحراك الثوري على الأرض واستجابة له.

اعترض البعض على طريقة اختيار الأسماء في المجلس وعدم وجود معايير واضحة وشفافة في هذه المسألة مما أدى لظهور شخصيات على وسائل الإعلام تنتمي للمجلس تفتقد الحضور الإعلامي وتفتقر للمفاهيم السياسية في حدها الأدنى لتمثل سياسيا ثورة من أعظم وأرقي وأنقى الثورات في العصر الحديث. ولغياب الشفافية والوضوح تسربت إشاعات عن وجود عنصر غير سوري بالمجلس باسم مستعار، كما لوحظ حضور العائلية السياسية في المجلس بطريقة عجيبة. وإذا كان من المفهوم أن لا يستطيع مجلس شكل في أوضاع صعبة في أجوائها وأوقاتها أن يلتزم ويحترم الأسس الديمقراطية، والتي قامت الثورة لأجل ترسيخها، فلا أقل من لا يناقضها وبشكل فاقع، فالمجلس والذي تشكل بأسلوب المحاصصة لم يدع أعضاؤه للاجتماع ولو مرة واحدة وتم تسمية أمانته العامة ومكتبه التنفيذي بطريقة فوقية وبأسلوب المحاصصة من جديد من غير عملية انتخابية ولو شكلية وكان ينبغي في أضعف الإيمان أن يكون لأعضائه دور في هذه التسمية حتى لو باقتراح عدة أسماء من التشكيلات التي دخلت في المجلس ليختار الأعضاء اسما من بين تلك الأسماء.

كما أن مواقف المجلس عبر أعضاء مكتبه التنفيذي غير المنتخب شهدت تضاربا وتعارضا في بداياتها، وهو أمر قد يكون مفهوما، كما غاب عنها استراتيجية العمل وافتقدنا البعد الإنساني في نشاطات المجلس المعلنة –بحسب علمنا- على عمق النزيف والمعاناة الإنسانية للثورة وكان النشاط الملحوظ والواضح للمجلس في اللقاءات بالمسؤولين العرب والأجانب وهي أمور مهمة لكنها لا ينبغي لها أن تتفوق أو تنسي البعد الداخلي والحاجة الماسة لاستراتيجية واضحة في التعامل مع الثورة على الأرض والسعي لتطوير أدوات صراعها مع نظام دموي إجرامي.

كل هذه الأمور سالفة الذكر يمكن تجاوزها واعتبارها حالة مؤقتة إذا ما قبل أعضاء المجلس ممن تصدوا وتصدروا للعمل خصوصا أعضاء الأمانة العامة والمكتب التنفيذي التعهد وبشكل صريح بعدم الدخول في المعترك السياسي في المرحلة الأولى بعد سقوط الأسد والاكتفاء بقيادة المرحلة الانتقالية والإشراف على العملية الانتخابية. فالتصدي للعمل السياسي والتقدم إليه خدمة للثوار وتأسيا بالتضحيات الكبيرة والتي يقدمها أهلنا في الداخل يعتبر وساما لمن يفعله، غير أن الطموح السياسي في الثورات النازفة –المشروع في الأوضاع الاعتيادية- يعد نقيصة وطعنا بمن يحمله إذا ما كان يعتبر دماء الشهداء وتضحياتهم سلما لمجد شخصي أو زعامة سياسية. هناك أيضا أمور عدة تجعل من شرط التعهد أمرا لازما وضمانة هامة لنجاح المسار السياسي للثورة منها:

1 - المنطق والعدالة تفترض فيمن يقود المرحلة الانتقالية عدم خوض المعترك السياسي، وهو يحوز أدوات سياسية وإعلامية امتلكها بفضل الثورة فيما تغيب تلك الأدوات عمن دفع ثمنا باهظا في الداخل في مواجهة الدكتاتورية، وقضى أوقاتا في غياهب السجون يواجه الموت ويجابه القمع.

2 - السياسي الذي يقود الفترة الانتقالية وبشكل مؤقت يتخذ مواقفه السياسية وتصريحاته لمصلحة الثورة خصوصا بتضحيته بطموحه السياسي، أما ذلك الذي يفكر في مستقبله السياسي فإن تصريحاته وتحركاته ترتبط بذلك المستقبل وإن كان في مؤشرات عقله الباطني.

3 - حين يلتقي السياسي مع الجهات الأجنبية والتي بطبيعة الحال تحاول أن تجد لها حلفاء وأصدقاء في نظام سياسي مستقبلي من خلال الأطروحات والمفاوضات، يقف التعهد حاجزا أمام أي محاولة لإقامة علاقات تحت الطاولة وبأي صيغة.

4 - قد يتلكأ المعارض والذي يطمح لمستقبل سياسي شخصي من اتخاذ مواقف وإن كانت في صالح الثورة خشية من إغضاب جهات دولية وعربية وخوفا على تأثير ذلك على حظوظه السياسية المستقبلية وفرصه في تلقي أشكال الدعم.

المجلس الوطني واحد من نتاج ونتائج ثورة الحرية في سوريا والتي غيرت المشهد وأعادت رسم خريطة سياسية اعتقد كثيرون أنها محنطة، وغير قابلة للتعديل. على أعضائه الكرام أن يتعالوا، كما الثورة على الشخصنة والمحاصصة وأن يقدموا نموذجا في العطاء والتضحية معلنين وبشكل لا غموض ولا لبس أنهم ممن يخدمون الثورة لا ممن يستخدمونها وأنهم يتعهدون بأنهم لن يكونوا جزءا من المشهد السياسي السوري في مرحلته الأولى... عندها سيرى المراقبون أخطاءهم اجتهادات مخلصة وتكون خطواتهم محل دعم وإسناد حتى إن تعثرت .

=======================

الأحداث السورية تُزهر طرائف على «فايسبوك»

زينة إرحيم

2011/11/27

الحياة

«علبة المازوت خلصت، بس الصوبيا بخير»… و«سورية الله مدفيها»… شعاران من حملة أطلقتها صفحة «أنا وأولادي أحق بالمازوت من الدبابة» وجاءت كرد فعل على أزمة النقص الحاد في المازوت التي يعيشها السوريون مع حلول فصل الشتاء.

وتبنّت الحملة صفحة «مغسل ومشحم حمص الدولي للدبابات»، وإن على مضض، «فهي أفضل من تنفيذ المبادرة العربية القاضية بسحب الآليات العسكرية من المدن، وبالتالي قطع الأرزاق»، كما كتب على الصفحة بسخرية مضحكة مبكية.

دبابة تغلق طريق «هوندا»

بضع دقائق فصلت بين بث خبر موافقة النظام السوري على المبادرة العربية، وإطلاق «المغسل»، بالتعاون مع مبادرة «دبابة لكل مواطن»، حملة «معاً لإبقاء الدبابات كوسيلة تسلية لأهالي حمص، أنا بينخرب بيتي إذا انسحبت الدبابات»! كما أصدرت صفحة «المغسل» أغنية جديدة بعنوان «ماتهدديش»، تخاطب الدبابات في الشوارع السوريّة، على غرار أغنية هاني شاكر وفيها «ماتهدديش بالانسحاب، من شوارعنا والغياب، ماتهدديش الحمصي اللي حبّك بالفراق وبالعذاب».

«تأسست صفحة المغسل في نيسان (أبريل) الماضي، بعد أيام على انتشار الجيش في حمص»، كما يقول صاحب الفكرة عمّار الحمصي، مضيفاً: «كنت في شارع القاهرة في منطقة الخالدية الحمصية، فشاهدت الدبابات للمرة الأولى في حياتي، وكانت وسخة جداً فخطرت لي فكرة أن يأخذوها إلى المغسل، ثم، كناشط على الإنترنت، فكرت في تأسيس صفحة المغسل، وفعلت».

تمّكنت الصفحة الساخرة من جذب أكثر من 3500 مشترك خلال اليومين الأولين، وأشرف عليها عمّار مع صديقه سيزارو الذي اعُتقل لاحقاً، ليصل عدد مشتركيها اليوم إلى 23 ألفاً. وقد أصدرت الصفحة أخيراً بياناً موقعاً من «المجلس الحربي في حمص» جاء فيه: «الدبابة التي تحمل لوحة الرقم ٧٦٥٥ المملوكة للفرقة الرابعة-فرع دبابات، تغلق الطريق على سيارة هوندا سيفيك موديل ٩٠، يرجى من صاحبها تحريكها للأمام قليلاً، نريد أن نلحق التظاهرة بمعيتك».

عالمٌ من النكتة والسخرية ولّفه السوريون على الشبكة العنكبوتية، يقوم على نقيضه من واقع القتل اليومي والاعتقالات.

«تشكل وسائل الإعلام الرسمية، وتصريحات السياسيين المحسوبين على النظام، إضافة إلى الصفحات المؤيدة، المادة الخام لمعظم التعليقات الساخرة»، كما يقول «سونغا يونغا»، المشرف على صفحة «الثورة الصينية ضد طاغية الصين» والتي وصل عدد أعضائها إلى 36 ألف مشترك. وأعلنت الصفحة رفضها للعقوبات الأوروبية المفروضة على قناة «الدُنيا» أو «الصونيا» كما تلقّبها الصفحة، وذلك «حتى لا نحرم من مصدر نكاتنا ومنبع تعليقاتنا، فغباؤهم يضحكنا»، وفق الصفحة التي طالبت أيضاً بفرض حظر جوي على القناة «لمنع التماسيح من الطيران فوقها».

صفحة «الثورة الصينية»

أُنشئت صفحة «الثورة الصينية» قبل أكثر من أربعة أشهر، «لتكون مساحة يعبّر فيها السوريون عن آرائهم بحرية ويبثّون مواجعهم بلا خوف من الملاحقة الأمنية»، يقول سونغا، «فهم ينتقدون (الرئيس الصيني هو) جينتاو، وليس الرئيس السوري، وهي لتشجيع المترددين والخائفين من قول كلمة الحق، إضافة إلى تحطيم هالة العظمة التي رسمها النظام حول نفسه خلال العقود الأربعة الأخيرة، فالسخرية أفضل وسيلة لذلك، وهي في الوقت نفسه، تخفف ضغط الأخبار اليومية المؤلمة». ويشير سونغا إلى أن «المعركة الآن مع النظام هي معركة عض أصابع، وسيخسر من يصرخ أولاً، وأمام هذه الجرائم نحن في حاجة إلى قوة مضادّة تخفف وقع الألم، للحفاظ على أعصاب الثائرين… وهي الضحك!».

يشرف «سونغا» على صفحة «الثورة الصينية ضد الطاغية»، مع «وانغ شونغ وي». وهما يواجهان «صعوبة شديدة، وإحساساً مريراً بالتناقضات»، وفق سونغا، «وذلك لأنهما «مطالبان برسم البسمة على شفاه المشتركين، على رغم ألمهما إزاء الأخبار». لكنه يؤكد أنهما «يعملان على تحقيق هذه المعادلة الصعبة»، وردود الفعل على الصفحة تشير إلى أنهما ينجحان.

«مندسّون»

بدأت هذه الصفحات بالظهور بعد الخطاب الأول للرئيس بشار الأسد، والذي وصف فيه المتظاهرين «بالمندسّين»، فتأسست مجموعة «أنا مندس/ة» التي يقر كل منتمٍ إليها ويعترف بأنه، وبكامل قواه العقلية، «مندس في المطالب الوطنية للشعب السوري وسيدافع عن حقه بالاندساس في كل قضايا وطنه السياسية والاقتصادية والاجتماعية».

أما الخطاب الثاني للأسد، فأوحى بتشكيل صفحة «كلنا جراثيم»، والتي يتجاوز عدد مشتركيها العشرة آلاف، رداً على كلمة الرئيس التي وصف فيها الأحداث ب «المؤامرات التي، كالجراثيم، تتكاثر في كل لحظة وكل مكان».

تعرّف صفحة «كلنا جراثيم» عن أعضائها بأنهم «جراثيم من مختلف أطياف البيئة الميكروبية، مكورات وعصيات، هوائيات ولاهوائيات، في السابق كانوا مستعمرات هاجعة مستضعفة فاقدة المناعة، كانوا متفرقين وكانت الباشاريلا هي المسيطرة على كل شي، إلى أن أصابتنا طفرة حرية وكرامة».

الأحداث الدولية أيضاً ألقت بظلالها على صفحات النكتة، بعد إسقاطها على الواقع السوري، كأحداث الشغب في بريطانيا في آب (أغسطس) الماضي. فحاكت صفحة «الله، بريطانيا، إليزابيث وبس… بريطانيا وطننا وأم تشارلز ملكتنا» صفحات المؤيدين بنكهة معارضة وبإسقاطات بريطانية.

أوصاف من قبيل «الإمارات السلفية» دفعت النشطاء أيضاً إلى إنشاء صفحة «الثورة الجاهلية ضد أبي جهل»، والتي علقّت على كلام السفير السوري في مقر جامعة الدول العربية بأبيات مقّفاة…

ويبقى القول إن السخرية أيضاً «سلاح»… لكنه سلميّ، إلا في ما خص خفقات القلب الذي يثور ضحكاً.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ