ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 30/11/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

سورية على خط النيران العربية!

الرياض السعودية

التاريخ: 29 نوفمبر 2011

 آراء متعددة ترى بأن سورية على خارطة التقسيم، وأن هناك حرباً أهلية تهددها، وقواعد للقاعدة، وصوراً أخرى تثير الشك ولكنها نوع من التنفيس للسلطة، والدليل أن من يتظاهرون، ويطالبون بالحرية وكسر عصا الحكم الباطش، انطلقوا من جحيم الأوضاع التي عاشوها ويعيشونها الآن، لكن خروجهم لم يأت من فراغ، بل من خلال وعي متكامل، بدليل أن التضحيات اليومية لم تكسر قوتهم أو تخيفهم..

فقد اتسعت خصومات دمشق مع العالم الخارجي إلا الصين وروسيا، ودخلت على الخط، وبقوة، دول الجامعة العربية، التي صوتت على عقوبات وبنسبة عليا للأكثرية ستكون قاصمة الظهر على الوضع الاقتصادي والسياسي، والرأي الذي يتجه إلى أن العقوبة ستؤثر في الشعب السوري صحيحٌ، إلى حد ما، لأن التأثير الداخلي بقطع الكهرباء والمياه ومصادرة المواد الغذائية والدوائية، وترك الجرحى يموتون في مواقعهم، هو حظر متعمد من النظام سبق قرارات الجامعة العربية، ولا يوجد خيار في مثل هذا الموقف، أي أن الاستمرار بالتعامل مع النظام وفقاً للأوضاع القديمة أمر يعزز قوته، ويجعله أكثر شراسة، لكن اتخاذ الموقف الجديد سيسحب البساط من تحت قدميه، ويضر بوجوده، بل إن من رحبوا بالحظر من المعارضة كان كبيراً، ولعل نقل الملف السياسي إلى مجلس الأمن، والأمم المتحدة بحماية الشعب السوري، سوف يجد في القرار العربي مبرراً كقاعدة لمضاعفة العقوبات، وربما التدخل العسكري، وحتى لو اتخذت روسيا والصين جانب معارضة أي إجراءات جديدة، فهما ستصبحان في مواجهة العرب والعالم، والرهان هنا سيأتي بالخسارة عليهما..

المدافعون عن الحكم يبررون، بلسانه، أن سورية ليست معرضة للاهتزاز الاقتصادي لأن رصيدها من الذهب كبير، وهذا، لو صدقت الأقوال، سيكون قد هرب لمصالح السلطة والدائرين في فلكها، والتجربة التي مرت بها ليبيا، وهي الأغنى في دخولها، النفطية من سورية، وجِدت الخزائن خاوية، لأن الشعور بالخوف دافع أساسي لإخراج الأموال تحسباً لظروف، غير محسوبة، قادمة، والضغط الآخر يأتي من تمرد الجيش حيث إن تشكيل القوات السورية الحرة الموالية للمعارضة، سوف يكون مرجحاً وضاغطاً على السلطة..

لقد انتهت الحكومات العسكرية من ذهنية المواطن العربي، بعد هزيمة ١٩٦٧م، لأن افتقاد الشعب امتلاك حريته وقرارات خياراته الديمقراطية لم يقف على حدود تونس، ثم مصر، وليبيا، وأخيراً اليمن، ولن تُستثنى سورية من هبوب الرياح التي تقتلع النظام، وقد تكون الخسائر كبيرة في الضحايا لدى المواطنين، ولكن التصميم على حسم الموقف، وبإجماع وطني، هو الطريق الطويل للمواجهة، وحتى الشعب السوري يعلم أن ثمن الحرية لا يأتي بالورود، وإنما بالضحايا والدماء الغزيرة، لكن النهايات ستكون لصالحه مهما كانت دورة الموت، خاصة وأن دائرة المعارضة تتسع، ومن يحالفون السلطة، وخاصة من التجار سوف تحاصرهم الضغوط العربية، وطبيعة التاجر المراباة حتى في السياسة، وتمثيله دور المؤيد ينطلق من مصلحة وليس من قناعة، وعندما يجد نفسه في الحيّز الضيق سيخرج من رحم الأزمة إلى ما يوفر له أمن أمواله وامتيازاته، والابتعاد عن السلطة مهما كانت الظروف..

=================

سوريا: نحو إعادة إنتاج الدولة!

مصطفى إسماعيل

المستقبل

29-11-2011

منذ أشهر والمكونات السورية ترسم خارطة طريق عملية وميدانية إلى سوريا الغد، مقدمة في سبيل ذلك ما تيسر لها من أرواح وتضحيات فردية وجماعية، ومدن أصبحت منكوبة بقدرة السلطة الغاشمة التي أجادت التعاطي بمنطق الهدم والشطب والإزالة، مقاطعة كل الدعوات الموجهة إليها لكبح عنفها الغلوائي المتطرف.

خلال ذلك برز أكثر من ائتلاف ممثل للحراك الشبابي وممثليات عليا للحراك الجماهيري وأطر معارضة، وضعت نصب أعينها مع إدارتها للثورة مسألة رسم تفاصيل وآفاق الدولة السورية القادمة، على أنقاض الدولة التي تمت مصادرتها من قبل حزب البعث والأجهزة الأمنية والمصالح الضيقة العائلية للطبقة الحاكمة.

شعارات (إسقاط النظام) و(أرحل) ليست مقتصرة ومنصبة سياسياً على شخوص محددين في أعلى هرم النظام الحاكم المستمد شرعيته من انقلابات العسكر ولاحقاً التوريث، وإنما يمتد برأيي إلى ترتيب الدولة السورية وفقاً لمفاهيم جديدة ورؤى جديدة على قطيعة مع الرؤية الأحادية التي تسيدت البلاد منذ أواخر خمسينات القرن المنصرم، حيث تم تحويل البلاد بنتيجة السياسات الإقصائية والأمنية العدائية الممنهجة إلى كائن سلبي ومشوه مغاير للمجتمع وتطلعاته ومعاد له.

لأن الدولة تنظيم اجتماعي مصطنع من قبل الأفراد والجماعات، ولأنها واقع ومعطى اجتماعي إنساني، ولأنها مجموع السلطات متلازمة عضوياً وبنيوياً مع حيوات الأفراد والجماعات، فإن لكل فرد في المجتمع ولكل مكون الحق في التعبير عن رؤيته حيالها وتقديم تصوراته عن شكلها الأمثل المبتغى. طائفة من النخب الثقافية والفكرية والسياسية السورية وأحزاب وأطر معارضة ومؤسسات للمجتمع المدني فعلت ذلك خلال الأشهر المنقضية، إلى درجة القول أننا بتنا نملك ترسانة من المفاهيم والرؤى والتصورات المستقبلية عن الدولة السورية المفترضة، كبديل للحالية المختزلة إلى مجرد أجهزة قمعية.

بإجراء تقاطع بسيط بين الأفكار المقدمة لتبيان شكل الدولة المطلوب غداً، دولة تكون لكل مواطنيها وليس مجرد دولة/ سلطة، فإن السمات الأبرز لها تتلخص في واجب كونها دولة علمانية وديمقراطية وتعددية وبرلمانية، دولة مؤسسات، دولة غير مدجنة من قبل الأجهزة الأمنية، إذ مل السوريون وأتخموا قمعاً وعذابات من قبل الدولة اللوياثان البعثية، ولا يريد السوريون تكرار التجربة الكارثية وتسليم القياد مجدداً لدولة مهترئة بنيوياً، دولة محطمة وفي قمتها يتربع العسكر والمخابرات مستنزفين إياها إلى النخاع.

إن تقديم المعارضات السورية لمشاريعها وبرامجها الحاضة على الدمقرطة والحريات تنطلق من محاولة تحقيق غايات السوريين في الانتقال من وضعية الرعية إلى وضعية المواطنين، أبعد من ذلك لتحقيق غايات السوريين في المعرفة والرفاه والسعادة وتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية الحقة لهم، بما يكفل شروطاً معيشية أفضل، بعد تجريدهم لعقود منها، كما أن المفاهيم المتحضرة (ديمقراطية. تعددية. برلمانية. علمانية) من شأنها خلق نوع من التكامل والتجانس بين السوريين من أقصى البلاد إلى أقصاها، وهذا التغيير غير ممكن مع نمط الدولة الأمنية الاستبدادية الشمولية الظالمة الفاسدة، فهذا النمط المشوه من الدولة هو نتاج عملية سطو تاريخية، حيث تم إقصاء الفرد لصالح مصالح فئوية عابرة تجثم في أعلى هرم السلطة.

ذات يوم عبر كل من أرنست كاسيرر في كتابه (أسطورة الدولة)، وليو شتراوس في (القانون الطبيعي)، وكارل بوبر في (المجتمع المفتوح وأعداؤه)، وجاك مارتان في (الدولة والفرد)، عن تعارض الدولة الظالمة الاستبدادية الفاسدة والمفسدة مع الوجدان الفردي لمواطنيها، إذ أن الدولة الحقة برأيهم لا تحظى بالاحترام الواجب إلا إذا انغمست في المجتمع وخدمت أغراض أفراده.

الملفت في المشاريع والبرامج والوثائق المقدمة بين الفترة والأخرى من لدن المعارضات السورية، أنها تهجس بقيم انوارية أثبتت صلاحيتها من خلال تجارب عديدة في عالمنا الراهن، ملفت أكثر هو غياب هاجس (الخصوصية) والتشدق به، وهذا يبعث على التفاؤل إلى حد ما، لأن (الخصوصية السورية) هي قبل أي شيء مجرد معزوفة سمجة من ترسانة المعزوفات التي يملكها النظام السوري الحالي، ولأن الهاجس هو إنتاج دولة مفارقة للحالية فإن من البداهات الأنوارية الدعوة إلى دولة موافقة للعقل بحسب هيغل. دولة إنسانية تسيرها العهود والمواثيق الدولية، غير خاضعة للعنف والقهر والظلم وشهوة التملك الحصري، وموافقتها للعقل لا يعني قطعاً أنها ستكون دولة فاضلة أفلاطونية أو مجرد هيكل مثالي طوبوي.

الدولة التي نريد في سوريا الغد هي دولة القانون واحترام الدستور، غير إلهية، وغير منفلتة، وغير همجية، بمعنى آخر نريد تلكم الدولة التي تساوي إرادة الجماعة الواعية.

=================

سوريا: تعريب وتتريك

ساطع نور الدين

السفير

29-11-2011

عندما عبر وزير الخارجية التركية أحمد داود اوغلو عن أمله في أن يتم حل الأزمة السورية «داخل العائلة» لم يوضح ما إذا كان يقصد العائلة المشرقية أو الإسلامية، أو سواها من «العائلات» التي تنتمي إليها سوريا وتركيا في آن معا، والتي يرجع بعضها إلى كتب التاريخ القريب، ويشطح بعضها إلى كتب المستقبل البعيد.

المؤكد ان الوزير لم يكن يعني العائلة العربية، التي تتولى معالجة الأزمة السورية، والتي استضافته في آخر اجتماعاتها الوزارية في احد فنادق القاهرة، بصفته شاهدا على صنع قرار العقوبات العربية الاقتصادية والسياسية الأولى من نوعها على سوريا، وبصفته شريكا رئيسيا في تنفيذها، لا سيما بعدما تمنعت دول الجوار الثلاث الاخرى لسوريا اي لبنان والأردن والعراق عن الالتزام بالتنفيذ لأسبابها الاقتصادية الخاصة.. ما يعني ان تركيا هي البلد الذي سيتولى وحده تقريبا معاقبة سوريا عن طريق حدودها البرية، بينما تقوم بقية الدول بفرض العقوبات عن طريق الجو والبحر.

الالتزام التركي بالعقوبات ليس مفاجئا أو طارئا، فقد أقفلت بوابات الحدود البرية مع سوريا على تنقل الأفراد والسلع، وبات استخدامها يقتصر على تهريب السلاح والمال والمقاتلين في الاتجاهين. الجديد والمثير هو أن الاجتماع الوزاري العربي الأخير في القاهرة، شهد وقف تفرد تركيا في مقاربة الأزمة السورية ووضع السياسة التركية تحت مظلة الجامعة العربية.. بعد سلسلة تحفظات عبر عنها صراحة رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وكذلك الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي، الذين طلبوا من تركيا السير على الإيقاع العربي في التعامل مع الأزمة السورية.

تجاوبت تركيا مع الرغبة العربية، لأنها كما يبدو تمنت ان يطلب العرب التشاور والتنسيق في هذا الشأن الحرج للجانبين، بعدما بلغت الحد الاقصى من التصعيد ضد النظام السوري ولم يبق امامها سوى التدخل العسكري المحرم والمحظور حتى الآن من جانب القيادة التركية، وأيضا من جانب الرأي العام. كانت تركيا بحاجة الى غطاء عربي للمضي قدما في معركة إسقاط الرئيس بشار الأسد، لأنها لم تكن تريد ان تظهر كقوة أطلسية او غربية (او عثمانية حسب تعبير بعض الواهمين العرب والاتراك) تهاجم بلدا جارا وشقيقا او تتدخل في شؤونه الداخلية، ولم تكن بقدر ما كان العرب بحاجة الى شريك تركي يعزز الموقف العربي ويشكل عنصر توازن إضافيا مع ايران الحليف الاخير للأسد.

ثمة همس في ان الجانبين العربي والتركي تلقيا في الآونة الاخيرة اكثر من نصيحة أميركية وأوروبية غربية بالعمل معا من اجل الاسراع في وقف حمام الدم في سوريا وفي إسقاط النظام بأقل كلفة ممكنة. المهم ان الشراكة حصلت بالفعل، بعدما صارت تركيا اكثر تعريبا وصار العرب اكثر تتريكا، وهي تتعدى فكرة التغيير في سوريا لتصل الى عملية إنتاج النظام الجديد في سوريا، بمعزل عن الاوهام التي راودت الكثيرين من العرب والأتراك.

=================

جامعة عربية بكل معنى الكلمة

اوكتافيا نصر

النهار

29-11-2011

قبل وقت غير بعيد، غالباً ما كانت جامعة الدول العربية توصَف بأنها منظّمة فاشلة مجرّدة من أي سلطات تنفيذية لافتقارها إلى السلطة الفعلية، على رغم مضي سنوات على وجودها، اذ كانت تتخلّف دوماً عن مواكبة الأحداث المهمّة والأزمات الإقليمية التي تتطلّب قيادة سريعة وحاسمة.

وفي العقود الأخيرة، على وجه الخصوص، عندما كان العرب في حاجة ماسّة إلى محفل موحَّد يستقطبون من خلاله انتباه العالم بصورة إيجابية وينتزعون احترام المجتمع الدولي، قصّرت الجامعة العربية كثيراً عن النهوض بمسؤولياتها. وسنة تلو الأخرى، كانت القمم العربية أقرب إلى المسرحيات التي يظهر فيها الزعماء للاحتفال وإلقاء الخطب والتقاط الصور.

من غزو صدام حسين للكويت عام 1990 وما أعقبه من اجتياح أميركي للعراق وصولاً إلى الاجتياح الثاني عام 2003 مروراً بالهجمات الإرهابية في 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة وما تسبّبت به من عداء للعرب، ظلّت الجامعة العربية في الموقع الخلفي، ولم تؤدِّ أي دور يُذكَر. وإزاء التوغّلات والغارات الإسرائيلية المتكرّرة في غزة والحصار المتواصل، اقتصر تحرّك الجامعة العربية على تصريحات التنديد والاستنكار التي لم تسفر عن أي نتيجة. الجامعة هذه، كما عرفناها، تستغرق وقتاً طويلاً في الدعوة إلى اجتماع "طارئ"، ويكون الأوان قد فات عادةً لإحداث فارق حقيقي.

وباستثناء عدد قليل من القمم العربية التي تصدّرت العناوين، لم تغيّر اجتماعات الجامعة العربية شيئاً في حياة الشعوب العربية.

ولكن يبدو أن الصحوة العربية التي تشهدها السنة الجارية بثّت روحاً جديدة في الجامعة، فباتت قادرة على صنع التاريخ، على رغم التقاعس الذي عُرِفت به على مر السنين. عندما تقدّم الفلسطينيون بطلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة في أيلول الماضي، دعمت الجامعة العربية الطلب دعماً مطلقاً ودعت الأعضاء الآخرين في الأمم المتحدة إلى أن يحذوا حذوها.

ومع فرض عقوبات على سوريا هذا الأسبوع، ترفع الجامعة العربية الرهان وتظهر فاعلية، بعدما تجاهل الرئيس السوري بشار الأسد المناشدات التي وجّهتها إليه الجامعة لوقف العنف حيال المتظاهرين المناهضين للنظام وما أعقبها من تعليق مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة والتلويح بفرض عقوبات اقتصادية إذا لم يمتثل للدعوات.

ترى سوريا أن العقوبات هي خيانة للتضامن العربي، ولكن مع تصويت 19 دولة من أصل 21 على فرض العقوبات، تعكس هذه الخطوة تضامناً عربياً حقيقياً ضد ممارسات الأسد.

تتألف الجامعة العربية من 21 دولة، يشهد عدد كبير منها نسخته الخاصة من الربيع العربي الذي تتنوّع درجاته بين بلد وآخر. إذا استطاعت جامعة عربية موحَّدة أن تتعامل مع هذه البلدان باتّزان وصلابة وتعاطف مع المعاناة الإنسانية كما فعلت مع سوريا، فقد نشهد على صحوة للجامعة العربية يبزغ معها فجر جديد للقيادة العربية.

octavia.nasr@annahar.com.lb

=================

على من تتكل سوريا اليوم؟

غسان حجار

النهار

29-11-2011

لا أعلم تماماً ما الذي يدفع حلفاء سوريا في لبنان الى التفاؤل بمستقبل غير مظلم للنظام في دمشق رغم كل المعطيات المحيطة والتي تنبئ بما لا يقبل الشك بقرب سقوط هذا الحكم المستمر ايضاً منذ نحو 40 سنة.

حلفاء سوريا في لبنان يخافون على وضعهم في عهد ما بعد النظام، اذ انهم يستقوون به على مواطنيهم في الداخل، ويحققون عبر هذا الاستقواء المكاسب السياسية والمالية والاجتماعية. يراهن هؤلاء على عصر جديد لما بعد الانسحاب الاميركي من العراق حيث من الممكن قيام محور ايراني عراقي سوري، وهو الامر الذي تتخوف منه دول

الخليج العربي وتركيا فتسارع الى اسقاط النظام بالضربة القاضية.

ويراهن حلفاء سوريا على ما يتحدث به النظام في دمشق عن فرصة إصلاحية كبيرة يقوم بها الاسد مع علمنة دستور الدولة وتعزيز الحريات واعطاء الاحزاب السياسية هامشاً في صفقة مع اميركا، واسرائيل، لضمان عدم تسلم الاسلاميين مقاليد السلطة في المنطقة، فيكون الواقع السوري الجديد واقعاً يتمدد الى الدول المحيطة.

ويرى هؤلاء ان التحالف السلطوي مع طبقة التجار والمتمولين من أهل السنة، ومن المسيحيين، ما زال قادراً على تعويم النظام الحالي من دون تغيير رأسه.

لكن هؤلاء لا يقرأون جيداً تسارع الحوادث في المنطقة كلها، ومضي قطار التغيير الى اللاعودة، وهم يبنون قراءاتهم على القراءة السورية إياها، التي لم تعد تحاكي الواقع.

فتركيا تسعى الى التضييق باستمرار، وتقترح إقامة منطقة عازلة ممنوعة على الطيران السوري، وعينها على اوروبا، وخصوصاً على فرنسا ساركوزي، الرئيس الذي أعلن مراراً وأمام أكثر من ضيف "ان الاسد انتهى".

ودول الخليج العربي مستعدة لدفع كل الاثمان في مقابل عدم قيام الهلال الشيعي الذي سيضيّق الخناق عليها، وهو ما دفع قطر، حليفة سوريا سابقاً، الى تبديل موقفها.

واما ايران، ايران الفرس كما يصفها النائب وليد جنبلاط، ففي مصالحها، ما يتقدم على علاقات الصداقة، وهي مستعدة للتخلي عن موطئ قدمها السوري، وتالياً اللبناني اذا افسح في المجال امام نظامها النووي للتقدم.

على من تتكل سوريا اليوم؟ هل على حلفائها في لبنان، ام على مواقف وزير الخارجية اللبناني الذي صار شبه أعزل في الجامعة العربية؟ وماذا ينفع دفاع العماد ميشال عون عنها؟ وحده سلاح "حزب الله" قادر على مد يد العون، وعندها يكون قد أقر بأنه أداة للخارج، وهو ما لا مصلحة له فيه.

=================

عرب متآمرون على سوريا المقاومة!!

ياسر الزعاترة

الدستور

29-11-2011

ليس لدينا ثقة بجامعة الدول العربية، بل إن ثقتنا بمواقف تركيا ليست على ما يرام أيضا، إذ يُكثر أردوغان بيع الكلام من دون فعل حقيقي، لكن القول إن هذا الاجماع العربي على فرض عقوبات على سوريا من أجل الكف عن قتل مواطنيها هو محض مؤامرة دبرها الصهيوني برنار ليفي في ظلام باريس من أجل عيون الدولة العبرية (هذا الرجل أصبح سوبرمان العصر عند بعض القوميين واليساريين، فأينما حط قدميه، أو حتى بعث برسالة، تكون المؤامرات الرهيبة!!)، أو لعلها مؤامرة أكبر طبخت على نار هادئة في أروقة "السي آي إيه"، مثل هذا القول لا يعدو أن يكون تعبيرا عن استخفاف بالإنسان العربي وعقله ووجدانه.

هل جميع الدول التي أجمعت على فرض عقوبات على سوريا عميلة بالكامل للولايات المتحدة؛ لا تشذ عنها سوى الحكومة العراقية المحكوم للأجندة الإيرانية، والحكومة اللبنانية المغلوبة على أمرها، وهل ينطبق ذلك بالضرورة على تركيا التي رفضت في لحظة حرجة الانخراط في الحرب الأمريكية على العراق؟!

لا يقول لنا أصحاب هذه النظرية التآمرية الرهيبة التي تضع جميع العرب في سلة واحدة عنوانها التبعية للغرب وإرادة تدمير سوريا والعمل لمصلحة الكيان الصهيوني. لا يقولون لنا من الذي أوصل الوضع إلى هذا المربع الخطير؟!

لا يقولون لنا لماذا لم يبادر النظام إلى استيعاب الوضع المستجد، ولماذا لم يطبق المبادرة العربية التي وفرت له طوق نجاة معقول، بدل المماحكة وتضييع الوقت؟!

ثم لندع المبادرة العربية جانبا، ونلعنها ونلعن طباخيها آناء الليل وأطراف النهار إذا كان ذلك يعجب أعداء الإمبريالية الذين أخرجونا من "جنتهم" بعد أن رفضنا الانحياز ضد ثورة الشعب السوري المنادية بالحرية ورفض الفساد. لندع ذلك جانبا ونسأل: ألم يرتب النظام معارضة سماها "وطنية"؟! لماذا لم يبادر إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية من تلك المعارضة تبادر بدورها إلى إصلاحات سياسية سريعة تستوعب الحراك الشعبي؟! ألم يضطر بعض رموز تلك المعارضة لانتقاد تلكؤ النظام في تطبيق المبادرة العربية وتعريض البلد لعقوبات اقتصادية؟!

الذين يلعنون المؤامرة والمتآمرين ويتحدثون يوميا عن تفاصيل الدراما التي ستصل بسوريا إلى السيناريو الليبي؛ لا يقولون للشعب السوري ماذا عليه أن يفعل لكي لا يكون جزءًا من تلك المؤامرة، كما لا يقولون لنا نحن الذين نؤيد تلك الثورة ما علينا أن نفعل لكي لا ننخرط في السلك الإمبريالي الصهيوني بعد أن كنا حتى وقت قريب جزءًا من محور المقاومة والممانعة؟!

هل على الشعب السوري أن يتوقف عن الاحتجاج وينتظر عطايا السيد الرئيس إلى أمد غير محدود لكي يحول دون تدمير سوريا، وهل عليه أن يقبل بنظام الأمن الدموي والفساد الرهيب لكي لا يدخل البلد في أتون الحرب الأهلية؟!

إنهم يطلبون ضمنيا من الشعب السوري ومن يناصرونه أن يقبلوا بالواقع القائم كما هو؛ ببنيته الطائفية الفاسدة (ستترسخ أكثر بمرور الوقت، تماما كما حدث مع صدام بعد صدامه مع إيران)، وكل ذلك من أجل عيون جبهة المقاومة والممانعة، مع العلم أنها باتت في وضع بائس بعد حشر حماس في قطاع غزة، وبعد تقييد حزب الله بقوات "اليونيفيل" وترتيبات ما بعد حرب تموز 2006، والتي حولت سلاحه إلى مجرد أداة لحسم الخلافات السياسية في الداخل اللبناني، وغالبا لحسابات طائفية، مع التلويح استخدامه أيضا في سياق الرد على ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران.

ثورات الشعوب العربية هي الرد الطبيعي على هذا الواقع البائس، وهي التي ستعيد لبرنامج المقاومة والممانعة ألقه بعد نجاحها في إسقاط نظام "الكنز الإستراتيجي" للدولة العبرية في القاهرة، وقبله نظام الصهينة في تونس، وبعده نظام "الهلوسة" في ليبيا، ثم اليمن والحبل على الجرار. وهو ربيع سيمنح ذلك البرنامج بعدا جديدا عبر أنظمة تعبر عن شعوبها وليس عن حساباتها السياسية الضيقة، والتي يعرف القوم أنها هي لا غيرها التي كانت تحرك نظام دمشق، وهي التي دفعته للاصطفاف في حلف حفر الباطن، ثم ضد احتلال العراق في الجولة التالية، وفي الحالتين انسجاما مع مصالحه ومصالح حليفته الإستراتيجية إيران.

كل ذلك لا يحول بيننا وبين رفض التدخل الأجنبي وحتى التركي (العسكري)، ومع أن تكون كل الخطوات التالية حصارا للنظام ودفعا للقطاعات المترددة من الشعب السوري للانخراط في الثورة السلمية وصولا إلى العصيان المدني وإسقاط النظام.

نحن مع هذا الخيار وضد خيار العسكرة خوفا على سوريا التي يبدي بشار الأسد استعدادا لحرقها بالكامل من أجل بقائه في السلطة. فهل هذه هي المقاومة والممانعة أيها المدافعون عن القمع والدكتاتورية في بلد وبالإصلاح في بلد آخر؟!

=================

التداخل الطائفي والحالة السورية

د. صالح لافي المعايطة

الرأي الاردنية

29-11-2011

لا أحد ينكر ان الايدولوجيات والاثنيات اصبحت تلعب كبيراّ في رسم السياسات في معظم دول الاقليم غير المستقر بالاضافة الى الطائفية والعشائرية والقبلية والجهوية وتداخل الحدود وتقاطع المصالح والاهداف ,ولو عدنا الى قرارالجامعة العربية الذي اتخذته حول سوريا نجد ان الاعتبارات الطائفية اثرت على موقف العراق ولبنان من احداث سوريا من خلال المعطيات والمستجدات التالية :

بفعل العشائر الكبيرة والكثيرة التي تتحرك بسهولة بين سوريا والعراق والتي تحظى بامتيازات خاصة على طول الحدود اضافة الى تطور العلاقة مع الفصائل السنية في وسط العراق حيث دافع الشعب السوري صراحة عن الانتفاضة السنية وغضب للهجوم على العراقيين في الناطق السنية في وسط العراق ,في حين ان النظام السوري كان قد استخدم الاصولية الشيعية لمصالحه الخاصه احيانا فانه يبقى شديد العداء للاصولية السنية بعد تاريخ طويل من العلاقات السيئة .

رأى محللون ان رفض العراق تأييد موقف الجامعة العربية تجاه تعامل سوريا مع الحركات الاحتجاجية فيها خطوة تحكمها دوافع دينية اذ ان الحكومة العراقية التي تهيمن عليها الشيعة تفضل بقاء العلويين على راس النظام السوري وقال المحلل السياسي واستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حميد فاضل (ان العراق منقسم طائفياّ والشيعة يؤيدون الرئيس السوري بشار الاسد انطلاقا من العامل الديني .

تشعر التيارات التي تحكم العراق بتقارب اكبر تجاه بشار الاسد ممثل الاقلية العلوية في سوريا والتي تعد احد فروع المذهب الشيعي ,منه الى الى الغالبية السنية هناك التي تستطيع في حال توليها الحكم ان تدعم العراقيين السنة ما قد يؤدي الى زعزعة الوضع في العراق في ظل انسحاب القوات الامريكية في نهاية هذا العام

من هنا نجد ان التداخل الطائفي بين البلدين يلعب دوراّ ويؤثر على صانع القرار السياسي وهذا ما حصل في الجامعة العربية ,كما ان التقاء المصالح وتقاطع الاهداف بين البلد ين اصبحا يشكلان لغة الحوار في ظروف ارتباط كلا البلدين بعلاقات قوية مع ايران التي يهمها بالدرجة الاولى ان يكون ممر امن با تجاه لبنان وان العلاقات بين العراق وسوريا متماثلة ومتجانسة لإن التداخل الطائفي والعقائدي بين هذه الدول يخدم المصالح الايرانية .

خلاصة القول ان تركيبة الحالة السورية مركبة ومعقدة ومتداخلة محلياّ واقليمياّ ودولياّ بسبب علاقة النظام مع الجيش وعلاقة الجيش مع النظام فسقوط احدهما يعني سقوط اورحيل الاخر بسبب التداخل العقائدي والطائفي ,فنشأة وتدريب الجيش السوري وارتباطه يختلف عن باقي جيوش المنطقة على الرغم من متغيرات ومخرجات الربيع العربي ,ولكن علينا التوقف عند المثلث العراقي ,السوري ,اللبناني ونحلل التداخل الطائفي والعقائدي والايدولوجي وتأثير ذلك على المصالح والاهداف وربط ذلك مع التدخل الايراني في هذه الدول الثلاث في كل المجالات تحت غطاء الطائفية والايدولوجية والتي قد تهدد الهوية الوطنية لهذه الدول .

=================

النظام السوري..الهروب للأمام إلى متى؟

سلطان الحطاب

الرأي الاردنية

29-11-2011

لا يستطيع النظام السوري كما أثبتت الوقائع عبر الثمانية أشهر الماضية من اشتباكه مع الشارع أن يخوض معركة الاصلاح وها هو يواصل الهروب الى الأمام ويستمر في خوض معركة الرصاص وحين لم يستطع شراء المزيد من الوقت لمعركته التي يعتقد انه يستطيع فيها ان يحسم صراعه مع حركة الاحتجاج والتظاهر فإنه يواصل البحث عن أعداء مصطنعين فهم المخربون مرة وهم أطراف في الجامعة العربية مرة أخرى يتهمهم انهم يمهدون لتدويل الحالة السورية..

وبدل أن يمسك النظام بخشبة الجامعة العربية ويستجيب لمشروع بروتوكولها لينجو راح يحمل الجامعة وقراراتها مسؤولية ما يجري ويواصل التهديد بأن ما يلحق به سوف يصيب المنطقة كلها والتي سيكون حسابها عسيراً وأنه سيقاتل دون ان نعرف من وزير الخارجية المعلم ولا حتى من تحذيرات الاسد نفسه من هم الذين سيقاتلهم النظام السوري بعد كل معاركه المؤجلة ..

حين كنا نرى يعبر العدوان الاسرائيلي استفزازاً كان النظام لا يستعجل الرد عليه وانما يدعي انه سيختار المكان والزمان المناسبين له وهي الأمكنة والأزمنة التي لم تحدد أو يقترب موعدها منذ أربعين سنة..

الشروط التي يضعها النظام السوري على الجامعة العربية لا مبرر لها في السياق الموضوعي لو كان النظام صادقاً في احداث حالة من الهدوء او المصالحة أو الاستقرار أو حتى الحوار ..فهو يريد المبادرة العربية ولكنه يريد اجهاضها وتفريغها من مضمونها ..يريد معرفة المراقبين ال (500) وتحديد مواقع زيارتهم واقتصار هذه الزيارات على مواقع دون أخرى وهو يريدهم من انتماءات محددة وهو يريد أن يسبقهم الى الأماكن التي يدخلونها وان يتعقبهم..ولو كان الأمر فيه حسن نية من جانب النظام لسمح لوسائل الاعلام أن تدخل وأن تصور الحقائق التي يزعمها وأن تكشف عن العملاء والقتلة المزعومين الذين يحاربهم النظام...

أعتقد أن الرئيس بشار الاسد متورط في نظامه وأن هذا النظام «المدمي» للشعب السوري في حماه عام 1982 وما بعدها هو الذي جاء ببشار مكان والده في عشر دقائق وعدل الدستور وأنقص سن رئيس الجمهورية من (40) إلى (34) سنة هي عمر بشار حين جاءوا به وريثاً لعرش والده والذين جاءوا به وهم نظام والده هم من بقوا يتحكمون به ولا يريدون أن يدخلوا في أي تسوية أو تفاهمات مع الشعب السوري لعدم قدرتهم على تسديد فواتير التسوية حين يفتح الملف واسعاً..

والسؤال هل بشار الاسد مغلوب على أمره؟ هل استفحل نفوذ أطراف في النظام لدرجة لا يستطيع معها السيطرة..أم استفحلت مراكز قوى في العائلة كأخيه وزوج أخته اللذين أوغلوا في القتل وضرب الشارع؟

سوريا على مفترق طرق والنظام يخطفها لاجنداته الضيقة ولا يرى المخاطر التي تتعلق بحكمه وامتيازاته...لا يراها اي «المخاطر» في استمرار قتل الشعب السوري الذي خرج ولن يعود ولا في التشققات الخطرة في التراكيب الاجتماعية التي تقود الى التفجير والحرائق الاثنية والطائفية والى التمزق الجغرافي وتقسيم سوريا..

ما زال النظام السوري يبيع الذرائع ويخوف الناس مما لم يعودوا يخافون منه لأنهم دفعوا الثمن باهظاً وما زالوا..وما زال يبيع عليهم صفقاته في المقاومة والممانعة التي لم يروها الا في حماة حين قاومهم وصد مطالبهم حين مانعهم وحرمهم منها..

النظام نفسه في سلوكه يدفع سوريا باتجاه المخاطر ويفتح باب تدويل الازمة والتدخل الخارجي ويعيد انتاج نفس الموقف للنظام الليبي الذي طالب شعبه ان يعرف بنفسه (من انتم) وها هو النظام السوري ما زال ينهج نفس النهج حين يدعي أن ملايين المتظاهرين لا يمثلون شيئاً وان مثلوا فيمثلوا التدخل الاجنبي وعصابات الارهاب والقتلة..

امراض النظام العربي التي جاء الربيع العربي لمعالجتها هي نفسها تتكرر ولكن بعضها حاد ومزمن وبعضها ما زال لم يستفحل والذكي من الانظمة هو من اعتبر بغيره قبل سقوطه..وعليهم ان يتعظوا بالقول»إنجُ سعد فقد هلك سعيد»..ولكنهم لا يتعظوا ولا يقرأوا وما زالوا يبحثون عن من يبيعهم لشيخوختهم مزيداً من الوقت حتى وإن كان من أرذل العمر!!!

=================

هل يتكرر السيناريو الليبي في سورية؟

هوشنك أوسي

2011-11-28

القدس العربي

قرار الجامعة العربيّة بفرض عقوبات على نظام الاسد، ومعالم ومعطيات المشهد السوري، والتعاطي الوحشي للنظام مع الانتفاضة/الثورة السوريّة، تشي وكأنّ القذّافيّة والسيناريو الليبي، يوشكان على التكرار في سورية. ذلك أن يوميّات الثورة السوريّة، وازدياد مأزق النظام، ووصوله مرحلة اطلاق التهديدات، كيفما اتفق، عربيّاً وإقليميّاً، وقبلها دوليّاً (تهديدات مفتي سورية لأوروبا، أحمد حسون)، تفضي لنتيجة مؤدّاها: إن سورية صارت على مقربة من تكرار الشريط السينمائي الليبي، بتوقيع بشّار الأسد.

وهنا، يغدو الأخير، كاتب السيناريو والمخرج والمنتج، ولاعب دور البطولة المطلقة لشخصيّة العقيد الليبي معمّر القذّافي في الآن عينه!. ذلك أن جوهر الحديث الأخير الذي أدلى به الرئيس السوري لصحيفة 'صنداي تايمز' البريطانيّة، كان ذا نبرة ومنحى قذّافوي، حين أشار إلى 'عدم الركوع' و'القتال حتّى النهاية'، والتهديد بإحداث 'زلازل' تطال دول المنطقة، في حال شهدت سورية تدخّلاً عسكريّاً غربيّاً!. وبالتالي، ما قاله القذّافي، حين أرعد وأزبد، يكرره الأسد، بطريقة مشابهة.

حديث الأسد المذكور، لم يكن متخماً بالتناقضات وحسب، وكأنّي به أن العالم بهذه الدرجة من الجهالة والسطحيّة والسذاجة التي تدفعه لتصديق حديثه. فحين يقول: 'نحن كدولة ليست لدينا سياسة وحشية مع المواطن'، هل يقصد الأسد، سورية أم سويسرا؟!. ذلك أننا لن نعود لفاتورة الأشهر السبع الماضية من عمر الانتفاضة السوريّة!، بل يكفي دليلاُ على وحشيّة سياسة الدولة تجاه مواطنيها، العودة لثمانية وأربعين عاماً من حال الطوارئ والاحكام العرفيّة التي كانت تشهدها سورية منذ استلام حزب البعث للسلطة سنة 1963، وارتكاب مذبحة حماة ومذبحة تدمر، ومذبحة قامشلو في اذار/مارس 2004، ناهيكم عن كل المشاريع والاجراءات والقرارات والممارسات العنصريّة التي كانت ولا تزال تطال الشعب الكردي...، كل هذا، ودولة البعث، ليست لديها سياسة وحشيّة ضدّ المواطن السوري!؟. زد على ما اقترفته دولة الأسد/البعث بحق المواطن السوري، ما ارتكتبته من سياسة وحشيّة ضدّ المواطن اللبناني والعراقي والفلسطيني أيضاً، إن بشكل مباشر، أو عبر زواريبه ودكاكينه السياسيّة و'شبيّحته' في لبنان والعراق وفلسطين، تحت شعار مقارعة الاحتلال واسرائيل!

'عندما أرى أبناء بلدي ينزفون، أشعر مثل أي سوري آخر بالألم والحزن. أن كل قطرة دم تمسني شخصياً. لكن دوري كرئيس يكمن في العمل وليس في الخطابات أو الحزن. دوري التفكير في القرارات التي علي اتخاذها لتفادي مزيد من إراقة الدم'. لكأنّ قائل هذا الكلام إمّا المهاتما غاندي أو مارتن لوثر كينغ، وليس الرئيس السوري بشّار الأسد!؟. ثم، ما هي القرارات التي اتخذها الاسد للحؤول دون إراقة قطرة دم سوريّة واحدة، خلال هذه الأشهر؟!. أوليس عدد الضحايا، يشي ببطلان هذا الكلام، عدا عن زيفه؟، وأن الأسد، فشل في مسعاه الذي تحدّثه عنه للدوريّة البريطانيّة، وما عليه الآن إلاّ تقديم الاستقالة والتنحّي عن منصبه، لأنه فشل في 'واجب' منع إراقة نهر من دماء السوريين، سواء من المدنيين أو الجيش وقوى الأمن!؟. الشرف العسكري والمسؤوليّة الوطنيّة السياسيّة والأخلاقيّة تملي على الأسد ذلك، فلماذا لم يفعلها؟!، لسبب بسيط ووجيه ووحيد؛ أنه هو من يقود عمليّة إراقة دماء السوريين.

ومن العجائب التي أتى الأسد على ذكرها للصحيفة البريطانيّة، قوله أنه 'مستعد لترك منصبه إذا هزم في الانتخابات'.

والسؤال هنا: وهل هنالك أي رئيس، يزعم أنه ديمقراطي، ويحترم الديمقراطيّة، حين يهزم في الانتخابات، يبقى متشبّثاً بالحكم!؟.

إن ترك الأسد لمنصبه، في حال هزيمته في الانتخابات، يعتبرها الرئيس السوري، إنجازاً وتحوّلاً ديمقراطيّاً في سلوكه ووعيه. في حين أن هذه المسألة، من بديهيات وطبائع الأمور، في الأنظمة السويّة والمجتمعات السويّة والدولة السويّة. ولكن حين يكون النظام ورأسه ممتلئا بوعي وذهنيّة الطغمة، يغدو ترك السلطة، بقرار الانتخابات النزيهة، تراجعاً فلكيّاً، وإنجازاً كونيّاً، لشخصيّة الطاغية المستبدّ!

القذّافي والرئيس اليمني أيضاً، وقبلهم صدّام وبن علي ومبارك...، كلّهم أبدوا رغبتهم في التخلّي عن السلطة، في حال هزموا في الانتخابات الرئاسيّة!. لكن، أيّة انتخابات ديمقراطيّة وشفّافة ونزيهة ستشهدها سورية، مع وجود الدولة وأجهزتها ومؤسساتها في جيب بشّار الأسد، حاليّاً ولاحقاً، وحتّى بعد مضي قرن من الزمن!؟. ذلك أنه من التخريف والهزل الحديث عن انتخابات برلمانيّة ورئاسيّة مع وجود نظام من طينة النظام السوري، وعلى وضعه البربري والهجمي الراهن!

الأسد في حديثه المذكور، يؤكد أن شخصيّة الطاغية، هي هي، مهما تغيّرت الأسماء والأعمار وتباينت المشارب الفكريّة والأيديولوجيّة والانتماءات القوميّة والدينيّة والمذهبيّة والطائفيّة. وأن قرار الأسد، هو الدفع بسورية نحو السيناريو الليبي، واستجلاب التدخّل الاجنبي العسكري، فيما يشبه تكرار الشريط السينمائي الدموي، الليبي. زد على ذلك، أن 'نبوءات'/ تهديدات الأسد، بحدوث 'زلازل' في حال استهدف نظامه دوليّاً بشكل عسكري، وإيحاءه بأنه صمّام أمان إسرائيل والمنطقة، والتلويح بقدرته على زعزعة أمن دول الجوار، تركيا واسرائيل والعراق ولبنان والاردن والعربيّة السعوديّة، عبر استخدام أذرعه الإيرانيّة/ اللبنانيّة/ العراقيّة/ الفلسطينيّة...، كل ذلك يؤكّد مدى التلاعب والتدخّل الامني والسياسي والعسكري الذي كان ولا زال المحور السوري _ الإيراني يمارسه في المنطقة.

' كاتب سوري

=================

المعارضة السورية بين الشوفينية والاعتدال

الثلاثاء, 29 نوفمبر 2011

حسين عبدالعزيز *

الحياة

أن تنشأ خلافات وتباينات داخل الحركات الثورية والحركات الاحتجاجية، فهذا أمر طبيعي، ومن نافلة العمل الثوري والسياسي، فكل ثورة وحركة احتجاجية أنتجت في صيرورتها مواقف يمينية راديكالية ومواقف معتدلة موضوعية، ولا تعرف الأخيرة باعتدالها إلا مع وجود الموقف اليميني المتطرف.

والحقيقة أن كلا الموقفين يخدمان بعضهما البعض من دون دراية وعن غير قصد مسبق، فاعتدال المعارضة الداخلية في سورية (هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة) سمح للمجلس الوطني الانتقالي أن يمثل التيار الراديكالي في حركة الاحتجاج، وسمح له أن يكون رأس حربة لدى بعض الدول الغربية، وفي المقابل أعطت المواقف الراديكالية للمجلس الانتقالي فرصة للمعارضة الداخلية أن تبدو موضوعية ومعتدلة. وقبول النظام السوري اليوم بهيئة التنسيق الوطنية وتيارات أخرى في الداخل كمعارضة وطنية، لم يأتِ لذاته، أي لم يأتِ نتيجة موافقة النظام على أطروحات ومبادئ هذه المعارضة، بل جاء هذا القبول لأن أفكار المعارضة ورؤيتها للتغيير بدت موضوعية ومعتدلة مقارنة بالمواقف الراديكالية للمجلس الانتقالي، الذي أعطى المعارضة الداخلية من دون أن يدري أو يرغب، القدرة على قيادة عملية الحوار والتفاوض مع النظام على آليات التغيير الديموقراطي.

إن الخلاف بين هيئة التنسيق والمجلس الانتقالي حول كيفية تغيير النظام والآليات المتبعة لتحقيق ذلك، ليس خلافاً تكتيكياً عابراً، فالتباين في المواقف حول تغيير النظام تغييراً جذرياً (المجلس الوطني) أو تغييراً تدريجياً (هيئة التنسيق)، هو خلاف يعود إلى رؤية كل طرف للمستقبل السياسي لسورية وموقع كل واحد منهما فيه.

إنه خلاف نابع من اعتبارات جغرافية وتاريخية، ففي حين تمتلك الهيئة ميزة الجغرافيا بحكم وجودها على الأرض السورية، يفتقر المجلس هذه الميزة، وفي حين تمتلك الهيئة إرثاً تاريخياً يمتد إلى ما قبل اندلاع الاحتجاجات، بحكم اعتقال عدد كبير من أعضائها بسبب نضالهم الديموقراطي، يفتقر المجلس إرثاً تاريخياً، باستثناء قلة هربت من سورية بعد حملات الاعتقال والملاحقة، فمعظم أعضاء المجلس معارضون جدد.

افتقار المجلس الانتقالي ميزة الجغرافيا والتاريخ، جعله يبحث عن موطئ قدم في ركاب الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، فجاءت مواقفه راديكالية ثورية كتعويض عن هذا النقص. إنه موقف لم تملِه الضرورة التاريخية، لقد جاء عن قصد ودراية مسبقين لإثبات الوجود ولقطع الطريق على أية معارضة مستقبلية قد تقدم نفسها كرأس حربة في إسقاط النظام.

لا يفهم من ذلك أن المجلس غير معني بالدماء التي سقطت في سورية، أو أنه يرفع المطلب الديموقراطي كشعار، أو أنه يبحث عن السلطة فقط. لا يستطيع أحد أن يشكك بوطنية أعضاء المجلس، وبالتزامهم ضرورة تحويل سورية إلى دولة مدنية ديموقراطية، وهذا ما بدا واضحاً في البيان الذي أعلنوه، لكن الوطنية والشعارات الديموقراطية غير كافية في العمل السياسي، إن لم تكن مصحوبة بمهارة وخبرة عالية ووعي بأهمية المفصل التاريخي الذي تمر به سورية، وقراءة موضوعية للبنى الاجتماعية وعمقها الطائفي والعشائري، والأهم من كل ذلك أن يكون أصحاب المشاريع الديموقراطية ديموقراطيين حقيقيين.

يميز عزمي بشارة في كتابه «في المسألة العربية» بين تأسيس الديموقراطية أو إنتاجها، وبين إعادة إنتاج الديموقراطية أو النظام الديموقراطي لينتهي إلى القول إنه لا يمكن إنشاء نظام ديموقراطي في مرحلتنا التاريخية المعاصرة من دون ديموقراطيين.

كيف يمكن للمجلس الوطني الذي يحمل شعار الديموقراطية أن ينفي وبكل بساطة المعارضة الداخلية، ويشكك بوطنيتها؟ كيف يمكن للمجلس الوطني أن يطالب المعارضة الداخلية بصك تبرئة على مواقفها؟ كيف يمكن أن يدعي لنفسه حق تمثيل الشعب السوري بكامله وليس فقط المحتجين؟ ألا تبدو هذه المواقف والمطالب نوعاً من المراهقة السياسية، ثم كيف يمكن لمعارضة تدعي لنفسها تمثيل الشعب السوري أن ترفض فكرة الحوار مع النظام؟ هل الشعب السوري بمجمله ضد النظام؟

في كل الأحوال تنقسم المعارضة السورية اليوم إلى تيارين رئيسيين، نقاط الابتعاد بينهما أكثر من نقاط التلاقي:

- تيار ثوري، متحرر من قبضة النظام الأمنية، مفعم بروح الثورات العربية، لكنه تيار مثالي تغلب عليه اليوتوبيا (المجلس الانتقالي).

- تيار موضوعي لديه خبرة سياسية تجعله أكثر مرونة وقدرة على تحليل الوقائع والأحداث وعواقبها، تغلب عليه النزعة البراغماتية (هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة).

إن الخلاف بين هذين التيارين يذكّر قارئ التاريخ بذاك الخلاف الذي نشأ في أتون الثورة الفرنسية الكبرى، بين اليعاقبة والجيرونديين. يقول الفيلسوف الألماني الكبير إريك هوبسبام في كتابه «عصر الثورة»، أنه في ذروة الثورة الفرنسية أخذت قطاعات من ثوار الطبقة الوسطى (الجيرونديون) تتيقن من أن الاتجاهات والأفكار المحافظة قد آن أوانها بعدما أفزعتهم منطويات النهوض الجماعي للثوار، في حين كان فريق آخر - وهذا وجه الغرابة في الثورة الفرنسية، يتابع هوبسبام - مستعدا أن يُبقي على روحه الثورية إلى أن يبلغ، بل يتجاوز حدود الثورة، وهؤلاء هم اليعاقبة الذين حاولوا دفع عجلات الثورة والتاريخ قدماً إلى الأمام، وكان من نتيجة ذلك ثلاث سنوات من إرهاب اليعاقبة الذي لم ينتهِ إلا بالقضاء عليهم وعلى زعيمهم روبسبيير في التاسع من ثيرميدور عام 1794.

=================

في شأن سورية وإسلامييها والمستقبل

الثلاثاء, 29 نوفمبر 2011

ياسين الحاج صالح *

الحياة

من المحتمل أن تواجه سورية ما بعد الأسدية ضربين من المشكلات المتصلة بموقع الإسلاميين ودورهم في الحياة العامة فيها.

ضرب أول يتصل بوضع الفكر الإسلامي في علاقته بمتطلبات الدمقرطة والمساواة الحقوقية والسياسية المأمولة، والاحتكاكات السياسية التي يرجح أن تنشأ بين الإسلاميين والعلمانيين، وكذلك الدستور الجديد، والنظام الانتخابي المطلوب، وما إلى ذلك من قضايا تواجه اليوم مصر، ويبدو أن تونس أقدر على مواجهتها. أما الضرب الثاني من المشكلات فيخص سورية وحدها، ويتصل بعدم وجود متن إسلامي جامع، أو بالتبعثر الشديد للإسلاميين السوريين.

في مصر هناك متن إسلامي متمثل في الإخوان المسلمين، وفي تونس بحركة النهضة. في سورية (وربما ليبيا) قد تتمثل المشكلة بعد حين من اليوم لا في قوة الإخوان المسلمين، المغيبين من البلد منذ أكثر من ثلاثة عقود، بل بالأحرى في ضعفهم، وتالياً في احتمال ظهور تشكيلات إسلامية أشد تطرفاً على المستويين الاجتماعي والسياسي، وأعصى على الانخراط المنضبط في الحياة العامة.

حتى المشكلات الأولى يرجح أن تكون أصعب في سورية مما في مصر. لدى الإسلاميين السوريين ما ليس قليلاً من الدوافع النفسية والسياسية والاجتماعية إلى أن يشغلوا موقعاً يظنون أنهم يستحقونه. فقد تعرضوا إلى الوطأة الأعظم من طغيان النظام الأسدي من أواخر السبعينات، وللتهميش الأقسى منذ بواكير الحكم البعثي.

وتعيش قياداتهم وكوادرهم خارج البلد، ومن المحتم أن يتطور لديها التصلب النفسي المميز للمنفيين، والتلهف إلى العودة والثأر ممن اقتلعوهم. قد لا يأخذ هذا النازع شكل انتقام دموي، لكن من المحتم تقريباً أن يأخذ شكل ثأر سياسي، أي العمل بكل وسيلة على فرض أنفسهم سياسياً، تعويضاً عن تلك الحرمانات المديدة.

ومن المحتمل جداً أن يتعرضوا لضغوط من بيئاتهم الاجتماعية التي همشت طويلاً بهدف أن يكونوا أكثر إقداماً في فرض أنفسهم في المشهد العام. وإلى هذا وذاك، هم شركاء في نظرة الإسلاميين المعيارية إلى مجتمعاتنا بوصفها إسلامية بالمعنى الماهوي للكلمة (على نحو ما هي عربية بمعنى ماهوي أيضاً عند البعثيين وعموم القوميين العرب). وما ينبني سياسياً على هذه النظرة أن الإسلاميين هم التعبير السياسي الطبيعي عن مجتمعاتنا. ربما يشاركون مع غيرهم، لكن فقط على نحو ما «يشارك» البعثيون اليوم مع غيرهم.

قد لا تسير الأمور على هذا النحو، بل نرجح فعلاً ألا تسير وفقاً له. نشير إلى هذا الاحتمال لأنه ما يتوافق مع نوازع الإسلاميين الفكرية والاجتماعية والنفسية، وهي لن تكون العامل الوحيد في رسم صورة سورية السياسية ما بعد الأسدية وما بعد البعثية. ستعدّلها من كل بد عوامل تتصل بتكوين المجتمع السوري وبموازين القوى السياسية فيه، وبالصورة التي سينتهي فيها النظام القائم. كلما تأخر سقوطه، ونجح في إلحاق قدر أكبر من الدمار بالمجتمع والبلد قبل سقوطه، شكل ذلك بيئة أنسب للإسلاميين، وللأكثر تشدداً منهم بخاصة. ولو سقط اليوم أو في وقت قريب، ربما تكون المعادلات السياسية أيسر تدبراً.

على أن الأهم في كل ذلك هو ما يحتمل أن يعرضه المشهد الإسلامي من تبعثر شديد، ربما يضعف الإخوان المسلمين سياسياً، لكنه قد يكون بالغ الخطورة بفعل ما قد يتسبب به من فوضى سياسية ومخاطر أمنية وأوضاع غير مستقرة. وقد نجدنا حيال أوضاع متفلتة أقرب إلى أوضاع العراق بعد الاحتلال وسقوط نظام صدام منها إلى أوضاع تونس ومصر.

يصعب الجزم بشيء من التطورات المقدرة للمشهد الإسلامي السوري طبعاً، لكنها ليست احتمالات مجردة مع ذلك. تلتقي وقائع متناثرة يعاينها المرء هنا وهناك في البلد اليوم، مع ما يستخلص من رصد متنبّه لوقائع المدى المتوسط السورية، على المستويات السياسية والاجتماعية والنفسية. الملمح الحاسم في هذا الشأن هو التبعثر المفرط للمجتمع السوري ذاته على المستويات المذكورة بفعل فرض النظام بقاءه المجرد أولويةً وطنية عليا طوال أربعين عاماً، وتعمده تفكيك أية انتظامات عامة مستقلة عنه. وبأثر هذه السياسة ليس ثمة اليوم قيم عامة أو ولاءات عامة أو مؤسسات عامة، ولم يبق للمجتمع السوري أي متن مركزي يلم شتاته.

ومنذ سنوات طويلة، معظم عمر هذا النظام، لم تعد الفكرة المعلنة عن سورية (قطر عربي صامد...) مطابقة لواقعه، أو ذات صلة من أي وجه بحياة الناس فيه. بعد نصف القرن من العروبة الماهوية المطلقة، آلت العروبة إلى وضع هو الأسوأ في تاريخ سورية المعاصر. الواقع أنه لم يكد يبقى عرب في سورية. هناك أديان وطوائف وعشائر ومحلات. وستلزم سنوات بعد سقوط النظام قبل أن تستعيد العروبة شيئاً من عافيتها في «قلبها النابض».

وليس هناك سورية أيضاً. لا محتوى إيجابياً من أي نوع للرابطة السورية. غير الرئيس.

لقد عمل على ملء الفجوة التي أحدثها هو بجعل حاكم البلد هو معناه: سورية هي «سورية الأسد»، وهذا هو «سيد الوطن». إلا أن هذا تركيب خارجي وقسري، أشد افتقاراً بعد لأي محتوى أخلاقي أو سياسي، وأقل ملاءمة للتماهي العام من عروبة منهكة ومنتهكة، ومن سورية مجوّفة.

وقد يبدو أن «الإسلام» هو المتن المركزي المفقود. هذا ظن الإسلاميين، ونجزم أنه في غير محله حتى في النطاق الإسلامي السني، الذي سيظهر أكثر تعدداً وتنافراً مما يفضل الإسلاميون الاعتقاد، فضلاً عما يعانيه من مشكلات فكرية، ستظهر بكل تأكيد مع ظهوره الواسع إلى الحياة العامة.

ولقد ظهر جانب من الصعوبات المتصلة بالتبعثر في سياق الجهود التي بذلت بغرض بناء مرجعية سياسية للثورة السورية. بعد بروفات كثيرة متعثرة، تعذر تشكل إطار جامع، وظهر أن الحساسيات بين معارضين تتغلب في غير قليل من الحالات على ما يفترض من اشتراكهم في موقف واحد من النظام. وهو ما يشير إلى أعماق اجتماعية منقسمة. والمفعول الإجمالي لذلك هو انفصال الثورة كفاعلية احتجاجية حية عن الثورة كمثال وطني جامع، يفترض أنه يتجسد في نخب سياسية وثقافية مستقلة ومعارضة.

وبقدر ما أن هذا الشرط يكاد يجعل الثورة السورية، وهي لا مركزية ومتعدد البؤر منذ بدايتها، غير قابلة للقيادة العامة الواحدة، فإنه ربما يجعل سورية ذاتها غير قابلة للحكم في الزمن بعد الأسدي.

هناك خلاصة جانبية لهذا التحليل ربما تستحق الوقوف لوهلة عندها، وتتمثل في عدم ملاءمة العقيدة العلمانية النمطية التي ترى في إضعاف الإسلاميين سياسياً (أو حتى استئصالهم بالكامل)، وفي إضعاف الدين فكرياً ومؤسسياً واجتماعياً، أشياء مرغوبة في كل حال. التجربة السورية والعربية تظهر أن هذا شديد البطلان عملياً. ومن شأن سياسة تبنى عليه أن تكون خطوة إضافية باتجاه التناثر الاجتماعي، وحرمان المجتمع من مراكز جذب عامة، أكثر مما تشكل تقدماً في التفكير العقلاني والتضامنات الوطنية الحديثة. وعلى المستوى الفكري لم تفتح هذه الدوغما يوماً أية مسارب جديدة للتفكير في شؤون المجتمع والدولة والدين في بلداننا. الواقع أنها اندرجت فكرياً وعملياً في سياسة البعثرة والتجزؤ الاجتماعي، والطائفية، وليس في تكون «مجتمع الدولة» المكون من أفراد، على ما راهن بعض إيديولوجيي العلمانية.

=================

هواجس إيران لما بعد بشار

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

29-11-2011

في التقرير المنسوب للدبلوماسي الإيراني علي جنتي، الذي كان سفيرا في الكويت، ونشرته إحدى الصحف الإيرانية، يبدو أن إيران، مثل بقية دول المنطقة، أصبحت مقتنعة بأن النظام السوري يسير نحو الهاوية، لكنها ليست متأكدة كيف ستكون الخاتمة. أهمية التقرير ليست في تشخيص حالة النظام، لأن الجميع يعي أنه مصاب بجلطة خطيرة، إنما برأيه في حكام دمشق المحتملين بعد سقوط النظام السوري.

يقول التقرير إن المخاوف الإيرانية هي من سيطرة السنة الإسلاميين المعادين لإيران على الحكم في سوريا، وهذا استنتاج منطقي، لكونهم يمثلون ثلاثة أرباع السكان. وهنا تحصد إيران نتيجة سياستها هي ورفيقها نظام الأسد الذين شجعوا وعقدوا تحالفاتهم الإقليمية مع الجماعات الإسلامية في لبنان وفلسطين ومصر. تحالف بني على مصالح لا آيديولوجيا، بدليل أن مساندتهم الإسلام السياسي استثنيت منه الجماعات الإسلامية السورية.. «الإخوان» والسلفيون.

ويقول جنتي «إذا كان الإخوان المسلمون هم من سيقود الحكومة القادمة بعد سقوط نظام بشار الأسد، فلن يقبلوا بأن يتعاونوا مع حزب الله في لبنان، وذلك بسبب الاختلافات المذهبية». الحقيقة، أنه لا يهم من سيخلف نظام الأسد، دينيا كان أم مدنيا، فالأرجح أنه سيتبنى سياسة سلبية تجاه حزب الله. الاختلاف المذهبي ليس سببا، بدليل أن علاقة الأسد وإيران قوية بحركة حماس السنية الفلسطينية، وكذلك «الجهاد» الفلسطيني.. بل السبب أن حزب الله كان الذراع العسكرية للنظام السوري في لبنان، وتنطع للدفاع عنه منذ بداية أزمته مطلع العام الحالي.

ومن المفارقات أن إيران الدينية خائفة من نظام ديني يحكم دمشق، وهي التي ساندت حركات دينية مسيّسة في مصر وفلسطين والبحرين، وطبعا العراق! إنما - كما تعلمنا من التقلبات في منطقتنا - للدينيين مثل السياسيين أطباق مختلفة، ولكل فريق أطباقه المفضلة الدينية والليبرالية. وجعلت إيران وسوريا محور سياستهما للسنوات السبع الماضية، هو تمكين الحركات والأحزاب الدينية من حكم الجارة العراق. فقد بذلت إيران الكثير لدعم الجماعات الدينية الشيعية للإمساك بالحكم سياسيا. وتكفلت سوريا باستقبال وإرسال ودعم الجماعات السنية المتطرفة، تحت مسمى المقاومة العراقية، لزعزعة الوضع هناك، ضد الوجود الأميركي والنظام العراقي الجديد. الآن يتجرع النظام السوري من نفس الدواء المر، وإيران بدورها تشتكي من احتمال وصول الإسلاميين للحكم في دمشق بعد أن كانت تروج لهم في غزة وتنادي بهم في القاهرة!

=================

مغزى العقوبات العربية ضد سورية

عيسى الشعيبي

الغد الاردنية

29-11-2011

أياً حاولت حزمة القرارات العقابية العربية تجنب إلحاق ضرر إضافي بحياة المواطنين السوريين المقهورين، وبدا تركيزها واضحاً على النظام المستهدف أساساً بهذه القرارات التي لا سابق لها في تاريخ الجامعة العربية، فليس من شك في أن تداعيات هذه التدابير المؤلمة سوف تمس حياة الناس الذين ترغب الجامعة في رفع سيف القمع الدموي عنهم، وهي في سبيلها إلى تحقيق ذلك تجد نفسها مكرهة على تصعيب أحوالهم المعيشية وزيادة حدة معاناتهم اليومية.

وهكذا، فقد بدا وزراء الخارجية العرب أنفسهم، وهم يمنحون المهل المتتالية للنظام المأزوم بفائض قوته العسكرية، في وضع أقرب ما يكون إلى وضع طبيب يعالج مريضاً مصاباً بالداء العضال، لا خيار أمامه، إن أراد تدمير الخلية السرطانية بالمادة الإشعاعية، سوى تعريض بعض الخلايا السليمة إلى مخاطر جزئية إذا لم يكن بد من استئصال الداء الخبيث.

بهذا المعنى يمكن فهم حزمة العقوبات الاقتصادية المتخذة تحت ضغط رأي عام عربي بات غير متسامح مع القتلة، وعلى أساسه يمكن أيضاً تسويغ الأضرار الجانبية التي ستلحق بشعب استباح النظام القمعي المتوحش دماءه وأعراضه وممتلكاته، الأمر الذي يفسر أسباب تسامح قادة المعارضة السورية، في الداخل والخارج، مع هذه القرارات القاسية وتفهمهم لها، إن لم نقل الترحيب بها علناً.

وعليه، فإن المغزى السياسي الكامن وراء هذه العقوبات الاقتصادية، التي تطال الجميع وتثقل عليهم أكثر فأكثر، أشد أهمية بكثير من غيره، حيث يشير هذا المغزى إلى أن النظام الرسمي العربي قد قطع بعد تردد طويل مع آل الأسد، وأن العالم العربي قد بات على اقتناع تام ونهائي أن الحكم الاستبدادي في دمشق قد دخل في مرحلة العد العكسي لبقائه، وأن المأزق الذي وصل إليه وارث جمهورية الخوف والصمت بات مستعصياً على الشفاء إلا بالكيّ، بعد أن أفلس أخلاقياً وشرعياً وصار في واقع الأمر جزءاً من المشكلة وليس من الحل.

وإذا مضينا أكثر في تقليب مغزى هذه القرارات، فإنه يمكن الاستنتاج أيضاً أن العرب قد رفعوا الغطاء تماماً عن النظام السوري، وساروا خطوة باتجاه الانضواء في إطار ترتيبات إقليمية ودولية واسعة، من شأنها اختصار مدة الألم، وتقصير موعد ولادة المرحلة الانتقالية في أواخر الشهر التاسع من زمن الحمل الذي بلغته الآن الثورة الشعبية السورية.

ولعل ردة الفعل الأولية الهستيرية للناطقين باسم النظام الذي فقد صوابه، وما تلهج به ألسنة المتحدثين من قلب العروبة النابض، من تفوهات ترقى إلى درجة الردح للعرب "الجرب" وللأمة البدوية "المنحطة" تشرح على نحو بليغ شدة ذهول النظام من هول المفاجأة، وصدمته العميقة إزاء مثل هذا التحول الانعطافي في موقف العرب المجاملين له في العادة، وكأنه كان على ثقة وطيدة أن مراوغاته السابقة وأحابيله المعهودة كافية لشراء ما يحتاجه من وقت إضافي لإنهاء الثورة الشعبية المتعاظمة عبر خيار القمع والقوة العسكرية الغاشمة.

ومن غير أن نقلل من آثار هذه القرارات على قاعدة النظام القمعي المتوحش وتحالفاته الداخلية، ومن دون أن نبالغ، بالمقابل، في تبيان مضاعفاتها المحتملة على آلته العسكرية وقدراته التمويلية، فإن مما لا شك فيه أن المغزى السياسي الكامن في هذه القرارات هو أكثر أهمية من المدلول الاقتصادي المباشر، لاسيما وأن هذه الحزمة من التدابير ما هي إلا فاتحة أعرض لسلسلة أخرى من عقوبات إقليمية ودولية مرتقبة، أشد وقعاً وأعمق أثراً على مستقبل نظام جدع أنفه بيده، وقوض مقومات استمراره بنفسه

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ